القائمة الرئيسية

الصفحات

متى تخضعين لقلبى الفصل الحادى عشر حتي الفصل الحادي والعشرون بقلم شيماء يوسف كامله على مدونة النجم المتوهج للروايات

 


متى تخضعين لقلبى

الفصل الحادى عشر حتي الفصل الحادي والعشرون 

بقلم شيماء يوسف

كامله على مدونة النجم المتوهج للروايات


قضت حياة اليوم التالى لها ما بين الصحوه والغفوه مع الاستمرار الدائم لهلاوساتها وأحلامها الغريبه والتى كان العامل المشترك بينهم جميعاً هو شخص واحد .. فريد .

اما عنه هو فكان ملازماً لها خلال الليل والنهار لا يتحرك من جوارها الا لمتابعه اخر التطورات لمعرفه مرتكب تلك الجريمه بحقه وحقها ، ثم يعود إليها مره اخرى راكضاً ينصت بإستمتاع إلى هلاوسها بقلب أب حنون قبل ان يكون قلب عاشق وما أشد سعادته عندما كان يستمع إلى اسمه يخرج من بين شفتيها عالماً انه محور تلك الهلاوس ، فهى مازالت تلجأ إليه مثلما كانت تفعل فى صغرها ،وها هو الان يجلس بجوارها يستمع إليها ويلبى طلباتها مثلما كان يفعل أيضاً وهو صغير ، تذكر بسعاده ان اول خطوه لها تحركت نحوه هو ، واول ركضه لها كانت لتصل إليه ، واول شكوى منها كانت إليه ، كان تفسير والدته ووالدتها على ذلك التعلق الشديد هو افتقار كلاً منهما لوجود اخ او اخت من نفس فئتهم العمريه  ، وكم سمع من شفتيهما كلمه "حياه اختك " ولكنه ابداً لم يستسيغ تلك الكلمه ويبدو ان قلبه أيضاً لم يفعل فهى ببساطه لم تكن اخته . 


فى اليوم الذى يليه بدءت حرارتها تعود طبيعيه وعليها كانت استفاقتها قريبه لذلك قام فريد بنقلها إلى غرفتها وأكد على كل من بالمنزل واولهم السيده عفاف التى كانت ترعاها فى اوقات انشغاله بعدم التطرق لتلك الحادثه والاهم عدم التحدث عن اى تفاصيل تخص ميعاد عودته او وجودها داخل غرفته .


فى منتصف النهار فتحت حياة عينيها بتثاقل ووهن ، قطبت جبينها وعقدت حاجبيها معاً محاوله تذكر ما حدث ، استغرق الامر قليلاً لمعرفه ما يدور حولها وسبب تيبس عضلاتها قبل ان تنتفض من نومتها بفزع وتنظر حولها بقلق ، حركت رأسها عده مرات محاوله طرد تلك المخاوف من رأسها ، طمأنت نفسها بقوه كانت مجرد احلام والدليل انها هنا غافيه داخل غرفتها ، اذا ليس هناك داع للقلق ، هكذا حدثت نفسها داخلياً ، مجرد احلام عابره ليست الا ، طل هناك سؤال واحد يفرض نفسه داخل عقلها بقوه ، هل عاد إلى المنزل ام لا ؟!!.. 


 قررت بعد قليل التحرك من ذلك الفراش واكتشاف ذلك بنفسها فهى أيضاً لا تعلم كم مضى على مرضها ومن اسعفها فاخر ما تتذكره هو محاولتها للخروج من غرفتها لطلب المساعده ووصول شخص ما ، تحركت من الفراش وقررت التوجهه إلى المرحاض والاغتسال جيداً بالماء الساخن لانبساط عضلاتها واستعاده نشاطها قليلاً وبالفعل بعد حوالى ساعه كانت تقف امام المرآه تنظر برضى بعدما قامت بتجفيف شعرها وتركه منسدلاً بحريه فوق كتفيها ثم قامت بوضع لمسات بسيطه من الكحل واحمر الشفاه لاعاده بعض اللون إلى وجهها ، هزت كتفيها بعدم اهتمام وهى تتسائل لماذا ارادت فعل ذلك ولكن يبدو ان مزاجها كان مرحاً دون اى اسباب او هذا ما حاولت إقناع نفسها بِه قبل التحرك للأسفل .


بمجرد خروجها من الغرفه استرعى انتباهها وجود عدد من الأشخاص يتناقشون بتركيز فيما بينهم ، اكملت طريقها للأسفل عندها صادفت السيده عفاف التى أسرعت إليها مهروله تستقبلها بترحاب وهى تقول بحبور :

-حمدلله ع السلامه .. البيت نور .. لا البيت ايه .. دى الدنيا كلها نورت .. 

احتضنتها حياة بحب وهى تتمتم بخجل :

-الله يسلمك يا داد .. 

ابتعدت عنها قليلاً حتى ينسى لها رؤيتها جيداً ثم سألتها بفضول :

-داد قوليلى هو حصل ايه ؟!.. 

ارتبكت نظرات عفاف قليلاً وهى تتذكر تنبيهات رب عملها التى وصلت لحد التهديد فأجابتها محاوله اخراج نبرتها مقنعه  قدر الامكان :

-حاله تسمم .. واضح ان الاكل بتاع بره ده كان فى مشكله .. 

صمتت قليلاً ثم اضافت بنبره نادمه :

-ياريتنى مسمعتش كلامك وكنت عملتلك الاكل بايدى .. 

اقتربت حياة منها مره اخرى تربت على كتفها قائله بود واضح :

-خلاص يا دادا الحمدلله انه محصلش حاجه اكتر من كده تلاقيها بس غلطه المطعم متحطيش فى بالك .. 

انهت جملتها ثم اضافت تسال بفضول قاطعه المجال على عفاف لأجابتها قائله :

-دادا .. ايه الناس دى ؟!.. 

اجابتها عفاف وقد عّلى ثغرها ابتسامه واسعه  قائله بحماس :

-ده مهندس ديكور فريد بيه طلبه عشان يهد البار اللى هنا ويشوف هيعمل ايه بداله .. 


اتسعت حدقتى حياة بدهشه وسعاده حقيقه حتى شعرت بترقرق الدموع بداخلها  ثم سألتها بكلمات متعلثمه من شده صدمتها قائله :

-البار ... اللى كان بيش...؟!.. ده حقيقى .. هو فعلا هيشيله ؟!..

هزت عفاف رأسها موافقه وقد ازدات ابتسامتها اتساعاً برؤيه السعاده واضحه على وجهه حياة التى أشرق وجهها بابتسامه وسعاده حقيقه  لم تشعر بها منذ زمن بعيد .


فى تلك الأثناء كان فريد عائداً من المستودع الصغير الملحق بالفيلا والذى احتجز بداخله ذالك المدعو على والذى تولى مهمه توصيل الطعام والرجل الاخر المدبر للحادثه او كما يلقبونه "سيد الدولى "، بعدما استطاع بمساعده المطعم وبعض أساليبه الخاصه التوصل إليهم وها هما الان ملقيان فى المستودع يرفضان التحدث او الايشاء بمن طلب تنفيذ تلك الجريمه ، تحرك بغضب نحو الباب الداخلى للمنزل يفتحه بحده، فى تلك اللحظه رفعت حياة وهى لازالت محتفظه بتلك الابتسامه السعيده فوق  ثغرها تنظر إلى القادم فتفاجئت به 

تسمر فريد مكانه وقد تبدلت ملامحه على الفور هو الاخر وهو يراها تنظر إليه بابتسامه عريضه وعيون لامعه ، تشابكت نظراتهما للحظات قبل ان تطرق حياة راسها للأسفل بخجل ، انسحبت عفاف من المكان بهدوء بعدما رأت تعلق نظرات كل منهما بالاخر ، اما هو فكان قلبه يقفز من شده الفرح وهو يراها تقف امامه مره اخرى وقد استعادت عافيتها من جديد ، كل ما اراد فعله فى تلك اللحظه هو التوجهه  نحوها وأخذها بين احضانه حتى يتسنى له الشعور بدقات قلبها فوق صدره ، ولكن بدلاً عن ذلك تحرك نحوها بهدوء حتى توقف امامها ثم سألها بنبره عميقه :

-حمدلله ع السلامه .. انتى كويسه دلوقتى ؟!.. 

هزت رأسها موافقه ثم اجابته برقه بالغه :

-الله يسلمك .. اه الحمدلله .. 

انهت جملتها ثم حركت رأسها بأتجاه العمال قبل ان تعيدها نحوه وهى تمتم بخجل :

-شكرا .. 

رفع احد ذراعيه يحركها فوق مؤخره راسه وهو يبتسم لها بهدوء وقد علم ما ترمى إليه ولكنه آثر سماعها من بين شفتيها ، اقترب منها خطوه واحده ثم سألها بصوت أجش :

-على ايه ؟!.. 

اتسعت ابتسامتها وزاد احمرار وجنتها ثم اجابته بخجل :

-انت عارف على ايه .. 

انهت جملتها وركضت مسرعه نحو الاعلى حيث غرفتها  ، انا فريد فقد ظل حيث هو بلا حراك وعينيه تتبع خطواتها والابتسامه البلهاء لم تفارق شفتيه 


************


عند حلول موعد الغذاء سمعت حياة بضع طرقات خفيفه فوق باب غرفتها لذلك طلبت من الطارق الدخول فطلت السيده عفاف من خلف الباب تسألها بهدوء قائله :

-فريد بيه طلب منى اسالك لو ينفع تشاركيه الغدا النهارده .. ده طبعا لو حاسه نفسك كويسه .. 

اندفعت حياة تجيبها دون تردد قائله :

-اه يا دادا ..  خليكى انتى وانا هنزله على طول .. 

انهت جملتها ثم تحركت مباشرة نحو غرفه الطعام فهى لديها العديد من الاسئله التى تشغل عقلها ولن يجيبها أحداً غيره . 


وصلت إلى غرفه الطعام فوجدته جالسا فى مكانه المعتاد على راس طاولته ينتظر ردها ، تحرك من مقعده بمجرد رؤيتها يسحب لها الكرسى الملاصق لمقعده وقد لاحظت حياة اقتراب المقاعد من بعضها اكثر من السابق ، جلست فى مقعدها والذى كان ملاصق تماماً لمقعده حتى ان قدميها تلامست عده مرات  مع قدميه ، لاحظت حياة بعد جلوسها وجود عزه فى احد أركان الغرفه لذلك ومن باب الذوق حييتها حياة بهدوء ، ردت عزه تحيتها بارتباك واضح وشرعت فورا فى تقديم الطعام ثم استئذنت فى الخروج من الغرفه فسمح لها فريد على الفور 


بدءت حياة فى تناول حسائها بصمت وهى تفكر فى كيفيه سؤاله عند موعد عودته دون ان تبدو كمن يتحرى عن الامر ، قاطع تفكيرها صوت فريد يسألها بأهتمام :

-حياة .. الدكتور كان كتبلك شويه ادويه .. اخدتيهم فى ميعادهم ؟!.. 


ابتسمت بسعاده وقد اتيحت لها الفرصه للسؤال عما يدور فى خلدها براحه ، لذلك اجابته برقه :

-اه دادا عفاف من شويه قالتلى وفكرتنى بمواعيدهم كمان .. 

صمتت لتبلع ريقها ثم استطردت حديثها تسأله بفضول :

-فريد .. هو انت وصلت امتى ؟!.. 


ترك طعامه وعاد بجسده للوراء يستند بكسل على ظهر مقعده ثم سالها وبريق التسليه يلمع داخل عينيه قائلاً وهو يتظاهر بالعبوس :

-بتسألى ليه ؟! عايزه تطمنى عليا ؟!.. 

اندفعت تقول فى ارتباك :

-لا طبعا .. انا كنت عايزه اعرف عشان حاجه تانى .. 

صمتت قليلاً عندما رأت ملامح وجهه بدءت فى التجهم ثم اضافت مصححه بارتباك :

-مش قصدى .. انا عايزه اعرف اكيد.. 

توقفت عن الحديث وزفرت بتوتر ثم استطردت حديثها مصححه :

-انا قصدى انى بسأل من باب الفضول مش اكتر .. 

عاد بريق التسليه إلى عينيه وهو يرى ارتباكها واضحاً عليها فسألها بمرح :

-طب قوليلى ايه الحاجه التانيه دى يمكن افيدك ؟!.. 

تذكرت ذلك الحلم الذى راودها عندما حملها بين ذراعيه وسمحت هى له بتقبيله فاحمرت وجنتاها خجلاً واطرقت رأسها لأسفل هاربه من نظراته المتفحصة ، التوى فمه بنصف ابتسامه وهو يرى ارتباكها وتخبطها امامه فهو يتحرق شوقاً لمعرفه اذا كانت تتذكر ما حدث بينهم ام لا وابداً لن يكشف اوراقه أمامها 


قاطع تفكيره  اقتحام حارسه الشخصى للغرفه  فجاة بجسد وملامح متوتره ثم توجهه نحو فريد مباشرة يهمس له بكلمات لم تلتقط حياة منها اى شئ رغم محاولتها المستميتة  فى معرفه ما يدار بينهم ، انتفض فريد من مقعده وهو يقول وقد تحولت ملامح وجهه للجديه :

-تعالى ورايا ..

انهى جملته وتحرك من الغرفه مسرعاً دون وداع تاركها تشعر بالحيره والفضول حول ما يحدث معه دون علمها. 


************


داخل المستودع تكوم الرجلين فى احد الزوايا فاقدين الوعى من شده الضرب والإرهاق ، تحرك فريد فى اتجاههم ثم قام بسحب الكرسى الخشبى الموضوع داخل المستودع وجلس فوقه بطريقه  عكسيه واستند بذراعيه على راس الكرسى ثم اشار برأسه للحارس الذى كان يقف بجواره ويحمل دلواً كبيرا مملوء بالماء ، اومأ الحارس رأسه لفريد بأيماءه خفيفه قبل ان يقوم بسكب الماء البارد فوق وجهه المدعو سيد ، انتفض الاخير على الفور وهو يحرك رأسه يميناً ويساراً محاولاً التقاط انفاسه بصعوبه ، سأله فريد بنبره منخفضة :

-ها .. عقلت وناوى تقول مين اللى وزك تعمل كده ولا تحب اخليهم يكملوا عليك ؟!.. 

انتفض الرجل فى جلسته متوسلاً لفريد :

-لا يا باشا الله يخليك .. انا هقولك كل اللى عندى والله .. اللى طلبت منى اعمل كده واحده اسمها سيرين ومعرفش وصلتلى ازاى .. ولا حتى شفتها قبل كده .. كل اللى اعرفه انها كلمتنى تليفون ومردتش تقولى عرفتنى منين ولا حتى رضيت تقابلنى .. هى عطتنى رقم واحده قالتلى دى شغاله فى الفيلا وهتساعدك .. 


صمت الرجل ليزدرد لعابه بخوف ثم اضاف بعدما لمعت عيونه بخبث قائلاً لفريد بترقب لعل ما يقوله يشفع له :

-يا بيه صدقنى هو ده اللى عندى ومعرفش غيره .. بس اللى قالتلى ان الهانم لوحدها ودى فرصتنا واحده شغاله هنا

جحظت عينى فريد للخارج ثم اجابه بعصبيه هادره :

-قصدك مين ؟!.. انطقققققققق ؟!.. 

اجابه الرجل متمتاً فى خبث :

-انا هقول لحضرتك يا باشا .. 


**************


بعد قليل اقتحم فريد المطبخ بعنف جعل كلاً من السيده عفاف وعزه يجفلان ، توجهت نظراته الغاضبه مباشره نحو عزه التى بدءت تتراجع للخلف برعب وهى تراه يتقدم نحوها كالفهد فعلمت ما ينتظرها ، اقبض على شعرها قبل ان يجرها بقوه نحو الخارج  غير عابئاً بصراخها الذى كان يدوى داخل المنزل ولا بنظرات عفاف المصدومه من فعلته ، ركضت حياة من داخل غرفتها على مصدر ذلك الصراخ فتفاجئت بفريد يمسك بشعر عزه بحده ويجرها إلى خارج المنزل بعنف ، ركضت خلفه تحاول ايقافه ولكن اوقفتها ذراع عفاف التى امتدت لمنعها بكل قوتها وقد استعادت وعيها من صدمتها قائله بتوسل :

-حياة هانم .. الله يخليكى بلاش ..

صاحت بها حياة بقوه قائله :

-اوعى يا دادا !! انتى مش شايفه هو ماسكها ازاى ؟!! من فضلك خلينى اشوف فى ايه ؟!.. 


هزت عفاف راسها بقوه رافضه إفلات يدها وهى تبرر بثقه:

-اكيد عملت حاجه .. فريد بيه اول مره يعمل كده .. اكيد عملت مصيبه .. 

اجابتها حياة بحنق قائله :

-هتكون عملت ايه يعنى ؟!.. وبعدين حتى لو كان مينفعش فريد يعمل كده خالص !!! .. 

بعد عده دقائق اقتحم فريد المنزل مره اخرى بحده جعل كلاً من حياة وعفاف ينتفضان من الرعب ثم تحرك نحوها مباشرةً  وامسك بيدها قائلاً بنبره خاليه :

-تعالى ... 


ان كانت التجربه قد علمتها شيئاً فهى قد علمتها ان لا تجادله عند وصوله إلى تلك الحاله ، فالجدال معه ابداً لن يكون فى صالحها لذلك تحركت معه على الفور يجرها خلفه وكفه يحتضن كفها بتملك ، تحركا من خلال الحديقه نحو مبنى ابيض مكون من غرفه واحده عريضه ، سألته حياة بخفوت هامسه :

-فريد احنا رايحين فين ؟!.. 


لم يجيبها وبدلاً عن ذلك لاحظت ذلك العرق بجانب صدغه ينبض بشده ، كررت سؤالها بعدما توقفت عن السير وهتفت اسمه بيأس :

-فرييييد .. 

توقف هو الاخر عن السير والتفت بجسده ينظر إليها قائلاً وهو يحاول السيطره على نبرته الحاده :

-دلوقتى هتعرفى .. تعالى .. 


انهى جملته ثم قام بضغطه خفيفه مشجعه على كف يدها الموضوع داخل كفه ، تحركت معه بصمت حتى دلفا إلى داخل المستودع وهو لازال محتضناً يدها بقوه ، نظرت حولها باستغراب تحاول استيعاب هذا المكان الغريب ، اثناء تأملها له وقع نظرها اولاً على عزه الجالسه عَنوه فوق كرسى خشبى ومقيدة ببعض الحبال لتمنعها من الحركه ، ازداد قلقها وعبوس وجهها فهى حتى الان لم تستوعب شئ مما يدور حولها ، حركت رأسها مره اخرى تستأنف اكتشافها لذلك المكان  الغريب واذا بها ترى رجلان مكومان فوق الارضيه والدماء تغطى وجههم وملابسهم ، شهقت بفزع وحركت جسدها اكثر لتلتصق بفريد فى حركه تلقائيه منها ، ضغط على يدها مطمئناً لها قبل ان يحول انتباهه نحوه عزه ويهدر بها بعصبيه وتوعد قائلاً :

-حسابى معاكى على خيانتك ليا هيكون بعدين .. 


ترك يد حياة ثم توجهه يقف قباله حياة ويطل عليها بجسده الطويل مستطرداً :

-لكن دلوقتى .. اللى حياة هانم هتحكم عليكى هو اللى هيتنفذ .. 

نقلت حياة نظرها بين فريد وبين عزه محاوله استيعاب ما يحدث بينهم ثم هتفت بإسمه بنفاذ صبر قائله :

-فريد !!! فهمنى فى ايه ؟!... 

التفت بجسده نحوها قبل ان يتحرك ويقف قبالتها ، نظر لها مطولاً وقد ظهرعلى وجهه لمحه من الالم قائلاً بحزن :

-حاله التسمم اللى حصلتلك كانت مقصوده .. 


اتسعت عيني حياة بصدمه ثم بدءت تنقل نظرها بينه وبين عزه مره اخرى وهى تتمتم بعدم استيعاب :

-مقصود ازاى ؟!.. مش ممكن تكون .. عزه !!!!... 

هز رأسه بجمود دون حديث ، استطردت حياة حديثها متمته بأقرار اكثر منه سؤال :

-انت اللى لحقتنى صح ؟!.. انت اللى كنت واقف قدامى ؟! . 

لم يأتيا الرد ولم تكن بحاجه إليه ، ظلت تنظر داخل عينيه وقد بدءت الدموع تلمع داخل عينيها ، ثم اطرقت براسها للأسفل ، أحاط فريد وجهها بكفه قبل ان يحرك يده ويقبض على خصلات شعرها الناعم قائلا بقوه :

-بصيلى .. حياة بصيلى .. 


رفعت عينيها تنظر إليه واذا بها ترى تلك النظره التى تعرفها جيداً نظره التصميم التى يتميز بها ثم اضاف بحده :

-انا هنا .. فاهمه ؟!.. انا من دلوقتى هنا يعنى محدش هيقدر يأذيكى تانى .. اعرفى ده كويس .. 


حركت راسها مسرعه عده مرات كأنها تحاول حفظ ما تفوه بِه للتو ، مد احدى أصابعه يمسح تلك الدمعه التى فلتت عنوه من بين جفنيها ، عندها صرخت عزه بحقد قائله :

-ايوه انا اللى ساعدته يعمل كده عشان بحبك .. 


دوت الكلمه داخل أركان المستودع وشعرت حياة بأنها تدوى أيضاً بداخل قلبها ، استطردت عزه حديثها بشجاعه قائله :

-ايوه بحبك وحبيتك من اول مره شفتك فيها .. من ساعه ما ساعدتنى وجبتنى اشتغل عندك .. 

ظل فريد يستمع إلى حديثها بملامح جامده وجسد متصلب ، اما بالنسبه لحياه فشعرت بانها تريد وضع كفيها فوق اذنها حتى لا تستمع إلى ذلك الحديث العقيم ، أردفت عزه بغل وهى تنظر نحو حياة قائله:

-هى مش بتحبك ولا عمرها هتحبك قدى .. مفيش حد فى الدنيا دى ممكن يحبك قدى .. 

صرخ فريد بها قائلا بعصبيه :

-اخررررررسى ... 


اجابته عزه بتحدى وقد شعرت ان نهايتها اوشكت :

-لا مش هخرس هى دى الحقيقه اللى لازم تعرفها .. انا قاعده كل يوم وشايفه هى بتعاملك ازاى وفاهمه كويس انها مش بتحبك .. 

اقترب فريد منها وقد بدء وجهه يتحول من شده الغضب والاحمرار ثم اجابها وهو يضغط على كل الحروف الخارجه من فمه قائلاً بتهديد:

-عارفه .. لولا انى حالف على قبر امى ممدش ايدى على واحده ست كنت عرفتك مقامك دلوقتى .. 

صرخت عزه بجنون تجيبه :

-ده مش هيمنع حقيقه انى بحبك .. 


فى تلك اللحظه قاطعت حياة حديثها بيأس تترجاه قائله :

-كفايه .. مش عايزه اسمع حاجه تانى .. انا عايزه امشى من هنا .. فريد لو سمحت خلينى امشى من هنا .. 


اتجهه فريد نحوها على الفور ثم اصطحبها نحو الخارج ومنه إلى المنزل دون ان ينبث احد منهم ببنت شفه ، وصلت حياه إلى الدرج ثم حدثته بنبره جامده :

-انا عايزه اطلع الاوضه بتاعتى شويه ..

زفر فريد مطولاً بضيق ثم اجابها  بتردد قائلاً :

-تمام .. انا فى المكتب لو احتجتى حاجه قوليلى ..

هزت رأسها موافقه ثم تحركت نحو الاعلى دون اضافه .


***********


فى منتصف الليل كانت حياة لازآلت داخل غرفتها تتلوى داخلياً من تلك الكلمات المسمومة التى سمعتها من عزه منذ عده ساعات ، فكرت بحزن ايعقل ان تدفع الغيره الانسان حتى القتل ، مسحت دموعها وقد اتخذت قرارها ثم تحركت إلى الاسفل حيث غرفه مكتبهِ، وقفت امام الباب وأخذت نفساً عميقاً ثم طرقته وانتظرت اذنه للدخول ، اجابها بصوت عميق :

-اتفضل ..

أدارت حياة مقبض الباب ودخلت على مضض ، انتقضت فريد فى جلسته فور دخولها وهويسألها بأهتمام :

-حياة فى حاجه ؟!.. 

اجابته مباشرهً دون مقدمات :

-انا عرفت هعمل ايه فى عزه .. 

تحرك حتى مكتبه ثم استند بجسده عليه وعقد ذراعيه امام صدره ثم اجابها بجديه قائلاً :

-سامعك .. 

رفعت رأسها بتحدى قائله بأصرار :

-مش عايزاك تعمل فيها حاجه .. بس سلمها للبوليس ..


اعتدل فريد فى وقفته ثم أرخى ساعديه وعقد حاجبيه معاً سائلاً بجمود :

-يعنى ايه ؟!.. انا مش هسيبها تفلت باللى عملته !!!.. 

زفرت حياة مطولاً بيإس ثم اجابته بأرهاق قائله :

-لا هو ده بالظبط اللى انا عايزاك تعمله ..

قاطعها فريد بحده قائلاً :

-لا مش موافق .. 

اجابته حياة مسرعه :

-انت قلت اللى انا هحكم بيه وده حكمى !!!.. 

صاح فريد بها بحده :

-حياااااااة !!!!! ..

اجابته بتحدى :

-فرييييييييد !!! .. 

اضافت مستطرده حديثها :

-فريد لو سمحت لو قضينا عمرنا ننتقم من مل حد آذانا مش هنلاقى وقت ولا هنعرف نعيش حياتنا .. ده طلبى وده اللى انا عايزاه فلو سمحت نفذه .. 

تأملها ملياً ثم اجابها وقد لمعت فكره ما داخل رأسه :

-موافق بشرط ..

اجابته بثقه موافقه ..


ابتسم بأنتصار ثم باغتها بشرطه مسرعاً :

-تقوليلى حصلك ابه وانتى عندك ١٤ سنه ؟..

ارتبكت نظرتها وارتجف جسدها ولم تُعقب ، استطردت هو حديثه كاذباً وقد لاحظ اقترابه من هدفه :

-انا سألت دادا آمنه وحكتلى اللى حصل بس عايز اسمع التفاصيل منك ..


نظرت إليه بدهشه اولاً ثم لوت فمها بابتسامه سخريه وهى تتحرك لتجلس على الاريكه الموضوعه بداخل الغرفه ، جلست بكبرياء ثم رفعت راسها تنظر إليه بتحدى قائله :

- وآمنه هانم قالتلك انك تانى استعمال .. second hand  يعنى ؟!.. 

انتصب جسده واحتقنت ملامحه وهو يسألها بقلق:

-قصدك ايه ؟!!..

حبس انفاسه وهو فى انتظار اجابتها  ، ابتسمت له بتشفى ثم أجابت بهدوء كاذب  :

-يعنى انا كنت متجوزه .

متى تخضعين لقلبى

الفصل الثانى عشر ..


حسنا انها تفعل ذلك فقط من اجل اثاره حنقه كعادتها ليس الا ، هذا ما فكر به فريد بيأس رافضاً عقله تصديق الكلمات التى خرجت من فمها للتو ، انها فقط تلعب به ، طمأن نفسه بتلك الجمله ، ولكن اللعنه !!!  لماذ تبدو ملامحها شاحبه كالأموات !!! سألها وهو على حافه الانفجار لعل الخلل صادراً من اذنه التى هيأت له تلك الكلمات بينما هى لم تنطق بها من الاساس :

-انتى قلتى ايه ؟!!.. 


رفعت نظرها مره اخرى إليه وهى تبتسم بشراسه ثم اجابته بتهكم مرير قائله :

-اكيد عبد السلام بيه نسى يقولك التفصيله الصغيره دى قبل كتب الكتاب لحسن ترفض البضاعه .. 


شعر فريد بأن صاعقه قد اصابت عقله قبل جسده فأصابته بالشلل ، إذاً اذنه لم تصاب بالعطب بعد ، متزوجه !! ومن رجل اخر !!! ، حرك جسده يميناً ويساراً بتشنج ، اللعنه ان ذلك يتخطى  قدرته على احتمال ، رفع ذراعيه بتوتر ومسح بكفه فوق قسمات وجهه بعصبيه قبل ان تستقر قبضته فوق فمه ، ازدادت حده تنفسه وأخذ صدره يعلو ويهبط بقوه ، يبدو انه قد بدء يفقد السيطره على رئتيه ، لا انه بدء يفقد السيطره على جسده بأكمله واولهم قلبه الذى كان يخفق كالطبول من شده الغيره ، اين يذهب ؟!، تجول بنظره داخل الغرفه كأنه يبحث عن شيئاً ما ، انه يبحث عن هدوئه الداخلى ، مازالت الكلمه تطن داخل رأسه بقوه ، متزوجه !!! ، اين يهرب من تلك الصوره التى بدءت تتشكل امامه عينه بوضوح عن لمس رجل اخر لها ، سيجن ، اقسم لنفسه انه سيجن ، انه يجاهد نفسه الان حتى لا يحرق الدنيا بمن فيها، الا يقوم بهدم ذلك المكتب بكل محتوياته ، ماذا عليه ان يفعل ؟!، انه يشعر بأنه يقف الان بداخل مرجل محاطه به النار من جميع جوانبه فماذا يفعل ؟! هل يجلس ام يظل واقفاً ام يتركها ويركض للخارج ، ماذا يفعل لتهدء روحه ، ايصرخ حتى ينقطع صوته ؟!، ام يبكى حتى تنفد دموعه ؟!، او يرتمى داخل أحضانها لعله يجد السكينه بداخله ؟!، فى كل الاحوال اصابته النار وانتهى الامر . 


انتهى به الامر بالجلوس فوق المقعد المقابل لها ومال بجذعه للأمام وهو يستند بمرفقيه على فخذاه ويشبك كفيه معاً للأمام زفر مطولاً ثم قال بنبره متقطعه كمن يلفظ انفاسه الاخيره :

-ادينى تفاصيل .. 


ادرات رأسها جانباً تنظر إليه نظره زجاجية ليس بها حياة ثم رفعت كفيها ومسحت وجهها وشعرها عده مرات بتوتر وهى تهز رجلها اليمنى بعصبيه وقد بدءت تتذكر ذلك الصيف المقيت بعدما انتهت من اختباراتها المدرسيه لنهايه العام ، دخل والدها المنزل فى عجاله وطلب منهم جميعاً آمراً كعادته الاستعداد للذهاب لبلدته حيث مسقط رأسه ومسكن إخوته لقضاء اجازه الصيف معهم ، بالطبع لم تكن والدتها لتعارضه رغم عدم تقبلها لتلك الفكره او بالأدق توجسها منها ، وبالفعل فى اليوم التالى كانوا فى طريقهم نحو احدى قرى الصعيد ولم تكن تعلم حياة انها تُساق كالبهيمه لتُعرض فى السوق والفائز هو من يدفع اكثر ، وكانت القسمه من نصيب رجل يتجاوز عمره الثمانين عام ، اى حوالى ٦ اضعاف عمرها ، رجل ماجن مدمن شراب هوايته الاولى هو تزوج القاصرات 

، تم الزواج وبالطبع كان عرفياً ودون تسجيل بسبب صغر سنها ، تذكرت كم انتحبت تحت أقدام والدها  الا يفعل بها ذلك ،وكان رده الوحيد ان ذلك طبيعى لجميع فتيات بلدتهم ،  وكم توسلت إلى والدتها ان تأخذها وتهرب من تلك البلده وتُنقذها من ذلك المصير ولكن الخذلان كان ولا يزال رد فعل والدتها الوحيد 


 تزوجته وقاومته بكل ما أوتيت من قوه ، تذكرت كم استعصت عليه وكم كبلها حتى ترضخ له ، كان ضعيفاً لا يقوى على شئ وكان تمّنع حياة عنه يزيده عجزاً فلا يجد ملجأ لإخفاء ضعفه الا من خلال تعنيفها ، كان يحاول معها كل ليله بعدما  يرتشف زجاجه او اثنان من ذلك الشراب الرخيص ، وفى كل ليله كانت تصرخ بأسم فريد لكى يأتى ويخلصها من قبضته فكانت تثير جنونه اكثر ويبرحها ضرباً من اجل عجزه مره ، ومن اجل تفكيرها برجل اخر مره 


 لم يأت فريد ولم تنقذها والدتها ولم يعطف عليها والدها ، لم يكن معها فى محنتها سوى الله وقد قال وقوله الحق "وَكَفَىٰ بِاللَّهِ وَكِيلًا " وقد كان 

كان ارحم بها من والديها وبعد ايام معدوده من تلك الزيجه المشئومه ومن عجزه عن جعلها زوجته ، سقط صريعاً فوقها ليلاً بعدما تناول جرعه زائده من الأقراص المنشطه ، لقد جاء خلاصها سريعاً ولله الحمد  ، تذكرت كيف ركضت فى شوارع تلك البلده الغريبه وهى طفله تجاوزت للتو الرابعه عشر حافيه القدمين وبوجهه وجسد متورم بعدما انتقم منها زوجته الاولى واولاده فابرحوها ضرباً وطردوها من المنزل باعتبار انها "وش شئوم " ، ولكن كان يكفيها الخلاص ، عادت بعدها إلى بيت والدها وإلى دراستها ، دفنت تلك الذكريات بداخل قلبها وتظاهرت كأن شيئاً لم يكن ، لم تبكى ولم تنهار ولم تتحدث فى الامر ثانيةً ، 

وبعد عده اشهر من تلك الواقعه ظهر فريد مره اخرى فى حياتها ومن يومها لم يعط لأحد الفرصه للاقتراب منها والا لكان والدها أعاد الكره بضمير مرتاح . 


اعادها من رحله ذكرياتها صوت فريد يسألها مره اخرى بنفاذ صبر ، كانت تنظر إلى الفراغ بملامح جامده ثم بدءت تسرد عليه التفاصيل بنبره مرتعشه حاولت قدر الامكان تغليفها بثبات هش ، كان يستمع إلى ما مرت به دون اى رد فعل سوى ذلك العرق بجانب صدغه والذى كان على وشك الانفجار من شده غضبه ، انهت ذكر تفاصيلها وهى منقطعه الانفاس ، لقد قصت عليه كل ما حدث الا شئ واحد وهو انه لازالت عذراء ، لقد اجبرها على الزواج منه مثلما فعل ذلك الرجل الاخر دون أدنى اعتبار لرغبتها ، وهى إرادات الانتقام منه بطريقتها الخاصه.


انتفض من مجلسه بعدما انتهت هى من سرد ملابسات زيجتها  مكوراً يده ضاغطاً عليها بشده حتى ابيضت مفاصله ثم قال لها بنبره منخفضة :

-حياة سبينى لوحدى .. 

تحركت كجسد بلا روح حتى وقفت امامه وقالت ببرود مستفز :

-صعبه على كرامه فريد بيه صح ؟!! .. 


اجابها من بين اسنانه بنبره شديده الانخفاض قائلاً :

-حياة !! اطلعى على اوضتك .. 

تحركت ببطء نحو الباب لتخرج منه وما ان اغلقت الباب خلفها حتى سمعت صراخه وأصوات تكسير آتيه من الداخل .


*************


قضى ليلته بداخل غرفته الرياضيه ، مارس جميع انواع الرياضه حتى شعر ان جسده لا يقوى على حمله ولكن دون جدوى لازالت تقفز امام عقله صوره ذلك الرجل وهو يقوم بلمسها ، ان النار لازالت تستعر بداخله ليس من اجل زواجها فرفضها وكرهها لتلك الزيجه لا يحتاج توضيح ولكن ما يؤلمه هو عذابها وغيرته ، انه يغار عليها من نفسها فكيف بلمس رجل اخر لها !!! . 


تحرك بجسد مرهق وقلب مشتعل نحو غرفته ليأخذ دشاً بارداً عله يتسلل إلى داخل روحه فيطفأ لهيبها ، ارتدى ملابسه وتمدد على الفراش  منتظرا قدوم ضيف يعلم جيدا انه فى تلك الليله بالذات سيكون عزيزاً متمنعاً .


كان ينام بعين مفتوحه مثل اللصوص كما يقال ، فهى عاده عقيمه اكتسبها منذ طفولته عندما كان يرهف السمع ليتأكد من ميعاد رجوع والده ومن امان والدته ،  وبعد ذلك يبدو ان جهازه العصبى قرر معاقبته فلقد تطور الامر لديه حتى انه اصبح يستيقظ اذا مر احد ما من جوار غرفته 


انتفض من غفلته القصيره التى لا يعرف متى زارته على صوت صرخه مكتومه قادمه من غرفتها ، ركض مسرعاً نحو غرفتها وأشعل الضوء قبل ان يستأنف هرولته نحوها ، كانت تركل بقدمها وتمسح وجنتها بعنف واشمئزاز وهى تترجى شخص ما بيأس من بين شهقاتها ان يبتعد عنها ، لم يحتاج الامر منه إلى اى جهد ذهنى لمعرفه زائر حلمها او بالاصح كابوسها ، استند بركبتيه فوق الارضيه الخشبيه بجوار فراشها ثم قام بهزها برفق هامساً اسمها بحزن 


انتفضت من نومتها وهى تصرخ وتزيح يده ليبتعد عنها ، قفز فوق الفراش بجوارها وقام باحتضانها بين ذراعيه وهو يتمتم لها بحنو لتهدء :

-حياتى .. انتى بتحلمى مش اكتر .. مفيش حد هنا .. فتحى عينيك هتلاقى نفسك فى اوضتك ومفيش حد موجود .. فتحى عينيك يا عمرى .. ده كابوس وراح .. 


سكنت مقاومتها وبدءت تفتح عينيها بتوجس حتى تتأكد من صدق حديثه ، ابتعدت عنه قليلاً تتأمل الغرفه حولها ثم بدءت تمسح عنقها ووجنتها بأشمئزاز وهى تتمتم بتوسل وعيون متحجره :

-خلى لمسته تروح .. انا مش عايزه افتكرها .. انا قرفانه منها .. خليها تروح من هنا .. انا مش عايزه اشوفه تانى .. مش عايزه افتكره .. 


لاول مره ومنذ زمن طويل شعر بالعجز ثانيةً  ، لقد دفنه منذ سنوات طويله وها هو الان يخرج ليسخر منه فى أعز ما يملك ، مره اخرى ، كيف يستطيع محو تلك الذكريات من داخل رأسها 

لقد اصبح الان يعلم جيداً سبب انفجارها ليله الحفله ، وسبب غضبها من شربه ، واصبح أيضاً يعلم لماذا تنفجر غضباً عندما يقوم بلمس ذراعها او تقبيل وجنتيها 


 لقد أنقذه الموت من بين يديه ، هذا ما فكر بيه فريد غاضباً فلولا حُرمه الموت لكان انتقم حتى من جثته على ما فعله بها 


ازدرت حياة لعابها بصعوبه بالغه وهى تنظر إلى الفراغ وتمتم بنظره زجاجية خاليه :

-هو عمل كده عشان بيكرهنى .. انا عارفه انه عمره ما حبنى .. هو دايما كان شايف انى عار محتاج يخلص منه ويرمى مسئوليته على شخص تانى .. كل ده عشان هو مكنش عايز بنت .. مع انى عمرى ما زعلته او عملت حاجه غلط .. 

صمتت قليلاً وهزت رأسها عدت مرات رافضه ثم استطردت حديثها بألم :

-ايوه هو ده كان كل ذنبى انى اتولدت بنت .. 


كانت الكلمات تخرج من فمها كخناجر تستقر فى قلبه مباشرةً ، حاوط وجهها بكفيه ثم حدثها بصوت متحشرج :

-انا اسف انى مكنتش موجود .. انا اسف انى سبته يعمل فيكى كده .. انا اسف انى رجعت متأخر .. خلاص كل ده كان ماضى وراح .. من دلوقتى محدش هيقدر يقربلك او يأذيكى .. 


لم تكن تعلم كم كانت بحاجه إلى الامان الا بعدما سمعت تلك الكلمات من فمه ، لذلك وجدت نفسها دون وعى تدفن رأسها داخل صدره وتطلق العنان لسيل الدموع المحبوس داخل مقلتيها منذ عشرة سنوات ، شدد فريد من احتضان ذراعيه حولها كأنه يريد تخبأتها داخل ضلوعه ولا يخرجها مره اخرى لتسكن بأمان بداخله ، ظل يمسح على شعرها ويربت على ظهرها بحنان وهو يتمتم داخل اذنها بكلمات حانيه حتى هدئت بين ذراعيه وذهبت فى نوم عميق ، تحرك ليستلقى بها فوق الفراش وهو لايزال محتضنها بذراعيه وهى لازالت متمسكه بتيشرته الذى تبلل من كثره دموعها .


لم يغمض له جفن ما تبقى من الليل ، ظل يتأملها وهى متشبثه بِه كطفل صغير ومع ظهور اول خيوط للشمس حاول التحرك من جوارها فلديه زياره عاجله يجب عليه القيام بها حتى تخمد ناره قليلاً ولكنها اجفلت فى نومها بمجرد ابتعاده عنها وتمسكت اكتر بيديه فعاد مره اخرى لاحتضانها والتمتع بدفء جسدها حتى غالبه النوم . 


فى الصباح تململت بين ذراعيه فأستيقظ على الفور بمجرد تحركها داخل احضانه ، فتحت عينيها ببطء فأصطدمت بزوجين ناعستين من العسل المصفى ، اصبح الان يعلم مناطقه المحظوره لذلك مد يده فى ثقه يزيح بعض خصلات شعرها المتمرده من فوق جبهتها ، قالت ساخره من هيئتها بصوت متحشرج ناعم من اثر النعاس  :

-متتوقعش انى بقوم من النوم شعرى بيرفرف حوليا زى ابطال القصص والروايات .. 


لم يعقب على حديثها بل اخفض يده حتى أطراف شعرها وأسر بعض خصلاته داخل كفه ثم  قربها من انفه يستنشقه وهو مغمض العينين ثم قام بتقبيله بنعومه قبل ان يحرره من قبضته ، ارتبكت ملامحها من اثر فعلته فحاولت اخفاء خجلها بسؤاله :

-هتسلم عزه للبوليس ؟!.. 

اجابها بصوت أجش عميق :

-عشان خاطرك رغم انى مش موافق .. 


حركت عينيها بعيداً عنه وعندما إعادتها إليه مره اخرى كانت تحمل بداخلها سؤال لم ولن تفصح عنه ولكنه استشفه من بين جفونها بسهوله ، ففهم نظراتها بالنسبه له اسهل من قراءه كتاب مفتوح ، حرك ذراعه  يمسك كفها  بكفه فى حنو بالغ ثم قام بفرده برقه وبطء فوق موقع قلبه هامساً بحب :

-لو تعرفى فى قد ايه هنا حب ليكى هتفهمى ان ولا مليون جوازه قبلى تفرق معايا .. 


انهى جملته ثم اقترب منها يطبع قبله رقيقه فوق ارنبه انفها قبل ان يفلت يدها ويتحرك نحو غرفته  


اغمضت عينيها تستمع  بذلك الفراغ الداخلى الذى اصابها فجاة ، فمنذ سنوات طويله لم تشعر ان بداخلها فراغ مريح هكذا .


***************


ترجل فريد من سيارته وأغلق جاكيت بدلته وأشار لكبير حراسه بعدم اتباعه ، توقف امام منزل حياة قارعاً الجرس برأس مرفوع ، توقفت آمنه امامه بقلق متسائله بداخلها عن سبب تلك الزياره الغريبه فى الصباح الباكر ، دلف فريد إلى الداخل متحفزاً وهو ينظر إليها من علياءه ثم سألها بأحتقار :

-جوزك فين ؟!.. 


فتحت فمها لتجيبه ولكن اوقفها صوت زوجها يخرج من غرفته بمظهر مشعث ناعس ، نظر نحو فريد وهو يتثائب بقوه ثم قال بسخريه :

-نسيبك الباشا جاى يزورك من صباحيه ربنا .. 


هز فريد رأسه موافقاً عده مرات وهو يحرك يده ليفتح زر سترته ثم قال وهو يتقدم نحوه بنبره منخفضة :

-انت عارف ليه مدخلتش حد من الحرس معايا ؟!.. 

نظر والدها نحو ببلاهه يحاول حل تلك الاجحيه فاستطرد فريد حديثه قائلاً :

-عشان محدش ياخد حق مراتى غيرى ..


انهى جملته ورفع يده المتكوره وبدء يسدد لكمات متتالية فى وجه حتى صرعه أرضاً ، صرخت آمنه بتوسل وهى تحاول رفع جسد فريد من فوق جسد زوجها المتهالك أرضاً ولكن هيهات ، ظل فريد يلكمه وهو يتمتم بحنق :

-انت بتستغل عدم وجودى وتجوزها لواحد ****** ؟!.. 

انا تضحك عليا يوم كتب الكتاب وتفكر تستغفلنى !!.. 


التقط والدها انفاسه بصعوبه وهتف من بين اسنانه :

-هى بنت الك**** قالتلك .. 

هدر فريد به بعصبيه وهو يسدد اللكمات  لوجهه مره اخرى :

-متقولش عليها كده .. خساره انها بنتك .. انت متستاهلش بنت زيها .. انت راجل ***** .. 


ظل فريد يلكمه بغضب حتى خر فاقداً وعيه ، كانت آمنه تصرخ وتتوسل له ليتركه ولكن دون جدوى ، تحرك فريد من فوق جسده ينفض يده من اثر الدماء بعدما تأكد من فقدانه للوعى ثم استدار ليواجهه آمنه قائلاً بتهديد :

-انا صابر عليه عشانها .. بس اقسم بالله لو ضايقها او اتعرضلها بأى شكل لارميه فى السجن بقيه حياته ومش هيهمنى هو مين فاهمانى !!!! ..


هدر بكلمته الاخيره بعصبيته المعتاده مما جعلها تنتفض وتحرك رأسها موافقه دون حديث ، خرج فريد صافقاً الباب خلفه تاركاً آمنه تحاول إفاقته بكل الطرق الممكنه .


************


لم يعد فريد فى ذلك اليوم الا فى المساء ، سلم كلاً من مدبره منزله والرجلين للمخفر ثم بعدها تشاركا وجبه العشاء فى صمت ، كان يجلس عابساً كأنه فى عالم اخر ، استغربت حياة من تغيره منذ الصباح وحاولت فتح فمها اكتر مره لتسأله عما به ولكن كان يموت السؤال فوق شفتيها ، فكرت بضيق ايعقل انه ندم على تنفيذ رغبتها ؟!، 

انهى وجبته وانسحب على الفور نحو غرفه مكتبه دون تبرير ، شاركت حياة مساعده السيده عفاف فى المطبخ فبعدما سلم فريد عزه للمخفر ارتمى الحمل بأكمله على كاهل تلك السيده المسنه فتطوعت حياة لمساعدتها فى بعض الامور حتى وصول مدبره جديده 


 بعد التاسعه مساءاً كانت حياة تجلس فى غرفه المعيشه بعدما انسحبت عفاف إلى مخدعها ، قُرع جرس المنزل فتوجهت حياة بنفسها لتفتحه ، وجدت امام الباب سيده مسنه تجاوزت السبعين من العمر على اقل تقدير ، ابتسمت لها العجوز ثم سالتها بحنان :

-حياة صح ؟!.. 

ابتسمت لها حياة فى المقابل ثم سألتها بأدب :

-ايوه صح بس حضرتك مين ؟!.. 

اجابتها الجديده بنبره مراوغه :

-فكرى كده شويه .. انا عارفه ان ملامحى اتغيرت وانتى كنتى صغيره بس معقول تنسى كلمه حيوى من لسانى ؟!.. 


صرخت حياة بفرح وهى ترمى نفسها بداخل أحضانها قائله بسعاده :

-تيتا سعاااااد .. انا اسفه معرفتكيش .. نورتى البيت والمكان كله .. 

ربتت السيده سعاد فوق ظهرها بحنو وهى تتمتم بشوق :

-وحشتينى يا حياة .. ياه انتوا الاتنين من ريحه الغاليه ..


ابتعدت حياة عن حضنها ثم اخذت بيدها وهى تمتم بأحترام :

-يا تيتا لسه واقفه .. اتفضلى ادخلى ..

انهت جملتها وهى تسحبها للداخل ، ظهر من خلفها الحارس حاملاً حقيبه السفر فطلبت منه حياة بوضعها فى الداخل ثم اغلقت الباب وهى لازالت تحتضن يدها ، خرج فريد على مصدر الصوت وسار فى اتجاههم حتى توقف امامهم بجسد متصلب ، وضع كلتا يديه داخل رداء بنطاله ثم تحدث بنبره جافه متسائلاً ونظره مسلط فوق جدته :

-جيتى ليه مكنش له داع .. 


شهقت حياة بصدمه من طريقته الفظه فى التعامل مع جدته ولكنها اثرت الصمت ، اجابته ام والدته فى عتاب واضح :

-جيت بيت ابن بنتى يا فريد ولا عندك كمان مانع ؟!... 


هز كتفيه بعدم مبالاه ثم استدار بجسده عائداً بإدراجه نحو مكتبه الذى اختفى به ثانيه ، شعرت حياة بالحزن والغضب من معاملته الجافه مع جدته والده والدته ، ولكنها سرعان ما استعادت مرحها واحتضنتها قائله بترحيب :

-نورتينا يا تيتا .. تعالى بقى نقعد هنا واحكيلى عن كل السنين اللى فاتت دى ..


نظرت السيده سعاد نحوها بشوق ثم رفعت كفها تمسد شعر حياة وهى تقول بحزن :

-اه يا حياة لو تعرفى رحاب كانت بتحبك قد ايه ؟!.. انتى وفريد كنتوا عندها واحد ..


اغرورقت عيون حياة بالدموع وأخفضت نظرها تقول بصوت متحشرج :

-وانا كنت بحبها اكتر من امى .. ربنا يرحمها يارب .. 


آمنت السيده سعاد على دعائها ثم تحركا نحو الداخل .


قضت كلاً من حياة والسيدة سعاد أمسيتهم فى تحرى اخبار كل واحده الاخرى فشعرت حياة بالدفء يملاً قلبها ، شعرت انها عادت طفله من جديد عندما كانت عائله فريد هى عائلتها أيضاً التى  تمنحها الدفء والحنان فتعوضها عن جفاء والدها وعائلتها ، عند حلول المساء تقريباً بدءت السيده سعاد فى التثائب ثم طلبت من حياة بأرهاق :

-حياة يا بنتى تعالى طلعينى فوق ارتاح الا طريق السفر كان طويل عليا ..


نفذت حياة على الفور وفى الدقائق التاليه كانت تقف امام الغرفه المخصصه لزيارتها فى الطابق العلوى وجانب غرفتها ، اندفعت حياة تسألها بتهور :

-تيتا لو حضرتك تحبى تقضى الليله معايا معنديش مانع ..


سألتها الجدده سعاد مستنكره :

-ليه يا بنتى ؟! انتى مش بتنامى مع جوزك ؟!.. 


عضت حياة على شفتيها ولعنت غبائها بصمت ، بماذا تجيب الان ؟! لن تخدع تلك العجوز الرائعه بقول الاكاذيب لذلك اثرت الصمت ودلفت داخل غرفتها دون رد .


*************


فى الصباح الباكر دلفت السيده سعاد إلى المطبخ وجلست بعدما رحبت بها عفاف ، سألتها السيده سعاد بترقب :

-ها يا عفاف فى جديد ؟؟.. 


اجابتها عفاف بهمس وهى مسلطه نظرها فوق الباب تراقبه :

-مفيش .. من ساعه ما اتجوزوا وكل واحد فى اوضه زى ما قلتلك .. هما فاكرين ان محدش واخد باله .. 

صمتت قليلاً ثم اضافت بحزن :

-حتى اللى تتجحم عزه دى لما لاحظت كده حاولت تبوظ الدنيا وتأذى حياة بس الحمدلله فريد بيه لحقها .. 


هزت السيده سعاد رأسها بأحباط ثم تمتمت بصوت خفيض قائله :

-كله يتحل ان شاء الله .. المهم فريد صحى ؟!.. 

اجابتها عفاف بحزن :

-مانتى عارفه اليوم ده بيعدى عليه ازاى !! مبينامش اصلاً .. تلاقيه فى المكتب من بدرى .. 


هزت السيده سعاد رأسها بحزن ثم تحركت نحو الخارج دون اضافه . 


انتهت حياة من ارتداء ملابسها وتمشيط شعرها وهمت بالخروج عندما اوقفها طرق خفيف فوق باب غرفتها ، تحركت نحو الباب تفتحه فتفاجئت بجده فريد تقف امامها بحزن ، استقبلتها بابتسامه واسعه وطلبت منها الدخول ، دلفت الجده سعاد تتفحص الغرفه جيداً ثم جلست بأرهاق فوق المقعد الوثير الموضوع بداخل الغرفه ، نظرت إلى حياة مطولاً ثم طلبت منها الجلوس ، جلست حياة بترقب فقد ظنت انها سوف تسألها على سبب انفصال غرفهم ولكنها باغتتها بسؤال اخر مستفسره بحزن :

- حياة عارفه النهارده ايه ؟!.. 


اجابتها حياة بقلق نافيه :

-لا يا تيتا .. هو النهارده ايه ؟!.

اجابتها الجده بعيون لامعه بالدموع :

-النهارده ٨ نوفمبر ..


شهقت حياة حزن وهى تضع كفها فوق فمها ثم تمتمت بخفوت :

-النهارده سنويه ماما رحاب !!! ..


هزت الجده رأسها بأسى ثم استطردت حديثها بغصه قائله :

-عرفتى ليه فريد قابلنى كده امبارح ؟!.. كل سنه باجى بقول يمكن أخفف عنه يوم زى ده وكل سنه بيرفض ان حد يشاركه حزنه .

تنهدت بألم ثم أردفت حديثها قائله :

-عارفه يا حياة رحاب ماتت ازاى ؟!..

اجابتها حياة بنبره حزينه :

-ماما رحاب ماتت بسكته قلببه الله يرحمها ..


حركت السيده سعاد رأسها نافيه ثم اضافت مفسره :

-اه رحاب ماتت بالسكته القلبيه بس على ايد غريب وقدام عيون فريد .. 


شهقت حياة بصدمه واخفت فمها بكفها وقد بدءت الدموع تتجمع داخل مقلتيها ، استطردت السيده سعاد ذكرياتها وهى تنظر إلى نقطه ما فوق كتف حياة كأنها ترى الذكريات امامها :

-كان فريد عنده ١٢ سنه .. وفى يوم زى ما كان غريب بيضرب رحاب كعادته اخد منها الدوا بتاعها ونزل فيها ضرب لحد ما قلبها وقف ومرضاش يجبلها دكتور او يسعفها .. فريد شاف وحضر كل ده .. ولما وصلت الصبح على الخبر حكالى وكان مرعوب من تهديد غريب ليه .. بس غريب الله يسامحه وقف بكل قوته قدام كلامى وكلام فريد وهو طفل صغير وعرف بنفوذه وقتها يدارى على الحكايه كلها وادفنت رحاب بتقرير طب شرعى ان سبب الوفاه طبيعى .. 


استمعت حياة إلى حديث جدته ودموعها تفيض من داخل عينيها حزناً على ما لقاه فريد فى صغره وبمفرده ، اكملت الجدده سعاد حديثها الموجه لحياة مستفسره :

-انتى فكرك ان الموضوع خلص على كده .. ياريت كنت قلت خلاص امانه ورجعتله  وربنا عوضنى بأبنها أربيه واخده فى حضنى .. بس غريب رفض وانا على قدى مليش لا حول ولا قوه وعرف ياخد منى فريد بسهوله .. وراح يعيش معاه فى بيت جيهان اللى كانت بتكره فريد كره العمى وبتحاول تخلص منه بأى طريقه ممكنه .. لحد ما وصل بيها الامر انها كانت بتحط لفريد فى الاكل دوا يسببله ضمور فى عضلات القلب عشان يحصل رحاب .. 


انتفضت حياة من مجلسها غير قادره على استيعاب ما يقال لها الان ، أردفت السيده سعاد مكمله حديثها :

-بعد ما رحاب ماتت فريد صمم يلعب كل ألعاب  الدفاع عن النفس وكان بيموت نفسه فى التمارين .. هو كان فاكر ان محدش فاهم هو بيعمل كده ليه . بس انا كنت عارفه انه بيعمل كده عشان يحمى نفسه .. وفى يوم طلبوا منه يعمل تحاليل روتينيه فاكتشفوا الدوا فى دمه .. الحمدلله لحقوه وغريب ساعتها كان اضعف من انه ياخد موقف من جيهان ففضل انه ببعد ابنه عنها .. بحجه التعليم والعلاج سفره فرنسا ورماه هناك فى مدرسه داخليه لوحده من غير اب ولا ام ومرجعهوش غير وهو عنده ٢٢ سنه .. بعدها فريد رجع بالشكل اللى انتى شايفاه ده .. كل احواله مقلوبه وجواه غضب يمحى الدنيا كلها .. لا بيعمل حساب لحد ولا بيهمه حد .. ولا بيشفق على حد .. وعلى قد ما بتقهر على حاله على قد ما بعذره من اللى شافه .. على قد ما بدعى ربنا يريح قلبه ويرجع فريد بتاع زمان .. 


ارتمت حياة فوق الفراش بذهول ، يالله ، اللعنه عليها وعلى غبائها .. لم يتركها بأرادته ، ولم يتخلى عنها ، ولم ينتهى الامر على ذلك بل عانى اكثر منها ، لقد حاولت زوجه والده تسميمه وهو طفل صغير  ، شعرت بقلبها يتمزق حزناً وألماً عليه ، أخفت وجهها داخل كفيها واخذت تبكى بصمت على ما حل برفيق عمرها ، تحركت السيده سعاد من مقعدها وربتت على كتف حياة بحنان قبل ان تتركها وتذهب .


***********


ظلت حياة طوال يومها تتحرك بتوتر محاوله رؤيته او الاطمئنان عليه ولكنه ظل حبيساً غرفه مكتبه دون خروج ، فى المساء قررت رؤيته وليحدث ما يحدث لها  ، وقفت امام المكتب وزفرت عده مرات مشجعه نفسها ثم أدارت مقبض باب مكتبه ودلفت للداخل بعدما اغلقت الباب خلفها مره اخرى ، كان الظلام يعم الغرفه لذلك انتظرت قليلاً حتى اعتادت عينيها على الظلام ثم تحركت فى اتجاهه عندما لمحته يجلس بحزن فوق الارضيه سانداً رأسه وظهره فوق الحائط خلفه وواضعاً كلتا ذراعيه فوق ركبتيه ، تحركت تجلس بجواره بهدوء واتخذت نفس وضعيته ، ظل الصمت سيد الموقف حتى استجمعت حياة شجاعتها وتحدثت بتوجس محاوله فتح حديث معه :

-تيتا سعاد قالتلى انك مش بتحب حد يكون معاك بس انت عارف كويس انا مش بعرف اسمع كلام حد .. 


لم يصدر منه اى رد فعل حتى ولو بسيط كأنها تتحدث إلى جماد ،حسناً هدا ما كانت تتوقعه فهو فى العادى قليل الكلام ، فكيف بتلك الليله !! ، بلعت لعابها بقوه ثم استطردت حديثها وهى تدير رأسها فى اتجاهه تنظر إليه قائله بصوت خفيض :

-انت عارف ليه انا طلبت منك تسلم عزه للبوليس ومتتعاملش معاها انت ؟!.. 


استطاعت جذب انتباهه ، فحرك رأسه جانباً ببطء لينظر إليها بصمت ، تحركت فى جلستها حتى اصبحت تقابله وشبكت قدميها معاً ثم اضافت وهى ترفع ذراعها تحتضن بكفها كفه الممدودة فوق ركبته قائله :

-عشان ماما رحاب .. 


رفع احدى حاجبيه ينظر إليها بأستنكار ، هزت رأسها له عده مرات موافقه ثم أردفت قائله بحنان :

-ايوه عشان ماما رحاب .. عشان انا عارفه ومتأكده انها لو كانت عايشه مكنتش هتحب انك تضيع وقتك ولا تتعب قلبك فى الانتقام ، واكيد هى دلوقتى حاسه بيك وفخوره باللى انت عملته حتى لو كان حاجه بسيطه اكيد هى فرحانه زى مانا كمان فرحت .. 


نظر لها مطولاً بأندهاش ثم تحرك فجأة يحيط عنقها بكفه ليدنيها منه وفى اللحظه التاليه التهم شفتيها بين شفتيه فى قبله متطلبه ، اتسعت حدقتى حياة بدهشه فقد باغتها على حين غره منها ورفعت كفيها التى استقرت فوق صدره لتدفعه قبل ان تسقط مقاومتها من نعومه وشغف قبلته .

متى تخضعين لقلبى

الفصل الثالث عشر ..


حرر فريد شفتيها من بين شفتيه ببطء وابتعد عنها قليلاً حتى يتسنى له رؤيتها وهو يلهث بقوه ، زاغت عيونها وارتبكت نظراتها ولم تدرى ما الذى يجب عليها فعله فهو شعور لم تختبره فى حياتها من قبل ، كانت هناك لمحه من فريد القديم تطل من داخل عينيه هى التى كبلتها ومنعتها من التحرك ، اغمضت عينيها لبرهه وعضت على شفتيها فى محاوله منها لإيجاد مقاومتها المسلوبه ، ثم دفعته بكفيها المرتعشتين وركضت نحو الخارج ، ركضت دون توقف حتى وصلت غرفتها وأغلقت الباب خلفها واستندت بجسدها عليه ، وضعت كفها فوق قلبها لتهدء تلك الخفقات المتسارعة التى اصابته ، كيف حدث هذا ، عنفها عقلها بقوه ، كيف سمحت له ، وجدت يدها ترتفع تلقائياً نحو شفتيها تتلمسها بحذر ، اغمضت عينيها تتذكر تلك القبله ومدى روعتها لقد كانت ناعمه ومتطلبه بشكل يخطف الانفاس ، هذا ما برره قلبها ، هزت رأسها بقوه لنفض تلك الافكار من داخل راسها ، وتحركت لتبدل ملابسها وتستلقى فوق الفراش محدقه فى سقف الغرفه ، ظل عقلها وقلبها فى صراع طيله الليل ، بداخلها تمنت لو عادت تجربه ذلك الشعور المثالى مره اخرى وعقلها أعاد ارتباك قلبها بسبب وسامته وقوته فهو فى النهايه يعتبر مكتمل الرجوله حتى لو رفض هو الاعتراف بذلك علنياً .


***********


قضت حياة اليوم التالى بأكمله وهى تتهرب منه ، حاولت بقدر الامكان عدم رؤيته او الاحتكاك به وعندما كانت تشاركهم وجبات الطعام وهذا فقط من اجل الجده سعاد ، كانت تهرب بنظراتها منه قدر المستطاع ، الامر الذى استمتع به فريد كثيراً ، كان يتطلع إلى ارتباكها وهروب نظراتها بعيداً عن عينيه بسعادة ، كم اراد قربها واختبار ذلك الشعور مره اخرى . 


اما عن حياة فأنتهزت فرصه وجود الجده سعاد داخل المنزل واستولت على المطبخ ، فى الحقيقه بعد معرفتها بمحاوله زوجه والده لتسميمه إلى جانب اصابتها هى شخصياً تمنت  لو تتولى هى مهمه إعداد الطعام لضمان سلامته ولكن الجده سعاد طمأنتها انها تستطيع الثقه فى عفاف كثقتها بها شخصياً فوافقت حياة مجبره وبداخلها تنتوى تولى تلك المهمه كلما سنحت لها الفرصه  . 


**************


فى تلك الليله عاد فريد من مكتبه باكراً فوجدها تحتل المطبخ بجانب جدته وأصوات مرحهم تملئ المنزل ، تناول عشاءه وتوجه مباشرةً نحو مكتبه فيبدو ان لديه الكثير من العمل المتراكم ، هذا ما فسرت به حباة انسحابه عندما سألتها الجده عن سبب غيابه . 


بعد حوالى الساعتين خرج فريد من غرفه مكتبه وهو يتمطى بأرهاق متسلقاً اولى درجات الدرج ومنه إلى غرفته لتبديل ملابسه والدخول لغرفه الرياضه عندما سمع صوت ضحكاتها تدوى بسعاده آتيه من داخل المطبخ ، أستدر بجسده وعاد ادراجه متوجهاً نحو المطبخ لرؤيتها فهو على استعداد لدفع الكثير ليسمع او يرى تلك الضحكات موجهه إليه ، وصل إلى المطبخ واستند بجسده على حافه مدخله  يتأملها وهى جالسه فوق الطاوله تضع علبه من الشيكولاته بين فخذيها وتتتناول منها بسعاده ، لمحته جدته اولاً فتنحنح ثم سألها  بجديه ملعناً عن وجوده :

 -انتو بتعملوا ايه كل ده ؟!.. 


ارتبكت حياة من سماع صوته الرخيم ولكنها قررت تجاهل وجوده والتصرف كأنها لا تراه ، اجابته جدته بسعاده قائله :

-حياة صممت نعمل كيكه شيكولاته قبل ما ننام .. حظك حلو جيت فى وقتك عشان تاكل منها .. 


نست حياة ارتباكها وقرارها واندفعت تجيب الجده سعاد  قائله :

-فريد مش بياكل الاكل بتاعنا ده يا تيتا ريحى نفسك .. 


حك فروه رأسه بمرح ثم حركها موافقاً على حديثها وهو يعتدل فى وقفته ثم بدء يتقدم منها ببطء ، لاحظت السيده سعاد ارتباك نظراتهم فأثرت الانسحاب بهدوء بحجه البحث عن هاتفها المحمول 

اقترب فريد من الطاوله الجالسه عليها واستند بكفيه ماداً  ذراعيه بجوارها كأنها يحاصرها ثم انحنى بجسده نحوها فأصبح فى نفس مستواها وعلى بعد خطوه واحده منها ، سألها بصوت أجش مستفسراً:

-كنتى بتقولى ايه ؟!.. 

شعرت حياة فجأه بارتفاع درجه حراره المطبخ من حولها وأرجعت ذلك للفرن المشتعل ، فكرت بالقفز من فوق الطاوله والهرب ولكن ذراعيه الممدوان على جانبيها سيعيقان تحركها لذلك اجابته بتعلثم قائله : 

-انت .. دادا عفاف .. يعنى انت .. 

قال فريد ليحثها على التحدث وهو يقترب اكثر من وجهها هامساً :

-اها انا .. 

ابتلعت لعابها بقوه ثم استطردت قائله بصوت خفيض:

-قصدى يعنى ان دادا عفاف قالتلى انك مش بتاكل اى حاجه من دى ..

 اجابها فريد بصوت أجش قائلاً بمرح :

-انا فعلا مش باكل غير الاكل الصحى بس الشيكولاته دى مغريه بشكل يخلينى مقدرش ارفضها .. 


انهى جملته وامال رأسه نحو الملعقه المملوءة بمعجون الشيكولاته والتى كانت حياة ترفعها نحو فمها وتوقفت عن إكمال فعلتها منذ حاصر جسدها بذراعيه ليلعق بعض من الشيكولا منها ، تسمرت بذهول وفتحت فمها فى ببلاهه وهى تنظر إليه حركته بأندهاش ، ابتسم لها ابتسامه مستمتعه وهو يرى حاله الذهول التى انتابتها فأضاف هامساً وهو يقترب منها :

-بس الشيكولاته اللى هنا احلى بكتييير ..


انهى جملته واقترب بشفتيه يلعق ببطء شفتها السفلى والشيكولاته العالقه فوقها ، ارتبكت حياة وافلتت الملعقه المليئه بمعجون الشيكولا فوق فتحه عنقها وملابسها ، ابتعد عنها على ببطء ثم قال مازحاً بأيحاء وهو ينظر إلى عنقها :

- المره الجايه خلى بالك عشان انا ممكن الحس الشيكولاته من اى حته ..


انهى جملته ثم انصرف بعد ان غمز لها بعينه ، تاركها متسعه العينين تنظر بذهول وبلاهه من فعلته الجريئة  . 


************ 


خلال الايام التاليه كل ما كان يشغل تفكير فريد هو مساعده الشرطه للوصول إلى تلك المدعوه سيرين التى بدت بالنسبه لهم كالأشباح ، ففعلياً بعد التحرى الدقيق من جهته شخصيا وجد ان هذا الاسم برقم الهاتف يعود إلى سيده متوفيه ولكنه اقسم بأنه سيصل إليها مهما كلفه الامر ، اما عن نجوى فكانت تشتعل غيظاً من فشل مخططها حتى انها لم تستطع اصابه حياة بأى اذى ولو بسيط إلى جانب أيشاء ذلك الوغد المسمى سيد بها ، بالطبع استطاعت معرفه ذلك من خلال بعض الرشاوى التى قامت بتقديمها لبعض الرجال من داخل الحبس وحمدت ربها كثيراً انها استطاعت التخفى جيداً فلازال فى جبعتها الكثير من الامور لفعلها والتخلص من حياة . 


*************


عادت نيرمين من الخارج ليلاً فوجدت والدتها لازالت تجلس فى غرفه المعيشه بجمود ، اقتربت منها تطبع قبله فوق وجنتها وتحتضن رقبتها بقوه وهى تتمتم بمرح :

-ايه يا جيجى القمر لسه زعلان ؟!.. 

اجابتها جيهان بحنق :

-سبينى يا نيرو انتى مش حاسه بحاجه ..


صمتت قليلاً ثم اضافت بغل وعينيها تطلق شرراً قائله :

-اه يا نارى .. انا ابن الخدامه ده يجى ويعمل كده فيا وفى بيتى كمان !! لا والانيل ان ابوكى ولا عرف ينطق قصاده ..


عادت تستند بجسدها إلى ظهر الكتبه الوثيره وتضع ساق فوق الاخرى قائله بتوعد :

-بس هيروح منى فين .. مبقاش جيهان السكرى لو مدفعتهوش التمن غالى هو وحته الخدامه اللى متجوزها دى .. اه بس لو اعررف مين اللى عمل فيها كده كنت ارتحت .. 

اجابتها ابنتها قائله بتفكير :

-يا مامى مش مهم مين اللى عمل كده .. المهم نشوف هنخلص منهم ازاى سوا .. 


اتسعت عينى جيهان بمكر وهى تتمتم بنبره منخفضة :

-لازم حد يساعدنا ويكون قريب منها عشان نخلص منها مره واحده .. 

سألتها نيرمين بترقب وحماس :

-قصدك مين يا مامى ؟!!.. 

اجابتها جيهان وهى تحرك رأسها بتصميم :

-هتعرفى بس بعدين .. والمهم نخطط بهدوء وروووواقه عشان الضربه تيجى صح . 


**********


رحلت الجده سعاد عائده إلى منزلها مره اخرى بعدما وعدت حياة التى حزنت كثيراً لذهابها بزيارتهم فى القريب ، وفى المساء وبينما كان فريد جالساً فى مكتبه كعادته كل ليله اندفعت حياة بعصبيه داخل المكتب دون استئذان وأغلقت الباب خلفها ووقفت امامه تسأله بغضب وقد عقدت ذراعيها فوق صدرها فى وضع استعداد سائله بحده :

-انت رحت عند بابا وماما !!!!... 

تحرك فريد من مقعده حتى وقف امامها ثم زم شفتيه معاً للأمام وهى يحرك كتفيه بعد اهتمام قائلاً ببرود :

-اها .. 


زفرت بغضب من رد فعله الامبالى ثم سألته بعصبيه :

-ومين قالك تعمل كده ؟!.. 

أغضبه عصبيها ورد فعلها وهو قد فعل ذلك من اجلها فاجابها بنبره حاده جعلتها تتراجع قليلاً :

-حيااااااة !!! وانا من امتى بستنى حد يقولى اعمل ايه .. 

ابتلعت ريقها وقالت بنبره مرتبكه :

-انت عارف قصدى كوووويس .. انا مكنتش عايزه كده !!..

اجابها فريد بأستفزاز :

-وانا مكنتش هخليه يعدى باللى عمله ده واحمدى ربنا عشان انا اعتبر معلمتش فيه حاجه .. 

اجابته بنبره حاده يائسه :

-فريد مينفعش برضه ده ف الاخر بابا !!! ..

هدر بها محذراً بنبره ارعبتها  :

-حياة مش عايز كلام فى الموضوع ده كتير .. 

تمتمت  بحنق وهى تنظر نحوه قائله :

-وانا مش تحت امرك على فكره عشان تسكتنى وقت ما تحب .. 

هدر بها بعصبيه وهو يضغط على شفتيه بقوه :

-حيااااااااااة !!!! .. 


تراجعت عن الحديث ثم اخذت تتمتم بحنق قائله بصوت خفيض 

-مغرور ومستبد وانسان مستفز على فكره.. 

نظر لها مطولاً ثم اجابها ببرود لآثاره حنقها :

-حظك وهو ده اللى عندى .. 

تحرك بجسده نحو الباب بعد انتهاء جملته ثم قال بنفاذ صبر وجمود : 

-يلا اتفضلى على اوضتك .. 


 رفعت رأسها بكبرياء ثم اجابته بنبره حاولت اخراجها قدر الامكان ثابته :

-مش هطلع انا هاخد روايه اقعد اقراها هنا .. 

تبدل مزاجه على الفور ورفع حاجبه ينظر إليها محاولاً كتم ضحكته من تمردها الطفولى ثم اجابها بنبره جامده :

-براحتك .. بس اعملى حسابك متناميش هنا عشان مش ناوى اشيلك اتفقنا !!.. 


ضربت قدمها بالأرض من شده الغيظ ثم اجابته بحنق قائله :

-محدش قالك تشيلنى على فكره .. وبعدين انا افضل يحضنى قطر عنك .. 


رفع احدى حاجبيه بأستنكار ثم استدار بجسده يتقدم منها حتى توقف امامها وانحنى بجزعه نحوها فأصبح وجهها على بعد حركه واحده منه ، ثبت نظره فوق فمها ثم مال برأسه جانباً وهو يحرك شفتيه بالقرب من شفتيها حتى كادت تلامسهما، انفرجت شفتيها فى حركه تلقائيه منها واسبلت عينيها وهى تراه بذلك القرب منها ، تحولت النظره فى عينيه إلى ابتسامه عابثه ثم قال لها بنبره هامسه مثيره :

-متخافيش ومتتحمسيش مش هشيلك حتى لو طلبتى .. 


عادت إلى وعيها فور سماعها لجملته ورفعت نظرها تنظر إليه بصدمه ممزوجه بغضب اما عنه هو فابتعد عنها وعلى شفتيه ابتسامه عريضه من الرضا ، مسحت حياة شعرها وجهها بكفيها ونفضت راسها يميناً ويساراً ثم اتجهت نحو احد الرفوف تلتقط منه احد المجلدات بعصبيه وهى تتوعد له .


***************


امتلئت السماء بالغيوم وبدء الرعد يدوى فى الخارج  ، خرج فريد بعد الانتهاء من تمارينه الرياضيه وهو يتسائل بقلق هل لازالت تخشى صوت الرعد  ام انه مجرد رعب طفولى قديم انتهى مع مرور الوقت ، اتجه نحو غرفه مكتبه وهو على يقين انها ستعانده وقد كان ، كان ضوء الغرفه الخافت يتسلل من عُقب الباب فعلم انها لازالت بالداخل ، دلف الغرفه فوجدها غافيه فوق الاريكه وجسدها مقابل لها و ذلك الكتاب الذى كانت تقرأه ملقى فوق عنقها ومقدمه صدرها بعشوائية ، يبدو انها سيحسد تلك الكتب كثيراً بعد ،  هذا مافكر به بسخريه وهو ينحنى بجزعه نحوها ويضع ذراعيه أسفل ركبتيها ليرفعها بخفه إلى داخل احضانه ، تململت هى فى نومتها واستدارت تواجهه وتشبك ذراعيها حول عنقه بقوه لتتمسك به ثم تمتمت بنبره ناعسه وهى تحك انفها داخل تجويف عنقه :

-انا لسه متعصبه منك .. 


رفع حاجبه بأندهاش من جملتها ثم احنى رأسه قليلاً ليرى وجهها فوجدها لازالت مغمضه العينين ، اجابها بأستمتاع قائلاً :

-عارف .. 

استطردت حديثها قائله بنبره طفوليه معاتبه :

-انت اتعصبت عليا على فكره .. 


ابتسم داخلياً وقد تذكر طفولتهم عندما كانت تقوم بشئ ما خاطئ ويعنفها من اجله كانت تتركه وتركض بعيداً عنه ثم بعد قليل تعود لتجلس بجواره وتشتكى له من معاملته الحاده معها  ، اذا طفلته قد عادت لتصرفاتها القديمه ، رفع ذراعيه ليضمها اكثر نحو صدره ثم زفر بأستسلام قائلاً بيأس :

-حياة .. عنادك ده هيجننى فى يوم .. 


اجابته بنبره طفوليه مجادله :

-انا مش عناديه انت اللى مش بتسمع غير لنفسك وبتحب تعمل اللى فى دماغك وبس .. 


توقف عن السير ورفع كلتا حاجبيه معناً بأستنكار وقد تشنجت ملامحه بحنق ثم حدثها آمراً مغيراً مجرى الحديث :

-افتحى الباب .. 

فى بدء الامر لم تستوعب طلبه لذلك فتحت عينيها لتنظر  حولها فتفاجئت به قد وصل إلى غرفتها دون ان تشعر بذلك ، مدت كفها تدير مقبض الباب ثم قام هو بدفعه بقدمه قبل  توجهه بها نحو الفراش ليضعها على حافته  ثم انحنى مستنداً بركبه واحده فوق الارضيه يحل بصمت رباط حذائها ويخلعه، تنهدت هى بحزن حقيقى ثم أردفت قائله بأحباط :

-مكنتش عايزاه يكرهنى اكتر .. 


توقفت يده عن العمل ثم رفع رأسه ينظر إليها بصدمه فقد فاجئه شعورها واحزنه إحباطها ، تنهد بضيق ثم مد أصابعه يتلمس جبينها بحنو ويزيح بعض الخصلات من فوقه ثم اجابها بصوت رخيم هادئ :

-لو كرهك صدقينى دى مشكلته هو وهو الخسران .. 


هزت رأسها ببطء موافقه كأنها كانت تنتظر سماع تلك الكلمات لتطمئنها ، فى ذلك الوقت دوى صوت الرعد مره اخرى فأجفل جسدها وتمسكت يدها بياقه قميصه ، تمتم لها هامساً ليطمئنها :

-هششش متخافيش انا هنا ..


عضت على شفتيها وإجابته كاذبه متظاهره بالشجاعه :

-مش خايفه  انا بس اتخضيت ..

التوى جانب فمه بأبتسامه جانبيه  فهو يعلم جيداً ومنذ الصغر مدى رعبها من صوت الرعد ولكنها تعاند امامه ، اجابها بسخريه ليستفزها قائلاً :

-طب سيبى التيشرت عشان اقوم .. 


اتسعت حدقتيها بصدمه وافلتت يدها مسرعه بأرتباك قائله :

-مكنتش مسكاها قصد على فكره !!.. 


فتح فمه ليجيبها ولكن أوقفه صوت الرعد الذى دوى مره اخرى بقوه اكبر من المره السابقه فانتفضت من نومتها وهى تصرخ برعب وتتعلق بعنقه ، دوت ضحكته عالياً ثم قال لها هامساً باستسلام :

-تعالى .. 

انهى آمره  واستلقى فوق الفراش بجوارها يحيط خصرها بذراعه ويجرها نحوه ، رفعت نظرها تنظر إليه فقاطع نظرتها متوسلاً بأرهاق وبنبرة خفيضه للغايه :

-حياااة .. انا تعبت وعايز انام كفايه مجادله النهارده .. 


هزت رأسها طائعه بصمت ، ابتسم لها مطولاً ثم اقترب منها وطبع قبله حانيه فوق جبهتها ثم اخفض راسه ببطء وطبع واحده اخرى فوق ارنبه انفها واخيراً قبله خاطفه ناعمه فوق شفتيها ثم تمتم لها هامساً :

-تصبحى على خير وفى حضنى .. 

اجابته هامسه وهى مغمضه العينين قبل ان تذهب فى نوم عميق داخل احضانه

-وانت من اهله . 


فى الصباح استيقظت حياة فوجدت الفراش بجوارها بارد ، تحركت إلى الاسفل بعدما اغتسلت وارتدت ملابسها تسأل عفاف بأهتمام :

-دادا هو فريد فين ؟!.. 

اجابتها عفاف بأنشغال :

-فريد بيه اتحرك من الصبح وقالى لو حضرتك سالتى عنه اقولك انه خرج .. 


هزت رأسها موافقه فاستطردت عفاف متسائله :

-تحبى احضرلك الفطار هنا ولا فى السفره .. 

اجابتها حياة باحباط قائله :

-اى حاجه يا دادا مش فارقه .. 


تناولت حياة فطورها وانقضى يومها دون اى فعل يذكر لذلك شعرت لاول مره بأفتقداها لوجوده داخل المنزل ، فى المساء عاد فريد إلى المنزل وتوجهه مباشرةً نحو غرفه مكتبه دون تبديل ثيابه طالباً منها تناول العشاء بمفردها فلديه الكثير من العمل المتراكم خصوصا مع اقتراب نهايه العام ، عادت حياة إدارجها مره اخرى حيث المطبخ لتناول وجبتها بمفردها ، حينها رن جرس الهاتف الداخلى للفيلا الموجود داخل المطبخ أجابت عفاف على الحارس الأمنى ثم أردفت  بحماس قائله :

-ايوه طبعا دخلها انت لسه هتسأل !!.. 


سألتها حياة بفضول قائله :

-فى حاجه يا داد ؟!.. 

اجابتها عفاف وهى تتجه نحو الاستقبال :

-دى الانسه جميله بنت عم فريد بيه وصلت دلوقتى من إنجلترا ..


اكملت عفاف حديثها وهى على عتبه المطبخ قائله باستعجال :

-هروح ادى خبر لفريد بيه واستقبلها .. 


اومأت حياة رأسها لها موافقه وتحركت فى اثرها تمسح يدها وفمها وتستعد هى الاخرى لاستقبالها ، كانت فى طريقها للخارج عندما سمعت صوت صراخ انثوى ناعم ينطق اسم فريد بدلال ، تقدمت مسرعه فوجدت فريد يحتضنها بدفء ويربت على ظهرها بحنان وعلى شفتيه شبح ابتسامه هادئه ، تفاجئت حياة من رد  فعله  فهى لم تراه يتعامل بود مع اى حد من قبل سواها بالطبع ولم تدرى لم اثار ذلك حنقها 


 تحركت نحوهم حتى توقفت بجواره ، استدار فريد  بعدما افلت جسده من ذراع جميله ناظراً  إليها ثم قال بنبره عاديه :

-حياة .. دى جميله بنت عمى .. جميله دى حياة مراتى .. 

صرخت جميله بأندهاش قائله :

-لا مش معقووول .. واتجوزت كمان !! ومن غيرى ومن غير ما حتى تقولى مع انى دايما بكلمك !.. 


ابتسمت حياة لها ابتسامه باهته ثم تمتمت بنبره خفيضه لم يلتقطها احد :

-شوفى ازاى !!.. 

سألتها جميله مستفسره :

-معلش مسمعتش ؟!.. 

اجابتها حياة مصححه بحنق :

-بقول مينفعش نفضل واقفين هنا اكيد راجعه من سفر تعبانه وعايزه ترتاحى .. 


بأدلتها جميله ابتسامتها المصطنعة بابتسامه واسعه مشرقه ثم قفزت تتمسك بذراع فريد الموضوع داخل جيوبه تدفعه وتحثه على السير معها قائله بسعاده :

-لا ارتاح ايه .. انا عايزه اعرف كل حاجه بالتفصيل .. 

حرر فريد ذراعه من قبضتها ثم قال بنبره جافه :

-لا انتى فاضيه وهتاكلى دماغى وانا مش ناقص وجع دماغ .. انا داخل اكمل شغلى ومش عايز ازعاج .. 


انهى جملته محذراً قبل ان يختفى نحو الداخل ، اما عن حياة فتفاجئت من جميله التى قفزت تحتضنها بسعاده وحدثتها بنبره مختنقه من شده الحماسه :

-حياااة انا فرحانه اوى ان اخيراً فريد لقى واحده تخليه يستقر .. تعالى احكيلى كل التفاصيييل ومتسبيش تفصيله واحده ..  


استدارت حياة براسها تنظر نحوها متشككه ولكن روح جميله المرحه جعلتها تستسلم وترضخ لطلبها . 


*************


كانت جميله فتاه اسماً على مسمى تبلغ من الأعوام ٢٣ عاماً كانت تعيش مع والديها فى إنجلترا قبل وقوع حادث سيراليم منذ خمس سنوات راح ضحيته والديها معاً ، ومنذ ذلك الوقت وتولى غريب مسئوليتها ، كانت الاقرب لفريد فى العائله أوبالآدق الأكثر حباً له لذلك كان يعاملها كأنها اخته الصغيره بصرف النظر عن حماسها الزائد وثرثرتها طوال الوقت .


قصت حياة على مسامع جميله تفاصيل زواجهم دون التطرق لمرحله الاجبار ، تنهدت جميله بحراره ونظره حالمه وهى تتعجب كم ان روايه حياة رومانسيه فما احلى من حب الطفوله ؟. 


بعد منتصف الليل اصرت حياة على جميله التى قاومت بشده تناول الطعام ولكنها رضخت فى اخر الامر لرغبه حياة ، بعد قليل بدءت تشعر بتوعك فطلبت من حياة على عجاله الذهاب إلى غرفتها ، تحركت حياة معها إلى احدى الغرف المخصصه للضيوف وكانت على وشك الخروج عندما شعرت بحركه عنيفه خلفها ، استدارت لترى جميله تركض باتجاه المرحاض وهى واضعه يدها فوق فمها ، دلفت واغلقت الباب خلفها غافله عن حياة التى عادت تنتظر امام الباب بقلق ، خرجت جميله بعد قليل تمسح فمها بباطن كفها واليد الاخرى موضوعه فوق معدتها وتتحرك بوهن ، سألتها حياة بقلق :

-جميله انتى كويسه ؟!.. 


حاولت جميله التحامل على نفسها وإخراج نبرتها طبيعيه قدر الامكان فأجابت حياة وهى تبتسم لها بأرهاق وجهه شاحب :

-اه انا الحمدلله كويسه متقلقيش ..

اجابتها حياة معترضه :

-مقلتش ازاى وانتى وشك اصفر كده ؟!.. 


اجابتها جميله محاوله التظاهر بالقوه قدر الامكان وقد شعرت بالغثيان يعود إليها مره اخرى وبشكل اقوى :

-انا كويسه صدقينى .. تلاقينى بس اخدت ب..... 

لم تنهى جملتها فقد شعرت انها سوف تتقيأ مره اخرى وفوق الارضيه لذلك ركضت إلى المرحاض ثانيةً ، ركضت خلفها حياة ومنعتها من إغلاق الباب خلفها وظلت تنظر إليها برعب وتفكيرها يأخذها إلى منحيات اخرى ، هزت رأسها رافضه ، فعفاف هى من قامت بتحضير الطعام ، ولكن ما حدث معها اضافه إلى ما عرفته من الجده سعاد عن محاوله تسميم فريد جعلها مرتابه نحو الجميع ، ولكنها تناولت من نفس الطعام دون حدوث مشكله حتى الان ، هذا ما فكرت به وهى تحاول التوصل لقرار ، اخرجها من شرودها نوبه قئ اقوى اصابه جميله فتحدثت حياة برعب حقيقى قائله :

-انا هبلغ فريد يجيب دكتور ... 


صرخت جميله بحده معترضه :

-لا دكتور لا انا كويسه .. 

عارضتها حياة قائله بتوتر :

-كويسه ازاى !! ده انتى شويه وهيغمى عليكى !! خلي الدكتور يجى ويطمنا .. 


انهت جملتها واستدارت بجسدها متوجهه نحو الخارج ، ركضت جميله خلفها بقوه لتمسك بها مما جعلها تترنح من حركتها المفاجئه ، تمسكت بطرف رداء حياة وهى على وشك السقوط ، ارتاعت حياة من مظهرها الشاحب فاستدارت  تدعم جسدها بذراعيها وتتحرك بها نحو الفراش لتجلسها فوقه وهى تمسح فوق شعرها بحنان وتقول مطمئنه بنبره دافئه :

-متخافيش انا هنزل ثوانى اخلى فريد يكلم الدكتور وارجعلك .. 

تمسكت جميله بكف حياة بقوه تمنعها من الحركه وقد بدءت دموعها فى التساقط فوق وجنتيها وهى تتمتم بتوسل :

-لا الله يخليكى فريد دلوقتى لا .. بلاش دكتور ..

اجابتها حياة بعدم فهم :

-طب اهدى بس .. انتى بتخافى من الدكاتره طيب ولا ايه ؟!.. 


اجابتها جميله ونحيبها فى تزايد قائله بنبره هامسه :

-انا حامل .. 


شهقت حياة ورفعت كفها لتغطى به فمها وهى تتحرك للخلف ، استطردت جميله قائله برعب :

-لو فريد عرف هيقتله .. 


هزت حياة رأسها يميناً ويساراً بعدم استيعاب فالخبر وقع فوقها كالصاعقة ولا تدرى ما الذى يجب عليها فعله ، تحركت ترتمى بجسدها فوق اقرب كرسى وهى تحاول ايجاد صوتها لتسألها بهمس :

-من امتى ومين ابوه ؟!..


هزت جميله راسها نافيه ورافعه كفها المرتعش تمسح دموعها ثم اجابتها بصوت خفيض قائله :

-انتى فهمتى غلط .. انا متجوزه وجواز شرعى .. 


رفعت حياة رأسها لتنظر إليها بدهشه ثم سألتها بعدم فهم :

-متجوزه !! بس دادا عفاف قالت انك آنسه !! انا مش فاهمه حاجه !!.. 


اجابتها جميله وهى تبتلع لعابها بصعوبه قائله بتوسل :

-انا هحكيلك كل حاجه .. انا اصلا جيت عشان احل المشكله بس انا خايفه من فريد ومن رد فعله .. بس هقولك وأوعدينى تساعدينى .. 


اجابتها حياة بتوجس :

-مش هقدر أوعدك غير لما افهم الاول ..


حركت جميله رأسها موافقه  برجاء ثم قالت بهدوء :

-انا كنت عايشه مع مامى وبابى فى إنجلترا من وانا صغيره وبابى كان استاذ فى الجامعه هناك .. ومن ٥ سنين بابا وماما كانوا راجعين من بره حصلهم حادث سير واتوفوا فى لحظتها وسابونى لوحدى .. انا رفضت طلب اونكل غريب انى ارجع غير لما اكمل دراستى هناك ع الاقل وهو وافق وفجأة ظهر فى حياتى هشام .. قدملى نفسه على انه طالب ماستر عند بابا الله يرحمه وبابا ساعده كتير وكان بيحبه وبيحترمه جدا وعشان كده حاول يردله جزء من جميله ده بأنه يساعدنى لو احتجت حاجه وانا لوحدى هناك .. وفعلا مسابنيش لحظه وعوضنى عن حنان بابا وماما الله يرحمهم .. حبيته جداً وبقى كل حياتى وهو كمان حبنى .. وطلب انه يتقدملى وفعلاً من ٣ سنين نزل إجازته الصيفيه وراح اتقدم لاونكل غريب .. طبعا عشان كانت عيلته بسيطه جدا وبباه فلاح على قده اونكل رفضه واتهمه انه طمعان فى فلوسى وفريد كمان رفض يقابله او يتكلم معاه .. 


صمتت قلبلاً لتأخذ نفساً عميق ثم استطردت حديثها بعيون لامعه من كثره الحب :

-بس ده مخلهوش يسبنى او يتخلى عنى .. بالعكس كان كل سنه بينزل مصر ويطلبنى من اونكل غريب على امل انه يوافق بس برضه كان بيرفضه ، مع انه مجتهد جداً وخلص الدكتوراه واتعين فى الجامعه هناك وحياته استقرت .. بس هما كانوا مصممين انه فقير ومش مناسب لعيلتنا .. وفى يوم اتعرضت لمضايقه من واحد مصرى زميلى عايش هناك ولما هشام عرف صمم اننا نتجوز حتى لو من غير موافقتهم .. وفعلا سألت وعرفت انى ممكن اتجوز رسمى بمحامى او قاضى واتجوزنا من ٤ شهور وانا دلوقتى حامل .. 


انتظرت اى رد فعل من حياة ولكن الاخيره لم تعقب لذلك أردفت جميله حديثها قائله :

-انا عشت معاه اجمل ايام حياتى .. هشام هو كل حاجه فى حياتى ودنيتى كلها .. لما عرف انى حامل صمم اننا نزل مصر ونواجهه عمى تانى بس انا خفت عليه وطلبت منه انى انزل وامهد الموضوع الاول وعشان كده جيت لفريد عشان افاتحه فى الموضوع بطريقه مناسبه ..


شعرت حياة على الفور بالتعاطف تجاههم لذلك تحركت بعيون لامعه من اثر الدموع وجلست بجوارها على الفراش واحتضنها بحب ثم قالت متأثره :

-أوعدك انى هعمل كل اللى اقدر عليه .. بس انا عارفه فريد عصبى وانتوا غلطتوا لما اتجوزتوا من وراهم وهو مش بيسامح فى الغلط انتى عارفاه ..


تحركت جميله من بين ذراعيها ورفعت رأسها تنظر إليها برجاء وهى تحتضن كفها قائله بلهفه :

-عارفه انى غلطت بس دى حياتى وحبى وانا مكنش عندى استعداد اتخلى عن حب حياتى عشان اوهام فى دماغ عمى وفريد وبس .. الله يخليكى ساعدينى واكيد فريد هيسمعلك ..


اومأت حباة لها موافقه بأستسلام ثم أردفت قائله لتطمئنها :

-خلاص ربنا يسهل انا هكلمه بس فى الوقت المناسب .. 

نامى انتى وارتاحى دلوقتى وبكره ان شاء الله نشوف حل ..


انهت حديثها وتحركت نحو الباب تدير قبضته ثم استدارت بجسدها قائله لجميله بتحذير :

-خلى بالك يا جميله اوعى تكلميه وفريد فى البيت وانا مش هقوله انك حامل غيربعد ما نحل المشكله ويقبله..


لم تنهى اخر حرف من جملتها عندما شعرت بالباب يندفع خلف جسدها بحده، دلف فريد للغرفه بعيون تطلق شرراً ثم سألها بنبره خفيضه ضاغطاً على شفتيه وحروف كلماته :

-فريد مين اللى عايزه تخبى عليه انها حامل !!!!!!!...


شهقت حياة برعب وتراجعت للخلف وهى تراه يتقدم منها ويقبض على ذراعها بقوه جعلتها تنتفض هادراً بها بعصبيه :

-انطقى يا حياااة !!!!!!..


********* 

نهايه البارت ♥️♥️..

متنسوش الفوت ودمتم ذواقيين 😘🙈🙈متى تخضعين لقلبى

الفصل الرابع عشر ..


كان فريد فى طريقه إلى غرفته عندما توقف متراجعاً عده خطوات للخلف ومقرراً الذهاب والاطمئنان على جميله اولاً قبل الذهاب للنوم ، وعندها تفاجئ وهو واضعاً قبضته فوق الباب بصوت حياة تحذرها من معرفته بحملها ، لم يحتاج الامر لكثير من التفكير منه لربط الخيوط معاً ومعرفه هويه الفاعل .


انتفض جسد حياة تحت قبضته من اثر نبرته ونظراته الشرسه ، ابتلعت لعابها بصعوبه بالغه كأن هناك حجره تقبع بمدخل حلقها تمنعها من ازدراده ، أعاد سؤاله مره اخرى ولكن هذه المره بنبره منخفضة كالفحيح جعلت جسدها يرتجف ممن هو قادم ، حاولت ايجاد صوتها لتجيبه ولكن يبدو انه قد هرب منها مع الدم الذى بداخل عروقها ، هز رأسه بشراسه متوعداً وهو ينفض ذراعها من تحت قبضته بقوه ثم توجهه نحو جميله التى كانت جالسه على حافه الفراش تنتفض هى الاخرى من مظهره قائلاً بقسوه وتصميم :

-انتى فاكره انها هتعرف تدافع عنك او تخلصى من تحت ايدى !!! ..


انهى جملته واقبض بكفه على ذراعه يرفعها من فوق الفراش غير عابئاً بشهقاتها ولا توسلاتها مستطرداً حديثه بحده :

-انطقى مين ال**** اللى ضحك عليكى ..


صرخت جميله من شده ضغطه فوق مرفقها وتمتمت من بين شهقاتها وهى تحرك رأسها رافضه :

-الموضوع مش زى مانت فاهم .. بليز اسمعنى بالراحه ..


هدر بها بعصبيه جعلت كلاً من حياة وجميله ينتفضا متسائلاً :

-اخلصصصى .. قولى من اللى عمل معاكى كده !! اكيد حته العيل اللى متعلقه بيه صح !! ..


لم تجيبه وبدلاً عن ذلك ازداد علو شهقاتها ..

دفعها فريد بقوه فوق الفراش ثم قال وهو يتحرك نحو الخارج بتوعد وعيونه تطلق شرراً من شده الغضب  :

-انا هعرف ازاى أربيه عشان يعرف يضحك عليكى  ..


صرخت جميله برعب وهى تحاول الاستناد على مرفقيها ليساعداها فى النهوض اما عن حياة فقد اعاد تهديده قوتها لذلك تحركت مسرعه  لتركض خلفه وهى تهتف بأسمه بزعر ، لم يهتم بها ولم يعيرها اى انتباهاً بل دخل غرفته صافقاً الباب خلفه بقوه فى وجهها 

فتحت حياة باب الغرفه خلفه لتدخلها وقد قررت انها لن تتخلى عنهم مهما كلفها الامر ، شهقت بصدمه وهى تضع يدها فوق كفها بمجرد رؤيتها للغرفه بألوانها الزرقاء الزاهيه ، فغرفته هى تلك الغرفه التى سكنت احلامها ايام مرضها او كذلك تهيأ لها ، تمتمت هامسه بصدمه بأقرار اكثر منه سؤال :

-هى دى الاوضه .. انا كنت هنا !! انا مكنتش بحلم بولا حاجه من دى .. فريد انت كنت هنا من الاول ..


استدار بجسده ينظر إليها بجمود وهو يخلع سترته قائلاً بتهكم يشوبه الكثير من الغضب :

-لما قولتيلى خليك هنا انا بردانه ..

لوى فمه بأستهزاء ثم أردف قائلاً :

-لا مش انا ..


حسناً انها يسخر منها ، نفضت رأسها بقوه فتلك ليست قضيتها الرئيسيه وستتعامل معها بعد حين ولكن الان لتعود إلى تلك المصيبه التى حلت فوق رؤوسهم بسبب اندفاعها وعدم حرصها اثناء الحديث ، ابتلعت ريقها بصعوبه ثم اضافت بقوه حقيقه:

-فريد الموضوع مش زى مانت فاهم ..

رمقها بنظره ناريه وهو يحرك يده ليحل آزار قميصه ثم قال بجمود :

-مطلبتش رايك ولا توضيحك .. واطلعى عشان هغير هدومى .. 


هزت رأسها بقوه رافضه ثم اجابته  قائله بنبره شبهه متوسله :

-فريد اسمعنى .. جميله متجوزه وجواز شرعى كمان يعنى معملتش حاجه غلط ..

توقفت يده عن العبث بأزرار قميصه ثم رفع احدى حاجبيه ينظر لها بأستنكار وهو يسألها بغضب :

-والمفروض اعمل ايه .. اروح اباركله !! ولا اقوله برافو انك اتجوزت البنت من ورا اهلها !!..


تشدق بجملته الاخيره بحنق واضح ثم انحنى يلتقط هاتفه من جيب سترته بعنف وعبث به قليلاً قبل وضعه فوق اذنه ثم تحدث دون تحيه قائلاً للطرف الاخر بجديه :

-اسمع .. فى واحد اسمه هشام عبد الجليل تقريباً .. عايز بكره تكون جايبه فى شوال قدامى .. هو عايش فى إنجلترا هبعتلك عنوانه ولو ملقتهوش يبقى اكيد نزل مصر تدور عليه وتجمعه .. فاهم !!! بكره زى دلوقتى بالكتير الاقيه مرمى قدامى .. 


اغلق هاتفه وألقاه بقوه فوق الفراش ثم قام بخلع قميصه وألقاه هوالاخر بعشوائيه فوق الارضيه الخشبيه 

ركضت حياة نحوه برعب بعد سماعها لمكالمته ثم رفعت كفيها تتلمس ذراعيه العاربين فى محاوله بائسه لتوقيفه وجعله يستمع إليها ، هتفت بأسمه متوسله بيأس :

-طب نتفاهم .. طب انت ليه معترض عليه من غير ما تسمعها ولا تسمعه .. فريد حرام عليك دى حامل وهما بيحبوا بعض ليه تفرقهم !!!..


نظر لها بنفاذ صبر قائلا بجمود :

-مش هقعد اتناقش معاكى .. وروحى على اوضتك عشان هقلع هدومى ومش هيهمنى انك واقفه ..


صرخت به وقد بدء اليأس يتملك منها بسبب تصرفاته الجامده معها :

-مش هتحرك من هنا وانت لازم تسمعنى وتفهمنى !! انت بتعمل كل ده عشان هو فقير !! طب مانا كمان فقيره ..

هتفت جملتها الاخيره بصوت متحشرج من أثر الدموع ، اجابها بنبره خاليه :

-متقارنيش نفسك بحد .. 


هتفت به مره اخرى شاعره بالحزن من جموده الذى لا يلين:

-لا انا زى اى حد !!! لو هو فقير فانا أفقر منه اتجوزتنى ليه !! ..

اجابها بنفاذ صبر قائلاً :

-ده واحد ضحك عليها وهى لوحدها واهو لما ملقاش فايده اتجوزها من ورانا ..


صرخت بِه بعصبيه لتجيبه قائله :

-وانت مين قالك انى مش زيه !! ما يمكن عملت عليك كل التمثيليه دى عشان تتمسك بيا اكتر وتتجوزنى !!..


رمقها بنظرات خاليه ثم أشاح  وجهه بعيداً عنها ، نظرت إليه بعيون لامعه وقد بدءت الدموع تتجمع داخل مقلتيها وتظهر بنبره صوتها المنكسرة ، اضافت حياة بحزن حقيقى يائسه:

-انت حكمت عليه بناءاً على وجهه نظر بباك وحتى معطتهوش فرصه تسمع فيها رأيه !! وفوق كل ده حرمت اتنين بيحبوا بعض بجد من انهم يتجوزوا قدامكم وفرحتهم تكمل !! مع انك المفروض اكتر واحد تحس باللى بيحب . ده لو فعلا بتحب بجد ... 


صمتت قليلاً لتسمح بأصابع مرتعشه بعض الدموع التى تساقطت فوق وجنتها عنوه ثم أردفت بتوسل قائله :

-اثبتلى بقى ان خوفى ده مش فى محله وان جوازك منى حب مش تملك وخلاص !.. 


انتظرت انكاره او صدور اى رد فعل منه يطمئنها ولكنه لم يجيب ، فقط تحرك فى مكانه بجسد متوتر وهو يحاول الهروب بنظراته من نظراتها ، هزت رأسها بأحباط وقد وصلتها اجابته قائله بألم :

-تمام انا كده فهمت .. 


مسحت اخر دمعه فوق وجنتها بعنف ثم تركته وتحركت بأكتاف متهدله من شعورها الثقيل بالخيبه والخذلان نحو باب غرفتهم المشترك لتختفى خلفه تاركه فريد شاعراً انه قد تمزق لشطران ولا يدرى لأيهما يستجيب


************


خلال اليوم التالى التزمت حياة بالمكوث داخل غرفتها ولم تخرج منها ابداً ولم تتناول اى شئ على الاطلاق حتى مع محاولات عفاف وتوسلاتها المتواصله التى لم تجدى نفعاً  ، لامت نفسها بقوه فهى من توقعت انها تستطيع إقناعه وهيأت لها نفسها انها ربما تكون فى مكانه اوضح لها فى البارحه انها لن تحتلها ابدا ، ولكن اكثر ما كان يؤلمها هو حال جميله وزوجها فقد شعرت بصدق حبهم تجاه احدهم الاخر والآن يبدو ان مصير زوجها ووالد طفلها الذى لم يولد بعد فى قبضه انسان قاسى القلب لا يعرف الرحمه ، اما عن جميله فلم يكن حالها بأحسن منها فقد كانت تنحب طوال اليوم على حب عمرها وتوأم روحها والذى بسبب عنادها وسوء تقديرها سيلقى حتفه دون ان تحظى حتى بفرصه وداع له .


فى صباح اليوم التالى كانت حياة تجلس داخل غرفتها بأحباط وحزن شديد فلم يغمض لها جفن طوال الليل وهى تفكر بقلق ما الذى اقدم فريد على فعله مساء البارحه مع هشام ، عندما طُرق باب غرفتها بخفوت، ظنت انها عفاف فأجابتها باصرارمن وراء الباب المغلق قائله :

-ريحى نفسك يا دادا مش هنزل ومش هفطر.. 


لم تتلقى اى رد على جملتها فظنت انها استسلمت لرغبتها  وعادت للأسفل ولكن لحظتها فُتح باب الغرفه وطل فريد من خلفه ، بمجرد رؤيتها له شاحت ببصرها بعيداً عنه ولم تلقه اى اهتمام ، تحدث على الفور وبأقتضاب بلهجته الجامده الآمرة :

-حياة قدامك عشر دقايق يا تنزلى تاكلى معايا تحت يا انا هخليهم ينقلوا الفطار هنا .. اختارى ..

رفع معصمه ينظر فى ساعه يده قبل ان يضيف بجمود :

-دلوقتى بقوا ٩ .. 


ظلت تنظر شرزاً فى اثره بعدما استدار عائداً بإدراجه للأسفل وبرغم انها علمت جيدا بأضطرارها للنزول حتى لا تشاركه الطعام فى تلك الغرفه المغلقة الا انها قررت التحرك بعد مرور العشر دقائق كامله فقط من اجل اثاره حنقه .


دلفت إلى غرفه الطعام وهى تتحاشى كلياً النظر فى اتجاهه ، وفقط من اجل عناده توجهت إلى الكرسى المجاور لمقعدها المعتاد لتجلس عليه ، جلست بجمود وهى تتجاهله تماماً ، وبرغم عدم رؤيتها لوجهه الا انها كانت تشعر بنظراته الثاقبه المسلطه عليها تخترق جسدها واعماقها معاً  ، نظر إليها مطولاً ثم تحرك من مقعده ببطء يزيح المقعد الفاصل بينهم بعيداً ثم توجهه نحوها يميل بجانبه الايسر على احد ارجل المقعد ثم قام بجر المقعد وهى جالسه فوقه ، شهقت من فعلته وادرات رأسها تنظر إليه شرزاً ولكنها سرعان ما تمالكت نفسها وعادت لجمودها ولامبالاتها مره اخرى ، عاد فريد يجلس فوق مقعده بأستمتاع وقد اصبح مقعدها ملتصق تماماً بمقعده اكثر من العاده حتى ان الجزء السفلى من ساقه كان مستندا  بكسل على ساقها ، حاولت بهدوء تحريك مقعدها بعيداً عنه مره اخرى ولكنه كان يحاصر بقدمه الجزء السفلى من رجل المقعد ليمنعها من التحرك بِه بعيداً 

لم يكن امامها حل سوى الابتعاد بجسدها ، ابتعدت حتى اصبحت تجلس على حافه المقعد ولكنه بحركه واحده اغلق المسافه بينهم مجدداً ، تحركت مره اخرى بسوء تقدير فمال جسدها وكانت على وشك السقوط ولكن يده القويه امتدت تحاصرها وتدعم جسدها ثم إعادتها مره اخرى لتلتصق به دون اى فواصل ، لو نظرت نحوه لرأت بوضوح نظره الاستمتاع التى تملاً عينيه وتلك الابتسامه العابثه التى تحتل ثغره ، مال بجزعه نحوها ثم حك انفه بوجنتها وجانب وجهها الأيمن ، أشاحت بوجهها إلى الجهه الاخرى محاوله تجنب لمساته قبل ان يوقفها صوته الهامس قائلاً بنبره شبهه متوسله :

-حيااااة .. 


دون وعى منها وجدت نفسها تدير رأسها لتنظر إليه بأنفاس مضطربه بسبب انفاسه الدافئة التى تلحف وجهها ، كان عقلها يأمرها وبقوه ان تشيح بنظرها بعيداً عنه ولكن كان هناك دفء غريب خارجاً من عسليتيه أسرها رغماً عنها ومنعها من الابتعاد عن تلك العينين التى استحالت إلى لون البندق من فرط مشاعره ، ظلا مده يحدقان ببعضهما البعض فى عتاب صامت من جهتها ونظره عاشق من جهته  قبل ان تشيح بوجهها بعيداً عنه مره اخرى ، رفع كلتا كفيه يحتضن وجهها بحب ويجبرها على النظر إليه مره اخرى ثم اقترب بشفتيه من شفتيها وقام بتوزيع قبلات ناعمه على طول شفتيها المنغلقتين قائلاً لها بصوت أجش من بين قبلاته :

-بحبك .. مش تملك .. ومش اجبار .. 

الصق انفه بأنفها وأغمض عينيه مستطرداً بهمس وهو يتنهد بحراره :

-والنفس ده اهم من حياتى كلها .. 


رغم انه لم يعد يحاصرها او يمنعها من الحركه الا انها شعرت نفسها مكبله بعدد لا نهائى من القيود الغير مرئيه ، قيود لن تجرؤ حتى على الاعتراف بها بينها وبين نفسها ، فتحت فمها لتعترض ولكنه انتهز الفرصه ولامس شفتيها بشفتيه لبدء تتقبيلها ، افاقت حياة من لمسته على صوت صراخ جميله التى كانت تركض نحوهم ، ابتعد فريد عنها على مضض تاركاً المجال لجميله التى من شده سعادتها لم تنتبه لمدى تقاربهم ، انحنت جميله تحتضن كتفى حياة بشده وهى تقفز بسعاده وتمتم بفرح :

-شكراً .. شكراً .. شكراً يا احلى اخت فى الدنيا ..


انهت جملتها وقامت بطبع قبله مطوله فوق وجنه حياة ثم تركتها وركضت لتحتضن فريد هو الاخر الذى استقبل احتضانها بجمود ثم قال لها مهدداً بنبره خاليه :

-اقعدى مكانك من غير دوشه قبل ما ارجع فى كلامى .. 


ركضت جميله تجلس فى المقعد المقابل لحياة التى كانت تنقل بصرها بينهم بعدم فهم ، التقطت جميله دهشتها فسألتها بأستنكار قائله :

-متقوليش ان فريد لسه مقالكيش ؟!.. 

اجابتها حياة بترقب متسائله :

-مقاليش ايه بالظبط مش فاهمه ..


اجابتها جميله بنبره شبهه مختنقه من شده الحماس والفرح :

-هنعلن جوازنا انا وهشام وفرحنا بعد بكره ..

شهقت  حياة بدهشه وادارت راسها بحده تنظر نحو فريد بذهول وعيونها تلمع من شده الفرح 

حرك رأسه مطمئناً بايماءه خفيفه قبل ان يمد يده من أسفل الطاوله ليحتضن كفها ويضغط عليه برفق ، ظلت تنظر إليه بأبتسامه بلهاء ونظره حالمه بادلها إياها بأخرى عاشقه وهو يمسد أصابعها ويتلمس باطن كفها بلمسات مثيره أرسلت قشعريرة إلى سائر جسدها غير عابئين بوجود جميله بجوارهم ، أعادهم من شردوهم صوت جميله تسأله بقلق :

-فريد بس تفتكر اونكل غريب هيوافق على كده ولا هيقلب الدنيا علينا ؟!..


التفت فريد ينظر إليها بحده قبل ان يجيبها بنبرته الجاده محذراً :

-جميله !! انا محدش بيراجع كلامى حتى لو كان غريب .. 


انكشمت فى مقعدها وهى تتمتم له بعبارات أسفه فاخر شئ تريد فعله فى تلك الايام هو اثاره حنقه 


ظلت حياة تنظر إليه وهى تفكر بأستغراب كيف يستطيع التحدث مع ابنه عمه بذلك الوجهه الجامد وتلك النبره القاسيه فى حين ان يده لازالت تعبث بكفها بلمسات تجعلها على وشك الانصهار من نعومتها ورقتها .


انتهى فريد من تناول قهوته فترك يدها ليلتقط المحرمه التى امامه يمسح به فمه ، شعرت حياة بالبروده تتملك منها بمجرد تركه ليدها ولكنها فسرت ذلك بسبب بدء فصل الشتاء وعليه فالجو اصبح بارد ، تحرك فريد من مقعده وهو يوجه حديثه لجميله بنبره خاليه قائلاً بلامبالاه :

-جوزك بقى هيحضر الفرح بوش مشلفط بس دى حاجه خفيفه كده عشان يتعلم ميعملش حاجه من ورايا تانى.. 


انهى جملته وانحنى بجذعه يطبع قلبه حانيه فوق شعر حياة ويستنشق رحيقه قبل ان ينصرف للخارج 


دفعت حياة مقعدها بعجل ثم ركضت خلفه وهى تهتف اسمه بلهفه جعلته يتوقف على الفور ، استدار ينظر إليه بأبتسامه دافئه بادلته إياها بأخرى مرتبكه وهى تضع كفيها داخل الجيوب الخلفيه لسروالها الجينز وتتحرك بتوتر ، سألته برقه بالغه جعلته يفكر فى التراجع عن التحرك من امامها قائله :

-فريد انت هتتأخر النهارده ؟!.. 


ابتسم لها بأستغراب ثم اجابها مندهشاً بنبره مترقبه :

-مش عارف .. بس لو فى حاجه مهمه هحاول ارجع بدرى .. 


حركت جسدها بتوتر يميناً ويساراً ثم اجابته بخجل قائله :

-مفيش بس هستناك بليل مش هتعشى من غيرك .. 


ظل واقفاً مكانه لبُرهه من الوقت محاولاً استيعاب هذا التغيير المفاجئ فى تصرفاتها ، اللعنه ان عنادها ارحم كثيراً من تعاملها ذلك فهو بالكاد يستطيع تمالك نفسه امام تخبطها ونظرتها التى ترمقه بها والتى يعلم جيداً انها خارجه دون وعى منها ، انحنى بجزعه يطبع قبله خفيفه على طرف شفتيها كعلامه موافقه ثم تركها وانصرف دون حديث قبل تفاقم الامور . 


************


فى شركه الجنيدي وتحديداً فى مكتب منصور الجنيدي جلس منصور فى مقعده المريح يضع ساقاً فوق الاخرى فى زهو واضح وكان جالساً قبالته ابن اخيه وائل الجنيدى ويقف بينهما بجوار المكتب سكرتير منصور الشخصى ، هتف به منصور فى حنق واضح يسأله مستفسراً بعصبيه :

-يعنى ايه الشركه مش عايزه توردلنا تانى !! يعنى ايه الكلام ده ؟!.. 

ارتبك السكرتير الخاص فى وقفته وتنحنح بأرتباك قائلاً بتوتر :

-يافندم انا شاكك ان فى حد لعب فى دماغهم فعلاً ..

ساله منصور بنظرات شرسه :

-قصدك مين ؟!.. 

اجابته سكرتيره بتردد :

-فى كلام انهم هيمضوا مع فريد رسلان والتوريد هيتنقل حصرى ليهم ..

ضرب منصور سطح مكتبه بقبضه يده وهو ينتفض بأنزعاج واقفاً ثم تمتم وهو يضغط على حروف كلماته بغل :

-ايوه مفيش غيره ابن غريب .. طول عمره **** زى ابوه .. 


التفت بشراسه ينظر إلى سكرتيره الخاص ويأمره بحده :

-عايزك تتأكدلى من الكلام ده ولو طلع صح عايزك توصل تحيه لفريد وفى بيته فاهمنى ؟!.. 


اومأ له سكرتيره رأسه بخنوع ثم تحرك بهدوء مغلقاً الباب خلفه وتاركاً وائل الجنيدى ينظر بضيق نحو عمه الذى من تولي اداره الشركات بعد والده المرحوم وهو يتعمد استفزاز عائله رسلان بكل مناسبه ، هتف وائل بحنق واضح قائلاً: 

-يعنى كان ايه لازمته يا عمى اللى عملناه معاهم ده ؟!.. ماحنا كنا بنوردلهم والدنيا كانت ماشيه كويس ليه دلوقتى بنجر شكلهم وخلاص ؟!.. 


هتف بِه منصور بعصبيه وشبح الماضى يلوح امام عينيه قائلاً بحقد دفين :

-لازمته انهم دايما بياخدوا حاجه مش من حقهم .. بس خلاص وقتهم خلص ويا انا يا هما .


*************


دلفت حياة إلى المطبخ بعد خروج فريد وطلبت من السيده عفاف ترك المطبخ لها اليوم فهى تريد مفاجاه فريد ثم شرعت بتحضير بعض الأصناف بعدما استفسرت منها على الأنواع المفضله بالنسبه له وفى المساء بعد الانتهاء من كافه التحضيرات صعدت للاعلى للاغتسال وتبديل ثيابها والهبوط مره اخرى ، عاد فريد فى الموعد يزفر بضيق بعد جداله العقيم مع والده الذى استمر لساعات بسبب رفض الاخير لامر الزيجه ولكن فى نهايه الامر رضخ لرغبه  فريد كالعاده 

 دلف إلى غرفه الطعام يبحث عنها بعينيه بعدما بحث عنها فى المطبخ أيضاً ولم يجدها ، جاءت من خلفه تمتم بخجل قائله بنعومه :

-حمدلله على السلامه ..


استدار ينظر إليها وفتح فمه ليجيبها ولكنه تعقد لسانه وهو يراها امامه ترتدى بنطال من الجلد الاسود ابرز تفاصيل أنوثتها بكل وضوح وفوقه ستره مفتوحه فضفاضه اضافت إليها مظهر طفولى عابث وأسفلها بلوزه بيضاء بعنق منخفض كشفت عن عنقها الممشوق وعضمتى كتفيها البارزتين إلى جانب شعرها المجعد بنعومه والذى تركته ينسدل بحريه خلفها وعيونها التى تلمع بسعاده وهى تنظر إليه ، زفر بيأس فكل هذا كثير على صبره وعلى اعصابه بحق  !! ، كل ما ارداه فى تلك اللحظه هو الشعور بها بين يديه واكتمالهما سوياً ، ولكنه لن يجازف فى تلك المرحله بفعل اى شئ قد يعيدهما لنقطه الصفر من جديد 

زفر مطولاً لإخراج تلك الافكار من رأسه وحاول تشتيت انتباهه بأى شئ لذلك تنحنح لتنقيه حلقه ثم سألها بصوت متحشرج من اثر الرغبه:

-امال فين جميله لسه مضربه فى اوضتها ؟!.. 


حينها ابتعدت عنه عده خطوات للوراء لضمان مسافه أمنه بينهم ثم قالت وهى تنظر إليه بتوجس ونبره متردده :

-بص .. عايزه اقولك حاجه .. ب

متى تخضعين لقلبى

الفصل الخامس عشر ..


جثا فريد على ركبتيه يتفحص كاحلها حيث اشارت له عن موضع الالم ، اما هى فكانت تتقافز بطفوليه على قدم واحده كحيوان الكنغر ، هتف بها هو بأنفعال ورعب قائلاً :

-حياة !!! اثبتى خلينى اشوف رجلك كويس !!.. 


اجابته بحنق وهى لازالت تتقفافز ولا تقوى على الوقوف ثابته من شده الالم :

-انت بتتعصب عليا ليه دلوقتى !! مش انت السبب وبعدين رجلى وجعانى هموت مش قادره اقف .. 

تهدج صوتها بألم واضح فى الكلمه الاخيره مما جعله  ينتفض من جثوته مسرعاً ليقف امامها قائلاً بلهفه لم يحاول إخفائها :

-ايه اللى حصل .. 

اجابته وهى تضغط على شفتيها لإحتواء المها :

-رجلى اتلوت وانا بجرى .. 

كانت بالفعل غاضبه منه بسبب اندفاعه الغير محسوب دائماً وعدم الاستماع لها لذلك حاولت التحرك قليلاً للابتعاد عنه ولكن يبدو ان لقدمها رأيى اخر مخالف ، تأوهت بقوه للمره الثالثه من شده الالم فانحنى هو على الفور يضع ذراعيه اسفل ركبتها ليحملها فى اللحظه التاليه بين يديه ، حاولت دفعه وهى تتمتم بأعتراض قائله:

-لو سمحت نزلنى انا هعرف امشى لوحدى ..


اخفض رأسه ينظر إليها بحاجب مرفوع ثم اجابها بحنق :

-حياة بطلى عند فى كل حاجه .. وبعدين مانتى جربتى ومعرفتيش !!..

اندفعت تجيبه بنبره حاده :

-انا مش بعاند مش عايزاك تشيلنى رجلى وانا حره فيها .. 


استطردت حديثها قائله بنبره ساخطه :

-وبعدين مش حضرتك من كام يوم كنت مضايق انك هتشلينى !! .. 

أشاحت بوجهها بعيداً عنه بعد انتهاء جملتها اما عنه هو فقد اتسعت ابتسامته من رد فعلها ثم اجابها مشاكساً :

-مكنتش اعرف ان الموضوع ده مأثر فى نفسيتك اوى كده .. بس عندك حق انا غلطان ولازم اصلح غلطى ..


انهى جملته ثم توقف عن سيره واقترب من شفتيها بشفتيه ، شهقت حياة بأرتباك وابتعدت بوجهها قدر المستطاع عنه ثم استطردت حديثها بتعلثم واضح قائله :

-مش عايزه منك حاجه نزلنى بس .. 

اجابها وهو يبتسم لها بأغاظه قائلاً ببرود :

-فى المره الجايه هنزلك بس المره دى احنا وصلنا خلاص ..

شهقت بأندهاش وهى تلتفت حولها لتجد نفسها بالفعل امام الفراش بداخل غرفتها ، وضعها فريد  برفق ثم جلس قبالتها يخلع عنها حذائها ليرى مدى تضرر كاحلها ، شهقت بخفوت من لمسته البسيطه ، ولعن فريد بخفوت وهو يرى كاحلها قد بدء فى التورم ، التقط هاتفه مسرعاً ليستعدى الطبيب متجاهلاً اعتراضاتها المستمرة ، وبعد فتره ليست بطويله كان الطبيب يجلس قبالتها يتفحص كاحلها باهتمام 


اما عن فريد فقد كان يقف بجوارها بجسد متصلب وملامح حانقه من شده الغيره وهو يرى الطبيب يتلمس قدمها وكاحلها براحه ، زفر مطولاً لتهدئه غضبه فهو يعلم ان لمساته ضروريه ولكنه لا يتحمل الفكره من الاساس ، فكر بيأس انه اخطأ بأستدعاء طبيب وفى المستقبل سيكون التعامل مع طبيبه افضل ، نعم هذا ما قرره بصرامه ، اعاده من افكاره صوت الطبيب يسألها بوقار :

-مدام حياة .. رجل حضرتك دى كانت مصابه قبل كده ؟!.. 

هزت رأسها موافقه ببطء ثم اجابته بتردد :

-اها .. وقعت عليها قبل كده وانا صغيره وحصلها شرخ واتجبست ..


تململ فريد فى وقفته بجوارها بعصبيه فقد ظن ان هناك احد ما وراء ذلك الامر ، هز الطبيب رأسه مطمئناً لها ثم اخرج ورقه وقلم من حقيبته دّون بها بعض الادويه ثم استقام من جلسته ليقف مقابلاً لفريد يعطيه الروشته ويحدثه مطمئناً بعمليه شديده :

-اطمن المدام زى الفل .. هو بس حصل التواء بسيط والالم ده كله بسبب اصابه القدم قبل كده .. هكتبلها على مسكن عشان الالم وندهن المرهم ده مع رباط ضاغط وكام يوم وراحه تامه هتبقى زى الفل .. بعد ٣ ايام  تقدر تدوس عليها خفيف وبعد اسبوع تقدر تتحرك عادى .. 


التقط فريد الروشه من يده بجمود ثم تحرك معه نحو الخارج حيث كان احد الحراس فى انتظاره امام الباب ، ودعه بجفاء شديد  ثم التفت براسه موجهاً حديثه لحارسه بنبرته الآمرة يطلب إيصال الطبيب وإحضار الدواء فى الحال .


بعد عده دقائق عاد فريد يجلس قبالتها بهدوء وهو يضع الدواء بجوارها ثم سألها على الفور مستفسراً بنبره خرجت منه حاده دون قصد :

-مقلتليش ليه ان رجلك دى كان فيها مشكله !!.. 

اعتدلت فى جلستها قليلاً وقد اربكتها نظرته الجامده ثم اجابته بترقب قائله :

-انت مسألتنيش وبعدين مجتش مناسبه .. 

انتبه لقلقها فزفر مطولاً وهو يمرر كفه على وجهه ورأسه مستطرداً بضيق:

-هو اللى عمل فيكى كده ؟! .. لو ضربك قوليلى .. 


استوعبت انه يتحدث بصيغه الغائب عن والدها فأجابته بنبره جافه قائله :

-لا دى حادثه عاديه .. وقعت فعلاً ورجلى اتصابت .. 

صمتت قليلاً ثم اضافت بمراره لم تخفى عليه وهى تحنى رأسها للأسفل :

-هو بصراحه عمره ما ضربنى .. بس مين قال ان الوجع بالضرب بس !! .. 


انها تتحدث الان عن اكثر شئ يعلمه جيداً ، تنهد بألم ثم اقترب منها حتى اصبح على بعد خطوات من وجهها ثم مد أنامله اسفل ذقنها ليرفع رأسها إليه ثم رفعها ليتلمس جبهتها برفق ويزيح احدى الخصلات التى سقطت فوق جفونها وهو يتنهد بحراره ثم تحدث إليها بنبرته الحانيه قائلاً:

-انسيه .. كل ده ماضى وراح .. مش عايزك تفكرى في اللى عمله طول مانا معاكى ..


هزت رأسه موافقه وهى تنظر بداخل عينيه ، فى تلك اللحظه رأت صديق طفولتها يطل لها من بين نظراته ، ابتسمت له مطولاً قبل ان تتذكر عصبيته وخوفها منه فى الساعه الماضيه لذلك اختفت ابتسامتها وحلت محلها تقطيبه جاده وهى ترفع يدها لتزيح كفه ببطء وهى تتحدث بطفوليه بنبره معانبه يشوبها دلال فطرى:

-انت قاعد هنا ليه !!.. اتفضل روح مشوارك اللى كنت بتجرى عشانه .. 


تأملها مطولاً بشغف ومبتسماً لها بحنان ، انه يعشقها بجميع احوالها ولكنها تكاد تفقده عقله عندما تعود طفله وتتعامل معه بدلالها القديم ، فهى طفلته قبل ان تكون حبيبته ومنذ ان وقعت عينيه عليها وهو يشعر بالمسئوليه تجاهها لذلك فلتتدلل عليه كيفما شائت فهو موجود فقط ليراضيها . 


التقط كفه يدها وظل يتحسس ظهر كفها ببطء وهو يجيبها بنبرته الحانيه متجاهلاً الرد على جملتها :

-انا هقوم ربع ساعه وارجعلك تكونى غيرتى هدومك عشان تاخدى الدوا .. 


فتحت فمها لتعترض ولكنه كان بالفعل قد تحرك من جوارها نحو خزنتها يعبث بها قلبلاً وهو يغمغم بتفكير :

-بلاش حاجه فيها بنطلون عشان متوجعكيش وانتى بتلبسيها..


بعد دقيقه كان قد انتهى من بحثه فاستدار بجسده ينظر إليها وهو حاملاً بيده قميص بيتى متوسط الطول ، وضعه امامه ثم انحنى يسألها بمكر :

-هتعرفى تلبسيه ولا تحبى اساعدك فيه ؟!.. 


غمز لها بعينيه بعدما انتهى من سؤاله وهو يحرك أصابع يده نحو فتحه عنقها مما جعلها تشهق بخجل ثم تمتمت بعدها بعده كلمات غير مفهومه وهى تدفعه بكلتا يديها ليبتعد عنها ، انحنى بجزعه اكثر ليطبع قبله مطوله فوق شعرها ثم تحرك نحو غرفته وضحكته تدوى بشده من اثر خجلها واحمرار وجنتيها .


عاد إلى غرفتها بعد قليل وهو يرتدى ملابسه البيتيه وقد تعمد التأخر قليلاً حتى تنتهى من تبديل من ملابسها ولا تشعر بالانزعاج من اقتحامه لخصوصيتها ، جلس قبالتها ومال بجسده يلتقط احدى الوسادات الصغيره الموضوعه بجوارها ثم وضعها بجواره وأمسك قدمها بحذر يرفعها ويضعها فوق الوساده ، اجفلت من حركته فحدثها بهدوء قائلاً بصوته الاجش :

-هش .. متخافيش .. رجلك لازم تتلف ..


عضت على شفتيها محاوله اخفاء خجلها الذى ظهر جلياً فوق وجنتيها ، التقط علبه الدهان من جواره وبدء بوضعه بحذر فوق كاحلها ثم بدء بتوزيعه بأطراف أنامله فى حركات دائرية ناعمه ، سرت ارتعاشه بسيطه على طول عمودها الفقرى من اثر لمساته الناعمه واغمضت عينها بقوه محاوله تدارك ذلك الشعور ، انهى هو مهمته وانتهى أيضاً من لف الرباط الضاغط فوق قدمها ورفع رأسه ينظر إليها بعيون داكنه فتفاجئ بها مغمضه العينين وهى تضغط على شفتيها برفق ، رفع قدمها ببطء شديد نحوه ، فتحت هى عينيها مسرعه على حركته تلك وقد ازداد ارتباكها وخجلها بسبب انحصار منامتها إلى نحو ركبيتها تقريباً ، بادلها نظرتها المرتبكة بأخرى راغبه ثم انحنى برأسه يقبل كاحلها بشغف قبل ان يعود ويضع قدمها مره اخرى فوق الوساده الصغيره ، شهقت حياة بارتباك ولَم تدرى  ما الذى يجب عليها فعله فقد ازدادت درجه حراره جسدها بأكمله من أثر تلك الحركه البسيطه التى اصابتها بارتعاشه بداخل قلبها 


تحرك مبتعداً عنها نحو المرحاض لازاله بقايا الدهان من فوق يده ثم عاد إليها مره اخرى يجلس تلك المره بجوارها ويضع بين شفتيها حبه الدواء بدون حديث ، رفعت رأسها ببطء تنظر إليه قبل ان تنحنى براسها نحو يده الممدودة تلتقط بشفاه مرتعشه الحبه من بين أصابعه ، شعر هو الاخر بقشعريرة تتملكه عندما أطبقت شفتيها بنعومه على أصابع يده ولكنها تجاوزها مسرعاً بتحريك جسده للإمساك  بكأس الماء واعطاءه لها ، تجرعته مره واحده لعل ذلك يروى جفاف حلقها ثم ناولتها له مره اخرى بتوتر ملحوظ ، وضعه بجواره مره اخرى ثم مال فى جلسته وهو يرفع قدميه فوق الفراش ليستلقى بجوارها وظهره يستند على الوسائد خلفه ، لف ذراعه حولها ايحاوط خصرها ويقربها منه حتى اصبح رأسها يستند على كتفه مغمغاً لها بأرهاق :

-تعالى ..


فتحت فمها لتعترض ولكن كان  لصوتها رأيى اخر ، رايى يتعارض تماماً مع عقلها ويتفق مع ما تبقى من خلايا جسدها ، كل ما استطاعت فعله هو رفع رأسها لتنظر إليه متسائله :

-تنهد بصبر ثم تحدث إليها مفسراً :

-انتى سمعتى الدكتور قال مفيش حركه .. وانا عارف لو سبتك لوحدك هتكملى نط زى القنفد طول الليل ..


امتلاً وجهها بأبتسامه واسعه لم يستطيع الا ان يبادلها إياها بأخرى سعيده متفهمه قبل ان يحنى براسه ليطبع قبله مطوله فوق شعرها ويستند بعدها بذقنه على مقدمه رأسها، عادت هى تستند برأسها فوق كتفه واضعه يدها المتكوره فوق صدره القوى ، تنهدت باستسلام وهى تغمض عينيها براحه مستمتعه بذلك الشعور الرائع بالدفء الذى اجتاح روحها قبل جسدها ، لقد تربت حياة بالفعل حياة جافه عاطفياً ، فوالدها بالكاد كان يتحمل وجودها فى هذا العالم وكأن خلفه البنات عار وعبء مجبر على تحمله حتى موعد الخلاص ،  حتى انه لم يكن يسمح لأخيها ان يقترب منها بحضن او لمسه اخويه مهما كان السبب للمحافظه على تربيتها وأخلاقها ، اما والدتها فكانت تحتضنها فى الطامات الكبرى فقط  ودون ذلك لم تكن تحصل منها حتى على نظره حانيه ويبدو انها اعتادت ذلك من كثره معاشره زوجها حاد الطباع ، وبالطبع عندما القاها والدها فى احضان رجل بعمر والده هو كانت رافضه له وتكره حتى لمسته لذلك لم تتعلم حتى كيفيه الأحتضان وما هو شعور الاحتواء الذى يتنغنون به فى الاغانى ويتحاكون به فى الأفلام ولكن كل ما كانت تعلمه انها اردات التمسك به بكل قوتها حتى يتسلل إليها اكبر قدر من الشعور بالامان حتى لو أنكر عقلها ذلك ، اما هو فلم يكن حاله بأفضل منها فقد حُرم من حضن الام فى سن مبكّر ورغم تأكده من حب والده له الا انه كان حب ضعيف لا يُسمن ولا يُغنى من جوع حب يشوبه الكثير من علامات الاستفهام ولم يفيده حتى فى الدفاع عنه ضد حقد وغل زوجته .


بعد فتره من الصمت شعرت خلالها بألم قدمها يتراجع بفعل المسكن سألته بنعومه بالغه بصوت يقرب الهمس :

-فريد .. 

اجابها بنبره تماثلها هامساً بجوار اذنها :

-حياة فريد ..

امتلاً وجهها بأبتسامه عريضه من تلك الجمله ذات المغزى وظهرت تلك الابتسامه واضحه فى نبره صوتها الهامس فأضافت متسائله :

-انت ليه مقلتليش انك كنت معايا لما تعبت وانى كنت فى اوضتك ..

حرك ذقنه فوق رأسها ثم اجابها وهو يطبع قبله حانيه فوق جبهتها مفسراً :

-عشان مكنتش عايزك تضايقى انى معاكى وقتها .. وبصراحه اكتر عشان مكنتش قادر ابعد عنك وانتى بتحضنينى ومحتاجانى بالشكل ده ..


ازدادت ابتسامتها اتساعاً وخجلاً من جملته فحركت رأسها تدفنه فى ثنايا عنقه وقد بدءت تشعر بالنعاس يراودها بسبب ذلك الدواء المسكن الذى يحتوى على نسبه بسيطه من المخدر ، شعر هو بخجلها دون ان يراه  فأزدانت شفتيه بابتسامه رضا ثم رفع ذراعه لتعبث أنامله برفق داخل خصلات شعرها ، هتفت بأسمه مره اخرى ولكن تلك المره بصوت مكتوم يغالبه النعاس  :

-فريد هتعمل ايه مع جميله ؟!.. 

اجابها بنبره هادئه :

- كلمتها من تليفون الحارس وطبعا مقدرتش تعترض .. وزمانها قربت توصل .. 

اجابته متوسله :

-طب عشان خاطرى بلاش تزعلها .. فريد جميله بتحب بجد بلاش تقسى عليها ..


تنهد مستسلماً ثم اجابها بنبرته الحانيه وهو لايزال يمسد خصلات شعرها بأصابعه :

-حاضر عشان خاطرك انتى .. 


حرك رأسها ببطء داخل عنقه ثم تمتمت بخفوت :

-ربنا يخليك ليا ..

توقفت يده عن العبث بشعرها لوهله واتسعت مقلتيه بدهشه وهو يزدرد لعابه بقوه ثم سألها بتلهف :

-حياة انتى قلتى ايه ؟!.. 


اجابته انفاسها التى انتظمت فعلم من خلالها انها ذهبت فى النوم تاركه قلبه يتراقص فرحاً من دعوتها البسيطه .


************


فى الصباح استيقظت حياة ورأسها يتوسد صدره ، عقدت حاجبيها معاً وهى تتذكر البارحه قبل ان تغزو شفتيها ابتسامه خافته من ذكرى افعاله الحانيه ، رفعت رأسها لتنظر إليه وتتأمل ملامحه ، انه وسيم بحق وبشكل مثالى يتناسب تماماً مع شخصيته بجبهته العريضه التى تغزوها بعض التجاعيد من كثره العبوس والتى تبدو اكثر وضوحاً عندما يعقد حاجبيه معاً  ، اما انفه فهو حاد شبهه مستقيم بطريقه مثاليه لا يوجد به زياده او نقصان وشفاهه حاده تمثل خط مستقيم أيضاً وممتلئه بأن واحد مع تلك الذقن الغير حليقه والمشذبه بعنايه ، اما اقوى ما يمتلكه فهى تلك العينين الجوزيه والتى تشبهه مناهل العسل فى حاله صفائها وتتحول إلى لون البندق عند الغصب او الانفعال ، يوازيها ذلك العرق الذى ينبض بقوه بجوار فكه مع غمزة خفيفه لا تظهر إلا وقت الابتسامه الحقيقه والتى نادراً ما تحدث ، رفعت أصابعها بهدوء تتلمس ذقنه بحذر شديد ، اما هو فقد استيقظ منذ تململها بين ذراعيه ولكنه تظاهر بالنوم حتى يستمتع قليلاً بدفء جسدها بين ذراعيه ولكنه فتح عينيه فوراً بمجرد ملامستها لذقنه ، اتسعت عينيها بصدمه وارتكبت نظرتها بمجرد اصطدامها بعسليتيه والذىن كانتا الان فى قمه صفائهما ، رفعت يدها  محاوله فك حصار ذراعيه من فوق خصرها لتتحرك بعيداً عنه ولكنه شدد من احتضانها وهو يسألها بصوت أجش ناعم :

-تعالى هنا رايحه فين ؟!.. 

رمته بعدها كلمات متبعثرة :

-اصل انا .. كنت عايزه .. هروح ..

ابتسم له بعبث قائلاً بصوت أجش :

-مش مهم ومش وقته ..


انهى جملته وهو يقترب بشفتيه منها ببطء شديد عندما قاطعه طرقات حاده متواصلة فوق باب غرفتها ، ابتعد فريد وهو يزفر بحنق حتى يفتح ذلك الباب وفى نيته تعنيف من خلفه ، اندفعت جميله نحو الداخل تركض فى اتجاه حياة التى اعتدلت فى جلستها بمجرد رؤيتها ، ارتمت جميله تحتضنها بحنان وهى تسألها بحزن:

-حياة.. الف سلامه عليكى .. ايه اللى حصلك يا حبيبتى لسه دادا عفاف قايلالى ..


ربتت حياة فوق كتفها بحنان مطمئنه وهى تغمغم لها بصدق -الحمدلله يا جميله حاجه بسيطه متخافيش ..


انهت جملتها ورفعت نظرها فى أتجاه فريد لتتبين رد فعله عن دخول جميله المفاجئ وتبعتها الاخيره هى الاخرى لموضع نظرها لتنظر بترقب وهى تبلع ريقها بصعوبه وتوتر ، عقد فريد ساعديه فوق صدره وهو يقف فى وضع استعداد وينظر نحو جميله بجمود قبل ان يحدثها بنبرته الحاده :

-لو خلصتى واطمينتى على حياة اتفضلى بقى هوينا واطلعى بره لحد ما اجيلك ..


رمقته حياة بنظره معاتبه فأردف يقول متشدقاً بجملته :

-متبصليش مينفعش تدخل الاوضه كده وبعدين لسه حسابها معايا طويل .. 


وقفت جميله تنظر إليه بحزن ثم تحركت نحو الخارج برأس منكسه ، تحدثت حياة فور خروجها قائله بإشفاق :

-انت كده كسفتها على فكره .. 


نظر إليها مطولاً قبل ان يقول وهو يتحرك بجسده مبتعداً عنها :

-عشان غبيه ومتسرعة ومتدافعيش عنها بعد اللى حصل امبارح عشان هى السبب فيه .. 


اطرقت حياة رأسها وتنهدت بأستسلام فقلبها يحدثها انها لو استطردت فى الحديث او الدفاع عنها ستكون النتيجه عكسيه لذلك لازمت الصمت ، توقف هو عند مدخل غرفته واستدار برأسه ليردف حديثه قائلاً بتحذير وهو يشير لها بسبابته:

-هروح اخد دش وأغير هدومى .. متتحركيش من مكانك لحد ما ارجعلك وانا هطلب من عفاف تبعتلك الفطار هنا ..


اومأت له برأسها موافقه دون جدال ، ابتسم بحبور عائداً إليها ثم انحنى بجسده نحوها مغمغماً بأعتراض :

-جميله دى نستنى انا كنت بقول ايه .. 

انهى جملته وطبع قبله ناعمه خاطفه فوق شفتيها وهو يتمتم هامساً :

-صباح الخير .. 

اتسعت ابتسامتها وأطرقت برأسها وهى تجيبه بهمس خجول :

-صباح النور .. 


تنهد بحراره وهو يفرك بكفه فروه رأسه مجعداً انفه كأنه يحاول التوصل لقرار ما ثم انسحب بعدها إلى غرفته تاركها تنظر فى اثره وابتسامة حالمه لازالت تعلو ثغرها 


بعد قليل عاد إليها وهو يرتدى بذله رسميه من اللون الرصاصى الغامق وربطه عنق حريرية من نفس اللون أسفله قميص من اللون الاسود مع رائحه عطره المميزه وتصقيفه شعره كان يبدو وسيماً بشكل خطير ، ابتلعت لعابها بتوتر وهى تراه يقترب حتى جلس قبالتها ثم تمتم بأنشغال قائلاً :

-حياة انا لازم اتحرك دلوقتى عندى شغل كتير .. دادا عفاف هتكون معاكى طول اليوم متتحركيش من نفسك ومتنسيش الدوا بتاعك .. 


اجابته بحماس قائله :

-مش هتحرك بس بشرط .. 

تنهد ببطء ثم سألتها بنبرته الحانيه :

-ايه شرط حياتى ..

ابتسمت بخجل ثم اضافت بلهفه :

-اقعد اراجع الملفات اللى المفروض اراجعها معاك بليل ..

عقد حاجبيه معاً ثم اجابها بنبره قاطعه :

-لاء .. 

اجابته بأندفاع وهى تمد كفها لتحتضن كفه بتوسل قائله :

-ليه بس لا!! انا هقعد هنا طول اليوم لوحدى وجميله هتكون بتجهز لبكره وانت هترجع متأخر .. خلى دادا عفاف تطلعهملى وهراجعهم وانا قاعده والله مش هتحرك ..


نظر لها دون رد كأنه يحاول التوصل لقرار فأستطردت بنبره طفوليه متوسله وهى تضغط بكفها على كفه مشجعه :

-فريد بليييييييز !!.. 

زفر بأستسلام ثم اجابها على مضض متردداً :

-ماشى بس بشرط متتعبيش نفسك ومتنسيش أكلك ودواكى وأوعى تتحركى فاهمه ؟!.. 


هزت رأسها عده مرات موافقه وهى تبتسم له بسعاده ثم أردفت تحدثه بتوجس :

-طب فى حاجه كمان .. 

نظر لها لوهله ثم اجابها على الفور دون انتظار سؤالها :

-متخافيش معملتش حاجه عشان وعدتك بس .. بس لو عملت حاجه تانيه لحد بكره هلغى الفرح وانا فهمتها ده ..

صفقت بيدها وعيونها تلمع بسعاده وهى تجيبه بحماس :

-وعد مش هتعمل حاجه تانى ولو عملت يبقى انت عندك حق .. 


هز فريد رأسه موافقاً وهو يرفع يدها المتعلقة بكفه ليقبلها بحب ثم استقام فى جلسته مغمغاً وهو يهندم من وضع لباسه :

-انا هتحرك دلوقتى وزى ما نبهت عليكى .. 

مال نحوها يطبع قبله مودعه فوق شعرها قائلاً بخبث :

-ومتدهنيش رجلك غير لما اجى بليل عشان الموضوع عجبنى .. 


شهقت بخجل واطرقت برأسها للأسفل تدارى ارتابكها مما جعل ضحكته تدوى وهو فى طريقه نحو الخارج .. 


**********


انقضت الايام التاليه على حياة وهى غارقه بين ملفات الحسابات تراجعها بشغف حتى انتهت مما يعادل نصفها تقريباً ، اما عن زفاف جميله فانتهى بدون حضورها رغم توسلاتها الشديده لفربد ولكنه اثر بقائها فى المنزل بحجه راحتها وأوامر الطبيب ، اما السبب الاخر والذى لم يعترف لها به هو قلقه من  تكرار تجربه حفله التوقيع مره اخرى وخصوصا بعدما اجبر والده على دعوه كبار الدوله وهو ابداً لن يسمح بأنهيارها لاى سبب كان ، 

اما عن جميله نفسها فقد سافرت فى اليوم التالى للزفاف بعدما زارت حياة وودعتها بقلب مثقل وهى تتمنى لها الخير مع وعود بالتواصل يومياً والاطمئنان عليها ، وكم احزن حياة فراقها فقد شعرت معها بمشاعر الإخوة والتى لم تتذوقها مع اختها الحقيقه التى كانت تهاتفها مره كل عام وفقط لعده دقائق ومن اجل مصلحه . 


***************


جلس منصور الجنيدى فى مكتبه وهو شارداً فى افكاره بما يتعلق بذلك الماضى القديم ، تنهد مطولاً وهو يتذكر تلك العينين الزرقاوتين التى اخترقت سهامها قلبه منذ اول مره وقعت عينيه عليها فى حفل شراكتهم سوياً ، اللعنه على غريب رسلان وعائلته وذريته وكل ما يتعلق به ، لقد فاز بها قبله ، كم اشتهاها وكم تمنى قربها فغريب ابداً لم يكن يستحقها ، "رحاب " تلك الحوريه التى سرقت قلبه بشعرها المسترسل فوق كتفيها كأشعة الشمس والتى اخذها القدر منه قبل اكتمال مخططه ومحاوله التخريب بينها وبين غريب حتى يستطيع الحصول عليها ، عاد من شرود افكاره على صوت طرقات خفيفه فوق باب مكتبه يليها دخول سكرتيره الخاص متنحنحاً قبل ان يبدء حديثه بجدية قائلاً :

-يا فندم زى ما توقعت .. فريد رسلان اتفق مع الشركه الألمانية هيوردوله مباشرةً ، والتوقيع قريب جداً ..


انتفض منصور من مقعده ليقف امامه ثم تحدث بنبره قويه متوعداً :

-ماشى يابن غريب ال****** ..

التفت ينظر نحو سكرتيره وعيونه تطلق شرراً ثم اضاف بغل :

-النهارده زى ما قلتلك تحيتى توصله وفى بيته فاهم ؟!.. 

اومأ السكرتير رأسه بخنوع قبل إخراجه لهاتفه الخلوى يتحدت لأحد الرجال قائلاً بجديه :

-نفذ ودلوقتى ..


**********


كانت حياة تجلس داخل غرفتها وهى تتأفف بملل ، فبرغم شفائها التام الا ان فريد رفض تحركها الا بعد الرجوع للطبيب والسماح لها لذلك فهى مجبره على البقاء هنا بداخل غرفتها امتثالاً لرغبته والعجيب انها وافقت على ذلك دون جدال 


فى تلك الأثناء وقفت سياره مصفحه امام الباب الرئيسى للفيلا وطل من نوافذها عده رجال ملثمين الوجهه  بأسلحه أليه  وبدءوا بأطلاق النار بعشوائيه نحو مداخل ونوافذ الفيلا ، انتفضت حياة من مقعدها على صوت الرصاصه الاولى تليها وابل من الرصاصات المتتالية ، شعرت بقلبها على وشك التوقف من شده الهلع والذعر مع دوى الرصاصات المتلاحقة وهى حبيسه الغرفه بمفردها ولا تدرى ما الذى يحدث بالأسفل ، لم تعلم ما الذى يجب عليها فعله لذلك وبدون تفكير وجدت نفسها تزحف بجسد مرتجف نحو هاتفها الموضوع فوق الفراش تطلب رقمه بأصابع مرتعشه ، فدون ادراك منها شعرت فى تلك اللحظه ان صوته هو مصدرالامان بالنسبه لها وهو أيضاً اخر شئ تود سماعه اذا اصابها مكروه 


اما  فريد فكان فى ذلك الوقت بداخل اجتماع هام مع مدراء الأفرع لمناقشه خطه السنه القادمه، نظر بتأفف نحو شاشه هاتفه التى أضاءت امامه بصمت ليجد اسمها يسطع بداخله ، عقد حاجبيه معاً وهو يفكر بقلق فهى المره الاولى التى تحاول الوصول إليه وهو بالعمل ترى ما هو الامر الهام الذى دفعها لذلك ، التقط هاتفه مسرعاً يجيبها ويطمئن عليها ، صرخت هى بأسمه من بين شهقاتها المتلاحقة تستنجد به قائله :

-فريد الحقنى .. فى ضرب .. نار بره .. انا خايفه ..

انتفض فريد من مقعده على صوت احد الرصاصات التى اخترقت مسامعه بقوه ، صرخ بها بلهفه وهو يركض نحو الخارج برعب حقيقى يحذرها قائلاً :

-خليكى مكانك اوعى تتتحرررركى .. ابعدى عن الشباك والباب .. اتحامى فى حاجه وانا ثوانى وهكون عندك .. متخافيش انا مش هسيبك .. 


انهى اتصاله معه وهو يركض نحو الدرج ليستخدمه اختصاراً للوقت ، وصل إلى الباب الرئيسى للشركه وصرخ بحراسه وهو يستقل سيارته ليتحركوا سريعاً دعماً لأصدقائهم فمنذ حادثه التسمم  السابقه قد أعطى امر بأنقسامهم نصفين ، نصف  للبقاء حول الفيلا والنصف الاخر للتحرك معه  أينما ذهب ، كان يسابق الزمن ليصل إليها فى اسرع وقت وأكثر ما كان يقلقه هو عدم اجابتها على الهاتف عندما حاول الاتصال بها مره اخرى ، دوت دقات قلبه كالطبول وشعر بالاختناق يصيبه وعقله يهيأ له اسوء الاحتمالات حدوثاً 


بعد ١٠ دقائق من إطلاق النار المتواصل والذى ادى إلى تحطيم جميع نوافذ الفيلا وتناثرالطلقات فوق الجدران وأصابه احد الحراس بقدمه هدء الصوت وانسحب الملثمين بسيارتهم وعم السكون المكان . 


اما عن حياة فحتى بعد وقف إطلاق النار ظلت جالسه فوق الارضيه الخشبيه بجوار الفراش وهى تضم ركبيتها إلى صدرها وتحيطاهما بكلتا ذراعيها دافنه وجهها الباكى بينهما وهى تحرك جسدها بقوه من شده التوتر والرعب منتظره قدومه 


 وصل فريد فى الثوانى التاليه وهو يلهث بقوه من شده الغضب والرعب فوجد جدران الفيلا متراشقه جميعها ببقايا الرصاص المنثور فوقها وجميع حراسه محاوطين زميلهم الملقى على الارضيه مصاباً ينتظر قدوم سياره الاسعاف لنقله ، أعطى الامرلرئيس حراسه على عجاله ان يتولى آمره ثم اكمل ركضه نحو الداخل ليستقل الدرج وهو يهتف بأسمها برعب حقيقى 


دفع باب غرفتها بحده وهو لازال يهتف بأسمها بلهفه فوجدها جالسه فوق الارضيه تحتضن جسدها بذعر ، بمجرد رؤيتها له قفزت من جلستها ترتمى داخل احضانه بكل ما أوتيت من قوه حتى ترنح جسده للخلف قليلاً وهو يلتقطها داخل احضانه ، اعتصر جسدها بين ذراعيه وهو يتحسسه برعب ليتأكد من عدم وجود اى اصابه بها  ، شددت هى من احتضان ذراعيها المنعقدين حول عنقه وهى تنتحب بشده وتسأله من بين شهقاتها اذا اصابه مكروه ، ابتعد عنها قليلاً  لينظر إليها بلهفه محاوطاً وجهها بكفيه ليسألها من بين انفاسه اللاهثه :

-انتى كويسه صح ؟!.. 


هزت راسها عده مرات وهى تزدرد ريقها بصعوبه ثم رفعت كفيها المرتعشتين تضعها فوق صدره وتتحسه كأنها تتأكد من وقوفه امامها حقاً معافى 


بدء هو فى تقبيل وجهها بالكامل بشوق جارف غير عابئاً بحذره الذى كان يتمسك بِه خلال الايام السابقه ، قام بتقبيل جبهتها وانفها وجفونها ووجنتها وشفتيها وذقنها ومقدمه عنقها وكل ما يقع عليه نظره وهو يردد من بين قبلاته كأنه يحاول طمأنه نفسه وليس طمأنتها :

-حياتى انتى كويسه .. حبيبتى انتى كويسه .. متخافيش انتى كويسه يا عمرى كله .. 


اما هى فلم تعترض ولم تُبالى كأن قبلاته هى الشئ الوحيد الذى يقنعها انها لازالت على قيد الحياة وانه هو كذلك يقف امامها بجسده كاملاً ، رفعت ذراعيها مره اخرى تحاوط  عنقه ضاغطه بجسدها فوق جسده لتسمد منه الامان محاولة اخفاء وجهها بداخل كتفه وهى لازالت تبكى بقوه ، زفر فريد عده مرات مطولاً يحاول استعاده هدوءه بعدما اطمئن عليها وهو يربت على ظهرها بحنان حتى هدئت وسكنت بين ذراعيه 


بعد توقف نحيبها حملها وتوجهه بها نحو الفراش ليجلس فوقه وهو لا يزال يحملها بين ذراعيه ، ظلا هكذا فتره من الوقت حتى هدءت اعصاب كلاً منهما وانتظمت دقات قلوبهم وهما فى حضن احدهما الاخر ، وبعد فتره ليست بقليله حاول فريد إنزالها ووضعها فوق الفراش ولكنها تمسكت بقميصه بقوه مغمغه بتوسل وهى مغمضه العينين :

-لا خليك معايا متمشيش .. 


تنهد براحه وهو يمسح فوق شعرها بحنان ثم اجابها بنبرته الناعمه :

-انا هنا عمرى ما هسيبك .. 


حكت رأسها بمقدمه ذقنه كعلامه موافقه على حديثه  ، وبعد مده طويله من جلوسها داخل احضانه شعر بأنتظام انفاسها فوق عنقه فعلم انها ذهبت فى نوم عميق ، تحرك بها بحذر ليضعها فوق الفراش فى وضع اكثر راحه ثم انسحب من جوارها بهدوء ، ظل فتره واقفاً يتأملها محاولاً استجماع ارادته واجبار عينيه وساقيه على التحرك من امامها 


اللعنه انه يريد العوده والاندساس داخل أحضانها والاستمتاع بدفء انفاسها الواقع على عنقه ووجهه بصرف النظر عما ينتظره بالأسفل ، فعقله يحدثه بضروره التحرك لمعاقبه من سولت له نفسه بالتعدى على منزله وفى غيابه وايضاً الاطمئنان على حارسه المصاب والذى تركه بالأسفل منذ ما يقارب الساعه دون معرفه التفاصيل ، اما قلبه فهو مكبل بحبها يريد قربها بيأس حاله حال عينيه وباقى جسده ، زفر بأستسلام وقد حزم أمره ، فحياته دائما فى المرتبه الاولى وما تبقى مهما بلغت أهميته  يأتى خلفها ، لذلك عاد مره اخرى يتسلقى بجوارها وهو يجرها نحوه ويحتضنها بكلتا ذراعيه حتى يرتاح قلبه داخل ضلوعه وهى بين يديه .متى تخضعين لقلبى

الفصل السادس عشر ..


استيقظ فريد من غفوته بجوارها على صوت أزيز هاتفه الموضوع فوق الكومود بجواره ، التقطه ينطر بشاشته قبل ان يجيب وهو يتأفف بملل فالمتصل لم يكن سوى والده وهو يعلم جيداً فحوى ذلك الاتصال لذلك اجابه بضيق ساخراً :

-مش محتاج اسأل عن سبب اتصالك ده .. 

اجابه غريب من الطرف الاخر متشدقاً بحنق :

-مش عايزنى اطمن عليك كمان!!! ..

اجابه فريد وهو يعود لاحتضان حياة التى بدءت تستفيق على اثر مكالمته قائلاً :

-لا اتفضل اطمن براحتك ومتفكرش انى مش عارف مين اللى بينقلك كل حاجه .. انا بس سايبه بمزاجى ..


صدح به غريب بقوه حتى وصل صوته من الهاتف إلى مسامع حياة قائلاً بعصبيه :

-يابنى انت عايز تجننى !! ايه البرود اللى عندك ده !! اضرب نار على بيتك وانت بتكلمنى فى مين اللى وصلى الخبر !!عمتاً انا بعتلك شويه حرس زياده يفضلوا معاك الفتره دى لحد ما نشوف اخرتها مع الزفت منصور ده اكيد هو السبب ..


تشنجت ملامح وجهه فريد وابعد الهاتف عن اذنه قليلاً حتى انتهى والده من صياحه ثم اجابه ببرود مستفز :

-متشغلش بالك بمين ضرب نار على مين وبعدين انا مش عايز حاجة من حد .. امورى وانا هظبطها بمعرفتى .. المهم انت متدخلش .. 

اجابه غريب بأستسلام :

-انا عارف ان مفيش فايده فيك وكلامى كله ع الفاضى معاك .. عمتا نكمل كلامنا بكره فى الشركه .. 


اراد فريد إنهاء المكالمه بأسرع ما يمكن لذلك لم يجادل والده اكثر وانهى المكالمه دون تعليق ، ظلت حياة تراقبه حتى انتهاء مكالمته ثم بدءت تحدثه بهدوء قائله :

-فريد .. بباك عنده حق .. انت لازم تزود عدد الحراسه معاك لحد ما تعرف مين اللى عمل كده ..


تأملها مطولاً بعشق ثم تنهد بحراره وهو يدنى بجسده من جسدها ثم احنى رأسه يطبع قبله فوق جبهتها قائلاً بحنان :

-تعالى ..

احتضنها جيداً وحاصر جسدها بذراعه ثم أردف حديثه بنفس نبرته الحانيه قائلاً :

-متخافيش ومتقلقيش انا عارف مين عمل كده والموضوع ده هيخلص قريب ..


تنهدت حياة بأستسلام ورأسها يتوسد صدره ثم أردفت قائله بتردد :

-فريد .. ينفع اسالك سؤال ..

اجابها وهو يعبث بخصلات شعرها مجيباً بحب: 

-اسألى يا قلب فريد ..

رفعت حياة جسدها مستنده على مرفقها لتنظر إليه متسائله بترقب :

-انت عارف مين اللى عمل كده صح؟!..

اومأ برأسه موافقاً دون حديث ، ازدرت حياة ريقها بقوه ثم استطردت سؤالها بأستنكار :

-طب ليه كل ده ؟!.. ليه يعمل كده ؟!.. 

اغمض عينيه لبرٌهه يتذكر حديث والده عن اكتشاف حب منصور لوالدته وكرهه الواضح لفريد دون مبرر ثم فتحهما مره اخرى قائلاً لها وهو لازال يعبث بمقدمه شعرها :

-واحد من منافسين السوق .. مش قابل اننا نتفوق عليه ..


زفرت حياة بحزن ثم استطردت قائله بضيق :

-هو فى حد يعمل كده عشان الرزق ده كله بتاع ربنا !!! طب وبعدين هتعمل ايه دلوقتى .. 

اعتدل فريد بجسده حتى اصبح امامها ثم اضاف وهو يحتضن كفها بكلتا يديه قائلاً بحنو :

-متشغليش بالك انتى زى ما قلتلك الموضوع هيتحل قريب .. بس دلوقتى انا لازم اتحرك ورايا كام مشوار .. 


تبدلت نظرتها للقلق  وتمسكت بيده بقوه متمته برعب :

-لا متمشيش ..


اجابها فريد وهو يحتضنها بين ذراعيه قائلا تبرير :

-حبيبى انا مش هغيب بس فى حارس اتصاب ولازم اروح اطمن عليه مش هينفع اسيبه كده وكمان لازم افهم ازاى كل ده حصل ..


شدت من احتضان ذراعيها حول جسده متمته بتوسل :

-لا متسبنيش لو مصمم تنزل خدنى معاك ..

اجابها فريد بحزم حانى :

-حياة مش هينفع انا هروح المستشفى وبعدين متخافيش هسيب ناس معاكم هنا جوه الفيلا كمان للاحتياط ..

هزت رأسها بقوه وهى لازالت تحتضنه قائله بأصرار :

-لا مش عايزه حد .. يا اجى معاك يا تفضل هنا ..

انهت جملتها ورفعت رأسها تنظر إليه بعيون لامعه من اثر تجمع بعض الدموع بداخلها ، تنهد بأستسلام بمجرد رؤيته لدموعها ثم قال على مضض :

-ماشى خلاص قومى حضرى نفسك واعملى حسابك ننتعشى بره .. 


قفزت من الفراش بحماس كالطفله وهى تركض نحو غرفتها متمته بنبره تملؤها الحماس :

-حاضر ربع ساعه وهكون جاهزه ..


************


كانت جيهان جالسه بجوار غريب تستمع إلى مكالمته وعيونها ممتلئه بالتشفي ، سالت غريب بعد انتهاء مكالمته متلهفة  :

- غريب هو حصل ايه ؟!!..

زفر غريب بضيق وهو يعود بجسده للوراء ليستند على ظهر مقعده قائلاً بحزن :

-فى حد ضرب نار على البيت عند فريد 

..

سألته جيهان بخبث مستفسره :

-نار مره واحده !!! وفى بيته كمان !!! طب حد حصله حاجه ؟؟!..

اجابها غريب بعدما تنهد براحه :

-لا الحمدلله جت سليمه .. وأضح ان اللى عمل كده كان قاصد يهوش بس .. كل الضرب كان على الشبابيك والمداخل ..


أردفت جيهان تسأله بتفكر :

-طب ويا ترى عرفتوا مين اللى عمل كده ؟!!.

اجابها غريب مسرعاً :

-مش محتاجين نعرف هو منصور زفت مفيش غيره ..


هزت جيهان رأسه ببطء ونظراتها شاردة فى مكان اخر، نظر لها غريب مطولاً بأستنكار يتأمل سكوتها ثم سألها متوجساً :

-جيهان اوعى تكونى !!!!..


صاحت به جيهان بعصبيه قائله بحنق :

-جيهان جيهان !!! جيهان زهقت منك انت وابنك كل ما تحصله مصيبه تجيبوها فيا !! روح شوف ابنك اللى مش مخلى حد فى السوق مش عامل معاه عداوه .. 


لم يجد غريب ما يجيبها به فقط اكتفى بالانسحاب من تلك الجلسه الغير مجديه اما عن جيهان فقد غمغمت بسعاده قائله بعيون تلمع من شده الحماس :

-والله زمان يا منصور .. شكلنا هنعيد القديم تانى .. كويس انك ظهرتلى قبل ما أتورط لوحدى 


**********


انتها كلاً من فريد وحياة من زياره الحارس الخاص بالفيلا وتفاجئت حياة ان المصاب ليس الا ذلك الحارس الذى ساعدها فى اول يوم لها بالمنزل لذلك حزنت من اجله كثيراًوتمنت له الشفاء العاجل من كل قلبها الامر الذى اسعد الحارس كثيراً 


وبعد انتهاء زيارتهم اصطحبها فريد الى احد أفخم مطاعم الاسكندريه والمطل مباشرةً على البحر ، ومنذ وصولهم وأثناء فتره العشاء كان فريد مراعياً إلى اقصى درجه ممكنه حتى يستطيع اذابه ذلك الارتباك الذى تحمله نظراتها طوال الامسيه وبعد انتهاء وجبه العشاء تتهد فريد مستعداً قبل يحدثها بلهجته حازمه لا تحمل مجالاً للتراجع :

-حياة .. من اول الليله دى هتنامى معايا فى اوضتى .. انا عطيت امر لدادا عفاف تنقل حاجتك كلها معايا .. 


استحوذ على انتباهها بالكامل بمجرد نطقه لتلك الكلمات ، فازدردت لعابها بقوه وقد بهتت ملامحها وظهر التوتر جلياً عليها  قبل ان تسأله بنبره منخفضة مترقبه :

-يعنى ايه ؟؟!.. 


اخذ نفساً عميقاً ليستطرد قائلاً بنبره عمليه جاده :

-يعنى انا اوضتى أآمن من اوضتك غير انى مش هطمن بعد كده وانا فى مكان وانتى فى مكان حتى لو كان الفاصل باب .. عشان كده هتنتقلى معايا لحد ما احل المشكله دى ..


ظلت تنظر إليه ولم تعقب ولكن من قال انه يحتاج صوت ليفهمها فقد التقطت عينيه حيرتها بسهوله فأضاف بنفاذ صبر قائلا نبره خاليه  :

-متبصليش كده انا مش عضك .. ومفيش اى حاجه هتحصل بينا غير بموافقتك .. وبعدين قررى يا انا انام عندك يا العكس .. 


لوت فمها بضيق فهى من جهه تعلم ان كلامه منطقى وهى نفسها تخشى الابتعاد عنه خاصهً بعد ما حدث اليوم ومن جهه اخرى يراودها احساس قوى ان ذلك القرار لن يَصْب فى صالحها ابداً ، اما قلبها فكان له رأيى ثالث لن تجرؤ حتى على الاستماع إليه 

اما عن فريد فكان يجلس مترقباً ينتظر قرارها والذى بناءاً عليه سيقرر اذا كان سيستمر فيما انتوى فعله معها لبدء حياة طبيعيه بينهم ام انه سينتظر قليلاً بعد ، زفرت بتوتر ثم اجابته مسرعه كأنها تخشى التراجع فى قرارها :

-اوك .. 


امتلئ وجهه فريد بأبتسامه واسعه فبرغم وضعه لخطه بديله فى حاله رفضها او عنادها الا انه أسعده كثيراً ان توافق بملئ ارادتها فهذا معناه انها أصبحت مستعده ولو بنسبه بسيطه لمشاركته حياته ، تنحنح محاولاً السيطره على مشاعره ونبره صوته قبل ان يستطرد حديثه قائلاً بجديه شديده :

-تمام دى اول نقطه .. تانى نقطه ان من اول بكره هتنزلى معايا الشركه .. 


نظرت إليه مطولاً وهى تعض على شفتيها لمنع لسانها من الاندفاع  فهى تعلم جيداً انه لن يحتاج التفوه بأكثر من ذلك لتهتف بحماس بموافقتها فهى تكاد تموت مللاً من الجلوس بالمنزل طوال النهار بمفردها ، ولم تعى مدى اشتياقها للعمل الا بعدما رمى إليها كل تلك الملفات التى راجعتها كالنهمه ، ولكن لا ضير من اثاره حنقه قليلاً ،  لذا سألته مستفسره بأستفزاز :

-هعمل ايه فى الشركه ؟!.. 

رفع احدى حاجبيه ينظر إليها متأملاً   قبل ان يتشدق بجملته ساخراً :

-فى تمثال نقص من الشركه ومحتاجين حد بداله !!..


نظرت إليه فى بادئ الامر مستنكره قبل ان ترتخى نظراتها وتسأله بتهكم قائله :

-وعلى كده بتدفعوا حلو للتماثيل بتاعتكم ؟!.. 

التوى جانب قمه بنصف ابتسامه قبل ان يجيبها قائلاً بسخريه :

-مكنتش اعرف انك ماديه كده !!! .. 


اتسعت ابتسامتها وبدءت عيونها تلمع ببريق تسليه أعجبه بشدة قبل ان تضيف مشاكسه :

-وانا مكنتش اعرف انك شايفنى تمثال !! ..


فتح فمه ليجيبها ولكن فى تلك الأثناء مرت من خلف حياة امرأه كانت تبتسم لفريد بأغراء وهى تلوح له بيدها بدلال واضح ، فى بادئ الامر عقد حاجبيه محاولاً التذكر اذا كانت من معارفه ام لا قبل ان يشيح بنظره بعيداً عنها بعدم اهتمام ، التقطت حياة نظرته المتفحصة  فالتفت برأسها للخلف تنظر حيث تركيز نظراته  فتفاجئت  بتلك المرأه تشيح بنظرها بأرتباك بعيداً عنه ، استدارت برأسها بحده تنظر إليه بغضب وتمتم بحنق واضح :

-عيب كده على فكره !!! .. 


سألها فريد بعدم اهتمام واضح :

-هو ايه اللى عيب بالظبط !!..


ازداد حنقها من انكاره فأجابته بنبره حاده :

-انت عارف كويس انا بتكلم على ايه متلفش وتدور !! ..


ضيق نظراته عليها قبل ان يسألها مستفسراً وهو يضغط على حروف كلماته :

-اولاً مش فريد رسلان اللى يلف ويدور فلو انتى عندك حاجه عايزه تقوليها وضحى !! ثانياً دى واحده ***** شافت نفسها حلوه شويه فقالت اجرب يمكن اطلع منه بحاجه وثالثا ودى اهم نقطه .. حياة انتى غيرانه ؟!.. 


ارتبكت نظرتها قليلاً امام نظرته المتفحصة ولكنها سرعان ما تمالكت نفسها لتقول بتعلثم واضح :

-لا انا مش غيرانه .. بس مش عايزه الناس تتكلم عليا وتقول ياعينى قاعد مع مراته وبيبص لغيرها .. 


مال بجسده حتى اصبح وجهه على بعد خطوه واحده منها ثم قال بنبره ناعمه صادقه :

-انتى معايا ولا مش معايا ولا مليون واحده غيرك تملى عينى .. وبعدين هتفرق فى ايه لو انتى مش قدامى وانتى دايماً هنا ..


انهى جملته والتقط بيده كفها الموضوع فوق الطاوله ورفعه حتى موضع قلبه ثم قام بفرد أصابعها فوقه وهو لازال محتضناً كفها بكفه ، التمعت عيونها بسعادة واتسعت ابتسامتها رغماً عنها وهى تنظر مباشرةً فى عسليتيه ، أردف هو حديثه قائلاً بهمس ناعم وهو يقترب بشفتيه من شفتيها 

-وبعدين ممكن نثبت للناس دلوقتى انه جوزك بيحبك انتى .. 


شهقت بخجل وعادت برأسها للخلف مبتعده عنه وهم تغمغم بكلمات غير مفهومه مما جعله يقهقه عالياً ، تسمرت نظرتها فوقه وهى تتأمل ضحكته بتلك الغمزه الوحيده التى حفرت بداخل خده من اثر ابتسامته الحقيقه قائله بأعجاب واضح :

-ضحكتك حلوه اوى !!! المفروض اللى زيك مييطلبش يضحك ابداً .. 


كانت تريد الان العض على لسانها ذلك الذى تفوه الليله بكثير من الحماقات اما هو فقد لمعت عيونه بسعادة واضحه ثم تمتم لها وهو يتأمل عينيها قائلاً بعشق :

-واللى زيك المفروض يخبوا عيونهم عن الناس لان عيونك دى فتنه وانا اتفتنت بيها من اول فتحتيهم فى وشى ..


شعرت بحراره جسدها تزداد من أثر كلماته ونبرته الهامسه ويده التى لازالت تحتضن يدها بتملك ونعومة  لذلك اثرت الهرب من ذلك الموقف فسألته بأرتباك واضح :

-فريد ممكن نروح..


كان يعلم حيداً انها تراوغ ولكن يكفيه ما حصل عليه منها الليله لذلك اومأ لها برأسه موافقاً قبل ان يطلب من حارسه إنهاء الحساب والتوجه بها نحو الخارج وهو لايزال يحتضن يديها بين يديه 


***********


فى الصباح استيقظت حياة بحماسه لتجد نفسه نائمه بين ذراعيه وراسها يتوسد صدره ، عقدت حاجبيها بتركيز فهى تتذكر جيداً ان البارحه حاولت الحفاظ على مسافه بينهم حتى لا يظن انها ترتمى داخل احضانه كلما اتاحت لها الفرصه ، اما عن فريد فقد استيقظ بالطبع كعادته بمجرد تململها بين ذراعيه ، فتح عينيه ينظر لها بأبتسامه عابثه دون حديث ، سألته هى بتقطيبه واضحه مستفسره :

-بتضحك على ايه ؟!.. 


هز رأسه نافياً فى حركه تنم عن عدم نيته فى الاجابه عن سؤالها  لذلك انسحبت من الفراش وتحركت قبله لتستعد وترتدى ملابس العمل ، اما هو فقد ظل ينظر فى اثرها بأبتسامه واسعه وهو يتذكر فى منتصف الليل وبعدما اصرت على وضع وساده فاصله بينهم حتى يلتزم كلاً منهم بموضعه تفاجئ بها تقوم برميها بعيداً قبل ان تقترب منه طالبه النوم بين ذراعيه ، تنهد بحراره قبل ان يقرر وهو الاخر التحرك والاستعداد لبدء يومه المشحون .


بعد قليل كانت حياة تقف امام الجزء الخاص بملابسها امام خزانه فريد العريضه تحاول اختيار رداء اليوم ، لوت فمها بسخريه وهى تفكر بيأس ان خزانه ملابسه تعادل حجم غرفتها بمنزل والدها بعدما احتلت هى نصفها تقريباً فقد قامت السيده عفاف بنقل جميع ملابسها الذى انتقاها لها فريد منذ زواجهم والتى لم تمس اى منهم حتى الان ، حانت منها التفاته جانبيه لذلك الكم من البدل النسائية بألوانها المتنوعة  واقمشتها الناعمه ، انها تحتاج الان إلى اراده فولاذية حتى لا تمتد يدها وتنتقى احدهم من اجل ايبوم ، كانت غارقه فى تأملاتها ولم تشعر بحركته الا وهو يقف خلفها ليحتضن خصرها بكلتا يديه ويحنى رأسه ليستند بذقنه فوق كتفها ويهمس بجوار اذنها قائلاً ويده تمتد إلى بدله ذات ستره طويله من اللون الاسود مع بنطال من الجينز الفاتح قائلاً بصوت أجش :

-البسى دى هتبقى تحفه عليكى ..

 حركت رأسها قليلاً حتى تستطيع رؤيته فأردف يجيب على سؤالها الذى لم تنطق بِه قائلا بحراره :

-الاسود بيليق اوى مع لون عينيكى وشعرك ومفيش لون ممكن يعبر عن طبيعتك المتمردة غيره .. 


انهى جملته وفك حصار ذراعيه من فوق خصرها قائلاً بلطف وهو يضع قبله ناعمه فوق وجنتها :

هسيبك واروح البس فى الحمام وانتى البسى براحتك .. 


ظلت تنظر فى اثره حتى اختفى من امامها قبل ان تتحرك لتنفيذ مطلبه دون وعى او حتى اعتراض واحد


بعد فتره لا بأس بها كانت حياة تقف امام مبنى الشركه والمكون من عده طوابق نوافذه جميعها من الزجاج العاكس وفريد يقف بجوارها  يضغط بيده على يدها ليحثها على التقدم والدخول ، حركت رأسها تنظر إليه محاوله استمداد شجاعتها منه ولكنه كان ينظر إلى الامام بجبين عابس وملامح شديده الجديه كأنه يستعد لدخول معركه ما ، ابتعلت ريقها بصعوبه وهى تتأمل تبدل ملامحه ، فكرت بيأس ان تعود بأدراجها حيث المنزل فقد تخلت عن الفكره بأكملها كما ان فريد بهيئته تلك يبدو من نوعيه المديرين التى لا تفضل ابداً التعامل معهم او العمل تحت إمرتهم بأى شكل كان ، كما انها تفضل فريد الذى بالمنزل عن ذلك الذى يتحرك بجوارها ويرمى الجميع بنظرات ناريه دون سبب مقنع 


استأنفت طريقها بجواره بصمت شاعره بالتوتر من كم النظرات المسلطه عليها ما بين معجب وحاسد ومستنكر ومترقب حتى وصلا إلى الطابق الثالث حيث غرفه مكتبه ، توقف عن السير امام مكتب سكرتيرته الخاصه يأمرها بجمود دون ان يتكلف حتى عناء النظر نحوها قائلاً بحده :

-اطلبى مدير الحسابات وقوليله يحصلنى ع المكتب بعد عشر دقايق .. عشر دقايق بالظبط ومش قبل كده ..


شعرت حياة بالشفقة كثيراً على تلك الموظفه والتى  يبدو الارتباك جلياً على مظهرها وملامحها وهى تستمع إلى تعليماته الصارمة وفكرت بيأس اذا لم تكن هى حياة خاصة فريد كما يلقبها كيف كان سيتعامل معها وهو مديرها الخاص ، انها لا تريد حتى التفكير فى ذلك الامر ، تنحنحت محاوله تلطيف الجو من حولها قليلاً لذلك وجهت حديثها للسكرتيره قائله بود شديد: 

-صباح الخير ..

بادلتها السكرتيره ابتسامتها بأخرى مرتبكه وهى تغمغم بحذرقائله :

-صب

متى تخضعين لقلبى

الفصل السابع عشر ..


فى غرفتهم ظلت حياة تذرع الغرفه ذهاباً واياباً بعصبيه وهى تفرك كفيها معاً بضيق من لامبالاته نحوها ، فهو منذ تعنيفها فى الصباح لم يتحدث معها بكلمه واحده ولم يتعامل معها بأى شكل كان وهى أيضاً لم تفعل ، حتى انها رفضت مشاركته وجبه العشاء عل وعسى يبعث فى طلبها او يأتى هو بنفسه طالباً صحِبتها كعادته ولكن أيضاً دون جدوى 


فكرت بعناد وهى تتوجه نحو خزانه الملابس اذا انتظر منها ان تبدء هى فى الحديث معه فهو سينتظر طويلاً بعد .


دلف فريد بعد قليل إلى داخل الغرفه متجاهلاً وجودها تماماً ، كانت تقف هى امام خزانه الملابس لإخراج ملابس للنوم وعندما رأته يدلف داخل الغرفه التقطت اول ما وقع تحت يدها دون النظر به  وهو عباره عن قميص قطنى قصير بفتحه عنق منخفضة وينحصر إلى ما بعد الركبه بمسافة لا بأس بها واغلقت باب الخزانه خلفها بقوه فأصدرت صوت ارتطام قوى قبل ان تتحرك برأس مرفوع بتحدى لتبديل ملابسها فى الحمام 

 شهقت بصدمه وهى ترى ذلك الرداء القصير الذى جذبته يدها دون تركيز ، ظلت جالسه فوق حافه البانيو فتره لا بأس بها تفكر بيأس فى حل لتلك المعضله ، هل ترتديه ام تعود للخزانه وتستبدله بقميص اطول ، اذا خرجت بعد كل تلك المده دون تبديل ملابسها سيسخر منها وهى ليست فى مزاج يسمح لها ابداً بسخريته لذلك قررت ارتداءه والتحرك مباشرةً إلى الفراش والاندساس تحت الاغطيه واذا حالفها الحظ فمن الممكن الا يراها 


بدل فريد ملابسه ووقف ينتظر خروجها لكنها استغرقت وقتاً اطول من اللازم للخروج ، أرهف سمعه محاولاً الاطمئنان عليها فوجد الصمت يعم المكان  ، ظل يتحرك داخل الغرفه بقلق يحاول الوصول لقرار هل يطرق الباب ليطمئن عليها ام يستمر فى تجاهلها حتى تخرج بمفردها ، حسم آمره وقرر تنفيذ الاختيار الاول فهو كان ينتوي فى كل الاحوال التحدث معها قبل انتهاء تلك الليله لذلك استدار بجسده فى اتجاه المرحاض بدءاً لتنفيذ قراره عندما اصطدمت عينيه بها ترتدى رداء نوم قطنى بسيط يحاوط جسدها بشغف ويبرز جميع تفاصيله ويكشف عن اغلب ساقها وعنقها بمقدمه صدرها ، وقعت عينيها عليه فصرخت بصدمه قائله بإستنكار :

-ايه ده انت بتعمل ايه ؟!... 


افاق من شروده وتأمله لها على صوت صراخها وهى تساله بحده ، عقد حاجبيه معاً عابساً وهو يجيبها بعدم فهم :

-عملت ايه ؟!.. 


اجابته بتعلثم قائله :

-انت مش لابس .. قصدى فين تيشرتك .. قصدى انت مش لابس غير بنطلون ..

نظر لها مطولاً ثم اجابها بعدم اهتمام :

-الجو حر وانا متعود انام كده .. 


قاطعته معترضه بضيق :

-يا سلااااام !!!!! مانت كنت بتنام جنبى بالتيشرت .. 

اجابها بنبره خاليه وهو يتحرك نحو الفراش ليستلقى فوقه :

-كنت بعمل كده عشان متضايقيش .. بس بيتهيألى لازم تتعودى بقى زى ما بتتعودى تضحكى وتهزرى مع باقى الناس عادى .. 


هتفت بأسمه بحنق واضح :

-فرييييييييد !!! 

اجابها هو بتحدى رافعاً احدى حاجبيه :

-حيااااااة !! 

زفرت بأحباط ثم اردفت قائله بيأس :

-ولا حاجه مش مهم اصلاً .. انا هروح انام فى اوضتى .. 


انهت جملتها وهى تتحرك نحو باب غرفتهم المشترك تدير مقبضه فانتقض هو من نومته وفى اللحظه التاليه كان امامها يمسك بيدها ويمنعها من التحرك ، هتفت به بحنق قائله :

-فريد لو سمحت سبنى .. 


لم يجيبها بل انحنى بجسده يضع ذراعيه اسفل ركبتها ليرفعها بين ذراعيه ثم قام بألقائها فوق الفراش قائلاً بنبره حازمه :

-انا قلت مفيش بيات فى الاوضه دى تانى وكلامى يتسمع ..


أشاحت بنظرها بعيداً عنه وقد بدءت الدموع تتجمع داخل مقلتيها من الاحباط ، استلقى هو بجوارها متمدداً فوق الفراش وهو يزفر بضيق ، انتهزت فرصه ابعاد يده عنها فزحفت بجسدها بعيداً عنه ، مد ذراعه يسحبها نحوه مره اخرى ، كررت محاولتها ولكنه إلى جانب ذراعه التى حاوطت خصرها قام بلف قدميه حول قدمها ليكبلها فعلمت انه لا جدوى من مقاومته لذلك استلقت على جانبها الأيمن تدير ظهرها له وبدءت بالبكاء فى صمت ، ظل فريد يتأملها من الخلف لمده دقيقه ، كان يعلم انها تبكى رغم محاولتها عدم إصدار اى صوت او حركه توحى بذلك ولكنه كان يعلم جيداً انها تبكى ، زفر بتأثر ثم استدار على جانبه المقابل لها ورفع جسده يستند بمرفقه على الوساده فوقها وهو يتمتم لها بحزم حانى :

-حياة بصيلى .. 


لم تصدر منها اى حركه تدل على سماعها او نيتها تنفيذ طلبه وبدلا عن ذلك رفعت إصبعها لتمسح سريعاً بعض الدموع التى بللت وجنتيها ، اعاد طلبه مره اخرى ولكن بنبره هامسه ناعمه لم تستطع مقاومتها فوجدت جسدها يستدير فى ناحيته تلقائياً ، اخفضت عينيها وثبتت نظرها فوق صدره العارى حتى لا ينظر فى عينبها ويكتشف امر بكائها ، مد يده الحره يتلمس بأصبعه خصلات شعرها ثم سألها بهمس وهو لا يزال محافظاً على نبرته الحانيه :

-بتعيطى ليه دلوقتى ؟!.. 


فى ظروف ونبره صوت اخرى كانت ستجادله وتثير حنقه بكل ما أوتيت من قوه ولكن بتلك النبره التى يهمس بها بجوار اذنها والتى تحمل فى طياتها حنان العالم اجمع شعرت انها على وشك الذوبان او الإجهاش فى البكاء أيهما اقرب 

هزت رأسه رافضه ثم اجابته بصوت هامس متحشرج وهى لازالت مثبته نظرها فوق صدره :

-مش عارفه .. 

لاحت شبح ابتسامه حانيه فوق شفتيه حاول السيطره عليها ليستطرد حديثه بنفس النبره الناعمه قائلاً :

-طب ممكن ترفعى عينيك وتبصيلى .. 

هزت راسها مره اخرى رافضه فهى تحاول جاهده الحفاظ على رباطه جأشها امامه واذا رفعت نظرها نحوه ستنهار فى البكاء ، تنهد هو مره اخرى مطولاً ثم أردف حديثه قائلاً بعتاب حانى :

-طيب يعنى ينفع تتعاملى مع حد اول مره تشوفيه بالطريقه دى !! وبعدين افرضى طلع حد دماغه شمال وفهم تعاملك ده غلط اعمل ايه انا وقتها !!.. 


لم يخطر ببالها تلك الفكره على الاطلاق فقد دفعها حماسها للتعامل معه مثلما تعاملت مع السكرتيره فقط من باب المجامله وكسر التوتر وليس الا ، صمتت قليلاً ثم اجابته بنبره طفوليه تحمل دلال فطرى خالص :

-مكنش قصدى على فكره .. 

اتسعت ابتسامته رغماً عنه من اثر نبرتها المدللة فأردف يقول وقد بدء المرح يغلف همسه الناعم بعدما قام بطبع قبله رقيقه فوق جفنها الأيمن  :

-يعنى انتى مش عارفه انى بغير عليكى من اى حد ..

هزت رأسها ببطء عده مرات موافقه وهى لازالت تتحاشى النظر إليه ..


أردف هو متسائلاً بهيام وهو يطبع قبله اخرى فوق جفنها الأيسر :

-وعارفه انى لما بغير مبشفش قدامى ؟!.. 

هزت راسها مره اخرى وبنفس الطريقه عده مرات موافقه على حديثه وهى تنظر إلى خط البدايه فى مقدمه عنقه وتقاوم اغراء شديد لمد إصبعها وتلمسه


 أردف قائلاً بنبره جاده :

-يبقى احمدى ربنا انى مكسرتلهوش صف سنانه ده اللى كان بيضحكلك بيه .. 

هزت راسها تلك المره ولكن مسرعه كانها تخشى اذا تأخرت ان يقوم بفعل ذلك الان ، عادت ابتسامته تملئ وجهه وهو يرى الذعر بادياً على وجهها فأستطردت حديثه قائلاً بمرح :

-اتفضلى بقى نامى عشان عندنا شغل الصبح ..


رفعت نظرها تنظر إليه بدهشه فوجدت الابتسامه تزين ثغره وتملئ عينيه ، أردف هو مغمغماً بعبوس كأنه يتحدث إلى نفسه : 

-انا بقيت برجع فى كلامى معاكى كتير ودى حاجه مش عجبانى على فكره .. 


اتسعت ابتسامتها وهى تنظر نحوه ثم تمتمت بخجل :

-شكراً..

ودون وعى منها وكأن عقلها قد انفصل عن جسدها مدت إبهامها نحو عنقه تتحسس ببطء بدايته وتتبع عضلاته حتى توقفت عند مقدمه معدته تسمر إصبعها فى المنتصف وكأنها ادركت فجأة انها تفعل ذلك حقيقةً وليس داخل عقلها 

اغمضت عينها  بخجل  وسحبت إصبعها سريعاً وكورت يدها  كأنها تخشى اذا تركتها مفروده ان يخونها إصبعها مره اخرى ، كان فريد يتتبع بنظره إصبعها ويشعر وكأن يترك من خلفه خط من الحريق فوق جسده ، اغمض عينيه قليلاً محاولاً السيطره على سيل مشاعره المتدفقة ثم حدثها بمكر قائلاً :

-حلو اوى البتاع اللى انتى لابساه ده انا عايز منه كل بوم ..


فتحت عينيها تنظر إليه بعدم فهم قبل ان يقع نظرها على جسدها وتشهق بخجل لقد انحصر الرداء بسبب حركتها وكشف عن ساقيها كامله تقريباً ، مدت يدها بأرتباك تحاول إنزاله مره اخرى ولكن يد فريد كانت اسرع منها فقد قام بتكبيل كلتا يديها معاً بيد واحده وهو يتمتم داخل اذنها بأغواء :

-سبيلى انا المهمه دى ..


انهى جملته ومد كفه ببطء يلتقط طرف ردائها بأصبعه ثم بدء يسحبه للأسفل ببطء شديد متعمداً اثناء حركته لمس باطن كفه لساقها ، عضت حياة على شفتيها محاولة السيطره على تلك الرعشه الخفيفه التى اجتاحتها من اثر لمسته البطيئة ، اللعنه على هرموناتها المتقلبة !! لقد اختار التوقيت المثالى ليقوم بفعلته تلك ، هذا ما فكرت به حياة بيأس وهى تشعر بحراره جسدها تزداد مع كل لمسه منه على ساقها ، انتهى فريد مما يفعله ورفع رأسه ينظر إليها وقد استحالت لون عينيه إلى البندق من شده انفعاله ورغبته ، اخفض رأسه قليلاً ليقترب منها وهو ينظر نحو فمها ، فانفرجت شفتيها فى حركه تلقائيه منها امام نظراته الملتهبة ، اللعنه على جسدها الخائن تلك الليله ، واللعنه أيضاً على فريد ونظرات فريد ولمساته التى تكاد تفقدها صوابها ، انه لا يلعب بعدل مطلقاً فهى تكاد تكون بكر فى كل شئ وتفتقد حتى لتلك النبره الناعمة والتى كان يهمس بها بجوار اذنها منذ قليل ، اعادت كل ذلك إلى هرموناتها التى اوشكت على التغيير 


همس فريد اسمها بنعومه من بين شفتيه التى تكاد تلامس شفتيها فذابت اخر نقطه مقاومه لها ، رفعت كفها لتضعه خلفه عنقه وتدنيه منها ، التهم فريد شفتيها بين شفتيه ببطء ونعومة شعرت معها انها تغيب عن الوعى ، قطع قبلتهم صوت رنين هاتفه والذى صدع بقوه داخل أرجاء الغرفه  ، ابتعد عنها فريد وهو يلعن بحنق ثم سحب هاتفه من فوق الكومود ليجيب ، اخبره مساعده انه علم بطرقه الخاصه انه قد تم اختيار الغد لتقوم الضرائب بتفتيشها السنوى ، اغلق فريد هاتفه بعدما قام بعده اتصالات هاتفيه اخرى لترتيب أوضاعه ثم استلقى مره اخرى فوق الفراش ساحباً جسدها معه وهو يتمتم بخفوت :

-تصبحى على خير .. 


لم تدرى لم اصابها الاحباط عندما ابتعد عنها فجأة ، نهرت نفسها بقوه على  ذلك التفكير فيبدو ان عقلها لا يستطيع التفكير بطريقه سليمه تلك الايام 

تنهدت  بحيره وهى تفكر فى تبدل احوالها معه ، فمنذ فتره ليست ببعيده كانت تخطط  للهرب منه بكل ما أوتيت من عزم والآن ها هى تندس بين احضانه كأنها تريد الاختباء تحت جلده وداخل ضلوعه ، اما هو فأغمض عينيه بقوه محاولاً السيطره على اعصابه وجسده واستجماع إراداته حتى لا يعود ويقبلها مره اخرى فهو فى تلك اللحظه يعلم ان قبلتها لن تكفيه وهى ليست مستعده لذلك بعد ، سيتمهل ويسير فى طريق علاقتهم كما خطط واول شئ يجب عليه فعله هو محو لمسات ذلك الرجل المقيت من فوق جسدها ومن داخل عقلها .


فى الصباح استيقظت حياة وهى تتذكر بخجل كيف دنت بنفسها منه تطلب قربه وقبلته ، تنهدت بضيق ثم انسحبت بهدوء من جواره لتأخذ دشاً بارداً يعيد إليها توازنها وسلامه فكرها قبل الذهاب إلى العمل ، استيقظ فريد فور انسحابها من داخل احضانه ولكنه اثر التظاهر بالنوم حتى تتحرك بطبيعتها ، ابتسم بسعاده وهو يتذكر البارحه وكيف  اثبتت له انها اكثر من متقبله للمساته 


اما عن حياة فقد حاولت منذ استيقاظها  التهرب بنظراتها من نظراته قدر الامكان حتى تضع مسمى لكل ذلك التخبط الذى تشعر وهى بجواره . 


**********


امام مقر شركته ترجل فريد من سيارته ومد يده ليحتضن يدها وسار بها نحو الداخل وظل محتضناً يدها بداخل يده حتى وصلا إلى طابق غرفه مكتبه ، ابتسمت حياة بحبور فى تحية صامته لسكرتيرته الخاصه "ايمان" والتى انتقضت من مقعدها بمجرد رؤيتها لفريد يخرج من باب الاسانسير وحياة تسير إلى جواره بصمت ، وقف امامها ويبدو انها عادته اليوميه ان يملى عليها تعليماته المبدئية  قبل دخوله مكتبه ، سألها فريد بنبرته الجاده :

-فى حاجه ناقصه ؟!.. 


سارعت ايمان بالاجابة على سؤاله بوقار واضح :

-لا يا فندم كله تمام وكل الاوراق جاهزه وقت ما يوصلوا .. 


هز فريد رأسه بأستحسان ثم اجابها وهو يتحرك نحو باب مكتبه ساحباً حياة من خلفه :

-تمام انا فى المكتب دخليلى كل الاوراق اللى عايزه تتمضى اخلصها لحد ما يوصلوا ..

توقفت يده على مقبض الباب ثم استطردت حديثه كأنه تذكر ما يريده للتو :

-اه .. وهاتى لحياة هانم باقى ملفات الحسابات هنا ..


اومأت ايمان رأسها بخضوع موافقه على حديثه ثم رفعت  رأسها موجهه ابتسامه إعجاب نحو حياة التى بادلتها الاخيره ابتسامتها بأيماءه خفيفه من رأسها مطمئنه قبل ان تختفى مع فريد داخل غرفته ، غمغمت حياة بأعجاب واضح بمجرد إغلاق فريد للباب خلفهم لتقول :

-ايمان دى باين عليها طيبه اوى وشاطره كمان فى شغلها هى بقالها كتير معاك ؟!.. 


اجابها فريد وهو يمد كلتا يديه ليحتضن خصرها قائلاً :

-اه يعنى بقالها حوالى ٧ سنين .. كانت سكرتيره ليا من قبل ما امسك رئاسه الشركه واترقت معايا برضه ..


همست حياة بدهشه قائله بسخريه لاغاظته:

-واااااو .. فريد بيه متمسك بحد .. اكيد ايمان عندها اراده حديديه عشان شغلها يعجبك كده .. انا اعُجبت بيها فعلا .. 

رفع فريد احدى حاجبيه ينظر لها بعبوث ساخر وهو يشدد من لف ذراعيه حول خصرها حتى اصبحت ملتصقه به تماماً ثم همس بشفتيه امام شفتيها قائلا بشغف واضح :

-متأكده انى مش بتمسك بحد ؟!.. 


ازدردت لعابها بقوه ولَم تعُقب وبدلاً عن ذلك حركت ذراعيها لاعلى  لتستند بكسل على ساعديه وتحتضنهما بكفيها فى تملك واضح وهى تسلط نظرها فوق شفتيه ، حرك فريد رأسه ببطء فتلامست شفاهما معاً قبل ان يبتعد عنها قليلاً ، رفعت حياة رأسها تنظر إليه بتساؤل جعل ابتسامه رضا تلمع داخل عينيه ثم اخفض رأسه مره اخرى نحوها ملامساً شفتيه بقبله قاطعتها عده طرقات فوق باب غرفته ، زفر هو بضيق وابتعدت عنه حياة على الفور وهى تمسح جبهتها بتوتر لأئمة نفسها على الانسياق وراء رغبه جسدها فى التقرب منه ، 

دلفت ايمان نحو الداخل بتوجس وهى ترى نظرات فريد الناريه نحوها دون مبرر، وضعت الملفات فوق مكتبه بارتباك  وهى مطرقه الرأس ثم استأذنته فى الخروج والتفت مره اخرى نحو الخارج مسرعه ، عبث فريد بأصبعه فى احد الملفات ثم سأل حياة بنبره جامده كانها لم تكن منذ دقيقه واحده بين احضانه :

-فى مشاكل قابلتك امبارح ؟!..


هزت حياة رأسها نافيه بغيظ وقد تذكرت كيف قام بتجاهلها البارحه طوال اليوم ولم يهتم حتى بسؤالها عن اول يوم لها بالعمل ولكن ذلك المغرور تذكر فعل ذلك اليوم بعدما انهى عقابه لها ، تحركت بحده نحوه تسحب الملفات من تحت يده بقوه وهى ترمقه بنظره غاضبه من بين أهدابها الطويله ثم انسحبت نحو الاريكه تجلس بكبرياء وهى تضع ساقاً فوق الاخرى وتتفحص الملف بتركيز ، اتسعت ابتسامه فريد من مظهرها الغاضب وهو ينظر نحوها بأعجاب فهو لم يكن يتوقع ان يستمر هدوئها مطولاً وخصوصاً انها لم تعانده البارحه ، هز كتفيه بعدم اهتمام ثم تحرك يجلس خلف مكتبه ليبدء عمله ، انغمست حياة  فى مراجعه الملفات بعنايه وقد أقسمت على تجاهله طوال اليوم وعدم السماح له بالاقتراب منها 


 بعد حوالى الساعتين حانت منها التفاته جانبيه نحوه وهى تفكر بأشفاق انه حقاً يعمل بجد طوال اليوم ففى خلال تلك الساعتين اجاب على ما يقارب خمسه عشر اتصالاً هاتفياً إلى جانب كم الملفات الموضوعه امامه والمطلوب منه مراجعتها قبل انتهاء اليوم ورغم ذلك فهو يبدو فى قمه وسامته وقد خلع سترته وشمر عن ساعديه القويين  وارخى ربطه عنقه وحل الزر الاول من قميصه كاشفاً عن عنقه المثير ، حركت حياة رأسها بشده محاوله طرد تلك الافكار الغريبه من داخل رأسها 


وفى منتصف اليوم ورده اتصال داخلى يبلغه بوصول موظفى هيئه الضرائب إلى الطابق الارضى ، فطلب فريد ايصالهم إلى غرفته ،  بعد قليل استقبلهم فريد وحياة بجانبه بداخل مكتبه وصمم على قيامهم بالمراجعة هنا وبداخل مكتبه لضمان اكبر قدر من الراحه لهم ، كانت حياة تراقبه وهو يتعامل مع الامور بمنتهى الحنكه والذكاء غير قادره على اخفاء نظره الفخر والتى كانت تلمع بها عينيها وبوضوح ، حتى انها وجدت نفسها تحرك جسدها تلقائياً لتدنى منه عندما قام رئيس اللجنه وهو رجل فى منتصف الخمسينات بسؤالها بنبره وديه عن تخصص دراستها العليا بعدما قام فريد بأخباره عن مجال دراستها بفخر شديد وهو يرمقها بنظره أبويه مشجعه ، اجابته حياة على سؤاله باستحياء قبل ان يعود  الرجل مع باقى لجنته لدفن رؤوسهم داخل الملفات مره اخرى 


انتهز فريد فرصه اقترابها منه وانشغال الرجال بعملهم ومد يده ببطء ليضعها فوق ظهرها تحت سترتها ثم قام بعدها وبحذر شديد برفع طرف بلوزتها وادخال يده تحتها ، تسمرت حياة فى مكانها واتسعت مقلتيها وهى تنظر نحوه بأندهاش من فعلته الجريئة غير قادره على ايجاد صوتها والاعتراض ، غمز لها فريد بطرف عينيه دون ان يراه احد وهو يبتسم نصف ابتسامه مستمتعه وهو يحرك أصابعه بأغراء فوق بشرتها الناعمه حتى وصل إلى جانبها الأيمن ، ضمت حياة ذراعها تضغط بمرفقها من فوق ملابسها وبكل ما أوتيت من قوه على أصابعه لتحاصره وتمنعه من الاسترسال فى تحسسه لجسدها ولكنه فرق أصابعه وحررها من تحت ضغطها بسهوله واستمر فى تحسسه حتى وصل للجزء العلوى من ملابسها النسائية وأخذ يعبث بها محاولاً فك رباطها ، شهقت حياة بقوه مما جعل احد الرجال يرفع رأسه للاعلى بفضول مستكشفاً  ، سحب فريد يده مسرعاً دون ان يلاحظه احد ووضعها بجانبه كأنه لم يفعل شئ ، حاولت حياة تدارك موقفها وإخفاء احمرار وجنتيها فتحولت شهقتها إلى سعال مفتعل ، ربت فريد فوق ظهرها محاولاً كبت ابتسامته وهو يسألها بخبث :

-انتى كويسه ؟!.. 

هزت رأسها بأرتباك موافقه و نافيه فى نفس الوقت ثم تمتمت بخفوت قائله  :

-عن اذنكم ..


اومأ لها فريد برأسه موافقاً وهو يرمقها بأبتسامه عابثه وفى نفس الوقت ساحره ، ركضت حياة مسرعه إلى داخل المرحاض الملحق بغرفته ، اغلقت الباب خلفها جيداً ثم استندت بجسدها فوقه وهى تتنفس بحده محاوله السيطره على ارتجاف جسدها وخفقات قلبها التى تقرع كالطبول ، رفعت يدها تتلمس بكفها وجنتها وجبهتها وهى تغمغم لتهدئه انفاسها المضطربه :

-دى هرمونات مش اكتر .. انتى اليومين دول متلغبطه مفيش حاجه من اللى فى دماغك .. انتى بس هبله ومتأثرة بكلامه مش اكتر .. متفكريش فى حاجه مش موجوده .. يومين وهترجعى طبيعيه تانى ..


هزت رأسها بحزم وهى تعدل من وضعيه ملابسها ثم خرجت برأس مرفوع محاوله قدر الامكان تجاهل نظرته والتى كانت تعلم جيداً انها مسلطه عليها ثم غمغمت هاربه منه :

-انا هطلع اسال ايمان على حاجه وراجعه .. 

انهت جملتها وهرولت نحو الخارج مسرعه دون انتظار اجابته .


قضت حياة ما تبقى من يومها على المقعد المقابل لايمان تثرثر معها فى اى شئ وكل شئ محاوله صرف تفكيرها عنه وإشغال عقلها بأى حديث حتى لا تتذكر لمساته التى لازالت تشعر بحرارتها على جسدها .


*************


فى تلك الأثناء اصطدم منصور اثناء خروجه من احد المطاعم الشهيره بجسد انثوى مغرى ، ضغطت المرآة والتى لم تكن تتجاوز اواخر العشرينات بجسدها على جسده وهى تقول بدلال مصطنع :

-سوورى .. ماخدتش بالى .. 

اجابها منصور وهو يتأمل جسدها ومفاتنها الانثويه والتى تُظهرها ملابسها الفاضحه بقوه قائلاً بأعجاب :

-لا سورى ايه بس .. ده ياريت كان حصل من زمان ..  


دوت المرأه ضحكتها عالياً وهى تتحسس صدره بكفها قائله بأغراء :

-اسم الباشا ايه ؟!..

اجابها منصور وهو يتنهد بحراره قائلاً :

-باشا ايه بس ده انتى اللى باشا ..

رنت ضحكه المرأه مره اخرى وهى تسأله باغواء :

-طب ايه هنفضل واقفين هنا كتير ..


التفت منصور برأسه يميناً ويساراً ليتأكد من عدم وجود احد حولهم ثم قال بخبث :

-لا هنا ايه .. تعالى عندى مكان تانى هيعجبك اوى .. 


انهى جملته وهو يمسك بذراعها ويسحبها نحو سيارته بحذر قبل ان يراه احد ، جلست المرآه بجواره ثم اخرجت هاتفها مسرعه تبعث برسالته نصيه إلى شخص ما ثم اخفته بحذر مره اخرى دون ان يراها ..


**************


 انتهى اليوم وانتهى معه التفتيش ورافق فريد اللجنه إلى الخارج مودعاً بتفاخر  بعدما سار كل شئ على خير ما يرام ثم التفت نحوها يقول بنبرته الآمرة :

-حياة حضرى نفسك عشان هنتحرك .. 


هزت رأسها موافقه وهى تتحرك خلفه نحو غرفته تلتقط حقيبتها وهى تحمد الله سراً على انتهاء يومها اخيراً فهى تشعر بأرهاق شديد من جلوسها على ذلك المقعد طوال اليوم كمان انها بدءت تشعر بالآلام  خفيفه تغزو ظهرها وأسفل بطنها ، التقط فريد هاتفه ومفاتيح سيارته ثم مد يده الخاليه يحتضن يدها وهو ينظر إليها بتفحص ثم سألها بأهتمام :

-انتى كويسه ؟!.. 

هزت رأسها له مطمئناً وهى تبتسم بشحوب .. 

عقد حاجبيه معاً وهو يسالها مستفسراً :

-متأكده انك كويسه ؟!.. حاسس انك تعبانه !!.. 


كانت تشعر بالخجل من الإفصاح عن سبب آلمها الحقيقى لذلك اجابته كاذبه :

-مفيش بس صدعت شويه هروح اخد مسكن وابقى كويسه ..

ترك يدها على الفور مبتعداً عنها وهو يبتسم لها بتفهم ثم غمغم بأصرار وهو يلتقط الهاتف الداخلى :

-وليه نستنى لما تروحى ..


صمت قليلاً ثم تحدث على الفور امرأ بلهجته الصارمه:

-ايمان لو سمحتى هاتى مسكن دلوقتى وتعالى مكتبى ..

ابعد سماعه الهاتف عن اذنه قليلاً موجها حديثه لحياة متسائلاً :

-تحبى تجيبلك نوع معين ولا اى حاجه ؟!.. 

حركت رأسها بأرتباك وهى تغمغم بخفوت :

-اى حاجه مش مهم .. 


بعد قليل كانت ايمان تقف امامهم بشريط كامل من الأقراص المسكنه وكوب من الماء اخذهم فريد من يدها مسرعاً ثم اخرج حبه دواء ووضعها داخل فم حياة التى فتحت فمها دون اعتراض تلتقطها منه بشفتيها قبل ان يرفع كوب الماء نحو فمها لتبتلع حبه الدواء وسط نظرات ايمان المتفاجئه والتى كانت تفتح فمها بأندهاش من تصرف رب عملها الغير متوقع ومسبوق ، استدار فريد ينظر نحوها شرزاً ويرميها بنظرات  عابسه  جعلتها تستدير  بجسدها بأرتباك ثم ركضت على الفور نحو الخارج مغلقه الباب خلفها بذعر ، انحنى فريد يطبع قبله حانيه فوق شعره حياة وهو يحتضنها بين ذراعيه بنعومه تناست معها قسمها الذى اقسمته صباحاً بالابتعاد عنه وتجاهله ، همس فريد بجوار اذنها قائلاً بمكر :

-على فكره انا نومى خفيف وسمعتك الشهر اللى فات وانتى بتسألى عفاف على مسكن برضه .. وبعد كده لما تكونى تعبانه متكدبيش عليا وقوليلى على طول .. 


شهقت حياة بخجل وهى تتذكر الشهر المنصرم عندما تفاجئت فى منتصف الليل بألم شديد ولم تجد احد تطلب منه المساعده غير دادا عفاف التى هرولت إليها تساعدها وكانتا يتحدثان معاً داخل غرفتها الملاصقة له ولم تتخيل ابداً ان اصواتهم تصل إليه  ، فتحت فمها لتجيبه معترضه ولكن اوقفها او بمعنى اصح انقذها صوت رنين هاتفه الذى صدع داخل الغرفه مقاطعاً ، اجاب فريد متسائلاً على الفور :

-ها كله تمام ؟!.. 

صمت قليلاً ثم أردف قائلاً بجمود :

-استنانى .. نص ساعه وهكون عندك ..


انهى مكالمته ثم تمتم لها على عُجاله قائلاً وقد تبدلت نبرته تماماً للجديه :

-حياة السواق هيوصلك على البيت وانا عندى مشوار هخلصه وارجع ..

نظرت إليه فأردف قائلاً  بحزم شديد :

-حييااة .. مش عايز اعتراض .. روحى على البيت وانا هحصلك بليل ..

هزت رأسها موافقه فهى لم تكن فى مزاج يسمح لها بالمجادله من الاساس .


**********


فى منزل منصور دلفت المرأه إلى الداخل وهو يحتضنها باشتهاء واضح ، غمز لها قائلاً بمجون :

-بقولك ايه اوضه النوم فوق اطلعى ظبطى نفسك عقبال ما احصلك ..


 سألته المرآه وهى تفرك يدها معاً متصنعه القلق:

-بس يا باشا الناس اللى واقفه بره دى هتفضل كده عادى ؟!..

سألها منصور بعبوس :

-مالهم يعنى ؟!.. 

اجابته المرآه وهى تعض على شفتيها وتقترب منه بأغواء :

-قصدى انى مش هبقى واخده راحتى وانا عارفه ان فى حد بره واقفلى كده وبعدين ممكن يسمعونا ..

اجابها منصور بنفاذ صبر : 

-ملكيش دعوه  بيهم مش هيركزوا وبعدين خلصى بقى مش هنقضى اليوم كله كلام ..


اقتربت المرآه منه لتقاطعه معترضه وهى تتعمد لمسه بأثاره حتى يرضخ لطلبها قائله بهمس مغرى :

-يا باشا عشان خاطرى نص ساعه بس حتى خليهم يمشوا عشان اعرف اشتغل معاك بمزاج واهو فى الاخر كله لمصلحتك ..


نظر منصور نحوها متردداً ولكن يدها التى كانت تعبث بجسده جعله يستسلم قائلاً بحراره :

-ماشى هخليهم يمشوا شويه بس انتى انجززززى ..

ابتعدت عنه وهى تغمغم بحماس :

-هوا يا باشا اغير هدومى واجيلك ..

وصف لها منصور موقع غرفته ثم تركها وذهب ليطلب من حراسته الذهاب والعوده بعد حوالى ساعه على الا يبتعدوا كثيراً عن محيط المنزل 


دلف غريب إلى غرفته فوجدها تتمدد فوق الفراش برداء فاضح يظهر جسدها كاملاً ، دنى منها فأوقفته يدها وهى تقول بأعتراض :

-يا باشا !!.. هنبدء كده !! مش لما تقلع الاول ..

اجابها منصور وهى يمرر لسانه فوق شفتيه بأشتهاء قائلاً :

-عندك حق يا بنت الايه .. شكلك عارفه شغلك صح ..

انهى جملته وانتهى من خلع ملابسه ثم تمدد جوارها فى الفراش ، وسحبها نحوه ثم شرع فى تقبيلها بنهم


وفى اللحظه التاليه دلف فريد لغرفته وبصحبته حراسته كامله ، انتفض منصور من فوق فراشه وهو يصرخ بحنق مستنكراً :

-ايه ده !!! انت بتعمل ايه هنا !!..

حرك فريد رأسه ببطء أسفاً ثم تحدث ببرود متعمداً استفزاز منصور :

-تؤ تؤ تؤ .. اعصابك يا منصور بيه ..

تحرك فريد حتى وصل إلى احد المقاعد الموضوعه بداخل الغرفه ليجلس فوقه وهو يضع ساقاً فوق الاخرى بزهو بعدما اومأ برأسه للحراس بتكبيل منصور ومنع حركته  ثم أردف حديثه وهو يمط شفتيه  بتفاخر قائلاً:

-عارف قوه فريد رسلان ايه ؟!.. انه بيصبر لحد ما يعرف ايه هى نقطه ضعف اللى قدامه عشان لما يضربه .. يضربه صح .. 


تحرك من فوق مقعده ثم تحرك فى اتجاهه مستطرداً حديثه قائلاً بأشمئزاز واضح :

-وعارف انت ايه هى نقطه ضعفك ؟!.. انك نجس .. والنجاسه بتجرى فى دمك .. يعنى مفيش اسهل من كده .. 


وقف امامه ثم مال بجزعه نحوه ثم أردف يقول بتشفى :

-عشان كده شايف الشنطه اللى هناك دى !! فيها كاميرا hd يعنى فضيحتك هتكون بالصوت والصوره وfull hd كمان .. عشان تتعلم لما تلعب تلعب مع اللى قدك ..

انهى حديثه واستدار بجسده نحو الخارج بعدما اخذ الكاميرا من داخل الحقيبه ثم توقف ونظر إليه من فوق كتفه وهو يبتسم بشراسه قائلاً :

-انت عارف ان كان ممكن أنفذ كل ده من غير ما اتعب نفسى واجيلك .. بس لما فريد بيعمل حاجه بيقول انه عملها مش بيستخبى زى النسوان !! .. عمتا لما تفوق كده وتستر نفسك ابقى كلمنى عشان تسمع شروطى بدل ما صورك بكره تكون مغرقه  النت .. واحمد ربنا ان محدش جراله حاجه ساعتها عشان صدقنى كنت هتحصله ليلتها ..


حاول منصور الافلات من قبضه الحراس ولكن فريد أشار لهم فقام احدهم بضرب منصور فوق رأسه وأسقطه فوق الفراش فاقداً للوعى 


ركضت جليله التى انسحبت بمجرد دخول فريد وحراسه لتبديل ملابسها خلف فريد تستوقفه وهى تساله برجاء :

-باشا .. الله يخليك انت وعدتنى وشى مش هيبان صح ؟!..

اجابها فريد مطمئناً :

-اطمنى يا جليله .. انتى خدمتينى وانا عند وعدى .. شقتك موجوده هتختفى فيها ومحدش هيعرف يوصلك والصور هتنزل من غير ما حاجه منك تبان ..

انحنت جليله نحو كف يده لتقبلها ولكن فريد سحب يده مسرعاً وهو يتمتم بنفاذ صبر :

-خلاص يا جليله متوجعيش دماغى .. هخلى حد من اللى معايا بره يوصلك وزى ما نبهتك مشوفش وشك تانى ..

حركت رأسها بسرعه موافقه فزفر هو براحه ثم تحرك مسرعاً نحو سيارته يستقلها ويذهب ..


***********


دلف فريد إلى غرفته وهو يبحث عنها بعينيه فلم يجدها ، فتح خزانته وسحب ملابسه ثم توجهه نحو الحمام ليأخذ دشاً سريعاً يزيل به إرهاق يومه ، خرج بعد قليل فوجدها تقف امامه وهى ترتدى جاكيت ثقيل مبطن يخفى جسدها بأكمله حتى عنقها مع بنطال واسع فضفاض ، سألها مستنكراً :

-حياة ايه اللى انت لابسه ده ؟!..


-اجابته كاذبه بحده :

-ايه سقعانه !! بلاش كمان ادفى ؟! ..

اجابها مقلداً لهجتها اللاذعه :

-سقعانه والدفايه شغاله ودرجه الحراره ٢٦!!! ..

ارتبكت ملامحها ثم اجابته مهاجمه وهى تتجه نحو الفراش تستلقى فوقه وترفع الاغطيه فوق جسدها :

-اه سقعانه وبعدين انا حره هو انت اللى حاسس بالسقعه ولا انا !!..


حرك فريد رأسه بأستسلام وهو يبتسم من حركتها الطفولية تلك ثم تحرك خلفها ليستلقى فوق الفراش ويجرها نحوه  لتنام داخل احضانه ، تنهدت حياة بضيق فهى بالفعل تشعر بالحراره منذ الان ولكنها لن تجازف بالنوم جواره بملابس خفيفه حتى لا يكرر ما فعله معها فى شركته فى الصباح ، لذا ستظل بتلك الملابس التى تخفى جسدها حتى تنتهى ايامها الصعبه وتعود سيطرتها على جسدها مره اخرى 


حل منتصف الليل ولم يغمض لها جفن فهى فى الحقيقه تشعر بالحر الشديد بسبب تلك الملابس اللى ترتديها مع الغطاء ونظام التدفئة الذى يستخدمه فريد لتدفئة المنزل باكمله فى الشتاء إلى جانب الحراره المنبعثة من جسده والذى يحاوطها بتملك ، زفرت بيأس ثم استدرات برأسها تنظر إليه حتى تتأكد من ذهابه فى النوم ثم انسحبت ببطء تسير بحذر على أطراف أصابعها حتى وصلت إلى الخزانه ، قامت بسحب شورت قصير وكنزه صيفيه فضفاضه وقامت بارتدائهم على عُجاله وعادت مره اخرى تستلقى بجواره ، قاوم هو بشده ابتسامه هددت بفضح آمره والكشف عنه وعاد للتظاهر بالنوم مره اخرى .


فى الصباح استيقطت حياة على أصابع  ناعمه تدلك اسفل بطنها برفق ، تأوهت براحه وهى تقوس ظهرها لتلتصق به وهى تظن انها تحلم بكل ذلك ، دنى فريد منها ثم سألها هامساً داخل اذنها بصوته الناعس :

-لسه تعبانه ؟!.. 


استدرات بجسدها تنظر إليه وتستلقى على ظهرها فتفاجئت به ينظر إليها حقاً ، اذا فهى لا تحلم !! شهقت بصدمه فسارع هو يقاطعها هامساً :

-هششششش .. 

همت بالحديث ولكن كفه الذى كان يضغط برفق فوق بطنها ويبعث لها بالحراره والدفء جعلها تفقد النطق تماماً ، سألها فريد هامساً :

-تحبى اوقف ؟!..

هزت رأسها ببطء رافضه وهى تضغط بقوه على جفونها بعدما أغلقتها لتسيطر على مشاعر المتدفقة ، هتف فريد بأسمها بنعومه قائلاً :

-حياة .. افتحى عينيك ..


أطاعته على الفور وبدء تفتح جفونها فى عسليتيه الداكنتين وهى تعض على شفتيها بترقب ، تحركت بجسده يستدير على جانبه المقابل لها مستنداً بمرفقه ثم احنى رأسه وبدء يقبل جبهتها وجفونها ثم اخفض شفتيه يتلمس وجنتيها اولاً ثم بدء يقبلهما ببطء شديد وهو يسألها من بين قبلاته بترقب :

-مضايقه ؟!..


حركت رأسها نافيه فأكمل سيل قبلاته حتى وصل إلى عنقها وأخذ يقبلها بقوه ورجولته تغويه لترك علامات فوقها يثبت لها انها ملكه هو فقط وللأبد ، اخذت حياة تتأوه بخفوت ودقات قلبها على وشك التوقف من نعومه قبلاته ، انها سيمفونيه متكامله ، لم تكن قبلاته عباره عن اشتهاء او محرد رغبه جسديه ، بل كان يبث من خلالها كل ما يشعر به من عشق خالص لها ، انحنى برأسه فوق بطنها واخذ يقبلها فى خط مستقيم بعدما قام برفع كنزتها حتى وصل إلى فمها رفعت يدها تحاوط عنقه وتدنيه منها غير واعيه بأى شئ اخر ، التقط شفتيها بين شفتيه وأخذ يقبلها بجنون وشغف ويده تطوف فوق جسدها  ، ابتعد عنها بعد فتره حتى يسمح لرئتيهما ببعض الهواء وهو يتأملها بشغف وشفتيها قد تورمتا من اثر قبلاته 

همس امامهم قائلاً بهيام :

-متمنتش حاجه فى حياتى قد انك تبقى بين ايديا كده ..


دفن رأسه فى تجويف عنقها مستنشقاً عطرها ثم اضاف وهو يهمس بجوار اذنها :

-حياة متنفعش غير لفريد .. وفريد مينفعش غير لحياة .. 


*********


بعد انتهاء الفطور والذى تناولته حياة معه وهى تكاد تذوب خجلاً كلما تذكرت ما حدث بينهم فى الصباح  تحركا معاً إلى الشركه جنباً إلى جنب ،  كانت فريد  يحتضن يدها بتملك واضح وشديد كانه يخشى إفلاتها  ، دلفا معاً إلى مكتبه ثم حدثها فريد بنبرته الناعمه قائلاً بحنان وهو يقف قبالتها :

-حبيبى .. مكتبك جهز .. من النهارده هتقعدى فيه .. هو جنب مكتبى هنا .. لو احتجتى اى حاجه قوليلى ..


هزت رأسها موافقه وفتحت فمها لتجيبه عندما اوقفها اندفاع نجوى من الباب دون استئذان  نحو فريد قائله بدلال :

-فريد حبيبى ..

استدارت حياة بحده تنظر نحوها وهى تسألها بأستنكار شديد :

-نعمممممممممممم !!!!!...

متى تخضعين لقلبى 

الفصل الثامن عشر ..


نظرت حياة يميناً ويساراً بصدمه قبل ان تعود بنظرها لفريد ، هل حقاً تحرك لسانها وافصح عما يدور فى عقلها ام ان هذا الاستهجان الذى كان بداخل عقلها ظل بداخله؟! ، اللعنه على لسانها الذى اصبح يثرثر كثيراً وينطق دون تفكير !! لا اللعنه على تلك الوقحاء المتصنعة التى تحاول اغراء زوجها وتحسسه امامها !! زوجها هل قالت للتو زوجها ؟!!! ، ما هذا الهراء الذى يسيطر على تفكيرها تلك الايام !! لقد فقدت توازنها تماماً لتتقبله كزوجها ولكن لم لا فتلك هى الحقيقه !! ، نفضت رأسها بحده وهى تفكر بضيق  فسيكون لديها الكثير من الوقت للتفكير فى وضعها اما الان فستعود إلى تلك الوقحه التى اندفعت لتزيحها من طريقها وتأخذ مكانها لتقف قبالته بملابس كاشفه وتتلمس ذراعه بطريقه فاضحه ، زجرها فريد بقوه وهو يحاول نفض يدها من فوق ذراعيه وهو ينظر فى اتجاه حياة التى كانت فى تلك اللحظه فى عالم اخر تفكر هل تقوم بنتف شعر تلك المتطفله ام القائها من نافذه المكتب ، اعادها من افكارها العدائيه صوت نجوى  قائله لفريد بدلال :

-سورى يا فريد .. انت عارف انى متعوده على كده وماخدتش بالى ان مراتك يعنى من ثقافه تانيه وممكن تضايق ..


فى تلك اللحظه وعندما هم فريد بطرد نجوى أوقفه اندفاع حياة نحوه تتأبط ذراعه قائله بتهكم شديد ونبره ذات مخزى :

-عندك حق .. بس مش فى ثقافتنا احنا بس هو معروف فى العالم كله ان اللى بتتعامل كده مع راجل متحوز ليها مسمى وتوصيف واحد ..


لمعت عينى فريد بأعجاب واضح وهو يفكر بسعاده بقطته المشاكسه التى لا تحتاج لمن يدافع عنها ، ابتسم لها بحب وهو يتحرك نحو مكتبه مستديراً بجسده عنها سألاً نجوى بنفاذ صبر ومستفسراً بجمود:

-نجوى ايه اللى جابك وعايزه ايه ؟!.. 


ركضت نجوى بلهفه واضحه تجلس فى المقعد المقابل له وهى تجيبه بدلال مصطنع :

-ولا حاجه يا حبيب... قصدى يا فريد .. انا زهقت من القاعده وطلبت من بابى يخلينى انزل اشتغل وهو وافق على طول وطلب منى اجيلك امسك مكانه مادام هو مسافر ..


زفر فريد بضيق وهو يتململ داخل مقعده الوثير مفكراً فى طلب نجوى فى ذلك التوقيت تحديداً فهو يعلم طباعها جيداً على ان يكون كل ذلك مصادفه 


اما عن حياة فقد تحركت نحو المقعد الوحيد الشاغر قبالته تجلس هى الاخرى تضع ساقاً فوق الاخرى وتنظر نحو نجوى بترقب كأنها تنتظر اللحظه المناسبه للهجوم عليها ، سألها فريد بصوته العميق مستفسراً بعدما وجهه نظراته لها :

-حياة !! مش هتروحى على مكتبك ؟!!.. 


التفت تنظر له بحده ثم سألته ببطء شديد رافعه احدى حاجبيها بأستنكار  :

-انت عايزنى امشى ؟!... 


اجابها فريد وهو يحاول كبت ابتسامته مفسراً :

-لا بس كان فى الملف اللى طلبته منك محتاج تخلصيه عشان محتاجه بكره فى الاجتماع .. 

اجابته بحده :

-تمام مادام مستعجل عليه هقعد اخلصه هنا زى اليومين اللى فاتوا .. ولا فى مشكله ؟!..


نطقت جملتها الاخيره بنبره ذات مخزى وهى ترمقه بنظره محذره مفادها الا تجرؤ على طردى امامها ، اما عن نجوى فقد كانت غافله عن حرب النظرات الواقعه امامها وكل ما يشغل تفكيرها هو كيفيه التخطيط واستغلال ذلك الملف وتلك المعلومه لصالحها فيبدو انها وصلت فى الوقت المناسب تماماً .


بعد فتره من الصمت المطبق والترقب بدءت نجوى تتحدث مع فريد وتسأله عن سير الاعمال وبدء هو بالاجابة عن أسئلتها  والاندماج معها فى الحديث لا اردادياً ، راقبت حياة حديثهم الودى بقلب حزين ، فما هذا الشعور المؤلم الذى يتملك منها !! انها تشعر كما لو ان احدا ما قام بأعتصار  قلبها بين كفيه دون رحمه بعدما اضرم النيران به حتى ان رئتيها لا يستقبلان الهواء بشكل سليم ، وكل ما تريده فى تلك اللحظه هو إخفائه بداخلها او التحرك والوقوف امامه حتى لا تراه عيون تلك المتطفله ولا يرى هو سواها ، حاولت اخذ نفس عميق وإبقاءه بداخل رئتيها قليلاً قبل إخراجه ببطء لعل ذلك يهدء تلك النار التى تستعر بداخلها من رؤيته يتحدث مع غيرها ، زفرت بأحباط وبدءت تهز ساقها بعصبيه لم تخفى عن فريد او الاهم نجوى التى تحركت من مقعدها بأتجاه فريد متظاهره بتوضيح شئ ما له على هاتفها الخلوى وهى تراقب رد فعل حياة من طرف عينيها ، أسقطت نجوى الهاتف متعمده بين ساقى فريد ثم مدت يدها تلتقطه وهى تتصنع الترنح قبل ان تسقط بتمثيل داخل احضانه وهى تبتسم بخبث ، هدر بها فريد بعصبيه وهو يدفع يدها وجسدها بعيداً عنه وشهقت حياة بصدمه ثم اندفعت من مقعدها بأتجاه نجوى وهى تغمغم بعصبيه :

-لا كده كتير ..

فى اللحظه التاليه كانت تقف امامها قابضه على ذراعها بقوه ثم جرتها نحو لخارج وقد فقدت السيطره على اعصابها تماماً ، تذمرت نجوى بتمثيل مدعيه الالم من قبضه حياة وهى تتمتم بتصنع :

-اه ايدى .. سيبى ايدى طيب .. 


توقفت حياة عن السير ورفعت قبضتها من فوق ذراعها قائله بحده :

-اطلعى بره .. 

هتفت نجوى بتذمر مستنجده:

-فريد !!.. 


تحركت حياة بجسد متصلب نحو باب المكتبه لتفتحه عن اخره وهى تشير لها بعينيها قائلاً بتهديد :

-اطلعى بره المكتب احسنلك .. 


نظرت نجوى مره اخيره لفريد الذى كان عينيه تلمع بأستمتاع من رد فعل حياة الغير متوقع قبل ان ترفع برأسها وتسير بكبرياء نحو الخارج وهى تبتسم متمته بداخلها :

-سهل اوى اخليها تطلع عن شعورها .. حلوووووو .. 


اغلقت حياة الباب خلفها بعنف ثم رفعت إصبعها فى وجه فريد الذى تحرك يقف قبالتها بعدما استدارت لتواجهه هادره بعصبيه شديده وصدرها يعلو ويهبط من شده الانفعال قائله بتحذير :

-اوعى تفكر انى هسمح فى يوم ان حاجه زى دى تحصل قدامى تانى وانا هقف اتفرج ماشى !!! .. 


حدثها فريد ببرود مستفز متجاهلاً جملتها :

-حياة وطى صوتك الموظفين هيسمعونا .. 

حدجته بعيون ترمى بشرر من شده غيظها قبل ان تصرخ به قائله :

-متستفزنيش ومتغيرش الموضوع .. 


ابتسم فريد ببرود ثم سألها فريد بأستمتاع شديد وهو يدفع كلتا يديه بداخل جيوب بنطاله :

-طب وانتى مضايقه ليه دلوقتى هى معملتش حاجه !!.. 


اقتربت منه حياة حتى وقفت امامه ثم لكزته بقوه وهى تمتم بغضب :

-متدافعش عنها قدامى !!! .. 


لكمته مره اخرى بقوه اكبر حتى ترنح بجسده غير المتزن قليلاً للخلف مضيفه بحنق :

-ومتقولش عملت ايه عشان انت عارف !!!.. 


-ومتستناش منى اسيب واحده تانيه تلمسك وانت جوزى انا فاهم ..


هدرت بكلمتها الاخيره بعصبيه وهى تلكمه بكلتا يديها ثم اندفعت مسرعه نحو المرحاض صافقه الباب خلفها بعنف شديد تاركه فريد ينظر فى اثرها بعيون تلمع بسعادة وابتسامه رضا تملئ وجهه. 


استندت حياة بكلتا يديه على الحامل الرخامى لحوض الغسيل محاوله السيطره على غضبها  وقد بدءت تشعر بوخز الدموع الذى قاومته فى الخارج يزداد داخل مقلتيها ، رفعت يدها حيث موضع قلبها تضغط بقوه على موضع الالم وهى ترفع نظرها لتتأمل انعكاس صورتها داخل المرآه بضياع ، اهكذا هو الشعور بالغيره !! ان تشعر بقلبها يتمزق بداخل صدرها لمجرد دفاعه عن امراه اخرى أمامها !! ان تشعر بالنار تستعر بكامل جسدها لمجرد سماع كلمه حبيبى تقال له من فم غريبه !! هزت رأسها بعنف رافضه فهى لا تشعر بالغيره عليه ، كاذبه !! هذا ما واجهت به نفسها بقوه وهى تنظر فى المرآه ، مدت يدها المرتعشه من فرط انفعالها تفتح صنبور الماء وتلقى بالماء البارد فوق وجهها وعنقها ، امتدت أناملها ببطء نحو ياقه قميصها الابيض لتزيحها وتتلمس بأصبعها تلك العلامات التى تركها فى الصباح كدليل على تقاربهم  ، اغمضت عينيها بتعب محاوله التخلص من ذلك الشعور الذى ينتابها ، شعور الضياع ، ان تكون ممزقه نصفين ، نصف يريده ونصف يكرهه ، نصف يطلب قربه ونصف يريد الابتعاد عنه ، جزء يحترق شوقاً لصوته ولمسته وجزء اخر يريد الفرار من امامه ، جزء يتحكم به قلبها والجزء الاخر يتلقى يومياً اللوم من قلبها ، حتى عقلها بدء يفقد قدرته على المقاومه او التفكير بشكل سليم سواء فى حضوره او فى غيابه ، اما عن ارادتها فهى الاخرى اصبحت لا تكفى لمقاومه جنون قلبها بجواره .


بعد فتره ليست بقليله جففت وجهها ومسحت على شعرها وعدلت من وضع ملابسها ثم خرجت من المرحاض بوجهه متجهم  فوجدته ينتظرها امام الباب ، تجاهلت وجوده وتقدمت نحو مكتبه تسحب حقيبه يدها من فوق المقعد متوجهه نحو باب الخروج ، ركض فريد خلفها يمسك ذراعها برفق ليستوقفها وهى يهمس اسمها بهدوء :

-حياة !!..


حاولت سحب ذراعها من بين قبضته وهى تستدير بجسدها فى الجهه الاخرى بعيداً عنه ، تحرك بجسده فى اتجاهها حتى وقف قبالتها ثم اخفض ذراعه يحتضن خصرها وهو يغمغم اسمها ولكن تلك المره بنعومه واضحه :

-حياة .. مش عايزه تبصى لجوزك ؟!..

هل يستغل كلمتها ضدها الان !!! لا لن تسمح له لذلك رفعت رأسها تنظر نحوه بغضب وهى تدفعه بجسدها وذراعها ليبتعد عنها ولكن الفارق الجسدى الغير قابل للمقارنه بينهم حسم النتيجه لصالحه من قبل ان تبدء حتى ، هتف بأسمها مره اخيره بتحذير :

-حيااااة .. 


اندفعت تجيبه بحده وهى تحاول دفعه بكل ما أوتيت من قوه وقد عاد كل غضبها وإحباطها وتخبطها ليطفو على السطح مره اخرى دون سابق انذار  :

-اوعى .. سبنى .. مش عايزاك تلمسنى ولا تكلمنى ولا تقرب منى .. اتفضل روح اتطمن على الهانم بتاعتك .. 


احكم فريد حصار ذراعيه لخصرها حتى يمنعها من الافلات منه ويضمها إلى صدره اكثر ، دفنت رأسها بداخل صدره وقد هدئت مقاومتها تماماً وعم الصمت ، انتظر فريد قليلاً قبل ان ينطق اسمها للمره الاخيره بنبره حانيه :

-حياة .. 

شعر بجسدها يهتز بين ذراعيه فهتف بأسمها بقلق وهو يبعد جسدها عن جسده قائلاً بتوسل :

-حياة ؟!.. حبيبى ؟!.. 


بدءت شهقاتها تعلو خصوصاً بعدما سمعته  وهو ينطق اسمها بكل ذلك الحنان فلم تشعر بنفسها الا وهى ترفع ذراعيها وتشبك كفيها خلف رقبته ثم دفنت راسها داخل عنقه وبدءت تشهق بقوه من كل تلك المشاعر التى تحاصرها ولا تقوى على وضع مسمى لها او الاعتراف بها 


ظل فريد يمسح فوق شعرها بحنان وهو يهمس داخل اذنها بحب حتى هدئت تماماً وابتعدت عنه وهى تمسح دموعها ووجهها بظاهر كفها ثم غمغمت بصوت باكِ :

-ممكن اروح الاوضه بتاعتى ؟!..


ظل فريد ينظر إليها لفتره كأنه يحاول التوصل لقرار قبل ان  يفتح فمه ويجيبها بأصرار وهو يمد يده ليحتضن كفها داخل كفه :

-لا مش ممكن !! مش هتتحركى من جنبى النهارده ..


زفرت حياة بأرهاق ثم اجابته بنبره هادئه وكأن دموعها قد عادت إليها هدوئها وتعقلها :

-فريد ..

قاطعها فريد قبل إكمال جملتها قائلا بحسم وهو يعاود احتضانها بين ذراعيه :

-مفيش فريد .. هتقعدى هنا جنبى وتكملى شغلك هنا واعملى حسابك تخلصى بسرعه عشان نروح بدرى .. 


هزت رأسها بأستسلام وقد جاء طلبه على هوى قلبها حتى تظل بجواره فى حاله عوده تلك الشمطاء مره اخرى .


***************


ركضت نجوى نحو الخارج تبحث عن مدير الحسابات لتسأله عن ذلك الملف المهم الذى طلبه فريد منذ قليل حتى يتسنى لها التخطيط بتروى ، أعطاها مدير الحسابات المعلومات الكامله بعدما صار اتفاق سرى بينهم على زياده راتبه مع شيك فورى يحتوى على مبلغ ضخم من المال ووعود بالتخلص من حياة الدخيله على منصبه وتأمين مستقبله داخل شركه اخرى فى حاله انكشاف مخططتهم مقابل مساعدتها فى ذلك . 


وفى نهايه اليوم كانت حياة قد انتهت من تدقيق ثلاثه ارباع ذلك الملف وتبقى لها الجزء الاخير ثم طباعته ورقياً وانزاله للأرشيف فى حال موافقه فريد عليه 


فى الصباح التالى استيقظت حياة بحماس بين ذراعى فريد ثم دفعته بأصرار للذهاب باكراً لمقر الشركه حتى يتسنى لها إنهاء ذلك الملف المهم وإعطائه له فى اسرع وقت ممكن ، طاوعها فريد بحب وهى تتقافز امامه كالأطفال من شده الحماس وبعد حوالى الساعه وصلت حياة إلى مكتبها بعدما قامت بتوديع فريد وقد آثرت الذهاب إلى مكتبها حتى تستطيع التفكير بشكل سليم فهى بجواره يتعطل عقلها عن العمل بنسبه كبيره 

اما عن فريد فقد كان لديه الكثير من الاعمال المتراكمة والتى يجب عليه الانتهاء منها قبل ذلك الاجتماع الهام لذلك دلف إلى غرفته واغلق الباب خلفه بعدما أعطى آمراً قاطعاً لسكرتيرته بعدم الإزعاج لاى سبب كان . 


بعد حوالى الساعه  انهت حياة تدقيق الملف بالكامل ثم قامت بحفظه داخل الحاسب الألى بعدما احتفظت بنسخه منه على ذاكره خارجيه كعادتها ثم تحركت للخارج لتشرف على طباعه الملف بنفسها قبل ان تعود مره اخرى لمكتبها  وتراجعه للمره الاخيره فهذا الملف إلى جانب أهميته يعتبر اول اختبار حقيقى لها داخل المؤسسه ويجب عليها اثبات كفائتها لموظفي الشركه قبل مدير الشركه نفسه حتى لا يظن الجميع انها عُينت هنا فقط من اجل زواجها به ..


*********


جلس فريد بداخل غرفه مكتبه يتحدث عبر الهاتف إلى مساعده الشخصى ويسأله مستفسراً :

-عملت كل اللى قلتلك عليه ؟!.. 

اجابه مساعده بثقه :

-ايوه يا فندم الفيديو والصور كلها جاهزه .. 

سأله فريد مره اخرى منبهاً :

-ووش البنت مظهرش زى ما طلبت ؟!.. 


طمأنه الطرف الاخر بثقه شديده :

-ايوه يا فندم انا فضلت جنبه لحد ما ظبط كل حاجه على ايدى .. 


ابتسم فريد بشراسه وهو يحك إصبعه بذقنه قائلاً بأنتصار :

-عارف هتعمل ايه بعد كده ؟!.. 

اجابه مساعده بخضوع :

-ايوه يا فندم .. هيطلع نسخه من الفيلم على عنوان منصور .. والصور هتتسرب كلها للإعلام ومواقع الانترنت .. 

أردف  فريد قائلاً بنبره رضا :

-اتحرك فوراً وبلغينى بالجديد .. ومتنساش محدش يقدر يتبع المصدر الاساسى للصور .. 

تمتم  مساعده له مطمئناً بثقه قبل ان يغلق فريد هاتفه وهو يتمتم بتوعد وعيونه تلمع بقسوه واضحه :

-اول ضربه ليك يا منصور الكلب عشان تعرف حجمك تتعلم ان فريد مبيهددش وبس .. 


********


فى منتصف النهار انتهت حياة من مراجعه الملف للمره العشرين والاخيره وكانت على وشك التحرك للخارج عندما أنقطع التيار الكهربائى ، زفرت بضيق فقد كانت غرفتها من الداخل ولا تطل على اى نوافذ وبالتالى فقد أظلمت بالكامل وذلك الظلام  يعنى شئ واحد هو ذكرياتها مع ذلك العجوز البائس لذلك خرجت مسرعه فى اتجاه غرفه فريد ، حاولت ايمان ايقافها وإخبارها ان السيد فريد قد طلب من الجميع عدم إزعاجه ولكن يد حياة قد سبقتها واطرقت  باب مكتبه وهى تهتف اسمه بأرتباك ، تحرك فريد نحو باب غرفته مسرعاً ريثما استمع إلى صوتها القلق  ، اندفعت حياة لداخل غرفته  تبرر بمجرد  رؤيتها له بتوتر :

-فريد النور قطع وانا .. زمان ..... 

قاطع فريد حديثها المضطرب قائلاً بحنو :

-شششششش .. تعال .. 


انهى جملته ومد ذراعه ليجذبها نحوه ويحتضن خصرها برفق ثم رفع رأسه موجهاً حديثه لسكرتيرته بتلك النبره الآمرة الجامده :

-متدخليش حد تانى ... فاهمه ؟!...


لم ينتظر اجابتها بل اغلق الباب فى وجهها بعد انتهاءه من إكمال جملته ثم تحرك بحياة نحو الاريكه الوثيره الموضوعه بداخل الغرفه جالساً فوقها وساحباً حياة هى الاخرى نحوه ، تحركت هى لتجلس بجواره ولكنه اوقفها طالباً منها بأبتسامه عابثه :

-لا مش هنا .. تعالى اقعدى هنا .. 


أشار لها بالجلوس فوق ساقيه الممدودة بكسل فوق الارضيه ، اخفضت حياة رأسها بخجل وهى تتحرك لتجلس داخل احضانه متذكره البارحه عندما سقطت تلك الحرباء بين ذراعيه بكل تبجح وتذكرت أيضاً كيف راودها ذلك التفكير برغبتها فى التسلل بين ذراعيه حتى تُمحى ذكرى جلوس اخرى بأحضانه حتى لو كان حادثه كما ادعت ، قاطع تفكيرها صوت فريد يسألها بترقب :

-حياة ؟؟؟.. انتى مش بتحبى الضلمه ؟!..

اجابته بتردد وهو تعض على شفتيها :

-لو لوحدى بس لما بيكون حد معايا عادى .. 


صمتت قليلاً لتبلع ريقها بتوتر ثم اردفت تقول وهى تشعر لاول مره برغبتها فى اخباره ومشاركته ذكرياتها :

-لما اجبرونى .. انت عارف يعنى .. كنت بطلب منه يطفى النور عشان مشفش ملامحه ولا وشه .. رغم ان ده مكنش بيفرق فى حاجه بس ع الاقل مكنتش ببقى مجبره اشوفه .. وبعدها فضلت فتره بضايق اول ما النور بيطفى لانى كنت بفتكر الاوضه بكل تفاصيلها .. 


صمتت قلبلاً تراقب تعبيراته المتجهمة قبل ان تضيف بأرتياح :

-بس مبحسش بكده وانت موجود حتى لو فى ضلمه .. 


لم يعقب ولكن بدلاً عن ذلك رفع إصبعه يتلمس جبهتها برفق وهو ينظر داخل عينيها  فى حديث صامت مفاده اعتذار يشوبه الغيره مع نظره اخيره محمله بوعده بالامان ، ظلت تنظر إليه بهيام وهى تفكر بأستغراب فكيف ومتى استطاعت قراءه نظرته بكل تلك السهوله ؟!! ، جائتها الاجابه من داخل قلبها ليقول دائماً ، نعم دائما كانت تفهمه دون حاجته للحديث حتى وهى تعاند وتدعى غير ذلك .


قطع نظراتهم جرس هاتفه الذى دوى بداخل الغرفه فتحرك فريد ليتلقطه مسرعاً من فوق مكتبه  ثم عاد فى اللحظه التاليه إلى جلسته السابقه وهو يجذبها لتجلس مره اخرى بين احضانه ، ظلت تراقبه بأعجاب وهو يتحدث إلى شخص ما بجديه شديده بفرنسيه مكتمله ويده الخاليه تعبث بخصلات شعرها وبعد انتهاء مكالمته سألته بتذمر :

-على فكره انت عمرك ما كلمتنى عن دراستك ولا حكتلى عنها ..


رفع احدى حاجبيه مستنكراً وهو ينظر إلى تحولها الشديد ثم اجابها بنبره شديده الثبات :

-يمكن عشان عمرك ما سألتى !!! ..


ابتسمت له برقه وهى تحرك رأسها مستسلمه فقد التقطت عتابه ثم اردفت قائله بمرح :

-وادينى سألت اتفضل بقى احكيلى ..


تنهد مطولاً قبل ان يحاول اخراج نبره عاديه قدر الامكان رغم الضيق الذى ارتسم بوضوح فوق ملامحه :

-بصى يا ستى .. غريب بيه عشان يريح دماغه ويرضى جيهان هانم مراته قرر يبعدنى عنها وساعتها مقررش يبعدنى بس لا ده قرر ينفينى بره البلد كلها وشاف ان افضل مكان لكده هى فرنسا على اعتبار ان شراكته كلها معاهم ولما اعيش وسطهم وأتقن لغتهم هيكون التعامل سهل وفعلا سفرنى وانا عمرى ١٢ سنه دخلت هناك مدرسه داخليه وعلى غير المتوقع منى كانت درجاتى كلها عاليه اهلتنى انه 

ادرس الهندسه الملاحيه .. يعنى اساس شغلنا .. تقدرى تقولى من الاخر كده كنت صفقه رابحه لغريب بيه ..


برغم نظراته الثابته فوقها ونبرته العاديه الا انها شعرت بالمراره تغلف كلماته لذلك ودون شعور منها مدت إصبعها تتلمس وجنته وخطوط جبهته العابسه بحب وهى تسأله بحنان :

-ومفكرتش تكمل دراسه بعدها بما انك كنت مجتهد كده ؟!.. 


اجابها هامساً وهو يقترب برأسه منها :

-لا ماصدقت خلصت الجامعه ورجعت على طول .. مقدرتش افضل بعيد عن حياتى اكتر من كده ..


ابتسمت بخجل من جملته المعبرة وهى تحاوط وجهه بكفيها وتفمغم بمرح محاوله تغيير مجرى الحديث :

-اه وحضرتك بقى بقيت بتتكلم فرنساوى زى البلب وانا اللى اضحك عليا فى الاخر ..


سألها مستفسراً وهو يضيق عينيه فوقها :

-مش فاهم ؟!.. 

اجابته بأستطراد قائله :

-مش انت كنت بتكره اللغه ورافض تتعلمها .. انا كمان لما دخلت المدرسه كانت ماده أساسيه عندنا وكنت بحضر الحصص بالعافيه ومكنتش بقبل اعمل الديفوار بتاعه ولما كانت المدرسه بتعاقبنى كنت بقولها انه فريد قالى انها لغه وحشه وانا كمان مش هتعملها ..


صمتت قليلاً ثم أردفت من بين ابتسامتها قائله :

-انا كنت على طول بقول فريد .. لما كان حد بيضايقنى كنت بقول فريد ولما كان حد بيسالنى كنت بقولهم فريد .. ولما كان بيقرب منى كنت بقول فريد .. فضلت اقول فريد فريد لحد ما فى يوم المدرسه بتاعتى قالتلى انا لازم اشوف فريد اللى مش بتتكلمى غير عنه ده .. 


ازدرد هو لعابه بقوه ثم غمغم آمراً بعيون تلمع بشغف :

-قربى .. 


ضيقت عينيها تنظر نحوه غير مستوعبه فأردف يقول مفسراً :

-عارفه فى كل مره بسمع اسمى من بين شفايفك ببقى عايز اعمل ايه ؟!..


هزت رأسها نافيه فى علامه على عدم علمها فأردف هو هامساً امام شفتيها :

-ببقى عايزه اعمل كده ..

انهى جملته وقام بلثم شفتيها بنعومه قبل ان تزداد عمق قبلته 

امام تجاوبها معه ، ابتعد عنها بعد قليل مستنداً بجبهته فوق جبهتها ومتمتاً بشغف :

- هيجى يوم وهاخد دينى منك كامل عن كل مره نطقتى اسمى فيها وكنت بعيد عنك .. 


ابتسمت بخجل وهى تبتعد عنه قائله بدهشه وهى تنظر حولها :

-فريد النور رجع .. 


اجابها وهو يرفع شفتيه مقبلاً جبينها مطولاً :

-النور رجع من بدرى بس انا اللى مكنتش عايزك تتحركى من جوه حضنى .. 


ابتسمت قائله بمرح :

-طب دلوقتى ممكن اتحرك عشان أسلمك الملف اللى كنت مستعجل عليه ؟!.. 

اجابها بأندهاش :

-انتى فعلا خلصتيه !!.. 

اجابته بفخر :

-ايوه طبعاً أمال انت فاكرنى هاويه ولا ايه الملف بتاعك خلص من قبل ما النور يقطع بس انا اتوترت ونسيت اجيبه وانا جايه ..


طبع قبله خاطفه فوق وجنتها وهو يهمس بداخل اذنها بثقه:

-انا عارف ان حبيبتى اشطر حد فى الدنيا كلها ..


كم أسعدها ثقته فيها وتشجيعه لها وكمًايهدها اكثر انه لايقهر هذا الجانب الرائع منه الا لها فقط !! لذلك وقفت على أطراف أصابعها تطبع قبله خاطفه فوق وجنته ثم ركضت للخارج دون النظر وراءها 


عادت حياة إلى غرفه مكتبها لتأخذ الملف وتعود به مره اخرى إلى مكتب فريد لتسليمه له ، استلمه فريد منها على عجاله وبدء فى مراجعته على الفور تمهيداً لبدء اجتماعه اما عن حياة فقد عادت إلى غرفه مكتبها لمتابعه ما تبقى من مهامها اليوميه ، وبعد حوالى ساعه رن هاتف مكتبها الداخلى لتجد ايمان تطلب منها الحضور إلى غرفه السيد فريد على الفور ، توجهت نحو مكتبه بأبتسامه ثقه فهى على يقين انها أدت  مهمتها على اكمل وجهه ، طرقت غرفه مكتبه مستأذنه للدخول ثم دلفت إلى الداخل بعد سماعها اذنه لتجده يجلس بعبوس فوق مقعده وهو يقلب اوراق الملف بحيره بين أصابعه ، نهض من مقعده بمجرد رؤيتها ثم تمتم بجمود قائلاً :

-حياة الملف ده فى غلط ٥٠٠  الف جنيهه زياده عن الميزانيه اللى طلبتها !!!!!.. 


***********


نهايه البارت ♥️♥️ ان شاء الله البارت الجاى هيكون طويل عشان تسلسل الاحداث بس 😍😍

شكرا ودمتم ذواقيين 😘😘متى تخضعين لقلبى 

الفصل التاسع عشر ..


سألته حياة بأستنكار وهى تقترب منه حتى تُلقى نظره حيث موضع إصبعه وتركيزه :

-ملف ايه ده اللى فى غلط بالظبط ؟!.. 


اجابها فريد وهو يمد ذراعه ويجذبها نحوه ثم أشار لها بأصبعه فوق احد البنود متمتاً بحيره:

-مش عارف الارقام قدامى بتقول كده .. البند ده بالذات فيه صفر زياده يعنى ٣٠٠ بدل ٣٠ .. 


صمت قليلاً وهو يقلب بين يديه عده صفحات للامام قبل ان يستطرد وهو يشير لها بسبابته :

-والبند ده كمان نفس الحكايه المفروض يكون ٢٠ مش ٢٠٠ .. 

سألته حياة  وهى عاقده جبينها بتعجب :

-ازاى انا مرجعاه كذا مره والارقام دى مكنتش كده !! .. 

اجابها فريد بتفهم وهو يحيط خصرها بذراعه :

-خلاص مش مشكله .. انا راجعته وعرفت فين الغلط لانى حافظ الارقام .. بس حبيبى ابقى خلى بالك المره الجايه ..


رفعت حياة رأسها تنظر نحوه بضيق قائله بأعتراض :

-لا مفيش مشكله انا متاكده انى مراجعه والارقام دى مكنتش كده .. 


زفر فريد بهدوء ثم اجابها بنبره هادئه متفهمه :

-حياة مش قصه كبيره يعنى ده صفر بدل اتنين ممكن متكونيش اخدتى بالك منه خصوصاً انك خلصتيه بسرعه .. 


رفعت حياة كفها تدفع ذراعيه بعيداً عنها وهى تسأله بحده :

-يعنى انت مصدق انى اتلخبطت ومش مصدق انى بقولك الارقام دى مكنتش كده !!.. 


صمت قليلاً محاولاً انتقاء كلماته بعنايه فأردفت حياة قائله بحزن :

-فرييييد !!!.. 


اجابها هو على الفور وهو يمد يده مره اخرى ليعاود احتجازها بين ذراعيه بعدما قام بطبع قبله مطمئنه فوق مقدمه شعرها قائلاً :

-عيون وقلب فريد .. انتى مضايقه ليه اذا كنت انا نفسى مش مضايق غلطه وممكن تحصل .. 


اجابته حياة بحنق وهى تدفع يده للمره الثانيه محاوله التخلص من قبضته :

-مضايقه عشان انت مش مصدق اللى بقوله او الاصح مش عايز تسمعه !!.. 


صمتت قليلاً تنظر حولها بضياع ثم اردفت بعدما زفرت مطولاً بأحباط  وقد بدءت الدموع تلمع داخل مقلتيها بوضوح :

-عشان انت شايف ان ده عادى انى غلطت وعشان انا مراتك فالموضوع مش مشكله ويتحل بسهوله .. بس انا بالنسبالى مش كده ده شغلى واكتر حاجه فى حياتى بعملها صح .. ده غير انى مش هقبل ابداً انى اغلط واعرض الشركه او اسمك اللى انا شايلاه لموقف محرج حتى لو انت شايفه بالنسبالك حاجه عاديه ..


انهت جملتها الاخيره بصوت متحشرج وقد بدءت دموع الاحباط تعلن عن نفسها بسقوط دمعه خائنه فوق وجنتها ، ظل فريد ينظر إليها بأنبهار لعده ثوانى لم يعيده لوعيه سوى تلك الدمعه الوحيده التى فرت من عينيها على حين غره منها ، اعتدل على الفور فى وقفته ثم سحبها بين ذراعيه يحتضنها وهو يغمغم لها بصوت مختنق من شده مشاعره :

-ششش .. انا مكنش قصدى كل ده وماخدتش بالى من كل ده .. حياة بالنسبالى يعنى انا معقول لو كنت اكتشفت انى غلطت كنت هعمل غير اللى عملته معاكى !!.. 


رفعت رأسها تنظر إليه وفتحت فمها توشك الاعتراض ولكنه اوقفها عندما قام بوضع سبابته فوق شفتيها قائلاً بحنو :

-استنى لسه مخلصتش .. انا مكنتش عارف انك خايفه على اسمى اوى كده ومهتمه بحمايته .. 


حاوط وجهها بكفيه حتى يجبرها على النظر داخل عينيه قبل ان يردف حديثه قائلاً بشغف :

-بس عايز اقولك ان اللى شايله وخايفه على اسمه ده  فخور بيكى ومصدقك اكتر من نفسه .. 


انهى جملته وهو يطبع قبله حاره فوق وجنتها وشفتيها ، ابتسمت حياة بسعاده ممزوجه بالخجل من اثر كلماته ثم قالت برقه وهى تشبك كفها بيده وتحثه على التحرك معها :

-طب تعالى معايا ..

سألها بأبتسامه مستنكره :

-على فين ؟!..

اجابته بثقه وهى لازالت تبتسم له :

-تعالى اثبتلك انى صح ..


اومأ له برأسه موافقاً ثم تحرك معها نحو الخارج حيث غرفه مكتبها وهى لازالت تتمسك بيده بتملك واضح وخاصةً عندما رأت نجوى تسير داخل الممر المقابل لهم ، دلفا معاً إلى داخل غرفتها ثم قامت بتشغيل جهاز الكمبيوتر المحمول "اللاب توب " وقامت بالبحث بداخله لفتره قبل ان ترفع رأسها نحو فريد عاقده حاجبيها معاً وهى تتمتم بعبوس :

-فريد الملف مش موجود !!..

سألها بأستنكار :

-يعنى ايه مش موجود ؟!..

اجابته بأستغراب مفسره :

-يعنى انا خلصت الملف وحفظته وحطيته على الdesktop فى فولدر بأسمه لحد ما توافق عليه وبعدها انقله .. بس دلوقتى الملف اختفى ومش لقياه فى اى مكان ..

سألها فريد بنبره شارده :

-حياة متاكده انى حفظتيه يعنى ؟!..


رمقته حياة بنظره معاتبه فأردف على الفور مصحصاً وهو يقترب منها :

-مش قصدى حاجه انا بس بفكر معاكى بصوت عالى ..

هزت رأسها متفهمه قبل ان تجيبه بثقه :

-حتى لو ده حصل .. انا معايا بديل ..


غمزت له بعينيها وهى تخرج من داخل جيب ردائها "فلاشه " خارجيه خاصه بحفظ الملفات وقامت برفعها امام وجهه قائله بفخر :

-مش انا اللى توقع فى الغطله دى .. 


وضعت الذاكره الخارجيه بداخل المدخل الخاص بها فى الجهاز ثم قامت بفتح الملف وابتسامتها تزداد شيئاً فشئ وهى ترفع رأسها بفخر وسعادة ثم أدارت شاشه الجهاز نحوه وهى تقول بثقه شديده :

-اتفضل شوف ..

انحنى فريد بجذعه قلبلاً حتى يتسنى له الرؤيه بوضوح ثم رفعها بعد قليل قائلاً بحيره :

-الحسابات هنا مظبوطه فعلاً !! فى صفر فى الورق زياده عن هنا ..


اجابته حياة وهى تعقد ذراعيها معاً قائله بعدم فهم :

-وهو ده بالظبط اللى انا طبعته وراجعت عليه قبل ما اسلمهولك بنفسى ..


نظر فريد نحوها مطولاً عاقداً حاجبيه معاً بتركيز قبل ان يتمتم بخفوت :

-طب تعالى معايا ..


سألته حياة وهو يسحبها خلفه نحو الخارج :

-اجى معاك فين ؟!!.. 

اجابها فريد وهو يغمز لها بخبث :

-تعالى نعرف مين اللى لعب فى ملف حياتى ..


أصدرت همهمه سعيده تدل على موافقتها وهى تسير خلفه بأبتسامه عريضه حتى وصلا إلى غرفه مكتبه مره اخرى ، استدار فريد يقف خلف مكتبه وهو لازال يسحبها وراءه ثم قام بفتح الشاشه الاخرى والموضوعه بجانب كمبيوتره المحمول والتى تسائلت حياة كثيراً عن سبب وجودها هنا دون اجابه ترضى فضولها ثم قال بنبره تحمل الكثير من التوعد :

-دلوقتى هنقدر نشوف مين اللى بيلعب من ورايا ..

سألته حياة بعدم فهم :

-هنشوف ازاى مش فاهمه ؟!!.

اجابها فريد مفسراً  :

-من كاميرة المراقبه بتاعه الممرات .. 


قاطعته حياة معترضه :

-بس النور كان قاطع واكيد اللى عمل كده استغل الوقت ده عشان يتحرك براحته ..

سألها فريد بعبوس :

-وايه علاقه ده بالكاميرا !!!!

اجابته حياة بأستنكار :

-فريد !! انتى هتجننى ما اكيد الكاميرات فى الوقت ده مش هتسجل ..


اجابها فريد بثقه :

-ولو سجلت تدفعى كام ؟!!..


رفعت احدى حاجبيها متفاجئه وهى تغمغم بتوجس :

-مش عارفه .. يعنى لو حد تانى كنت اتحديته بقلب .. بس انت بالذات لا ..

اجابها فريد وهو يتحرك فى اتجاهها حتى اصبحت شفتيه امام شفتيها هامساً بشغف :

-طب ما تقولى انك بتثقى فيا وفى كلامى اسهل من كل ده !!..


أبعدت وجهها قليلاً عنه قبل ان تغمغم بخجل :

-فرييييد .. عشان خاطرى فهمنى فى ايه فى دماغك !!..

اجابها وهو يتلمس وجنتها بأنامله :

-ولا حاجه .. بس كاميرات المراقبه بتاعه الممرات بالذات وأوضه مكتبى بتشتغل بالبطارية ملهاش علاقه بالتيار الكهربى .. وده سر محدش يعرفه غير الفنى اللى ركبها وانا ..

صمت لبُرهه قبل ان يضيف بحب :

-وانتى ..


نظرت له مطولاً قبل ان تجيبه بشغف :

-يعنى انت برضه .. 

بلعت لعابها بصعوبه قبل ان تضيف بتعلثم :

-احم قصدى واحد .. لا يعنى قصدى اننا فى نفس الصف .. يعنى كأنك مقلتش حاجه ..


هز رأسه لها متفهماً وقد ظهرت على ثغره ابتسامه عابثه قبل ان يعود للشاشه مره اخرى ويقوم بتفريغ ذاكره الكاميرا وينتظر بترقب حدوث اى شئ غير طبيعى ، وبعد دخول حياة لمكتبه بعده دقائق ظهرت نجوى تسير بأتجاه غرفه حياة حامله بيدها رزمه من الاوراق ثم التفت حولها بقلق يميناً ويساراً قبل ان تدلف لداخل الغرفه وتخرج بعد حوالى عشر دقائق ولازالت بيدها رزمه الاوراق قبل ان تتجهه نحو سلم الطوارئ بأخر الممر  لتستقله ، شهقت حياة بصدمه واضعه كفها فوق فمها قبل ان تساله بعدم تصديق :

-فريد !!! هى دى ؟!!!..


اجاب فريد على تساؤلها بنبره جامده :

-ايوه هى  نجوى ..

اردفت حياة تسأله بذهول :

-يعنى هى اللى عملت كل ده !!! معقول تكون اتعمدت تقطع النور ..


انتفض فريد من مقعده وقد بدءت علامات الغضب تظهر صريحه فوق ملامحه وهو يغمغم بصوت خفيض يحمل الكثير من الإصرار :

-دلوقتى هفهم ..


التقط سماعه هاتفه طالباً من ايمان بنبره جامده إرسال عامل الصيانه إلى غرفته فى الحال


ظل فريد طوال الدقائق التاليه يذرع الغرفه ذهاباً واياباً مطرقاً رأسه لأسفل بهدوء شديد كانت تعلم حياة جيداً انه مصطنع فدائما ومنذ الصغر كان يتقبل جميع الامور برويه دون إصدار اى رد فعل متهور ، اما الان ورغم محافظته على هدوئه الخارجى الا انها باتت تعلم ان خلف ذلك القناع البارد نيران مستعره يحاول جيداً السيطره عليها لا تظهر الا من خلال نظرات عينيه ، عاد فريد مره اخرى يقف خلف مكتبه ويتابع بشرود وجسد متصلب حركه السير امامه وبعد عده لحظات كان العامل والذى لم يكن يتجاوز الخامسه والثلاثين بعد يقف فى منتصف الغرفه بعدما سمح له فريد بالدخول 


ظل فريد على وقفته يوليه ظهره لعده لحظات قبل ان يستدير وينظر نحوه بعدة نظرات خاليه يتخللها صمت متعمد من جهته وترقب شديد من الجهه الاخرى ، اما عن حياة فكانت تراقب كل ذلك الوضع ولم تملك الا الإشفاق على ذلك الرجل والذى اذا ثبُث تورطه لن ينجو من براثنه بسهوله ، قطع فريد اخيراً الصمت قائلاً بهدوء شديد :

-فكرنى بأسمك كده تانى عشان نسيت !!..


اجابه الرجل بثبات يُحسد عليه :

-مؤمن يا باشا ..

مط فريد شفتيه معاً وهو يهز رأسه بترو شديداً ومضيفاً بأستفهام :

-حلو اسم مؤمن ده .. طب قولى يا مؤمن استلمت ورديتك النهارده الساعه كام ؟!.. 


اجابه الرجل بنبره حاول قدر الامكان اخراجها مستقره :

-الساعه ٧ الصبح با باشا .. 

أردف فريد يسأله بنبره جافه :

-كان فى حد معاك من زمايلك ولا انت لوحدك ؟!.. 


اجابه العامل وقد بدءت علامات القلق تظهر بوضوح على قسماته :

-لا يا فندم .. دى دوريتى لوحدى من ٧ل٣ .. 


هز فريد رأسه عده مرات موافقاً ببطء شديد وهو يتقدم عده خطوات فى اتجاه العامل الذى ابتلع ريقه بصعوبه سائلاً  فريد بقلق وهو يراه يتقدم نحوه بهدوء:

-هو فى حاجه يا باشا .. 


اجابه فريد بثبات ونبره خاليه وهو يدس كفيه بداخل جيوب بنطاله :

-لا مفيش .. 

صمتت فريد قليلاً وأطرق رأسه للأسفل بتفكير ثم سأله مستفسراً بجديه شديده وهو يرفع نظره نحوه :

-الا قولى يا مؤمن .. عندك ولاد ؟!.. 


 رمقه العامل بنظرات متشككه قبل ان يجيبه بتوجس :

-اه يا باشا عندى ٣ ..

أردف فريد يسأله ببرود قاتل وهو يرمقه نظرات متفحصه وهو لازال يتحرك حوله :

-وعلى كده بتحبهم ومستعد تعمل اى حاجه عشانهم ؟!..

اجابه العامل بأندفاع قائلاً :

-ايوه يا باشا اكيد ..


توقف فريد عن التحرك ورفع نظره فجاة وهو يبتسم بشراسه ويقول بنبره بارده:

-وعشان كده قطعت النور النهارده متعمد ؟!.. 

نظر العامل نحوه بهلع ثم قال بتعلثم شديد بعدما ازدرد لعابه بقوه :

-انا معملتش حاجه يا باشا هو اللى ق... 

هدر به فريد بعصبيه شديده وهو يلوح له بكفه محذراً:

-كداااااب .. كمل كدبك وشوف نهايتك لما اكتشف كل حاجه بنفسى ..


صمت لُبرهه ثم اضاف بنبره شبهه محتده :

-او زى الشاطر كده تحكيلى الست نجوى اتفقت معاك على ايه ساعتها عيالك مش هيضرروا .. 


انحنى العامل بجزعه يلتقط كف فريد ويتشبث بها بتوسل قائلاً برعب شديد :

-ابوس ايديك يا باشا انا مليش ذنب هحكى لحضرتك كل حاجه .. 

تأمله فريد مطولاً ثم أردف بنبره جامده وهو يتحرك نحو مقعده ليجلس فوقه قائلاً بترقب شديد :

-قول وانا سامعك ..


اندفع العامل يجلس امامه بلهفه مسترسلاً بفزع حقيقى :

-امبارح بليل بعد ما الموظفين كلهم اتحركوا كان ميعاد مناوبتى بليل لحد الساعه ٩ .. لقيت نجوى هانم ندخت عليا وطلبت منى ان وقت ما تكلمنى افصل النور من التابلوه العمومى لحد ما هى تدينى امر تانى ولو حد سألنى اقوله ان حصل مشكله والزار العمومى فصل لوحده وشويه وهحلها .. وانا يا باشا نفذت من غير اسئله وفعلا بعد عشر دقايق لقيتها قدامى بتشاورلى انى ارجع كل حاجه زى ما كانت تانى .. 


صمت الحارس ليبتلع ريقه بتوتر ثم اضاف بصدق شديد :

-وحياة عيالى هو ده اللى حصل وهددتنى كمان ان لو اى حد عرف حاجه عن طلبها ده والدها هيطردنى من الشغل وهترمى فى الشارع ومحدش هيصدقنى وهتبقى كلمتى قصاد كلمتها .. 


أستمع فريد لكلمات العامل بهدوء عجيب رغم غضب نظراته وبعد انتهاءه عم الصمت المثقل المكان ولم يعقب لذلك اندفع العامل البسيط  يسأله بتوسل :

-صدقتنى يا باشا ؟!  .. والله هو ده اللى حصل ومستعد احلف على مصحف كمان .. حتى لو حضرتك ناويه  تعاقب حد عاقبنى انا بلاش العيال ملهمش ذنب .. 


انتفضت حياة من مقعدها مندفعه فى اتجاه فريد وقد لامس صدق الحارس قلبها حتى توقفت امامه ثم رمقته بنظره مرتابه وهى تهتف اسمه بتوسل  :

-فريد ؟!!! .. 


نظر نحوها بنظره خاليه ثم عاود بنظره نحو العامل قائلاً  بهدوء شديد :

-هصدقك بس شرط ..


هز الرجل رأسه موافقاً  بلهفه شديده فأردف فريد قائلاً  بغموض :

-تستمر معاها لو طلبت منك اى حاجه تاني وتجاربها فيه وفى المقابل تيجى تقولى لحظتها .. 


أردف فريد وقد تبدلت نبرته لتهديد شديد :

-وأوعى تفكر ان فى حاجه بتستخبى عليا فاهم !!!..

نطق جملته الاخيره بصوت محتد جعل العامل ينتفض داخل مقعده وهو يجيب بذعر :

-حاضر يا باشا اللى تشوفه هعمله ولو خالفت كلامك اقطع رقبتى حتى مش هعترض ..


اومأ فريد له برأسه ايماءه خفيفه قبل ان يشير له بعينه بالانصراف ، انتظرت حياة حتى خروج العامل ثم اندفعت تسأله بجديه شديده وهى تعقد ذراعيها معاً بوضع التأهب الذى بات يحفظه عن ظهر قلب :

-هتعمل ايه دلوقتى ؟!.. 


اجابه فريد ببرود شديد وهو يعتدل فى جلسته :

-ولا حاجه .. 

سألته حياة متشدقه بحده :

-يعنى ايه مش هتعمل حاجه دى !!!! .. 


تحرك فريد يقف قبالتها وهو يمد ذراعه ليجذبها نحوه قائلا بهدوء استفزها :

-زى ما سمعتى دلوقتى مش هعمل حاجه .. 


ضاقت عيني حياة فوقه ثم سألته مستنكره وهى تضغط على شفتيها بأمتعاض شديد :

-يعنى انت عايز تقولى انك هتسيب الست هانم دى ترتب كل ده وتدخل مكتبى تلعب فى اوراقى عشان توقعنى فى غلط وانت مش ناوى تعمل حاجه !!!.. 


هز فريد رأسه موافقاً دون تعقيب مما اثار حفيظتها اكثر فأندفعت تضيف بغضب شديد وهى تعود بجسدها عده خطوات للخلف :

-انت بتهزر ولا بتتكلم جد ولا بتعمل كده عشان تحرق دمى !!! .. 


التوى فم فريد بأبتسامه جانبيه وهو يميل بجذعه نحوها ليجذبها نحوه مره اخرى فسارعت هى تضيف بحنق وهى تدفع يده بحده شديده من فوقها :

-فريد متضحكش ومتستفزنيش !! .. 


حركت رأسها بضيق يميناً ويساراً وهى تضيف بنبره مختنقه من شده الانفعال :

-طبعا حضرتك هتعمل كده عشان خاطرها !!.. بس العامل الغلبان ده هو اللى يتعاقب ويتهدد عشان غلط لكن الست هانم بتاعتك تغلط عادى ماهى بتعرف تقول حبيبى حلو !! 

هتف فريد بها بنبره شبه محتده مخذراً :

-حياااااااة !! ..


دفعته بقوه بكلتا يديها وهى ترمقه بنظرات محتقنه قائله بصوت مختنق:

-متقولش حياة عشان حياة مش بتخاف منك على فكره وخصوصاً وانت مش واقف معاها وعشان مين !! عشان واحده تانيه .. 


انهت جملتها وهى ترمقه بنظره انكسار واضحه ثم اندفعت نحو الخارج لتختفى داخل مكتبها 

زفر فريد بضيق شديد وهو يمسح وجهه بباطن كفه بأنهاك قبل ان يتمتم بتوعد صريح :

-ماشى يا نجوى ال****** خلى حسابك يتقل كمان ..


*************


عاد فريد وحياة فى المساء إلى المنزل وسط غضب شديد من ناحيتها وعدم اهتمام واضح من ناحيته ، تناولت معاه وجبه العشاء بحنق شديد فقد تعمدت خلال الطعام التعامل بحده مع أدوات المائده مصدره فى كل مره ضوضاء عاليه كتعبير عن غضبها منه ، اما عن فريد فقد جلس خلف مقعده بأسترخاء تام يتابع بكسل شديد ثورتها وعيونه تلمع بتسليه واضحه من شغبها الطفولى وقد قرر ان يترك لها المجال كاملاً للتنفيس عن غضبها حتى ان غرفه نومهم كان لها النصيب الاكبر من ذلك الغضب فكلما مر الوقت دون ان يتحدث معها او يعتذر منها يزداد حنقها وعصبيتها على كل ما حولها حتى الجماد لم يسلم من تلك الثوره العارمه ، ظلت تذرع الغرفه ذهابا واياباً بضيق وتلك النيران التى استعرت بداخلها البارحه عندما وقعت تلك الحرباء داخل احضانه بدءت تشتعل داخلها مره اخرى وهى تفكر بحزن انه ولاول مره لم يدافع عنها او يتخذ موقف يسعدها وكل ذلك من اجل تلك النجوى خاصته ، 

اغرورقت عينيها بالدموع وهى تفكر بألم شديد يعتصر قلبها هل هناك احد خاصته غيرها ، زفرت بقله حيله وهى تحاول التخلص من تلك الوغزات التى تتجمع داخل مقلتيها وإشغال فكرها بأى شئ اخر عداه ، هذا ان استطاعت بالطبع ، لذلك توجهت بأكتاف متهدله نحو خزانه ملابسها تلتقط بعدم اهتمام ملابس بيتيه للنوم وبما انها كانت فى مزاج سئ فقد اختارت بيحامه بيتيه بملابس كرتونية مضحكه لعلها تعدل مزاجها ولو قليلاً 

 وأثناء سحبها لبيجامتها سمعت صرير باب الغرفه يفتح بهدوء ثم يغلق مره اخرى فعلمت انه دلف للداخل وخاصةً بعدما تسلل إلي انفها رائحه عطره المميزه لها ولكنها قررت تجاهله مثلما يفعل منذ مناقشه الصباح ، تنحنح هو بصوت عال نسبياً للفت انتباهها وقد نجح بالفعل فقد اشرأبت بعنقها تنظر نحوه بغضب واضح قبل ان تغلق باب الخزانه بقوه وحده متناسيه ذراعها الذى مازال ممتد بداخلها ، صرخت بقوه عندما ارتطم مرفقها بباب الخزانه الخشبى وبدءت تقفز فى الهواء كعادتها عند شعورها بالالم ، هرول فريد نحوها بلهفه يتفحص بأهتمام تلك الكدمه الكبيره والتى اصابت الجزء العلوى من ذراعها مع مرفقها وهو يتمتم بحنق :

-نفسى تبطلى شغل الاطفال ده وتعقلى !!!..

سحبت ذراعها من بين يديه بحده قائله بأستفزاز وهى ترمقه بنظرات محتقنه :

-محدش طلب منك تشوفه ده اولاً يعنى .. ثانياً بقى معلش روح للست هانم بتاعتك العاقله الناضجه وملكش دعوه بشغل العيال ..


انهت جملتها وهى تدفعه بكل ما أوتيت من قوه قبل ان تتوجهه نحو المرحاض وتصفق بابه بنفس القوه تعجب انها خارجه من ذلك الجسد الضئيل !! .


**********


فى فيلا غريب وبعد انتهاء العشاء تحركت جيهان لتجلس بتفاخر بجوار غريب ترتشف قهوتها المسائية كعادتها كل ليله وهى تتفحص وسائل التواصل الاجتماعى ، بعد عده دقائق من تركيزها التام شهقت مشدوهه وهى تغمغم بأندهاش قائله :

-لا مش معقول !!! ده هو !! يانهار ابيض !! ..

جحظت عينها للخارج هاتفه بعدم تصديق :

-غريب الحق يا غريب حاجه مش ممكن تتخيلها !!..


سالها غريب مقطباً جبينه بأستنكار :

-مالك يا جيجى فى ايه ؟!..

رفعت الجهاز اللوحى امام عينيه وهى تغمغم بشماته واضحه :

-خد اتفرج ومش هتصدق عينيك !! مش ده منصور برضه !! ..


التقط غريب الجهاز من بين يديها وهو ينظر بداخله بتركيز تام قبل ان تجحظ عينيه هو الاخر متمتاً بصدمه :

-ده هو !!! دى صور فاضحه !!! ..


قاطعته جيهان لتسأله بتعجب وهى مقطبه جبينها بأندهاش :

-تفتكر يا غريب من اللى نشر الفيديو ده وايه مصلحته فى كده .. 


ساد الصمت الغرفه قبل ان يفغر غريب فاه بذهول قائلا بصوت خفيض :

-يانهار مش فايت !! ابنى ويعملها ..


التقط غريب هاتفه بحنق يطلب رقم ابنه ليتأكد من شكوكه لتأتيه الاجابه على هيئه رساله مسجله بأن الهاتف مغلق او غير متاح ! 


************


بعد عده دقائق بدل هو ملابسه خلالها واستلقى فوق الفراش يتابع وسائل التواصل الاجتماعى وصور رجل الاعمال المخله والتى انتشرت فضيحتها كالنار فى الهشيم وهو يبتسم بأنتصار قبل ان يتنهد بأرهاق مغلقاً هاتفه ثم قام بألقائه بأهمال فوق الكومود المجاور له 


خرجت حياة من الحمام تتجه نحو الفراش مباشرةً بعدما اغتسلت جيداً وقامت بتجفيف شعرها وارتداء منامتها المضحكة وهى تفكر بضيق انه الان سيراها طفله بحق !! عنفت نفسها مستفسره وما الذى يزعجها ان كان يراها امرأه او طفله !! كل ذلك لا يعنيها !! جاءها ذلك الصوت من أعماقها هاتفاً بقوه "كاذبه" ، زفرت بنفاذ صبر وهى تتوجهه بخطوات منزعجه نحو الفراش تستلقى فوره مباشرةً دون رفع رأسها والنظر نحوه ولو كانت فعلت لرآت تلك اللمعه الراغبه تنضح من داخل عينيه بوضوح وخاصةً بذلك الرداء الطفولى الغريب الذى يزيدها براءه وخطوره معاً 


استلقت هى بعصبيه ساحبه الغطاء فوقها بحده ليغطيها حتى رأسها ، زفرت مره اخرى بضيق وهى تقوم بأبعاد الغطاء عن جسدها فالغرفه بالفعل درجه حرارتها مرتفعة او ربما جسدها الغاضب هو من يطلق تلك الحراره لا تستطيع الجزم ، بعد عده دقائق حاولت بكل طاقتها الذهاب فى النوم اجفل جسدها على صوت الرعد يدوى فى الخارج بقوه ، ابتسم فريد وهو يفكر بسعاده فيبدو ان السماء قررت الوقوف بصفه تلك الليله ، 

اغمضت حياة عينيها بقوه مطمئنه نفسها داخلياً بأنها داخل المنزل ولن يصيبها مكروه فى وجوده ، دوى صوت الرعد مره اخرى ليتبعه البرق منيراً الغرفه بأكملها ، شهقت حياة بفزع وهى تتكور على نفسها مفكره بيأس لو اعادت جسدها قليلاً للخلف كأنها ارتطمت به صدفه هل سيصدقها ام ستكون حجتها واهيه ؟!، او من الممكن ان تعتبر ذلك المساء كهدنه وتعود فى الصباح لغضبها منه مره اخرى ، انقذها من رعبها وتفكيرها البائس ذراعه التى تسللت ببطء تحتويها وتجذبها نحوه حتى التصقت به تماماً ، التفت تنظر نحوه بنظرات لازالت محتقنه قائله بصوت خفيض :

-لو سمحت ابعد ايديك عنى !!. 


اعتدل من نومته يتكأ على مرفقه ويستند بجسده كله فوق جسدها قائلاً بأبتسامه ونبره عابثه :

-بس انا مرتاح كده !!..


بالرغم من غضبها الشديد منه الا ان الدفء الذى تسرب إليها من حراره جسده القابع فوقها  جعلها تشعر بالامان الشديد حتى عندما دوى الرعد للمره الثالثه لم تجفل او تشعر بالذعر على غير عادتها ، ازدردت لعابها بقوه وهى ترمقه بنظره معاتبه قبل ان تشيح بوجهها بعيداً عنه ، اتسعت ابتسامته وهو يضع إصبعه اسفل ذقنها معيداً رأسها نحوه مغمغاً بحب شديد :

-عارفه انتى عندك كام نظره بتوعى انا لوحدى ؟!..


سألته بخفوت وقد بدء غضبها يتلاشى منه :

- كام؟!. 

اجابها بعشق شديد :

-١١

قطبت جبينها يأندها?

متى تخضعين لقلبى

الفصل العشرون ..


ظلت حياة جالسه فوق الارضيه الرخاميه امام البوابه المطله على الشارع الرئيسى وهى محتضنه جسده المصاب بين ذراعيها ومانعه اى احد من الاقتراب منه او تفقده حتى والده الذى هرول فزعاً نحو الخارج بعد انتشار خبر اصابه وريثه الوحيد بطلق نارى امام مدخل المقر الرئيسى لمجموعه شركاتهم صرخت به بكل ما أوتيت من قوه وهى تدفعه بأحدها يديها مانعه يده من الوصول إلى جسده او تفصحه قبل وصول عربه الاسعاف لنقله وانقاذه ، عادت يدها  تحاوط رأسه الملقاه فوق صدرها برعب ويدها الاخرى ضاغطه فوق جرحه بسترتها التى خلعتها بكف مرتجف فى محاوله بائسه منها لوقف نزيف دمائه متمته لنفسها وله :

-هتبقى كويس .. لازم تبقى كويس .. مش هسمحلك تسبنى .. كفايه بعدت زمان مش هسمحلك تانى !!.. 


فى تلك اللحظات وصلت سياره الاسعاف وقفز من داخلها طبيب مختص من مشفاه الخاص أرسلته المشفى على الفور بمجرد معرفتهم بما اصاب اكبر مساهميها ، دفعت حياة الطبيب بيدها فى بادئ الامر لمنعه من لمسه ولم تسمح له بالاقتراب الا عندما اخبرها انه الطبيب المعالج ، جلس الطبيب فوق ركبه واحده قبالتها ماداً يده فوق عنقه مستشعراً  بأنامله النبض قبل اعطاء الامر لمرافقيه بحمله برفق حيث عربه الاسعاف 

رفعه المسعفين بحذر شديد فوق الحمالة الطبيه ومنها إلى داخل العربه ، ركضت حياة خلفهم دافعه بيدها كل من تقابله حتى وصلت إلى العربه وقفزت بداخلها ، حاول احد رجال الاسعاف منعها ولكنها صرخت به بحده قائله :

-جوزى وانا مش هسيبه !! ..


اومأ له الطبيب بتركها فهو يعلم جيداً مكانتها منذ حادثه تسممها والتى قلبت المشفى رأساً على عقب وقتها بسبب خوف فريد الشديد عليها . 


توقفت عربه الاسعاف امام مدخل المشفى فى وقت قياسى وكان الجميع يقف على قدماً وساق منتظراً وصوله  فى اى لحظه وعلى رأسهم رئيس الأطباء الذى ركض خارجاً يُستقبل رب عمله ويطمئن على حالته الصحيه هاتفاً فى الجميع بالإسراع  به إلى غرفه العمليات مباشرةً ،  ركضت خلفه حياة حيث مدخل العمليات وهناك اوقفها رئيس الأطباء طالباً منها بهدوء الانتظار فى الخارج ، وبعد لحظات قليله وصل خلفهم غريب رسلان بمجموعه حراسته  وحراسه ابنه المصاب مطوقين الطابق والممرات ومانعين اى شخص غريب من التحرك بداخله إلا بعد التأكد من هويته .


اما عن حياة فقد اصابتها حاله من الهستيريا الشديده والتى جعلتها تصرخ فى كل من يقابلها رافضه الاستماع إلى اى شخصاً كان ، حتى عندما خرج الطبيب الجراح بعد فتره لا بأس بها مطالباً بأحضار اكياس من الدماء اصرت هى على التبرع له مؤكده ان فصيله دمها o وعليه يستطيع اخذ ما يشاء منها فهى لن تسمح لاى احد اخر بأعطاء دم لزوجها طالما هى على قيد الحياة .


وبعد ما يقارب الساعه كانت جدته السيدة سعاد قد وصلت إلى المشفى بعدما أخبرتها عفاف بهذا الخبر المشؤم ، ركضت مسرعه نحو غريب بعدما ترك لها الحراس المجال للوصول تسأله بلهفه بصوت باكِ :

-طمنى على ابن بنتى ابوس ايديك ..


اجابها غريب بأنكسار ان الرصاصه على مسافه قريبه جداً من القلب ولكن الطبيب أكد له ان حالته حتى الان مستقره رغم فقده الكثير من الدم 


تحركت حياة من مقعدها  بعد انتهائها من التبرع بالدم رافضه كل توسلات الممرضه والطبيب بالاستلقاء قليلاً او تناول اى مشروب لتعويضها عن كميه الدم التى فقدتها فهى ابداً لن تجلس فى تلك الغرفه البائسة المعزوله لا تعلم عنه شئ وتتركه هو بمفرده داخل غرفه العمليات البارده دون الاطمئنان عليه فحتى ان لم تكن بجانبه ، يكفيها ان تظل امام الغرفه حتى خروجه 


تحركت بجسد متعب حتى بدايه الممر وقد بدءت علامات الشحوب تظهر جليه فوق ملامحها ، ركضت الجده سعاد فى اتجاهها بمجرد رؤيتها قادمه وتسير ببطء فى اتجاههم وكفها بملابسها مغطاه بالدماء  ، شهقت برعب وهى تتقدم منها تلتقط كفها وتساعدها على السير ، فى بدء الامر قاومتها حياة رافضه المساعده منها او من اى احد فمن يحتاج للمساعده حقاً ملقى بالداخل حتى الان لم تسمع منه خبر يهدء ارتجافه قلبها الذى على وشك الخروج  من مكانه من شده ذعره ، ولكن ذلك الدوار الذى داهمها جعلها تتكأ على كفها مرغمه حتى وصلت إلى احد الكراسى الموضوعه امام الغرفه الجراحيه تجلس عليه بجسد مرتجف وقلب لم يتوقف ثانيه عن الدعاء والرجاء 


مدت كفها الملطخ بالدماء تنظر برعب إلى اثار دمائه الجافه فوقها وقد بدءت تشعر بالاختناق يعيق حركه تنفسها ، مالت بجزعها إلى الامام فى محاوله بائسه منها لايصال الهواء إلى رئتيها فحتى ذلك الفعل البسيط يؤلمها إلى اقصى درجه ممكنه ، فكرت بوجع وهى تجاهد لسحب نفسها هل يمكن للمرء ان يشعر بكل ذلك الكم من الالم دون ان يكون مصاب بمرض عضوى ؟!! ، ان يشعر بأنسحاب روحه ثم عودتها فى كل نفس يسحبه ؟!.. رفعت كفها المتكور تضغط بقوه فوق صدرها حيث موضع الالم عله يهدء قليلاً فهى تشعر كما لو ان شخص ما قام بشقه نصفين بمنشار حاد دون رحمه 


اما عن قلبها فوجعه  نقرة اخرى فتلك الرصاصه لم تخترق صدره فقط بل تشعر انها تجاوزته واستقرت بداخل قلبها هى . 


لاحظت الجده سعاد والتى تحركت تجلس بجوارها ارتجافه جسدها وتنهبت انها لا ترتدى سوى بلوزه بيضاء خفيفه تلطخت أكمامها بالدماء فى ذلك الجو البارد لذلك تحركت مسرعه تطلب من احد الحراس امر السائق بالذهاب للمنزل واحضار ملابس ثقيله من اجلها بعد الاتصال بعفاف تطلب منها ترتيب عده أشياء وإرسالها مع السائق الخاص به والذى كان يرابط فى الاسفل منتظر اشاره منهم ثم عادت تجلس بجوارها مره اخرى وهى تنظر نحوها بأشفاق شديد فالاعياء يبدو جلياً على ملامحها رغم ادعائها المستمر بغير ذلك 


بعد مرور ساعه ثقيله تكاد تُجزم انها كالدهر تقدم احد الحراس وبيده حقيبه وضعها امامهم ثم انصرف بهدوء ، اقتربت الجده سعاد تحاوط كتفيها بكلتا ذراعيها وهى تغمغم لها بحنان :

-حياة يابنتى قومى معايا اغسلى وشك وايديك والبسى حاجه بدل هدومك الخفيفه اللى كلها دم دى ..


حركت حياة رأسها تنظر نحوها ثم حركت رأسها نافيه بأصرار ، زفرت الجده بأحباط ثم اردفت قائله بأقناع :

-يابنتى الهدوم دى خفيفه عليكى والجو برد كده هيجيلك برد !!.. 


طلت حياة تنظر نحوها دون تعقيب فأستطردت السيده سعاد قائله بخبث :

-طيب تمام .. بس انتى عارفه ان لو جالك برد هيمنعوكى تشوفيه عشان العدوى .. 


انتبهت حياة لحديثها بكامل حواسها فشعرت الجده انها أتمت مهمه إقناعها على اكمل وجهه وبالفعل تحركت حياة بخطوات بطيئه نحو المرحاض الواقع بأخر الرواق وبجوارها تسير الجده سعاد لمساعدتها  


دلفت للداخل وقامت بغسل يدها وذراعها بأليه شديده ثم نزعت تلك البلوزه المغطاة بدمائه وارتدت بدلاً عنها كنزه صوفيه ثقيله ثم قامت بغسل وجهها ومسح شعرها ثم عادت يدها مره اخرى تحتضن بلوزتها والتى كانت مغطاه بدمائه ثم رفعتها نحو فمها تقبلها بحب ، مسحت السيده سعاد فوق شعرها بحنان وهى تغمغم بدهشه قائله :

-للدرجه دى بتحبيه يا حياة !!..


حركت حياة راسها تنظر فى اتجاهها قبل ان ترتمى داخل أحضانها وتنفجر فى البكاء وقد عرفت الدموع اخيرا الطريق لمقلتيها ، ظلت تشهق بقهر حتى جفت دموعها ولم يعد بمقدارها ذرف المزيد  فابتعدت عن الجده وقامت بغسل وجهها مره اخرى ثم تحركت نحو الخارج عل وعسى تسمع خبر ما يريح قلبها ولو قليلا 


خرجت من المرحاض فى نفس الوقت الذى اندفع به باب غرفه العمليات خارجاً منه كبير الأطباء وخلفه جسد فريد ممدد فوق السرير المدولب "الترولى" دون حراك ، ركضت حياة بمجرد رؤيته غير عابئه بذلك الدوار القوى الذى اجتاحها حتى وصلت إليه ، هالها رؤيته على هذا الوضع فلم تشعر بجسدها الا وهو يسقط مغشياً عليه بجواره


***********


افاقت حياة على صوت والدتها القلق بجوارها والتى وصلت هى الاخرى للمشفى بمجرد علمها لما حدث لابنتها وابن رفيقه عمرها ، مسحت آمنه على شعر وجبهة حياة فى محاوله منها لافاقتها فهى فاقده للوعى منذ ما يقارب النصف ساعه تقريباً ، فتحت حياة عينيها ببطء وإرهاق شديد تنظر حولها بأستغراب وهى تشعر بوخز قوى داخل كفها ، جالت عينيها بنظره شامله على محتويات الغرفه لترى والدتها جاثيه تنظر إليها بقلق وذلك المحلول المعلق والمتصل بكفها انتقضت تجذب تلك الابره الطبيه من داخل كفها بمجرد تذكرها  لما حدث راكضه نحو الخارج للاطمئنان عليه غير عابئه لتوسلات والدتها والممرضه وذلك الدم الذى اخذ يقطر من وريد كفها فكل ما كان يشغل تفكيرها فى تلك اللحظه هو معرفه اخر تطورات حالته ، وصلت إلى الطبيب الذى كان يتحدث بجديه تامه مع السيد غريب تسأله بلهفه واضحه :

-دكتور طمنى ؟!.. 


اجابها الطبيب بأشفاق وهو يرى حاله الذعر التى لاتزال متملكه منها :

-متخافيش يا مدام حياة .. فريد بيه زى الفل .. اينعم الرصاصه كانت قريبه جداً من القلب بس الحمدلله قدرنا نخرجها وهو دلوقتى تحت الملاحظه فى العنايه المركزه .. بعد ٤٨ ساعه لو فضلت الحاله مستقره هيفوق و هيتنقل على غرفه عاديه فوراً .. 


قاطعته حياة قائله برجاء :

-لو سمحت انا عايزه اشوفه ..

اجابها الطبيب حاسماً :

-للاسف يا مدام مش هينفع .. انا لسه كنت بكلم غريب بيه وبقوله .. صعب جداً حد يشوفه وهو فى العنايه المركزه .. بس ممكن حضرتك تشوفيه من ورا الازاز عادى .. 


هل يمزح معها الان !! بعد كل ذلك الرعب الذى عايشته تراه من خلف الزجاج !! رفعت حياة كلتا ذراعيها تقبض بكفيها  على تلابيب الطبيب قائله بتهديد ونبره حاده :

-انت عارف لو مخلتنيش ادخله .. صدقنى اول حاجه هخليه يعملها اول ما يفوق انه يطردك بره المستشفى ده ..


اردفت قائله بشراسه ادهشت الجميع :

-يا تخلينى معاه لحد ما يفوق يا انا هنقله دلوقتى لمستشفى تانى وبرضه هفضل معاه ..


صُدم الطبيب من رد فعلها وحديثها  الغير متوقع لذلك رفع نظره نحو السيد غريب ليتملس العون منه فوجده يومأ له برأسه ان يدعها ترافقه ، هز الطبيب رأسه بأستسلام وهو يغمغم لها وقد رأى قطرات الدم التى لازالت تخرج من كفها :

-تمام يا هانم .. بس اتفضلى حضرتك الاول حطى بلاستر عشان الوريد ده يكتم والبسى اللبس المعقم الاول قبل ما تدخليله .. ومش هاكد على حضرتك بلاش كلام التعامل يكون بحذر شديد ..


هزت رأسها له موافقه وهى تتحرك بلهفه مع احدى الممرضات التى ظهرت جوارها من العدم لتوقف نزيف كفها وتساعدها على الدخول إليه .


************


بداخل غرفه العنايه المركزه  خطت حياة بخطوات بطيئه مثقله ناظره إليه برعب وهى تراه ممد على الفراش بضعف تحيط بكتفه وقفصه الصدرى حتى معدته ضماده بيضاء كبيره تخفى ذلك الجرح الذى أوشك على اختراق قلبه وأبعاده عنها للأبد ، بدءت  تشعر بوخز الدموع يعود لمقلتيها مره اخرى وبقوه ، اغمضتها قليلاً محاوله السيطره عليها ولكن يبدو انه لا سبيل لذلك الان ، لا تدرى لماذا ولكن منذ اصابته وهى تتظاهر بالصلابه امامهم رغم شعورها المتزايد بأن كل خليه من خلايا جسدها ترتجف داخلياً فزعاً عليه ، شعور مرير بالذعر تختبره لاول مره بسبب فكره فقدانه ، فهى تشعر كما لو ان احدهم قام بوضعها وسط موجات البحر المتلاطمة فى ليله شتويه عاصفه ثم تركها تبحر بمفردها ورحل ، ولا يعلم ان اكثر ما تخشاه هو البحر الهائج فى الظلام ، لم تستطيع حبس دموعها اكثر لذلك تركت لها العنان لتنساب فوق وجنتها بحريه ، ارتمت بجسدها على المقعد الموضوع بجانب الفراش والذى يبدو انها وُضع خصيصاً من اجلها ناظره إليه بحزن وهو غافياً ومحاطاً بذلك الكم من الاجهزه والمحاليل ولا يدرى بما يدور حوله والاهم بما يدور فى قلبها من احاسيس تجاهه ، ، لقد بدء عقلها يجبرها وبقوه على الاعتراف بما تهربت منه منذ سنوات ، الحقيقه التى لطمتها بقوه ودون سابق انذار  ، فريد هو ملجأها الوحيد ، أمانها منذ اعوامها الاولى ، بل منذ ان قررت ان تأتى إلى ذلك العالم وتخوض فيه معركتها الخاصه والتى ابداً لم تكن خاصه ، كان معها دائماً حصنها ورفيق دربها الوحيد ، حتى عندما كانت تقف امامه وتتحداه ، كانت تفعل ذلك لعلمها انه معها وخلفها ، يمدها بالقوه ، يحبها ويحميها ويشد عُضدها ، عندما تقع فى ازمه كانت تعلم جيداً ان فريد بجوارها فى مكان ما يراعها وينتظر فقط الوقت المناسب ليتدخل وينقذها ، ولكنه ها هو الان يرقد فى الفراش غير واعياً برعبها فى الساعات الماضيه والتى قضتهم فى الخارج وحيده للغايه بدونه ترى كل الوجوه غريبه لانه ليش من ضمنهم ، تماماً كورقه شجر فى فصل الخريف تخشى هبوب ريحاً عاصف يميد بها ، لوت فمها بسخريه مفكره ، هل يعلم ان مجرد دخولها الغرفه وجلوسها بجواره أعاد اليها شيئاً من الطمأنينة والدفء لقلبها ، مدت يدها تتلمس بحذر شديد كفه الأيمن قبل ان ترفعه لتطبع عده قبلات مشتاقة فوق أصابعه وباطنه ، بعض الأشخاص محظوظون كفايه ليقعوا فى الحب مثله ، اما هى فكانت الاوفر حظاً لانها لم تقع فى الحب بل ولدت فيه ، فتحت عينيها عليه ، وكبرت وترعرت فى ظله ، لن تكابر بعد الان ولن تحارب مشاعرها اكثر من ذلك ، انها تحبه كما كانت دائماً ، بطهره وعصيانه ، بلينه وقسوته ، بطاعته وعناده ، غارقه فى حبه تماماً وكلياً ، تحبه الان كما أحبته فى الماضى وستظل تحبه فى المستقبل ، لم تشعر بالحب الا معه ولم يدق قلبها الا له ، لم تكرهه ابداً بل على العكس كل ما كانت تشعر به هو الغضب ، كل عبارات الكره التى رمته بها منذ سنوات لم تكن الا تنفيس عن خيبه املها منه مع الحزن لفقدانها لحبيبها الاول وصديقها المفضل  فى اصعب أوقاتها ولكن كل ذلك اصبح الان من الماضى ، من اليوم ستحارب من اجل اعاده فريد خاصتها ، فريد الحنون المتسامح ، هزت راسه بأصرار فهى عاقده على تنفيذ خطتها وستعمل بكل طاقتها ان تنسيه ذلك الماضى بكل تعقيداته والالامه وتعويضه عن كل ما عاناه بمفرده دون ان تكون بجواره ، ثم بعد ذلك ليبدءا معاً حياتهم الجديده دون وجود احد ودون تدخل من احد ، دون اطماع وخطط وأحقاد ، والاهم دون خطر او انتقام . 


تحركت نحوه تحتضن وجهه بكفيها بحنان شديد وهى تتأمله بعشق ، يالله كم هو وسيم ، لقد كان دائما وسيم بتلك العينين العسلتين التى تدفئ قلبها وحياتها كالشمس ولكنها تراه الان اكثر وسامه ، كم تمنت ان تتلقى تلك الرصاصه بدلاً عنه ، لو فقط يُعاد بها الزمن لكانت وقفت امامه تحميه وتفديه بروحها قبل جسدها فأن تُصاب هى وتعلم انه بجوارها اهون كثيراً من ان يصاب هو وتظل هى هكذا بدونه  فاقده للحياة ولن تعود حياة الا بعوده فريد .


قامت بطبع قبله دافئه ومطوله فوق جبهته وهى تهمس له بهياام :

-بحبك .. بعدد كل كلمه بكرهك قلتهالك بحبك .. قوم بقى عشان خاطرى متسبنيش لوحدى .. قوم عشان انت عارف ان حياة متنفعش غير لفريد ..


سقطت من احدى جفنيها دمعه اخرى فوق وجنته سارعت بمسحها برعب كأنها ستتسبب فى ايذائه ثم قامت بطبع قبله ثانيه وثالثه فوق جبهته واُخرى فوق وجنته مكان سقوط دمعتها ثم عادت تجلس فوق المقعد مره اخرى وهى تحتضن كفه بتملك .


فى اليومين التاليين ظلت حياة بجواره لم تبارح مطرحها ولو قيد أنمله ، رفضت جميع التوسلات من قبل والدتها وجدته وحتى الطبيب بالارتياح قليلاً او تناول الطعام  ولكنها رفضت ذلك رفضاً باتاً فيبدو ان جهازها العصبى اصبح متنبهاً بالكامل بسبب حاله الذعر الذى يمر بها لذلك لم يغمض لها جفن خلال ذلك اليومين المنصرمين كما انها لن تشعر بطعم الحياة حتى يفتح عينيه مره اخرى 


كانت تقضى يومها بالصلاة والدعاء له بالشفاء العاجل وفى المساء وأثناء صلاتها فى جوف الليل فتح فريد عينيه بوهن شديد ليطالعها ساجدة فوق الارضيه وهى تنتحب. بصوت رقيق ، تمتم اسمها بخفوت شديد عده مرات قبل ان يغالبه النعاس مره اخرى من اثر المخدر ، انهت حياة صلاتها ثم هرولت نحوه مسرعه تتفقده  تنهدت بأحباط وهى تراه لازال غائباً عن الوعى فقد هيأ لها أثناء صلاتها  انه يهتف بأسمها ولكن يبدو انها تتهيأ بذلك كعادتها فى اليومين الماضيين ، 


اغمضت عينها تدعو الله بقلب مضطر ان يستيقظ فهى لا تشعر ان قلبها سيحتمل يوم اخر بدونه ، اخفضت رأسها تطبع قبله حذره للغايه فوق موقع قلبه ثم تحركت تطبع قبلات مشتاقة فوق كل إنش من وجهه ، اما هو فمن بين صحوته وغفوته ، حلمه وواقعه كان يشعر بقبلاتها كالنسمه الناعمه تقع فوق وجهه ممنياً نفسه باليوم الذى يقوم به بكل ما يفكر به الان كاملاً مكملاً .


بعد ما يقارب الساعتين وعندما كانت حياة تجلس فوق المقعد بجوار فراشه محتضنه كفه كعادتها شعرت بِه يتململ ويده تضغط بضعف شديد فوق يدها وهو يتمتم اسمها بهمس خافت ، رفعت رأسها بترقب شديد تنظر نحوه فوجدته يرمش عده مرات قبل ان يفتح عينيه بوهن ، انتقضت من مقعدها واندفعت نحوه تتلمس وجهه بلهفه وهى تتمتم بصوت مختنق من شده مشاعرها :

-فريد انت صحيت .. انت صحيت صح .. انت هنا .. 


حرك شفتيه يسألها بهمس ضعيف :

-انتى كويسه ؟!.. 

اومأت رأسها له عده مرات موافقه وهى تحاول جاهده كبت دموعها حتى لا تبدء فى التساقط وتفضح مشاعرها امامه ثم اجابته وهى تحتضن وجهه بحنان شديد :

-هششش .. متتكلمش ومتتعبش نفسك .. انا كويسه .. ثوانى هندهلك الدكتور .. 


انهت جملتها وركضت نحو الخارج بأندفاع شديد ثم عادت بعد دقائق معدوده وبصحبتها رئيس الأطباء الذى اندفع هو الاخر خلفها للفحص والتأكد من سلامه مخدومه ، اجرى الطبيب فحصه مطولاً ثم استقام فى وقفته هاتفاً بمرح شديد :

-كله زى الفل مفيش اى حاجه تخوف .. هترتاح هنا شويه والصبح هنتنقل لاوضه عاديه .. 


وجهه حديثه لحياة وهو يتحرك نحو باب الغرفه للخروج :

-مدام حياة .. زى ما نبهت على حضرتك بلاش اى كلام او مجهود وشويه والممرضه هتيجى تكمل العلاج .. 


اومأت حياة رأسها له موافقه بتفهم شديد قبل ان تتقدم مره اخرى نحوه ، جلست على حافه الفراش بجواره تتأمله ويتأملها فى صمت ، كان يبدو واضحاً لها من تعبيرات وجهه انه يتألم لذلك عندما حاول فتح فمه للحديث قامت بوضع إصبعها فوق فمه قائله برقه شديده :

-شششششششش .. ولا كلمه .. 


ثم اكملت جملتها بمرح شديد وهو لازالت تضع إبهامها فوق فمه :

-اخاف الدكتور يقفشنا واحنا بنتكلم يطردنى وانا بصراحه ما صدقت أقنعه يخلينى هنا ..


رفع احدى حاجبيه معاً بأستنكار شديد مما دفعها للابتسام بقوه ثم فجأه وبدون اى مقدمات سألته برجاء :

-فريد .. ممكن احضنك ؟!.. 


لم يجيبها ولكن بدلاً من ذلك ابعد يده السليمه عن جسده مشيراً لها للاقتراب ، مالت بجسدها تحتضنه بحذر شديد دون تحميل ثقلها عليه سانده جبهتها على الوساده وما تبقى من وجهها واقعاً بين المسافه بين الوساده وكتفه ، ثم اقتربت ببطء حتى شعرت بأنفاسه المتعبه تلامس اذنها ، تنهدت براحه فالآن يمكنها الاسترخاء وقد عاد دفء انفاسه يحيط روحها .


فى الصباح استيقظ فريد شاعراً بثقل ما جاثياً فوق ساقه اليمنى ، فتح عينيه ببطء فوجدها غافيه ورأسها مستنده فوق ساقه بكسل ويدها محتضنه كفه بقوه كأنها تخشى هروبه ، ابتسم ببطء ثم حرر يده من كفها وبدء يتلمس خصلات شعرها بأشتياق ، لم يدرى كم مضى عليه من الوقت وهو غافياً بتلك الضماده الغبيه التى تكتسى صدره ولكن الشئ الوحيد الواثق منه هو انه يريد اعتصارها بين احضانه حتى يُطفئ شوقه لها ، فى تلك اللحظه دلفت الممرضه للغرفه فانتفضت حياة من نومتها تسألها بقلق :

-ميعاد الدوا جه ؟!..


اجابته الممرضه بأبتسامه ودوده وهى تتحرك بأتجاهه وتناوله عدد لا بأس بِه من الادويه ثم تفقدت جرحه قبل ان تقول بهدوء :

-٥ دقايق وهننقل حضرتك لأوضه عاديه لو مستعد ..


اومأ لها فريد برأسه موافقاً وقد بدء يستعيد عافيته وقوته شيئاً فشئ 


**************


تمت عمليه نقله إلى غرفه عاديه بمنتهى اليسر والسهوله فيبدو ان وجوده داخل المشفى جعل الجميع يعمل على قدم وساق حتى رئيس الأطباء كانت متواجد جوارهم بشكل دائم ، انتهى الطبيب المعالج من تفحص جرحه المره الاخيره  ثم بدء فى إعطاء تعليمات صارمه الموضه التى كانت تستمع لتعليماته بتركيز تمام ، فى تلك اللحظات تسللت حياة تجلس قبالته على الفراش الوثير فى تلك الغرفه التى تشبهه غرف الفنادق ، لوت فمها بسخريه وهى تجول بنظرها بداخلها فبالطبع اذا لم تكن تلك الغرفه من نصيب فريد رسلان فلمن تكون 

 عادت تنظر إليه وهى تفكر بشوق فكم تود فى تلك اللحظه إمساك ذراعه ووضعه فوق خصرها كمان كان يفعل دائماً بتملك ، أعادها من شرود افكارها صوت الطبيب يوجهه حديثه إليها قائلاً بنبره وابتسامه ذات مغزى :

-حمدلله على سلامه فريد بيه يا مدام ..


اخفضت حياة رأسها بخجل متذكره كيف جذبت ذلك الطبيب من ردائه وقامت بتهديده ثم رفعت رأسها ببطء تبتسم له بموده وتقول بنبره شبهه معتذره :

-شكرا لمجهودك يا دكتور والفضل لحضرتك  بعد ربنا سبحانه وتعالى .. وبتمنى ان حضرتك تعذرنى على اى حاجه حصلت اليومين اللى فاتوا دول .. 


اومأ لها الطبيب رأسه وهو يبادلها ابتسامه متفهمه قبل ان يتحرك وتتبعه الممرضه إلى الخارج .


شعرت حياة به يتململ بجوارها وهو يزفر ببطء ، لم تكن تحتاج للنظر إليه لتعلم انه غاضب ، فرغم ضعف حركته الا انها كانت تعلم جيداً انها حركات غاضبه ، رفعت رأسها بترقب شديد تنظر نحوه فوجدته بالفعل يرمقها بنظرات حانقه ، فى السابق كانت تغضب كثيراً.من غيرته ، اما الان فهى تريد رمى نفسها بداخل احضانه وتقبيله حتى يعلم انها الوحيد الذى يمتلك قلبها ، حاولت كتم أبتسامتها وهى تراه يضغط على شفتيه بقدر ما يسمح له ألمه وقد قررت إراحته لذلك تحدثت مبرره :

-فريد .. ينفع اقولك حاجه ؟!.. 


لم يجيبها واستمر فى رميها بنظراته الحانقه فأردفت تقول بنبره طفوليه هامسه كأنها تعترف بذنب كبير :

-لما انت كنت فى العنايه الدكتور رفض انى ادخل وانا بصراحه هددته لو مخلنيش افضل معاك لما تفوق هترفده ..


انهت جملتها وجعدت انفها وهى تنظر نحوه بترقب كأنها تنتظر توبيخه ، حاول هو كتم ابتسامه كادت تظهر على شفتيه ثم تنحنح قائلاً بنبره جامده :

-العرض لسه متاح .. استمرى انتى فى معاملته كده وان شاء الله هيقعد فى بيتهم بكره .. 


ضغطت فوق شفتيها بقوه واخفضت نظرها لإخفاء تلك الابتسامه السعيده التى لاحت فوق شفتيها ثم اردفت محاوله تغير مجرى الحديث :

-على فكره بباك وتيتا سعاد كانوا هنا متحركتش من جنبك .. هما بس بيروحوا بليل وشويه وزمانهم على وصول .. 


لم يعقب على جملتها مطلقاً بل فاجئها بسؤاله قائلاً بجمود :

-ومروحتيش معاهم ليه ؟!..


رغم الجمود الذى كان يغلف نبرته الا ان نظرته كانت تلوح بسؤال اخر مختلف  ، كانت تعلم انها لازال يعاملها بجمود بسبب غيرته لذلك اجابته قائله بتهكم شديد :

-امممم .. بصراحه الجو شتا والدنيا برق ورعد .. والبيت بتاعك ده على البحر على طول وانا بخاف من صوت البحر بليل .. عشان كده قلت خلينى هنا احسن ..


رفع احدى حاجبيه وقد بدء المرح يظهر جلياً بداخل عينيه ثم اجابها بنبره شبهه مرحه :

-يعنى انتى بتستغلينى حتى وانا تعبان !!!...


لم تستطع كتم ضحكتها لاكتر من ذلك فأجابته ضاحكه وهى تمد يدها وتحتضن يده اليمنى قائله بسعاده :

-قدرك بقى .. 


لم يعقب وبدلاً عن ذلك ظل يتأملها مطولاً بنظرات اسرتها وجعلتها هى الاخرى فاقده للنطق 

قاطع نظراتهم صوت الباب الذى اندفع وظهر من خلفه والده يليه الجده سعاد ، حياه والده بجمود شديد رغم الدفء الواضح فى عينيه ونبرته ورغم قلقه وذعره  الذى لم يفارقه الايام الماضيه والذى كانت حياة شاهده عليه ، فكرت بسخريه وهى تتأمل استقبال فريد له فقد باتت تعلم من اين  ورث كل ذلك الجمود والجفاء ، اما عن الجده سعاد فقد اندفعت نحوه بعيون دامعه تحتضنه بحب شاكره الله على استجابه دعائها ورؤيته مره اخرى سالماً ، ربت فريد على ظهرها مطمئناً وكان ذلك هو اقصى رد فعل بدر منه وهو يستقبلهم ، استقامت الجده سعاد فى وقفتها مره اخرى وهى تتمتم بمكر :

-لا ماشاء الله ده دم حياة اللى اتنقلك خلاك زى الفل اهو .


تجمدت نظرات فريد فوق حياة التى أبعدت وجهها عنه بخجل شديد ثم سالت الجده حياة محاوله الهرب من نظراته التى لازالت تشعر بها فوقها :

-تيتا حضرتك جبتيلى الحاجات اللى طلبتها ؟!..


اجابتها الجده بمرح وهى ترى احمرار وجنتيها :

-اتفضلى يا ستى كل الحاجات اللى طلبيتها لحد ما تروحى مع انى كنت افضل ترجعى البيت تريحى شويه واحنا هنا معاه ..


هزت حياة رأسها رافضه بصرامه وهى تتحرك نحو الحقيبه الموضوعه فوق الارضيه تلتقطها وتتجه بها نحو المرحاض لتبديل ملابسها .


استبدلت حياة ملابسها وقامت بارتداء كنزه صوفيه ناعمه ذات فتحه عنق منخفضة  من اللون الاحمر مع بنطال يلائمها من اللون الاسود ثم مشطت شعرها جيدا ورفعته لاعلى على هيئه كعكه بسطيه وتركت الكثير من خصلات شارده فوق وجهها وعنقها لتبرز نعومته ثم تحركت إلى الخارج بعدما استعاده جزء كبير من نشاطها وسعادتها بسبب استيقاظه ، 


تسمرت نظرات فريد فوقها بمجرد رؤيتها تتقدم منه وهى ترتدى تلك الكنزه الواسعه التى تجعلها تبدو كالطفله بداخلها ، طفله اى طفله تلك التى تبدو بهذا المظهر الرائع المثير فقط بسبب كنزه !! وقعت عينيه على فتحه عنقها وتلك القلاده الفضيه الصغيره التى كانت تلازمها والتى كانت تحتك بعنقها فى كل خطوه تخطوها غتثير اعصابه ، اغمض عينيه بقوه لاعناً ذلك الالم الذى يضرب صدره ويمنعه من التحرك والتنعم بقربها ودفء جسدها ، جلست حياة فى احدى المقاعد المجاورة له بتوتر وهى ترى نظراته مسلطه عليها وللحقيفه لم تستطع هى الاخرى ابعاد نظرها بعيداً عنه فكل ما تمنته فى اليومين الماضيين هو النظر بداخل عسليتيه والشعور بالدفء والامان المنبعث منهما 


انقضى النهار سريعاً وقد لاحظ فريد  انها لم تتناول شئ خلال اليوم بأكمله فقط قهوه وبعض العصائر ، اذا لذلك السبب تبدو شاحبه ومرهقه ، بالطبع ستبدو مرهقه بعدما تبرعت له بدمائها ، هل يحق لامراه ما ان تكون بكل ذلك الجمال والشحوب يملئ وجهها ؟! هذا ما فكر به بيإس وهو يتأمل وجهها بعشق خالص ، كل ما يريده هو ذهاب والده وجدته حتى يتسنى له ضمها بين ذراعيه ولتذهب تعليمات الطبيب إلى الجحيم معه .


زفر فريد براحه بعد توديع والده وجدته وتحركها من جديد لتجلس قبالته وتسأله بأهتمام :

-انت كويس ؟!.. 


هز رأسه لها ببطء دون حديث ثم سألها بصوت أجش : 

-ممكن بس ترفعيلى السرير شويه ؟!.. 


تحركت على الفور تنفذ طلبه ثم بعدها اقتربت منه حتى شعر بعطرها يغزو انفاسه وخصلات شعرها تلامس جبهته وهى تعدل له من وضع الوساده خلفه حتى يستلقى بوضعية مريحه ، عادت بعدها لتجلس بعيداً عنه ولكنه رفع ذراعه الأيمن ليضعه فوق مؤخره ظهرها ثم ضغط عليه برفق شديد فى اشاره لها للاقتراب منه ، تحركت على الفور تلتصق به وكم أسعدها يده التى إحاطتها بتملكها المحبب لها ، رفعت جفونها تنظر نحوه فوجدته يتأملها بحب شديد فرفعت أصابعها تتلمس ذقنه النابته بنعومه شديده ثم قالت بصوت ناعم كالحرير وهى تتبع بأصبعها خطوط عنقه ثم انزلقت حتى وصلت إلى بدايه جرحه :

-دمى بقى بيجرى لحد هنا وبعد كده بيروح لكل جسمك قبل ما يرجع لقلبك تانى .. 


اجابها بنبره هامسه وهو يحرك يده ببطء على طول ظهرها :

-مش بس دمك اللى بيجرى جوايا .. كلك يا حياة .. 


تحرك إصبعها يتلمس شفته السفلى برقه بالغه وهى تقترب منه لتتلمس دفء انفاسه ، غمغم هو بهمس ناعم قائلا  :

-حياة بوسينى .


لم تتفاجئ من طلبه فهذا كل ما كانت تفكر به فى تلك اللحظه ، انحدر نظرها مباشرةً حيث فمه ثم غمغمت بنفس النبره الهامسه معترضه:

-فريد .. جرحك ..


قاطعها هو قائلاً بعيون داكنه :

-مش متخيل انى كنت هروح من غير ما ....


قاطعت حديثه بقبلتها التى التهمت شفتيه تقبله بعمق غير عابئه بأى شئ مما حولها سوى قربه وملمس شفاه الناعمه المتملكه ، ابتعدت عنه بعد قليل ثم أسندت جبهتها فوق جبهته وانفها تلامس انفه تتنفس انفاسه بأستمتاع ، قالت له وهو مغمغضه العينين :

-انت عارف لو اتقفشت الدكتور هيعمل فيا ايه ؟!..


اجابها مازحاً وهو يطبع قبله خفيفه فوق انفها ومقدمه فمها :

-انا بتلكك عشان امشيه ..


دوت ضحكتها عاليا وهى تحك انفها بأنفه قبل ان تتحرك شفتها تتلمس ببطء ذقنه ووجنته طابعه عده قبلات فوقها ، جالت يده السليمه فوق جسدها يتلمسها بشغف وهو يغمغم بمرح :

-انتى بتستغلى مرضى صح ؟!..


شهقت بصدمه ثم رفعت رأسها قائله بعتاب :

-والله !! انت اللى طلبت انى ..


قاطع حديثها عندما التقط شفاها مره اخرى يبث من خلالها كل ما يعتمر بداخل صدره من احاسيس ومشاعر مهلكه .متى تخضعين لقلبى

الفصل الواحد والعشرون ..


توقف فريد عن تقبيلها على مضض ورغم ذلك لم يبتعد عنها ولم تفعل هى بل ظلت تستند بجبهتها على جبهته وهى تحتضن وجهه بكفها كأن كل منهما يتلمس العون من صاحبه ، بعد فتره من الوقت تحركت برأسها مكرهه حتى تسمح له بالتنفس براحه ولكنه منعها قائلاً بصوته الاجش :

-خليكى .. نفسك مدفينى .. 


يالله .. أيجب عليه ان يكون بتلك الروعه طوال الوقت ، انها تجاهد لكبح جماح لسانها حتى لا ينفجر ويكشف عن كل ما يحمله قلبها له من عشق وهيام ، تنهدت بحب وهى تعود وتدفن وجهها داخل ثنايا عنقه حيث راحتها وامانها .


بعد وقت ليس بقليل وهما على تلك الحاله ابتعدت هى عنه ببطء بعد سماعهم طرقه خفيفه فوق باب الغرفه يليه دخول احدى الممرضات وهى تحمل صينيه محمله بالدواء بين يديها ، استقامت حياة فى وقفتها قبل ان تسأل الممرضه بخجل موجهه لها  ابتسامه عريضه:

-لو سمحتى ممكن اديله انا العلاج ؟!..


بادلتها الممرضه ابتسامتها بأخرى موافقه وهى تومأ لها برأسها قبل تحركها نحو الخارج ، ناولته حياة دوائه بشغف شديد بعدما اصرت ان تناوله عشائه بيدها ، وبعد انتهاءها حاول التحرك من مكانه ولكنه اجفل بقوه من شده الالم ، اغمض عينيه برُهه من الزمن محاولاً السيطره على ألمه وهو يسب ويلعن بخفوت ، علقت حياة على سبابه قائله بسخريه شديده :

-حتى وانت تعبان بتشتم ؟!.. 


نظر إليها متشدقاً وقد بدء صوته يستعيد قوته قائلاً بتهكم مرير :

-انا اسف يا زوجتى العزيزه انى خدشت حيائك بكلامى وبذائتى .. المره الجايه لما حد يحاول يموتنى وعد هبقى اقوم ابوسه تقديراً لجهوده فى انه يريحك منى .. 


نظرت له حياة بأحباط وفتحت فمها لتجيبه ولكن قاطعها صوته قائلا لها بنبره حازمه :

- اندهيلى حد من اللى بره .. 

انتفضت حياة من مقعدها بجواره تسائله بقلق :

-اشمعنى ؟!!!...


اجابها بنبره خاليه :

-من غير اشمعنى .. ناديلى حد من البهايم اللى بره دول .. 


تحولت نبرتها هى الاخرى وهى تحدثه بنبره شبهه محتده :

-انت بتهزر صح !!! اكيد مش هندهلك حد ومش هتكلم حد لحد ما تخف ..


زفر فريد بنفاذ صبر قبل ان يقول بحسم شديد :

-حياة !! لو مندهتليش حد من الاغبيه اللى بره دول هقوم اناديهم بنفسى .. 


اجابته حياة بحنق شديد:

-تقوم تنده مين !! فريد لو حضرتك مش واخد بالك انت اضربت برصاصه جنب القلب على طول يعنى لازم تراعى صحتك اكتر من كده !!.. 


اجابها بتهكم ونبره ذات مخزى وهو يستعد للتحرك من الفراش :

-متخافيش عليا لو على قلبى فهو مستحمل كلام كتير اسوء من الرصاص ولسه عايش اهو .. 


علمت جيداً ما يرمى إليه فأخفضت رأسها بخجل وقد بدءت الدموع تتجمع داخل مقلتيها وهى تتذكر ما تفوهت به خلال شجارهم الاخير قبل اصابته لذلك آثرت الانسحاب نحو الخارج مغمغه بأستسلام :

-تمام خليك هعملك اللى انت عايزه ..


غابت قليلاً وعادت وبجوارها رئيس الحراس مطأطأً رأسه بخزى من فشله فى حمايه رئيسه ، وجهه فريد حديثه لحياة بنبره آمره كأنها لم تكن قبل دقائق معدوده داخل احضانه :

-سبينا لوحدنا شويه ..


رفعت احدى حاجبيها تنظر له بتحدى صامت ، زفر فريد مره اخرى بملل قبل ان يهتف اسمها بنبره محذره :

-حيااااااة !! .. 


اندفعت حياة خارج الغرفه وقد صفقت الباب خلفها بقوه وهى تشعر بالغضب الشديد من عناده وجفائه معها خاصةً ان لديها شكوك قويه عن سبب استدعائه للحارس فى ذلك الوقت بالذات .


وامام باب غرفته ظلت حياة تذرع الممر ذهاباً واياباً وهى تنظر كل عده دقائق بساعه يدها  مفكره بقلق ما الذى يحيكه فريد برفقه حارسه ، تحركت تضع اذنها فوق الباب مرهقه السمع لعلها تستمع إلى ما يرضى فضولها او يطمئنها ولكن ذلك العنيد كان يتخذ احتياطه جيداً ويتحدث بنبره خفيضه حتى لا يصل ترتيبه إلى مسامعها او مسامع اى حد اخر فى الخارج ، وأثناء استراقها للسمع فُتح الباب فجأة وهى لازالت مستنده براسها عليه فترنحت قليلاً لإمام ، تنحنحت محاوله اخفاء حرجها من الحارس الذى تفاجئ بوجودها امامه وكاد ان يصطدم بها  ثم بادلته ابتسامه مقتضبه قبل ان ترفع رأسها بكبرياء وتعود بداخل الغرفه مره اخرى دون حتى النظر إليه ، بمجرد دخولها الغرفه سألها فريد بتذمر :

-مفيش اى حاجه البسها بدل البتاع الغريب ده !! ..


اجابته بنبره شبهه جامده  :

-اه طبعاً تيتا سعاد جابتلك لبس معايا ثوانى هطلعهولك .. 


انهت جملتها وهى تتوجه نحو الخزانه الصغيره والموضوعه بجانب الغرفه تلتقط منه بنطال رياضى واسع وستره رياضيه بسحاب أمامى حتى تسهل له عمليه إرتدائه دون ألم ، وقفت امامه عاقده حاجبيها بتركيز تام وهى تفكر فى كيفيه ارتدائه للبنطال فهى ابداً لن تساعده فى تلك المهمه مهما حدث ، ابتسم هو من ترددها الواضح داخل عينها ثم قال بتهكم واضح :

-هاتى متخافيش انا هتصرف .. غمضى عينيكى بس ..


ضغطت على شفتيها بخجل قائله وقد تناست كل غضبها منه :

-تمام حاول تلبسه وانا هساعدك فى التيشرت ..


هز رأسه بعبوس وهو يحاول ارتداء البنطال بحذر شديد من اسفل ذلك الرداء الازرق الخاص بالمرضى ، فتحت حياة عينها على مضض حتى تتاكد من انتهائه قبل ان تزفر براحه وهى تتحرك من خلفه حتى تحل الرباط الخلفى الرداء ثم تعود مره اخرى لتساعده فى خلعه وارتداء سترته ، غمغم فريد فى اول الامر رافضاً مساعدتها قائلاً بتحدى :

-انا هلبسه لوحدى ..


نظرت حياة نحوه بتحذير قبل ان تجيبه بأقتضاب وهى تساعده فى ادخال ذراعه فى احد الأكمام  :

-ممكن تبطل تعلق على كل حاجه وتسيبنى اشوف شغلى !!.. وبعدين على فكره انت مريض متعب اوى ..


اجفل وتأوه متألماً بصوت مكتوم بمجرد لمسها لذراعه القريب من الاصابه فسارعت تحتضن وجهه بكفيها وهى تغمغم برعب شديد :

-اسفه .. اسفه .. انا وجعتك غصب عنى انا اسفه .. 


لمح فريد اللهفه والذعر داخل عنيها فأوماً لها برأسه مطمئناً قبل ان يقول بتهكم محاولاً تلطيف الجو بينهما :

يمكن عشان اللى بيساعدنى حد مش مريح ..


انهت مهمه ادخال ذراعه الاخر داخل الرداء ثم مالت بجذعها نحوه حتى تستطيع التقاط السحاب ثم اجابته وهى تغلقه بهدوء شديد وعينيها تحملق بأعماق عينيه:

-اخر طموحاتى انى أريحك .. خصوصاً لو فى حاجه اخرتها وجع قلبى .. خليك عارف ده كويس .. 


انهت جملتها ثم تركت السحاب يفلت من بين أصابعها قبل ان تتوجهه نحو احد المقاعد بأخر الغرفه تجلس فوقه بصمت ، 


استلقى فريد بهدوء شديد فوق الفراش وقد بدء يشعر بالإرهاق والنعاس من الدواء وحركته المستمرة منذ الصياح ثم وجهه حديثه لها قائلاً بنبره آمره :

-تعالى عشان ننام ..


عقدت ذراعيها معاً امام قفصها الصدرى قائله بتهجم :

-اتفضل انت انا مش هنام غير هنا ..

زفر فريد بأرهاق ونفاذ صبر قبل ان يبها بحده شديده :

-حياة مش عايز لعب عيال .. يا تيجى تنامى جنبى يا هبعت لحد بره يروحك !! مش هتفضلى تجادلى فى كل حاجه اقولك عليها ..


كان يعلم جيداً انه لن ينفذ تهديده فهو لا يأمن على إرسالها بعيداً عنه ومن دونه خاصةً بعد ما حدث له ولكنه متعب من مجادلتها فى كل شئ يطلبه ، زفرت بحنق وهى تتحرك من مقعدها وتتجه نحوه بغيظ شديد حتى توقف امام الفراش تسأله بقلق :

-طب هنام ازاى دلوقتى والسرير ضيق كده اكيد هتعبك !!!..


كانت كاذبه فالفراش رغم صغره الا انه كان يكفى لفردين براحه ، اغمض فريد عينه لبرُهه قبل ان يفتحها مره اخرى ناظراً لها بتحذير التقطته على الفور فتحركت تستلقى بجواره دون اى  تعليق اخر 


ورغم اتساع الفراش نسبياً الا ان فريد ترك لها مساحه صغيره جداً لتستلقى فوقها فتوارى نصف جسده تقريباً تحتها ، حركت جسدها بعيداً عنه لتعطى له مساحه اكبر للراحه ولكن بسبب انزلاق جسدها من فوق الفراش والذى منعته يده التى امتدت خلفها تدعمها جعلها تعود للالتصاق به مجدداً 

وبمجرد لمسها لجسده وبسبب الدفء والامان الذى تسلل إليها من قربه شعرت بكل غضبها يتلاشى منه وبدء جسدها يسترخى على الفور والنوم يداعب جفونها وهى داخل احضانه ، غمغمت بصوت رقيق ناعس :

-فريد لو سمحت ممكن تمسك ايدى وانا نايمه ..


سألها بهدوء وقد بدء يسترخى هو الاخر بسبب قربها منه :

-حاضر بس ليه ؟!..


اجابته بأهتمام بالغ :

-عشان خايفه ايدى تتحرك وانا نايمه وتخبط فيك او توجعك .. 


زفر فريد بحراره وهو يحرك يده اليمنى ليحيط خصرها ويدنيها منه اكثر فأكثر حتى يتسلل دفء جسدها كاملاً إليه . 

بعد عده دقائق شعر بأنفاسها تنتظم بداخل ثنايا عنقه فعلم بذهابها فى النوم ، أغمض عينيه متنهداً براحه يستمتع بقربها ودفء جسدها فوقه وبأنفاسها الواقعه عليه ، تحركت هى فى نومها تدفن راسها فى تجويف عنقه وتشدد من احتضان يدها ليده السليمه ، اتسعت ابتسامته كأنه مراهق يلمس يد حبيبته لاول مره ، ولكن ليس بيده حيله كل ما يحدث له وهى بقربه ليس بيده ، فقربها منه هكذا يدعوه إلى دنيا اخرى ، دنيا مليئة بالسعاده لم يختبرها من قبل وهى فقط من تمتلك مفتاحها ، لو انها تأذن له بالدخول بدلاً من تركه معلقاً هكذا تدنيه تارة وتبتعد عنه تارة لكان تخلى عن دنياه وما فيها من اجلها .


**********


تحركت جيهان بمجرد رؤيتها لغريب يدلف من خلال الباب الداخلى للمنزل تساله بلهفه واضحه :

-ها يا غريب ايه الاخبار ؟!!..

اجابها غريب وهو يبتسم بسعاده :

-الحمدلله يا جيهان .. ربنا ستر وفريد فاق النهارده ونقلوه لاوضه عاديه ..


تهدلت اكتاف جيهان وهى  تغمغم بأحباط جلى :

-فعلاً .. طب كويس حمدلله على سلامته ..

لم يعقب غريب على حديثها وبدلاً من ذلك سألها بنبره شبهه معاتبه :

-جيهان .. هى نرمين فين ؟!! .. 


اجابته جيهان بضيق واضح بعد ذلك الخير الغير سعيد بالنسبه إليها :

-نيرو مع نجوى اكيد بيغيروا جو ..

رمقها غريب بنظره حانقه قبل ان يقول بعتاب صريح :

-عندها وقت تغير جو بس معندهاش وقت تزور اخوها اللى كان بين الحياة والموت صح !! ده غيرك طبعاً ..


اندفعت جيهان تخاطبه بنبره محتده :

-بقولك ايه سيب بنتى فى حالها ملكش دعوه بيها ولا بيا كمان ..

حرك غريب رأسه بيأس وهو يغمغم اثناء صعوده الدرج :

-مفيش فايده .. عمرك ما هتتغيرى يا جيهان حتى حقدك ورثتيه للبنت !.. 


************


فى النادى الليلى جلست نرمين بوجهه متعب وملامح شاحبه وهى تحتضن جسدها بيدها ويبدو الاضطراب جلياً على ملامح وجهها وحركات جسدها باكمله ، سألتها نجوى بخبث شديد :

-مالك يا نيرررررو .. شكلك مش فى المود النهارده خالص ...


اجابتها نيرمين وهى تضغط بأصابعها فوق صدغيها :

-مش عارفه يا نوجه .. حاسه انى مش مظبوطه خالص وجسمى كله سايب .. بقولك ايه ما تجبيلى من المشروب الحلو بتاعك ده .. مفيش حاجه بتضيع صداع دماغى غيره .. 

رمتها نجوى بأبتسامه تشفى قبل ان تقول بسعاده واضحه :

-لا مشروب ايه بس .. انا عندى ليكى حاجه جامده اخر حاجه هتطيرك فوق السحاب ..


قالت نرمين بلهفه واضحه :

-طب وحياتك يا نجوى الحقينى بيها اصل انا على اخرى ..

اجابتها نحوى وهى تعبث بحقيقتها قبل ان تخرج لفافة  صغيرة وتدسها فى كف يدها مغمغه بنبره خفيضه :

-خدى جربى البتاع ده وهتدعيلى ..


فتحته نيرمين تتفحصه بأصابع مرتجفه قبل ان تقول بأعتراض :

-ايه ده يا نجوى !! دى بودره ؟!!..

اجابته نجوى متصنعه الضيق :

-بقولك ايه مش عايزاه هاتيه اضربه انا واريح دماغى يدل الدوشه دى ..

أطبقت إصابع نيرمين فوق الكيس تتمسك به بقوه مغمغه بلهفه واضحه :

-خلاص يا نوجه ميبقاش خلقك ضيق كده هاخده وامرى إلى الله ..


اومأت نجوى رأسها لها موافقه وابتسامتها تزداد اتساعاً شيئاً فشئ من نجاح مخططها ..


***********


تجاوزت الساعه الثانيه صباحاً ولم يغمض له جفن رغم ألمه وإرهاقه الذى كان يشعر به قبل اندساسها بجواره ، ومن قال انه يريد ان يغفو وتغفل عينيه عن رؤيتها بذلك الوضع متمسكه به وكأنه كل دنياها ، مد احد أصابعه يتلمس وجنتها وجفونها المنتفخه من شده الارهاق والقلق ، اغمض عينيه بقوه محاولاً ايجاد سلامه الداخلى ، هل حقاً يرى ما تومض به عينيها منذ استيقاظه ام ان كل ذلك من نسيج خيالاته ؟! ، 


 انزلق إصبعه فوق شفتيها متذكراً مذاق قبلتها له ، حتى ان قبلتها اصبحت مختلفه ، تمتمت هى اسمه بخفوف اثناء نومها :

-فريد .. 

أجابها متنهداً وقد اجتمع عشق العالم داخل قلبه  :

-عيون فريد .. 


لم يصدر منها اى رد فعل سوى انها اقتربت بجسدها اكثر تحتضنه ، اخفض وجهه قليلاً ثم اقترب منها يقبل وجنتها وانفها وجفونها قبلات ناعمه خفيفه ، أوقفه طرق خفيف على الباب يتبعه دخول احدى الممرضات من اجل موعد الدواء ، توقفت متردده بخجل  بسبب رؤيتها لحياة نائمه بجواره ولكن فريد أشار لها بالتقدم دون إحداث ضوضاء ، بالفعل تقدمت لإعطائه الدواء والاطمئنان عليه دون صوت يُذكر ثم تسللت بهدوء مره اخرى للخارج لتتركه يعود إلى تأمله وافكاره


استيقظت حياة فى الصباح والابتسامه تعلو وجهها فقد كان يراودها حلم جميل ان فريد يحتضنها ويهمس فى اذنها بالكثير من عبارات الحب ، فتحت عينيها ببطء لتجد نفسها مازالت قابعه داخل احضانه تحتضن كفه بتملك شديد ، حركت رأسها بحذر تطبع قبله رقيقه فوق عنقه وهى تبتسم بسعاده ، ففاجئها صوته يقول لها بنبره ناعسه مرحه :

-مش بقولك انتى بتستغلينى .. 


اغمضت عينيها بقوه خجله من تهورها فلم تتوقع انه مستيقظاً وخاصةً مع ذلك الدواء الذى يأخذه ، سمعت صوت ابتسامته يأتيها بوضوح قبل ان يقول بهمس شديد مشاكساً:

-طب مفيش صباح الخير ولا الاستغلال ده وانا نايم بس ..

تمنت هامسه بخجل شديد وهى تخفى وجهها بصدره :

-فريييييد .. 

اجابها بمرح محافظاً على همسه :

-مفيش فريد .. انا عايز صباح الخير الاول ..


رفعت رأسه تنظر إليه قائله بجديه :

-صباح الخير ..

رفع حاجبه ينظر لها بدهشه قبل ان يتشدق بتذمر :

-ايه دى !! مش هى صباح الخير اللى عايزها .. يلا خلصى .. 


عقدت حاجبيها معاً قائله بمرح وكان حديثهم لا يزيد عن الهمس :

-انت تعبان على فكره ولازم متتحركش عشان الجرح ..


جاوبها بخبث وهو ينظر نحو شفتيها :

-مانتى لو قربتى منى مش هتعب .. 

حركت رأسها رافضه قائله اسمه بسماجه لتستفزه :

-فريييد .. 


عقد حاجبيه متسائلاً بتفكير :

-انتى قلتى اسمى كام مره وانا مش فايق ..

اندفعت تجاوبه دون تفكير :

-مش فاكره بس كتير بصراح...


شهقت بفزع وهى تدرك مقصده فسارعت تقول مصححه :

-ولا مره .. مقلتش اى حاجه خالص .. 


حرك رأسه له بتوعد مغمغاً ومتصنعاً الضيق :

-ماشى تمام .. انا هفكرك .. 


حرك رأسه مقترباً منها فسارعت هى بأبعاد جسدها عنه ، تأوه بصوت مسموع وتشنجت ملامحه وهو يعود ليرتمى بجسده ورأسه فوق الوساده مره اخرى مغمضاً عينيه متظاهراً بالالم ، تمتمت بلهفه وهى تقترب منه وتتلمس بكفها موضع اصابته قائله بذعر حقيقى :

-فريد فى حاجه حصلت .. انا اسفه والله مكنتش اقصد .. 

لم يجيبها ولم يفتح عينيه فأردفت تقول بصوت مختنق وهى تطبع قبله معتذره فوق وجنته :

-انا اسفه وغبيه ومكنتش اقصد انى اتعب.....


قاطع جملتها بألتقاطه لشفتيها طابعاً قبله متطلبه فوقها ، ابتعدت عنه وهى تغمغم بحنق وقد بدءت الدموع تترقرق بداخل عينيها :

-انت بتستهبل صح .. 

جاوبها هامساً وهو يطبع قبله على طرف فمها وقد شعر بالذنب من ذعرها :

-انا اسف .. 

لم تعقب بل ظلت تنظر إليه بخوف وضيق وهو يعبث بأحدى خصلات شعرها الشارده ثم تحولت نظرتها لارتياح مع لمست?

تكملة الرواية من هنا 👇👇👇


من هنا

تعليقات

التنقل السريع
    close