![]() |
متى تخضعين لقلبى
الفصل الثانى والعشرون حتي الفصل الثلاثون
بقلم شيماء يوسف
كامله على مدونة النجم المتوهج للروايات
ظل فريد يتأمل تلك الغافيه بين ذراعيه والابتسامه البلهاء لا تفارق وجهه خاصةً وهو يتذكر عندما توقف فى منتصف ما يفعله ليسألها بذهول :
-حياة !!! انتى ؟!!!...
كانت تعلم جيداً سبب ذهوله وتترقب تلك اللحظه لذلك هزت رأسها بأيجاب وهى تكاد تذوب خجلاً من نظرته ولمسته المراعيه خاصةً بعد ذلك الاكتشاف.
رفرت حياةً بعينيها قليلاً ثم فتحتهما بخجل شديد ، ظل فريد على تأمله لها بصمت جعل وجنتيها يستحيلان للأحمر من شده توترها وخجلها ، تنهد هو بحراره مقرراً قطع الصمت بينهما بسؤال رغم سعادته الشديده يتأكله فضوله لتلقى اجابته لذلك هتف مستفسراً :
-حياة .. انتى ازاى لسه بنت لدلوقتى والاهم ليه خبيتى عليا حاجه زى دى ؟ ..
ضغطت على شفتيها بأحراج شديد وقد سلطت نظرها فوق صدره العارى متجنبه تلك المواجهه فرغم ما حدث بينهم منذ قليل الا انها لا تستوعب بعد مناقشه ذلك الامر معه ، هتف فريد بأسمها مره اخرى ليحثها على الحديث فهو ينتظر اجابتها على احر من الجمر ، رفعت نظرها لمواجهته بمجرد سماعه ينطق ينطق اسمها بتلك النبره المطمئنة فتحدثت تقول بأرتباك :
-مش عارفه .. قصدى يعنى انه مكنش .. يعنى مش بيقدر ..
تركت جملتها غير مرتبه فدقات قلبها المضطربه تمنعها من صياغه الجمله بشكل كامل صحيح ، راقب فريد ارتباكها وترددها بتفهم شديد وقد قرر اعطائها وقتها كاملاً حتى تستطرد هى حديثها من تلقاء نفسها دون ضغط منه ، اخذت نفساً عميقاً تهدء بِه توترها ثم حاولت النظر داخل عينيه بثبات فهى أيضاً ينتابها الفضول لمعرفه رد فعله ثم اردفت قائله بهدوء نسبى :
-انا فعلا معرفش السبب انا كنت صغيره وقتها ومكنتش فاهمه حاجه .. بس الاكيد انه كان بياخد الحبوب دى عشان تساعده ومكنتش بتنفع ..
اخذت نفساً عميقاً مره اخرى وقد بدءت ملامح وجهها تمتعض من تلك الذكرى لذلك اثرت إنهاء الحديث قائله بنبره شبهه حاسمه
-مش عايزه افكر ولا اشغل دماغى .. بس كل اللى اقدر اقولهولك ان ربنا كان رحيم بيا اوى ..
مد ذراعه واضعاً كفه فوق مؤخره عنقها ثم ضغط برفق شديد حتى يدنيها منه طابعاً قبله حنون مطمئنه فوق جبهتها ثم أردف قائلاً بأمتنان شديد :
-ده ربنا كان رحيم بيا انا ..
ازدرد لعابه ببطء قبل اعاده الجزء الاخير من سؤاله مره اخرى بترقب :
-طب ليه خبيتى عليا حاجه زى دى ؟!..
عضت على شفتيها بأحراج لم يخفى عليه ثم اجابته مفسره بنبره شبهه نادمه :
-بصراحه .. فى الاول كنت عايزه اضايقك عشان انت اجبرتنى احكى مقابل تنفيذ رغبتى .. وبعد كده اتحرجت انى احكيلك حاجه زى دى خصوصاً ان مجتش مناسبه ..
ضيقت عينيها عليه تتبين رد فعله لحديثها بترقب شديد ثم ارستطردت فى تبريرها قائله بنبره صادقه :
-والسبب الاخير .. كان فى جزء جوايا صغير عايز يطمن انك بتحبنى بكل مشاكلى واللى حصلى وانى دايماً هفضل حياة القديمه بالنسبالك مهما حصلتلى من ظروف ضدى ..
لمحت شبهه صدمه تلوح من داخل عينيها قبل تحولها لنظره تفهم واضحه ، تنهد براحه ثم سألها بصوته الاجش وهو يجذبها بذراعه لتتوسد صدره :
-اعمل فيكى ايه دلوقتى ؟!..
لاحت على شفتيها ابتسامه لم يراها ولكنها ظهرت جليه فى نبرتها وهى تجيبه قائله بحب :
-اممم ممكن مثلاً تخلينى هنا على طول ..
هز رأسه موافقاً بشده قبل اداركه انها لا تراه فعاد موافقته من خلال قُبلتين قام بطبعهم فوق منابت شعرها ، اغمضت عينيها تستمع بذلك الامان الذى يجتاح روحها بمجرد اندساسها بين ذراعيه فقد شاءت أقدارها الا تتلقى ذلك الامان والاحتواء الا على يده .
بعد فتره من الهدوء كانت هى من قرر قطع الصمت تلك المره عندما رفعت جسدها لتنظر إليه داعمه ثقلها بمرفقها لكى تسأله بتوسل :
-فريد .. ممكن اطلب منك طلب ؟!..
اجابها مشجعاً ويده تعبث بخصلات شعرها الثائرة :
-حياة فريد تآمر وهو ينفذ ..
ظهرت ابتسامتها ولمعت عيونها بعشق وهى تجيبه بنبره رقيقه للغايه :
-ممكن مهما حصل بينا .. ميعديش علينا يوم وانت مدينى ضهرك ابداً ..
انزلقت أصابعه حيث وجنتها يتلمسها برفق شديد بلمسات حانيه ثم اجابها هامساً امام شفتيها :
-مع انك مش محتاجه تطلبى .. بس أوعدك عمرى ما هخليكى تنامى فير فى حضنى ..
اتسعت ابتسامتها بسعاده شديده وهى تعود لتندس داخل احضانه ويحيطها هو بذراعيه وقد اخذت مطلبها ، حركت رأسها للاعلى قليلاً حتى يتسنى لها الاختباء بداخل عنقه وهى تفكر بسذاجه طفله صغيره ماذا سيحدث لو تحولت لعصفور صغير واتخذت من المسافه بين عنقه وكتفه ملاذاً دائماً لها ؟!، اغمضت عينيها بسلام وتلك الفكره تداعب قلبها العاشق .
************
فتحت حياة عينها فى الصباح فوجدت فريد يتأملها فى صمت بمظهرها الفوضوى وشعرها المشعث بخصلاته الثائرة إلى جانب شفتيها المتورمة من اثر قبلاته وعلامات الحب التى تملئ عنقها وتمتد حتى كتفيها ، ان مظهرها ذلك يقوده للجنون خاصةً وهو يتذكر ما مرا به البارحه وذلك الاكتشاف المذهل الذى اعاد الحياة لروحه ، تنحنح محاولاً تتقيه حلقه قبل ان يحدثها مشاكساً :
-شعرك منكوش على فكره..
جعدت انفها ورمقته بنظرات شبهه حانقه وهى تلكزه بخفه فوق كتفه وتغمغم متصنعه الضيق :
- بطل تتريق عليا عشان ربنا هيرزقك ببنت شعرها شبههى وساعتها مش هيهون عليك تتريق عليها .. ده غير انه كده بسببك لو كنت سبته فى حاله بليل مكنش بقى كده ..
تنهد بأنتشاء وهو يمد إصبعه متلمساً وجنتها وقد بدءت عينيه تضوى بسعاده من مجرد التفكير بطفله منه تنمو داخل أحشائها وتحمل ملامحها .
اردفت حياة حديثها وهى تبادله ابتسامته بأبتسامه ونظره ناعمه وهى تساله بصوت أجش متحشرج من اثر النعاس :
-وبعدين ممكن اعرف بقى انت بتنام امتى ؟!..
اجابها وهو يبادلها ابتسامتها بأخرى واسعه :
-اقولك سر ..
اخرجت صوت من حنجرتها ينم على الموافقه قبل ان تقول بمرح :
-اامممم قولى على سر ..
استطرد يسألها بخبث :
-طب ولو قلتلك على سر هاخد ايه المقابل ؟!..
ابتسمت بخجل وهى تمد إصبعها وتتلمس ذقنه ببطء قائله بنبره خفيضه مرتبكه :
-اللى انت عايزه ..
اجابها بمكر وهو يقترب منها :
-انا عارف هاخد ايه بس خلينا فى السر الاول ..
ضغطت فوق شفتيها وهى تسأله بحماس :
-طب بقى قولى السر عندى فضول ..
دوت ضحكته وهو يمد ذراعه ليدنيها منه قبل ان يقول بنبره شبهه مرحه :
-انا نومى خفيف جداً .. واول ما بتتحركى من جنبى بصحى بس كنت بعمل نفسى نايم عشان اسيبك براحتك ..
شهقت بمرح وهى تجيبه متصنعه الضيق :
-يعنى انت كل ده كنت بتضحك عليا !!..
حرك عينيه يميناً ويساراً مدعياً التفكير قبل ان يقول بنزق :
-انا غلطان انى كنت بسيبك تتحركى براحتك ..
انهى جملته وهو يمد كلتا ذراعيه ليحيط خصرها ويرفعها قليلاً من فوق الفراش وهو يسألها بصوت خفيض :
-تعبانه ؟!..
هزت رأسها نافيه وهى تبتسم بخجل فأردف مغمغاً وهو يلتقط شفتيها بين شفتيه :
-طب كويس ..
نطقت هى اسمه معترضه بدلال :
-فرييييد هتتأخر ..
همس فريد امام شفتيها بنبره ناعمه مثيره :
-لما اخد مقابل السر الاول ..
حاولت مشاكسته والابتعاد عنه ولكنه كان اسرع منها فى اخدها بين يديه ويغيب بها داخل عالمهم الخاص والملئ بمشاعرهم المحبة .
بعد فتره لا بأس بها كان فريد يرتمى بجسده فوق جسدها يحاوطها ويحتضنها وبرغم ثقل وزنه فوقها الا انها كانت سعيده للغايه وهى تشعر بدقات قلبه قريبه من قلبها وانفاسه الغير منتظمه تلحف عنقها ، غمغمت قائله اسمه بنعومه شديده وهى تحرك كفها فوق ظهره بلمسات مداعبه :
-فريد ؟!..
اصدر صوت مكتوم من حنجرته يحثها على الاستمرار فأردفت تحادثه وهى تبتسم بهيام :
-الوقت أتأخر على فكره وانت اتأخرت اوى على الشغل ..
رفع رأسه على مضض ينظر نحوها متفحصاً ملامحها بعشق شديد وهو يجيبها بهمس ناعم :
-ايه رايك نلعب لعبه ..
هزت رأسها موافقه وهى تضغط على شفتيها وتسأله بحماس شديد :
-لعبه ايه ..
اجابها وهو يقوم بلثم شفتيها :
-هقترح عليكى اقتراح ولو موافقه قولى اه ولو مش موافقه قولى لا ..
ابتسمت بحبور وهى تهز رأسها موافقه وعيونها تلمع بسعاده فأردف يقول بنفس نبرته الهامسه :
-ايه رأيك نقضى اليوم انا وانتى النهارده سوا بعيد عن الشغل ودوشته..
كان يسألها وأصابعه تتحرك بلمسات خفيفه كالفراشة فوق عنقها مما إفقتدها القدره على النطق لذلك أصدرت صوت ضعيف من حنجرتها ينم على الموافقه ، ابتسم هو برضا مضيفاً وهو لايزال محافظاً على نبرته المثيره :
-وندى عفاف اجازه وتطبخيلى بأيدك وانا هحاول اساعدك ..
اسبلت عيونها وهى تحرك رأسها موافقه غير قادره على ايجاد صوتها بسبب أصابعه التى انزلقت للأسفل لتتحرك فوق جسدها بلمسات مثيره ويتحدث وكأنه لا يفعل شئ ، حرك راسه هو الاخر موافقاً قبل ان يضيف بمكر غامزاً لها بعينه :
-وعايز تعمليلى كيكه شيكولاته وأكلها زى ما احب ..
ظلت تحدق بِه بهيام غير قادره على ايجاد صوتها للاجابه فأخفض رأسه مقترباً بشفتيه من شفتيها محركاً رأسه ومتعمداً الاحتكاك بهم وهو يسألها هامساً:
-مسمعتش اجابتك على فكره ..
كانت همهمه ضعيفه متقطعه هى كل ما صدر عنها كعلامه موافقه على اقتراحه الماكر ، أردف هو قائلاً بخبث :
-مادام اتفقنا يبقى فاضل اخر حاجه ..
رفعت رأسها تسأله بعينيها مستفسره فأستطردت يقول وهى يقترب منها :
-توافقى على اللى هعمله فيكى دلوقتى ..
صرخت اسمه بمرح معترضه قبل ان تخمد مقاومتها ويختفي صوتها بين يديه حيث لا طاقه لها على معارضته وهو يبث لها ذلك الكم من المشاعر الرائعه .
***************
خرجت حياة من المرحاض وهى تحيط جسدها بمنشفه سوداء كبيره تاركه شعرها المبلل يقطر ماءه فوق كتفها وعنقها مما أعطاها مظهراً مثيراً للغايه ، ازدرد فريد لعابه بصعوبه وهو واقفاً امامها يتأملها وقد بدءت حراره جسده فى الارتفاع من مظهرها العفوى ، مد ذراعه يجذبها نحوه ليحاصرها بين ذراعيه ثم اخفض رأسه نحوه شفتيها ليبدء فى تقبيلها ، ولكن حياة عادت برأسها للخلف متجنبه قبلته وقد قررت انه الوقت المناسب لبدء مصالحه فريد على نفسه واول خطوه لفعل ذلك هو اعاده العلاقه بين وبين خالقه لذلك قالت بتحفظ شديد مبرره ابتعادها عنه :
-فريد .. هروح اصلى الاول ..
هز رأسه متفهماً وقد بدءت يده تلقائياً ترتخى حول جسدها تاركاً لها المجال للتحرك بحريه ، ازدردت حياة لعابها بتوتر ثم اردفت بذلك السؤال الذى طالما راودها منذ حادثه الحفله :
-فريد ممكن اسالك سؤال ؟!..
التقط توترها بسهوله بالغه فضيق نظراته حولها يتفحصها بارتياب وهو يومأ لها برأسه كعلامه موافقه ، اردفت هى تسأله بترقب شديد وبنبره قلقه :
-ممكن اعرف يعنى اخر مره .. يعنى شربت كانت امتى ؟!..
انهت سؤالها وكتمت انفاسها فى انتظار اجابته بترقب شديد للغايه فهى تتذكر وعده لها تلك الليله ولكن جزء ما بداخلها يريد التأكد من إيفائه به ، صمت قليلاً ثم اجابها بتعابير وجهه ونبره جامده للغايه :
-يوم الحفله ..
تنهدت بأرتياح وارتخت ملامحها المترقبه وبدءت رئتيها تعود للعمل بشكل سليم مره اخرى وظهرت الابتسامه جليه فوق شفتيها ثم حركت كفيها تحتضن وجهه بينهما وقد تعمدت النظر بداخل عينيه وهى تنطق بجملتها :
-فريد عارف .. انا نفسى اوى انا وانت نصلى سوا ..
لم تنتظر اجابته ولن تنتظرها الان فقد نطقت بأمنيتها وتركت له المجال ليتسوعبها ثم طبعت قبله مطمئنه فوق جبهته وتوجهت لخزانه ملابسه بعدما قامت بتجفيف شعرها استعداداً لبدء صلاتها وقد تعمدت فعل ذلك امامه .
كان فريد يعلم انها تؤدى فرائضها كامله فحتى فى منتصف الليل ومنذ انتقالها لغرفته كانت تنسحب من داخل احضانه ثم تعود بعد قليل فيدرك انها فعلت ذلك من اجل الصلاه ولكن رؤيتها وهى تتلو ايات الذكر الحكيم امامه بخشوع تام شئ اخر جعل قلبه يرتجف وهو يعود للذاكره حيث عمر السابعه عندما قامت والدته بتعليم كيفيه اسباغ وضوئه واقامه صلاته وكانت تحرص على تأديتها معه ، بالطبع انتهى ذلك بموت والدته وسفره بمفرده للخارج حيث ثقافه جديده مختلفه كلياً لم يقوى على مقاومتها وبدء بعدها بالابتعاد شيئاً فشئ عن كل ما يخص دينه ولكن تلك اللحظه بالذات اعادت إليه جزء من الحنين ظن انه افتقده للأبد
************
فى الاسفل شهقت حياة بسعاده وهى فى طريقها للمطبخ وقد تسللت لانفها رائحه المخبوزات الفرنسيه الشهيه والذى يرفض فريد رفضاً تاماً تناولها مدعياً الحفاظ على صحته، صفقت بيدها وهى تركض فى اتجاه الطاوله وتهتف بنبره طفوليه سعيده :
-الله .. دادا عفاف متوصيه بيا اوى النهارده ..
رفعت رأسها تنظر نحو فريد الذى جلس بالفعل امام طاوله المطبخ يتناول إفطاره الصحى بجانب قهوته السوداء واردفت تقول لآثاره غيظه :
-والاهم ان كل ده ليا لوحدددى .. الحمدلله مش هاكل النهارده الاكل الغريب بتاعك ده ..
ضيق نظراته فوقها وهو يجيبها بحنق واضح :
-انا نفسى اعرف الاكل اللى بتاكليه كل ده بيروح فين ؟!..
رمقته بنظره حانقه قبل ان تجيبه بتذمر :
-اولا يعنى دى طبيعه جسم على فكره .. ثانياً بقى انا بدخل اوضه الجيم من وراك ..
رفع احدى حاجبيه مستنكراً قبل ان يجيبها مقلداً نبرتها وساخراً منها :
-عارف على فكره ..
فرغ فاها وشهقت بصدمه قبل سؤال بعدم تصديق :
-بجد !!!.. اكيد داد عفاف هى اللى قالتلك صح ..
هز رأسه نافياً وهو يوشك على إنهاء طعامه قائلاً بلامبالاه :
-معرفتش من حد .. انتى اللى بتسيبى اثار وراكى ..
مسح فمه بمحرمه الطعام قبل ان يردف قائلاً بنبرته الآمرة :
-ممكن بقى تبدئى تأكلى بدل ما عماله تلفى كده ؟!..
جلست على الفور بمجرد انتهاء جملته وشرعت فى تناول فطورها ولكن ببطء شديد مما أثار اعصابه فقد كان يعلم جيداً انها تماطله .
هتف فريد بها بعد مده من الوقت قائلاً بضيق :
-حياة ممكن تنجزى شويه بقالك ساعه بتاكلى !!..
مطت شفتيها بحزن قبل ان تجيبه متصنعه البراءه :
-الله جعانه طيب اعمل ايه ..
اسبلت بعينيها للأسفل حتى لا يكتشف تمثيلها قبل ان تضيف متصنعه الحزن :
-خلاص مش هكمل شوف انت عايز ايه ..
زفر مطولاً قبل تحركه بالمقعد نحوها ثم مد ذراعه يحتضن خصرها ويقول بأستسلام :
-حبيبتى كلى براحتك بس انتى بقالك اكتر من نص ساعه بتاكلى ..
عضت على شفتيها وقد بدءت ابتسامتها تلوح فوق شفتيها قائله بمرح :
-على فكره الكرواسون حلو اوى .. بجد دادا عفاف موهوبه .. بس انت طبعاً مش بتاكل الحاجات دى ..
كانت تحاول اثاره حنقه بكل السبل الطرق الممكنه وتستفزه حتى يتناوله ففى كل مره تصنعه عفاف من اجلها يسخر منها ومن عاداتها الغير الصحيه لذلك أقسمت تلك المره على جعله بتناوله حتى يتوقف عن سخريته ، قطمت قطعه اخرى منه وظلت تمضغها ببطء شديد وهى تراقب رد فعله ثم مدت كفها فى اتجاه فمه تسأله بنبره هامسه :
-دوق هتعجبك اوى على فكره ..
نظر لها مطولاً قبل ان يسألها بنبره مرحه قائلاً بتهديد لذيذ :
-انتى قد اللى بتعمليه ده ؟!..
سألته ببراءه مدعيه عدم الفهم :
-بعمل ايه مش فاهمه ؟!..
ابتسم لها ببطء وهو يهز رأسه بتوعد قائلاً وهو يجذبها نحوه :
-انا ممكن اكله على فكره بس مش هنا ..
ضيقت عينيها وعبس جبينها بعدم فهم حقيقى قبل ان تشهق بدهشه وهو يلتقط شفتيها بين شفتيه متمتاً بنبره ناعمه كالحرير :
-اكيد طعمه هنا احلى بكتيررر ..
فى بدء الامر ظلت جامده وهى تلوم نفسها على تهورها امامه قبل ان يتعمق هو فى قبلته متذوقاً ما بداخل فمها فلم تشعر الا وهى تبادله إياها بنفس الشغف والتطلب ، اخفض جزعه حتى يتسنى له وضع يده اسفل ركبتها وحملها وهو لازال يقبلها ثم ابتعد عنها قليلاً قائلاً من بين انفاسه اللاهثه وهو يتحرك بها نحو الدرج
-كفايه عليكى فطار لحد كده ..
*******************
لم يسمح لها فريد بالعوده للأسفل مره اخرى لاى سبباً كان وفى المساء كانت حياة تحاول جاهده فتح جفنيها من شده الارهاق والنعاس ، غمغم فريد وهو يحرك يده على طول ظهرها :
-حياة .. انا جعان ..
اجابته حياة بنبره ناعسه مرهقه وهى تحرك رأسها داخل تجويف عنقه :
-فريد اتلم .. انا تعبت وعايزه انام ..
دوت ضحكته عالياً وهو يجيبها بصوت مختنق من شده الابتسام :
-مكنتش اعرف ان دماغك منحرفه كده .. انا جعان بجد والله ..
رفعت رأسها تنظر نحوه متصنعه الغضب وهى تجيبه بنبره مؤنبه :
-ما عشان حضرتك مفطرتش كويس وقضيتها تريقه عليا .. ده غير انك اتهورت وعطيت لدادا عفاف اجازه من قبل ما تعملنا الغدا .. ثالثاً بقى ودى اهم نقطه انك لهتنى لدلوقتى ومخلتنيش انزل اعمل اى حاجه ..
انهت جملتها ثم عادت تندس مره اخرى بين ذراعيه وتتوسد رأسها صدره ، تجعدت ملامح فريد كطفل يتلقى التعنيف من والدته ثم اجابها بضيق :
-مش مهم هروح اطلب اكل من بره ..
انتفض جسدها من بين يديه وتحركت ترفع جسدها مستنده على مرفقها قائله بذعر شديد:
-لا طبعاً الا الاكل من بره ده ..
سألها فريد بعدم فهم :
-مالك خفتى كده ليه ؟!..
اجابته وقد بدء صوتها يختنق وعيونها تلمع بالدموع من اثر الفكره :
-انت ناسى ان فى حد حاول يأذيك .. يعنى ممكن ينتهز الفرصه دى ويعمل فيك حاجه زى ما عملوا قبل كده معايا ..
مسح فريد على وجنتها برقه بالغه ثم اجابها بنبره اكثر رقه محاولاً تهدئه نظره الرعب التى تطل من داخل جفونها :
-حبيبتى متخافيش .. عايزك طول مانتى معايا متخافيش من حاجه ..
تنهدت بعدم ارتياح وهى تعود وتدفن رأسها بتجويف عنقه حيث ملجأها المفضل وهى تغمغم برعب :
-فريد مش عايزه اجرب احساس الكام يوم اللى فاتوا ده تانى ابداً ..
-ششششش .. متخافيش انا معاكى اهو ..
تفوه بجملته تلك بعدما طبع قبله مطمئنه فوق شعرها وهو يحرك كفه فوق ذراعها العارى مهدهداً لها ..
بعد فتره من الصمت بينهما تحدث هو قائلاً بمرح محاولاً تلطيف الأجواء :
-حياة .. انا لسه جعان ؟!..
لم يأتيه اجابه منها فعاود قول اسمها ولكن تلك المره بنبره خفيضه للغايه فلم يصدر منها سوى همهمه خفيفه علم من خلالها مع انفاسها المنتظمه انها ذهبت فى نوم عميق ، اتسعت ابتسامته وهو يتحرك ليلتصق بها اكثر متنازلاً عن فكره الطعام ويستعد وهو داخل أحضانها لنوم عميق ظل يحلم بان يزوره منذ سنوات طويله ويبدو انه اخيراً قرر التعطف عليه.
*************
فى الصباح استيقظت حياة شاعره بثقل ما يجثو فوق قفصها الصدرى ، فتحت جفنيها بتثاقل لترى فريد ولاول مره رأسه تتوسط صدرها وذراعيه تلتف حول خصرها بقوه كأنه طفل صغير متشبث بها ، قاومت اغراء شديد فى رفع ذراعها ودس كفها بداخل خصلات شعره الناعمه وبدلاً عن ذلك اثرت عدم التحرك حتى لا تزعجه فى غفوته
وبعد ساعه من الجمود التام بدءت تشعر به يتململ بهدوء داخل أحضانها فحرّكت كلتا يدها على الفور واحده تعبث بخصلات شعره والاخرى احاطت جسده ، لم يتحرك من موضعه ولم يصدر اى صوت يدل على استيقاظه ولكنها علمت انه استفاق من انفاسه التى اصبحت غير منتظمه وكفه التى تحركت تتشابك مع يدها ، قطعت حياة الصمت قائله بصوت رقيق للغايه :
-على فكره انا صحيت النهارده قبلك وانت محستش زى كل يوم شفت ازاى ..
تحرك بجسده قلبلاً حتى وصل إلى عنقها وقام بطبع قبله ناعمه فوقه ثم دفن رأسه بداخلها وهو يتمتم بنبره ناعسه :
-انا فعلاً اول مره انام كتير كده ..
امتلئ وجهها بأبتسامه رضا واسعه ثم رفعت كفها لتستأنف تمسيد خصلات شعره برفق شديد وهى تقول بترقب :
-فريد .. انت عمرك ما حكتلى حاجه من ساعه ما سبنا بعض .. رغم انك عرفت تقريباً كل حاجه عملتها من يوم ما بابا قرر نتنقل لحد مانت رجعت تانى ..
رفع جسده قليلاً متخذاً من مرفقه حاملاً له قبل ان يجاوبها بنبره جامده :
-عايزه تعرفى ايه بالظبط ؟!..
رفعت رأسها هى الاخرى تطبع قبله خاطفه فوق شفتيه ثم احاطت وجهه بكفيها وهى تجيبه بحماس :
-عايزه اعرف كل حاجه ..
لمحت سحابه حزن خاطفه مرت بعينه قبل ان يبتسم لها بمكر وهو يمد ذراعيه اسفل جسدها استعدادا لحملها قائلاً بمرح شديد :
-اممم بليل هقولك كل حاجه بس دلوقتى مش هبنفع ..
سألته بأستنكار :
-ليه بقى ؟!..
اجابها وهو يتحرك بها من فوق الفراش قائلاً بنبره هامسه مثيره :
-عشان عندنا شغل وقبل الشغل لازم ناخد دش ..
شهقت حياة بخجل وهى تضرب بقدميها فى الهواء محاوله الافلات منه ولكنه تأكد من احكام لف ذراعيه حولها قبل اختفائه بها داخل الحمام ..
************
فى الخارج وقفت حياة بجسد جامد امام المقر الرئيسى للشركه وتحديداً امام مدخلها الذى شهد اصابته ، اغمضت عينيها بقوه محاوله طرد تلك الذكرى الأليمة التى ومضت امام عينيها عن يوم اصابته ، شعر فريد بكفها يضغط فوق كفه كأنها تستمد منه قوتها ، تحركت نظراته هو الاخر حيث موقع نظراتها قبل ان يفهم سبب توجسها ، مال برأسه ليهمس داخل اذنها بنبره مطمئنه :
-انا معاكى على فكره ..
حركت رأسها ببطء رافعه نظرها نحوه وهى ترمقه بأبتسامه باهته استقبلها هو وبادلها إياها بأخرى مشجعه قبل ان يتحركا معاً يداً بيد نحو الداخل ، بمجرد خروجهم من المصعد ووصولهم نحو الممر المؤدى لغرفته ، لمحت حياة نجوى تهرول فى اتجاههم ثم توقفت بأنفاس لاهثه امامهم قائله بحماس شديد :
-فريد انت اتاخرت اوى النهارده وامبارح كمان مكنتش موجود .. وانا كنت عايزه ابلغك ان الشركه الجديده اللى اتكلمت معاها بخصوص الماركيتنج عايزه تاخد ميعاد معاك بكره ..
حاولت حياة اثاره غيظها لذلك وبمجرد رؤيتها مالت برأسها تستند على كتف فريد ورفعت كفها لكى تحاوط ذراعه بتملك واضح اما كفها الاخر فظل يتشابك معه بحب ، هز هو رأسه موافقاً بعدم اهتمام ثم اجابها على عجاله :
-تمام .. هاتيلى ملف العرض بتاعهم اراجعهم قبل ما ااكد عليكى الميعاد بكره ..
انهى جملته وجذب حياة خلفه متجهاً بها نحو غرفته دون انتظار اجابه نجوى .
حدقتهم نجوى بنظرات غل صريحه وهى تتابع سيرهم جنباً لجنب ونظرات عشقهم الواضحه للعيان وهو تقول بتوعد صريح :
-ماشى يا بنت **** مبقاش نجوى ان ما قلبت الدنيا عليكى بس الاقى فرصتى ..
فى الداخل وقف فريد قبالتها بعدما تأكد من احكام غلق الباب خلفهم ثم جذبها نحوه مشبكاً يده خلف ظهرها وهو يسألها بنبرته العابثه :
-مينفعش تشتغلى هنا النهارده ..
اجابته بأبتسامه واسعه وهى ترفع كفيها وتتلمس صدره القوى :
-انت عارف كويس انى لو قعدت هنا مش هتشتغل ..
اخفض رأسه حتى تلامست شفاهم سوياً ثم غمغم امامهم بصوته الإجش فشعرت به ينطق الكلمات من خلال فمها:
-اقعدى وجربى ..
نطقت اسمه بدلال ناعم :
-فريييييد ..
طبع قبله خاطفه فوق شفتيها وهو يجيبها بأستسلام :
-خلاص اتفضلى روحى بس خليكى عارفه انى بجمع لحد بليل ..
رمقته بنظره عاشقه وهى ترفع جسدها على اطرف اصابع قدمها لكى تطبع قبله ناعمه فوق وجنته ثم تركته وانصرفت مسرعه حتى لا تستسلم لرغبه قلبها فى البقاء بجواره .
فى منتصف اليوم جائها اتصال هاتفى من سكرتيرته تطلب منها التوجهه إلى غرفته على وجهه السرعه ، ركضت حياة مسرعه نحو غرفته وهى تشعر بالقلق من طلبه المفاجئ فالملفات التى بين يديها لا تستدعى طلبها بهذا الشكل العاجل ، طرقت الباب ولم تنتظر الاجابه بل دلفت للداخل على الفور وبمجرد دخولها تفاجئت بيده تجذبها حتى اصطدم جسدها بصدره القوى ثم احتجزها بينه وبين الحائط وهو يتمتم امام شفتيها قائلاً بنبره مثيره للغايه :
-وحشتينى ..
زفرت حياة بأرتياح قبل ان تقول وهى تبادله قبلاته المتطلبه بأخرى مشتاقة :
-فريد احنا فى المكتب ..
لم يعيرها اهتماماً ولم يجد الوقت ليجيبها بل ظل يعمق من قبلاته حتى تناست جميع ما حولهم ورفعت كفها تضعه فوق عنقه وتضغط عليه حتى يدنى منها اكثر ، بعد فتره من الوقت أبعده عنها ذلك الهاتف الذى ظل جرسه يدوى بلا توقف ، تحرك فريد ليلتقطه من فوق مكتبه ثم اجاب بهدوء شديد وهو بعود لنشر قبلاته فوق وجهها مره اخرى كأن الامرين لا يتعارضان مع بعضهما البعض على الاطلاق ، تسائلت حياة وهى تبادله قبلاته كيف يستطيع التركيز فى كلا الفعليين معاً ؟!!!!، انهى مكالمته دون الرد بكلمه واحده فقط استمع إلى الطرف الاخر والذى علمت حياة انه رجل من صوته الذى كان يصل إليها بوضوح بسبب اقتراب فريد والهاتف من وجهها
اغلق فريد الهاتف ودسه بجيب بنطاله دون حتى كلمه وداع ثم عاد ليلتهم شفتيها مره اخرى ، غمغمت حياة بأعتراض ضعيف محاوله ايجاد ارادتها فى الابتعاد عنه فقد بدء جسدها بأكمله يستجيب له وهى تعلم تمام المعرفه ان ما يقومان به هو قمه التهور ، استجاب فريد لاعتراضها وبدء يحرر شفتيه من بين شفتيها وهو يلهث من فرط مشاعره قبل ان يبلغها بصوت أجش :
-حياة انا لازم اسافر بكره الصبح ..
عقدت حاجبيها معاً وهى تسأله بقلق شديد :
-فى حاجه حصلت ؟!..
هز رأسه نافياً وهو يعاود تقبيل شفتيها بقبل متفرقه شارحاً لها من بين قبلاته :
-مفيش حاجه مهمه .. بس حاجه لازم اخلصها بنفسى .. هما يومين ومش هتأخر عليكى ..
هزت رأسها بأيجاب وقد بدءت تشعر بالاحباط يتملك منها من فكره بعده عنها ولكنها حاولت اخفاء ذلك بمهاره لم تخفى عليه ، اعطته ابتسامه واسعه وهى تستدير نحو الباب لتتركه يرتب امور سفره .
دلفت نجوى غرفته بعد خروج حياة بفتره لا بأس بها وفى يدها ملف تلك الشركه التى أُوكل إليها مهمه التنسيق معها ، تحدثت معه بعمليه شديده كانت تمتاز بها وهى تضع الملف امامه :
-فريد ده الملف اللى طلبته منى عشان تراجعه قبل الاجتماع مع الشركه .. ياريت تقولى رايك الاخير فيه قبل ما اكد عليهم الميعاد بكره ..
اجابها فريد بجمود دون رفع نظره نحوها فقد كان غارقاً فى الملفات التى امامه والتى تحتاج المراجعه والتدقيق قبل سفره :
-مش هينفع بكره يا نجوى خالص .. انا مسافر يومين ولما ارجع نبقى نحددلهم ميعاد تانى ..
لمعت عينى نجوى بمكر واتسعت ابتسامتها فيبدو ان الحظ وضع الفرصه التى تبحث عنها امام عينيها من جديد ، لذلك اندفعت تقول بلهفه شديده مدعيه الارتياح :
-كويس اوى .. انا كمان مكنش يناسبنى بكره لان بابى طلب اسافرله ضرورى وانا كنت هأجل عشان الاجتماع ده دلوقتى اقدر اسافر وانا مطمنه .. بس مقلتليش طيارتك الساعه كام
اجابها فريد بعدم اهتمام وهو لايزال ينظر بداخل الاوراق :
-الصبح بدرى ..
هزت رأسها بسعاده ثم استأذنته فى الخروج قبل ركضها نحو ايمان تطلب منها حجز تذكره ذهاب لإيطاليا غداً صباحاً مهما كلفها الامر
بعد فتره ليست بطويله وبسبب ازدواج جنسيتها استطاعت ايمان إتمام الامر بمنتهى السهوله حتى انها قامت بطبع تذكره السفر وسلمتها لها ، استلمتها نجوى منها بسعاده غامره وأخفتها جيداً بداخل حقيبه يدها ثم تحركت للتنفيذ خطوتها التاليه .
ظلت نجوى تراقب الممر منتظره خروج حياة من غرفتها لاى سبب كان حتى يتسنى لها ابلاغها بالأمر ، وبالفعل بعد حوالى الساعه خرجت حياة من غرفتها متجهه حيث مكتب ايمان حيث اصبحت عادتها فى الايام الاخبره قضاء وقت راحتها معها ، بمجرد رؤيه نجوى لحياة وقفت تعطيها ظهرها وقد تظاهرت بالحديث داخل هاتفها المحمول قائله بخبث شديد وبصوت مرتفع نسبياً حتى تتأكد من وصول حديثها لمسامع حياة :
-ايوه يا بنتى زى ما بقولك كده اتفقنا نسافر سوا بكره وهو ضحك عليها وقالها انه شغل ..
تسمرت حياة فى مكانها واذردرت لعابها بصعوبه وقد بدءت تشعر بدقات قلبها تتعالى توتراً ولكنها قررت تجاهل كل ذلك الامر والمضى قدماً ، أسرعت نجوى تضيف بعدما رمقت حياة بنظره جانبيه ورأتها على وشك التحرك :
-يابنتى بقولك اتفقنا وحجزنا سوا خلاص وهنتقابل بكره فى المطار بس هو طلب منى كل واحد يحجز لنفسه احسن عشان منجازفش يعنى وخصوصاً ان مراته معانا فى الشركه ..
شعرت حياة بأنقباضه قويه داخل قلبها وبدءت الدموع تغزو مقلتيها وهى تفكر بحزن ، ايعقل ان يفعل بها فريد ذلك خاصهً بعد ما حدث بينهم !!، نفضت رأسها من تلك الافكار وهى تستأنف طريقها نحو الخارج فهى تثق بزوجها ولن تسمح لتلك الحرباء بأفساد صفو حياتها ..
ظلت حياة شارده خلال ما تبقى من يومها فكلما نفضت تلك الافكار المسمومة من داخل رأسها تعود إليها مرةً اخرى
وبعد طول تفكير منها قررت مواجهه فريد والاستفسار منه ، نعم بمجرد وصولهم للمنزل ستسأله واذا تطلب الامر ستطلب الذهاب معه بدلاً من جلوسها هنا بداخل مكتبها يتأكلها التفكير والقلق
انتهى اليوم وكعاده فريد اليوميه توجهه حيث غرفه حياة لاصطحابها من داخلها والتحرك معاً يداً بيد نحو الخارج ، بالطبع كانت تلك الفرصه التى تعول عليها نجوى لتنفيذ اخر خطوه من مكيدتها فظلت واقفه قرب غرفه حياة منتظره وصول فريد اليومى فى نفس الميعاد تقريباً وبالفعل انزوت بعيداً بمجرد رؤيته يتحرك داخل الممر وبمجرد وصوله امام غرفه حياة سارعت نجوى توقفه بيدها وتقول له بصوت مسموع حتى تتأكد من استماع حياة لها :
-فرييييد ..انا حجزت التذكره على فكره زى ما اتفقنا وكده بكره هنتقابل فى المطار الصبح ..
عقد فريد حاجبيه معاً بعدم فهم قبل ان يفتح فمه ليستفسر منها ولكن نجوى قاطعته قائله بخبث :
-ان شاء الله تبقى رحله سعيده وننبسط بيها ..
انهت جملتها وهرولت نحو الخارج لتقطع عليه اى طريق للاستفسار او التصحيح تاركه فريد ينظر فى اثرها بعدم فهم قبل دخوله لغرفه حياة والتى بالطبع استمعت لما تفوهت به نجوى واصبح وجهها شاحباً يحاكى الأموات ..متى تخضعين لقلبى
الفصل الثالث والعشرون ..
لاحظ فريد منذ دخوله لمكتبها وحتى وصولهم للمنزل جمودها التام ولكنه اعاد ذلك لمسأله سفره المفاجأه ، حسناً انه يعلم انها اُحبطت ولكن ليس لذلك الحد فوجهها شاحب للغايه وعيونها تلمع بالدموع طوال الطريق رغم محاولتها المستميتة لتنجب التقاء عيونهما معاً الا انه لاحظهم، لو انه يستطيع اصطحابها معه لما توانى فى تنفيذ ذلك ولكن تلك السفره خصيصاً يحتاج إلى خوضها بمفرده فهو لا يضمن حتى سلامته فكيف بها ، زفر بضيق وهو يقفز من مقعده بداخل السياره عندما توقفت امام الباب الداخلى للمنزل ، مد كفه يحتضن يدها فلم تعارضه ولم تبادله عناقه أيضاً ، سألها مستفسراً وعينيه تتفحص ملامحها بأهتمام :
-حياة انتى كويسه ..
اجابته كاذبه بنبره جافه بعدما اجبرت نفسها على رسم ابتسامه مقتضبه فوق شفتيها :
-اه كويسه الحمدلله ..
بخير !! انها الان ابعد ما تكون على ان تكون بخير فالنار التى بداخلها تزداد اشتعالاً مع مرور الوقت ، هذا ما فكرت به بحزن وهى تخطو بداخل المنزل ، ذلك المنزل الذى اصبح فجاه ودون سابق انذار احب الأشياء إلى قلبها لمجرد انه يجمعهما سوياً ، شعرت بوخز الدموع يعود بقوه لمقلتيها فرفرت بجفنيها عده مرات محاوله صرف تلك الدمعات من داخل عينيها فهى لا تنتوى البكاء امامه مهما حدث ، توجهت مباشرةً نحو غرفتهما ومنه إلى الحمام حيث آثرت الاغتسال لتهدئه اعصابها تاركه العنان لدموعها المختلطة مع رذاذ الماء الدافئ المنهمر فوقها .
خرجت حياة من الحمام بعد فتره لا بأس بها فقد قامت بتجفيف شعرها اولاً وارتدت ثيابها كامله وقد تعمدت الإبطاء قليلاً حتى يتسنى لها مواجهته بأعصاب هادئه ، بالطبع هذا ما فكرت به منذ قليل ولكن بمجرد خروجها ورؤيه حقيبه سفره قد أُعدت بالفعل عادت تلك النيران لتستعر بداخلها من جديد ، تحركت بجمود شديد تجلس على المقعد المنخفض الموضوع امام الفراش ثم أخذت نفساً مطولاً قبل سؤاله بجمود شديد :
-فريد انت مقلتليش مسافر فين ؟!..
اجابها وهو يتوجهه نحوها ليشاركها مجلسها :
-لندن ..
مد ذراعه ليدنيها منه ولكنها انتفضت على الفور من مجلسها بعدما دفعت يديه بحده متجنبه لمسته ، تفاجئ فريد من رد فعلها الغير مبرر وبدء الضيق يظهر جلياً على نظراته هو الاخر ، ظل يتفرسها مطولاً وهى تقطع الغرفه امامه ذهاباً واياباً بعصبيه شديده ،ثم اندفعت تقول بنبره شبهه محتده وهى تراه يستقيم فى جلسته استعداداً للنهوض :
-بس انا مش عايزاك تسافر ..
ضيق فريد نظراته فوقها يحاول استشفاف اى شئ من ملامحها الغير مفسره قبل ان يسألها بنبره خاليه :
-والسبب ؟!..
اجابته كاذبه :
-من غير اسباب ؟!..
اعاد فريد نطق طلبها بنبره مفكره قائلاً بأستنكار :
-انتى مش عايزانى اسافر ؟! ومن غير اسباب !!. والمفروض منى اعمل ايه ؟!..
اجابته حياة بثقه شديده :
-المفروض تنفذ اللى طلبته عادى يعنى ..
رمقها فريد نظرات حانقه قائلاً بنبره شبهه غاضبه:
-ده على اساس انى عيل وانتى بتقوليلى اعمل ايه ومعملش ايه !!..
اندفعت حياة مصححه بيأس شديد :
-لا مش عيل طبعاً بس انا مش عايزاك تسافر ومضايقه فعشان خاطرى حقق رغبتى دى ..
لانت ملامح فريد والتى كانت بدءت فى الاحتقان من تعنتها الواضح ، فتحرك نحوها جاذباً جسدها نحوه ومحكماً حصاره بذراعيه وتلك المره لم توقفه فقد كانت تأمل بشده ان يحقق لها رغبتها فى عدم إكمال تلك السفره ، تحدث فريد بهدوء قائلاً بلين :
-حياة مش هينفع السفريه دى مهمه وانا لازم أطلعها ..
ردت حياة على جملته بنزق وقد عاد التجهم لملامحها :
-خلاص سافر بس على الاقل خدنى معاك ..
اعاد فريد رأسه للخلف وزفر بقله حيلة من اصرارها الطفولى ثم اجابها فى محاوله اخيره منه لمهاودتها:
-السفريه دى بالذات مش هينفع ..
هتفت حياة بحده معترضه :
-ممكن اعرف السبب ؟!..
اجابها فريد بنفاذ صبر من تقلبات مزاجها العجيب :
-برضه من غير اسباب ..
قاطعت جملته قائله بغضب شديد :
-وانا مش موافقه ..
بدء فريد حقاً يفقد القدره على التحكم بأعصابه من جدالها المستمر فهتف قائلاً بحسم :
-مش مهتم وهسافر ..
نظرت حياة نحوه بأحباط ثم سألته بعدم تصديق :
-للدرجه دى السفريه دى مهمه بالنسبالك ؟!..
كانت تأمل بأن يحتويها ، يطمئنها ، ينفى شكوكها التى تعصف بداخل عقلها وتدمى قلبها ولكنه نظر نحوها بجمود دون تعقيب ، هزت رأسها بحسره وهى تجاهد لكبح لجام دموعها من الانفجار امامه ، هل تلك الحرباء اصبحت مهمه له كل ذلك القدر ، عضت على شفتيها فى محاوله جاده لصرف دموعها ثم تحركت من امامه منسحبه من الغرفه بأكملها ، لحق بها فريد بخطوات واسعه قبل خروجها من الغرفه ممسكاً ذراعها ومعيدها مره اخرى إلى احضانه ، شاحت بوجهها بعيدا عنه عندما اقتربت انفاسه من شفتيها وحاولت الافلات منه ، غمغم هو بصوت ناعم كالحرير ونبره شبهه متوسله :
-حياة هما يومين فلو سمحتى بلاش تعملى مشكله ..
كانت مشغوله بالسيطره على دموعها التى لازالت تهدد بالاعلان عن نفسها فى لحظه إلى جانب محاولتها فى مقاومه رغبه قلبها فى الارتماء داخل احضانه ، ظن فريد انها سكنت بين يديه فأردف يقول هامساً بحب وهو يلامس بفمه شفتيها تمهيداً لتقبيلها :
-وحشتينى ..
اغمضت عينيها بقوه بحثاً عن ارداتها المسلوبه للبعد عنه وبمجرد اغلاقها جفونها ظهر امام عينيها صورته الحميمية ولكن مع نجوى ، بدء فريد يقبلها بنهم فهتفت بحده وهى تدفعه بكل قوتها للابتعاد عنها :
-لا ..
رفع فريد رأسه ينظر نحوها بعدم فهم وقد ضاقت المسافه ما بين حاجبيه من شده عبوسه :
-لا ايه ؟!!..
اجابته بغضب شديد متأثره بذلك المشهد الذى هيأه لها عقلها :
-لا مش عايزه كفايه انى اتسرعت قبل كده ..
احتقنت ملامح وجهه بشده وبدء الاحمرار يكسو وجهه من شده الغضب وهو يعيد كلمتها ببطء شديد ضاغطاً على حروفها :
-اتسرعتى !!!!!..
اجابته بأندفاع وقد فشلت تماماً فى السيطره على لجام لسانها الثائر :
-ايوه اتسرعت ومش ناويه اعيد الغطله دى تانى ..
شهقت برعب وعضت لسانها بقوه لا تكاد تصدق انها نطقت بتلك الكلمات عالياً ، يالك من حمقاء غبيه يا حياة ، هتفت بداخلها تؤنب نفسها على تلك الغطله الشنيعه التى صدرت من بين شفتيها منذ قليل ، فتحت فمها لتصحيح ذلك الخطأ ثم أغلقته مره اخرى وهى تتراجع للخلف برعب خاصةً وهى تراه يتقدم منها بخطوات بطيئه حذره وذلك العرق بجانب صدغه على وشك الانفجار من شده الضرب ، توقف امامها مباشرةً قائلاً بنبره أشبهه بالفحيح بعدما اخفض رأسه قليلاً حتى اصبحت انفاسه المتلاحقة تلفح وجهها وتزيد من بث الرعب بداخل صدرها :
-انا فعلاً مش هقربلك لا دلوقتى ولا بعدين .. بس مش عشان انتى عايزه كده لا .. عشان انا خلاص مبقتش عايزك ولا مهتم حتى انى اقربلك .. وعشان فى حاجات احلى كتير مستنيانى اجربها ..
اصدر حلقها شهقه اخرى ولكن تلك المره من اثر الصدمه ، انهى فريد جملته وتحرك نحو الخارج بجسد متصلب للغايه ثم صفق الباب خلفه بقوه تاركها تشعر بأركان الغرفه تهتز من اثرها ، تحركت هى حتى الفراش ثم ارتمت فوقه تاركه لدموعها العنان وهى تشهق بحسره لا تكاد تصدق ما حدث بينهم منذ قليل .
*************
ظلت حياة تنتحب بقوه حتى منتصف الليل وكلماته الاخيره تدوى بداخل عقلها ، لقد سئم منها !! ، بل وأوضح ذلك علانيةً ، اى شئ قد يطعن المرأه فى أنوثتها اكثر من ان يسأم منها زوجها !!، او فى حالتها لتكن اكثر دقه لم ترضيه من الاساس فلا يوجد سبب واحد على الارض يجعل رجلاً ما ينفر من زوجته بعد مرتهم الاولى سوى انها لم ترضيه ، وعليه بالطبع التجأ إلى احضان اخرى ، لقد أكد بجملته شكوكها التى تتأكلها منذ الصياح ، عادت لتعلو شهقاتها من جديد ولا تدرى ما الذى يحزنها اكثر !! ، اهو عزوفه عنها كزوج بعد ما حدث يينهم ، ام رغبتها الملحه فى البحث عنه واسترضائه ؟!، فكرت بحزن اهذا هو الحب ؟!، يجعل المرء يتنازل عن كرامته بكل تلك السهوله !! ، فهناك صراع قائم يكاد يشطرها نصفين بين عقلها وقلبها ، فكرامتها تغريها بقلب الدنيا رأساً على عقب والاختفاء من حياته وقلبها يطلب منها الارتماء بين احضانه ومحاوله استعطافه مره اخرى ، رفعت رأسها بكبرياء شديد وهى تمسح دموعها بكف يدها مقرره الرضوخ لعقلها فهى ستكون ملعونه ان حاولت استرضاء رجل يرفضها حتى لو كان قلبها بين يديه
فى غرفه مكتبه ظل فريد يذرع الغرفه ذهاباً واياباً وهو يكاد يجن من غضبه ، كيف تجرؤ على وصف ما حدث بينهم بالغلطه !!، لقد طعنته فى رجولته بقوه غير عابئه بمشاعره !!،وبالتالى لم يجد امامه سوى المحافظه على ما تبقى من كرامته وأخبارها بأنها لم تعد تؤثر به والزم نفسه بالابتعاد عنها ربما للأبد ، ما الذى حدث لها منذ الصباح ، هذا ما فكر به بعمق وهو يجول داخل مكتبه فهو ليس ساذج وليس اعمى أيضاً فتلك المرآه التى كانت بين يديه فى الصباح لا تستطيع إقناعه بأنها رافضه لما حدث بينهم فقد كادت تذوب بين ذراعيه عشقاً وهياماً وهى تنطق اسمه بلهفه شديده ، بالتأكيد هناك شيئاً ما حدث وهو السبب فى ذلك التغيير ولن يهدئ حتى يكتشفه ، زفر بحيره وهو يدس يده بجيوب بنطاله هل حقاً يستشعر بحدوث شئ ما معها ام ان عقله يحاول إقناعه بذلك حتى لا يتقبل فكره انها رافضه للمسته ، هذا ما فكر به بأحباط وهو يراقب امواج البحر الهائجه من نافذه غرفته ، وحتى ان اكتشف الخطأ ان وجد فهو لا يستطيع ابداً مسامحتها على تلك الجمله .
ظلت حياة قابعه فوق الفراش ضامه ركبتيها إلى قفصها الصدرى وتحيطاهما بكلتا ذراعيها مستنده بذقنها ووجهها الباكى فوقهما وعينيها معلقه فوق الباب منتظره عودته فى اى لحظه
وفى الصباح فتحت عينيها بذعر وهى تتلفت حولها محاوله تذكر متى غالبها النوم فأخر ما تتذكره هو جلوسها فى ذلك البرد الشديد منتظره عودته لفراشه واندساسها داخل احضانه ، وقعت عينيها اول الامر على المكان الذى كانت تقبع به حقيبته فوجدته فارغاً ، تحركت من فوق الفراش مسرعه نحو الاسفل فعلى الاقل تريد رؤيه وجهه قبل سفره متناسيه الواقع الاليم وهو ذهابه مع امرأه اخرى غيرها ، أخبرتها عفاف انه قد غادر بالفعل منذ ما يقارب الساعه ، فتهدلت أكتافها وعادت إلى غرفتها ترتمى فوق الفراش بأحباط غير قادره على بدء يومها البارد دونه .
**********
فى ذلك الكافيه المنزوى عن أعين الناس جلست جيهان مره اخرى امام منصور الجنيدى هاتفه به بحنق شديد :
-يعنى ايه يا منصور مخافش !!! .. انا مش عارفه انت جايب البرود ده كله منين ؟!.. مادام فريد طلع منها زى القط من غير خربوش واحد حتى يبقى مش هيسكت ده ابن جوزى وانا اكتر واحده عرفاه ..
عاد منصور بجسده للخلف ليتكأ على ظهر مقعده وهو يجيبها بثقه شديده اثارت حنقها اكثر :
-انا مظبط الدنيا كويس مش هيقدر يعمل حاجه ده غير ان الولد اللى نفذ المهمه انا خلصلته اوراق خروجه بره البلد مع مبلغ محترم وزمانه طار من زمان ..
صمتت جيهان معطيه لعقلها الوقت اللازم للتفكير جيداً فى حديثه ثم قالت بأرتياب :
-طب دى بالنسبه للى نفذ .. انت فكرك بقى ان فريد مش عارف انك اللى ورا الموضوع ده ؟!.. اذا كان غريب نفسه عارف وبصراحه انا مستغربه لحد دلوقتى ازاى غريب وفريد سيبينك كده !!..
ظهرت أسنان منصور من خلف شفتيه فى ابتسامه سمجه قائلاً بتفاخر :
-مش هيلحقوا يعملوا حاجه ..
زفرت جيهان بنفاذ صبر ثم ردت قائله بنزق :
-هموت واعرف برودك ده من ساعه الحادثه جايبه منين ..
ضيقت عينيها فوقه بشك ثم سألته مستفسره بتوجس :
-منصور !! انت مخبى حاجه عليا ؟!.. اسلوبك ده مش مريحنى خالص !!..
ارتبكت ملامح منصور لثانيه واحده ثم استقرت ملامحه مره اخرى وهو يجيبها كاذباً بثبات شديد :
-لا هخبى عليكى ايه انا وانتى فى مركب واحد حتى وانتى عارفه كده كويس ..
هزت جيهان رأسها موافقه رغم الشك الذى لازال يراودها تجاهه ، اما عن منصور فقد ابتسم بخبث بعد رؤيه استسلامها فهو ابداً لن يخبرها عن تلك الصفقه التى خاض بها والتى ان تمت على خير ما يرام سيغادر البلاد بعد تأمين مستقبله بعده مليارات خضراء .
************
كل ما فى الامر يومان ، اذا لماذا تشعر كما انها تنتظر منذ قرن !!،هذا ما فكرت به حياة بحزن وهى جالسه خلال فتره راحتها امام ايمان السكرتيره وعقلها لا يلتقط شئ مما تتفوه به صديقتها والتى بالرغم من فارق السن بينهم والمده القصيره التى عاشرتها بها تشعر بجوارها بروح الصديق الحقيقى وخصوصاً بعد اختفاء صديقتها مريم من حياتها دون ابداء اسباب غير انشغالها بالعمل إلى جانب خطبتها ، اعادها من شرودها صوت ايمان تسألها مستفسره :
-حياة !! انا بكلمك ..
حركت حياة رأسها بأتجاه ايمان تسألها بشرود :
-ها .. قلتى حاجه ..
هزت ايمان رأسها مبتسمه وهى ترمقها بنظره متفهمه :
-انتى مش معايا خالص .. بس عمتا انا كنت بسألك فريد بيه راجع النهارده صح ؟!..
ارتبكت ملامح حياة واومأت برأسها ايماءه خفيفه للغايه فهى لا تعلم بماذا تجيبها فهو لم يتواصل معها منذ تلك الليله ولم يحاول حتى الاطمئنان عليها وليس لديها معلومه عنه زياده عن موظفيه وربما سكرتيرته تعرف تفاصيل عودته اكثر منها
اثناء شردوها فى تلك الافكار المحزنه التقطت اذنها شئ ما من حديث ايمان يتضمن نجوى وإيطاليا ، انتبهت بكل حواسها وعادت تسأل ايمان مره اخرى بأستفسار :
-انتى قلتى ايه ؟!..
هتفت ايمان بنبره ممازحه تجيبها قائله :
-لاااا انت بجد مش هنا وحالتك بقت صعبه .. انا كنت بقولك وبرضه نجوى هانم هترجع النهارده مع سعيد بيه من إيطاليا ..
انتفضت حياة تسألها بأمل :
-إيطاليا !!..
اومأت ايمان رأسها لها موافقه ثم اجابتها شارحه :
-اه كلمتنى الصبح تبلغنى ان سعيد بيه والدها راجع معاها النهارده ..
بدء وجهه حياة يشرق بالسعاده وهى تعاود سؤال ايمان لمزيد من التوضيح :
-هى نجوى مش كانت مسافره إنجلترا ..
حركت ايمان رأسها نافيه بثقه ثم اجابتها قائله بنبره قاطعه :
-لا فريد بيه هو اللى فى لندن بس نجوى هانم سافرت لبباها ومراته الايطاليه هما معظم الوقت عايشين هناك نجوى بس اللى عايشه هنا وبتزورهم من وقت للتانى .. بس واضح ان فى حاجه مهمه عشان كده سعيد بيه نازل معاها ..
سألتها حياة بترقب كبير وقلبها يضرب سريعاً من شده السعاده :
-ابمان .. انتى متأكده :
-اجابتها ايمان بثقه شديده :
-ايوه .. انا اللى حجزت لها تذكره الطياره والفندق كمان لانها مش بتحب تنزل فى بيت بباها..
لمعت عينى حياة وقد عاد الإشراق إليها مره اخرى ولكن سرعان ما عاد لإحباطها مره اخرى فربما قضت ليله هنا وليله هناك ، ومضت بداخل عقلها فكره ستجعلها تط
متى تخضعين لقلبى
الفصل الرابع والعشرون ..
انقضى اسبوع تام منذ حديثهم الاخير شعرت حياة خلاله كما لو انها تسير فوق الجمر حافيه القدمين ، فمن جهه العمل كان فريد يتعامل معها بالقسوة التى اشفقت دوماً على موظفيه منها ويبدو ان الاوان قد حان لتتذوق هى منها أيضاً حتى انها فى معظم الاوقات كانت تبكى داخل حمام العمل بعد تظاهرها بالقوه امامه وكم فكرت خلال ذلك الاسبوع المنصرم بتقديم استقالتها فهى لا تقوى على تحمل ذلك الاسلوب المتسلط منه او من غيره ولكنها كان تتراجع فى اللحظه الاخيره فهى فى الاخير ليست ضعيفه لتهرب من مخاوفها ، اما فى المنزل فكان العكس تماماً فالتجاهل لازال سيد الموقف من جهته ومن اللحظه التى يأخذها من مكتبها تصبح غير مرئيه امامه ، حمداً لله انه لازال محافظاً على اصطحابها من مكتبها ، هذا ما كانت تفكر به بسخريه يومياً وهو يسألها بجمود تام اذا كانت مستعده للرحيل ، اما الليل فكان تحت شعار ليبقى الحال على ما هو عليه ، لم يقترب منها بأى شكل من الاشكال فكانت تقضيه وهى تنتحب بصمت وفى الصباح تجد نفسها مستيقظه بين ذراعيه بنفس الطريقه فيبدو ان جسدها اللعين لم يستوعب بعد انه رافضها حتى يتسلل كل ليله ودون وعى منها ويلتصق به ، وأخيراً عطله نهايه الاسبوع اختفى خلالها من اول النهار حتى اخره حتى انها سقطت غافيه ودموعها تغطى وجنتيها وهى بأنتظار عودته
بأختصار شديد كان اسبوع كالجحيم بالنسبه لها حتى انها بدءت تفقد الوزن بشكل ملحوظ بسبب قله شهيتها وانتفخت عينيها بسبب بكائها المستمر فى العمل والمنزل ..
************
فى مقر الشركه صارت نجوى جنباً إلى جنب بجانب ابن عمها وهو شاب فى مطلع العشرينات بملامح اجنبيه خالصه من حيث بياض البشره وزرقه العينين وجسده الرياضى فارع الطول فكان يجذب انتباه الجميع أينما حل بسبب وسامته الفائقة والتى لم تشفع لمن يعرفه جيداً عن سوء اخلاقه والتى لم تكن تختلف كثيراً عن ابنه عمه ، لكزته نجوى بضيق لتجذب انتباهه قائله بنبره خفيضه حانقه وهى تراه يغازل بعينه موظفه الاستقبال :
-سفيان !!!! انا مش جايباك هنا عشان تشقط وتحلو فاهمنى !!! ركز فى اللى اتفقنا عليه ..
اجابها بثقه وهو يبتسم بسذاجه شديده :
-متخافيش هحطها فى جيبى الصغير بس قولى يارب تطلع حلوه عشان الواحد يشتغل بنفس ..
غمغمت نجوى بحقد شديد مجيبه على حديثه :
-لا اطمن من جهه حلوه هى حلوه بس يارب تقدر عليها او على الاقل خليه يشوفها معاك وخلاص .. المهم تخلصنى فاهم !!! ..
هتف سفيان بحماس شديد ونبره عابثه :
-ايوه بقى يا نوجه هو ده الكلام مادام حلوه سبينى وانا هتصرف ..
زفرت نجوى بضيق وهى ترمقه بنظرات غير واثقه ثم قالت بنزق :
-لما نشووووف شطارتك .. المهم دلوقتى تعالى ندخل المكتب لحد ما اقنع فريد يدربك عشان تفضل قريب منها ويارب يوافق ..
**********
بعد قليل دلفت نجوى الى داخل غرفه فريد بعد سماعها الإذن منه ، نظر نحوها شرزاً وهو يراها تتقدم نحوه محاولاً قدر الامكان ضبط اعصابه فهو يريد لو يطبق على عنقها من شده غيظه او على اقل تقدير طردها خارج المؤسسه بأكملها وليحدث ما يحدث مع شراكه والدها خاصةً بعد بخ سمها داخل عقل زوجته الساذجة ولكن صبراً فنجوى على وشك كتب نهايتها بنفسها خصوصاً وان خيوط تتبعه لتلك المدعوه سيرين بدءت تتجمع عند قدم نجوى وقد اقسم بكل ما يملك اذا اتضح تورطها فى حادثه التسمم سيجعلها تعانى مما عانت منه حياته وحتى ذلك الوقت سيتظاهر بعدم معرفته لاى شئ مما يحدث لتعليم حبيبته كيف تثق بِه من جهه ويترك المساحه كامله لنجوى للوقوع فى الخطأ من جهةً اخرى ، لذلك سألها بنبره عدائية مستفسراً :
-قولى اللى عندك بسرعه عشان مش فاضيلك ..
تظاهرت نجوى بالحزن وردت على جملته بدلال شديد :
-ليه كده يا بيبى بس ..
هتف فريد بها بقوه جعلتها تتراجع للخلف خوفاً :
-نجوووووى !!! مش فايقلك على فكره ..
اندفعت تجيبه بلهفه واضحه :
-خلاص خلاص مش قصدى .. انا بس كنت عايزه اطلب منك حاجه ..
زفر فريد بنفاذ صبر دون تعليق فأردفت نجوى قائله بترقب شديد :
-سفيان ابن عمى .. عقله رجعله وقرر انه يشتغل ويبدء حياته وطلب منى انه يدرب فى الشركه هنا ..
هتف فريد بأحتقار وقد تجعدت ملامحه اشمئزازاً قائلاً :
-سيفان !! العيل اللى بيريل على كل ة مربوطه !! عايز يدرب هنا ؟!..
اجابته نجوى متوسله ومتصنعه البراءه :
-اه والله ده عقل خالص وعايز يبقى راجل ومحدش يقدر يخليه كده غيرك .. ده هو بنفسه طلب يدرب تحت ايديك عشان تتاكد انه اتغير فبليييز يا فريد وافق وانا هضمنه ..
نظر فريد نحوها مطولاً دون اجابه فأردفت نجوى قائله بتوسل :
-طب حتى جربه كام يوم بس..
لوى فريد فمه متشككاً ثم قال بنبرته الجامده :
-خليه يجى وهيكون تحت مراقبتى .. بس ورحمه امى يا نجوى لو بص لموظفه مش هرحمه وانتى معاه .. فاهمه
اجابته نجوى بسعاده واضحه :
-حاضر حاضر .. هو قاعد فى مكتبى مستنى موافقتك هروح ابلغه ..
فى تلك اللحظه دلفت حياة حامله بيدها ذلك الملف والذى طلب فريد إحضاره بنفسها ، خطت للداخل بتوتر ونظرها مثبت على الارضيه الخشبيه تتجنب النظر نحوه وهى تدعو الله الا يتعنت معها كما كان يفعل فى الايام السابقه ولم تكن تدرى تلك الحمقاء انه كان يشتاق إليها وكانت الوسيلة الوحيده التى امامه هو استدعائها يومياً والتمتع بها امام ناظريه بحجه انه يريد مراجعه الملفات وهى جالسه امامه ، التوى فم نجوى بأبتسامه ماكره وقد قررت تنفيذ ما جال بخاطرها سواء خاب او صاب سعيها فلن يضر مخططها فى شئ ، انتبهت حياة والتى لم ترفع نظرها عن الارضيه الخشبيه بكل حواسها عند سماعها صوت نجوى يقول بدلال شديد :
-ايه رأيك يا فريد نخلى حياة تدربه ؟!.. المعروف انه حياة شاطره اوى فى الحسابات وهتعرف تعلمه كويس ..
نظرت حياة نحوها شرزاً وقد بدء الغضب يتملك منها بسبب نبرتها المدللة والتى تحدثه بها ثم أيضاً ما سبب وجودها هنا من الاساس !!، فتحت فمها على اتساعه لتجيبها بتعليق لاذع قبل اندفاعها خارج الغرفه ولكن جعلها تتراجع رد فعل فريد الذى اندفع من مقعده قائلاً بحده رداً على سؤال نجوى :
-ملكيش فيه واحمدى ربنا انى هخلى حد يدربه اصلاً .. مراتى خط احمر فاهمه ؟!..
تباينت مشاعر حياة ما بين السعاده من طريقته الحاده فى التعامل معها وسماع كلمه "مراتى " من فمه وما بين فضولها لمعرفه اصل الموضوع ومن ذلك المجهول الذى يثير حنقه حتى فى غيابه !! ، بالطبع انتصر فضولها اخيراً مع فكره ما نبضت بداخل عقلها ربما تثير رضاها فى اخر الطريق لذلك ورغماً عنها اجبرت نفسها على توجيهه سؤالها لنجوى مستفسره ومتجاهله نظره فريد المحذره نحوها :
-مين ده اللى عايزانى ادربه ؟!..
اتظاهرت نجوى بالحزن وهى تجيب حياة متصنعه المسكنه :
-ده ابن عمى يا حياة .. عايز يدرب هنا عشان الشهاده تساعده فى الشغل بس فريد مش راضى انك تدربيه مع انه كله لله ..
هدر فريد بنجوى محذراً للمره الاخيره :
-نجووووى !!! قلتلك حياة لا احسنلك ..
اندفعت حياة تقاطعه وقد قررت اثاره حنقه كما يفعل معها فى الايام الماضيه :
-انا معنديش مشكله أساعده مادام هو عايز يتعلم يسألنى فى اى حاجه وانا ان شاء الله هكون معاه ..
تحرك فريد من خلف مكتبه حتى وقف امامها ينظر نحوها بغضب شديد لم يخفى عن نجوى ولا عنها والذى جعلها تتراجع للخلف خطوتين ، تحدث موجهاً حديثه لنجوى وهو لازال ينظر نحو حياة من علياءه :
-نجوى .. اطلعى بره ..
فتحت نجوى فمها للاعتراض ولكن فريد لم يمهلها وقت للاعتراض فقد عاد جملته بلهجه اقوى :
-قلت اطلعى بره ..
هزت نجوى رأسها موافقه قبل تحركها نحو الخارج مسرعه وبمجرد اغلاقها لباب مكتبه خلفها أردف هو يقول بنبره عصبيه :
-هو اللى انا بقوله مبيتسمعش ليه !!!.. انا مش قلت انتى لا ؟!..
سألته بنبره بارده لم يتوقع صدورها منها فى ذلك الوقت تحديداً ولم يعلم انها كانت تفعل ذلك فقط لاستفزازه :
-مانا مش فاهمه السبب عشان أوافق على كلامك !!..
هدر بها بعصبيه شديده جعلتها ترتجف داخلياً رغم ثباتها الهش قائلاً بحزم :
-من غير اسباب ومن غير شرح واللى قلته هيتنفذ بالحرف الواحد ..
رفعت حياة رأسها بتحدى وهى تعقد ذراعيها امام قفصها الصدرى كعادتها والتى يحفظها عن ظهر قلب لتقول بأصرار غريب لا يتناسب من صغر حجمها :
-طب تمام ومادام من غير اسباب انا هساعده لحد ما تقرر انى انسانه المفروض تتناقش معاها وان من حقها تعرف أسبابك ..
***********
فى ذلك الوقت ركضت نجوى فى اتجاه غرفتها تبحث بعينيها عن ابن عمها ، اندفعت فى اتجاه تسحبه من فوق ذلك المقعد الوثير والذى كان يجلس بأريحية شديده قائله من بين انفاسها اللاهثه :
-قوم تعالى معايا بسرعه ..
سألها سفيان ببرود شديد وهى تسحبه خلفها فى اتجاه غرفه فريد مره اخرى :
-ايه فى ايه مالك ؟!..
اجابته نجوى بنزق شديد :
-تعالى متضيعش وقت هى دلوقتى فى اوضته احسن حاجه انك تقابلها اول مره قدامه ..
تأفف سفيان بملل شديد وقد بدء يضيق ذرعاً من تحكمات ابنه عمه الغريبه خاصةً وهى تجره خلفها مثل الذبيحه غير عابئه بمظهره امام موظفى الشركه وخاصةً الإناث منهم .
**********
هتف فريد بها محذراً وهو يضغط فوق اسنانه بقوه حتى بدء عرقه فى الظهور :
-حيااااااااة ..
اندفعت حياة تقاطعه متسائله بغضب شديد وقد فقدت السيطره على لجام لسانها :
-ايه حياة !!.. فهمنى كده بالظبط المفروض حياة تعمل ايه !!!.. حضرتك بقالك ١٠ ايام متجاهلنى تماماً كأنى فراغ قدامك .. ودلوقتى لما حصلت حاجه مش على هواك افتكرت تتعطف عليا وتوجهلى كلام !! وياريته كلام ده أمر !! وقصاد مين !!! تقدر تقولى كان رد فعلك ايه على الكلام اللى قلتهولك !! اقولك انا رد فعلك الوحيد انك مش هاين عليك حتى توجهلى كلام فى الوقت اللى الست هانم بتاعتك قاعده فى مكتبك عادى جداً !! متقولش حياة بقى لان حياة مش هتعمل غير اللى هى عايزاه مادام انت تخليت عنى وزهقت منى !!..
انهت حديثها وصدرها يعلو ويهبط من اثر الانفعال وبدءت عيونها تلمع بالدموع ، اما عنه هو فقد صُدم من رد فعلها وظل ينظر نحوها دون تعقيب ، تلك الحمقاء التى يريد ضمها بين ذراعيه واخفائها داخل ضلوعه لا تعلم انه يتعذب اكثر منها !!، لا تعلم انه يظل مستيقظاً كل ليله حتى يتأكد من ذهابها فى النوم ثم يأخذها بين ذراعيه حتى لا ينكث بوعده معها الا تنام يوماً بعيده عن احضانه او الاصدق انه لم يعد يتخيل ليله واحده يقضيها دون الاطمئنان وهى بجوار قلبه ، وانه فقط يمنعها من ذلك الفاسق لانه يغار عليها حد الجنون !!
فتح فريد فمه ليجيبها فى نفس اللحظه التى سمع بها عده طرقات فوق باب مكتبه يليها دخول نجوى مره اخرى ولكن تلك المره ليست بمفردها فخلفها يدلف ذلك الكائن السمج الملقب يسفيان ، جز فريد فوق اسنانه وهو يـطلق سباب خارج جعل حياة رغم تحفزها الشديد تبتسم رغماً عنها لمجرد معرفتها ان تلك السبه تخص نجوى ، لاحظ هو تلك الابتسامه فأخفض رأسه يهمس داخل اذنيها وهو يجرها لتقف خلفه :
-متضحكيش والواد الملزق ده هنا ..
ابتسم برضا بعد إنهاء أمره خاصةً وهو يراها تهز رأسها لها موافقه بخضوع تام ، انها حمقاء ، من المؤكد انها حمقاء فبمجرد شعورها بأنفاسه الحاره تلفح وجهها تلاشى كل غضبها منه ، هذا ما فكرت به مؤنبه نفسها على استسلامها التام له وهو يحرك كفه ليتلمس كفها ويحتضنه فى تملك ، شعور غريب بالدفء تملك منها بمجرد تشابك أصابعها مع أصابعه كأن كل إصبع قد اشتاق لصاحبه لذلك وجدت نفسها دون وعى منها تميل برأسها لتستند على كتفه بهدوء تام غير عابئه بوجود احد غيره بالغرفه حتى ان حديثهم الدائر بينهم لم يلتقط عقلها منه شئ ، قاوم فريد اغراء شديد بطرد هذان المتطفلان من امامه وجذب كامل جسدها داخل احضانه وليس فقط كفها ورأسها ولكنه عاد لتعقله فهو يعلم جيداً ان فى اللحظه التى ستخرج نجوى من تلك الغرفه سيضطر للابتعاد عنها لذلك حاول قدر الامكان أطاله ذلك الحديث الملل موجهاً حديثه لنجوى ومتسائلاً بجمود :
-انا مش قلتلك من كام دقيقه اطلعى بره ؟!..
ابتعلت نجوى تلك الاهانه القويه منه كأنها لم تسمعها واردفت تقول مفسره :
-اصل سفيان كان هنا وطلب منى يشكرك بنفسه على قبولك تدريبه معانا فقلت انتهز الفرصه ويشكرك دلوقتى وانت موجود عشان تتأكد من التزامه ..
صدقاً وحقاً ان إسناد رأسها فوق كتفه والدفء الذى يتسلل له من خلال كفها المتشبث به بقوه دون وعى منها هو الشئ الوحيد الذى يمنعه من الاندفاع ولكم ذلك الكائن اللزج فوق فمه لمحو تلك الابتسامه التى يوجهها لحياته ، زفر فريد بنفاذ صبر عند سماعه صوته المزعج موجهاً حديثه له بعدما قامت نجوى بلكزه فى مرفقه لتحثه على الحديث :
-اه طبعاً شكراً يا فريد على الفرصه دى .. وكمان عايز اشكر مدام حياة نجوى قالتلى انها وافقت تدربنى ..
قاطع فريد حديثه قائلاً بنبره قاطعه :
-طول مانت هنا اسمى فريد بيه .. اما كلام نجوى ده تبله وتشرب مايته مراتى مبتدربش حد وخصوصاً انت .. ودلوقتى تقدر تروح تسأل على استاذ داوُد موظف فى الحسابات وهو هيقولك تعمل ايه .. اخر حاجه بقى اقسم بالله لو شفتك بتدلع ولا بتستهبل مع حد هنا ولا هنا وانت فاهم قصدى لهتشوف حاجه مش هتعجبك لا انت ولا هيا ودلوقتى هاوينى عشان عندى شغل ..
نظر سفيان نحوه شرزاً دون القدره على الاعتراض اما نجوى فقد ضربت الارض بقدميها غيطاً وهى تتحرك نحو الخارج فتلك هى المره الثانيه التى يطردها فيها فى اقل من ساعه ،
فى الخارج هتف سفيان بحنق واضح قائلاً بصوت خفيض حتى لا يصل إلى مسامع احد :
-بنى ادم مغرور ولا يُطاق .. انا مش عارف عاجبك فيه ايه ده ؟!..
قاطعته نجوى مسرعه وهى تتلفت حولها للتأكد من عدم استماع احد لجملته :
-شششش .. ايه وطى صوتك هتفضحنا .. وبعدين بدل مانت مركز معاه ركز مع بت الشغاله دى ده المهم عندى ..
حك سفيان فروه رأسه بكف يده ناظراً إلى الفراغ ببلاهه ثم استطرد يقول مفكراً :
-لا بس البت تستاهل اييييه يا نوجه .. حته ماكينه ولا عليها جوز عيون ليه حق يرميكى عشانها ..
صرخت نجوى به بغيظ وهى تلكمه بقوه فوق ذراعه وساقه مغمغه بحنق :
-انا غلطانه انتى جبت واحد حقير زيك يساعدنى .. انت عارف لو معرفتش تعمل اللى انا عايزاه والله لاخد حقى منك قبل فريد ..
هتف سفيان بنزق منهياً تهديدها :
-خلااااص هشتغل اهو بس مش عشان شويه الملاليم اللى عطتهوملى دول لا .. عشان احرق قلب البيه بتاعك بس قولى يارب هى تلين معايا ..
**********
إلى متى سيستمر ذلك الجحيم !!! هذا ما تسائلت به حياة وهى تعود لتجلس على مقعد مكتبها بعدما عادت من غرفه مكتبه لأيصال احد الملفات كعادتها فى الاسبوعين المنصرمين ، لقد ظنت بعد انتهاء مقابلته مع ذلك المدعو سفيان ابن عم الحرباء وانفجارها قبله ان تجاهله لها سينتهى ولكن خاب ظنها ، لقد عاد لقوقعته من جديد ، زفرت بقله حيله وهى تعود وترتمى بجسدها فوق ظهر مقعدها بأحباط ، حسناً لقد اخطأت كثيراً عندما وصفت ما حدث بينهم بالخطأ وقد اعترفت بذلك بالفعل وارادت الاعتذار منه ولم يعطها حتى الفرصه لذلك ، هل يعلم ذلك العنيد إلى اى درجه اشتاقت إليه ، اشتاقت إلى صوته ونظرته ولمسته حتى غضبه قد اشتاقت إليه ، اشتاقت إليه لدرجه جعلتها تغفل عن اعترافه بوجوده مع امرأه اخرى ، ان تتناسى انه قال بكل صراحةً انها لم تعد تعنيه كأنثى ، هل من المعقول ان يظل الحال بينهم هكذا للأبد ؟!، هل تأخرت فى اكتشاف حبه بداخلها ؟!، تنهدت بحزن وهى تستند بمرفقها فوق سطح المكتب ، لقد انتظرها مطولاً وعندما ارادت هى الاخرى قربه كان قد سأم منها ،. ايوجد أشقى منها حظاً ، كما ان تصرفات ذلك المدعو سفيان بدءت تقلقها ، ففى اليومين السابقين كان ينتهز كل فرصه تقابله للحديث معها والاقتراب منها بطريقه غير مريحه على الاطلاق ، حتى انها فكرت فى اخبار فريد فقد بدء الامر يزعجها كثيراً ويبدو انه كان محقاً فى ابعادها عنه ، لو انه فقط يتحدث إليها لكانت باحت له بما يقلقها .
***********
فى اليوم التالى وأثناء سير حياة فى الممر المؤدى لمكتب ايمان والتى باتت تقضى استراحتها معاً يومياً وخاصةً ان مكتب فريد اصبح محذوراً عليها الا اذا أرسل فى طلبها هو فوجئت بذلك المدعو سفيان يخرج امامها من العدم ، شهقت حياة بفزع وارتدت للوراء عده خطوات لترك مسافه مناسبه بينهم الا انه اختصرها فى خطوتين وعاد يلتصق بها مرةً اخرى ، زفرت بضيق شديد وهى تحاول دفعه بيدها قائله من بين أسنانها :
-على فكره ده رابع تحذير ليك فى يومين .. لو متحترمتش المسافه اللى بينى وبينك بعد كده مش هيحصل كويس .. ماشى ؟!..
قهقهه سفيان بأستهزاء استفزها ثم رد على حديثها بنبره لا مباليه قائلاً وهو يحنى رأسه فى اتجاهها :
-ما تسيبك من الجو ده بقى قديم اوى وتفكيها شويه وكده كده مفيش حد شايفنا ..
أردف يقول بتلميح ماجن وهو يحاول الصاق جسده بجسدها :
-ثم انى احب اوى اعرف الجميل ده ممكن يعمل معايا ايه ..
دفعته حياة بكل ما أوتيت من قوه وهى ترمقه بنظرات احتقار جليه ثم ركضت فى اتجاه غرفه فريد وقد عزمت النيه على اخباره بمضايقات ذلك الفاسق وليحدث ما يحدث له ، وصلت إلى باب غرفته وهى لازالت ترتجف ولحسن حظها لم تجد ايمان خلف مقعدها فتحركت تجلس على احد المقاعد الوثيره الموضوعه كأستقبال لضيوف فريد تلتقط انفاسها وتهدء من روعها قبل الدخول إليه وفعلا بعد عده دقائق كانت استعادت هدوئها وتوقف ارتجاف جسدها فتحركت تطرق باب غرفته منتظره سماع اذنه بالدخول
دلفت بتردد شديد لا تعلم رد فعله ولكن ما هى واثقه منه ان فريدها سيحميها مهما كلفه الامر ، اما هو فكان يدفن رأسه بين كوم من الملفات الموضوعه امامه ، سألها بتركيز شديد بعدما رفع رأسه ينظر من القادم وقد لاحظ قلق نظراتها :
-حياة ؟! فى حاجه !!!..
فركت كفيها معاً بتوتر ثم تحدثت بنبره متردده :
-شكلك مشغول ..
سألها بعدم تركيز وهو يرفع هاتفه الذى صدع رنينه داخل أركان الغرفه رافضاً المكالمه :
-فى حاجه ؟!..
هزت رأسها موافقه ثم اجابته بهدوء شديد لم تدرى من اين جائها :
-اه .. كنت عايزه اتكلم معاك فى حاجه ..
عاد رنين هاتفه يملأ الغرفه مره اخرى لذلك اردفت تقول بأحباط :
-شكلك مشغول .. خلاص خلينا نتكلم وقت تانى ..
ظل ينظر نحوها محاولاً التوصل لقرار خاصةً وهو يرى عبوس وجهها وذلك الضيق الشديد الذى يكسو ملامحها ، هل ستتحدث معه فى موضوع نجوى وسفره مره ثانيه ؟!، قطع افكاره صوت نغمه هاتفه للمره الثالثه فزفر بضيق وقد توصل لقراره ثم اجابها معتذراً :
-حياة معلش .. لو ينفع نستنى لحد بليل .. وعد هسمعك ..
حركت رأسها موافقه بجمود ومحاوله اخفاء حزنها قبل تحركها للخارج وعودتها إلى غرفتها .
فى شاشه مراقبته ظل هو يتأملها كعادته فى الايام السابقه فهى تظنه لم يعد يراها ولا تعلم ان منذ شجارهم وقد طلب من مسئول الصيانه بتشغيل كاميرة غرفتها على الشاشه التى بغرفته حتى يتسنى له رؤيتها اطول وقت ممكن ، لماذا يشعر بالقلق يتأكله منذ حديثها معه وايضاً منذ عودتها لغرفتها وهى تجلس جامدة هكذا دون حراك ، تململ فى مقعده وقد اتخذ قراره سيذهب إليها وليذهب كبريائه للجحيم
على باب غرفته أوقفته ايمان بكم جديد من الملفات بين يديها مغمغه بجديه:
-فريد بيه .. غريب بيه بعت لحضرتك الملفات دى وبيبلغك انها لازم تتراجع حالاً عشان تروح للبنك ..
هز فريد رأسه موافقاً بلامبالاة وهو يعاود التحرك نحو الخارج فأردفت ايمان تقول بتوسل شديد :
-فريد بيه لو سمحت .. المندوب مستنى تحت عشان نلحق النهارده ..
لعن فريد بخفوت وهو يعاود الدخول لمكتبه ملتقطاً الملفات من بين يديها بحنق شديد ثم عاد ليجلس خلف مقعده غارقاً فى عمله الذى لا ينتهى بعدما القى نظره اخيره مشتاقة يطمئن عليها من خلال شاشته .
*************
فى المساء تنهدت حياة بحزن شديد شاعره بذلك الاحباط يتملك منها مره اخرى فها هى تنتظر منذ الصباح ان يعاود سؤالها عن ذلك الموضوع الهام الذى ارادت ابلاغه به والذى وعدها ان يتحدثا به فى المساء وهاهى الساعه قد تجاوزت العاشره مساءاً ولم يظهر ولم يبعث فى طلبها حتى ، زفرت مره اخرى بحيره وهى تتسائل داخلياً هل عليها ابلاغه بتجاوزات ذلك المدعو سفيان والتى زادت عن حد احتمالها خلال اليوم المنصرم ام تتعامل معه بمفردها ، لوت فمها بتهكم مرير وهى تفكر بأسى ، لماذا ترهق ذهنها بتفكير قد علمت اجابته مسبقاً فلو كان فريد يهتم بها ولو قليلاً لعاد ليستبين منها ، ترقرت الدموع داخل عينيها فرغم كل شئ حدث بينهم لم تكن تتوقع فى اسوء خيالاتها ان يتركها وحيدة هكذا بدونه ، مسحت دمعه واحده سقطت عنوه من جفنها ثم تحركت نحو خزانه ملابسها وقد قررت استغلال فرصه انشغاله بالعمل واستخدام غرفه الرياضه عل وعسى تفرغ بها شحنتها السلبيه .
***********
اما عن فريد فقد فرك عينيه بأرهاق شديد وهو يتمطى داخل مقعد مكتبه الوثير بعدما انتهى من كافه الترتيبات اللازمه لذلك الموعد الهام بعد الغد ، تنهد بأرتياح وأخيراً سينتهى من ذلك الحمل الذى اتعب كاهله لسنوات وبعدها فليتفرغ لتلك المدعوه نجوى وينتهى منها هى الاخرى للأبد ليهنأ بعدها بحياته ، اه من حياته تلك الحمقاء العنيده والتى تأبى ان تسعده بسماع كلمه الثقه من بين شفتيها ، لقد أوشك على الاستسلام امامها وهى لازالت ترفض حتى الاعتذار ، اتسعت مقلتيه على آخرهما وهو يتذكر وعده لها ، اللعنه عليه وعلى عمله ، انتفض من مجلسه مهرولاً نحو الخارج متذكراً وعده لها لمناقشه ذلك الامر الهام الذى جاءت فى طلبه فى الصباح والذى نساه تماماً فى خضم اعماله التى لا تنتهى ، توجهه مباشرةً نحو غرفته يبحث بعينه عنها ولم يجدها ، عاد للأسفل مره اخرى متجهاً إلى المطبخ عل وعسى يجدها تتناول عشائها والذى رفضت مشاركته به منذ عده ساعات ، زفر بضيق بعدما جال بعينيه داخل المطبخ الفارغ مستفسراً من السيده عفاف :
-عفاف .. حياة فين ؟!..
اجابته عفاف بقلق :
-هى مش فى اوضتها ؟!.
ضغط على شفتيه بضيق ثم سألها بأقتضاب مره اخرى :
-يعنى منزلتش تاكل ؟!..
اجابته عفاف وهى تحرك رأسها نافيه :
-لا خالص حتى طلعت بنفسى اسألها لو محتاجه حاجه ومردتش خالص ..
حرك رأسه متفهماً بنفاذ صبر ثم خرج من المطبخ سريعاً وأثناء تحركه فى اتجاه الحديقه لمح ضوء خافت يتسرب من عقب باب صالته الرياضيه ، هرول بلهفه نحوها متمنياً الا يصدق حدسه فى تهورها ، دفع باب الغرفه متجولاً بنظره داخلها ليلمحها تتمرن على أله الجرى ، زفر بضيق وهو يركض نحوها متسائلاً بقلق وهو يقف قبالتها :
-انتى اكلتى حاجه قبل ما تشغلى الزفت ده !!..
لم تجيبه ولم تنظر نحوه من الاساس كل ما فعلته انها زادت من سرعه الاله التى امامها رغم شعورها المتزايد بالإرهاق ، لم يكن بحاجه لسماع ردها فأجابه سؤاله تبدو واضحه من ملامح وجهها وشفاها الشاحبه ، لعن بضيق وهو يغمغم امرآ بجديه شديده :
-حياة طفى الجهاز وانزلى ..
حركت رأسها تنظر نحوه ببطء شديد ثم عادت برأسها تنظر امامها مره اخرى وأصابعها تزيد من سرعه الاله لتستفزه ، هدر بها مره اخرى بعصبيه شديده :
-حيااااااااة طفى الزفت ده وانزلى ..
ضغطت على زر السرعه عده مرات متتالية وهى تصرخ به وقد فاض الكيل بها :
-ملكش دعوووووه .. ومش هطفى الجهاز ومتدخلش فى اى حاجه بعملها ..
مرر كفيه فوق وجهه بتصلب شديد وقد بدء الاحمرار يكسو وجهه من شده الغضب فتلك الحمقاء لم تتناول شئ منذ الصباح وتلك الاله تصل سرعتها لحوالى عشرين كيلو متراً فى الساعه وجسدها ابداً لن يتحمل ذلك المجهود دون طعام وخاصةً انها لم تتعامل مع تلك السرعه من قبل والتى أصبحت تزيدها بشكل جنونى نكايه به ، هتف بها للمره الاخيره مهدداً وهو يركل الاله بعنف شديد:
-طفيها وانزلى بدل ما أطفيها انا ومش ههتم انك ممكن تقعى من عليها ..
نظرت إليه من بين دموعها التى بدءت تتجمع وتشوش الرؤيه حولها غير عابئه بذلك الدوار الذى بدء يجتاحها من شده الركض ، ضيق عينيه حولها وقد بدء يلاحظ ترنح جسدها امامه ، انحنى بترقب يلتقط سترتها والتى ألقت بها على الارضيه وعينيه لازالت تتابعها بأهتمام فهو متأكد من سقوطها لا محاله ، اعتدل بجزعه سريعاً وفى اللحظه التاليه كان يقف خلفها يلتقط جسدها بين ذراعيه ويحول بينها وبين السقوط من فوق الاله ، اغمضت عينيها قليلاً محاوله استعاده قوتها ومحاربه ذلك الشعور القوى بالإعياء ، أدارها هو فى اتجاهه وأسند رأسها فوق صدره داعماً جسدها بيد واحده اما الاخرى فكان يحاول إلباسها تلك الستره الرياضيه ذات الأكمام لسببين مترابطين الاول حتى لا تصاب بالبرد والثانى لإخفاء جسدها عن نظره حتى لا يتهور خاصةً وهى شبهه فاقده للوعى فيكفيه ذلك البنطال الدى ترتديه والذى يكشف مفاتن جسدها كامله ، انه حقاً لا يعلم اين يذهب كل ذلك الطعام الذى تلتهمه فلو لم يكن جسدها متناسقاً لذلك الحد لكانت مقاومته اكثر قوه ، رفعها بين ذراعيه بسهوله شديده متوجهاً بها نحو المقعد المنخفض والموضوع بداخل الغرفه بعدما التقط عده قطع من اصابع الطاقه المغلفه من فوق احد الرفوف والتى يستخدمها قبل بدء تمريناته ثم جلس بها وهى داخل احضانه بأستكانه شديده ، سألها بصوته الاجش بنبره حانيه خفيضه :
-حياة تقدرى ترفعى رأسك ..
هزت رأسها موافقه بوهن شديد وقد بدءت تستعيد الرؤيه الواضحه مره اخرى ، تنهد بأرتياح ثم أردف يقول بنفس نبرته الحانيه :
-طيب ممكن ترفعى رأسك على كتفى عشان تعرفى تأكلى البتاع ده ..
أطاعته على الفور وحركت رأسها فى أليه شديده ترتاح برأسها فوق كتفه وتتلمس منه القوه ، اخرج احدى بارات الطاقه من مغلفه وبدء يطعمها إياه واحد يلو الاخر ببطء شديد مغمغاً بنبره ناعمه للغايه :
-انتى عارفه انك مجنونه وقربتى تجنينى معاكى .. نفسى تبطلى عندِك ده ..
لم تعلم ان كان حديثه حب ام عتاب فهى لم تعد واثقه من اى شئ الان الا انها تحبه حد الجنون ورغم إحباطها وحزنها منه تريد المكوث هنا بداخل احضانه ما تبقى من عمرها بصرف النظر عما كان او سيكون ولكنها أيضاً لا تريد شفقته هى فقط تريد حبه ليس إلا ، لا تريد اهتمامه المدفوع بالشعور بالذنب لذلك وبمجرد شعورها ببعض القوه دفعت يده من حول خصرها وتحركت بخطوات متمهله إلى حيث غرفتها لتستلقى فوق فراشها تاركه لدموعها العنان
تبعها فريد داخل الغرفه فوجدها متكوره فوق الفراش وهى تبكى بصمت ، لعن نفسه داخلياً فهو المتسبب الوحيد بحزنها ، تحرك داخل الغرفه بهدوء شديد وقام بتبديل ملابسه ثم استلقى بجوارها داخل الفراش ومد يده يجذبها نحوه حتى تلتصق به ، رفعت هى كلتا كفيها تفك حصار ذراعيه من فوق خصرها بغيه الابتعاد عنه ، فشدد هو من لف ذراعيه حول خصرها جاذبها اكثر ليلتصق ظهرها بجسده ثم بدء فى تقبيل عنقها من نهايه شعرها حتى وصل لبدايه كتفها ، ارتجف جسدها بأرتعاشه خفيفه من اثر قبلاته الناعمه ووجدت جسدها لا ارادياً يتحرك اكثر ليلتحم بجسده ، امتدت قبلاته حتى وصل إلى شحمه اذنها قام بقضمها بخفه ثم هتف داخل اذنها قائلاً بنبره هامسه للغايه :
-انا تعبان وعايز انام ومش هقدر استنى لحد ما تنامى زى كل يوم عشان اخدك فى حضنى .. ممكن تيجى من دلوقتى ..
شهقت بصدمه والتفت تنظر نحوه من فوق كتفها بذهول ، هز هو رأسه ببطء شديد مؤكداً حديثه ثم همس ثانيةً وهو يطبع قبلتين على طرف فمها :
-هو انا مش واعدك قبل كده مش هتنامى غير فى حضنى ولا انتى مش بتثقى فى كلامى كمان !!..
اخفضت جفنيها بخجل من تلميحه وهى تعض فوق شفتيها تحاول ايجاد صوتها لتجيبه فأردف هو يقول بنبره مرحه :
-لا قررى يا اما هتيجى دلوقتى يا اما هستناكى تنامى وهسحبك جواه برضه خصوصاً وانتى نومك تقيل كده ومش بتحسى بحاجه يعنى هاخد راحتى معاكى على الاخر ..
انهى جملته وهو يغمز لها مما جعل الدماء تندفع لوجنتيها خاصةً ويده تعبث بجسدها بحريه ، عبس فريد قائلاً بنبره ماكره :
-حياة !!! انتى بقالك ساعه مش بتنطقى ورينى اتاكد كده ان لسانك لسه موجود !!..
بدءت ابتسامتها تتسع تلقائياً وهمت بفتح فمها فعلياً ولكنها ادركت ما يرمى إليه فى اللحظه الاخيره فأطبقت شفتيها بقوه وهى تنظر نحوه بحنق ، قهقهه هو على سذاجتها وسحبها بين احضانه قائلاً بهيام شديد :
-عادى هعرف اخد حقى بطريقتى وعلى مهلى كمان .. بس دلوقتى انا مقتول نوم وانتى فى حضنى كده ..
تحركت هى الاخرى تتنهد براحه وهى تدفن رأسها داخل تجويف عنقه حيث مكانها المفضل والذى اشتاقته كثيراً فى الايام الماضيه غير عابئه بصوت كرامتها والذى يضرب داخل عقلها بقوه آمرها بالابتعاد عنه .متى تخضعين لقلبى
الفصل الخامس والعشرون ..
فتحت حياة عينيها فى الصباح وهى تبتسم ببلاهه مستمتعه بذلك الدفء العجيب المتسلل لجسدها والذى افتقدته بشده خلال الايام السابقه ، هو محق وهى حمقاء فلو كانت هى من تندس بداخل احضانه كل ليله لكانت اختفت فى ثنايا عنقه كما تحب وتفعل عادة ولكنه هو من يحب توسدها لصدره واسناد رأسه فوق شعرها ، تنهدت بوله شديد منتشيه بذلك الاعتراف الليلى وحفاظه على وعده حتى فى خصامهم ، قاومت اغراء شديد فى التهور وتقبيل حنجرته التى امام فمها الان فرغم كل شئ هناك جزء صغير منها لازال يأن بسبب كرامته ويتذكر بوضوح كلماته الجارحة لأنوثتها لذلك انسحبت من بين ذراعيه بهدوء شديد متجهه إلى الحمام لتبدء يوم جديد تتمنى ان يكون مختلف عن سابقه من حيث تعامل فريد ووقاحه سفيان
وبعد فتره لا بأس بها وقفت حياة امام خزانه ملابسها الضخمه تحاول انتقاء شئ ما لارتدائه وأثناء ذلك شعرت بخطواته الواثقه تتحرك خلفها ، كتمت انفاسها بترقب داعيه الله بلهفه شديده الا يعود لجفائه السابق معها وبالفعل لم يخيب رجائها وشعرت به فى اللحظه التاليه يحتضنها من الخلف ، أطلقت العنان لانفاسها بمجرد اقترابه منها و احتضانه جسدها الذى اشتاقه كثيراً ، أسند فريد ذقنه فوق كتفها بكسل ثم غمغم بجوار اذنها قائلاً بأهتمام :
-البسى حاجه تقيله عشان الجو برد بره ..
حركت رأسها جانباً حتى يتسنى لها رؤيته ثم حركتها بخضوع تام موافقه وهى تنظر داخل عينيه بهيام شديد قبل هبوط نظرتها المشتاقة حيث شفتيه ، تنهد هو بحراره ثم حرك رأسه داخل شعرها مستنشقاً رائحته المنعشه وهو يهتف اسمها بوله شديد جعل ارتجافه بسيطه تسرى بداخل جسدها ، اغمضت عينيها وهى تتنهد بأرتياح مستمتعه بذلك الشعور الجميل الناتج عن ألتصاقه بها حتى انها تمنت لو يتوقف الزمن عند تلك اللحظه ليظلا هكذا ما تبقى من عمرها ، بدء فريد بنثر قبلات متفرقه على طول شعرها مغمضاً عينيه هو الاخر ومستقبلاً برضا شديد استجابه جسدها للمساته ، قطع قبلاته عده طرقات خفيفه فوق باب غرفتهم جعلته يبتعد عنها قليلاً ليتسائل من بين اسنانه بضيق :
-مين ؟!!!..
جائهم من خلف الباب المغلق صوت أنثى مرتعش والتى لم تكن سوى سارة ابنه اخت السيده عفاف والتى أرسلت فى طلبها منذ عده ايام لمساعدتها فى شئون المنزل المتراكمة بالطبع بعد اخذ موافقه فريد عليها :
-فريد بيه .. الاستاذ مؤمن مستنى حضرتك تحت وطلب منى ابلغ حضرتك بوصوله ..
عقد فريد حاجبيه معاً بعبوس متذكراً ميعاد مساعده والذى أغفل عنه بالفعل ، اخذ نفساً عميقاً يستعيد به اتزانه ثم وجهه حديثه لحياة قائلاً بصوته الاجش :
-كملى لبسك وانزلى افطرى .. وهاجى اتاكد بنفسى انك فطرتى .. ماشى ؟!..
سألته بلهفه واضحه وهى تحتضن كفه لتمتعه من التحرك :
-طب وانت ؟!..
حك ذقنه بيده الخاليه ثم اجابها بتفكير :
-مش عارف هخلص معاه امتى عشان منتأخرش بس انتى لازم تأكلى .. انتى مأكلتيش من امبارح ..
مطت شفتيها للامام ثم قالت بنبره رقيقه للغايه :
-هستناك ..
قلص المسافه التى ابتعدها مره اخرى وعاد ليلتصق بها مره اخرى قائلاً بحب شديد:
-لا ملكيش دعوه بيا .. اهم حاجه تاكلى انتى ..
وقفت على اصابع قدمها حتى يتسنى لها الوصول إليه ثم همست امام شفتيه بأغراء شديد :
-فرييييييييييد ..
اجابها بأشتياق بعدما اخفض رأسه قليلاً ليحك شفتيه بذقنها :
-عيون فريد ..
اجابته بنفس الهمس برقه بالغه :
-مش هاكل من غيرك ..
تتهد بأستسلام وقام بطبع قبله مطوله فوق جبهتها قائلاً بأستسلام :
-طيب .. استنينى تحت بعد ما تخلصى لبس مش هتأخر عليكى ..
حركت رأسها موافقه بسعاده وهى تعطيه ابتسامه حالمه جعلته يتوقف عن السير قليلاً يحاول التوصل لهدوئه قبل الهبوط للأسفل .
*************
فى مقر الشركه تحركت نجوى تغلق باب غرفتها جيداً حتى تتأكد من الامان وعدم استماع احد لهم ثم سألت سفيان بأستهجان ونبرتها منخفضة للغايه :
-يعنى ايه يا سفيااان !! بقالك كام يوم مفيش اى حاجه خالص !!!..
هتف سفيان بحنق شديد قائلاً من بين شفتيه :
-طب وانا هعملك ايه دى مش معبرانى خالص وبتتنفض لما تشوفى كأنها شافت عفريت !! ..
زفرت نجوى بأحباط قائله بعبوس :
-بقولك ايه الحوار ده شكله هيطول وشكلها بت اللذينه بتحبه بجد ومش هتميل معاك .. وبعدين اخاف تروح تقوله ونتفضح ويقلب عليك من قبل ما تعمل حاجه ..
سألها سفيان بترقب شديد :
-طب والحل ايه ؟!..
اجابته نجوى وهى تتحرك داخل غرفتها ذهاباً واياباً محاوله التوصل لحل لتلك المعضله هاتفه بأرتياح :
-بس لقيتها .. انت النهارده تروح مكتبها وقت استراحه الغدا عشان لو صرخت او حاجه محدش يسمعها وتحاول تقرب منها بأى شكل وتصورها بالفون وانت مقرب منها كأنك يعنى بتبوسها زى ما عملت قبل كده مع البت دى اللى كنت متراهن عليها مع صحابك .. وانا هورى الصور دى لفريد وهو يتعامل بقى .. انا عارفاه دمه حامى ومش هيتحمل .. بس اهم حاجه يا بطل تبان طبيعيه ومش مهم وشها كله يكون باين فاهمنى ؟!..
اجابها سفيان بأبتسامه واسعه وعيونه تلمع بحماس :
-بسسس كده .. دى اسهل حاجه سيبى الموضوع ده عليا وهخلصهولك ..
ربتت نجوى على كتفه مشجعه وهى تغمغم بثقه :
-عارفه انك قدها وهتعملها ..
**************
فى منتصف اليوم وتحديداً عند استراحه الغذاء اغلقت حياة حاسبها المحمول وهمت بالتحرك من خلف مكتبها عندما فاجئها ذلك الكائن المتطفل بدخول غرفتها عنوه ودون استئذان ، هتفت به بضيق شديد وقد بدء الغضب يتصاعد بداخلها من وقاحته المستمره معها :
-ايه ده انت حيوان !!! ثم انت ازاى تدخل مكتبى كده من غير استئذان !!..
لم يعيرها سفيان اى اهتمام بل بدء يتقدم منها ببطء قاطعاً المسافه بينهم وغالقاً عليها المجال للحركه فأصبحت محصاره بين جسده وبين طرف المكتب المغلق من الجهه الاخرى ، بدء الذعر يدب داخل أوصالها وهى ترى عينيه تجول فوق جسدها بوقاحة شديده ثم قال بنبره لا مباليه :
-بقولك ايه ما تخليكى حلوه معايا كده و من غير وجع دماغ !! اصلك بصراحه حلوه اوى وحرام فريد يتهنى بكل ده لوحده ..
شهقت حياة بفزع وهى ترتد للخلف متجنبه اقترابه منها وقد بدءت تشعر بالخطر وخاصةً من نظرات عينيه الخبيثه ، حاولت قدر الامكان الحفاظ على ثبات صوتها وهى تعقب على جرأته فى الحديث :
-انت بجد فاكر نفسك تقدر تعمل حاجه !! روح شوف نفسك فى المرايا الاول .. وبعدين صدقنى فريد مش هيسمحلك ..
دوت ضحكه سفيان عالياً ثم قال بأستهزاء شديد وهو ينظر حولهم :
-فريد .. فريد .. جربى كده يمكن يكون حظك حلو ويسمعك هو او اى حد بره ..
ازدردت لعابها برعب فهى تعلم جيداً انه موعد استراحه الغذاء والشركه بأكملها تكون بالخارج او الطابق الارضى اغمضت عينيها تتلمس الشجاعه التى بداخلها ثم فتحتها مره اخرى وجالت بعينها بحثاً عن اى شئ تدافع به عن نفسها فهى ابداً لن تسمح بتكرار الماضى اوالسماح لرجل بلمسها او الاقتراب منها رغماً عنها ، لم تجد امامها سوى تلك الاله الحاده والخاصه بفتح المظروفات لذلك مالت بجزعها تلتقطها بيد مرتجفه وتوجهه نحو وجهه قائله بقوه شديده رغم يدها التى ترتجف ذعراً :
-لو انت راجل قرب ..
رغم قوتها الظاهره الا ان جسدها بأكمله وليس يدها فقط كان يرتجف كورقه خريف وعقلها يعيد إليها تلك اللمسات المقززه والتى كانت دائماً تكرهها ، بدءت الدموع تتساقط بغزاره من داخل مقلتيها وداخلها يتمنى لو تحدث معجزه ما وتجد فريد امامها ينقذها .
فى تلك الأثناء وضع فريد كفه فوق عنقه ليمسدها قليلاً ورفع كفه الاخر ينظر بساعه يده ، لقد حان موعد استراحه الغداء ، تحرك من مقعده وهو يبتسم بحماس ، سيذهب إلى حياة ويطلب منها تناول غذائهم سوياً بعيداً عن الاعين فقد اشتاق حديثها وصحبتها كثيراً لذلك التقط هاتفه ووضعه داخل سترته ثم القى نظره اخيره على شاشته ليتأكد من وجودها فى مكتبها قبل الذهاب إليها ، للوهله الاولى تجمدت نظرته وشعر بأنقباضه قويه داخل صدره وهى يرى ذلك المدعو سفيان يحتجزها بجسده ويحاول الاقتراب منها وهى تقوم بدفعه بعيداً عنها ، ركض نحو مكتبها كالمجنون وفى اقل من دقيقه كان يدفع الباب بكل ما أوتى من قوه ، التفت سفيان بحده على صوت ارتطام الباب ورفعت حياة رأسها عند سماعها صوت فريد الغاضب يصرخ بقوه قائلاً :
-ابعد عن مراتى يا****** ..
أطاعه سفيان على الفور كأنه منوم مغناطيسياً وابتعد عنها مفسحاً لها المجال للحركه ، اندفعت حياة نحوه وهى تهتف اسمه بلهفه واضحه من بين شهقاتها ويدها لازالت ممسكه بالمديه :
-فريد .. فريد .. كنت بدعى ربنا تيجى ..
استقبلها بين ذراعيه وهى ترتجف كورقه فى مهب الريح حتى هو كان يرتجف ولكن ليس ذعراً بل غضباً على ما كان ينتوى ذلك السافل فعله معها ، سألها من بين اسنانه محاولاً اخفاض نبرته قدر الامكان حتى لا يثير ذعرها اكثر :
-لمسك ؟!..
حركت رأسها نافيه بخوف شديد ويدها تشدد من تشبثها بقميصه ، تحدث سفيان متشدقاً بجملته فى نزق شديد ومحاولاً الدفاع عن نفسه :
-انا مجتش جنبها هى اللى كان......
هدر به فريد بقوه جعلته يصمت على الفور ويرتد للخلف خطوه بعدما تقدم فى اتجاههم :
-اخررررررس يابن ال****** .. وانت فاكر لو كنت قربتلها كنت هتفضل عايش لدلوقتى !!..
اخرج هاتفه بعد انتهاء جملته بيده الخاليه ثم قام بمهاتفه قائد حراسته قائلاً بغضب شديد :
-هات اللى معاك وتعالى على اوضه حياة هانم حالاً وخليكم قدام الباب لحد ما اندهلكم ..
حاول سفيان الحفاظ على ثباته رغم رعبه الداخلى وخاصةً بعد استماعه لمكالمه فريد وبدء يتقدم نحو باب غرفه المكتب للهروب ولكن فريد سبقه بتفكيره وتحرك بجسده يقف امام الباب وهو لازال يحتضن حياة المتشبثه به كطفل صغير ، بدء جسد سفيان فى الانكماش والتراجع وهو يرى نظرات فريد المحتقنه والموجهه نحوه ، اندفع باب الغرفه مره اخرى ولكن تلك المره لم يكن الزائر سوى غريب والذى كان يمر بأتجاه غرفه فريد ولفت أنظاره وقوف حرسه امام غرفه زوجته ، سأل غريب بقلق وعينيه تجوب داخل المكان وتتفحص وجه فريد الغاضب وجسد حياة المنكمش :
-فريد !!! حصل ايه ؟!! مالها حياة ؟! ..
اجابه فريد من بين اسنانه بغضب شديد :
-ال***** ده حاول يمد ايده على مراتى ..
اندفع غريب بمجرد سماعه جمله فريد فى اتجاه سفيان المنزوى بأحد أركان الغرفه يجذبه من تلابيبه وقد هم بصفعه ، هدر فريد بوالده مسرعاً ليوقفه عما انتوى فعله :
-بابا !!! محدش هياخد حق مراتى غيرى ..
ابتعد غريب عنه على الفور واخفض كفه والدهشه تملئ ملامحه ، فى الحقيقه لم يكن هو الشخص الوحيد المندهش بداخل الغرفه فحتى حياة المرتجفة رفعت رأسها ناقله نظرها بين فريد ووالده لا تكاد تصدق ما يحدث امامها ! غريب يهتم بها من اجل ابنه وثار لكرامته !! وفريد ولاول مره ينطق كلمه "بابا" من شفتيه ، تململ فريد بين يديها ويبدو انها قد تدارك خطائه لذلك أردف يقول بضيق واضح وهو يرخى قبضته من فوق جسدها :
-خد حياة بس وصلها لاوضتى وانا هتصرف ..
انتقضت حياة وتشبثت بياقته اكثر وهى تغمغم بتوسل شديد :
-لا ... لا .. انت بس ..
زفر بأستسلام فهو الوحيد فى تلك الغرفه الذى يعلم سبب رعبها ، مسح فوق شعرها مطمئناً رغم غليانه الداخلى ثم قال بهدوء وهو يتحرك بها للخارج :
-طيب تعالى ..
أطاعته وتحركت معه كالانسان الألى للخارج ، وجهه فريد حديثه لقائد حراسه فى الخارج قائلاً بحزم شديد :
-مش عايزه يتحرك من جوه الاوضه ويفضل سليم لحد ما ارجعله .. فاهمين !!! مش عايز فيه خدش واحد ..
اومأ له قائد الحرس بخنوع قبل تحرك فريد من امامه متوجهاً نحو غرفته .
دلف فريد لغرفه مكتبه وحياة لازالت داخل احضانه وأغلّق الباب خلفه جيداً ثم تحرك بها الاريكه ليجلسها فوقها ويجلس هو فوق المنضده المقابله لها ، احتضن كفيها بكلتا يديه ثم سألها بحنان محاولاً بث الطمأنينة داخل قلبها وإيقاف ارتجافها :
-حياة .. انتى فين دلوقتى ..
اجابته وهى تمسح دموعها بظهر كفها :
-معاك ..
تنهد مره اخرى يحاول تهدئه نفسه قبل تهدئتها ثم عاد ليسألها من جديد بحنو بالغ :
-طب مادام انتى معايا خايفه ليه ؟!..
اندفعت تقول بتبرير وقد بدءت تعود لوعيها تدريجياً :
-مش خايفه عشان انت جيت .. انا بس افتكرت زمان .. بس انا مكنتش هسمحله .. مش هسمح لحد يقربلى غيرك ..
ابتسم لها وعيونه تلمع بفخر خاصةً وهو ينظر إلى كفها والذى مازال محتفظاً بالمديه بين أصابعه ثم سحبها من بين أصابعها بلطف وجذبها داخل احضانه قائلاً بصوت مختنق من شده مشاعره المختلطة :
-عارف انك مش هتسمحى لحد يقربلك غيرى ..
بعد فتره قليله من الصمت استطرد حديثه قائلاً بهدوء :
-دلوقتى هخلى السواق يوصلك البيت لحد ما اخلص وارجعلك ..
ابتعدت بجسدها عنه ثم رفعت رأسها تنظر نحوه بقلق فأردف يقول مطمئناً :
-متخافيش .. مش هتأخر .. حاجه صغيره هعملها وعقبال ما تروحى هتلاقينى وراكى ..
أطاعته فى صمت وهزت رأسها موافقه قبل تحركها معه نحو الخارج مرة ثانيه ، أعطى فريد آمره لاحد الحراس باصطحاب حياة للمنزل بسيارته هو والتأكد من سلامتها وهى بداخل المنزل والعوده إليه فى اسرع وقت ، ثم عاد لغرفتها مرةً اخرى .
دلف لغرفته مكتبها ببطء شديد رغم ملامحه المشدوده وعضلات جسده المتشنجه ثم وجهه حديثه لمن بداخلها ومن ضمنهم والده قائلاً بجمود :
-بره ومحدش يتدخل ..
أطاعه الحرس فوراً دون اعتراض وظل والده بالداخل ، رفع فريد حاجبه ينظر نحو بأستنكار ثم سأله بنفاذ صبر :
-مسمعتنيش ؟!..
فتح غريب فمه للتعقيب ولكن أوقفه صوت فريد مردفاً حديثه بحزم :
-قلتلك محدش هياخد حق مراتى غيرى فريح نفسك وشوف وراك ايه ..
حرك غريب رأسه بأستسلام ثم توجهه نحو الخارج دون تعقيب ، خلع فريد سترته وحل ربطه عنقه ووضعهم فوق احد المقاعد بهدوء ثم قام بطى أكمام قميصه وشمر عن ساعديه القويين وهو يقول ضاغطاً على حروف كلماته :
-قلتلى بقى معملتش حاجه وهى اللى قربت منك ..
هز سفيان رأسه موافقاً بلهفه شديده فتلك هى فرصته الاخيره فى النجاة بحياته ثم قال برعب شديد :
-انا مليش دعوه بحاجه ومكنتش هقربلها .. نجوى هى اللى قالتلى تصورها بس وانا كنت هنفذ ، هز فريد رأسه موافقاً وقد بدءت الدماء تغلى بداخل عروقه لمجرد سماع اسم نجوى ثم قال بتوعد وهو يقترب منه :
وماله ميضرش .. اهو أدرب عليك لحد ما تاخد هى كمان اللى فى النصيب ..
انهى حديثه ثم قام بجذبه من ياقته قبل انقضاضه عليه يلكمه بكل ما أوتى من قوه دون رأفه حتى تكوم سفيان فوق الارضيه وهو يأن بقوه بسبب الكسور التى ملئت جسده وجهه المضرج بالدماء ، قام فريد من فوقه ونفض يده بأشمئزاز شديد ثم التقط هاتفه طالباً من ايمان استدعاء نجوى لغرفه حياة .
اما عن نجوى فقد ظلت تذرع غرفتها قلقاً من تأخر سفيان الغير مبرر فمهمته لا تتطلب كل ذلك الوقت حتى تكتمل وأثناء تفكيرها فى ذلك جائها اتصال هاتفى من سكرتيره فريد الشخصيه تطلب وجودها داخل غرفه حياة فى الحال ، ركضت مسرعه والقلق يتزايد بداخلها خوفاً مما هو آتى ، وبمجرد وصولها لعنت بحنق لرؤيتها هذا الكم من الحراس يطوقون الممر بمدخل الغرفه ، تحركت ببطء شديد تحاول التفكير فى حل سريع للخروج من تلك المعضله اذا تم كشف ذلك الا
متى تخضعين لقلبى
الفصل السادس والعشرون ..
تنهدت حياة بوله وهى تتطلع لملامحه المسترخيه وهو يتمدد جوارها بهدوء ، حكت انفها بذراعه ثم أخفت وجهها به ، ذلك العضد الذى تسند رأسها دائما عليه لتستمد منه القوه والامان اما أصابعها فقد تسللت ببطء شديد تتلمس ذقنه المشذبه بعنايه وهى تهتف اسمه بدلال شديد جعلته يلتفت بكليته لها جاذباً جسدها اكثر نحوه ومحاصراً خصرها بذراعه :
-فريد ..
اجابها وهو يتنهد بحراره ويمسح بأصبعه فوق جبهتها بعشق :
-حياة روحه ..
انتشت روحها بمجرد سماع ذلك التدليل منه والتمعت عيونها بحب وهى تجيبه من بين ابتسامتها الخجله :
-فاكر واحنا صغيرين لما صممت اطلع الشجره لوحدى وانت مكنتش موافق ..
اجابها وقد بدءت الابتسامه تغزو محياه للذكرى المرحه :
-اها ..
اردفت تقول مبتسمه هى الاخرى بحنين :
-ساعتها انت قولتلى هتقعى وانا مسمعتش كلامك وطلعت وبعدها وقعت فعلاً وانت لحقتنى وأيدك اتجزعت ..
عبس وجهه وضاقت المسافه ما بين حاجبيه قائلاً بتذمر :
-وانتى من امتى بتسمعى كلامى !!! .. انا عارفك مش هترتاحى غير لما تكسرى رقبتى ..
دوت ضحكت حياة عالياً وهى ترى ملامح وجهه المتجهمة ثم مررت إصبعها بين حاجبيه محاوله بسط ذلك التجهم ثم اردفت تقول بمرح :
-نفس رد الفعل مبيتغيرش !! .. فاكر برضه ساعتها قعدت قد ايه مش عايز تكلمنى .. وماما كمان عاقبتنى بسبب اللى حصلك ورفضت تكلمنى يومين .. كنت بجيلك كل يوم الاوضه عشان اشتكيلك بس انت كمان مكنتش بترضى تكلمنى او تسمعنى .. حسيت انى لوحدى وفضلت حاسه بكده حتى بعد ما ماما صالحتنى .. فى الاخر جيت قلتلى هسامحك بس بعد كده تسمعى كلامى ..
انفرجت أساريره واتسعت ابتسامته من مغزى ذكراها ثم اجابها بمشاعر مختنقه من ذكريات طفولتهم البريئه :
-انا نفذت اتفاقى وسامحتك بس انتى لحد دلوقتى مش عارفه تسمعى الكلام ..
جعدت انفها ونظرت نحوه بنصف عين ثم قالت بنبره طفوليه خالصه :
-اخر مره وبعد كده هسمعه وهتشوف ..
احتضن كفها وجهه ومسدت بأصبعها وجنته وهى تحملق داخل عسليتيه بهيام ثم قالت بهمس متوسله :
-قولى انك مش هيجى يوم وتزهق من عنادى ده وتكرهنى وتسبنى لوحدى وتمشى ..
ادار رأسه قليلاً حتى يتسنى له تقبيل باطن كفها الذى يحاوط وجهه ثم اجابها بقلب عاشق :
-عمرى .. عارفه انا مش بعرف ازعل منك .. اه بقسى عليكى لما بتغلطى بس مش بضايق منك .. زى الاب بالظبط بيعاقب ولاده عشان يعرفوا الغلط بس عمره ما بيكرههم ..
توقفت يدها عن لمس وجنته واسبلت عينيها للأسفل بحزن ثم قالت بصوت مختنق من اثر الدموع :
-معرفش .. انا عمرى ما عرفت احساس حنان الاب ده ..
احتنقت ملامحه وشعر بالالم يعتصر قلبه من صوتها الحزين فهو يعلم جيداً رغم اخفائها للامر ان جفاء والدها يؤلمها ويؤثر فى نفسيتها كثيراً لذلك زفر بأشفاق وحرك ذراعه ليجذبها نحوه اكثر وأردف يقول بحنو بالغ محاولاً التخفيف عنها:
-يعنى مش كفايه انك تكونى بنتى انا ؟؟ ..
رفعت رأسها تنظر نحوه وقد بدءت ابتسامتها فى الظهور مره أخرى وقامت بطبع قبله رقيقه فوق وجنته ثم عادت لتتندثر داخل احضانه واخفت وجهها بثنايا عنقه وهى تغمغم بحب :
-كفايه عليا وزياده ربنا يخليك ليا ..
صمتت قليلاً مستمتعه بذلك السكون الذى شملها وهى داخل احضانه واحدى يديه تعبث بخصلات شعرها وتهدهدها ثم اردفت قائله بحب :
-انت عارف انك متغيرتش .. يعنى اللى يشوفك من بعيد يقول واحد تانى بس مهما تحاول تدارى لسه جواك فريد بتاع زمان .. اللى جواه نار وبراه تلج ..
تنهدت بعشق ثم حركت يدها لتضعها حيث موضع قلبه واستطردت قائله بهيام :
-بس اللى يعرفك زى حياة عارف ان تحت كل ده مدفون حنان الدنيا كله ..
توقفت يده عن الحركه وتنحنح محاولاً ايجاد ثباته ثم بدء ينسحب اسفل جسدها ، رفعت رأسها تنظر إليه قائله بأستنكار :
-رايح فين ؟!..
اجابها بنبره وملامح خاليه :
-ولا حاجه هروح اخد دش وانزل العب بوكس شويه ..
كانت تعلم جيداً انها يهرب منها ويريد الانفراد بنفسه لذلك اندفعت تسأله بترقب :
-ممكن اجى معاك ؟..
نظر نحوها ولم يعقب على طلبها لذلك اردفت تقول بتوسل شديد :
-بليز مش هضايقك والله وبعدين انا نفسى اتعلمها عشان اعرف ادافع عن نفسى ..
تنهد بأستسلام وجذب رأسها ليطبع قبله مطوله فوق جبهتها ثم قال بصوته العميق :
-طب البسى لحد ما اخد دش واحصلك ..
صفقت بيدها وقفزت فوق الفراش بسعاده كالأطفال ثم ارتمت فوقه تعانقه بمحبه وتطبع عده قبلات فوق وجهه تعبيراً عن فرحتها جعلته يبتسم هو الاخر بعمق قبل انسحابه من بين ذراعيها فى اتجاه الحمام .
دلف فريد لغرفه الرياضه فوجدها بالفعل سبقته للأسفل وتنتظره بداخلها ، مرر نظره فوق جسدها ثم سألها بأستنكار بعدما اغلق الباب خلفه ألياً :
-هو ده اللبس !!!..
نظرت إلى ملابسها اولاً ثم نحوه وهى تسأله بعدم فهم :
-اها .. هو انا لبست غلط ولا ايه ؟!..
لوى فمه بعدم ارتياح فقد كانت ترتدى ذلك البنطال الملاصق لجسدها والذى يثير اعصابه بشكل كبير وفوقه تيشرت ذو حمالات عريضه بفتحه عنق مثلثه يكشف عن عنقها ومقدمه صدرها بشكل كبير وينتهى عند بدايه معدتها ، تنحنح محاولاً اخراج نبرته طبيعيه ثم اجابها بنبره جاده :
-لا مفيش بس اللبس ده ميتلبسش قدام حد اتفقنا ؟!..
اجابته مبرره وهى تقترب منه :
-بس احنا فى البيت ومفيش حد غير دادا عفاف وسارة حتى الحراس مش بيدخلوا غير لما انت تأذنلهم ..
هز رأسه بجمود موافقاً وهو يتحرك من امامها ليلتقط القفازات الموضوعه فوق الرف وهو يفكر بعدم تصديق هل يعقل انه يغار من عاملات المنزل فهى على حق بنسبه كبيره وهو لا يسمح للرجال بدخول المنزل الا بأذنه اذا لماذا انزعج من لباسها ثم انه هو من قام بأختياره لها من الاساس ، هتفت أسمه بترقب وقد بدءت تشعر بحدوث خطب ما :
-فريد ؟؟؟؟..
رفع رأسه نحوها وهو يهمهم بعدم تركيز ، سألته بخفوت وهى تتفحص ملامح وجهه الجامده :
-انت مضايق عشان اللبس ؟!. على فكره انا كنت نازله بالجاكيت بتاعه بس قلعته لما نزلت هنا ..
حسناً انه يعترف بفقدان عقله فلا يوجد مبرر يجعله يتسرخى لمعرفته ان لا احد يراها هكذا غيره سوى انه فقد عقله ولكن ماذا يفعل فتلك المخلوقة التى لا تتجاوز نصف طوله تكاد تذهب بتعقله ، انفرجت أساريره وبدءت الابتسامه تظهر فوق شفتيه وهو يدنو منها ويحاصر جسدها بذراعيه قائلاً بأستسلام :
-خلاص بعترف انى غرت ..
دوت ضحكتها عالياً فعاد يقول مزمجراً :
-شكلك مبسوط !!!..
رفعت ذراعها لتحاوط عنقه بتملك وهى تجيبه بنبره دلال هامسه محاوله امتصاص غضبه :
-اصل شكلك حلو وانت مكشر وعامل ٨٨ كده ..
سألها مستفسراً بنبرته العابثه وهو يقترب بشفتيه من شفتيها :
-والله !!..
مطت شفتيها معاً للامام ثم اجابته وهى تحاول جاهده كبت ابتسامتها :
-بصراحه .. انا لازم اهاودك دلوقتى عشان هنلعب سوا واخاف تتهورعليا وانا مش قدك ..
طبع قبله خاطفه فوق شفتيها ثم قال بهدوء وهو يرفع القفازات امام وجهها :
-طب متشتتييش تركيزى وخدى البسيهم ..
حركت كتفيها رافضه ثم قالت بدلال فطرى وهى ترفع كفيها هى الاخرى امام وجهه :
- لبسهملى انت ..
امسك بأحدى كفيها وقام بطبع قبله ناعمه داخله ثم قام بألباسها احد القفازين واحكم غلقه جيداً ثم عاد نفس الفعل مع الكف الاخرى ، ظلت حياة تراقب ما يقوم به بوله شديد ، لو انه رفع رأسه إليها الان لرأى عينيها تلمع بالدموع من شده عشقها له وتأثرها بما بقوم به ، انه حقاً دنياها بأكملها وكل ما تحتاجه من هذا العالم الكبير ، انهى مهمته وارتدى هو الاخر قفازاته ثم تحدث بصوته العميق يطمئنها :
-متخافيش مش هأذيكى ..
ظلت تنظر إليه بوله ثم قالت بصوت متحشرج بعدما تنحنت عده مرات :
-محدش بيخاف من امانه ..
لم يستطع فريد ابعاد عينيه عنها وكأن هناك قوه مغناطيسيه تجذبه للغرق بداخل ذلك الليل بنجومه المتلألئة لذلك وجد نفسه تلقائيا يخفض رأسه نحوها ويقوم بتقبيل جفنيها واحد يلو الاخر بحذر شديد ثم غمغم يقول بنبره خفيضه لم تصل إليها :
-انا كنت عارف انى لا هلعب ولا هتنيل النهارده ..
سألته حياة مستفسره :
-بتقول حاجه ؟!..
هز رأسه نافياً ثم اجابها مصححاً :
-بقول يلا نبدء ..
حركت رأسها هى الاخرى موافقه وبدءت تستمع لتعليماته بتركيز شديد وبعد حوالى ربع ساعه هتفت حياة بتذمر من بين انفاسها اللاهثه :
-حرام عليك انا تعبت .. مليش دعوه مش عايزه اكمل ..
سألها فريد بحنق شديد :
-حياة انتى بتتدلعى احنا مكملناش ربع ساعه واصلاً سايبك تضربى فيا من الصبح زى المراهقين ..
اجابته بصوت باكِ كالأطفال وهى تمد ذراعيها لتتعلق بعنقه ويحمل ثقل جسدها عنها :
-مليش دعوه مراهقين مراهقين اللعبه دى هتقطع نفسى انا عايزه حاجه ساهله ..
زفر بأستسلام وهو يضع ذراعه اسفل خصرها ليرفعها من فوق الارضيه ويسير بها نحو الرف الجلدى المنخفض ليجلسها فوقه :
-تعالى أمرى إلى الله .. وبعدين عشان اتعلم موافقكيش على حاجه تانى ..
انحنى بجذعه وهو يحملها حتى يضعها فوق المقعد ولكنها شددت من احكام ذراعيها الملتفه حول عنقه رافضه تركه او السماح له بالابتعاد عنها ، تنهد مطولاً وهو يغمغم بعده كلمات غير مفهومه قبل جلوسه بها فوق المقعد الجلدى ، التوى فمها بنصف ابتسامه انتصار حاولت إخفاؤها عنه عندما رضخ اخيراً لرغبتها واجلسها داخل احضانه ، زفر قائلاً بأمتعاض ونبره قاطعه :
-مفيش بقى أدرب معاك تانى .. اتفقنا ؟!.
كانت تحاول جاهده كبت ابتسامتها العابثه وهى ترى علامات الضيق تغزو ملامحه ، هل ظن انه يستطيع الهرب منها حسنا فليتحمل نتيجه هروبه ، هذا ما فكرت به بخبث وهى تمط شفتيها للامام متصنعه الحزن ثم سألته وأصابعها تمتد إلى عنقه وتتلمس تفاحه ادم خاصته :
-طب اعمل ايه حاولت اشاركك حاجه بتحبها بس معرفتش .. يعنى المفروض انت كمان تكون مبسوط انى عايزه اكون معاك ..
نظر نحوها بادى الامر بتشكك ثم لانت ملامح وجهه وهو يسألها بنبره متحشرجة بسبب أناملها التى تداعب عنقه :
-يعنى انتى عملتى كل ده عشان تشاركينى ؟!..
هزت رأسها ببطء شديد موافقه ، أردف يسألها مستفسراً بأستغراب :
-انتى مجنونه !! يعنى مينفعش تقوليلى خليك معايا ؟!..
اجابته بنبرتها الرقيقه والتى كانت تتميز بها دائماً :
-مكنتش عايزه اخنقك .. وبعدين المفروض تعرف لوحدك ..
حرك رأسه مبتسماً بعدم تصديق ثم تنهد بحراره وهو يتأمل وجهها الذى يعشق ملامحه قائلاً بهمس :
-اعمل فيكى ايه ..
ابتسمت بخجل واخفت وجهها داخل عظمه ترقوته قائله بمرح :
-ممكن تقولى شكراً .. انتى زوجه عظيمه .. انا مبسوط ان مراتى عايز تعمل حاجه بحبها .. اى حاجه من الحاجات الحلوه دى يعنى ..
اجابها بأبتسامته العابثه وهو يغمز لها بأحدى عينيه :
-انا عندى اللى احلى من الكلام ..
ابتعدت بجسدها عنه بقدر ما سمحت لها ذراعه المحاصره خصرها وهى تقول بتحذير خجول :
-فريييييييييد ..
ضغط بكفه فوق ظهرها ليعيد التصاقها به مرة اخرى قائلاً بشغف :
-لا صدقينى فريد بالطريقه دى مش هتفيدك خااالص ..
رفعت ذراعها اليمنى تحاوط بها عنقه وتركت أناملها تعبث بمؤخره عنقه قائله بنبره ناعمه :
-احنا تحت على فكره ..
اجابها وشفتاه تتلمس وجنتها ببطء شديد جعلت نبضات قلبها تتسارع :
-بيتى وانا حر فيه ..
اجابته بنبره اكثر نعومه وقد بدء عقلها يتشوش بسبب قبلاته الناعمه التى يطبعها فوق عنقها وكتفها :
-فريد ممكن حد يشوفنا ..
رفع رأسه إليها ليتأملها بعيون داكنه من شده مشاعره ثم هتف داخل اذنها بهمس مغرى جعل قشعريرة لذيذه تسرى بداخل جسدها :
-الباب مقفول بالمفتاح ..
تتهدت بحراره وقد بدءت مقاومتها تختفى شيئاً فشئ بمجرد التقاطه شفتيها بين شفتيه ، ظلت تبادله قبلاته الناعمه بأخرى اكثر نعومه وتطلب رغم عقلها الذى كان يطالبها ببعض التعقل ، دفعته بكفها المرتعش ليبتعد عنها قليلاً حتى يتسنى لها التنفس براحه ، نظر فريد نحوها بعدم فهم واناملها تمتد إلى أطراف تيشرته الرياضى ، قبضت بأصابعها على أطراف ردائه ثم قامت بسحبه لاعلى حتى وصلت لرأسه ، رفع كلتا يديه بأليه شديده حتى يسمح لها بخلعه ، قامت بأخراجه من رأسه وألقت به فوق الارضيه بلامبالاه شديده قائله بتفسير وهى تعود للاقتراب منه :
-كان مضايقنى ..
ظل ينظر نحو الارضيه حيث موضع قميصه بذهول عده ثوانٍ ثم عاد بنظره نحوها قائلاً بنبره شديده التركيز :
-استحملى بقى ..
ابتلع داخل فمه شهقتها التاليه والتى صدرت منها تعقيباً عما قام به تالياً .
***********
فى الصباح فتحت حياة عينيها وهى تبتسم بخجل من ذكرى البارحه فهى لم تكن تتخيل ان يأتى يوم وتتود لاحد ما مثلما فعلت معه البارحه ، فتح فريد عينيه بكسل شديد عندما تململت بين ذراعيه وابتسم لها بحنان ثم سألها ممازحاً بصوت متحشرج من اثر النعاس بعدما طبع قبله خاطفه فوق ارنبه انفها :
-حياة انتى لسه وشك احمر من بليل !!...
عضت على شفتيها بخجل وقامت بلكزه بكفها المتكور بنعومه فوق كتفه مغمغه بنبره خافته بالكاد وصلت لمسامعه :
-فريد بطل ..
دوت ضحكته عالياً وعاد برأسه للوراء حتى يتسنى لها رؤيه وجهها كاملاً ثم عاد يسألها بنبره ذات مغزى :
-طب بقولك ايه .. ما تيجى ننزل الجيم تانى عشان بصراحه الموضوع عجبنى ..
شهقت بخجل واخفت وجهها الذى ازداد احمراراً بصدره مغمغه بأحراج :
-فرييييييييد ..
تنهد بسعاده ثم اجابها بهيام :
-عيون فريد وقلب فريد وحياة فريد كلها ..
رفعت رأسها ببطء لتنظر داخل عينيه بعشق لم تكن تحتاج للإفصاح عنه ولم يكن هو بحاجه لسماعه ، ظلت تحدق داخل عسليته الصافيتين بوله شديد رافضه تحريك جفنيها او رموشها حتى لا يغيب عن نظرها للحظه واحده ، قطع هو الصمت قائلاً بعشق واضح :
-صباح الحياة ..
اجابته بصوت مختنق من شده مشاعرها التى تحبسها بداخل قلبها :
-يدوم صباحك ليا وجنبى ..
تنهد بحراره ثم اخفى رأسه بداخل عنقها قائلاً بصوت مكتوم :
-بحبك يا حياة الروح ..
رفعت كلتا ذراعيها تحاوط بقوه جسده الملقى فوقها كأنها تريد إخفائه داخل قلبها ، بدء فريد بتقبيل عنقها بنعومه فأستقبلت قبلاته بترحاب شديد ، كان الوقت بالفعل قد تجاوز موعد نزولهم اليومى للافطار ولكن من يهتم فهو حبيبها وزوجها ويبدو انها هى الاخرى لم تشبع من قربه لذلك عندما رفع رأسه ليلتهم شفتيها تجاوبت معه على الفور تاركه له المجال لسحبها داخل دوامه مشاعرهم المتأججة .
************
على مائده الافطار ظل فريد يحدق بها بنظرات ذات مغزى اربكتها ، اخفضت رأسها لأسفل ورفعت كفها لتعيد احدى خصلات شعرها للخلف محاوله اخفاء خجلها الذى يزداد من قوه نظراته ، هتفت به معترضه بعد خروج سارة من الغرفه لإحضار ما تبقى من الطعام :
-بطل بقى ..
سألها مدعياً عدم الفهم وهو لازال يحدق بوجهها ومقدمه عنقها الذى حاولت جاهده إخفاء ما به عن الجميع :
-معلمتش حاجه ..
انهى جملته ومد يده من اسفل الطاوله يتلمس بأصابعه ساقها حتى وصل إلى ذراعها الموضوعه فوقها والتقط كفها وبدء يمسد داخله ببطء شديد اثار اعصابها ، هتفت به مره اخرى متوسله وقد بدء احمرار وجنتيها فى الازدياد :
-فريبيييييد ..
مال بجزعه نحوها وأسند مرفقه الخالى فوق الطاوله قائلاً بنبره خفيضه ناعمه :
-طل بطلى تقولى فريد ..
ضغطت على شفتيها فى اشاره منها للموافقه وعدم الكلام ،
اضاف وهو يزيد من نعومه لمساته داخل بطن كفها :
-وبطلى تدوسى على شفايفك ..
أفلتت شفتيها على الفور ونظرت نحوه بتوسل شديد ، كتم ابتسامته واستطرد يقول بنبره مرحه عابثه :
-ومتبصلبش كده ..
زفرت بقله حيله وهى تعود لترتمى بجسدها فوق المقعد قائله بضعف :
-انت مبسوط بكده صح !!..
اجابها هامساً وهو يميل بجذعه اكثر نحوها وعينيه مسلطه فوق شفتيها :
-جداً ..
سحب يدها من داخل يده بحده وتنحنحت عده مرات محاوله السيطره على حراره جسدها المرتفعه والتى بدءت تظهر جليه فوق ملامحها بمجرد سماعها لوقع خطوات سارة عائده مرة اخرى بمشروب القهوه خاصتها ، وضعته امامها بحرفيه ثم توجهت بنظرها لفريد الذى كان يجلس فوق المقعد بأسترخاء شديد لتسأله بأحترام :
-فريد بيه تحب احضر لحضرتك القهوه دلوقتى ؟!..
عاد بنظره إلى حياة قائلاً بنبره خاليه ونظراته لازالت مسلطه عليها بعدما قام بأحتضان كفها مره اخرى :
-لا هشرب النسكافيه من حياة ..
شهقت حياة بخجل وسرعان ما تحولت شهقتها لسعال متختنق فأردف فريد يقول مصححاً وعينيه تلمع ببريق تسليه وهو يرى خجلها وارتباكها واضحاً امامه :
-قصدى هشرب النسكافيه بتاع حياة ..
اومأت سارة برأسها لها موافقه ثم وجهت حديثها لحياة التى لازالت تسعل بصوت مكتوم :
-حياة هانم تحبى اعملك بداله ..
حركت حياة رأسها بسرعه شديده نافيه دون حديث فأنسحبت سارة من الغرفه تاركه لهم المجال لتناول فطورهم بحريه كعادتها منذ قدومها للمنزل .
رفعت حياة رأسها نحوه بحده متسائله بأمتعاض :
-عجبك كده !!!.
سألها فريد بأبتسامه مستفزه ونبره بارده :
-حبيبى اى حاجه منك تعجبنى بس حددى اكتر ..
لانت ملامحها واتسعت ابتسامتها رغماً عنها بعد سماعها تدليله لها ثم قالت بنبره ناعمه معاتبه :
-طب افرض سارة اخدت بالها بقى دلوقتى هتقول ايه ؟!..
أجابها وهو يجذبها من يدها نحوه ثم قام بأجلاسها فوق ركبتيه قائلاً وهو يحاوط خصرها بذراعه ويشدد من احتضانه لها :
-هتقول حاجات كتير ميهمنيش منهم ولا حاجه طول مانتى فى حضنى كده ..
اتسعت ابتسامتها وهى تتطلع نحوه بحنان ثم قامت بأرتشاف رشفه صغيره من مشروبها سريع التحضير فطبع رغوته فوق فمها وشفتيها ، تسائل فريد بهدوء وهو يتطلع إليها بشغف :
-انتى طمعتى فى النسكافيه بتاعى ولا ايه ؟؟!!!.
هزت رأسها نافيه ثم غمغمت بأسف وهى تقرب الفنجان من شفتيه :
-انا اسفه والله بحسبك بتهزر .. خد اشربه كله بالهنا والشفا ..
بادلها ابتسامتها بأخرى ماكره ثم اجابها وهو يسحب الفنجان من بين يديها ويعيده فوق الطاوله :
-هشربه بس ادوق اللى هنا الاول ..
قطبت جبينها بعدم فهم فعاد يقترب منها قائلاً بأستمتاع وهو يقوم بتحسس فوق شفتيها بلسانه :
-مش عارف بس بيتهيألى هنا احلى ..
هتفت به معترضه :
-فريد حد يشوفنا ..
اجابها بأنشغال وهو يعاود علق شفتيها بلسانه :
-لو حد شافنا هقوله بشرب النسكافيه عشان اركز فى الشغل باقى اليوم ..
دوت ضحكتها عالياً ثم بدءت تبادله قبلاته على الفور ، قطع اتصالهما هاتفها والذى صدع رنينه واهتزازه فوق طاوله الطعام ، ابتعدت عنه حياة على مضض ثم قامت بألتقاط هاتفها تنظر به اولاً ثم قالت بأستغراب :
-ده رقم بباك ..
قطب فريد جبينه هو الاخر ثم سألها بأستنكار :
-بيكلمك انتى ليه ؟! مع ان تليفونى معايا !!!..
اجابته وهى تحرك كتفيها :
-مش عارفه هرد واعرف ..
انهت جملتها وقامت بأستقبال المكالمه على الفور ، عقدت ما بين حاجبيها اولاً ثم عادت بنظرها لفريد الذى كان ينظر هو الاخر إليها بترقب مردده بتعجب وهى تزم شفتيها نحوه :
-نرمين !!! اها الحمدلله ..
قالت نيرمين على الفور مبرره :
-انا اسفه انى بكلمك من تليفون بابا بس مش معايا رقمك وخفت مترديش على ارقام غريبه ..
اجابتها حياة بجفاء وهى لازالت تنظر إلى فريد :
-لا عادى مفيش مشكله ..
اردفت نيرمين تسألها على الفور :
-مش عايزه اعطلك بس لو مش هتضايقى ممكن نتقابل ؟!..
تعلقت أنظار حياة بفريد الذى كان يستمع إلى حوارها بتركيز تام وقد فاجئها طلب اخته واتصالها فعادت تردد طلبها على مسامعه بأستغراب :
-تقابلينى !!!..
هز فريد رأسه رافضاً بحزم فاومأت حياة برأسها له موافقه ثم اجابتها بأقتضاب شديد :
-بصراحه معتقدش ان فى حاجه بينى وبينك ممكن تخلي بينا كلام او مقابله ..
اندفعت نيرمين تقاطعها بلهفه :
-لا طبعا فى بينا اهم حاجه وهى فريد ..
استرعت نيرمين انتباه حياة بالكامل بمجرد لفظها اسم فريد فأردفت نيرمين تقول بتوسل :
-حياة لو سمحتى متتسرعيش .. صدقينى انا عايزاكى فى حاجه مهمه وعشان تطمنى انا هاجى الشركه مع بابا وانا عارفه انك بتشتغلى معاهم .. اسمعينى الاول ولو معجبكيش كلامى كأنك مشفتنيش ..
لوت حياة شفتيها بحيره ثم اجابتها على مضض قائله بتوجس :
-تمام .. مفيش مشكله ..
انهت المكالمه وعادت تضع هاتفها فوق الطاوله بشرود ، سألها فريد بترقب شديد مستفسراً بضيق :
-كانت عايزه ايه ؟!..
اجابته حياة بنعومه وهى ترفع كفيها وتحتضن وجهه بحب بعدما لاحظت تبدل مزاجه :
-ولا حاجه زى ما سمعت طالبه تقابلنى ولما رفضت قالت انها هتيجى الشركه النهارده مع بباك ولو سمحتلها هتقابلنى ..
قال فريد بنبرته القاطعه :
-حياة مفيش مقابله ومفيش تعامل معاها .. فاهمه !!..
زفرت بحيرة فقد أخفت عليه انه محور الزياره واذا كان هو محورها ستقابلها ولو كان الثمن حياتها لذلك سألته بنعومه وهى تتلمس بأصابعها وجنته :
-ممكن تفهمنى انت قلقان كده ليه دى جايه شركتكم وهتكون مع بباك .. ولو عايز قابلها انت ..
اجابها فريد بضيق محذراً :
-عشان لا نيرمين ولا جيهان حد ممكن يتسمعلهم او تتعاملى معاهم .. واظن مش محتاج أحذرك منهم ..
احنت رأسها فوقه وطبعت قبله مطوله فوق جبهته ثم اردفت تقول بحنان :
-عدوك عدوى من غير ما تفكير وأوعى فى يوم تفكرغير كده .. بس وحياة اغلى حاجه عندك .. ورحمه ماما رحاب ممكن تسمحلى اتكلم معاها ؟!. حتى لو قدامك ..
نظر نحوها مطولاً ثم هم بالحديث فأردفت تقول بلهفه متوسله :
-عشان خاطرى مكالمتها قلقتنى متسبنيش بفضولى ووعد هاخد بالى ولو قالت اى حاجه تضايقنى هطردها .. ولو عايز تخلى حراس قدام الباب اعملها ولو عايز تحضر بنفسك احضر ولو عايزنى اسجلك كمان وهقولك كل حاجه قالتها بالحرف بس بليز متقولش لاء ..
زفر بقله حيله ثم اجابها على مضض بجمود شديد للغايه :
-فى مكتبك ..
عادت جملته من وراءه موافقه بسعاده :
-فى مكتبى طبعاً ..
أردف يقول بتحذير:
-وهكون شايفك فى الكاميرا .. وهتقوليلى كل حاجه قالتها بالحرف الواحد ..
اجابته بأبتسام وهى تطبع قبله خاطفه فوق وجنته :
-هحكيلك حرف حرف بس وهاكل ودانك بس يكون عندك وقت ..
رمقها بنظره تحذير ثم أردف يقول بنبرته القاطعه :
-وهسيب حارس قدام الباب :
-اجابته وهى تقلد نبرته وملامحه المتهجمه :
-وهيكون فى حارس قدام الباب ..
هتف بها محذراً بصوته العميق :
-حيااااااة ..
اجابته بدلال وأبتسامه واسعه وهى تستند برأسها فوق كتفه :
-فريدى ..
تنهد بأستسلام ثم قام بطبع قبله مطوله ومتقطعة فوق شفتيها بادلته إياها على الفور ثم قال بصوته الاجش :
-انا بقول نقوم احسن لانى اتاخرت النهارده بما فيه الكفايه ولو فضلت كده مفيش شغل النهارده ..
حركت رأسها التى لازالت مستنده فوق كتفه ببطء موافقه على طلبه ثم خرجت من داخل احضانه على مضض قبل تحركهم معاً للخارج جنباً إلى جنب .
**********
فى منتصف اليوم طُرق باب غرفه حياة المغلق ولم تكن تحتاج لكثير من الذكاء لمعرفه الطارق فهى كانت تنتظر قدومها منذ زمن وخصوصاً عندما رأتها تدلف الشركه بجوار والدها السيد غريب ، دلفت نيرمين بتعجرفها المعهود بعدما سمعت اذن حياة ووقفت تتأمل الغرفه بتمعن شديد قبل جلوسها قباله حياة فى احد المقاعد الوثيره قائله بدون مقدمات وبنبره جديه ذكرت حياة بفريد خاصةً وهى تمتلك نفس لون عينيه :
-انا عارفه ان العلاقه بينا انا وانتى حتى انا وفريد مش كويسه .. وده اللى خلانى اجى النهارده بعد ما اتكلمت مع بابى واستأذنته ..
ضيقت حياة عينيها فوقها تتفحص ملامحها بترقب فرغم ثباتها وقوتها هناك شئ غريب بها شعرت به حياة ولم تعرف سببه ، اردفت نيرمين تقول بأسترسال :
-انتى عارفه ان انا مليش اخوات .. قصدى غير فريد طبعاً .. ومعرفش لو فريد صدف وقالك بس انا كنت متجوزه قبل كده من زمان وانفصلنا بسبب الأولاد لانى مبخلفش ..
صمتت قليلاً لتبتلع غصه اصابت قلبها جعلت حياة تشعر بالأشفاق نحوها ، استطردت نيرمين حديثها وقد بدء صوتها يختنق قليلاً :
-يعنى بأختصار كده انا مليش حد بعد مامى وبابى .. عشان كده ومتستغربيش من اللى هقوله .. انا مش عايزه علاقتى مع فريد تفضل وحشه .. نفسى نتصالح ونتعامل زى اى اخ وأخت بيحبوا بعض .. انا عارفه ان مامى وانا كمان ضايقناه كتير بس صدقينى انا ندمت على كل ده ونفسى اصلح علاقتى بيه ونبدء صفحه جديده ..
سألتها حياة يتوجس مستفسره :
-طيب انتى بتقوليلى انا الكلام ده ليه !! عندك فريد "اخوكى" هو اولى بالكلام ده ..
اجابتها نيرمين محاوله استماله حياة لصالحها :
-فريد شايل منى انا ومامى كتير وعارفه انه استحاله يقبل يشوفنى او يسمعنى وانتى شفتى بنفسك عاملنى ازاى لما زرتكم فى البيت ..
عضت نيرمين فوق شفتيها ولعنت غبائها بصمت وقد ادركت خطأها فأسرعت تقول مصححه :
-انا كمان بتأسفلك على الكلام اللى قلته اليوم ده وبتمنى تسامحينى وتتوسطيلى عند فريد على الاقل يسمعنى ويدينى فرصه وعشان تكونى مطمنه مش انتى بس اللى هتحاول معاه ده بابى كمان هيحاول .. بس انا عارفه انه بيحبك وهيسمعلك فبليز متحرمنيش من ان يكون عندى اخ وسند ليا اقدر اعتمد عليه والجأله ..
تنهدت حياة مطولاً ثم اجابتها على مضض قائله بحيره :
-مقدرش أوعدك بحاجه لانى مش ضامنه رد فعل فريد .. بس على الاقل هحاول معاه ..
ابتسمت نيرمين بأنتصار واندفعت تحتضن حياة قائله بأمتنان :
-وانا مش محتاجه منك اكتر من المحاوله وانك اسمحيلى اطمن عليه من خلالك لحد ما يقبل يتعامل معايا ..
حركت حياة رأسها موافقه بتفكير فداخلها يتمنى رغم كل شئ إصلاح علاقه فريد بوالده واخته حتى يرتاح قلبه ويهنأ .
ودعتها نيرمين وركضت نحو الخارج وهى تبتسم بخبث ثم هاتفت نجوى قائله بأنتصار :
-ايوه يا بيبى .. كله تمام وشكلها الغبيه دى شربتها وكله هيبقى تمام متقلقيش ..
***********
بالطبع كان فريد يراقب لقائهم منذ بدايته بترقب شديد مستعداً للهجوم فى اى لحظه وقد تفاجئ كثيراً عندما انتهى لقائهم بذلك العناق الودى ، استدعى حياة على الفور بعد انتهاء زياره اخته ليسألها مستفسراً بفضول :
-كانت عايزه ايه ؟؟!!!.
اجابته حياة وهى تتجه نحوه وتحتضن جسده بذراعيها :
-حاجه ملهاش علاقه بالشغل .. ممكن نتكلم فى بيتنا ؟!..
رفعت رأسها تنظر إليه لتتبين رد فعله فهى تعلم ان تلك المواجهه ابداً لن تكون سهله ولكن من اجل سعادته وراحته ستتحمل كل الصعاب ، احتنقت ملامحه وهو يسألها بضيق :
-حيااااة !! انتى وعدتينى !!! كل حرف !!..
اجابته وهى تمسح بأصبعها فوق جبينه بحنان :
-والله كل حرف بس عايزه اتكلم معاك وانا فى حضنك .. ممكن متحرمنيش من ده ؟!..
زفر بأستسلام ثم اجابها بنبره خاليه :
-طيب تمام اعملى حسابك هنروح بدرى النهارده عشان عندى شغل بليل ..
سألته بقلق وهى تنظر نحوه بأرتياب :
-شغل ايه ده ؟!!..
اجابها بجمود :
-شغل يا حياة .. شغل .. اكيد مش هبررلك كل حاجه ..
اطرقت برأسها للأسفل وهى تجيبه بخفوت :
-مش قصدى .. انا بس كنت عايزه اطمن ..
زفر مطولاً ثم قام بجذبها لاحضانه مره اخرى بحنان وهو يقول مدافعاً عن نفسه :
-مش قصدى انا بس عندى ضغط شغل كتير ولما شفتها اضايقت اكتر ..
اغمضت حياة جفنيها بألم فهى تعلم جيداً رغم إخفائه ان اسفل حنقه ذلك هناك حزن شديد يمكن بداخله حزناً على علاقته السيئه بأخته الغير شقيقه .
**********
فى المساء وبعد انتهاء وجبه العشاء التى قُدمت باكراً بسبب عمل فريد المتأخر عادت حياة إلى غرفتهم وظلت تجوبها بقلق ، دلف فريد خلفها ثم بدء فى تبديل ملابسه على الفور ، سألته حياة مستنكره :
-انت نازل دلوقتى ؟!..
نظر فى ساعه يده اولاً ثم اجابها بعبوس:
-اها يادوب الحق ..
زفرت بقله حيله فهى تشعر بالقلق ولا تدرى السبب هى فقط تشعر به بداخلها ، سألته بأحباط :
-طيب .. برضه مش عايز تقولى شغل ايه ده !!!..
رمقها بنظره خاليه ولم يعقب ، لوت فمها بضيق وقد علمت انها لن تحصل على اى اجابه خاصةً وهو ينتظر اجابه اسألته لذلك ازدرت لعابها بتوتر ثم تنحنحت بقوه محاوله تتقيه حلقها ثم قالت بهدوء شديد :
-طب هتتأخر ؟!.
لم يعقب ايضاً لذلك اردفت تقول مفسره :
-عشان نتكلم سوا عن النهارده ..
بدءت ترى بعض الانبساط لملامحه المتجهمه بعدما استمع إلى ما يريده فأبتسمت بخفوت عندما اقترب منها وجذبها بين ذراعيه قائلاً بنبره حنونه مطمئنه :
-مش عارف .. بس اتمنى متأخرش .. ادعيلى بس ..
عبس وجهها وتأهبت ملامحها وقد اصابتها الريبه والشك لذلك هتفت متسائله بقلق متزايد :
-يعنى ايه !!!.. فريد انت رايح فين ؟!..
فك حصار ذراعيها المحاوط جسده وابتعد عنها ليكمل ارتداء ملابسه وهو يقول بنبره هادئه :
-ولا حاجه يا حياة .. متقلقيش ..
تبعته حتى خزانه ملابسه والتفت بجسدها حتى تصبح فى مقابلته وتعلقت عيونها بعينه ناظره نحوه بحنان كبير يشوبه بعد القلق والحزن ، مد يده يحتضن كفها وبدء يداعبه بلمسات رقيقه مطمئناً لها بحب :
-مش هتأخر بس خلينى انزل دلوقتى عشان مستعجل ولما ارجع هحكيلك كل حاجه ..
اومأت لها برأسها موافقه على حديثه دون تعقيب خلاف نظرتها الحزينه فأردف يقول وهو يلصقها بصدره القوى :
-حياة .. انا محتاج اتحرك دلوقتى فلو سمحتى اضحكى ..
زفرت بحيره وتمتمت وهى تخفى وجهها بصدره :
-طب انا ليه قلقانه ؟!..
اجابها بمرح وهو يرفع رأسها إليه ليتأمل سواد عينيها اللامعه :
-عشان شكلك اتعودتى انى افضل جنبك وانا لازم اشوف حل للدلع ده ..
قطبت جبينها وسألته بأعتراض :
-والله !!!..
اجابها مبتسماً وهو يطبع قبله فوق وجنتها :
-اهاا .. ارجع بس واشوف حل طويل للموضوع ده اهم حاجه متناميش ..
غمز لها بمكر فردت وهى تبتسم بخجل وتطبع هى الاخرى قبله مودعه فوق وجنته مغمغمه برقه :
-هستناك ..
بادلها ابتسامتها بأخرى عاشقه وهو يتحرك نحو الخارج بخطوات واسعه ، هتفت حياة بأسمه تستوقفه فألتفت نحوها على الفور بعدما توقفت خطواته ينظر إليها بأستفسار ، اردفت حياة تقول بنعومه وخجل :
-لا اله الا الله ..
فتح فمه لوهله مندهشاً من جملتها ثم اجابها بأنبهار:
-محمد رسول الله ..
************
ظلت حياة تتجول داخل المنزل بقلق وهى تنظر فى ساعه يدها كل عشرة دقائق تقريباً ، زفرت بضيق وهى تجوب غرفتها ، لقد مر اكثر من ٣ ساعات منذ خروجه وحتى الان لم يعد ، نهرت نفسها على سذاجه تفكيرها ، بالطبع ان اعماله تتطلب اكثر من هذا الوقت بكثير وربما لديه واحد من تلك الاجتماعات التى تدوم بالساعات ، اذا لماذا لم يخبرها بتفاصيله !! ولماذا انقبض صدرها بمجرد سماعها عنه !! هذا ما فكرت بقلق وقد عاد إليها توترها مره اخرى
وبعد ساعه اخرى من القلق المتواصل وتعلق نظراتها بحديقه المنزل منتظره عودته لمحت ضوء سيارته يأتى من بعيد ، تنفست الصعداء ورتبت من مظهرها قليلاً ثم ركضت نحو الاسفل تستقبله ، دلف فريد المنزل وهو يبتسم بأنتصار من اجل نجاح خطته ، تفاجئ وهو يتسلق الدرج بحياة تقفز بقوه داخل احضانه مما جعله يترنح قليلاً ومد يده ليتمسك بدرابزين الدرج ليحافظ على ثباته ، أخفت حياة رأسها فى طيات عنقه قائله بصوت مكتوم :
-انت اتاخرت اوى ..
اتسعت ابتسامه وتحركت يده ترفع قدمها من فوق الدرج ليحملها بخفه ويتوجه بها نحو غرفتهم قائلاً بمرح :
-انا لو اعرف ان كل مره هتأخر هتستقبلينى كده كنت اتاخرت من زمان ..
انزلقت بجسدها من بين قبضته وعادت قدمها تستند على الارضيه بمجرد وصوله غرفتهم قائلاً بأعتراض :
-والله !!.. لا حضرتك ده النهارده بس عشان كنت قلقانه مش اكتر ..
مال بجزعه نحوها وطبع قبله خاطفه فوق وجنتها ثم توجهه مباشرةً نحو خزانه ملابسه ليستبدل ثيابه قائلا بثفه :
-كام مره قلتلك وانا معاكى متخافيش .. وبعدين متفتكريش هتعرفى تهربى منى .. احكيلى كانت عايزاكى فى ايه النهارده ..
تنفست حياة مطولاً سامحه لأكبر قدر من الهواء بالوصول لرئتيها ثم قالت مباشرةً ودون مقدمات بنبره متوجسه :
-نيرمين عايزه تصالحك .. او بالمعنى الاصح عايزه تتعامل كأنكم اخوات وطلبت منى اتوسط عشان تعرف تقابلك ..
توقفت يده عن العمل للحظات وتجمدت ملامحه ثم استدار ليواجهها بكليته قائلاً بملامح محتقنه :
-بنت جيهان !!! وانا ؟!..
اردفت حياة تقول بأسترسال رغم رؤيتها جموده :
-ليه لاء !!! .. اكتشفت انها محتاجالك ومش عايزه العلاقه تفضل بينكم كده خصوصاً وانك اخوها الوحيد ..
اكمل فريد ارتداء ملابسه بأليه شديده غير مبالياً بحياة التى كانت تقف امامه مترقبه اجابته ، رفع رأسه بعد انتهاءه من ارتداء تيشرته ثم اجابها بنبره قاطعه :
-لاء ..
اندفعت حياة تسأله مستفسره :
-ليه لاء ؟!..
رمقها بعده نظرات حانقه ثم اجابها بنبره بارده مقتضبه :
-من غير ليه ..
هتفت حياة تسأله بأعتراض :
-يعنى ايه من غير ليه .. فريد انت مش شايف ان من حقى تشاركنى قراراتك خصوصاً لو انا طرف فيها ..
رفع احدى حاجبيه مستنكراً ثم هتف مستفسراً. بتهكم مستفز :
-اشاركك ؟!.. طرف ازاى مفهمتش !!..
استفزها تهكمه فأردفت تجيبه بنبره شبهه محتده :
-طرف لانى مراتك ودى اختك .. يعنى يهمنى ان ولادى فى المستقبل تكون عندهم عيله كامله وقبل كده عمه بيحبوها ..
برغم سعادته من سماعها تنطق بتلك الفكره التى داعبت قلبه الا انه اجابها بغلظه لم تعهدها منه:
-لما يبقى عندك ولاد ويشتكوا نبقى نتكلم ..
هتفت حياة اسمه بعدم تصديق :
-فريد !!!..
اجابها من بين اسنانه بنبره قاطعه وهو يتحرك نحو الفراش ليتمدد فوقه :
-حياة انا حذرتك من الاول ورفضت تقابليها وانتى صممتى .. انها شافتك عبيطه بقى وضحكت عليكى بكلمتين هبل دى مشكلتك مش مشكلتى ومش عايز كلام تانى فى شئ ميخصكيش ..
نكست رأسها للأسفل واختتق صوتها نسيباً وهى تجيبه بخفوت :
-شكراً على انى عبيطه ..
انهت جملتها وتحركت تجلس على الطرف الاخر من الفراش متجنبه النظر نحوه ، زفر فريد بضيق وأردف يسألها بنبره مازالت محتده :
-انتى عايزه تتخانقى يعنى ؟!..
التفت برأسها تنظر نحوه بحده وهى تجيبه بنزق :
-انا مش عايزه اتخانق طبعاً انت اللى اتعصبت عليا ..
ارتخت ملامحه قليلاً ثم قال متشدقاً بجملته :
-كويس عشان نيرمين متستاهلش اننا نتخانق عشانها ..
برغم غضبها منه الا انها ضغطت فوق شفتيها تحاول كبت ابتسامه هددت بالظهور فوق شفتيها وتعمدت عدم النظر إليه او الرد عليه برغم تحديقه المستمر لها ، اقترب هو منها متودداً وقائلاً بنعومه :
-طب بصيلى ..
اجابته بخفوت ورقه دون النظر نحوه :
-نعم !!..
فرك ذقنه عده مرات بقوه ثم أردف يقول وهو يزيد من اقترابه منها :
-مش هقول غير لما تبصيلى ..
رفعت رأسها نحوه ليرى عينيها تلمع ببعض الدموع فاستأنف حديثه الهادئ وهو يرمقها بنظرات حنونه :
-مش انا حذرتك من نيرمين ! .. مش عايزها تأثر عليكى انا اكتر واحد عارفهم هى وجيهان وعارف ممكن يعملوا ايه عشان مصلحتهم اسالينى انا ..
مدت أناملها لتداعب مقدمه عنقه وهى تتسائل بخفوت :
-طب ممكن تحكيلى ..
تصلبت ملامحه وأظلمت نظراته وهو يجيبها بضيق :
-مش عايز افتكر ..
توسلته بأستعطاف رقيق وهى تحاوط وجهه بكفيها :
-طب عشان خاطرى اديها فرصه وأسمعها يمكن فعلا تكون اتغيرت .. دى قالتلى انها انفصلت عشان مش بتجيب اولاد يعنى اكيد محتاجالك ولولادنا فى المستقبل فى حياتها ..
زفر فريد بنفاذ صبر وأغمض عينيه لوهله فقد أرهقه هذا الجدال السخيف :
-حياة كلامى نهائى لاء ..
علمت انها لن تستطيع حسم ذاك النقاش الليله لذلك لوت فمها بأستسلام وقد قررت تأجيله لوقت اخر ، عادت تسأله برقه مستفسره :
-طب ممكن اعرف كنت فين ..
مد يده ليحتضن كفها وبدء يداعبه بنعومه قائلاً بصوته الاجش :
-مش عايز اتكلم دلوقتى ..
تعلقت نظرتها بعينيه العاشقتين وقد بدءت ترتجف من لمسته الحانيه فوق بشرتها وشعرت بكل غضبها منه يتلاشى ولكنها تمالكت نفسها حتى لا تستسلم له من اول جوله قائله بعتاب :
-انت مش بتفهمنى اى حاجه ودايما سايبنى قلقانه ..
أجابها متجاهلاً عتابها وهو يخفض رأسه نحوها ويقوم بتوزيع قبلاته فوق وجهها :
-وحشتبنى ..
تنهدت قائله بأعتراض ضعيف :
-فريد !!..
اجابها بأبتسامه عابثه :
-انتى قلتى كام فريد النهارده ؟!..
اجابته بسذاجتها المعهوده :
-كتير ..
اردف يقول بجديه تتتاقض مع موضعهم وانفاسه التى تلفح بشرتها الساخنه :
-يبقى سبينى قبل ما يتكوموا عليا ..
رمشت بعينها عدت مرات ثم سألته بخبث وهى تقترب اكثر من شفتيه :
-هما ايه دول ..
اجابها قبل التهامه شفتيها بتملك :
-هعرفك ..
اختفت مقاومتها وغضبها وارداتها لتخطف معه من الزمن لحظات خاصه بهم لم يتمناها الا معها .متى تخضعين لقلبى
الفصل السابع والعشرون ..
اخذت حياة نفساً عميقاً تستجمع به ارادتها وقد قررت التحدث معه مرةً اخرى لعل مساعيها تلك المره تُكلل بالنجاح ، ضغطت فوق شفتيها واغمضت عينيها لوهله تتضرع إلى الله فى صمت ان يتجاوب معها ولا يصدها كعادته ، فتحت عينيها بأمل وهتفت اسمه وهى داخل احضانه بدلال يشوبه الكثير من التوتر الخفى لجذب انتباهه :
-فريدى .. ممكن اطلب منك حاجه وعشان خاطرى متتعصبش ..
لوى فريد فمه بنصف ابتسامه جانبيه من سذاجتها المعهوده ثم اجابها بخفه ممازحاً وهو يربت فوق شعرها :
-فريدك عارف كويس انتى عايزه تطلبى ايه وبرضه لسه اجابتى لاء ..
رفعت جسدها واستندت على مرفقها حتى يتسنى لها رؤيته بوضوح ثم سألته بأحباط ووجها قبالته :
-طيب على الاقل فهمنى .. ماشى تمام انا عارفه انك مضايق منها وعارفه كمان انك من زمان مش بتحب تحكى حاجه لحد ..
صمت قليلاً لتستبين رد فعله وتنظر داخل عينيه ثم اردفت بنبره خفيضه وهى تحتضن كفه بتوسل :
-بس لو محكتليش انا هتحكى لمين ؟!..
لمعت عينيها برجاء وهى تحدق داخل عسليتيه منتظره جوابه ، طال أسر عينيها لعينيه بصمت مترقب شعرت خلاله ان املها يتضائل شيئاً فشئ ، حسناً ان كان يظن انها ستستلم فهو لم يختبر قوه عنادها حتى الان ، هذا ما فكرت بأصرار منتظره صدور اى رد فعل منه ، زفر بعد لحظات بأستسلام قائلاً بنبره ثقيله مختنقه وعينيه تتنظر للفراغ:
-ماما مماتتش بسبب السكته قلبيه .. او يعنى ماتت بيها بس بابا كان السبب هو اللى قتلها ..
ارتمت حياة بجسدها فوق الفراش بجواره تستند بظهرها فوق الوساده وهى تتنفس الصعداء ، اخيراً !!
بدون مقدمات استدار بجسده نحوها وقام بسحبها من خصرها للأسفل حتى تتمدد فوق الفراش ثم اسند رأسه فوق كتفها خافياً وجهه عنها ثم اردف يقول بنبره جامده وجسد متصلب للغايه :
-جيهان هى السبب .. هى ومنصور .. انا كل اللى كنت اعرفه انه كان شاكك انها على علاقه بواحد قريبها وعشان كده ضربها زى المجنون ومنع عنها الدوا لحد ما جاتلها ازمه قلبيه .. قلبها مستحملش ومقدرتش تكمل .. بس بعدين لما رجعت مصرهو جه حكالى وطلب منى اسامحه .. حكالى انه وقع ضحيه للعبه جيهان ومنصور .. جيهان تخلص منها ومنى ومنصور يتجوزها بعد ما هو يطلقها لانه كان بيحبها!! ..
ارتجف جسده من الذكرى واجفلت هى معه ، رغم علمها المسبق بالخطوط العريضه لتلك القصه الا ان سماعها من فمه بذلك الالم الواضح فى نبرته جعل بدنها يرتجف لا ارادياً ، كانت كلماته متقطعه ثقيله وغير مكتمله ولكنها علمت ان ذلك كل ما ستحصل عليه آلان لذلك استمعت له بكل حواسها دون مقاطعه يكفيها انه اخيراً قرر التحدث وأخبارها .
اردف فريد حديثه محاولاً اخراج نبرته ثابته قدر الامكان :
-بعد ما ماما ماتت كان لازم اروح اعيش معاه ومع جيهان رغم انى كنت عارف انها مش بتحبنى بس مكنش قدامى اختيار ..
صمت قليلاً ليضيف بتهكم مرير :
-تخيلى جبروت بابا قصاد تيتا سعاد .. طبعا النتيجه محسومه ..
تنهد بوجع ثم اردف يقول :
-بس مكنتش متوقع انها تعمل كل ده .. مكنتش بتقبل تخلينى أكل معاهم الا فى وجوده عشان انا ابن الخدامه .. كانت بترميلى الاكل فى اوضتى لوحدى .. طبعاً بعدين عرفت ان فى سبب تانى .. حتى نيرمين مكنتش بتندهلى غير كده .. كانت بتتعمد تستفزنى وتضربنى ولما كنت بدافع عن نفسى كانت جيهان بتيجى تجرنى وترمينى فى اوضه المخزن ، اوضه ضالمه مفيهاش نور ولا اى حاجه اقعد عليها مع كلام من نوعيه انى جيت غلط وانى لازم احصلها وآموت زيها .. وانها مش هتسمحلى اخد كل حاجه واسيب لبنتها الملاليم .. كنت بفضل قاعد على الارض لحد ما تقرر تفرج عنى وده طبعا كان قبل ميعاد رجوعه عشان مياخدش باله من حاجه .. فى الاول كنت بخاف من الضلمه لوحدى بس بعد كده حبيتها ، لان الحبس كان ارحم كتير من انى اقعد معاهم .. بس وبعدها قررت انى مش هسمح لنيرمين تأذينى او تضربنى تانى وانى لازم ادافع عن نفسى وطلبت انى اتعلم كل انواع الرياضه وفعلاً وافق على طول .. طبعاً مانا ولى العهد ..
لاحظت حياة خلال حديثه انه يتحدث عن والده بصيغه الغائب ، بالطبع تعذره لقد تخلى والده عنه وعن حمايته فى اسوء أيامه ولم يهتم بطفله الوحيد ولا بواجباته كأى اب !!، تنهدت بحزن ودموعها تنهمر فوق وجنتيها بصمت ، عادت تستمع بحواسها إلى كلماته التى تدمى قلبها دون تعقيب :
-وفى يوم مدرب المصارعة طلب منى تحاليل كأجراء روتينى عشان التغذيه لان حجمى كان صغير وجسمى ضعيف وبعدها اكتشفوا ان فى ماده فى دمى بتسبب دمور فى عضله القلب على المدى البعيد بس لحسن حظى انهم اكتشفوها بدرى .. طبعاً غريب بيه مستحملش يشوف استثماره اللى استناه سنين بيتأذى وفضل يدور لحد ما اكتشف انه مراته المصونه هى اللى عملت كده .. ولما واجهها انهارت فيه واعترفت قدامه انها بتكرهنى واكتر حاجه بتتمناها انى احصل "الخدامه" عشان تبقى صلحت الغلط اللى سمحت بيه من الاول .. متستغربيش من غريب بيه رغم قوته وهيلمانه ده الا ان نقطه ضعفه هى جيهان .. عشان كده شاف ان احسن قرار يرمينى بره فى مدرسه داخليه ارجعله بعدها رجل اعمال اشيل مسئولياتى زى ما كان طول عمره بيتمنى .. بس جيهان معملتش حسابها انى هرجع كده وانى هقدر احمى نفسى من شرها هى وبنتها .. وعارف انهم لدلوقتى لسه بيحاولوا يأذونى وهيأذوكى بس فريد بتاع زمان راح وراح معاه ضعفه وعمرى ما هسمح لحد يقرب منى او من عيلتى او اى حاجه تخصنى ..
اهتز جسدها أسفله وبدءت شهقاتها تعلو رغم محاولتها المستميتة لكبتها ولكن أنى لها ذلك وهى تستمع لمعاناته ؟!، حتى ان أخفت دموعها كيف تخفى عنه ارتجافه ذلك القلب الذى يأن من اجل صاحبه ، رفع فريد رأسه لينظر نحوها فوجد الدموع تملئ الوساده أسفلها ورغم رؤيتها المشوشه استطاعت رؤيه احمرار عينيه وتلك الدمعه الوحيده التى فرت هاربه منه ، رفعت إصبعها لتمسحها بحنان رفع هو كفه يمسد وجنتها وشعرها ، من الذى يواسى الاخر لم تدرى ، كل ما تعرفه جيداً إنهما كيان واحد حتى لو اختلفت الاسماء والأجساد ما يؤلمه يؤلمها وما يسعده يسعدها ، فتحت ذراعيها على مصراعيها تدعوه إليها فاستجاب لها على الفور وارتمى داخل أحضانها ودفن رأسه داخل عنقها وبدءت تشعر بدموعه الساخنه تنساب فوق عنقها وكتفها ، وللمره الثانيه امتزجت دموعهما معاً حتى استكان جسده وروحه بين ذراعيها التى شددت من احتضانه كأنها تريد إخفائه بداخلها وحمايته من اى اذى اصابه او قد يصيبه
بعد فتره قليله شعرت بأنتظام انفاسه الواقعه عليها لذلك سمحت لنفسها هى الاخرى بأغماض عينيها وانهاء تلك الليله الحزينه .
*********
فى الصباح استيقظت حياة بجسد متخشب من ثقل جسده الملقى عليها ، حركت احدى ذراعيها ببطء شديد عده مرات لفك تيبسه ثم بدء تداعب به خصلات شعره بحنان ، تململ فريد فى نومته وحرك رأسه للاعلى قليلاً علامه على بدء استيقاظه ، ابتسمت حياة بحب من مظهره العفوى فهى تعشق مظهره عند الاستيقاظ وخصوصاً بعبوس وجنتيه التى سرعان ما تتحول لابتسامه كسول بمجرد رؤيتها ، احنت رأسها قليلاً حتى تصل إليه ثم بدءت بطبع عده قبلات رقيقه فوق جبهته ، حك انفه داخل عنقها وقد بدءت ابتسامته فى الظهور ثم غمغم وهو لايزال مغمض العينين بصوته الناعس الذى خرج مكتوم بسبب فمه الملتصق بعنقها :
-خلى بالك هتعود اصحى كده كل يوم ..
اتسعت ابتسامتها وأجابتها بدلال وهى تعبث بمنابت شعره :
-اتعود .. وانا هضطر أتعامل ..
فتح عينيه ورفع جسده لينظر نحوها ثم اردف يقول بمرح ينافى ما مرا به ليله البارحه :
-امممممم .. قولتيلى مضطره ..
انه?
متى تخضعين لقلبى
الفصل السابع والعشرون ..
اخذت حياة نفساً عميقاً تستجمع به ارادتها وقد قررت التحدث معه مرةً اخرى لعل مساعيها تلك المره تُكلل بالنجاح ، ضغطت فوق شفتيها واغمضت عينيها لوهله تتضرع إلى الله فى صمت ان يتجاوب معها ولا يصدها كعادته ، فتحت عينيها بأمل وهتفت اسمه وهى داخل احضانه بدلال يشوبه الكثير من التوتر الخفى لجذب انتباهه :
-فريدى .. ممكن اطلب منك حاجه وعشان خاطرى متتعصبش ..
لوى فريد فمه بنصف ابتسامه جانبيه من سذاجتها المعهوده ثم اجابها بخفه ممازحاً وهو يربت فوق شعرها :
-فريدك عارف كويس انتى عايزه تطلبى ايه وبرضه لسه اجابتى لاء ..
رفعت جسدها واستندت على مرفقها حتى يتسنى لها رؤيته بوضوح ثم سألته بأحباط ووجها قبالته :
-طيب على الاقل فهمنى .. ماشى تمام انا عارفه انك مضايق منها وعارفه كمان انك من زمان مش بتحب تحكى حاجه لحد ..
صمت قليلاً لتستبين رد فعله وتنظر داخل عينيه ثم اردفت بنبره خفيضه وهى تحتضن كفه بتوسل :
-بس لو محكتليش انا هتحكى لمين ؟!..
لمعت عينيها برجاء وهى تحدق داخل عسليتيه منتظره جوابه ، طال أسر عينيها لعينيه بصمت مترقب شعرت خلاله ان املها يتضائل شيئاً فشئ ، حسناً ان كان يظن انها ستستلم فهو لم يختبر قوه عنادها حتى الان ، هذا ما فكرت بأصرار منتظره صدور اى رد فعل منه ، زفر بعد لحظات بأستسلام قائلاً بنبره ثقيله مختنقه وعينيه تتنظر للفراغ:
-ماما مماتتش بسبب السكته قلبيه .. او يعنى ماتت بيها بس بابا كان السبب هو اللى قتلها ..
ارتمت حياة بجسدها فوق الفراش بجواره تستند بظهرها فوق الوساده وهى تتنفس الصعداء ، اخيراً !!
بدون مقدمات استدار بجسده نحوها وقام بسحبها من خصرها للأسفل حتى تتمدد فوق الفراش ثم اسند رأسه فوق كتفها خافياً وجهه عنها ثم اردف يقول بنبره جامده وجسد متصلب للغايه :
-جيهان هى السبب .. هى ومنصور .. انا كل اللى كنت اعرفه انه كان شاكك انها على علاقه بواحد قريبها وعشان كده ضربها زى المجنون ومنع عنها الدوا لحد ما جاتلها ازمه قلبيه .. قلبها مستحملش ومقدرتش تكمل .. بس بعدين لما رجعت مصرهو جه حكالى وطلب منى اسامحه .. حكالى انه وقع ضحيه للعبه جيهان ومنصور .. جيهان تخلص منها ومنى ومنصور يتجوزها بعد ما هو يطلقها لانه كان بيحبها!! ..
ارتجف جسده من الذكرى واجفلت هى معه ، رغم علمها المسبق بالخطوط العريضه لتلك القصه الا ان سماعها من فمه بذلك الالم الواضح فى نبرته جعل بدنها يرتجف لا ارادياً ، كانت كلماته متقطعه ثقيله وغير مكتمله ولكنها علمت ان ذلك كل ما ستحصل عليه آلان لذلك استمعت له بكل حواسها دون مقاطعه يكفيها انه اخيراً قرر التحدث وأخبارها .
اردف فريد حديثه محاولاً اخراج نبرته ثابته قدر الامكان :
-بعد ما ماما ماتت كان لازم اروح اعيش معاه ومع جيهان رغم انى كنت عارف انها مش بتحبنى بس مكنش قدامى اختيار ..
صمت قليلاً ليضيف بتهكم مرير :
-تخيلى جبروت بابا قصاد تيتا سعاد .. طبعا النتيجه محسومه ..
تنهد بوجع ثم اردف يقول :
-بس مكنتش متوقع انها تعمل كل ده .. مكنتش بتقبل تخلينى أكل معاهم الا فى وجوده عشان انا ابن الخدامه .. كانت بترميلى الاكل فى اوضتى لوحدى .. طبعاً بعدين عرفت ان فى سبب تانى .. حتى نيرمين مكنتش بتندهلى غير كده .. كانت بتتعمد تستفزنى وتضربنى ولما كنت بدافع عن نفسى كانت جيهان بتيجى تجرنى وترمينى فى اوضه المخزن ، اوضه ضالمه مفيهاش نور ولا اى حاجه اقعد عليها مع كلام من نوعيه انى جيت غلط وانى لازم احصلها وآموت زيها .. وانها مش هتسمحلى اخد كل حاجه واسيب لبنتها الملاليم .. كنت بفضل قاعد على الارض لحد ما تقرر تفرج عنى وده طبعا كان قبل ميعاد رجوعه عشان مياخدش باله من حاجه .. فى الاول كنت بخاف من الضلمه لوحدى بس بعد كده حبيتها ، لان الحبس كان ارحم كتير من انى اقعد معاهم .. بس وبعدها قررت انى مش هسمح لنيرمين تأذينى او تضربنى تانى وانى لازم ادافع عن نفسى وطلبت انى اتعلم كل انواع الرياضه وفعلاً وافق على طول .. طبعاً مانا ولى العهد ..
لاحظت حياة خلال حديثه انه يتحدث عن والده بصيغه الغائب ، بالطبع تعذره لقد تخلى والده عنه وعن حمايته فى اسوء أيامه ولم يهتم بطفله الوحيد ولا بواجباته كأى اب !!، تنهدت بحزن ودموعها تنهمر فوق وجنتيها بصمت ، عادت تستمع بحواسها إلى كلماته التى تدمى قلبها دون تعقيب :
-وفى يوم مدرب المصارعة طلب منى تحاليل كأجراء روتينى عشان التغذيه لان حجمى كان صغير وجسمى ضعيف وبعدها اكتشفوا ان فى ماده فى دمى بتسبب دمور فى عضله القلب على المدى البعيد بس لحسن حظى انهم اكتشفوها بدرى .. طبعاً غريب بيه مستحملش يشوف استثماره اللى استناه سنين بيتأذى وفضل يدور لحد ما اكتشف انه مراته المصونه هى اللى عملت كده .. ولما واجهها انهارت فيه واعترفت قدامه انها بتكرهنى واكتر حاجه بتتمناها انى احصل "الخدامه" عشان تبقى صلحت الغلط اللى سمحت بيه من الاول .. متستغربيش من غريب بيه رغم قوته وهيلمانه ده الا ان نقطه ضعفه هى جيهان .. عشان كده شاف ان احسن قرار يرمينى بره فى مدرسه داخليه ارجعله بعدها رجل اعمال اشيل مسئولياتى زى ما كان طول عمره بيتمنى .. بس جيهان معملتش حسابها انى هرجع كده وانى هقدر احمى نفسى من شرها هى وبنتها .. وعارف انهم لدلوقتى لسه بيحاولوا يأذونى وهيأذوكى بس فريد بتاع زمان راح وراح معاه ضعفه وعمرى ما هسمح لحد يقرب منى او من عيلتى او اى حاجه تخصنى ..
اهتز جسدها أسفله وبدءت شهقاتها تعلو رغم محاولتها المستميتة لكبتها ولكن أنى لها ذلك وهى تستمع لمعاناته ؟!، حتى ان أخفت دموعها كيف تخفى عنه ارتجافه ذلك القلب الذى يأن من اجل صاحبه ، رفع فريد رأسه لينظر نحوها فوجد الدموع تملئ الوساده أسفلها ورغم رؤيتها المشوشه استطاعت رؤيه احمرار عينيه وتلك الدمعه الوحيده التى فرت هاربه منه ، رفعت إصبعها لتمسحها بحنان رفع هو كفه يمسد وجنتها وشعرها ، من الذى يواسى الاخر لم تدرى ، كل ما تعرفه جيداً إنهما كيان واحد حتى لو اختلفت الاسماء والأجساد ما يؤلمه يؤلمها وما يسعده يسعدها ، فتحت ذراعيها على مصراعيها تدعوه إليها فاستجاب لها على الفور وارتمى داخل أحضانها ودفن رأسه داخل عنقها وبدءت تشعر بدموعه الساخنه تنساب فوق عنقها وكتفها ، وللمره الثانيه امتزجت دموعهما معاً حتى استكان جسده وروحه بين ذراعيها التى شددت من احتضانه كأنها تريد إخفائه بداخلها وحمايته من اى اذى اصابه او قد يصيبه
بعد فتره قليله شعرت بأنتظام انفاسه الواقعه عليها لذلك سمحت لنفسها هى الاخرى بأغماض عينيها وانهاء تلك الليله الحزينه .
*********
فى الصباح استيقظت حياة بجسد متخشب من ثقل جسده الملقى عليها ، حركت احدى ذراعيها ببطء شديد عده مرات لفك تيبسه ثم بدء تداعب به خصلات شعره بحنان ، تململ فريد فى نومته وحرك رأسه للاعلى قليلاً علامه على بدء استيقاظه ، ابتسمت حياة بحب من مظهره العفوى فهى تعشق مظهره عند الاستيقاظ وخصوصاً بعبوس وجنتيه التى سرعان ما تتحول لابتسامه كسول بمجرد رؤيتها ، احنت رأسها قليلاً حتى تصل إليه ثم بدءت بطبع عده قبلات رقيقه فوق جبهته ، حك انفه داخل عنقها وقد بدءت ابتسامته فى الظهور ثم غمغم وهو لايزال مغمض العينين بصوته الناعس الذى خرج مكتوم بسبب فمه الملتصق بعنقها :
-خلى بالك هتعود اصحى كده كل يوم ..
اتسعت ابتسامتها وأجابتها بدلال وهى تعبث بمنابت شعره :
-اتعود .. وانا هضطر أتعامل ..
فتح عينيه ورفع جسده لينظر نحوها ثم اردف يقول بمرح ينافى ما مرا به ليله البارحه :
-امممممم .. قولتيلى مضطره ..
انهى جملته وبدء يحرك ذراعيه اسفل خصرها ليجذبها نحوه ههتفت حياة بأسمه بنبره عاليه معترضه وهى تحاول كبت ضحكتها :
-لا فريد .. هتتأخر .. والله الموظفين هيقولوا انا السبب ..
توقف عن جذبها وعبس جبينه متصنعاً الجديه ثم سألها بتركيز مستفسراً :
-على اساس مش انتى اللى بتأخرينى !!..
جعدت انفها ولكزته بحده فى كتفه قائله بحنق وهى تحاول الابتعاد عنه :
-والله !!! طب اوعى بقى يا استاذ فريد عشان متتأخرش ..
ضغطت على حروف كلمتها الاخيره بتهكم غاضب جعلت ضحكته تدوى عالياً من تقلب مزاجها النارى ، جذبها نحوه اكثر مضيقاً المسافه بينهم ثم قال بأبتسامته العابثه :
-الموظفين ومدير الموظفين ومدير مدير الموظفين تحت امر حياتى ..
تبدل مزاجها فى الحال وعادت ابتسامتها الخجله فى الظهور من تودده المحبب لها ثم انتهزت الفرصه لتسأله وهو يقترب من فمه لشفتيها :
-طب مش هتقولى كنت فين بليل .. انت قلتلى هحكيلك وانا مستنيه ..
ابتعد عنها قليلاً وأغمض احدى عينيه قائلاً بحاجب مرفوع :
-مش وقته خالص على فكره ..
عاد ليقترب منها فأسرعت تقول مقاطعه له بنبره حاده نوعاً ما :
-لا وقته .. فريد بجد انت وعدتنى هتحكيلى!!..
زفر مطولاً ثم اجابها وهو يطبع قبله خفيفه جانب فمها :
-هحكيلك بليل ..
دفعته برقه حتى يبتعد عنها قليلاً ثم نظرت نحوه مردده بأستنكار :
-لسه هستنى لبليل ؟!..
اجابها بغموض :
-اها .. دلوقتى مش فاضى ..
اجابته بأختصار وقد اغضبها تسويفه :
-امممم عندك حق .. احنا دلوقتى مش فاضيين ..
حركت جسدها مبتعده عنه استعداداً للخروج من الفراش ، فأردف يقول وهو يوقف تحركها :
-طب مفيش صباح الخير الاول ؟!..
رمقته بعده نظرات محتده ثم اجابه بأقتضاب من جانب فمها :
-صباح الخير ..
هتف معترضاً بضيق :
-لا مش هى دى صباح الخير بتاعتى اللى أنا عايزها ..
اجابته ببرود وهى تبتسم له بسماجه :
-هى دى صباح الخير اللى عندى لحد بليل
هتف بضيق عندما نجحت فى التسلل من بين يديه خارج الفراش قائلا بأعتراض طفولى :
-حيااااة ..
لم تعيره اى انتباه بل واصلت سيرها نحو الحمام وهى تبتسم بخبث ، لحق بها وهو يعاود سؤالها بضيق شديد :
-انتى بتهزرى صح ؟!..
التفت تنظر نحوه ببراءه شديد ثم سألته بنبره بارده مدعيه عدم الفهم :
-بهزر ليه ؟!..
هتف مره اخرى زافراً بقوه وهو يحك مؤخره رأسه بيده متسائلاً بأعتراض :
-انتى عارفه ليه ..
اجابته بخفوت وهى تعاود الاقتراب منه بشكل حميمى :
-لا مش عارفه فهمنى ..
قبض على خصرها بذراعيه والصق جسدها بصدره القوى قائلا من بين شفتيه وهو يخفض رأسه نحوها :
-انتى بتعاقبينى يعنى ؟!..
سألته هامسه وقد اصبحت شفتيه الان امام فمها بعدما اخفض رأسه نحوها :
-وانت بتعاقبنى ؟!..
هز رأسه نافياً ببطء ثم اجابها بصوته الاجش وهو يتلمس بشفتيه شفتيها استعدداً لتقبيلها :
-ابداً .. بس عندى حاجات اهم دلوقتى ..
ضيقت عينيها فوقه ثم بدءت تحرك كفيها بنعومه شديده فوق ذراعيه العاربين حتى ارتخت قبضته فوقها ثم قامت بألافلات منه قائله من بين أسنانها بأستفزاز :
-وانا كمان عندى حاجات اهم دلوقتى ..
انهت جملتها وركضت إلى الحمام غالقه الباب خلفها جيداً ، تاركه فريد خلفها يهتف اسمها بحنق شديد عده مرات متوعداً لها عما فعلته به .
**********
فى فيلا غريب رسلان وتحديداً داخل غرفه طعامه ارتفع رنين هاتفه الموضوع امامه فوق مائده الافطار ، اخذه غريب بأهتمام شديد خصوصاً بعد رؤيه هويه المتصل ثم سأل الطرف الاخر بترقب :
-ها .. اكيد عندك حاجه جديده ؟!..
استمع لجاسوسه المجهول بأهتمام شديد وبدء بؤبؤ عينيه يتسع بتركيز شيئاً فشئ ، سأله غريب مستفسراً بأندهاش :
-بليل ؟!!. وأتحرك لوحده !!..
استمع إلى اجابه الطرف الاخر ثم اردف يقول بأعتراض :
-حتى لو معاكم الامن !! ازاى يتحرك خطوه زى دى من غير ما تبلغنى ؟!..
استمع إلى تبرير الرجل الاخر يليه عده جمل مطوله ثم بدءت ملامح وجهه فى الابتسام بسعاده مستفسراً بعدم تصديق :
-يعنى نجح !! اتقبض عليه فعلاً ؟!..
استمع إلى اجابه سؤاله ثم اغلق الهاتف وضحكته تدوى بأنتصار عجيب ، انتبهت جيهان الجالسه جواره بجميع حواسها إلى مزاج زوجها الذى تبدل فى لحظه لتسأله بأستفسار :
-مالك يا غريب ؟!.. ايه المكالمه اللى بسطتك اوى كده ومين ده اللى اتقبض عليه ؟!!..
اجابها غريب بشماته وأسنانه تبرز من خلف ابتسامته :
-منصور اتقبض عليه بليل بتهمه تهريب اسلحه ومعاها الشروع فى قتل فريد بعد ما اعترف عليه القاتل اللى كان مأجره ..
ارتجفت يد جيهان وارتجف معاها فنجان القهوه الذى كانت تحمله وتمتمت تسأله بخفوت شديد ونبره مهتزه :
-انت متاكد من كلامك ده !!..
اجابها غريب بفخر وثقه وقد انتفخت أوداجه غروراً :
-متأكد .. فريد بنفسه هو اللى كان هناك بعد ما اتفق مع البوليس وقبضوا عليه متلبس بالاسلحه .. ابنى الأسد .. راجل بصحيح ..
ابتعلت جيهان ريقها بصعوبه بالغه وقد حاولت رسم ابتسامه باهته وهى تقول من بين أسنانها بشرود :
-مبرووك ..
اجابها غريب بسعاده حقيقه وهو يتحرك من مقعده استعدداً للخروج :
-الله يبارك فيكى .. لازم اتحرك دلوقتى واشوف هنعمل ايه ..
عند مدخل المنزل أوقفه صوت نيرمين التى ركضت خلفه تستوقفه بعدما رمقت والدتها بنظره ذات مغزى قائله بأستفسار :
-بابى عملت ايه فى اللى اتكلمنا فيه ؟!..
ربت غريب فوق كتفها مطمئناً وهو يقول بثقه :
-متقلقيش يا حبيبتى النهارده هحاول اتكلم مع حياة وانا واثق من تأثيرها عليه .. بينى وبينك انا كنت معترض عليها فى الاول بس بعد ما شفت السعاده فى عيونه اتاكدت انه بيحبها جدا ولو فى حد هيقدر يأثر عليه هتكون هى ..
ابتسمت له ابنته بأقتضاب تعقيباً على حديثه ثم اردفت تقول متصنعه اللهفه :
-اه يا بابى بليز انا عايزاك تخلص الموضوع ده فى اسرع وقت ..
اومأ له والدها برأسه موافقاً ثم قال بتصميم :
-متقلقيش مل حاجه هتتحل مادام عندك النيه .. مش متخيله انا مبسوط قد ايه بقرارك ده يا نيرو ..
حركت رأسها هى الاخرى موافقه على حديثه ولم تعقب ، نظر غريب إلى وجهها متفحصاً ثم سألها بقلق :
-نيرو !! انتى كويسه ؟!.. شكلك مش طبيعى !!..
سألته نيرمين بتوتر ملحوظ :
-قصدك ايه يا بابى ؟!..
اجابها غريب بحيره وهو يعاود تأملها :
-مش عارف بس عينيكى مرهقه اوى وشك كله مش مظبوط .. حتى مامتك بتشتكى انك بقيتى بتقضى طول اليوم فى اوضتك وبليل للخروج ومش بتقعدى معاها زى الاول .. مالك يا حبيبه بابى
تنحنحت نيرمين بأرتباك ثم اجابته كاذبه :
-ولا حاجه يا بابى انا بس زهقانه عشان مفيش حاجه فى حياتى جديده .. انت بس نفذ اللى طلبته منك وانا هرجع مبسوطه تانى .. صدقنى .
ابتسم غريب بأستحسان وهو يرى جديه ابنته فى اصلاح الاحوال بينها وبين ابنه الوحيد ، ذلك الشئ الذى طالما سعى إليه وتمناه منذ صغرهم وحالت بينه وبين حدوثه جيهان ، هذا من وجهه نظره بالطبع .
***********
راقبت حياة خلال الفطور وما تلى ذلك من روتينهم اليومى رد فعل فريد ووجهه المتجهم بسبب صدها له وابتعادها عنه ، لم تكن هى الاخرى سعيده او فخوره كثيراً بما فعلته ولكنه لم يترك لها وسيله اخرى حتى يتحدث معها ويشاركها تفاصيل يومه ، كانت علاقتهم رائعه فيما عدا ذلك سواء فى المنزل او العمل اما علاقتهم الخاصه فكانت سحر من نوع اخر لم ولن تختبره الا معه ، ولكن رغم ذلك كان يؤلمها كثيراً اغلاقه على نفسه ، حسناً هى تعلم طبعه منذ الصغر وتعلم انه لم يكن كثير الحديث او البوح بما يدور بداخله ولكن هذا يضره ولا بنفعه لقد كان وحيداً بما يكفى ولن تسمح له بالانغلاق على نفسه اكثر من ذلك ، هى زوجته وقبلها حبيبته ومن واجبها مشاركته همومه ومشاكله حتى ان اضطرت إلى استخدام كل الطرق الغير محببه له ولها .
************
اما عنه هو فقد جلس خلف مكتبه بعد وصوله لمقر شركته يتصفح الجرائد اليوميه وعينيه تلمع برضا بعد حرصه الشديد على تصدر ذلك الخبر العاجل لكل الاعلام المصرى سواء المكتوب او الالكتروني ، عاد بجسده للوراء مستنداً على ظهر مقعده وواضعاً ساق فوق الاخرى بفخر وعينيه تشع ببريق الانتصار ، لقد انتظر سنوات وسنوات لرؤيه انكساره امامه وها هو الان يجلس فوق مقعده بعدما حقق مراده ورأى منصور يسير مكبلاً بقيود الخزى والخيبه مع الصدمه تكسو ملامحه وتغلف خطواته
لقد كلفه ذلك الكثير من الجهد والمال ولكن يهون ، كل ذلك يهون من اجل التخلص منه والانتقام لذكرى والدته فقط تبقى حساب شريكته جيهان ، قاطع تفكيره رنين هاتف مكتبه الداخلى تبلغه سكرتيرته من خلاله بوصول ضيفه المرتقب ، طلب منها فريد ادخاله على الفور ثم اعتدل فى جلسته استعداداً لاستقباله ، دلف وائل الجنيدى لداخل الغرفه بسعاده هو الاخر ، تحرك فريد يستقبله بأهتمام رغم الحذر والذى لايزال بادياً فى جميع تصرفاته معه ، صافح كفه بأستحسان عندما هنأه وائل قائلاً بأرتياح :
-مبروك ..
اجابه فريد بأقتضاب وهو يشير له بأتجاه احد المقاعد للجلوس :
-مبروك علينا ..
قال وائل بثقه :
-مكنش عندى شك للحظه واحده انك ممكن تفشل او عمى يعرف ينجح فى تهريب الصفقه دى .. واسمحلى اقولك انى معجب بذكائك وقبله تصميمك ..
اومأ فريد له رأسه بهدوء ثم اجابه بغموضه المعتاد :
-وانا معجب بحسن تصريفك للامور .. وقبلها اختيارك الصح ..
ابتسم وائل من مغزى جمله فريد الذى وصله بوضوح ثم اردف يقول بنبره ذات مغزى :
-الحياة ساعات كتير بتحطنا قدام اختيارات وبتجبرنا نتعامل بأساليب مكناش نتوقع نستخدمها فى يوم .. عمتا خلينا فى المهم .. اللى كنا عايزينه حصل ودلوقتى مستنى اللحظه الاهم ..
اجابه فريد بغرور :
-وفريد رسلان عمره ما يخلف وعده .. الشراكه مع الألمان من النهارده بينا احنا ال٣ ..
ظهرت ابتسامه وائل الودودة والتى كان يتسم بها دائماً عكس فريد دائم التجهم .
فى الخارج لمح السيد غريب خيال حياة عائده من الممر إلى غرفتها ، انتهز الفرصه وتحرك خلفها هاتفاً بأسمها ليستوقفها ، التفت حياة بكليتها تنظر نحوه بفضول فرغم كل شئ ابداً لم تكن العلاقه بينهم وديه ولن تكون حتى رؤيتها له الان اثارت حنقها فبعد حديث البارحه مع فريد عاد غضبها الدائم منه ليطفو إلى السطح من جديد لذلك تحدثت إليه بجمود متسائله :
-فى حاجه ؟!..
اجابها غريب بوديه لم تعهدها منه :
-مبروك ..
قطبت حياة جبينها بعدم فهم ثم سألته مستفسره :
-مبروك على ايه مش فاهمه ؟!!..
سألها غريب بأستنكار :
-لا متقوليش انك مش عارفه والاهم متقوليش انك فريد مبلغكيش بحاجه !!!..
سألته حياه بترقب والفضول يزداد بداخلها :
-لا حضرتك عارف فريد مش بيتكلم كتير ..
هز غريب رأسه موافقاً على حديثها ثم بدء يسرد لها تفاصيل ليله البارحه وما علمه من جاسوسه الخاص من مشاركه فريد فى القبض على منصور ، فتحت حياة فمها بأندهاش واتسعت عينيها بذهول وهى تستمع إلى التفاصيل القليله التى بحوزه غريب والتى تكفيها لتشعر بالسعاده تغمرها ، هل فريد فعل ذلك حقاً !!، لم ينتقم منه شخصياً وبدلاً عن ذلك سلمه للامن ، تحتاج الان لمن يصفعها على وجهها للتأكد من عدم هذيانها ، بدءت ساقيها تتحرك تلقائياً فى اتجاه غرفته للتأكد من صحه تلك المعلومات ولكن صوت غريب اوقفها مرةً اخرى ليسألها على استحياء قائلاً :
-حياة .. نيرمين كلمتك صح .
بمجرد سماعها لذلك الاسم تلاشت سعادتها وعاد الغضب يكسو ملامحها ، تلك الافعى الصغرى ووالدتها ، ماذا تريد منه الان بعد ما فعلته بِه وهو طفل لم يتجاوز الثانيه عشر لذلك اندفعت تجيبه بنبره عدائيه :
-غريب بيه لو سمحت انا بره الموضوع ده .. نيرمين لو نيتها صادقه تفضل تحاول مع فريد لحد ما يسامحها .. غير كده انا مش هقدر أساعدها ..
سارع غريب يقاطعها برجاء :
-حياة لو سمحتى .. صدقينى نيرمين صادقه فى كل كلمه قالتها وصدقينى اكتر انا بتمنى فريد يسامحنا كلنا ونبقى عيله كامله من غير مشاكل ولا احقاد .. من فضلك ساعدينا فى ده ..
لانت قسمات وجهها قليلاً وكيف لا وقد عزف على وترها الحساس وهو العائله ، لذلك هزت رأسها بجمود ثم تركته وانصرفت متجهه نحو غرفه زوجها وعيونها تلمع بالحب لمجرد التفكير به
***********
اندفعت حياة داخل غرفه مكتبه دون استئذان وهى تهتف اسمه بسعاده :
-فريدددى ..
توقفت عن الحركه واحمرت وجنتيها حرجاً عندما رأته يجلس مع شخص ما بالغرفه لذلك هتفت مسرعه بخجل :
-انا اسفه .. اسفه جداً والله .. بحسبك لوحدك وايمان مكنتش بره اسألها .. انا اسفه وكملوا اجتماعكم ..
انهت جملتها وبدءت تنسحب بجسدها للخلف استعداداً للخروج ، تحرك فريد فى اتجاهها والذى على عكس عادته لم يكن منزعجاً من دخولها العاصف خاصةً وهى تنطق اسمه بذلك الحب اما من تحرك قبله يسبقه كالمسحور فهو وائل الجنيدى الذى هتف بعدم تصديق :
-انتى ؟!..
تراجعت حياة خطوه للخلف ونظرت نحو فريد بعدم فهم وترقب ثم عادت بنظرها لذلك الرجل المجهول امامها تسأله بتوجس :
-مش فاهمه ؟!..
تقدم وائل نحوها حتى توقف امامها ثم عاد يقول بأندهاش :
-ايوه فعلاً ده انتى ..
لم تكن تنظر إليه بل كانت نظراتها معلقه بوجهه اخر كانت تعرفه جيداً وتعرف تلك النظره بالتحديد ، هزت رأسه لفريد الذى قطع المسافه بينهم فى ثلاثه خطوات ثم قبض على كفها بقسوه جاذباً جسدها نحوه حتى التصقت بِه ، اردف وائل يقول شارحاً :
-انتى مش فكرانى صح !!.. انا قابلتك فى المستشفى ..
حركت حياة رأسها نافيه بأليه شديده ثم رفعت رأسها نحو فريد ترمقه بنظرات متوسله والذى بدءت عروقه فى النفور من شده الضغط فوق اسنانه ، تنحنت حياة قائله بخفوت محاوله إنهاء ذلك الموقف :
-انا اسفه بس انا مش فاكره بصراحه ..
فتح وائل فمه ليجيبها وعند تلك اللحظه تدخل فريد مقاطعاً إياه بنبره جامده :
-وائل بيه .. اقدملك حياة هانم .. مراتى ..
ضغط فريد على كلمته الاخيره مؤكداً على ملكيته لها فأستطردت وائل يقول بخيبه امل واضحه :
-احم .. اه اسف .. أهلاً وسهلاً .. انا بس صادفت الهانم يوم ما كنت بزورك فى المستشفى بس يمكن هى مش فاكرانى ..
فى الحقيقه كان محق فى ظنه وحياة لم تتذكر لقائهم ذلك ابداً وبدا ذلك واضحاً على ملامح وجهها التى كانت قلقه اكثر من رد فعل فريد على جملته ، اما عن وائل فقد تراجع بأحباط واضح بعدما تأكد ان ذلك الغزال الشارد الذى شغل تفكيره لايام وأيام لم يكن شارداً بل هو ملك لشريكه .
هتفت حياة لفريد بنبره خفيضه بعدما تراجع ضيفه تاركاً لهم المجال لبعض الخصوصيه :
-فريد انا اسفه انا كنت بحسبك لوحدك ..
سألها بغضب لم يخفى عليها :
-فى حاجه ؟!..
حركت رأسها نافيه ثم اجابته بأحباط :
-لا ابداً كنت هقولك حاجه بس مش مهم لما نروح البيت ..
انهت جملتها ورمقته بأبتسامه مسرعه وعينيها تلمع بعشق عندما تذكرت ما قام به مره اخرى ثم هرولت للخارج فهى لن تجازف بمكوثها جواره اكثر من ذلك خصوصاً والغضب لازال يكسو ملامحه
*************
داخل غرفتها اندفع فريد يقتحمها دون استئذان والغضب يتأكله من غيرته المنطقيه بعدما لاحظ طريقه تعامل ذلك المدعو وائل معها ونظراته لها ، اندفعت حياة بمجرد رؤيتها له تقفز فوقه وتعانقه بحب وهى تغمغم بجوار اذنه بأعجاب :
-انت احلى فريد فى الدنيا كلها ..
حسناً لقد تلاشى الان جزء من غضبه ، انهت هى جملتها وبدءت تطبع عده قبلات خاطفه فوق وجنته ، ليكن صادقاً لقتد تلاشى جميع غضبه وليس جزءاً منه ، هذا ما فكر به بسذاجه وهو يشدد من احتضان ذراعيه لها ثم سألها بإستفهام وجسدها ينزلق من بين يديه ليلامس الارضيه مرةً اخرى :
-ممكن اعرف الدلع ده كله ليه ..
اجابته هامسه بخجل وأصابعها تعبث بمقدمه ذقنه :
-انت عارف ..
سألها مستفسراً بعدم فهم ونبره ناعمه :
-لا مش عارف ..
رفعت جسدها ووقفت على أطراف أصابعها حتى تصل إليه ثم اجابته هامسه بوله :
-بباك قالى انت عملت ايه امبارح ..
قطب جبينه بمرح ثم سألها بصراحه وهو يقبل أصابعها التى تداعب وجهه :
-يعنى كل الرضا ده عشان منصور اتقبض عليه ..
اجابته بحب وهى تحدق داخل عينيه بعيونها اللامعه بفخر :
-عشان حاجات كتير اولها انى فخوره بيك .. وعشان انت اجمل حاجه فى الدنيا دى ..
تسائل بتأنيب امام شفتيها هامساً بحراره :
-طب المفروض اعمل ايه انا دلوقتى بعد اللى عملتيه الصبح ..
اجابته هامسه وهى تطبع قبله فوق ذقنه :
-اسفه ..
طبعت قبله اخرى بجانب شفتيه ثم اردفت تعيدها ثانيةً :
-اسفه ..
طبعت اخرى ثالثه مطوله فوق شفتيه بعدما أعادتها للمره الثالثه ، تنهد هو بأستسلام وقد بدءت قبلاتها تأتى بثمارها ثم انحنى نحوها يقبلها بجنون تعويضاً عما فاته فى الصباح ، ابتعد عنها بعد قليل وهو يلهث قائلاً بنبره اصبحت تحفظها جيداً :
-مش هينفع هنا .. انا لازم امشى قبل ما اتهور فى مكتبك ..
ابتعد عنها خطوتين للخلف ثم غمغم بتحذير :
-وخليكى بعيده عنى لاخر اليوم عشان اركز فى شغلى .. ماشى ..
دوت ضحكتها عالياً من مظهره الحانق فأردف يقول بغيظ :
-ومتضحكيش !!..
أخفت فمها بكفها وهى تحرك رأسها موافقه بمرح اما عن عينيها فكانت تلمع بعبوث ورغبه ، حرك هو رأسه قائلاً بقله حيله :
-المشكله كلها هنا اصلاً .. متبصليش بقى لاخر اليوم ولحد ما اخلص عشاء الزفت اللى عندى بليل ..
اتسعت ابتسامتها العاشقه له ثم أرسلت له قبله فى الهواء استقبلها بسعاده قبل خروجه من الغرفه .
***************
فى المساء عاد فريد للمنزل بعد انتهاء عشاء العمل الذى اضطر لحضوره وهو يتنهد بأرهاق فأخيرا انتهى ذلك اليوم المشحون والآن يستطيع الانفراد بزوجته ، بحث عنها بعينيه قبل رؤيته لشعاع الضوء المتسلل من غرفه المعيشه ، توجهه إليها على الفور فوجدها غافيه فوق الاريكه الوثيره ملتفه بذلك الوشاح الصوفي الناعم ومحتضنه احد الكتب الروائية بين ذراعيها بنعومه ، علت الابتسامه وجهه وهو يجلس امامها فوق الطاوله الخشبيه المقابله للاريكه متأملاً بعشق ملامح وجهها المسترخى بأرتياح ، تأمل بحب أهدابها الطويله ، تلك الرموش التى تحتضن داخلها ليله الخاص بنجومه التى لا تضوى الا من اجله ، سحره الفاتن الذى وقع فى أسره منذ اول تحديقه بريئه به ، مرآته التى يرى بها "نفسه" كما هو دون إضافات لم يكن يوماً يسعى إلى كسبها ، وقع نظره فوق ذلك الكتاب الذى تحتضنه كعادتها ، مد يده بحذر يسحبه من داخل ملكيته الخاصه ، نعم لقد اصبح ذلك الحضن ملكيته وملاذه موقع رأسه وراحته وهو فقط من يحق له استخدامه دون غيره حتى لو كان غيره ذلك مجرد جماد ، تسللت يده إلى الاسفل يتلمس برفق شديد بطنها وهو يتذكر بسعاده جملتها عن اطفالهم ان ما يعيشه معها الان اجمل حتى من كل الاحلام ، تنهد بأرتياح وهو يرفع رأسه للاعلى بأمتنان ، "رحيم" هذا ما ردده قلبه بصمت ، لقد مّن عليه كما تمنى وأكثر ، وها هو يحاول بكل طاقته حفظ عهده معه ، فمنذ ليله مرضها عندما وقف يشاهد ذهابها من بين يديه دون حيله وبعدما فعل المستحيل لتصبح له عاهد الله ان أكرمه بشفائها ليبتعد عن تلك المعاصى التى أهلكت قلبه وها هو حتى الان لم ينقض ذلك الوعد الا عندما سولت له نفسه بالانتقام وهّم بقتل نفس كانت هى من تقف امامه لتمنعه وكأن الله قد بعثها هى خصيصاً ليذكره بذلك العهد الذى قطعه لها ومن اجلها ، هذا هو سره الصغير الذى أخفاه عن الجميع والذى سيبقى دائماً سر بينه وبين خالقه الرحيم .
هتف اسمها بحنان وهو يعيد بأنامله خصلات شعرها الشارده خلف اذنها ليوقظها ، فتحت حياة عينها ببطء ورأسها لازالت مستنده فوق ذراع الاريكه ثم ابتسمت له بأشراق قائله بنبره ناعسه :
-حمدلله على السلامه..
بادلها ابتسامتها بأخرى شغوفة وأصابعه لازالت تتلمس وجنتها بحنان فاردفت تقول وكفها يتحرك نحو يده التى تعبث بخصلاتها لتحتضنها :
-وحشتنى ..
تنهد بحراره وهو يقترب بجسده منها قائلاً بوله :
-انتى اللى وحشتينى ..
سألته بأهتمام وهى تشبك كفها بكفه :
-الاجتماع كان حلو ؟!..
اجابها وهو يطبع قبله فوق جبهتها :
-اكيد مش احلى منك بس اطمنى مضيت العقد زى ما كنت عايز ..
اتسعت ابتسامتها ولمعت عيونها بفرحه وهى تمد ذراعها نحوه لينضم لها ، احتضن هو ذراعها وتحرك يتمدد جوارها ويلتصق جسدها بها وهو يسألها بهدوء :
-انتى نايمه هنا ليه ؟!..
حركت كتفيها بعدم معرفه وأسندت رأسها فوق صدره تتوسده ثم اجابته برقه :
-محبتش اطلع الاوضه من غيرك .. وبصراحه خفت انام قبل ما ترجع وانا هموت واعرف انت عملت كل ده امتى وازاى ..
اجابها بنبره مرحه وأصابعه تتحرك فوق ذراعها ذهاباً واياباً :
-اممممم .. يعنى مفيش فرصه أفلت من التحقيق ده ..
حركت رأسها فوق صدره دون رفعها واصدرت صوت من حنجرتها يدل على الرفض قبل قولها بأعتراض :
-لا انسى لازم اعرف وبالتفصيل الممل كمان ..
ابتسم من اصرارها الطفولى وأردف قائلاً بأستسلام مرح:
-امرى إلى الله .. بصى يا ستى .. طبعاً حضرتك عارفه ان وائل الجنيدى زارنى فى المستشفى ..
تجاهلت حياة نبره التأنيب الواضحه فى صوته ولم تعقب فأردف هو يقول مسترسلاً :
-بأختصار .. هو بلغنى انه رافض سياسه عمه ومش موافق على اى حاجه من اللى بيعملها وطريقته فى الاداره سواء مع منافسيه او جوه شركته وانه عايز يخلص من تحكماته دى لسببين .. اولهم انه اكتشف ان ليه يد فى موت والده ومقالش تفاصيل وانا مهتمتش اسأله .. والسبب التانى انه خايف على مستقبل الشركه وعايز يحافظ على اسمها اللى جده وابوه تعبوا فيه خصوصاً بعد ما عرف ان منصور بيدخل اعمال مشبوهه فى الشركه ولما واجهه بده مأنكرش بالعكس ده صمم على موقفه وده خوف وائل اكتر .. المهم .. واضحلى وجهه نظره وانه محتاج مساعدتى ونحط ايدينا سوا عشان نخلص منه فى مقابل واحد انى أنقذ الشركه من الافلاس والتوكيل اللى سحبته منهم يرجع لشركتهم تانى او على الاقل انا محتكرش السوق واقبل اوردله .. طبعا فى الاول شكيت فى كلامه بس هو اثبتلى حسن نيته بحاجتين .. الاولى انه بلغنى بسفر الكلب اللى ضرب عليا النار وفعلاً عرفت الحقه قبل ما يسافر وانتى عارفه باقى الحكايه دى .. بس اللى انتى متعرفهوش ان بعد ما انتى ادخلتى اتفقت مع القاتل يعترف على منصور مقابل حياته وحياة عيلته فوافق..
سألته حياة مقاطعه بحماس :
-طب والتانى ؟!..
اجابها فريد مستطرداً حكايته :
-والتانى يا ستى انه بلغنى ان منصور داخل فى صفقه اسلحه تقيله مع حد من المافيا فى ايطاليا والوسيط بينهم راجل عايش فى إنكلترا .. طبعاً انا انتهزت الفرصه وسافرت بسرعه وأقنعت الوسيط يبلغنى بميعاد التسليم مقابل انه ياخد نص العموله مع باقى دفعات الاسلحه اللى منصور دفعها كلها من جيبه قبل الاستلام وطبعا كانت صفقه مغريه فمقدرش يرفضها لان منصور كان غشيم فى الاتفاق ووافق ان التسليم يكون على دفعات بعد ما دفع كل الفلوس فكده هياخد العموله والاسلحه ،. والباقى بقى مش محتاج اشرحله .. الوسيط بلغنى بميعاد التسليم ومكانه وعليه بلغت البوليس وروحنا سوا .. اتقبض على منصور متلبس بتهمه الاسلحه الاولى وبتهمه الشروع فى قتلى التانيه ..
رفعت حياة رأسها تنظر نحوه بذهول وفم مفتوح بمجرد سماعها كلمه إنجلترا ، اذا لقد اضطر للسفر من اجل ذلك ، كان فريد علم جيداً ما يجول بخاطرها فأبتسم لها مؤكداً فكرتها دون تعقيب عليها ثم اردف يقول بتشفى وسعاده متجاهلاً دخولها منه :
-يعنى مؤبد يوم ما المحكمه ترأف بيه ..
تحولت نظره حياة نحوه للضيق ثم سألته معترضه بقلق وقد انتبهت لباقى حديثه :
-فريد انت ازاى تروح معاهم كده افرض كانوا مسلحين او حصلك اى حاجه وانت عارف انه بيكرهك ..
اجابها فريد بعدم اهتمام وهو يبتسم من خوفها عليه :
-افرض !! ماهما فعلاً كانوا مسلحين ..
شهقت حياة بفزع وبدءت عيونها تلمع بالدموع فى لحظه فأردف فريد يقول مطمئناً لها بخفه :
-يا روح قلبى مانا قدامك اهو انتى خايفه من حاجه عدت وخلصت ..
اجابته حياة بأعتراض :
-اه هى عدت وخلصت بس ده مش معناه انك تكون مهمل فى حياتك كده ..وبعدين انا مضمنش ممكن تعمل ايه بعد كده يعرضك للخطر ..
اتسعت ابتسامه فريد وهو يرى كل ذلك القلق منها عليه لذلك اردف يقول بحنو مراعياً لقلقها :
-متخافيش .. انا كنت مرتب مع الامن ولبسونى واقى للرصاص خصوصاً وهما عارفين ان منصور كان السبب فى اصابتى الاولى ..
تنهدت حياة بأرتياح ولانت قسمات وجهها ثم عادت تستلقى برأسها فوق صدره ، تحدث فريد متسائلاً بأمتعاض وهو ينظر حوله :
-هو احنا هنقضى الليله النهارده على الكنبه دى ؟!!!..
اجابته حياة معتذره :
-لا طبعاً انا غبيه اكيد انت تعبان وعايز ترتاح ..
انهت جملتها وهى تعتدل فى جلستها استعداداً للنزول من فوقها ، امسك فريد بذراعها يمنعها من الابتعاد عنه وهو يقول بأعتراض :
-لا يا شيخه !! يعنى انا خلصت العشا بسرعه وجيت جرى عشان تقوليلى تعبان وعايز ترتاح !! .. وبعدين انا لسه يومى مخلصش عشان ارتاح ..
سألته حياة بأستنكار :
-مخلصش !! انت لسه عندك شغل تانى ؟!..
اجابها من بين قبلاته والتى بدء ينثرها فوق وجهها وعنقها :
-اها لسه عندى صباح الخير بتاعه الصبح اللى ضحكتى عليا فيها وبعدها عندنا تمرين البوكس اللى انتى ورطتى نفسك فيه وبعدها مكأفئتى على النهارده بس دى ممكن اعملك فيها استثناء ..
شهقت حياة بفزع وهى تقول بأعتراض :
-فريد انت بتهزر صح ؟!..
هز رأسه نافياً دون حديث ثم اردف يقول بجديه شديده وهو يقترب من شفتيها :
-فى حاجه قبلهم الاول ..
سألته حياة بأرتياب وهى تضيق عينها فوقه :
-قصدك ايه ؟!..
اجابها بمكر وهو يضع ذراعه اسفل خصرها استعداداً لحملها :
-فى ضريبه كلمه فريد اللى بتطلع منك كل شويه دى ..
فتحت فمها للاعتراض الذى لم يكتمل بسبب التهامه لشفتيها وهو يتحرك بها نحو غرفتهم تطبيقاً لخطته .متى تخضعين لقلبى
الفصل الثامن والعشرون ..
-يعنى ايه !!! مش هنعرف نوصل معاها لحاجه ؟!.. انتى بقالك اكتر من اسبوع يا نيرمين بتحاولى معاها كا يوم ومفيش فايده !!..
هذا ما هتفت بِه نجوى بعصبيتها التى اصبحت معتاده فى الأونه الاخيره وهى تجلس فى ذلك النادى الرياضى المشهور امام كلاً من نيرمين وجيهان ، زفرت نيرمين مطولاً وقد اصبح التوتر هو سمتها الدائمه هى ايضاً مبرره لصديقتها المقربه :
-طب خلاص أعمل ايه يا نجوى !! ما كل خطوه بعملها على ايديك .. بس هى رافضه تتعامل معايا بأى شكل خصوصاً وهى عارفه انك صاحبتى الوحيده تقريباً ..
تنفخت نجوى بغضب شديد وهى تعود وترتمى بجسدها فوق المقعد الخشبى متسائله بأحباط :
-يعنى ايه خلاص كده !! خطتنا كلها فشلت ؟!..
صمتت لوهله وسلطت نظرتها فوق جيهان التى كانت فى واد اخر بسبب ذلك الطلب المفاجئ والذى تلقته البارحه من محامى منصور يطلب فيه رؤيتها بأسرع وقت ، هتفت نجوى بسخط موجهه حديثها لها :
-ما تقولى حاجه يا طنطى مش معقوله سكوتك ده !! ..
اكدت نيرمين طلب صديقتها المقربه قائله بأستغراب :
-اه يا مامى صحيح.. من ساعه ما قعدنا وانتى ساكته خالص ومش بتشاركينا .. قوليلنا حل مع بنت الخدامه دى ..
هنا انتهبت جيهان بحواسها لحديث ابنتها وشريكتها قائله بتفكير :
-اللى انتوا فيه ده ملهوش غير حل واحد ..
اتسعت حدقتى نجوى ونيرمين بأنتباه شديد لها ثم هتفت نجوى بلهفه متسائله :
-ايه هو ؟؟!!..
اجابتها جيهان بخبث :
-مفيش غير اننا نعمل عليها لعبه عشان تثق فى نيرو ..
هنا سألت نيرمين بعدم فهم :
-قصدك ايه يا مامى ؟!!!..
استطردت جيهان جملتها مفسره :
-يعنى نخطط حاجه سوا على اساس انها خطه من نجوى عشان تأذيها .. وقبلها نيرو تحذرها بالخطه دى ولما تحصل بعدها اكيد هتثق فى نيرمين وتتأكد انها اتغيرت وساعتها بقى نوصل اللى احنا نوصله من خلال نيرو .. فهمتوا ؟!!.
لمعت عين نجوى برضا بعدما استمعت لذلك الاقتراح الشيطانى متمته بأعجاب :
-بس .. حلو اوووى كده .. ادينى يومين بالظبط ارتب حاجه جت فى دماغى كده وأبلغك بيها ..
هزت نيرمين رأسها موافقه بأستحسان ثم قالت بتوترها الملحوظ :
-تمام .. وانا خلال اليومين دول هفضل احاول معاها كأن مفيش حاجه اتغيرت ..
***********
فى المساء نظرت حياة بداخل هاتفها الذى ظل يدوى دون توقف حتى اضطرت لإغلاقه ، ما الذى يجب عليها فعله فى تلك الظروف ؟! هذا ما فكرت به بحيره وهى تبدل ملابسها قبل تناول وجبه العشاء ، لقد مضى ما يقارب العشرة ايام منذ لقائهم الاخير ولا تنفك نرمين الاتصال بها يومياً والاطمئنان عن احوالها واحوال اخيها دون كلل او ملل ، طبعا ذلك إلى جانب توسط والد فريد هو الاخر ، هل يعقل ان يجيد الانسان التمثيل لتلك الدرجه !!، وماذا اذا كان شعورها حقيقى ؟!، هل تتخلى عن المحاوله وحرمان فريد من الشعور بوحود اخ جواره بعد كل تلك السنوات من الوحده ؟!، كما ان كلماتها عن استحاله وجود اطفال فى حياتها لازال يدوى بداخل عقلها ، ولكن من جهه اخرى هى صديقه نجوى ، تلك الافعى التى تكرهها اكثر من اى مخلوق اخر ، انها حقاً لا تعلم ما الذى يجب عليها فعله خاصةً وان فريد لا يترك لها المجال لمناقشه ذلك الامر معه ، زفرت بقله حيله وهى تتحرك إلى الاسفل للانضمام لفريد الذى كان يُجرى عده مكالمات هامه للعمل قبل العشاء .
ضرب جرس المنزل الداخلى واستقبلت الخادمه السيد غريب فى زياره مفاجئه والتى استنكرتها حياة كثيراً فمنذ قدومها لذلك المنزل لم يأتى السيد غريب لزيارتهم ولو لمره واحده كمان ان العلاقه بينه وبين فريد لم تكن بذلك التقارب الأسرى ، اخذت نفساً عميقاً ثم توجهت نحوه تستقبله بود يشوبه الكثير من التحفظ وهى تتمنى داخلها الا تكون شكوكها عن تلك الزياره صحيحه ، انضم فريد لهم عند مدخل الاستقبال بمجرد سماعه صوت والده فى الخارج وعلى عكس حياة كانت ملامحه مسترخيه تماماً رغم جمود استقباله المعتاد ، تحدث السيد غريب بسعاده لم تعهدها منه موجهاً حديثه لفريد :
-المحامى لسه مكلمنى .. منصور اتجددله ٤ ايام تانى .. وطبعاً رفضوا الإفراج عنه بكفالة .. القضيه لبساه لبساه ..
ربت فوق ساعد ابنه بأستحسان ثم اردف بفخر :
-بصراحه عرفت تلعبها عليه صح .. انا لحد دلوقتى مش مصدق انك عملت كده من غير ما تورط نفسك ..
عقب فريد على جملته ببروده المعتاد :
-انا معملتش كده عشانك .. انت عارف كويس انا عملت كده عشان مين ..
تشدق بالجزء الاخير من جملته وعينيه مسلطه فوق حياة الواقفه بجانبه والتى تنحنحت محاوله تلطيف التوتر الملازم لمقابلاتهم قائله بلطافه :
-العشا جاهز .. اتفضل حضرتك اتعشى معانا ..
تلفظت بجملتها وهى تشير له بيدها ليتقدمهم نحو غرفه الطعام ، هز غريب رأسه موافقاً ثم سألها ممازحاً :
-بس اوعى تقوليلى ان العشا هو الاكل بتاع فريد اللى ملهوش طعم ده ؟!..
غلبتها طبيعتها المرحه والتى كانت تمتاز بها دائما لذلك اجابته ممازحه هى الاخرى وقد تناست غضبها المعهود منه :
-أوامر صاحب البيت بقى كله بالإجبار ..
حدقها فريد بنظره غاضبه وقد اثار غيرته حديثها المرح مع والده فأردفت تقول مصححه على الفور وهى تمد كفها لتحضن كفه وتضغط فوقه مطمئنه :
-بس بصراحه .. انا كمان اتعودت عليه وبقيت بحب اشارك فريد فيه ..
التمعت عيونها بحب وهى ترفع رأسها لتنظر نحوه وابتسامتها الهادئه تملئ وجهها فبادلها ابتسامتها بأخرى راضيه وهو يشبك أصابعه بداخل أصابعكفها ، ظلا يحدقان ببعضهما البعض بهيام متناسيه وقوف والده جوارهم حتى قطع غريب تأملات أحدهما بالاخر قائلاً بصوته الهادئ :
-الاكل هيبرد ..
كانت حياة هى اول من سحب نظراتها من امامه واخفضت عينيها بخجل اما فريد فقد اخذ وقته كاملاً فى التحديق بها حتى بعد انقطاع نظراتهم مستمتعاً بذلك الاحمرار الذى غزا وجنتيها ثم انتظر حتى سبقه والده بعده خطوات وقام بجذب ذراعها وطبع قبله خاطفه فوق وجنتها جعلتها تشهق بخفوت احراجاً من فعلته
جلسا ثلاثتهم حول المائده لتناول الطعام بصمت ، جلست حياة فى مكانها المعتاد بجوار فريد وفى مقابله والده تتأملهم بتمعن ، إنهما فعلاً يبدوان كأب وابنه ، اى شخص غريب سيرى ذلك التشابه الكبير بينهم ففريد ورث من والده هيبته وقوة حضوره وصرامته إلى جانب لون عينيه وملامح وجهه كامله و لم يرث من والدته سوى لون شعرها وطبيعتها الهادئه ، اما عن فى صفاته الحسنه فهو بعيد كل البعد عنه ، لقد اخبرها تلك الليله ان والده طلب منه السماح ولكن هل سامحه فعلاً !!، لم تكن بحاجه لسؤاله فالإجابة واضحه كوضوح الشمس بالنسبه لها ، ولكنها بالطبع تعذره فمأساة فريد الاولى والاخيره وكل ما اصبح عليه من صفات سيئه كانت بفعل والده ، حسناً لتكن صادقه مع نفسها هى لن تجرؤ على اخبار فريد بذلك ولكنها على الاقل تستطيع مصارحه نفسها فلولا إرسال غريب فريد للخارج وأبعاده عن تلك المدعوه جيهان لكان فريد الان شخص اسوء بكثير ، فطفل فى سنه وبما مر به لم يكن لينجو اذا ترعرع تحت قبضه شخص كجيهان ولَم تكن لتملك الان اى فرصه او أمل فى تغييره ، ولم ليكن فريد ليحظى بفرصه التعليم تلك التى جعلته رجل اعمال محنك استطاع السيطره على سوق الاعمال بذكاء شديد طالما اعُجبت به ، بالطبع هى لا تبحث عن تبريرات لمسامحه غريب ولكنها على الاقل تحاول النظر إلى النصف الممتلئ من الكوب حتى تستطيع مع فريد تخطى ذلك الماضى بكل تفاصيله وأحداثه ، قطع تفكيرها صوت غريب يقول بتلك النبره الآمرة التى تذكرها بشخص ما :
-فريد عايز اتكلم معاك فى موضوع ..
اجابه فريد بنبره بارده مستفزه اعتادت عليها ايضاً :
-فى الطبيعى كنت هقولك نتكلم بعد العشا فى اوضه المكتب بس عشان انا عارف انت عايز ايه فجوابى هو .. لاء مش فاضى ..
صاح به غريب بنبره محتده حانقه :
-يعنى ايه مش فاضى !! .. وبعدين لما اطلب نتكلم تحترمنى وتسمعنى للاخر ..
القى فريد المحرمه فوق الطاوله بعدما قام بمسح فمه بهدوء ثم قال بنبره شبهه محتده ولكن خفيضه :
-مش محتاج أسمعك ولا اضيع وقتى فى حاجه ملهاش لازمه .. انا قلت الشراكه انتهت يعنى انتهت .. وهو وبنته ملهمش مكان فى شغلى .. واحسنله يروح يربيها بدل ما يضيع وقته فى المحايله عليك ..
كانت حياة تراقب الحوار بتوجس رغم عدم فهمها لما يدور حولها او من محور الحديث ، انتفض غريب من مقعده واقفاً ثم اردف يقول بعصبيه وتحذير :
-فريد متنساش نفسك .. الفلوس دى كلها فلوسى والشركات بتاعتى .. انا لسه مموتش عشان تتحكم !!..
تحرك فريد هو الاخر من مقعده ووقف قبالته ثم قال بتحدى وهو يضع كلتا يديه بداخل جيوب بنطاله القماشى :
-عايز ترجع الشراكه مع سعيد يبقى ارجع امسك شركاتك وفلوسك تانى .. قدامك القرار واختار وعلى الاقل تريح دماغى وايدى من امضه كل شهر اللى بحول ليها ارباحكم وانتوا زى البشوات ..
كان الجو مشحوناً بينهم لاقصى درجه ، ظلا كلاً منهما يحدق فى الاخر بتحدى حتى تسائلت حياة بقلق متى ستنتهى حرب النظرات تلك رغم نتيجتها المحسومة ، وبالفعل كان غريب هو اول من سحب نظراته من امام ابنه واخفض رأسه للأسفل بأزعان رغم احتقان ملامحه ، من يصدق ان غريب رسلان الذى كان يخشاه الجميع ينحنى اليوم امام طفله الذى كان يرتجف خيفه من سماع صوته ، هذا ما فكرت حياة بتعجب وهى تتحرك من مقعدها هى الاخرى وتقف متأهبه استعدداً للتدخل فى اى لحظه ، زفر غريب بحنق ثم قال بنفاذ صبر :
-فى موضوع تانى عايز اكلمك فيه .. بس حياة تكون معانا ..
عضت حياة على شفتيها بخوف وحبست انفاسها بترقب فهى اصبحت متأكده من شكوكها وتعلم فحوى ذلك الموضوع ، انتصب جسد فريد مره اخرى بتأهب وضاقت المسافه بين عينيه استعدداً لجوله اخرى من الجدال فلم يحتاج للتفكير لمعرفه عن اى موضوع يريد والده محادثته ، وزعت حياة نظراتها بينهم ثم حركت رأسها رافضه بتوسل لغريب الذى كان ينظر نحوها الان ، فتدخل والده يعنى القضاء على اى امل فى الاستماع لها لاحقاً ، التقط غريب رجائها وحرك رأسه موافقاً عده مرات ثم اردف وهو يلتقط هاتفه من فوق الطاوله :
-بس واضح ان مش وقته النهارده نبقى نتكلم فيه وقت تانى ..
انهى جملته والقى تحيه الوداع بأقتضاب ثم تحرك بخطواته نحو الخارج ، تنفست حياة الصعداء بعد خروجه وعادت تمرر نظرها فوق فريد الذى انسحب هو الاخر نحو غرفه مكتبه دون حديث .
ظلت حياة طوال الساعه المنصرمة تجلس فى غرفه المعيشه فى الطابق الارضى منتظره خروجه الا ان يأست وعلمت انه لن يخرج الا بعد مرور الساعتين لممارسه تمارينه الرياضيه وهذا يعنى شئ واحد ، وهو انه غاضب ، وبالفعل بعد مرور الساعتين خرج من غرفه مكتبه متجهاً نحو غرفه نوم?
متى تخضعين لقلبى
الفصل الثامن والعشرون ..
-يعنى ايه !!! مش هنعرف نوصل معاها لحاجه ؟!.. انتى بقالك اكتر من اسبوع يا نيرمين بتحاولى معاها كا يوم ومفيش فايده !!..
هذا ما هتفت بِه نجوى بعصبيتها التى اصبحت معتاده فى الأونه الاخيره وهى تجلس فى ذلك النادى الرياضى المشهور امام كلاً من نيرمين وجيهان ، زفرت نيرمين مطولاً وقد اصبح التوتر هو سمتها الدائمه هى ايضاً مبرره لصديقتها المقربه :
-طب خلاص أعمل ايه يا نجوى !! ما كل خطوه بعملها على ايديك .. بس هى رافضه تتعامل معايا بأى شكل خصوصاً وهى عارفه انك صاحبتى الوحيده تقريباً ..
تنفخت نجوى بغضب شديد وهى تعود وترتمى بجسدها فوق المقعد الخشبى متسائله بأحباط :
-يعنى ايه خلاص كده !! خطتنا كلها فشلت ؟!..
صمتت لوهله وسلطت نظرتها فوق جيهان التى كانت فى واد اخر بسبب ذلك الطلب المفاجئ والذى تلقته البارحه من محامى منصور يطلب فيه رؤيتها بأسرع وقت ، هتفت نجوى بسخط موجهه حديثها لها :
-ما تقولى حاجه يا طنطى مش معقوله سكوتك ده !! ..
اكدت نيرمين طلب صديقتها المقربه قائله بأستغراب :
-اه يا مامى صحيح.. من ساعه ما قعدنا وانتى ساكته خالص ومش بتشاركينا .. قوليلنا حل مع بنت الخدامه دى ..
هنا انتهبت جيهان بحواسها لحديث ابنتها وشريكتها قائله بتفكير :
-اللى انتوا فيه ده ملهوش غير حل واحد ..
اتسعت حدقتى نجوى ونيرمين بأنتباه شديد لها ثم هتفت نجوى بلهفه متسائله :
-ايه هو ؟؟!!..
اجابتها جيهان بخبث :
-مفيش غير اننا نعمل عليها لعبه عشان تثق فى نيرو ..
هنا سألت نيرمين بعدم فهم :
-قصدك ايه يا مامى ؟!!!..
استطردت جيهان جملتها مفسره :
-يعنى نخطط حاجه سوا على اساس انها خطه من نجوى عشان تأذيها .. وقبلها نيرو تحذرها بالخطه دى ولما تحصل بعدها اكيد هتثق فى نيرمين وتتأكد انها اتغيرت وساعتها بقى نوصل اللى احنا نوصله من خلال نيرو .. فهمتوا ؟!!.
لمعت عين نجوى برضا بعدما استمعت لذلك الاقتراح الشيطانى متمته بأعجاب :
-بس .. حلو اوووى كده .. ادينى يومين بالظبط ارتب حاجه جت فى دماغى كده وأبلغك بيها ..
هزت نيرمين رأسها موافقه بأستحسان ثم قالت بتوترها الملحوظ :
-تمام .. وانا خلال اليومين دول هفضل احاول معاها كأن مفيش حاجه اتغيرت ..
***********
فى المساء نظرت حياة بداخل هاتفها الذى ظل يدوى دون توقف حتى اضطرت لإغلاقه ، ما الذى يجب عليها فعله فى تلك الظروف ؟! هذا ما فكرت به بحيره وهى تبدل ملابسها قبل تناول وجبه العشاء ، لقد مضى ما يقارب العشرة ايام منذ لقائهم الاخير ولا تنفك نرمين الاتصال بها يومياً والاطمئنان عن احوالها واحوال اخيها دون كلل او ملل ، طبعا ذلك إلى جانب توسط والد فريد هو الاخر ، هل يعقل ان يجيد الانسان التمثيل لتلك الدرجه !!، وماذا اذا كان شعورها حقيقى ؟!، هل تتخلى عن المحاوله وحرمان فريد من الشعور بوحود اخ جواره بعد كل تلك السنوات من الوحده ؟!، كما ان كلماتها عن استحاله وجود اطفال فى حياتها لازال يدوى بداخل عقلها ، ولكن من جهه اخرى هى صديقه نجوى ، تلك الافعى التى تكرهها اكثر من اى مخلوق اخر ، انها حقاً لا تعلم ما الذى يجب عليها فعله خاصةً وان فريد لا يترك لها المجال لمناقشه ذلك الامر معه ، زفرت بقله حيله وهى تتحرك إلى الاسفل للانضمام لفريد الذى كان يُجرى عده مكالمات هامه للعمل قبل العشاء .
ضرب جرس المنزل الداخلى واستقبلت الخادمه السيد غريب فى زياره مفاجئه والتى استنكرتها حياة كثيراً فمنذ قدومها لذلك المنزل لم يأتى السيد غريب لزيارتهم ولو لمره واحده كمان ان العلاقه بينه وبين فريد لم تكن بذلك التقارب الأسرى ، اخذت نفساً عميقاً ثم توجهت نحوه تستقبله بود يشوبه الكثير من التحفظ وهى تتمنى داخلها الا تكون شكوكها عن تلك الزياره صحيحه ، انضم فريد لهم عند مدخل الاستقبال بمجرد سماعه صوت والده فى الخارج وعلى عكس حياة كانت ملامحه مسترخيه تماماً رغم جمود استقباله المعتاد ، تحدث السيد غريب بسعاده لم تعهدها منه موجهاً حديثه لفريد :
-المحامى لسه مكلمنى .. منصور اتجددله ٤ ايام تانى .. وطبعاً رفضوا الإفراج عنه بكفالة .. القضيه لبساه لبساه ..
ربت فوق ساعد ابنه بأستحسان ثم اردف بفخر :
-بصراحه عرفت تلعبها عليه صح .. انا لحد دلوقتى مش مصدق انك عملت كده من غير ما تورط نفسك ..
عقب فريد على جملته ببروده المعتاد :
-انا معملتش كده عشانك .. انت عارف كويس انا عملت كده عشان مين ..
تشدق بالجزء الاخير من جملته وعينيه مسلطه فوق حياة الواقفه بجانبه والتى تنحنحت محاوله تلطيف التوتر الملازم لمقابلاتهم قائله بلطافه :
-العشا جاهز .. اتفضل حضرتك اتعشى معانا ..
تلفظت بجملتها وهى تشير له بيدها ليتقدمهم نحو غرفه الطعام ، هز غريب رأسه موافقاً ثم سألها ممازحاً :
-بس اوعى تقوليلى ان العشا هو الاكل بتاع فريد اللى ملهوش طعم ده ؟!..
غلبتها طبيعتها المرحه والتى كانت تمتاز بها دائما لذلك اجابته ممازحه هى الاخرى وقد تناست غضبها المعهود منه :
-أوامر صاحب البيت بقى كله بالإجبار ..
حدقها فريد بنظره غاضبه وقد اثار غيرته حديثها المرح مع والده فأردفت تقول مصححه على الفور وهى تمد كفها لتحضن كفه وتضغط فوقه مطمئنه :
-بس بصراحه .. انا كمان اتعودت عليه وبقيت بحب اشارك فريد فيه ..
التمعت عيونها بحب وهى ترفع رأسها لتنظر نحوه وابتسامتها الهادئه تملئ وجهها فبادلها ابتسامتها بأخرى راضيه وهو يشبك أصابعه بداخل أصابعكفها ، ظلا يحدقان ببعضهما البعض بهيام متناسيه وقوف والده جوارهم حتى قطع غريب تأملات أحدهما بالاخر قائلاً بصوته الهادئ :
-الاكل هيبرد ..
كانت حياة هى اول من سحب نظراتها من امامه واخفضت عينيها بخجل اما فريد فقد اخذ وقته كاملاً فى التحديق بها حتى بعد انقطاع نظراتهم مستمتعاً بذلك الاحمرار الذى غزا وجنتيها ثم انتظر حتى سبقه والده بعده خطوات وقام بجذب ذراعها وطبع قبله خاطفه فوق وجنتها جعلتها تشهق بخفوت احراجاً من فعلته
جلسا ثلاثتهم حول المائده لتناول الطعام بصمت ، جلست حياة فى مكانها المعتاد بجوار فريد وفى مقابله والده تتأملهم بتمعن ، إنهما فعلاً يبدوان كأب وابنه ، اى شخص غريب سيرى ذلك التشابه الكبير بينهم ففريد ورث من والده هيبته وقوة حضوره وصرامته إلى جانب لون عينيه وملامح وجهه كامله و لم يرث من والدته سوى لون شعرها وطبيعتها الهادئه ، اما عن فى صفاته الحسنه فهو بعيد كل البعد عنه ، لقد اخبرها تلك الليله ان والده طلب منه السماح ولكن هل سامحه فعلاً !!، لم تكن بحاجه لسؤاله فالإجابة واضحه كوضوح الشمس بالنسبه لها ، ولكنها بالطبع تعذره فمأساة فريد الاولى والاخيره وكل ما اصبح عليه من صفات سيئه كانت بفعل والده ، حسناً لتكن صادقه مع نفسها هى لن تجرؤ على اخبار فريد بذلك ولكنها على الاقل تستطيع مصارحه نفسها فلولا إرسال غريب فريد للخارج وأبعاده عن تلك المدعوه جيهان لكان فريد الان شخص اسوء بكثير ، فطفل فى سنه وبما مر به لم يكن لينجو اذا ترعرع تحت قبضه شخص كجيهان ولَم تكن لتملك الان اى فرصه او أمل فى تغييره ، ولم ليكن فريد ليحظى بفرصه التعليم تلك التى جعلته رجل اعمال محنك استطاع السيطره على سوق الاعمال بذكاء شديد طالما اعُجبت به ، بالطبع هى لا تبحث عن تبريرات لمسامحه غريب ولكنها على الاقل تحاول النظر إلى النصف الممتلئ من الكوب حتى تستطيع مع فريد تخطى ذلك الماضى بكل تفاصيله وأحداثه ، قطع تفكيرها صوت غريب يقول بتلك النبره الآمرة التى تذكرها بشخص ما :
-فريد عايز اتكلم معاك فى موضوع ..
اجابه فريد بنبره بارده مستفزه اعتادت عليها ايضاً :
-فى الطبيعى كنت هقولك نتكلم بعد العشا فى اوضه المكتب بس عشان انا عارف انت عايز ايه فجوابى هو .. لاء مش فاضى ..
صاح به غريب بنبره محتده حانقه :
-يعنى ايه مش فاضى !! .. وبعدين لما اطلب نتكلم تحترمنى وتسمعنى للاخر ..
القى فريد المحرمه فوق الطاوله بعدما قام بمسح فمه بهدوء ثم قال بنبره شبهه محتده ولكن خفيضه :
-مش محتاج أسمعك ولا اضيع وقتى فى حاجه ملهاش لازمه .. انا قلت الشراكه انتهت يعنى انتهت .. وهو وبنته ملهمش مكان فى شغلى .. واحسنله يروح يربيها بدل ما يضيع وقته فى المحايله عليك ..
كانت حياة تراقب الحوار بتوجس رغم عدم فهمها لما يدور حولها او من محور الحديث ، انتفض غريب من مقعده واقفاً ثم اردف يقول بعصبيه وتحذير :
-فريد متنساش نفسك .. الفلوس دى كلها فلوسى والشركات بتاعتى .. انا لسه مموتش عشان تتحكم !!..
تحرك فريد هو الاخر من مقعده ووقف قبالته ثم قال بتحدى وهو يضع كلتا يديه بداخل جيوب بنطاله القماشى :
-عايز ترجع الشراكه مع سعيد يبقى ارجع امسك شركاتك وفلوسك تانى .. قدامك القرار واختار وعلى الاقل تريح دماغى وايدى من امضه كل شهر اللى بحول ليها ارباحكم وانتوا زى البشوات ..
كان الجو مشحوناً بينهم لاقصى درجه ، ظلا كلاً منهما يحدق فى الاخر بتحدى حتى تسائلت حياة بقلق متى ستنتهى حرب النظرات تلك رغم نتيجتها المحسومة ، وبالفعل كان غريب هو اول من سحب نظراته من امام ابنه واخفض رأسه للأسفل بأزعان رغم احتقان ملامحه ، من يصدق ان غريب رسلان الذى كان يخشاه الجميع ينحنى اليوم امام طفله الذى كان يرتجف خيفه من سماع صوته ، هذا ما فكرت حياة بتعجب وهى تتحرك من مقعدها هى الاخرى وتقف متأهبه استعدداً للتدخل فى اى لحظه ، زفر غريب بحنق ثم قال بنفاذ صبر :
-فى موضوع تانى عايز اكلمك فيه .. بس حياة تكون معانا ..
عضت حياة على شفتيها بخوف وحبست انفاسها بترقب فهى اصبحت متأكده من شكوكها وتعلم فحوى ذلك الموضوع ، انتصب جسد فريد مره اخرى بتأهب وضاقت المسافه بين عينيه استعدداً لجوله اخرى من الجدال فلم يحتاج للتفكير لمعرفه عن اى موضوع يريد والده محادثته ، وزعت حياة نظراتها بينهم ثم حركت رأسها رافضه بتوسل لغريب الذى كان ينظر نحوها الان ، فتدخل والده يعنى القضاء على اى امل فى الاستماع لها لاحقاً ، التقط غريب رجائها وحرك رأسه موافقاً عده مرات ثم اردف وهو يلتقط هاتفه من فوق الطاوله :
-بس واضح ان مش وقته النهارده نبقى نتكلم فيه وقت تانى ..
انهى جملته والقى تحيه الوداع بأقتضاب ثم تحرك بخطواته نحو الخارج ، تنفست حياة الصعداء بعد خروجه وعادت تمرر نظرها فوق فريد الذى انسحب هو الاخر نحو غرفه مكتبه دون حديث .
ظلت حياة طوال الساعه المنصرمة تجلس فى غرفه المعيشه فى الطابق الارضى منتظره خروجه الا ان يأست وعلمت انه لن يخرج الا بعد مرور الساعتين لممارسه تمارينه الرياضيه وهذا يعنى شئ واحد ، وهو انه غاضب ، وبالفعل بعد مرور الساعتين خرج من غرفه مكتبه متجهاً نحو غرفه نومهم لتبديل ثيابه والنزول مره اخرى لغرفه الرياضه ، زفرت حياة بضيق واحباط تتمنى انتهاء ذلك التوتر المستمر والذى ينتهى فى كل مواجهه بينهم بغضب فريد وإغلاقه على نفسه ، فكرت فى اقتحام تمريناته والتحدث معه ولكن جزء كبير بداخلها كان متأكد من عدم صواب فكرتها لذلك تخلت عنها وعادت للجلوس مره اخرى وإعطائه مساحته الشخصيه منتظره التنفيس عن غضبه اولاً .
***********
استلقت حياة فوق الفراش متكوره على نفسها ومنتظره إنهاء اغتساله وخروجه من الحمام وبعد عده دقائق كان يستلقى جوارها متوجهاً بكليته لها بعدما قام بأرتداء ملابس النوم ، رفعت حياة كفها الأيمن تحاوط شطر وجهه الأيسر وتتلمس بحنان وجنته وهى تتأمله بعشق شديد ، انها حقاً تعشقه وتعشق كل تفصيله صغيره خاصه به سواء فى ملامحه او حركاته من اول تقطيبه جبينه تلك التى لا تنفرج سوى معها إلى نغزته الوحيده والتى لا تظهر سوى لها ، مروراً بغضبه وعنفوانه واصراره وحدته وعناده وغموضه وقسوته إلى حنانه وتفهمه واحتوائه وحمايته لها ، تنهدت بحراره وهى تتابع ملامحه التى بدءت فى الاسترخاء بفعل لمستها ، تحولت نظرتها للحيره مرة اخرى فهى حقاً تائهه ولا تدرى ما الذى يجب عليها فعله خصوصاً وان الشخص الوحيد الذى يمكن ان تلجأ إليه لمساعدتها هو نفسه صاحب المشكله ، سألها فريد بهدوء وانامله تعبث بخصلات شعرها :
-عايزه تقولى ايه ؟!..
اقتربت منه حتى التصقت به وتوسدت رأسها صدره مستمده منه الامان والشجاعه ثم اجابته بهدوء شديد :
-مش عايزه حاجه غير انك متتعصبش ..
طبع قبله مطمئنه فوق شعرها ولف ذراعيه حول خصرها بتملكه المعتاد ثم اجابها بحنان :
-حتى لو اتعصبت .. انتى عارفه وجودك معايا بيهدينى ..
رفعت رأسها قليلاً حتى يتسنى لها الاقتراب منه وقامت بطبع قبله ناعمه فوق حنجرته ثم عادت لموضع رأسها القديم ثانيةً ، تحدثت بدون مقدمات بنبره رقيقه منخفضة :
-انت عارف نجلاء اختى .. هى مكنتش عايشه معانا هنا لان بابا كان رافض تفضل فى القصر وسابها تعيش مع عمامى فى البلد فكنت بشوفها فى الاجازات بس ومحمد اخويا أتولد بعدى بكام سنه .. يعنى فعلياً مكنش ليا اخوات غيرك ..
قاطعها فريد معترضاً على جملتها الاخيره قائلاً بحنق :
-نعم !! اخوات غيرى ازاى يعنى ؟!..
رفعت جسدها تنظر إليه فوجدت الامتعاض يكسو ملامحه ، ابتسمت من طفوليته وتحدثت شارحه ومتلمسه رضاه :
-الاخ يعنى السند .. وانا وقتها كنت شايفاك كده .. وعايزه أفضل شايفاك كده ..
ظهر الارتباك وعدم التقبل على ملامحه فأقتربت منه تقبله بنعومه فوق شفتيه حتى تجاوب معها ، أعطت قبلتهم وقتها الكامل وسمحت له بالتعمق فيها كيفما شاء وبادلته إياها بشغف لتؤكد له بالفعل انه زوجها وحبيبها ومالك قلبها وان ذلك لا يتعارض مع رؤيتها له كأخ ووالد وصديق ايضاً ، الا يعلم ذلك الاحمق انها تراه ومنذ الصغر عالمها بأكمله ؟!، لقد اختصرت فيه كل انواع الرجال واكتفت به حتى لو استغرقت وقتاً طويلاً لفهم ذلك والاعتراف به ، انتظرت حتى ابتعد هو عنها اولاً ورأت ذلك الوميض عاد ليلمع داخل عينيه ثم استلقت فوق صدره كسيرتها الاولى واردفت مستأنفه حديثها :
-انا ونجلاء فضلنا زى الأغراب لان مفيش حاجه تجمعنا سوا .. رغم ان فرق السن بينا قد الفرق بينى وبينك .. وبعدها اتجوزت وعاشت مع جوزها وبرضه مش بتتقابل غير كل سنه مره ومفيش بينا اى اتصال غير لو احتاجت حاجه منى .. عارف انت لما كنت معايا كنت كافينى .. وبعدها محمد اخويا بقى قريب منى .. بس لسه فى جزء ولو صغير جوايا بيحن ويتمنى قربها مهما تعدى السنين .. عارف ليه ؟!.. عشان هى اختى غصب عنى حتى لو مفيش اى حاجه تجمعنا سوا .. وحتى لو بنتقابل كل سنه مره كفايه انى لما احتاجلها الاقيها ..
سالها فريد مستفسراً وقد فهم جيداً مغزى حديثها :
-طب انتى عايزه ايه دلوقتى ..
ابتعدت عنه وجلست قبالته واقتربت منه حتى اصبح وجهها ملاصقاً لوجهه ثم اجابته بصدق شديد وهى تسبح بداخل بحور عسليتيه :
-عايزاك مبسوط .. وعايزه الجزء الصغير اللى جوه هنا يرتاح ..
لفظت جملتها الاخيره وهى تربت بكفها بحنان فوق موضع قلبه ، تنهد بوله ثم احاط وجهها بكفيه مجيبها بحب شديد :
-انا مبسوط طول مانتى جنبى ..
حرك ذراعه ليمسك بكفها ثم تحرك به نحو قلبه وقام بفرد أصابعها فوقه ببطء ثم اردف يقول وهو لايزال يحتجز كفها تحت كفه :
-وده مرتاح طول مانتى قريبه منه كده ..
اضاف جملته الاخيره وهو يطبع قبله بباطن كفها :
-انا مكتفى بيكى عن الدنيا كلها ..
زفرت بأستسلام ثم ألقت بجسدها فوقه تعانقه بقوه غير راغبه فى الانفصال عنه فكل ذلك التفكير أرهقها وكل ما تريده هو الاختفاء بداخله والاحتماء به كعادتها عند القلق ، اخذ يمسح بحنان فوق شعرها مطمئناً ثم بدءت يده فى التجول بحريه فوق جسدها الملقى فوقه والملتصق بِه ، شعرت حياة بذلك الاحساس بحراره جسدها يزداد بفعل لمساته وقبلاته التى بدء ينثرها هى الاخرى فوق شعرها وخلف اذنها نزولاً لمقدمه عنقها ، رفعت رأسها تنظر إليه بوميض لم يختلف عن ذلك الذى يلمع داخل عينيه ، ثم حركت كفها ووضعته خلف راسه وقامت بالضغط عليه بخفه لتدنيه اكثر نحوها حتى اختلطت انفاسهما معاً ، بادلته قبلته المتقطعة والبطيئة التى كان يطبعها فوق شفتيها برغبه شديده وأصابعه الطويله تتحرك طولاً وعرضاً فوق ظهرها بلمسات خبيره ناعمه ، ترك فريد شفتيها وابتعد عنها مسافه شبهه معدومه ثم قال هامساً بنبره مثيره :
-اخوكى ؟!!..
اجابته حياة بهمس وهى تتلمس شفتيه بشفتيها :
-دنيتى ..
ابتسم برضا وسعاده وعاد بعدها لالتقاط شفتيها بنعومه مستمتعاً بذلك الشعور الذى حرم نفسه منه كثيراً حتى ترضى عنه حياته
**************
فى صباح اليوم التالى وتحديداً بداخل مقر شركات أل رسلان ، زفر وائل الجنيدى بضيق على تحكمات شريكه الغير مفهومه فقد اقترب موعد توقيع عقد الشراكه بينهم وفى كل مره يلزمه فريد بالحضور لمكتبه لمناقشه كافه التفاصيل كأنه يتباهى بملكيته ، تحرك بعدم تركيز كعادته فى اتجاه المصعد فى نفس الوقت الذى تحركت به نيرمين لاستدعائه والصعود للاعلى حيث مهمتها المعقده مع زوجه اخيها ، اخفضت رأسها تنظر بداخل حقيبه يدها لتطمئن على تلك الجرعه والتى استلمتها منذ قليل من احد الموزعين "الديلر" فى منطقه مجاوره ، عاد وائل للخلف عده خطوات وشعر بجسده الطويل يصطدم بشئ ما ، التفت على الفور بعجاله ليرى امرأه بشعر بنى ناعم تترنح خلفه قبل سقوطها ، اسرع يضع ذراعه خلف ظهرها ليدعمها ويمنع سقوطها المحتم ، اعتدلت نيرمين فى وقفتها بعدما حال وائل بينها وببن سقوطها اما عن حقيبه يدها المفتوحه فلم تكن محظوظه كفايه قدر صاحبتها فقد سقطت وخرجت جميع محتوياتها فوق الارضيه بما فى ذلك الابره الطبيه والجرعه التى تناثر اغلبها فوق رخام الاستقبال ، زفرت نيرمين بضيق شديد وهى تجلس على ركبتها تلملم محتويات حقيبتها حزناً على جرعتها الغاليه ، انحنى وائل هو الاخر بجذعه ليساعدها وهو يتمتم بندم شديد :
-انا اسف جداً .. انا بعتذرلك انا الغلطان .. صدقينى هعوضك عن اى ضرر حصل ..
رفعت نيرمين رأسها تنظر نحوه بحنق شديد ثم اجابته بأقتضاب وتوتر اصبح يلازمها بشكل دائم :
-ولا حاجه لو سمحت اتفضل بس وسبنى لوحدى ..
كان الشبهه بينها وبين فريد كبيراً لدرجه الا يلاحظ وائل التقارب بينهم ، فتح فمه ليجيبها معتذراً مره اخرى عندما لفت نظره تلك البودره البيضاء المنثوره فوق الارض والتى تحاول تلك المرأه جمعها بتلهف شديد ، مد أصابعه يتلمسها وهو يغمغم بصدق :
-صدقينى مش هينفع قوليلى بس اسم الدوا وانا هجيبه لحضرتك ..
دفعت نيرمين يده من فوقها وهى تجيبه بحده غير مفهومه :
-انا هتصرف لو سمحت ابعد بقى ..
كان توترها كبيراً على ان يتغاضى عنه وائل ، انهت نيرمين وضع حاجياتها داخل حقيبتها مره اخرى ثم اعتدلت فى وقفتها وركضت نحو الاعلى دون استخدام المصعد ، استقام وائل بجزعه هو الاخر متتبعاً بنظره حركتها بأستغراب شديد ، على كلاً هى لا تعنيه فى شئ ، هذا ما قرره وهو يحرك كتفيه بعدم اهتمام ويستدعى المصعد مره اخرى ، لفت نظره وهو يلتفت بجسده منتظراً وصول مصعده تلك الابره الطبيه الواقعه فوق الارضيه بجوار الحادثه ، احنى جسده يلتقطها بتوجس شديد وقام بتقليبها بين أصابعه عده مرات بحيره ، اصابه الشك خاصةً مع ارتباكها الغير مبرر فأنحنى بجسده مره اخرى يتلمس بأصابعه بقايا البودره المنتشره أرضاً ثم قام بتذوقها بشفتيه ، اتسعت حدقتيه بصدمه من مذاقها الغريب وقد اصبحت لديه فكره واضحه عن ماهيتها .
**************
أجابت نيرمين على الاتصال القادم من صديقتها المقربه متسائله بنفاذ صبر :
-فى ايه يا نجوى عايزه ايه ؟!..
اجابتها نجوى بأستنكار متسائله :
-مالك يا نيرو !!.. انا بطمن عملتى ايه ..
زفرت نيرمين بتوتر ثم اجابتها بضيق :
-ولا حاجه لسه مدخلتش اهو .. وكمان فى واحد غبى خبطنى ووقع شنطتى والضرب بتاع النهارده راح منى ..
ردت نجوى مطمئنه ومهاوده لصديقتها :
-ولا يهمك .. انتى بس ركزى فى اللى بتعمليه ولما تخلصى هتلاقى واحده غيرها مستنياكى .. بس اهم حاجه تظبطى معاها الامور ..عارفه هتقولى ايه ؟!..
تهللت أسارير نرمين وأجابتها بحماس :
-متخافيش انا حفظت اللى قولتيه صم .. هخلص معها واكلمك .. بس اهم حاجه انتى متأكده من المحاسب الزفت ده ولا كلامنا هيكون على الفاضى ؟!..
اجابتها نجوى بثقه شديده :
-يابنتى بقولك ساعدنى اول مره واخد كميه فلوس تخليه كلب تحت رجلينا ..
ردت نيرمين بأعتراض مفكره :
-بس المره دى هيتطرد فيها .. تفتكرى مش هيبلغ فريد ؟!.. وكمان لو متكلمش الشركه هتخسر كتير .. نوجه انتى متاكده من خطتك دى ؟!...
زفرت نجوى بضيق من قلق صديقتها الغير مبرر ثم اجابتها للمره الاخيره بأقتضاب :
-ياستى انا متأكده مش هيبلغه وبعدين يطرد ولا يولع مانا كده كده اتكشفت وفريد عرف انى ورا اللعب فى ملف البرنسيس بتاعته يعنى مش فارق معايا حاجه ولا حد .. ولو على الخساره اه هنخسر شويه بس المهم ان بعدها هنرتاح من الخدامه دى وكل حاجه هتبقى ليكم تانى .. وفريد هيقدر يعوض متقلقيش من التقطه دى .. المهم انتى بس تمثلى عليها صح عشان تصدق ..
وافقتها نيرمين بعد اقتناع وانهت المكالمه واغلقت هاتفها وطرقت باب غرفه حياة ودلفت الغرفه بعدما سمعت الإذن بالدخول ، ضغطت حياة فوق شفتيها بضيق بمجرد رؤيتها لنيرمين واستقبلتها داخل مكتبها بفتور شديد لم يخفى عن نيرمين التى كانت تحدقها بنظرات عدائيه للغايه ، رغم ذلك دعتها حياة للجلوس بأدب فأبتسمت نيرمين لها بأقتضاب وهى تجلس قبالتها فوق احد مقاعد الغرفه قائله بنبره مهتزه :
-طبعا انا اسفه انى جيت من غير ميعاد بس فى حاجه مهمه اوى هى اللى خلتنى اجيلك النهارده ..
سألتها حياة بأهتمام وقد اثارت فضولها بجملتها الاخيره :
-خير يا نيرمين ؟!..
اجابتها نيرمين وعينيها تتحرك فى كل اتجاه :
-مش خير .. نجوى ..
اتقبض صدر حياة بمجرد سماعها لذلك الاسم الذى تبغضه وأصبحت تخشاه كثيراً فأردفت نيرمين تقول بحنكه :
-نيرمين حاطه فريد فى دماغها جداً ومصممه تأذيه .. وانا بصراحه مقدرتش اسمع اللى هى قالتهولى ده ومبلغكيش بيه ..
استمعت حياة لحديثها ثم سألتها بتوجس :
-مش فاهمه ..
هزت نيرمين رأسها موافقه ثم قالت بهدوء شارحه :
-نجوى من زمان حاطه عينيها على فريد وعايزه فلوسه وقوة منصبه .. ومش قادره تتقبل انه اتجوز حد غيرها او ان فى واحده تانيه ممكن تبقى مراته وتشاركه فى رئاسه مجلس الاداره .. ودلوقتى قررت تنتقم منه بأنها تحاول تفلس الشركه بأى شكل .. وخصوصاً لما فريد طردها من الشركه فاتفقت مع مدير حسابات الشركه يسلمها ملف المناقصه الجديده واللى هتتقدم كمان كام يوم بعد ما عرفت تفاصيلها من اونكل سعيد لانه كان السبب فى معرفه الشركه بيها وكمان عارف كل حاجه عنها وتقدمها لشركه منافسه .. والمناقصه دى لو اتسحبت من الشركه هتخسر كتير ..
طال صمت حياة وهى تتفحص ارتباكها الظاهر ورغم علمها التام بالمناقصة الا انها سألتها بأرتياب مستفسره :
-ايه اللى يخلينى اصدق كلامك وانتى صاحبه نجوى ومبتحبيش فريد ؟!..
اجابها نيرمين بيأس :
-انتى ليه مش عايزه تصدقى انى اتغيرت وعايزه فعلاً افتح صفحه جديده مع اخويا !!!..
لوت حياة فمها بحيره ولم تجد ما تجيبها به ثم اردفت تسألها مرةً اخرى بتشكك :
-طب ليه بتبلغينى انا ؟!.. ليه مقلتيش لفريد او حتى غريب بيه ..
اسرعت نيرمين تجيبها مفسره :
-فريد استحاله يسمعنى وانتى همزه الوصل الوحيده بينا .. اما عن بابا فانا حذرته وقالى ان سعيد صاحب عمره واستحاله يطلع اسرار شغلنا بره حتى لو لبنته ..
ظلت حياة تنظر نحوها بتوجس وارتياب وخصوصاً وهى تتحدث بكل ذلك التوتر ثم قالت بهدوء وعمليه حاسمه :
-مادام غريب بيه مصدقكيش مفيش قدامى اى حاجه اعملها ..
تهدلت اكتاف نيرمين بأحباط ثم تحركت من مقعدها للخارج مستئذنه فى الخروج ، تحركت حياة خلفها بجسد متصلب وذهن شارد محاوله التوصل لقرار فيما يخص ما سمعته منها للتو .
**************
أنهى وائل ترتيباته مع فريد وتوجهه هو الاخر نحو الخارج ، صادف للمره الثانيه تلك المرأه والتى شغلت افكاره بمحتوى حقيبتها منذ وصوله لمكتب فريد حتى انه فكر عده مرات فى سؤال شريكه عنها ولكنه تراجع فى اللحظه الاخيره ، اختفت داخل الممر المؤدى إلى المصعد وظهرت خلفها حياة ، ابتسم للمصادفة وتحرك فى اتجاهها يلقى التحيه ، ابتسمت له حياة بود شديد بمجرد رؤيته فهى ممتنه له كثيراً بسبب ما فعله مع فريد ومساعدته على التخلص من عدوه والخطر الذى كان يحاوطه كما ان قلبها يحدثها بأحتماليه نشوب صداقه قويه فى المستقبل بينه وبين زوجها فقد أجبرتها ظروف العمل على التعامل معه مرتين خلال الاسبوع المنصرم وأعجبت كثيراً بتهذيبه وتعقله إلى جانب ذكائه ووسامته ، انتهز وائل الفرصه ليسألها بعدما القى عليها التحيه بتهذيب :
-مدام حياة .. كان فى واحده خارجه قبل حضرتك دلوقتى لابسه بلوفر زيتى وبنطلون جينز وشعرها بنى طويل .. تعرفيها ؟!..
قطبت حياة جبينها بأستغراب ثم اجابتها بترقب متسائله :
-اها .. دى نيرمين اخت فريد وبنت غريب بيه .. فى حاجه ؟!..
اتسعت حدقتى وائل بدهشه .. وحدق إلى الفراغ بشرود دون اجابه ، عادت حياة لتسأله مجدداً بقلق :
-باشمهندس وائل ؟!! بتسأل فى حاجه ؟!..
لن يستطيع التحدث بأى شئ دون التأكد منه لذلك اجابها وائل بعدم تركيز :
-ها .. لا مفيش حاجه عن اذنك انا لازم استأذن ..
مطت حياة شفتيها بأستغراب ثم استأنفت طريقها فى اتجاه غرفه فريد لعلها تتلمس منه العون.
************
طرقت باب مكتبه ثم دلفت للداخل بعد سماع صوته الذى تعشقه ، كانت تلك استراحه الغذاء لذلك وجدته يستند بجسده الطويل على حافه مكتبه ويتابع بهدوء امواج البحر الهائجه امامه
وقفت هى حيث امام مدخل الغرفه تتأمله من الخلف بطوله وهيبته ، حتى ان لم تراه وجودها فى محيطه يكفيها لتشعر بالطمأنينة والاستقرار ، لذا ستشاركه شكوكها وخطتها حتى وان كانت خاطئة فقط من اجل الامان ، التفت هو براسه ينظر إليها من فوق كتفه ليتفقدها ثم مد لها ذراعه لتتقدم إليه مشجعاً ، سارت نحوه بأبتسامه خافته حتى وقفت جواره ثم وضعت كلتا ذراعيها خلف خصره لتعانقه وتستند برأسها فوق صدره العريض ، احتضنها هو الاخر وشدد من التفاف ذراعيه حولها ثم سألها بهدوء بعد فتره من الصمت :
-مالك ؟!..
اغمضت عينيها لوهله واخذت نفساً عميقاً ثم اجابته برقه وتوجس :
-عايزه اقولك حاجه بس ممكن تسمعنى للاخر وعشان خاطرى تتناقش معايا ..
شعرت بعضلات جسده تتصلب تحت جسدها لذلك رفعت رأسها تنظر إلى ملامحه فكانت هى الاخرى فى حاله تأهب واضحه ، رمقته بنظره رجاء ثم اردفت بنبره شبهه متوسله :
-طيب انا دلوقتى قلقانه ومش عايزه اشارك حد غيرك قلقى ده ممكن تسمعنى للاخر وتعرف هقول ايه ..
لانت ملامح وجهه قليلاً فعلمت بأستعداده لسماعها وخصوصاً عندما طبع قبله مطمئنه فوق شعرها ، عادت لتستند برأسها فوق صدره مرةً اخرى ثم قالت بحذر شديد :
-نيرمين كانت هنا وزارتنى فى مكتبى ..
اجابها بنبره جامده مقتضبه :
-عارف ..
سألته بأندهاش :
-عرفت منين ؟!..
اجابها بنبره بارده لا تتناسب مع حراره جسده التى تتسلل إليها ولا ذراعيه التى تشملها بحمايته :
-مش لازم اكون معاكى عشان اعرف مين زارك ..
لم تكن تريد التطرق لمواضيع جانبيه لذلك اردفت تقول بترقب شديد :
-طيب هى قالتلى حاجه .. انا مش عارفه هى صح ولا غلط بس هقولهالك عشان ارتاح ..
لم يعقب على حديثها لذلك اردفت تقول على مضض :
-نيرمين بلغتنى ان نجوى اتفقت مع مدير الحسابات يديها نسخه من المناقصه الجديده بتاعتنا عشان تسلمها للشركه اللى بتنافسنا عليها .. عشان تنتقم منك طبعاً وتضربنا فى السوق ..
حبست انفاسها منتظره تعقيبه وعندما تأخر ابتعدت عنه قليلاً حتى يتسنى لها رؤيته بوضوح وتستنبط اى شئ من ملامح وجهه ، ورغم جمود نظراته علمت انه يفكر ملياً فى حديثها لذلك اردفت تضيف لاقناعه :
-تمام .. انا متأكده انك مش بتثق فى نيرمين ومفيش اى سبب يخليك تثق فيها .. وانا كمان مش واثقه فى اى كلام قالته عشان كده جيت بلغتك بيه .. بس بصرف النظر كلامها صح ولا غلط احنا لازم ناخد احتياطنا ..
كانت كمن يتحدث إلى جدار صلب لذلك اخذت نفساً عميقاً اخر ثم استطردت تقول :
-فريد .. الله يخليك بلاش عناد فى الشغل .. انا هنا مش بكلمك فى اى حاجه خاصه ولا عايزاك تتعامل معاها .. بس ناخد احتياطنا ..
تحدث بعد فتره بكلمتين مقتضبتين :
-انا هتصرف ..
هتفت به معارضه ومصححه :
-لا انت مش هتتصرف .. احنا هنتصرف سوا ..
رمقها بنظره محذره وهو يهم فى التحرك من امامها فأسرعت تقول وهى تحاول ايقافه من ذراعيه :
-انا عندى حل .. الا لو مش بتثق فيا ..
حدقها بنظره معاتبه وهو يعود ليستقيم فى وقفته فأردفت حياة تقول ممازحه لحثه على التحدث :
-تمام .. عارفه انك مش بتحب تتكلم كتير بس ده ميمنعش انى بحب اسمع صوتك ..
لمعت عينيه ببريق التسليه ثم قال بتهكم :
-مانتى بتتكلمى عننا احنا الاتنين ..
شهقت حياة متصنعه الضيق وردت عليه بمرح :
- انا مش هرد عشان انا فاهمه بتعمل ايه ومش هتعرف تشتت تفكيرى .. وعلى فكره بقى انت الوحيد اللى هتساعدنى انى اعمل عرض اسعار جديد .. عشان نلحق نقدمه ..
سألها مستفسراً بتقطيبه تركيز :
-هو ده الحل بتاعك ؟!..
سألته بقله ثقه :
-ايه مش عاجبك ؟!..
عاد ليحتضنها ويضمها إليه قائلاً بفخر واهتمام:
-مش عاجبنى ازى وانا كنت هعمل كده .. بس ده هيكون ضغط عليكى ..
حاوطت وجهه بكفيها قائله بحماس:
-مش هثق فى حد يعملك كده غيرى وبعدين طول مانت معايا وبتساعدنى مش هحس بتعب ..
عانقها بحب وطبع قبله مطوله فوق جبهتها ثم قال بهدوء :
-طب استعدى عشان نروح مش هينفع نشتغل فى الشركه هنا ..
هزت له رأسها موافقه وقفزت بحماس تطبع قبله فوق احدى وجنتيه قبل خروجها ركضاً من المكتب .
************
مر اليومان التاليان على حياة وفريد كالجنون فقد واصلا الليل والنهار من اجل العمل على انجاز عرض الاسعار الجديد ومقارنته بما فى حوزه مدير حساباته للتأكد من تقديم عرض اسعار منخفض والفوز بتلك المناقصه الهامه ، تمطت حياة بأرهاق شديد وفخر ايضاً بعدما قامت بمراجعه عرض اسعارها للمره الاخيره واطلعت فريد عليه لأخذ موافقته كعادتها ثم قامت بأخذ نسخه احتياطه على ذاكرتها المتحركه "فلاشه" وقامت بطبعه ورقياً استعدداً لتسليمه غداً
سألها فريد بأهتمام وهو يقترب منها بعدما نظر فى ساعه يده :
-حبيبى خلصتى ؟! الوقت أتأخر لازم ترتاحى شويه ..
اجابته وهى تتحرك من مقعدها لتقف قبالته :
-مانت كمان سهران معايا ومش بتلحق ترتاح .. بس عمتاً انا خلصت خلاص ..
شعرت بالدوار يجتاحها من حركتها المفاجئه فترنحت للخلف قليلاً وهى تمد يدها فى اتجاهه لتستند عليه ، تمسك بها فريد بقوه وهو يسألها بلهفه :
-حياة مالك انتى كويسه ؟!..
حركت رأسها بأيماءه خفيفه للغايه ثم اجابته بنبره هادئه رقيقه :
-متخافش تلاقينى بس عشان قاعده من بدرى واتحركت فجأه ..
زفر بضيق وهو يضغط فوق شفتيه قائلاً بحنق :
-انا مش عارف ليه بسمع كلامك .. طبيعى تتعبى وانتى يومين مش بتنامى كويس ومش بتاكلى كمان كويس ..
ابتسمت بسعاده من قلقه عليها رغم تأنيبه لها واحتقان ملامحه فتحركت تحتضنه بحب وهى تغمغم بأرهاق :
-خلاص والله خلصت .. ممكن بقى نطلع عشان عايزه انام ..
انهت جملتها وشبكت ذراعيها فوق عنقه تتمسك به بدلال فى اشاره منها ليحملها ، ابتسم هو الاخر من فعلتها ووضع كفيه فوق خصرها ليرفع قدميها من فوق الارضيه قائلاً بمرح وهو يسير بها نحو الدرج:
-انا هعمل التمارين دى كل يوم ولا ايه ..
اجابته ممازحه وهو تريح رأسها فوق كتفه فلازالت تشعر بذلك الدوار يجتاحها :
-بعوضك عن تمارينك الاساسيه اليومين دول ..
اجابها بنبرته العابثه وهو يقترب برأسها منها :
-بس انا البوكس وحشنى اوى ..
هتفت به محذره بدلال :
-فريييييد .. انا تعبانه وعايزه انام ..
اجابها بحنق شديد وهو يدفع باب غرفتهم بقدمه :
-عارف .. ما المناقصه الزفت دى جت على دماغى ..
دوت ضحكتها عالياً من تذمره الطفولى والذى كانت تعشقه خصوصاً بتقطيبه جبينه تلك والتى تصيبها بالجنون .
فى الصباح استيقظ فريد على صوت اهتزاز هاتفه الموضوع فوق الكومود بجواره ، ابتعد عنها قليلاً ورفع ذراعه من فوقها ليلتقط به هاتفه ويجيب مساعده ، سأله فريد بصوته الناعس :
-ايه الجديد ؟!..
اجابه مؤمن بتفاخر :
-زى ما حضرتك توقعت .. قدموا عرض أسعارنا القديم اللى احنا مقدمنهوش .. بس طبعاً المناقصه رسيت علينا بالعرض الجديد ..
اغلق فريد هاتفه وهو يبتسم بأنتصار ويعود لاحتضانها مرةً اخرى ، سألته حياة التى استيقظت قلقه بمجرد سماع صوته :
-فريد طمنى ؟!..
اجابها بأرتياح وهو يطبع قبله فوق وجنتها :
-المناقصه رست علينا ..
ابتسمت حياة بسعاده ولمعت عينيها بفرح وهى تغمغم له بصوتها الناعس :
-مبروك ..
سألها فريد بأبتسامه عابثه :
-مبروك كده حاف ؟!! ..
سألته بدلال وهو تحرك أصابعها فوق عنقه :
-أمال انت عايزها بأيه ؟!..
اجابها بخبث وهو يقترب منها مقبلاً :
-هوريكى دلوقتى انا عاوزها بأيه ..
شعرت بذلك الدوار السخيف يعود إليها مرةً اخرى وهمت بأبعاده عنها ولكن مع اقترابه منها بذلك الشكل لم تجد حتى صوتها لتعترض .متى تخضعين لقلبى
الفصل التاسع والعشرون ..
جلست حياة فوق الفراش مستنده بقدميها على الارضيه الخشبيه للغرفه ومتمدده بنصفها العلوى فوقه مغمضه العينين تحاول التغلب على ذلك الشعور المستمر بالغثيان الذى يراودها منذ الصباح ، زفرت بضيق ووضعت كفها فوق معدتها لتدفئتها فالطالما كانت معدتها حساسه من البرد ويبدو انها اهملت ملابسها فى الايام الماضيه ، هذا ما فكرت به مبرره وهنها المفاجئ ، انتهى فريد من اغتساله وخرج إلى الغرفه فوجدها ممده بذلك الشكل العجيب مغمضه العينين ، اقترب منها بهدوء واتكأ بجذعه فوق الفراش مستنداً على مرفقه الأيمن يتفحصها ثم هتف اسمها بقلق :
-حياة ..
فتحت عينيها تنظر بداخل عسليته القريبتين منها وهى تبتسم له ابتسامه ضعيفه فأردف يسألها مستفسراً :
-فى حاجه ؟!..
هزت رأسها له نافيه وابتسامتها تزداد اتساعاً لطمأنته فليس هناك داع لإخباره فدائما ما كانت تعانى وخصوصاً فى فصل الشتاء من الآلام معدتها بسبب اهمالها المعتاد ، رفعت كفها تتمسك بكفه ثم عادت ووضعتها فوق معدتها بهدوء تتلمس منه الدفء ، بدءت أصابعه تمسد معدتها ومقدمه بطنها برفق ظناً منه انه بدايه الالامها المعتاده ثم قال بهدوء ولهجه حاسمه رغم دفئها :
-حياة خليكى النهارده بلاش تنزلى معايا ..
سألته بأستنكار يحمل فى طياته بوادر الاعتراض :
-ليه فى حاجه حصلت !!!..
اجابها بتمهل نافياً :
-لا مفيش حاجه .. بس انتى شكلك مرهق من اليومين اللى فاتوا .. فخدى النهارده اجازه ..
اجابته معترضه بنبره رقيقه :
-طب مانت كمان كنت تعبان معايا اليومين اللى فاتوا .. هنزل معاك او نقعد سوا ..
اجابها وهو يقترب منها :
-خليكى وانا مش هتأخر لازم اروح الشركه اخلص حاجه وهرجع على طول ..
كانت تعلم جيداً لماذ يصر على ذهابه لذلك هتفت اسمه بتأهب ولكنه خرج بنبره مغريه هامسه بسبب أصابعه التى تداعب معدتها :
-فريييد ..
توقفت يده عن الحركه وتجمدت نظرته فوق شفتيها ثم أمرها بنبره هامسه وهو يحرك جسده ليقترب بوجهه منها :
-قولى تانى ..
سألته بعدم فهم وهى ترى عينيه تتحول للون الداكن من اثر مشاعره :
-اقول ايه ؟!..
اجابها هامساً وشفتيه تتلمس صدغها برقه :
-اسمى ..
هتفت اسمه مره اخرى بصوت ناعم بسبب انفاسه الحاره التى تلفح وجهها وأصابعه التى عادت تداعب بشرتها :
-فريد ..
لثم شفتيها مطولاً بنعومه ثم حررها ببطء قائلاً بصوته الاجش :
-تانى ..
عضت فوق شفتيها بخجل قبل امتثالها لطلبه للمره الثانيه هاتفه بنبره اكثر همساً :
-فرييييد ..
تنهد بحراره ثم عاد لتقبيل شفتيها بنفس الطريقه قائلاً بعدها بوله :
-سمعهولى تانى ..
تغلغت أصابعها بداخل خصلات شعره الرطب ثم قالت بهيام شديد ونبره ناعمه كالحرير :
-فريد حياة ..
اخفى وجهه فى ثنايا عنقها واخد نفساً عميقاً ثم زفره ببطء شديد قائلا بصوت مكتوم عاشق :
-حياة فريد ..
بعد فتره من التصاقه بها سألته حياة قاطعه الصمت بينهم :
-فريد انت هتعمل ايه مع مدير الحسابات ؟!!..
ابتعد عنها ورفع رأسه ينظر إليها قائلاً بجديه بالغه :
-هعمل اللى المفروض يتعمل ..
هزت رأسه له موافقه ثم اردفت مستأنفه استفسارها :
-طب ونجوى ؟!..
ان كان على ما يريده حقاً فهو تقطيع أعضائها جزء جزء والقائها للكلاب المتوحشه او ربطها بحجر ثقيل والقائها من فوق السد العالى لئلا يكون لديها فرصه للنجاة ، زفر بحيره ثم اجابها بغموضه المعتاد :
-مش عارف .. لسه مقررتش ..
ابتعدت عنه قليلاً وهى ترمقه بنظرات محتده ثم سألته بضيق :
-طب وبالنسبه لنيرمين ؟!..
سألها ببروده المستفز :
-مالها ؟!..
مطت شفتيه بأستياء ، هل يمزح معها ؟!!!! لم يقرر بعد ما سيفعله مع نجوى لكنه اصدر حكماً نهائياً على اخته الوحيده رغم مساعدتها له !!! ، اجابته بحده مدفوعه بغيرتها الخفيه :
-ايه اللى مالها !!! متقوليش ان بعد اللى حصل لسه مش عايز تديها فرصه !!!..
ضيق عينيه فوقها مستنكراً رد فعلها العدائي ثم سألها مستهزئا :
-هو انتى شايفانى ساذج عشان اصدق التمثيليه الهبله دى ؟!!!.. جيهان وبنتها عبيد فلوس مهما كان معاهم .. ولو هى حذرتك ف ده بس عشان الفلوس اللى بتدخلهم كل شهر متنقصش ..
ضغطت حياة فوق أسنانها بغيظ وهى تردد خلفه بنبره محتده :
-ساذج !!! .. هى دى نظرتك عنى ؟!.. وبعدين انا مش مصدقه قسوتك دى عليها !!! .. فى الوقت اللى انت مش عارف هتعمل ايه مع ست نجوى هانم !!..
زفر فريد بملل ثم قال بنفاذ صبر :
-حياة متخلطيش الامور ببعض !! وبعدين انا مش غبى عشان جيهان ونيرمين يلعبوا بيا .. واستحاله اصدق اللى هى بتقولهولك مهما حصل ..
انتفضت حياة من جلستها ووقفت امامه تهتف بسخط :
-انا بقيت غبيه كمان !!.. كل ده عشان عايزه اديها فرصه خصوصاً بعد ما اثبتت حسن نيتها !!..
مرر فريد كفيه فوق وجهه بضيق ثم وقف قبالتها يقول آمراً بتحذير :
-متحرفيش كلامى .. لو عايز اقول حاجه مش هخاف منك وبالنسبه لنيرمين متستاهلش فرصه تانيه ..
صاحت به مستنكره بنبره عدائيه شديده :
-انا مش مصدقه أنانيتك دى !!! وبعدين اى حد فى الدنيا دى يستحق فرصه تانيه .. زيك بالظبط ..
هدر بها فريد محذراً بصوته العميق :
-حيااااة .. ده اخر كلام فى الموضوع ده .. ومن دلوقتى مفيش كلام او مقابلات معاها مهما كان السبب .. فاهمه !!!..
لماذا وصل النقاش بينهم لتلك النقطه لم تعلم !! كل ما تعلمه انها غارت من نجوى وارادت منه إرضائها وليس الا ومع مرور الحديث بينهم ازداد غضبها ولم تعد تستطيع التحكم بِه لذلك هتفت معترضه بعناد :
-وانا مش جاريه عشان تقولى اعمل ايه ومعملش ايه !!.. ومش هقفل الموضوع طول مانا شايفه نجوى عماله تخرب حوالينا وانت سايبها تعمل اللى هى عايزاه !!..
صاح فريد آمراً بغضب شديد من تمسكها العقيم بوجهه نظرها الخاطئه ورؤيتها الضيقه للامور :
-انتى مراتى واللى هقوله يتسمع وبعد كده مفيش كلام مع حد اصلاً الا بأذنى وتحت عينى ولو الكلام زاد مش هيبقى فى خروج من البيت أساساً ..
هتفت حياة به بعدم تصديق :
-فريد !!!!!!!!!..
رمقها بنظره غاضبه جعلتها تتراجع عده خطوات للخلف ذعراً ثم قال بحزم وهو يتحرك لارتداء ملابسه :
-انتهى ..
ارتمت حياة فوق الفراش مرةً اخرى وبدءت تبكى فى صمت ، لماذا يخيب ظنها فى كل مره يتعلق الامر بتلك المدعوه نجوى !! لماذ لا يناقشها بدل من غضبه الدائم وغموضه الذى يثير اعصابها !!، توقعت عودته لها بعد ارتداء ملابسه ولكنها تفاجئت بِه يخرج من الغرفه مباشرةً دون حتى النظر إليها ، ازداد جنونها من تجاهله لها فأمسكت هاتفها المحمول تُخرج رقم اخته غير الشقيقه وانتظرت اجابتها ثم قالت بدون اى مقدمات :
-انا موافقه اساعدك .. فريد دلوقتى مش فى البيت لو حابه تقابلينى ..
استمعت إلى موافقه نيرمين الحماسيه ثم اغلقت هاتفها وألقت بِه بأهمال فوق الفراش مع عوده ذلك الغثيان المقيت يتملك منها مرةً اخرى ، هذا ما كان ينقصها الان !! ..
*************
اقتحم فريد باب غرفه مدير حساباته بملامح وجهه مكفهره الامر الذى أفزعه كثيراً وجعله يبتلع لعابه بصعوبه ، وقف فريد قبالته ثم جذبه من ياقه قميصه قائلاً بنبره لا تعرف المزاح :
-بره ..
تسائل الرجل بهلع مردداً كلمه مخدومه :
-بره !! حصل ايه يا فندم ؟!..
دفعه فريد نحو الخارج قائلاً بتهديد :
-هى ضحكت عليك وفهمتك انك لو اتكشفت هتعرف تعوضك صح ؟!. وانتى غبى وصدقتها وفاكر ان لو فريد رسلان طردك ممكن شركه بعده تشغلك ؟!..
فتح المدير فمه ليجيبه فأوقفه فريد بنظره محذره رافعاً أصبعه فى وجهه :
-الشيك اللى انت ماضى عليه زمانه اتقدم للنيابه .. يا تدفعلى النص مليون تعويض يا الحبس ..
فى تلك اللحظه دلف رجال حراسه فريد الذى استدعاهم قبل دخوله لجذب الرجل المذعور وإلقائه خارجاً ، القى فريد جملته الاخيره على مسامع الرجل قائلاً بشماته :
-وانا بقول لحد ما النيابه تستدعيك بلاش تروح بيتك .. عشان علاقاتك وصورك القذره كلها الفتره اللى فاتت هتلاقيها وصلت قبلك للمدام ..
انهى جملته وراقب برضا رجاله وهم يجرون ذلك الخائن إلى خارج جدران الشركه وهو يصيح متوسلاً من اجل مسامحه فريد له .
عاد بعدها لمكتبه والقى جسده فوق المقعد بقوه ، اللعنه على ذلك الامر ، انه لازال غاضباً وبشده بسبب ما حدث بينهم فى الصباح ، هل هو غبى لتنطوى عليه مسرحيه نرمين وجيهان الهزليه !! ، واذا كان الامر مقتصراً على نيرمين لالتمس رضاها قبل ذهابه ولكن ما يغضبه حقاً هو مسأله الثقه ، لماذا لا تثق فى نظرته وحكمه للامور ، لماذا لا تضع ثقتها بِه كأى زوجه طبيعيه !!، زفر بحنق فهو لا يعلم كيف يرضيها !!، حسناً هو يعلم ان امر نجوى تلك استغرق منه وقت اطول من اللازم ولكنه يريد التريث والتخلص منها للابد بدلاً من التسرع ومعالجه الامر بسطحية تؤدى إلى كوارث مستقبليه ، ثم انه يفعل ذلك من اجلها اليست هى من تطلب منه دائماً أعطاء القانون فرصته ، اذا ستنتظر معه حتى يجد الفرصه المناسبه للخلاص منها .
التقط هاتفه بعصبيه مهاتفاً احد رجاله وقائلاً بأستياء :
-كل ده مش عارف توصلنى لحاجه تخلصنى بيها !!.. انا مش فاهم امال انت بتراقبها ليه !!!..
ارتبكت نبره الرجل من غضب مديره ثم اجابه مبرراً :
-يا باشا .. انا مراقبها زى ضلها .. من ساعه ما حضرتك قلتلى .. مش بتعمل اى حاجه .. بس بتروح النادى الصبح وبليل بتقابل نيرمين هانم اخت حضرتك .. غير كده مبتتحركش ..
لم يقتنع فريد بحديثه فأردف يقول محذراً :
-ورحمه امى لو طلعت بتستغفلك وعملت حاجه من وراك وأذت مراتى تانى لهتكون حياتك التمن .. وقدامك اسبوعين تخلص موضوع سيرين الزفت دى .. وعايزك تبدء من دلوقتى تحط حد يراقب نيرمين هى كمان .. سامع ؟!..
تمتم الرجل موافقاً بخنوع تام قبل إغلاق فريد الهاتف فى وجهه والبدء فى مراجعه ملفاته المتراكمة .
بعد فتره ليست بطويله صدع رنين هاتفه برقم حراسه المنزل ، اجاب فريد على الفور بقلق واضح فى نبرته :
-سامعك !..
اجاب الطرف الاخر بأحترام :
-فريد بيه .. نيرمين هانم جت من شويه .. واتعاملنا زى ما حضرتك امرت بس حياة هانم صممت انها تدخلها .. محبتش اعمل اى حاجه غير لما ارجع لحضرتك ..
استمع فريد لحديث حارسه وبدءت الدماء تغلى فى عروقه من جديد ، لقد طفح به الكيل من عنادها المستمر ، ضغط فوق اسنانه بشراسه ثم قال بحروف مقتطبه :
-سيبها ..
القى الهاتف فوق المكتب بحده وهو يتوعد لها ، هل ظنته غير جاد فى تهديده لها ؟! ، لقد أشعلت فتيل غضبه والان عليها تحمله ، هذا ما فكر به بتوعد لحياة ولكن اولاً ينتهى من اعماله المتراكمة .
************
فى المنزل ودعت حياة نيرمين بود شديد بعدما أعطتها وعدها الكامل بمساعدتها فى لم شملها مع فريد مما جعل الاخيره تبتسم بأنتصار من نجاح خطتها ، سألتها نيرمين بحماس مستأذنه :
-انا عايزه اتكلم معاكى كل يوم .. عايزه اعرف كل حاجه عن فريد وايه بيحبه وايه بيكر?
متى تخضعين لقلبى
الفصل التاسع والعشرون ..
جلست حياة فوق الفراش مستنده بقدميها على الارضيه الخشبيه للغرفه ومتمدده بنصفها العلوى فوقه مغمضه العينين تحاول التغلب على ذلك الشعور المستمر بالغثيان الذى يراودها منذ الصباح ، زفرت بضيق ووضعت كفها فوق معدتها لتدفئتها فالطالما كانت معدتها حساسه من البرد ويبدو انها اهملت ملابسها فى الايام الماضيه ، هذا ما فكرت به مبرره وهنها المفاجئ ، انتهى فريد من اغتساله وخرج إلى الغرفه فوجدها ممده بذلك الشكل العجيب مغمضه العينين ، اقترب منها بهدوء واتكأ بجذعه فوق الفراش مستنداً على مرفقه الأيمن يتفحصها ثم هتف اسمها بقلق :
-حياة ..
فتحت عينيها تنظر بداخل عسليته القريبتين منها وهى تبتسم له ابتسامه ضعيفه فأردف يسألها مستفسراً :
-فى حاجه ؟!..
هزت رأسها له نافيه وابتسامتها تزداد اتساعاً لطمأنته فليس هناك داع لإخباره فدائما ما كانت تعانى وخصوصاً فى فصل الشتاء من الآلام معدتها بسبب اهمالها المعتاد ، رفعت كفها تتمسك بكفه ثم عادت ووضعتها فوق معدتها بهدوء تتلمس منه الدفء ، بدءت أصابعه تمسد معدتها ومقدمه بطنها برفق ظناً منه انه بدايه الالامها المعتاده ثم قال بهدوء ولهجه حاسمه رغم دفئها :
-حياة خليكى النهارده بلاش تنزلى معايا ..
سألته بأستنكار يحمل فى طياته بوادر الاعتراض :
-ليه فى حاجه حصلت !!!..
اجابها بتمهل نافياً :
-لا مفيش حاجه .. بس انتى شكلك مرهق من اليومين اللى فاتوا .. فخدى النهارده اجازه ..
اجابته معترضه بنبره رقيقه :
-طب مانت كمان كنت تعبان معايا اليومين اللى فاتوا .. هنزل معاك او نقعد سوا ..
اجابها وهو يقترب منها :
-خليكى وانا مش هتأخر لازم اروح الشركه اخلص حاجه وهرجع على طول ..
كانت تعلم جيداً لماذ يصر على ذهابه لذلك هتفت اسمه بتأهب ولكنه خرج بنبره مغريه هامسه بسبب أصابعه التى تداعب معدتها :
-فريييد ..
توقفت يده عن الحركه وتجمدت نظرته فوق شفتيها ثم أمرها بنبره هامسه وهو يحرك جسده ليقترب بوجهه منها :
-قولى تانى ..
سألته بعدم فهم وهى ترى عينيه تتحول للون الداكن من اثر مشاعره :
-اقول ايه ؟!..
اجابها هامساً وشفتيه تتلمس صدغها برقه :
-اسمى ..
هتفت اسمه مره اخرى بصوت ناعم بسبب انفاسه الحاره التى تلفح وجهها وأصابعه التى عادت تداعب بشرتها :
-فريد ..
لثم شفتيها مطولاً بنعومه ثم حررها ببطء قائلاً بصوته الاجش :
-تانى ..
عضت فوق شفتيها بخجل قبل امتثالها لطلبه للمره الثانيه هاتفه بنبره اكثر همساً :
-فرييييد ..
تنهد بحراره ثم عاد لتقبيل شفتيها بنفس الطريقه قائلاً بعدها بوله :
-سمعهولى تانى ..
تغلغت أصابعها بداخل خصلات شعره الرطب ثم قالت بهيام شديد ونبره ناعمه كالحرير :
-فريد حياة ..
اخفى وجهه فى ثنايا عنقها واخد نفساً عميقاً ثم زفره ببطء شديد قائلا بصوت مكتوم عاشق :
-حياة فريد ..
بعد فتره من التصاقه بها سألته حياة قاطعه الصمت بينهم :
-فريد انت هتعمل ايه مع مدير الحسابات ؟!!..
ابتعد عنها ورفع رأسه ينظر إليها قائلاً بجديه بالغه :
-هعمل اللى المفروض يتعمل ..
هزت رأسه له موافقه ثم اردفت مستأنفه استفسارها :
-طب ونجوى ؟!..
ان كان على ما يريده حقاً فهو تقطيع أعضائها جزء جزء والقائها للكلاب المتوحشه او ربطها بحجر ثقيل والقائها من فوق السد العالى لئلا يكون لديها فرصه للنجاة ، زفر بحيره ثم اجابها بغموضه المعتاد :
-مش عارف .. لسه مقررتش ..
ابتعدت عنه قليلاً وهى ترمقه بنظرات محتده ثم سألته بضيق :
-طب وبالنسبه لنيرمين ؟!..
سألها ببروده المستفز :
-مالها ؟!..
مطت شفتيه بأستياء ، هل يمزح معها ؟!!!! لم يقرر بعد ما سيفعله مع نجوى لكنه اصدر حكماً نهائياً على اخته الوحيده رغم مساعدتها له !!! ، اجابته بحده مدفوعه بغيرتها الخفيه :
-ايه اللى مالها !!! متقوليش ان بعد اللى حصل لسه مش عايز تديها فرصه !!!..
ضيق عينيه فوقها مستنكراً رد فعلها العدائي ثم سألها مستهزئا :
-هو انتى شايفانى ساذج عشان اصدق التمثيليه الهبله دى ؟!!!.. جيهان وبنتها عبيد فلوس مهما كان معاهم .. ولو هى حذرتك ف ده بس عشان الفلوس اللى بتدخلهم كل شهر متنقصش ..
ضغطت حياة فوق أسنانها بغيظ وهى تردد خلفه بنبره محتده :
-ساذج !!! .. هى دى نظرتك عنى ؟!.. وبعدين انا مش مصدقه قسوتك دى عليها !!! .. فى الوقت اللى انت مش عارف هتعمل ايه مع ست نجوى هانم !!..
زفر فريد بملل ثم قال بنفاذ صبر :
-حياة متخلطيش الامور ببعض !! وبعدين انا مش غبى عشان جيهان ونيرمين يلعبوا بيا .. واستحاله اصدق اللى هى بتقولهولك مهما حصل ..
انتفضت حياة من جلستها ووقفت امامه تهتف بسخط :
-انا بقيت غبيه كمان !!.. كل ده عشان عايزه اديها فرصه خصوصاً بعد ما اثبتت حسن نيتها !!..
مرر فريد كفيه فوق وجهه بضيق ثم وقف قبالتها يقول آمراً بتحذير :
-متحرفيش كلامى .. لو عايز اقول حاجه مش هخاف منك وبالنسبه لنيرمين متستاهلش فرصه تانيه ..
صاحت به مستنكره بنبره عدائيه شديده :
-انا مش مصدقه أنانيتك دى !!! وبعدين اى حد فى الدنيا دى يستحق فرصه تانيه .. زيك بالظبط ..
هدر بها فريد محذراً بصوته العميق :
-حيااااة .. ده اخر كلام فى الموضوع ده .. ومن دلوقتى مفيش كلام او مقابلات معاها مهما كان السبب .. فاهمه !!!..
لماذا وصل النقاش بينهم لتلك النقطه لم تعلم !! كل ما تعلمه انها غارت من نجوى وارادت منه إرضائها وليس الا ومع مرور الحديث بينهم ازداد غضبها ولم تعد تستطيع التحكم بِه لذلك هتفت معترضه بعناد :
-وانا مش جاريه عشان تقولى اعمل ايه ومعملش ايه !!.. ومش هقفل الموضوع طول مانا شايفه نجوى عماله تخرب حوالينا وانت سايبها تعمل اللى هى عايزاه !!..
صاح فريد آمراً بغضب شديد من تمسكها العقيم بوجهه نظرها الخاطئه ورؤيتها الضيقه للامور :
-انتى مراتى واللى هقوله يتسمع وبعد كده مفيش كلام مع حد اصلاً الا بأذنى وتحت عينى ولو الكلام زاد مش هيبقى فى خروج من البيت أساساً ..
هتفت حياة به بعدم تصديق :
-فريد !!!!!!!!!..
رمقها بنظره غاضبه جعلتها تتراجع عده خطوات للخلف ذعراً ثم قال بحزم وهو يتحرك لارتداء ملابسه :
-انتهى ..
ارتمت حياة فوق الفراش مرةً اخرى وبدءت تبكى فى صمت ، لماذا يخيب ظنها فى كل مره يتعلق الامر بتلك المدعوه نجوى !! لماذ لا يناقشها بدل من غضبه الدائم وغموضه الذى يثير اعصابها !!، توقعت عودته لها بعد ارتداء ملابسه ولكنها تفاجئت بِه يخرج من الغرفه مباشرةً دون حتى النظر إليها ، ازداد جنونها من تجاهله لها فأمسكت هاتفها المحمول تُخرج رقم اخته غير الشقيقه وانتظرت اجابتها ثم قالت بدون اى مقدمات :
-انا موافقه اساعدك .. فريد دلوقتى مش فى البيت لو حابه تقابلينى ..
استمعت إلى موافقه نيرمين الحماسيه ثم اغلقت هاتفها وألقت بِه بأهمال فوق الفراش مع عوده ذلك الغثيان المقيت يتملك منها مرةً اخرى ، هذا ما كان ينقصها الان !! ..
*************
اقتحم فريد باب غرفه مدير حساباته بملامح وجهه مكفهره الامر الذى أفزعه كثيراً وجعله يبتلع لعابه بصعوبه ، وقف فريد قبالته ثم جذبه من ياقه قميصه قائلاً بنبره لا تعرف المزاح :
-بره ..
تسائل الرجل بهلع مردداً كلمه مخدومه :
-بره !! حصل ايه يا فندم ؟!..
دفعه فريد نحو الخارج قائلاً بتهديد :
-هى ضحكت عليك وفهمتك انك لو اتكشفت هتعرف تعوضك صح ؟!. وانتى غبى وصدقتها وفاكر ان لو فريد رسلان طردك ممكن شركه بعده تشغلك ؟!..
فتح المدير فمه ليجيبه فأوقفه فريد بنظره محذره رافعاً أصبعه فى وجهه :
-الشيك اللى انت ماضى عليه زمانه اتقدم للنيابه .. يا تدفعلى النص مليون تعويض يا الحبس ..
فى تلك اللحظه دلف رجال حراسه فريد الذى استدعاهم قبل دخوله لجذب الرجل المذعور وإلقائه خارجاً ، القى فريد جملته الاخيره على مسامع الرجل قائلاً بشماته :
-وانا بقول لحد ما النيابه تستدعيك بلاش تروح بيتك .. عشان علاقاتك وصورك القذره كلها الفتره اللى فاتت هتلاقيها وصلت قبلك للمدام ..
انهى جملته وراقب برضا رجاله وهم يجرون ذلك الخائن إلى خارج جدران الشركه وهو يصيح متوسلاً من اجل مسامحه فريد له .
عاد بعدها لمكتبه والقى جسده فوق المقعد بقوه ، اللعنه على ذلك الامر ، انه لازال غاضباً وبشده بسبب ما حدث بينهم فى الصباح ، هل هو غبى لتنطوى عليه مسرحيه نرمين وجيهان الهزليه !! ، واذا كان الامر مقتصراً على نيرمين لالتمس رضاها قبل ذهابه ولكن ما يغضبه حقاً هو مسأله الثقه ، لماذا لا تثق فى نظرته وحكمه للامور ، لماذا لا تضع ثقتها بِه كأى زوجه طبيعيه !!، زفر بحنق فهو لا يعلم كيف يرضيها !!، حسناً هو يعلم ان امر نجوى تلك استغرق منه وقت اطول من اللازم ولكنه يريد التريث والتخلص منها للابد بدلاً من التسرع ومعالجه الامر بسطحية تؤدى إلى كوارث مستقبليه ، ثم انه يفعل ذلك من اجلها اليست هى من تطلب منه دائماً أعطاء القانون فرصته ، اذا ستنتظر معه حتى يجد الفرصه المناسبه للخلاص منها .
التقط هاتفه بعصبيه مهاتفاً احد رجاله وقائلاً بأستياء :
-كل ده مش عارف توصلنى لحاجه تخلصنى بيها !!.. انا مش فاهم امال انت بتراقبها ليه !!!..
ارتبكت نبره الرجل من غضب مديره ثم اجابه مبرراً :
-يا باشا .. انا مراقبها زى ضلها .. من ساعه ما حضرتك قلتلى .. مش بتعمل اى حاجه .. بس بتروح النادى الصبح وبليل بتقابل نيرمين هانم اخت حضرتك .. غير كده مبتتحركش ..
لم يقتنع فريد بحديثه فأردف يقول محذراً :
-ورحمه امى لو طلعت بتستغفلك وعملت حاجه من وراك وأذت مراتى تانى لهتكون حياتك التمن .. وقدامك اسبوعين تخلص موضوع سيرين الزفت دى .. وعايزك تبدء من دلوقتى تحط حد يراقب نيرمين هى كمان .. سامع ؟!..
تمتم الرجل موافقاً بخنوع تام قبل إغلاق فريد الهاتف فى وجهه والبدء فى مراجعه ملفاته المتراكمة .
بعد فتره ليست بطويله صدع رنين هاتفه برقم حراسه المنزل ، اجاب فريد على الفور بقلق واضح فى نبرته :
-سامعك !..
اجاب الطرف الاخر بأحترام :
-فريد بيه .. نيرمين هانم جت من شويه .. واتعاملنا زى ما حضرتك امرت بس حياة هانم صممت انها تدخلها .. محبتش اعمل اى حاجه غير لما ارجع لحضرتك ..
استمع فريد لحديث حارسه وبدءت الدماء تغلى فى عروقه من جديد ، لقد طفح به الكيل من عنادها المستمر ، ضغط فوق اسنانه بشراسه ثم قال بحروف مقتطبه :
-سيبها ..
القى الهاتف فوق المكتب بحده وهو يتوعد لها ، هل ظنته غير جاد فى تهديده لها ؟! ، لقد أشعلت فتيل غضبه والان عليها تحمله ، هذا ما فكر به بتوعد لحياة ولكن اولاً ينتهى من اعماله المتراكمة .
************
فى المنزل ودعت حياة نيرمين بود شديد بعدما أعطتها وعدها الكامل بمساعدتها فى لم شملها مع فريد مما جعل الاخيره تبتسم بأنتصار من نجاح خطتها ، سألتها نيرمين بحماس مستأذنه :
-انا عايزه اتكلم معاكى كل يوم .. عايزه اعرف كل حاجه عن فريد وايه بيحبه وايه بيكرهه عشان اعرف اتعامل معاه .. ونفسى تقبلينى كأخت ليكى .. انتى عارفه انى لوحدى على طول ..
ابتسمت لها حياة موافقه ثم اجابتها مشجعه :
-اه طبعاً زى ما تحبى .. انا اهم حاجه عندى انك وفريد تكونوا سند لبعض ..
ودعتها نيرمين بأبتسامه مجامله لم تصل لعينيها وهى تتحرك فى اتجاه سيارتها لتستقلها ، هاتفت نجوى على الفور تبشرها سعيده بأخر التطورات :
-نوجه .. عشان تعرفى انك عندك احلى صاحبه فى الدنيا دى كلها ..
سألتها نجوى بلهفه مستفسره :
-حصل ايه بسرعه احكيييلى ..
اجابها نيرمين بثقه :
-حصل زى ما كنا عايزين بالظبط .. صدقت اللى حصل وقالت هتساعدنى .. وانا لسه خارجه من عندها بعد ما اتكلمنا فى حاجات كتير .. والاهم انها اتغيرت فى معاملتها معايا .. ده طبعاً بعد ما فهمتها انا قد ايه مضايقه من اسلوب حياتى ومنك ..
هتفت نجوى برضا :
-ايوه بقى يا نيرو .. كده مفاضلش غير انك تنقليلها شويه اخبار عنى واخر حاجه بقى تجبيلى توقيع فريد بصوره واضحه عشان الراجل يشوف شغله ..
اومأت نيرمين برأسها موافقه ثم اجابتها بثقه :
-بس كده .. توقيع فريد بسيطه هلاقيه فى اوراق بابى .. اما عن اخبارك فأنا فعلاً قلتلها ان حادثه الملف بتاعها الاول كانت بمساعده مدير الحسابات برضه واتصدمت اوى ..
ردت نجوى قائله بخبث :
-هقولك على حاجه تبلغيها بيها ودى هتبقى الاخيره .. عشان لما تقولى على اللى اتفقنا عليه تصدقك بعد ما تشوف العقد والصور .
وافقها نيرمين للمره الثانيه فدائماً ما كانت تابعه لنجوى وتنفذ فقط ما تمليه عليها دون الاحساس بالذنب او تأنيب الضمير .
************
فى المساء عاد فريد للمنزل وغضبه مازال يلاحقه ، دلف غرفتهم يبحث عنها بعينه فوجدها جالسه فوق احد المقاعد بملامح وجهه متجهمه ، توجهه بجسده نحوها وجذبها من مرفقها بحده ثم سألها بعصبيه شديده :
-انا مش قلت مفيش كلام معاها !! انتى بتتحدينى ولا صبرى عليكى خلى كلامى ملهوش اهميه عندك ؟!..
لم تكن فى مزاج يسمح لها بمجادلته فذلك الغثيان ما ينفك يختفى حتى يعود إليها مرةً اخرى دون سبب واضح لذلك استمعت إلى حديثه العصبى بجمود شديد ، أغضبه اكثر صمتها وفسره عدم اهتمام منها له لذلك اردف يقول هادراً بها بنبره عاليه ويده تهزها من مرفقها :
-من النهادره ومن دلوقتى .. مفيش خروج من البيت ولا حتى للجنينه .. ولو سمعت يا حياة انك كسرتى كلامى تانى قدام الحرس او اى حد فى البيت هتشوفى منه وش مشفتهوش قبل كده .. فاهمه !!! ..
لقد ازداد اعيائها بشكل مبالغ فيه بسبب يده التى تهز جسدها بأكمله ، ضغطت فوق شفتيها متحامله وقد اغضبها تهديده وتحكمه بها ، وفتحت فمها لتعترض وهى تدفعه عنها بعيداً وتهدر هى الاخرى بِه بعصبيه :
-فريييي..
انتابها شعور قوى بالغثيان فركضت نحو المرحاض غالقه الباب خلفها برفق وبدء تتقيأ كل ما بداخل معدتها حتى هدئت نوبه غثيانها ، ركض هو خلفها بأستغراب وحاول فتح الباب خلفها ولكنها أغلقته بأحكام ، هتف اسمها بقلق وهو يطرق بيده فوق الباب ويطلب منها فتحه ، خرجت تواجهه بعدما غسلت فمها ووجهها جيداً بالماء والشك يزداد بداخلها ، رفعت رأسها تنظر نحوه بوهن فأسرع هو فى التقاط كفها يسألها بلهفه :
-حصل ايه ؟!..
اجابته كاذبه وهى تتحرك نحو الفراش وتستلقى عليه :
-ولا حاجه معدتى اخدت برد ..
ظل يتأملها بنظرات حائرة ثم اخفض رأسه وخرج من الغرفه بأكملها فملامح وجهها الشاحبه ونظرتها المرهقه جعلت غضبه يخمد .
قضى فريد ما تبقى من يومه داخل الغرفه الرياضيه يفرغ كل ما به من غضب داخلها ، خرج بعدها منهك الجسد فتوجه مباشرةً نحو غرفته للاستحمام وتبديل ملابسه ليجدها لازالت مستلقيه فوق الفراش منذ تركها ، اغتسل سريعاً وارتدى ملابس نومه وهو يحاول التوصل لقرار ، حسناً هو لايزال غاضب منها ومن تصرفاتها المتهوره بعض الشئ ولكن رؤيتها ساكنه هكذا تؤلمه ، زفر بضيق وهو يندس جوارها فى الفراش ثم سألها بأهتمام :
-تحبى اندهلك عفاف ؟!..
حركت رأسها ببطء نافيه وانتظرت حتى استقر جسده فوق الفراش ثم تسللت تستند برأسها فوق صدره ، حاوط خصرها بذراعه كعادته وأغمض عينيه محاولاً النوم بعد ذلك اليوم المجهد ذهنياً وعضلياً له ، تنهدت حياة بحيره ، هل ما تفكر به صحيح ، بالطبع داخلها يتمنى ان يكون صحيحاً ، لا لن تتحمس ربما ما يحدث لها هو إرهاق وليس الا ، قطبت جبينها بتفكير حتى ان ايامها الخاصه لم تبدء بعد رغم حلول موعدها ، هل هى حقاً حامل رغم ان زواجهم الفعلى لم يمر عليه سوى شهر واحد ، حسناً هو فقط شهر ولكنهما كانا سوياً عدد من المرات يكفى لدزينه اطفال ، هذا ما فكرت به بسخريه وهى ترفع كفها وتتلمس برفق بطنها ، يالله ان مجرد التفكير يجعل قلبها يقفز فرحاً فكيف اذا صدق حدسها ، وماذا ستكون ردة فعل فريد اذا كان حقيقى ، طفل منه ينمو داخل أحشائها ، طفل صغير بمرحله جديده فى حياتها وحياته يتحولان معها من شخصين عاشقين إلى أبوين ناضجين ، ليس لديها شك بأن حنان فريد سيغدق طفلها القادم او ربما طفلتهم ، حسناً حسناً يكفيها تخيلات ، ستنتظر يومين أخريين ثم تذهب إلى الطبيبه لإجراء الفحص ، هذا ما قررته وهى تغمض عينها بسعاده وقد تلاشى كل غضبها منذ الصباح .
***********
رغم ترقبها الشديد خلال اليومين التاليين الا انها آثرت اخفاء تعبها المتزايد عنه حتى تتأكد وتخبره ، اما عن علاقتهم سوياً فلم يحدث تغييرعن تلك الليله ولم يتحدثا عنها ثانيةً ، فقط يسألها بأهتمام عن حالها ثم يسحبها داخل احضانه اثناء الليل ، اما عن العمل فلم يسمح لها بالخروج من باب الفيلا الداخليه كما اخبرها ولم تجادله مما اثار استنكاره واستنكارها هى شخصياً ، وبالنسبه لعلاقتها بنيرمين فأقتصرت على المكالمات الهاتفية وتلك الاخبار الخاصه بنجوى والتى تغدقها بها نيرمين لكسب ثقتها بشتى الطرق ، حتى انها أخبرتها عن مدبره منزلهم القديمه "عزه" وكيف كانت تنقل جميع اخبارهم وتفاصيل حياتهم اليوميه لنجوى ، مع بعض الجمل عن حماسها المتزايد لمصالحه فريد وبعض مقتطفات من ماضيها والذى كان اغلبه صحيحاً الامر الذى جعل حياة تتعاطف معها بالكامل بل وتبدلت نظرتها عنها وتمنت لو تحدث معجزه ما تتبدل بها حياة اخت زوجها والتى اصبحت فى نظرها ضحيه كفريد .
وفى مكتبه جلس فريد فى مقابله وائل الجنيدى بعد مراجعه كافه التفاصيل الخاصه لشراكتهم الجديده ثم وضع فريد توقيعه عليها بعدما مررها لوائل كى يوقعها اولاً ، صافحه وائل ليهنائه بسعاده قابلها فريد بجمود معتاد وهو يومأ له برأسه بأقتضاب ، سأله وائل بعدها مستفسراً منه :
-بالنسبه لعقود هناك هنعمل فيها ايه ؟!..
اجابه فريد بغموض :
-متشغلش بالك بيها انا هتصرف ..
لم يكن وائل لترضيه تلك الجمله لذلك اردف يقول متسائلاً :
-هتتصرف ازاى ؟!.. احنا علينا دفعات متأخره للمورديين هنا ولازم نسلملهم اى حاجه والا فلوسهم ترجع .. وانت عارف ان ده دلوقتى معناه افلاس الشركه ..
لوى فريد فمه بضيق فهو يعلم جيداً صدق حديثه ، كما انه التزم بكلمه ولن يستطيع الاخلال بها لذلك هتف مطمئناً لشريكه :
-متقلقش .. هسافر بنفسى اخلص هناك واتاكد ان البضاعه اتشحنت وهرجع ..
استرخت ملامح وائل وقد طمأنه حديث فريد فرغم كل ما يقال عن قسوه فريد الا انه يستطيع الثقه بكلمته ، عاد وائل يسأله للمره الاخيره وهو يستعد للرحيل :
-هى مدام حياة مش موجوده ؟!..
انتفض فريد من مقعده كأسد يستعد للاتقضاض على فريسته فى اى لحظه وهو يسأله بحده :
-انت عايز ايه من حياة !!!..
ارتبك وائل وشعر بالإحراج من اندفاعه الغير محسوب وأجابه مبرراً :
-لا ابداً انا بس استغربت انها محضرتش معانا اجتماعات امبارح والنهارده فكنت بطمن عليها ..
حدقه فريد بنظره محذره وهو يقول بضيق :
-شئ ميخصكش ..
علم وائل بتجاوزه لحدوده من نظرات فريد التى تنطلق كالسهام فى اتجاهه لذلك اثر الانسحاب واستأذن مسرعاً فى الرحيل .
***********
عاد وائل إلى مقر شركته وجلس خلف مكتب رئاسه الاداره وهو يلعن تهوره بصمت ، ماهى نوع الحماقه التى دفعته لسؤال زوجها عنها ، الم يستوعب قلبه بعد انها ملك لغيره ، وغيره هذا ليس غريب على الاطلاق بل هو شريكه ، تململ داخل مقعده بعدم راحه وهو يتذكر لقائهم الاخير ونظرتها وابتسامتها المرحه ، ان اعجابه بها يزيد يوماً عن يوم رغم وميض الحب الذى يلمع داخل عينيها بمجرد رؤيه زوجها ، متزوجه ، ظل عقله يردد تلك الكلمه عل قلبه يستوعبها ، لوى فمه بتهكم وهو يفكر بقله حيله فمنذ متى يتدخل العقل فى عمل القلب ، على سبيل العقل تذكر تلك المدعوه نيرمين اخت فريد والتى اثارت فضوله بما فعلته وعليه التقط هاتفه وطلب حضور مساعده ثم آمره بجديه بعدما أعطاه اسمها تأكيد شكوكه نحوها ومعاوده اخباره فى اسرع وقت ممكن ، أطاعه المساعد بخضوع ثم انصرف تاركاً المجال لرئيسه لمتابعه عمله .
***********
بعد انتهاء وجبه العشاء والتى سادها الصمت من جهه فريد وفقدان الشهيه من قبل حياة صعد فريد إلى غرفه نومهم وتبعته حياة ، تحدث إليها بأختصار بعد تناول قهوته :
-اطلبى من عفاف تحضرلى شنطه هدومى عشان مسافر بكره الصبح ..
اصاب حياة الاحباط بمجرد سماعها تلك المعلومه وفتحت فمها لتسأله بخفوت:
-هتغيب ؟!عشان اعرف محتاج قد ايه يعنى..
اجابها بأقتضاب وهو يراقب تعابير وجهها :
-حوالى ٥ تيام ..
خمسه ايام !!!! بدونه !! وهى من كانت تأمل بأجراء ذلك التحليل غداً وأخباره بنتيجته رغم شبهه تيقنها من النتيجه ، ثم أيجب عليهم فى كل مره الرحيل وهما على خصام !! ، زفرت بأحباط ثم قالت بنبره خفيضه حزينه :
-مفيش داع لعفاف هحضرهالك انا ..
قال معترضاً وهو يجلس فوق الفراش قبالتها :
-لا متتعبيش نفسك .. اطلبى من عفاف وهى عارفه هتعمل ايه ..
لوت فمها وهى تهز رأسها بضيق ثم سألته بصوت متحشرج من اثر دموع الاحباط :
-انت شايف انك هتتعبنى !!!!..
رفعت رأسها فى انتظار اجابته فرأى تلك الدموع المتلئله تلمع داخل مقلتيها ، لم يجيبها لذلك تحركت بخطوات مثقله نحو خزانه ملابسه لتبدء فى تحضير حقيبته ، تبعها بخطواته ووقف بجسده خلفها ثم مد ذراعيه يحتضنها من الخلف وأسند ذقنه فوق كتفها بصمت ، رفعت ذراعيها هى الاخرى تضعها فوق يده المحتضنه خصرها بتملك وهى تفكر بسذاجه هل يشعر بها وبما تحمله داخل أحشائها ، قاطع تفكيرها سؤاله لها بصوته العميق :
-تحبى تيجى معايا ؟!..
قاومت رغبه جامحه فى الاندفاع والموافقة ولكنها تذكرت ما يحدث لها فى الصباح وموعدها غداً إلى جانب قلقها من الطيران والمجهود الزائد لذلك اجابته على مضض رافضه :
-لا شوف انت شغلك وانا هستناك لحد ما ترجع ..
شدد من احتضان ذراعيه لها فأردفت تطلب منه بتوسل :
-فريد .. ممكن ارجع الشغل تانى ..
امتنع عن الرد لذلك حركت رأسها تنظر إلى جانب وجهه تستيبن رد فعله ، لم تجد ما يشجعها من ملامحه فأردفت تضيف :
-الشغل بس ومش هروح اى مكان من غير ما تعرف ..
زفر مطولاً ثم قال بهدوء وعلى مهل :
-متمشيش من غير حراسه .. وقبل ما تتحركى لاى مكان تبلغينى .. ومتقابليش حد غير بأذنى .. انت فهمانى طبعاً .. حياة صدقينى لو اللى حصل ده اتكرر تانى مش هضمن رد فعلى ..
هزت رأسها لها موافقه فتلك الليله بالذات لا تسعى لاغضابه ، حرك رأسه موافقاً بأستحسان هو الاخر وقد قرر كلاً منهما تجاوز ما حدث بينهم منذ يومان .
***********
بعد مرور يومان وفى غرفه مكتبها جلست حياة تبتسم ببلاهه وهى تضع يدها فوق بطنها كعادتها منذ تأكيد الطبيبه لها خبر حملها ، يالله انها الان حامل فى شهرها الاول ، كم تنتظر بفارغ الصبر عوده فريد وأخباره فهى تجاهد فى كل مكالمه هاتفيه بينهم الا ينفلت لسانها وتخبره بتلك المناسبه الساره فبعد كل شئ تريد رؤيه تعابير وجهه ورد فعله عند سماعه خبر حملها ، فقط عليها الانتظار ثلاثه ايام اخرى ، بالطبع مده طويله للغايه بالنسبه لها ، اعادها من شرودها طرق خفيف فوق باب غرفتها ، اعتدلت فى جلستها وعدلت من وضعها ثم أذنت للطارق فى الدخول ، تفاجئت بوائل الجنيدى يقف امامها بأبتسامه عريضه تملئ ثغره ، هتفت حياة بأستنكار :
-باشمهندس وائل ؟!.. خير !!..
تنحنح وائل محرجاً ثم اجابها مفسراً قدومه وهو يتقدم منها لالقاء التحيه عليها :
-خير .. كان عندى استفسار بسيط كده مع المحامى ولقيت نفسى بعدى من تحت الشركه فقلت اطلع اسأله بنفسى وبالمره اسأل على فريد ولما خلصت حبيت اسلم على حضرتك ..
كاذب ، هذا ما هتف به داخلياً ، لم يكن بحاجه للمجئ شخصياً هو فقط قادته ساقيه إلى هنا من اجل رؤيتها ، ابتسمت حياة له بود ثم قالت ببساطه :
-لا حضرتك ايه بقى ده حتى انا اصغر منك مفيش داع للرسميات دى بينا .. خليها حياة بس ..
بادلها وائل ابتسامتها بأخرى واسعه وهو يتمتم بحماس :
-موافق بس بشرط .. بلاش كمان باشمهندس دى خليها وائل ..
همت حياة بالاعتراض ولكن اوقفها رنين هاتفها الخلوى ، فالتقطته مسرعه بعدما اعتذرت منه ظناً انه فريد ، اصيبت بالاحباط عند رؤيتها هويه المتصل ولكنها أجابت على كل حال :
-كله تمام يا نيرمين الحمدلله ..
استمعت لسؤالها ثم اردفت تقول بأحراج :
-حبيبتى معلش معايا ناس .. شويه وهكلمك تانى ..
بالطبع التقط وائل الاسم من شفتيها فعاد يسألها بعد إنهاء مكالمتها :
-هى الاستاذه نيرمين قريبه منك ؟!..
قطبت حياة حاجبيها وهى تسأله بقلق :
-اها .. يعنى .. ليه في حاجه ؟!..
نظر وائل نحوها بتردد فأردفت تحثه على الحديث وقد اثار سؤاله فضولها :
-انا اقرب لنيرمين من فريد فتقدر تقول اه ..
ضغط فوق شفتيه ثم قال على استحياء :
-بصراحه فى حاجه كنت عايز الفت نظر فريد ليها بس مش وقته .. يرجع بس الاول ..
لقد اثارت جملته قلقها حقاً لذلك اندفعت تسأله بتوسل :
-لا من فضلك .. لو حاجه تخص نيرمين من فضلك تبلغنى بيها الاول ومن غير ما تسألنى ليه بس ده الاصح ..
انهت جملتها وانحنت تلتقط قطعه ورقيه صغيره وقامت بتدوين رقمها فوقها ثم اعطته له مستطرده برجاء :
-ده رقمى .. لو سمحت اى حاجه تحصل بلغنى فوراً ..
اومأ لها وائل رأسه موافقاً بتردد فهو لا يعلم اذا كان صائباً فى أخبارها هى بدلاً من فريد ام لا ، على كلاً سيفكر ملياً ثم يقرر من سيخبره اولاً ، هذا ما قرره وهو يحيها مودعاً قبل انسحابه للخارج تاركها تشعر بالقلق والذعر من القادم .
****************
هتفت نيرمين متسائله بأرتياب وهى تجلس امام صديقتها وشريكتها فى التخطيط :
-نجوى .. انتى متأكده اننا هننجح وهتصدقنى .. المره دى هتبقى تقيله اوووى ولو راحت او بلغت فريد هنروح فى داهيه ؟!..
اجابتها نجوى بنبره عدائيه واضحه بعدما زفرت بتأفف :
-يوووه يا نيرمين مش معقول كده .. كل ما اقولك حاجه تسمعينى نفس الاسطوانه !!! انا بجد زهقت ..
انكمشت نيرمين داخل مقعدها من عداء صديقتها الغير مبرر ثم سألتها بأستهجان :
-فى ايه يا نجوى !! مالك بتتعاملى معايا كده ليه ؟!.. انا بس بفكر معاكى بصوت عالى !!..
صاحت نجوى بعصبيه مدافعه عن نفسها وفكرتها :
-عشان انتى وترتينى .. وكل شويه تطلعى بحجه عشان متنفذيش مع ان افضل وقت نتحرك فيه وفريد مسافر ..
حاولت نيرمين استرضائها فقالت مبرره :
-انا مش بطلع بحجج .. بس المره دى فيها تزوير وفريد مش سهل .. لو عرف هتكون نهايتى ونهايتك ..
اجابتها نجوى وهى ترمقها بنظرات حاده :
-لو مش عايزه كنتى قلتى من الاول وكنت ظبطها مع حد تانى .. بس متجيش دلوقتى بعد ما اعتمدت عليكى وهى وثقت فيكى تخافى .. انا شفت غيرتها قبل كده وعارفه انها مش هتتحمل .. وبعدين لو حصل وفريد عرف ابقى قولى انا ضحكت عليكى زيها .. خلاص ولا فى حجج تانى ؟!..
حركت نبرمين رأسها على مضض موافقه وأجابتها رغم ترددها الملحوظ :
-خلاص خلاص .. حضرى الصور والاوراق وبكره هنفذ ..
اندفعت نجوى تقول بسخط :
-الاوراق والصور جاهزه من يومين .. وانا هبعتلها بس حضرتك تكونى جاهزه عشان الاساس كله عليكى ..
قالت نيرمين بفتور وهى تفكر بجديه فى صواب ما يفعلاه :
-ماشى نفذى بكره وهتلاقينى معاكى .
************
فى مساء اليوم التالى وبعد عوده حياة من الشركه أضاء شاشه هاتفها معلناً عن وصول عده رسالات نصيه متتابعه ، التقطه حياة بلهفه فربما فريد قرر ارسال رساله لها ، لقد اشتاقته حد الجنون رغم حديثه معها عده مرات خلال اليوم ولكن كيف لقلب عاشق مثلها ان يكتفى بمكالمه او اثنان ، فتحت هاتفها ونظرت فى فحوى الرسائل المرسله من رقم مجهول ، ثم جحظت عينى حياة للخارج وازدات حده تنفسها ، انه زوجها !! نعم هو فريد ، بمواضع حميميه !!! مع من ؟! نجوى !!!!! لن تصدق ، لن تصدق ، تلك الصور مركبه ، هذا ما ظلت تهتف به إلى ان جائتها رساله مصوره اخرى ، عقد زواج عرفى ، قرأته بأنفاس مقطوعه ودقات قلب متسارعة ، عقد زواج فريد ونجوى !! بحثت عينيها بلهفه عن توقيعه للتأكد ، بدءت الدموع تترقرق داخل مقلتيها فهى تعرف توقيعه جيداً وتعاملت معه الالاف المرات ، وهو نفس ذات التوقيع الواقع هنا فى ذلك العقد ، قرأته مره ثانيه وثالثه ورابعه ربما هناك خطأ ما ، لا ليس هناك اى اخطاء ، العقد بتاريخ قديم قبل حتى عقد زواجهم بشهر، اى انهم معاً منذ ٤ اشهر ، لا فريد لا يفعل بها ذلك ، هذا ما فكرت به ودموعها تنساب فوق وجنتيها بقوه ، رساله مصوره اخيره من ذلك الرقم المجهول من احد المعامل المشهوره ، تحليل حمل بأسم نجوى سعيد العمرى ، النتيجه ايجابيه ، صرخت حياة وهى تلقى الهاتف من بين يديها ، ما هذا الكابوس الذى سقطت به ، لا يعقل ، فمنذ زواجهم وهو يبيت كل ليله داخل منزله حتى فى بدايه زواجهم عندما كانت غرفهم منفصله كان يبيت كل لياليه فى غرفته وايضاً منذ ما يقارب الشهرين وهى معه فى العمل وفى الليل تنام داخل احضانه ، ولكن ايضاً تاريخ العقد قبل زواجهم ، شهقت بفزع ، هل يعقل ان حديثه تلك الليله على ان سفريته قضاها معها صحيح ؟!، وهى من ظنته قال لها ذلك من اجل أحزانها ، لا فريد لا يفعل ذلك ، بدءت الرؤيه لديها تتشوش من كثره الدموع المنهمره من مقلتيها ، ستواجهه والان ، ستهاتفه وتستعلم منه عن كل ذلك الهراء الذى وصل إليها ، تحركت لتمسك هاتفها وتخرج رقمه وفى تلك اللحظه صدع رنينه معلناً عن ورود اتصال جديد لها من نيرمين ، لم تكن حياة فى حاله تسمح لها بالاجابة عن اى اتصالات لذلك رفضت الاتصال ، عاودت نيرمين اتصالها عده مرات متتالية دون انقطاع يليها رساله نصيه مختصره مفادها انها بالخارج تريد التحدث إليها بأمر عاجل لا يحمل التأخير والحرس يمنعها من الدخول ، تُرى هل ستخبرها بشئ ما يخص تلك الصور والعقد ، اندفعت تستقبلها بأمل فربما تخبرها بكذب تلك الصور وذلك العقد والتحليل ، أعطت حياة اوامرها للحارس بأفساح المجال لنيرمين والسماح لها بالدخول ، هّم الحارس بالرفض ولكن قاطعه صراخ حياة به بشراسه وهى تدفعه بقوه ليسمح لنيرمين بالقدوم فهى فى حاجه ماسه لسماع ما يريح قلبها ، انصاع الحارس فى الاخير لأوامرها خصوصاً وهو يرى الحاله العصبيه التى تمر بها ، سمح لنيرمين بالدخول ثم اخرج هاتفه ليخبر سيده بما حدث .
اما عن نيرمين فقد هرولت تلحق بحياة التى سبقتها للداخل وهى على يقين ان مخططها مع نجوى قد اصاب هدفه ، فحياة على وشك السقوط مغشياً عليها من شده الإعياء وشحوب الوجه ، اخذت نفساً عميقاً متصنعه الهلع ثم هتفت بلهفه انطلت جيداً على حياة التى لم تكن ترى الامور بشكل سليم :
-حياة هاتى تليفونك لو سمحتى ..
سألتها حياة بحده وهى تبتعد عنها عده خطوات :
-ليه !!! عشان مشوفش اللى هيتبعتلى !! اتاخرتى يا نيرمين ..
شعرت نيرمين بالانتصار من تصديق حياة لتمثليتها فأردفت تسألها متصنعه القلق :
-قصدك ايه !! اوعى تقوليلى ان نجوى بعتتلك حاجه !!..
صرخت حياة تجيبها :
-هى بعتتلى حاجه واحده بس !!.. دى بعتتلى كل حاجه ..
تحركت نحو نيرمين مرةً اخرى ثم رفعت ذراعها تهزها بعنف وهى تهتف بتوسل :
-انتى كنتى صاحبتها .. قولى ان ده مش حقيقى .. قولى فريد ميعملش كده فيا ..
اخفضت نيرمين رأسها لتهرب من النظر فى عينيها ثم اجابتها بخفوت :
-انا كان نفسى ألحقها قبل ما تبعتلك بس ملحقتش للاسف ..
مسحت حياة دموعها المنهمره بضهر كفيها ثم سألتها بهدوء نسبى وترقب :
-قصدك ايه ؟!...
ابتعلت نيرمين لعابها بتأثر مدروس ثم قالت بخفوت :
-نجوى كلمتنى وهى فى حاله هيستريا وهددتنى لو فريد مكلمهاش النهارده هتبعتلك وهتقولك كل حاجه .. وانا حاولت اكسب وقت لحد ما اوصل لفريد واحذره بس طبعاً انتى عارفه هو قد ايه بيكرهنى .. فملقتش حل قدامى غير انى اجى هنا وأحاول اخبى الرسايل دى عنك ..
ضيقت حياة عينيها فوق نيرمين تسألها بأستنكار :
-يعنى انتى كنتى عارفه !!.. عارفه ان فريد متجوزها !!..
هتفت نيرمين مدافعه عن نفسها بمهاره :
-حياة لو سمحتى اهدى .. دى كانت حاجه قديمه قبل ما فريد حتى يتجوزك .. وانا متأكده انه من بعد جواركم مبقاش له اى علاقه بيها ..
صرخت حياة بهيستريا لتقاطعها :
-قديم !!! وحملها ده كمان قديم .. انا لازم اعرف التفاصيل ..
اجابتها نيرمين وعيونها تلمع بأنتصار فزوجه اخيها تصدقها بالكامل :
-بصراحه هو جواز فريد من نجوى كان غلطه يعنى .. كل الحكايه انهم فى يوم كانوا بيشربوا مع بعض وتقلوا شويه فى الشرب وتانى يوم فاقوا لقوا نفسهم سوا .. طبعاً ده اللى نجوى حكتهولى .. وبعدها جه موضوع جوازكم وكل ما فريد كان بيحاول يطلقها كانت بتهدده انها هتبلغك .. وصدقينى هو عشان بيحبك كان خايف يخسرك ..
ارتمت حياة على اقرب مقعد لها فقدميها لم تعد قادره على حملها بعد كل ما سمعته ، ظلت تشهق وتنتحب بقهرحتى نفذت دموعها وشعرت بكل قواها تختفى ، رفعت كفها تتلمس بطنها بحسره ثم سألت نيرمين بخفوف وهدوء عجيب :
-وحملها ؟!..
اجابتها نيرمين بأقناع :
-انا بلغتك ان فريد من ساعه ما اتجوزك مبقاش له اى علاقه بيها .. والحمل حصل يومها ..
قاطعتها حياة متسائله بأعتراض :
-بس تاريخ التحليل من شهرين بس ..
اجابتها نيرمين مفسره بمهاره :
-انا كمان اخدت بالى من كده وهى لما بلغتنى مصدقتش برضه.. لحد ما فى يوم روحت معاها الدكتوره وشفت بنفسى ..
بحديثها هذا قضت نيرمين على اخر امل يراود حياة لذلك اخذت نفساً عميقاً ثم قالت بأنكسار :
-بعنى انتى كنتى عارفه ان اخوكى هيبقى عنده طفل وساكته ..
اجابتها نيرمين مدعيه البراءه :
-بصراحه فى الاول مكنتش مهتمه ويمكن اكون مبسوطه عشان نجوى .. بس بعد ما شفت وشها المنافق واتعرفت عليكى كويس خفت تعرفى وحياتكم تدمر ..
هزت حياة رأسها بضعف وهى تلتقط هاتفها وتتحرك نحو الدرج ، ركضت خلفها نيرمين تستوقفها وهى تسألها بقلق :
-انتى رايحه فين ؟!..
اجابتها حياة بنبره خفيضه منكسره :
-ولا حاجه .. هطلع انام .. لو سمحتى سبينى لوحدى دلوقتى ..
لم تجادلها نيرمين فمهمتها نُفذت على اكمل وجهه وما تبقى فى يد حياة لذلك اومأت برأسها لها موافقه ثم انصرفت نحو الخارج .
***************
صعدت حياة إلى غرفتها وهى تجر اذيال الخيبه خلفها ، فعقلها لا يستوعب بعد كل ما علمه حتى الان ، وهى من كانت تنظر عودته على احر من الجمر لتخبره ببشرى ابويته وهو فى الاساس اب ، لوت فمها بتهكم مرير وهى تجلس فوق الفراش بجمود وتفكر بقهر ، هذا يفسر كل شئ ، فالطالما كانت تتسائل عن سر تهاونه مع نجوى والان أضحت الاجابه واضحه امام عينيها ، ببساطه لانها زوجته حتى لو كان بعقد عرفى هى تسمى زوجته !!، عادت الدموع لتملئ عينيها مرةً اخرى ، يبدو ان السعاده تأبى ان تكتمل معها ، صدع رنين هاتفها وتلك المره المتصل هو فريد نفسه ، بالطبع اخبره حارسه بزياره نيرمين لذلك يهاتفها رغم فارق التوقيت بينهم ، اجابته بنبره خافته حاولت قدر الامكان اخراجها طبيعيه ، اما هو فهتف بها بحده متسائلاً على الفور :
-حياة .. نيرمين كانت هنا بتعمل ايه !! انا مش نبهت عليكى قبل كده !!! ..
بمجرد سماعها صوتها بدءت تشهق فى البكاء دون مقدمات ، استمع إلى بكائها بقلب قلق ظناً منه ان بكائها بسبب حدته معه ، لقد اتخذ قراره ، عندما يعود سينهى مع والده موضوع نيرمين إلى الأبد ، هتف اسمها بنعومه بعد فتره من استماعه لشهقاتها المتلاحقة محاولاً تهدئتها فأجابته بنبره ضعيفه متحشرجه :
-فريد .. ممكن نتكلم بعدين .. عشان خاطرى بلاش النهارده
زفر بضيق ثم قال بحزم قبل إنهائه المكالمه :
-طيب تمام .. انا هحاول اخلص الشغل هنا واركب طياره بكره وبليل هكون عندك ..
انهت معه المكالمه بوداع مقتضب واستلقت فوق الفراش تحاول الوصول لقرار ما ، لن تفرط فى طفلها مهما حدث ، هذا اول قرار اتخذته ، ولكنها ايضاً لا تستطيع العيش مع فكره وجود طفل اخر لديه ومن تلك الحرباء نجوى ، لا لن تسمح لمأساته ان تتكرر مع طفلها ، ومع وجود عقد زواج بينهم تخشى تكرار ماضى والده ووالدته معه ومعها ، إذاً ما الحل ؟!، هل تجبره على التخلص من ذلك الطفل ، لا فضميرها لا يسمح لها وحتى اذا سمح لها ، اين تذهب من عقاب الله لها !! ، لا يوجد سوى الحل الذى كانت تخطط له من البدايه ، ستفر هاربه بروحها وطفلها ، نعم على الاقل مؤقتاً هى ستحمى نفسها وطفلها وليحدث ما يحدث بعدها ، هذا ما قررته بأصرار وهى تغمض عينيها محاوله السيطره على شعور الغثيان الذى اجتاحها
فى الصباح انتظرت حياة شروق الشمس ثم بدءت تتحرك لتنفيذ خطتها ، هذا اخر قرار اتخذته ، لن تجلس فى منزله دقيقه واحده وهى على علم بزواجه من اخرى ، وحتى لا تثير الشك ستتحرك كالمعتاد فقط بحقيبه يدها ، تناولت حبوب الغثيان التى نصحتها الطبيبه بتناولها فى الصباح لتقليل شعورها به واغتسلت جيداً ثم ارتدت ملابس عمليه مريحه عباره عن بنطال من الجينز وحذاء رياضى ابيض مع جاكيت رياضى وحقيبه ضهر صغيره ، حانت منها التفاته اخيره لتلك القماشه المطويه بين ملابسها والتى أعطاها لها فريد يوم زفافهم ، رفعتها إلى فمها لتقبلها ثم وضعتها داخل حقيبتها وتركت هاتفها فوق المنضده فبعد كل شئ هى لا تريده ان يتتبعها من خلاله ، هبطت للأسفل متوجهه نحو الحديقه وطلبت من الحارس الذهاب إلى مول تجارى لشراء بعض الأشياء الخاصه ، تردد الحارس فى موافقته ثم تحرك مبتعداً عنها ، كانت تعلم انه يأخذ الإذن من رئيسه اولاً ولكنها لم تهتم ، يكفيها الخروج من ذلك المنزل ونجاح خطتها
***********
هتف وائل فى مساعده بتأثر وهو يضع سماعه هاتفه فوق اذنه :
-انت متأكد من الخبر صح ؟!.
أكد له مساعده الشخصى بثقه :
-ايوه يا فندم .. انا فضلت وراها بنفسى وشفتها وهى بتتعامل مع ديلر فى منطقه **** وبعدها عرفت بطريقتى ان الولد ده تخصص نوادى ليليله وولاد الناس اللى زى حالتها .. وعرفت انها بتتعامل معاه بقالها شهر او اكتر ..
اغلق وائل معه الهاتف بأحباط فرغم كل شئ هى فتاه جميله للغايه لسلك ذلك الطريق المحتوم نهايته ، امسك هاتفه وظل ينظر إليه فتره محاولاً اتخاذ قراره ، هل يخبرها ام لا ؟!، انتظر عده دقائق اخرى ثم اخرج قصاصه الورقه من جيب ردائه الداخلى ليهاتفها ، ظل يستمع إلى جرس الهاتف منتظراً اجابتها ، انتهى الجرس دون رد ، عاود المحاوله عده مرات اخرى دون جدوى ، انهى اتصاله وقد قرر معاوده الاتصال بها فى وقت لاحق فهذا امر لا يقبل التأخير
***********
بعد حوالى ساعه كانت حياة تقف امام المول التجارى الذى وقع اختيارها عليه بسبب قربه من خطوط السكك الحديدية ، تحركت وتحرك خلفها حراستها وعند وصولها إلى محل المستلزمات الاسلاميه طلبت منهم انتطارها فى الخارج لشراء هديه لاحد زميلاتها ، بعد قليل خرجت وهى تحمل فى يدها حقيبه المتجر والتى تحتوى على زى شرعى "نقاب" لإخفاء وجهها
بعد زيارتها عده محال تجاريه اخرى حتى لا تثير الشك طلبت منهم الذهاب إلى المرحاض ثم قامت بتبديل ثيابها وارتداء لباسها الجديد ثم نظرت فى المرآه لتتأكد من اخفاءه لهويتها ، هزت رأسها برضا فذلك الرداء الاسود اخفى ملامحها وجسدها بالكامل ، اخذت نفساً عميقاً ثم تحركت للخارج بحذر شديد وكما توقعت لم يهتم الحراس بالنظر إليها فنظرتهم جميعاً كانت مسلطه على الباب فى انتظار خروجها بهيئتها الطبيعيه ، تحركت بتأنى حتى وصلت إلى باب الخروج ثم ركضت إلى الخارج تستقل اول سياره اجره صادفتها متجهه نحو محطه القطار لتستقل اول واحد يقابلها
تحرك رئيس الحراس فى مكانه بملل وهو يرفع ساعده لينظر فى ساعه يده ، لقد مر حوالى نصف ساعه وسيدته لم تخرج حتى الان ، هل ما تفعله يستغرق كل ذلك الوقت ، لقد بدء الشك يراوده لذلك وعند خروج احد السيدات من المرحاض اوقفها ليسألها بأدب اذا كانت توجد سيده بمواصفات حياة فى الداخل ليطمئن عليها ، اجابته السيده بأنها كانت فى الداخل بمفردها وعليه تحرك إلى رئيس امن المول يشرح له الامر ويطلب منه الدخول للبحث عنها ، بعد التأكد من خلو منطقه الحمام اندفع رئيس الحراسه مع ما تبقى من حرسه للبحث عنها ولم يجد لها اثر ركض وحراسه داخل المول بأكمله وخارجه بحثاً عنها دون جدوى ، رفع هاتفه بعد يأسه فى إيجادها بهلع ليخبر فريد الذى كان فى وسط اجتماع هام مع شركائه الألمان ، التقط فريد الهاتف مسرعاً ليستمع إلى صوت رئيس حراسه يخبره بصوت مذعور :
-فريد بيه .. حياة هانم اختفت ..
متى تخضعين لقلبى
الفصل الثلاثون..
فى غرفه وكيل النيابه جلست جيهان تنتظر بتوتر دخول منصور فى اى لحظه ، ترى ما سبب تلك الرغبه الملحة فى رؤيتها ، لا يهم هى فقط تتمنى ان تمضى تلك الزياره على خير والا يورطها معه فى شئ جديد ، هذا ما فكرت جيهان بحنق وهى فى انتظاره
دلف منصور الغرفه بثقه ثم سحب المقعد المقابل لها وجلس فوقه بتفاخر كعادته ، قطبت جيهان جبينها تنظر إليه بأستنكار فهيئته وملابسه لا توحى ابداً بمعاملته كمتورط فى قضيه قتل ، ابتسم منصور لها بسماجه وهو يسألها بسخريه محاولاً اللعب بأعصابها :
-ايه يا جيجى هانم .. لازم ابعتلك عشان اشوف وشك الجميل ده ؟!.. معقول هان عليكى منصور شريكك ..
ضغط على حروف كلمته الاخيره بنبره ذات مغزى جعلت جيهان تزدرد لعابها بصعوبه وهى تجيبه بنبره متوتره :
-عايز ايه يا منصور !! انت عارف ان وضعى حساس ومكنش بنفع ازروك ابداً عشان الشكوك ..
اجابها منصور بكلمه واحده وهو يبتسم لها بشراسه :
-حريتى ..
سألته جيهان باستنكار :
-حريتك ؟!!!..
اومأ رأسه لها موافقاً ببرود ثم قال مؤكداً بأقتضاب :
-بالظبط ..
عادت جيهان تسأله باستهجان :
-وانا هعمل ايه فى حريتك يا منصور ؟؟!!!!..
مط منصور شفتيه كعلامه على استيائه ثم اجابها بنبره خفيضه موتره :
-ما بلاش لف ودوران يا جيجى هانم .. ولا انتى فاكره انى دخلت السجن وانتى هتفلتى بعاملتك !!!.. مظنش انك شايفانى غبى كده ..
سألته جيهان مستفسره وقد بدء الرعب يتملك منها :
-قصدك ايه .. وبعدين انت متقدرش تثبت حاجه عليا .. حتى لو اتكلمت مفيش حاجه تثبت كلامك ده ..
اتكأ منصور بجسده فوق مقعده ثم سألها بشك :
-متأكده ؟!!..
اجابته جيهان بثقه وهى تحرك كتفيها بعدم اهتمام :
-اها .. اتفقنا كان كلام وبس .. لا فى بينا ورق ولا انا ساعدتك فى حاجه تانى ..
ابتسم منصور بأستهزاء ثم اجابها بنبره خفيضه مستمتعاً بقلقها :
-عندك حق .. مكنش فى بينا ورق ..
صمت قليلاً ليضيف بعض الإثارة لحديثه ثم اردف يقول بخبث :
-بس فى تسجيل بصوتك الحلو ده واحنا بنتفق هنخلص من فريد ومراته ازاى ..
شهقت جيهان بصدمه ثم قالت بعدم تصديق :
-كدب ..
اومأ منصور رأسه لها موافقاً بخضوع ثم قال بعدم اهتمام :
-عايزه تصدقى انه كدب صدقى .. قدامك بالظبط اسبوعين تكونى رتبتى طريقه هروبى من هنا .. بعد الاسبوعين بيوم هعترف انك شريكتى فى كل حاجه وهقدم التسجيل ..
هتفت جيهان به بحنق مستفسره :
-وانا ههربك ازاى انت بتهزر .. كده غريب وفريد هيشكوا فيا !!!..
هز منصور كتفيه بعدم اهتمام ثم اجابها وهو يعتدل فى وقفته :
-مش مشكلتى انتى خططك كتير ومعارفك اكتر ومش هتغلبى .. اسبوعين بالظبط والاقيكى قدامى بتقوليلى ان كل حاجه جهزت ..
انهى جملته وتحرك بجسده للخارج طالباً من فرد الامن إعادته للزنزانه تاركاً جيهان ترتجف رعباً من فكره كشف امرها .
************
فى احدى القرى البعيده والتابعة لمحافظه دمياط جلست حياة تنظر بشرود من خلف النافذه الحديديه فى احدى غرف منزل صديقتها منذ الدراسه ريهام ، ان ريهام هى الاختيار الأمثل بالنسبه لحياة فى الوقت الحالى وذلك بسبب تواجدها فى مدينه اخرى مما يصعب على فريد عمليه البحث عنها ، فريد ، مجرد التفكير به جعل قلبها يعتصر ألماً من شده الشوق إليه فقد مضى اسبوع على رؤيتها له وحوالى ٤ ايام منذ سماعها صوته ، تشتاقه ؟! ، لقد تعدى شوقها له حدود العقل والقلب ، بدءت الدموع تعود لتبلل وجنتيها كعادتها منذ تركته ، احتضنت تلك القماشه الغاليه على قلبها والتى تتمسك بها ككنزها الثمين منذ هروبها تنظر بداخلها ، تنهدت بشوق وهى تتذكر يوم زفافهم يوم سلمها إياها وكيف وقعت فى حبها على الفور ، مثلها مثل صاحبها ، "قلبى يحدثنى بأنك متلفى " . ابتسمت بحنين واناملها تتلمس تلك الحروف المنقوشه ببراعه مذهله ، هو من أتلف قلبها ، هذا ما فكرت به بحزن وهى تطبع قبله عاشقه فوقها ، مسحت بأصابع مرتجفه بعض العبرات الساقطه فوق وجنتها ثم انزلق كفها لتمسد بحنان بطنها وتهدهد تلك القطعه الصغيره منه والتى تنمو بداخلها ، لقد فعلت كل ذلك من اجله ، لو كان الامر مقتصراً عليها لحاربت حتى اخر رمق بها من اجل زواجها ، لكانت ركضت عائده إلى احضانه تتلمس بداخله الراحه والامان ، ولكن اكثر ما تخشى عليه هو طفلها الذى لم يولد بعد ، تخشى ان يلاقى مصير والده على يد طفل غريمتها والتى تمقتها حد الموت ، تنهدت بحزن وهى تستند برأسها فوق الأسياخ الحديديه للنافذه الصغيره ، هل مازال يفكر بها ، وماهى رد فعله عن هروبها ، هتفت بقهر متضرعه "يارب " فكل ما تتمناه تلك الايام ان يُربط الله على قلبها حتى تستطيع تخطى ذلك الالم الغير محتمل الذى يعتصر قلبها ويزهق روحها حزناً على فراقه ، اغمضت عينيها بوهن وقد عاد ذلك الالم الجسدى ليضربها من جديد ، زفرت عده مرات فى محاوله منها لتخفيفه وهى تدلك بطنها برفق حتى بدء يخفت ويتلاشى كعادته منذ يومان
ظلت ريهام تراقب حال صديقتها والتى منذ وصولها بهيئتها الشاحبه وطلبها الغريب فى المكوث معها عده ايام تشعر بوجود خطب ما بها ، والاسوء انها تمتنع عن الطعام والشراب وتظل هكذا تنظر إلى الفراغ اليوم بأكمله ، هتفت ريهام بأسمها عده مرات حتى انتبهت لها حياة والتفت تنظر إليها ببطء ، سألتها ريهام وهى تقترب منها وتربت فوق كتفها مشجعه :
-وبعدين بقى يا حياة .. انتى لسه برضه مش عايزه تاكلى ؟!..
هزت حياة رأسها على مضض نافيه فأردفت ريهام تقول بنبره عطوفه :
-يابنتى انتى بقالك ٤ ايام اهو لا بتاكلى ولا بتشربى .. شويه وهتموتى من قله الاكل !!.. ومش عايزه تقولى فيكى ايه .. مش معقول اللى بتعمليه فى نفسك ده مهما كانت المشكله ليها حل..
ضغطت حياة فوق شفتيها تحاول السيطره على سيل الدموع المهدد بالانفجار فى اى لحظه ، استطردت ريهام تسألها بتوسل مستفسره :
-طب قوليلى بس وريحينى .. والدك زعلك زى ما كان بيعمل ايام الكليه ؟! ..
هزت رأسها مره اخرى نافيه دون تعقيب ، زفرت ريهام بأستسلام ثم قالت وهى تهم فى الوقوف :
-طيب انا مش هضغط عليكى لما تحبى تتكلمى انا موجود وهسمعك .. بس دلوقتى عشان خاطرى كلى اى حاجه لحد ما انزل اشترى شويه طلبات وارجع .. ماشى ؟!..
هزت حياة رأسها موافقه بصمت وهى تبتسم لها بخفوت ، بادلتها ريهام ابتسامتها بأخرى مشجعه وهى تلوح لها بيدها قبل اختفائها خلف باب المنزل الذى أغلقته خلفها بأحكام .
بعد ما يقارب نصف ساعه سمعت حياة عده طرقات فوق باب المنزل الخشبى الشبهه متهالك ، قطبت جبينها وهى تفكر بأستنكار ، ترى هل نست ريهام مفتاح المنزل ؟!. فتلك مرتها الاولى التى تقرع بها الباب ، ربما تحمل الكثير من الأشياء والتى تمنعها من استخدامه ، هذا ما فكرت به حياة مبررة وهى تتحرك ببطء نحو الباب لتفتحه
شهقت بصدمه وهى تتحرك عده خطوات للخلف مذعوره ونظرها مسلط عليه بهيئته المشعثه و نظراته الغاضبه المسلطه فوقها ، هل هو امامها حقاً ام ان عقلها يخيل لها ذلك من كثره شوقها ، رفرفت برموشها عده مرات لتتأكد مما تراه امام عينيها الان ، همست اسمه بعدم تصديق بعدما تأكدت من وقوفه امامها حقاً :
-فريد ..
هز رأسه مؤكداً بشراسه وهو يتحرك فى خطوات ثابته نحوها حتى دلف داخل المنزل واعطى امرأ لحراسه قائلاً بجمود شديد :
-خليكم هنا ..
انهى جملته واغلق الباب خلفه بحده قائلاً بنبره ناعمه كالحرير وهو يرفع حاجبيه معاً :
-فريييد .. جوزك ..
قبض على ذراعها بقوه وغرز اظافره داخل مرفقها مما جعلها تتأوه بخفوت ثم اضاف بشراسه وهو يضغط على حروف كلماته :
-اللى فكرتى نفسك ذكيه بزياده عشان تهربى منه ..
همست اسمه بتوسل ليتركها فهتف بحده يقاطعها بأشمئزاز :
-اياكى .. إياك تنطقى اسمى ده على لسانك تانى فاهمه !!! ..
رفعت رأسها بتوجس تنظر لملامح وجهه لعلها تستنبط شئ منها ، كان وجهه لا يفسر من شده الغضب مع نظرات الاشمئزاز التى يرمقها بها للمره الاولى فى حياتها ، تسمرت نظراته فوقها وهو يرى بكائها بصمت ثم دفعها بحده فوق الاريكه البسيطه الموضوعه بمدخل الغرفه قبل سحبه لاحد المقاعد الخشبيه والجلوس قبالتها بطريقه عكسيه ، ابتلعت حياة لعابها بصعوبه محاوله استجماع جزء بسيط من شجاعتها او ثباتها امامه فلو كانت النظرات تقتل لسقطت صريعه امام حده نظراته ، تحدث فريد بنبره عدائيه للغايه ربما سمعته يحدث بها اعدائه ولكن هى !! يبدو ان ذلك اليوم سيحدث به الكثير من الأشياء للمره الاولى ، هذا ما فكرت به حياة بذعر وهى تستمع إليه يقول :
-قولى ان اللى عملتيه ده ليه علاقه بزياره نرمين ليكى عشان صدقينى دى فرصتك الوحيده اللى ممكن اديهالك ..
لا لقد قطعت شوطاً كبيراً فيما قررت فعله ومن نظراته لها علمت انها خسرت رفقه معها وربما حبه ولم يتبقى لها سوى طفلها لحمايته لذلك اخذت نفساً عميقاً ثم اجابته بشجاعه هشه :
-محدش ليه علاقه باللى عملته .. انا اللى مش عايزه اكمل ..ولو سمحت خلينا ننفصل بهدوء ..
بمجرد سماعه جملتها انتفض من جلسته ودفع المقعد بقدمه ثم جذبها من مرفقها مره اخرى حتى تقف قبالته ثم قال بأحتقار وقوه :
-مش فريد اللى مراته تهرب منه .. وبرضه مش فريد اللى واحده تقوله انها عايزه تسيبه حتى لو كان روحه فيها .. يوم ما زهق منك انا اللى هرميكى .. زى بالظبط ما كان جوازنا مش بمزاجك انفصالنا برضه مش بمزاجك ..
كان صدره يعلو ويهبط من شده الانفعال رغم انخفاض نبرته اما عن وجهه فقد تحول إلى قطعه قرمزية من شده الغضب والضغط فوق فكه ، كانت تعلم انها تجاوزت معه الحدود التى من الممكن ان يقبل بها وانها كانت تتمسك بسراب ولكن طفلها يستحق تلك المحاوله لذلك سألته بتوجس :
-قصدك ايه ؟!..
اقترب منها حتى شعرت بأنفاسه الساخنه السريعه تلفح وجهها ثم اجابها بنبره شرسه ولكن خفيضه تشبهه الفحيح :
-يعنى فى مليون طريقه ارجعلك بيها تحت رجلى تانى اولهم الطاعه ..
شهقت حياة بفزع من قسوته وبدء جسدها يرتجف تحت لمسته ناهيها عن ارتجافته الداخليه التى اصابتها منذ رأته امامها فذلك الجانب منه يخيفها حتى الموت ، اردف فريد حديثه بنبره واثقه :
-بس انا مش عاجز عشان ارجع مراتى بالمحاكم ..
سألته حياة بنبره مرتجفه للغايه :
-قص.. قصدك ايه ..
ابتسم بشراسه وهو يخرج هاتفه من جيب سترته ثم ضغط على عده ارقام وقام بتفعيل مكبر الصوت منتظراً اجابه الطرف الاخر ، استمعت حياة اجابه الطرف الاخر ثم هتفت بصوت باكِ :
-ماما ..
اجابتها آمنه بنبره قلقه متسائله :
-حياة .. بنتى .. انتى بتكلمينى من تليفون فريد ليه ؟!.. ومال صوتك ؟!.. ومين الناس اللى واقفين حوالينا دول يا بنتى ؟!.. بيت ايه ده اللى هيمشونا منه انا وابوكى !!.. انا مش فاهمه حاجه .. ومحدش عايز يطمنى .. عايزين يرمونا فى الشارع على اخر الزمن يا حياة .
رفعت حياة رأسها تنظر بقهر لفريد الذى كان يقف امامها بتفاخر وعلى ما يبدو بدء هدوئه بتلك المكالمه يعود إليه ، بالطبع لم لا يعود إليه وقد التقطت تهديده لها بوضوح !!، أخذت نفساً عميقاً لتهدئه خفقات قلبها ومسحت بأناملها دموعها المنهمره ثم أجابت والدتها بنبره حاولت قدر الامكان مطمئنه :
-متخافيش يا ماما مفيش حاجه ده اكيد سوء تفاهم مش اكتر .. محدش هيتحرك من بيته ولا حد هيقدر يطلعك منه ..
نطقت جملتها تلك وهى تنظر داخل عيونه بنظره ذات مغزى جعلته يلوى فمه بأبتسامه رضا ، فرغم كل شئ هو يعلم جيداً نقطه ضعفها ويعلم انه اذا ضغط عليها بالأسلوب المناسب ستنصاع لكافه اوامره ، انهت مكالمتها مع والدتها ثم قالت بخضوع تام دون النظر إليه :
-هدخل اغير هدومى واجيب شنطتى ..
لم يعقب على جملتها فقط اتبعها نحو الداخل فهو لا يضمن تفكيرها ، بدلت ثيابها حيث انها كانت ترتدى احدى منامت زميلتها البيتيه وارتدت الثياب التى كانت وضعتها داخل حقيبه يدها عند الهروب تحت نظراته الجامده ثم التقطت حقيبه يدها وتحركت مره اخرى نحو الخارج
فى تلك الأثناء عادت صديقتها للمنزل محمله بعدد من الحقائب البلاستيكية والتى تحوى عده مستلزمات للمنزل ، تفاجئت بمجرد وصولها لباب منزلها بعدد من الأجسام الرياضيه العريضه التى تقف امامه وتغلق مدخل المنزل كأنهم حرس الرئاسه ، حاولت المرور من بينهم فقام كبير حّراسه بمنعها ، دفعته ريهام بقوه وعنف غير عابئه بالفارق الجسدى بينهم وهى تصرخ بقوه :
-اوعى ده بيتى .. انت مين عشان تمنعنى !!! انا هدخل يعنى هدخل ..
التفت كلاً من حياة وفريد على أصوات الصراخ بالخارج وكان هو اول من تحرك نحو الباب يستكشف الامر ، فتح باب الباب بهدوء فتفاجئ بريهام تدفعه هو الاخر بعدما اومأ لحارسه بتركها وتركض نحو حياة تسألها بلهفه :
-فى ايه !! مين دول .. واهم حاجه انتى كويسه ؟!.. حد عملك حاجه ..
جائتها الاجابه من خلفها بصوت فريد يقول بنبره متهكمه :
-متخافيش عليها من جوزها ..
التفت ريهام تنظر نحوه بحده عده لحظات متفاجئه ثم عادت برأسها تنظر نحو حياة وهى تسألها بأستنكار :
-اللى بيقوله الاستاذ ده حقيقى ؟!..
اومأت حياة رأسها موافقه بخفوت وقد عادت الدموع تنهمر من عيونها مرةً اخرى ، سيكون ملعون ان تساهل معها ، هذا ما فكر به فريد وهو يضغط فوق كفه بقوه مقاوماً رغبه ملحه فى التقدم منها ومسح عبراتها المنسكبه ، عادت ريهام لتسألها بنبره اقل تحفزاً مستفسرة بعدما لاحظت استعداد حياة للرحيل :
-على فكره انا ممكن اطلب البوليس دلوقتى واعمله قضيه تهجم لو كان بيجبرك على حاجه ..
اجابتها حياة بلهفه نافيه :
-لا .. لا .. معملش حاجه .. انا هروح مع فريد ..
سألتها ريهام بتشكك وعينيها تنتقل بينهم :
-انتى متأكده ..
هزت حياة رأسها للمره الثالثه موافقه بصمت ثم احتضنت صديقتها بحب وهى تشكرها على كل ما فعلته معها منذ قدومها قبل تحركها معه نحو الخارج ، قادها فريد للأسفل وهو ممسكاً بذراعها ووضعها داخل السياره ثم اغلق الباب خلفها جيداً قبل ان يتحرك نحو الباب الاخر ليجلس جوارها طالباً من سائقه التحرك على الفور ، تحركت سيارته اولاً على طول الطريق الضيق الغير ممهد وتحركت خلفه سيارة حراسته
جلست حياة جواره بصمت مثقل فحتى ذرات الهواء بينهم محمله بالكثير من التوتر ، أسندت رأسها فوق مقعد السياره وقد شعرت بذلك الالم يضرب اسفل بطنها ومؤخره ظهرها مرةً اخرى ، اغمضت عينيها بأرهاق محاوله سحب نفسها من ذلك الجو المشحون بينهم عل وعسى تسترخى عضلاتها ويسترخى معه طفلها ، بعد فتره من الصمت كان فريد يراقب خلالها الطريق الزراعي شعر برأسها تستند فوق كتفه ، التفت بحده ينظر إليها فوجدها غارقه فى ثبات عميق
اغمض عينيه بقوه هو الاخر يقاوم رغبته فى احتضانها وسحقها بين ذراعيه ، زفر عده مرات محاولاً ايجاد ارادته والسيطره على انحراف مشاعره الذى انتابه منذ وضعت راسها فوق كتفه ، حركت هى كفها تتمسك بساعده بقوه كأنها تستمد منه العون اثناء نومها ، اى جحيم هذا الذى اوقعه فى طريقها !! ولماذا هى دوناً عن كل النساء مفاتيحه بيدها ، هذا ما فكر به بسخط وهو يتأمل تشبثها به طفل صغير كأنه دميتها الكبيره ، لوى فمه بسخريه ، لقد اصبح فعلاً دُميتها ، تحركه بنظره واحده من عينيها وتطفئ غضبه بلمسه حانيه من يدها ، لقد اصبحت كالادمان بالنسبه له ،. تتحرك بين عروقه كيفما شاءت واينما شاءت ، دائه ودوائه ، ناره وجنته ، ضعفه وقوته ، هل تعلم ما مر به منذ سماعه خبر اختفائها ؟!، كيف استقبل خبر اختفائها وظنه انها خُطفت !!، كيف ترك كل ما حوله واستقل طائره خاصه من اجل العوده والبحث عنها ؟!، هل تعلم انه لم يغمض له جفن منذ اربعه ليالى ؟!، وانه استأجر معظم شركات الحراسه المغموره قبل المعروفه للبحث عنها فى كل المناطق والمدن الممكنه الذهاب إليها ؟!، هل تعلم انه ولاول مره فى تاريخه سمح لشخص ما رؤيه ضعفه !!، ولولا مساعده والدتها له لما تكمن من إيجادها بتلك السرعه ، ولا تمكن ايضاً من إعادتها معه ، اجل لقد شاركته والدتها وصديقه والدته ذلك المخطط حتى يجبراها على العوده معه بعدما أخبرته عن شكوكها بشأن صديقتها ريهام القادمه بمحافظه اخرى ، لا ويدرك جيداً استحاله علمها فى يوم فحبه غير متبادل ، كان يظن ولكن خاب ظنه ، لقد أخطئ لاول مره فى حياته فى تقدير أمر ما ، بالطبع سيخطئ ، كيف يستطيع تقدير الامور بشكل صحيح وعقله امامها ينقلب رأساً على عقب وليس فقط قلبه ، لقد وسوست له افكاره ان تلك النظرات التى ترمقه بها هى حب ولكن هيهات !! فمن يحب حقاً لا يؤلم ، لا يترك ، ولا يهرب
تملمت هى فى نومها واصدرت تأوه خفيف من صعوبه الطريق الغير ممهد فوجد نفسه دون مقدمات يهتف فى سائقه بحده ويأمره بالتمهل فى القياده ، رفع إصبعه يتلمس ذلك الانتفاخ اسفل عينيها من كثره البكاء ، لا ، هذا ما هتف به داخلياً وهو يعيد كفه لجواره ، فكلما غمد غضبه منها يتذكر لحظه إمساكه هاتفها ورؤيته لرقم شريكه يزين شاشته ، بالطبع كان هاتفها بنظام بصمه الأصبع فلم يستطع الولوج بداخله والبحث به براحه حتى يتأكد من شكه الذى يساوره ، ولكن صبراً فلكل مقاماً مقال ، هذا ما وعد به نفسه ليهدء من ثوره غضبه ، لقد أتم هدفه الاول وهو إعادتها لجواره وبعدها ليعلم وعلى مهل سبب هروبها منه من الاساس .
استيقظت حياة قبل وصولهم إلى المنزل بمده ليست طويله لتجد نفسها تستند برأسها على كتفه ويدها تحاوط عضده ، اعتدلت فى جلستها وابتعدت عنه فى صمت متحاشيه النظر لوجهه وبعد عده دقائق لم تقاوم اغراء النظر إلى جانب وجهه الذى افتقدته بشده ، ظلت تتأمله بهدوء بهيئة المشعثه وذقنه التى اصبحت غير مشذبة مع وجوم ملامحه ، ان ملامح الارهاق تبدو جليه على وجهه وهناك بعض الخطوط التى تحاوط فمه وذقنه من شده الضغط على اسنانه ، حتى بتلك الحاله يبدو بالنسبه لها أوسم الرجال ، يالله هل كانت تتخيل ان تحيا من تبقى من عمرها دونه !! ، ٧ ايام كانت تكفى وتزيد لتشعر بروحها تخرج من جوفها اشتياقاً له وقلقاً عليه ، نعم تشتاقه حتى اذا كانت تشاركها إياه امرأه اخرى وطفل اخر ، لم يكن يحتاج إلى تهديدها لتعود معه فمنذ رؤيته امامها شعرت بمقاومتها تتلاشى وبتلك الرغبه العارمه فى العوده إلى دفء احضانه ، حتى دون رؤيته هذا كل ما تمنته خلال الايام المنصرمة منذ تركها للمنزل ، اعادها من شرود افكارها تلك توقف العربه امام المنزل ، تحرك هو اولاً كالسابق وجذبها من مرفقها تلك المره ايضاً حتى توجهه بها إلى غرفتهم ، كان المساء قد حل واسدل الظلام ستائره على المنزل بأكمله ، صادف فى طريقه نحو الدرج عفاف التى ركضت مهروله بقدر ما سمح لها سنها ووزنها لاستقبال سيدة المنزل المحبوبة فقاطعها فريد بحده قائلاً بنبرته الصارمه :
-مش عايز اى ازعاج من اى نوع مفهوم ؟!!!!..
اومأت عفاف برأسها موافقه عده مرات قبل انسحابها للداخل فملامح وجهه لا تبشر بالخير ، دلفا إلى غرفتهم ثم قام بدفعها بقوه قائلاً بحده وهو يغلق الباب خلفه بالمفتاح :
-من هنا ورايح .. لا يبقى ليكى صوت ولا نفس .. تعيشى زيك زى الجماد تاكلى بأذنى وتشربى بأذنى وتتحركى برضه بأذنى فاهمه !!..
هتف كلمته الاخيره بصوت جهورى جعلها تنتفض ذعراً ثم استطرد حديثه قائلاً بشراسه وهو يقترب منها ليقبض على ذراعها مرة اخرى :
-انتى ملكى انا ولحد ما انا اقرر امتى هرميكى هتعيشى هنا زى الجاريه لمزاجى وبس ..
ختم حديثه وترك ذراعها ثم بدء فى خلع ملابسه والقائها فوق الارضيه بعشوائيه مع نظره ارعبتها ، هتفت هى اسمه بعدم تصديق قائله :
-فريد !!..
صرخ بها بقوه رجت أركان الغرفه وجعلتها تتراجع للخلف :
-قلتلك متنطقيش اسمى على لسانك ولا تتكلمى غير بأذنى ..
هزت رأسها بذعر موافقه فأفضل حل لاحتواء غضبه الان هو الصمت ، دفعها فوق الفراش بعدم اهتمام ثم استلقى فوقها دون مقدمات مدفوعاً بكل ما مر به من مشاعر منذ لحظه سماعه عن اختفائها ، اغمضت حياة عينيها محاوله تجاوز ذلك الالم الذى يزداد مع كل حركه عنيفه منه معها ، بدءت دموعها تهبط فى صمت فهى تعلم ان لا سبيل معه الليله مهما تحدثت وتوسلت لذلك تركته ينفس عن غضبه بالطريقه التى اختارها ، فقط ظلت تدعو الله بصمت ان يحفظ لها طفلها فذلك الالم المتواصل منذ عده ساعات والذى اصبح الان لا يحتمل بسبب قوه فريد معها جعل القلق يدب داخل أوصالها ، بعد فتره انتهى هو مما يقوم بِه ثم استلقى جوارها على الفراش معطياً لها ظهره بعدم اكتراث ، تنفست حياة الصعداء واغمضت عينيها بوهن شديد وهى تفكر بيأس هل تخبره بما تشعر به ام تظل صامته حتى يختفى الالم من تلقاء نفسه ؟!، اثناء تفكيرها بذلك ومن شده إرهاقها ذهبت فى غفوه قصيره تخللها الالم ، بعد فتره قصيره اصبح الالم لا يحتمل وشعرت ببعض البلل أسفلها ، تحركت بألم شديد ترفع الغطاء من فوقها فتفاجئت ببقعه كبيره من الدماء تغطى الفراش أسفلها ، صرخت اسمه بذعر شديد مستنجده به بصوت باكى وكفها يهزه من مرفقه :
-فريد الحقنى ..
انتفض فريد بمجرد سماعه صراخها ينظر نحوها برعب ثم توجهت أنظاره حيث موقع تركيزها ، انها جالسه فى بركه دماء !!!، هذا ما فكر بِه بهلع وهو يلتقط من الارضيه ملابسه ويتمتم بلهفه مطمئناً لها :
-متخافيش .. متخافيش ..
انتهى من ارتداء ملابسه فى اقل من دقيقه وركض نحو خزانه ملابسها يلتقط منها اى شئ ذو نفع لارتدائه وبعد اقل من ثلاث دقائق كان يحملها بدمائها ويركض بها نحو سيارته وهو يصرخ فى احد رجال حراسته بفتح باب السياره له ، صعد بها بذعر شديد وهى تنتفض بين ذراعيه وتتمتم بتوسل :
-فريد الحقنى ..وقفه بأى طريقه .. اعمل اى حاجه ووقفه ..
لم يكن عقله يستوعب حرف مما تنطق به فكل ما يشغل باله هو مشهد الدماء الذى كانت تحاوطها ، اللعنه عليه ماذا فعل بها !!، غمغم برعب هو الاخر يهدئها :
-متخافيش مش هخلى حاجه تحصلك ..
هزت رأسها بثقه ثم بدءت الرؤيه تتشوش لديها قبل ذهابها فى ظلام سحيق ..
بعد قليل وبمجرد وصوله لمشفاه الخاص سلمها لطبيب الاستقبال وداخله يرتجف هلعاً عليها ، وضع كلتا كفيه فوق رأسه وظل يتحرك برعب شديد ذهاباً واياباً امام الغرفه وفى ذلك الوقت خرج كبير الأطباء والذى هرول هو الاخر نحو الغرفه بمجرد سماعه عن وصول اكبر مساهمى المشفى إليها قائلاً بنبره عمليه قبل اختفائه خلف أبواب الفحص:
-متخافش يا فندم .. هدخل اشوف ايه الوضع واطمنك ..
وبالفعل بعد عده دقائق عاد رئيس الأطباء بملامح جامده للغايه ، ساله فريد بلهفه واضحه :
-ها حياة مالها ؟!..
هز الطبيب رأسه اسفاً ثم اجابه بنبره مترقبه :
-للاسف يا فريد بيه .. ملحقناش الجنين ..
هتفت فريد خلفه متسائلاً بعدم تصديق :
-جنين ؟!!! ..
تنحنح الطبيب قائلاً بحرج :
-واضح ان حضراتكم مكنش عندكم خلفيه .. بس للاسف المدام كانت حامل فى الشهر الاول وبسبب المجهود الشديد مع علاقه خشنه شويه الجنين نزل .. يمكن لو حضرتك جيت بيها بدرى شويه كنا قدرنا نعمل حاجه .. بس بالنسبه لحياة هانم هى كويسه .. الدكتوره معاها جوه هى محتاجه عمليه تنضيف مش اكتر ربع ساعه بالكتير وحضرتك تقدر تشوفها ..
حرك فريد رأسه بجمود يحاول استيعاب حديثه ، حامل !! حياة !! اجهاض بسببه !! ، نعم هو السبب ، هو من سمح لغضبه بالسيطره عليه وأذيتها ، اذيتها هى وطفله الذى ذهب قبل حتى اكتشافهم امره ، لقد نقض عهده مع والدته وسمح لجينات والده فى السيطره عليه ، اللعنه عليه وعلى ما فعله ، لقد تم عقابه بأسوأ طريقه ممكنه ، حرمانه من الطفل الذى طالما تمناه منها هى وهى فقط ، ظل ينظر بشرود فى اتجاه الغرفه التى تحويها حتى خرجت بعد قليل مدفوعه بالسرير المدولب ، سار خلفها كالمغيب حتى وصلا إلى غرفه عاديه ، حملها المساعدين بحذر شديد لنقلها إلى فراش الغرفه ثم قامت الطبيبه بغرز تلك الابره الطبيه التى تكرهها بداخل يدها لايصال المحلول الطبى لها وهى تمتم لفريد شارحه حالتها :
-الحاله كويسه جداً ووضع الرحم ممتاز مفيش اى مشاكل ان شاء الله حضرتك اطمن .. هى بس ضعيفه شويه ومحتاجه تغذيه فحطتلها محلول ومعاه المضاد الحيوى .. بعد شويه هتبدء تفوق وتقدر حضرتك تخرج بيها بعد المحلول مفيش اى مشكله تمنعنا ..
تحركت الطبيبه نحو الخارج عده خطوات ثم استدارت تردف على مضض :
-احب افكر حضرتك انها محتاجه تكون بعيده عن اى مجهود يأذى الرحم لمده اسبوعين او تلاته .. حضرتك فاهمنى طبعاً .. غير كده مفيش اى موانع من اى نوع .. والعامل النفسى مهم طبعاً فى حالتها ..
هز فريد رأسه موافقاً وانتظر خروج الطبيه من الغرفه ثم تحرك نحوها ، تمسكت كفه بيدها المغروز بها تلك الابره الطبيه والتى يعلم جيداً انها تتألم بسببها ، جلس فوق الارضيه جوار فراشها وبدء يبكى بحرقه ، تمتم بصوته الباكى قائلاً لتلك الغائبة عن الوعى بندم:
-انا اسف .. انا السبب .. انا اللى قتلت ابننا .. انا مكنتش اعرف .. انا اتمنيته اكتر حاجه فى الدنيا .. انا مش هجبرك على حاجه تانى .. لو مش عايزانى مش هجبرك .. انا مش عايز أذيكى زى ماما .. حتى لو عايزه غيرى انا مش هأذيكى ..
بدءت حياة تستعيد وعيها شيئاً فشئ على صوت همهماته الضعيفه ، تململت فى نومتها بوهن شديد وقطبت جبينها من ذلك الالم القادم من كفها ، تحرك هو من جلسته بمجرد احساسه بها تتحرك بعدما قام بمسح وجهه وتنقيه حلقه ثم انحنى بجذعه نحوها يسألها بهدوء :
-انتى كويسه ؟..
حركت رأسه إيجابياً بصمت ، انتظر هو شكوتها كالمعتاد ولكنها فاجأته بأن حركت رأسها فى اتجاه كفها الأيسر ثم رفعته للاعلى قليلاً تنظر إليه ثم اعادت وضعه فوق الفراش بهدوء دون تعقيب او صوت يُذكر ، حاول هو طمئنتها فتحدث قائلاً من اجل التخفيف عنها :
-متقلقيش المحلول قرب يخلص واول ما يخلص هتتشال من ايدك على طول .
دائماً ما كان يفهمها دون حديث ، هذا ما فكرت به حياة بحب وهى تستمع لحديثه رغم جمود ملامحها ورغم عدم تعقيبها على جملته فقط اكتفت بتحريك رأسها للمره الثانيه ، لقد علمت بفقدان طفلها نعم ، فقبل بدء مرحله تخديرها استعادت وعيها اولاً واخبرتها الطبيبه بما حدث وبما كانت تتوقعه من الاساس نظراً لكميه الدماء التى رأتها فوق الفراش ، تنهدت بحزن واغمضت عينيها محاوله اخفاء الدموع التى لمعت بداخلها ، فمن فعلت كل هذا من اجله ذهب من غير رجعه ولم يتبق لها سوى غضب فريد مع امرأه اخرى تشاركه به وتحاول بشتى الطرق تدمير زواجها ، هل هى غاضبه منه ام من نفسها ؟!، تردد ذلك السؤال داخل عقلها بقوه ، ربما منهما سوياً بنفس المقدار ولكن بالنسبه للوم فهى لا تلومه ، هى فقط تلوم نفسها من اجل صمتها وعدم تحذيره بحملها لطفلهما ، على كلاً لقد ما حدث ما حدث وقدر الله وماشاء فعل ، هذا ما فكرت به بشئ من الرضا ليساعدها على تخطى محنتها
بعد فتره من الصمت وانتهاء المحلول الطبى وفحص الطبيبه لها للمره الاخيره سألها فريد بأهتمام :
-تحبى تفضلى هنا ولا نرجع البيت ؟!..
اجابته بخفوت شديده متحاشيه النظر إليه :
-مش عايزه اقعد هنا ..
اومأ لها برأسه إيجابيا ثم بدء يساعدها فى خلع رداء المشفى وارتداء ملابسها الاخرى استعداداً للعوده للمنزل ، كانت تتعامل معه بحذر شديد لم يخفى عليه والذى فسره بشكل خاطئ ، اما عنها هى فإلى الان لم تعلم رد فعله عن مسأله إجهاضها والاهم رد فعله عن إخفائها امر حملها عنه ، حملها فريد للخارج رغم رفضها الشديد وتمسكها بالسير بمفردها وبعد رحله طويله من الترقب والإرهاق بالنسبه لها والجمود بالنسبه إليه وصلا إلى المنزل بهدوء ، اصرت حياة تلك المره على الخروج من السياره بمفردها والسير حتى غرفتهم دون تدخل منه او مساعده ورغم عدم اقتناعه بما تطلبه تنحى جانباً تاركاً لها المجال لتنفيذ رغبتها حتى وصلت إلى الدرج ومع صعود اول درجه شعرت بالالم يضربها من جديد لذلك ضغطت فوق شفتيها بقوه وتنحت جانباً تتخذ من درابزين الدرج داعماً لها ، وبرغم من وقوفه خلفها الا انه لم يكن فى حاله تسمح له بجادلها او تحمل عنادها لذلك تركها تعاود المحاوله مره اخرى وتلك المره تأوهت بصوم مكتوم لذلك انحنى بجذعه بنفاذ صبر يضع يده اسفل ركبتها ويده الاخرى فى منتصف ظهرها قبل حملها وتحركه بها للاعلى دون تعقيب او اعتراض منها ، تفاجئت حياة بفريد يدلف بها إلى الغرفه المجاورة لغرفتهم والتى كانت تستخدمها قبل مشاركتها غرفته وقام بوضعها فوق الفراش بحذر ، جلس هو قبالتها بعدما تأكد من راحتها ثم حاول ايجاد كلمات مناسبه لبدء الحديث معها ، اخذ نفساً مطولاً ثم قال بهدوء ظناً منه الا علم لديها بخبر حملها :
-حياة .. انتى كنتى حامل فى الشهر الاول ..
اخذ نفساً اخر يحاول السيطره به على حشرجه صوته ثم اردف يقول بندم :
-انا اسف .. انا مكنتش اعرف .. انا لو كنت عارف انى ممكن أاذيكى او أَآذى ابننا انا عمرى ما كنت هقرب منك .. انا معرفش عملت كده ازاى .. انا عارف ان انتى كمان مكنتيش تعرفى .. وعارف انك موجوعه اكتر منى بكتير .. بس اتمنى تنسى اللى حصل ..
أشاحت حياة بوجهها بعيداً عنه ففى تلك اللحظه هى لا تقوى على مواجهته او النظر داخل عينيه ،هتف هو اسمها بتوسل حقيقى وهو يضع إصبعه تحت ذقنها ويدير رأسها فى اتجاهه :
-حياة .. من فضلك ردى ..
اخفضت رأسها مره اخرى تتهرب من عينيه لذلك ضيق فريد عينيه فوقها ثم سألها بذهول وهو يتحرك مبتعداً عنها :
-انتى عارفه !!!.. انتى كنتى عارفه ؟!!! .. لا استحاله .. انتى لما هربتى كنتى عارفه ؟!..
أشاحت بوجهها بعيداً عنه مره اخرى وقد بدءت شفتها السفليه فى الاهتزاز ، صاح بها بحده وهو يعود ليجلس قبالتها ويهزها بقوه من ذراعيها :
-انطققققى !!! لما هربتى كنتى عارفه بأنك حامل !!.. انتى هربتى بأبنى من غير ما تقوليلى !!.. انتى اييييه !! مش انسانه صح ؟!.. عشان كده كنتى بتعيطى قبلها لما كلمتك !!.. مكنتيش عايزاه !!.. وعشان كده مش زعلانه !! انطققققققى وفهمينى .. هربتى بأبنى عشان تنزليه مش كده ؟!.. وانا اللى فكرت ان نيرمين السبب .. طلعتى متقرقيش عنهم !! .. عملتى كده ليه وعشان مييين قووووولى .. هو اللى ساعدك صح ؟! ..
نظر نحوها بشراسه وقال بأشمئزاز ونبره عدائيه واضحه :
-انا بكرهك عارفه يعنى ايه بكرهك ومش عايز حتى اشوف وشك قدامى ..
عن من يتحدث ؟! لم تجد الشجاعه او القوه لسؤاله فقد بدءت تشعر بالإعياء من شده دفعه وتحريكه لها مع ذعرها منه والشرر الواضح من عينيه ولم تستطع الاحتمال اكتر ، تركها وابتعد عنها وقررت هى الاخرى رغم الضعف الشديد الذى تشعر به الاختباء داخل الحمام والاغتسال عل ذلك يزيل الشعور بالالم والندم الذى ينهش قلبها من حديثه ورؤيه الكره داخل عينيه ، وقفت اسفل رذاذ الماء الساخن تاركه الماء المنهمر يختلط مع دموعها الساخنه حتى ازداد شعورها بالإعياء وأصبحت الرؤيه لديها ضبابيه ، تحركت بوهن شديد خارج حوض الاستحمام وحاولت رفع رأسها والتقاط مئزَر الحمام المعلق امامها قبل شعورها بعدم قدرتها على التنفس واسوداد الصوره امامها ثم سقوطها مغشياً عليها فرق ارضيه الحمام ، سمع فريد الذى لازال جالساً فوق الفراش بصدمه صوت ارتطام قوى قادماً من الحمام ، ركض على الفور نحوها ثم هتف بأسمها مستفسراً عده مرات قبل اقتحامه الحمام ، شعر بالفزع من رؤيتها ممده فوق الارضيه الرخاميه وغائبه عن الوعى ، التقط المئزر بيده والبسها إياه بعدما رفعها وضمها لجسده وهو لازال يهتف اسمها بذعر محاولاً افاقتها دون جدوى ، عاد بها لغرفتها ووضعها فوق الفراش ثم ركض نحو اقرب زجاجه عطرها يلتقطها ويقربها من انفها حتى تستعيد وعيها ، بعد عده ثوان اخرى من محاولته وربته فوق وجنتها بدءت تستعيد وعيها ببطء وعليه تحرك هو من جوارها وتوجهه نحو الحمام يأخذ منشفه صغيره ثم عاد إليها ووضعها فوق شعرها وبدء يجففه فى أليه شديده متجنباً النظر إليها
ظلت حياة تراقب ما يقوم والأفكار تعصف داخل عقلها ، هل حقاً تستطيع التخلى عنه من اجل اخرى ؟!، هل ستسمح له بالاهتمام بغريمتها مثلما يهتم بها ؟!، بعد ما خسرته هل ستترك لها الساحه للفوز بحنانه ؟!، ان تتاح لها الفرصه لاحتضانها واحتوائها مثلما يفعل معها ؟!، ان يتلمس بطنها بشغف للاطمئنان على طفلهم مثلما كانت تتمنى ان يفعل معها ، رفعت كفها ببطء حتى أمسكت كفه ثم وضعته اسفل بطنها حيث كان يمكث طفلهما فى امان ، بدءت تغمغم بخفوت لتذكير نفسها بما فقدته :
-مفيش حاجه هنا .. مكانه فاضى ..
نظر فريد إليها بقلق وهو يراها تستخدم يده للكم بطنها بقوه وقد بدءت نبرتها تزداد علواً وهى تخبره بقهر :
-خلاص مفيش حاجه ممكن تحصل .. هو مش موجود .. مفيش حاجه ممكن تأذيه دلوقتى .. مكانه بقى فاضى .. مش هشوفه بيكبر ولا هتقدر تلمسه .. دوس عشان تتأكد انه مش موجود .. ان مكانه فاضى ..
هتف بها فريد وهو يسحب كفه من يدها لحثها على التوقف :
-حياة اهدى ..
صرخت بِه بقوه وهى تعاود لكم اسفل بطنها بكلتا يديها :
-هو بس اللى راح .. ابنى انا اللى راح .. انت مش فاهم حاجه .. معرفتش احميه ولا احافظ عليه ..
امسك كلتا كفيها محاولاً ايقافها عن لكم نفسها بشتى الطرق فبدءت تدفعه وتلكمه وهى تصرخ ببكاء هيستيرى :
-سيبنى .. اوعى .. ده ابنى انا .. ابنى اللى كنت مستنياه .. اللى كنت عايزه احميه ومعرفتش ..
ضمها فريد لصدره بكل ما أوتى من قوه واعتصرها بين ذراعيه حتى تتوقف عن الصراخ وتتوقف عن ضرب نفسها ويحتوى نوبتها العصبيه ، أخفت رأسها فى صدره وظلت تشهق بقوه وهى تعانقه حتى بدءت شهقاتها تهدء شيئاً فشئ وتحولت لنحيب صامت ، لم يفلتها هو بل ظل محتضنها وهويفكر بندم حقيقى وحزن انها لم تكن مباليه ولا غير راغبه بطفلهما كما يظن فيبدو انها تتألم اضعاف ألمه داخلياً وربما ظلمها ايضاً ولم يكن لديها علم بحملها الا من وقت قصير ، تنهد بحيره فعقله غير قادر على التفكير بشكل سليم ، مما تريد حمايته ؟!، لقد عاد الشك يضرب عقله وبقوه وعليه التحرك لإثبات شكوكه او نفيها ، شعر بأنفاسها تنتظم فوق صدره فعلم بذهابها فى النوم ، حاول التحرك بها ووضعها فوق الفراش وافلاتها من بين يديه ولكن يدها تشبثت بقميصه اكتر ترفض تركه ، تنهد مره اخرى بأستسلام وقام بضمها إليه ثانيةً بعدما قام بمسح دموعها من فوق وجنتها ، اثناء فعله ذلك صدع رنين هاتفه من داخل جيبه فألتقطه على الفور مجيباً حتى لا يزعجها ، تحدث الطرف الاخر بمجرد استقبال فريد المكالمه قائلاً بتبرير :
-فريد باشا .. انا اسف انى بكلم حضرتك فى الوقت بس فى حاجه عرفتها وبصراحه مقدرتش استنى للصبح ..
اجابه فريد بفضول قائلاً بترقب :
-سامعك ..
قال الطرف الاخر دون مقدمات :
-نيرمين هانم .. بعد ما راقبتها اكتشفت انها بتتعاطى مخدر من نوع قوى .
سأله فريد مستنكراً :
-مخدر !!!..
أكد الرجل حديثه قائلاً بأقتضاب :
-مش اى مخدر يا باشا .. ده هيروين ..
ردد فريد بعدم تصديق :
-هيروين !!! متأكد ؟!..
اجابه الرجل مسترسلاً بثقه :
-متأكد يا باشا .. انا بنفسى شفتها وهى بتتعامل مع عيل سيس فى **** وبعد ما مشت روحت دردشت معاه وبكام قرش قالى كل اللى عنده ..
هز فريد رأسه موافقاً ثم قال بهدوء :
-اسمعنى .. أرميلى الولد اللى بتتعامل ده فى المخزن لحد ما افوق واجيله .. وشفلى حد يجبلى تسجيلات مكالمتها الفتره الاخيره كلها ..
انهى بعد آمره ذلك واستماعه لموافقه رجله المكالمه وهو يفرك عينيه بقوه فما سمعه منذ قليل لم يكن بالشئ الهين عليه وقبل كل شئ عليه التريث والتأكد قبل اتخاذ اى خطوه .متى تخضعين لقلبى
الفصل الواحد والثلاثون ..
تمدد فريد بجسده جوارها فوق الفراش وقد بدء إرهاق الايام الماضيه يتمكن منه ، حانت منه التفاته مشتاقة إليها متأملاً بعينيه ملامح وجهها الممتعضة حتى وهى نائمه وكيفيه تمسكها بساعده كأنها تخشى هروبه ، زفر مستسلماً قبل تحركه بجسده ليلتصق بها ويحيطها بذراعه ويمسح بيده الاخرى فوق شعرها حيث غفت بين احضانه وهو لايزال مبلل ، لماذا لا يستطيع التفكير بشكل سوى وطبيعى عندما يتعلق الامر بها !!، انه حتى لا يعلم ماهى الخطوه التاليه التى ينتوى اتخاذها معها ، هذا ما فكر به بضيق وهو يدثرها بالغطاء جيداً حتى لا تصاب بالبرد .
لقد اصبح على حافه الهاويه من شده حبه لها ومع صدور اى فعل اخر من افعالها الغير محسوبه يشعر انه سيسقط وستسقط معه ، نعم سيسقطان سوياً وما حدث اليوم اكبر دليل على ذلك ، تذكر بندم ما فعله معها وأخذ يلعن نفسه بصمت ، كيف سمح لغضبه بالسيطره عليه هكذا ؟!، فدائما ما كان يرى ما بينهم شئ مقدس للغايه يبث لها من خلاله مدى حبه واشتياقه لها ، كيف طوعت له نفسه بأستخدامه كعقاب ؟!، اى عقاب هذا اللى يستخدمه ضدها وهو نفسه عُوقب قبلها وعقاب مضاعف ، مره من تأنيب ضميره وشعوره بالخزى على عنفه معها ومره اخرى عندما فقد ما ظل يحلم به سنوات منها قبل ان يعلم حتى بوجوده ، بالطبع سيتألم لالمها وسيعاقب لعقابها فهما روح واحده تعيش داخل جسدين .
تذكر بضيق ما سمعه من احد رجاله عن ابنه والده ، فى ظروف اخرى لم يكن الامر ليعنيه ولكن الان لا يستطيع الوقوف صامتاً حتى لا تدخل تلك الساذجه فى الامر ، بالطبع لن يسمح لها بذلك مهما كلفه الامر ولكن فقط من اجل الاحتياط عليه التحرك قبلها فربما هذا هو سبب تمسك بها ، ايعقل ان حياة على علم بما تمر به نيرمين !!، بدءت النوم يثقل جفنيه قبل استطراده فى التفكير مدفوعاً بدفء جسدها والتصاقها به لذلك اغمضهما بهدوء سامحاً لذلك اليوم الحزين بالانتهاء وغداً ينتظره يوم جديد حافل بالعمل وبالطبع مشاكله التى لا تنتهى .
فى منتصف الليل شعر فريد بها تتململ بين يديه مع وصول همهمات خفيضه لاذنه ، فتح عينيه بتمهل ليتفحصها قبل انتباهه بكافه حواسه لها وهى تحاول دفعه بكلتا يديه مغمغه برعب :
-سيبى .. ده مش بتاعك .. فريد ألحقها وخليها تسيبه ده ابنى انا ..
تجعدت ملامح وجهه وشعر بتلك الغصه تعود إليها مرة اخرى فيبدو جلياً من ملامح وجهها المتجهمه انها تمر بكابوس عن ما حدث ليله البارحه ، هتف بأسمها بصوته الناعس لإيقاظها ولكن كالعاده لم تستيقظ من اولى محاولاته ، بدء جسدها يرتجف بين ذراعيه وهى تعاود لكمه ودفعه بعيداً عنها وبدءت نبرتها فى الارتفاع قائله بصوت باكِ :
-انت لسه عندك ابن .. ابنك انت موجود ..
هتف فريد بها مره اخرى وهو يهزها بقوه من مرفقيها ليوقظها فقد بدءت ارتجافتها تزداد ويزداد معها نحيبها ، شهقت حياة بفزع وهى تنتفض من نومتها وتتطلع حولها برعب ، لقد زارتها نجوى فى حلمها وحاولت اخذ طفلها منها ثانيةً فركضت مستنجده بفريد لحمايته ثم أخبرته بأنه لديه طفل اخر منها هى ، سألها فريد بحنان وهو يتفحص ملامح وجهها المذعوره :
-انتى كويسه ؟!..
هزت رأسها له نافيه بأليه شديده ثم بدءت تنتحب بصمت وهى تمتم بصوتها الباكى :
-انا خايفه .. انا بردانه وخايفه وعارفه انك بقيت بتكرهنى ..
يكرهها !! هو ؟!!! ، عن اى هراء تتحدث تلك الساذجه ياليت الامر بيده ليحبها او يكرهها ، لو كان الامر كذلك لانتهت معاناته منذ زمن بعيد ، واضح ان كلماته الكاذبه الليله الماضيه مازالت تتردد داخل عقلها ، هذا ما فكر به وهو يتحرك ليحضتنها بهدوء دون تعقيب على حديثها ، أخفت رأسها بعنقه وتعلقت به بكل قوتها وعاد انتظام انفاسها سريعاً يضرب عنقه ، شدد من احتضانه هو الاخر لها وعاد ليستلقى بها فوق الفراش وسؤال وحيد يشغله، من هى تلك المرأه التى كانت تستنجد به منها ؟!، ام ان تلك اضغاث احلام من اثر مخدر البارحه وليس لها اساس من الصحه ؟!. هذا كل ما يريد معرفته ليطمئن قلبه .
*********
فى الصباح استيقظت حياة شاعره ببروده الفراش جوارها ، فتحت عينيها ببطء والتفت تنظر حولها لتجد نفسها فى غرفتها القديمه بمفردها ، بالطبع لم يستطع المكوث معها ، هذا ما فكرت به بحزن وهى تخرج من الفراش ، لم تكن تشعر بألم جسدى خصوصاً مع المسكنات التى تناولتها فى المساء ولكن معنوياً ، كل نفس تأخذه تشعر به يحرق جوفها ورئتيها فما هو أسو من فقدانها لطفلها وحب زوجها فى أن واحد ، مسحت دموعها وتوجهت نحو الحمام تأخذ دشاً سريعاً تنعش به جسدها وبعد قليل خرجت لتتفاجئ بعفاف امامها تحتضنها وتسألها بأهتمام عن حالتها الصحيه واذا كانت بحاجه للمساعده ثم أخبرتها بأمكانيه عودتها لغرفتهم الرئيسيه فقد قامت بتنظيفها ، اندهشت حياة من جملتها وفتحت فمها بعدم تصديق تسألها للتأكد من فحوى جملتها فقد ظنت ان فريد نقلها لتلك الغرفه لانه لا يريدها داخل غرفتهم مره اخرى :
-ارجع الاوضه ؟! .
اجابتها عفاف مؤكده :
-ايوه اوضتكم .. فريد بيه طلب الصبح قبل ما ينزل ينضفها وأبلغك بعدها ..
اذا لقد فعل ذلك من اجل نفسيتها ليس الا ، بدء شبح ابتسامه يزين شفتيها لاحظته عفاف التى ابتسمت لها هى الاخرى مشجعه قبل قولها بهدوء :
-هتلاقى الفطار بتاعك محطوط على الطربيزه هناك .. كليه كله عشان الدوا بتاعك ولو احتجتى اى حاجه انا موجوده تحت ..
هزت حياة رأسها بتمهل موافقه قبل ملاحظتها عوده عفاف من الباب المشترك ، قطبت جبينها بأرتياب وتوجهت نحو الباب الرئيسى للغرفه تحاول فتحه فوجدته مغلق من الخارج ، انتبهت حواسها لسماع صوت باب غرفتهم يغلق هو الاخر بالمفتاح ، هرولت مسرعه نحو الغرفه ومنه إلى الباب لتتفحصه ، لقد اغلق عليها فعلاً كما قال البارحه ، هل حقاً يريد معاملتها كجاريه ؟!، اذا سيحصل على ما يريده عل ذلك يطفأ غضبه ، هذا ما قررته وهى تعود لتجلس فوق الفراش بهدوء منتظره عودته حتى المساء .
**********
فى المخزن القديم وقف فريد امام ذلك الشاب الأنيق ذو العضلات والملابس الباهظة والمسجى أرضاً بعدما انتفخت ملامحه من كثره الضرب ، انحنى بجزعه وجلس قبالته على ركبتيه حتى اصبح فى نفس مستواه ثم قام بالقبض على ذقنه بقوه قائلاً بنبره شديده الحزم :
-بص من غير كلام كتير عشان متعطلنيش .. هتحكيلى كده زى الشاطر كل حاجه من الاول وكل اللى تعرفه عن نيرمين ولا اختصر المسافه واخليك تتكلم بطريقتى ؟!..
رمقه الشاب عده نظره حانقه قبل اجابته بأرهاق :
-اللى عندى قلته لدول ..
أشار برأسه لرجل فريد الذى القى القبض عليه مع رجلين أخريين من رجاله ، حرك فربد رأسه على مهل موافقاً قبل اعتداله فى وقفته ثم أشار بيده لاحد الحراس المرابطين خلفه فأخرج احد منهم سكين حاد أعطاه لمخدومه بهدوء ، استلمه فريد وقام بتحريكه بين يديه ببطء امام ناظريه حتى يبث الرعب داخل صدره ثم عاد وجلس قبالته بنفس طريقته السابقه وهو يقول بهدوء مهدداً :
-عندك حق .. انت قلت لدول .. وعشان كده مفيش داع لفرصه ثانيه ليك .. وانا بقول برضه توفير لوقتى ووقتك اختار انت الايد اللى عايزها تتقطع عشان تعرف تبيع بعد كده كويس ..
صرخ الشاب بفزع وهو يرى فريد يقترب بالمديه من يده اليمنى ويبدء فى احداث عده جروح خفيفه فوقها :
-لا خللللاص .. هحكيلك كل حاجه بس بلاش ايدى ..
ابتسم فريد بأنتصار وربت فوق وجنته بالمديه بأستحسان محدثاً جرح سطحى فوق وجهه قائلاً بجمود :
-سامعك ..
ابتلع الديلر لعابه بصعوبه ثم بدء يقول متعلثماً بخوف :
-انا مليش دعوه بأى حاجه من دى .. نجوى هانم هى اللى كانت بتتعامل معايا كل فتره بحاجه خفيفه وكانت بتستلمها منى فى النايب كلوب اللى فى ******.. وبعد فتره طلب منى حاجه يكون مفعولها قوى تسبب ادمان فى اقصر فتره ممكنه وطعمها ميبانش لو حطيتها لحد فى مشروبه وفعلاً جبتلها المطلوب واستلمها منى فى نفس المكان وحطته فى المشروب وسابتنى ومشيت .. وكانت بتطلب كل يوم نفس الطلب .. وبعد اكتر من اسبوع طلبت منى بودره وفعلاً جبتلها ومن بعدها نيرمين هانم بقت بتتعامل معايا ..
اردف الشاب كاذباً فهو ليس احمق ليخبره بأتفاقه مع نجوى للاستنفاع من صديقتها الثريه :
-انا كنت بوصل وبجيب طلباتهم بس مش اكتر .. وانا قلتلك كل اللى اعرفه ..
هتف فريد بشراسه وهو يعتدل فى وقفته :
-نجوى .. يابت ال**** اخيراً وقعتى تحت رجلى ..
تحرك بعدها على الفور للخارج وبجواره رجله الغامض يسأله بترقب :
-ها عملتى ايه فى تسجيل ا?
تكملة الرواية من هنا 👇👇👇