القائمة الرئيسية

الصفحات

أحببت فريستي البارت الحادي والعشرون حتي الخامس والعشرون بقلم بسمه مجدي كامله على مدونة النجم المتوهج للروايات

 


أحببت فريستي

البارت الحادي والعشرون حتي الخامس والعشرون

بقلم بسمه مجدي

كامله على مدونة النجم المتوهج للروايات


_ إنذار _

 _ 21_


تمايلت بنعومة علي أنغام تلك الموسيقي الهادئة وابتسامة سعيدة تزين ثغرها ، طوقت عنقه وكلاهما يتمايل بخفة لتهمس بحروف تقطر عشقاً دفين : 


- أحبك...داني ! 


ابتسم بحب لتكمل بعتاب رقيق : 


- لماذا رفضت ان نحتفل بأحد المطاعم او النوادي الليلية ؟! 


طبع قبله رقيقة علي جبينها لتبتسم بخجل ليردف بنبرته المتملكة : 


- لا أرغب انا يري احداً حبيبتي وهي ترقص ! حتي لو كنتي برفقتي...فأنتي ملكي وحدي وقريباً ستكونين زوجتي... 


ابتسمت بخجل من غيرته لتقول برقة : 

- أحياناً أشك انك قضيت حياتك في بريطانيا...فأنت تتصرف كرجل شرقي أصيل ...! 


ضحك بخفه ليميل ويهمس بأذنها : 


- العشق...يا عزيزتي لا يعلم بلاداً انا لم أكن متملكاً بحياتي مهما عرفتُ من نساء فقط أنتِ من أشعر بأنني ارغب بأن أخبئكِ داخل قلبي حتي لا يراكِ أحد ! 


جذبها ليجلس كلاهما علي الطاولة لتناول العشاء في منزله لتقطع الصمت قائلة بحزن : 


- داني...أشعر أني اصبحت فتاة سيئة ! لقد قمت بأخطاءٍ عديدة أليس كذالك ؟ 


مد يده ليرفع وجهها لتقابله بنظراتها النادمة علي افعالها ليقول بحنان : 


- صغيرتي لم تخطأ ! فقط تمردت علي ما حولها تمردت علي جميع القيود التي تأسرها! نحن لسنا ملائكة ليلي...نحن بشر نخطئ ونصلح أخطاءنا دوماً...صمت قليلاً ليقول بندم...أنا أيضاً اخطأت لم افهمك طبيعتك الشرقية التي لا تسمح لأحد بلمسها قبل الزواج وكنت أضغط عليكي كثيراً لترضين بي رغم صغر سنكِ ولا أدري ما حل بي تلك الليلة لأفعل ما فعلته...حتي نشأتي بلندن لا تبرر ما فعلته سامحيني صغيرتي...و لا تقلقي  من اليوم لا مزيد من الأخطاء...سأجعلك أسعد امرأة في العالم...سألبي كل طلباتك...سأغدقك بحناني واحتوائي لنوبات جنونك...واذا اخطأتي سأسامحك وأرشدك دوماً الي الطريق الصحيح ... ! 


دمعت عيناها تأثراً بحديثه لتنهض مسرعة وهي تحتضنه بقوة هامسه بامتنان : 


- أشكرك داني...أنت افضل ابٍ...وأفضل صديق...وأفضل حبيب في العالم أجمع ! 


ابعدها بهدوء وهو يقول بصرامة : 


- إذا رغبتِ ان تستمر علاقتنا توقفي عن احتضاني ولا سأجعل الزفاف غداً أنا لن احتمل يا صغيرة ! 


انفجرت ضاحكة وهي تعي مغزي حديثه لتصمت فجأة وهي تطالعه بغموض ، قطب جبينه وشعر انها لا تنوى خيراً لتصدمه بأن اقتربت وطبعت قبلة سريعة علي وجنته وفرت هاربه للأعلى توسعت عيناه لينهض خلفها متوعداً بصرامة زائفة ويكتم ضحكته بصعوبة : 


- أيتها الشقية ! ستدفعين ثمن تلك القبلة ! 


ركض خلفها الي الأعلى وهي تركض وتضحك بمرح حتي دخلت غرفتها وأغلقت الباب وهي تستند خلفة بابتسامة عابثة ، دق الباب ليصيح بصرامة زائفة : 


- أفتحي ذلك الباب يا فتاة ! أتظنين ان فعلتك ستمُر مرور الكرام ؟ 


ضحكت قائلة بشقاوة : 


- لن افتح عزيزي وهيا الي غرفتك تأخر الوقت ! ولا تنسَ ان تتجرع كوب من اللبن الساخن... 


صاح بغيظ : 


- يبدو انني افرطت في تدليلك أيتها المشاغبة ! 


ابتسمت لتقول برقة لتنال عطفه : 


- أحبك ! 


وكان لكلمتها سحرها الخاص علي قلبه تنهد بعمق ليستند علي الباب مغمضاً عيناه هامساً بصوت متهدج : 


- وأنا أيضاً صغيرتي ! 


             ****** 

زفرت بضيق لتنتبه لصوت بدأ المصارعة والتهليلات المرحبة باللاعب شهقت بصدمة وتدفقت الدماء بقوة الي رأسها حين ادرك هوية الاعب الذي سيصارع الثور!  هامسة بصدمة : 

- يوسف !!! 


انتفض قلبها فزعاً وهي تتخيل أن تفقده وأن تري شخصاً ميتاً مرة أخري تدفقت الذكريات الي رأسها عما حدث في ذلك اليوم... 


       Flash back         


دلفت الي منزله بغضب عارم ألن يتركها بشأنها يوماً ما قطبت جبينها حين رات باب المنزل مفتوح دخلت بخطوات رتيبة وهي متوجسة من هذا الصمت والهدوء لتقول بقلق : 


- محسن بيه ! محسن ب... 


توقفت الكلمات في حلقها حين رأته مسجي علي الأرض وسكين مغروز بجانب قلبه اقتربت ببطء وعيناها تتسع تدريجياً لتسمع همسته الضعيفة :


- ساعديني! 


دمعت عيناها لتسقط بجواره وعيناها تري مشهد أخر مشابه حين كانت والدتها علي حافة الموت حين اتصلت به وهي تنوح ببكاء : 


- بابا ساعدني ماما تعبانة ومش عارفة اوديها المستشفى ! 


أعاد همسته وهو يطلب منها مساعدته ليصدع في أذنها صوته القاسي قبل 10 أعوام ليغطي علي صوته الحالي : 


- وانا اعملك ايه يعني ؟ الأعمار بيد الله ! 


فاقت علي حركته البسيطة وهو يتلوى من الألم ويهمس : 


- أرجوكي...ساعديني أنا...هموت...  ! 


مدت كفها لتمرره علي صدره الغارق بالدماء وهي تهمس بصوت مختنق وعيناه يكسوها الألم وعيناها تلمعان ببريق مخيف! : 


- الأعمار بيد الله ! 


جحظت عيناه وهو يشهق بعنف ملتقطاً أنفاسه الأخيرة وهي تطالعه بحزن وتمرر كفها علي صدره برفق حتي غطت الدماء كفها لتميل عليه هامسه بحزن كطفلة صغيرة والدموع تسقط علي وجنتيها ببطء : 


- متخافش شوية وهترتاح...مش الموت راحة بردو ؟ 


شهق لمرة أخيرة لتصعد روحه الي بارئها ويتجمد جسده تحت يدها نظرت له وكأن حاله عجيبة تلبستها لتنهض مفزوعة...رمشت وهي تتمتم بذهول : 


- محسن ! ينهار اسود ايه الدم ده ؟ أنا...كنت بعمل ايه ؟ وايه الدم ده ؟ 


تسارعت أنفاسها لتقول مسرعة : 


- أنا لازم أمشي لو حد جه ولاقاني كده هلبس مصيبة ! 


خرجت بهلع لتصعد الي سيارتها وهي تبكي بقوة ولا تدري ماذا حدث بالداخل كيف تجمدت ولم تسارع لإنقاذه نظرت لكفها وهي تضعه علي صدره وهي تتمتم برعب : 


- الدم ده وصل لإيدي إزاي ؟ ايه الي بيحصل ؟! 


ترجلت لتصعد بخطوات متعثرة الي شقتها وهي علي حافة الانهيار ودقاتها تقرع كالطبول ، دلفت الي المنزل مسرعة برهبه أغلقت الباب لتستند عليه وتتنفس بصوت مسموع وشهقاتها تعلو ودموعها تنهمر بغزاره نزلت ببصرها علي يديها الملطخة بالدماء برعب..! تحركت بصعوبة نحو المرحاض وهي تشعر بقدميها كالهلام..! وتهدد بالسقوط ، غيرت ثيابها الملطخة بالدماء وقفت أمام المرأة تتطلع الي صورتها وهي تتذكر ما حدث نفت برأسها لعلها توقف ذاكراتها غسلت وجهها وهي تتنفس بصعوبة لتهتف في نفسها في محاولة للتماسك : 


- خلاص الي حصل حصل انا لازم أهدي ! 


End flah back.         


فاقت علي الصرخات الحماسية حين ابتعد بسرعة قبل أن يسحقه الثور نهض وهو يلتف يميناً ويساراً حاملاً ذلك الرداء الأحمر الذي يجذب غضب الثور ، تحركت مسرعة للخروج ليوقفها أحد الحراس فتصرخ عليه بالإنجليزية : 


- ابتعد عن طريقي ! هذه المباراة يجب ان تتوقف ! إفعلوا شيئاً ! 


رفض وهو يطلب منها العودة الي مقعدها ظلت تصرخ بوجهه وهي تطالب بإيقاف المباراة حتي انتهت بالفعل بفوز الاعب الذي عاني من إصابات طفيفة ، دفعت الحارس بعنف وهي تركض اليه حين خرج اندفعت تحتضنه بقوة وهي تدفن رأسها بعنقه وتبكي بعنف!  ضمها اليه وهو يخرج بها حتي وصل الي مكان خاليٍ من الناس ليربت علي خصلاتها هامساً بحنان : 


- خلاص يا ميرا اهدي انا كويس والله... 


ابتعدت لتلكمه بصدره بعنف وهي تصرخ ببكاء : 


- إنت أزاي تعمل كده ؟ تعرض حياتك للخطر علشان مجرد هواية سخيفة بحبها ؟ أنت مجنون ! 


حاول ضمها لتبعد يده بعنف وهي ترفع وجهها الباكي الذي غزاه اللون الأحمر أشاحت بوجهها بعيداً وهي تبكي ليكمل بلطف : 


- حبيبيتي...محصلش حاجة أنا بخير انا بس حبيت أعملك مفاجأة... 


جذبته من مقدمة قميصه تحت صدمته لتهمس بشراسه : 


- في ستين داهيه المصارعة وفي ستين داهية هواياتي وفي ستين داهية انا شخصياً...بس متعملش كده تاني...همست بجملتها الأخيرة بضعف لتسترسل : 


- أنا معنديش استعداد أخسر حد تاني يا يوسف والله العظيم مهقدر استحمل...ارجوك...حافظ علي حياتك علشاني ! 


غامت عيناه بحزن علي حالتها ليضمها برفق واستجابت هذه المرة ولم تقاومه تنهد بضيق فلم يخطر علي باله كل هذا فقد ظن أنها ستسعد بهذه المخاطرة ليهمس بأسف : 


- أنا أسف يا روحي فكرت ان كده هتنبسطي أوعدك مش هخاطر بحياتي تاني... 


               ****** 

دمعة هاربة فرت من عينيها وهي تطهي الطعام بشرود...تتذكر كم الإهانات التي تلقتها...كم تألمت...كم صرخت...ضحكت بسخرية حين تذكرت حديث أخيها الذي أخبرها عن عرض ذلك الشرطي "إلياس" لا تصدق كيف لشخص مثله أن يفكر بالزواج من حطام امرأة مثلها!  فاقت علي دقات متسارعة علي باب منزلها...تركت ما بيدها لتتجه الي الباب الذي ما ان فتحته حتي شهقت بصدمه قائلة : 


- ماجد ... !!! 


ولكن سرعاً ما وضع قدمه قبل أن تغلق الباب ليدفعها ويدلف بابتسامة خبيثة ولكن صدمتها بحق حين رأت اكثر شخص تبغضه يدلف خلف وما كانت سوي زوجة أبيها "فريدة " بكبريائها المعهود التي جلست علي أحد المقاعد وهي تضع ساق فوق الأخرى قائلة ببرود : 

- اتصل بالمأذون شوفه اتأخر ليه خلينا نخلص ! 


أمسك كلتي يديها لتصرخ بغضب : 


- سيب إيدي...وأمشوا اطلعوا بره مأذون ايه ؟! 


لم يبالي بها وهو يرد بصوت أجش : 


- زمانه علي وصول... 


حاولت التملص من قيده بعنف وهي تصرخ بغضب عارم أن يتركها ليدفعها علي الأريكة وهو مازال ممسكاً بها قائلاً بتهديد : 


- اسمعي بقي انا هردك يعني هردك فأحسنلك تسمعي الكلام وتنفذيه من غر دوشة بدل ما أخد عيالي وأمشي ومش هتعرفيلهم طريق ! 


رغم الدموع التي تكونت بعيناها صاحت بصراخ غاضب : 


- ملكش عيال عندي ، ورجوع مش هرجعلك بكرهك يا بني أدم مبتفهمش ؟! 


في تلك اللحظة دلف المأذون التي أتي مجبراً ليجلس بغضب بائن علي وجهه ويبدأ في إجراءات ردها اليه ظلت تتلوي بعنف وهي تصرخ بتهديد : 

- حتي لو رجعتني غصب والله لخلعك وأحبسك يا ماجد !!! 


               ***** 

أشاحت بوجهها ببرود وهي تستمع لاعتذاره للمرة التي لا تذكر عددها!  ليقول بيأس : 


- يا ميرا هتفضلي زعلانة كده كتير كده ؟ انتي مكبرة الموضوع اوي يا بيبي ! 


لم تجيبه ليزفر بضيق وينهض قائلاً بخبث : 


- طب براحتك بقي أنا نازل اسهر لو عوزتي حاجة معاكي رقم house keeping(خدمة الغرف)  


سيطرت علي دهشتها بصعوبة لتجيب بلامبالاة زائفة : 


- I don't care (انا لا أهتم) 


ضيق عيناها بتوعد ليغادر حانقاً ، نظرت خلفه بضيق وهي تقطم أظافيرها ، لم تستطع السيطرة علي فضولها لتغير ثيابها وتنزل للبحث عنه.... 

              ***** 

ولجت الي الملهي الليلي بغضب عارم وهي تبحث بعيناها عنه لتصدم به يجلس ويتحدث مع امرأة أجنبية ترتدي ملابس تظهر أكثر مما تخفي!  زفرت بغضب لتتجه الي البار وتجلس بضيق وهي تحاول الا يظهر غضبها فليفعل ما يحلو له لماذا تهتم ؟! أقنعت نفسها بذلك وهي تتجرع الكأس أمامها تقلصت ملامحها من تلك المرارة التي استشعرتها بذلك المشروب لكن غيظها حاز علي انتباهها الكامل وهي تختلس النظرات اليه وتتجرع كأس أخر!  


ابتسم بخبث وهو يطالعها غير منتبهاً لما تشربه فقد كان يجلس وحيداً لكنه آثر الحديث مع تلك المرأة حتي يغيظها فاق علي صياحها مع عامل البار : 


- بقولك هات من البتاع ده تاني ايه مبتفهمش ؟!! 


قطب جبينه من مخاطبها للعامل باللهجة المصرية! لينهض متجهاً اليها ليصدم بها تنتشل الكأس من يد العامل وتتجرعه كاملاً! ضربه الإدراك انها ثملة! وانها تجرعت الكثير من الخمر! اقترب لينهضها قائلاً بضيق : 


- ميرا قومي معايا نروح... 


طالعته بعيون ناعسه لتقول بصياح غير واعي : 


- لا مش هرجع معاك يا خاين يا كداب روح للي... للي كنت معاها... 


تنهد بعمق ليميل فجأة ويحملها علي كتفه!  فيتدلى شعرها علي ظهره ويرحل مغادراً الي الفندق وهي تتمتم بصوت ناعس : 


- البتاع ده طعمه حلو أوي... 


لم يبالي بها حتي وصل الي غرفتهم ليلقي بها علي فراشهم لتتمتم بضيق وهي تدس وجهها بالوسادة : 


- أنا شارب سيجارة بُني...حاسس ان دماغي بتكلني... 


رفعه حاجبه في دهشه مقهقهاً بخفة مما تقوله ليضرب كفاً كفاً ويقترب ليخلع حذائها ويلقيه جانباً ويرفع الغطاء ليدثرها به جيداً...ليغير ثيابه ويعود ليستلقي جوارها فيصدم بها ترفع وجهها الناعس وتتمتم بابتسامة غير واعية وهي تمرر كفها علي لحيته القصيرة التي تزين وجهه : 


- أنت حلو أوي...وعنيك حلوة... و... 


لترتمي علي صدره وتنام بعمق تاركه اياه في صدمته من حديثها! فهي لم تتغزل به يوماً! ابتسم بدهشة وهو يضمها اليه ويقبل جبينها هامساً بغيظ : 


- هتفضلي طول عمرك مجنناني بكل ما فيكي...في حد يبقي قمر كده وهو سكران كتك البلا في حلاوتك ! 


                ***** 

صياح غاضب أجبرهم علي الصمت لتتجه أنظارهم الي الباب لتحل الصدمة علي الجميع فلم يكن سوي والدها "حامد الحديدي " اقترب ليقول بأمر : 


- المأذون ده يمشي حالاً ! لو فاكر ان بنتي ملهاش حد تبقي غلطان! 


تنفست الصعداء رغم صدمتها بكون والدها ذو الشخصية السلبية دوماً يتدخل لإنقاذها! ، نهضت "فريدة" قائلة بغضب : 


- جري ايه يا حامد ؟! جوزها وبيردها لعصمته مأجرمش يعني ! 


لم يعيرها أدني اهتمام ليأمر رجاله بلهجة صارمة : 


- والبيه تتحفظوا عليه لغاية ما أشوف هعمل فيه إيه... 


الي هنا وكفي لن يصمت ليصيح باستنكار : 


- يتحفظوا علي مين ؟! مراتي وانا حر فيها ! والي هيقربلي هشقه نصين ! 


إقترب الرجال منه ليحكموا تكبيله ويأخذوه عنوه مغادرين وهو يسب ويصيح بغضب...التفت لزوجته التي تتابع الموقف بغضب ليقول بلهجة حادة : 


- متوقعتش توصلي للدرجادي تجبريها ترجع للحيوان ده ! 


اشتعلت عيناها لتصرخ به : 


- ايوة لازم ترجعله وتغور من هنا بعيد عن ابني انا مش هسمح ان الي حصل زمان يتكرر تاني! 


صاح بغضب مماثل : 


- مش من حقك تبعديها عن أخوها الي اتحرمت منه السنين دي كلها علشان شوية أوهام في دماغك ! 


رددت بسخرية أليمة : 


- أوهام ! خيانتك ليا وهم ؟! جوازك التاني وهم ؟! عيالك الي خلفتهم من واحدة غيري وهم ؟! 


تحدثت بحرقة نابعة من قلبها فزواجه الثاني كان بمثابة طعنة غادرة لكبريائها ومركزها فهي "فريدة هانم" من أغني العائلات في الأسكندرية يتركها زوجها وينظر الي خادمة! وكأنها تنتقم لكبريائها من ابناء الخادمة لأنها رحلت مبكراً قبل أن تثأر منها! ، كاد يصيح بها لكن قاطعه صوت هادر بعنف ولم يكن سوي "سارة" : 


- اطلعوا بره !!! مشاكلكم حلوها بعيد عني والي حصل ده مش هيعدي علي خير ! 


ادخلت صغيريها الي غرفتها بعد ان كانوا يتابعون ما يحدث ببكاء وخوف ، ثم عادت لتقف في مواجهة "فريدة " لتردف قائلة بعنف : 


- افتريتي عليا انا واختي زمان وسكتنا...جوزتينا لأي كلب من الشارع علشان تخلصي مننا وبردو سكتنا ! اما لحد هنا وكفاية مش هتقدري تضريني انا وعيالي بحاجة... 


صمتت لتصرخ بحرقة : 


- سارة بتاعة زمان ماتت دلوقتي انا واحدة مش فارق معاها حاجة جتتي نحست من الضرب والأذية وعمايلك دي مش هتأذيني ! بس أقسم بالي خلقني وخلقك لو شفت وشك تاني لأكون رايحه فيكي في داهيه ! 


رغم قوتها ارتعدت أوصالها من نبرتها العنيفة وانقبض قلبها من تلك الحرقة التي تتحدث بها لتتجاهل ضميرها الذي أفاق من غفوته وتتحرك مغادرة ليوقفها بلهجة حادة : 


- فريدة...انتي طالق ! 


سالت دموعها لتمسحها بعنف وتغادر هاربة من كل ما يحدث... 


بعد مغادرتها تحولت نظراته من الصرامة والقوة الي الضعف والندم وهو يطالع ابنته التي تغيرت كثيراً عن ما سبق وجهها صار شاحباً مثقلاً بالهموم وعيناها غائرتان تسردان قصصاً من ألم ليقول بتوتر : 


- سارة...أنا... 


قاطعته بحده والقسوة تندلع بعينيها :


- اطلع بره انت كمان ملكش مكان في بيتي ! 


صدم من قسوتها ألم تكن هي أحن أبناءه ..صدق من قال ان الأيام تصنع من الإنسان وحشاً وأليس من رحم الشدة تولد القسوة!  تنهد بثقل وعيناه تدمعان بانكسار ليغادر مسرعاً وكأن الهروب هو الحل لكل العوائق !... 


بينما هي تغلق الباب وتستند عليه تتنفس بألم فجزء بداخلها يطالبها بالغفران والاستكانة بين أحضان والدها التي لطالما تمنتها!  وجزء أخر يصرخ بها بالجمود والقسوة فمن اخطأ يجب ان يعاقب وبين هذا وذاك هي محطمة هشة شبح أنثي دمرتها الأيام ... !!! 


                   ***** 

رمشت لتفتح عيناها بصعوبة وتشعر بأن رأسها سينفجر من الألم اعتدلت جالسة لتجده يلج الي الغرفة حاملاً الافطار والقهوة ، عبست ملامحها وأخر ما تتذكره هو حديثه مع تلك الفتاة...لكن ماذا حدث بعدها وكيف وصلت الي الغرفة!؟ جلس بجوارها ليضع الطعام أمامها لتقول بعبوس : 


- هو ايه الي حصل امبارح بعد ما خنتني ؟ 


ضحك بخفوت ليقول بهدوء : 


- يا بيبي انا مخنتكيش دي واحدة كان بتسأل علي حاجة مش أكتر ... 


رمقته بحنق لتتسأل بعبوس : 


- وأنا جيت هنا إزاي ؟ 


حمحم ليردف بحذر : 


- أصلك شربتي جامد امبارح ومحستيش بحاجة وانا جبتك هنا و... 


قاطعته بشك : 


- شربت ايه ؟ لا متقولش ! 


تماسك ليمنع ابتسامته من الظهور ليومأ له بأسف ، صدم بها تشرع ببكاء عنيف وتخفي وجهها بين كفيها ليجذبها اليه ويحتضنها بقوة قائلاً بلطف : 


- اهدي يا ميرا انتي مكنتيش تعرفي انها خمرة أكيد ؟ 


أومأت له ببكاء وهي تلوم نفسها بقوة فكيف لم تنتبه وتجرعت هذه المحرمات... 


، هدأت بعد عدة دقائق تحت وقع كلماته الحانية ليطعمها بيدها ثم يقرر أخذها لنزهه حتي ينسيها ما حدث....


              ***** 

ابتسامتها الهادئة لم تغادر شفتيها وهو يواصل تصويرها من مختلف الزوايا لتقول : 


- ما كفاية تصوير بقي يا چو... 


ابتسم ابتسامته التي تزيده جاذبية قائلاً بعبث : 


- حد يبقي معاه القمر ده وميصورهوش يا قلب چو ! 


ضحكت بخجل ليتابع كلاهما السير مستمتعين بالأثار والمعالم السياحية ليقول فجأة : 


- استني ده...ده مؤيد  ! جوز ليلي ! 


التفتت لتجد شاب يسير في الجهة الأخرى ويتحدث بالهاتف ليذهب كلاهما اليه وعلي حين غرة يقف "يوسف" أمامه ويصافحه بابتسامة فقد أشتاق لشقيقته الصغيرة بشدة ،قطب "مؤيد" جبينه باستغراب لكن سرعاً ما حلت صدمة جلية علي وجهه حين قال "يوسف " : 


- إزيك يا مؤيد ؟ مش فاكرني ؟ أنا يوسف أخو ليلي...مراتك ! 


               ***** 

زفرت بضيق حين فشلت في إعداد الطعام لتجيب علي الهاتف ليصدع صوته المحبب اليها : 


- اشتقت اليكِ...قطتي البرية ! 


ابتسمت رغماً عنها لذلك اللقب لتقول بخفوت : 


- وأنا أيضاً.... 


اعتدل بكرسيه ليقول بمشاكسة : 


- ما بها صغيرتي عابسة ؟ 


تذكرت فوراً الطعام الذي أفسدته لتجيبه بعبوس كطفلة صغيرة : 


- سأخبرك لكن إياك أن تسخر مني ! 


ضحك بخفوت علي طفوليتها مردفاً بابتسامة : 


- حسناً لن أفعل...أخبريني ما الذي يزعجك ؟ 


نفخت بضيق قائلة بتذمر طفولي : 


- لم أستطع إعداد الباستا وانا جائعة بشدة... 


جمح ضحكاته بصعوبة ليبتسم بحنو ثم وضع هاتفه جانباً وهو يرفع سماعه الهاتف الخاص بمكتبه قائلاً : 

- أريد أفضل باستا بلندن ترسل في خلال دقائق الي العنوان الذي سأعطيكِ إياه... 


رفع هاتفه لتقول بضيق : 


- ألم يعلمك احداً عزيزي الا تترك الهاتف حين تتحدث مع أحد ؟ 


أغلق الأوراق أمامه ونهض ليجلس علي الأريكة قائلاً بصوت الهادئ : 


- بل صغيرتي التي لم يعلمها أحداً كيف تتحدث مع زوجها المستقبلي ! 

جلست بالشرفة ووضعت صورته جانبها لتتطلع عليها بابتسامة وهي ترد بعبث : 


- ومن أخبرك إني سأوافق علي الزواج بك لربما أرفض... 


ابتسامة جانبية زينت ثغرة قائلاً : 


- وهل تملكين حق الاختيار ؟ جربي أن ترفضي وأقسم ان أختطفك في التو واللحظة ! 


ضحكن ملئ فمها لترد من بين ضحكاتها : 


- لم أدري إنني أحببت خاطفاً ! 


صدع رنين الباب لتنهض قائلة باستغراب : 


- داني...هل هذا أنت هل جئت حقاً ؟ 


ليردف بجدية : 


- لا صغيرتي سأدع جنوني لوقت أخر الان افتحي الباب ستجدين عامل توصيل الطعام خذي طعامك وإياك والتحدث معه او الابتسام في وجهه ! 


ابتسمت بفرح كطفلة صغيرة لتهرع الي الباب وتفتحه بحماس شديد لتتجمد ابتسامتها وترتفع ضربات قلبها حتي سقط الهاتف من يدها لتهمس بصدمة وجسدها ينتفض برعب : 


- يو...يوسف ... !!! 


#يتبع... 

#أحببتٌ_فريستي

#بسمة_مجدي

_ عراك  ! _

   _22_


لم تبرح باله تلك المطلقة الصغيرة لينهض ويقبل جبين طفلته ويدثرها جيداً ويخرج ، جلس بالشرفة ليتصل بها بعد أن حصل علي رقم هاتفها بطرقه الخاصة ليصله صوتها مبوحاً :

- ألو .....


ابتلع ريقه ليردف بنبرته الهادئة :


- إزيك يا سارة ؟ أنا المقدم إلياس !


صمتت لبرهه لترد باندفاع :


- ليه عايز تتجوزني ؟ ...


استغرب من سؤالها الجريء ليرد بهدوء :


- مش هكدب وأقول وقعت في غرامك والكلام ده ... انا أخترتك لإنك مناسبة ليا ولظروفي انتي مطلقة وانا كمان مطلق انتي معاكي عيال وانا كمان معايا بنت ... 


التوي ثغرها بسخرية لتهتف بتهكم :


- علشان تضمن ان محدش يعاير التاني بتطبق مثل لا تعايرني ولا أعايرك الهم طايلني وطايلك مش كده ؟ 


لتضحك بسخرية أليمة استغرب سخريتها رغم انه واقع بالفعل لا ينكر أنه اختارها لهذا السبب لكنه معجب بها أيضاً ليقول بتردد :


- انتي كويسة ؟ 


لم تقوي علي الرد لتغلق الهاتف مسرعة حتي تسمح لدموعها الحبيسة بالتحرر فهي لا تود الزواج مرة أخرى ولكن لا ترغب أن تثقل كاهل شقيقها بمشكلاتها التي لا تنتهي يكفي ما به وما حدث لزوجته لتقرر تحمل كل ما يحدث لها دون معين او مساعدة من أحد فإن كان زواجها الثاني سيحميها من طليقها فليكن إذن ، رفعت الهاتف لتقول بنبرة جامدة يتخللها الألم وتخفي خلفها رغبة عارمة في الصراخ :


- إلياس...أنا موافقة نتجوز ... !!!


               *****

التوي ثغره بابتسامة شيطانية وعيناه تقدحان شزراً أغلقت الباب مسرعة ليدفعه ويدلف جاذباً إياها من خصلاتها بقسوة قائلاً :


- فاكراني يا ليلي ولا عيشتك الزبالة نسيتك أخوكي ؟!.


صرخت بألم ليكمل هادراً بغضب :


- واحنا الي فكرينك متجوزة اتاري الهانم اطلقت ودايرة علي حل شعرها !!! 


هبط كفه علي وجنتها بقسوة في صفعة مؤلمة لتصرخ ببكاء وتدفعه محاولة الخروج ليسارع بإمساكها مرة أخرى وهو يكرر صفعها هادراً بصوت جهوري  :


- أنا هوريكي يا **** يا **** 


لم تستطع الرد وكأنها تخدرت من كثرة صفعاته المؤلمة ، ظل يضربها بقسوة غافلاً عن الهاتف الذي كان ملقي أرضاً والمكالمة مازالت مفتوحة  !!!


               *****

ركض بأقصى ما لديه من سرعة قلب ينتفض فزعاً حتي اصطدم بالكثيرين بعنف والجميع في دهشة أن مديرهم الهادئ بارد الطباع يركض بهذا الشكل صارخاً بصوت جهوري للجميع أن يبتعد عن طريقه! وهو يصرخ بالهاتف بعصبية مفرطة :


- اتركها أيها الوغد ! سأقتلك إن أذيتها اتركها ! 


وصل الي سيارته ليدفع السائق جانباً ويستقلها ويقود بأقصى سرعة ممكناً ، ضرب المقود بعنف وهو يلعن ويسب فكيف تجرأ أحد علي المساس بها بسوء ، وصل الي منزلها ليترجل ويلتقط سلاحه من خلف سترته ويصعد لأعلي ركضاً بأنفاس نارية وعينان كالجمر المشتعل يخيف كل من يراه!  وصل الي شقتها ليرفع سلاحه ويطلق علي الباب ويركله بعنف ليدخل كالوحش الكاسر لا يري أمامه ليصدمه بأن ذلك الغريب يمسك صغيرته ويضربها بعنف!  اشتعلت النيران بداخله ليجذبه ويلكمه بعنف وفي أقل من ثواني تحولت الي معركة أولاد الشوارع!  ، انزوت جانباً وهي ترتجف ببكاء وتطالع صراعهم العنيف فقوة "يوسف" تضاهي قوة "دانيال" لتسمع صراخ أخيه وهو يلكمه بعنف :


- وده كمان من ضمن زباينك ال*** وديني لقتلكم سوا !


رد له لكمته هادراً بعنف :


- لا توجه لها حديثاً أيها اللعين ! مشكلتك معي مهماً تكن ! 


احتد الصراع والشجار العنيف بينهم وهي فقط تبكي بخوف وصدمة فكيف وصل اليها وبالتأكيد سيأخذها ليقتلها ويغسل عاره كما يظن! 


                *****

تأففت بقلق ولم تعد تحتمل الجلوس بالسيارة بانتظاره فقد اكد عليها بعصبية الا تتحرك من السيارة بعد أن استطاع الوصول لشقيقته في بضع ساعات بعلاقاته ، فكرت انه بالتأكيد سيؤذيها فهي أعلم الناس بجنونه حسمت أمرها لتترجل وتصعد لأعلي ...


صدمت حين وجدت "يوسف" يتصارع مع ذلك الرجل الذي يبدو أجنبياً لتصرخ :


- يوسف ... سيبه انت بتعمل ايه ... بس كفاية ! 


تجرأت أكثر لتدفع كلاهما وتفصلهما عن بعض وتقف كالحائل بينهم وكلاهما يتبادلان النظرات المشتعلة وعلي أتم استعداد للفتك بالأخر! لتشير بيدها لذلك الغريب قائلة بنهيج بالإنجليزية :


- حسناً ... مهما كنت نحن لا نريد المشاكل هذه الفتاة شقيقته وقد أتينا لنأخذها فقط ...


ارتخت ملامحه الحادة حين علم هوية ذلك الهمجي ليقول بنبرته المهيمنة :


- وأنا أكون خطيب شقيقتك وزفافنا بعد بضع أيام ! لذا من الأفضل ان نجلس لنتحدث بهدوء ...


اومأت "ميرا" رغم دهشتها لتجذب كف "يوسف" وتهدئه ببضع كلمات وتجبره علي الجلوس في حين أن "دانيال" اقترب من صغيرته وهو يطالعها بألم يرغب في ضمها اليه والتهدئة من روعها ولكنه لن يستطيع في وجود أخيها ليحاوط كتفيها ويساعدها علي النهوض ويضعها برفق علي أحد الأرائك ويغيب ليعود حاملاً كوباً من الماء البارد ليعطيه لها ويجلس جوارها ويمسح الدماء النازفة من فمه ويرفع بصره ويقول بلهجة حادة :


- بصفتي زوج ليلي المستقبلي من حقي أن أعلم لما أتيت والان تحديداً ؟


بادلته نظراته الحادة ليهتف بسخرية حادة :


- لقد قررت المجيء لأحضر شقيقتي العاهرة فيكفي ما جنته للأن  !!!


- إياك ان تتحدث عنها بهذه الطريقة ! 

هدر به بعصبية أخافت تلك المرتعدة بجواره لينتبه لها ويتابع بنبرة اقل حدة :


- استمع لي جيداً ... شقيقتك ليست عاهرة بل هي أفضل فتاة رأيتها انا أعرفها منذ ثلاث سنوات واعتنيت بها جيداً ولم امسسها بسوء ولكي تطمئن عقليتك الشرقية اللعينة ... شقيقتك كما هي لم يمسسها رجل من قبل ! 


لا ينكر ان كلماته قد هدأت قليلاً من النيران المشتعلة بداخله ليردف بجمود مغالباً رغبته في سفك دماء ذلك الأجنبي اللعين :


- كويس ...ياريت الهانم تقوم تحضر شنطتها علشان هترجع معايا مصر  ! 

دمعت عيناها بخوف لتوجه بصرها نحو "دانيال" تتوسله بعيناها قطب جبينه من نظرتها المتوسلة فهو لم يفهم ما قاله "يوسف" لتترجم له فيخفق قلبه بقوة من فكرة رحيلها ليجبر نفسه علي الهدوء فهو الطرف الأضعف الأن ولن يستطيع أخذها من شقيقها ! هدأت نظراته ليلتفت له ويهتف بقوة :


- ليلي لن تترك لندن اخبرتك انها بخير وسنتزوج بعد بضع أيام ...


ابتسم بشر ليهتف بحده :


- ليلي ستعود معي والأن  ! اما بالنسبة لك فيكفي ما فعلته لأجلها وانك مازالت علي قيد الحياة!  أما شقيقتي ستعود لموطنها وستتزوج من شخص من اختياري ! فكما تقول أنا شرقي وعاداتنا لا تمنح للفتاة فرصة اتخاذ القرارات خاصة إذا كانت مخطأة ! 


تأزم الوضع ليقول بنبرة هادئة نسبياً :

- ماذا اذا سافرت اليكم الي مصر وطلبتها للزواج ؟ 


رفع حاجبه لجرأته فيبدو أنه يرغب بها حقاً ليقول ببرود :


- حينها سأفكر بالأمر إذا كنت مناسباً لها! 

اومأ له ليلتفت لها ويقول مهدئاً بلطف :

- حسناً صغيرتي لا تقلقي عودي مع أخيكي وأقسم انني لن أتركك سألحقك بعد ايام معدودة وسأتزوجك رغماً عن الجميع ! أنا لن اتخلي عنكِ ... !


غضب "يوسف" من حديثه معها بهذه الطريقة وما أثار دهشته ابتسامتها البسيطة وهي تومأ له وتنهض لتحزم أمتعتها استعداداً للرحيل!  فاق علي صوته الآمر :


- فعلت ما تريد وشقيقتك ستعود معك ولكن عدني ألا يؤذيها أحداً ... انت مازالت لا تعلم من أنا وما انا قادر علي فعله ...أنا أدعي دانيال ابراهام صاحب اكبر شركات في لندن شركات d$A ! 


بالطبع علم هويته فمن لا يعرف ماركة شركاته في الاقتصاد العالمي! ليشتعل غضباً من تهديده وكاد يشتبك معه مرة أخرى لتسارع "ميرا" قائلة بصدق :

- لن يؤذيها أحد أعدك ! 


نزل لأسفل تحت إلحاح "ميرا" ان يتركها تودعه فمهما حدث فقد أعتني بها لثلاث سنوات!  علي شرط ان يتركها هي برفقتهم ، طالعها بحزن ليرفع كفها ويقبله بدلاً من أن يقبل وجنتها الحمراء من صفعات "يوسف" قائلاً بحنان :


- سألحق بكِ هذه فترة مؤقته وستعودين إلي ...  بين ذراعي الي موطنك ومأواكِ ... فطفلتي لن تستطيع الحياة بدوني ... !!


ابتسمت من بين دموعها ولم تستطع السيطرة علي رغبتها باحتضانه وليذهب الخوف الي الجحيم اندفعت تتشبث به ببكاءً أمام أنظار تلك التي تطالعهم بصمت وقد أدركتك مدي الحب بينهم وهي أعلم الناس بالهوي وما يرافقه من ألم لتحمحم بحرج قبل أن يأتي "يوسف" ويحطم المنزل فوق رؤوسهم ، أبعدها برفق وهو يميل ليقبل جبينها برقة ويهمس :


- اعتني بنفسك صغيرتي  ...


همست بالمقابل :


- لا تقلق فأظافر قطتك البرية نشبت ولن تسمح لأحد بإيذائها مرة أخري ! 

ضحك بألم ليتركها وتغادر برفقة "ميرا" وكأنها نزعت قلبه لتأخذه وترحل تاركه إياه كالجسد بلا روح ...


               *****

لم تنطق بحرف طول رحلة عودتهم الي أرض الوطن حتي وصل بهم الي منزله ومان أن دلفوا الي الداخل ليرمقها بضيق قائلاً بتهديد وهو يشير الي أحد الغرف :


- الأوضة دي هتبقي بتاعتك مفيش خروج منها الا بإذني واي نفس هيطلع منك هيطلع بإذني الأول...ولو كنا سيبنالك الحبل مايل فده علشان كنت فاكرينك متجوزة ! مش مدوراها ! ... إعتبري نفسك في سجن بس نضيف شوية ...  !


طالعته ببرود لتقترب وابتسامة ساخرة تزين ثغرها قائلة بتهكم :


- أوعى تكون فاكر الشويتين الي عملتهم عليا في لندن خوفوني ... أنا واحدة حرة مستقلة ومش تحت أمرك ! ده غير ان دور الأخ  الحامي الي اتصدم في أخته ده مش لايق عليك يا يوسف ولا أقولك يا چو ؟


تعمدت ذكر لقب "چو"مشيرة الي علاقاته النسائية المتعددة ، اشتعلت عيناه واقترب لتسارع "ميرا" بالوقوف بينهم كالحائل وهي تقول بلطف وابتسامة متوترة :


- ليلي حبيبتي معلش ادخلي استريحي انتي في اوضتك ونبقي نتكلم بعدين ...


التفتت لها قائلة ببرود :


- لو عايزة تساعدي بجد ساعدي جوزك وفهميه ان انا مش اخته ولا عمري هكون ! واقامتي هنا مؤقتة ... ابتسمت بخبث قائلة ببراءة زائفة :

- واتمني انبسط معاكوا ...


وتركتهم ودلفت الي غرفتها ببساطة! وكأنها لم تنتزع فتيل غضبه ببرودها وردها الوقح! وضعت كفها علي وجهه تلتمسه برقة قائلة بهدوء :


- يوسف الأمور مش بتتاخد كده انت لازم تتفاهم مع اختك ! 


دفع كفها بغضب قائلاً :


- أتفاهم مع مين ؟ دي واحدة *** وعايزة تجيب سمعتنا الأرض بس وديني لأربيها من اول وجديد !


تركها واندفع الي غرفتهم بغضب لتتنهد بضيق وتتجه نحو غرفة "ليلي" لعلها تتفاهم معها فتحت الباب لتدلف بابتسامة بسيطة قائلة بلطف :

- أحنا متعرفناش كويس ... أنا ميرا !


رفعت حاجبها ببرود لتنهض وتقف قبالتها وهي تطالعها باحتقار قائلة :


- أنا مبحبش اتكلم كتير قولتلك إقامتي هنا مؤقتة ولحد ما تنتهي مش عايزة أتعرف عليكوا ولا أسمع صوتكم ولا ألمحكم حتي!  فوفري الحنية دي لجوزك الهمجي ده  ... !!!


اختفت ابتسامتها لتعتدل في وقفتها ويحتل البرود ملامحها قائلة بجمود :

- هعتبر نفسي مسمعتش حاجة! علشان زعلى وحش اوي ومحبش انك تجربيه في أول يوم ليكي هنا تصبحي علي خير! 


وتركتها وغادرت بكبرياء لتغلق خلفها الباب لتركله الأخرى بغيظ فقد ظنت أنها ستحزن لإهانتها او تصمت كما يظهر عليها لكنها فاجأتها بنظراتها القوية التي لا تنكر أنها أخافتها بحق!  كيف تكون بتلك الطيبة وبتلك القوة! مزيج غريب تنهدت لتهمس بحزن باللغة الانجليزية بلا وعي :


- عُد مسرعاً داني فصغيرتك أشتاقتك للغاية ولم يمضي سوي بضع ساعات ! 

                *****

أمسك تلك الصورة مصغرة بحزن هامساً :


- اشتقت إليك أبي ! أنا اليوم سأعود الي الوطن العربي رغم أني لا اذكر الكثير من طفولتي لكن عطفك ودفئك لم يغب عن قلبي أتمني أن أجدك أبي ! 


وضع تلك الصورة بأغراضه ليغادر ويصعد بسيارته قادها حتي وصل الي أحد المنازل الفخمة دلف الي الداخل ليصله صوتها الرقيق الساخر رغم سنوات عمرها التي تخطت الخمسون :

- ما الذي أتي بك الي هنا بعد كل هذه السنوات ؟! ولا تقل أنك اشتقت اليّ !


ابتسم بتهكم مطالعاً هيئتها التي تخالف سنها الحقيقي بمساحيق التجميل والثياب الشبه عاريه ليهتف ببرود :


- سيدة انديانا...لا تأملي كثيراً بزيارتي فقط جئت لغرض محدد وسأغادر فوراً...


ابتسمت ساخرة بألم من نبرته لترجع خصلاتها الشقراء للخلف لتقول بجمود تخفي خلفه مشاعرها المتألمة ورغبتها في ضمه ولو لمرة واحدة! :


- قل ما لديك واغرب عن وجهي فأنا لدي الكثير من الأعمال ! 


ابتسم ببرود ليقول ببرود :


- ما هي الدولة التي يعيش بها أبي ؟ 

انتفضت لتهب واقفة وهي تقول بصدمة :


- إياك ان تفكر بترك لندن والرحيل ! 

لم يعير اهتماماً لصدمتها ليكمل سؤاله بصرامة :


- أين يعيش أبي تحديداً ؟ 


ترقرقت الدموع بعينيها وهي تدرك أن كل ما فعلته راح هباءً أجل يعاملها بجفاف لكن علي الأقل كان تحت ناظريها وليس ببلادً اخرى بعيدة لترد بغضب :


- بالطبع تريد الذهاب الي الوطن العربي من أجل تلك الشرقية اللعينة ! أليس كذالك ؟! 


ليرد ببرود :


- أنتِ تضيعين وقتي ووقتك لذا هيا أخبريني أين يعيش أبي لأنني لن أرحل بدون إجابة ! 


اقتربت لتردف بغضب :


- داني!  لا تنسي اتفاقنا لا يمكنك تركي والرحيل!  


- أنا لم أكن بجوارك من قبل حتي اتركك!


قالها بقسوة ألمتها لترد بقسوة مماثلة :

- لماذا ترغب برؤيته انه رجل لعين لا يحبك بقدر ما أفعل أنا فلتخبرني لماذا لم يبحث عنك طوال تلك السنوات ؟ لقد مضي عشرون عاماً ولم يجدك أم لم يبحث من الأساس ؟ 

أغمض عينيه بقوة ليردف بجمود :


- اتبعت أوامركِ طوال تلك السنوات ولم أبحث عنه مطلقاً لكن هذا يكفي سأذهب الي الشرق وأحضر زوجتي وأبي!  


تنهدت بعمق قائلة وهي تتهرب بعيناها تمنع نفسها من البكاء أمامه :


- والدك عاش الكثير من عمره في إحدى الدول العربية التي تسمي الإمارات العربية المتحدة لكنه أخذك الي مسقط رأسه في صعيد مصر ... !!!


حصل علي مراده ليخرج بهيبته كما أتي يتذكر وقت اختطفته واحضرته مجدداً الي لندن وودت تغير ديانته ليمنعها مترجياً اياها ألا تفعل فتلك الديانة حتي لو لم يكن يعلم عنها الكثير لكنها أخر ذكري علمها والده له لتوافق ان يحتفظ بديانة أبيه بشرط الا يحاول البحث عنه مجدداً ! وبالفعل طبق حديثها لتتوالي السنوات ويشعر بكونه وحيداً ليأتي يوماً وتتزوج والدته تذكر لمحات من الماضي حين كان يضربه زوجها وهي لا تحرك ساكناً وتردد :


- أنت ولد وقح تحدث جيداً مع أبيك!  


أغمض عيناه بقوة ليكمل قيادته في طريقه الي المطار مقرراً استعادة صغيرته وأبيه ...


               *****

- يعني أيه طلقتها وسافرت ؟ 


هتف بها "يوسف" بانفعال وهو يحادث والده ليرد الأخير عليه ببرود :

- الي حصل يا يوسف أنا وامك مكناش مرتاحين مع بعض وانفصلنا الموضوع انتهي... 


اغتاظ من بروده ليصيح بغضب :


- يعني مش مرتاحين وجاين تفتكروا ده دلوقتي وانتوا عندكوا أحفاد! وازاي ماما تسافر من غير ما تقولي ؟ 


- الخطوة كان المفروض ناخدها من زمان ومامتك سافرت تغير جو بس وهترجع المهم ليلي عاملة أيه ؟ أنا عايز أجي أشوفها ؟ 


قال كلمته الأخيرة بلهفة أب مشتاق الي طفلته وبالفعل "ليلي" كان لها مكانة خاصة في قلبه لكونها الصغيرة اشتاق لخجلها وهدوءها وبكاءها إذا أحزنها احدهم بكلمة!  ليحمحم "يوسف" قائلاً بهدوء نسبي :


- كويسة يا بابا بس أنا افضل تستني شوية علشان تقابلها هي لسه مش واخدة علي الجو هنا وكده يعني... 


كذب فهو لا يريد لأبيه أن يراها فهي أصبحت وقحة كثيراً شتان بين حالها في لندن في وجود ذلك الاجنبي كان ضعيفة وترتجف بخوف ليهرع اليها كطفلة صغيرة!  وبعد رحيلهم ظهرت انيابها فهي علي أتم استعداد للعراك معه! أنهي الحديث مع والده متذعراً بأي حجة خرقاء ليغلق هاتفه ويستغل خروج "ميرا" للتبضع لينفرد بتلك الوقحة دق الباب ليدلف الي غرفتها فيجدها ترتدي بنطالً اسود ملتصق بها ومن الأعلي منامة سوداء يرتسم عليه جمجمة مخيفة! وتضع السماعات بأذنها ولم تعبئ لدخوله ليحمحم ويجلس علي الأريكة أمامها بعد ان نزع سماعة الأذن في طريقه ، وضع ساق فوق الأخرى ليغمغم ببرود :


- أظن الوضع ده مش هينفع احنا محتاجين نتكلم!  أنا عايز أعرف كل الي حصلك من ساعة ما اتجوزتي مؤيد وسافرتي وبالتفصيل! 


التوي ثغرها بابتسامة ساخرة لتردف بتهكم :


- مانت عرفت كل حاجة سافرت واطلقت من مؤيد بعد جوازنا بكام ساعة وقابلت دانيال وطبعاً انت عارف الباقي كنت ماشيه علي حل شعري ومقضياها مع كل واحد شوية ! 


غامت عيناه بغضب لينهض مقرراً صفعها ليفاجئ بها تمسك كفه قبل أن يصلها الي وجهها وتدفعه بعنف!  هادرة بشراسة :


- إياك تفكر تعملها! المرة الي فاتت خدتني علي خوانة المرة دي مش هسمحلك تقربلي! لو فاكر نفسك أخويا ومن حقك تعمل كده فانت فقدت الحق ده من زمان!  


جذبها من خصلاتها بقسوة هامساً بعنف :


- شيفاني أخوكي ولا لأ ده مش هيغير من الواقع اني أخوكِ ومن حقي ادفنك مطرحك لو عملتي حاجة غلط!


ابتسمت بألم من قبضته لتهمس ببطء :

- وانت مين هيحاسبك ؟ أنا مهما عملت عمري ما هوصل ل*** دانت عرفت ستات بعدد شعر راسك وجاي تحاسبني اني حبيت الرجل الي وقف جمبي!  


شدد قبضته علي خصلاتها لتقابل وجهه وهو يشد قبضته هامساً بتهكم :


- أنا راجل!  مهما عملت محدش هيحاسبني ولا حد هيبصلي أما انتي بنت يعني لو اتنفستي كله هيحاسبك النفس ده طالع في وقته ولا متأخر!  


ضحكت بألم هامسه :


- عارف...معاك حق بس انا لو الدنيا كلها هتحاسبني هيبقي أرحم بكتير من حسابك مع ربنا!  


وكأنها صفعته بكلمتها!  "حساب الله" كأنها ضربة قوية لضميره النائم في ثبات عميق! تركها لينظر لها بغضب ويغادر دون إضافة كلمة واحدة ...


                 *****

جلس يشاهد التلفاز وهو يلمس علي خصلات صغيرته ويقبلها من حين لأخر وهي قابعه بين احضانه تستمتع بدفئه لتقطع الصمت قائلة بتذمر طفولي :


- هي تيتا بتعمل أيه كل ده ؟ أحنا...قربنا نموت من الجوع!  


قهقه بخفه ليقول بلطف :


- تيتا بتحب تاخد وقتها يا روحي بعيد عنك السمنة البلدي وعمايلها... 


قالها بحسره علي طعام والدته المشبع بالسمن لتقول الصغيرة بعدم فهم :


- يعني أيه سمن بلدية دي يا بابتي ؟ 


ضحك ليقبلها من وجنتيها المكتزة التي تجعله يرغب بتقبيلها ليلاً ونهاراً فهي كقطعة حلوة ليردف :


- دي حاجة كده بيطبخوا بيها متاخديش في بالك يا توتا... 


نزلت من علي قدميه للتقول بحماس طفولي :


- أنا هروح اشوف تيتا وهي بتعمل الأكل بحب أتفرج عليها... 


اومأ لها لتهرع الي المطبخ ليبتسم بحنو علي براءتها وكونها تستأذنه حتي في أبسط الأشياء وكأنها تثبت له أنها افضل قرار اتخذه!  


تسللت الصغيرة الي المطبخ بخطوات بطيئة قاصدة إخافة جدتها علي سبيل المزاح لتتسمر قدماها حين رأتها تضع الطعام علي المقلاة فارتفعت النيران فجأة وكأنها اندلعت بعينيها لتتراجع خطوات الي الخلف وهي تشهق بعنف وهي تري النيران تأكل كل ما حولها وصراخ مخيف يدوي بأذنها وشهقاتها تعلو بصورة مخيفة...


نهض "إلياس" ليري صغيرته واقفة أمام المطبخ بلا حراك ووالدته تطهو الطعام ولا يبدو انها انتبهت لوجودها ليقترب فتصدمه تلك الشهقات المخيفة هرع اليها ليصيح بقلق :


- تقي...  مالك ؟! ايه الي حصل؟ 


لم تجيب ولم تحول بصرها عن تلك النقطة في الفراغ والدماء بدأت تنسحب من وجهها وشفتيها تميل للون الأزرق جثي علي ركبتيه وهو يحتضن وجهها قائلاً بقلق :


- اهدي يا روحي...اهدي وخدي نفسك أنا هنا...بابا هنا...ركزي معايا وحاولي تاخدي نفسك!  


- يا نصيبتي البت مالها يا الياس ؟ 


صرخت بها والدته بفزع حين رأت شحوب بشرتها وعدم قدرتها علي التنفس! أدرك من عينيها المفزوعة أنها لا تراه انها بقلب ذكري سيئة ليصرخ بانفعال :


- تقي!  بصيلي انا إلياس!  تقي اتنفسي علشان خاطري!  


شهقاتها صارت مرعبة بحق ليحملها ويركض للخارج مسرعاً متجاهلاً صراخ والدته الباكية والمرتعبة علي الصغيرة!  ، صعد الي سيارته ومازال يضمها لصدره قاد مسرعاً ومازال يهمس بأذنها انه بجوارها ويضمها أكثر لصدره حتي شعر بجسدها يهدأ واختفت شهقاتها! واختفت دقاتها الهادة التي كانت تضرب صدره ليرفع وجهها الشاحب وجسدها الذي بدأت البرودة تتسلل اليه هامساً بصدمة :


- لا لا...تقي ... !!!


#يتبع... 

#أحببت_فريستي 

#بسمة_مجدي

_ دماء _

  _23_


حطت الطائرة علي الأراضي المصرية ليتنهد براحه غريبة ربما لأنه سيقابل والده ام تلك الارض التي عاش لعشرة سنوات من عمره عليها ارتدي نظاراته السواء التي تتماشي مع بذلته القاتمة ليخرج الي المطار بخطوات واثقة قوية وهيبته تفرض نفسها بقوة ليخرج ويبحث بعيناه عن السيارة التي من المفترض ان تقله الي وجهته ليأتيه صوتاً أجش قائلاً بترحاب مبالغ : 

- welcome يا بيه 


رمقه باستحقار ليتابع البحث بعينيه ليردف الرجل بسماجة وهو يحاول اخذ حقيبته : 


- تاكسي يا بيه ؟ welcome  والله

لم يفهم منه شيئاً سوي انه يرغب في توصيله ابتعد عنه قليلاً ليقول بضيق بلغته الإنجليزية : 


- ابتعد...أنا لم أطلب منك شيئاً! 


عبست ملامح الرجل من غروره رغم عدم فهمه لما قال فهو يحفظ بضع كلمات  لتساعده علي التحدث مع الأجانب ليس الا ليبتعد قائلاً بامتعاض : 


- يا عم في داهيه يعني كنت هوصل السفير! 


لم يستمع جيداً لما قاله لكن يبدو من ملامحه انه يسبه اقترب في نيته التشاجر ليصل صوت السائق قائلاً بأسف : 


- أعتذر عن التأخر سيد دانيال فالطريق كان مزدحم للغاية... 


رمي بحقائبه ارضاً ليصعد الي السيارة ببرود ، حملها السائق ووضعها بسيارته وانطلق في طريقه... 


امتعضت ملامحه وهو يتابع ذلك الطريق المزدحم حتي توقفت السيارة في إحدى الاشارات المرورية ليصدم بفتاة تكاد ان تدخل رأسها من زجاج سيارته قائلة بترجي مبالغ به : 


- اللهي يسترك يا بيه حاجة لله...ربنا ما يوقعك في ضيقة... 


هتف بالسائق بعدم فهم : 


- ماذا تقول تلك الفتاة ؟ ولما تتصرف بهذا الشكل الغير مهذب ؟ 


صاح بها السائق لترحل لكنها أصرت ليقول باستسلام : 


- سيدي...انها تطلب المال فهي من المتسولون... 


رفع حاجبه بتعجب قائلاً : 


- وهل يتسول شخص بهذه الطريقة ؟ 

ضحك السائق قائلاً : 


- أجل تلك هي طرق التسول هنا...مرحباً بك في مصر سيدي! 


فتحت الإشارة ليشير له بالتوقف جانباً لتهرع اليه الفتاة بلهفة ، أخرج حفنة من النقود ليعيطها للسائق قائلاً بهدوء : 


- أعطيها هذه الأموال وأطلب منها الا تتسول بتلك الطريقة مرة أخرى فهي فتاة صغيرة وقد يؤذيها أحداً ما ! 


تفاجئ السائق حقاً فمن يعطي هذه المبالغ لفتاة تتسول! بل وينصحها أيضاً علي الرغم من عجرفته يبدو طيب القلب ليعطيها النقود ويقول لها ما أخبره به لتلتمع عيناها بفرح وتقول بقلة حيلة : 


- ياريته كان بإيدي يا بيه احنا عالم غلابه ومجبورين نعمل كده علشان نعيش


رغم أنه لم يفهم حديثها لكنه لمح حزن عميق بعيناها ليترجم له السائق ما قالته ، فأخرج ورقة صغيرة ودون عليها بضعة ارقام ليعيطها للسائق قائلاً بنبرته الجادة : 


- أعطيها هذه الورقة واخبرها انه رقم هاتفي وان تحادثني اذا احتاجت شيئاً او اصابها مكروه... 


أخذتها الفتاة بسعادة وهي ترمقه بامتنان داعية له بالكثير رغم عدم فهمه لكنه ابتسم لها بحنو فهي صغيرة العمر تبدو أنها لم تصل الي الثانية عشر من عمرها ليأمر السائق بجمود بعد ان اعاد نظاراته : 


- هيا فلتكمل طريقك... 


                  ***** 

بعد ان رحل ذلك الرجل الكريم رغم كونه أجنبياً هرعت الي اقرب مطعم لتشتري لرفاقها الطعام وهي تبتسم بسعادة بالغة وصلت الي ذلك الحي الفقير ذو المباني المتهالكة واتجهت نحو أحد المخازن التي تأكلها الصدأ لتدلف قائلة بلهفة وصوت عالٍ : 


- أنا جبت اكل تعالوا بسرعة يالا يا ياض انت وهي ! 


هرع جميع الأطفال اليها ليبدأ بتناول الطعام بشراهة كما لم يأكلوا منذ قرون! ليصلهم صوت زعيمهم الغاضب : 

- ده ايه العز ده كله يا روح امك انت وهي ؟ مين جاب الأكل الأبهة ده ؟ 


نهضت الفتاة بارتجاف قائلة بتقطع : 


- أنا...أنا الي جبته يا معلم! 


جذب خصلاتها بعنف هادراً بقسوة : 


- وجبتيه منين بقي يا روح امك ؟ ده كباب وكفته ومن الغالي كمان يا حيلتها! 


بكت الفتاة بخوف ليفتشها بوقاحة حتي اخرج حفنة من النقود ليزمجر بصوته الخشن : 


- ده ايه ده بقي ؟ انطقي يا بت هببتي ايه علشان تاخدي الفلوس دي كلها ؟ 


رددت بارتجاف : 


- واحد بيه ربنا يكرمه ادهوملي... 


مال ثغره بسخرية قائلاً : 


- وهو في حد يدي شحات فلوس كتير كده ؟ انتي هتستعبطي يا بت ؟ يكونش قضي معاكي ليله ؟ قوليلي علشان اشغلك في السكة دي طالما بتجيبي منها فلوس عنب كده ... !!! ما انتي معدتيش صغيرة! 


بكت برعب فالتسول أفضل بكثير من بيع جسدها لتردف ببكاءٍ متوسل : 


- أبوس أيدك يا معلم متعملش كده والله زي ما بقولك كده أصل البيه شكله اجنبي ومش بيتكلم عربي انا صعبت عليه فاداني الفلوس دي ورحمة اهلي ده الي حصل! 


تفحص جسدها الذي بدأت تظهر عليه إمارات الانوثة بوقاحة قائلاً بخبث وهو يترك خصلاتها : 


- والله كبرتي وادورتي يا بت يا زُهرة وانا مش واخد بالي! 


هوي قلبها ارضاً من كلماته التي لا تعني سوي شئ واحد لترتعد اوصالها حين تسمع لأمره لأحد صبيانه : 


- اسمع يالا من بكره تأخد البت دي لستك نعيمة تظبطها علشان عندها طلعة جديدة! وانتي غوري لمي هدومك ولا بلاش نعيمة هتجبلك لبس يليق بشغلانتك الجديدة بدل لبس الشحاتين ده!  


                ***** 

جلست واجمة امام النافذة وهي تستمع لصياح شقيقتها الباكية لتقلب عينيها بملل وهي ترفع هاتفها وتتطلع الي صورته باشتياق قاطعها تلك الصياحات بالخارج لتنهض بغضب وتفتح الباب ولم تكد تتحدث حتي اندفعت "سارة" تحتضنها ببكاء قائلة : 

- وحشتيني يا ليلي...وحشتني اوي...هنت عليكي كل السنين دي متكلمنيش! 


ابتعدت بصدمة حين استشعرت جمودها وانها لم تبادل ضمها لترفع رأسها قائلة ببرود : 


- خلصتي الفيلم الهندي والتمثيل الرخيص بتاعك ده ؟... انا محتاجة شوية هدوء ممكن ؟! 


وأغلقت الباب بوجهها بهذه البساطة لتشعر بذراعي "يوسف" يضمها من الخلف قائلاً بلطف : 


- متزعليش يا سارة انا قولتلك من الأول انها مش قابلة تشوف حد... 


دمعت عيناها لتهمس بقهر : 


- دي كانت بتعتبرني أمها يا يوسف! أنا نسيت بنتي في وسط مشاكلي لحد ما كرهتني! 


مط شفتيه بأسف ليديرها ويمسح دموعها التي انهمرت بغزارة قائلاً برفق : 


- هي مكرهتكيش يا سارة...ليلي بتحبك بس محتاجة شوية وقت...خلينا نعتبر ان الي عملته ده طيش شباب لان كلنا غلطنا بس خلاص دلوقتي احنا سوا ومتجمعين تاني وكل حاجة هتبقي تمام! 


شبح ابتسامة ارتسم علي وجهها لترد بتعب : 


- طب يا يوسف أنا هروح علشان سايبة العيال لوحدها وهبقي أجي تاني انشاء الله...خلي بالك من ليلي ومتقساش عليها احنا لسه منعرفش ايه الي خلاها تعمل كده! 


تنهد ليردف بهدوء نسبي : 


- حاضر يا سارة متخافيش مش هأذيها هي في الأخر بردو هتفضل أختي الصغيرة مهما عملت ! 


وانصرفت مغادرة ليتنهد بتعب ويجلس علي الأريكة بجوار "ميرا" الشاردة ، قطب جبينه من صمتها وشرودها ليضربه الادراك انه أغلق باب غرفتهم ونام بمفرده وجعلها تنام بغرفة أخرى ولم ينتبه من شدة غضبه من وقاحة "ليلي" اقترب ليحاوط كتفيها بذراعيه هامساً بعبث متعب : 


- الجميل سرحان في ايه ؟ لو فيا فانا جمبك أهو مش محتاجة تسرحي في وسامتي ! 


لم ترد فقط طالعته بعتاب ليميل ويقبل جبينها برقة كاعتذار عن غضبه عليها ويهبط بقبلاته الي وجنتيها هامساً : 


- بحبكـ...ومش قصدي أزعلك...وقت غضبي مبشوفش حد وانتي عارفة... 


لم تستطع منع ابتسامتها من الظهور لتبتعد برأسها قليلاً هامسه : 


- حاسة بيك و مطلبتش تبرير لأفعالك بس غصب عني قلبي بيوجعني لما تقسي عليا او تبعد عني! 


تأمل عيناها الزرقاء التي أسرته في عشقها منذ أول نظرة ليرفع كفها ويلثمه بحنان دون ان يبعد بصره عن عينيها قائلاً : 


- بقي حد يزعل القمر ده ؟ دانا حيوان ! 


فلتت ضحكاتها لتشهق حين حملها بين ذراعيه وهو يغمز قائلاً بعبث مشاركاً اياها ضحكها : 


- داحنا هنصالحوكي يا شابة ! 


                ***** 

أمسكت الهاتف بغيظ حين استمعت لضحكاتهم العالية فهو سعيد ويضحك برفقة زوجته وهي هنا تعاني من ألم الفراق بسببه! أرسلت له رسالة باللغة الانجليزية تنفث بها عن اشتياقها : 


- ظننت أنك ستحارب لتتزوجني وستلحق بي الي مصر لكني اكتشفت اني أحببت وغد لعين !! 


نفخت بضيق لتستقبل رسالته وتتسع حدقتيها رويداً رويداً وهي تقرأ ما كتبه : 


- انتبهي لألفاظك أيتها الصغيرة ! لا تظني ان وجودكَ في منزل أخيكِ يمنعني من القدوم وتهذيبك فتاتي الوقحة ! ويبدو اني سأعاقبكِ علي أخطاء كثيرة فكيف لم تخبريني ان بلادكم بهذا الزحام! 


فلتت منها صرخة سعيدة لتتصل به فوراً وتصرخ بحماس شديد ما ان أجاب : 


- داني ! قل انكَ تمزح! انت حقاً بمصر أيها البغيض لما لم تخبرني بوصولك ؟ 


أبعد الهاتف قليلاً من صراخها العال الذي كاد يثقب أذنه ليقول بضحك : 


- اهدئي صغيرتي لقد وصلت الي الفندق للتو! 


- متي ستأتي لتطلب يدي ؟ أنا لم أعد أحتمل الجلوس بهذا المكان!  


ابتسم بحنو قائلاً بشرود : 


- سأتي قريباً عزيزتي لكن هناك أمراً يجب أن أنهيه فقد حان وقته! 


قطبت جبينها وما كادت تسأله حتي أدركت عما يتحدث لتهمس بحزن : 


- ستقابل أباك اليس كذلك ؟ 


صمت متنهداً بحرارة فكم اشتاق له لتردف بابتسامة : 


- أتعلم داني...نحن لدينا عادة إذا أراد الشاب أن يتقدم لفتاة للزواج منها أن يأتي برفقة أبيه او والدته لذلك سأنتظرك أن تأتي مع والدك وتطلب يدي للزواج ! 


أغمض عيناها يسيطر علي رغبته باختطافها تلك الصغيرة التي سرقت قلبه وتفهمه من دون كلام وتجيد مواساته والتخفيف عنه رغم المسافات بينهم ليقول بجدية : 


- سأغلق الأن وسأحادثك لاحقاً ... 


تفهمت رغبته وأغلقت الهاتف لتشرع في تقبيله بعمق كالمراهقات وترتمي علي الفراش هامسه في نفسها : 


-  هحبك ايه اكتر من كده بس... 


                  ***** 

وضع رأسه بين كفيه متنهداً بتعب وبالكاد يكبح دموعه بصعوبة ، هب واقفاً حين خرج الطبيب ليتسأل بلهفة : 

- هي كويسة صح ؟ 


أجابه الطبيب بعملية : 


- متقلقش يا سيادة المقدم بنت حضرتك بخير هي بس حطينها علي جهاز التنفس بس محتاجك معايا دقيقتين... 


تنفس الصعداء ليومأ له وقد أستعاد قناعه الصلب ليتجه نحو مكتب الطبيب ويجلس ويبدأ بسرد ما حدث للطبيب الذي عقب بجدية : 


- دي مش نوبة فزع عادية انت محتاج تشوف دكتور نفسي واضح انها عندها مشكلة نفسية واكيد شافت حاجة فكرتها بيها! 


مسح وجهه مغمغماً بضيق : 


- انا قولت كده برضو لأن لو نوبة فزع كانت استجابت وقعدت كام دقيقة وخلاص بس هي كأنها مش شيفاني أصلاً!  


- أنا هكلم دكتور شاطر أعرفه استأذنك دقيقة وهبعتهولك... 


غادر الطبيب ليتركه في حيرة من أمره أأ صغيرته تعاني بهذا الشكل تري ماذا حدث معها لتصل الي تلك الحالة قاطعه صوت الطبيب الشاب : 


- أهلاً يا سيادة المقدم!  


صافحه ليجلس أمامه بابتسامة بسيطة ويطلب منه سرد كل ما يعلمه عن الصغيرة فحكي له كل ما حدث منذ وجدها ليقاطعه بتساؤل : 


- لحظة لحظة...انت قولت قالتك ايه لما سألتها هي بنت مين ولا تاهت ازاي ؟ 


- قالتي انها مش فاكرة حاجة غير انها من يوم وعيت علي الدنيا لاقت نفسها في الشارع وملهاش حد لحد ما العصابة خطفتها هي وكام عيل كمان... 


غمغم بتفكير : 


- اممم... فقدان ذاكرة!  هي مش فاكرة أي حاجة عن حياتها قبل الخطف...كده أكيد في حادثة اثرت عليها لدرجة انها جالها فقدان ذاكرة بنعتبره هروب من الواقع عقلها وسنها الصغير مستحملش الحادثة أياً كانت فقام مسح كل ذكرياتها! طب ايه الي خلاك تفكر انها مش نوبة فزع عادية ؟ 


صدم مما قاله الطبيب فبالفعل صغيرته لا تذكر شيئاً عن حياتها الماضية لكنه برر ذلك لصغر سنها وأن الأطفال لا يتذكرون كل شئ ولكنه غفل أنهم لا ينسون كل شئ أيضاً!  ليهتف : 


- علشان نوبة الفزع بتستمر من 5 ثواني لكام دقيقة مش أكتر وغير انها ماكنتش واعية ومش شيفاني خالص لما حاولت أطمنها بصوت عال وأخدتها في حضني علشان تطمن ده الي اعرفه عن نوبة الفزع بس مع ذلك مستجابتش خالص بالعكس حالتها كانت بتسوء أكتر! 


مط شفتيه بتفكير مردفاً : 


- تمام...اسمحلي دلوقتي أتكلم معاها شوية وبعد كده تنتظم معايا علي جلسات وانشاء الله خير... 


دلف الي غرفتها ليجدها تطالعه بأعين دامعه وتفتح ذراعيها في دعوة لاحتضانها ليقترب ويجلس جوارها ويضمها اليه بقلب مكلوم علي حالتها لتقول ببراءة وحزن طفولي : 


- أحنا في المستشفى ليه بابي ؟ 


ربت علي خصلاتها قائلاً بحنان : 


- مفيش يا روح بابي انتي بس تعبتي شوية وخلاص بقيتي كويسة وشوية وهنروح... 


دلف الطبيب الشاب بابتسامة هادئة ليهتف بلطف : 


- أزيك يا أنسة تقي عاملة ايه دلوقتي ؟ اعرفك بنفسي أنا دكتور عاصم وكنت عايز اطمن عليكي... 


نظرت له بعبوس لتدفن وجهها في صدر "إلياس" وتزيد من ضمه ليدون علي ورق صغير بعض الملاحظات ويكمل بنفس نبرته المرحة : 


- طب حتي بصيلي يرضيكي يعني واحد حلو زيي يكلمك ومتعبريهوش! 

لم تجيب فقط تزيد من احتضان أبيها الروحي وكأنها إشارة بعدم رغبتها بالحديث معه ليتفهم تعلقها به ويقول بهدوء : 


- تمام...هستناك الاسبوع الجاي زي ما اتفقنا يا سيادة المقدم فرصة سعيدة... 


صافحه إلياس ليغادر ، ليصلها صوته الحنون : 


- توتا مرضتش تكلم الدكتور ليه ؟ ده كان عايز يطمن عليكي مش أكتر ؟! 


أجابته بعبوس : 


- توتا مش تحب تكلم حد غير إلياس بابي وبس!  علشان كل الناس وحشة معادا بابتي ! 


ابتسم بعاطفة صادقة ليحملها بين ذراعيه ويدلف بها للخارج متجهاً الي منزله ليطمئن والدته التي بتأكيد بتأكلها القلق... 

                 ***** 

جلست بأحد المناطق الخاوية تضم ركبتيها الي صدرها وتبكي بكاءً مريراً والذكريات تضرب عقلها بلا رحمة!  


Flash back             


تركت لعبتها أرضاً في الحديقة حين سمعت صراخ والدتها بالأعلى لتهرع الي غرفتها بخوف وخصلاتها البنية تغطي ظهرها فتحت باب الغرفة لتتسع حدقتيها الصغيرة بصدمة ورعب حين رأت والدتها ممددة بلا حراك علي فراشها وتغمرها الدماء وسكين مغروز في منتصف معدتها ووالدها يقف ينظر لها بأعين حمراء قائلاً بخفوت : 


- انت كان لازم تموتي يا خاينة ! الي زيك مينفعش يعيش ! 


التفت برأسه لصغيرته الدامعة بخوف ليقول بابتسامة جنون : 


- تعالي يا زهرة ! متخافيش أنا بس قتلت مامي الخاينة مش أكتر ! تعالي بقولك!  


صرخ بها بعصبية مفرطة جعلتها ترتعد وتشرع في بكاء عنيف وهي تقترب ببطء لينحني علي ركبتيه وعيناه تلمعان ببريق مخيف ويسمح علي وجنتيها بكفه الذي لطخ وجهها بالدماء! ليهمس بخفوت حزين : 


- بابي بيحبك اوي يا زهرة بس غصب عنه بيحب مامي الخاينة بردو! 


تعالي صوت بكاءها المرتعب ليبتسم ويميل مقبلاً وجنتيها بحنان ليحملها ويتجه نحو الفراش ويضعها بجوار والدتها ويجلس قائلاً بحنان : 


- بصي يا روح بابي هنلعب لعبة كل واحد ياخد السكينة ويحطها هنا ! 


قالها مشيراً لقلبه وقلبها ثم انتزع السكين من جسد زوجته وقال بابتسامة وهو يعيد غرزه بجسده : 


- بصي سهله أزاي ! اهو تحطيها كده ! 

صرخ بألم وارتمي بجوارها علي الفراش  فصارت تتوسط كليهما ليخرج السكين من جسده بصعوبة ويضعه بكف صغيرته ويرتخي بجسده وهو يضمها ويضم جسد زوجته هامساً بتقطع : 


- يلا...زهرة بابي حطيها في قلبك... عـ...علشان ننام كلنا سوا...أنا مش عايز اسيبك لوحدك ! 


واختفي صوته كما أختفي بريق عيناه لم يعد سوي صوت بكاءها العالٍ وهي تصيح ببكاء مستشعرة برودة غريبة بجسد والديها : 


- مامي...بابي قوم انا مش عايزة ألعب...مامي أنا خايفة...بابي اصحي...زهرة خايفة...أ... أوي 


وصمتت من كثرة البكاء وهي تندس بين ذراعي والدها بارتجاف وهي تبحث عن الدفيء الذي تهواه بين ذراعيه تهرب من تلك البرودة القاسية بين جسد والدها ولا تدري أن تلك البرودة نابعة من ذلك الجسد الذي كان يغمرها بدفئه وحنانه! لتهمس بارتجاف وهي تدفن رأسها بكتفه : 


- بابي أنا...خايفة...وبردانة... !!! 


لتذهب في سبات عميق رغم البرودة التي تستشعرها فجسده مازال يعطيها الأمان ولم تعي بعدها الا لأصوات مألوفة تصرخ بفزع وومضات خاطفة وهي تنتزع بعنف من بين أحضان والديها ومشاهد غير واضحة لعمها الذي يصرخ بها ان تفيق ويخلع ثيابها متفحصاً اي جروح بجسدها وعقلها يدور بها لمشاهد أخري وهي تحتضن لعبتها وتقف امام مبني ضخم وسيدة بشوشة تهتف بابتسامة : 

- نورتي الدار يا زهرة من النهاردة ده هيكون بيتك ! 


ومشاهد اخري لوحدتها وخوفها من الجميع لا تتحدث سوي بضع كلمات تسأل بها عن والدها ووالدتها ألم تنتهي اللعبة بعد ؟! تمنت لو استمعت لوالدها ولعبت تلك اللعبة برفقتهم ووضعت تلك السكين بقلبها لربما كانت برفقتهم ، تذكرت حين حصلت علي سكين وما كادت تضعه حتي صرخت بها مديرة الدار : 


- زهرة سيبي السكينة من ايدك ! 


لا تدري لما عوقبت بالبقاء بغرفة وحيدة مظلمة باردة وابتعد عنها الجميع ما الخطأ بتلك اللعبة ؟! وغامرت بها ذاكرتها الي ذلك اليوم الذي حفر ذكري بشعة أخري في عقلها... 


بعمر الثانية عشر جمعت خصلاتها القصيرة التي قصتها بأحد نوبات جنونها المعتادة لترتخي بجسدها وتحاول النوم كعادتها محتضنة لعبتها المفضلة لتشعر بلمسات غريبة علي جسدها لتنتفض وتنهض لتجده المدير الجديد للدار لتقول بقلق : 


- في حاجة يا أستاذ عزت ؟! 


نفي بصمت وعيناه تتفحص جسدها بشهوة فهو يعشق جسد الأطفال البريء ليقول بتقطع شاعراً بجفاف حلقه : 


- لا يا حبيبتي مفيش انا بس بساعدك تنامي علشان عارف انك مريضة وبتنامي بصعوبة ! 


انكمشت في نفسها بخوف من نظراتها لتشعر بيده تتجول علي جسدها بحرية كادت تصرخ لكنه كتم صوتها وهو يميل مقبلاً رقبتها بهمس متقطع : 


- اهدي وخدي الموضوع ببساطة الي عاوزة هاخده برضاكي او غصب عنك انتي مش اول واحدة ومش هتكوني أخر واحدة ! 


رمشت برعب وارتجاف وجسدها ينتفض انتفاضاً وهو يواصل توزيع قبلاته القاسية المقززة علي بشرتها وكأن حركتها شلت وعجزت عن ردعه وهي تشعر بيده بدأت تتسلل الي ثيابها لتجد زجاجة من الخمر ملقاه أرضاً يبدو انها تخصه استجمعت قوتها لتمد يدها ببطء وتلتقط الزجاجة وتكسرها فوق رأسه بعنف ليرتمي عليها وقد فقد وعيه أزاحته بخوف لتنهض وتلتقط لعبتها وتهرب من الغرفة بل من الدار بأكمله!  رغم الخوف الذي يعتريها من سيرها ليلاً بهذه المناطق الا انها أفضل من الموت حيه علي يد ذلك الحقير مدير الدار لتصرخ بفزع حين شعرت بكف يوضع علي كتفها لتجدها فتاة في مثل عمرها لتقول بتساؤل :


- انتي بتعملي ايه هنا لوحدك ؟ كده ممكن تتخطفي ده ولاد الحرام كتير! 


نظرت لها بخوف لتكمل الفتاة بابتسامة : 


- طب بس متخافيش كده ... تعالي معايا انا عندي مكان تباتي فيه وكمان ممكن أشغلك معايا عند المعلم عطوة ! 


لم تجد سبيلاً سوي الموافقة قبل ان يصل اليها ما تحدثت عنه الفتاة "ولاد الحرام " لتسير برفقتها في طريق جديد غريب مخيف ولكن لابد منه بعد ان رمت دميتها ارضاً وكأنها تودع نفسها القديمة البريئة ... ! 


End flash back.     


تنهدت ببكاء علي حياتها التعيسة فلتضف الي قائمة تعاستها العمل ببيت للدعارة وبيع جسدها ببضع ورقات ! ابتسمت ساخرة لتلمع بعقلها فكرة لتهب واقفة وتبحث بجيوبها عن تلك الورقة الصغيرة المدون بها رقم ذلك الغريب فمن غيره بقادر علي مساعدتها ... ! 


                ***** 

- انا لا اوظف سوي الحمقى !  كيف لم تجدوه للأن ؟! 


صرخ بها "دانيال" بعصبية مفرطة بعد أن أخبره رجاله بعدم استطاعتهم لإيجاد والده فكل ما يملكه صورة قديمة واسمه الأول فقط!  أغلق الهاتف ليجلس علي فراشه متنهداً بعصبية ليصدع رنين هاتفه أجاب ليصله صوت بكاء وشهقات وكلام باللهجة المصرية لم يفهمه : 


- ألحقني يا بيه أبوس ايدك عايزين يشغلوني في بيت دعارة ! الحقني يا بيه لو هتشغلني خدامة عندك حتي بس متسبنيش ليهم !!! 


قطب جبينه بضيق من بكاءها وعدم فهمه لها ليقول بضيق : 


- اهدئي ! انا لا افهم شيئاً ؟ أنا لا أتحدث العربية يا فتاة اهدئي قليلاً! 


لم تصمت وكأنها لم تستمع له وهي تسترسل في سرد ما حدث لها وكيف سيتم بيعها بصباح غد لتلمع بعقله فكرة فيضغط علي زر التسجيل ليسجل المكالمة حتي انتهت الفتاة وأغلقت الهاتف بعدما يئست من إجابته او تناست كونه أجنبياً ! طلب السائق العربي اليه والذي ما أن وصل أسمعه التسجيل وطلب منه ترجمة ما قالته وما أنتهي حتي صاح باستنكار : 

- ماذا ! يريدون إجبار تلك الصغيرة علي العمل بتلك المناطق المشبوهة ...!!! 


تنفس بغضب ليجمع فريق حراسته الذين يتحدثون بالعربية والانجليزية قائلاً : 


- تلك الفتاة لجئت لي وانا لا ارد من احتاج لمساعدتي أمامكم 24 ساعة لتجدوا تلك الفتاة وتحضروها الي هنا ! 


اومأ الجميع بطاعة لينطلقوا في تعقب لذلك الهاتف العمومي الذي تحدثت منه حتي يصلوا لها قبل حلول الصباح... 


                ***** 

استرخي مغمضاً عيناه بتعب من ذلك الصداع الذي يكاد يفتك برأسه ليستمع لخطوات أنثوية بصوت الكعب لم يتحرك ليشعر بذراعين علي كتفيه ، ابتسم ابتسامته الجذابة ليشعر بها تبدأ في تدليك كتفيه بنعومة فيهمس براحه : 


- وحشتيني!  


ابتسمت بخبث لتميل وتقبل وجنته بنعومة هامسه بدلال : 


- وانت كمان وحشتني اوي يا چو... 


همس ومازالت مغمض العينان : 


- ايديكي فيها سحر مريح للأعصاب زي عوايدك يا...ساندي ... !!! 


#يتبع... 

#أحببت_فريستي

#بسمة_مجدي

_ غيرة _ 

_24_ 

استرخي مغمضاً عيناه بتعب من ذلك الصداع الذي يكاد يفتك برأسه ليستمع لخطوات أنثوية بصوت الكعب لم يتحرك ليشعر بذراعين علي كتفيه ، ابتسم ابتسامته الجذابة ليشعر بها تبدأ في تدليك كتفيه بنعومة فيهمس براحه : 


- وحشتيني!  


ابتسمت بخبث لتميل وتقبل وجنته بنعومة هامسه بدلال : 


- وانت كمان وحشتني اوي يا چو... 


همس ومازالت مغمض العينان : 


- ايديكي فيها سحر مريح للأعصاب زي عوايدك يا...ساندي ... ! 


ابتسمت بانتصار لتجاوبه معها ولم تكد تسعد بانتصارها البسيط حتي شعرت بكفه يوضع فوق كفها علي كتفه ويسحبها ليلقيها فوق مكتبه ويده تضغط علي عنقها وأنفاسه الغاضبة تلفحها قائلاً بتهديد مخيف : 


- بقالك فترة كويسة بتحومي حواليا مع انك عارفة اني مبحبش اللعب من ورايا فجيبي من الأخر قبل أجيب روحك في إيدي عايزة ايه ؟ 


رمشت تتنفس بصعوبة من يده الي تضغط علي عنقها لتقول بتقطع : 


- عـ...عايزة نرجع لبعض ! 


عادت ابتسامته الشيطانية المخيفة تزين وجهه وهو يزيد من ضغطه فوق رقبها ليهمس بقسوة : 


- أنا راجل متجوز وبحب مراتي ومش هخسرها علشان واحد *** زيك ! أنا هسامحك واعدي الجنان بتاعك ده علشان مليش في أذية الحريم!  بس بشرط مشوفش وشك في البلد تاني!  علشان أنا مش ضامن نفسي ! 


أومأت عدة مرات بخوف فهي لا تصدق أن ذلك الذي أمامها "يوسف" بهذه القسوة وهذه القوة!  انه أخافها بحق ، ابتعد لتنهض وتلملم شتات نفسها المبعثرة لتهرع للخارج وهي أقرب للبكاء لتشعر بذراع تمنعها من السير ، رفعت رأسها لتجد فتاة ذات خصلات سوداء طويلة نوعاً ما وعينان تري البحر من خلالها! لكن نظراتها حادة قوية حتي اتاها صوتها الحاد المتسائل : 


- انتي مين ؟ وكنتي بتعملي ايه في مكتب يوسف ؟ 


               ***** 

جلست بالشرفة تتطلع أمامها بشرود والذكريات تضرب عقلها بقسوة صوت والدتها وهي تنصحها بشبابها : 

-ارفعي راسك يا فريدة اوعي توطي لراجل ! خليكي قوية الرجالة مبتحبش الست الضعيفة بيدوسوها ! 


وصوت زوجها " حامد " : 


-ايوة اتجوزت يا فريدة ! انا مكنتش مرتاح معاكي...عمري ما حسيت بقيمتي معاكي انا كنت محتاج واحدة دايماً محتجالي ! 


سالت دموعها وصوت صغير يتردد بأذنها : 


-هو انتي هتبقي ماما الجديدة ؟ ماما فريدة ؟! 


لتتذكر لقاءها "بميرا" بإحدى المرات قبل زواجهم... 


-عارفة انا وافقت عليكي ليه يا ميرا ؟ علشان شايفة نفسي فيكي شخصية قوية وميهزهاش حاجة ! 


لترد "ميرا" باستغراب : 


-بس ده ايه علاقته بجوازي من يوسف ؟ 


-علاقته ان يوسف شخصيته قوية ومحتاج واحدة زيك تقفله وتعارضه في قراراته الغلط ! 


ابتسمت بصبر لترد بهدوء : 


-حضرتك غلطانة يا مدام فريدة عمر الجواز مكان كده انا مش داخلة حرب مين الأقوى ! لا الجواز مشاركة ومسؤولية...انا شخصيتي قوية أه بس عمرها ما هتبقي كده مع يوسف! انا هسمع كلامه وهنفذه لو صح ولو في قرار غلط هياخده هتناقش معاه ويا يقبل برأيي يا لا متنسيش ان الرجال قوامين عن النساء والمركب الي يسوقها اتنين تغرق ! 


End flash back.           


اغمضت عيناها بألم وهي تضع الغطاء عليها وتفكر في لعنة الهيمنة التي أصابتها أضاعت زوجها من يدها بس غرورها وكبرياءها والان حتي ولدها الوحيد لم يهتم لغيابها ابتسمت ساخرة فقد طبقت نصيحة والدتها بالحرف وهي ها تجلس وحيدة متألمة تعاني من ويلات الفراق نعم فقد أحبت زوجها "حامد" كثيراً لكنها لم تعترف بذلك من قبل حتي لا يغتر بنفسه كما تقول والدتها فقط اضاعت أسرتها ولم يبقي لها سوي غرورها! 


              ***** 

تطلعت لوجهها الملطخ بمساحيق التجميل بقهر وهي لا تستطيع الاعتراض ما حافظت عليه في سنوات سيضيع هباءً حتي يومها هذا مازالت تتمني لو استمعت لأبيها ووضعت السكين بمنتصف قلبها وارتاحت من هذه الحياة لتهمس بحزن : 


- يا ريتك قتلتني قبلك يا ابا ! 


استمعت لضجة بالخارج لتنظر من خلف الباب خلسه لتتسع عيناها حين رأته نعم انه ذلك الأجنبي الذي ساعدها من قبل! لتهمس بصدمة وفرحة : 


-ده الباشا الانجليزي ! 


                ***** 

بالخارج سيطر علي غضبه بصعوبة فلا يستطيع انقاذ الكثيرين مثلها لان نفوذه بلندن اما هنا فهو مجرد رجل أجنبي ثري! لا أكثر وهو استغل تلك الميزة حين هتف بجمود لتلك السيدة اللعينة التي يبدو وجهها كلوحه بها الكثير من الألوان لن يبالغ ان قال انها تشبه المهرج!  : 


-أنا أريد فتاة صغيرة لم يمسسها أحداً من قبل ! ولا اريدها لليلة بل سأشتريها ... ! 


تهللت أسارير "نعيمة" ما ان ترجم لها أحد رجاله ما قاله لتصيح بلهفة : 


-بس كده من عنيا يا باشا دانا عندي بنات صغيرة كتير اجبهملك وانت نقي الي تعجبك!  


وهرعت الي الغرف لتحضر الفتيات حتي وصلت الي غرفتها لتدلف وتقول بحده : 


-يلا يا بت افردي خلقتك دي وامشي ادامي متخليش الزبون يطفش ده خواجة ومعاه فلوس ياما ! 


اومأت بدموع فقد استمعت لما دار بالخارج وادركت انه لم يأتي لأجلها بل اتي لأجل متعته ابتسمت ساخرة فإلي متي ستظل متعلقة بما يسمونه الناس...بالأمل! وقفت تضم ثوبها العاري وتتطلع ارضاً من شده القهر والخجل  فهي كالسلعة تباع لمن يشتري أكثر! حتي انقبض قلبها وتسارعت دقاته حين رأته يشير لها قائلاً بأمر : 


-أريد هذه الفتاة ! 


دفعتها احدي الفتيات لتتقدم الي الامام في اشارة لأخذها لينهض ويقف قبالتها ثم خلع سترته وألبسها اياها تحت صدمتها وخوفها ولم تلمح نظراته المشفقة ، أشار لرجاله بأخذها لتسير معهم بدون إجبار بدون هوادة بدون روح! وصل الي الفندق ليصعد معها برفقة رجالة للأعلى وملامحه يكسوها البرود حتي وصل الي الطابق الخاص به دلف الي الغرفة وما كاد يتحدث حتي وجدها هرعت لداخل الغرفة وأمسكت بسكين الفاكهة ووضعته علي رقبتها صارخة بقهر : 


- أياك تقرب مني قسماً بربي أقتل نفسي وأجيبلك مصيبة ! 


اقترب ببطء قائلاً بلطف : 


- اهدئي يا صغيرة...أنا لم أحضركِ الي هنا لأؤذيكِ انا فقط ساعدتكِ في الفرار صدقاً!  


ترجم لها احد رجاله ما قاله لتنفي برأسها قائلة بخوف : 


- لا انتوا كدابين ! حرام عليكوا...سيبوني في حالي ! 


استغل لمعة عيناها بالدموع التي شوشت الرؤية لثواني وأسرع إليها يسحب السكين من يدها ويلقيه بعيداً لتشرع في ضربه وسبه مصحوباً بصراخ عنيف ليحكم امساكه بها ويشير برأسه لرجاله بالرحيل فلن يحتاج لمترجم ليتعامل مع تلك الصغيرة العنيدة التي تذكره بصغيرته "ليلي" كبلها بقوة داخل أحضانه وهو يمسد بحنان علي خصلاتها هامساً : 


- ارجوكِ اهدئي...دعيني أساعدك!  


توقفت عن المقاومة بعد ان فرغت طاقتها واستسلمت لذلك الدفيء الغريب الذي يماثل دفئ أحضان والدها الحنون استسلمت لتشرع ببكاء عنيف وبدلاً من مقاومته تشبثت به وكأنها تشكو له من قساوة العالم للحظة نست انه ذلك الاجنبي الذي اشتراها وشعرت انه والدها لتقول من بين شهقاتها : 


- خدوني الدار...وضربوني...صاحب الدار وحش وكان عايز حاجات وحشة... 


لم يفهم حرفاً مما قالته لكنه شعر من نبرتها انها تشكو له ليزيد من احتضانها وتربيته فوق خصلاتها بحنان لعله يبثها الأمان الذي فقدته...بعد بضع دقائق شعر بثقل جسدها ليرفع وجهها فيجدها غفت بين ذراعيه ليحملها برفق ويضعها علي الفراش ويدثرها جيداً ، طالعها بشفقة كيف تعاني فتاة بسنها تلك المعاناة ، أمقدر له ان يقع بطريقه الصغيرات دائماً "حامي الصغيرات" ابتسم ساخراً ليفكر في حل لتغير ثيابها ومسح تلك المساحيق المخيفة المبالغ بها التي لا تليق ببراءتها لكن لا سبيل لذلك فبالطبع ستفزع وتظن انه فعل بها سوء ليرفع الغطاء ويدثرها به ويقبل جبينها قبلة أبوية حنونة ويغادر الغرفة... 


                ***** 

ضربها الادراك من نبرتها بالطبع هي زوجته لتستغل الفرصة وتقول ببكاء : 

- هتساعديني لو حكيتلك كل حاجة ؟ 

قطبت جبينها من تساؤلها لتأخذها الي مكتبها وما ان دخلت حتي سألتها مباشرة : 


- لو في ايدي اساعدك مش هتردد بس عايزة افهم في ايه ؟ 


بكت بقوة قائلة من بين شهقاتها : 


- أنا كنت علي علاقة بجوزك وعلاقة قوية كمان ودلوقتي رجع وبيهددني اني ارجعله تاني والا هيفضحني ويبهدلني ! 


لم يعد سوي صوت شهقاتها لترفع بصرها لتجدها تكتف ذراعيها علي صدرها وتطالعها ببرود واقتربت قائلة بسخط : 


- ساندي الرفاعي مش كده ؟...كنتي مرتبطة بيوسف ومحصلش نصيب او بلاش نجملها اسمها كان شاقطك ! 


شهقت من وقاحتها وحديثها الجريء لتكمل بابتسامة ساخرة : 


- يوسف حكالي كل حاجة عن حياته بس انتي متأكدة انه فعلاً بيهددك ولا انتي اتلخبطتي وقصدك انتي الي بتهدديه ؟ 


تلجلجت في الحديث لتقول بانفعال : 

- قصدك ايه ؟ وانا ايه الي هيخليني أكدب وجبتي الثقة دي منين ؟ واحد زي جوزك بتاريخه المشرف تتوقعي منه اي حاجة ... ! 


اومأت بتفهم : 


- معاكي حق ! وايه رأيك بقي ان لو كلامك صح ويوسف عايز يرجعلك هخلعه ! وهجيبلك حقك!  


هذه المرأة تثير دهشتها بحق! لترتجف أوصالها حين استمعت لنبرتها المهددة : 


- بس لو كلامك طلع غلط هسيبك تتخيلي انا ممكن اعمل فيكِ ايه !! 


يبدو انها أخطأت بالوقوع معها فهي تبدو مخيفة اكثر من "يوسف" كيف يعيش معها بمنزل واحد ؟ لتقول مسرعة : 


- لالا خلاص انا مسامحاه ومحصلش حاجة انا لازم امشي... 


هربت مسرعة من شدة خوفها ، لتضحك الأخيرة بقوة وتدلف الي مكتبه لينهض مستقبلاً اياها بابتسامة ليميل ويقبل وجنتها قائلاً بنبرة هادئة : 

- ايه المفاجأة الحلوة دي ! كنت لسه هكلمك! 


- انا قابلت ساندي وانا داخلة!  


رمت بكلمتها بما يشبه الاتهام ، ضاقت عيناه قائلاً ببرود حاد : 


- طب وايه يعني ؟ متقوليش انك شاكة فيا ؟! 


أجابته بنفس الحده : 


- مش شاكة ، بس من حقي أعرف هي بتعمل ايه هنا وايه الكلام الي دار بينكم ؟ 


أقترب ليقول بخفوت مريب : 


- كانت عوزاني ارجع لها ! 


سيطرت علي غضبها وغيرتها التي تندلع بعينيها وهي تهتف : 


- وانت كان ردك ايه ؟ 


- تفتكري ايه ؟ 


تهربت من نظراته المتفحصة لتشهق حين جذبها لتصطدم بصدره كعادته لتقول بارتباك : 


- معرفش!  


ابتسم بخبث هامساً بجانب أذنها بثقة : 

-لا انتي متأكدة ان انا طردتها علشان عارفة اني بحبك وبموت فيكي زي مانا متأكد كده انك بتحبيني وبتولعي من الغيرة دلوقتي ! 


عبست بضيق وهي تحاول دفعه قائلة بعصبية : 


-اوعي يا يوسف علشان انا مش غيرانه اصلاً هغير من ايه يعني ؟ حصل ايه لما تيجي الاكس بتاعتك تكلمك وتطلب ترجعلك ولا اي حاجة... ايه المشكلة لما تبقوا لوحدكم في المكتب ؟ حاجة عادية جداا ! 


ضحك ملئ فمه قائلاً من بين ضحكاته : 


-كل ده ومش غيرانة امال لو غيرانة هتعملي فينا ايه ؟! 


ظلت عابسة ليميل ويقبل وجنتها قائلاً بلطف : 


-انا حذرت الحارس انها متدخلش تاني الشركة واوعدك انها مش هتتعرضلنا تاني انا عرفت اتصرف معاها خلاص ! 


كبتت ابتسامتها بصعوبة ليحررها وتبتعد مقررة الخروج لمكتبها ليهتف بعبث : 

-حلاوتك وانت مش غيران يا ازرق ! 


ابتسمت بخجل فبكلماته يجعلها تشعر كأنها مراهقة صغيرة تسعد لكلمة مغازلة لتفر سريعاً لمكتبها تحت نظراته العابثة وضحكاته التي تنير عالمها المظلم... 

               **** 

- نعم ! حضنتها ؟ حضنك قطر يا بعيد ! 


هتفت بها ليلي بغيظ وهي تحادثه علي الهاتف ليقول بحده : 

- أخبرتكِ من قبل ألا تحدثيني بلغتك التي لا أفهمها واخفضي صوتك واللعنة ! 


ارتعبت من نبرته الغاضبة لتقول بنبره اقل حده والغيرة تنهشها : 


- لا شأن لكَ بصوتي فقط أخبرني كيف تجرأت علي احتضان تلك الفتاة ؟ 

رفع حاجبه بغضب مردفاً بتعجب وحنق : 


- اخبرتكِ للتو ان الفتاة صغيرة وتم اجبارها علي التسول بالطرقات والعمل بمناطق مشبوهة وكادت ان تقتل نفسها وكل ما سمعتيه انني احتضنتها ؟!!! 


ارتبكت لتقول بضيق : 


-كان يمكنك مساعدتها بلا ان تلمسها ! 


هتف ببطء كأنها يدخل الكلمات برأسها العنيد : 


-ليلي...الفتاة صغيرة ! ربما لم تكمل الرابعة عشر من عمرها ما خطبك ؟ 


همست بنبرة شبه باكية : 


-وانا أيضاً كنت صغيرة بنظرك ! 


ادرك انها خائفة ان يتركها ويحب تلك الفتاة ليتنهد بصبر ويردف بهدوء نسبي كأنه يحادث طفلة : 


-ليلي عزيزتي...أنا أعشق براءتك وطفولتك لكن ليسوا فقط سبب حبي لكِ انا أحب ليلي بكل ما بها من طفولة وجنون وعناد حتي عيوبك صرت اعشقها ! هذه الفتاة احتاجتني هي صغيرة مسكينة وقعت بطريقي فلن اتجاهلها انا لا اراها سوي طفلة صغيرة بحاجة لمساعدة...اما انتِ اراكِ طفلتي وزوجتي وصديقتي وأحياناً أمي انتِ عالمي ليلي ... ! 


رمت بجسدها علي الفراش هامسه بحب : 


-من أين تأتي بكلماتك اللعينة تلك  ؟ ألا يمكنني ان أغضب منك لوقت أطول ! 


اتاها صوته الحاد الصارم : 


-سأتي قريباً لأتحدث مع أخيكي ونعجل بموعد الزواج فانا أصبحت لا اطيق الانتظار لتهذيبك ! أقسم أن أجعلك تعاودين تمرينك السابق مائة وعشرون مرة كاملة يوم زفافنا ثمناً لوقاحتك ! 


ضحكت بقوة علي غضبه وعقابه المتوعد لتقول بشقاوة : 


-تزوجني اولاً وسنري امر التمرين فيما بعد يا زوجي الوسيم! 


كاد ان يجيبها ليقاطعه صوت صراخ حاد صادر من الغرفة بجانبه ليدرك فوراً هويته ليغلق الهاتف سريعاً بكلمات مقتضبة : 


-ليلي... سأحادثك لاحقاً... 


نهض ليصله صوت صراخها العنيف : 


-افتحوا يا عالم يا *** وديني لأحبسكم ! مش كل الطير الي يتاكل لحمه ! انتوا فاكرينها سايبة ؟!!! 

               ***** 

ابتسمت "سارة" بمجاملة وهو يهديها ذلك الخاتم قائلاً بلطف : 


-مبسوط انك قبلتي دعوتي علي العشا احنا فعلاً كنا محتاجين نتعرف علي بعض أكتر... 


لتقول بخجل : 


-طب انا اتأخرت اوي مش يلا نمشي ؟ 


اومأ "إلياس" ليدفع الحساب ويخرجوا من المطعم ، ثم فتح لها باب السيارة كحركة راقية تليق بذلك العشاء الهادئ ليصعد كلاهما وينطلق بالسيارة قائلاً بصوت هادئ وهو يعبث بجهاز الموسيقي بسيارته : 


-تحبي تسمعي ايه ؟ 


كادت تجيبه بخجل لتصرخ بصدمة من صوت اطلاق النار من حولهم ليزيد من سرعة سيارته وهو ينظر من النافذة لتصيح بخوف : 


-في ايه ؟ مين دول ؟ 


عض علي شفتيه قائلاً بحذر : 


-تقريباً كده دي محاولة اغتيال ! والشخص الي عايزين يختالوه...العبد لله ! 


اتسعت عيناها وانكمشت بمقعدها صارخة ببكاء : 


-طب وبعدين اتصرف هيقتلونا ! 


اخرج سلاحه ليخرج رأسه من النافذة لثواني و يطلق عليهم النيران ويعود للقيادة ليصرخ بحده : 


-نزلي راسك تحت ! 


نزلت للأسفل وهي تصرخ ببكاء : 


-يا ميلة بختك يا سارة ! هتموتي في عز شبابك ! 


نظر لها بغرابة وهو يقود بأقصى سرعة وخلفه سيارتان تلاحقه ليقول بتعجب : 


-ايه الجو القديم ده ؟ انتي معاكي ظابط علي فكرة...حاسبي ! 


نهضت تجلس بمقدها صائحة بغضب وهي تتمسك بمقعدها من شدة سرعته : 


-بلا ظابط بلا زفت بقي ادينا هنموت بسببك ! 


صرخت ببكاء حين صدمتهم احدي السيارتين من الجانب ليعاود صدمهم لأكثر من مرة حتي انقلبت تلك السيارة علي جانب الطريق وبقيت سيارة واحدة تلاحقهم 


-لا ده مش فقر ده سحر اسود انا عارفة ! 


التفت لها حانقاً : 


-ما تبطلي ندب بقي متحسسنيش اني سايق العربية مع خالتي ! 


لكمته بكتفه ببكاء قائلة : 


-بص قدامك احنا ناقصين حوادث مش كفاية العصابة الي ورانا دي!  


لينظر لها بدهشة ويضرب علي المقود بغضب لتتجمد ملامحه ما أن راي سيارة تقف أمامهم بمسافة ويقف امامها رجلاً ملثم يحمل سلاحاً طويل ما يسمي ب"البازوكة " التي بطلقة واحدة منها تفجر سيارتهم في ثواني معدودة لتتسع أعينهم سوياً بصدمة والسيارة تقترب والرجل يستعد للإطلاق لتقول بارتعاش وهي تمسك كفه وتغمض عيناها بقوة استعداداً للموت : 


-الياس...قول الشهادة بسرعة ! 


          ***** 


دلفت الي الغرفة حاملة الطعام لتضعه أمامه لينظر لها بحزن قائلاً بتقطع : 

-هو...ابني لسه...مجاش ؟ 


نظرت له بشفقة وهي ترتب فراشه لتقول بلطف : 


-طب بس كل وخد دواك يا حاج وانا هشوف ابنك جه ولا لسه ! 


بدأ بتناول الطعام بوجهه حزين ليردف بارتعاش : 


-طب اول ما يجي قوليله ابوك زعلان منك اوي...ومش عايز يشوفك...ولا لا بلاش لحسن ميرضاش يدخل ويمشي قوليه يجي يشوفني ! 


ربت علي كفه بحب لتقول بابتسامة : 


-من عنيا يا حج هخليه يجي يشوفك...هو تلاقي مشغول شوية واكيد هيجي في حد يبقي عنده أب حنين زيك كده ويسيبه ! 


اومأ لها بحزن لتخرج وتقابل ممرضة صديقتها لتسألها بلهفة : 


-بت يا سالي هو الحج الي في أوضة 604 ايه الي حصله وفين ابنه الي بيسأل عنه كل يوم ده ؟ 


اجابتها بامتعاض : 


-يا اختي ده راجل غلبان اتجوز واحدة اجنبية وخدت ابنه ورجعت بلدها ومن ساعتها وهو هنا يا حبة عيني وهيموت علي ابنه ... 


لترد الاخيرة بشفقة : 


-والله الي يشوف بلاوي الناس تهون عليه بلوته يلا ربنا يعافينا... 


غادرت لتعود الي الغرفة بعد قليل وتأخذ الطعام ليسألها بلهفة حزينة : 

-ها ابني جه ولا لسه ؟ 


عضت شفتيها بحزن لتجيبه باهتمام مصطنع : 


-معرفش والله يا حج اصل انا معرفش اسمه الا صحيح هو اسمه ايه ؟ 


لاح شبح ابتسامة حزينة علي وجهه الذي خطته التجاعيد والحزن قائلاً بشرود : 


-اسمه أدم...أدم ابراهيم ...!!! 


#يتبع... 

#أحببتُ_فريستي 

#بسمة_مجدي

_ فراق _ 

_25_ 

فتح باب غرفتها ليصدم بأحد التحف الصغيرة كادت ترتطم برأسه! دلف ليصيح بصوت صارم : 


-توقفي عن هذا الجنون يا فتاة لا أود انا أعاملك بطريقة أخري ! 


رفعت وجهها ليصدم بمظهرها بعد ان زالت الوان التجميل فوجهها ملئ بالكدمات الذي أخفتها مساحيق التجميل المبالغ بها! يبدو انها قاومت كثيراً فاضطروا لضربها حتي تخضع لهم! لتصرخ ببكاء : 


-حرام عليك هستفاد ايه من عيلة زيي ؟! 


أخرج هاتفه ليأمر احد رجاله بالقدوم ، الذي وصل بعد بضع دقائق ...قطبت جبينها من عدم فهمها لما يقوله حتي ترجم لها الحارس قائلاً : 


-الباشا بيقول لحضرتك تهدي وانه جابك هنا علشان يساعدك وان طريقتك هتضطره يتعامل معاكي باسلوب مش هيعجبك ! 


صمتت بخوف من أن يضربها كالكثيرين لتجلس جانباً منكمشة في نفسها لتجد عامل الفندق يدلف حاملاً الكثير من أصناف الطعام لتتوهج عيناها ببريق الجوع فهي لم تأكل منذ يومان تقريباً لكن كرامتها أبت الانصات حين وضع الطعام علي الطاولة الصغيرة أمامها لتشيح بوجهها بعيداً لتسمع لصوت الحارس مجدداً :


-دانيال باشا بيأمرك ان الأكل ده كله يخلص ومتقلقيش شوية وهتفهمي كل حاجة ! 


ارتبكت من نظراته الحادة لتبدأ بالأكل متظاهرة بعدم الجوع وانها تأكل فقط تنفيذا لأمره غير مدركه أنه راي تلك النظرة من قبل بصغيرته "ليلي" ابتسم بحنو ليأمر الجميع بالرحيل ليتركها حتي تأكل بلا خجل.... 


              ***** 

مسحت دموعها بعنف وهي تستعد لركوب الطائرة حتي أتاها اتصال لتجيب ويصدع صوته صارخاً : 


-الهانم مسافرة من غير ما تقولي ! انتي ازاي تتصرفي من دماغك يا ساندي ؟ هتبوظي كل حاجة بغبائك!  

صرخت به ببكاء وهي تتحس تلك الكدمة بجانب فمها : 


-كل حاجة خربت أصلاً...يوسف حكي لبابي كل حاجة وبابي ضربني وقرر يخليني أسافر أعيش مع أخويا الكبير ومش هرجع مصر تاني أنا حياتي اتدمرت...انت متعرفش مصطفي أخويا هيعمل فيا ايه بعد الي حصل ده انت لازم تتصرف ! 


مسح وجهه بانفعال ليقول بقسوة : 


-مش مشكلتي ! روحي شوفي حد تاني تلبسيه بلوتك انا مباخدش بواقي غيري ! 


اغلق الهاتف بوجهه وهي تبكي بانهيار فأخيها قاسي ولا يعرف الرحمة لذلك ارسلها والدها له ليزيد رعبها حين استمعت للإنذار الأخير للطائرة لتنهض وتتجه نحو المرحاض لتنظر في المرأة فتري شبح امرأة دمرتها الأيام بوجهها الشاحب وملابسها الضيقة كيف يلوموها وقد تركها والدها بدون حسيب او رقيب فلتفعل ما شاءت لم يعلمها أحداً ما الخطأ وما الصحيح وحين أخطأت اصبحت الملامة الوحيدة بينهم!  أخرجت زجاجة الدواء الذي اشترته بطريقها لتفتحها وتغمض عيناها والدموع تنساب بقوة علي صفحة وجهها لتبتلع كل ما بالعبوة مرة واحدة وتتسارع أنفاسها وتزداد رجفة جسدها لتتشوش الرؤية وتشعر بالأرض تميد بها لتشهق بقوة وتسقط ليرتطم جسدها بالأرض بقسوة وتميل برأسها للجانب وذلك السائل الأبيض يخرج من فمها وكأنه الشئ الأبيض الوحيد بحياتها التي أظلمت معلنة عن نهايتها ! 


                 ***** 

أغمضت عيناها استعداد للموت لتشعر بالسيارة تنحرف عن مسارها لتفتح عيناها بسرعة فتجد "إلياس" قد حاد بسيارته جانباً فأصابت الطلقة السيارة التي تلاحقهم ليدخل بالسيارة في أحد المناطق الخاوية ، تنفست الصعداء هامسه : 


-الحمدلله...الحمدلله 


قاد حتي ابتعد تماماً عنهم وقد ضللهم ليقف جانباً ويلتفت لها قائلاً بقلق : 


-انتي كويسة يا سارة ؟ 


نفت برأسها قائلة باهتزاز : 


-أنا كويسة بس هو احنا فين كده ؟ 


ابتلع ريقه قائلاً بحذر : 


-مش عارف بصراحة ! 


انتفضت لتصرخ بغضب : 


-يعني ايه مش عارف ؟ يعني تهنا كمان ؟!! 


اومأ لها بضيق ليترجل قائلاً : 


-خليكي هنا ثواني هعمل تليفون لحد يجي يجبنا... 


انتظرت لثواني حتي هتف بها من جانب النافذة : 


-يؤسفني أبلغك ان الشبكة هنا واقعة واحتمال كبير اننا لبسنا في المكان ده للصبح ! 


جزت علي أسنانها بغضب ليكبت ابتسامته ويعود ليصعد بجانبها ومان ادار السيارة لم تعمل ليقول بتوجس : 

-هي ليلة باينة من أولها ! كملت ! 


لم تستطع كبح قبضتها لتنهال عليه بلكمات متتالية علي كتفه بغيظ ليمسكها صائحاً بدهشة : 


-في ايه يا بنت المجانين انتي ؟! 


صرخت به بغيظ وهي تتلوي بعنف : 

-كان يوم اسود يوم شوفتك ! اول مرة دخلت قسم بسببك!  وكنت هموت مقتولة من شوية المرة الجاية قنبلة وتفجرنا سوا ونخلص بقا ! 


صاح باستنكار : 


-نعم ! بقي انا بردو ؟ مش انتي الي لميتي عليا الناس في المول ؟ وبلغتي البوليس ؟ مش فاهم عقلي كان فين لما نويت أتجوزك ! 


كادت تصرخ بوجهه لكنها صمتت بزعر حين استمعت لصوت ذئب يعوي لتقول برعب : 


-ايه الصوت ده ؟ 


أخرج سلاحه ليقول بحذر : 


-صعب نبات في العربية للصبح تعالي ننزل ندور يمكن نلاقي مكان نبات فيه ! 


اومأت له بذعر ليهبط كلاهما ليجدها ملتصقة به تتمسك بذراعه بخوف ليهمس في نفسه ساخراً : 


-يااه علي الخوف الي يزل البني ادم... 


ساروا علي الطريق بين الأراضي الزراعية لمدة لا تقل عن ساعتين حتي وجد منزل متهالك قديم ليدفع الباب ويدلف كلاهما بقلق فيهتف : 


-أنا بقول نبات هنا للصبح الدنيا ضلمت اوي وصعب نمشي اكتر من كده ! 


اومأت بقلة حيلة فبالفعل فد تعبت كثيراً بالسير ليضيء بعض الانوار الضعيفة ليجد المنزل يتكون من طابقين وبه غرفتان بكل طابق ولا وجود لأي أسرة فقط بعض الاغطية الموجودة علي الأرض ليخلع سترته ويستلقي أرضا لتقول بدهشة : 


-انت بتعمل ايه ؟ 


أجابها ببساطة : 


-هنام ! 


-هنا علي الأرض ؟ بس دي مش نضيفة ! 


أغمض عيناه ووضع يده علي رأسه قائلاً ببرود : 


-البيت كله مفهوش سراير والارض مفهاش حاجة شوية تراب بس عادي انا كنت متعود علي اكتر من كده في الجيش ! يلا مددي جنبي!  


رفعت حاجبها بدهشه لتصيح بغضب : 

-نعم ! انا مستحيل أنام جمبك!  


بعد مرور بضع دقائق... 


دلفت الي الغرفة التي ينام بها بخوف لتستلقي بجانبه بقلق وهي ترتعش وتتنفس بصوت عالٍ فذلك المنزل مخيف بحق ما كان يجب عليها العناد وان تنام بغرفة مجاورة فقد انطفأت اضواءها فجأة وصوت مخيف أفزعها يبدو أنه لقطة...نظرت له فهو نائم بعمق لتسحب كفه ببطء حذر وتحتضنه بخوف فهي علي الرغم من سنوات عمرها التي تخطت الثلاثون مازالت تخشي النوم وحيدة فماذا عن النوم بمكان كهذا!  


، ابتسم بحنو حين شعر بها تستلقي بجانبه وزادت دهشته حين احتضنت كفه! فمازال لا يراها سوي طفلة صغيرة وهذا ما جذبه بها طفوليتها وجمالها الهادئ ، استلقي علي ظهره ليضمها بهدوء اليه ومازالت تتمسك بكفه وكأنه سيهرب! راحة غريبة تغمره وهي بين ذراعيه حتماً تلك المرأة ستقوده الي الجنون يوماً ما... 

               ***** 

خرجت من غرفتها التي تطأ قدمها خارجها منذ عادت الي مصر مقررة مقابلة "دانيال" لتري بشأن تلك الفتاة التي يساعدها فهي تشتعل من نيران الغيرة لتقطب جبينها بحيرة حين رأت "ميرا" تتجول بأنحاء الشقة وتزينها بزينة رائعة الجمال وتبدو من مظهرها انها تعمل منذ الصباح الباكر لتقول بتساؤل : 


-هو في مناسبة النهاردة ؟ 


اجابتها بابتسامة وهي تضع مكونات الكعكة : 


-اه النهاردة عيد ميلاد يوسف...اول مرة نحتفل بيه سوا فلازم يبقي مميز... 


لتهتف بلامبالاة وهي تغادر : 


-تمام...ابقي قولي لجوزك اني خرجت في مشوار كده وراجعة 


كادت ان تخبرها الا تخرج بدون اذنه لكنها فكرت قليلاً ان "ليلي" لم تخرج منذ ان عادت الي هنا لتقرر ان تتفاهم مع "يوسف" ليسمح لشقيقته بالقليل من الحرية حتي لا تزيد الأمور سوءاً بينهم 


دلفت الي غرفتها لترتدي فستان أسود قصير وبأصابع باتت ماهرة في وضع مستحضرات التجميل انهت زينتها لتبتسم برضا علي هيئتها ليصدع رنين هاتفها برسالة لتفتحها وعيناه تتفحص محتواها بصدمة : 


(" يوسف هيطلقك قريب...أصله كان متجوزك كان ينبسط معاكي لمدة سنة...مفكرتيش انتي ليه محملتيش لحد دلوقتي ؟ ده علشان جوزك المصون بيحطلك حبوب منع الحمل ! ولو مش متأكدة من كلامي هبعتلك ريكورد بصوته... 

                   فاعل خير") 


نفت برأسها بخفة قائلة بعدم تصديق : 

-اكيد ده مقلب من مقالب يوسف أنا عارفاه ! 


وصلت الرسالة التالية لتغط عليها بأصابع مرتجفة وياليتها لم تفعل ليصدع صوت "يوسف" : 


-انا تقولي لأ ! فاكرة نفسها مارلين مونرو بنت ال**** ده ابوها نفسه بيقول عليها بت شمال وعامله عليا أنا شريفة ! وديني لأوريها بكره أخليها خاتم في صباعي وهتجوزها لمدة سنة...اه سنة مانا بردو هكلف وأعمل فرح وشهر عسل الكلام ده يبقي لازم أتكيف ! وبعدها هطلقها وارميها رمية الكلاب وهجيب رقبتها الأرض بنت السويفي ! 


انتهي التسجيل وانتهي معه كل شئ وكأن ظهرها لم يعد يحتمل طعنات أخرى لتسقط علي ركبتيها والدموع تنهمر من عينيها الزرقاء التي أظلمت كحياتها وهي تتذكر ما حدث قبل زواجهم حين أصابه الحادث حين رفضته كيف لم تنتبه أنه كان بمشفى من أفضل المشافي في مصر! تذكرت حين دلفت الي المشفى مسرعة وسألت في استقبال المشفى 


Flash back.           

     

ركضت الي المشفى بقلب ينتفض بفزع لتسأل إحدى الممرضات بلهفة : 

-لو سمحتي في واحد لسه جاي في حادثة عربية ؟! 


لتجيبها الممرضة : 


-اه قصدك علي يوسف بيه الحديدي هتلاقي اخر الطرقة علي الشمال... 


وصلت الي الغرفة لتجد شاباً ليقول بهدوء : 


-حضرتك الي كلمتك علي التليفون ؟! 


-ايوة انا ، هوعامل ايه ؟ 


-لسه في أوضة العمليات عموماً ده تليفونه وملقناش اي اثبات شخصية معاه ! 


End.flash back.         


ضحكت ببكاء كيف لم تنتبه ان الشاب اخبرها انه لم يجد هويته وكيف اخبرتها الممرضة بإسمه حتي حادثه كان مدبر وهي كالخرقاء ظنته متيم بها ! لتصرخ فجأة بحرقة نابعة من قلبها بكل ما مرت به : 


-آآآآه  

صرخت حتي نبحت أحبالها الصوتية... فيالسخرية كل شئ كان مزيف...حبه... زواجهم... سعادتهم ! 


              ***** 

وصلت الي الفندق لتصعد الي الغرفة ، دقت الباب والذي انفتح فجأة لتسحب للداخل ويغلق خلفهم ، لا تصدق انها عادت تنعم بدفئ أحضانه فقد اشتاقته بحق...لتبتعد بخجل وهو يهمس بحب : 


-الأن فقط عدت أتنفس ! اشتقت اليكِ...قطتي البرية ! 

ضحكت بخجل لتردف بابتسامة : 


-أين الفتاة ؟ اريد أن أتحدث معها قليلاً بالتأكيد هي مرتعبة منك أنا ادري الناس بزوجي المخيف!  


ضحك بخفة لتزيد وسامته المهلكة فقد اشتاق لشقاوتها ليقول بابتسامة : 

-لم أصل لمرحلة أكلي لحوم البشر بعد...هيا اذهبي انها بالغرفة المجاورة... 


اومأت بضحك لتدلف الي غرفة الفتاة لتقول بابتسامة رقيقة : 

-ازيك ؟ أنا أبقي خطيبة دانيال الراجل الاجنبي الي جابك هنا!  


طالعتها بشك لتقول بتوسل : 


-ربنا يخليكي يا هانم خليهم يسبوني أمشي انا مش فاهمه انتوا جايبني هنا ليه ؟! 


جلست بجوارها علي الأريكة لتسترسل بهدوء : 


-احنا هنتكفل بيكي يعني هنجبلك شقة تعيشي فيها و هنرجعك المدرسة تاني وهتدخلي انضف مدارس في مصر وكل شهر هيوصلك مبلغ كويس ! 


لمعت عيناها بدموع لتهتف بغير تصديق : 


-بجد يا هانم هتعملولي كل ده ببلاش كده ؟ 


ابتسمت في داخلها حين تذكرت وقت قابلت "دانيال" لأول مرة وقتها اخبرها انه سيأخذ ثمن كل ما يعطيها اياه لم تدري انه سيكون أفضل ثمن تدفعه في حياتها فقد كان الثمن عشقها ! فاقت من شرودها لتكمل : 


-مفيش مقابل يا جميل احنا بنعمل كده لله وربنا مبينساش حد ... 


ودعت الفتاة بابتسامة لتدلف اليه لتجده يضع رأسه بين كفيه ، وضعت كفها علي كتفه قائلة بقلق : 


-داني!  ماذا بكَ انت بخير ؟! 


رفعت رأسه لتصدم بعيناه المتألمة ليهمس بضعف : 


-لقد وجدته ليلي ! وجدت ابي ! 


ضمته بسعادة قائلة بدموع : 


-أخبرتك انك ستجده ! الأن فقط اكتملت سعادتنا ! 


لم يرد لتبتعد قليلاً وتقول بتوجس : 


-داني أين وجدته ؟ 


رفع عيناه الزرقاء الملتمعة بدموع تراها لأول مرة! قائلاً بصوت مبوح : 


-لقد مات ليلي ! اسمه مسجل بقائمة المتوفون حديثاً ! لقد تركني مرة أخري...وهذه المرة بلا عودة ! 


شهقت ببكاء حين احتضنها وتشبث بها كأنها أمله الوحيد لتزيد من احتضانه ولا تدري حقاً ماذا تقول ! ليهمس بخفوت ضعيف : 


-كيف مات قبل أن أحتضنه واقبل كفيه كيف تجرأ علي تركي وحيداً مرة أخرى ! 


ربتت علي كتفه هامسه بدموع وهي تبكي لبكاءه : 


-عزيزي ارجوك اهدئ انا... 


صمتت حين شعرت بثقله علي جسدها ابعدته قليلاً لتجده قد غاب عن الوعي بوجهه شاحب لتصرخ بفزع : 


-داني ... !!! 

                ***** 

ذرعت الرواق ذهابا واياباً وهي تكاد تموت قلقاً عليه لتهرع الي الممرضة التي خرجت مسرعة وامسكتها قائلة بلهفة : 


-المريض الي جوه عامل ايه ؟ انتوا بقالكم ساعة ومحدش طمني ؟! 


لتجيبها الممرضة مسرعة وهي تركض وتنادي أحد الأطباء : 


-عنده أزمه قلبيه والقلب توقف أكتر من مرة خليني اعدي الحالة بتضيع مننا ! 


وقفت مشدوهة بما قالته لتضم نفسها وتجلس جانباً ترتجف بقوة هامسه بنفي : 


-داني مش هيسبني هو بس زعلان علي موت أبوه وهيبقي كويس أكيد...يارب ! 


              ***** 

ولج "يوسف" الي منزله ليندهش بتلك الزينة الرائعة ليدرك ان جميلته حضرتها لمناسبة عيد ميلاده...ابتسم حين رأها تخرج من غرفتها بذلك الفستان الأسود الذي جعل قلبه يخفق بجنون لتقترب قائلة بابتسامة غريبة : 

-كل سنة وانت طيب يا حبيبي ! 


اتسعت ابتسامته وقلبه يرقص طرباً لتذكرها عيد ميلاده ليردف بحنان : 


-وانتي طيبة يا حبيبتي... 


طالعته بأعين لامعة وهي تتشبع من ملامحه لتهتف بابتسامة زائفة : 


-طب عارف الاحتفال ده بمناسبة ايه يا يوسف ؟ 


لف ذراعه حول خصرها لتصطدم بصدره ليميل ويلثم شفتيها برقة قائلاً بابتسامة مدعياً عدم الفهم : 


-بمناسبة ايه يا روح وقلب يوسف ؟! 


احتضنته بقوة وكأنها تشبع من رائحته وترفع جسدها لتصل الي أذنه هامسه بنبرة مغرية...متألمة...فارغة : 

-بمناسبة طلاقنا ... ! 


#يتبع... 

#أحببتُ_فريستي

#بسمة_مجدي

تكملة الرواية من هنا 👇👇👇


من هنا

تعليقات

التنقل السريع
    close