![]() |
عزلاء أمام سطوة ماله
الثالثه والثلاثون والرابعه والثلاثون
بقلم مريم غريب
( 33 )
_ سر ! _
في منتصف يوم العمل ... يدخل الأخان "رفعت" و "يحيى" إلي مجموعة شركات العائلة
التي توارثتها الأجيال منذ القدم حتي وقتنا هذا ..
ينهال عليهم الترحيب الشديد و يظهر الموظفين و العاملين تقديرا و إحتراما شديدا في حضرتهم حتي وصلا إلي مكتب رئيس مجلس الإدارة .. "يحيى البحيري"
-حمدلله علي السلامة يا مستر يحيى . الشركة نورت برجوع حضرتك ! .. قالتها السكرتيرة الشابة بإبتسامة رقيقة
بينما يحتل "يحيى" مكانه خلف مكتبه الفخم ، ثم يقول و هو يرد لها الإبتسامة :
-الله يسلمك يا أسما . ها الشغل إيه أخباره ؟
أسما بجدية :
-الشغل ماشي تمام جدا يافندم كل حاجة Excellent .. ثم قالت بشئ من الحرج :
-بس Sorry يعني عثمان بيه مزنق علينا شوية في السوق شركته من يوم ما فتحت تقريبا محتكرة نص العملا بتوعنا !
قهقه "يحيى" عاليا ، ثم قال مزهوا بإبنه :
-هو ده عثمان . أنا كنت عارف إن حاجة زي دي ممكن تحصل .. يلا مش مهم . خليه يشتغل و يبني إسم يخصه دي حاجة تفرحني بردو.
و هنا تدخل "رفعت" بسخرية :
-يعني يبني إسمه و إسمنا إحنا يغرق ياخويا ؟!
ينظر له "يحيى" و يقول بدهشة :
-جرا إيه يا رفعت هو إبني بس إللي بينافسنا ؟ ما في مليون شركة في البلد بتنافسنا بس هو بقي إللي شاطر و فاهم في شغله كويس عشان كده بينجح.
لم يرد "رفعت" و أشاح بنظره عنه و هو يغلي من الغيظ
تنهد "يحيى" بسأم و أمر سكيرتيرته :
-أسما عايز Report ( تقرير ) مفصل بالمدة إللي غيبت فيها عن الشغل . عايزه دلوقتي حالا.
-حاضر يافندم . تؤمرني بحاجة تانية ؟
يحيى بإبتسامة :
-أه طبعا شوفي رفعت بيه يشرب إيه !
رفعت بإبتسامة تهكمية :
-إنت بتعزم عليا في مكاني و لا إيه يا يحيى ؟!
يحيى و قد تلاشت إبتسامته :
-لأ طبعا . إنت هنا زيك زيي يا رفعت !
رمقه "رفعت" بنظرة هادئة و لكنها قاتلة و تحمل غل و حقد شديدين ..
تظاهر "يحيى" بعدم ملاحظته و حمحم قائلا :
-أوك . روحي إنتي يا أسما إعملي إللي قولتلك عليه و إطلبيلي أنا و رفعت بيه إتنين قهوة مظبوطة.
أسما بإبتسامة :
-أوك يافندم !
•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••
في سيارة "عثمان البحيري" ... ما زالت "سمر" تلح عليه و تجادله منذ عادا إلي البر قبل قليل
سمر بتعب ممزوج بالضيق :
-مش هينفع توصلني و كمان مش هينفع أخد الشنط و الكراتين دول كلهم .. و أشارت إلي المقعد الخلفي حيث تكدست الأغراض و الملابس التي إشتراهم لها ، و أكملت :
الناس لما يشوفوا كده يقولوا عليا إيه ؟!
عثمان بحدة :
-قولتيلي مش هتروحي للدكتور قلت ماشي لكن تقوليلي مش هاوصلك و مش هتاخدي الحاجات إللي جبتهملك أهو ده بقي إللي مش ماشي.
سمر بضيق شديد :
-إنت ليه مش عايز تفهم ؟ لو حد شافنا مع بعض و شاف الحاجات دي مش هيحصل طيب . إنت كده بتحطني في موقف صعب !
عثمان صائحا بنفاذ صبر :
-خلآااص . إللي تشوفيه .. مش عايزاني أوصلك ؟ أوك !
و ركن سيارته علي جانب الطريق ، ثم أخرج هاتفهه و أجري مكالمة ..
-ألو ! .. إنت فين دلوقتي يا ناجي ؟ .. طيب سيب إللي في إيدك و تعالالي حالا . أنا في محطة الرمل .. ما تتأخرش . سلام.
و أقفل الخط بوجه متجهم و آثر الصمت تماما حتي أتي "ناجي" ..
-تحت أمرك يا باشا ؟ .. قالها "ناجي" بإستفهام ، ليترجل "عثمان" من سيارته و يجيبه :
-إسمع يا ناجي . دلوقتي هتاخد سمر هانم في تاكسي و توصلها لحد بيتها و كمان في شوية حاجات في العربية هتاخدهم و تطلعهم لحد شقتها . فاهمني ؟
ناجي بجدية :
-فاهمك يا باشا . تمام إعتبره حصل.
إلتفت "عثمان" إلي "سمر" ثم هتف بأمر :
-إنزلي !
نزلت "سمر" من السيارة و الدوار لم يفارقها بعد
قبض "عثمان" علي رسغها و أخذها علي مسافة بعيدة قليلا عن ناجي و قال بصلابة :
-ناجي هايوقف تاكسي دلوقتي و هو إللي هايوصلك و كمان هياخد الحاجات و هيطلعهملك لحد الشقة.
كادت "سمر" أن تفتح فمها لتتكلم ، ليقاطعها بصرامة :
-مش عايزة و لا كلمة . إللي أقوله يتسمع منغير كلام . و لما تروحي تكلميني فاهمة ؟
عقدت حاجبيها في غضب و لم ترد ، فتأفف بنفاذ صبر ثم أخذها و عاد إلي مكان سيارته
فتح لها باب التاكسي الخلفي الذي أوقفه "ناجي" بينما ذهب الأخير ليحضر الأغراض من سيارة "عثمان " ..
-لو التعب زاد عليكي كلميني علطول و هاجي أخدك للدكتور .. قالها "عثمان" و هو يستند بمرفقيه علي نافذة التاكسي
سمر بإقتضاب :
-إن شاء الله.
-كله تمام يا عثمان بيه ! .. صاح "ناجي" و هو يقف بجانب "عثمان" ، ليستدير له ببطء و يقول بوجوم :
-لما تخلص المشوار إبقي كلمني !
-حاضر يا باشا.
أعطاه "عثمان" بعض النقود ، و شمل "سمر" بنظرة أخيرة
ركب "ناجي" بجوار السائق ، و تحركت سيارة الآجرة ، فوقف "عثمان" يراقبها حتي توارت عن ناظريه ...
°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°
عندما وصلت "سمر" إلي بيتها ... حاسب "ناجي" سائق التاكسي ، ثم إلتفت إلي سمر ليسألها
ناجي بإبتسامة :
-شقة حضرتك في الدور الكام يا هانم ؟
أخرجت "سمر" مفتاح شقتها من الحقيبة و أعطته إياه قائلة :
-خد إطلع حطهم قدام باب الشقة من جوا و أنا طالعة وراك علي مهلي . الشقة في الدور الرابع.
-تحت أمر حضرتك !
و أخذ منها المفتاح و حمل العلب و علق الحقائب بيديه ، ثم توجه إلي داخل البيت ..
لحقت به "سمر" متمهلة في خطاها
بينما كان هناك شخصا أخر يتابع ما يحدث بعينين ملؤهما الغضب و الغيرة ..
°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°
تمر "سمر" علي الطابق الذي تقطن به الجارة "زينب" ... كانت ستدق بايها لتستلم منها شقيقتها و تشكرها
و لكنها تفاجأت حين وجدت الباب مفتوح بالفعل ، و السيدة "زينب" تقف علي عتبته و الوجوم يتسيد قسمات وجهها ..
-ماما زينب ! إيه إللي موقفك كده ؟ .. تساءلت "سمر" بإستغراب و هي تقترب من جارتها
زينب بنيرة حادة :
-مين إللي شوفته طالع شقتكوا ده يا سمر ؟؟؟
ينزل "ناجي" في هذه اللحظة و يعيد مفتاح الشقة إلي "سمر" ..
-تؤمريني بحاجة تانية حضرتك ؟ .. تساءل "ناجي" بتهذيب
سمر و قد زاد شعورها بالإعياء و التوتر فجأة :
-لا شكرا . إتفضل إمشي إنت.
ينسحب "ناجي" في هدوء ، لتعيد "زينب" سؤالها بحدة أكثر :
-ما تجاوبيني يا سمر . ردي و قوليلي إللي بيحصل بالظبط !!
كانت رؤية "سمر" تنعدم في هذه الأثناء ... إزداد شحوب وجهها و زاغت عيناها قبل أن تطبق جفناها و تسقط مغشيا عليها
-يا لـهـوي ! إسم الله عليكي يابنتي .. هكذا صاحت "زينب" بهلع و جثت علي ركبتيها بجوار "سمر"
حاولت أن تجعلها تفيق ، خبطت علي خديها ، مسدت علي يدها دون جدوي ..
لم تجد حلا أخر فنادت بأعلي صوتها :
-يا شــهــــــــــــــــيــــرة . شــهــــــــــــــــيــــرة . يا شــهــــــــــــــــيــــرة !
من الشقة المقابلة ، تخرج سيدة في العقد الثالث من عمرها
تري ما يحدث أمام شقة صاحبة البيت ، لتجحظ عيناها و تركض صوبها و هي تهتف بذعر :
-أبلة زيــنب ! خيــر يا أبلة ؟ إيه إللي حصل ؟؟؟
زينب و هي تنظر إلي "سمر" بخوف :
-البت سمر كانت واقفة بتتكلم معايا و فجأة وقعت من طولها !
شهيرة بقلق :
-ليه كده كفا الله الشر ؟ طيب يا أبلة زينب أنا هنزل أنده للأستاذ سامي الصيدلي يجي يشوفها.
-ماشي يابنتي بس بسرعة الله يخليكي قلبي واكلني عالبت يا تري فيها إيه ؟!
-حاضر حاضر يا أبلة زينب هروح بسرعة أهو !
و ركضت "شهيرة" لداخل شقتها ، ثم خرجت مرة أخري و قد إرتدت إسدالها و بأقصي سرعة هبطت الدرج ..
بينما أمسكت "زينب" بحقيبة "سمر" و فتحتها لتبحث عن قنينة عطر أو أي شئ يساعدها لتخرج "سمر" من إغماءتها
كانت الحقيبة شبه فارغة إلا من حزمة نقود قليلة و أچندة أوراق صغيرة
و من بينهم سقطت ورقة من الحقيبة إلي الأرض ، كانت "زينب" ستعيدها لولا أنها لمحت توقيع "سمر" و بجانبه "توقيع شخصا أخر ..
و بفضول غريب فتحت "زينب" الورقة و قرأت الآتي ؛
( إنه في اليوم الموافق 26 /12 / 2017 تحريرا بين كلا من :
أولا السيد / عثمان يحيى صالح البحيري المقيم في " ......."
مسلم الديانة
مصري الجنسية
_زوج طرف أول _
ثانيا السيدة / سمر شريف عبدالله حفظي
_ زوجة طرف ثاني _
بعد أن أقر الطرفان أهليتهما للتعاقد و التصرف و خلوهما من كافة الموانع الشرعية و أمام الشهود المذكورين بهذا العقد إتفقنا علي ما يلي :
البند الأول / يقر الطرف الأول بعد إيجاب و قبول صريحين بأنه قد قبل الزواج من الطرف الثاني زوجة شرعية علي كتاب الله و سنة رسوله ( ص ) و عملا بأحكام الشرعية الإسلامية
كما تقر الطرف الثاني بعد إيجاب و قبول صريحين بأنها قد قبلت الزواج من الطرف الأول.
البند الثاني / تقر الطرف الثاني بأنها قد قبلت الزواج برضا تام وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية.
البند الثالث / إتفق الطرفان علي صداق قدره " .... " كما إتفق كليهما علي قبول جميع أحكام العقد و خاصة البنوة إذ أن أولادهما ثمرة هذا الزواج لهما جميع الحقوق الشرعية.
البند الرابع / تحرر هذا العقد من نسختين بيد كل طرف للعمل بها عند اللزوم طبقا لأحكام القانون الوضعي بجمهورية مصر العربية )
توقيع الطرف الأول / عثمان البحيري
توقيع الطرف الثاني / سمر حفظي
توقيع الشهود المذكورين :
- .......................
- .......................
إنتهت "زينب" من قراءة العقد حابسة أنفاسها ..
زينب بصدمة كـبيـــــرة :
-يانهار إسود !
•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••
عندما وصل "عثمان" إلي القصر ... ذهب إلي جناحه مباشرة و هو يحرص علي ألا يراه أحد
فتح الباب و ولج ، و كاد يهم بنزع سترته حين دق هاتفهه
أجاب ..
-ألو ! إيه يا ناجي . خلصت ؟
ناجي و صوته محاطا بزحمة الشوارع :
-أيوه يا عثمان بيه . كله تمام حضرتك.
عثمان مقطبا بإنزعاج من هذه الأصوات :
-عملت إللي قولتلك عليه يعني ؟ و صلت الهانم و طلعت الحاجات لحد شقتها ؟؟؟
-أيوه يا باشا . كل إللي حضرتك قولته حصل.
-أوك . شكرا يا ناجي.
-العفو يا باشا . تحت أمرك في أي وقت !
و أغلق الخط معه ... أراد "عثمان" أن يتصل بـ"سمر" بعد ذلك
لكنه شعر بحاجة شديدة لحمام ساخن الآن ، فترك هاتفهه و توجه إلي المرحاض بخطوات متكاسلة ..
•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••
في شقة الجارة "زينب" ... تتمدد "سمر" علي الآريكة بعد أن ساعدها الطبيب الصيدلي علي إستعادة وعيها
سمر مبتسمة بتعب :
-أنا متشكرة أوي يا ماما زينب . شكرا ليكوا كلكوا يا جماعة.
الطبيب بإبتسامة :
-بتشكرينا علي إيه يا أنسة يا سمر ؟ إنتي بنت الحجة زينب و أخت الست شهيرة و أختي أنا كمان يعني مافيش شكر بينا . عموما حمدلله علي سلامتك.
زينب بلهجة مقتضبة :
-هي كان فيها إيه يا سامي يابني ؟
سامي بلهجة مطمئِنة :
-إطمني يا حجة زينب مافيهاش حاجة . هي واخدة دور يرد شديد بس و بعدين الأنيميا إللي عندها من زمان دي بتسهل للمرض أنه يدخل جسمها بسرعة.
شهيرة بتساؤل :
-طيب إيه الحل يا دكتور سامي ؟
-الحل إنها تاخد علاجها و تتغدي كويس . و أنا عن نفسي هنزل و هبعتلها الدوا من عندي علطول.
سمر بإمتنان :
-شكرا يا دكتور يا سامي.
رحل "سامي" و من بعده بلحظات إستأذنت "شهيرة" لتذهب و تتفقد أطفالها ..
و الآن إنفردت "زينب" بـ"سمر"
سمر بصوت متحشرج قليلا :
-أومال فين ملك يا ماما زينب ؟ أنا مش شايفاها !
و أخذت تتلفت حولها ..
زينب بجمود :
-ملك نايمة جوا في الأوضة .. ثم سألتها بحدة :
-أومال إنتي كنتي فين اليومين إللي فاتوا دول يا سمر ؟؟؟
أجفلت "سمر" بتوتر ، و قالت :
-ما أنا قولتلك يا ماما زينب !
زينب بإستهجان :
-معلش قوليلي تاني.
سمر و هي تزدرد ريقها بإرتباك :
-كـ كنت . كنت عند صاحبتَ آا ..
-ماتكدبيش ! .. قاطعتها "زينب" بغضب ، و أخرجت من خلف ظهرها عقد الزواج العرفي و لوحت به أمام عينيها المصعوقتين ..
زينب بإنفعال :
-إيه ده يا سمر ؟ .. ها ! إيه ده فهميني ؟ إتكلمي قوليلي إن في حاجة غلط أنا مش فاهماها !!
نظرت لها "سمر" بخزي ممزوج بالقهر و لم ترد ، أطرقت رأسها و أخذت تنتحب بحرقة ..
زينب بصدمة :
-لأ .. لأ الكلام ده مش صحيح . مستحيل أصدق . ده إنتي سمر بنت كريمة الله يرحمها صاحبتي و جارتي و عشرة عمري . ده أنا مربياكي علي إيدي و أخلاقك أنا إللي علمتهالك !
-أنا ماعملتش حاجة غلط ! .. غمغمت "سمر" بصعوبة من وسط بكائها الحار ، لترد الأخيرة بصدمة مضاعفة مع زيادة تأكدها من الأمر :
-متجوزة عرفي يا سمر ؟ لأ .. لأ مش قادرة أصدق .. إنتي ! لــيــــــــــــــه ؟؟؟
و هنا رفعت "سمر" وجهها الغارق بالدموع و أجابت بنشيج مخنوق :
-عشان إخواتي . عشان ملك في الأول . كانت هتموت و أنا مش ممكن أسمح بكده .الفلوس كانت هي المشكلة . علاجها بفلوس أكلها بفلوس و المستشفي بفلوس و هو معاه الفلوس . أنا ضحيت بنفسي و عارفة إن حياتي إتدمرت و مستقبلي راح . كل ده عشان أختي أولا و بعد كده فادي . أنا مقدرش أشوف ملك بتموت يا ماما زينب و لو حصلها حاجة أنا كمان هروح فيها !
زينب بإستنكار و عصبية :
-تقومي تبيعي نفسك ؟ تسلمي نفسك لواحد في الحرام ؟؟؟
سمر وقد أرعبتها الكلمة :
-لأ . لأ لأ يا ماما زينب أنا ماعملتش حاجة في الحرام . أنا متجوزة و العقد أهو في إيدك.
زينب بسخرية :
-و هو العقد ده يحلل إللي حصل ؟ ده عقد باطل يا حبيبتي . يمكن في نظر القانون مش باطل لكن في نظر ربنا و الناس بآاااطل و أي حاجة حصلت بينك و بين إللي إتجوزتيه حرام . عشتك معاه زنا . زنا يا سمر فاهمة يعني إيه ؟؟؟
سمر و هي تهز رأسها بصدمة شديدة :
-لأ .. مش ممكن !
و هنا دق هاتفهها ..
لم تتحرك من مكانها قيد أنملة ... فتطوعت "زينب" و أحضرته لها من الحقيبة
لكنها نظرت إلي إسم المتصل أولا ..
زينب بغضب :
-عثمان البحيري .. بسلامته بيتصل !!!!!
يتبـــــع ...
( 34 )
_ إتفاق ! _
تنتفض "سمر" في هذه اللحظة و تقوم من مكانها بسرعة ... تقف أمام "زينب" محاولة أخذ الهاتف من يدها
سمر برجاء و دموعها تتراقص بعيناها :
-لأ يا ماما زينب . ماترديش إنتي عليه أبوس إيدك !
زينب بغضب :
-و مش عايزاني أرد عليه ليه ؟ خليكي إنتي برا الموضوع و سيبهولي أنا هتصرف معاه.
سمر بإنهيار تام :
-لأ كده الموضوع هيكبر . إنتي ماتعرفيش ده مين ماينفعش أي حد يعرف إللي حصل بيني و بينه أنا الوحيدة إللي هضر . عشان خاطري يا ماما زينب.
زينب بإنفعال :
-يعني هتسيبي نفسك كده ؟ هتكملي في سكة الحرام دي معاه ؟؟؟
سمر بنفي :
-لأ خلاص . أوعدك إني هقطع علاقتي بيه قريب . هسيبه !
و هنا إنقطع الرنين المتواصل ، لستوضحها "زينب" بحدة :
-و لو مقدرتيش ؟
سمر بثقة :
-مش هنتقابل لوحدنا تاني . مش هخليه يقربلي تاني أوعدك.
تنهدت "زينب" بحيرة و قالت بغيظ :
-طيب و إللي عمله فيكي ؟ هينفد كده منغير حساب ؟ ليه كده يابنتي ؟ ليه تعملي في نفسك كده يا سمر ؟ ليه تضيعي مستقبلك بإيدك ؟؟؟
سمر بنبرة متألمة :
-نصيبي كده يا ماما زينب.
زينب بحنق :
-لأ ده مش نصيبك . إنتي إللي إخترتي بإرادتك ربنا مابيعملش حاجة وحشة في حد.
تقلص وجه "سمر" بألم أشد و تدفقت من عينيها الدموع ..
حزنت "زينب" علي حالتها و رق قلبها أخيرا ، فأخذتها بين ذراعيها و ضمتها بعاطفة أمومية ..
زينب بلطف وهي تمسد علي ظهرها :
-خلاص يابنتي . خلاص .. أنا عارفة إن مافيش أنضف منك في الدنيا و عارفة إن أختك هي نقطة ضعفك و هي إللي خلتك ترمي روحك في النار منغير ما تفكري . بس يا سمر إيمانك بربنا كان لازم يبقي أقوي من كده . مافكرتيش إنك عالجتي أختك بفلوس حرام ؟ مافكرتيش إن ربنا مابيتعاندش و كان ممكن يحرمك منها عشان روحتي و لجأتي لعبده مش له ؟ لو لا قدر الله كان حصلها حاجة كنتي هتبقي كسبتي إيه ؟ بالعكس ده إنتي كنتي هتبقي خسرتي كل حاجة و قبل منهم نفسك.
سمر و قد إزداد بكائها حرارة :
-أنا عارفة كل ده . بس غصب عني . ماكنتش قادرة أشوف ملك بتعاني أكتر من كده . أنا كنت متكتفة شايفاها قدامي بتموت و مش عارفة أعملها حاجة !
زينب بتأثر :
-طيب خلاص . إللي حصل حصل مش هنقعد نندب حظنا علي إللي راح و مش هيرجع . أنا مش هسيبك يا سمر و هقف جمبك و هنصلح كل ده ماتقلقيش ربنا معانا إن شاء الله .. و تبدلت نبرتها لتصبح أكثر صرامة :
-بس من هنا و رايح لازم تعرفيني كل حاجة و خصوصا كل حاجة بتحصل بينك و بين إللي مايتسمي ده !
-حاضر .. تمتمت "سمر" بتعب و هي ما زالت في حضنها ، لتسألها "زينب" بجمود :
-قولتيلي بسلامته معاه فلوس ! يعني غني ؟
سمر بمرارة :
-غني . غني جدا يا ماما زينب.
زينب بإستهجان :
-الله الغني يا حبيبتي .. ثم قالت بوعيد :
-خليه بس يفكر يأذيكي أو يستغلك تاني . بعون الله أنا إللي هقفله !
و هنا دق الهاتف مرة أخري ...
•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••
في قصر آل"بحيري" ... مرارا يعاود "عثمان" الإتصال بـ"سمر" و لكن لا يوجد رد
شعر بالغضب الشديد و إعتبر ذلك تحد صريح منها ، فهو أكد عليها بأن تدق له ما أن تصل و لكنها لم تفعل و لم ترد عليه حتي ..
-ممكن أدخل !
إنتبه "عثمان" علي صوت أمه و تفاجأ بها تقف عند عتبة باب غرفته ..
-ماما ! إتفضلي طبعا .. قالها "عثمان" مبتهجا برؤية أمه ، لتدخل الأخيرة و تمشي ناحيته بخطواتها المتمايلة
جلست بجواره علي طرف السرير و مدت يدها و مسحت علي شعره المبتل ..
فريال برقتها المعهودة :
-قاعد بالبُرنس كده ليه ؟ و شعرك مبلول . كده تبرد يا حبيبي !
عثمان بإبتسامة :
-لسا خارج من الحمام . كنت قايم ألبس هدومي . سيبك مني دلوقتي بس . إنتي كنتي جاية عايزاني في حاجة ؟
فريال و هي ترد له الإبتسامة :
-كنت جاية أشوفك . وحشتني و بقالي كام يوم مش بلمحك في البيت .. كنت غطسان فين ؟؟؟
ضحك "عثمان" و قال :
-من إمتي يا فريال هانم بتستجوبيني كده ؟!
فريال و هي تداعب لحيته الكثيفة :
-مش من حقي يعني ؟ أنا أمك.
-من حقك طبعا و بعدين إنتي مش بس أمي إنتي ست الكل .. و إنحني ليقبل يدها
فريال بضحك :
-أه منك و من بكشك إللي هيجنني ده . تصدق إن البكش ده هو إللي بيشفعلك عندي !
عثمان بدهشة :
-ليه بس أنا كنت عملت إيه أصلا ؟!
فريال بمزاح :
-يا حبيبي إنت عمايلك كلها سودة و الحمدلله .. و تلاشت إبتسامتها فجأة لتقول :
-بس الفترة الأخيرة إتغيرت أووي يا عثمان . ممكن أقول إنك إتغيرت مع كل الناس لكن معايا أنا زي ما إنت !
عثمان بإستغراب :
-إيه الألغاز دي ؟!
فريال بجدية :
-دي مش ألغاز . أنا أكتر واحدة في الدنيا تعرفك . أكتر واحدة تحس بيك . إنت متغير بس أنا بقي خايفة يكون التغيير ده للأسوأ مش للأحسن.
عثمان بحيرة :
-أنا فعلا مش فاهم إنتي تقصدي إيه ! بس What Ever يعني إطمني . أنا تمام و ماعنديش أي مشكلة بالعكس حياتي هادية و شغلي مستقر .. ماتقلقيش.
فريال بإبتسامة :
-يا ريت يا حبيبي i Hope So بجد .. ثم قالت بشئ من التردد :
-كنت عايزة أكلمك في موضوع تاني !
عثمان بإهتمام :
-خير يا ماما ؟
-هالة !
عثمان و قد أصابه الفتور فجأة :
-مالها هالة ؟
-إنت مش واخد بالك إنها بقت إنطوائية أوي اليومين دول ؟!
عثمان بسأم :
-طب و أنا مالي يعني بتقوليلي الكلام ده ليه ؟؟؟
فريال بإنزعاج من إسلوبه :
-ممكن تهدا شوية و ماتبقاش Aggressive ( عدائي ) في الكلام كده ؟!
يهدئ "عثمان" نفسه ، ثم يقول :
-أنا آسف . بس حقيقي أنا مش عارف إيه علاقتي بحاجة زي دي !!
فريال بلطف :
-عثمان . البنت بتحبك و إنت عارف كده إوعي تقولي إنك مش واخد بالك.
عثمان بضيق :
-واخد بالي يا ماما بس أنا بقي مش بحبها و مش عايزها.
-ليه بس ؟ دي هالة بنت حلوة و ذكية و فوق ده كله بنت عمك يعني مش غريبة مش زي الأولانية إللي آا ..
و بترت عبارتها فجأة قبل أن تأتي تماما علي ذكر "چيچي" ..
-Sorry يا حبيبي . ماكنش قصدي !
عثمان بوجوم :
-و لا يهمك يا ماما.
-أنا قصدي يعني إن هالة بتحبك و إحنا مربينها و عارفينها مش هتلاقي أحسن منها يا عثمان صدقني و البنت بجد حلوة إيه إللي مش عجبك فيها بس ؟؟؟
عثمان بضيق شديد :
-حلوة و كل حاجة و هي علي راسي و الله . بس أنا مش بحبها و لو إتجوزتها مش هنكون علي وفاق مع بعض و مش هتكون مبسوطة معايا و لا أنا كمان.
تنهدت "فريال" و قالت :
-يعني مافيش فايدة ؟ يابني عايزه أفرح بيك و أشوف ولادك !
عثمان بضحك :
-لأ كده يدينا و يديكي طولة العمر بقي !
ضربته أمه في صدره بخفة قائلة :
-أخس عليك . مستكتر عليا حاجة زي دي يعني ؟
عثمان بجدية :
-إنتي مافيش حاجة في الدنيا تكتر عليكي يا فريال هانم . بس مش وقته . أنا لسا مش جاهز للخطوة دي.
فريال بإستسلام :
-إللي إنت شايفه . ربنا يوفقك يا حبيبي و يريح قلبك !
•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••
في منزل "سمر" ... تفتح باب شقتها و تدخل حاملة "ملك" علي ذراعها
تزقزق "ملك" بفرحة لوجودها مع شقيقتها ، فتبتسم "سمر" رغم كل شئ و تتفاعل معها
تؤرجحها بين ذراعيها ، تدغدغها أسفل ذقنها ، لتزداد موجات ضحكاتها الرنانة ..
و فجأة تتعثر "سمر" دون وعي في كدسة الحقائب و العلب بالطرقة ، تعبس بضيق و في نفس اللحظة تسمع هاتفهها و هو يدق للمرة السابعة تقريبا ..
ردت علي مضض :
-آلو !
يأتيها صوت "عثمان" غاضبا :
-لا و الله ؟ ألو ! ماكلمتنيش ليه زي ما قولتلك يا هانم ؟ و ماردتيش عليا ليه من أول مرة ؟؟؟
سمر ببرود :
-كنت مشغولة مع ملك . خير في حاجة ؟
عثمان بغيظ :
-سيادتك عاملة إيه دلوقتي ؟ لسا تعبانة ؟!
سمر بصلابة :
-لأ . أنا بقيت كويسة الحمدلله . بس آسفة مش هقدر أجي الشغل بكره.
-ليه بقي ؟
-ورايا حاجات في البيت و كمان عشان أكون بقيت أحسن أكتر !
عثمان بصبر :
-أوك . عندك بكره أجازة . لما أشوف أخرتها معاكي يا سمر.
سمر بعدم إهتمام :
-أخرتها خير إن شاء الله . إستأذنك دلوقتي بقي مضطرة أقفل عشان ملك جعانة هحضرلها الأكل.
و أقفلت دون أن تسمع رده ..
هذا السلوك حتما لن يعجبه ، و مؤكد أنه يشتعل من الغضب الآن و يفكر في شئ ليرد به عما فعلته
لكنها ما عادت تكترث ...
-لأ بردو .. تمتمت "سمر" بحيرة ، و أكملت بخوف :
-ماكنش لازم أرد كده . أنا عايزه أنهي الموضوع بسرعة و هدوء .. منغير مشاكل !
°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°
يمر يومان ... و في صباح الخميس ، يصل "فادي" من سفره ليقضي عطلة نهاية الأسبوع مع أسرته
بدا عليه الهزل قليلا ، و بشرته غدت برونزية صافية و قد لوحتها الشمس ، و قوامه صار منحوتا بصورة واضحة
لم تصدق "سمر" أن يحدث له كل هذا في إسبوع فقط ..
-إيه يابني إللي جرالك ده ؟ .. قالتها "سمر" بتساؤل ، و تابعت بدهشة :
-معقول إسبوع واحد يبهدلك كده ؟؟؟
فادي بضحك و هو يتناول منها "ملك" :
-مش بشتغل و بشقي يا سمر ؟ و طول النهار في الموقع و الشمس عمودية هناك !
-بس بردو إتبهدلت أووي .. ثم قالت بإبتسامة :
-عموما حمدلله علي السلامة.
-الله يسلمك ياستي . رغم إني هتجنن من حكاية شعرك المقصوص ده ! ليه تعملي كده يا سمر ؟ إنتي أكيد أتهبلتي !!
سمر بشئ من الإرتباك :
-قولتلك حبيت أعمل تغيير يا فادي.
-لا يا شيخة ؟ تغيير تقومي تقصي شعرك إللي بنات المنطقة كلهم بيحسدوكي عليه ؟؟؟
سمر بضيق :
-خلاص بقي ما بكره هيطول تاني.
فادي بسخرية :
-إبقي قابليني .. ثم قال بإعجاب :
-بس إيه الشياكة دي كلها ؟ شكلك قبضتي و نزلتي شبرقتي نفسك لبس و حركات . أيووه ياستي ماشية معاكي.
سمر بمرارة خفية :
-ياخويا و الله لا ماشية و لا قاعدة . إنت بس عارف الشغل إللي أنا فيه بيعتمد علي المظاهر أكتر حاجة فكان لازم أحسن مظهري شوية .. بس إنت إيه رأيك يعني ؟ شكلي حلو ؟!
فادي بإبتسامة عريضة :
-قــمــــــر . الفستان هياكل منك حتة يا سمسمة.
سمر و قد توردت وجنتاها كلون فستانها :
-شكرا يا حبيبي .. طيب أنا لازم أنزل دلوقتي بقي . مش هتأخر هرجع بسرعة عشان أحضرلك الغدا.
فادي بلطف :
-علي مهلك يا حبيبتي . ماتستعجليش .. يلا مع السلامة.
°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°
عندما وصلت "سمر" إلي الشركة ... ذهبت فورا إلي "عثمان" حيث بلغها الجميع أنه يريدها ما أن تصل
طرقت باب مكتبه مرتين ، ثم دلفت ..كان منكبا علي بعض الأوراق و الملفات و كان يرتدي نظارته الطبية الأنيقة و التي يستخدمها في الحالات الطارئة فقط ، كالصداع و الأرق الزائد ..
-صباح الخير ! .. قالتها "سمر" و هي ماثلة أمامه ، ليرفع وجهه بهدوء و ينظر لها
إستطاعت أن تري بوضوح شفتاه المفتوحتان و نظراته الساهمة ، بينما سرح هو في تأملها و هي ترتدي ذلك الثوب الذي أختاره لها بنفسه ..
فستان وردي اللون من القماش الثقيل ، مجسم عند النصف العلوي بأكمام طويلة و رباط علي الخصر فعكس نفخة عصرية إكتملت بالإكسسوارات البسيطة التي وضعتها و أيضا هذه الحقيبة الصغيرة جدا التي علقتها علي كتفها ..
حمحمت "سمر" لتخرجه من تأملاته
يجفل "عثمان" ثم يخلع نظارته ..
-حمدلله علي السلامة ! .. قالها "عثمان" بصوت أجش و هو يرسم علي وجهه تعابيره الصارمة
سمر بهدوء :
-الله يسلمك.
-إن شاالله تكوني بخير ! إزي صحتك دلوقتي ؟
سمر بإبتسامة متكلفة :
-الحمدلله . كويسة .. ثم قالت :
-قالولي إن حضرتك عاوزني !
تنفس "عثمان" بعمق ، و قال :
-إنهاردة ماليش مزاج للشغل و حاسس إني مرهق أوي . فكنت مستنيكي لما توصلي عشان أخدك و نروح الشقة إللي جبتها نقضي هناك طول النهار و أهو بالمرة تشوفيها.
سمر ببلاهة :
-شقة إيه ؟!
عثمان بتهكم :
-شقة يعني شقة يا حبيبتي إشترتها لينا . إنتي هتشوفيها و لو ماعجبتكيش هخليكي تختاري واحدة غيرها علي مزاجك.
أجفلت "سمر" بتوتر و ردت :
-أنا .. أنا مش . أنا مش هروح معاك في حتة !
عقد "عثمان" حاجبيه و إستوضحها :
-آسف قولتي إيه ؟!
سمر بإرتباك :
-قصدي مش فاضية إنهاردة . فادي لسا راجع و قاعد معانا يومين.
زفر "عثمان" بقوة و قال بحنق :
-يعني لو غيبتي ساعتين هيفرقوا أوي عند أخوكي ؟!
سمر بإبتسامة تهكمية :
-أه للآسف !
و هنا إنفتح الباب فجأة ... فإلتفتت "سمر"
لتري الزائر المعتاد لهذا المكتب و الذي لا يجرؤ أحد غيره علي الدخول بهذه الطريقة !!!!!!!
يتبـــــع ...
💙❤️💙❤️❤️❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙