القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية قلب في الهوا البارت الثاني بقلم الكاتبه أميره جابر حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج

 رواية قلب في الهوا البارت الثاني بقلم الكاتبه أميره جابر حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج 



رواية قلب في الهوا البارت الثاني بقلم الكاتبه أميره جابر حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج 


كانت تلك اللحظة تحت ضوء القمر بداية لشيء جديد، صفحة بيضاء تُكتب بين سلمى وعادل، صفحة لا تعرف فيها القواعد ولا الخطوط الحادة، بل فقط الأحاسيس التي تُرسم برقة على نغمات القلب. 


في صباح اليوم التالي، دخلت سلمى إلى الشركة وهي تشعر بشيء من الحماس، شيئًا لم تعشه منذ زمن بعيد. كان اللقاء مع عادل مختلفًا هذه المرة، لم يكن هناك توتر أو صمت ثقيل، بل كان هناك شعور بأنهما قد اقتربا من فهم بعضهما أكثر. 


جلسا في مكتب الاجتماعات، لكن بدلًا من الانشغال بالأرقام والجداول، بدأ الحديث يدور حول أفكارهم عن الحياة وكيف يطمح كل منهما لأن يعيشها. 


قالت سلمى بابتسامة عذبة:

"أتعلم، دائماً كنت أظن أن النجاح في العمل هو كل ما أحتاجه، لكني بدأت أفهم الآن أن النجاح الحقيقي يكمن في من يشاركك رحلتك." 


نظر إليها عادل بعينيه الهادئتين، وقال بهدوء:

"وأنا، كنت أعتقد أن العزلة تمنحني الأمان، لكن معك، أشعر بأن هناك شيء يستحق المخاطرة." 


كانت تلك الكلمات تكفي لزرع بذور أمل بينهما، لكن لم تكن الرحلة سهلة كما كانا يتوقعان. 


في الأيام التالية، بدأت سلمى تعاني من ضغوط العمل المتزايدة، مشاريع متتالية وأهداف عالية لا تُسمح بتأجيلها. شعرت أن قلبها يتقاسمها بين شغفها واهتمامها الجديد الذي بدأ يتسلل بحذر إلى حياتها. 


أما عادل، فكان يحاول أن يتعلم كيف يكون داعمًا، لكنه كان لا يزال يجد صعوبة في التعبير عن مشاعره أو حتى التفاعل مع ما يحدث حوله. حاول أن يقرأ بين السطور، لكنه غالبًا ما كان يخطئ، مما أدى إلى مواقف محرجة ومضحكة في نفس الوقت. 


في إحدى المرات، بينما كانا يعملان على تعديل تصميم العرض، قالت سلمى مازحة:

"لو لم تكن تجيد البرمجة، لكنت طلبت منك أن تغني لي أغنية رومانسية!" 


ضحك عادل، ورد قائلاً:

"لو غنيت لك، ربما ستصبحين أنتِ التي تبرمجين صوتي!" 


ضحكا معًا، وكان ذلك ضوءًا صغيرًا في يومهما المزدحم. 


وفي محاولة منهما للخروج من روتين العمل والضغط، قررا الذهاب في رحلة قصيرة إلى ضواحي المدينة، بعيدًا عن الأضواء والضجيج. 


كانت الرحلة مليئة بالمفاجآت، ففي البداية، كان عادل يشعر بعدم ارتياح، محاولًا التمسك بمنطقة راحته، أما سلمى فكانت تحاول أن تجعل الجو ممتعًا ومليئًا بالمغامرات. 


في إحدى اللحظات، انزلقت سلمى على حصاة صغيرة وسقطت على الأرض، لكن عادل كان سريعًا ليمسك بها، مما جعل قلبها يخفق بقوة، ووجد هو نفسه ينظر إليها وكأنها أغلى ما رآه في حياته. 


ضحكت سلمى وقالت:

"يبدو أنكِ لم تعتد على أن تكون في مركز الاهتمام!" 


رد عادل بخجل:

"ربما لا، لكنني سعيد بأن أكون هنا معك." 


مرت ساعات الرحلة بين حديث وضحك، وكانت تلك اللحظات تحفر في ذاكرتهما ذكريات لا تُنسى، ذكريات تجعل كل منهما يتوق للقاء التالي. 


ومع العودة إلى المدينة، كانا يعرفان أن الطريق ما زال طويلاً، مليئًا بالتحديات والمواقف التي ستختبر صداقتهما ومشاعرهما. 


لكن، كما في كل قصة حقيقية، كان هناك دائمًا مكان للخطأ، وللخيبة، وللتعلم. 


ففي يوم ما، عندما حاول عادل أن يفاجئ سلمى بهدية صغيرة، فشل في اختيارها، مما أدى إلى موقف محرج جعله يتمنى أن يختفي. 


قالت سلمى، بابتسامة رحيمة:

"لا بأس، المهم هو نيتك، وأعتقد أنك الأفضل في ذلك." 


ابتسم عادل، وشعر أن العالم كله يتسع لهما، وأن هذا القلب الذي بدأ ينبض في الهوا هو أعظم هدية يمكن أن يحصل عليها.


بعد تلك اللحظة الطريفة مع الهدية، بدأ شيء غريب يحدث بين سلمى وعادل. 


لم تعد المحادثات تقتصر على العمل، بل بدأت تتسلل الذكريات والأحلام وحتى المخاوف إلى طيات كلامهما. 


ذات مساء، بينما كانا ينهيان مراجعة ملف مهم في المكتب، لاحظت سلمى أن عادل يبدو مختلفًا، هناك شيء في عينيه يقول أكثر مما ينطق به. 


قالت له بهدوء:

"هل هناك شيء يشغل بالك؟ يمكنك أن تخبرني." 


تردد قليلاً، ثم قال:

"أحيانًا أشعر أني غريب في هذا العالم، كأنني أراقب من بعيد دون أن أكون جزءًا حقيقيًا منه." 


ابتسمت سلمى، وقالت:

"لست وحدك، أشعر بنفس الشيء أحيانًا. لكن معك، أعتقد أننا يمكننا أن نكون العالم لبعضنا البعض." 


كانت تلك الكلمات جسرًا بين قلبين، جسرًا يبدأ في البناء رغم كل الفوارق. 


وفي اليوم التالي، قرر الاثنان أن يخرجا معًا بعد العمل، رحلة صغيرة إلى مقهى هادئ كان عادل يفضله منذ سنوات، مكان لا يعرفه معظم زملائه. 


هناك، بعيدًا عن ضجيج الحياة ومشاغل العمل، تحدثا عن طفولتهما، عن الأحلام التي لم تتحقق، عن اللحظات التي أرادا فيها الهروب. 


سلمى أخبرت عادل عن والدتها التي كانت تحلم بأن تصبح فنانة، لكنها تخلت عن حلمها من أجل العائلة، وعن كيف أنها تريد أن تحقق الحلم بدلاً عنها. 


أما عادل، فتحدث عن والده الذي كان صارمًا، وعن شعوره بالوحدة رغم وجود الناس حوله، وعن كيف كانت البرمجة ملاذه الوحيد. 


مرت الساعات بسرعة، وكأن الوقت توقف ليمنحهما فرصة التعرف أكثر على بعضهما البعض. 


وعندما عاد كل منهما إلى منزله، وجدا نفسيهما يفكران في الآخر بشكل مختلف، ليس كزميل عمل فقط، بل كرفيق حياة محتمل. 


لكن الحياة، كما تعود أن تفعل، وضعت لهما اختبارًا جديدًا. 


في اليوم التالي، أعلن المدير عن اجتماع عاجل لمناقشة تغييرات كبيرة في المشروع، مما زاد من الضغط على الفريق. 


بينما كانا يعملان على تعديل الخطط، وقع خلاف صغير بينهما بسبب سوء تفاهم حول المسؤوليات، وتحولت الكلمات إلى صمت محرج. 


شعرت سلمى بالإحباط، وقالت في نفسها: "هل يمكن أن يتحول كل هذا القرب إلى جدار بيننا؟" 


وعادل، من جانبه، شعر بالارتباك والخوف من أن يخسر ما بدأ يتشكل بينهما. 


وفي تلك اللحظة، أدركا أنهما بحاجة إلى التحدث بصراحة أكثر، إلى مواجهة المخاوف بدلاً من الهروب منها. 


وفي نهاية يوم طويل، جلسا في الحديقة خارج المبنى، تحت السماء الملبدة بالنجوم، وتبادلا الكلام بكل صدق وحنان. 


قالت سلمى:

"لا أريد أن نخسر هذا ما بيننا بسبب سوء فهم، أنت مهم بالنسبة لي." 


ابتسم عادل وقال:

"وأنتِ أهم شيء لدي الآن. دعينا نعد أن نكون صريحين دائمًا، مهما كانت الصعوبات." 


مسحا عن بعضهما العتب، وشعرا بأن العلاقة بينهما أصبحت أقوى، أعمق، وأكثر واقعية. 


وفي تلك اللحظة، كان قلباهما ينبضان في تناغم، ينبضان في الهوا، يحملان وعدًا لمستقبل مشرق معًا. 


يتبع..

تعليقات

التنقل السريع
    close