رواية روح الفصل الثامن بقلم نور الشامي حصريه وجديده
ساد صمت ثقيل في أرجاء البيت، كأن الجدران نفسها أصابها الذهول حين نطقت روح بكلمتها الحاسمة:
وأنا… موافجه
تجمدت الأنفاس في الصدور، والتفتت العيون نحوها بصدمة لا تخطئها العين. أما ركان فقد اشتعلت ملامحه بالغضب واقترب منها بخطوات متسارعة وعينيه تقدحان شرراً وصوته يجلجل في المكان:
موافجه علي إي.... انتي عارفه انك مرتي… ازاي تجولي إنك موافجه تروحي معاه اصلا.. انتي مجنونه ولا اي عاد
ارتجفت روح قليلا لكنها تماسكت ورفعت رأسها بعناد والدموع ما زالت تبلل وجنتيها وهتفت:
يا ركان… دي بنتي… لحمي ودمي… مش هسيبها. لو هموت حتي...اني اعيش معاها وانا متعذبه أفضل عندي من الدنيا كلها.. مجدرش اسيبها
شدد ركان على أسنانه، كأن نيرانا تشتعل داخله واقترب منها أكثر وهمس بغضب مكتوم
![]() |
مش هتروحي معاه… البنت دي مش بنته أصلاً… دي بنتي أنا
شهقت الأصوات من حولهم، وتراجعت روح بخطوة إلى الوراء كأن الصدمة ضربتها في صميمها مردده :
إنت… إنت بتجول إي
أشار ركان إلى سالم بنظرة قاسية ثم تابع بصوت متحشرج لكنه قوي:
أيوه… ليان بنتي أنا… وهو معندوش أي حق عليها...شهاده الميلاد ال معاه مزوره… وأنا هرفع عليه جضيه دلوجتي.
تحرك الشرطي للأمام وعينيه تتفحصان ركان بنظرة حذرة، ثم قال بصرامة:
معاك إثبات على الكلام دا؟
رفع ركان رأسه بثبات، ومد يده مشيرا إلى أمجد:
أيوه… معايا
تقدم أمجد بخطوات هادئة لكنه كان يمسك بملف غليظ بين يديه، ناوله لركان في لحظة مشحونة بالترقب و فتح ركان الأوراق بسرعة ثم رفعها أمام الشرطي وصوته يتحدى الجميع:
اهي المستندات… اتفضل
سكن المكان للحظة كأن الزمن توقف، وعيون الجميع اتسعت بدهشة لا تصدق، حتى خرج صوت سالم متحشرجا من بين شفتيه المرتجفتين:
انت بتجول إي؟
رفع ركان رأسه ببرود قاتل، وعينيه تلمعان بحدة مرددا :
بجول إن ليان بنتي أنا… والتحاليل جدامكم اهي
عم الصمت الثقيل، وسقطت الكلمات كالصاعقة على القلوب، لكن أكثرهم كان سالم الذي انقض بنظراته نحو روح واقترب منها بخطوات متزلزلة وصوته يتفجر غضبا:
انتي كنتي بتخونيني يا روح؟!
وقفت روح عاجزة وشفتاها ترتجفان بلا كلمة، بينما وجهها ازداد شحوبا فصرخ سالم بعنف، واقترب منها أكثر، يمد يده نحوها وهو يهتف:
اتكلمي... يلا سااكته ليه
لكن قبل أن تصل يده إليها، اندفع ركان وأبعده بقوة، وصوته يجلجل بصرامة:
دي مرتي… وأوعي تلمسها فاهم
تجمد سالم في مكانه للحظة ووجهه مشدود بعدم استيعاب، ثم فجأة أخرج سكينا من جيبه، واندفع بها نحو روح بعينين مسعورتين. لم يكن هناك وقت للتفكير… إذ اندفع ركان بكل قوته، ليتلقى الطعنة في صدره بدلا عنه
ارتج المكان بصرخة روح المدوية، وهي تندفع نحو ركان الذي ترنح والدم يلطخ صدره. وهرع الحاضرون، بينما الشرطي أمسك بسالم بقوة، يحاول تقييده، وسالم يصرخ بعينين مسعورتين:
سيبوني… سيبوني والله ما هسيبها… لازم تدفع تمن خيانتها
شد الشرطي وثاقه أكثر، والجنود التفوا حوله، فيما سقط ركان فاقد التوازن بين أيدي الرجال الذين حملوه مسرعين إلى الخارج و غاصت روح خلفهم بدموعها، وصوتها يتقطع:
ركاااان… استحمل… بالله عليك
وفي المستشفى، كان القلق يسكن ملامح الجميع. حيث جلست روح عند الباب ترتجف، ودموعها لا تتوقف. لم يطل الانتظار حتى اندفعت صفا بخطوات غاضبة و ملامحها مشوهة من الحقد والغيرة ثم صرخت في وجه روح مردده :
انتي السبب… كل البلاوي دي من ساعة ما دخلتي حياتنا! خدتي جوزي مني، وكان هيموت بسببك… ربنا ينتجم منك يا شيخه العي بنتط تموت ونا تفرحي بيها
ارتعشت روح كأن الكلمات سهام غرست في صدرها، لكن قبل أن ترد، اقتري أمجد واقفا في مواجهتها وهتف بعنين مشتعلة:
اخرسي يا صفا… مش هسمحلك تجولي عليها كلمة واحده كلنا عارفين زين انها مخدتش ركان منك وركان كان هيطلجك اصلا في جميع الحالات … واوعي تدعي علي بنتها تاني علشان انا اصلا شاكك فيكي
ارتبكت صفا، لكنها لم تجد ما تقول أمام حدة صوته، فاكتفت بالتراجع وهي ترمق روح بنظرات مشتعلة. أما عمة ركان التي كانت حاضرة، فقد وضعت يدها على كتف أمجد هامسة:
كفاية يا ولدي… سيبها، إحنا جايين نطمن على ركان وبس مش وجته كل دا
مرت لحظات بدت دهراً حتى خرج الطبيب أخيرا، يخلع كمامته ويقول بلهجة مطمئنة:
الإصابة سطحية… الحمد لله الطعنة مجتش في مكان خطر… هو دلوجتي فاق، وتجدروا تشوفوه
تنفست الصدور الصعداء، واندفع الجميع إلى الغرفة، بينما بقيت روح واقفة عند الباب، قدماها متجمدتان في مكانهما حتي رفعت بصرها نحوه عبر فتحة الغرفة، فرأته ممددا على السرير، شاحب الوجه، لكنه فتح عينيه ببطء، وعندما وقعت عيناه عليها، ارتسم على شفتيه المتعبة ظل ابتسامة، وصوته خرج ضعيفا متقطعا:
كنت عارف… كنت عارف إن دا هيوحصل من سالم … علشان اكده رتبت كل حاجه ان ليان تفضل معاكي… مش مع حد غيرك حتي لو يبان انك خاينه... للاسف مكنش جدامي غير الحل دا
اختنقت روح بعبرتها، وضغطت يدها على صدرها كأنها تكتم الألم. لم تستطع أن تقترب خطوة، بل استدارت سريعا وغادرت الممر، ودموعها تنهمر بغزارة
في مساء يوم جديد كان ركان جالسا في شرفة البيت، ملامحه ما زالت شاحبة من أثر الطعنة، لكن عينيه كانتا مشتعلة بالقلق. حيث جلس أمجد بجواره بصمت لدقائق قبل أن يقطع السكون بسؤال خرج مرتجفا:
يعني… حوصل بينكم حاجه يومها يا ركان؟
التفت إليه ركان ببطء، وصوته خرج ضيقا:
ايوه… حوصل.
ساد الصمت، لكن عقل ركان كان قد انسحب بعيدا، عائدا إلى تلك الليلة التي حاولت فيها روح أن تنهي حياتها. تذكر كيف احتضنها حينها، كيف اقتربت منه وهي منهارة، وكيف ضعف هو الآخر أمام دموعها وقهرها… حتى تلاشت الحدود بينهما في لحظة لم يكن أحد منهما يقصدها فـ ارتجف جفنه، ثم هز رأسه بعنف كأنه يطرد الصورة من ذهنه، قبل أن يقطب حاجبيه ويقول بجدية:
ما علينا… خلينا في المهم. لسه معرفتش مين ال ممكن يكون عمل اكده في ليان.
أطرق أمجد برأسه مفكرا، ثم رفع عينيه وقال بتردد:
مش عارف ليه… بس أنا شاكك في صفا.
تسمرت ملامح ركان، وبدت الصدمة على وجهه، ثم نهض واقفا رغم ألمه، وصوته انفجر غاضبا:
والله لو هي… لـ هجتلها
تسمر أمجد في مكانه، بينما قبضة ركان كانت ترتجف من الغضب المكبوت. أما في بيت آخر جلس سالم في غرفته، الغضب يتفجر من ملامحه، وهو يذرع المكان ذهابا وإيابا بعد أن وصله خبر تنازل ركان عن القضية وخروجه من السجن. قبض على يديه بقوة وهو يتمتم:
– لازم انتجم… والله ما هسيب حقي.
كانت رانيا تجلس على المقعد المقابل، تراقبه بنظرات ماكرة، قبل أن تقترب منه وتقول بصوت منخفض لكنه مليء بالسم:
هجولك تنتجم ازاي… ومفيش انتجام أكبر من بنته.
رفع سالم رأسه إليها بعينين متوحشتين، فابتسمت ببرود وتابعت:
هو لو بنته حوصلها حاجه… هيحمل روح النتيجه، وساعتها مش هتلاجي حد يحميها. ساعتها نعمل فيها ال احنا عايزينه… ونخلص مره وحده.
ارتسمت على وجه سالم ابتسامة مشوهة بالشر، وابتسمت رانيا بدورها، وكأنهما قد عقدا اتفاقا شيطانيا لا رجعة فيه وفي صباح اليوم التالي، اجتمع الجميع حول مائدة الإفطار. كانت الأجواء مشحونة بالصمت، لا يسمع سوى صوت الملاعق وهي تطرق الصحون بخفة. حاول كل فرد أن يخفي قلقه، لكن العيون كانت تفضح ما يدور بداخلهم. وما هي إلا لحظات حتى انفتح الباب، لتدخل الخادمة يتبعها رجل يحمل ظرفا بيده. وتوقفت خطواته عند رأس الطاولة وقال بصوت رسمي:
المدام لازم تستلم ورجة الطلاج
اتجهت أنظار الجميع فورا نحو صفا، التي شحب وجهها وتجمدت في مكانها، تكاد تفقد توازنها من الصدمة. لكنها لم تلبث أن تتنفس بارتياح لحظة سمعته يكمل:
مدام روح
ساد الصمت، كأن قنبلة قد انفجرت في القاعة والتفت الجميع إلى روح بذهول، حتى هي نفسها وضعت يدها على صدرها وقالت بصوت مبحوح:
طلاجي... أنا
أجاب الرجل بثبات:
أيوه، ركان بيه طلج حضرتك... ودي القسيمة
تجمدت ملامح روح وعيناها اتسعتا غير مصدقتين، بينما تناولت الورقة بيد مرتجفة. رفعت بصرها نحو ركان الذي كان يجلس بكل برود، يواصل تناول طعامه وكأن شيئًا لم يحدث فتدخلت ميرا غاضبة، صوتها يرتجف:
هو في إي يا ركان؟ يعني إي طلجها
لكن قبل أن ينطق بكلمة، انفتح الباب فجأة، واندفع الحارس إلى الداخل وهو يلهث وملامحه متوترة:
بسرعة يا بيه... بنت حضرتك مش موجوده.... جنة مش موجودة في البيت... اختفت و
تابعووووووني
لاتلهكم القراءه عن الصلاه وذكر الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
الفصل الاول والثاني والثالث والرابع والخامس والسادس من هنا
أدخلوا واعملوا متابعة لصفحتي عليها كل الروايات بدون لينكات بمنتهي السهوله من هنا 👇 ❤️ 👇
تعليقات
إرسال تعليق