القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية الجلاد لقلبي رغم حبي البارت الأول حتى البارت السابع بقلم دينا النجاشي حصريه وجديده في مدونة النجم المتوهج للروايات والمعلومات

 رواية الجلاد لقلبي رغم حبي البارت الأول حتى البارت السابع بقلم دينا النجاشي حصريه وجديده في مدونة النجم المتوهج للروايات والمعلومات 


رواية الجلاد لقلبي رغم حبي البارت الأول حتى البارت السابع بقلم دينا النجاشي حصريه وجديده في مدونة النجم المتوهج للروايات والمعلومات


" "يجب أن أمنع نفسي من الأشواك التي تؤلم قلبي..."

كتب تلك الكلمات بقلمه، ثم أغلق دفتره وهو يتنهد بحرارة، تائهاً في ذكرياته التي صيّرته هكذا... بارداً، خالياً من المشاعر.

حياته تدور في فلكٍ واحد: العمل.

يجلس مع والدته لبضع دقائق، ثم ينسحب إلى غرفته، يغلق بابها، ويختبئ خلفه… ليستحضر شريط ماضٍ موجع، يُغذي قسوته، ويغلف قلبه بطبقات من الجليد.

عينيه، صارتا كظلامٍ لا يُبصر… تحكيان عن كراهيةٍ لم تبرأ، وألمٍ لم يُدفن بعد.


وبعد تفكير طويل… أغلق عينيه، محاولاً اقتناص نومٍ عابر، ليبدأ يوماً جديداً يشبه ما سبقه.


وفي مكانٍ آخر، داخل منزلٍ متواضع يملؤه الدفء…

كانت تصلي. تسجد. تبكي. وتدعو الله بخشوعٍ نقيّ.

وبعد أن انتهت، قامت بهدوء، وخرجت إلى الشرفة تنظر إلى الورد، ثم إلى القمر، وتلك النجوم التي تُضيء السماء كأنها رسائل طمأنينة.

ابتسمت، ووهبت وجهها لنسمات الليل الباردة، أغمضت عينيها واستقبلتها وكأنها حضن من السماء.

ثم دخلت، وأمسكت قلمها، وبدأت تكتب أول ما جال في خاطرها:


"لقد خُلق الإنسان في كبد...

ونحن -المسلمون- نعلم أن الدنيا دار بلاء،

وعندما تصيبنا المصائب، نشعر بالسوء لأننا لا نُدرك الحكمة،

لكن مَن أحسن الظن بالله، حمده، وتذكّر قول النبي:

'كل بلاءٍ خيرٌ للمؤمن'، فشعر بالرضا،

وشكر الله على نِعَمٍ كثيرة أغدقها عليه،

أسعده الله، وأدخل السكينة إلى قلبه..."


توقف القلم…

أغلقت الدفتر، وعلى شفتيها شبه ابتسامة، ولدت من رحم ذكرى مؤلمة…

لكنها لم تنسَ الحمد.

نامت، وقلبها خاشع، راضٍ، مطمئن.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


وفي صباح يوم جديد، استيقظ آدم من نومه، توجه إلى الحمام ليغتسل، ثم وقف يصلي بخشوع.

بعد أن أنهى صلاته، ارتدى حلّته السوداء كعادته، إذ كان يميل إلى اللون الأسود في معظم ملابسه.

خرج من غرفته بخطوات هادئة، وتوجه نحو غرفة والدته.

طرق الباب وانتظر للحظات، ثم فتحه بهدوء قائلاً بصوته الجاد:

— عندي شغل يا ماما، محتاجة مني حاجة؟


أجابته والدته بحنان دافئ:

— لا يا حبيبي، ربنا يعينك ويحفظك.


أومأ آدم برأسه وقال بجدية:

— لو احتجتي أي حاجة، قولي للخدم.. ومتتعبيش نفسك في أي شيء.


— ماشي يا حبيبي.


غادر آدم الغرفة بعدما اطمأن على والدته، وفي طريقه إلى الخارج، توقف ليعطي الخدم بعض التوجيهات.


________________

في منزل سماء، استيقظت بهدوء من نومها، وبدأت يومها بذكر الله. وبعد أن اغتسلت، وقفت تصلي بخشوع، وأطالت السجود بالدعاء، تناجي ربها أن يرزقها ووالدها رزقًا طيبًا مباركًا.


انتهت من صلاتها، واتجهت لتحضير الإفطار، ثم ذهبت نحو غرفة والدها. طرقت الباب بلطف، وحين لم تسمع ردًا، دخلت بهدوء واقتربت منه وقبّلته بحنان.


— بابا، قوم يا حبيبي... هتتأخر على شغلك.


تململ والدها في مكانه، وقال بصوتٍ ناعس:


— خلاص، أنا صاحي يا حبيبتي... هقوم أصلي وأجيلك.


أومأت سماء برأسها وخرجت لتجهّز السفرة، وما إن انتهت، حتى خرج والدها وجلس أمامها وقال بحب:


— تسلم إيدِك يا حبيبتي.


— تسلملّي يا غالي.


ابتسم والدها وقال وهو يتناول لقمة:


— الست حسناء كلمتني امبارح، وسألت عنك، وقالت إنها حابة تيجي تشوفك وتطمن عليكِ.


ابتسمت سماء بحب:


— خلاص، أنا هكلمها وأقولها تيجي... ونتغدى سوا النهاردة.


— لا، خدو راحتكم. أنا هتأخر النهاردة في الشغل.


— طيب، المهم تبقى تكلمني وتطمنّي عليك.


ابتسم الأب بمحبة، ثم وقف ليستعد للرحيل، وقال وهو يربت على كتفها بحنان:


— لو احتجتي حاجة كلميني، يا نور عيني.


— حاضرة، يا حبيبي.


غادر والدها، فأمسكت سماء هاتفها واتصلت بصديقة والدتها، تلك المرأة التي احتضنتها بعد وفاة أمها، وكانت بمثابة أمها الثانية. قطع أفكارها صوت دافئ من الطرف الآخر:


— صباح الخير يا حبيبتي.


— صباح الخير يا ماما.


حسناء بحب— كده يا سماء؟ تفضلي يومين من غير ما تكلميني؟


سماء بابتسامه — حقك عليا يا قمر... غصب عني، الأيام اللي فاتت كنت مشغولة في الامتحانات، ما انتي عارفة إنها آخر سنة.


حسناء بتفهم— عارفة يا حبيبتي، المهم طمنيني... عملتي إيه؟


سماء بهدوء — الحمد لله، آخر يوم امتحانات كان امبارح.


حسناء بحب— الحمد لله. إن شاء الله النهاردة هعدي عليك، وبعدها نروح النادي شوية نغير جو... وفي موضوع حابة أتكلم معاكِ فيه.


سماء  بحماس— طيب، إيه رأيك نتغدى سوا؟ بما إن بابا هيتأخر، وانتي عارفة إني مش بحب آكل لوحدي... وهعملك أكلة "إنما إيه"! لووووز!


ضحكت حسناء وقالت:


— معلش يا قلبي، آدم جاي يتغدى معايا النهاردة، ولسه ما قلتلوش إني خارجة، فخليها يوم تاني.


— يعني هاكل لوحدي يا ماما؟ يرضيكي كده؟


حسناء بابتسامه — لا طبعًا، ما يرضينيش... أوعدك نتغدى مع بعض قريب، بس مش النهاردة.


— خلاص يا حبيبتي، هستناكي على أي حال... وحشتيني أوي.


— وانتِ كمان، يا روحي.


أغلقت سماء الهاتف وهي تبتسم، لكنها سرعان ما شردت بتفكيرها، وتذكرت آدم...

تذكرت ملامحه الصارمة، وتعامله الحنون في صغرها، لكنها لم تعد تعرفه الآن.

فبعد وفاة والده، انتقل هو ووالدته إلى منزل العائلة، ثم عاد لاحقًا... لكن آدم لم يعد كما كان.


تنهدت، ثم نهضت لترتيب المنزل، وهي تستمع لإذاعة القرآن الكريم وتقرأ مع صوت الشيخ.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


بعد فتره وتحديدا

في منزل آدم، كان يجلس مع والدته على مائدة الغداء. نظرت إليه حسناء بمحبة وقالت:


— آدم...


نظر إليها بجديته المعتادة:

— نعم؟


— أنا النهاردة هروح أشوف سماء، وأطمن عليها... وحشتني.


— ماشي يا حبيبتي، خدي السواق معاكي، ولو احتجتي حاجة كلميني.


— إن شاء الله، يا حبيبي.


نهض آدم من مكانه وهو يتناول آخر لقمة، وقال بجديّة:


— لازم أمشي دلوقتي، عندي شغل كتير... وإن شاء الله هحاول ما أتأخرش.


— في رعاية الله يا ابني.


غادر آدم، وقامت حسناء بالاتصال بسماء...


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ


 

عند سماء، كانت جالسة في غرفتها، تغوص بين صفحات روايتها المفضلة "عالم راكان"، وكلما تعمقت في السرد، كانت ملامح وجهها تتغير، وكأنها تعيش مع الشخصيات لحظةً بلحظة.


لكن صوت رنين هاتفها قطع عليها تلك الرحلة، فنظرت إليه ثم أجابت بابتسامة:


— مساء الخير يا قمري.


جاءها صوت حسناء محبًّا ودافئًا:

— مساء النور يا قلبي... يلا، اجهزي، هعدّي عليك نخرج شوية.


— عيوني يا جميل، مستنياكي.


— ماشي يا حبيبتي... مع السلامة.


_أغلقت والدة آدم  وذهبت لتجهز، وبعدها أخذت السائق وغادرت


أما سماء فذهبت للاستعداد بعد أن اغلقت مع والدة آدم


ومع مرور الوقت انتهت سماء، فسمعت صوت إنذار السيارة في الخارج، فذهبت فرحة، لتستقبلها حسناء بالحب.....


حضنتها سماء بابتسامة.وحشتيني اوي ياماما


حسناء بحنان...وأنت أكثر يا قلب أمك. مقدرتش اجيلك الأيام اللي فاتت لأني عارفه انك مشغوله في امتحاناتك ومذكرتك


سماء بابتسامة.. المهم انك جيتي 


حسناء بحنان.. طيب يلاه لان اليوم النهارده بتاعك 


_ضحكت سماء، وصعدت السيارة، وظلا يتحدثان طوال الطريق


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


_وفي مكان آخر وتحديداً في شركة آدم، كان جالساً في مكتبه يزاول عمله، عندما سمع صوت طرقات على باب المكتب.


آدم بجمود ... ادخل


_دخل شاب بعمر آدم وبجديه...آذيك يا آدم


رفع آدم عينيه إلى الشخص الذي يقف أمامه واردف بسخرية: أهلا يبن عمي خير


....جلس عمران على الكرسي المقابل، ووضع إحدى قدميه فوق الأخرى، ومدّ يدًا تحمل ملفًا:

— جبتلك كل حسابات المحاصيل.


تلقى آدم الملف ببرود:

— وإيه اللي خلاك تجيبهم؟ مش دي مش شغلتك على ما أظن؟


عمران بهدوء... جاي عشان موضوع... يخصك.


رمقه آدم بجفاء:

— من إمتى وبينا مواضيع؟


تنهد عمران بعمق وقال بجدية:

— الموضوع ده مهم... وبعده مش هتشوف وشي تاني.


آدم بسخرية... سمعني


_ أغمض عمران عينيه يحاول جاهداً أن يتحمل سخرية آدم، وبجديه... لازم تيجي البلد تشوف إيه اللي بيحصل في أرضك، لأن في لعبة كبيرة في الحسابات، ولو أخدت بالك الأرض بتجبلك نفس السعر من اكتر من كام سنه ودلوقتي الاسعار بقت في الطالع جدا غير المصنع والناس اللي بيتورد ليها


نظر إليه آدم باستغراب:

— تقصد إيه؟


عمران بهدوء... أنا متأكد أنك مش بتبص في الحسابات اللي بتيجي من البلد ودا  لانك مشغول بسبب الشركه عشان كده كان لازم اجي اوقولك.. 


آدم ساخرًا.. واشمعنا المرا دي اللي جيت عشان تنصحني ومجتش قبلها ليه طالما الموضوع من فتره زي ما بتقول... واردف ببرود ولا دي لعبه من العابك.. 


عمران بغضب حاول السيطرة عليه.... اللي خلاني اجيلك هنا مش الحسابات وزي ما قلت الموضوع بقاله فتره بس اضطريت اجيلك لسبب  اكبر هيأثر في سمعتنا قبل سمعتك وانت عارفني بخاف علي شغلي ازاي 


سكت آدم محاولا أن يفهم ما يقصده، وواصل عمران حديثه بحدة.... من فتره اخدت بالي ان المصنع بتاعك فيه لبش واضح وطبعا عشان حضرتك مش مهتم بأي مصلحه ليك في البلد كله ماشي بدماغه فضطريت اتدخل من بعيد وافهم بيحصل اي وعرفت ان للاسف عمك مشغل المصنع لحسابه في  تجارة الممنوعات ومع ناس كبيره اوي في الموضوع ده وطبعا البضاعه مبيتشككش فيها لان اسمك معروف في السوق وبكده من السهل البضاعه تطلع وتتباع بره 


آدم بصدمه ... انت بتقول اي؟


عمران بتنهيده.. بقولك اللي عرفته ولازم تتحرك في اسرع وقت لان محدش هيتإزي في الموضوع ده غيرك ومش هيعدي علي خير وللاسف الكميات كبيره جدا في المصنع. 


سكت آدم، وعيناه تتسعان تدريجيًا، قبل أن ينفجر بغضب:


انت بتقول إيه؟ ورحمة أبويا، لو طلع كلامك صح، لأكون قا*تل عمّك بإيدي!


عامر بتفهم...  المهم شوف المصيبه دي وحلها وبعدين و*لع فيه...  ", "ضغط آدم بغل على يده ونظر إلى عمران وهو يحاول تفسير ما بداخله، ورغم محاولاته لكنه لم يفهم ما يدور في عقل عمران


_لاحظ عمران نظرات آدم الغاضبة وفهم ما يدور في ذهنه، فوقف مكانه وبجمود: "مضطر أمشي سلام". خطا بعض الخطواط للخارج لكنه وقف عندما استمع إلى نبرة آدم القاسية.... — عاوز أفهم... ليه بتساعدني؟ ليه دايمًا واخد بالك مني أكتر من نفسك؟

وبغضب: لتكون فاكر إن اللي بتعمله ده هيخليني أنسى اللي حصل زمان؟ أو أسامحك؟


_ابتسم عمران وهو لا يزال يدير له ظهره... مش ​​مهم انا بعمل كده ليه وأضاف ببرود... وزي ما قلتلك الموضوع زي ما هيإذيك هيإزي سمعتنا وشغلنا لانك مهما انكرت لقبك الشيمي... رحل عامر، تاركًا خلفه صمتًا ثقيلًا وغضبًا يحترق في عيني آدم، الذي نهض بعنف من كرسيه، دافعًا إياه بقوة حتى اصطدم بالجدار. عيناه تلمعان بالشر، وتمتم بصوتٍ حاد:

أنا هوريكم... اللعب معايا آخره إيه

ثم أمسك هاتفه، واتصل بأحد رجاله، ليأتيه الرد

_معاك ي آدم 

في مكتب آدم، أمسك بهاتفه بجدية، وطلب رقماً محدداً. وما إن أجاب الطرف الآخر، قال بنبرة صارمة:


— اسمع يا صهيب، عاوزك تروح المصنع اللي في البلد، وتعرفلي كل حاجة بتحصل هناك.

بس أهم حاجة... محدش يعرفك، ولا يعرف إنك تبعي. الموضوع لازم يفضل سري تمامًا.


جاءه صوت صهيب بوضوح:

— تمام يا آدم،  النهاردة هكون هناك، وهقولك أول بأول. وبكره كل التفاصيل هتكون عندك.


— تمام، مستني مكالمتك.


أغلق آدم الخط، وألقى الهاتف على المكتب وهو شارد، الأفكار تتدافع في رأسه، والشك يزداد.


---


وفي مكان آخر، داخل أحد الكافيهات الهادئة، كانت سماء تجلس بجوار حسناء. وبينهما دفء الأم وابنتها، وهدوء اللحظة.


قالت سماء بهدوء وهي تنظر في عيني حسناء:

— قوليلي يا ماما... إيه الموضوع اللي كنتِ عايزاني فيه؟


أمسكت حسناء بيدها، وردّت بنبرة دافئة:

— اسمعي يا سماء... إنتِ عارفة قد إيه أنا بحبك، وبعتبرك بنتي اللي مخلفتهاش.

وعشان كده... بتمنى تفضلي جنبي طول عمري، وتفضلي قدام عيني دايمًا.


ابتسمت سماء بمحبة، وقالت وهي تشد على يدها:

— وأنا كمان دايمًا جنبك، يا حبيبتي.


نظرت حسناء لها بحنان، ثم قالت بصوت أخفض قليلاً، لكنه يحمل جدية غير معتادة:


— عشان كده... أنا عايزاكي تكوني زوجة لآدم.


تسمرت سماء في مكانها، واتسعت عيناها بدهشة:

— آدم؟!


ابتسمت حسناء، ومسحت بإبهامها على يد سماء بحنو:

— أيوه يا حبيبتي... إنتِ عايشة وسطنا، وعارفة طباعنا، وفاهمة طبع آدم.

مفيش حاجة تخوفك... وبيني وبينك، مفيش بنت أنسب ليه منك.


ظلت سماء صامتة، الكلمات عاجزة عن الخروج من شفتيها، وكأن عقلها لا يستوعب بعد ما قيل.

رأت حسناء حيرتها، فواصلت:


— بصي يا قلبي، أنا أمك، وفاهمة إن ده قرار مش سهل، وعارفة إنك مفيش حد في حياتك.

بس كمان... أنا مش هضغط عليكي، كل حاجة هتمشي براحتك.

أنا و آدم هنيجي نطلب إيدك رسمي، وإنتِ خدي وقتك، اتعرفي عليه... ولو رفضتي، أنا هكون معاكي، مهما كان ردك.


أومأت سماء برأسها ببطء، ما زالت غارقة في التفكير...فالجميع يعرف طبيعته وجديته فآدم كان دومًا شخصًا غامضًا، صارمًا، باردًا في تعامله. 


قاطع شرودها صوت حسناء تقول بلطف:

— متفكريش في أي حاجة دلوقتي... وسيبي كل حاجة لوقتها.


ابتسمت سماء ابتسامة خفيفة، وغيّرا بعدها مجرى الحديث إلى أمور أخرى.

ومع مرور الوقت، نهضا وغادرا المكان معًا.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


✨ في صباح اليوم التالي...


استيقظ آدم على صوت هاتفه يرن. تناول الهاتف بتثاقل ونظر إلى الاسم... صهيب.


— وصلت لحاجة؟

قالها آدم وهو ينهض بنبرة جدية.


— للأسف يا آدم، الموضوع كبير... وبيخرج عن السيطرة. لازم نتحرك بسرعة.


— طب يا صهيب، هبعتلك الرجالة، وانت خليك جاهز، ونفّذ كل حاجة زي ما أقولك. أهم حاجة السرية.


— تم، بس قولي... هنعمل إيه في عمك؟


ساد صمتٌ قصير، قبل أن يأتي رد آدم بصوت مملوء بالغضب المكبوت:


— لا... سيبه عليّا.


— تمام يا كبير... سلام.


أغلق آدم الهاتف، وظل يحدّق في الفراغ، الشر يتسلل إلى ملامحه، وقلبه يغلي بأسئلة لا تنتهي…

لماذا يساعدني عامر؟ لماذا الآن؟ هل تغير فعلًا؟ أم أن هناك شيئًا آخر؟


هو لم ولن ينسَ ما فعله عامر به في الماضي... ولن يسامحه، مهما حدث.


تنهد آدم بعمق، كمن يُغرق نفسه في أفكاره ثم نهض ودخل للاستحمام.


---


في منزل سماء...


استيقظت على غير عادتها، وجلست على حافة السرير، شاردة الذهن، تحدّق في نبتة صغيرة بجوار النافذة.

قطع شرودها صوت الهاتف. نظرت إلى الاسم، وابتسمت.


— مودة! وحشتيني أوي.


— وإنتي كمان يا قمري. عاملة إيه؟ أخبار الإجازة؟


— لسّه ملحقتش أستوعب! بس حلوة… الواحد يقوم كده من غير جامعة ولا مذاكرة!


— أه والله! خلاص... خلصنا من الهم.


— وهنبدأ في الهم الأكبر.


—  مودة باستغراب: إنتي ناوية تكمّلي؟


— لا يا شيخة! أنا مصدقت. أقصد يعني… دلوقتي خلاص مفيش حُجج، وهنبدأ جو الخطوبة والجواز والراجل والعيال!


— سديتي نفسي! أنا كنت داخلة أسلي وقتي!


ضحكت سماء وقالت بمودة:

— طب قوليلي، صحيتي بدري ليه؟


— ما نمتش أصلاً.


— خير؟! حصل حاجة؟


— ابن عمي… اللي حكيتلك عليه قبل كده… اتقدّم تاني. وأنا مش عارفة أرفض ولا أقبل. خايفة أزعّل عمي.


تنهّدت سماء، وقالت بتفهّم:

— يا حبيبتي، الجواز مش لعبة. ده حياة وبيت ومسؤولية. مش قرار يتاخد عشان الناس.


— طيب أعمل إيه؟ ساعديني.


قالت سماء بتفكير جاد:

— اسمعي… أنا هقولك تعملي إيه بالحرف، وساعتها هتكبري في عيون عمك وهتفهميه من غير ما تجرحي حد.


— كلّي آذان صاغية!


ابتسمت سماء وقالت بثقة:

— اسمعي يا ستي...


---


في منزل آدم...


كان قد انتهى من ارتداء ملابسه، ونزل إلى الطابق السفلي حيث كانت والدته تنتظره. اقترب منها، وقبّل رأسها بلطف:


— صباح الخير يا حبيبتي.


— صباح النور يا قلبي… نِمت كويس؟


— أه.


جلس ليتناول فطوره بصمت، قبل أن تقطع حسناء الصمت بصوت هادئ:


— أحم… آدم، كنت عايزة أتكلم معاك في موضوع.


— اتفضلي.


قالت بثبات:

— أنا ناوية أكلم والد سماء ونطلب إيدها.


توقف آدم عن المضغ، ثم رفع عينيه إليها، وقال بحدة:

— يعني إيه؟!


— يعني نروح أنا وانت، ونتقدملها.


صمت لثوانٍ، ثم قال بصوتٍ منخفض لكن نبرته كانت باردة كالجليد:

— ماما… إنتي عارفة ردي على الموضوع ده. وياريت تقفليه.


— آدم، أنا خدت قراري.


رمقها آدم بنظرة جليدية، وقال بجمود مخيف:

— وأنا... محدّش بيجبرني على حاجة يا "أم آدم".


#الجلاد_لقلبي_رغم_حبي♡

بقلم دينا النجاشي♡

البارت التاني♡

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ♡♡


في أحد المنازل المتواضعة، كانت مودة تجلس وتفكر في حديث سماء، لتتنهد بإحباط، لا تعرف ما هي نتيجة الأمر، لكن كان عليها أن تتحدث مع عمها. فـ سماء كانت على حق. السكوت في موضوع كهذا أكبر خطأ. وبينما كانت مشغولة بالتفكير، استمعت إلى صوت عمها وهو يقترب من منزلها، وعلى وجهه ابتسامة حنون. لـ تنظر إليه بحب رغم كل شيء فهو الأقرب إليها ويدعمها دائما، لذلك تخاف أن يحزن لأنها ترفض الزواج من ابنه... 

جلس بجانبها وبحب. .. خير يا ست البنات كلمتيني وقلتي عاوزه تخدي رأي في حاجه 


مودة بتوتر.. احم عمي... عمتي اشجان حكتلي عنكم وانتو صغيرين قلتلي انك كنت بتعتبرها اختك وديما هزاركم كان مع بعض ورغم انكم كنتو اولاد عم وتنفعو لبعض الا انك طول عمرك بتعتبرها اختك اللي مخلفتهاش ستي ورغم ده قالو انهم هيجوزكم وانتو رفضتم لان نظرتك ليها كانت نظرة اخ لأخته


عمها بابتسامه... فكرتيني بالماضي يا مودة فعلا طول عمري بعتبر اشجان اختي ولما اصرو اننا نتجوز حاولت وهي حاولت نغير نظرتنا لبعض بس منفعش لان من اول يوم نظرتي ليها نظرات اخ ومقدرتش وقلت لابوي هي اتربت وسطينا واعتبرتها اخت من اخواتي ومينفعش بعد السنين دي وانا معتبر نفسي اخوها وسندها تقول تتجوزها وابوي اقتنع بكلامي وتجوزت مرت عمك بعد قصة حب كبيره 


مودة بابتسامه... ربنا يحفظك ليها يا عمي 


عمها بحنيه مسح علي راسها... انا فهمت قصدك يا مودة وفهمت عاوزه توصليلي اي يا غالية وصدقيني انتي كبرتي في نظري اكتر ولأول مره احس ان مودة الصغيره ام ضفرتين بقت خلاص انسه جميله وعاقله وبتشاورني وبتعرفني الغلط اللي كنا هنقع فيه


مودة بدموع احتضنت عمها ومن بين دموعها... متزعلش مني يا عمي صدقني حاولت اتأقلم واغير نظرتي لسامر بس معرفتش 


عمها بحنية... انا فهمك يا حببتي ومش زعلان منك ابدا بالعكس انا مبسوط بيكي 


_ابتعدت مودة لتنظر إليه بابتسامة، فمسح عمها دموعها وبهدوء همشي انا يا قلبي عشان عندي شغل ومش عاوزك تشغلي بالك بالموضوع دا خالص لان دي مجرد تجربه وكل انسان بيمر بتجارب وحاجات عشان يتعلم منها 


أومأت مودة برأسها مبتسمة، ثم غادر عمها وتنهدت بارتياح، وكأن حملاً ثقيلاً عن قلبها قد زال، فأمسكت الهاتف بسرعة لتخبر سماء بما يجري.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


في الشركة.... كان آدم جالسًا شارد الذهن يفكر فيما قالته له والدته في الصباح. فلم يكن يفكر في الزواج وتلك الأشياء التي يراها عديمة الفائدة من وجهة نظره. تنهد بغضب من كلام والدته ونظراتها الحزينة بسبب رفضه، ولا يعرف كيف سيقنعها. فهي كأي أم تريد أن تطمئن عليه. أغمض عينيه وهو يسترجع ذكرياته، وظهرت له صورة سماء وهي صغيرة، فـ ارتسمت على شفتيه شبه ابتسامة. تذكر ضحكتها العالية عندما كان يلاعبها ، وتذكر تلك الكلمات التي لن ينساها أبدًا، عندما كانا في الحديقة، واقتربت منه طفلة صغيرة وقاطعته اللعب مع سماء، تريده أن يلعب معها، لـ تبكي، سماء. وتحتضنه حتى لا يلعب مع غيرها، فقبلها على رأسها بحنان ... مش عاوزك تعيطي تاني لاني مش بحب الاعب غيرك يا سمكه ... ابتسمت سماء بسعادة وقبلته وضحكت... واردفت بحب... لما اكبر هتجوزك يا آدم... ضحك آدم من كلامها. ثم مرت الأيام بعد ذلك اليوم، وغادر إلى منزل عائلة والده، وبعد فترة طويلة عاد ورأها.  مرتين وهي في المرحلة الإعدادية.... استيقظ من تلك الذكريات وفتح عينيه وفي داخله فضول ليعرف كيف أصبحت بعد كل تلك السنوات. قطعت أفكاره مكالمة هاتفية، فأمسك هاتفه وأجاب، وقد أصبحت ملامح وجهه قاسية وبلهجة لا تعرف الرحمة.... وصلت لإيه 


_صهيب بجديه... الموضوع ممشاش غير لما عملنا سطو مسـ*لح يا ادم .. للاسف، عمك عامل احتياطاته من كل نحيه. عشان كده خليت الرجاله يتعاملوا علي انهم عمال، وعرفوا اماكن السلاح واللي شغلين لعمك بعيدا عن العمال واستحوذنا علي الأسلـ*حه، وعلي رجالته وحبسينهم دلوقتي في غرفه في المصنع وبيوصلو الاوامر اللي انا بقولها  وسايب معاهم كام واحد من رجالتنا و المصنع شغال ذي ما هو عشان منلفتش الأنظار وعمك يوصله حاجه وعرفنا مكان البضاعه وطبعا هما بس المسؤولين عنها وبيغلفوها بنفسهم ودلوقتي الرجاله مستنين مني اوامر عشان نخرج البضاعه كلها من المصنع بس مش عارف نوديها فين؟ او نعمل فيها اي؟ 


ادم بجديه... المزرعه 

صهيب باستغراب... مزرعة العيله 


ادم بنفي... بقت مزرعة عيسي لواحده لاني عرفت من فتره انه اشتراها لنفسه واتنقلت ملكيتها لاسمه 


صهيب بتفهم... والمزرعه دي مهجوره ولا اي نظامها


ادم بتأكيد.. مهجوره عاوزك تنقل فيها كل البضاعه وتتأكد ان المصنع خالي من كل حاجه ورجالته تتنقل علي المزرعه وتعرفلي منهم اماكن الكاميرات الخاصه بشغلهم في المصنع  واللي بيديلهم الأوامر من بعد عيسي


صهيب بتساؤول.... هتعرف منه حاجه ولا في حاجه هتوصلها


ادم... لما تعرفه هتاخد منه الفون اللي كان بيكلم منه عيسي واكيد هو مسجل كل المكالمات اللي بنهم عشان لو عيسي غدر ميروحش لواحده في الرجلين وانا ساعات وهكون عندك لاني مش هفوت مشهد مميز زي ده من غير ما اشوفه


صهيب بضحكه... دا انت شيطان بس كنت عاوز اسالك عن حاجه 


ادم.. اممم اسال


صهيب... الموضوع لو اتعرف والحكومه اخدت عمك مش هيبقا في فضايح للعيلة


ادم بسخريه... وانا من امته بيهمني الفضايح. الكلام ده مبيأكلش عيش يا وحش فعمل اللي قلتلك عليه وكلها كام ساعه وهكون عندك


صهيب.. تمام يا كبير سلام


أغلق آدم المكالمة وابتسم مهددا، ثم أنهى بعض الأعمال حتى غادر


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


في منزل سماء كانت نائمة، فتململت عندما سمعت رنين هاتفها. فركت عينيها، ، وأمسكت به. صدمت بعدد المكالمات التي تلقتها من مودة، ففتحت بقلق 

وقبل أن تتمكن من النطق بكلمة جاءها صوت مودة الغاضب يوبخها لعدم الرد عليها... انتي فين يا زفته عماله بتصل عليكي من بدري وقلت يمكن بتعملي حاجه وبعدها اتصلت تاني وفونك بيرن ومفيش رد 


سماء بضحكه.. حقك عليا يا دوده اصلي كنت نايمه يا قلبي


مودة بحنق... انتي نايمه وانا هنا الافكار السوده عماله تلعب في دماغي وخفت يكون حصلك حاجه وانا عارفه ان عمو محمد في الشغل 


سماء بابتسامة... يا بنتي حرام عليكي انا قلتلك خفي من الروايات اللي بتقرأيها بقيتي بترسمي حكايات في دماغك وتخوفي نفسك في الفاضي


مودة بغيظ... المهم كنت مكلماكي عشان اقولك الحمد لله عمي فهمني وكمان قالي انه مبسوط اني قلتله وبتنهيده خفيفه... متعرفيش انا كنت خايفه ازاي من الموضوع بس الحمد لله اني سمعت كلامك وطلبت اكلمه علي انفراد وفهمه وجهة نظري 


سماء... الحمد لله يا حببتي المهم اي رايك نتقابل لاني مليت اوي فوق ما تتخيلي 


مودة بفرحه... ياريت يا سماء دا انا هفرقع شوفي انتي بس يوم ونخرج فيه 


سماء.. خلصانه يا قمري هكلم بابا واتفق معاكي عشان تقنعي السيد الوالد انتي كمان


مودة بضحكه... السيد الوالد دا حتة عسلية قولي تقنعي الوالده اللي نفسها تجوزني الصبح


سماء بضحكه... اللاه مش عاوزه تفرح بيكي.. علي العموم انا هكلم بابا واقولك


مودة... ماشي يا روحي باي بقا وهكلمك بعدين


سماء بحب .. سلام


_أغلقت سماء المكالمة وذهبت للاستحمام، وبعد الانتهاء بدأت تصلي بخشوع وهي تحمل المصحف وتقرأ منه. حاولت أقصى الخشوع في الصلاة ولم تخشع إلا بالقراءة من المصحف، وفي سجودها شكرت الله كثيرا حتى انهمرت الدموع من عينيها، وكأن هناك سرا تخفيه عن الجميع وتركته في قلبها ولا تطلب المساعدة سوي من رب. العباد 


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


كان آدم في طريقه إلى للبلد، وتبادرت إلى ذهنه ذكريات الماضي. فضغط على يده بغضب حتى ابيضت مفاصله، وأقسم ان يجعلهم يعانون.


وبعد فترة في الطريق وصل إلى وجهته، البلد الذي شهدت علي عذابه . تنفس بهدوء وهو ينظر حوله. ولم يكن يعلم أن مجيئه سيسبب له الألم مرة أخرى. وضع يده على قلبه وأغمض عينيه. ثم نزل من سيارته بالهيبة التي عرف بها ودخل تلك السرايا التي كان يكرهها. أظلمت عيناه وظهرت. نظرة الشر على وجهه جاهزا لجولة ستجعله في احسن حال.. في تلك اللحظه علم الجميع بوصوله من الغفير ....  فـ استقبله عمه الأكبر بفرح. لقد افتقده لفترة طويلة. ولم يره منذ زمن ، والآن هو أمامه. نظر إليه آدم ببرود وصافحه بفتور. فتنهد عمه بحزن وهو يعلم أن آدم لم ينس الماضي. ثم نظر آدم إلى ابن عمه بغل، وقابل عمران نظراته ببرود ليقطع نظرات الكراهية تلك. صوت عمه الأصغر..... 


_يا مرحب بادم بيه اخيرا جيت وشرفت البلد بس يعني كنت قولنا انك جاي عشان نعملو حسابنا ونستقبلك احسن استقبال 


فنظر إليه آدم بسخرية ودخل إلى السرايا دون أن ينطق بكلمة ليغضب عمه من استخفافه به، فدخل الجميع ورأوه، فجلس واضعا قدمه علي الأخرى وهو ينظر إلى عيسى عمه الأصغر ببرود وبنبره هادئه... يا مرحب بيك يا عيسى 


عيسى بغضب.. عيسي كده حاف 


أسند آدم ظهره على الكرسي بثبات وهو يقول بسخرية: أللي اعرفه ان الالقاب بتتقال للي بنحترمهم 


غضب عيسى من كلام آدم وأراد الرد بغضب، لكن منعه شقيقه الأكبر عادل.... خلاص يا عيسي وبجديه يا ام عمران جهزي الغدا يلاه


وقف ادم مكانه وبجمود... ملوش داعي انا طالع شقة ابوي ارتاح عشان دقايق وعندي ليكم مفاجأة هتعجب الكل


استغرب عادل من كلام آدم، وكأنه يلمح إلى شيء سيحدث. أما عمران فقد فهم أن آدم ينوي أن يفعل شيئاً ، وقبل أن يتحرك أوقفه عمه الكبير بحزم. يمين بالله ما هتتحرك غير لما تتغدا معانا 


حرك ادم عينه بملل، وقبل أن يتمكن من قول كلمة، استمع إلى صوت أم عمران خلفه... ، كده يا ادم مش عاوز تتغدا معانا دا انا اول ما عمران قالي انك جاي  وانا وقفه بعملك الاكل اللي بتحبه كله.... نظر آدم إلى عمران بدهشة، فكيف؟ وعلم بقدومه، فاستقبل عمران نظراته بسخرية وانصرف من أمامه. رد آدم نظره إلى أم عمران. لقد أحب تلك السيدة مثل والدته.  فهي عاملته كأنه أحد أبنائها، فرسم البسمة على وجهه وبهدوء... اخبارك اي يا خاله


اغرورقت عيناها بالدموع واقتربت منه لتضع يديها على وجهه بحب... بخير عشان شوفتك يا حبيبي متعرفش كنت وحشني ازاي 


ابتسم آدم ومسح دموعها بهدوء... طيب مش هدوقيني الاكل اللي من الصبح بتعمليه عشاني


ضحكت من بين دموعها وأمسكت بيده وسحبته لسفرة الطعام وبحنيه... وهأكلك بإيدي كمان


ابتسم لها آدم ثم تحول نظره إلى عمران. كان واقفاً في الحديقة منشغلاً بمكالمة، فعقله مشتت لأنه علم بقدومه. اتجه نظره نحو عيسى الذي كان ينظر إليه بحقد كامن في عينيه.فقابل آدم نظراته ببرود وجلس يتناول الغداء ويتحدث مع أم عمران دون أن يلتفت إلى أحد من الحاضرين. 


وبعد الانتهاء كان يجلس محاطًا بأعمامه وعمران الذي كان ينظر إليه محاولًا معرفة ما كان يخطط له آدم. كان يعلم تلك النظرات وأن آدم لن ينهي أمر المصنع فحسب، بل أن هناك شيئًا أكبر.


نظر ادم في ساعته وبهدوء... اممم قوم يلاه يا عيسى ودع مراتك وبناتك مبقاش في وقت


تفاجأ الجميع بكلامه فرفع آدم عينيه التي تحولت لشر وبابتسامة لا توحي بخير.... دي قرصة ودن من ادم الشيمي عشان تاني مره تحط في بالك مين ينفع يتلعب معاه ومين لا.


شحب وجه عيسى من كلام آدم ونظر إلى عمران بخوف يحاول أن يفهم منه ماذا يعني آدم بكلامه، ثم نظر إلى آدم بعصبية.... تقصد اي بكلامك ده انت جاي بيتي وبتهددني 


وقف آدم واقترب منه بخطوات ثابتة تسببت في انهيار أعصاب عيسى، فهمس همسا في أذنه....ورحمة ابويا لخليك تتمني المو.ت يا عيسي بس اصبر


تحول وجه عيسى إلى اللون الأصفر وكانت نبضات قلبه تقفز من الخوف. قام من مكانه مبتعداً عن آدم وينظر إلى أخيه ليساعده وبنبره متقطعه انت عاوز مني اي وتقصد اي بكلامك ده يا ابن شعيب... 


عادل بجديه... في اي يا ادم يا ولدي فهمنا


وضع آدم يديه الاثنتين في جيب بنطاله وبنبرة صارمة ونظراته لازالت على عمه... خلي الغفير يفتح البوابه وكلكم دلوقتي هتعرفو في اي


لم يفهم عادل ما يعينه آدم، لكنه فعل ما قاله، مما جعل الجميع مصدومين من اقتراب سيارات الشرطة من السرايا وتحاصرهم من كل مكان.


أما عيسى فلم تقدر قدماه علي حمله من شدة الصدمة وفهم ما يعنيه آدم بتهديده


قام عمران من مكانه واقترب من آدم بغضب غبي ومتسرع طول عمرك


نظر إليه آدم بسخرية وأجاب بخبث... غريبه طول عمرك بتعجبك دماغي 


عمران بجديه... انت عارف بـ اللي عملته ده هنخسر قد اي وكفايه اللي الصحافه هتقوله وهتعمله وهتضر ذيك زينا 


ادم ببرود... ومين قالك ان يهمني المكسب او الخساره يا ابن عمي تؤ انا عايش عشان انتقم وبس


عمران بجديه... هتندم يا ادم وبكره هفكرك


تحولت نظرات ادم امامه يشاهد الشرطة تدخل المنزل وبستخفاف... بلاش انت تفكرني بندم لانك اكتر واحد عارف ان الندم مش في قاموسي يا صديقي العزيز 


قطع حديثهم دخول الضابط وبنبره جاده... عندنا امر بالقبض علي عيسى الشيمي


ادم بموأمه... قومو بوجبكم


الضابط بحترام.. متشكر يا ادم بيه لوله حضرتك مكناش قدرنا نوصل للعصابه دي ابدا 


لم ينتبه آدم إلى كلامه، لان هناك ما شغل ذهنه أكثر وأشعره بالانتصار، وهي الحالة التي رأى عيسى عليها. كان يجلس على الأرض وينظر حوله في حالة صدمة، غير قادر على الكلام.


اقترب الضابط ومن معه ووضعوا الأصفاد في يده، بينما كان عيسى يراقبهم بصدمة، وعندما سحبوه استمر في الصراخ بصوت عالٍ، مستغيثًا بأخيه وعمران، فأغمض عادل عينيه حزنًا، ام عمران . أدار ظهره له وتنهد حزناً على ما فعله عيسى بنفسه.


ورحل الجميع وبقي آدم كما هو. وقف ينظر أمامه ليقطع تشتيت انتباهه. صراخ عمران وأمه 

نظر خلفه فرأى عمه عمران يسنده بخوف ويجلسه على الكرسي وزوجته بجواره تبكي. ربت على يدها ونظر إلى آدم، والتعب واضح في نبرته.


_اي اللي حصل يا ادم وعيسى عمل اي


ادم بجمود.... اسأل ابنك يا عمي وببرود مضطر امشي سلام يا خاله... 


وغادر دون أن يستمع إلى كلمة واحدة 

ركب سيارته ليغادر، لكن أحدهم اعترض طريقه. 


نظر إليه بنظرة قا.تلة، لكن عمران لم يهتم بنظرته وركب سيارته. صمت لبضع دقائق، وصمت آدم أيضًا، يشعر بالكراهية والحزن عندما يتذكر جلسة كتلك في الماضي و خروجهم للسهر في وقت متأخر من الليل في السيارة وأحاديثهم التي لم تخل من الضحك والمزاح، لكنه وبخ نفسه على ذلك.فهو كان خائناً عدو له. 


قاطع صوت عمران أفكاره.... انت لازم تمشي بحراسه من بعد النهارده 


ابتسم آدم بسخرية وتحدث دون أن ينظر إليه.. علي الله يا ابن عمي 


غضب عمران لأنه يعلم أن آدم عنيد حتى على نفسه... عمران بعصبية زائدة، وهو ما فاجأ آدم، لأن عمران لا يتخلي عن برودته إلا لشيء يستحق. هل هو حقا خائف عليه؟


_بلاش برود يا ادم واسمع اللي بقولك عليه دلوقتي العصابه دي حطاك في دماغها انت عارف بسببك ضاع عليهم بضاعه بفلوس قد اي 


ادم بجديه.... خليك في مصلحتك يا عمران وبلاش تعمل ان قلبك عليا وأضاف بسخرية وهو ينظر إليه: "ولا دلوقتي افتكرت انك الكبير بتاعنا


تنفس عمران بغضب وعيونه تحولت للد.ماء وبجديه...مش وقت كلام عن الماضي يا آدم انت جواك عارف ومتاكد ان محدش بيتمنالك الخير قدي فسمع كلامي واعتبره اخر طلب هطلبه منك


ضرب آدم يده بغضب وهو ينظر إلى عمران... انت عاوز مني اي ما تسيبني في حالي بقا وخلي نصيحك لنفسك اوعك تكون فاكر بأن اللي بتعمله ده هيخليني اسامح واعدي اللي حصل زمان.. لا يا عمران مش هيحصل انت بقيت ميت بنسبالي 

ازداد غضب آدم واحترقت عيناه من الغضب، فسحب عمران من ملابسه وبلهجة قاسية...خايف عليا ليه غريبه دا لو انا مكانك كنت دفنتك بإيدي ولا ضميرك بأنبك عشان اتهمتني ظلم ولانك الكبير العاقل صدقوك وكدبوني


كان عمران يستمع إليه بهدوء ولم يصدر أي رد فعل، وبعد أن انتهى آدم أمسك بيده التي كانت تمسك به ودفعها بعيداً، ثم نزل من السيارة، ووقف جانباً حتى تمر بجواره..  نظر إليه آدم بنظرات نارية، وأدار سيارته وغادر.


وظل عمران يتابعه حتى اختفى فقام بعدها بالاتصال  علي أحد رجاله ليتلقى الرد من الجانب الآخر... أوامرك عمران بيه. 


عمران بجمود... عينك علي ادم في كل مكان ومن النهارده تنقل سكنك في المكان اللي عايش فيه ويكون معاك حراسه تمشي وراه في السر انت عارف ادم مش سهل وهيكشفكم فنتبهو


الحارس بتفهم... متقلقش يا عامران بيه كل اللي طلبته هيحصل 


عمران.. تمام 


_ أغلق عمران هاتفه ومرر أصابعه في شعره محاولا أن يهدأ . ثم دخل المنزل للاطمئنان على والده..... رآه جالساً والحزن ظاهر على ملامحه، وكأن هموم الدنيا تتساقط على رأسه.


اقترب منه عمران وهو يفكر كيف سيتحدث عن الأمر، فنظر إليه والده بحزن...احكي يا عمران عمك عمل اي تاني في ادم وليه الحكومه دي كله جت عشان تاخده وعصابة اي اللي الضابط اتكلم عنها انا عقلي هينفجر 


عمران بتنهيده... عمي اتلقي عقابه يا حج ويستاهل اكتر من كده 


_قاطعت محادثة عمران زوجة عمه الوقفه ورأه هي وبناتها.. تقصد اي بكلامك ده يا عمران يعني اي يستاهل ولا عشان ادم بيه تيجو علي جوزي وتقولو يستاهل


نظر عادل خلف ظهر عمران ليراها وبناتها واقفين  فأغمض عينيه بتنهيدة، فالأمر لا يطاق. أما عمران فالتفت نحوها وبجمود ادخلي جوه يا مرات عمي أنتي والبنات وبعدين هنتكلم في الموضوع والكل هيعرف حصل اي... 


_شعرت بالغضب من برودهم وأقنعت نفسها أنهم هم من فعلوا ذلك وأوقعو زوجها في الفخ ليأخذ عمران كل الممتلكات لنفسه وسجن زوجها، فارتفعت نبرتها يغضب... لا انا مش هسكت يا عمران انا جوزي اتاخد قدام عيني والكل مش عارف اي السبب لا وكمان صحبك جاي بنفسه بعد السنين دي كلها وظبطلك كل حاجه وفرشلك الدنيا ورد.... نظرت إلى بناتها بحده..عرفتو انهم مبيحبوش لينا الخير سمعتم بيقولو اي علي ابوكم 


كان عمران يستمع إلى كلامها بصدمة، ثم تحولت بعد ذلك إلى غضب أعمى، فضغط على يده بقوة وصر على أسنانه وبنبرة مرعبة...دقيقه واحده لو شوفتك قدامي هتندمي عمرك كله فبلاش تخليني اعمل حاجه عمري ما عملتها 


ارتعدت زوجة عمه عندما رأت غضبه وتحوله المخيف، فمن يجرؤ على الوقوف في وجهه، لكنها شجعت نفسها على التحدث علانية وقت انهيارهما حتى لا يحاسبها أحد على كلامها، فأمسكت أيدي بناتها في خوف وأخذتهم وغادرت بسرعة.


تنفس عمران محاولاً أن يهدأ، لكنه لم يهدأ بهذه الطريقة، فضرب الحائط بقوة ليتوعد لها على ما قالته.


الاب بجديه.. اهدا يا عمران ومتخليش كلامها يأثر فيك يابني دي طريقتها واحنا عرفين


اومأ له عمران وبجديه... عيسي كان مشغل مصنع ادم لحسابه وبيتاجر في الممنوعات وطبعا كل ده بيتورد بره مع البضايع الاصليه للمصنع ومفيش اي شك من نحية الموضوع لان ادم اسمه معروف في السوق والكل عارفه وادم اكتشف الموضوع


عادل بصدمه.... انت بتقول ييبني 


عمران بأسف... دي الحقيقه يا حج عيسي كان هيودي ادم ورا الشمس لو حد كان شم خبر بالموضوع ده 


عادل ضرب يد على يد بصدمة. لا حول ولا قوة إلا بالله ربنا يسامحك يا عيسي مش عارف ليه طول عمرك حاطت ادم في دماغك وناويله علي الشر


عمران بتنهيده... عيسي لعب في عداد عمره ولوله خاطرك وخاطر بناته كان ادم خلص عليه من بدري


عادل بحزن.. ياما نفسي يرجع تاني يا عمران ويعيش وسطينا واعتذرله علي كل حاجه حصلت واقوله اني كنت غلطان


أومأ عمران برأسه شارداً وهو يتذكر حديثه مع آدم، ليغلق عينيه بألم يتمنى أن يمحو ما مضى.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


كان آدم في طريقه إلى منزله، وطوال الطريق لم يتذكر سوى الماضي وصداقته مع عمران، فضرب المقود بكل قوته.. كان يتنفس بصعوبة حتى يهدأ. تلقى اتصالا لكنه لم ينتبه وواصل التنفس بغضب ثم أجاب.....


صهيب بهدوء... احنا وراك يا ادم 


ادم بجديه... تمام يا صهيب


صهيب.. في حاجه حصلت كنت عاوز اقولك عليها


ادم بجمود.. اتكلم


صهيب...عمران معرفش ازاي عرف اني موجود في البلد ووقت ما كنت ماشي لسكن اللي قاعد فيه انا والرجاله لقيت حد ساحبني لشارع مهجور وهددني ان لو حصلك حاجه او اتنبشت روحي هتبقا قصادك وهيخدها بأيده وبعدها قالي اللهم بلغت اللهم فشهد وسابني ومشي ومقدرتش اقولك طول ما انا هناك علي اللي قاله لانه هددني باني معرفكش حاجه فستنيت لما اطلع من البلد واقولك لان عمران الغلطه معاه بفوره وكمان مكنتش فاهمه ولا فاهم سبب تهديده وكنت متوتر لو اللي خططناله يبوظ بسببه وبسبب انه عرف اننا رجالتك


كان آدم يسمع لصهيب مصدوماً، وكأن لسانه مقيّد. لم يكن يعرف ماذا يقول ولم يفهم ما كان يفكر فيه عمران.


استغرب صهيب سكوت ادم فأردف بهدوء.. ادم سامعني 


ادم بشرود... سامعك يا صهيب 


صهيب.. بتفكر في اي


ادم.. هتعرف بعدين هقفل انا دلوقتي 


أغلق آدم هاتفه، وكان ينوي القيام بشيء لمعرفة ما يخفيه عمران


وبعد فترة وصل آدم ونزل من سيارته وهو يشعر بثقل في قلبه، ليدخل المنزل وهو غارق في أفكاره، فلاحظته ولدته لتناديه باستغراب...ادم 


نظر ادم نحوها واقترب منها وقبل رأسها بحب... أي حبيبتي 


والدته بتساؤول.. مالك يا حبيبي وشك باين عليه الحزن ليه كده وشارد


ادم بهدوء.. مفيش يا قلبي النهارده الشغل كان كتير فمرهق شويه عن اذنك هطلع ارتاح شويه


والدته بهدوء.. تمام


تنهد آدم وهو يعلم أنها حزينة منه فجلس بجانبها وأمسك بيدها بحب.. ماما بلاش زعل بالله عليكي انتي عارفه غلاوتك وزعلك عندي بدنيا كلها


كانت الدموع في عينيها وحاولت إخفاءها، لكن آدم لاحظها، مما زاد حزنه. أمسك وجهها وقبل رأسها بمحبة.


_خلاص يا حببتي شوفي اللي هيريحك ويطمنك واعمليه انا معنديش اهم من راحتك في الدنيا


نظرت إليه بحنان ووضعت يدها على خده أنا راحتي هي اشوفك سعيد وليك عيلتك وأطفالك.


آدم بابتسامة... واي اللي مخليكي متأكده كده انها هتعجبني مش ممكن مرتحش او متعجبنيش


والدته بضحكه... انا خايفه انك لما تشوفها تصر علي والدها تكتب الكتاب


رفع آدم حاجبه بمكر... لدرجه دي. يعني ام ضفاير اللي كانت اسنانها كلها وقعه بقت انسه ادم الشيمي هيتهبل لو شافها


أومأت والدته بضحكة.. بظبط ولاني عرفاك. عارفه انها هتعجبك وهيعجبك عقليتها جدا


ادم بتفهم.. ماشي يا حببتي شوفي هتعملي اي وانا هكلم الحج محمد بكره ان شآء الله واتفق معاه علي يوم 


ابتسمت والدته وعبثت بشعره بطريقة فوضوية، وهو ما كانت تفعله دائمًا عندما كان صغيرًا. ابتسم ادم علي تلك الحركه وقبل وجنتيها وبعدها استأذن منها وصعد لغرفته


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


وفي مكان آخر كان يجلس في منطقة بعيدة عن الجميع. تنهد بصوت عالٍ وظل يفكر في ما قاله والده. ثم وقف حيث كان سيغادر، لكنه سمع صوت شهقات عالية فنظر في كل الاتجاهات، محاولًا معرفة من أين يأتي هذا الصوت، حتى وقعت عيناه على فتاة تجلس تحت شجرة وتدفن رأسها بين ذراعيها وهي تبكي، فاقترب منها بحذر ليفهم ما بها، وبلهجة طبيعية.. أنتي بخير يا آنسة.


ارتعدت تلك الفتاة عندما سمعت الصوت. كانت تخشى أن يتعرف عليها أحد، فنظرت إليه بخوف، لكنه تجمد في مكانه عندما رآها، وتاه في تلك العيون الزيتونية ولم يستطع أن ينطق بكلمة.

#الجلاد‌_لقلبي_رغم_حبي♡

البارت التالت♡


في  مكان آخر كان يجلس في منطقة بعيدة عن الجميع. تنهد بصوت عالٍ وظل يفكر في ما قاله والده. ثم وقف حيث كان سيغادر، لكنه سمع صوت شهقات عالية فنظر في كل الاتجاهات، محاولًا معرفة من أين يأتي هذا الصوت، حتى وقعت عيناه على فتاة تجلس تحت شجرة وتدفن رأسها بين ذراعيها وهي تبكي، فاقترب منها بحذر ليفهم ما بها، وبلهجة طبيعية.. أنتي بخير يا آنسة.


ارتعدت تلك الفتاة عندما سمعت الصوت. كانت تخشى أن يتعرف عليها أحد، فنظرت إليه بخوف، لكنه تجمد في مكانه عندما رآها، وتاه في تلك العيون الزيتونية ولم يستطع أن ينطق بكلمة.


لم تفهم نظرات وجهه، فاحمرت خجلاً وشعرت  بالخوف، فمسحت دموعها بسرعه وحاولت أن تكون طبيعية... احم اه شكرا اتفضل انت


أومأ بهدوء واحترم عدم اجابتها عن سبب بكائها وبهدوء.. تمام ياريت متتاخريش عن كده في المكان لان زي ما انتي شايفه مفيش حد وممكن يجي حد ويديقك


نظرت حولها في رهبة. لقد كان محقا. كان المكان فارغا. ومن حزنها استمرت في المشي حتى شعرت بالتعب وجلست فيه دون أن تدرك أين هي. 


_كان يراقب ملامح وجهها التي تغيرت إلى الرهبة والخوف عندما اكتشفت أن المكان خالي من الناس، وعندما نظرت إليه في حيرة عرف أنها تريد أن تسأله شيئاً.


فركت يدها ووبخت نفسها على غبائها ومجيئها إلى مكان كهذا لتنظر إليه بهدوء... هو احنا فين دلوقتي اصل انا كنت سرحانه ومأخدتش بالي انا مشيت منين


تفهم الأمر وبابتسامه... تقدري تقوليلي انتي ساكنه فين او بنت مين في البلد وانا هوصلك لطريق 


ارتبكت وظهر عليها الأمر، فلاحظ ذلك، مما زاد دهشته، لكنه ظل صامتا منتظرا جوابها. أما هي فلم تكن تريده أن يعرف من هي، فحركت راسها برفض وبتوتر. أنا بس عوزاك تقولي اطلع من هنا لطريق منين


كان يشعر بالغموض تجاهها، لكنه نفض الأمر، فالأمر لا يعنيه وبجديه... تمام انا طالع لطريق دلوقتي تقدري تمشي ورايا انهى كلامه وغادر من أمامها، فوقفت بسرعه وتبعته دون أن تنطق بكلمة، اما هو بقي صامتا، يفكر فيها وفي خوفها وتوترها الزائد. 


وبعد فترة قصيرة وصل إلى الطريق ونظر نحوها، وقبل أن يتمكن من النطق بكلمة شكرته وغادر بسرعة من أمامه. رفع كتفيه في دهشة وانصرف وقد ظهرت ابتسامة على شفتيه وهو يتذكر عينيها


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


في السرايا التابعة لعائلة الشيمي، كان عمران واقفاً في الحديقة وقد بدت علامات الغضب على وجهه. فقد علم من أمه أن عائشة شقيقته ليست في غرفتها ولا في القصر. فشعر حينها بـ الخوف، وبدأت الأفكار المظلمة تهاجمه. وبعد فحص الكاميرات، رآها خارجه عن طيب خاطر، لكنها لم تطلب الإذن من أحد. خرج من أفكاره عندما رآها. تدخل من بوابة القصر ليهاتف حراسه، وبجمود... خلاص رجعت كل واحد يرجع لمكانه واغلق بعدها


دخلت عائشة وهي مشتتة وتنهدت بحزن، فوقعت عينها على أخيها الغاضب، فارتعدت من الخوف ولاحظت ما فعلت. لقترب منه وهي تحاول إيجاد بعض الكلمات لتبرير خروجها دون استئذان وغيابها، لكنها تعلم أن هذا لن يغفره لها شقيقها. 


وقفت أمامه، وبينهما مسافة ليست صغيرة ولا كبيرة، بينما عمران وضعا يديه في جيبه وينظر إليها بغضب مكبوت.


عائشه بخوف... ابيه انـ انا


عمران بجديه...انتي اي اخلصي


تجمعت الدموع في عيني عائشة ولم تستطع الرد. خافت من رد فعله مما جعل عمران يحترق من الغضب. لقد ظن أن شيئًا ما قد حدث لها، لعلمه بكثرة اعدائه . فظن أن واحدًا منهم فعل ذلك. 

أمسك ذراعها وضغط عليها وحركها بغضب. سكتي ليه كملييي


ازداد بكاء عائشة، فتركها عمران وهو يمسح وجهه بغضب، فاقتربت منه واحتضنته وظلت تبكي بمرارة وهو واقف دون حركه، فرق قلبه واحتضنها  بحب.ششش خلاص اهدي المهم انك كويسه وبخير بس متتكررش تاني


حركت عائشة رأسها بدموع لتنظر إليه بحزن.. ابيه هو ليه ابيه ادم عمل نفسه انه مش شايفني ليه كل ما تيجي عيونه عليا يبص في مكان تاني وكأني منبوذه كانت الدموع في عينيها واردفت بقهر.. انا مكنتش مصدقه انه اخيرا جه كان وحشني اوي وقلت هعاتبه علي غيابه وقلت سؤاله عليا... نظرت إلى أخيها والدموع تنهمر على وجهها، فقامت بمسحها بيدها كالطفل... ابيه انا حاولت اكلمه كتير بس هو مش بيرد عليا 


احتضنها عمران مرة أخرى وتنهد بحرارة وحنان...كل حاجه هترجع زي الأول يا عائش وهنرجع عيلة


رفعت عائشة عينيها بحزن... هو ليه ابيه زعلان منك يا عمران دا انتو الكل كان بيحسدكو علي حبكم لبعض


ابتسم عمران وقرص خدها... اهو الحسد ده هو اللي جابنا لوره بس اوعدك كل حاجه هترجع تمام وبكره تقولي عمران قال ويلاه امسحي دموعك دي ومش عاوز اشوفها تاني


أومأت عائشة برأسها وطبعت قبلة على خده... تصبح علي خير يا ابيه


ابتسم عمران وربت علي رأسها.. وانتي من اهل الخير يا حببتي.... 


_غادرت عائشة تاركة عمران في مكانه، يواجه موجة الماضي ليتذكر آدم وهو يصرخ بغضب وصدمة من اتهامه، وعيناه امتلأت بدموع الكبرياء، ويناظر عمه بأسى ،وأقسم أنه لن يعرفهم مرة أخرى وسيعيش كما لو أنه ليس لديه عائلة


تنهد عمران  بألم من تلك الذكريات. فلم يكن آدم صديقه فحسب، بل كان أخاه أيضًا، رغم أنه اكبر بسنة، إلا أنهم أخوه في الرضاعة. فهو قضى معظم طفولته مع آدم بسبب تدهور صحة والدته في صغره، فتركه والده مع زوجة عمه شعيب لتعتني به هو وآدم.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


وفي مكان آخر كانت هذه المرأة جالسة، وملامح وجهها لا توحي بأي خير. استيقظت من تشتتها على صوت ابنتها تناديها بقلق.... ماما


نظرت لها بتساؤل..خير عاوزه اي


اقتربت ابنتها بتوتر مما ستقوله... احم ماما هو ليه ادم ابن عمي عمل كده في بابا احنا عارفين ادم عمره ما كان ظالم ولا بيجي علي حق حد 


غضبت والدتها مما قالته وصرخت عليها بغضب.. انا مش فاهمه الواد ده عملكو اي ناقص تطلعو ابوكم يستاهل لخطره صح ولا انا غلطانه


استجمعت ابنتها شجاعتها وبهدوء.. ماما انا بقول رأي لاني مش صغيره وفاهمه اللي بيدور حوليا وعارفه ادم كويس وكمان ساره من ساعة اللي حصل وهي مش مبطله عياط وحالتها صعبه 


الام بغضب... اسمعي يا سمر عقلي اختك وقوليلها ادم ابن شعيب مش من نصيبها ولا عمره هيكون من نصيبها لانه لا شايفها ولا معبرها اساسا وخليها تفوق من الحلم اللي عايشه فيه وتنسا مشاعرها من نحيته احسن ليها


سمر بتنهيده... حاضر يا ماما هحاول اتكلم معاها هستأذن انا..... أشارت والدتها لها بالمغادرة بينما كانت لا تزال مشتتة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


في اليوم التالي، وتحديداً في فيلا آدم الشيمي، كان يؤدي صلاة الصبح، وبعد الانتهاء بقي في مكانه يفكر في كلام والدته. فهو لا يعلم ان كان علي استعداد لتلك الخطوة، لكنه وعد والدته بأنه سيتحدث مع والدها ليتخذ قراره بأن يأخذ منه موعد اليوم... أنهى أفكاره وغادر غرفته حيث كانت والدته تنتظره لتناول الإفطار


ادم بحب... صباح الخير يا حببتي


والدته بابتسامه... صباح النور يا حبيبي 


اقترب منها آدم وقبل رأسها بمحبة، ثم جلس لتناول الإفطار ثم لاحظها وهي تنظر إليه فسألها مستغربا... عاوزه تسالي عن حاجه يا ست الكل 


الأم بندفاع... هو انت هتكلم والد سماء امته وهنروح امته اصلها وحشتني اوي بص اي رايك نعمل خطوبه بعد الموافقه علي طول ونخلي الفرح بعدها بشهر ها قلت اي 


ادم بضحكه.... اهدي يا حببتي انا لسا حتي مشوفتهاش 


والدته بعبوس.. انا متاكده انك هتحبها المهم تكلم والدها النهارده لأني مش قادره استنا اكتر من كده ومش ههدا غير لما تبقا ليك


ادم بحب.. حاضر يا حببتي هكلمه وهطلب منه نزوره النهارده وهفاتحه في الموضوع 


مامته بفرحه... ايوه كده دا الكلام اللي يفرح بصحيح


ابتسم ادم علي تلك الفرحه الظاهره عليها وبعدها قام بتوديعها وذهب لشركه فقابل صهيب في وجهه


صهيب بابتسامه... صباح الخير يا كبير


ادم بجديه صباح الخير يا صهيب قولي اخر الأخبار اي


صهيب بعمليه... عيسي هيتعرض علي النيابه النهارده وعرفنا ان اللي وراه وصلهم موضوع القبض عليه وعدد كبير من رجال الأعمال سافرو بره 


ادم بهتمام... وعرفت هما مين


صهيب...اكيد ودا ملف بكل حاجه وصلنا ليها ومش هتصدق الأسماء اللي هتقراها


ادم بسخريه... لا متقلقش مبقاش في حاجه متتصدقش الايام دي 


صهيب بموأمه... طيب مقولتش ناوي تعمل اي مع عمران انا حاسس انه مركبلي كاميرات في شقتي 


ادم بسخريه.. انشف يا وحش مش كده دا انت صهيب وحش المخابرات


صهيب بسخريه.. سابقا يا حبيب. واخوك تمساح وانا مش قده دا شاكك فيا انا شخصيا وحاطط بين رجالتنا رجاله من رجالته ولوله غلطه من واحد منهم مكنتش هعرف الموضوع وبيني وبينك انا بقيت ماشي اتلفت حوليا بسببه وامبارح تأكدت انه بعت حراسه خاصه ليك ترقبك من بعيد


ادم بصدمه... نعم


صهيب بتنهيده.. زي ما بقولك كده حتي الڤلا متراقبه ومكان سكنهم جمب الڤلا. انا حاسس ان شويه ويشك في ولدت حضرتك ويجي هو يطبخلك 


ادم بزهق... انا مش فاهم هو بيعمل كدا ليه 


صهيب بهدوء ... انا وانت فهمين يا ادم عمران بيعمل كدا ليه وانت متاكد ان خوف عمران عليك مش طبيعي 


ادم بغضب... قولي اصدق ازاي يا صهيب وهو بنفسه اللي وجعني وخلاني بتمنا كل يوم المو.ت ولا احس بالوجع اللي حسيته منه... تنهد بحزن وضغط علي يده بقوة... ياريته كان قتـ*لني ولا كان عمل فيا اللي عمله زمان 


صهيب بحزن... ما يمكن الموضوع غير اللي انت فاهمه يا ادم لان مستحيل عمران يأذيك ودي حاجه انا متأكد منها

"تنفّس آدم بصعوبة، وقام من مكانه متجهًا نحو الشرفة. وقف هناك، يحدّق في صمتٍ إلى المباني المقابلة، وكأنه يبحث عن طريقة يهدّئ بها العاصفة التي اشتعلت داخله.


كل حاجه كانت واضحه... كل كلمة خرجت منه كانت كفيلة تهدّ كياني. في اللحظة دي، حسّيت إني بحلم، أو يمكن كابوس... كابوس وحش كنت بدعي ربنا أصحى منه، بس للأسف، كان واقع... واقع مؤلم حاولت أنكره، أهرب منه، ، لكن مستحيل.


اتهامه ليا... عمره ما هيتنسي، ولا هقدر أسامحه عليه."


تنهد صهيب بحزن على حالة صديقه. فرغم كل هذه السنوات، لا يزال الماضي يؤلمه، ولم يهدأ ألمه ولو للحظة واحدة.... اقترب منه و ربت على كتفه بهدوء... لازم تحط النقط علي الحروف يا ادم ومتنساش ان عمران حاول كتير عشان تسمعه وانت رفضت ومدتش لنفسك فرصه واحده تسمع اللي عنده 


نظر آدم إلى صهيب بعينين اشتعل فيهما الغضب، وصاح بصوت بغضب


"اسمع إيه؟! قولي إيه في الدنيا يبرر اللي قاله؟!

إنت متعرفش عمل إيه يا صهيب… دا اتّهمني بالخيانة!

 اتّهم أخوه بالخيانة!

وجاي دلوقتي تقولي اسمعه؟!"


لم يعرف صهيب ماذا يقول، فظل صامتًا دون أن ينطق بكلمة واحدة، أما آدم فاتكأ على المكتب وهو ينظر للفراغ بغضب... اتفضل انت شوف شغلك وانا هشوف حوار الحراسه الجديده دي


أومأ صهيب برأسه وانصرف، وبقي آدم على حاله والغضب يغمره


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


في أحد المنازل الراقيه كان جالساً في غرفته شارد الذهن، إذ سمع طرقاً على الباب، فاعتدل وسمح بالدخول


والدته بحب... صباح الخير يا حبيبي 


ابتسم بود واقترب يقبل رأسها... صباح النور يا غاليه


والدته بحنيه... اي يا قلبي مش هتروح شغلك النهارده واندفعت بحزن قبل ان يجيبها... اوعك تكون زعلان يا سامر


سامر بهدوء.... "ليه بتقولي كده يا حبيبتي؟ أزعل من إيه؟

الجواز نصيب، وانتي عارفة يا أم سامر إني مكنتش بفكر في الموضوع أصلاً،

بس إنتِ اللي عجبك مودة، وبتحبيها، ورغم إني وقتها رفضت لأني كنت شايفها زي أختي،

إلا إنك صممتي.

في المرة الأولى كلمتي مرات عمي من غير ما تاخدي رأيي،

وعمي قال نستنى لما تخلص تعليم.

والمرة دي... بابا فهمني وجهة نظرها،

ومش هخبي عليكي، أنا فعلاً زعلت...

بس مزعلتش من ردها، بالعكس،

زعلت علشان مشاعري تجاه مودة هي نفس مشاعرها تجاهي.

بس... كبرت دماغي واتهربت، وسِبت الأمور تمشي زي ما أنتوا شايفين.

وده مكنش ينفع.


وعلشان كده، حابب أطمنك،

أنا مش زعلان...

بالعكس، أنا مرتاح… وجداً كمان."


امتلأت عيون أمه بالدموع وبكت بحزن... انا اسفه يا حبيبي لاني اجبرتك بس والله انا كان نفسي افرح بيك مع واحده في اخلاق موده وطيبت قلبها


مسح سامر دموعها بحب وابتسم...عارف يا حببتي وانا منكرش ان موده مفيش زيها بس متنسيش اننا اتربينا مع بعض وبنعتبر بعض اخوات وياستي بكره ان شآء الله الاقي بنت الحلال اللي تدخل قلبك وتحبيها وتفرحي بيا زي ما انتي عاوزه


ابتسمت أمه وهي تدعو في نفسها أن يسعد الله قلبه وبعتاب.. بردو مقلتش مروحتش شغلك ليه


سحبها سامر نحو السفره التي عليها الفطور. وبمرح.. مفيش ياستي عندي اجتماع النهارده علي الساعه عشره يعني كمان ساعه واردف بتساؤول هو بابا خرج ولا اي


والدته بحب.. اه يا حبيبي خرج لشغله من بدري


أومأ سامر برأسه وبدأ بتناول وجبة الإفطار وهو يتحدث مع والدته في عدة أمور


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


مرت فترة من الوقت، وكانت هناك من تقف في حديقة منزلها تسقي النباتات، وبعدها اقتربت من تلك الشجرة التي طالما أحبتها وأحببت الجلوس تحتها، لتقطف منها حبة مانجو طازجة وتبتسم لتلك الذكريات التي لم تنساها أبدًا. قطع رنين هاتفها ما كانت تفعله، فتركت ما في يدها على الكرسي وقامت برد.... السلام عليكم يا حبيبي


اتاه الرد من الجهه الاخري... وعليكم السلام ياروح حبيبك عامله اي في البيت لواحدك


سماء بحب... بسقي الزرع وبقطف منجه قولي بقا انت هتيجي امته عشان هعملك غدوه انما اي جامده


والدها بحب... ان شآء الله هاجي بدري لان جيلنا ضيوف 


سماء باستغراب.. ضيوف مين 


والدها بهدوء... ادم الشيمي كلمني النهارده وقال انه هيجي هو والست حسناء زياره النهارده فعملي حسابك وانا هاجي بدري عشان اساعدك في تجهيز العشا


ارتجف قلب سما عندما عرفت من هو الضيف، وبقيت صامتة تنظر في الفراغ، وعيناها مفتوحتان من الصدمة.


والدها باستغراب.. سماء انتي سمعاني يا بنتي


لم تستجب له سماء وبقيت على حالها، وكأن العالم توقف عند تلك الكلمة


بقلمي: دينا النجاشي  

❝ لأن الحروف لا تخون، كتبت كل ما عجز قلبي عن قوله ❞  


#الجلاد_لقلبي_حبي♡

بقلم دينا النجاشي♡

البارت الرابع♡


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ♡♡♡


**"وبعد ليلةٍ طويلةٍ قضَتها في غمار التفكير، لم تدرك متى استسلمت للنوم. كانت تحاول الهروب إليه عبثًا، لا تصدّق أن الحزن سيتيح له أن يطرق بابها.


وعندما استيقظت، كانت عيناها منتفختين من كثرة البكاء. بقيت مستلقية، تحدّق في السقف بصمت، وفي داخلها حربٌ لا تهدأ.


مدّت يدها وسحبت بعض الصور من تحت وسادتها، راحت تتأملها بعينين يملؤهما الحب والحنين. تذكّرت كيف التقطت تلك الصور خلسةً، دون أن يلاحظ. رفعت أطراف أصابعها نحو صورته، وكأنّه حاضرٌ أمامها، ولم تتمالك نفسها... وانهمرت دموعها رغماً عنها.


لم تكن تعرف متى تسلّل ذلك الشعور إلى قلبها، أو كيف أحبّته بهذه القوة. لمَ كل هذا الحزن؟ لا تملك إجابة، كلّ ما تدركه أن الحب يمنح القلب حياة.


إنها مشاعر تُغيّر الإنسان... تُنضجه، تُرهقه، وتُغرقه. ارتفع صوت شهقاتها، وأغمضت عينيها، تاركةً الدموع الحارقة تنساب من قلبها... قبل عينيها."**


في تلك اللحظة دخلت شقيقتها ورأتها على هذه الحالة، لتحزن عليها. لقد كانت بخير خلال الأيام الماضية، لكن عودته ورؤيته مرة أخرى جعل الجرح ينبض بالألم مرة أخرى. اقتربت منها وعانقتها دون أن تنطق بأي كلمة، فزاد بكاءها أكثر، 

وتحدثت بنبرة موجعة، مخنوقة من شدّة الألم:


— "أنا مش عارفة ليه بيحصلي كده يا سمر... مبقتش قادرة أتحمل كَمّ الوجع اللي جوايا... قلبي بيوجعني أوي، وكأنه بيصرخ فيّا: كان بإيدك... وانتي اللي حكمتي على نفسك بالوجع!"


انسابت دموعها بغزارة، وانقطعت أنفاسها بين شهقات موجعة، قبل أن تضيف بصوت مكسور:


— "بس إزاي يكون بإيدي؟! والله لو كان بإيدي... كنت شلته من قلبي من زمان."


اغرورقت عيون سمر بالدموع علي شقيقتها، ولم تعرف ماذا تقول، او كيف تهون عليها؟


ابتعدت عنها سارة، وتنفست بصعوبة، وأدارت عينيها إلى شرفتها لترى أشعة الشمس والأشجار خارج السرايا، ثم شعرت بيد شقيقتها حول يدها، لتسمع نبرة حزنها أيضًا.... سارة انا مش قادرة اشوفك كده


ابتسمت سارة بألم، وعيناها ما زالتا مثبتتين علي الشرفة لتتكلم بألم... حتي بابا اللي عمري ما حسيت من نحيته بحنيه ولا حسيت انه اب كملها علينا وبقينا أولاد تاجر المخد*رات 


سمر بألم أغمضت عينيها وتحدثت بنبرة مرتجفة نافية ما تقوله... بـ بس بابا اكيد مظلوم يا سارة منكرش ان بابا طباعه صعبه وعصبي وفيه حاجات كتير كانت بتزعلنا منه لكنه مستحيل يمشي في طريق زي ده لأن احنا مكناش محتجين او فقره عشان بابا يتاجر في الكلام ده


سارة بسخرية.... بس انا متأكده ومصدقه كل حاجه اتقالت عنه لأن اللي يوجع بناته ويحسسهم باليتم اصدق انه يعمل كل حاجه وابوكي راجل قاسي معندوش قلب حتي اهلنا بيكرهونا بسببه وعمرنا ما حسينا اننا مرغوبين بسبب غله والكره اللي جواه 


سمر بحزن... ربنا يتولانا. وبحب قامت بمسح دموعها وحاوطت وجهها.. اهلنا مش بيكرهونا يا سارة بالعكس عمو عادل ديما بيعاملنا زي عائشه وطنط وعمران بس بابا وماما هما اللي كانوا بيبعدونا عنهم 


أومأت سارة برأسها باكية فاحتضنتها سمر مرة أخرى

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


في منزل سماء...

كانت لا تزال منشغلة بكلمات والدها، فتنهدت بفرحة خجولة اختلطت بالتوتر والخوف. لم تجد أمامها سوى الاتصال بمودة، رفيقة قلبها والمصدر الوحيد لدعمها دائمًا.


مودة (بحماسة):

— سمسومتي! وحشتيني يا قمري.


سماء بابتسامة 

— وانتي كمان يا مودة... احم، بصي، فاكرة آدم اللي كنت بحكيلك عنه؟


مودة (بفضول):

— أيوه، ماله؟


سماء (بتوتر واضح):

— جاي النهاردة… هو وماما حسناء، وأنا متوترة جدًا ومش عارفة أتصرف إزاي.


مودة بمشاغبه

— مش هو ده اللي كنتِ نفسك تشوفيه وتشوفي بقى عامل إزاي بعد السنين دي كلها أهو يا ستي، الأمنية هتتحقق، ليه بقى التوتر؟


سماء (بغيظ):

— يا برودك يا شيخة! بقالي سنين ماشفتوش، وجاي النهاردة... وكمان مش زيارة عادية.


شهقت مودة فجأة وانتفضت من مكانها):

— تقصدِي إيه؟! هتتجوّزي يا سماء؟!


سماء (بتنهيده ونفور خفيف):

— أنا أستاهل عشان بكلم واحدة هبلة زيك.


مودة (تجاهلت مودة تعليقها وردفت بجديه):

— مش وقته الهزار ده... قوليلي بقى! يعني إيه مش زيارة عادية؟ وعرفتي منين؟... و— (شهقت من جديد) — بتكلميه من ورايا؟  أخصّ، أخصصصص، ومتقوليش ليا!


سماء (بضيق):

— طيب اسيبك دلوقتي يا مودة!


مودة (بغضب مصطنع):

— اتكلمي! عرفتي منين؟ وبتحبوا بعض بقالكم قد إيه؟


سماء (بحدّة):

— اتنيلي! بقالي سنين ماشفتوش، تيجي تقولي بنحب بعض!


مودة بتفهم

— طيب، عرفتي منين إنه جاي يتقدملك؟ هو قال لوالدك؟


سماء (بهدوء):

— لا، بس ماما حسناء كانت قالتلي قبل كده إنه ناوي.


مودة (بحماس):

— يااه، أخيرًا هحضر خطوبة أو فرح وهجيب فستان جديد!


سماء (بمزاح غاضب):

— تصدقي إنك حقيرة؟


مودة (ضاحكة):

— اسمعي يا سمسومتي، مهما قلتلك متتوترّيش، هتتوترّي. طبيعي، لأنك ماشفتِهوش من سنين، وكلامك عن إنه شخص هادي وطبيعته ناشفة زوّد قلقك. بس لو على القعدة والكلام اللي هتقوليه، فأنتي أستاذة فيها، دايمًا بتنصحي زمايلنا، فاكرة؟

بس يا رب خوفك وذكرياتك ما يعموش عنيكِ عن اللي قدامك.


سماء (بتنهيدة):

— تمام... هقوم أنضّف البيت وأظبّط كل حاجة.


مودة (بمرح):

— تمام يا قلبي، هستنى مكالمتك تحكيلي فيها كل اللي حصل!


سماء بابتسامه

— ماشي... سلام يا مودة.


أغلقت سماء وحاولت أن تتخيل كيف سيكون الأمر، لكن قطع الأمر رنين هاتفها، فتفاجأت بالمتصل وأجابت بسرعة... السلام عليكم ياماما


حسناء بحب.. وعليكم السلام يا حببتي انا بتصل عشان اقولك ان ادم كلم بابا النهارده 


سماء بتوتر... بابا كلمني وقالي بس انا خايفه اوي يا ماما ومش عارفه اعمل اي 


حسناء.. متقلقيش انا هكون معاكي المهم مش عوزاكي تتوتري واتعملي عادي بطبيعتك ادم مش بعبع زي ما واخده فكره عنه


سماء بضحكه... حاضر يا قلبي


حسناء بحب... هقفل انا يا حببتي ولو احتجتي حاجه كلميني


أغلقت والدة آدم ،اما سماء ذهبت للقيام بمهامها


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


في شركة عمران، وتحديدًا داخل مكتبه الخاص،

كان منهمكًا في مراجعة بعض الأوراق حين سمع طرقًا خفيفًا على الباب.


عمران (بجمود):

— ادخل.


دخل أحد أصدقائه المقربين وشريكه في العمل.


سامر (بلهجة عتاب خفيفة):

— إيه يا بني؟ ما حضرتش الاجتماع ليه؟


عمران (بجديّة وهو ما زال ينظر في الأوراق):

— كان عندي مشوار مهم، وبصراحة عارف إنك هتدير الموضوع كويس... المهم، قولّي، اتفقتوا على إيه؟


ابتسم سامر وهو يجلس واضعًا قدمًا فوق الأخرى، وقال بثقة:

— عيب عليك يا وحش... أخدنا الصفقة واتفقنا على كل البنود.


عمران (بهدوء ومواربة):

— الأيام الجاية محتاجة شغل كتير، شد حيلك بقى، لأنك أنت اللي هتشيل الموضوع ده على كتفك.


سامر (وقد تغيرت ملامحه قليلاً، قال بجديّة):

— مالك؟ فيك حاجة؟


رفع عمران عينيه عن الملف ونظر إليه باستغراب مصطنع:

— مالي؟ أنا تمام، أهو قدامك.


لكن سامر لم يقتنع، وهز رأسه بنفي خفيف:

— بالعكس... انت شايل كتير، وده باين من فترة، بس أنا سايبك على راحتك. بس علاقتنا ما تسمحليش أسكت أكتر من كده.


تنهد عمران، ووضع القلم جانبًا، ثم أردف بصوت مرهق:

— شوية مشاكل... ملخبطة ليّ الدنيا، بس ماشية.


سامر (بتفهم وبنبرة مطمئنة):

— كل حاجة وليها حل، يا صاحبي. سيبها على ربنا. ولو في لحظة حسيت إنك محتاج تتكلم أو محتاجني، إوعي تتردد.

ماشي؟ أنا هسيبك دلوقتي، ورايا شغل كتير. سلام.


أومأ له عمران دون أن يعلّق. غادر سامر، لكن قبل أن يبتعد كثيرًا، سمع صوت عمران يناديه:


— سامر...


التفت سامر، ليجد عمران يناوله ملفًا:

— ده ملف الصفقة اللي هتشتغل عليها. ظبط فيه شوية نقاط... والباقي عليك.


سامر (بابتسامة وموأمة):

— تمام يا وحش.


أخذ الملف وغادر، تاركًا وراءه صديقًا لا يظهر من أوجاعه إلا القليل، لكنّها تنهش قلبه في صمت.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


في مكان لا راحة فيه، محاط بأربعة جدران تنبعث منها روائح كريهة .. كان يجلس شارد الذهن، وعيناه مثبتتان على الفراغ، لكنهما يحملان كرها وحقداً قادراً على تغطية الأرض كلها. قطع الهاءه صوت العسكري ينادي بأسمه فنظر إليه بجدية..خير 


العسكري بعمليه... جيلك زياره 


حرك عيسى رأسه بسخرية وهو يفكر بمن جاء لزيارته. لقد تم تجنبه الآن من قبل أخيه وابنه وزوجته. فهو يعلم أنه من المستحيل أن يوافق عادل على مجيئها إلى هذا المكان، لكنه نفض الأمر وذهب ليكتشف ذلك بنفسه. وبعد خطوات قليلة، خرج إلى مكان الزيارة ولم يلاحظ أي وجوه يعرفها، لكنه فوجئ بالشخص المجهول يلوح له وأدرك أنه يخص الرجل الذي يعمل معه.اقترب منه وجلس أمامه وبجمود... خير 


المجهول بجديه... البيه بيقولك اسمه لو اتذكر في الموضوع مش هيرحمك انت ولا اهل بيتك 


عيسي بسخريه.... هو البيه ناسي انا مين واهل بيتي يكونوا مين 


المجهول... انا رسالتي وصلتها وانت عارف ومتأكد ان انتقامه هيكون في بناتك وبطريقه غير متوقعه وغير مألوفه يعني زي ما تقول كده شرف وبوليس اداب والقبض متلبس ومش هشرحلك الباقي اكيد تخيلتها في عقلك


عيسى بشر... هي وصلت لكده 


المجهول... اسمع يا عيسى انت شغال مع ناس عندهم الحرام والأزيه متعه وانت كنت غبي ووقعت فعليك تشيل الليلة لواحدك 


تجهم وجه عيسى وصاح بنفعال.. يعني اي اشيلها لواحدي انتو جايين في الأخر تضحوا بيا وبغضب اعمي... اسمع بقا انت هتوصل للبيه بتاعك ان تهديده ده يروح يهدد بيه راجل من رجالته مش عيسى الشيمي ولو مهربنيش من هنا فأنا مش باقي علي حاجه ومش هو بس اللي اسمه هيتذكر لا الشله كلها من اول البوب الكبير لغاية البيه اللي بعتك ويلاه سلامات ياروح امك. 


وخرج عيسى دون أن يستمع لرد الآخر وأقسم أنه سيفعل ما هدده به إذا لم يخرجوه من هذا المكان.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


وفي مقر شركة آدم كان منهمكاً في عمله بعد أن أنهك عقله بالتفكير في عمران وتصرفاته، لكنه لم يأت بإجابة مقنعة، فحاول بعد ذلك تشتيت نفسه في العمل، فانقطع انتباهه بسبب رنين الهاتف فأجاب دون أن يرى المتصل، وسمع صوت والدته الغاضب..... انت فين يا استاذ وليه لغايت دلوقتي لسا مجتش


اغمض ادم عينيه بغضب من نفسه فهوا قد نسي الموعد فحاول التبرير لوالدته لكنها اغلقت في وجهه بسبب غضبها منه فقام يلملم اشيائه بسرعه حتي لا يتأخر اكثر من ذلك واسرع في الخروج من الشركه 


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


أما في منزل سماء، فقد انتهت من تجهيز المنزل، وأعدت بعض الاصناف للعشاء ليدخل والدها بكل حب... اي الحلاوه دي كلها


سماء بابتسامه... اي رايك بنتك شيف قد الدنيا


والدها بتأكيد.. الصراحه نفسك في الأكل تحفه.. يلاه روحي خدي شاور واجهزي لان ادم كلمني وقال انهم في الطريق


 

أومأت سماء برأسها وذهبت لتستحم، ثم أدّت صلاتها وارتدت ملابسها، وكانت فاتنة بهدوئها ونقائها.

وفي تلك اللحظة، دوّى في أرجاء المنزل صوت والدها وهو يرحّب بشخصٍ ما...

تجمّدت في مكانها.

آدم؟!

هو وأمه هنا؟

تسارعت أنفاسها، وارتجف جسدها من التوتّر.

لم تكن تتخيّل يومًا أن تراه مجددًا، وتحت سقف بيتهم... بعد كل تلك السنوات.

حاولت أن تسيطر على نفسها، أن ترتّب أفكارها وتكبت رعشة قلبها، لكنها لم تنجح.

وقفت أمام مرآتها، تحدّق في انعكاس وجهها بثبات زائف، تتظاهر بالقوة، بينما في داخلها كانت العاصفة تشتد.

وفجأة...

اخترق أذنيها صوته، وهو يحيّي والدها.


كأن الزمن توقّف.

كأن كل جدارٍ من وهم الصلابة التي بنتها... انهار.

يا إلهي...

ما هذه المشاعر؟

إنها لا تفهمها، لا ترحّب بها، بل تكرهها...

لأنها تجعلها ضعيفة، وهي لا تريد أن تضعف أمامه.


في الخارج جلس آدم وأمه ووالد سماء وتحدث والد سماء بابتسامه... اخبارك اي يابني واخبار شغلك 


ادم باحترام... كله تمام يا عمي الحمد لله انتى اللي اخبار حضرتك اي اعذرني الايام اللي فاتت كنت مشغول جدا ومسألتش


والد سماء بتفهم... عذرك يابني وكفايه مكلماتك وسؤالك الدايم والست حسناء الصراحه شايله كتير اوي من عليا اتجاه سماء


حسناء... سماء بنتي وبنت اختي وربنا يعلم انا من غيرها ببقا عامله ازاي 


والد سماء... ربنا يديم المحبه 


حسناء... طيب اتكلموا مع بعض وانا هدخل اشوف سماء 


أومأ لها الاثنان  وغادرت المكان لرؤية سماء فاقتربت من غرفتها وطرقتها، وسمعت صوتها يحثها على الدخول


دخلت حسناء وعندما رأتها ترقرت الدموع في عينيها. كانت جميلة وذكّرتها بصديقتها. فكانت سماء تشبه والدتها بشكل كبير... مشاء الله اي الجمال ده 


سماء بابتسامه... مفيش جميل غيرك يا قمر


حسناء بضحكه.. يعيني عليك يا ادم يابني دا لسه متخيلك بيبي زي ما انتي مش متخيل انك بقيتي عروسه زي القمر


سماء بكسوف... وفي واحد يجي يتقدم لواحده لسا متخيلها بيبي يا ماما 


حسناء بغمزه... ما انا اللي قصده انه ينبهر ويتصدم لما يشوف بنتي بقت قمر ازاي ومتنسيش اخر مره شافك فيها كنتي ساعتها في الاعداديه 


أومأت سماء بخوف من هذا اللقاء. على الرغم من فضولها لرؤيته، إلا أنها شعرت بالخوف قليلاً من رؤيته قطع تفكيرها صوت والدها وهو يحثها على تحضير العشاء فذهبت هي ووالدت ادم لأعداد السفره واردفت سماء بتساؤول... ماما هو بابا عرف سبب الزياره اي لاني متكلمتش معاه في حاجه 


حسناء بحب... اكيد ادم فاتحه دلوقتي في الموضوع ولو لسا مفتحوش هيتكلموا بعد العشا وقاموا بعدها بتجهيز كل شئ 


لتفكر سماء، ولكن بصوت عال... يعني لازم الموضوع اللي حكيتي عنه ياماما لتنظر لها بلهفه طيب ما نأجل الكلام ده ياماما اي رايك انا اصلا لسا صغيره وبفكر اكمل 


قطع حديثها صوته من الخلف.... اممم وناويه تكملي اي.. انا علي اللي سمعته انك معديه بالبركه


ضحك والد سماء، لكن حسناء كانت تسيطر على ضحكها بسبب الحالة التي رأت فيها سماء


احمر وجه سما وارتعش جسدها. فهي لم تنتبه لدخولهم، فتوجهت نحوه بعينيها وشقهت بخضه لتتراجع خطوتين الي الوراء


ابتسم آدم بخفة على رد فعلها ليستمع لوالدها وهو يحثهم على الجلوس لتناول العشاء، أومأ آدم برأسه وجلس وبجانبه والد سماء وجلست ايضا حسناء. أما سماء فبقيت واقفة وهي مصدومة


فنظر إليها آدم رافعاً أحد حاجبيه، فلاحظت نظرته، لتنظرت إلى الأرض بسرعة وتذهب بجوار حسناء التي كانت تحاول كتم ضحكتها على سماء وكسوفها.


كانوا يتناولون الطعام ويتحدثون في بعض الأشياء، اما سماء فـ صامتة وعينيها إلى طبقها لتهمس حسناء بضحكه بجوار أذنها.... اهدي يا قلبي محصلش حاجه للإحراج دا كله


سماء بإحراج همست هي الأخري... مش تقوليلي ياماما انهم دخلوا


حسناء بضحكه خفيفه... حاولت بس انتي اللي مكنتيش واخده بالك


سماء بغيظ...ابنك بيقول عليا فاشله


حسناء بمزاح.. محصلش دا هو اللي فاشل


رفعت سماء عيونها وبتأكيد... ايوه طبعا هو اللي فاشل امال انا.. لتتحدث بغرور مزيف دا انا ناجحه بجيد


استمع آدم لحديثها رغم تحدثها بصوت خافت ليبتسم ويكمل حديثه مع والدها 


وبعد أن انتهوا ذهبت سماء لتحضير العصير، وتحدث آدم بجدية... عمي انا كنت عاوز اطلب منك طلب 


والد سماء بستماع... اتفضل يبني


ادم بهدوء.. انا طالب منك ايد سماء وانت اكيد عارف سماء بنسبه لماما اي يعني لو حضرتك موافق فهي هتروح بيتها التاني


والد سماء بموأمه... عارف يا حبيبي واكيد انا مش هلاقي احسن منك لبنتي الوحيده بس بردو نعرف رايها


ادم بتفهم... اكيد


في تلك اللحظة دخلت سماء بالمشروبات وأعطت كل منهما كوبًا، ثم سحبتها حسناء بجانبها لتغمز للحاج محمد، وقد فهم قصدها.


الحج محمد بهدوء... سماء ادم جاي النهارده طالب ايدك وكنا عوزين نعرف رايك اي وايا كان هو احنا هنحترمه


نظرت سماء إلى والدها بصدمة فهي تعلم بالامر لكن سؤاله امامهم شعرها وكأن دلواً من الماء البارد قد سقط عليها في ليلة ثلجية قاسية، فتجمدت نظرتها عليه وكأنها تتوسل إليه أن ينقذها من هذا الوضع.


ضحكت حسناء علي تلك الطفله وتحدثت هي.. السكوت علامة الرضا بينا احنا يا حج محمد نقعد في الحديقه ونسيبهم يتكلموا مع بعض


وافق الحاج محمد، فأمسكت سماء بيد حسناء بتوتر فحررت حسناء يدها وبصوت خفيف.. بطلي خوف بقا الواد مش زومبي...


غادرو المكان وسماء تلعن حالها وادم يراقب وضعها والحاله التي عليها بمتعه فـ اردف بسخريه... هما قلولك عني اي اكل لحوم بشر ولا مصاص دما*ء


سماء بصدمه... هااا


ادم... لا الظاهر ان الموضوع اكبر من كده


تمالكت سماء نفسها، وتنفست بهدوء، محاولة السيطرة على حرجها تجاهه، وبنبرة خفيفة...الموضوع ان مشوفتكش من سنين وشكلك وكل حاجه اتغيرت وكمان مش عارفه ابدا ازاي او اقول اي


ادم بتفهم... تمام علي العموم انا عاوز اسمع رايك انتي مش راي امي هل انتي موافقه ومن غير احراج


سماء بهدوء... بس انا معرفش عنك حاجه 


ادم... فاهمك واقصد بكلامي لو موافقه علي اللي قدامك بعيدا عن الطباع اللي متعمليش عنها حاجه يبقا كده فهمت انك موافقه علي مقابله تانيه وبعدها نحدد انا وانتي لو كنا مرتاحين او لا لو في قبول هنتفق علي الامور التانيه زي الشبكه وغيره


حركت سماء راسها بإحراج فرغم حديثه الطبيعي الا انها شعرت ببعض الحزن فنظرت له وبجديه.. تمام 


وقتها دخل والد سماء. كان يعلم أن ابنته بداخلها، تتوسل إليه أن ينقذها ليقطع حديثهم بحب... ها اتفقتوا علي اي


ادم بحترام... هستأذنك يا عمي بكره هاخد سماء مشوار 


سماء بصدمه.... نعم!!!؟


#الجلاد_لقلبي_رغم_حبي♡

بقلم دينا النجاشي♡

البارت الخامس♡


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ♡♡♡♡♡♡


كان يتابع ردود أفعالها وكلامها بعناية، ليقاطعه صوت والدها.... ها ياولاد اتفقتوا علي اي


ادم بحترام... هستأذنك يا عمي بكره هاخد سماء مشوار 


سماء بصدمه.... نعم!!!؟ 


غمز لها آدم دون أن يلاحظ والدها، وأكمل حديثه بجدية... اي رايك يا عمي. 


والدها بابتسامه... اتفقوا مع بعض وشوفو هتعملوا اي. انا من نحيتي موافق


نظرت سماء إلى والدها بصدمة وكانت على وشك التحدث، لكن حديثها قطعه وقوف آدم وباحترام... هستأذن انا يا عم محمد وان شاء الله هيكون في زياره تانيه


والد سماء بتفهم.. ان شاء الله يا حبيبي


غادر آدم وذهب محمد معه للخارج ، اما حسناء وقفت مع سماء لتودعها لتنظر لها سماء بغيظ... هو دا اللي مش بعبع 


حسناء بضحكه... ماله بس دا هادي وزي القمر


سماء بسخريه.. القرد في عين امه بقا. 


حسناء بزهق قرصت أذنها...بت انتي لسانك ده مش هيتلم ابدا


سماء بوجع.. اه ياماما خلاص هو قمر وعسل دا حتي هيبه كدا اللهم بارك


حسناء بغمزه.. و قعه. وقعه مفيش كلام


سماء بضحكه.. حبيبي اللي بيفهمها من وهي طايره


ضحكت حسناء بخفة وودعتها  ثم اتجهت إلى السيارة حيث كان آدم ينتظرها.

صعدت إلى جواره، وما إن تحرّكت السيارة حتى نظرت إليه بلهفة اي رايك:


ادم بهدوء.. حلوه


 رامقته حسناء بغيظ...

_ ما انا عارفه انها حلوه وهتعجبك انا اقصد اتفقتوا علي اي 


ردّ ببرود، دون أن يلتفت: والله انتي اللي سألتي عن رأي


زفرت بغيظ وهي ترد ساخره .. معلش انا غلطانه اتفقتوا

علي اي يا ادم بيه


ادم بابتسامه... طلبت من عمي اخدها بكره مشوار وهو وافق


اتسعت عيناها بفرح .. بجد لا مش مصدقه 


ادم بابتسامه... كله يهون لأجلك يا قمر


غمزت بخفه واردفت بمكر: لأجلي انا بردو. بس علي العموم كويس طلعت بتفهم . 


رفع آدم حاجبه واردف باستغراب...انتي واخده عني فكرة اي بظبط. 


ضحكت والدته بمحبة وهي تحتضن ذراعه، فابتسم آدم على فرحتها، ثم أعاد تركيزه على الطريق أمامه.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ♡♡♡♡


وفي اليوم التالي، وتحديداً في سرايا عائلة الشيمي، كان عمران جالساً في الحديقة وامامه الابتوب، يعمل عليه، لكن صوت سمر قاطعه.... اذيك يا ابيه


رفع عمران عينيه إليها بهدوء..كويس يا سمر 


سمر بتوتر.. احم ابيه انا مش عوزاك تزعل من الكلام اللي ماما قالته وانا اسفه بالنيابة عنها


عمران بتنهيده...سمر انتي اختي زيك زي عائشه و لما تعتذري تعتذري عن غلطك انتي. مش عن غلط غيرك حتي لو والدتك لاني مش هتقبل ان اختي تشيل خطأ مش بتاعها وتعتذر عنه. 


سمر بدموع حاولت اخفائها... ابيه انا بتمني ان كل اللي بيحصل ده ميأثرش في علاقتنا 


عمران بحزن سحبها لتجلس امامه وبحنيه... اتكلمي يا سمر قولي في اي وليه بتقولي كده. 


أنزلت سمر رأسها إلى الأرض، والحزن يعتصر قلبها، قبل أن يتبعها البكاء:


– "أبيه... إحنا مبقاش لينا حد."


تلعثمت كلماتها وسط دموعها، ثم تابعت بصوت مكسور:


– "اللي بابا عمله كسرنا... أنا وسارة."

– "وتفكير ماما، وإصرارها إنك إنت السبب، خلاني خايفة طول الوقت... خايفة نخسركم كمان."


امتلأت عيناها بالدموع، ورفعت رأسها أخيرًا لتلتقي بنظرات عمران، الذي كان الحزن واضحًا في عينيه، وكأن كل حرف خرج منها كان سكيـ*نًا في قلبه.


همست بوجع، وصوتها يرتجف:


– "أبيه... إحنا مش وحشين، وعمرنا ما اتمنينا نبعد عنكم... بعدنا كان غصب، رغم إننا عايشين في بيت واحد."

– "واللي ماما بتعمله... بيوجعنا أكتر."


عمران بجديّة وحنان:

اسمعيني يا سمر… اللي بينا وبين عمّي ومراته مالوش دعوة بيكي إنتي وسارة، لأنكم أخواتي، ومتنسيش إني أنا اللي مربّيك، ودايمًا كنت المسؤول عنك.

ومش هاجي في الآخر وأبعد علشان كلام مالوش لازمة، اتقال في وقت كانت فيه والدتك زعلانة من اللي حصل.

صدقيني يا حبيبتي… اللي بينا أكبر بكتير من المشاكل والكلام الفارغ ده.

ولو فعلًا مش عايزاني أزعل منك، يبقى تطلّعي كل الأفكار دي من دماغك، وركّزي في دراستك.

ودايمًا افتكري إني في ضهرك وسندك في أي وقت تحتاجيني فيه.

وحكاية إن "مبقاش ليكم حد" دي، تشيليها من دماغك خالص…

لأني موجود، وعمّك موجود، وأهلك زي ما هما، محدش اختفى ولا بعد.


ابتسمت سمر بارتياح، وقد لامست كلمات عمران قلبها الموجوع، فهزّت رأسها بمحبة، ثم استأذنت في المغادرة.

أومأ لها بلطف، فتوجهت إلى الخارج، وتركته يغوص في صمته.


وبعد رحيلها، تنهد بحزن،

وقد أثقل صدره ألم تلك الصغيرة التي تحمل همًا أكبر من عمرها.

كان يعرف أن ما بداخلها لم يُقل كله بعد، وأن الخوف لا يزال يسكن نظراتها...

لكنه قرر هذه المرة ألا يكتفي بالكلام.

بل أن يحتويها أكثر، ويكسر كل حواجز الخوف من رأسها، واحدة تلو الأخرى.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


عند سمر...


دخلت جناحهم بخطوات هادئة، والابتسامة ما زالت معلّقة على شفتيها، تأثّراً بكلمات عمران التي لامست قلبها.

لكن فجأة، شهقت بفزع عندما سحبها أحدهم بعنف من ذراعها!


التفتت بصدمة لترى من الفاعل...

كانت والدتها.


تنفّست سمر بارتباك، محاولة التماسك، لكن قلبها كان يطرق بقوة بين أضلاعها.

وقبل أن تنطق بأي كلمة، دفعتها والدتها بقسوة، لتسقط على الأريكة.


صرخت بغضب، وعيناها تشتعلان:


– "انتي إيه اللي وداكي عند الناس دول؟!"

– "مش أنا قلت رجلك ما تعتبش هناك؟!"


ارتجف جسد سمر من هول انفعال والدتها، وعيناها راحتا تتلفتان في كل اتجاه، وكأنها تبحث عن مأوى من ذلك الغضب.

كانت الكلمات تختنق في حلقها، تحاول أن تختار ما تقول، أن تبرر جلستها مع عمران، فهي  خرجت فقط حين تأكدت أن والدتها لم تكن في المنزل...


لكن الصمت خانها.


صرخت والدتها، أكثر غضبًا من صمتها:


– "ردّي عليا يا سمر!!"

– "إنتي بتتجاهليني؟!"


وفي تلك اللحظة... دخلت سارة.


تقدّمت بخطى هادئة، ووقفت أمام والدتها ببرود غريب، تنظر إليها بثبات.


واردفت بحدة خافتة:


– "خير يا ماما؟ صوتك مسمع في كل البيت ليه؟!"


نظرت إليها والدتها بعينين تشتعلان غضبًا، وردّت بسخرية لاذعة:


– "أُختك الشملولة… داخلة من برّه لقيتها قاعدة بكل برود مع ابن عادل، وكأنّه مش السبب في مصيبة أبوك!"


سارة، بجمود حاد ونبرة تهديد خفي:


– "السبب في إيه بالضبط؟ مش فاهمة؟"

– "يعني هو عمران اللي ضرب عيسى على إيده وقالّه يبيع القرف ده؟ هو اللي خلاه يتاجر في سُـ*مّ يدمر بيه شباب الناس… ويدمّرنا معاه بجشعه؟"


صمت مفاجئ...

ثم صدمة واضحة ارتسمت على وجه الأم، وعيناها تلمعان بالذهول:


– "إنتي بتقولي إيه يا مخبولة؟!"

– "يعني صدّقتي إن أبوكي كان كده؟! صدّقتي إن أبوكي...!"


تراجعت خطوة للوراء، تلهث من وقع كلمات سارة، ثم صرخت وكأنها تطرد شيئًا داخلها:


– "خليتوا ابن هانم يلعب في دماغكم؟!"


سارة بغضب متفجّر، وعيونها تلمع من القهر:


– "أنا مش صغيرة عشان حد يلعب بعقلي!"

– "أنا كبيرة كفاية عشان أفهم كل اللي بيحصل حواليّا."

– "وبلاش شغل الصعبنيات ده، فوقي من دور الضحية اللي عايشاه، لأن محدش هيخسر في الآخر غيرك إنتي!"


تملّك الغضب من والدتها، واشتعلت عيناها بالنـا*ر...

فهي تعلم تمامًا أنها لا تستطيع مجاراة سارة في الحُجّة، ولا كبح اندفاعها، لكنها تعرف كيف تُهاجم، وكيف تُوجّه ضربة لا تُنسى.


ورغم كل إصرارها على اتهام عادل وابنه، كانت الحقيقة أشد قسوة من أن تُقال.

هي لا تكرههم فقط لما فعلوه، بل لما يُمثّلونه… ماضٍ موجع، وندبة لم تندمل، وخذلان لا يغيب عن ذهنها.


نظرت لسارة بغضب فهي تعلم ان ابنتها لا تُجيد الهزيمة، لأنها الوحيدة التي كانت تقف في وجه طغيان عيسى حين صمت الجميع، الوحيدة التي لم تخشَ غضبه ولا سلطته.


لكنها أيضًا لم تنسَ...

ولم تسامح.


فتقدّمت بخطوة، ونطقت بكراهيّة مدفونة منذ سنين، نبرتها كأنها تصفع بها سارة بقوة:


– "خليكي كده دايمًا... دافعي عنهم، عن عيلة الكدب والنفاق!"

– "دافعي عشان حبيب القلب… اللي عمره ما عبّرك، ولا حتى بصّلك بصة!"


 

ضحكت سارة بسخرية باهتة، تحمل وجعًا مكتومًا… كانت والدتها تضغط على جُرحها القديم بلا رحمة، لكنها لم تُظهر ضعفها.

نظرت إليها ببرود يغلفه الحزن، وبقلب يفيض قهرًا:


– "عارفة يا ماما إيه الفرق بيني وبينك؟"

– "أنا بدافع عن الحق… عن اللي بشوفه بعيني وبقناعتي الكاملة."

– "لكن إنتي… إنتي مستعدة تخسري كل حاجة، حتى إحنا، عشان توصلي لحاجة جواكي، للانتقام اللي سيطر عليكي سنين."


سكتت لحظة، وكأنها تبتلع مرارة الكلمات، ثم تابعت بنبرة أهدأ لكنها أكثر وجعًا:


– "وجواكي… جواكي عارفة كويس إن عمران وعمي مالهمش ذنب في اللي كان بيعمله عيسى."

– "عارفة... لكن رافضة تعترفي."


نظرت إليها بنظرة مباشرة، تحمل نضجًا لا يُشترى:


– "نصيحة مني، صغيرة وبسيطة..."

– "لما توصلي لانتقامك اللي أنا لحد دلوقتي مش فاهمة سببه الحقيقي… ابقي بصّي وراكي."

– "وشوفي خسرِتي إيه."

– "لأن اللي هتخسريه... عمرك ما هتعوّضيه، ولا هيرجع زي الأول أبداً."


لم تفهم والدتها تمامًا ما الذي قصدته سارة بـ "الخسارة التي لا يمكن تعويضها"... لكنها كانت واثقة من شيء واحد: سارة لا تنطق بكلمة إلا وهي تعنيها تمامًا.


وقبل أن تتمكن من طرح سؤال واحد، استدارت سارة وغادرت الغرفة.

لكنها توقفت عند الباب، ثم التفتت ببطء، ونظرت إلى والدتها بنظرة حاسمة، خالية من التردد:


– "أنا هتكلم مع عمي وعمران، وهرجع الشركة من بكرة."

– "وموضوع إنك تبعدينا عنهم... تنسيه تمامًا."

– "كفاية العيشة المقرفة، وكفاية الحقد اللي بتغرسوه في قلوبنا من صغرنا... إنتي وجوزك."


انصدمت والدتها، اتسعت عيناها بدهشة لم تعهدها في نفسها، وكأن الكلمات ضربت شيئًا عميقًا داخلها... لكنها لم تستطع الرد.


وسارة؟ لم تنتظر.

استدارت بهدوء، وتركتها واقفة في صمت، وتوجهت مباشرة نحو مكتب عمها... لتبدأ فصلًا جديدًا، مواجهة جديدة، وربما... بداية الحقيقة.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ♡♡


في مقر شركة آدم كان يعمل على بعض الملفات أمامه عندما تلقى اتصالا من رقم مجهول، فأجاب عليه وهو منهمك في قراءة الملف، فـ جاء الصوت من الجانب الآخر..اهلا يا ادم بيه


ادم بجمود... مين


الشخص... مش مهم انا مين بس حبيت اباركلك علي الخطوبة. 


ادم بتوجس ضغط علي زر أحمر امامه.... اممم الظاهر ان الأخبار بتوصلك بسرعة 


الشخص بضحكة.. اسرع مما تتخيل بس احييك علي اختيارك الصراحه مهره عربيه اصيله


لمعت عينا آدم ببريق شرس، وابتسامة باهتة شقّت شفتيه حين سمع كلمات المتصل.

لكن صوته حين رد... كان كالصقيع، بارداً حدّ الرعب:


– "من الغباء إن الواحد يلعب في عدّاد عمره بإيده، ويفتكر إن الكورة دايمًا في ملعبه."


صمت لحظة، ثم انحنى قليلًا للأمام، وكأن المتصل أمامه فعلاً، وقال بنبرة أشد قسوة، مملوءة بالاشمئزاز:


– "بس عارف إيه أكتر حاجة خلتني أشمئز منك؟"

– "إنك ما بتحترمش ذكاء الشخص اللي قدّامك."

– "ودي غلطة هتندم عليها كتير..."


ثم همس بثبات شيطا*ني، كأن كلماته قَسَم لا رجعة فيه:


– "أنا بوعدك...

هجيبك راكع.

وهقطع لسانك ده... بإيدي."


المجهول، وقد فقد هدوءه، صرخ بنبرة حادة، مملوءة بالغضب:


– "اللي لعب في عدّاد عمره هو إنت يا ابن شعيب... بس ملحوقة!"

– "ونصيحة مني… اكسب ودّي، لأن اللي جاي مش خير لا عليك، ولا على أهلك!"


ضحك آدم بسخرية، ضحكة هادئة لكنها قا*تلة، زادت من استفزاز الطرف الآخر، حتى بدأ يتمتم بكلمات غاضبة غير مفهومة.


لكن آدم... فجأة غيّر نبرته.

تحوّلت ضحكته إلى جمود مرعب، ونبرة صوته أصبحت أكثر برودة من الجليد.

أمسك بسلا*حه الموضوع على المكتب، وراح يحركه بين سبّابته وإبهامه ببطء... بعينين لا ترمش.


ثم همس بصوت منخفض، إجرا*مي، كأنه يلفظ حُكمًا لا مهرب منه:


– "الظاهر... إنّي هتمتّع جدًا الأيام الجاية."

– "فاسمعني كويس…"


– "عاوزك تعدّ على إيدك… لعشرين."

– "لأني عامل لك مفاجأة... وهتعجبك."


اردف الآخر بتوتر واضح في نبرته، وكأن الكلمات تخونه:


– "تقصد إيه؟"


أسند آدم ظهره إلى الكرسي، وابتسامة ساخرة تتسلل إلى وجهه:


– "أنا ما بحبّش خصمي يبقى جبان، يا عاصم."

– "عيب أهددك... وتنخ من أول كلمة."


ارتبك المتصل، وتجمّدت أنفاسه، وقد صُدم تمامًا بمعرفة آدم لهويته…

لكن قبل أن ينبس ببنت شفة، أنهى آدم المكالمة في وجهه، بضغطة واحدة، قاطعة كحد السـ/يف.


اشتعَل الغضب في عينيه، وقذف الهاتف فوق المكتب بعنف، ثم صرخ غاضبًا بصوتٍ أرعب من يسمعه:


– "ورحمة أبويا... لو ما كان قدّامي كمان ساعة، لأكون مخلّص عليكم كلكم!"


جاء صوت صهيب الذي كان يسمع كل شئ، وبنبرة حاول فيها أن يكون هادئًا رغم التوتر:


– "اهدى يا آدم... إحنا بالفعل في الطريق للمكان اللي تحدّد."


لكن آدم لم يرد.

أنهى المكالمة بصمت، وعيناه تلمعان بشرر الغضب.

وفجأة، توقف في مكانه، كأن فكرة خاطفة عبرت ذهنه... ثم اندفع خارج المكتب بخطوات سريعة، وفي طريقه أجرى عدة مكالمات متتالية، صوته حاد، قصير، لا يقبل النقاش.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


وفي منزل سماء أنهت مكالمتها مع مودة بعد أن أبلغتها بكل ما حدث بالأمس. فذهبت لتتوضأ وتصلي، ثم بدأت صلاتها. رن هاتفها وتكرر الرنين مرة أخرى ثم للمرة الثالثة. وبعد أن انتهت أمسكت بهاتفها وجاء البرنامج باسم صاحب الرقم. لتقم بالرد على الرنة الرابعة  وهي خائفه من تكرار اتصاله وعقلها يرسم احداث مخيفه، فأجابت بصوت متوتر. .... الو


صرخ آدم بغضب عليها لعدم الرد على الهاتف، مما جعل قلبها يرتجف من صوته العالي. 


_انتي مش بتردي ليه من الرنه الأوله


سماء بهدوء... خير في اي وليه كل الاتصالات دي


ادم بغضب... انتي فين دلوقتي. 


سماء باستغراب... هكون فين يعني موجوده في البيت


ادم بجمود... تمام انا في طريقي ليكي اجهزي عشان هخدك معايا


سماء بصدمه.. جاي فين ياحج انت. مفيش حد في البيت 


ادم بلامبالاه... اخلصي انا خلاص وصلت عند بيتك. 


كادت سماء ان ترفض بنفعال لكنه اغلق في وجهها. 


فاتصلت بوالدها ليأتيها أن الهاتف خارج التغطية، فزفرت بغضب، فاتخذت قرارها واتصلت بحسناء ليصل صوتها... حبيبت قلبي عامله اي. 


سماء بنفعال.. ماما ابنك المجنون بيكلمني ومتعصب وبيقولي اجهز لانه جاي البيت يخدني ولما قلتله محدش هنا مهتمش وقالي انه قريب. 


حسناء بتوتر فهي تعلم أن هذه الأشياء ليست من طبيعة آدم وتدرك أن هناك خطأ ما...سماء اسمعي كلام ادم وقومي اجهزي يلاه


سماء باستغراب.. انتي بتقولي اي ياماما


حسناء بجديه.. اسمعي اللي بقولك عليه وقومي يلاه اجهزي ومتخرجيش من البيت غير لما يقولك اخرجي يلاه. 


سماء بتوتر.. ماما هو في اي هو بابا حصله حاجه. 


حسناء بهدوء.... لا يا حببتي بابا كويس وادم هيجيبك تقعدي معايا هنا قومي بقا وبلاش عند. 


سماء باستغراب... حاضر هقوم اجهز. 


حسناء بحب.. ماشي يا حببتي انا هقفل عشان لو ادم اتصل متبقيش مشغوله وشويه وهتصل عليكي. 


أغلقت حسناء، وتركت سماء، متفاجئة من الوضع، لتذهب بعدها وتستعد.... 


عند ادم امر بعض رجاله بتباعه لمنزل سماء وبعدها جاءه اتصال من والدته فقام برد عليها وهو يعلم ان سماء قامت بالاتصال بها.... السلام عليكم 


حسناء بتوتر.. وعليكم السلام خير يا آدم في اي؟ 


ادم بجديه.. مفيش يا حببتي لما اجيلك هفهمك هقفل معاكي دلوقتي وهكلمك بعدين. 


والدته بتفهم... ماشي يا حبيبي خد بالك من نفسك. 


أغلق ادم وبعد دقائق وصل امام منزل سماء واعطي بعض التعليمات لرجاله بحراسة المنزل بعنايه... ثم اتصل ليخبرها أنه بالخارج......... فخرجت إليه وهي تفكر في سبب قدومه، إلا أنها فوجئت بوجود الحراس في كل مكان. نظرت إليه بتساؤل لكنه لم يستجب لنظراتها.


فغضبت من الأمر ووقفت مكانها بعند. لينظر لها بغضب وهو يحثها على الاقتراب. زفرت بغضب واقتربت من مكانه، فأمرها بالصعود إلى سيارته لتردف بغيظ... اظن مطلوب من حضرتك تفهمني في اي. 


لم يهتم لسؤالها وسحبها إلى سيارته وأغلق الباب بغضب لعدم تلبية كلامه. لترتعد خوفا مما فعله ، فصعد هو أيضًا سيارته وغادر دون أن ينبس ببنت شفة.


سماء بجديه... ممكن افهم في اي؟ ولا هتفضل ساكت كتير. 


ادم بجمود.. مش عاوز اسمع صوتك لغايت ما نوصل للڤلا. 


انصدمت سماء من نبرته الجافة، وابتلعت ألمها للحظة، ثم ردّت بجديّة، بصوت ثابت رغم ارتعاش قلبها:


– "إنت ما لكش الحق تكلّمني بالأسلوب ده...

وياريت توقف، لأني مش ناوية أروح معاك لأي مكان."


لكن صوته انفجر كالرعد، مقاطعًا كلماتها:


– "قلتلك… اخرصي!"


شهقت سماء، وقد ارتجفت من شدّة غضبه، وارتفع صدرها من الخوف والذهول.

صوته اخترق جدار الأمان الذي كانت تحاول أن تبنيه داخليًا.


لكنه لم يُبْدِ أيّ اهتمام…

تابع طريقه ببرود، واتصل بصهيب، يسأله عمّا وصل إليه، وكأن شيئًا لم يكن.


بينما كانت سماء تنظر عبر نافذة السيارة إلى الطريق…

وعيناها لا تتوقفان عن الانهمار.

دموعها كانت حارقة… ليست فقط من الخوف، بل من الخيبة.


خيبة في آدم.


فهي لم تتخيله يومًا بهذه الغطرسة…

بهذا السلوك القاسي.

كأن شيئًا ما تحطّم داخلها… بصمت.

يتبع


– لما اللي بتحبه يكون أكتر شخص بيخوفك…

تفتكروا ده اسمه حب؟ ولا بداية لنهاية موجعة؟


– مستنية آراءكم في الكومنتات–


#الجلاد_لقلبي_رغم_حبي♡

بقلم دينا النجاشي♡

البارت السادس♡


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ♡♡♡

وصل آدم إلى العنوان الذي أرسله له صهيب، بعدما أوصل سماء إلى منزله. ترجل من سيارته بخطوات واثقة ونظراته تمتلئ شماتة، يتفحّص المكان المهجور بعين الصيّاد. لم يكن سوى منزل أنيق يتوسط منطقة خالية، تحيطه فوضى رجال أمن مطروحين أرضًا، بعضهم يئن من الألم.


رغم قسوته، كان آدم يأمر رجاله دائمًا بعدم القـ*تل... القـ*تل عنده عقوبة لا تُمنح إلا لمن يستحقها حقًا، كمن يحمي "الخونة".


دخل المنزل ببطء، وعلى وقع صرخات عاصم القادمة من الداخل، ارتسمت على وجهه ابتسامة باردة. تلك الصرخات كانت بالنسبة له كأنها سيمفونية من زمنٍ قديم، تحمل نغمةً لا يعزفها إلا الضعف.


وما إن دخل حتى التقت عينا عاصم بهيئته المهيبة. شُلّ جسده، وارتجف كأن الموت قد تمثل أمامه. لعن اللحظة التي دفعه غروره للتواصل مع هذا الرجل، "النمر"، كما يُلقّبه الجميع.


خفض بصره على الفور، عاجزًا عن النظر لعينيه، وفي داخله يرتجف دعاءً ألا يكون هذا هو اللقاء الأخير في حياته.


قطعت الصمت وهيبة الخوف صوت آدم الأجش، وهو يجلس أمامه على الكرسي، يبتسم بسخرية:

آدم بتهكمٍ حاد وصوت منخفض يحمل نبرة استهزاء:

‌‌_انت عاوز رجالتي تضحك عليا ولا اي يا عاصم ما تحترم وجودي وحسسني اني جيت لهدف يستاهل مش جاي اواجه واحده نسوان قدامي. 


_بلع عاصم الغصة التي في حلقه من إهانة آدم ورفع عينيه بعصبية لا يدري ماذا يفعل، فخرج صوته بنبرة طبيعية..... لسا ناوي تعمل اي مش كفايه الدمار اللي كنت السبب فيه. 


ادم ببرود... دمار اي مش فاكر 


عاصم بجديّة، ونبرة تحمل تحديًا مغلفًا بالخوف:

"اسمعني كويس يا آدم… إنت بتلعب بالنار. واللي بيلعب بالنار يا بيتلسع… يا بيتحرق. فالأفضل ليك تبعد عن طريقنا… لو كنت ناوي تعيش."


لمعت عينا آدم ببريقٍ مرعب، كأن الشيطان قد استيقظ فيه، واقترب من عاصم بخطوات بطيئة ثقيلة، كل واحدة منها كأنها تدق على قلبه مباشرة. حتى وقف أمامه تمامًا، ثم انحنى ليصبح على مستوى وجهه، وهمس بصوت منخفض ملغوم:

"ومين بقى... الوحش اللي ناوي يلعب معايا؟"


تجمد عاصم، وشعر وكأن الد.م انسحب من أطرافه. ارتبك، وانحبست الكلمات في حلقه. وقبل أن يفتح فمه، أمسك آدم بفكيه فجأة، وضغط عليهما بقوة، فخرجت منه صرخة قصيرة حادة، ممزوجة بالألم والذل.


ابتسم آدم ابتسامة شيطانية، وعيناه تلمعان بجنون، ثم همس بنبرة مخيفة:

"اللي بيحط نفسه قدامي… لازم يعرف إنه مش هيتحرق بس… ده هيتحول لـ رماد."


- آدم بنبرة هادئة تحمل في طيّاتها خبثًا:

"قولي يا صهيب... المدح بيبدأ منين؟"


صهيب بجديّة، دون تردد:

"لما يعجبك اللي شفته، يا آدم بيه."


آدم بموائمة وابتسامة ماكرة:

"وبعد ما يعجبني… بيحصل إيه؟"


صهيب بابتسامة جانبية:

"تمدحه ساعتها."


هزّ آدم رأسه ببطء، واردف بصوتٍ يشبه الهمس، لكن يحمل من الهيبة ما يجعل الهواء يثقل:

"يعني كده… عيوني شافت، ولساني مدح؟"


صهيب وهو يكتفي بهز رأسه بتأكيد:

"صح يا آدم بيه."


تغيرت ملامح آدم فجأة، واكتست وجهه قسوة مهيبة، ثم نظر إلى عاصم بنظرة حادة، واردف بصوتٍ جبار:

"بس المرة دي... هخالف القاعدة. علشان حابب عيونه الحلوة دي تفضل مفتوحة وتشوف اللي هيحصل فيه."


انتفض عاصم بين يدي آدم كأن الرعب قد التهم أنفاسه. هو لم يحتج لتفسير... لقد فهم تمامًا ما عنى به آدم كلماته.


آدم اقترب منه أكثر، وهمس بصوت بارد كالجليد، لكن يحمل حقدًا متفجرًا:

"هعلّمك إزاي تبص على حاجة تبعي… وتعيش بعدها."


ثم التفت نحو صهيب، الذي فهم الإشارة دون أن يُقال شيء. اقترب بخطى ثابتة من عاصم، أمسك رأسه بقوة، وفتح فاه رغم مقاومته المرتبكة.


حاول عاصم الصراخ، لكن الصوت اختنق في صدره.


أشار آدم إلى أحد حراسه، فتقدم الآخر وأمسك بلسان عاصم، بينما الأخير يتخبط وتغرق عيناه بدموع الخوف والرجاء.


ابتسم آدم ابتسامة باردة، ثم أخرج مشرطًا صغيرًا من جيبه، لامس به طرف لسان عاصم برفق ساخر، وقال بهمس متلذذ:

"لسانك طويل يا عصام... بس مش أطول من اللازم."


ثم، دون تردد، سحب شفرة المشرط بقوة. انقطع الصوت. انقطع اللسان. وبقي في يد الحارس، كرمز على أن التحدي له ثمن.


نظر عاصم إلى المشهد كمن يشاهد كابوسًا وهو مستيقظ. عيونه اتسعت، ثم أُغمضت على صدمة لم تحتملها روحه. سقط رأسه للخلف، وفقد وعيه...


أما آدم، فوقف بثبات، ينظر له كأنه يُشاهد عملًا فنيًا أتمه للتو. 


نظر إليه آدم بشماتة، ثم تناول بعض المناديل من يد أحد الحراس، وبدأ في مسح يده بهدوء وكأنه أنهى للتو عملًا روتينيًا لا أكثر. أنهى تنظيفه، ثم التفت إلى صهيب واردف بنبرة آمرة لا تحتمل نقاشًا:

"تحبسه في المصنع... وخلّي بالك، ورايا معاه شغل كتير."


صهيب أومأ برأسه بموائمة، واجاب بهدوء:

"تمام."


تحرك آدم خارج المنزل بخطوات ثابتة، وأمر بعض الحراس بمرافقة صهيب لحراسة عاصم والتأكد من تأمين المصنع جيدًا. في الوقت ذاته، تحرّك عدد من الرجال لنقل حراس عاصم المصابين إلى إحدى المستشفيات الخاصة التابعة لآدم، حيث يتلقى رجاله الرعاية… أو العقوبة، بحسب ما يراه مناسبًا.


ثم نُقل عاصم – الغائب عن الوعي – إلى المصنع كما أمر آدم، هناك حيث لا يصل الصوت ولا الرحمة.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ♡♡♡


في السرايا الخاصة بعائلة الشيمي، كان عمران يتحدث عبر الهاتف، ونبرة صوته تحمل توترًا واضحًا، فيما تتشابك أصابعه فوق المكتب بضيق.

المعلومة التي وصلته قبل لحظات من بعض الحراس العاملين لديه والمنتشرين قرب ممتلكات آدم، لم تكن سهلة الهضم. استمع جيدًا، ثم أملى عليهم سلسلة من التعليمات الدقيقة، صوته منخفض لكن حاد، ينم عن قلقٍ يغلي في الأعماق.كان آدم قد علم بوجود الحراس الذين أرسلهم عمران سرًّا لحراسته، وغادروا منذ فترة. لكن عمران لم يكن يومًا رجلًا يُراهن على خطة واحدة. كانت له دائمًا طرقه الخاصة، وأساليبه التي لا تُكتشف بسهولة… طرق تزرع له الطمأنينة حتى في قلب العاصفة.


وبينما كان غارقًا في توتره، محاولًا احتواء الموقف بعقله البارد، كان هناك من يراقب ملامحه بصمت. وقفت في الزاوية دون أن يشعر بها، تتأمل وجهه الذي تغيّرت ملامحه فجأة ما بين الغضب والانشغال.


ثم خرج صوتها الهادئ، يحمل تساؤلًا مريبًا لكنه ناعم النبرة:

"خير يا عمران؟"


نظر عمران خلفه حين سمع صوتها، تنهد بعمق واضاف بجدية يحاول أن يُخفي بها قلقه:

"خير… متقلقيش."


لكن سارة لم تقتنع، تقدمت خطوة ونظرت في وجهه، وعيناها تفحصان ملامحه المتوترة:

"الظاهر إنه مش خير، ووشك بيقول إن الموضوع يخص صاحبك."


ثبت عمران نظره عليها للحظات، ثم حرك رأسه بإيماءة تؤكد شكوكها.

زحف الخوف إلى قلبها، اعتقدت لوهلة أن مكروهًا قد أصاب آدم، لكنها تماسكت، ورسمت على وجهها هدوءًا يناقض ما يدور داخلها، وتحدثت بنبرة خافتة:

"آدم حصله حاجة؟"


هزّ عمران رأسه نافيًا، وقال مطمئنًا:

"لا… عدت على خير."

ثم تنهد من جديد وأردف:

"بس زي ما انتي عارفة، آدم مندفع… وعصبيته أوقات بتلغي تفكيره. والموضوع ده بيخليني دايمًا قلقان عليه."


أومأت سارة بتفهّم، وقالت بلطف:

"متقلقش… آدم صحيح متسرّع، بس صهيب دايمًا معاه، وذكي. بيعرف يتصرف صح وقت اللزوم."


رد عمران بنبرة أكثر جدية، وقلق لم يُخفه هذه المرة:

"أنا عارف ده يا سارة، بس من إمتى آدم بيسمع لحد؟ من إمتى حد يقدر يخالفه؟ حتى لو صهيب بيعمل الصح… آدم بيعنّد وبيثور، ودي طبيعته."


سارة نظرت إليه بحدّة خفيفة، ثم قالت بفطنة:

"صهيب مش مجرد حارس يا عمران، صهيب صديق آدم… واللي بينهم أكبر من أوامر. قبل أي خطوة، بيتشاوروا وبيحسبوها. وصدقني، القرار اللي بياخدوه دايمًا بيكون لمصلحتهم ومصلحة رجالتهم."


ثم اقتربت منه أكثر، ونظرت في عينيه مباشرة:

"عمران… إنت معيش نفسك في حالة توتر مبالغ فيها. آدم كبر، وبقى راجل… مش أي حد. بالعكس، ده الكل في السوق بيهابه، وكل خطوة بيحسب لها ألف حساب."

وأضافت بلهجة حازمة دافئة:

"حاول تهدى… وطمن قلبك عليه."


تنهد عمران بحزن عميق، يعلم في قرارة نفسه أن كل كلمة قالتها سارة صحيحة. لكنه لا يستطيع كبح هذا الخوف،  بعد كل ما حدث.

ذلك الخوف لم ينبُت من فراغ، بل كان أثرًا مباشرًا للماضي... حين استمع بنفسه ما كان عيسى يُدبّره له. ومنذ أن ابتعد آدم عنه، بدأ ذلك القلق ينمو بداخله كجرحٍ لم يُشفَ، رغم كل ما يحاول إخفاءه.


لاحظت سارة شرود ملامحه، وانكسارًا خافتًا في عينيه، فتفهمت. لم تُعلّق، بل اختارت تغيير دفة الحديث، وقالت بابتسامة خفيفة:

"قولي... أخبار الشغل إيه؟"


رمش عمران كأنه عاد من عالم آخر، ثم استقام في جلسته واردف بهدوء:

"ماشي تمام... ودخلنا في صفقة كبيرة، شغالين عليها بكل طاقتنا."


لمعت عينا سارة باهتمام:

"طيب... أنا حابة أرجع."


نظر إليها عمران بدهشة ممزوجة بفرحة مفاجئة، وابتسم قائلاً:

"بجد؟ هترجعي؟"


هزت رأسها بموائمة وهي تبتسم:

"استأذنت عمي، ورحب بالموضوع... فـ تمام. إيه رأيك من بكرة نبدأ شغل؟ بس النهارده تشرحلي كل حاجة، عشان أبقى جاهزة."


ابتسم عمران بسعادة حقيقية ظهرت لأول مرة منذ بداية الحديث:

"عيوني... متعرفيش أنا كنت محتاجك قد إيه."


تنهدت سارة، ثم اردفت بنبرة فيها مرارة خفيفة:

"ربنا يسامحه عيسى… هو اللي قعدني، وكان بيضغط عليا بسمر."


عمران هز رأسه وادرف بصدق:

"ربنا يهديه… المهم دلوقتي إنك راجعة. آخر النهار نكون قاعدين، أشرحلك كل حاجة بالتفصيل، ونظبط شغلك من بكرة."


اردفت  بحماس :

"خلاصانة يا وحش."


ضحك عمران على تلك الكلمة التي اعتادت قولها.

رغم كل التغيّرات، ما زالت سارة كما يعرفها…

فـ هي، وعمران، وآدم كانوا دومًا الثلاثي الأقرب، يتشاركون في كل شيء… حتى العمل.


_


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


وفي فيلا آدم الخاصة كانت تجلس مع والدته مشتتة وحزينة بسبب تصرفاته القاسية. حاولت السيطرة على دموعها حتى لا تبكي أمام والدته، وفي داخلها قررت أن تتحدث مع والدها وتنهي هذا الأمر، فهي لم تكن مستعدة أبداً للارتباط بشخص لا يحترمها.  

قطع شرودها صوت حسناء، والدة آدم، وهي تقترب منها بقلقٍ واضح:

"مالك يا سماء؟ بكلمك وانتي ولا كإنك موجودة!"


تنفّست سماء بعمق، محاولة استعادة تماسكها، ثم التفتت نحوها وارتسمت على شفتيها ابتسامة باهتة، تخفي الكثير:

"مفيش يا حبيبتي... بس بفكر في بابا، لو رجع وملقانيش. ومش فاهمة بصراحة ليه آدم عمل كده… ليه جابني هنا فجأة، وليه الحراسة مشددة حوالين الفيلا؟"


نظرت إليها والدة آدم بحنان، وربّتت على يدها بلطف، وقالت بصوت دافئ مطمئن:

"متقلقيش يا قلبي، أكيد حصلت حاجة مهمة، وآدم هيقولنا وقت ما يقدر. أما والدك، فآدم كلّمني وقال إنه بلغه بوجودك هنا… وإنك حاولت تتصلي بيه، بس شكله تليفونه مقفول."


أومأت سماء بصمت، وربتت حسناء على يدها، وهي تعلم في أعماقها أن آدم هو من سبب لها الحزن 


أومأت سماء بصمت، بينما حسناء ربتت على يدها بحنانٍ خفي، تداري قلقها. كانت تعلم جيدًا في أعماقها… أن ابنها هو سبب الحزن الذي يسكن عيني هذه الفتاة.


وبعد فترة، وصل آدم إلى الفيلا.

وما إن عبر عتبة الباب، حتى وقعت عيناه على سماء الجالسة بصمت، شاردة النظرات، ملامحها منهكة، وحزنها ظاهر حتى من دون كلمات.


تنهد بانزعاج من نفسه، يلوم داخله على ذلك الانفعال الذي فلت منه. اقترب منها بهدوء، حتى التقت عيناه بعينيها… فكانت نظرة عتاب تكفي لتعيد كل ما جرى إلى ذهنه.


انخفض إلى مستواها، وقال بصوت خافت:

"عارف إنك زعلانة من طريقتي... ومن صوتي العالي... بس صدقيني، ما كان قصدي أزعلك."


اغرورقت عينا سماء بالدموع، حاولت كتمانها، لكن دمعة خائنة انحدرت على خدّها.

أدرك آدم كم جرحها… وكم كان قاسيًا دون أن يشعر.

هو من أشركها في صراعاته… وصب عليها غضبًا لم يكن يعنيها.


أمسك بيدها برفق، محاولًا إصلاح ما انكسر، لكنها حاولت سحب يدها، محتجة:

"سيبني يا آدم!"

لكنه لم يستجب، ومضى بها إلى الحديقة رغم اعتراضها وصراخها.


وصل صوتهما إلى مسامع حسناء، التي هرعت لتفقد الأمر، لكنها توقفت في مكانها عندما رأت آدم يمسك بيد سماء ويقودها للخارج. ابتسمت بخفة وضحكت:

"واضح إنه بيحاول يصالحها."

ثم استدارت لتُحضر العصير الذي أعدّته لها.


في الحديقة، وما إن وصلا، حتى ترك آدم يدها فجأة، ونظر إليها بغضب مكتوم:

"اكتمي."


سماء اشتعلت غيظًا، رفعت صوتها وصرخت بوجهه:

"إنت إزاي تسمح لنفسك تخادني كده؟ ومسك إيدي؟! إنت فعلاً إنسان همجي... ومشفتش تربية!"


تجمّد وجه آدم، واشتعلت عيناه بوميض خطير.

تقدم منها بغضب، أمسك بذراعيها بقوة، واقترب منها وهمس بجانب أذنها بنبرة باردة لكنها تحمل تهديدًا حقيقيًا:

"كلمة كمان يا سماء… وهنسى إنك بنت. وساعتها… هتشوفي الهمجي ده ممكن يعمل إيه."


 


ارتجفت سماء خوفا منه ومن ملامحه التي تحولت وأصبحت مخيفة، مما جعل دموعها تنهمر رغما عنها. فهي لا تصدق أن هذا كان آدم. أما آدم فلما أحس برعشة خوفها ورأى تلك الدموع أغمض عينيه بغضب وهو يلعن نفسه. فهو لا يستطع السيطرة على غضبه مهما حاول، فابتعد عنها ومرر أصابعه بين خصلات. شعره بعصبيه.... 


أما سماء فظلت ساكنة تنظر إليه بألم تعرف سببه، ولأول مرة تشعر أنها بكل هذا الضعيف ، فمسحت دموعها بضعف وتحركت من مكانها لتغادر، لكنه أوقف حركتها بالوقوف أمامها وهو يتنهد.. انا مقصدش ازعلك صدقيني. 


ابتسمت سماء بألم وهي تنظر إليه، وفي داخلها كانت تصرخ من القهر. كان هو الشخص الذي تمنت أن تكمل معه حياتها، أن يكون لها الأمان، السند، الوطن.

لكن الواقع كان أبعد ما يكون عن أحلامها… فقد تحول الحلم إلى كابوس، والشخص الذي أحبته، كان رجلٍ قاسٍ، متغطرس، لا يرى سوى سلطته.

.. لقد دمر أحلامها التي كانت عنه وعن وجوده في حياتها... 


كان يتابع وجهها الحزين، ينتظر منها أي كلمة، حتى خرج صوتها أخيرا بنبرة متحشرجه... "ربنا ليه حكمة في كل اللي حصل… وأنا الحمد لله فوقت."


صمتت لوهلة، أخذت نفسًا بدا وكأنه موجة باردة عبرت صدرها، ثم تابعت بنبرة مخنوقة:

"حتى لو فوقاني كان بالوجع اللي حاساه دلوقتي… بس وجع اللحظة دي أهون بكتير من وجع العمر كله."


فهم آدم ما تقصده من كلامها وشعر بالحزن ولم يفهم سببه، فهو لم يفكر قط في العلاقة وكل ما فعله كان من أجل والدته تكلم أخيرًا، بنبرة خافتة لكن جادة:

"دي حياتك… وإنتي أدرى راحتك هتكون فين، ومع مين."


كلماته خرجت كأنها تصريح بالانسحاب… حيادية باردة، خلت من أي رجاء أو تمسّك.


أومأت سماء برأسها بضعف، وغصّة مؤلمة سكنت قلبها.

لكن أكثر ما كسرها لم يكن فقط كلامه… بل تلك اللامبالاة التي رأتها في عينيه، وكأنها كانت عبئًا أراد التخلص منه لا أكثر.


تماسكت، بكل ما تبقى فيها من كرامة، لتمنع دموعها من السقوط، ثم أردفت بنبرة جامدة، تخفي خلفها زلزالًا من الانهيار:

"ممكن أفهم… سبب وجودي هنا إيه؟ وليه الحراسة اللي حوالين البيت؟"


تردد آدم للحظة… هل يخبرها بما حدث؟

لكنه سرعان ما حسم أمره. كان عليها أن تعرف، ليس فقط لتفهم وجود الحراسة، بل ليعلم والدها أيضًا أن الأمر ليس عبثًا.


تنهد قليلًا وارظف بنبرة جادة:

"إنتي عارفة إن شغلي خلاني أكوّن أعداء كتير… وللأسف، في ناس وصلهم خبر إني خطبت، وجالي تهديد صريح بأذيتك."

نظر في عينيها مباشرة وأردف:

"عشان كده… الحراسة هتفضل حوالين البيت، وإنتي مش هتخرجي من غير حرس معاك."


شهقت سماء بدهشة، وصوتها خرج مصدومًا:

"إنت بتقول إيه؟! إحنا ما اتخطبناش! ومفيش بينا أي حاجة!"


هزّ آدم رأسه بتفهم، لكن صوته ظل حازمًا:

"فاهم ده كويس… وأكيد مش هقعد أشرح لكل واحد وأقول محصلش. مش مهم ده دلوقتي، المهم إنك تسمعي الكلام… ما تخرجيش من غير حراسة، ولو حسيتي بأي حاجة غريبة، تكلّميني على طول."


رفعت سماء حاجبيها بغضبٍ لا تخفيه، وصوتها ارتفع باحتجاج واضح:

"أولًا… الحراس بتوعك دول، تتفضل تقولهم يمشوا. وثانيًا… أكلمك بصفتك إيه؟! إحنا من النهارده… كل حاجة بينا انتهت قبل ما تبدأ!"


تجمد وجه آدم، وحدّق فيها بصرامة، واردف بجديّة لا تقبل نقاشًا:

"أنا مش فايق لعناد ولعب عيال… وكلامي يتسمع. الحراسة هتكون معاك في أي مكان تروحيه، ولما المشاكل دي تخلص… هم اللي هيمشوا."


همّت سماء أن ترد عليه بعنفٍ أكبر، فقد كانت الغضب يتصاعد في صدرها كسيلٍ جامح، لكن صوتًا أنثويًا قادمًا من بعيد قطع التوتر:


_ جاء صوت حسناء من الداخل، تنادي بود:

"سماء… آدم… يلا يا حبايبي، الغدا جاهز."


التفت آدم نحو سماء وقال بجفاف:

"يلا، ماما بتنادي."


سماء... انا همشي وهبقا اكلمها وفهمها الوضع. 


ادم بجمود... اخلصي يلاه وبعدين ابقي اعملي اللي عوزاه. 


"إنت بتتحكم فيّا بصفتك إيه؟! وإيه طريقتك المتخلّفة دي في الكلام؟!"


عندها اشتعلت ملامح آدم، واقترب منها بخطوة حادة، وصوته خرج مشبعًا بالغضب:

"سماء… ما تخلينيش أوريكي وشّ مش هيعجبك. واخلصي قدامي!"


ضربت سماء بقدميها على الأرض بغضب، فحاول آدم أن يمنع ابتسامته من الظهور، فانصرفت من أمامه وهي تلعن اليوم الذي رأته فيه.


دخلا الاثنان، وولدت آدم تتابع دخولهم بابتسامه وهي تنظم السفره وتدعو الله أن يجمعهما قريبا في هذا المنزل. أما آدم فحزن عندما رأى فرحة أمه، ولام نفسه لأنه أفسد تلك العلاقة قبل أن تكتمل، وهذا ما سيحزنها، وهو يكره أن يراها حزينة... أخرجه من أفكاره صوت أمه وهي تقترب من سماء بكل حب وتسحبها لتجلس بجانبها على طاولة الطعام. فهو يستغرب كثيراً حب والدته الكبير لتلك الطفلة، فابتسم ساخراً وهو يتحدث إلى نفسه. قال طفله قال..... جلس هو الآخر دون أن ينطق بكلمة، وبدأوا في تناول الطعام، لكن سماء كانت مشتتة. كل ما كانت تفعله هو تحريك الطعام بالمعلقه وهو يراقبها فـقطع الأمر صوت أمه وهي تطرح أسئلة....ها ياولاد اتفقتوا تعملو الخطوبه امته وبفرحه بالغه تحكي عن سعادتها بتلك الزيجه...... اي رأيكو نجيب الشبكه بكره ويومين ونعمل الخطوبه 


صمتت سماء ولم تعرف ماذا تقول، فهي لا تريد ان تحزنها بعد رؤية كل تلك الفرحة... رفعت عينيها إلى آدم، لكنه ظل باردا ويأكل بصمت. 


حسناء باستغراب... في اي ما تتكلموا


ادم بجديه.... انا عن نفسي موافق لينظر لسماء وبستفزاز... وانتي رايك اي يا سماء 


سماء بصدمه.. هااا


نظر إليها آدم بمكر ثم وجه نظره إلى والدته...سماء ميهونش عليها زعلك وطبعا هي موافقه ولا انتي ليكي رأي تاني يا سماء


نظرت له سماء بغضب وقبل أن تتكلم ضمتها والدة آدم إلى حضنها واردف بسعادة...الف مبروك يا روحي مش مصدقه ان اخيرا  الأمنيه اللي طول عمري بتمناه هتتحقق... امتلأت عيناها بدموع الفرح وأردفت بحب.... كده اقدر ارتاح وابقا مبسوطه 


ابتسمت سماء ومسحت دموعها... طيب بتعيطي ليه دلوقتي 


حسناء بابتسامه... دي دموع الفرحه يا قلبي


أومأت سماء برأسها مبتسمة، وقبلت خديها وشاكستها بغمزه.... ما تقولي ان نفسك تجوزيني لإبنك وان مفيش مني. 


ضحكت حسناء علي مشاكستها وبحب... فعلا  انتي خساره فيه. 


رفع آدم أحد حاجبيه.... هي بقت كده 


حسناء بغمزه... امال 


ابتسم آدم لفرحة والدته الظاهرة ونظر إلى سماء فكانت تضحك معها أيضًا فهو يعلم جيداً أنها لم تتحدث لكي لا تحزنها، فقرر أن يصلح ما أفسده...فهو يشعر بالارتياح تجاه الأمر، ولهذا سيحاول أن يحدث هذا الارتباط من أجل والدته ومن أجل الراحة التي يشعر بها


قطع أفكاره كلام سماء لوالدته بأن عليها الرحيل من أجل والدها. 


فوقف في مكانه وبجدية- هوصلك في طريقي اجهزي وانا هستناكي في العربيه انها كلامه وغادر المكان فضغطت على يدها حتى هدأت، فهي تكره غطرسته ومعاملته الصارمة معها.لتنظر لحسناء وبتنهيده... همشي انا يا ماما وهبقا اكلمك


حسناء بحب ربتت علي يدها واردفت بحنيه... عارفه ان اسلوبه وطبعه مخوفك منه بس انا متأكده انك هتغيريه وهتلخيه بني ادم تاني 


سماء بموأمه... ان شاء الله 


انتهى الحديث وودعتها حسناء وذهبت إلى سيارته لتزفر منزعجة وتمنت لو لم تكن حسناء واقفه لتغادر هي دون ان تصعد معه لكنها مضطره.


فتح لها حارس الأمن باب السيارة فشكرته ودخلت دون أن تنبس ببنت شفة. وبعد أن صعدت، خرج آدم بالسيارة بصمت. انتظرت بضع دقائق حتى يبدأ في الحديث ويفهمها ما سيفعلونه، لكنه لم يتكلم، فغضبت من صمته وتحدثت بجدية... ممكن افهم اي اللي حصل ده.. 


لم يلتفت لها آدم، وبقيت عيناه على الطريق لـ يرد ببرود.... حصل اي 


سماء بغضب...هو انت قاصد تقل مني ولا اي بظبط. 


أخذ آدم نفساً طويلاً ليهدأ، فهو لا يريد أن يفسد الأمر أكثر.... ادتلك وقتك تتكلمي وترفضي وانتي سكتي. 


سماء بنفعال.. سكت لما شوفت فرحت ماما ومهنش عليا اكسر فرحتها. 


ادم بجمود...ودا نفس اللي انا عملته

وطبعا بإيدك كل حاجه وتقدري تنهي الموضوع


شعرت سماء بـ الإهانه فضحكت بألم... وانت بقا يعيني دلدول زي ما يحطوك تقول تمام وتسكت


صدر صوت احتكاك قوي نتج من قوف ادم بسيارته. 

شهقت سماء بخوف، والتفتت نحوه بتوتر، تبحث في ملامحه عن تفسير، لكنها لم تجد إلا الغضب في أقسى صوره.


عيناه، التي لطالما أحبت لونهما العسلي، تحوّلتا الآن إلى سوادٍ عميق قاتم.

وأوردته البارزة في رقبته، وتلك الشراسة المنبعثة من ملامحه، جعلت جسدها يقشعر، وكأنها أمام وحشٍ على وشك الانقضاض.


الصمت خيّم على المكان… صمتٌ مخيف لا تُكسره حتى أنفاسها المرتجفة.

بدأت تلعن في داخلها كل كلمة تفوّهت بها، كل عبارة دفعت به إلى هذا الغليان.


كان يُحدّق بها… نظراته كالرصاص تخترقها، بلا كلمة، بلا حركة.

وضعت سماء يديها على وجهها بتلقائية، تتجنّب النظر إليه، تحاول أن تحمي نفسها من سكين نظراته، ومن غليانٍ لا تعرف متى سينفجر.


ثم أخيرًا، خرج صوته…

هادئ، لكن بارد كالجليد، ونازف بالغضب المكبوت:

"اتقي شري يا سماء… وبلاش تخليني أحطّك في دماغي… وأنسى العِشرة اللي بينا."


ظهرت الدموع في عينيها، فنظرت نحو الطريق حتى لا يرى تلك الدموع، لأنه في كل دقيقة يثبت لها أنها أخطأت في حق نفسها.


أخرج بعض المناديل وقربها منها وهو مستغرب قدرتها علي البكاء كل دقيقه.. فأبعدت يديه بحزن وزادت دموعها فتنهد آدم من الأمر. فهو لم يكتفِ بعدم إصلاح الأمر، بل قام بتدميره، فأضاف بجدية...سماء اهدي وانا هعملك اللي عوزاه بس اهدي. 


نظرت إليه سماء، وقد احمر وجهها من كثرة البكاء، وانتفخت عيناها لتنفجر  بنفعال... "هتعمل إيه؟ هتوجعني بكلامك تاني؟ ولا هتحسسني إنّي حاجة ما تستاهلش، وسهل تتهان بكلمتين؟!"


اتسعت عينا آدم بدهشة، وادرف بجديه

"إنتي بتقولي إيه؟ متستاهليش إزاي يعني؟! هو انتي اتجننتي؟!"

ثم أردف بنبرة أعلى، فيها استنكار حقيقي:

"إيه الكلام ده؟!"


لكن سماء لم تهتم لردة فعله، كانت غارقة في ألمها، تتكلم دون فلترة:

"دلوقتي أنا اللي غلطانة؟! وانت مش واخد بالك من طريقتك… من كلامك اللي كله تجريح وتهديد وإهانات؟!"


ادم بجديه... طيب اهدي انا غلط وبعترف بده بس صدقيني مقصدش اوجعك ابدا ولا اقصد اي كلمه من اللي قلتيها دلوقتي ولو علي ارتبطنا فأنا فعلا اتمنا انك تديني فرصه ومش لأجل امي وبس لا لان انا كمان حابب انك تديني فرصه. 


سماء بحزن قامت بمسح دموعها وحاولت الهدوء وبجديه... ممكن نتحرك لاني اتأخرت 


حرك آدم رأسه بنفاذ صبر وتحرك ليلقيها دون أن يضيف كلمة واحدة


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ♡♡


وفي مكان آخر كان جالساً والشر في عينيه. فقد وصله الخبر بسقوط أحد رجاله في يد آدم، مما أشعل نار الانتقام في قلبه، فخرج صوته بعصبيه مفرطه..... يعني عيل زي ده بيلعب عليكم كلكم ومش عرفين تخلصو عليه.... احنا دلوقتي روحنا في ايده ويقدر يخلي اللي معاه يعترف علينا كلنا


احد الأشخاص بتوتر.. سعتك دماغه مش سهله واللي حوليه مخلصين ومستعدين يضحو بحياتهم فدا ليه


الشخص بسخريه.... هو الزمن ده لسا فيه حد قلبه علي حد. فوق يا غالب الزمن اللي احنا فيه زمن مصالح واللي حولين ادم مصالحهم ماشيه يعني امنيات وبيحققها ومستحيل تتقطع العلاقات او يتغدر بيه طالما دنيتهم سهله بوجودهم معاه وحوليه بس تنقطع في حاله واحده بس


غالب بهتمام... واي هي يا كبير


الشخص بشرود.... لما نحقق احنا الأماني ساعتها هنقدر نجيبه تحت رجلينا


غالب باستعاب.... ودي نعملها ازاي 


الشخص بابتسامه جانبيه نظر لغالب واردف بهدوء... الحارس بتاعه هو ده اللي هنقدر بيه نخلص علي ادم بس الموضوع محتاج لتخطيط 


غالب بتفكير.... بس ساعتك دا مش مجرد حارس دا صديق قديم ليه وضابط مخابرات سابقا يعني شخص مش سهل ابدا ومش هيتلعب عليه بساهل


الشخص بجديه.... اسمع اللي بقولك عليه وبكره هتشوف بنفسك لما نخلص عليه والزفت اللي اسمه عيسى عاوزك تهربه مش عاوزين شوشره الايام دي


غالب... ما نخلص عليه من جوه ونخلص منه


الشخص برفض... لا انا محتاجه.. لسا في مهمه هيقوم بيها وبعدها نخلص عليه


غالب بتفهم... تمام يا كبير... 


#الجلاد_لقلبي_رغم_حبي♡

بقلم دينا النجاشي♡

البارت السابع♡


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ♡♡♡♡♡


في أحد الأماكن الفارغة، تردد صوت صراخ في المكان، وكان الرعب واضحا عليه. حاول أن يقول بعض الكلمات، لكنه لم ينجح، فصرخ أكثر ظناً أن أحداً سيسمع صوته وينقذه. وظل الحال على حاله طويلا حتى فقد قدرته على الصراخ وكان الألم يقتله، فأغمض عينيه وأسند ظهره إلى الحائط وحاول تنظيم تنفسه، ثم دخل أحد الحراس وألقى بعض الطعام إليه وخرج فنظر إلى الطعام وهو جائع، لكنه لا يستطيع أن يأكل لقمة واحدة بسبب ما فعله به آدم.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


في المقر الرئيسي لشركة آدم،

كان يجلس في مكتبه منهمكًا في الأوراق والملفات، عيناه حادتان كعادته، لا يتزحزح تركيزه بسهولة…

لكن صوت فتح الباب قطع عليه تركيزه، فرفع نظره ليرى صهيب يدخل بخطوات سريعة، وملامحه مشدودة تنذر بشيء.


قال صهيب بجدية، يكاد يسيطر عليه الغضب:


ــ آدم… أنت لسه مصر تراقب الناس دول؟ إيه لازمة المراقبة والتحركات اللي حاططها عليهم؟!


رفع آدم حاجبيه ببرود :


ــ وإيه الغلط في اللي بعمله؟ مش فاهم.


اقترب صهيب أكثر، واردف بحدة :


ــ الغلط إنك بترمي نفسك في النا*ر… وبتشتغل من دماغك كإني مش موجود أصلاً!


تغيرت نبرة آدم فجأة، وبصوت صارم وحاد:


ــ إنت هتعلّمني أعمل إيه؟!


صهيب بغضب، ونبره مشتعلة :


ــ أنا مش بعلمك، لكن الرجالة اللي بيحمُوك دول مسؤولين منك، وليهم أهل يا آدم!

واللي إنت بتلعب معاهم مش شوية عيال... دي عصابة، ومش أي عصابة! لا يا آدم بيه،

دي شبكة كبيرة جدًا، منتشرين في كل مكان، وسهل يوصلولك أو يوصّلوا لأي حد فينا.


توقف للحظة، يلتقط أنفاسه، لكن الغضب ما زال يتقد في عينيه، يتحدث بقلب يحتر*ق خوفًا وحرصًا.

بينما ظل آدم ينظر إليه ببرود قا*تل، لا يظهر عليه أي انفعال، كأن كلام صهيب لا يعنيه.


شدّ صهيب قبضته وكأنه يقاوم الانفجار، ثم أردف بجديّة أثقل:


ــ إنت فاكر نفسك بتتحكم في اللعبة، بس الحقيقة… إنك قربت تبقى جوّاها.

ولو وقعت، هتوقعنا كلنا معاك!


ــ اسمع يا آدم... أنا موجود هنا لأني مسؤول عن حمايتك، دي شُغلتي.

بس قبل كل ده… إحنا أصحاب.

وعشان إنت صاحبي، فهقولك الكلام اللي غيري مش هيقوله.


نظر إليه بعينين تشتعلان قلقًا:


ــ اللي بتعمله ده اسمه انتحا*ر يا آدم!

مش مخاطرة… انتحا*ر فعلي.

وكفاية علينا المصايب اللي حوالينا، واللي مش هتهدى قريب… خصوصًا بعد البضاعة اللي ضاعت منهم.


تنفس بعمق وكأن قلبه يقول أكتر من لسانه:


ــ دول مش هيسكتوا… ولا هينسوا.


آدم ببرود. 


ــ وأنا مباخدش أوامر من حد، يا صهيب.


صهيب بانفعال، وغضب


ــ أنا مش بدي أوامر يا آدم !

أنا بنصحك… كصديق، مش كحارس شخصي ليك.

بلاش تهوّر، الناس اللي إنت حاططهم في دماغك دول مش شوية بلطجية… دي دولة لوحدها!

وأنا مش مستعد اساعدك في حاجه زي دي. 


آدم، بنفس البرود القا*تل، وكأن كلام صهيب لا يعنيه:


ــ تمام…

وأنا مش محتاج مساعدتك.


صمت صهيب وهو ينظر إلى آدم ليضغط على يده حتى هدأ وأكمل بجديه....كلمتك دي ملهاش غير معني واحد بس يا ادم ومعناها مستغني عنك وعن اللي يجي منك... أخذ صهيب نفساً طويلاً ومرر أصابعه في خصلات شعره بسخرية


_طول عمرك بياع يا صحبي... فبتسم وهو يناظره بجمود طالما وجودي ملوش لازمه فـ هستأذن انا بقا. 


كور ادم يده بغضب. فهو لم يقصد شيئاً مما قاله صهيب، لكنه لن يبرر نيته مهما حدث. 


_

وضع صهيب سلا.حه علي المكتب وبعض المتعلقات الخاصه بعمله وبجمود..... انا بقدم استقالتي


ادم بغضب... انت فاكر ان بكده هرجع عن اللي في دماغي يا صهيب. 


صهيب بعصبيه... لا يا آدم انا عارف ان مبيتلويش دراعك بس انا مش هخاطر بحياتك وحياة ناس تانيه لأجل تهورك وجحودك والأحسن اني ابعد طالما شايفك بتإذي نفسك. 


تحولت عيون عيون ادم وصارت دا*ميه وركل مكتبه بغضب ليقترب من صهيب وبهمس من هنا ورايح مبقاش ليك وجود في حياتي يا صهيب وانسا ان كان ليك صاحب. 


صهيب بموأمه... تمام يا آدم قال تلك الجمله وتحرك من امامه وعندما وصل للباب وقف وهو يوليه ظهره واضاف بهدوء... فكر في كلامي لأخر مره وفكر في ولدتك وخطيبتك والناس اللي حوليك وان احتجتني فانا مش بياع ولا ناسي العشره... 


_نها كلامه ورحل، ترك آدم في دوامة من الحزن والغضب. هناك صراع داخل عقله يرهقه، فرغم عنده لكنه لا يتحمل فراق من يحب... تنفس بألم وجلس على كرسيه يحاول الهروب من تلك المشاعر المؤلمة التي هاجمته وتلك الذكريات التي عاشها ولم ينساها، فأمسك رأسه بغضب... انسا بقا انا تعبت، مبقتش قادر اتحمل كل الوجع ده انا مبعتش حد ولا بعدت هما اللي بعدو هما اللي وجعوني تنفس بصعوبه وهو يتذكر اتهام عمران له امام والده فادمعت عيناه وصرخ بغضب وهو يلكم الحائط عدت مرات واردف يحدث نفسه بعصبيه مفرطه.. ليييه ليه بعملوا كدا انا مش وحش عمري ما كنت وحش ركل الأريكه بغضب وقام بتكسير المكتب فدخل في تلك اللحظه عمران فقد حدثه صهيب عن استقالته ومن حسن حظه انه كان في احد فروع شركته القريبه.. انصدم من حالة ادم وشعر بالخوف عليه ليصرخ بقلق... ادم اهدا في اي. 


لم يسمع آدم ما قاله وظل يكسر في كل شيء، وكأنه في عالم آخر، لا يشعر بأي من حوله. فلم يكن أمامه سوى غضبه وذكريات ماضيه.


صرخ عمران بغضب وهو يقوم بسحبه عندما رأى يديه تنز*فان.... ادم فوق انت جرحت نفسك. 


دفعه آدم عنه وهو ينظر إليه بشر وصدره يعلو ويهبط...اي اللي جابك هنا. 


عمران بجديه...مش وقته كلام ياريت تهدا الأول. 


ادم بنفعال...انت جيت لييه لسا اي عاوز تدمره. 


عمران بنبره لينه.... انا هنا عشانك يا ادم انت اخويا. 


ادم بغضب ممزوج بسخريه.. اخويا اللي اتهمني بالخيانه صح. اخويا اللي لجئت ليه وقت ضعفي وصدمتي عشان يسندني ويقف معايا راح د*بحني بسكـ*ينه تلمه....ابتسم ادم ليسخر من حالته ونظر ليده واكمل بحسره... عارف وقتها نسيت عمي بيتهمني بأيه نسيت وجعي في اللحظه دي وفضلت باصص نحيتك بحاول استوعب كلامك بحاول افهم في اي اصل انا عارف اخويا مستحيل هيجي عليا حتي لو غلطان   ما بالك بقا انا مكنتش غلطان وكنت محتاجك جمبي عشان ابرأ نفسي من التهمه دي... ارتعشت نبرته فجأة، وظهر الألم الحقيقي الذي حاول إخفاءه طويلًا، فخرج صوته ممزوجًا بجروح قلبه:


ــ أصعب إحساس مرّيت بيه…

إنك تحس إنك بتمو*ت وانت عايش.

كنت بقول لنفسي: أكيد همو*ت،

ما الوجع ده… مش طبيعي.

إزاي أكون بحبكم… ومستعد أضحي بحياتي عشانكم،

وفي الآخر… تقولوا عني خاين؟ وغدّار؟


---


أدمعت عيون عمران عندما رأى حالة أخيه. فهو يعترف بخطئه الفادح في ذلك اليوم، واستمر في لوم نفسه على ما ارتكبه في حق آدم وحاول كثيرا ان يوضح له الأمر لكن ادم لم يعطي فرصه ليسمعه... اقترب عمران منه واردف يحدثه بندم...انا اسف يا ادم اسف علي كل الوجع اللي سببته صدقني كنت غبي وفاكر اني بعمل الصح. 


ابتسم ادم بسخريه وجلس علي احد المقاعد وتحدث بتعب... وانا مش مسامحك يا عمران وعمري ما هسامح وياريت تفهم ده كويس وتسيبني وتنتبه لنفسك ومصالحك....اللي كان بينا اتكسر من زمان وانت بقيت بنسبالي ذكرى وحشه بتمني يجي اليوم اللي تتمحي من عقلي. 


حرك عمران راسه برفض وبحزن...الد*م عمره ما يبقا ميه، يا آدم. 

وانت اخويا، حتي لو مش عاوز تعترف بده.

 ولو علي غلطتي زمان فأنا مستعد اقضي اللي باقي من عمري اطلب السماح منك.


 تنهد بحراره واكمل بصدق....انا ناقصني وجودك يا ادم انت مكنتش اخويا وبس، انت كنت صاحبي وسندي وضهري اللي لما بعد اتكسرت.

 صدقني يا ادم عمران ملوش وجود من غيرك... سامحني وخليك مصدق نظرتك ليا للأخر.

 خليك متأكد ان اخوك عمره ما هيجي عليك وهيسندك حتي لو في غلطك لأن والله ما عندي اغلي منك. 


كان آدم يستمع إليه ويرى الصدق في عينيه، فأغمض عينيه ليحارب حالة الإغماء التي شعر بها بسبب الد*ماء التي خسرها ، فاقترب منه عمران بـ رعب.... ادم قوم معايا انت نز*فت كتير. 


ادم برفض... انا كويس اتفضل انت مع السلامه عشان اشوف شغلي. 


اشطاط عمران منه ومن عنده فقام بطلب الطبيب ليأتي... حاول كتم الد*م حتى يأتي الطبيب، و آدم كان يشعر بالتعب ولم يعترض، بل أغمض عينيه وسأل بتعب...انت كنت جاي ليه


تحدث عمران وهو مشغول بحبس د*مه... صهيب كلمني. 


اومأ ادم بصمت فستمع الي طرقات علي الباب ودخل الطبيب وبحترام اومرك يا عمران بيه. 


عمران بلهفه.. بسرعه يا دكتور شوف ايده. 

نظر الطبيب إلى يد آدم والد*م الذي كان ينزف بغزارة، فهرع لإيقاف النزيف بأقصى ما يستطيع.

بدأ بتطهير الجرح بعناية، ثم قام بتخييطه بخيوط دقيقة، ولفّه بالضمادات والمواد الطبية اللازمة.


وبعد أن انتهى، التفت إلى عمران بنظرة مقلقة، وتحدث بنبرة مهنية حازمة:


ــ محتاج يتنقله د*م في أسرع وقت…

الجرح في إيده كان عميق، واحتاج خياطة دقيقة، وفقد كمية كبيرة من الدم.


ثم نظر حوله بتوتر، وكأن شيئًا ما أقلقه عندما رأي حطام المكان، اقترب من عمران وهمس له بنبرة خافتة:


ــ حالته النفسية... مش مطمئنة أبداً.

واضح إنه أذى نفسه متعمّد،

وده... شيء بيخوف.


عمران، بتنهدة ثقيلة وهو ينظر لآدم بنظرة حزينة:


ــ هو... عصبي زيادة عن اللزوم،

واللي حصل ده كان رد فعل لعصبيته… مش أكتر.


الطبيب، وقد أومأ بتفهم وهو يخلع قفازاته:


ــ تمام… بس خلّي بالك، العصبية الزايدة دي مش بسيطة.

هتأثر عليه جامد، مش بس جسديًا… كمان على اللي حواليه.


توقف لحظة ثم أكمل بنبرة عملية:


ــ المهم دلوقتي…

يتعلّق له كيس د*م في أسرع وقت،

ويشرب سوائل كتير تعوّض اللي خسره.

لازم جسمه يسترجع قوّته قبل ما حالته تسوء أكتر.


عمران بموأمه... تمام بس هو مش هيوافق يروح مستشفي في حل تاني


الطبيب بعلميه... اه يقدر يروح بيته. 


نظر عمران اتجاهه بحزن وتنهد بحرارة فاقترب منه وبصوت منخفض... ادم تعاله معايا لازم ترتاح


فتح آدم عينيه ونظر إليه بتعب، فأجاب بنبرة باردة...انا بقيت تمام وانت عملت اللي عليك وزياده اتفضل بقا وخد اللي معاك في ايدك. 


عمران بجديه.. لو مقمتش دلوقتي هتصل بماما حسناء وهقولها انك تعبان ونز*فت كتير. 


نظر إليه آدم بغضب ووقف مكانه فشعر بالدوار، لكنه تمالك نفسه وخرج من مكتبه وعمران والطبيب بجانبه.


عمران بجدية..هنروح شقتي هي قريبه من هنا. 


أومأ آدم برأسه دون أن ينبس ببنت شفة، فهو لم يكن في حالة جيدة للمناقشة أو الرفض، ثم ركب هو وعمران سيارته ومعهما الطبيب.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


في منزل سماء كانت جالسة في غرفتها، شاردة الذهن، تسترجع كلماته التي قالها لها بالأمس.

تنهدت بعمق، والدموع بدأت تتجمّع في عينيها، لكنها سرعان ما نهضت، واتجهت نحو خزانتها.


أخرجت بعض الملابس، بدّلت ثيابها، وخرجت من الغرفة بخطوات متوترة.

وحين وصلت إلى باب المنزل، استوقفها أحد الحراس باحترام:


ــ حضرتك محتاجة حاجة، يا هانم؟


اردفت سماء بلهجة هادئه:


ــ لا، أنا بس هتمشّى شوية.


رد الحارس بنبرة معتذرة لكن حاسمة:


ــ آسف يا هانم، بس آدم بيه منبّه علينا بمنع خروجك اليومين دول.

وأي حاجة تطلبيها... إحنا هنجيبها فورًا.


تجهم وجهها، ونظرت إليه بغضب:


ــ يعني إيه؟ هتتحبس هنا؟!


أجاب الحارس بهدوء ومحاولة لطمأنتها:


ــ لا يا فندم، مش حبس.

بس اليومين دول بس… وبعدها إن شاء الله هتقدري تروحي أي مكان، وإحنا هنكون معاكي لحمايتك.


غضبت سماء، واستدارت لتدخل المنزل مجددًا، فالحارس لا ذنب له، هو فقط يؤدي عمله كما طُلب منه، ولم ترغب في أن تثقل عليه أكثر.


دخلت غرفتها بخطوات متسارعة، غاضبة، ثم أمسكت بهاتفها، وهمّت بالاتصال بـآدم لتوبّخه على قراره بمنعها من الخروج، لكن يدها توقفت في اللحظة الأخيرة.


تراجعت، وتنهدت بضيق...

لا، لا تريد التحدث معه.

فهو بارد... مستفز، وكلماته دومًا تخدش أعصابها وتزيدها توترًا.


كانت متأكدة أنه سيحول المكالمة إلى ساحة حرب باردة، تُخرجها من اتزانها وتُشعل بؤسها أكثر.


وضعت الهاتف جانبًا، وجلست تحاول إلهاء نفسها بأي شيء...

لكن لا شيء ينجح.

ومضى الوقت ببطء قا*تل، وملل ثقيل يُطبق على أنفاسها.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ♡♡♡


وفي فيلا آدم كانت والدته تقرأ في المصحف، ثم انتهت من القراءة وأغلقت وهي تتمتم: (سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت). أستغفرك وأتوب إليك).


أمسكت هاتفها والقلق يعصف بها. كانت قد اتصلت بآدم مرارًا دون أي رد. عاودت الاتصال مجددًا، لكن بلا جدوى... الهاتف ما زال صامتًا. وهذا ما لم تعتده منه؛ آدم لم يكن يتجاهل مكالماتها أبدًا، حتى في أكثر أوقاته ازدحامًا، كان دائمًا يردّ أو يطمئنها برسالة.


ازداد توترها، فقررت الاتصال بمكتبه، علّها تجد إجابة تُهدّئ من روعها. جاءها صوت السكرتير يخبرها بأنه غادر منذ فترة. ازدادت دقات قلبها... شعور داخلي ينذرها بأن هناك شيئًا غير طبيعي.


لم تجد أمامها سوى خيار واحد... رفعت هاتفها مجددًا واتصلت  بسماء، فمن الممكن ان ادم تحدث معها.


في منزل سماء، كانت نائمة، كعادتها حين تهرب من الملل، لكن رنين هاتفها قطع سكون الغرفة وأيقظها على مهل. فتحت عينيها بتكاسل وردّت بصوتٍ ناعس:

— أممم...


جاءها صوت حسناء، والدته، مرتجفًا بعض الشيء، فجلست  سماء في مكانها وقد بدأ أثر النوم يتلاشى:

— سماء... حبيبتي، عاملة إيه؟


أجابت سماء بمحبة وقلق ناعم تسلل إلى صوتها:

— أنا بخير يا ماما، بس صوتك مش مطمّني... في حاجة؟


ترددت حسناء قليلًا فأردفت بتوترٍ ظاهر:

— مفيش يا قلبي... أنا بس حاولت أكلم آدم كذا مرة وما ردش، وكلمت السكرتير قال إنه ساب الشركة من شوية، فقلت يمكن يكون كلمك النهارده؟


شعرت سماء بانقباض في قلبها، لكنها حاولت التماسك، فأردفت بهدوء مصطنع:

— لا، ما كلمنيش... بس يمكن يكون مشغول وملاحظش الموبايل.


أجابت حسناء بتنهدة تحمل خوفها:

— ممكن...


سماء بحب: 

— متقلقيش يا ماما، أنا هتصل عليه، وإن شاء الله يكون خلص اللي في إيده وخد باله من التليفون.


أنهت المكالمة مع حسناء، لكن القلق لم ينتهِ في صدرها، بل ازداد. خيّم عليها الخوف، واستعادت في ذهنها حديثه الأخير معها في الحديقة، حين أخبرها بوجود مشاكل في عمله، وأن له أعداء كثر، مما دفعه لوضع الحراس أمام منزلها.


ازداد انقباض قلبها حين تذكّرت تحذيره الصريح بعدم مغادرة المنزل في هذه الفترة، وكأن الأمر قد تخطى مجرد "قلق احترازي"، وأصبح خطرًا حقيقيًا.


تسارعت أنفاسها، وتوسّلت في قلبها:

"يارب يكون بخير، يارب ما يكون جراله حاجة..."


أمسكت بهاتفها مجددًا، وأجرت اتصالًا آخر وهي تهمس في أعماقها برجاء:

"ردّ عليا يا آدم، طمّني عليك..."


لكن لم يأتِ أي رد...


أعادت الاتصال مرة أخرى، يدها ترتجف، ونظراتها تتنقل بين شاشة الهاتف والباب، لكن الهاتف ظلّ صامتًا.


في لحظةٍ، انهمرت دموعها، وسقط الهاتف من يدها على السرير، فاندفعت خارج غرفتها، تركض بخوف نحو الحراس، علّهم يعرفون عنه شيئًا.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ♡♡


وفي مكانٍ آخر، في أحد أبراج ناطحات السحاب، كان آدم ممددًا على فراش داخل شقة راقية، تغمرها أضواء خافتة وهدوء ثقيل.


يده موصولة بأسلاك طبية، ينقل الطبيب من خلالها الد*م لتعويض ما فقده. 


إلى جواره جلس عمران، عيونه لا تفارق وجه صديقه، وتنهيدة ثقيلة خرجت من صدره وهو ينظر إلى هاتف آدم الذي رن مرارًا باسم "أمي"... لم يجرؤ على الرد، فماذا سيقول لها؟ 


وبينما يتقلب في صمته، رن الهاتف مجددًا، لكن هذه المرة باسم غريب عنه... "سماء".

عبس قليلًا وهو يقرأ الاسم، ثم تذكر آدم عندما كان صغيرًا ذكره مرارًا... اسم "سماء".


ترك الهاتف يرن أول مرة، ثم الثانية، ومع الثالثة، اردف لنفسه:

"عدم الرد هيخليهم يجننوا أكتر..."


مدّ يده إلى الهاتف، وتردّد لحظة، ثم ضغط على زر الرد ورفع الهاتف إلى أذنه:


_السلام عليكم.

سماء بلهفة وقلق: آدم؟


عمران باستغراب وهو يبعد الهاتف قليلًا: أحم، آدم مش موجود دلوقتي... أنا عمران، أخوه.


سماء بتعجّب: أخوه؟!

ثم تجاهلت وقع المفاجأة لتتحدث بجديّة: معلش، ممكن تخليه يكلّمني؟


عمران بهدوء حذر: حضرتك تبقي مين؟


توترت سماء لوهلة، واردفت بصوت خافت ثابت: أنا... خطيبته.


صمت عمران لحظة قبل أن يرد بدهشة: نعم؟!


سماء بإصرار: لو سمحت، خليه يكلّمني... ماما حسناء قلِقانة عليه جدًا. وبصراحة، ليه سايب موبايله معاك؟


عمران بجدية: طيب اسمعي هو تعبان شويه فطمني ماما حسناء عليه وشويه وهيجي علي البيت المهم متبينيش حاجه. 

 

سماء وقد زاد قلقها: تعبان؟!


عمران مطمئنًا: متقلقيش... هو بس مرهق شوية، محتاج راحة.


سماء بلهفة: طيب أنا هطمن ماما، بس قولي أنتو فين... لازم أجيله وأشوفه بعيني.


تردد عمران قليلًا وهمّ بالرفض، لكنها قاطعته برجاء خافت : أرجوك يا أستاذ عمران... لازم أطمّن عليه، على الأقل عشان ما كدبش على ماما... 


تنهد عمران بعمق: تمام... أنا هبعتلك السواق.


سماء باعتراض سريع: لأ، في حراسة على البيت... وسواق آدم هنا، بس قولي المكان.


عمران بتفهم تمام إدّي الفون لحد الحراس، أكلمه بنفسي.


سماء بتفهم.. تمام وتحركت خارج المنزل وأعطت الهاتف للحارس فوقف بحترام وتحدث بعمليه... تمام يا عمران بيه اللي تؤمر بيه سعتك وبعدها اغلق الهاتف مما جعلها تستغرب الأمر فتحدث الحارس بجديه... اتفضلي معانا يا هانم


أومأت سماء وصعدت السياره وغادرو للمكان الذي اعطاه عمران للحارس. 


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


في أحد المقاهي كان يجلس يشرب قهوته وعقله يفكر في بعض الأحداث التي حدثت له في الأيام الماضية التي اثقلت صدره ... انقطع انتباهه عن طريق رنين هاتفه برقم غريب. لم يبالي ونظر إلى البحر وارتشف قهوته ببطء.. فجاء الاتصال مرة أخرى، وضع الكوب وهو يشعر بالملل وأجاب وقبل أن يتمكن من الكلام سبقه المتصل بـ... صهيب بيه معاك  زيد مدير اعمال غالب زهران


صهيب بجمود.. خير


زيد بجديه...كنت عاوز اقابل حضرتك انا وغالب بيه


صهيب بغموض... والسبب


زيد بعمليه.. هتعرف حضرتك لما نتقابل يناسبك النهارده الساعة سابعه. 


صهيب بموأمه.. تمام هستناكم في كافيه النيل انها حديثه واغلق دون ان ينتظر الرد ثم عاد ليحتسي قهوته، وعقله يهيم على آدم، ورغم غضبه منه تحدث مع عمران واطمأن عليه. وشعر أن هناك شيئًا خاطئًا به، لكن عمران لم يتكلم، فنفض الأمر فهو شعر بالقلق فقط ولم يكن متأكداً من الأمر.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


عند سماء توقفت السيارة أمام إحدى الأبراج العالية فشعرت بالتوتر لكنها تمالكت نفسها لتترجل من السيارة وصعدت مع الحراس....توقف المصعد في أحد الطوابق وفتح الباب أمام شقة أنيقة وجميلة. 

فـ ظهر أحد الشباب . كان طويلًا ذو بنيه قويه، وعيون زيتونية، وملامح حادة، وشعر بني. وما جعلها أكثر مفاجأة هو التشابه بينه. وبين آدم فـ آدم ما يميزه عنه شعره الأسود ولون عيناه العسلي... 


فأخرجها عمران من حالتها المذهولة، وفهم ان دهشتها بسبب الشكل الكبير  بينه وبين آدم.وعرف أن آدم لم يخبرها عنهم، فأضاف بجدية.اهلا بيكي اتفضلي. 


أومأت سماء بتوتر وتسألت بقلق...هو ادم فين واخباره اي دلوقتي. 


عمران بهدوء... تعالي ورايا


حركت سماء رأسها وتبعته... اقترب عمران من الغرفة التي كان آدم نائما فيها وفتح الباب. فظهر آدم مستلقيًا على السرير، غارقًا في النوم، ووجهه شاحب.


شهقت سماء بخوف واقتربت منه، فوقعت عيناها على يديه الملتفه بالشاش القطني ، فسقطت دموعها ونظرت إلى عمران الذي كان يتابع خوفها بحذر، فسألت بدموع... اي اللي حصل 


تحمحم عمران، وحكّ مؤخرة رأسه بتوتر، يبحث عن كلمات مناسبة يقولها...

ـ كنا في المصنع، وللأسف، في ماكينة وقفت فجأة، فآدم راح يشوف إيه المشكلة.

قال للعامل يفصل الكهرباء، بس... شكله اتلبخ،

وآدم كان بيصلّح العطل، وفجأة الماكينة اشتغلت مرة واحدة.


تنهد بهدوء وأضاف:

ـ الحمد لله عدّت على خير.


أومأت سماء برأسها والدموع تنساب على وجنتيها، ثم جلست بجانبه بصمت، تنظر إلى ملامحه وكأنها تتأمل الحياة كلها فيه.

همست باسمه بصوت مرتعش، والدموع تخنق كلماتها، بينما وقف عمران يتابع المشهد بصمت.

ابتسم عندما رأى حبها الصادق يشع من كل حركة ونظرة، ثم انسحب بهدوء وخرج من الغرفة.


أما سماء، فأمسكت يد آدم بحذر، كأنها تخشى أن تؤلمه. 

بكت بصوت خافت، ثم تمتمت من بين دموعها بحزن:

ـ الظاهر إني كنت بكدب على نفسي... لما قلت إني هقدر أبعد عنك.


ابتسمت رغم دموعها، ونظرت إلى وجهه بحبٍ موجع، قبل أن تهمس بتنهيدة ثقيلة:

ـ فضلت أقنع نفسي إن حياتي معاك مش هتنفع... وإني لازم أبعد...

بس قلبي،  كان بيبررلك كل اللي قلته وكل اللي عملته.


صمتت برهة، ثم مرّرت أصابعها المرتعشة على يده، والدموع ما زالت تنساب دون توقف،

وهمست بحزن:: 

ـ الظاهر إن حبك لعنة... يا ابن شعيب.


أما آدم، فقد شعر بلمستها حين أمسكت يده، ولامست كلماته قلبه قبل أذنه...

فتح عينيه ببطء، وتأملها بصمت. كانت تبكي بحرقة، دموعها لا تتوقف، ووجهها تحول للون الأحمر من شدة الانفعال.


ابتسم رغم ألمه، فهي لم تتوقف عن البكاء فهوا متأكد ان الطفل الصغير لا يبكي هكذا. 

همس بصوت ضعيف لكنه حنون:

ـ سماء...


رفعت رأسها بسرعة، وامتلأت عيناها بالدموع 

تنهد بتعب، ومد يده ببطء يمسح دموعها:

ـ اهدي... وامسحي دموعك، أنا كويس.


اقتربت منه أكثر، وهمست بقلق:

ـ حاسس بإيه دلوقتي؟


أجابها بلطف وهو يضم يدها بين يديه:

ـ أنا بخير، ما تقلقيش.

ثم نظر في عينيها بتساؤل خافت:

ـ بس... أنتي عرفتي إزاي؟

وسكت قليلًا قبل أن يضيف بنبرة هادئة:

ـ ومين اللي جابك؟


سماء بهدوء، ومسحة قلق ما زالت في صوتها:

ـ ماما حسناء كلّمتني وكانت قلقانة عليك جدًا،

فأنا فضلت أتصل بيك كتير،

وفي الآخر أستاذ عمران هو اللي رد عليا وطمني…

فطلبت منه العنوان وجيت. 


ادم بموأمه... تمام وتحرك ليقف فأوقفته بقلق... رايح فين انت لسا تعبان


ادم بجديه... لا انا بقيت تمام يلاه عشان اوصلك. 


سماء بتوتر، وهي تنظر نحو كيس الدم المعلّق:

ـ طيب… اصبر بس لما كيس الدم يخلص.


رمش آدم باستغراب، لم يفهم ما تعنيه في البداية،

فهو منذ أن دخل الغرفة لم يشعر بشيء غير لمستها التي أيقظته.

أنزل عينيه ببطء نحو ذراعه،

فرأى السلك الموصول به… فتفهم الأمر، وتنهد بخفوت.


وقبل أن يتمكن من قول أي شيء،

قُطع صمتهما بطرقات خفيفة على الباب،

اردف بصوت هادئ:

ـ ادخل…


دخل عمران الغرفة وارتسمت ابتسامة على وجهه فور رؤيته لآدم مستيقظًا، فاقترب منه :

"أنت كويس؟ حاسس بإيه؟"


آدم بجديّة وهو يشير إلى كيس الدم:

"أنا تمام، بس البتاع ده هيخلص إمتى؟"


عمران بتوتر بسيط:

"والله مش عارف، الدكتور هو اللي علّقه، وقال لما يخلص أفصل الإبرة... بس مش فاكر قاللي أعمل إيه بالظبط."


سماء بتفهم وهدوء:

"لسّه قدامه تقريبًا نص ساعة ويخلص."


آدم بضيق وهو يحاول نزع الإبرة:

– أنا مش فاضي للكلام ده دلوقتي.


مدّت سماء يدها بسرعة لتمنعه، بصوت مرتجف:

– لا يا آدم، بالله عليك... ما ينفعش، لازم تكمّل الكيس، واضح إنك نزفت كتير، والدم ده هيفرق معاك. متعندش على صحتك. 


آدم بجديّة وقد بدأ الغضب يظهر في نبرته:

– سماء، أبعدي إيدك... أنا تمام، وصحتي كويسة.


نظرت سماء إلى عمران ترجوه بعينيها، فاقترب عمران وتحدث ببرود مقصود:

– مش هتخرج من هنا غير لما الكيس يخلص، ودي تعليمات الدكتور.


آدم بصوت مرتفع وهو يزفر غيظه:

– عمراااان!


عمران بصرامة واضحة:

– بلاش عند يا آدم... إحنا بنحاول نحافظ عليك، وبس.


سماء بصوت مخنوق والدموع في عينيها:

– عشان خاطري..


_حن قلب آدم من دموع تلك الطفلة، فتنهد بشدة واسند ظهره إلى الخلف دون أن ينطق بكلمة، فتبسمت وقامت  من مكانها ووجهت حديثها إلى عمران...هو المطبخ فين 


أشار لها عمران فتسألت بابتسامه... بتحب عصير الفروله... أومأ لها عمران فتحركت متجهه للمطبخ ليرفع ادم حاجبه بسخريه.. يعني هو يتسأل وانا هنا شفاف. 


ضحكت سماء بخفه واردفت باهتمام.. لأني عارفه انك بتحب عصير الفروله فقلت اساله هو كمان بيحبه عشان اعمل حسابه. 


عمران بصدمه...ياريتك ما وضحتي


ضحكت سماء وغادرت فبتسم آدم علي ضحكاتها فنظر لها عمران وبغمزه دي بتعشقك. 


رفع ادم حاجبه ببرود... وانت عرفت منين. 


عمران بغرور مزيف.. عيب عليك دا اخوك يفهمها وهي طايره... ومتنساش اني دارس علم نفس وفوق كل ده خوفها ورعبها اللي شفتهم عليك فحاول بقا تحافظ عليها لانك مش هتلاقي حد يحبك لدرجه دي 


واردف بفضول... مش دي سماء اللي حكتلي عنها واحنا صغيرين. 


أومأ له ادم بصمت. 


فبتسم عمران.. امم يعني حبيب الطفوله وشرد بذكرياته فعبست ملامحه. 


آدم لاحظ تغير ملامحه، لكنه لم يُعلّق، فقط ظل صامتًا يفكر في تلك الجملة... حبيب الطفولة؟

تذكر حينها ما قالته سماء بصوت مبلل بالدموع: حبك لعنة يا ابن شعيب، فابتسم ، وسرح في وقع الكلمة عليه.


في تلك اللحظة، قطع عمران الصمت، يتحدث بشرود ومرارة دفينة:

– مفيش في طفولتي غيرك... ده إيه الحظ الزفت ده؟

 ثم أضاف بنبرة شبه عابثة:

– وسارة... بس سارة أختي للأسف. 

رفع عينيه بضيق، وصوته خرج منه مختنقًا بنبرة خافتة:

– معنديش حب طفولة.


_ابتسم ادم رغما عنه وأغلق عينيه غارقا في كلماتها التي اشعرته بالفرحه وبعد فتره جاءت وهي تحمل العصير وأعطت كلا منهم كوبا فرتشف عمران بعضا وشكرها.. تسلم ايدك


أومأت له سماء بابتسامه فأضاف عمران بتساؤول.. قوليلي بقا اخطبتو امته 


توترت سماء من سؤاله وفركت يديها لتنظر إلى آدم، فقام بـ الرد بعد أن أدرك أنها لم تعرف ماذا تقول لعمران وما سبب قربها منه غير أنها خطيبته.


فأردف بهدوء... قرأنا فاتحه لسا تلبيس الشبكه. 


عمران بتفهم.... ربنا يتمملكوا علي خير 


ابتسمت سماء وشكرته


ادم بضيق... البتاع ده مش ناوي يخلص انا زهقت. 


كتم عمران ضحكاته وتحدث بهدوء... خلاص مبقاش حاجه 


"فزفر آدم بضيق، فقطعت عليه سماء بشهقه:

يا لهوي يا ماما، إحنا لسه ما كملناهاش!"


ادم بموأمه... جيبي الفون هطمنها. 

أمات برأسها واسرعت لجلب هاتفه من علي الطاوله واعطته اياه فقام بطلب والدته لياتيه صوتها بلهفه... 


_ادم انت فين وليه مش بترد


ادم بحب.. متقلقيش يا حببتي انا كنت مشغول شويه وملحظتش الفون. 


والدته براحه... الحمد لله انك بخير يا حبيبي واضافت بتساؤول.. هتيجي امته


ادم... شويه وهكون عندك مش هتأخر. 


_ماشي  يا قلبي ربنا معاك....انتهت المكالمه ووضع ادم هاتفه بجانبه فهمست سماء لأدم بفضول.. ادم انت ليك اخ من امته انا اول مره اعرف حتي ماما مقلتش ليا قبل كده 


نظر ادم بتجاه عمران فنظر لها مره اخري ومين قالك انه اخويا


فتحدث عمران بضيق... عيل بارد


ليبتسم ادم بسخريه واضاف بهدوء... مش اخويا ولا حاجه 


سماء باستغراب.. ازاي والشكل اللي بينكم ده تسميه اي


ادم بلامبالاه.. عادي عشان هو ابن عمي بس. 


سماء بتفهم... اه انا قلت بردو مستحيل تكونوا قريبين في الشكل كده من غير ما يبقالك حاجه. 


عمران بهدوء... بإذن الله بكره تتعرفي علينا لانك خلاص بقيتي فرد من العيله واعتبريني اخوكي من هنا ورايح. 


سماء بابتسامه... ان شآء الله 


تنهد آدم بصمت، ثم نظر إلى عمران بتساؤل خافت:

– كلمت صهيب؟


أومأ عمران بجدية وهو يشيح بعينيه قليلًا:

– هو اللي كلمني يطمن عليك، وقالّي على اللي حصل… بس أنا مش ناوي أفتح الموضوع ده ولا أناقشك فيه، كل اللي هقوله إن ربنا رزقك بحاجات تستاهل تتنازل عشانها.


فهم آدم المغزى من كلماته، ونظر تلقائيًا نحو سماء، التي كانت منشغلة بهاتفها تُرسل رسالة نصية إلى والدها، دون أن تشعر بنظراته المليئة بالتأمل.**


_ وبعد فترة انتهى الأمر وأخرجت سماء الإبرة وهي ترتعش. أحس آدم برعشتها، وبعد أن انتهت أخذ بيدها ليخرج، ومعه عمران الذي أمر حراسه بالذهاب خلف آدم. كما أوصى رئيس حرسه بمرافقت آدم لينزعج آدم لكنه لم يتحدث، فنظر إليه عمران وكأنه يطلب منه ألا يرفض، فأومأ له آدم برأسه بهدوء ليتنفس عمران بارتياح، ثم انصرفا. 

وظل مشتتا وممسكا بيدها، فنظرت إلى تشتيته بستغراب، ثم إلى يدها الممسك بها، لكنها لم تستطع أن تسحبها حتى لا يتألم، وسألته بتمعن... انت كويس


_حرك راسه بهدوء ونظر بتجاهها...اليومين دول اتحمليني وخليكي في البيت ولو احتجتي تخرجي لحاجه مهمه كلميني وانا هبقا اعدي عليكي اخدك وبالمره تقضي اليوم مع ماما او اجيبها تقضي اليوم معاكي عشان متمليش. 


سماء بتفهم... ماشي واضافت بابتسامه النهارده حسدتك بس قلت مشاء الله بسرعه. 


_


إستغرب آدم وابتسم  علي طفولتها واضاف بتساؤول... حسدتيني علي اي


سماء بابتسامه... علي صداقتك انت وعمران وبضحكه خفيفه بيعملك كأنك ابنه مش صاحبه خالص


أومأ ادم بتنهيده....عمران اكبر مني بسنه واخويا في الرضاعه. 


سماء... ربنا يحفظكم لبعض


_آمن آدم بسره وظل يفكر فيما قاله عمران في المرة الأخيرة والذي يوحي بشيء أخفاه عنه عمران. 


وبعد دقائق قليلة، وصل آدم أمام منزل سماء، وودعها، وطلب من الحراس تشديد الأمن، وغادر.


أما سماء فدخلت والتقت بوالدها واحتضنته وحكت له ما حدث، فحمد لله أن الأمر سار على ما يرام. وبعد أن انتهت سماء من الحديث مع والدها دخلت غرفتها وهي تفكر في اليوم الذي قضته معه، فابتسمت وذهبت للاستحمام. 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ♡♡♡♡


مرت عدة ساعات ، وكان غالب يجلس في ذلك المقهى مع مدير أعماله، ينتظر صهيب الذي تأخر عن موعده... فنظر إلى مدير أعماله بغضب، فتنهد زيد منزعجا من صهيب، فهو من أعطاه الموعد والمكان، مما جعل غالب يثور عليه ويغضب لأنه هو من اشترط المكان ووافق غالب رغما عنه وهو مستعار من نفسه لكنه مرغم لأجل مصلحته، وبعد وقت لاحظ زيد دخول صهيب. كان ذا هيبة غامرة، حاد الملامح، وعينيه نظراتها مخيفة. وكانت كفيله ليتفهم غالب عدم العبث مع مثل هذا الشخص. 


جلس صهيب أمامه وأردف ببرود... خير يا غالب طلبت تشوفني


غضب غالب عندما ذكر اسمه بدون لقب فتحدث بهدوء على عكس ما كان بداخله...  انت اكيد عارف منصبي وعارف اني مهدد واللي زيي صعب يوظف اي حد لحراسته. 


صهيب بجمود... كمل


غالب بجديه... انا عاوزك معايا وهديلك ضعف اللي بتاخده مع شغلك مع ادم الشيمي. 


رفع صهيب احد حاجبيه باستغراب... اشمعنا انا. 


غالب بجديه... انت عارف ليه انا مختارك انت وزي مقلتلك صعب اثق في اي حد عشان كده عاوزك معايا وكل اللي هتطلبه هيتنفذ. 


استند صهيب إلى كرسيه وهو يفكر في تلك الصفقة، فأضاف بهدوء.. هفكر وارد عليك


غالب بتفهم سحب الكرت الخاص به ووضعه امامه... دا رقمي وهستنا موفقتك. 


حرك صهيب راسه ووقف مكانه وبجديه... ربك يسهل... وغادر بعدها دون ان يضيف جمله اخري.

تابعووووووني 


تعليقات

التنقل السريع
    close