رواية زوجة العمده الجزء الاول الحلقه الخامسه عشر والسادسة عشر والسابعة عشر والاخيره بقلم أماني طارق حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج للروايات
![]() |
رواية زوجة العمده الجزء الاول الحلقه الخامسه عشر والسادسة عشر والسابعة عشر والاخيره بقلم أماني طارق حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج للروايات
كانت نظرات ميرال تُقابل مُقلتى هاشم الذي سُرعان ماتذكر ماقيل لهُ عن والدة ميرال والذي حدث بالماضي، يتذكر حديث والدتهُ المقتضب قائلة:
_اللي سمعناه، إنها غابت اليوم بطولهُ .. ولما رجعت أتقال إنها كانت مع واحد .. رغم إن الكل صدق إلا أبوكَ، كان شايفها ملاكَ .
قال هاشم وهو ينظُر إلى والد جلنار:
_أنتَ متأكد ؟ ممكن تكون متلخبط؟
هز الرجل رأسه متأكدًا، مردفًا:
_مستحيل أنسى وشهها لولاها مكنتش جُلنار هتبقى وسطكم، أمها ولدتَّها في وقت متأخر ومكنش في حد موجود وهي جت وساعدتها بس لما جيت أسأل عنها في المستوصف قالولي مشيت من البلد كُلها..
ابتسمت ميرال في امتنان للرجُل وهي تكاد أن تبكي من فرط سعادتها، كانت تعلم من البداية أن والدتها لم تكذب يومًا ولم تخنْ يومًا .. وكان الأمر مؤلم أن ترى الجميع يراها بعين أخُرى مصدقين تلك التراهات التي لم تنتهي..حتى الآن .
قال هاشم لـ ميرال:
_إحنا لازم نمشي ..
قاطعهُ فهد واقفًا:
_أستنى يا هاشم قبل ماتعمل أي حاجة، لازم تقولي هتعمل إيه؟
تنهد هاشم في تشتت، الآن لايعلم بماذا يبدأ، هو لن يعرف أن يثبت التهمة على خالهُ لانه ليس هناك أي دليل .. ولكنهُ يعلم بانهُ سيفعل رد فعل، إن رفض أن يدُخل للبرلمان .. لذلك قال:
_هكلم خالي وهقوله إني رافض أنه يكون بديل لينا للبرلمان و.
_غلط يا هاشم ..
تابع وهو ينظر نحوه بجدية:
_إحنا عايزين نسجل ليه أعتراف بانه عمل كل ده .. وإسلام هيبقى موجود .. وتاني حاجة لازم ندور على عمِّ ميرال، حمادة لأنهُ شاف اللي عمله فيِّا بس هربَ.
قطبت ميرال حاجبيها قائلة:
- إحنا لو سبنَّاه، مش هسيب هاشم في حالهُ .. ومُتأكدة إنه هو مستني الفرصة بس وبعدين هيعمل كل حاجة كانت واقفة..
نظر فهد إليها في تفكير بحديثها، ولكنهُ ضم شفتيه قائلاً:
- مفيش غير الموضوع ده اللي هينفع يا ميرال، بس أعتقد لو قدرنا نسجلهُ، نسجنهُ وبعدين ندُور على عمكِ...
- بس مين هيكون عارف عمي فين؟
نظر إليها فهد طويلا فقال:
- أبوكِ ..
تعكر وجهها في غير فهم!، هي لاتفهم .. كيف سيكون والدها يعلم اين عمها ويترك تلك الأمور تتصبب حولهُ وحولها؟
قال هاشم معترضًا:
- صعب يا فهد .. يونس كان هيتسجن لفترة في السجن، ومقالش طول الفترة اللي كان جواه إنه يعرف مكان أخوهُ..
- مستحيل يقُول على مكان أخوهُ، لأنهُ عارف إنه لو معملش حاجة كان هيعترف على نفسهُ بسبب اللي هيحصله جُوا، ويونس كان متعود على التعذيب والتهديد اللي بيحصل، فمكنش فارق معاه.
نظرت ميرال إلى هاشم في غبضة، ستعترف الأن بأنها لاتعلم ما مكنونة والدها، كلما حاولت أن تعرفهُ، كان يجنبها ويبعدها عنهُ لأسباب تجهلها، ولكنها بالتأكيد لم تجعلها تحبهٌ بأي شكل كان.. أمسك هاشم بكـف ميرال قائلاً لأخيهِ:
- إحنا هنمشي يا فهد وهكلمك على تلفونكَ..
- تمام، قبل أي خطوة هتفكر تعملها ياهاشم .. لازم تقولي؟
هز هاشم رأسهُ موافقًا.. وغادر، ولكن ميرال قالت لـ هاشم:
- أنا عايزة عم وليد يجي ويقول للكل على اللي ماما عملتهُ..
- مش وقتهُ ياميرال..
غضبت حتى أحمر وجهها فقالت باعتراض:
- يعني إيه مش وقتهُ، هاشم، ماما فضلت في ذُل وده كان سبب يخليها تبعدني عن بابا وعن كل الناس .. أزاي مش هيكون وقتهُ؟
وضع كفهُ على ذراعها يهُدأها قائلاً:
- مش وقتهُ لأني بخطط يحصل ده لما فهد يرجع ..
ثُم رفع كفهُ يضم بهِ وجهها قائلاً:
- وساعتها هنسافر بعدين ونعيش في القاهرة...
نسيت ذلك الأمر .. نسيت حديثهما عن أمر صدِّق والدها، وعدم الاستقرار هنا من جديد، ولكنها لم ترغب لثانية من داخلها أن تقُول بأنها تريد السفر، ولكنها تركتها في نفسها، فهي لاتعلم ماذا من الممكن أن يُغير كل أفكارهم..
وصلا إلى المنزل بعد صلاة الظهر، وكانت والدتهُ وخاله وعزة يتناولون الفطور، فقال زينات باستغراب:
- مش من عوايدكَ متكونش في البيت بدري؟
ونظرت إلى ميرال نظرة متسائلة، فقال وهو ينظر إليهم في ابتسامة خفيفة:
- كنت حابب أتمشى مع ميرال شوية ...
وكم رغب أن يقول لوالدتهُ بأن ابنها البكر لم يمت، كم رغب ألا يرى نظرة القسوة تُحيط بها، وهي تنظر نحو ميرال والتي كانت منشغلة الفكر بشكل ملحوظ ...
شعر هاشم بالاختناق يحيط بصدرهُ، فاعتذر يرغب الصعود إلى والدهُ .. وتابعتهُ ميرال في صمت، وحين دلف كان المكان ساكنًا .. ووالدهُ جالسًا في فراشهُ ينظر إلى مكان بهِ صورة تجمعهم هما الأربعة(هاشم وفهد ووالده وزينات)...
رفع والد هاشم عينيهِ نحو ابنهُ.. كان هاشم لايعلم ما أمر تلك المشاعر المضطربة، خصوصًا بانه يجب أن يكون سعيدًا لعثوره بأن أخاف حيي يرزق، ولكنه أختناق يعلم بأنه يرغب بقتل خاله بيديه العارتين رغبة بما فعله حولهم.. كان يشعر دومًا بأن هناك أمر ما حول خروجهُ دومًا من المنزل ليلاً، وأيضًا حين أطلق سراح ساهر دون علمهُ.. وزادهُ الأمر ضيقًا بشدة لرؤيتهُ وجههِ والدهُ الصامت والذي-يبدو بانه لايتذكر أي شيءِ ... ضم هاشم كفى والدهُ إليهِ يقبلهما بشدة .. وقد أغرورقت عينيهِ..
شعر هاشم بيد تمسح على ظهرهُ وكانت ميرال، والتي كانت تشعر بمشاعرمشابهُ، تفكيرها لم يندثر عن أبيها وعن كرهُ الشديد لها.. وكم رغبت بضمة واحدة منهُ يخبرها بهِ بأنه أشتاق إليها وأشتاق كونّها ابنته الاولى.. ولكنها تعلم بأن ما دُمر بينهما لن يعود أبدًا .. بأن ذلك الأمل الذي كسى قلبها من ناحيتهُ لن يزول، بكل سهولة لا.. لن يحدث...
***
أبتعدت جلنار عن فهد قائلة بحُزن جم:
- ليه محكتليش الحقيقة؟
اقترب يضم ذراعيها نحوه قائلاً:
- علشان مكنتش متأكد يا جلنار كل حاجة هتمشي زي ماخططت..
فكِّت رباط جأشها قائلة بألم:
- إنك تحكي عن محاولة قتلك بكل سهولة وممكن الراجل ده لو عرف إنك عايش ممكن ياذيكَ تاني أنا أنا ..معر..
ضمها لصدرهُ بقوة يمسح على شعرها بِحُبِّ قائلاً:
- متخافيش ياجُلنار .. من اللحظة دي مش هسيبكِ ..ومتقلقيش من المستقبل، أطُلبي من ربنا العون يا جُلنار..
همست وهي تدثر وجهها في عنقهُ:
- ونعمة بالله..
**
كانت هبة تجلس في المنزل في حُزن شديد، كأن قُتل لها أحد .. ولكنها كانت باهتة لأنها رغبت بالذهاب بشدة إلى أختها ولكن والدتها منعتها بشدة حتى أنها أنهلت عليها بالصفعات بشدة جعلت خديِّها شديدا الأحمرار .. ولكنها أنتفضت حين رات ميرال تقف أمام المنزل تنظر في وجل وقلق، اقتربت هبة وهي تنظُر إلى غرفة والدتها المغلقة، فقالت بهمس:
- في حاجة ياميرال؟
عقدت ميرال حاجبيها حين رأت ذلك الأحمرار تألمت لاجلها بشدة، فقالت بصوت مشفق:
- أمُكِ اللي عملت كده ولاأبوكِ؟
- مش مهم ميِّن فيهم ياميرال، المهم إني فرحانة باللي عملتيه علشاني..
قالت ميرال:
- أنتِ أختي ياهبة، رغم اللي كان في البداية، بس أنتِ أختي في كل الأحوال، وأخاف تتأذيِّ.
ثُم تابعت تقول:
- هو فين بابا؟
- عايزة إيه؟
جاءها الصوت من خلفها، شعرت بجسدها يرتجف، فحدقت بهِ بأعين قلقة.. وهذا مالمحهُ لذلك طلب من هبة الأنصراف إلى الداخل .. فـفعلت ما أمُر منها بوجهه مستسلم..
اقتربت منه تساله :
- هو عمي حمادة فين؟
رأتهُ يصك على اسنانه وهو يطالعها بزوج اعين باردة:
- وأنتِ داخلكِ بعمكِ إيه؟
- ممكن تجاوبني؟
هز رأسه نافيًا يقول:
- لأ.. علشان أنا مااعرف عمك فين!
كاد أن يمُر بجانبها لولا قولها القوي:
- أنا عرفت إنكَ كنت عارف مكاني أنا وماما من زمان.. بس كنت مستنيها إنها هي اللي تيجي البلد ..
وقف برهة ينظر إلى وجهها، فأكملت بوجههِ متورد من الحزن:
- ومش فاهمة ليه؟ ليه ماجتش تشوفني لمرة واحدة .. ليهِ مافكرتش إنك هكون عايزة أشوفكَ لو لمرة واحدة ..
كان صامتًا ولكن عينيهِ كانت تقول الكثير، أنه حزين على حزنها ودموعها التي أغرورقت وجنتيها ..كان صمته الشديد يقتلها، فقال:
- أنتِ عايزاني أقولكِ ياميرال، السنين دلوقتي وعدتَّ.. وكل حاجة اختلفت عن زمان..
- لو أنتَ فاكر إنها مش هتفرق معايا، فلأسف هتفرق معايا...
استدار يقابلها قائلاً:
- أمك قالتلك إنها كانت حامل صح؟
هزت رأسها..فأكملت عنه:
- وقالتلي إنك السبب إنه يموت..
لمحت عينيهِ تمتلأ بالدموع، فقال وهو ينظر نحوها بحزن:
- أنا عمري ماسامحت نفسي على اللي عملته، وكنت عارف إنها مستحيل تنسى وآآه كنت عارف مكانكم بس كنت عارف إنها مكنتش هتقدر تستحمل وشي بعد اللي حصل ياميرال، مكنش سهل أرجع وكأن مفيش حاجة حصلت.!
- طيب كنت عايزاها ترجع ..
- كنت ساعتها هحس إنها سامحت .. بس لما شوفتها، لأ .. أمك ماأنستش أخوكي اللي مات .
مسح وجهه سريعًا، وهو يعطيها ظهرهُ قائلاً:
- لو بتسألي على عمكِ حمادة، فهو دلوقتي مع أمُكِ..
وكادت أن تسأل إلا أنهُ أجابها:
- كلميها وهتفهمي منها كل حاجة.
وسار نحو منزلهُ يغلق بابهُ .. فاستدارت وهي تربت على قلبها، رغم إجابتهُ التي يظن أنها كافية إلا أنها بالنسبة إليها ليست كافية بالدرجة التي تجعلها تسامحهُ..
وصلت إلى المنزل، وقفت بالحديقة قليلاً، كانت الشمس قد غابت منذ ساعة بالظبط ولم تكن قد رأت هاشم حين ذهبت ..
رفعت الهاتف تتصل بوالدتها، والتي اجابت قائلة:
- ميرال .. كنت لسه هكلمك .. عمك حمادة معايا.
- آآه ما انا عرفت..
تساءلت سمر بعجب:
- أزاي؟ مين اللي قالك؟
- بابا..
ازدادت سمر استغرابها حتى قالت :
- أبوكِ؟ وأنتِ بتروحيله ليه ياميرال..
قالتها سمر بعصبية في النهاية، شعرت ميرال بقبضة تلتف حول قلبها، فقالت ميرال بألم:
- كنت بسأله ليه مداش لنفسه فُرصة يجي وهو عارف مكانا من زمان ..
وكادت أن تتحدث لولا يد أخذت الهاتف ترميهِ بعيدًا ..وتعصم عينيها..
***
كان هاشم قد تحدث مع خالهُ وأخبرهُ بموافقتهُ على أن يكون بديلاً عنه للبرلمان..
ولكن هاشم شعر بأن هذا ليس كافيًا من نظرة عين خاله فهمي والذي سرعان مافضح نواياه قائلاً:
- بُص ياهاشم يابني، أنتَ بقالك فترة هنا، ومش عارف تدير العزبة ولا عارف تدير أي حاجة هنا .. ليه ماتدنيش العمدية؟
- أزاي يعني ياخالي، أنتَ ناسي إن بابا فاق وكام شهر هو اللي هياخُدها..
- أبوك خلاص مش هيقدر يفضل يدير الناس والاراضي، لازم حد يكون فاهم وواعي بظروف الناس هو اللي يهتم..
ظهر الغضب على قسمات هاشم والذي قال بعصبية:
- أنا آآه ممكن مش عارف أديرها كويس الأيام دي بس خالي متقلقش أنا هعرف أديرها الفترة الجاية كويس.
وكان قوله كعلامة رفض على اي حديث أخر مع خالهُ والذي كان يشعر بالضيق والغبطة على رد هاشم ..
نذهب بصحبة إسلام بعيدًا .. وقال وهو يتصل بالهاتف:
- مش قولتلك هحتاجك تاني.. هاتلي ميرال..
***
كانت ميرفت برفقة ابنها حين كان على الهاتف، وحين علمت بما هو مُقبَّل عليه، امسكتهُ بقوة قائلة:
- مش بعد كل ده هتمشي وراه تاني..
دفع يديها عنهُ قائلاً:
- همشي وراه لاني هكسب منه كتير لما يكون العمدة، وكمان هو اللي هيخلي هاشم يطلق ميرال ويجُوزهالي..
- لأ ياساهر، لأ .. كفاية كل القرف اللي حصل وخوفي عليكَ .. أنتَ كنت في لحظة هضيع مني .. أرجوك يابني بلاش .. بلاش اسمع مني أخرته خراب..
لم يستمع إليها بل أخذ الدراجة النارية وأنطلق تاركًا إياها تبكي حسرة على تربيتها لهُ ومافعلته لاجله كل تلك الأعوام ولكنها لن تترك الأمر هكذا تعلم بأن فهمي رجُل فاسد النفس، ولانها تعلم ماكان يطمح له .. فلم يكن غريبًا عليها حين علمت بانه من قتل فهد بيديهِ ..
ولكنها لن تسمح لهُ أن يقتل فردًا أخر ..
لذلك هرعت على بيت أخيها تستنجدهُ وهو حين علم لم ينتظر وركض فورًا نحو المنزل..
**
جاءت عزة إلى هاشم الذي يجلس بفرندة البيت ويحاول أن يتصل بـ ميرال .. قالت عزة وهي تقترب منه قائلة:
- بابا كان عايزك يا هاشم.
رفع حاجبه قائلاً:
- عايزني في إيه؟
- كان عايزك يكلمك ويعتذرلك على حاجة، هو تحت في المستودع اللي فيه القمح...
هز رأسه مبتعدًا عنها، وهو يحاول أن يهاتف ميرال بكل الطرق، حتى استمع لرنينه داخل ذلك المستودع .. والذي كان مظلم من كل ناحية .. تفاجأ بها .. والدم يسيل منها...
16=الحلقة السادسة عشر ..من رواية زوجة العمدة._الجُزء الأول.
***قبل الاخيرررررر /
فاغفري لي ..
كل هذا الهوان، اغفري لي
انتمائي إلى هامس يحترق!
واغفري لي قرابه
***
أُغلق الباب من خلفهُ بشكل أضرم الزعر بداخلهُ .. ولكنه لم ينتظر واقفًا بل أسرع نحُو ميرال التي تنزف من رأسها، ولكنهُ شعر بأحد يُكبل كلتا يديهِ بشدة وحين ألقى نظر رأى بأنه ساهر ذلك الحقير، ورأى خاله يجلس باحدى المقاعد الخشبية ..
وبيديه ورق .. هنا علمَّ هاشم بما يضمرهُ بداخلهُ لذلك قال بعصبية وصوتٍ مُرتفع:
- عايز تقتلني زي ما قتلت فهد؟
لم تتبدل ملامح فهمي بل تنهد وهو يقترب قائلاً:
- أمضي هنا وخُد مراتكَ..
وحين نظر إلى تلك الورقة وجد بها تنازل للعُمدية والأراضي المالكة لهم، ضحك هاشم ساخرًا:
- أنتَ بتحلم!!
وفجأة تلقى لكمة على وجههُ .. صك على قواطعهُ .. وقد زمجر من شدة غضبه وثورتهُ، وهو يحاول أن يفلت من يدى ذلك القذر ..
قال فهمي وهو يقترب من ميرال:
- أنتَ كده مش مديني فُرصة يا هاشم، أنتَ ابني وكل حاجة بس .. أنتَ متستهلش اللي بين أيديك..
صرخ هاشم متوعـدًا:
- لو قربت منها وأذتها .. مش هيرحمك من أيدي إلا اللي خلقني وخلقك..
- يبقى أسمع كلامي وأمضي ..
زفر هاشم الهواء بعصبية وهو ينظر إلى ساهر، فقال :
- وأنتَ مش هرحمك يا ساهر ..
نظر هاشم خلف فهمي وجد اسلام والذي شعر من نظراتهُ بأنه يريده أن يستفز فهمي حتى يعترف .. فقال هاشم وهو ينظر لخاله:
- بس أنتَ يا خالي مقولتليش ليه بتعمل كل ده .. يعني تحاول تقتل ابويا وتقتل فهد .. إيه الغاية من كده؟
- ومين اللي قالك إني قتلت فهد؟
نظر هاشم نحوهُ بثقة قائلاً:
- محدش بس فعلتك أكدتلي، خصوصًا إن فهد قبل مايموت كان قايلي إنك عايز تترشح للنواب وهو مكنش مطمن ..
- أخوك كان غبي يافهد، مكنش عارف إني هرحمهُ كتير من تعب العمدية ومشاكل الناس اللي مابتخلصش ...
- أزاي خطط لقتلهُ؟ أزاي جالك قلب تقتل ابن أختك؟ وأنتَ عارف قد إيه أمُي متعلقة بفهد..
ضم شفتيه قائلاً بشفقة:
- أخُتي غبية .. وعمرها ما كانت هتعرف تغير رأي فهد .. ولما أخوك راح وكلم المحافظ ولغى العمدية كنت خلاص، كنت عارف إنهُ ساعتها هيعمل كل اللي يقدر عليه علشان يقف قصادي .. وخلصت عليهِ..
كان هاشم من داخله يحترق كيف لهُ أن يتحدث بتلك اللامبالاة هل قتل نفس بتلك السهولة؟
- وأبويا؟ أنا عارف أن يونس محاولش يقتلهُ ..
- أبوك كان فاهم أنا عايز إيه، ومااهتمش يدهولي رغم كلامي معه بكل الطرق، أنا اللي كنت طالبهُ ساعتها حتة أرض من الأراضي المتوزعة وأبقى في مجلس النواب .. وهو كان مستكتر عليا اي حاجة من دُول، وخد للي يستحقهُ..
تابع وهو يضع الورق أمام هاشم :
- ها، هتمضي؟
ضم هاشم شفتيه يحاول كبح جُماح غضبهُ، ولكنه احسَّ بحركة حولهم .. وأيضًا فهمي شعر بتلك الحركة .. ولكنه لم يبالي، ونادى على اسلام ليرى من بالخارج ..
وماكانت إلا بضع ثوانِي حتى اقتحم المكان يونس بصُحبة ظابط وبعض العساكر .. فكَّ ساهر كلتا يدى هاشم بعد أن شعر بضربة على ظهرهُ من خالهُ يونس ..
وكاد فهمي أن يركض من الجهة الأخُرى لولا اسلام الذي أسرع ممسكًا بهِ...
اسرع هاشم نحو ميرال والتي كانت فاقدة للوعي طُوال الوقت .. حملَّها سريعًا وركض بها .. إلى سيارتهُ ..
كان طوال الطريق يحاول إفاقتها ولم يستطع إلا أن يشعر فقط بانفاسها.. كان قلق بشدة وكاد أن تحدث حادثة ولكنه أستطاع أن يهرع بها نحو المستوصف ...
***
اتصال قط جاءهُ حين أخذت الطبيبة ومعها بعض الممرضات ميرال داخل غرفة العمليات لاصابتها بنزيف داخلي .. وكانت والدتهُ والتي تبكي غير فاهمة مايحدث حولها:
- هما إيه كل الشرطة دُول يا هاشم؟
- أمُي .. أرتاحي في أوضتك ولما أرجع هحكيلك ..
هتفت بقلق شديد:
- خالك حصلهُ حاجة؟
صمت .. كيف لهُ أن يخبرها بأن أخيها كان رجلا فاسدًا .. أراد أن يقتلهُ كما كاد أن يفعل بابنها البكر ..
ولكنهُ لم يرغب أن يتركها تتأكل من الداخل:
- لا.. بس أرجوكِ أسمعيني وأفضلي في أوضتك ..لغاية لما أرجع ..
- طيب، أنتَ روَحت فين؟
تنهد يقُول:
- ميرال تعبت فروُحت المستشفى اللي في البلد التانية ..
أغلق الهاتف بعد أن ودَّعها وجلس على أقرب مقعد بجانبهُ .. وهو يشعر بثقل يجثو على قلبهُ .. كل تلك الأمور في ثانية واحدة تجعلها يعاتب نفسه على عدم وعيهُ بأفعال خالهُ الفاسدة والتي كادت أن تقتل كلا من أحباءهُ..
مرَّت ساعة .. وشعر بيد تُربتَّ عليهِ وكانْ أخيه فهد والذي حين راه عانقهُ فورًا يقُول بتعب:
- كُنت محتاجكَ فعلاً.
- إسلام كلمني وقالي على اللي عمله الحيوان.. ولكن متقلقش خلاص، كل الأدلة دلوقتي موجودة مع الظابط واللي بدأ يفتح في قواضي تانية ..
هز هاشم رأسهُ متفهمًا .. حتى خرجت الطبيبة.. والتي ابتسمت ابتسامة خفيفة بدا عليها الأنهاكَ ..
- المريضة بقت كُويسة .. بس هتفضل في العناية فترة لغاية لما تتحسنْ هي والبيبي ..
سكن جسد هاشم متفاجئًا .. فقال بصدمة:
- هي حامل؟
هزت رأسها مُجيبة:
- آآه، حامل في شهرها الأول، الحمدلله إن الحمل متأثرش باللي حصلها .. ودي معجزة ..
ذهبت الطبيبة .. وكان هاشم يشعر بالحُزن الشديد، لما تعرضت لهُ ميرال وهو يعلم بأنها إذا فقدت هذا الطفل لكانت قد أنتهت كل صلاتها بيهِ .. كان يعلم مدى حُبها لفكرة العائلة، ويعلم بأنها كانت ترغب بأي فرصة بأن تكون معهُ ..
ابتسم فهد لاخيه ولكنه استشعر اضطرابهُ .. فقال هامسًا:
- مالك ياهاشم؟
- أنا عرضت مراتي وابني لخطر يافهد .. المفروض أزاي هقابلها وازاي هقولها إني ابننا كان ممكن يحصلهُ حاجة بسببي أنا..
مسح على ظهرهُ قائلا:
- قول الحمدلله إنهُ محصلوش حاجة يا هاشم والمهم دلوقتي نطمن عليها هي وصحتها..
***
جاءت سمر بصحبة حمادة، حاولت الاتصال برقم ابنتها ولكنها لم تُجيبها، حين وصلت رأت زوجها السابق يقف خارج قسم الشرطة ..وهو يهاتف أحدًا ما .. حين رأى أخيه هرع إليه يعانقه قائلاً:
- محتاجينك جُوى يا حمادة ..
هز حمادة رأسه ودلف للداخل.. رأى سمر وعيونها القلقة، فقال وهو يضع مساحة بينهما:
- ميرال اتعرضت لضربة على مخها..
وحين رأى الهلع اسرع يقول:
- بس متقلقيش جوزها طمني وقالي إنها كويسة .. بس هترتاح شوية في المستشفى..
- طيب أنا عايزة أروحلها دلوقتي..
نظر للساعة وجدها اصبحت الثانية عشر بعد منتصف الليل، وهو يعلم بأن الباصات لن توجد في ذلك الوقت .. ولكنه قال وهو ينظر حوله:
- هروح أكلم حد من البلد يودينا بالعربية ..
هزت راسها والقلق والخوف ينهشان في قلبها ...
وهي تدعو الله أن يحفظهامن كل سوء ..
الحلقة الأخيرة "رواية زوجّة العُمدة"_الجُزء الأول.🎊.
[ وتلكَ البلاد حتى وإن قادتني لأقصاها سأتيك سعياِ].
كانت سحر تشعر بنظرات يونس التي لم تتوانّي عن تذّكرها بما مضى بينهما من ألمٍ وحزِن. ولكنها كانت امرأة صلبة صامدة، لم يفُارق وجهها الجمود منذ أن رأته، يكفي ماحدث بالماضي ويكفي أن كُلا منهما مضى في طريقة وعاش حياته كما يريد.. حين قام السائق بتوصيلهم أمام المشفى، أخذت حقيبتها وأسرعت تهرول من السيارة في عجلٍ، وقلبها مُتلهف على لقاء ابنتها ..ولكنهُ اوقفها بصوته المُرتجف:
-سحر ..
وقفت بمكانها، وقد أغمضت عينيها تستجمع شتاتها المُضطرب، نظرت خلفها في حيرة منعقدة الحاجبين!، ابتلع ريقه في ارهاق قائلاً:
- انا عارف إن اللي حُصل زمان مستحيل يتغير و..انا آسف و..
قاطعته سريعا قائلة :
- عايز تعرف انا سامحتك ولا لأ؟
قالتها بصوت يرتجف والغصة بحلقها تؤلمها، بماذا تخبرهُ بأنها تُسامحهُ، هل تسامحهُ على نبذهُ لها وضربه القاسي الذي سببّ لها إجهاض طفلها .. هل تسامحه على هجرهِ وزواجه من قريبته دون أن يُبالي بها وبطفلتها، وهل تسامحهُ على إيلام طفلتها ..
ابتسمت بألم وقد ترقرقت عينيها بالدمُوع:
- انا عُمري ماقدرت أسامحك يا يونس على الذُل ووجع القلب اللي أنا وبنتي شُفناه بس انا سامحتك مرة واحدة بس ..
تابعت وهي تمسك رباط جأشها:
- لما سمحت ليا اعيش انا وبنتي بعيد عنك .. وكنا في سلام.
- سحر ....
- السماح مش سهل زي ما انت فاكر .. بس هيجي يوم وهسامحك على كل حاجة.
واستدارت تركُض تفتح باب الزُجاجي للمشفى لتُسرع في خطواتها وتطمئن على صحة ابنتها .. وحين دلفت إلى غُرفتها وجدتها تنظُر لـ هاشم بألم قائلة برجاء:
- هاشم، قولي في إيـه؟
كان هاشم منتظراً والدة ميرال حتى تستطيع أن تسيطر على نوبات الغضب التي يعلمها جيدًا اذا علمت بأنها حامل وكادت هي وطفلها أن يتعرضا لخطر ما .. لذلك فور أن تلاقت عيناى ميرال بأمها .. دفعتها سحر لحضنها بقوة وهي تبكي بكاء حارًا من خوفها الشديد عليها ..
سحّب هاشم كُرسيا واقترب بجانب الفراش، أمسك بيد ميرال بقوة وقد لاحظ وهنها الشديد وعدم قدرتها على طيّ يديها بقوة، قبَّل كلتا يديها بحبور وخوف شديد من فقدانه لها.. نظر لها قائلاً:
- حصلك نزيف والحمدلله اتلحقتي بس لازم ترتاحي ياميرال. و كمان ..
تابع وهو ينظر لعينيها المتعبتين:
- أنتِ حامل.
اضطراب شديد بعينيها ويديها تلقائيا اتجها نحو بطنها بشكل غريزي .. وهي تشعر بمشاعر مختلفة، ولكنها هتفت بصوت متعب ومُرهق:
- ابني كان هيحصله حاجة؟
وصمته أكدَّ لها ما ظنتهُ ولكنه أسرع يلتقف كلتا يديها قائلا:
- فوقي وركزي ياميرال، اللي حصل اختبار من ربنا ولازم نعديه سوا وانا لسه على وعدي .. خلاص، ترتاحي الأول وبعدين هنسافر القاهرة ..
- امشي ياهاشم .. مش عايزة اشوفكَ.
قالتها وهي تعانق والدتها وتدثر وجهها بين احضانها .. شعر هاشم بانانيتها الشديدة،هو لم يكن يدًا في ذلك، لم يكن يريد لها أن تتأذى من البداية وحاول بكل الطُرق بألا يحدث لها سوء ولكن كانت الأمور خارجة عن إرادتهُ..
جاء يونس في تلك اللحظة التي تحدثا كُلا من ميرال وهاشم، وشعر وكأن شريط ماحدث سابقا يعيد ذاتهُ، لذلك لم يتردد بألا يدخل ويقُول:
- يابنتي.. جوزك كان هيتجنن وهو جايبك المستشفى .. متعرفيش حالته كانت ازاي لما شافك بتنزفي من كل مكان..متبقيش انانية زي ماكنت زمان يا ميرال وتهدي كل حاجة في لحظة ..
نظرت لوالدها ثم رفعت عينها الي سحر التي كانت تنظر إلى مكان أخر .. تابع يونس:
- لو عاد بيَّا الزمن يا ميرال، مكنتش سبتكم تمشوا ولا خليت كل ده يحصل بس مش هنقدر نرجع الزمن بس نقدر نصلح كل اللي حصل ونصلح كل غلطة..
امسك بيدها قائلا وهو يُربتَّ عليها:
- أديله فرصة تانية يا ميرال .. اديله فرصة علشان اللي بينكم مينفعش يحصله شرخ بالشكل ده ..
أغمضت عينها بتعب هي تشعر بشعور سيء وهي تعلم بأنها أنانية خصوصا بأنها تعلم كم كان قلقا عليها طوال الليل .. ولكنها فجأة شعرت بالاعياء .. واغمضت عينيها كانها فقدت الوعي ..
ذهبت سحر تركض لاحدى الممرضات والتي جاءت لتفحص ميرال ولكنها قالت:
- متقلقيش ده تأثير المنوم.. علشان تقدر ترتاح.
سحبت سحر كرسيا وجلست بجانب الفراش .. وكان يونس يقف بعيدا وهو يراقب. ابنته نائمة وهو يشعر بأنهُ لن يستطيع ابدا أن يجعل الرابط بينهما متين.. فلطالما حاولت هي أن تتقرب وهو كان يتهرب منها ويجرحها بالعديد من الطرق .. لذلك سيبتعد عنها كما فعل سابقا ولكن تلك المرة بعد أن يطمئن عليها وعلى صحة طفلها ..
***
عاد هاشم على أذان الفجر وقد ترك ميرال مع والدتها قليلاً حتى يهيأ المنزل لقدومها مرة أخُرى، كان تفكيره يعجُ بالضجيج، لايعلم كيف سيقول لوالدتهُ كل تلك الحقيقة مرةَ أخُرى، أيخبرها بماذا أولاً .. بتدبير أخيها لموت زوجها وابنها البكر ؟
أم بتدبيراتهُ لأخذ كل شيء يمتلكونهُ لأجل مصلحتهُ الشخصية .. وصل للمنزل وقد صلى الفجر بأقرب مسجد ولحُسن حظهُ كان الجميع منشغل بصلاتهُ غير منتبهين لقدومهُ بنهاية الصف، أسرع إلى المنزل وجد والدتهُ مستيقظة ويبدو على وجهها الانهماك فحين لمحتهُ قادمًا أسرعت إليه في وجل قائلة:
- هاشم ..
وأسرعت تعانقهُ بشدة حتى شعر بنبضات قلبها المتسارعة، قبَّل جبهتها في حنانٍ ولطف، وأخذ بيديها إلى أقرب مقعد لها، وجلس على ركبتيهِ قائلاً:
- اللي هقولهُ دلوقتي مستحيل تصديقهِ بس للاسف ده اللي حصل..
قطبت حاجبيها، فربتَّ على كفها يقُول:
- خالي حاول يقتل ميرال و أنا ..
ازداد وجهها شحُوبا وكمدًا، وشعر وكانها ستُصاب بشيءِ فأمسك بذراعيها يضمها نحوه قائلاً:
- أنا كويس وميرال كويسة..
قاطعتهُ بغير تصديق:
- مستحيل فهمي يعمل كده ..
ضمت شفتيها حين رأت عينى ولدها يخبرانها بصدق قولهُ، فتابعت بحدة في صوتها:
- أنتَ في مقام ابنهُ أزاي هيعمل كده، ازاي ياهاشم .. دهَ وقت موت فهد .. كان هيموت نفسه من العياط والقهرة أزاي ..
كانت ترتعش بين يديهِ وجسدها بدأ يتعرق من شدة ما سمعت، كيف ؟ كيف يخبرها بكل ذلك وكأنهُ شيءِ يمكنها أن تصدقه فورًا ..
- أنتَ بتكدب صح؟
هز رأسه نافيًا وقال:
- أنا آسف بس خالي هو نفسه اللي دبر لقتل فهد ..
وجهها كان جامدًا لثوانٍ عديدة، لايعلم كيف مرَّت .. ولكنهُ رأها تهز رأسها بـ لا، وعينيها تُغرقان من البكاء .. بكاء صامت، وضعت كفها على قلبها تقُول:
- فهد؟ اخوكَ... هو اللي قتلهُ؟ أبني!!!
كان تنفسها يعلو ويهبط في هرولة وكأنها تركض أميالا متواصلة دون راحة ..
قال هاشم بقلق شديد:
- أمي أرجوكِ أهديِّ..
- أزاي أهدى، أنتَ عايزني أهدى أزاي وأنتَ بتقولي إن أخويا الوحيد وكل حاجة كانت ليا يقتل ضنايا .. يقتل أخوك .. بكل سهولة دي عايزني أزاي أفضل هادية..
أمسك بكلتا ذراعيها بثبات وقوة:
- لأن فهد مامتش!
شهقة عنيفة وصوت صينية خلفه قد سقطت أرضًا ولم تكن سوى عزة!!!
نظر هاشم إلى عزة التي كانت ترتعش بقسوة ..أبتعد هاشم عن والدتهُ وكاد أن يقترب من عزة، إلا صوت والدتهُ التي تقول بانهيار:
- أزاي بتقولها بكل سهولة، أخوك مات وأدفن ياهاشم.. اخوك جسدهُ بقت تحت التراب..
كان ينظر ثابتًا إلى عزة التي كادت أن تسقط أرضًا من خوفها الشديد، ونظرة من هاشم أعلمتها بأنها هالكة لامُحالة.. وانه يعلم الحقيقة الآن ..
- مامتش، فهد مامتش .. معلش ياعزة، اللي خططتي ليه أنتِ وأبوكِ خلاص أدمر ..
- أنتَ بتقول إيه؟
نظر لوالدتهُ ثم عاد بنظره إلى تلك الحقيرة يقول:
- الهانم اللي أنتِ أكرمتيها في بيتكِ عاملتيها كأنها نوران وأكتر .. شاركت في قتل فهد .. ولولا إنه كان عارف اللي بيخططوهُ أبوها .. كان فعلا بقى ميت .. بس هو مكنش عبيط..
ثُم اقترب من عزة يقُول:
- أنتِ آآه ماتحسبتيش زي أبوكِ، بس مصيرهُ يشاركك في مصيبتهُ ياعزة..
نهضت زينات وهي لاتشعر بقدميها، تشعر وكأنها ستسقط في أي لحظة.. تلك الفتاة التي ربتها وكأنها ابنتها الثانية تطعنها من الخلف، كيف راتها تنهار باكية حين علمت بموت ابنها البكر وراتها كيف كادت أن تموت قهرًا، كانت هي من دبرت لكل ذلك هي وأبيها!
وفجأة وجد والدتهُ تنهالَّ عليها بالصفعات المتتالية .. ولكن الخدم وهالة التي ركضت بسرعة حين رأت ذلك المشهد .. وأفلتتَّ عزة من بين يداى زينات والتي صرخت بوجهها بعد ان بصقت أمامها:
- عمُرى ما اتصورت إنكِ هتطلعي بالوساخة دي يا عزة، ده انا اللي ربيتك وكنت اتمنى الخير ليكي أكتر من أي حد .. آآه يارخيصة..
أسرع هاشم يمسك بجسد والدتهُ التي شعرت بالدوار فجاة .. وقام هاشم بمناداة أحد الخدم حتى يتصل بطبيب فورًا ..
***
كانت سحر تجلس بفراش ميرال التي استيقظت بالثامنة صباحًا ..كانت لاترغب بتناول شيءِ ولكن والدتها أصرت على تناول الطعام لأجل طفلها.. ولكنها كانت شاردة، تفكر بالكثير .. تفكر بالعودة وحدها وتربية طفلها وحدها كما فعلت والدتها، ولكنها تعلم بأنها ستكون أنانية بنظر الجميع حين تتخلى عن هاشم والذي لم يكن بين يديه شيءِ يفعلهُ ..
مسحت سحر على ظهر ابنتها تُطيب خاطرها:
- هاشم عايز يكلمك .. لما تخلصي أكل أتصلي بيهِ..
- مش عايزة.
قالتها وهي تنظر إلى مكانٍ أخر غير جسد والدتها، لتمسك سحر بذقن ابنتها ترفعهُ وتواجها بالنظر قائلة:
- هاشم عمره ما أذاكي زي ما ابوكِ أذاني يا ميرال، هاشم حاول بكل الطرق إنه يسعدكِ، وهو عارف قد إيه إنك تعبتي من وجودك هنا .. بس ليه تعملي كده، ليه عايزة توجعي قلبكِ ومتديهوش فرصة..
قالت بألم:
- علشان اديتهُ، قولتهُ وجودي هنا تاني هيوجعنا، وأديتهُ فرصة إننا نفضل في القاهرة وهو اللي رفض .. وفي النهاية أنا وابني كنا هنموت ..
- أزاي فكرتي كده ياميرال، ازاي كنت عايزاه يسيب كل حاجة لواحد حاول يقتل اخوه ويقهر قلوبهم، ازاي كنتِ هتردي تشوف اهله وكل عزهم بيروح لواحد ضلالي، أزاي كنتِ هترضي لما تشوفي كل الناس اللي شغالة هناك تبوس رجله علشان يسيب ارضهم علشان لقمة عيشهم .. فهمي طول عمره كان ضلالي، من أول شوفتهُ وكنت عارفة إنه عايز اللي بين أيد ابو هاشم .. كان شايف إنه الاحق، علشان مكنش عايز حد من أهل القرية يعيش متهنيِّ، كان يقول ازاي عايشين كده المفروض يبوسوا أيد ورجل العمدة علشان سايب ليهم أرض بيزرعوها بفلوسهم ويحصدوها، هاشم مكنش يعرف وكويس إنه عرف متأخر، فهد لولا إنهُ كان حاسس باللي حواليهِ .. مكنش هيقدر ينجو من الموت.. أحمدي ربنا يا ميرال، إن ربنا وقعك في هاشم مش في غيرهُ..
لم تجيبها ميرال ولكنها اكملت طعامها وظلت صامتة..
***
أنتظر هاشم بالخارج وقد هاتفه فهد بأنه قادم .. حين رأه من بعيد كان يبتسم بحنين، اخوه البكر الذي كان ينتشله من قاع ظلامهُ، لازال حيا يرزق، لازال يستطيع أن يعانقهُ ويخبرها باسوء ألامهُ..
كانت نوران قد هبطت على السلالم لاجل بعض الماء، ولكنها وجدت هاشم يقف بباحة المنزل فسارعت خطواتها غير عالمة بسبب وقوفهُ.. ولكن زجاجة المياه سقطت من يديها حين رأت فهد .. فقالت بصوت مختنق:
- هو من قلة النوم ممكن اتخيل حد!!
نظر هاشم إليها متفاجئًا بوقوفها بجوارهُ، ولكنها رفعت عينها إلى هاشم قائلة بألم:
- حاسَّة إني دايما بحلم بفهد..
ربتَّ على كتفها قائلاً:
- لأ يانوران أنتِ مش بتحلمي .. فهد عايش!
ارتعش جسدها نعم .. وشعرت بصدرها يضيق عليها بقوة، وبدون تردد سارعت بخطواتها ركضًا .. حتى وقفت امامهُ، ونظرتهُ الحانية المشتاقة، تعانقها، ارتمت باحضانهُ وهي تصرخ قائلة:
- مش قادرة أصدق .. مستحيل !
ثُم تابعت وهي تتراجع تنظر إلى عينه:
- أكيد مش بحلم..
دفعها نحوه من جديد يعانقها بقوة .. امام نظرات جلنار التي خمنت بأنه أخته التي تحدث عنها، لقُرب ملامحهما سويًا ..
همس بأذنها قائلاً:
- أنا رجعت تاني يانوران زي ماوعدتكِ ..
أغمضت عينها قائلة:
- وأنا عمري ماكدبت في وعدك..
***
كان فهد يقترب من مقعد والدتهُ والتي كانت توليه ظهرها في هدوء، خوفًا عليها، ولكنها شعرت بتلك الخطوات الخفيفة، ورائحتهُ التي لم تنساه يومًا.. فاستدارت قائلة بألم ولهفة:
- فهد ..
نهضت بكل قوتها، تأخذه بين أحضانها، وتبكي وتبكي ..بكاءها وكأنها تحلم .. كم مرت شعرت بوجودهُ حولها، وكانت تبكي لانها تشعر وكأنه حلم، كم مرة مرت عليها ليالٍ تريد أن تفرغ اعباءها وكان تفكيرها ينحصر حولهُ.. من كان أكثرهم أهتمامًا لها وحمايتها دومًا..
- رجعتلك ومش همشي..
- مش هسمحلك تمشي تاني .. مستحيل.
من شدة أشتياقها لهُ، قبَّلت كلتا يديهِ وضمتهم لصدرها .. إنتبهت لـ جُلنار التي كانت ترتدي حجابًا يغُطي رأسها إلى أسفل صدرها، أرادت ذلك حين تحدث معها فهد عن الأمر قبلاً، حين رأتها زينات ابتسمت لها ابتسامة حلوة، وهي تشير إليها أن تقترب نحوهما..
نظر نحو جلنار قائلاً:
- جلنار مراتي..
كان هاشم قد اخبرها قبلاً عن زواجهُ بابنة أحد رجال القرية المجاورة.. ضمتها زينات إلى صدرها قائلة:
- نورتي بيتكِ ياحبيبتي ..
كانت جلنار تشعر بحبها الشديد نحوها، ولأنها لم ترَ والدتها قبلاً بكت داخل حضنها اشتياقًا ولهفة لذلك الحنان الذي حُرمت منهُ قبلاً..
والذي لن تمَّل زينات من بثهِ لها مرة أخُرى.
***
كان هاشم مترددًا في الاتصال بميرال، ولكنه على كل سيذهب للمشفى ليأخُذها من هناك .. وكاد ان يضغط اتصال، وجدها تهاتفهُ ليُجيبها بلهفة.. وحين سمع اسمه ينطق من شفتيها شعر براحة تغزو جسدهُ ..
- هاشم أنا آسفة .. إني اتكلمت معاك بالاسلوب ده..
- متتأسفيش ..اللي اتعرضتِ ليهِ يخليكي تعملي أكتر من كده..
تنهدت وهي تنظر حولها قائلة:
- أنا عايزة أرجع..
- ساعة بالكتير وهكون عندك..
- لأ مش قصدي بإنك ترجع للمستشفى، عايزة أرجع لبيتي في القاهرة بس المرادي مش لوحدي يا هاشم ..
ابتسم وهو ينظر إلى باب غرفة والده، وهو يرى فهد يقبل كلتا يديهِ:
- وأنا وعدتكِ من قبل ياميرال، هنبقى في القاهرة لما تبقى كويسة وتختاري بيتك اللي عايزاه.
***
بعد مرور سنة.
كانت ميرال تُرتب المنزل مع هبة، والتي جاءت من قريتهم بعد العديد من الحديث وأصبحت تجلس لدى ميرال وهاشم هذهِ الفترة ولكن والدة ميرال قررت أن تجعل هبة تعيش معها بالمنزل وتعمل معها بإحدى المدارس، خصوصًا بأنها لم ترغب بأن تنتهي حياتها بزواجها من رجل يكبرها بسنوات عديدة ..
أما ميرال فقد انجبت ولدًا وسمتهُ "زياد" وأيضًا جُلنار وفهد أنجبا ولدًا وسماه عاصي، واليوم سياتو الجميع من القرية ليحتفلوا بـ نجاح نوران والتي صدمت الجميع وخاصة والدتها بمجموعها. والذي سيجعلها تدخل كلية الصيدلية..
كانت نوران جاءت بصحبة هبة حتى يذهب معها هاشم ويساعدها باوراق الجامعة، ولكنها كانت ترى دومًا بصحبتهُ نوَّار الذي لم يخُبيءِ حبه عنها..
كانت بالبداية لاتشعر بالراحة خوفًا بان يكون هاشم لايعلم ولكنها فاجأها أمس بأن نوَّار يُريد خطبتها وينتظر ردًا منها..
والذي زادها صدمة رؤيتها لهُ صباح اليوم.. وكان يجلس ببستان المنزل، اقتربت منه وهو يوليها ظهرهُ ..
- أستاذ نوار؟
استدار يبتسم ابتسامة واسعة:
- نوران! اهلاً.
كان يشعر بالتوتر الشديد خوفًا ان ترفضهُ، لايعلم كيف أنتظر تلك السنة خاصة بانها قررت ان تبدأ الثانوية مع الدفعة التي بعدها، لأنها وجدت بانها لن تستطيع أن تجني اي شيء وفهد كان يدعمها باي قرار ..
- هو هاشم قالكِ حاجة؟
ابتسمت تهز رأسها بـ نعم، لترى حُمرة خديهِ .. وكان يبدو عليه القلق، ولكنها ابتسمت قائلة:
- أنا موافقة..
شعر وكأنه لم يسمع شيءِ، فنظر إليها طالبًا منها أن تعيد كلمتها، فضمت شفتيها قائلة:
- أنا موافقة إنك تيجي وتتقدم.
من شدة حماسه وسعادتهُ كاد ان يعانقها ولكنهٌ أبتعد حين شعر بما يحاول أن يقترفهُ ..
وكما أراد ان يخبرها بأنه يحبها..
**
كانت هبة قد سمعت رنين الباب، ولأنها ظنت بان نوران بالاسفل فهي بالتأكيد ستسمعهُ، ولكنه حين تكرر ذلك الرنين، تنفست الهواء تهبطت إلي الباب، ولكنها قبلاً إنتبهت لـ نوران وهي تتحدث مع صديق أخيها.. فأسرعت تفتح الباب لتتفاجأ بشخص وسيم لم تراه من قبل.. خفق قلبها بشدة .. فقال الشاب متسائلاً:
- بيت هاشم الجبالي؟
- آآه
رفع عينيه إليها قائلاً:
- حُسام المنياوي.
-تمَّت-
اللي هيقول الرواية خلصت كده أزاي؟ فهي يعتبر الحكاية خلصت لـ ميرال وهاشم، وهنبدأ القصة الجانبية لـ هبة وحسام، ونوران ونوار ..
ودي فصل كل أسبوع إن شاء الله هنا..
في جزء تاني للرواية.🤍🤍🤍🤍
إللي خلص القراءه يدخل هيلاقي كل اللي بيدور عليه من هنا 👇 ❤️ 👇
❤️🌺🌹❤️🌺❤️🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹🛺🛺🛺🛺🛺
جميع الروايات الحصريه والكامله من هنا
انضموا معنا علي قناتنا بها جميع الروايات على تليجرام من هنا
❤️🌺🌹❤️🌺❤️🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹🛺🛺🛺🛺🛺