رواية زَوُجَة العُمدة الجزء الاول {١-وجه القمر} - الحلقة السابعة والثامنه بقلم أماني طارق حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج للروايات والمعلومات
![]() |
رواية زَوُجَة العُمدة الجزء الاول {١-وجه القمر} - الحلقة السابعة والثامنه بقلم أماني طارق حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج للروايات والمعلومات
رحلت والدة ميرال، وقد أخبرتها ماذا يجب عليها أن تفعل مع زينات، وقد حملها هاشم للأعلى تاركًا إياها تتوسَّط الفراش، كان ألم ظهرها لايُحتمل، وأثناء جلوسها مع والدتها كانت تعض على شفتيها حتى نزفت دمًا.
كان الأمر مُرهق بالنسبة إليها، كُل ماكان يشغلها هُو كيف ستخرُوج من تلك الدوامة التي أُدخلت بها، كلما كانت تشعَر بالامان .. فجأة ينقلب الأمن للخوف، وخوفها يزداد من زينات وهاشم .. الذي حتى الآن لاتعلم ماهية أفكارهُ .. وماذا يُريد منها ومن والدتها.
أفاقت على صوت فتح باب الغُرفة ولم يكنُ سواه، كانت لازالت بِملابسها، لتعبها من السير للمرحاض وتبديل ملابِسها، ولكنها تفاجأت بيديهِ حاملتين حقيبة من صيدلية!
عقدت حاجبيها ولكنها فضَّلت عدم الحديث معهُ، ولكنْ لازال يفاجأها هُو، حين صرح بجفـاء:
- أدخُلي الحمام وخُدي دُش، وأخرجي بالفوطة!
رفعت حاجبها بـ صدمة ظهرت على قسماتها، ليشعُر بحرج ولكنهُ أرتدى قناع الجُمود متحدثًا لها بأمر:
- يَّلا علشان أقدر وأديكي المرهم.
- نـ .. نـعم.
هتفت بتلعثُم أكثر، ولكنْ هي من الأساس ستشعُر بالتوتر والخجل من هالة إذا طلب منها ذلك الطلب، ولكْن لم يكن الحل الوحيد، لتردف:
- ممُكن أحُطهُ لنفسي عادي في الحمام.
أسترسل بنـفاذ صبر:
- ميرال، الليِّ أقولهُ يتنفذ! أرجُوكِ أسمعي الكلام .
طالعتهُ بحرج .. ولكنها لم تطلب منهُ المساعدة، رغم كل مافعلهُ بها لـن تسامحهُ، يديهِ الثقيلة تلك .. ستجعلهُ يندم على رفعها عليها ودفعها، دلفت للمرحاض وهي تشعر بقلبها يقفز هلعًا وقلق، كيف سيفعل ذلك؟
فتحت صانبور المياه .. ملأت حُوض الأستحمام بمياه دافئة، ورأت مُغطر برائحة الخُوخ .. أمتقع وجهها .. تكره الروائح مثل تلك .. وضعتها بمكانها، وخلعت ملابسها وبدأت بالاستحمام.
أثناء ذلك، كان هُو بالخارج يخلع ملابسهُ لأخُرى مُريحة، وجلس بالفراش منتظرة خروجها، ويفكر بكلام والدتهُ التي كانت تريد أن تستمع لحديث والدة ميرال بشدة:
- وهُو أنتَ فاكر أن سمر طيبة، دي حرباية، زي ماقدرت زمان تلف حُوالين أبوك، هتقوم بنتها تعمل فيك كده ..
ولكنهُ نهرها عن فعلها ذلك، لم يعهد والدتهُ تفعل ذلك قبلاً، حتى أثناء دراستهُ بالقاهرة خاصة حين كان يأتي لزيارات، لم تكن بتلك الخشونة والجمود، حتى أنهُ لم يكن يعلم بأمر حُب والدهُ لـ والدة ميرال من قبل.
يعلم كم أحداث عاصرتها والدتهُ لا أحد يستطيع، كـ خسارة الزوج والابن، كان يعلم مدى الحُب الذي سيتكين بـ قلبها لولدها، كان فهد يستطيع أن ينتشل الغضب الذي يستحوذ عليها، ويحولها لامرأة رقيقة ، طيبة القلب .. ولكن اين فهد من كل ذلك؟
مات وتركهُ يعاني بدونهُ، لم يستطيع نسيان الليلة التي قضاها بالمنزل بعد وفاتهُ، ليلة مؤرقة، كان عقلهُ يفكر بألف حدث عن موتهُ، وكلام خالهُ يقتلهُ بشدة، لم يظن يومًا بأن فهد ذلك الرجُل الذي ضحى بـ مهنة الطب ليأتي ويرأس مكان أبيهِ أثناء المرض، والذي تخلى عن أحلامهُ لأجل أن يرضي والدتهُ .. يموت موتة قبيحة كـ تلك، مُشوهَ الوجهُ ومطعُون بـصدرهُ!
إنتبه على صوت إغلاق صنبور المياه، لذلك نهض وأخرج الدواء .. أنتظرها حتى فتحت باب المرحاض، وتلك المرة الأولى التي يرى شعرها منذ زواجهُ بها، لم يراها هكذا مرة واحدة قبلاً، شعر هُو بالخجل منها، فـ هي تحاول أن تخفي عينيهاعنهُ حتى جلست مُعطية ظهرها إليهِ ..وهُو أتى بـ منشفة صغيرة حتى جفف ظهرها جيدًا وأثناء ذلك سمع تأوهاتهُ من شدة الألم.
شعر بالذنب يتسلل إلى قلبه ليعاتبهُ على سوء معاملتهُ معها.. كان حقيرًا بنظرهُ لان غضبهُ ساقهُ ليفعل بها ذلك ..
سمع صوتها يقول أثناء تدليكهُ:
- أنا عرفت إنك خريج هندسة.
همهم لها كـإجابة، فـ أكملت ما أرادت قولهُ:
- ليهِ نوران، مكملتش تعليمها؟! زيك أنتَ وأخُوكَ. فهد
تلعثمها جعلهُ يوقن بـ خجلها وأن ليس ذلك هُو السؤال، ولكنهُ أراد مسايرتها، فأجاب بصوتٍ رزين:
- معرفش، هي لسه عندها 19 ومقلتليش إنها عايزة تكمل تعليمها.
- بس ده حرام، لازم تاخد حقها في التعليم زيك وزي أخُوك.
ليبتسم بِسخُرية:
- ومين قالك إن فهد كمل تعليمهُ؟، فهد ساب الكلية قبل مايتخصص علشان يبقى مكان بابا وقت مرضهُ.
تابـع بنبرة حزينة :
- وعلشان يبقى مكان العمدة.
فجأة ألتفت نحوهُ، ممسكـة بـ المنشفة من الأمام بثبات قائلة:
- عارف ليهِ بقى، لأن هنا مفيش وسائل تواصل، ومفيش كليات ومفيش حتى مدارس.
تنهد بأنزعاج، فـظنها ستنسى ذلك الحُوار من الأساس، ولكنها لازالت تفكر بهِ، رغم أنهُ فعلاً فكر بهِ وكاد أن يعطيها ردًا بالمُوافقة، لولا أنهُ رأى بأنه ليس الوقت المناسب .. يريد فقط أن تحل الشئون الأخُرى بالعائلة وسينظر نحو أمر المدارس.
- كنت هتوافق صح؟
لم تأخذ ردًا منهُ، بل طلب منها أن تلتفت مرة أخُرى حتى ينتهي من ذلك، لتشعر بالغضب من تجاهلها هكذا، هي تريد أن تخبرهُ بـ أنهُ جبان، ولكنها تعلم بأنهُ مثل أي رجُل شرقي، سيظن وكأنهُ طعن في رجولتهُ، فسيكون عقابها ضربًا مبرحًا، لذلك فضلت الصمت .. أردف حين زاد الصمت بينهم:
- موافقتي هتبقى موجودة ياميرال، بس أنتِ فاكرة أن في حد عايز بنتهُ تتعلم، او ابنهُ، هنا الفلاحين بيجروا ورا عشتهم، أكلهم وصحتهم، محدش قبل كده أتكلم عن التعليم .. هتيجي إنتِ وتقولي إنهم محتاجين.
قالت:
- لانهم مش عارفين قيمتهُ، إحنا لولا التكنولوجيا مكناش قومنا بالثورة يا هاشم!
شعر بغرابة حين نطقت باسمهُ هكذا، وهي أيضًا .. وضعت كفها على فاهها بتفاجأ منها، ليبتسم ملطفًا الجُو بينهم:
- لو قدرتي تاخدي رأي أهل البلد، انا ذات نفسي اللي هصمم المنشآت .
لتستدير فجأة قائلة بسعادة تغمرها:
- بجد!!
أومُىء لها بحرج، لتشكرهُ، حين أنتهى أخبرها، ونهض ليدلف للمرحاض تاركًا إياها ترتدي ملابسها، لينظُر لنفسهُ عبر المرآة مبتسمًا لماحدث بينهم.
***
- أنتِ بتقولي إيهِ، عايز يتجوزني!!
صرخت هبة بصدمة وزعُر لما قالتهُ لها والدتها، فـ خال هاشم يريدها لهُ، لتقول بـ ببكاء:
- حرام عليكي يا ماما، ده اكبر مني بـ 25 سنة، أزاي عايزة تعملي فيَّا كده؟!
- مش معاه فلوسه وهـاهنيكي، إيه المشكلة؟
صاحت بها هبة بصدمة:
- بقُولك أكبر مني بـ25، عايزاني أشوف ده عادي، حرام عليكي ..أنا مش حمل بهدلة .
لتصفعها والدتها بعنفٍ، ثُم وقفت قبالتها تهتف بـ لومٍ وغيظ:
- أنتِ اللي ضيعتي فُرصتك مرتين، معرفتيش تخلي فهد يتجوزك وخليتي بنت الـ×× هي اللي تتجوزهُ! .. وأنتِ شايفة وعمالة ترفسي النعمة، الراجل ياخيبة شاريكي هيدفع مهر بـ 100 الف جنيهِ، وهيجبلك الليِّ إنتِ عايزاه.
- وبابا موافق على كده، مُستحيل يوافق.
لتبتسـم والدتها بخُبث:
- متقلقيش، كده كده هُو اللي هيقنعهُ بـ الجوازة دي، لا أنا ولا أنتِ.
سقطت هبة على أقرب مقعد لها، وقلبها يقفز من الرُعب، رأتهُ في اليوم الذي ذهبت لتقابل ميرال، جسد ضخم وشارب كبير، ونظرة تشمئز منها، لم تظن يومًا بأن نصيبها سينتهي مع ذلك الكهل، لن توافق حتى لو كلفها ذلك الهروب من القرية بأكملها.
***
كان فهد يشعر بالحيرة، أثناء جلوسهُ بجانب الحاج وليد، والمأذون قد قارب على المجيء، لذلك أستأذن وأخذ الحاج وليد بعيدًا عن مرأى الموجودين، وقال في تردد:
- مدام هنخش على الجد، في حاجة لازم تعرفها عني ياحاج وليد.
وهُنا، شعر الحاج وليد بـ مُصيبة، ولكن حين أخبرهُ فهد عن كل شيءِ، وأنهُ ابن العمدة .. وقد أعتذر أيضًا عن أمر المبلغ الذي كان يأخذه وتم منعهُ، وأخبرهُ أيضًا عن هدفهُ لإخفاء هويتهُ.
لتنبسط ملامح وليد، وقد أفرج عن ابتسامة خفيفة، ربتَّ على كتف فهد قائلاً:
- كنت فاكرك عامل مُصيبة وهربان من الحكومة.
- بس..
قاطعهُ وليد: متقلقيش هكلم المأذون ومش هخليه ينطق اسم العيلة. أنا من أول ماشوفتك وأنا حاسس إنك من هنا.
دقائق ونادى رجُل على الحاج وليد ليخرج ليستقبل المأذون، والذي بدأ في تجهيز أوراقهُ، وأخذ الحاج وليد الشهود الأُمييِّن حتى لايقرؤ إسم فهد من الأوراق، وحين انتهت .. بدأ الشيخ يتحدث، وحين وافق كُلا من جلنار وفهد ..
ابتسم الشيخ قائلاً:
- بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير.
تعالا صوت الزغاريد بـ المنزل كلهُ، ورأى فهد ابتسامة جلنار التيِّ دبتَّ بقلبهُ الذنب.
***
بـ مُنتصف الليل.
شعرت ميرال بالعطش، لذلك نهضت وأرتدت أسدالها، ولم تُرد أن تخبر هاشم حتى لاتوقظهُ، أثناء خروجها .. سمعت طنين ركض بالجُوار، فـ خرجت حتى رأت رجُل ملتحي بـالسواد. يصعد للأعلى خاصة إلى غرفة والد هاشم. شعرت بالقلق والإرتياب. ولم تفكر لثانية واحدة وصعدت خلفهُ حتى تعلم هويته ذلك الرجل.
وحين صعدت ووقفت قبالة باب الغرفة شاهدتهُ يخلع عنهُ الأجهزة، وخلع جهاز الأكسجين، لتسمع صوت، شعرت بالخوف يتسلل إلى أطرافها، وفي تلك اللحظة لم تستطع أن تشاهد، ركضت .. دافعة ذلك الرجل بعنف على الأرض حتى شعرت بهزة عنيفة، فكان جسدهُ عملاقًا. ورأت عينيهِ من خلف الشال الذيِّ يضعهُ على وجههُ حين تفزعها، أمسك هُو بـ أصيص للزهور، وألقاهَ في وجهها وكادت أن يصيب وجهها، لولا أنها صرخت وأبتعدت ولكنهُ لسوء الحظ، أصاب كتفها..
فتحت عينيها ولم تجدهُ .. رغم ألم كتفها، وظهرها الذي بدأ يظهر من إجهادها لهُ، اسرعت بـ وضع الأجهزة ..
وحين وضعت جهاز التنفس، فُتحت إنارة الغرفة، لتستدير لتجد هاشم و زينات.. ونظرات كلها قسوة تعلم ماعنيها ..
8=الفصل الثامن منْ رواية زوجة العمدة.
__
كان الأمر كأنهُ مُدبر ليتم إتهامها بـ قتل العمدة الكبير، ولكنْ نظرة الخيبة بـ عيناى هاشم ألمتها، هي هُنا ضحيـة، أتت والدتهُ في غضبٍ ولطمت ميرال لطمة عنيفة، جعلت أنفها ينزف دمًا.
لم يستطع هاشم الوقوف وهُو يشاهد مايحدث، اقترب من والدتهُ وأبعدها عنْ ميرال، قائلاً بحزم وهُو يأمر الممرضة بـ أن ترى إذا حدث شيءِ لوالدهُ، وأسرعت الممرضة تفعل ماأُمرت بهِ، كانت دقائق مُرة على ميرال، واللطمة تلسعها وتقتلها في آن، رأت الذُل والمهان على يدىَ تلك المرأة الجاحدة.
-كل حاجة تمام.
قالتها بـ تردد وهيَّ تنظُر لـ ميرال التيَّ أخفضت رأسها، واستطاعت الممرضة أن ترى دموعها المنهمرة على خديها، شعرت بـ شفقة كبيرة عليها، فهيَّ تعلم كم هي السيدة زينات امرأة قاسية، وأزدادت قسوتها أضعافًا حين مات فهد.
أفاقت على صوت هاشم يأمُرها بأن تأتي بـ ممرضة إضافية وهُو سيتكلف بكُل شيءِ، حتى يفيق والدهُ، اومأت بـ خضوع.
وأمسك هاشم بـذراع ميرال، ودلف غرفتهما، ظل صامتًا .. ولم يتحدث، كان يشعر بـ أن الأمر غريب، فهُو شعر بخطواتها، فـ نهض بعدها بـ ثوانٍ حين شعر بتأخُرها، ورأها تصعد بهرولة خفيفة للأعلى، لم يعلم لماذا أضطُرت لذلك. ولكن يشعر وكأنها كانت ضحية.
أقترب منها ولكنها أبتعدت ظنًا بأنهُ سيقوم بـصفعها كما فعلت والدتهُ، ولكنهُ أمسك بكـفيها، يحُاول أن يجعلها تنظُر إليهِ، هتف بصوتٍ مُتزن:
-قوليلي إيه اللي خلاكِ تطلعي فوق، وتحاولي تشـ.
قاطعتهُ بغضب:
-أنا معملتش حاجة، أنا بس طلعت ولقيت واحد بيحاول يفصل الأجهزة وشال جهاز الأكسجين. ولما شُوفت كده حاولت أرجع كل حاجة زي الأول.
قطب حاجبهِ بتعجُب، ليقول باستغراب:
-وأنتِ شوفتي الشخص ده؟
هزت رأسها بـ نفي، قالت:
-كانت الدُنيا ضلمة .
ثُم تابعت بتساءُل وهيَّ ترى تعابير وجههُ المبهمة:
-أنتَ مصدقني، صح؟
لم يُجيبها، وتركها، هُو حقًا مُشتت، بأي إجابة ستفُيد، لايعلم الحقيقة، كل يوم يزداد تشتت من وجودها في حياتهُ، أحيانًا يرى بأنها تستحق مايحدث معها من ذُلٍ لما رأتهُ والدتهُ، ولما حدث لـ أبيهِ وأخيهِ على يـد أبيها وعمها، ولكن في نفس الوقت يفُكر، هي لم تكن هنا طوال تلك السنين، حُرمت من والدها وحنانهُ، ودِفء العائلة لأجل كلام أهل القرية..
يعلم بأنها ضحية، ولكنْ كلمات ساهر بأنهُ هو من أتفق معها على الهروب مع نوران وفضحها يشعر بأنهُ يود أن يسحقها بيديهِ!
خرج ووجد والدتهُ تجلس وملامحها غاضبة، يعلم بأنها لن تصمت على ماحدث أمامها، خصوصًا بأنها لم تنفك من مُراقبتها منذ اليوم الأول لها بالمنزل، نهضت وبنـبرة حادة قالت:
-فهمني دلوقتي، هتعمل فيها إيـهِ؟
-ولا حاجة.
صاحت بهِ بعنف:
-يعني إيه ولا حاجة، هيَّ لحقت تلعب بعقلك!، دي حتة عيلة هتركبك.
تحدث بشدة:
-أمُي.
-اللي هقولهُ يتنفذ ياحضرة العمدة، مراتك تقعد في الأوضة اللي تحت .. ومشفهاش تقعد معانا على السفرة بنت القاتل .. أنتَ فاهم؟ ولا عايزني أفكرك إنهم حرموني من أخُوك اللي ملحقناش نتهنى بيه وهُو عريس!
جاء خـال هاشم الحاج(فهمي) والذي لم يكن يفهم من شجارهم شيءِ، لتخبرهُ زينات بكل مارأتهُ بغلٍ وحقد، وكم أرادت بخـنق ميرال بيديها، ليقول فهمي بـتفاجأ وغضب:
-هي حصلت إنها تحاول تقتل أبوكَ ياهاشم! .. أنا مش فاهم أنتُم ازاي سايبنها لغاية هنا ..
زفرهاشم الهُواء بحرارة من كثرة ماهُو لايستطيع أن يجعلهم يفهمون شيءِ، ولكنْ قدم فهمي الذيَّ كان تنزف جعلت هاشم ينظُر بـ استغراب، وحين تدارك فهمي بما رأهَ هاشم، تحدث بألم:
-وأنتُو بتتخانقُوا .. خطبت فـ كوباية الماية ووقعت على الأرض، ومخدتش بالي غير وأنا متعُور من حتة.
هتفت زينات بقلق:
-طيب هي غرزت جامد.
طمأنها بتوتر:
-لأ، متقلقيش جرح بسيط ومع الوقت هيلمَّ.
تنهـد هاشم قائِلاً:
-بكُرة هنتكلم على رواق، دلوقتي مش قادر.
-هاشـم، برضُوا هتعمل الليِّ في دماغك!
نظر إليها نظرة ذات معنى، بأنهُ لايهتم بـ ما ستأمُرهُ، لأنهُ يعلم بأنها ستفكر بأشياء تُؤذي ميرال، لما في قلبها من غلٍ للعائلة ولـ والدة ميرال سمر خاصة! لذلك تركها ودلفت لغرفة النُوم، وجد ميرال، قد بدلت ملابسها لـ ملابس مُريحة، وتخلت عن حجابها، فلاحظ كدمة بجانب ترقوتها، شعر بقلق عليها، ليفاجأها بقُربهُ لها .. ولكنهُ حين لاحظ بأنها ستبتعد أمسك بخصرها وقربها نحوهُ، وأمام عينيها المندهشة، ظل يُراقب تلك الكدمة يقول بقلق:
-أنتِ أتعورتي!
حاولت دفعهُ بعيدًا عنها ولكنهُ كان ينظر بعتاب لها، قائلاً:
-أنتِ محكتيش اللي حصل كلهُ. وإنهُ اذاكِي!.
هتفت بصوتٍ متلعثم:
-هُو رمى الفازَّة عليَّا، وأتكسرت ..بس هي بس دي، محصلش حاجة تانية.
تنهـد بانزعاج من عدم أهتمامها بـ نفسها:
-يعني أنتِ كُنت عايزة تتأذيِّ أكتر.
صمتت ولم ترغب بمُجادلتهُ، ليأخذ مرهم لتلك الكدمة، ويبدأ بوضع ولكن كانت يديهِ باردتين، فأرتعشت أوصالها، أعتذر منها حين لاحظ أضطرابها وألمها، وحين أنتهى .. جلس بجانبها وهُو يفكر بذلك الشخص، وأنهُ بالتأكيد بموت والدهُ يريد إخـفاء سرًا ما.
-تفتكر كان إيـهِ السر اللي بمُوت أبويا هيخفيهِ.
تحدث لنفسهُ وهُو يشعر وكأنهُ يحمل أثقالاً فوق كتفيهِ.
***
كان الحاج وليد قد جهـز غرفة النوم الكبيرة، لهُم، كانت جُلنار تشعر بخجل من نومها بجانبهُ، خصوصًا لصمتهُ الطويل ونظرهُ لـ سقف الغرفة، وفجأة بـادر الحوار معها:
-محلمتيش بحاجة قبل كده، ولغاية دلوقتي مش عارفة تحسيِّ بوجودها.
عقدت حاجبيها باستغراب لذلك السؤال، ولكنها كانت تفكر بأي شيءِ تمنتهُ ولم تنالهُ، رغم أنها تمنتهُ وها هيَّ أصبحت زوجتهُ، ولكنْها تذكرت أنها لطالما تمنت دفء أسرة، حين تزوجت اول مرة .. كان همهُ الأول أن تخدمهُ وتخدم والدتهُ، وحين لايعجبهُ شيءِ بها، يهَّم بضربها بقسوة ووحشية، تذكرت كما شخصًا فظًا، وحمدت ربها حين مات في عملهُ، كان بمثابة طوق وقد حُلت منهُ رقبتها.
-كُنت نفسي أحسَّ بشعور العيلة، أبويا كان بيحكيلي عن أهلهُ وأيام ماكانوا بيجتمعوا في دار واحدة، بس لما أتجوز أمُي وسابهم وجيهِ هنا، كانوا بيجوا وقت للتاني، لغاية ماحدث بقى عارف إحنا عايشين فين، ولما أتجوزت .. محستش في لحظة في أمان. حسيت إني مخنوقة وبقوم بكل حاجة بالإجبار، لولا والدتهُ كنت هربت من البيت ..
نظر لعينيها التي أمتلأت بالدموع، وأهتزت نبرتها باضطراب:
-تعرف إحساس إنك مُستبعد في مكان، لو أشتكيت هيقولوا ما كُلنا كده، بنضرب وقت مانعملش اللي على هواهم، تعرف كُنت بحلم بأسرة، حتى وقت حملي الأول، كنت بقول خلاص .. أكيد الطفل هغير كل حاجة، مكملتش فرحتي لأكتر من سبعين يوم، ومات ... وكل حاجة أسودت في عيوني.. ساعتها كنت بحلم أبعد، وربنا حققلي الأحساس ده بموتهُ. الكُل كان يشوفني ساكتة ومدمعتش لموتهُ، ادمع أزاي بواحد مكنش بيتقى الله، ضرب وشتيمة .. سنتين كنت بتعذب فيهم معاه.. حتى أمهُ، كانت بتدعي عليهِ ولما مات كانه غم وأرتاحت منهُ..
أجهشت بالبكاء، لم يستطع رؤيتها بتلك الحالة، كم كان يشعر بالشفقة لما يحدث من حولهُ، كان يظن بان حلم الطب أنتهى، وأن حياتهُ ستتحول لجحيم، منذ أن وطأت قدميهِ هنا، وهُو يرى بأنه كان في ترفه، لم يكن يعلم بأن الجميع يُسارع بألا يكون فقير بـتزويج أبنتهُ برجُلٍ يساويهِ بالعُمر. وكأنهُ سيضمن السعادة كلها بـ بضعة أوراق نقدية. عانقهـا بقوة، فـأشتدت ميثاقها حولهُ، كم كانت سعادتها بزواجها منهُ لاتُقدر بـثمن.
حين رأتهُ أول مرة يساعدها من ذلك السكير، شعرت بأنهُ غير أولائك الرجال، الذين سيذهب وينشر الخبر برجُوعها كـ أرملة متأخرة عن المنزل، وحين عرض والدها بأن يبيت بالمنزل حتى يجد عملاً، شعرت بالطمأنينة ..
***
في الصباح الباكر.
كان ساهر ملقيِّ بـ الكوخ الخشبي الذي كان فيه الحراس مُسبقًا، كان جسدهُ تملأهُ الكدمات من كل ناحية، وكان يعلم بأنهُ لن يتم قتلهُ إلا إذا حدث شيء غير مُتوقع، سمع صرير ماء، وهُو بالأساس يشعر بالعطش الشديد منذ الليلة الماضية ولكن لم يأتيهِ به أحد.
فُتح الباب فتحة صغيرة، ليتفاجِيءِ بـقُدوم نُوران، شعر بـراحة أنها هيِّ وليس أحدًا أخر يريد أن يزيدهُ كدمة فوق أخُرى، كانت شفتيهِ تؤلمانهُ، فكان صعبًا عليهِ التحدث بدون أن يتألم.. فأصبح يُشير إليها ناحية الصنبور ..وقبل أن تتقدم خطوة قُرب صنبور الماء .. سمعا صوت الباب يُفتح على مصرعيهِ ..
فـ كان هاشم ومع رجُلين، وحين رأى هاشم أختهُ هنا، غلت الدماء بعروقهُ. وأقترب منها وتملكهُ الغضب تلك اللحظة وأمسك بـ شعرها يجُرها خلفهُ، وهي تصارع معهُ، بـ رجاء أن تعطيهِ شربة ماء ..
ليقف قبالة ساهر وهُو ممسك بـها:
-اللي أنتِ شيفاه ده مش ملاكَ، ولا أنتِ حتى ملاك، بس هُو لابيحبك ولا كان عايز يتجوزك .. ده أنتِ كُنتِ وسيلة علشان بس يذلني، وفاكرني بتذل بـيكي!
صرخ بعنف في نهاية كلماتهُ، جعل جسد نوران ينتفض زُعرًا.. ليأمُر بأحد الحراس بأن يتولى أمَر ساهر حتى ينطق باسم الشخص الذي جعلهُ يهرب بـ أختهُ من القرية..
أقترب الحارس وهُو يسرع بـ ركضهُ قائلاً:
-في واحد بيقول أنهُ من مصر ومستنيك بـ الجنينة يا بيهِ!
علَّم أنهُ نوَّار، أومُيء للحارس، وهتف بغضب لـ أخته:
-مشفكيش تحت تاني .. أنتِ فاهمة؟
هزت رأسها، وفور أن تركها، ركضت للأعلى وهي تبكيِّ، رأها نوَار صُدفة، أثناء تفحصهُ للمنزل من الداخل، وكانت نُوران، فتاة يافعة، شعرها البنُي بهِ خُصلات شقراء .. لم يتبين ملامحها كاملة ولكنها كانت جميلة بنظرهُ، أما هي فرأتهُ وهي عينيها دامعتين، جسدهُ رياضي مثل أخيها، وعينيهِ زرقاءَ .. لم ترى هي أيضًا ملامحهُ من سُرعة هرولتها حتى أنها لم تنتبهِ بأنهُ شخصًا هامًا.
ربتَّ هاشم على كتف نُوَّار، ليتسدير الاخر، وهُو يحتضن صديقهُ بحبور:
-فينك ياعم، كل ما أتصل بيك تيجي مصر، متردش حتى!
-معلش يا نُوَّار، مكنتش فاكر إني هفضل الوقت ده كلهُ هناـ تعالى نقعد الاول. وهحكيلك.
جلسا بالخارج في الحديقة، ليخبرهُ باختصار عن وفاة أخيه ومرض والدهُ، وأنهُ الآن أصبح يُدير تلك القرية وشئونها ..
-طيب، برضو هترجع القاهرة أمتى؟ الشغل مش هيعرف يمشي من غير إمضتك انتَ!
تنهـد هاشـم بضيق، فهُو يعلم بأن الشركة التي كانت من تأسيس والدهُ بالماضي .. والذي ترك أحمالها لـشُركائه والذين سُرعان ماتولى هو إدارتها، باعُوا لهُ أسهمهم، فأصبح هُو مالكهـا بمفردهُ.
-أنا عندي فكرة، ترجع القاهرة تشوف الشغل لمدة أسبوع، ولازم تخصص على الأقل أسبوع من الشهر علشان تيجي وتشوف الدنيا ماشية أزاي.
-المُشكلة مش موضوع الشغل يا نوار، أنا مقدرش أفضَّل بعيد عنهم لـ أسبوع، خصوصًا أن الاوضاع بتـسوء وأنا حتى موجود!
أقترح نُوَّار يقول:
-خلاص، المرة دي حاول تعال 3 أيام، لازم تيجي خصوصًا أن حازم مش عارف يمسك أي حاجة. وكمان متنساش دي سنين من عمرك ضاعت وأنتَ بتشتغل عليها علشان تنجحها.
أومُيءِ لهُ هاشم .. ليقول نوار:
-تمام، هستنى ردك اليومين دُول.
تساءَل:
-أنت رايح فين يابني، أقعد على الأقل أتغدا!
-معلش ياسيدي، علشان الشغل دلوقتي مش مستحمل تأخير، أتمنى تعيد نظرك للموضوع وتيجي بِسُرعة.
تنهد هاشم قائلاً:
-حاضر يا نُوَّار.
رحل نُوار بِسرعة حتى يستطيع أن يلحق بالقطار، شعر هاشم خلفهُ بخطوات أقدام، ظن بانها والدتهُ، ولكنهُ وجدها ميرال التي قالت بتساءُل:
-كنت عايزة أطُلب منك أروح أنا وهالة، ونروح البلد علشان نشوف موضوع المدارس.
مازحها يقول:
-مبتسبيش وقت خالص.
ابتسمت بخجل، وحين كاد ان يخبرها بأنهُ سيذهب معها، سمع الممرضة تخبرهم بـ والدهُ فاق من غيبوبتهُ، نظر لـ ميرال التي كانت تبتسم بـتردد، وأسرع هُو بخطواتٍ مهرولة للاعلى والفرحة تعلو وجههُ، صعدت والدتهُ وهاشم حتى عزة، ترددت كثيرًا للصعود، ولكنها كانت حقًا تريد أن تراه ..
رأتهُ يجلس بالفراش مسندًا ظهرهُ على مسند الفراش. ولا يستطيع أن يحرك إلا أصبع السبابة. كان هاشم يحتضن والدهُ ويقبلهُ من خوفهُ، كان يظنهُ بأنه سيظل طوال عمرهُ هكذا مقعدًا .. في غيبوبة. ولكنهُ شعر لوهلة بأمل بأنهُ سيستعيد قوتهُ مرة اخُرى، فـ على حسب ما أخبرهُ الطبيب، بانهُ يجب مع الوقت أن يحُرك يديهِ ويبدأ بالحديث ..
ولكنهُ لايستطيع تحريك غير أصبع واحد.
نظر نحُوها والد هاشم، نظرات لم تفهم معانيها، كانت تنظُر بتوتر بالغ، حين رأت الحقد بعيناى زينات .. وعزة التي كانت تنظُر نحوها بغلٍ واضح. ندمت لصعودها، تعجَب هاشم ايضًا من نظرات والدهُ لـ ميرال ..
والتي كانت اشتياقًا وحنين. كان يعلم بأن ملامح ميرال والدتها متقاربتين، ف شعر وكأنهُ والده يظن بأنها سمر والدة ميرال.
تنبهَ لنظرات والدتهُ، التي لم تخلو من الحقـد والكُره .. ولمحه من الحُزن يكسوها.
***
أثناء جُلوس ميرال بالخارج بانتظار قُدوم هالة ليذهبا للقرية ويبدأوا بالحديث معهم عن أمر بناء مدرسة ابتدائية، فوجُئت بقدوم هبة نحوها تركُض، شعرت بالقلق، ولكنها وجدتها ترتمي بحُضنها، وتبكي ... شعرت بالخُوف يتسلل إلى قلبها بـ إذا كان والدها قد تأذى .. لتتفاجيء بما تخبرها إياه هبة .. بأن الحاج فهمي يريد أن يتزوج من هبة..
-وأُمك موافقة عادي .. إيه الجنان ده، مُستحيل بابا يوافق يجوزك بالشكل المهين ده ..
بكت هبة وهي تتشبث بيدى أخُتها:
-بابا هيوافق..
تابعت بقهر:
-طردوهُ من الشغل فجأة، وكل مايشوف شغل ميرضوش يشغلوهُ، وباين كده هيرضى يجوزني ليهِ، خصوصًا إن أمُي موافق جدًا .. ارجوكِ يا ميرال ساعديني، مش هقدر أستحمل .. انا ممكن أنتحر .
تلك اللحظة، نست ميرال الكره الذي يسكن بقلبها لـ هبة، وشعرت بانها يجب ان تأخذ موقف حتى لاتجُبر على حدوث الزواج ذلك .. ولكن كيف؟
الاحداث هتولع الجاية.
خمنتوا من يكون هُو المدبر للقتل واللي سبب المصايب.
الحلقه التاسعه والعاشره من هنا
إللي خلص القراءه يدخل هيلاقي كل اللي بيدور عليه من هنا 👇 ❤️ 👇
❤️🌺🌹❤️🌺❤️🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹🛺🛺🛺🛺🛺
جميع الروايات الحصريه والكامله من هنا
انضموا معنا علي قناتنا بها جميع الروايات على تليجرام من هنا
❤️🌺🌹❤️🌺❤️🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹🛺🛺🛺🛺🛺


تعليقات
إرسال تعليق