رواية الثائره على المجتمع الفصل الثالث بقلم خديجه السيد حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج
في غرفه أمينة كانت تتسطح فوق فراشها ثم
أطلق تنهيدة عميقة قبل أن تقول للطارق بصوت مستاءة
= قلت مش عاوزه اكل وسيبوني في حالي
ولا عاوزه اشوف حد.
دخلت أميرة وأغلقت الباب خلفها وتقدمت وهي تتسائل بابتسامة عريضة
=حتى انا برده مش عاوزه تشوفيني؟.
لوحت الأخري بكفيها وهي تهتف بانزعاج
= عاوزه ايه انتٍ كمان يا أميره جايه تقولي زيها اتنازل والكلام ده مش كده؟ ريحي نفسك انا مش هتنازل وبالعند فيكوا كلكوا هكمل عشان ده حقي فاهمين .
زفرت أميرة بصوتٍ عالي ثم تقدمت من اختها تهتف بحنو وتخفف عنها
= لو كنت عاوزاكي تتنزلي كنت قلتلك من اول مره عرفت انك رفعتي قضيه زي كده، اعملي اللي انتٍ عاوزاه يا امينه انا اكثر واحده هكون فاهمكٍ وحاسه بيكي.. وبعدين احنا بنات زي بعض وانا عارفه يعني ايه واحد يتحرش بواحده ويعرضها لموقف زي كده صعب، و أهم حاجه عندي في الليله دي كلها انتٍ
نظرت أمينة إليها بأعين حنونه ثم اعتدلت تحتضنها بقوة والاخري بادلتها الحضن بحب لكن تراجعت للخلف بتلقائية وهي تتألم مرددة بتوتر
= آه بالراحه حسبي.. اصل وقعت على ذراعي
ابتسمت بسخرية مريرة وهي تردد بصوتها الحانق باعتراض
=وقعتي على دراعك برده ولا الحيوان جوزك ضربك زي العاده؟ هو انتٍ مفكراني عشان ما بقيتيش تشتكي انا مش فاهمه ان لسه في العادي الهباب دي، و مش هيتغير؟ انتٍ اللي حاطه أمل فيه انتٍ تيته ومش عارفه على اي أساس؟ يا اميره نفسي مره احضنك ومحسش انك موجوعه ولا اشوف في عينيك كم الحزن ده.
حاولت رسم ابتسامة صغيرة تخفي ألمها وهي تردد ببساطة
= انا بخير ما تقلقيش عليا يا حبيبتي، خليكي بس في مشكلتك
كتفت ذراعيها تتساءل بغضب وامتعاض
=ومشكلتك انا كمان عاوزه اساعدك؟ ومش مبسوطه وانا شايفاكي كده! مش بيقولوا ما ينفعش واحده تقول لواحده اطلقي مهما جوزها يعمل؟ انا بقى اللي بقولها لك اطلقي يا اميرة وما تسمعيش كلام حد هو مش هيتغير؟ ايه اللي مخليكي متمسكه بيه لحد دلوقتي مش فاهمه ما فيهوش ميزه عدله حتي.
أخفضت عينيها بحزن عميق وهي تردد بقهر مكتوم
= عشان تيته معاها حق للاسف في الموضوع ده، الطلاق مش سهل! وانا فاهمه هي عايزه توصلي لايه ان هي مش هتقدر تشيلني انا وبنتي ولا هتكون قد مسؤولتنا.. وكمان جمال لما يصدق ومش هيصرف جنيه واحد بالعند فيا عشان ينتقم مني.. وانا مستحمله كل ده عشان بنتي.
تطلعت ترمقها بنظرة ساخطة وهي تقول
بصوت جاد
= مش بمزاجه غصب عنه هيدفع نرفع قضايا ولا بلاش حتى انا هتكفل بيكٍ انتٍ وبنتك؟؟ بتبصلي كده ليه انتٍ فاكراني بهزر والله بتكلم بجد انا بشتغل ومع الوقت ممكن ناخد بيت لوحدنا ونبعد، نفسي بجد أخذك انتٍ وبنتك ونبعد يا اميره العالم ده مش بتاعنا، طالما محدش بيقدرنا ولا بيحترمني فلازم احنا اللي نبعد .
سرعان ما تنهدت وانحسرت ملامحها المتكلفة وهي تردد بحب صادق
=انا عارفه ان انتٍ قدها وما فيش احن ولا اطيب منك.. يا بنت ده انا كل نجاح ليكي كنت بفرح كأني انا، كنت بحس انك بتحققي احلامي عشان كده طول الوقت كنت بقول لك كملي وما تقفيش ولا تسمعي لحد.. بس ما تشغليش بالك بيا صدقيني انا كويسه .
تمتمت أمينة بصوتٍ خافت إنما مسموع
=هو احنا ليه بقينا كده؟
عقدت حاجيبها للاعلي بعدم فهم
=كده اللي هو ازاي؟!.
خرج صوتها ضائعا فيها عندما شدت يدها التي تمسكها هادرة بوجوم وألم
=كده اللي هو دلوقتي! يعني زمان كنا اطفال كل همنا نلعب من غير ما حد يضايقنا تيته تعملنا اكل بنحبوا، نقضي العيد بلبس جديد؟ كده احلام نقدر نحققها وسهله مش مستحيلة
انما دلوقتي شوفي بقينا عاملين ازاي؟ وكل ده عشان بنطالب بحق من حقنا ومش قادرين ناخده كمان.. ليه انتٍ اتجوزتي وبعدتي؟ وليه انا بقيت كل همي ادافع عن وجهه نظري؟
هزت كتفها الأخري وهي تهتف بابتسامة باهتة
=ولا حاجه كبرنا!.
رفعت وجهها المحتقن قائلة بحرقة
= يبقى يا ريتنا ما كبرنا يا أميرة.. يا ريتهم كانوا فهمونا واحنا بنتمنى الأمنية دي خلي بالكم في هم كبير مستنيكم .
شعرت أميرة بالتأثير من حديثها الموجع فهي تضغط على جرحها، وبالكاد الأخري تتماسك لذلك نهضت وهي تجذبها نحوها لتغير الموضوع هاتفه بقلب نقي وبريء
= بقول لك ايه تعالي بقى نطلع نفطر مع تيته بره عشان اصالحكم على بعض، و على فكره هي اللي بعتتني وندمت انها ضربتك وما كانتش تقصد ما تزعليش منها وحقك عليا أنا .
❈-❈-❈
في الصباح الباكر، استيقظت أمينة و وجدت جدتها تستعد للخروج منذ الصباح بصورة مقلقة لتهتف باهتمام
= صباح الخير يا تيته.. مالك انتٍ كويسه؟
انتفضت مكانها بخضه بذعر وسرعان ما قالت بارتباك وخوفاً
= هكون مالي يعني ما انا كويسه اهو يا أمينة الفطار عندك جوه انا سبقتك، ولما تخلصي وتجهزي نفسك عشان تروحي الشغل ابقي اقفلي الباب وراكي كويس عشان انا رايحه مشوار وجايه على طول.
عقدت حاجيبها باستغراب وهي تسألها بغرابة
=غريبه يعني كل مره تصحي في نفس الميعاد وتمشي هو انتٍ بتروحي فين و مشوار ايه ده اللي لازم تروحيله من بدري .
ازدردت زاهية ريقها تقول بحنق ظاهري
=يوووه يا أمينه رايحه مشوار وخلاص هو انا لازم اديكي تقرير بكل مشاويري ما انا اللي اسمي ستك بعرف بتخرجي وتروحي فين بالعافيه منك.. مشوار وخلاص واحده جارتي عاوزاني في خدمه اعملها واروح معاها ارتحتي يعني كده.
هتفت بها بصرامة وحزم
=ارتحت ايه هو انتٍ قلتي حاجه! مالك عماله تغلوشي على الكلام ليه انا لسه بدي وباخد معاكي عادي هو انتٍ مخبيه ايه؟ انا عارفاكي ما بتعرفيش تكذبي وبتعملي كده لما تكوني مخبيه حاجه .
شعرت بالقلق والتوتر من أن تعرف السبب الحقيقية وحينها لم تصمت، لذلك انفعلت دون مبرر ودون وعي
=بنت انتٍ مش هتعملي عليا ريسه ولا وليه امري المفروض يا حبيبتي العكس! وسيبك مني بقى عشان متاخرش على المستشفى!
اتسعت عيناها بذهول وقالت بقلق حقيقي
= مستشفى ايه اللي رايحاها انتٍ كويسه؟ هو انتٍ عيانه ومخبيه عليا تيته ردي عليا فيكي ايه
رسمت ابتسامة صغيرة وهي تقول بلهفة وضيق
=يا بنت انا كويسه ما فيش حاجه قلت لك واحده صاحبتي رايحه معاها وخلاص وهي اللي عيانه، وانا يعني لو فيا حاجه هخبي ليه
يلا يا حبيبتي عشان ما تتاخريش على شغلك وسيبيني بقى انا كمان .
لفت الحيرة ملامح أمينة وصمتت تفكر بصوت عالي
= هي اميره بقيلها فتره مش بتيجي ليه؟ مش ملاحظه كده انا حتى اتصلت بيها امبارح ما ردتش عليا وهي عمرها ما عملتها مهما تكون مشغوله بتبعتلي حتى رساله وتقولي انها هتتصل بيا لما تخلص .
شحب وجه زاهية وهي تردد بصوت متوتر
=و آآ وهي يعني لازم تتصل بيكي كل شويه وتيجي كل يوم ما هي متجوزه و وراها بيت ومشغوليات سيبيها في اللي هي فيه .
تجهمت ملامح أمينة وهي تصيح بغضب
=اميره كل يوم عندنا عشان غضبانه من جوزها لكن اختفائها المفاجاه ده المفروض نقلق، انتٍ عارفه حاجه مخبياها عليا مش كده؟ ردي عليا عشان انا مش مستريحه انتٍ رايحه المستشفى عشان اميره صح ؟؟.
ضغطت على شفتيها بقله حيله لتسرع الأخري هاتفه بقلق حاد
=طالما سكتي كده يبقى انا صح، الكلب جوزها عمل فيها ايه المره دي ومخبيه عليا عشان ما اعرفش واقلب الدنيا واحردها على الطلاق زي كل مره؟ ردي عليا في المستشفى بتهبب ايه بالظبط بدل ما اروح بيتهم دلوقتي واعمل لهم مصيبه .
تنهدت باستسلام واردفت بنفاذ صبر وصراحة
=ولا تروحي ولا تنيلي ما فيش حد هناك اصلا، أختك ما كانتش تعرف انها حامل و هو ايده طولت عليها المره دي حبتين وسقطت عشان كده هي في المستشفى.
*
في المستشفى، وقعت عينا أمينة بذهول على كدمات كبيرة على وجه أميرة بالإضافة إلي جسدها المنهك.. فهلعت تقترب منها تتفحصها وهي تسألها بلهفه قلقة
= حبيبتي انتٍ كويسه عشان خاطري ردي عليا وطمنيني، المستشفى دي شكلها مش كويسه تعالي نروح مستشفى تانيه.. انا هنقلك بعربيه الاسعاف
التفتت اميره نحوها بتوجس في حين زمّت
شفتيها بحزن وهي تقول بصوت متعباً
=امينه سالتيني اكتر من مره والله العظيم انا بخير ما تقلقيش عليا، وهم هنا عملوا اللازم مش محتاجه
لوت شفتاها حماتها باستخفاف وقالت بصوت متذمرا
=مش هنرميها يا اختي من غير ما نساعفها حد قال لك ما عندناش في قلبنا رحمه حتى لو لسانها طول حبتين في الآخر دي بني ادمه وشايله لحمنا.
التفتت أمينة تنظر لنعمة تزم شفتيها بغضب حقيقي
= انتٍ ما عندكيش دم فعلا ليكي عين تتكلمي و قاعده هنا، امال فين المحروس جوزها هرب مش كده؟ بس خليه فعلا يخاف عشان انا المره دي ناويه على نيه سوداء وهخليها تعمل تقرير هنا وهيتسجن وهيترمي رميه الكلاب في السجن وقابليني لو اتنازلت عشان يعرف يعمل عليها راجل ثاني مره ويضربها .
غمغمت نعمة بحنق وهي تنظر لاميره بتهديد
= شاهده يا زاهية بقى البنت اللي غلطانه واحنا اللي هنتسجن كمان؟ ده انا سايبه كل اللي ورايا وقاعده جنبها وما روحتش من ساعتها البيت وفي الاخر حفيدتك عاوزه تسجني ما تقوليلها المحروسه اختها عملت ايه؟
غمغمت زاهية من بين أسنانها بتحذير
= معلش ما انتٍ عارفاها هي والله طيبه و حنينه بس على طول لسانها كده! بس يا امينه احنا كلنا على اخرنا مش ناقصين انتٍ مش شايفه اختك اسكتي بقى شويه.
انفرجت شفتي أمينة بابتسامة غيظ وهي تقول مستنكرة بسخط
=انتٍ بتقوليلها معلش ما تروحي تطبطبي عليها بالمره وتاخديها بالحضن وتقوليلها موتيها احسن، هو انتٍ مش شايفه عاملين ايه في اختي؟ عارفه المره دي لو رجعتيها ولا قلتلي هنعمل قاعده عرف والقرف اللي مش بناخد منه غير وجع الدماغ بتاعك ده انا اللي هقفلك ومش هستنى لما يموتوها دي اختي الوحيده وما ليش غيرها.. ولو انتٍ مش فارقه معاكي فانا فارقه معايا .
غامت عينا نعمة بحقد عليها وهي تقترب منها تقول بغل من بين أسنانها
= هي بنت ابنك دي على طول لسانها طويل كده وما لهاش كبير جري إيه يا زاهيه مش قادره عليها تسكتيها، وانتٍ يا اختي اعرفي اختك الاول عملت ايه؟ اختك المحروسه طولت لسانها على جوزها وردت عليه الكلمه بعشره وقالت له كمان انت مش راجل عشان بتمد ايدك عليا والله تلاقي انتٍ اللي محرضاها على كده وعايزه تخربي عليها.. يعني لومي نفسك يا حبيبتي عشان انتٍ السبب في رقدتها دي!
لوت فمها بتهكم وهي تضيف باستنكار شديد
=حكم عشنا وشفنا الستات هي اللي بتقل ادبها على الرجاله، ناقص كمان يضربوهم زمن أخبر صحيح طول ما اللي ذي عينتك فيه.. واللي زيك عاوزين يخربوا عقل البنات ما كنا زمان قافلين علينا بابنا من ساعه ما النت ظهر والستات اللي عامله فيها حكيمه وفي الاخر بيطلعوا مطلقين وجوازاتهم طفشانه منهم ويقعدوا يحرضوا البنات على الطلاق وخراب البيت عشان عاوزينهم يبقوا زيهم وانتٍ زي الهبل بتمشي وراهم من غير تفكير.. زي ما اختك عملت ومشيت وراكي وفي الاخر إيه اللي حصل هتخرب على نفسها ده انا ماسكه ابني بالعافيه عشان ما يطلقهاش وبقول له معلش بينكم عيله برده، وبكره تعرف غلطتها وتبقى تحت طوعك وما تمشيش ورا ناس ملهاش لازمه .
كانت أميرة تسمع حديثهم بصمت فشعرت بالقلق من القادم، لكنها لم تستطيع التحدث مع الالم وقله الحيلة وهي تشعر بجسدها متشنج وملامحها متغضنة بالألم والعرق يتصبب من وجهها، وكان ذلك دليل أنها حقا بدأت تفقد السيطرة على أعصابها وقدرتها على التحمل
تغضنت ملامح أمينة وانعقد حاجبيها لتهتف بغضب
= زعلانه علي ابنك ومحموقه أوي عشان اختي فكرت ترد عليه مره واحده امال هي تعمل ايه بقيلها اكتر من خمس سنين عايشه في القرف ده ايه هو عنده كرامه وهي ما عندهاش! انتٍ ما بتفهميش ومفكره انك كده مربيه راجل ده حتى ذكر البط لي عنده فايده، تعرفي انتٍ و تيته اللي خاربين عقول الرجاله مش الستات بتوع اليومين دول! طبعا عايزين تمشيهم بطريقه زمان اجوازكوا يديكوا بالجزمه فوق دماغكم وبناتكم كمان يعملوا كده .
شهقت نعمة بصدمة كبيرة من اهانتها وصاحت بانفعال
= انا ما بفهمش لا انتٍ زودتيها أوي طب خليها جنبكم والله ما هبعد ابني عنها ويعمل اللي يعمله، وابقى شوفي مين اللي هيندم في الآخر.. خليكي ماشيه وراها يا اميره بس
ما ترجعيش تزعلي وانسي انك ليكي بنت كمان.. ولا هتاخدي جنيه واحد مننا
شعرت أمينة برغبة ملحة في قتلها وقتل أبنها.. لكنها تمالكت رغبتها المكتومة،و صرخت بها موبخها بتحدي منفعل أثر القلق علي توأمها
=مش بمزاجك ولا مزاجه بالقانون وبالعافيه هيدفع والبنت في حضنتها والتقرير اللي هعمله واللي عامله فيها ابنك هو اللي هيندم لما يبقى رد سجون! وبلاش جو الشحتفى و ان قلبك عليها عشان انا فهماكي كويس، انتٍ قاعده هنا عشان تطمني على ابنك ان احنا فعلا مش هنعمل حاجه مش عشان خايفه عليها .
شعرت نعمة بالقلق والتوتر، لذا هتفت بحده
= لو سمعتي كلامها يا اميره وابني اتسجن والله العظيم ما هسكت وهفضحك في الحته كلها، تبقي انتٍ اللي غلطانه وتقلي ادبك على الواد وتشتميه وكمان يتسجن ليه يا حبيبتي
يرضي مين ده يا عالم
تحدتها ببذرو التحدي والتهديد الذي لا تنطفئ بحدقتيها مجدداً هادرة بحسم
=وانتٍ كان عاجبك أوي لما كان بيضربها و يهينها دلوقتي افتكرتي في حاجه اسمها ظلم ورحمه! خليه كده هربان زي الكلب وانا هطلع عليه الجديد والقديم وكل حاجه عملها فيها هيدفع ثمنها اضعاف.. ويلا غوري من هنا بكلامك المستفز ده .
❈-❈-❈
في منزل زاهية، بعد عودتهم من المستشفى ومعهم أميرة، ارتفع صوت الجدة قاصفه وهي تزجرها
= الله يسامحك يا امينه ادعي عليكي بايه ليه كده يا بنتي حرام عليكي، انا عاوزه استركم واطمن عليكم قبل ما اقابل وجه كريم! وانتٍ بعد ما جوزت واحده بتخريبي على اختك ارتحتي دلوقتي لما عملتي اللي انتٍ عاوزاه عاجبك قعدتها جوه كده
زفرت أنفاسها ثم قالت بجفاء وهي ترفع ذقنها
= اه عاجبني مش قاعده وكرامتها متصنه هيعجبني أوي كمان لما نرفع القضيه ان شاء الله والتقرير معانا الحمد لله يعني احنا اللي معانا الحق، صدقيني بكره هتلاقيهم جايين يبوسوا الأيادي عشان نتنازل بس ما تدخليش وتضيعي حقها زي كل مره بس.
لوت زاهية فاهها ثم قالت معترضة
= وبعد ما يتسجن يا فالحه ولا يفضل كده هربان مين هيصرف عليها ولا على البنت فكرتي في كل ده ولا انتٍ بس ما تفكريش غير في مصلحتك و انك عاوزه تخربي بيتها و خلاص.. ما لو ما كانتش سمعت كلامك ما كانش كل ده حصل
أدارت أمينة وجهها قليلاً تنظر إلى عينيها القريبتين، ثم رسمت ابتسامة عريضة متشنجة وهدرت من بين أسنانها
= صح هو ده كل اللي همك هنصرف منين عليها؟ فانتٍ عشان مش عارفه تصرفي عليها منين ولا مش عاوزه فمش فارقه معاكي انها تموت ولا جوزي يهينها.. ما تخافيش لما نطلب منك جنيه ابقي اتكلمي انا هتكفل بيها.. لكن حق اختي مش هتنازل عنه .
رفعت حاجبيها تقول بغير رضا ساخط
= هو انتٍ يا بنت خلاص لما جربتي دخول القسم مرة عجبك أوي الشحططه فيه؟ مش كفايه لحد دلوقتي ساكته على عملتك السوداء والقضيه اللي رافعاها لا كمان عاوزه اختك ترفع قضيه على جوزها؟ يعني بتخرب على نفسها وعليها.. ده لسه لما تتعرف ساعتها احنا اللي هنروح نبوس ايديهم عشان اختك ترجع هو انتٍ مفكره لما يعرفوا انك رافعه قضية تحرش حد هيبص في خلقتنا ابقي قابليني .
كتفت أمينة ذراعيها قبل أن تردف بحنق بالغ وبصوت متحشرج
= انا مش عامله حاجه اتكسف منها ولا اداريها ما اللي يعرف يعرف حد لي حاجه عندي، ما تبطلي تتكلمي في الموضوع ده بالذات بالطريقه دي كأني انا اللي غلطانه! انتٍ عارفه في كام كلب زي ده في البلد بيتحرش ببنات الناس وهو واثق ان محدش فيهم هتقدر تفتح بقها؟ ولا كام بنت يومياً بيتحرش بيها سواء لفظيا ولا بالايد والمعاناه اللي بتعانيها بسبب القرف ده كل يوم؟ عشان خايفه مع اني المفروض هو اللي يخاف!
أخذت أنفاسها لتسرع من نظرات جدتها التعقيب بمرارة متهكمة
= عارفه بقى لو الوضع العكس وما فيش حد في المجتمع المقرف ده لما يعرف أن في بنت رافعه قضيه زي كده يقولها برافو وشاطره و خلي البلد تنضف من الاشكال دي وتتعلم الادب ما كانوش اتجراوا وعملوا كده من الاول ونفس الوضع على اختي واي واحده بنسمع انها بتتعنف من جوزها؟ شايفه هي بقت عامله ازاي بس لما فكرت ترد على جوزها كرامتهم وجعتهم أوي وما استحملوش على ابنهم حاجه زي كده عشان هو الراجل؟ لكن لو كنتي اتعاملتي زي ما هم اتعملوا من اول ليله ضربها كانوا عملوا ليها حساب! لكن للاسف اللي زيك جزء كبير من اللي بيحصل في البلد .
صدر من زاهية صوت ساخر قبل أن تصرخ بها موبخها بحده
= رجعنا تاني لنفس الكلام إللي بيقدم ولا بياخر، بلا خيبه الكلام ده ما بياكلش عيش دلوقتي و انتٍ مش هتعرفي تعملي حاجه غير أنك هتخربيها اكتر وهتضيعي نفسك واختك حتى القضيه اللي انتٍ رافعاها صدقيني هتخسري كثير قصادها..
اتسعت عيناها ببريق رافض وأردفت ثائرة
=عملتي اللي بتعمليه ده كله فيا انا واختي عشان في الاخر لما تقابلي ابويا وامي تقوليلهم انك حافظتي علي الامانه اللي سابوها لك؟ مش كده! لكن ما شلتيش هم ان انا كمان لما اقابلهم هقول لهم ان انتٍ ما عرفتش تحافظي على امانتهم وقصرتي معانا كثير.. و ان شاء الله ربنا لما ياخذني ويريحني منك هقول لهم كده انتٍ عمرك ما كنتي قد امانتنا وبالعكس اذيتينا مع اللي اذونه واكتر كمان .
ما إن انتهت أمينة من كلامها حتى كانت الصرامة تنحسر عن ملامح زاهية ويظهر فيها الصدمة والضيق فلم تستطع أن تحدد إن كان الضيق من جرأة حفيدتها عليها أو من حقيقة كلامها الذي لا تعترف بأنه أمر صريح! وهي تخطئ ولم تحافظ على الامانه التي تركها لها أبنها من زمن!؟.
❈-❈-❈
بعد مرور أيام عادت أمينة من العمل مكبرة حتى تبدأ في إجراء استرجاع حق أختها، قابلت جدتها بوجهها وتنهدت الأخري هاتفه بهدوء محاوله أزاحت المشاحنات بينهما
= سلام عليكم ازيك يا تيته ولا بلاش مش هرمي السلام عارفه انك مش هتردي من ساعه ما اميره رجعت معانا المستشفى، وانتٍ مخاصماني
لكن تفاجأت بالآخري تجيب عليها بهدوء
= وعليكم السلام.
اقتربت منها وهي تنظر لها متغضنة الجبين بلا تصديق لأنها أجابت عليها! ثم ازدردت ريقها تهتف وبعينين لامعتين تخاطب عواطفها
=ده انتٍ رديتي؟ أهو طب كويس بس ايه سر التغيير ده معقول ربنا هداكي واتاكدتي اني كلامي صح! يا تيته والله انا عاوزه مصلحه اختي مش عاجبني وانا شايفاها كده.. وفاهمه ان انتٍ بتعملي كده عشان خايفه علينا بس احنا مش ضعفاء وفي قانون يحمينا .
رفعت ذقنها رغم توترها الداخلي ثم قالت ببرود وبملامح هادئة
=طب كويس ان انتٍ كمان عارفه اني بعمل كل ده عشان خايفه عليكم واننا لوحدنا في الحياه وما لناش اللي يحمينا ولا يسال علينا، يا بنتي بعد ما ابوكي وامك سابوكي ليا انتٍ واختك وانا بقيت عايشه عشان حاجه واحده بس في الدنيا أني اطمن عليكم واسيبكم مع حد يصونكم .
حاولت مجدداً الإعتراض بقهر بالكاد خرج صوتها بخيبة أمل
=طب اديكي قلتي بنفسك واحد يحمينا و يصنا بس هو ما كانش امين على اختي! نسيبها لي بقى يموتها ونقول انها مش فارقه معانا ويعمل ما بداله فيها ولا نحميها منه عشان هي مننا، يا تيته احنا ما لناش غير بعض المفروض لما نلاقي واحده بتتاذي فينا نقف كلنا ونمنع ده! أنا نفسي بقى تشيلي الافكار اللي في دماغك دي.
أجابت الأخري وقالت متهكمة بشيء من الغضب
= وانا كمان نفسي ربنا يهديكي وتلاقي اللي يصونك وتشيلي الافكار اللي في دماغي دي اللي ولا هتفيدك بحاجه.. ربنا يكملك بعقلك وتتنزلي عن القضيه اللي قرفاني بيها و هتفضل زي الاتب في ظهرك وموقفه حالك
رفعت إحدى حاجبيها تقول بصرامة وحزم
= انا بعمل كل ده عشان حاجه واحده اجيب حقي وحق كل بنت عمل فيها كده الكلب ده، وقبل ما تقوليلي انتٍ مش مصلحه اجتماعيه وما لكيش دعوه بغيرك فلا اعتبري حصل فيكي كده ولا بنتك بلاش حفيدتك زي ما انا بصيت للموضوع كده اللي يقرب لبنتي هاكله باسناني! الأشكال اللي زي دي بتعمل اي حاجه ومع الوقت بيتمادوا اكثر وبيوصلوا انهم بيغتصبوا ويقلوا ادبهم على غيرهم عادي جدآ، ما المجتمع اداهم الرخصه خلاص..
أطلقت انفاسها بصعوبة ثم ردت أمينة بلا مبالاة متشحة بالمرارة والقهر
= انا لما برفع قضيه على واحد زي كده صدقيني هو جوه بيخاف حتى لو ما كسبتش هيقعد يفكر مع نفسه مع كل واحده يقرب منها ما هي ممكن تعمل زيي و يبقيلها صوت و تتكلم ويا ريت فعلا كل واحده تعمل كده.. قصر الكلام انا هقوم اشوف اميره وكمان عشان نشوف القضيه اللي هنرفعها وحقها ارجعهلها ازاي
صمتت زاهية للحظات تزم شفتيها بقلق بالغ قبل أن تقول بصراحة
= ريحي نفسك اختك مش جوه! وهي بنفسها اللي مشيت وعملت الصح
تجمدت مكانها للحظات بعدم تصديق وغضب والتفتت تصرخ فيها بغل الدنيا كلها
=نعم رجعتيها تاني برده وبتقوليلي مزاجها؟قصدك انتٍ اللي من زنك عليها خليتيها تستسلم كالعاده، انا مش عارفه انتٍ بتفكري ازاي قلبك ده حجر ما بتصعبش عليكي وهي منظرها كده.. عماله ترمي كلام على البنت اللي معاهم وانك مش هتقدري تصرفي عليها مع اني ما طلبتش منك حاجه وقلت لك انا اللي هتكلف بيها وبرده ما سبتهاش في حالها .
ازدادت تقطيب زاهية وهي تقول بصوت عابسا
= انا ما قلتش ان انا مش هصرف عليها انا قلت اللي على القد قد اللي رايح! وانا مش بكذب يا بنت ابني يا محترمه هي فعلا اللي خدت القرار بمزاجها ومشيت، وبلاش فرده الصدر دي انتٍ ولا هتقدري تصرفي عليها ولا نيله وهي فاهمه كده كويس عشان كده جابتها من قصيرها وريحت نفسها وسيبيها بقى ما تخربيش عليها .
ردت أمامها بعينيها الكحيلتين اللتان تفيضان بالغل والإحساس العارم بالظلم
= حرام عليكي بتعملي كده ليه، كانت خلاص قريبه من حقها بتضيعوا كالعاده وكله بسببك بطلي افكارك اللي جايبانه وراء دي وارحمينا وارحميها، انا عمري في حياتي ما هسامحك على اللي بتعملي فينا ده وبطلي تقولي انك عاوزه مصلحتنا والكلام اللي قلتهلي في الاول انا فهمت ليه اول ما دخلت خدتني بالناعم! بس انا لسه عند قراري، انتٍ ما صنتيش امانه ابنك وهو لو كان موجود ما كانش وافق على اللي بتعمليه ده ابدا.
❈-❈-❈
في قسم الشرطة، أردف الضابط قائلاً بجدية
= للاسف يا انسه امينه القضيه هتتقفل لان ما فيش دليل واحد على كلامك، وانه فعلا اتحرش بيكي.. حتى الشهده الوحيده اللي قالت لمحيتك وهي خارجه من الحمام انه فعلا قرب منك رجعت في كلامها وخافت.
التفت ذلك الشخص الذي تحرش بها و قال ببرود بينما يرمقها بتشفي وارتواء
= ما قلتلك يا بيه انا والله ما قربت ليها ولا نيله هي اللي حبت تعمل شغل على قفايا و تاخد قرشين! ترندات بقى وشهره زي اللي بنسمعهم الايام دي حتى لو هيشوها سمعتهم
تعالي صوت الضابط بتحذير حازم
=بس يلا خد يلا حاجتك وامشي بدل ما احطك جوه في الزنزانه.. اسبق انت واخرج يلا اتحرك.
نظر بطرف عينيه لأمينة التي كانت تقف مكانها وقد لاحت على شفتيه ابتسامة تشفي
=تسلم يا باشا صحيح الحكومه في خدمه الشعب ودايما المظلوم منتصر في الدنيا دي! سلام عليكم .
رحل ذلك الحقير من أمامها وهي تشعر بالظلم و الغضب و ترى ابتسامة الانتصار على وجهه، افاقت على صوت الضابط مرددا بجدية أكبر
= انا كنت عاوزه اساعدك والله يا آنسه امينة وانا حاسس فعلا انك مظلومه، بس انا هنا بمشي بالادله مش بالاحاسيس، وطالما حتى الشهده الوحيده ابتدت تخاف وتتراجع يبقى احتسبي اللي عمل فيكي عند ربنا وهو مش هيضيع .
نهضت أمينة بالفعل لترحل ولحق بها مصطفي وهو يركض خلفها وتقدم خطوه أمامها لتقف واسرع يهتف بأسف واعتذر
= انسه امينه انا والله اسف علي إللي حصل جوه انا ما اعرفش ايه اللي خلاها تغير رايها بس تقريبا جوزها هو اللي ضغط عليها انا اصلا بالعافيه عقبال ما خليتها وافقت، لما قعدت ارجع الموقف بيني وبين نفسي افتكرت ان العميله دي كانت معايا وسالتني على الحمام وطلعت وفي الوقت ده كانت واقفه ووشها
جايب الوان و حاولت اجيب نمرتها واتصل بيها هي في الاول رفضت وانا حاولت اقصر عليها و اقولها اعتبري نفسك مكانها، و قالتلي جوزها ما بيحبش يدخل في حاجه زي كده ودائما في حاله .
جاءه صوت أمينة الساخط واضحا من ضجة
الجميع حولها بالقسم
= حصل خير خلاص انت عملت اللي عليك و زياده شكرا، وانا اصلا كنت متوقعه النتيجه بس لما قلتلي على الشهده حاولت اجدد الامل جوايا بس يلا اهو نصيبي.. الظاهر كده ما فيش حاجه بكملها للاخر وتنجح ولا عارفه ارجع حقي ولا حق غيري .
وضع مصطفي يديه في جيبي بنطاله يهمهم بتفكير ثم تنحنح قبل أن يقول مقترحا
= طب تحبي اوصلك معايا بعربيتي .
هتف أمينة معترضة بصوتٍ مثقل بالقهر
= ما فيش داعي انا عايزه اتمشى شويه ما تشغلش نفسك بيا، ياما دقت على الراس طبول هي كانت اول مره .
❈-❈-❈
في الطريق كانت تسير أمينة بمفردها بعد أن خرجت من مبنى القسم لترفع عينيها للسماء التي بدأت تمطر بغزارة، لكنها لم تأبه وبقيت واقفة مكانها تسمح للأمطار بالهطول عليها..
لربما هكذا عليها أن تستقبل الحزن في حياتها وتجعل الأمطار تغسلها من الداخل لعلها تداوي من أوجاع قلبها.. وفي ذلك الأثناء تعالي صوت هاتفها لتجد رقم أختها فمنذ ما حدث وهي تخاصمها لكنها أجابت وجاء صوتها ترد بامتعاض
= عامله ايه عارفه اني كنت واخده عهد على نفسي ما اكلمكيش بس مش قادره اتجاهلك خايفه تكوني فعلا بمره بتكلميني ومحتاجه مساعده.. بس المره دي مش هسامحك يا اميره برده
هزت كتفيها بثقة قبل أن تقول ببلادة اكتسبتها
=كذابه انتٍ ما بتزعليش مني عشان تسامحيني، ومع ذلك يا ستي حقك عليا انا عارفه انك قد ايه بتحبني وخايفه عليا و بتعملي كل ده لمصلحتي مش مستنيه اسمع مبررات..
اهتزت حدقتا أمينة قليلا وهمست باستهجان
= ولا انا كمان مستنيه اسمع منك مبررات يا أميره! حرام عليكي نفسك طب فكري فيا انتٍ عارفه وضعي ازاي كل مره بشوفك بالمنظر ده وانا مش قادره اعمل لك حاجه انا معاكي عرفت يعني ايه عجز بجد، حتى القضيه اللي خسرتها النهارده ما زعلتش عليها قد ما كنت بزعل عليكي .
ازدردت ريقها بزعل عليها ثم قالت بصوتٍ متحشرج
=انتٍ خسرتي القضيه ما تزعليش يا حبيبتي عارفه دلوقتي حاسه بايه؟ اكيد زعلانه عشان ما عرفتيش ترجعي حقك ولا حقي بس انتٍ مش مطالبه تشيلي همي! وبعدين سيبك من الكلام ده مش عارفه ليه اتصلت بيكي دلوقتي ونفسي اقول لك ان انا بحبك أوي .
أسندت ذراعيها أعلي السور لتقول بلهجة يلفها الإصرار
= كنت هرجعلك المره دي حقك بجد عارفه التقرير اللي كان معانا كان ممكن يسجنه كام سنه ده موت ابنك يا اميره انتٍ مستنيه اكتر من كده إيه يا حبيبتي عشان تعرفي انه ما ينفعش خلاص تكملي في حاجه بتخسرك مش بتكسبك
أجابت أميرة بنفس نبرتها السابقة
= عارفه قبل ما اكلمك كنت عماله افكر في حياتنا زمان كانت قد ايه هاديه وجميله و احلامنا بسيطه على رايك.. تفتكري فعلا ما كانش لازم نكبر ونتمنى الامنيه دي؟
تنهدت أمينة ثم قالت بألم
= هو احنا مش المفروض بنتجوز عشان نحسي بالامان ونرتاح امال ليه الاهالي بتقعد تقول امتى اجوز عيالي وارتاح يعني هما بيرتاحوا واحنا اللي نفضل كده في العذاب، يبقى بلاها جواز احسن يا اميره .
ابتسمت اميره متهكمة بمرار ثم قالت ساخرة
= بس احنا مش بايدينا يعني نوقف النمو بتاعنا مثلا او نقف عند سن معين! دي سنه الحياه ولازم نكبر ولازم نعدي بكل المراحل دي، الجواز و الخلفه و الفرح و... الوجع !.
فغرت شفتيها باستنكار قبل أن تقول محتجة
= هو انتٍ مش معايا ليه انا بكلمك في إيه وانتٍ بتكلميني في ايه؟ يا اميره انا عاوزه اشوفلك حل انا مش بعرف اعيش مرتاحة وانا حاسه بيكي كده.
ابتسمت فجاه بابتسامه عريضه كالمجانين وهي تتساءل بفضول
= تيته قالتلي لما عرفتي اني رجعت رجعتي تقعدي قدام شباك البلكونه وتبصي على بلكونتي مفكره يعني هتحسي بيا لما يقوم يضربني وتنزلي تلحقيني؟ عملتي كده بجد فضلتي طول النهار قاعده على امل تسمعي صوتي .
شاب شيء من الغضب نبرة الأخري وهي تقول بانزعاج وحزم
= انا بعمل كده من زمان من اول يوم ضربك فيه؟ وما عرفتش اخذلك حقك لحد ما تيته فهمت وخافت فعلا اعملها وقفلت الشقه بالمفتاح بس بعد كده اكتشفت ان انتٍ بتضربي وانا مش بسمعك هو مش المفروض احس بيكي حتى وانتٍ بعيد عني؟ مش هم كانوا زمان بيقولوا لينا كده التوأم بيحسوا بكل حاجه بتحصل لهم.
اتسعت عينا أميرة متسائلة بضحكة خافتة
= مجنونه بجد، بس تعرفي عارفه انك تعمليها وقدها يا امينه انتٍ اللي كنتي سندي في الحياه مش تيته ولا جوزي.. انا لحد دلوقتي بقعد اضحك لما افتكر انك وقعتي عليه الشاي عشان ترجعلي حقي!
تجمد الدم في عروق أمينة وهي ترد بغل
=يا ريتني كنت موته لو أقدر.. يا أميرة انا بحبك أوي انتٍ اختي الوحيده واللي ما ليش غيرها
ابتسمت بحنان وهي تردد بصوت جاد
= انا كمان بحبك أوي، امينه ما تزعليش مني مهما عملت.. او حصل او اكتشفتي حاجه عملتها بعد فتره ممكن تزعلك مني.
ضيقت عينيها بحيرة ولم تكن تفهم شيء و قد لفت انتباهه جزئية فقالت متسائلة باستغراب
= حاجه زي ايه مش فاهمه؟ هو انتٍ ممكن تعملي حاجه تزعليني وانتٍ عارفه
لهثت أميرة في محاولة صعبة للسيطرة على نفسها لتقول بصعوبة وغشاوة من الدموع تغطيها
= مش بالظبط او ممكن تحصل غصب عني، يعني اي حاجه يا حبيبتي زي مثلا ان انا ما بسمعش كلامك وبرجع نفس المكان من تاني اللي بياذيني، حاجات كتير عمرك ما هتحسي بيها الا لما تكوني مكاني فكره انك تشيلي حملك لناس بتحبيهم صعبه اوي.. ما هو انتٍ كمان زي ما عاوزاني مرتاحه انا كمان عايزاكي مرتاحه.
إلا أن الأخري زمّت شفتيها وقالت بصوتها المحتقن
= انا راحتي لما اشوفك مرتاحه، وتدافعي عن نفسك وحقوقك.. وبعدين بلاش هبل الحمل اللي انتٍ تشيليه انا كمان هشيله معاكي وده واجب عليا ما لكيش دعوه بقى بكلام الناس والهبل ده احنا حملنا واحد وهنفضل كده طول حياتنا.
نكست أميرة رأسها بكسرة ثم همست بشفتين مرتجفتين بيأس وإحباط خطير
= اتمنى ده، هتوحشيني.. قصدي انتٍ بتوحشيني طول الوقت.. بحبك طول الوقت.. حتى لو زعلتك خليكي فاكره ده كويس انتٍ كنتي احسن اخت ليا وما قصرتيش في حاجه، حتى تيته ما تزعلش منها كل واحد بقى وليه أفكاره وهي مقتنعه انها صح واتربت على كده
اعترضت الأخري باختناق هاتفه
= بس مقتنعه بحاجه غلط الزمن اتغير اه و زمانهم غير زماننا بس ما ينفعش استمر بالغلط فكل زمان .
برقت عينا أميرة بحاجزٍ رقيق من الدموع ثم تمتمت بغموض مريب
=صح انتٍ طول عمرك صح، بحبك خليكي فاكره كده كويس .. مع السلامه.
❈-❈-❈
علي الجانب الآخر ظهرت أميرة بشكل مريب كدمات جديدة بوجهها ومغطاة بالدماء، أغلقت باب الغرفة خلفها تنسحب من أمامه دون أن تنطق بحرف آخر مع أحد، وتطلعت حولها بعيون بعذاب وأطياف الذكريات المسمومة لها مع جمال زوجها تجلد روحها.. وشيطانها وقله ثقتها وحيلتها تحسها على فعل ما تريد و تخطط، فهذا هو الحل الأخير التي كانت دوماً تتركه بالاخير إذا يأست وعادت مجدداً له، رغم عنها او بشكل اوضح أجبرتها جدتها زاهية على العوده بصوره غير مباشره .
خرجت أميرة من دوامة الماضي على صوت ابنتها الصغيرة المتسائلة
= ماما هو انتٍ بتحبي خالتو امينه اكتر مني انا سامعاكي عماله تقوليلها كده انتٍ بتحبيها هي وبس.
عقدت حاجبيها تخفي بصعوبة بريق الوجع المشع من عينيها، ثم نظرت إلي ابنتها بملامح جادة ونظراتٍ صارمة قائلة بحسم
=لا يا حبيبتي بحبكوا انتوا الاتنين قد بعض، خلاص اللي اتفقنا عليه هتعمليه تخلي بالك من نفسك حتى لو انا مش موجوده جنبك وتسمعي كلام تيته وخالتو امينه اكثر حد
هزت زينة كتفيها تخضع لرغبتها ثم استقامت واقفة تقول قبل أن تغادر
=ماشي بس مش فاهمه انتٍ مسافره و وهتسيبيني عندهم... طب خديني معاكي
اعتدلت أميرة تطبطب فوق كتفها بحسرة هادرة بعذاب نفسي فظيع
= المكان اللي انا رايحه كلنا هنروحوا اكيد بس كل واحد بمعاد محدد، وانا رغم اني معادي لسه ما قربش بس هسبق وعارفه ان انا هدفع ده كتير بعد كده.. بس والله ما قادره حاسه ان طاقتي خلصت ومش قادره اكمل تاني.
هزت الطفله رأسها نافية ثم قالت بخفوت
=انا مش فاهمه حاجه.
ابتعدت فجاء عنها بجمود لاهثا وصدرها يجرش متحشرجا وهي تقول بنبرة حادة
= اطلع يلا بره زي ما اتفقنا، وما تدخليش الاوضه دي الا لما حد يكون معاكي.. اول احسن ما تدخلهاش خالص وانا اللي هاجيلك
قاطعت رحيلها أمها وهي تنظر لها لهفة بتوسل
وقالت بسرعه
= زينه استني
بلهفة عادت الصغيرة تنظر لأمها متسائلة ماذا تريد منها أيضا، لكنها جذبت إياها إلي أحضانها بقوة شديدة تعانقها وتستنشق رائحتها بشغف واشتياق، وبدأت تقبلها عدة مرات بحب و دموعها تتساقط بغزارة وألم وهي تردد ببكاء
=هتوحشيني أوي انا بحبك.. و اوعي تنسيني يا قلب أمك، سامحيني يا حبيبتي بكره تعرفي انه كان غصب عني .
❈-❈-❈
في حي امبابه كانت الاوضاع على غير العاده ابدأ، هبطت أمينة من التاكسي فارتعشت شفتيها ببؤس وخوف عندما وجدت تمر من جانبها سياره إسعاف ولم ترى من بالداخل فكان هناك شخص مغطى بالكامل، ولاحظت بان الاجواء حولها غير عاديه بالمره لتفهم بأن قد توفى شخص ما وذلك سبب الفوضى.
تقدمت للإمام حيث كان معظم أفراد الناس مجتمعين أمام منزل ما بعيداً، لكن جفلوا على أمينة التي دلفت للمكان فجأة وقبل أن تصعد منزلها تفاجأت بسيده تقترب منها وهي تتنفس بوتيرة عنيفة كأنها كانت تنتظرها وبمجرد أن صوبت نظرها عليها حتى انفجرت في البكاء وهي ترتمي في أحضانها قائلة بحزن
= شدي حيلك يا بنتي! قدر ومكتوب
تسارعت خفقات قلبها واحتدت عيناها فقالت برعب وخوف
=تيته.. تيته مالها حصل لها ايه
لم تنتظر رد الآخري بل صعدت لتجد المزيد من النساء والرجال هنا أيضاً لكن اتسعت عينا أمينة بارتياح عندما وجدتها بخير أمامها، ثم ركضت نحوها متسائلة بتوجس
= تيته انتٍ كويسه الحمد لله يا حبيبتي كنت هموت من الخوف عليكي فكرتك انتٍ اللي في عربيه الاسعاف اللي تحت.
لفت الصدمة وجهها وهي تري جدتها تجلس بجانب وحولها النساء باكية بهذه الهيئة المريعة.. اقتربت أكثر منها وخرج صوتها مرتعشا وهي تهتف بهم باستهجان والخوف في داخلها يتفاقم أكثر صارخة
= هو في ايه؟ والست اللي تحت دي كانت بتقولي ليه شدي حيلك لما انتٍ كويسه.. حد يفهمني بدل العياط بتاعكوا ده ايه اللي حصل
في تلك اللحظه انهالت صرخات جدتها وبكائها هادرة بحسرة
= آآه مش قادره ليه تعملي في نفسك كده.
يا حبيبتي.. صغيره على الموت دي لسه في عز شبابها .
وقبل ان تفكر في شقيقتها جاء صوت شخص ما يؤكد لها حسها مرددًا
=شد حيلك في اختك أميره يا أمينه تعيشي انتٍ لقوها قطعت شرايينها والاسعاف خدتها، ودكتور الصيدليه اللي في المنطقه لما كشف عليها قال إنها خلاص روحها طلعت للي خلقها.
🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹
ادخلوا بسرعه حملوه وخلوه علي موبيلاتكم من هنا 👇👇👇
وكمان اروع الروايات هنا 👇
انضموا معنا على تليجرام ليصلكم اشعار بالروايات فور نزولها من هنااااااااا
🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺
تعليقات
إرسال تعليق