رواية دمعات قلب الدمعة التاسعه عشر بقلم رباب فؤاد حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج للروايات والمعلومات
![]() |
جلست(هالة) وأمها والأطفال حول مائدة الطعام التي خلا مقعدها الرئيسي, لليوم الخامس على التوالي, من وجود(طارق) الذي يضفي دوماً على الطعام مذاقاً خاصاً, مذاقاً عائلياً افتقده الجميع وعبّر عنه(هاني) بأسلوبه الطفولي وهو يقول بضيق ـ"أين بابا(طارق)؟ إنه لم يأت منذ خمسة أيام وهاتفه المحمول مغلق, لا أستطيع الأكل في غيابه."
تبادلت(هالة) نظرة سريعة حائرة مع أمها قبل أن تقول لابنها في هدوءـ"بابا(طارق) في مؤتمر كما أخبرتكما من قبل, وعندما ينهي أعماله سيعود بإذن الله. وحيث أننا لا نعلم متى سيعود, فأنت لا تستطيع البقاء دون طعام. تناول غداءك الآن, وبعد الأكل أعدك بأن نحاول محادثته ثانية.اتفقنا؟"
أومأ الولدان برأسيهما وتظاهرا بتناول طعامهما بتكاسل وهي تراقبهما بعينين حزينتين.
فقد تعلق أبناؤها بعمهم بطريقة لم تكن تتخيلها أبداً وصار وجوده معهم في المنزل أهم إليهم من الأكسجين في الهواء.
هو أيضاً كان لا يمل الجلوس معهم حتى لو طالت جلستهم لساعات أو حتى لأيام.
لكنه تغير في شدة مؤخراً ولم يعد(طارق) الذي عرفته وتزوجته,
لقد صار شخصاً آخر.
شخصاً عصبي المزاج متقلبه وكأنه يخفي بداخله شيئاً لا يريد البوح به وهو ما ينغص عليه حياته بهذا الشكل, بل ويجعله منطوياً عنها ولا يرغب في مشاركتها إياه.
وما يقلقها عليه هو غيابه الطويل هذا,
لقد اعتاد أن يحادثهم كل ليلة يبيت فيها في بيته الثاني مع(سمر) لكنه لم يفعل هذه المرة.
والأدهى أن هاتفه الخلوي مغلق وهي لا تجرؤ على محادثته في المستشفى لا بنفسها ولا حتى بواسطة الأولاد لاقتناعهم بأمر المؤتمر المزعوم هذا.
وبينما هي غارقة في التفكير تناهى إلى مسامعها صوت مفتاح يدور في الباب الأمامي و(هاني) يقفز من فوق مقعده هاتفاً بسعادة لا مثيل لها ـ"لقد عاد بابا(طارق)."
قالها وهو يهرع مع(هيثم) إلى الباب ليستقبلا عمهما قبل أن يدلف إلى الشقة, وكان(هاني)هو الأسرع حيث أحاط ساقي عمه بذراعيه هاتفاً بلهجة تجمع بين السعادة والعتاب ـ"حمداً لله على سلامتك يا أبي, لماذا غبت طويلاً هكذا؟"
ولدهشة جميع الحضور, فقد خرج صوت(طارق) قاسياً وهو يزيح الصغير بعيداً عنه بخشونة قائلاً ـ"ماذا تفعل؟ تلوث ملابسي بيديك المتسختين وتحاول إيقاعي على الأرض؟"
شحب وجه الولدان و(هيثم) يقول مدافعاً عن شقيقه الأصغرـ"ولكن يدي (هاني) مازالتا نظيفتان, فنحن لم نبدأ الأكل بعد."
التفت إليه عمه هاتفاً بغضب ـ"وهل انتدبك لتدافع عنه؟"
ومن موقعها أدركت(هالة) سخونة الموقف فهرعت لتقف بين أولادها وعمهم الذي كان في أشد حالات الغضب حينها ويهم بصفع(هاني), وفوجئت بنفسها تمسك ذراع(طارق) المرفوعة وعلى وجهها ابتسامة مرتبكة قائلة بلطف ـ"هديء من ثورتك يا(طارق). الأمر لا يستحق ذلك"
ثم استدارت إلى ابنيها قائلة بحزم ـ"اعتذرا لعمكما وحسابكما معي فيما بعد."
نظر الولدان إليها في ذهول وقد عجز عقلاهما عن فهم السر خلف عقابهما لأنهما هرعا لاستقبال عمهما, إلا أن عنادهما وترددهما ذابا مع نظرة(هالة) الصارمة, فاعتذرا في هدوء وأسرعا إلى حجرتهما والدموع تسبقهما.
وبعد أن أسرعت أمها خلف الطفلين استدارت(هالة) بوجهها نحو(طارق) وهالها ما رأت...
فقد كان ذابلاً, أشعث الشعر, وقد نمت لحيته لتعطيه عمراً يفوق عمره الحقيقي...
ولكن ما أدهشها حقاً هو أنه لم يكن وحيداً, فقد كانت بصحبته حقيبة سفر كبيرة.
نفس الحقيبة التي ساعدته في ترتيبها قبل زواجه من(سمر).
وغاص قلبها بين ضلوعها لمعنى عودة الحقيبة إلى شقتها...
وبكل قلقها ولهفتها عليه هتفت به ـ"ماذا بك؟ ماذا حدث؟"
ولم تندهش حين سحب ذراعه من قبضتها ورمقها بنظرة طويلة قبل أن يتجه إلى غرفتهما ويغلق بابها خلفه.
وللحظة وقفت حائرة في الردهة, أتتجه إلى طفليها أم إليه؟ ثم ما لبثت أن حسمت أمرها واتجهت إلى طفليها تهديء من روعهما, و(هاني) يقول من بين دموعه ـ"لم أقصد تلويث ملابسه يا أمي, أقسم لك. انظري إلى يديّ, إنهما نظيفتان."
احتضنته في حنان وربتت على ظهره قائلة ـ"أعلم هذا يا حبيبي, لقد انفعل لأنك اندفعت إليه مسرعاً وكان من الممكن أن يفقد اتزانه ويقع."
أما(هيثم) فلم يبد عليه الاقتناع بما قالته أمه إذ مسح دموعه وهو يقول بثبات يفوق عمره ـ"لقد تغير بابا(طارق) وأصبح مثل بابا(حازم) رحمه الله, لم يعد يجلس معنا كما اعتاد في السابق وتغيرت معاملته معنا."
التفتت(هالة) إلى ابنها في دهشة وأدركت لحظتها أن(هيثم) نضج قبل أوانه, وأن ذهنه تفتح ليدرك ما ظنته مرئياً لها وحدها, فمدت يدها إليه لتأخذه هو الآخر بين ذراعيها قائلة بهدوء ـ"لا تقل هذا, إنها ضغوط العمل. سيعود بابا(طارق) إلى ما كان عليه في السابق, أعدكما بذلك."
************************************
🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹
ادخلوا بسرعه حملوه وخلوه علي موبيلاتكم من هنا 👇👇👇
وكمان اروع الروايات هنا 👇
انضموا معنا على تليجرام ليصلكم اشعار بالروايات فور نزولها من هنااااااااا
🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺