expr:class='data:blog.languageDirection' expr:data-id='data:blog.blogId'>

ملكة علي عرش الشيطان الفصل السادس عشر حتى الفصل العشرون بقلم إسراء علي حصريه وجديده

ملكة علي عرش الشيطان الفصل السادس عشر حتى الفصل العشرون بقلم إسراء علي حصريه وجديده 

الفصل قصير بسبب ظروف شخصية حصلت إمبارح والنهاردة فـ بعتذر كمان لسه بمتحن الميد ترم إن شاء الله لما يخلص يكون فيه تعويض عن التأخير دا 😍


لا تُشعل نيران الكراهية إن كُنت لا تقدر على إخمادها...


حملقت به بـ دهشة لا تُصدق حديثه..ضمت المئزر إلى جسدها وتساءلت بـ صوتٍ باهت 


-قصدك إيه!..يعني إيه كمان ساعة!

-أردف بـ نفس الجفاء:زي ما سمعتي..مش عاوز كلام كتير...


كادت أن تبكي لما يحدث معها..بهت لونها بـ شدة حتى إتسحالت بشرتها إلى بشرةٍ شاحبة تشابهت مع بشرة الموتى


تراجعت بـ ذعر وهي تراه ينهض ويقترب منها..إبتلعت ريقها بـ خوف تُحاول أن تستمد قوة واهية..وجدته يتجه إلى باب الشقة ثم قال بـ هدوء


-إتفضلي جهزي نفسك عشان هنخلص كتب الكتاب وهتنتقلي معايا...


تنفست بـ حدة لتتحرك هي بـ إتجاه الباب وقبل أن تخرج هتفت بـ جمود


-وقُصي!

-إبتسم بـ سخرية وقال:متخافيش هيطلع...


حدقت به بـ إزدراء ثم هبطت الدرج بـ إنفعال..على الرغم من خوفها من القادم إلا أن أشتعال دماؤها غضبًا وقهرًا


ولكن الألم كان قد إستبد بها لما سيُصيب قُصي..قُصي الذي ظهر بـ حياتها وكأنه بطل من فيلم سنيمائي قديم..على الرغم أنها لم تتعمق بـ مشاعرها تجاهه ولكنها إنجذبت إليه..أُعجبت بـ شخصيته الرزينة والهادئة..بطل ستظل تندم عليه ما تبقى من حياتها

هبطت الدرج حتى وصلت إلى شقتها..فتحتها ودلفت..أغلقت الباب وإستندت بـ جبهتها عليه تتنهد بـ حرارة..مكثت هكذا ثوان حتى قررت الإلتفات ولكن ما أن إلتفتت حتى شهقت وهي ترى والدها جالس فوق مقعده وينظر إليها بـ ملامح مُبهمة..إزدردت ريقها بـ صعوبة وهمست


-بابا!!!

-صدر عن مُحرم صوتًا دوى كـ البرق:كُنتِ فين!

-همست بـ تلعثم:كُـ..كُـ..كُنت..فـ..تحت...


ضرب على ذراع المقعد بـ قوة فـ إنتفض وهدر بـ صوتٍ جهوري


-كُنتِ عنده صح!...


تسارعت أنفاسها بـ تحشرج لتقبض على جانبي ثيابها وأخفضت رأسها بـ خذلان..فـ إقترب منها مُحرم ونظر إليها نظرات تحتقرها ثم هدر


-مش عارف أقولكِ إيه!..رخصتي نفسك لواحد حقير..لو رفضتي طلبه مش هيتردد ثانية إنه يشهر بـ اللي حصل..إن الست هانم كانت عندي فـ نصاص الليالي...


رُغمًا عنها تساقطت عبراتها ألمًا لما يقوله والدها..هو لقسوة حديثه مُحق..أبخست من قدر نفسها لذلك الشيطان الذي لن يتردد بـ كسرها حتى ينالها


تركها مُحرم ورحل لتبقى هي بـ الصالة تنشج بـ بُكاءٍ حار..تدمرت حياتها وهو من دمرها ولم يكتفي بل يتراقص على أطلالها 


قبضت يدها بـ قوة فـ قست عينيها فجأة تنظر أمامها بـ نظراتٍ فارغة 


*************************************


بعد ساعة كان هو يجلس و أمامه مُحرم وجواره المأذون الشرعي وشاهدين..كانت تنظر إليه بـ إزدراء وقسوة شديدين وأرسلان ينظر إليها بـ سُخرية تجعل الدماء تغلي بـ عروقها


حمحم المأذون الشرعي وقال بـ إبتسامة


-نبدأ!!!

-نظر مُحرم إلى أرسلان بـ تجهم وقال:لأ أنا مش موافق...


قست نظرات أرسلان دون أن يهتز جفنه وظل ساكنًا مكانه لا يتحرك..أما مُحرم قد تحرك بـ مقعده يدلف إلى أحد الغُرف


نهضت سديم وقالت بـ إنتشاء


-بابا مش موافق وأظن إن كدا مفيش جواز...


لم تلن نظرات أرسلان بل تحولت بـ الإضافة إلى قسوتها إلى أُخرى مُظلمة..تنحنح بـ جواره المأذون الشرعي وقال


-إذن لا داعي لوجودي

-أردف أرسلان بـ صوتٍ مُخيف:إقعد...


لم يحتج الرجل لـ أن يُعيد حديثه مرة حيثُ جلس مرةً أُخرى صاغرًا خائفًا


نهض أرسلان بـ ملل و وقف أمامها ثم همس بـ نبرةٍ خالية من أي مشاعر


-إسعميني كويس أنا مش فاضي للعب العيال دا..خُشي نادي أبوكِ 

-هدرت بـحدة:مقدرش أقنعه..وبعدين هو مش طايقك

-خلاص أخش أقنعه أنا...


دفعها بـ قوة حتى ترنحت و سقطت جالسة فوف الأريكة..بينما دلف هو إلى الغُرفة التي إختفى بها مُحرم


ظلت سديم تنظر بـ عدم تصديق إلى ما فعله..ضربت الأريكة بـ قوة غاضبة وبقت تسبه بـ سرها


بعد ثلاثون دقيقة


وجدتهما يترجلان خارج الغُرفة و والدها ينظر إلى الفراغ بـ شرود وتعبير غامض لم تستطع تفسيره


دنت منه وهمست بـ حيرة


-هو قالك إيه!...


نظر إليها مُحرم بـ نفس الشرود قبل أن يُبعدها دون حديث وتوجه إلى جوار المأذون الشرعي ليقول بعدها بـ جمود 


-إبدأ يا شيخنا...


شهقت سديم واضعة يدها فوق شفتيها بـ صدمة..إتسعت عيناها ونظرت إلى أرسلان والذي هو الآخر كان الغموض يُغلف ملامحه وقد زال قناع القسوة وحل مكانه قناع الجمود والجدية


بدأت مراسم عقد القران وهي توزع أنظارها بين الجميع بـ شرود وصدمة..كأن ما يحدث ما هو إلا عرض سينمائي وهي تحتل مقاعد المُشاهدين..كأن هذا الحدث لا يخصها وهي ليست المعنية بـ الأمر


وجدت يده تُوضع بـ يد والدها فـ هوى قلبها بـ قوة آلمتها..غلف حدقيتها غلالة من العبرات أبت أن تهبط 


وكما وضع يده بـ يد والدها..نزعها منها بـ هدوء دون إبتسامة ولكن ملامحه كان وكأنه قد ظفر بـ جائزته بعد عناء..إنتهت المراسم ورحل الجميع وبقى ثلاثتهم


إبتعد أباها وقال بـ جمود نزل كـ وقع الصاعقة على قلبها


-تقدر تاخدها..بس الأول عاوز حد يرجعني الإسماعيلية

-بابا!!...


همست بها سديم بـ خذلان سببه كلمات والدها..إلا أن أرسلان لم يدع لها المجال لعتاب والدها إذ قبض على يدها وجذبها خلفه ثم أردف 


-رجالتي تحت هيوصولك

-دوى صوت مُحرم من خلفهما بـ قوة:بنتي لو جرالها حاجة عمرك كله مش هيكفيني...


************************************


كانت صامتة ، جامدة تمامًا كـ تمثال حجري..وهو بجوارها يقود بـ دوره دون حديث..الصمت لم يكن كئيب بل كان مُرعبًا 


كان أول من قطع هذا الصمت قائلًا بـ نبرةٍ مُخيفة سرت بـ جسدها كـ الصقيع


-دلوقتي نقدر نتم إتفاقنا...


على الرغم من ذلك الخوف الذي تمكن منها إلا أنها أردفت بـ جفاء تمكنت من إتقانه


-مش هيتم حاجة إلا لما أطمن إن قُصي طلع...


رأت قبضتاه تشتد على المقوّد وعيناه تتجمع بها الشُعيرات الحمراء والتي تدل على مدى غضبه بـ الإضافة إلى برزو عروق نحره..إلا أن صوته خرج هادئًا لدرجة تستدعي الغضب


-حاضر..هطمنك...


أخرج هاتفه ثم إتصل بـ أحدهم ليُفعل خاصية المُكبر..ثوان وأتاه صوت الضابط


-باشا..إزي حضرتك!

-نظر أرسلان إليها وقال:الحمد لله..أنت أخبارك إيه؟

-تمام..أكيد حضرتك بتسأل عن قُصي باشا صح؟!...


تحفزت حواس سديم بـ لهفة وحماس..وقد رأى هو إنعكاس ذلك الحماس بـ لمعان حدقيتها الزرقاوين قبل أن يبتسم ويقول بـ نفس هدوءه


-أكيد

-ضحك الضابط وقال:كله تمام..نزار باشا كلمني من ساعتين تقريبًا وقالي إنه هيتنازل...


ضمت سديم يديها إلى صدرها تذفر بـ راحة وإبتسامة حنونة تتشكل على وجهها ثم تمتمت بـ دُعاءٍ خافت إلتقطته أُذنيه بـ براعة 


خرجت إبتسامة هازئة من بين شفتيه قبل أن يقول


-تمام يا حضرة الظابط..تعبتك

-لا أبدًا لا تعب ولا حاجة..حمد لله ع السلامة على خروج الباشا

-الله يسلمك...


أردف بها أرسلان وهو يُغلق الهاتف ثم عاد يدسه بـ جيبه..ليلتفت إليها وهمس بـ فحيح


-أظن كدا عداني العيب وأزح...


إنقبضت معالم وجهها وكأنها سقطت عن سحابة وردية لتحط فوق أرضية صلبة ، سوداء..إنكمشت بـ جسدها وإتهزت حدقيتها خوفًا..كادت أن تتحدث ولكنها قررت إبتلاع حديثها إلا أنها لن تستسلم..بل ستشتعل الحروب بينهما ونارها لن تنطفأ أبدًا


*************************************


وصلا إلى منزله فـ ترجل وتحرك إلى مقعدها ثم فتح الباب و دون حديث سحبها من ذراعها..صرخت بـ ألم وقالت غاضبة


-إيدي يا مُتخلف...


أدارها بلف ذراعها إليه ثم حدق بـ عينيه المُخيفتين بـ عينيها المُشتعلتين بـ لهيبها الأزرق الغاضب..ليردف بـ نبرتهِ الشيطانية


-أنتِ دخلتي مملكتي يعني هتعيشي بـ قوانيني

-صرخت بـ المُقابل:مش هكمل ليلة معاك..فاهم!..أنت عاوز حاجة هتاخدها وتسبني...


تركها فجأة وهو يبتسم تلك الإبتسامة المُرعبة..وضع يديه بـ جيبي بنطاله وقال بـ فحيح


-وكأني هسمحلك تمشي...


إقترب خطوة ثم لكز جانب رأسها بـ سبابته وقال بـ جفاء


-حُطي فـ دماغك..إنك مس هتمشي إلا لما أنا أأمر بـ ده

-زمجرت بـ شراسة دافعة إياه:حقير..كُنت عارفة إنك ملكش أمان

-ضحك وقال:وطالما مليش أمان وأنتِ عارفة!..وافقتي ليه؟

-صرت على أسنانها وقالت:عشان حُرية قُصي كانت واقفة عليا

-عاد يضحك بـ قوة ثم قال بـ سُخرية:ساذجة...


مدّ يده يجذبها من ذراعها ليدلفا المنزل..إنقبض قلبها وهي تخطو أول درجة بـ الداخل


كان يسحبها خلفه كـ الشاه هذه المرة أتاحت لعيناها التحديق بـ الأثاث ومعالمه..كان يطغى على الأثاث اللون الأسود..والفضي مُمتزج بـ الأسود يُزين الحوائط


لفت نظرها ذلك السكين الصغير الموضوع بـ طبق الفاكهة..وعندما إقتربا منها جذبتها بـ خفة دون أن يلحظ أو هكذا تظن تُخبأ إياها بـ أكمام ثوبها


دلفت إلى الغُرفة المخصصة لها دون نبس حرف..وهو يتبعها بـ خطوات مُتمهلة ، مُتأنية ، قادرة على إذابتها وهو يعلم ذلك الخوف الذي ينخر عظام جسدها..وهذا جعله يبتسم بـ قساوة وتلذذ..هو ليس بـ سادي ولكن تلك المُتعة الخالصة وهو يُراقب الخوف المُنبعث منها جعله سادي تلك اللحظة


قبضت على ثوبها تستمد منه قوة واهية ولكن كيف السبيل وهي بـ عرينه ، داخل منزله مرةً أُخرى، بل وكره الذي يبعث الرجفة بـ القلوب .. إستدارت إليه سريعًا ما أن أحست بـ أنفاسه تحرق ظهرها فـ ظهرت عظمتي لوح الكتف بـ حركة لا إرادية


كانت إبتسامته أكثر ما تخشاه بـ تلك اللحظة..وصوته الناعم الذي يردف به بـ بحة رجولية مُميزة


-أتمنى الأوضة المتواضعة عجبتك...


نظرت إليه شزرًا ولم ترد فـ إتسعت إبتسامته الشيطانية وإقترب خطوتين منها حتى أصبح المسافة بينهما مُنعدمة..شهقت وتراجعت ولكنه لم يسمح لها..بل أمسك ذراعها بـ قوة جبارة وهدر من بين أسنانه


-دلوقتي مفيش حاجة تقدر تمنعني عنك يا دكتورة...


صرت على أسنانها وهى تلعب بـ أخر بطاقة رابحة لها..وضعت ذلك السكين متوسط الحجم على عنقه وهى تقول بـ غضب وعينين تلمعان كـ عيني قطة 


-ومفيش حاجة تمنعني عن قتلك دلوقتي...


إلتوى فمه بـ شبه إبتسامة أكثر قساوة وأكثر رُعبًا من سابقتها..نظر إلى السكين من طرف عينه ثم إليها..وعيناه تُطالعها بـ مكر..لم تعي ما حدث إلا وهي تشهق ألمًا من فعلته..حيثُ أمسك معصمها وأداره خلف ظهرها مُقربًا نصل السكين منه


إتسعت عيناها بـ صدمة ولا تعرف أتبكي ألمًا لذراعها الذي على وشك الكسر!..أم عضلات جسده الصخرية التي على وشك تحطيم قفصها الصدري وهو يضمها إليه!


إقترب بـ رأسه من أُذنها وهمس بـ فحيح أفعى جعل بدنها يقشعر 


-حتى لو قتلتيني..مش هتقدري تهربي من سجني أبدًا...


صرخت هذه المرة بـ ألم طاحن لها..وهو يضغط بـ يده أكثر على معصمها مُقربًا السكين أكثر إلى ظهرها حيثُ سبب جرحه وتمزيق الثوب..يدها الحُرة هى ما أحالت دون وقوعه عن جسدها


دفعها بعيدًا فـ أسقطت السكين مُحدث دوي يقطع ذلك الصمت..نظر إليها بـ نظرات أحرقتها ثم إستدار ورحل واضعًا يده بـ جيبي بنطاله ويُطلق صفيرًا مُستمتعًا وكأن شيئًا لم يكن


وقبل أن يخرج من الغُرفة إستدار إليها مرةً أُخرى وأردف بـ سُخرية


-وعلى فكرة سواء بيكِ أو لأ كان قُصي هيطلع..مش مستني أعمل صفقة عشان أخرجه..بس حبيت أكافئ نفسي..بيكِ...


جمدتها عبارته الذي ألقاها بـ سُخريةٍ ذبحتها وجعلت نيران الحقد تشتعل بها أكثر..صرخت بـ قهر ثم سقطت جالسة تضرب الأرضية الصلبة بـ قبضتيها تنعي حالها


أما أرسلان بعدما خرج من غُرفتها توجه إلى تلك الغُرفة المُحرمة..أضاء الأنوار ثم توجه إلى حائط بـ عينه ثُبتَ عليه عدة صور فوتوغرافية لعدة أشخاص


جذب قلمًا ما ثم وضع دائرة حول صورة بـ عينها واضعًا بـ جوارها علامة صواب وكأنه أنجز مُهمةً ما..ظل يُحدق بـ تلك الصورة وما بجوارها بـ نظرات قاتمة


الصورة الأُخرى كانت لطبيب ثلاثيني يبدو ألماني الجنسية..عادة بـ بصره إلى الصورة الأولى وكتب أسفلها اسمًا ما ولم يكن سوى اسمها


"سديم"...

الفصل_السابع_عشر

ملكة_على_عرش_الشيطان


ربما لم يرغب المرء بـ الحب بـ قدر رغبته في أن يفهمه أحد...


رافقه الضابط إلى الخارج ثم صافحه قائلًا بـ إبتسامة 


-حمد لله ع السلامة يا قُصي باشا...


كانت ملامح قُصي جامدة ، وقاسية بـ درجةٍ مُرعبة..عيناه السوداوين الجذابتين تحولتا إلى أُخرتين قاتمتين..إلا أنه أومأ بـ جمود دون أن يرد فـ أكمل الضابط


-والله أرسلان باشا أخو حضرتك هو اللي خرجك لولاه مكنش نزار باشا إتنازل...


إلتفت إليه قُصي بغتةً ثم حدق به بـ عينين إشتعل بهما لهيب أسود..وبقى هكذا حتى تحنح الضابط وقد أحس أن هُناك ذبذبات غيرُ مُستحبة تحوم بـ الأجواء لذلك أردف


-تحب أوصلك

-لأ...


نفي هادر ويحمل من الغضب والحقد ما يُشعل النيران..ثم تحرك دون أن يلتفت إلى الضابط


بعدما عَبرَ إلى الطريق الآخر..توقفت سيارة وأطل منها مُحرم قائلًا بـ حبور


-قُصي!..الحمد لله لحقتك..حمد لله ع السلامة

-تقدم قُصي من السيارة وأردف:الله يسلمك يا أستاذ مُحرم...


ثم حوّل بصره إلى السائق والرجل بجوراه فـ عَلِمَ أنهما رجلي أرسلان..لتغيم عينيه بـ سواد الكُره..ليعود وينظر إلى مُحرم وتساءل بـ نبرةٍ ميتة على الرغم من جمودها


-سديم فين!...


إرتبك مُحرم وعجز لسانه عن الرد..لأول مرة يشعر بـ الخذي لأفعال إبنته..ولأول مرة يلعن مرضه الذي جعله عاجزًا أمام صفعها بـ قوة


قبض قُصي على فكه بـ قوة ثم أردف بـ نبرتهِ المُميتة والتي بدأت تُقطر حقدًا وكُرهًا إزدادا عقب ترك سديم له


-أخدها صح!..أو بـ الأصح راحتله

-تنهد مُحرم وقال بـ تعب:إطلع يا قُصي نتكلم

-هدر بـ جفاء:مش هركب عربية الـ*** دا...


لم ينتظر أكثر بل تحرك مُبتعدًا ولكن وصله صوت مُحرم يقول بـ جدية


-قُصي!..تعالا عندي البيت..محتاجين نتكلم كتير...


توقف قُصي لبرهه ثم أشار بـ يده علامةٍ أنه يحتاج إلى وقتٍ بـ مفردهِ ثم أكمل طريقه واضعة يديه بـ جيبي سترته


أغمض مُحرم عيناه ثم همس


-إطلع يا بني...


تحرك السائق بـ صمتٍ بينما عاد مُحرم بـ جزعهِ ثم حك جبهته بـ قوة مُتذكرًا قول أرسلان المُحذر


-الكلام دا لا بنتك ولا قُصي يعرفوه ولا عاوزهم يعرفوه نهائي..على الأقل حاليًا...


كان صوته آمر على الرغم من جمود حديثه وملامحه..عاد يتنهد مُحرم مرةً أُخرى وفتح عينيه ينظر بـ الظلام هامسًا


-خايف أضيع الأمانة اللي وصتيني عليها يا سحر...


*************************************


لملمت شتات نفسها المُمزقة وجلست فوق حافة الفراش..أرجعت خُصلاتها إلى الخلف بـ يدها وعينيها تائهه بـ الفراغ..لم تكن سوى أداة ترفيه بـ النسبةِ له..وكأنه لم يأتِ إلى الحياة إلا ليهدم خاصتها


ضربت الفراش عدة مرات بـ قسوة وهي تتوعده..لن يحيا معها حياة هانئة..وإن كان يظن أنه دمر حياتها وأنها خسرت قُصي..ستُظهر له العكس وتحطمه


نهضت ودققت بـ معالم الغُرفة..كانت كلاسيكية ، راقية ، وهادئة..ذات لونين الأبيض و الأسود كـ حال المنزل بـ أكمله المطلي بـ الأسود..وأيضًا الفراش أسود أما الخزانة كانت من اللونين الأبيض ومُزخرفة بـ الأسود والفضي


تنهدت ونهضت لتفتح الخزانة فـ لم تجد ثياب..زفرت بـ ضيق وهي تنظر إلى ثوبها الأسود الواسع..ضحكت هازئة


-فستان أسود زي حياته...


توجهت إلى باب الغُرفة وقبل أن تفتحها..وجدت خادمة تطرق الباب ودلفت


تراجعت سديم وهى تراها تضع حقيبةً ما فـ نظرت إليها رافعة أحد حاجبيها وتساءلت بـ شك


-إيه دا!

-إعتدلت الخادمة وقالت بـ إحترام:الشنطة الباشا بعتني أجيبها من شقة حضرتك وأطلعها ليكِ

-إبتسمت بـ سُخرية قائلة:فيه الخير...


لم تُعلق الخادمة بل ظلت تنظر إليها بـ هدوء لتجذب سديم الحقيبة ثم قالت بـ عصبية زائدة


-طب إتفضلي أنتِ واقفة ليه!

-إنحنت الخادمة وقالت:تحت أمرك...


إحترامها الزائد لها جعلها تشعر بـ الحرج وترتبك إلا أنها آثرت تظهر بـ تلك الهيئة اللامُبالية


إنتظرت رحيل الخادمة لتلتقط الحقيبة وتضعها فوق الفراش..فتحتها وإلتقطت ثوب بيتي ثقيل من خامة ثقيلة ذات لون فيروزي مُذهب..بنطال رياضي ، طويل ، وضيق.. وكنزة قصيرة 


أغلقت الحقيبة ثم بدأت بـ نزع ثوبها وإرتداء الآخر


حزمت أمرها على الخروج وتفحص المنزل..خرجت من الغُرفة وحدقت بـ أنحاء الطُرقة..المنزل بسيط وهادئ..والطُرقة كـ حال باقي المنزل ذات لونٍ أسود..بها غُرفتين خاصتها وخاصته..بـ نهاية المرر يوجد مرحاض


هطبت الدرج الخشبي حتى وصلت إلى الطابق الأرضي..به غُرفة إستقبال و غُرفة الطعام..ثم المطبخ ومرحاض آخر..وبـ الناحية الأُخرى..توجد غُرفة مُنفصلة يختلف بابها عن باقي أبواب المنزل


قاومت فضولها لتفحصها خوفًا أن يكون بها..لذلك زفرت بـ ضيق وتوجهت إلى المطبخ عاقدة العزم على تسخين كوبًا من الحليب


لم تجد أحدًا بـ المطبخ لذلك توجهت إلى الثلاجة وأخرجت عبوة الحليب..بقت تبحث بـ خزانات المطبخ بـ تأفف لتجد ما تُسخن به الحليب


سكبت القليل و وضعته فوق الموقد..ظلت تنظر إليه بـ شرود..عقدت ذراعيها أمام صدرها ولكن تلك اللمعة الخاطفة التي إنعكست على عينيها جعلها تتوقف وتنظر إلى يديها


فـ وجدت أن حلقتها الذهبية لم تنزعها بـ الأساس لذلك بقت تتأملها دون أن تعي لدلوفه خلفها


-اللبن فار يا دكتورة...


شهقت وتراجعت إلا أن يده جذبتها بعيدًا عن الموقد وأغلقه من خلفها..دفعته سريعًا ليتراجع إلى الحائط مُتكئ عليه


لملمت شتات نفسها ثم قالت بـ غضب وهي تُبعد خُصلاتها التي تبعثرت


-مش تعمل صوت وأنت داخل..أنت بقى معاك  واحدة ست دلوقتي...


رفع حاجبه ثم نظر إليها من قمة رأسها حتى أخمص قدميها  أردف بـ عبث


-والست دي مراتي..ومن حقي أشوفها فـ أي وقت..حتى لو آآ...


لم تسمح له أن يُكمل إذ قالت بـ غضب زاجرة إياه بـعينيها المُشتعلة


-متكملش..بلاش قلة أدب عشان أنا مش هسمح بـ تجـ...


لم تُكمل حديثها لتشهق مُتسعة العينين وهى ترى جزعه العلوي عار..لتظهر عضلات جسده القوية لعينيها الخجولتين..إرتبكت وأخفضت صوتها ليهرب الحديث من بين شفتيها


إبتسم أرسلان بـ مكر ثم إعتدل بـ وقفته وإقترب منها..حتى وقف أمامها واضعًا يديه بـ جيبي بنطاله الجينز ليهبط إنشين ثم تساءل بـ نبرته العابثة


-مش هتسمحي بـ إيه!..عرفيني...


تنفست بـ حدة وغضب..لترفع رأسها فـ إصطدمت عيناها بـ خاصته العابثة وذلك زادها غضبًا..هتفت بـحدة وتراجعت خطوة إلى الخلف


-تجاوزات وخلاعة

-ضحك أرسلان وقال بـ نبرةٍ ذات مغزى:طب منا متجوزك عشان كدا...


ضرب قلبها جنبات صدرها بـ هلع وقد ظهر خوفها نتيجة لإهتزاز حدقتيها ولكنها حاولت إظهار ثبات تُحسد عليه..رادفة بـ قوة واهية


-طالما إتجوزتني لكدا..ليه مش بتاخده دلوقتي وتسبني!...


رأت فمه يلتوي بـ إبتسامة ساخرة ولكنها تحمل قسوته التي عهدتها ليتقدم منها عدة خطوات صغيرة و بطيئة حتى وصل إليها..فـ جذب خُصلةً من خُصلاتها البُنية ثم همس وهو ينظر إلى عينيها الذاهلتين


-مليش مزاج دلوقتي...


ثم تركها ورحل..أحست هي بـ لكمة قوية أصابتها بـ مقتل..مُحطمة أنوثتها وكبرياءها كـ إمرأة تعلم عِلم اليقين أنها تحمل من الفتنة ما يجعل الرجال عبيد أسفل قدميها..ليأتي هو و يُحطم تلك الثقة فوق رأسها العنيد بـ كل سهولة و يُسر


إحمر وجهها غضبًا لتركل الموقد بـ قدمها مما أدى إلى سكب باقي الحليب لتتركه وتصعد غاضبة وهي تسبه وتلعنه


*************************************


لم يقدر قُصي على العودة ليُقرر أن يمضي المُتبقي من يومه بـ أحد النُزل الصغيرة..قوته خارت وتحطمت ثقته..مشاعره التي أثمرت من جديد بـ وقتٍ قصير عادت تتهدم بـ نفس الطريقة القديمة..هو ذات الشخص الذي تركته خطيبته لأجله ولكنها تركته هذه المرة من أجله..لكي ينجو وهذا جعله يشعر بـ الضعف


وصل إلى نُزل شبه الحديث ليدلف ويحجز غُرفة صغيرة لمدة يومٍ واحد


إتجه إلى الدرج وصعده حتى وصل إلى غُرفته..ولكن أثناء سيره بـ الممر وجد مدفع صغير يركض بـ سرعة الصاروخ حتى إصطدم به


أمسك قُصي ذلك الصغير قبل أن يقع..ثم حدق به


طفل لا يتعدى السبع سنوات..خُصلاته بُنية ناعمة و بشرةً قمحية جذابة وعينيه سوداوين واسعة


نظر إليه الطفل بـ خوفٍ وقلق ثم أردف بـ تلعثم


-أسف يا عمو مكنش قصدي

-تنهد قُصي وقال:ولا يهمك..بس متجريش كدا تاني...


أومأ الصغير وكاد يُكمل ركضه إلا أن صوتًا حاد صرخ من خلفه وهي تتقدم منه


-وليد!!..تعالا هنا...


إرتعد الصغير ليختبئ خلف قدمي قُصي والذي عقد حاجبه بـ تعجب قبل أن يرفع عينيه إلى تلك الجنية الصغيرة..فتاة تكاد تبلغ العشرون من عمرها ذات عيني بُنيتين تتوهجان بـ غضب..وخُصلات سوداء ثائرة تُماثل عينيها غضبًا..ركضت إليه وحاولت جذب وليد وهي تهتف بـ يأس


-كام مرة قولتلك بلاش تتشاقى وتجري من الأوضة..إفرض حصلك حاجة أعمل إيه وقتها!

-صرخ الطفل بـ غضب:أنا مش بحبك..أنا عاوز بابا

-صرخت هي الآخرى بـ غضب:مفيش بابا..قولت مليون مرة مفيش بابا..ويلا تعالا على الأوضة...


كادت أن تُمسكه ولكن يد قُصي منعتها وهدر بـ حدة


-أنتِ مين وبتعملي إيه فـ الولد؟!...


نظرت تلك الفتاة إلى الشاب الرث الهيئة أمامها خُصلاته مُشعثة ، وعيناه حمراوتين ، بهما غضب وحدة..إلا أن حالتها لم تسمح لها بـ الخوف أو تفحصه لترد بـ حدة مُماثلة


-وأنت مالك أنت!..محدش دخلك فـ حاجة...


همت تمد يدها من جديد إلا أن قُصي عاد ويُبعدها لتتسع عينيها بـ ذهول هاتفة بـ صوتٍ عال


-تصدق إنك واحد وقح؟!...


نظر إليها قُصي بـ إزدراء ثم إستدار إلى الطفل..على الرغم من غضبه وتعبه إلا أنه أبتسم بـ وجهه البرئ ، الغاضب ثم قال بـ هدوء


-مين دي يا صاحبي!

-نظر وليد إلى الفتاة  قال بـغضب:دي واحدة معرفهاش..خطفتني من بابا...


إتسعت عينا الفتاة بـ صدمة وهدرت بـ غضب تتقدم منه


-وليد!!..أنت فعلًا قليل الأدب وأبوك معرفش يريبك..طبعًا هستنى إيه من واحد حشاش...


نهض قُصي وقد بلغ الغضب محله..ليستدير مُتقدمًا منها وهو يهتف بـ خفوت خطير


-الولد بيقول إنك خاطفاه..يعني ممكن أخدك على القسم حالًا...


إهتزت حدقيتها بـ خوفٍ لحديثه ولكنها أردفت بـ جنون تُبعد خُصلاتها بـ أصابع خرقاء


-أنا أمه والله..بس هو اللي مش راضي يصدق

-وضع قُصي يده بـ خصره وقال:وأنا إيه اللي يخليني أصدق!..مفيش حتى شبه بينكوا؟!...


وضعت يدها فوق جبهتها وهمست بـ إعياءٍ واضح 


-معاك حق..بس هو والله إبني...


نظر إليها قُصي مُتفحصًا ليستشف صدقها ولكن التعب قد بلغ محله منه ليستدير إلى الطفل وسأله مرةً أُخرى بـ تحذير


-متأكد إنك متعرفهاش!!..لو متعرفهاش هخدها القسم والظابط هيتصرف

-أشرقت عيني الطفل بـ حماس ليهتف:وهترجعني لبابا!!...


نظر قُصي إلى الفتاة التي هزت رأسها نافية وعيناها تلمعان بـ عبرات إلا أنه عاد ينظر إلى الطفل وقال


-أيوة هرجعك لبابا

-صفق الطفل وقال:أه معرفهاش...


أحست بـ خيطٍ من الثلج يمر بـ عمودها الفِقري وهي تسمع الطفل يؤكد على عدم إعترافه بها كـ والدته


إستدار قُصي إليها وقال بـ قلة حيلة


-مقداميش حل غير إننا نروح القسم..وهناك إثبتي إذا كان إبنك ولا لأ...


*************************************


دلفا إلى أقرب قسم شُرطة وهى خلفه تترنح بـ إعياء..لم يتعجب قُصي من سيرها المُستسلم بـ الفعل يبدو إنه إبنها فـ هي لم تُحاول الإعتراض


وقفا أمام أحد الغُرف ليُخرج قُصي بطاقته الشخصية ليُريها إلى العسكري الذي ما أن عرف هويته حتى حياه بـ إحترام..ليقول الأول بـ إختصار


-عاوز أقابل حضرة الظابط

-أوامرك يا باشا...


إستدار ليدلف إلى الغُرفة..بينما وليد يُمسك يد قُصي بـ قوة يُؤرجحها ويبتسم بـ إتساع..والأُخرى عيناها لم تكف عن ذرف العبرات


بعد لحظات كانا يقفان أمام الشُرطي الذي حياه هو الآخر بـ إحترام ثم أشار إليهما بـ الجلوس


جلس قُصي ثم رفع الصغير وأجلسه فوق ساقيه..نظر إلى الفتاة التي تفرك كفيها بـ توتر والذي عَلِمَ منها أنها تُدعى رحمة ثم قال دون أن يُحيد بـ نظرهِ عنها


-الطفل دا لاقيناه تايهه وحبيت أدور على أبوه

-بس كدا!...


أومأ قُصي..لينظر الضابط إلى الصغير وسأله بـ لُطف


-تعرف رقم بابا يا حبيبي ولا هو ساكن فين!

-أومأ وليد بـ قوة وقال:أه أعرف رقمه

-طب قوله عشان أتصل بيه...


أملاه الصغير الرقم ليتصل به الضابط وأبلغه عن وجود إبنه بـ القسم ويجب عليه أن يأتي ليأخذه


نظر قُصي من طرف عيناه إلى تلك الجالسة تنظر إلى الصغير بـ رهبة وبعض الخوف الغير مُبرر..إلا أنه آثر الصمت وسكن حتى يأتي والده


بعد مُدة لم تتخطى الساعة كان والد الصغير قد حضر..إنتفضت رحمة بـ ذُعر تتراجع عنه وعن عينيه اللتين ترمقاها بـ نظراتٍ قاتلة فـ جذبت إنتباه قُصي والذي نهض وصافح ذلك الرجل غليظ الهيئة ثم قال


-حضرتك أبو الطفل

-رد عليه ونظراته مُعلقة بـ رحمة:أيوة...


تولى الضابط الحديث وقال بـ هدوء وجدية


-الأنسة وحضرة الظابط قُصي بيقولوا إنهم لاقوه تايهه

-إبتسم الرجل بـ سُخرية قائلًا:أنسة!!!...


نظر إلى الضابط العاقد لحاجبيه بـ عدم فهم وكذلك قُصي الذي نظر إليه بـ تحفز ثم إليها


-تايهه إزاي يا باشا ومعاه أمه؟

-أمه!!!...


نظر الضابط إلى رحمة ثم إلى وليد الذي قد غفى مُنذ قليل بين يدي قُصي..ثم أردف


-الكلام دا صح يا باشا!

-تنهد قُصي وقال:كُنت شاكك..بس بما إن أبوه هنا فـ يقدر ياخده...


وصل إلى أُذنيه همسها المتوسل وهي تنظر إلى صغيرها


-لأ...


كاد أن يتحدث ولكن الصغير قد أستفاق وما أن أبصر والده حتى صرخ بـ حماس


-بابا...


تملص من بين يدي قُصي ثم ركض إلى والده يحتضن ساقيه..إلا أنه لم ينحني أو يُعانقه..بل أبعده وأردف بـ قسوة


-مش قولتلك من النهاردة هتقعد مع أمك!..عشان مراتي مش عوزاك...


شحب وجه الصغير وكذلك الموجودين بـ الغُرفة إلا أن همس وليد هو من قطع ذلك الصمت


-بس أنا بحبك يا بابا ومش بحبها هي...


زعق فـ إنتفض الصغير إلى الخلف لتركض إليه رحمة تحتضنه


-محدش قالك حبها..من النهاردة هتقعد معاها..خلصنا...


قالها وهو ينفض يديه ثم نظر إلى الضابط وقال


-الواد دا مش تايهه ودي أمه..تقدر ترجع معاه يا باشا..سلامو عليكوا...


صرخ الصغير وحاول التملص من رحمة ولكنها أحكمت الطوق حوله فـ بقى يبكي بـ عُنقها..تنهدت بـ تعب ثم إلتفتت إلى الضابط وقالت


-ممكن أمشي!!...


أشار الضابط بـ موافقة لترحل  قبل أن تنظر إلى قُصي بـ إتهام..بينما هو لم يُصدق ما حدث أمامه الآن


***********************************

 


بعد مرور سبعةً أيام


لم يقرب منها أرسلان أو حتى يتحادث معها وهي بـ دورها تتحاشاه ولكنه أمس أخبرها أنه سيُقيم حفلًا ليعلم الجميع بـ زواجهم..رفضت وعاندته ولكنه أردف بـ برود جعل الدماء تشتعل بـ عروقها


-أنا بقولك مش باخد رأيك ومش من حقك الرفض...


وها هي تقف أمام المرآة..تُقرر تحديه..ترتدي زي فاضح على غيرِ العادة..ثوب فضي اللون ينسدل على جسدها بـ ضيق..ذو ظهر مفتوح فـ تظهر عظمتي لوح الكتف ومن الأسفل به فتحة من الساق اليُسرى حتى مُنتصف الفخذ


خُصلاتها قد جعدتها وتركتها حول وجهها بـ جنون..شفتيها والتي قررت أن تصبغها بـ الأحمر القاني وإرتدت حذائها ذو الكعب العال


إلتفتت على صوت طرقات وقد وصلها ضعيف بسبب الضجة بـ الأسفل..ليدلف هو بـ كامل أناقته


يرتدي حلة كاملة من اللون الرمادي يُشابه لون ثوبها..ومن أسفله سُترة ذات أزرار وقميص أبيض..وختم بـ رابطة عُنق سوداء..أما خُصلاته فـ صففها إلى الخلف


رأته يتفحصها بـ تدقيق دون أن يُعلق..تقدم منها خطوة فـ يسبقه عطره الرجولي الصارخ..وصل أمامها وهمس بـ فحيح


-بتحديني صح؟!

-رفعت حاجبها وأردفت:أتحداك؟..ليه إن شاء الله!!..دي حفلة وأنا من حقي ألبس اللي يعجبني

-حك فكه بـ قسوة وهمس:ماشي..بس متلومنيش على اللي هعمله...


جذبها من ذراعها بـ قسوة فـ صرخت إلا أنه قال


-يلا قدامي...


هبطا الدرج وكل الأعين مُسلطة عليهما..كانت هي تتفحص الوجوه المألوفة والغيرُ مألوفة دون إهتمام


أما أرسلان فـ عيناه شخصتا من بعيد تلك الهوية المنشودة والتي من أجلها أقام ذلك الحفل..تلقا التهنئة من عدة أفراد حتى وقف بـ مُنتصف الساحة وهتف بـ أُذنها


-إفردي وشك

-همست بـ إقتضاب:مرتاحة كدا...


صر على أسنانه ثم وضع يده على خصرها يُقربها منه ليُشير بعدها لكي تبدأ الموسيقى ويفتتحان الحفل


تراقص معها لإفتتاح الحفل المُقام بـ مُناسبة زواجهما..وضع يده على ظهرها والأُخرى تُمسك كفها..عيناه المُظلمة تُحاصر خاصتها 


وعلى الناحية الأُخرى..بـ ذلك الركن المنزوي..يقف هو ويتكئ بـ مرفقه على الطاولة ..ينظر إليهما يتراقصان وعيناه تُطلق شرارات حارقة..كانت بين يديه ولكنها إنسلت من بين أصابعه كما الزئبق تمامًا


إلتقت عيناه بـ عيني غريمه ونظراته تُطلق سهام سامة فـ يُقابلها هو بـ أُخرى شرسة تُنبئه أنه لم يخسر بعد..حتى وإن كانت بين يديه جسديًا فـ روحيًا هو لا يزال يمتكلها..وحقًا فهم الآخر فحوى نظراته وهذا جعل عيناه تشتعل بـ نيران مُميتة..هو يمتلكها..هي ملكه


بعد تلك الرقصة التي إستهلكت قواها توجهت إلى الشُرفة المُطلة على الحديقة الصغيرة..إتكأت بـ قبضتيها على السور وأخذت تستنشق الهواء الذي سُحب من رئتيها وهي تُراقص شيطانها


إنتفضت على يده التي وُضعت على كتفها فـ إلتفتت لتبتسم بـ إنشداه قائلة 


-قُصي!!

-إبتسم قُصي بـ دفئ وقال:إزيك!!..بقالي كتير مشوفتكيش

-تنهدت بـ عمق ثم أردفت:كويسة زي ما أنت شايف...


أمسك يدها على حين غُرة وأردف بـ جدية


-جابني النهاردة عشان يوريني إني خسرت..خسرتك

-أغمضت عيناها ثم قالت بـ خفوت:قُصي!..أمشي من هنا بلاش يحصل مشاكل..أنت عارف ممكن يحصل إيه لو شافنا..أمشي عشان خاطري...


إتسعت عيناها وهو يجذبها إلى أحضانه وهدر بـ قسوة


-مش همشي من غيرك

-لأ هتمشي من غيرها...


كان صوته صلب ، مُخيف ، يُشبه زئير الأسد الذي فقد فريسته..وعيناه كانت كـ الجحيم وهو يرى إمرأته بين أحضان آخر بل ويُخبرها بـ كل إصرار أنه لن يذهب دونها وكأنه سيتركهما على قيد الحياة 


إقترب أرسلان منهما ثم جذب سديم التي صرخت بـ ألم من قوة قبضته ليهدر بـ غضب


-أنا جبتك هنا فعلًا عشان أثبتلك إنها مبقتش ليك فاهم!..بلاش تتخطى حدودك ولا تطلع برة الدايرة اللي رسمتهالك...


صر قُصي على أسنانه ثم نظر إلى سديم بـ نظرات نارية قبل أن يهتف بـ صوتٍ ميت


-متفكرش إنك كسبت..لأ..سديم ملكي وهتفضل ملكي..مش معنى إنك إتجوزتها أبقى خسرت..تبقى غلطان...


تقدم قُصي ثم لكم أرسلان بـحدة قبل أن ينظر إلى سديم وهمس


-هرجعلك وهخطفك منه...


إبتسمت سديم بـ خفة قبل أن تومئ له..تخطى قُصي لها ولكنه عاد وهمس


-متخسريش نفسك...


أومأت وقد وصلها مغزى حديثه..أما أرسلان فـ قد كانت عيناه وملامحه نذير شر يُهدد بـ إفتعال جرائم..وقبل أن يتهور وصله صوت رجولي ضعيف بـ اللغة الإنجليزية


-الطبيبة سديم المصري!!..يا لها من صُدفةٍ رائعة..لم أكن أتخيل أن تكونِ زوجة الشيطان...


إلتفتت سديم لذلك الصوت المألوف..لتجده ذلك الطبيب الذي كانت تتواصل معه فيما سبق وقبلها حين أتى إلى جامعتها بـ أحد المؤتمرات العلمية وما أن عَلِمَ بـ شغفها بـ مجال الأورام حتى ساعدها بـ الكثير


إبتسمت سديم وقالت بـ سعادة


-الطبيب ديفيد!!..يا لها من صُدفة..كيف أتيت إلى هُنا؟!

-لقد دعاني السيد أرسلان من أجل زواجكما..مُبارك لكما...


كانت يد أرسلان تقبض على كفها..وقبل أن تتحدث تولى هو دفة الحديث


-مرحبًا ديفيد..لم أكن أعلم أنكما تعرفان بعضكما البعض

-ضحك ديفيد وقال:بلى صدق..زوجتك كانت تتواصل معي سابقًا لتعرف المزيد عن مجال طب الأورام..حقًا أدهشتني بـ شغفها...


نظر إليه أرسلان بـ جمود ثم سحب سديم قائلًا بـ فظاظة


-معذرة..لكن تركنا ضيوفنا الكرام لمدة طويلة..يجب أن نعود

-بـ الطبع...


************************************


إندمجت بـ الحديث مع الطبيب ديفيد وأرسلان يقف بعيدًا عنهما..يحتسي مشروبًا ما ويتحدث مع آخرين..ولكن عيناه كانت تُراقبها كـ الصقر


أما هي على الرغم من شعورها بـ تحديقه  ولكنها أكملت حديثها مع الطبيب..وُضع أمامهما مشروبين لتأخذ أحدهما دون تفكير وإحتسته..تقززت من مذاقه ولكنها لم تُظهر ذلك


شعرت بمن يقبض على كفها وهمس بـ حدة


-أنتِ إزاي تشربي حاجة زي دي!

-همست بـ حدة هي الأُخرى:وأنت مالك..وبعدين ما كله بيشرب فيها إيه!

-عض شِفاه السُفلى وقال:فيها إنها خمرة...


إتسعت عيناها بـ صدمة وقد بدأت تترنح حقًا..أمسكها أرسلان وإعتذر ليأخذها إلى أعلى ثم أمر بـ إنهاء الحفل بـ فظاظة


دفعها لتترنح بـ قوة إثر دفعته وإثر الدوار الذي أصابها..لتهدر بـ حدة


-أنت همجي

-وصرخ هو بـ غضب:وأنتِ غيبة..مش عارفة إن دي خمرة!

-صرخت وهي تنزع حذائها:وأنا أعرف منين إنك بتقدم الحاجات دي

-دي كانت للطخ اللي معاكِ..بس أنتِ غبية

-إحترم نفسك...


وضعت يدها فوق جبهتها وقد نال منها الدوار إلا أنها تماسكت وقالت بـ حدة


-دمرتلي حياتي وبتأذي اللي حواليك..أخدتني غصب عني فـ صفقة حقيرة..بتأذي أخوك فـ كل حاجة لمجرد إنه أحسن منك...


أمسك تُحفة متوسطة الجحم من الزُجاج ثم صرخت وهي تقترب منه بـ خطواتٍ مُتعثرة


-أنا بكرهك ولازم تموت عشان أخلص منك...


كانت تهزي بـ سبب ذلك المشروب الكحولي..إلا أنها تمكنت بـ صعوبة من رفع يدها تنوي ضربه بـ تلك التُحفة ولكنه أمسك يدها 


نظر إليها بـ عينين مُشتعلتين ، جامدتين بـ قسوتهِ المُعتادة..فـ حاولت هي أن تُخلص يدها منه هادرة بـ غضب


-إيدي يا حيوان...


بـ  لحظة رفع يده الأُخرى وجذب تلك التُحفة ثم قذفها بـ قوة لتسقط مُتهشمة..صرخت ولكن صرختها كانت مصيرها جوفه..إذ وضع يده الحُرة خلف عُنقها وجذبها إليه بـ قوة يُقبلها بـ عُنف وشغف 


إتسعت عيناها من هول الصدمة ولكن عقلها لم يُغادرها كُليًا لتتلوى بين يديه ولكنه قد أحكم الطوق حولها..يده تركت يدها وحاوطت ظهرها والنيران تشتعل به


حملها ليضعها فوق الفراش دون أن يقطع قُبلته وهي بدأ عقلها يُغادرها تمامًا غائبة عن الواقع لتسبح بـ عالم ليس كـ عالمها الواقعي بل عالم لا يوجد به سواها  و قُصي


وهو يعلم أنه سيندم على ذلك صباحًا..يعلم أن سيستيقظ وما يحدث الآن سيُطارده غدًا والأيام المُقبلة ولكنه ترك لنفسه و لغضبه العنان وهي بين يديه..لم يكن بـ حسبانه أن يغوض معها تلك المشاعر بل لم يكن يُريد من الأساس

الفصل_الثامن_عشر

ملكة_على_عرش_الشيطان


لا وجود لمدينة فاضلة إلا بـ مُخيلة أفلاطون...

فـ الإنسان لا يبحث عن الفضيلة وداخله فساد يروي ظمأ نفسه المريضة...


لكلٍ غاية والغاية تُبرر الوسيلة...


دلف قُصي إلى شقته بـ فتور و غضب..بـ داخله يأبى التخلي عن سديم وعشقه لها وخارجه يتسول حلّ قيوده


قذف مفاتيحه فوق الطاولة ثم إتجه إلى المطبخ..نزع كنزته وألقاها بـ إهمال ثم قام بـ إعداد فنجان قهوة


وبعدما إنتهى عاد إلى غُرفته ثم أخرج بعض الأوراق التي حصل عليها خلسةً بـ مُساعدة الضابط أيمن..بدأ بـ مُجلد كُتب عليه نزار العبد..إسودت عيناه بـ حقد ثم فتحه


بضعة معلومات عادية وقصة بناءه لشركة الأمن خاصته..ولكن بعض الزيارات بينه وبين وزيري الإقتصاد والتجارة بـ أماكن مهجورة لم يتم التحقيق بها


تركه وهو يزفر بـ غضب..إرتشف من قهوته ثم تناول مُجلد أسود اللون..كُتب عليه ديفيد ويليامز طبيب ألماني الجنسية من أصول روسية..حدق بـ صورته الشخصية لتضيق عيناه..وضع يده فوق جبهته وهمس


-أنا شوفته فين!...


حاول التذكر ولكن ذاكرته لم تُسعفه..تنهد بـ قوة ثم أمسك بـ الورقة الثانية ليجد بها صورة فوتوغرافية قد تم إلتقاطها له أثناء صعوده لسيارةً ما ومن بها لم يكن سوى نزار العبد


إتسعت عينا قُصي ليجذب مُجلد نزار العبد وفتحه ثم بحث بين صفحاته حتى وجد اسم الطبيب مدون بـ جوار اسمه وتم رصد مقابلتهم بـ يومين قبل حادث قتل عائلته


أمسك مُجلد الطبيب وبحث بين صفحاته حتى وجد أنه تم طرده من العمل بـ أحد المشافي بـ ألمانيا نتيجة لإشتباهِ بـ أعمال خارجة عن القانون ولم يتم الإفصاح عنها


ظل قُرابة الخمس ساعات وهو يتفحص المُجلدات أمامه لكن دون جدوى..الأمور تزداد تعقيدًا وتشابك..كُلما ظن أنه توصل إلى طرف الخيط فـ لا يجد سوى عقدة عرقلت تقدمه


وضع يده خلف رأسه وتراجع بـ جسدهِ قائلًا 


-الموضوع محتاج ناس كانت متورطة فـ الموضوع دا...


نظر إلى ساعة يده ليزفر بـ ضيق فـ لم تكد تبلغ السادسة صباحًا..نهض ولملم الأوراق ثم هتف بـ جدية


-لازم أقابل أيمن وأعرف أكتر عن الموضوع دا...


************************************


دقت عقارب الساعة السابعة صباحًا مُعلنًا عن صباح يومٍ جديد ربما أكثر إشراقة للبعض وللآخر الصباح الأكثر ظلامًا


بـ غُرفةِ نومها كانا ينامان بـ هدوء..رأسها فوق ذراعه وتوليه ظهرها..خُصلاتها المُشعثة مُترامية فوق كتفيها العاريين و ذراعه القوية أسفلها


إستدارت سديم تتململ بـ نومها حتى فتحت عيناها لتقع على وجهه النائم..ما أن أبصرته حتى إتسعت عيناها بـ قوة و رهبة شاهقة بـ صوتٍ مكتوم


نظرت إلى جذعهِ العار ثم إليها لتجذب الغطاء حتى عنقها بسرعة..همست بـ صدمة وجسد يرتعش


-مُستحيل...


رغم ألم رأسها نتيجة المشروب إلا أنها لم تأبه سوى لتلك الكارثة التي حدثت..تذكرت أحداث أمس وكيف إنتهت بين أحضانه..عند ذلك الحد لم تتحمل لتنهض بسرعة جاذبة ما وقعت يديها عليه ولم يكن سوى قميصه..وضعته فوق جسدها تستر عريه وعري روحها ثم ركضت خارج الغُرفة إلى المرحاض


إثر خروجها..إصطدم الباب بـ الحائط فـ أيقظ أرسلان..فتح جفنيه الناعسين ناظرًا بجواره ليجد الفراش مُشعث..نهض بـ جزعه ليتذكر هو الآخر ما حدث


أغمض عيناه بـ غضب واضعًا يده خلف عُنقه مُحدقًا بـ الأرض المملؤة بـ ثيابهم..صر على أسنانه بـ قوة حتى أصدرت صوتًا يدل على مدى غضبه


لم يكن يُريد أن يحدث ما حدث..غضبه المجنون يوصله إلى مُنحدر يعلم أن لا صعود منه..تنهد بـ ثقل ثم نهض يرتدي بنطاله


بحث عنها بـ الغُرفة ولكنه لم يجدها..توجه خارج الغُرفة وحدق بـ الممر ولكن أيضًا لا وجود لها


توجه ناحية غُرفته ولكن صوت مياه جذب إنتباهه ليتجه إلى المرحاض المُلحق بـ ذلك الطابق..وجدها تقف أمام حوض إغتسال الوجه ليبقى بـ هدوء يُتابع ماذا ستفعل


لم تُصدق ما حدث..لم تُصبح هي..خائنة أم رخيصة! لا تدري أيهما هي ولكن بـ الطبع ليست سديم


فتحت أزرار قميصه وحدقت بـ جسدها..فكها ، عُنقها وعظمتي الترقوة مُدمغين به..علامات بنفسجية وزرقاء إنتهكت عذرية جسدها..بـ الطبع لم تعد هي


إتكأت بـ يديها على حوض إغتسال الوجه و تمتمت بـ قهر و ألم


-إزاي خليته يلمسني!..إزاي بس وليه!!...


إنتفضت على صوته الجامد وتراجعت عندما أردف بـ قسوة


-زي الناس..مش أنا جوزك ولا حد تاني!..يظهر نسيتي أنا إتجوزتك ليه...


تقدم خطوتين وكاد يُمسك ذراعها إلا أنها تراجعت مُبتعدة ثم صرخت بـ نفور


-إبعد إيدك القذرة دي عني..أنا قرفانة من نفسي لأنك لمستني...


توحشت عيناه بـ درجة أثارت الرُعب بـ داخلها حتى إصطكت أسنانها خوفًا..ملامحه أظلمت بـ قدر ظلام عينيه الدامس


بـ لحظة خاطفة جذبها إليه ثم توجه بها إلى حوض الإستحمام..شهقت وحاولت التملص ولكن يديه كانت كـ القيد الحديدي


دفعها بـ قوة ثم أدار مقبض المياه لتنهمر فوق جسدها..جذب سائل الإستحمام و سكبه أيضًا عليها ليقذفه بـ طول ذراعه حتى تحطمت العبوة..عيناها كانت بـ أقصى إتساعها وهي لا تستوعب ما يحدث


كان الماء ينهمر على كليهما دون حديث بينما يقطع الصمت صوت أنفاسه الحارقة والتي بدت كـ صوت الرعد..ثم بعدها هدر بـ صوتٍ مُخيف


-سمعيني قولتي إيه تاني!...


تنفست بـ حدة من بين شفتيها المُرتجفتين وهي تُحدق بـ عينيه المُظلمة لتهمس بعدها بـ فتور مُخفية خوفها 


-اللي سمعته...


إقترب منها حتى إمتزجت أنفاسه بـ خاصتها ثم أردف بـ فحيح واضعًا يده بجوار رأسها


-وأنا حابب أسمعه تاني

-رفعت حاجبها وأردفت بـ برود ظاهري:حابب تسمع إنك اللي أجبرتني!...


رأت فكه الحاد يتشنج وعيناه تتجمع بها شُعيرات حمراء غاضبة ولكن شفتيه تبتسم بـ سُخرية ونبرته خرجت هازئة


-بس مكنش دا كلامك إمبارح وأنتِ بين إيديا!...


حينها خرجت الكلمات من بين شفتيها بـ تلقائية علمت أنها ستندم عليها ولكنها أرادت إهانته و إهدار كبرياءه الرجولي لما سببه لها من الإحساس بـ الرُخص


-كنت شيفاك قُصي...


ساد صمت مُهيب بـ المكان..أضفى رُعبًا يليق بـ هيئة أرسلان والتي حقًا بدت كـ شيطان..حدقت بـ عينيه المُستعرة بـ نارٍ كـ الجحيم دون أن تجد قدرة على الإشاحة بعيدًا..قلبها الذي ينبض بـ جنون بين أضلعها كاد أن يقف من فرط رُعبها منه


حبست أنفاسها وهى تراه يدنو منها ثم همس بـ نبرةٍ ذات نذير شؤم 


-عارفة راجل غيري كان دبحك على قولتيه دا..بس أنا مش هدبحك أنا هخليكِ تتمني الدبح مطوليهوش...


لكم الحائط خلفها بـ قوة ثم تركها ورحل..حينها فقط سمحت لساقيها الرخوتين أن تسقط بها أرضًا و جسدها يرتجف بـ جنون


*************************************


كان جسدها ينتفض بردًا وكذلك روحها المُدماه..توجهت إلى غُرفتها ولكنها سمعت صوت تحطيم عنيف يأتي من غُرفته..تسمرت مكانها وقلبها ينتفض لصوت التحطيم


ضمت طرفي القميص إلى صدرها وظلت واقفة تُقطر ماءًا فوق الأرضية


بعد دقيقة سمعت صوت بابه يُفتح بـ قوة وهو يخرج ينفض يده النازفة دمًا لتتراجع إلى الخلف عدة خطوات خوفًا


توقفت دقات قلبها حين إستدار إليها ونظر إليها بـ جحيم عينيه المُلتهب والذي مَثَلَ قبرها..شهقت لذلك المشهد فـ سقطت أرضًا


هو يُحدق..وهي كذلك

هو يتوعد..وهي تكيد

هو النار..وهي الماء

هو يبتسم..فـ يُسطر نهايتها


نهضت تتحامل على ساقيها المُتخاذلتين تحت نظراته التي تحرقها..تحسست طريقها حتى وصلت إلى باب غُرفتها..فتحته ودلفت مُغلقة إياه خلفها بـ المُفتاح..بينما هو لا تزال إبتسامته ترتسم على وجهه فلا تُزيده إلا رُعبًا


نفض الدماء مرةً أُخرى ثم توجه أسفل..نادى أحد الخادمات بـ صوتهِ الجهوري فـ أتت فزعة..تضع وجهها أرضًا ثم تفوهت بـ خفوت


-تحت أمرك يا باشا...


أشار بـ يدهِ إلى الأعلى وهدر بـ نفس نبرتهٍ الجهورية حتى وصلها صوته


-أرجع ألاقي الهانم اللي فوق محضرة الأكل والبيت كله تنضفه ولو شميت خبر إن حد ساعدها هتبقى نهايته...


بعدها رحل وترك الخادمة تزدرد ريقها بـ صعوبة..تنهدت بـ راحة ثم جرت أقدامها إلى الأعلى وطرقت باب الغُرفة قائلة بـ إحترام


-ست هانم!

-وصلها صوتها الغاضب:سمعته..روحي أنتِ

-مطت الخادمة شفتيها وقالت:طيب...


أما بـ داخل بعدما إرتدت ثيابها وسمعت صوته الجهوري يأمر وهي يجب عليها التنفيذ حتى ظلت تذرع الأرض ذهابًا وإيابًا ، غضبًا وحنقًا..ضربت على ساقها بـ قبضتها وهدرت


-ماشي أما أشوف أنا ولا أنت...


************************************


بـ طريقهِ إلى الضابط أيمن كما عقد العزم مُنذ ساعات..لم تذق عيناه النوم إلا لساعةٍ واحدة..إستعاد بها نشاطه المسلوب


صدح هاتفه بـ اسم سديم فـ سارع بـ الإجابة قائلًا بـ لهفة


-سديم!!..حصلك حاجة!

-أتاه صوتها الهادئ:لا أبدًا حبيت بس أطمن عليك بعد اللي حصل إمبارح..أنت كويس!

-إلا أنه قال بـ قوة:أنتِ كويسة!..أذاكِ فـ حاجة؟!...


صمتت سديم ولم تجد قُدرة على الإجابة..بينما تسمر قُصي وتباطئت دقات قلبه وهو يهمس بـ خفوت


-سديم..أذاكِ!...


إبتلعت غِصتها ثم أجبرت صوتها أن يخرج طبيعيًا قائلة


-لأ أبدًا..زعق وكسر بس مجاش ناحيتي

-سألها بـ تشكك:متأكدة!...


إلتوى حلقها بـ ألم وهي تجده يُكمل بـ جدية وصرامة


-لو قربلك بـ أي شكل أنا هاجي أخدك وحالًا

-هُنا صرخت بـ خوف:بلاش..عشان متتأذاش...


أوقف سيارته فـ أحدثت صريرًا عاليًا ليهدر بـ حدة


-هو أنا لسه متأذتش!..أنا إتأذيت بيكِ يا سديم

-همست بـ تأوه:قُصي...


أغمض قُصي عيناه يضرب رأسه بـ المقعد خلفه قبل أن يقول بـ قلة حيلة


-رغم إنك جرحتيني بس أنا بحبك يا سديم ومقدرش أشوفك بين إيديه..أنا خايف أأذيكِ وأذي اللي حوليا..عاوز أخطفك وأخبيكِ و فـ نفس الوقت كرامتي مش سمحالي...


كتمت سديم شهقتها واضعة يدها فوق فمها ليُكمل هو حديثه


-كل أما أفكر فـ إمبارح نار بتقيد فيا..نار بتاكل روحي..مش عاوز أخسرك يا سديم..إرجعي وأنا هخلصك منه...


هبطت عبرات صامتة وهي تتحسر لما أصابها..عودة إلى قُصي بعدما حدث يندرج تحت بنود المُستحيل..أعادت خُصلاتها إلى الخلف لتغتصب إبتسامة حزينة هامسة بـ ألم


-مقدرش يا قُصي..بيني وبينه حساب لازم أصفيه

-ضرب المقوّد وهدر:غبية...


إلتوى حلقها بـ ألم ولكنها لم ترد بل تركته يُكمل بـ صوتٍ يائس ب غضب


-غبية لو فكرتي إنكِ هتقدري تأذيه..غبية يا سديم متغرزيش فـ الوحل..سبيني أطلعك منه

-مش هتقدر..إتخلى عني لفترة عشان أعرف أرجعلك...


ساد صمت لعدة لحظات تصلها صوت أنفاسه الحادة قبل أن تسمعه يهتف بـ صوتٍ ميت


-آسف وأنا مش هتخلى عنك...


أغلق الهاتف ليقذفه بـ غيظٍ بجواره..ضرب المقود عدة مرات ورغبته بـ إنهاء تلك اللُعبة لتعود سديم إليه تشتعل أكثر فـ تزداد رغبته بـ القتل..توحشت عيناه وعقله يُرسله إلى اسمٍ واحد بسببه خسرها


 "نزار العبد"


أعاد إدارة المُحرك ثم إنطلق بسرعةٍ قياسية حتى يصل إلى أيمن بـ الموعد الذي حدده لنفسه


**************************************


فتح باب الشقة ثم دلف..لم يأتِ إلى هُنا مُنذ ما يقرب الأربعون يومًا..أغلق الباب ثم قذف مفاتيحه ونادى بـ جمود


-جميلة!!...


كرر النداء عندما لم يأتهِ رد ليلمح طيفها يأتي مُهرولًا من الشُرفة..كانت تبتسم بـ تألق وهي تقترب منه حتى وصلت إليه


قبلت وجنتيه ثم تعلقت بـ عُنقه هامسة بـنبرتها المبحوحة


-وحشتني أوي...


لم يُبعد يدها كـ كل مرة بل تركها واضعًا يده بـ جيبي بنطاله وتساءل


-مردتيش من أول مرة ليه؟!

-تمسحت به كـ قطة ناعمة وأردفت:كنت فـ البلكونة بسقي الورد  عشان كدا مشوفتكش...


أومأ بـ فتور ثم أبعد يدها عن عنقه كاد أن يبتعد إلا أنها صرخت قائلة وهي تُمسك كفه المُضمد بـ هلع


-إيه اللي حصل!...


نظر إلى جرح يده بـ نظراتٍ سوداء ثم توجه إلى الأريكة دون أن يرد


زفرت جميلة بـ نفاذ صبر ثم توجهت إليه وقالت بـ حنق


-طب على الأقل رد عليا

-جمييييلة!!..مش ناقصك على الصبح...


نبرته الزاعقة أجفلتها وجعلتها تتراجع..حدقت به عدة لحظات قبل أن تتقدم منه جالسة بـ جواره تتلاعب بـ خُصلاتهِ تسأله بـ رقة


-مالك بس فيه إيه!

-أجابها بـ جفاء:مفيش...


تقربت منه حتى إلتصقت به وهمست بـ صوتها المُغوي


-لو فيه حاجة أعملها قولي!...


فرك عينيه المُغمضتين ثم إلتفت بـ رأسهِ إليها ينظر مُطولًا إلى ملامحها الشرقية الجميلة ليرفع يده يتحسس وجنتها فـ تفاجئت جميلة لحركته ولكنها لم تمنعه


كان إبهامه يتحرك بـ خفة يُداعبها كـ قطة وهى مُخدرة للمسته النادرة..ولكنه كمن دق عنقها بـ حديثه فـ جعلها روحًا ميتة


-جميلة علاقتنا لازم تنتهي هنا...


فتحت عيناها على مصرعيها وهمست بـ قلق 


-ليه!...


أجاب بـ نفس الهدوء ولا تزال يده تُداعب وجنتها بـ رقة


-عشان اللي جاي صعب وأنا مش هورطك أكتر من كدا...


أمسكت يده وقَبّلتها بـ لهفةٍ قائلة


-بس أنا راضية

-وأنا مش راضي...


حينها تركت يده وتحولت ملامحها إلى أُخرى صخرية وهي تهمس بـ جمود


-يعني أنت هنا النهاردة عشان تقول الكلمتين دول...


أومأ دون أن يرد..لتعتدل بـ جلستها مُتجاهلة ضربات قلبها السريعة أو روحها التي تصرخ مُطالبة بـ بقاءِ جوارها ولكنها ظلت صامتة


حدق بها أرسلان قليلًا قبل أن يتنهد ونهض..قَبّل جبينها وخطى خطوتين قبل أن يتسمر مكانه وهو يستمع إلى صوتها الخالي من الحياة يقول


-أنا حامل...


************************************


وضعت أخر أطباق الغذاء فوق الطاولة بعدما أنهكها التعب..لم تكن تعلم أنها لا تُتقن فن الطهي كُل ما تعلمه عن الطهو هو تحضير كأسًا من الشاي ولا أكثر


إلا أنه طلب منها إعداد الطعام وهي لن تعصيه بل قررت معاقبته..وضعت يدها بـ خصرها هامسة بـ تشفي


-أحسن والله يستاهل...


سمعت صوت إنغلاق باب المنزل الخارجة لتهتز قليلًا ولكنها سُرعان ما إستعادت ثباتها..و وقفت بـ جوار الطاولة


حينها دلف هو و نظر إلى الطاول العامرة بـ أصناف لم يرها قبلًا أو رآها ولكن لم يستطع تحديد ما هيتها


رفع حاجبه بـ إستنكار ثم نظر إليها..كانت تعقد خُصلاتها على هيئة كعكة مُجدلة وتتدلى على جانبي وجهها غُرتين لطفتين


ثم إلى ثيابها والتي إنتقتها بـ حرص حتى تُخفي علاماته عن عيناه التي توقفت عند فكها والذي لم تنجح مُستحضرات التجميل بـ إخفاءه كُليًا


عاد ينظر إلى عينيها الغاضبتين وحاجبها المرفوع..وقال بـ سخرية


-أنا شايف في أكل..بس دا صالح للأكل؟!

-مطت شفتيها وقالت:للحيوانات ممكن...


رفع حاجبيه بـإعجاب قبل أن يقول بـ سخرية أصابتها بـ الغضب


-طب وليه لسه مكلتيش لحد دلوقتي!...


صرت على أسنانها غضبًا ليبتسم هو بـ إستفزاز ثم خطى إلى الأعلى ولكن صوتها الحانق أوقفه


-رايح فين! والأكل دا مين هيطفحه؟!

-أردف بـ هدوء قائلًا:إتكلمي عدل عشان معدلكيش..أنا لسه منستش اللي قولتيه الصُبح...


إهتزت حدقيتها لثوان إلا أنها أردفت بـ شموخ


-ميهمنيش..أنت طلبت أكل وأنا عملت...


تقدم منها أرسلان حتى وصل إليها ليقف أمامها وهمس بـ نبرةٍ ذات مغزى


-بس أنا أمرت وأنتِ نفذتي...


إتسعت عيناها بـ غضب قبل أن تردف بـ حدة


-أنا محدش يأمرني..أنا عملت كدا عشان أنا عاوزة كدا..أقولك على حاجة...


جذبت غطاء الطاولة لتحسبه بـ عُنف فـ سقطت جميع الأطباق مُتهشمة بينهما بل وتناثرت بعض الشظايا عليهما ولوثهما الطعام


كانت تتنفس بـ حدة و غضب..بينما أرسلان لم يهتز أو يجفل..بل ظل ينظر إلى تلك الفوضى بـ هدوء قبل أن يقول بـ لا مُبالاة


-نضفي اللي عملتيه دا..أنا مش فايق للعب العيال دا...


خطى فوق الحُطام ليتركها وحدها ورحل..ضربت الأرض بـ قدمها صارخة تركل الأطباق بـ غيظ


أتت الخادمة مُهرولة لتقول بـ توتر


-سبيها يا هانم أنضفها

-إعملي اللي يريحك...


ثم إندفعت سديم إلى أعلى قاصدة غُرفته لتفتحها بـ هجوم هادرة


-أنت بني آدم مستفز

-نضفتي اللي عملتيه تحت!...


كان صوته باردًا ، هادئ ، لا مُبالي ليعقد لسانها سؤاله المُثير للغضب..فتحت فاها لترد ولكن عوضًا عن ذلك خرجت شهقة وهي ترى ذلك الحرق الي يتوسد ظهره بـ بشاعة


لأول مرة تراه على الرغم أنها رأته جذعه عاريًا من قبل..إلا أنها لم ترهُ قبلًا..وضعت يديها على شفتيها لا تُصدق أن ترى ذلك الحرق بـ حياتها بـ أكملها


إستدار أرسلان وإبتسم ساخرًا عندما عَلِمَ سبب دهشتها ليتقرب منها بـ بُطء حتى وقف أمامها 


وضع يده أسفل ذقنها ورفع رأسها إليه ليُحدق بـ عينيها المُتسعة بـ ذهول ثم أردف بـ أبتسامته الساخرة


-إتخضيتي!...


إقترب أكثر دون أن يسمح لها بـ الهروب ثم همس أمام وجهها وأنفاسه الساخنة تلفحها


-كل حرق واره قصة يا دكتورة...


أبتلعت ريقها وهمست بـ تلعثم


-قصـ..قصدك إيه!...


إبتسم وإبتعد عنها ليرتدي كنزته الثقيلة ذات لون أسود..تلتصق بـ عضلات جسده الصخرية ثم تساءل بـ جمود  


-تعرفي ديفيد ويليامز دا من إمتى وإزاي!!!...

الفصل_التاسع_عشر

ملكة_على_عرش_الشيطان


ولكني سأحطمكَ...

بـ غروري...

بـ مكري...

بـ دهائي...

أُقسم...


وأنا سأدهس 

غرورك بـ كبريائي...

مكرك بـ خُبثي...

دهائك بـ أفعالي...


-قصدك إيه!...


جلس أرسلان فوق الفراش وقال بـ تململ


-سؤالي واضح..تعرفي ديفيد ويليامز إزاي؟...


عقدت ذراعيها أمام صدرها ثم قالت بـ برود


-وعاوز تعرف ليه!

-نظر إليه بـ نارية ثم قال:مترديش على سؤالي بـسؤال تاني

-زفرت بـ حنق وأردفت:كان فيه مؤتمر بتعمله الكلية عندنا كل سنة وكنت بشوفه..إتعرفت عليه وكان كلامنا كله فـ مجال الأورام

-رفع حاجبه وتساءل:بس؟!

-هو المفروض يكون فيه حاجة تانية؟!...


إلتقط لُفافة تبغ ثم أشعلها ليقول بعدها بـ هدوء


-أنا بسألكِ

-تأففت بـ ملل وقالت:مستفز..بس لأ دا كل الموضوع...


أومأ بـ فتور ليُخرج من فَمهِ سحابة رمادية دون أن ينظر إليها..إلتفتت تنوي الرحيل إلا أن صوته على الرغم من هدوءهِ إلا أنه أثلج قلبها وإتهز له بدنها


-متحاوليش تتواصلي معاه تاني...


إبتلعت ريقها بـ صعوبة لتتساءل دون أن تلتفت إليه


-مش فاهمة بتتكلم عن إيه!...


لم تسمع صوته بل صوت أقدامه التي تقترب منها حتى لفحت أنفاسه الساخنة كتفيها لتقبض على جانبي بنطالها تستمد منه القوة..إرتعشت وهي تسمع صوته الذي إخترق أُذنها كـ فحيح أفعى


-أنتِ فاهمة قصدي كويس..بلاش تلعبي بـ ديلك معايا عشان مقعطهوش...


حينها إلتفتت إليه بـ عُنف ثم رفعت سبابتها إليه مُشيرة بـ تحذير واهي


-إحترم نفسك معايا..أنا مش خاينة...


أمسك سبابتها يُديره فـ تأوهت لشدة قبضته..نظرت إلى عينيه القاتمة وهو يردف بـ نبرةٍ مُميتة


-لأ خاينة...

-إتسعت عيناها وصرخت:أنا مش خاينة..أنا مبخونش

-إبتسم إبتسامته القاسية وأردف:بلاش تستفزيني

-صرت على أسنانها غضبًا وقالت:ولو إستفزيتك هتعمل إيه يعني!...


حين إتسعت إبتسامته هوى قلبها وشحب وجهها سريعًا..تكره إبتسامته تلك..تكرهها بـ شدة بل وتخشاها


وجدته يقبض على ذراعها وهمس بـ فحيح


-يبقى تعالي شوفي نتيجة أفعالك

-سبني..أنت واخدني على فين!...


لم يرد عليها بل جذبها خلفه بـجمود دون أن يأبه لتلويها خلفه في محاولة من أجل الفكاك منه ولكن يده كانت كـ القيد الحديدي


وصل بها إلى خارج المنزل ليتجه إلى سيارته ثم ألقاها بها..أغلق الباب وقبل أن يبتعد أردف بـ تحذير


-فكري بس تفتحي الباب وتنزلي...


ضربت الباب بـ حقد صارخة بـ كل ما يعتمل داخلها من كُره تجاهه..صعد أرسلان إلى مقعد السائق وأدار المُحرك ينطلق بـ صمتٍ خانق بل مُخيف كـ هيئته التي لا تُبشر بـ الخير أبدًا


لم يكن عليها العبث معه..تعلم أي شخصٍ هو..هيئته المُخيفة والقاسية جعلها تتيقن أنها تتمادى بـ أفعالها..إن أرادت الإنتقام فـ عليها الحذر..عليها التريث والتفكير بـ ذكاء فـ محاولة إثارة غضبه كلها تنلقب ضدها


إبتلعت ريقها بـ صعوبة بالغة وقد ظهر بـ تلوي حلقها..عقلها يُنبئها بـ أحداث قاسية ومُخيفة أقلها رُعبًا هو قتلها دون ألم أو رُبما دفعها بـ السيارة من أعلى المُنحدر


نظرت إلى جانب وجهه والتي لم تتغير أبدًا..حينها تيقنت أنه سيُلقنها درسًا لن تنساه


*************************************


وقفت بين فتياتها تختار إحداهن لإدارة المكان بعد غيابها الذي سيطول ورُبما إلى الأبد..حينها وقع إختيارها على إحدى الفتيات والتي تثق بها كثيرًا فـ قالت بـ حزم


-نورا!..أنتِ اللي هديري المكان دا..مش عاوزة غلطة كأنِ موجودة

-تهللت أسارير الفتاة وقالت:عنيا يا أبلتي..ترجعلنا بـ السلامة...


أومأت بـ رضا ثم بدأت بـ تولي الأمور وتنظيم الأحداث بـ غيابها..لولا إحتياج أرسلان إلى تلك الحانة لِمَ سمح لها بـ إكمال إفتتاحه


توجهت إلى السيارة التي أرسلها أرسلان من أجلها..تلقها إلى حيثُ تُريد بل و وضع حارس شخصي كـ ظلها تمامًا


وضعت يدها على بنطها المُسطح تبتسم بـ عاطفة أمومية لم تكن لتحلم بـ أن تعيشها ومع من!..من حلمت به كثيرًا..مَن عشقته و وهبت حياتها له..تذكرت أحداث الصباح وهى تُشعل فتيل قُنبلة توقعت أن تنفجربها ولكن على العكس


"عودة إلى وقتٍ سابق"


نهضت وهي ترى أرسلان يقف مكانه دون أن يتحرك..وقبل أن تخطو خطوة تجاهه كان قد إلتفت إليها فـ توقفت..توترت وسكنت مكانها تنتظرصفعته أو أمره بـ إجهاض الجنين ولكنها لن تفعل..لن تُضيع فُرصة تقربها منه


رأت عيناه تسود بـ ظلامٍ مُرعب وهي تُحدق بـ بطنها فـ تلقائيًا وضعت يديها حولها وهمست


-لأ...


حينها إزداد ظلام عينيه ليرفع نظراته إليها ثم قال بـ جمود غامض


-الحمل بقاله أد إيه!

-أبتلعت ريقها بـ توتر وقالت:من..من شهر بـ الظبط...


أومأ دون أن يرد بل حك فكه وظلت نظراته مُعلقة بـ بطنها..تُرى أيشك بها أنها تخونه!..ولكنها تعلم أنه يعلم أنها لا تخونه بل لا تجرؤ..لذلك تجرأت وتساءلت بـ خفوت


-هتخليني أنزله!...


ضيق عيناه بـ قسوة مُخيفة كـ ملامحه الغامضة..لتتراجع بـ خوف إلا أن صوته خرج كـ الهسيس ، خالي من أي مشاعر إنسانية


-دا إبني

-بتشك فيا!..بتشك إني خونتك ودا مش إبنك؟...


جمدها صوته الذي خرج كـ الرعد وهو يقترب خطوة


-عندك الجرأة إنك تعملي كدا!

-سارعت نافية:أقسم بالله مقدرش أخونك..أنت عارف إني بعشقك 

-كويس...


وظل بعدها صامتًا إلا أنها لم تتحمل الصمت أكثر لتتساءل بـ تلعثم


-هـ..هنعمل إيه!...


لم يرد عليها بل إستدار راحلًا وقبل أن يخرج أردف بـ صوتٍ قاسي ، قاتم كـ ملامحه


-جهزي نفسك فـ ظرف نص ساعة هجيب المأذون ونتجوز..مقبلش إبني يبقى إبن حرام...


ليخرج بعدها ولم يلحظ تلك الإبتسامة الحالمة التي إرتسمت على وجهها أو تلك السعادة التي غمرت ثناياها..فـ هي لن تُصبح والدة طفله بل و زوجته أيضًا


وبـ الفعل خلال ثلاثين دقيقة كان قد جلب المأذون الشرعي  أصبحت زوجته 


عقب الإنتهاء من المراسم ورحل المأذون الشرعي..حاولت عناقه إلا أنه أبعد يدها وقال بـ جفاء أثلج قلبها


-أنا إتجوزتك عشان خاطر اللي فـ بطنك..زيادة عن كدا متحلميش...


إرتجفت وخفتت إبتسامتها لتتراجع تضم يدها إلى صدرها ليُكمل حديثه الجاف


-نزول كباريه!..مفيش..شوفي حد يخلص الشغل فيه لحد أما أخلص شغلي مع الأوباش دول وبعد كدا هفجره مش هقفله بس...


ثم تركها ورحل..على الرغم من حديثه الذي قتل روحها إلا أنها سُرعان ما إستعادت نفسها وهمست بـ إصرار


-أنا قطعت نص الطريق وإتجوزتك..والنص التاني قلبك وأنا هوصله...


"عودة إلى الوقت الحالي"


ضمت جسدها إليها وهي تنظر إلى النافذة..ستستغل حملها لأجله..قد تكون أنانية ولكن الوصول إلى قلب أرسلان هو هدفها و طموحها..همست بـ إبتسامة خفيفة


-جايز أكون أنانية يا حبيبي..بس لازم أوصل لقلب بابا عشان نكون عيلة كاملة...


************************************


أوقف السيارة أمام منزل أيمن ليترجل ثم صعد البناية حتى وصل إلى الطابق الخاص به..دق الجرس عدة مرات ليسمع صوته من الداخل يقول


-حاضر...


فتح الباب ليبتسم بـ تفاجئ قائلًا بـ دهشة


-قُصي!..تعالى يا راجل..نورت

-تسلم يا أيمن...


دلف قُصي إلى شقته الشبه متواضعة ليجلس بـ الصالون ليأتيه صوت أيمن 


-تتغدا ولا تشرب شاي!

-هات شاي

-ضحك أيمن وقال:يبقى تتغدا..أنا لسه مخلص تحضير الأكل...


إبتسم قُصي لينهض قائلًا بـ مرح


-حيث كدا أقوم أساعدك

-ربت أيمن على كتفه وقال:مش هقولك لأ...


تناوبا الدخول والخروج من المطبخ يحضرا أطباق الطعام حتى إكتملت مائدة الغداء..ليجلسا بعدها وبدآ بـ تناول الطعام


حمحم قُصي ثم قال وهو ينفض يده


-بصراحة كُنت جاي فـ موضوع

-إبتسم أيمن وقال:كُنت عارف..قول يا قُصي...


إعتدل قُصي بـجلسته ثم قال بـ جدية و دون تردد


-فاكر قضية الفساد اللي بعتلي ملفاتها!

-أومأ أيمن بـإهتمام قائلًا:أيوة..في حاجة ولا إيه؟...


حك قُصي فكه ثم قال بـ نبرةٍ جامدة


-عاوز أعرف ناس تانية متورطة فـ الموضوع دا

-رفع أيمن كتفيه وقال:على حد علمي أنا بعتلك كل اللي متورطين من الناس الكبيرة

-حرك رأسه نافيًا وأردف:مش عاوز دول..أنا عاوز موظفين فـ الجمارك أو وزارة الصح..أي حد لفقوله القضية كلها...


رفع أيمن حاجبيه وتراجع إلى الخلف..إرتشف من كأس عصيره ثم قال بـ هدوء وجدية


-فهمتك..بس يا قُصي الموضوع هياخد وقت

-تساءل قُصي سريعًا:فـ حدود أد إيه؟!

-مط شفتيه وقال:وقت طويل..أنا مجبتش الورق دا إلا بـ طلوع الروح..لكن هحاول أتصرفلك...


أومأ قُصي بـ إرتياح ثم تمتم بـ إمتنان


-شكرًا يا أيمن..أنا عارف إني بطلب كتير بس ساعدني الموضوع يخص عليتي

-رد عليه أيمن:عارف يا قُصي..أنت حكتلي كل حاجة عشان كدا أنا مش هتردد فـ مُساعدتك...


إبتسم قُصي..ستعود سديم إليه ويأخذ بـ ثأر عائلته ويُغلق تلك الصفحة تمامًا ورُبما ينتهي عداءه مع أخيه


إلتفتا على صوت الجرس ليتساءل قُصي


-أنت مستني حد!..أمشي يعني؟

-نهض أيمن وقال:أنت عبيط يا أبني!..خليك كمل أكلك...


توجه ناحية الباب ليسمع بعد لحظات صوت صرخات طفل مُهللة ليلتفت قُصي بـ فضول لكي يتعرف على هوية القادم..على حد علمه أيمن قد إنفصل عن زوجته مُنذ سنتين..مط شفتيه وعاد بـ رأسه


إقتربت صوت الأقدام ليستمع إلى صوت أيمن يقول بـ سعادة 


-تعالي أعرفك على صاحبي...


سمع قُصي صوت أنثوي ليس بـ غريب على أُذنيه ولكنه لم يهتم..دلف أيمن ومعه الصغير ليقول بـ حبور


-قُصي..دا وليد إبن أختي...


إرتفع حاجبي قُصي وهو يرى الصغير بين ذراعي أيمن والذي أكمل


-ودي أختي رحمة...


*************************************


وصلا إلى طريقٍ مجهول..نظرت من نافذتها لتجد صحراء..والناحية الأُخرى صحراء..بدأ الخوف يزحف إلى قلبها لتستدير إليه تسأله بـ تخوف


-إحنا هنا بنعمل إيه!...


ساد الصمت عدة لحظات قبل أن يهدر بـ غضب


-إنزلي

-تساءلت بـبلاهه:أفندم

-إستدار إليها وصرخ بـشراسة:قولت إنزلي...


فتحت بابها سريعًا وترجلت عن السيارة ثم أغلقته..ظلت تقف بـ جوار السيارة عسى أن ينظر إليها ولكن دون فائدة


نظرت حولها بـ الطريق الفارغ ثم عادت تُحدق به وصرخت بـ جنون


-ممكن أفهم فيه إيه؟!...


أغلق أرسلان النافذة تبعها أبواب السيارة بـ القفل الإلكتروني..إتسعت عيني سديم وحاولت فتح الباب ثم الطرق ولكنه كان قد إنطلق بـ سيارته..صرخت مُتراجعة 


-يا حيواااان...


كانت السيارة قد إبتعدت مُخلفة خلفها غُبار يرتفع فـ يشق الهواء..وقفت بـ مُنتصف الطريق البارد تضع يدها فوق رأسها ثم ظلت تُحدق بجميع الأرجاء ولكن دون جدوى..لا أحد يمر


زفرت بـ غضب وظلت تُغدقه بـ السباب اللاذع..أستدارت تنوي العودة سيرًا على الأقدام..ولكن صوت سيارة مُسرعة آتية من خلفعا جعلها تستدير مُسرعة ، مُتسعة العينين


كانت السيارة تتراجع بسرعة بـ الخلف..تجمدت مكانها وتيقنت أنه سيتم إصطدامها بقوة مُسببة إطاحتها ثم موتها


أغمضت سديم عيناها تنتظر المحتوم..وعلى بُعد إنش واحدًا فقط توقفت السيارة مُصدرة صوت إحتكاك قوي..حينها فتحت عيناها بـ رُعب ثم سقطت أرضًا فـ ساقيها قد عجزا عن حملها..دقات قلبها خفتت و وجهها قد شحب فـ شابه الموتى..بينما جسدها كله يرتجف بـ عُنف


ترجل أرسلان من سيارته ثم تقدم منها بـ برود ثلجي و هدوء حتى وصل إلى ثم جثى على رُكبتيه 


أبعد خُصلة عن وجنتها ثم همس بـ فحيح مُقتربًا من أُذنها


-أنا وصلتك لحافة الموت..المرة الجاية هموتك بجد...


و بـ قسوة وضع يده أسفل ذقنها وأدار وجهها الشاحب إليه وقبض عليه بـ قوة كادت أن تُهشمه ثم أردف بـ شراسة ونبرةٍ قاتلة


-أنا لسعتي والقبر...


نظرت إليه بـعينين جاحظتين ليُكمل حديثه بـ نعومة خبيثة


-أنا حذرتك للغلطتين..المرة الجاية إقرأي على روحك الفاتحة...


دفع بـرأسها بـ قسوة..لم تكن تعلم أنه تهاون معها..أن ذلك العقاب لم يكن عقابًا بل مُجرد تحذير واهي لما فعلته


نظر إليها بـ نظرات سوداء ، مُرعبة بـ نواياها..ولكنه بـ هدوء وضع يد أسفل ظهرها والأُخرى أسفل رُكبيتها الرخويتين ثم حملها بين ذراعيه القويتين


كانت لا تزال بـ صدمتها لا تُصدق أنها على قيد الحياة..بل تتنفس الآن ومحمولة بين ذراعيه بـ كل حميمية وكأنهما عاشقين


توجه بها إلى المقعد الخلفي ليُمددها عليه ثم أغلق الباب وإتجه إلى مقعده..نظر إليها من المرآة الأمامية ليجدها مُنكمشة على نفسها..عينيها جاحظتين وجسدها يرتجف..أبعد عيناه عنها ليُدير المُحرك وينطلق بـ السيارة


************************************


بعد أن وصلا إلى المنزل هبط من السيارة ليتجه إلى الباب الخلفي وفتحه..حينها قد إستعادت وعيها وإستفاقت من صدمتها..عندما مدّ يده إليها كي يجذها ضربت يده بـ قوة ثم صرخت بـ جنون


-أنت مختل..كنت هتموتني ودلوقتي هطلعني البيت!

-رفع كتفيه وقال بـ بساطة:قولتلك دا تحذير..وإديكِ صاخ سليم..لأ وصوتك رجع

-إشمئزت قائلة:يستحيل تكون بني آدم..أنت شيطان زي ما حكولي

-كوييس إنهم حكولك..إتصرفي بعقل يا شاطرة عشان متشوفيش شيطاني اللي على حق...


رمقته بـ سهامٍ قاتلة قبل أن تتجه إلى الباب الآخر مُترجلة..على الرغم من ضعف ساقيها ولكنها أبت أن يُساعدها


توجهت بـ خُطىٍ أشبه بـ الركض حتى صعدت غُرفتها..ترك أرسلان السيارة ودلف إلى المنزل وحينها نادته الخادمة بـ خفوت قائلة بـإحترام


-أرسلان بيه!..في واحد اسمه ديفيد مستني حضرتك فـ الصالون

-أومأ قائلًا:طب روحي أنتِ ومتخليش حد يطلع بره المطبخ...


أومأت لتبتعد بعدها..توجه هو بـ خطاهِ الثقلية حتى وصل إلى ديفيد رحب به ثم جلسا


وضع أرسلان ساقًا فوق أُخرى ثم قال بـ جفاء


-حسنًا ما سر هذه الزيارة!

-إبتسم ديفيد وقال بـ مكر:أعتقد أنك تعلم..العمل

-أها...


رفع أرسلان حاجبه وقال بـ فتور


-وأرسلوك أنت خصيصًا!

-أنت تعلم هذه المرة..غاية بـ الجدية

-حك أرسلان فكه وقال بـ جمود:إذن!..ما هي المهمة؟!...


نظر ديفيد حوله بـ حذر ثم قال وهو يدنو من أرسلان بـ جدية بالغة


-الشحنة كبيرة..أسلحة كميائية ننوي إدخالها بـ هدف القضاء على الإرهاب

-رد عليه أرسلان بـ سُخرية:وأليس ذلك ما يحدث مُنذ سنوات!...


ضاقت نظرات أرسلان وهو يرى إبتسامة كريهة ترتسم على شفتيه وهو يردف بـ شيطانية


-هذه المرة ستكون أكثر سمية..سُنعيد خطة الإبادة ولكن هذه المرة بـ أكثر الطُرق حكمة..حتى لا نقع بـ الفخ ذاته...


تشنج فكه بـ غضب ولكنه أخفاه بـ مهارة قبل أن يردف بـ  الجمود ذاته


-ولكن ما مصلحة بلدك بما تقوم به!

-إستراح ديفيد بـ جلسته وقال بـ إبتسامة


-من قال أنني هُنا لمصالح بلدي!

-ضحك أرسلان وقال:روسيا تدفع الكثير أليس كذلك...


ضحك ديفيد حتى أغمض عينيه فلم يلحظ تجهم أرسلان وملامحه السوداء..ليقول الأول بعد أن هدأت ضحكاته


-بـ عالمنا ذاك..المال هو القوة..وكل ما يحدث بـ الوطن العربي والغرب أيضًا ما هو إلا خطة تحيكها الدول الأكثر قوة

-بـ نبرة خرجت كـ نصل السيف:أعلم القذارة جيدًا..وأعلم ما أوقعت نفسي به مُنذ سنوات

-أردف ديفيد بـ نبرةٍ ذات مغزى:من الأفضل أنك تعلمت من ذلك الدرس القاسي..وأأمل ألا تخذلنا هذه المرة...


كانت ملامح أرسلان صخرية يصعب على الآخر قراءتها إلا أن نبرته خرجت واثقة و هادئة لدرجة مُربكة


-لا تقلق لقد تعلمت درسي جيدًا وأنوي الأستفادة...


بعدما رحل ديفد صعد أرسلان إلى غُرفة سديم ينوي الحديث ولكنه لم يجدها..ضرب المقبض بـ حدة ثم إبتعد.بحث عنها حتى سمع صوت الماء المُنهمر من المرحاض


أرادت أن تأخذ حمامًا ساخن يُنعش خلايا جسدها الميتة عقب تلك الصدمة التي تلقتها..لم تُصدق أنها عادت حية تُرزق..كاد أن يقتلها فقط لأنها تفوهت بما لا يجب..ماذا إذا تمادت بـ افعالها!


ولكن ما تفوهت به لم يكن ليتحمله رجل حقًا..أما هو لم تعلم كيف إستطاع السيطرة على أعصابه لتلك الدرجة..ولكن حينما أتى موعد عقابها أدركت أنه لا يتهاون أبدًا فـ صمته و هدوءه ما هو إلا هدوء ما قبل العاصفة


دلف إلى المرحاض وإستند إلى حوض إغتسال الوجة وبقى يُحدق بـ طيفها الظاهر من خلف الزُجاج المشوش بـ بُخار الماء المُتصاعد


إلتوى فمه بـ شبه إبتسامة قاسية وهو يُتابع تحركات يدها على خُصلاتها وجسدها ليعقد ذراعيه أمام صدره وبدأت عنياه في تفحصها بـ جُرأة واضحة


بعدما إنتهت هي من الإستحمام أغلقت مصدر المياه ثم أخذت المنشفة و جففت جسدها..فتحت الباب الزُجاجي ورفعت أنظارها لتشهق بـ فزع وهي تضع المنشفة القصيرة على جسدها من الأمام 


إتسعت إبتسامته بـ شيطانية تُشبه ملامحه ثم إقترب وهتف بـ وقاحة


-بتعملي إيه!..أنا معاين البُضاعة قبل كدا...


تحولت عيناه إلى جمرتين مُشتعلتين من الغضب وهي تهدر بـ حدة


-أنت دخلت هنا ليه وعاوز إيه؟

-حك فكه الحاد بـ قوة ثم تشدق عابثًا:فكرك لما أدخل على واحدة وهي بتستحمى هيكون عاوز إيه!!

-رفعت رأسها بـ شموخ دون التأثر لحديثه وقالت:نجوم السما أقربلك مني..إذا كنت سمحتلك تقرب مني قبل كدا فـ دي كانت غلطة مش محسوبة...


إرتعد جسدها بـ رُعب وهى ترى عيناه تفقد بريقها العابث لتتحول إلى عيني شيطان..عضلات فكه المُنقبضة وتشنج عروق نحره البارزة تعكس مدى غضبه..تعرف جيدًا كيف تُهين رجولته..كيف تدهس كبرياؤه كـ رجل أسفل قدميها..كلماتها سهام ونظراتها طلقات نافذة..ولكن نبرته التي خرجت من بين شفتيه كانت مُهينة ، مُزدرية 


-متخافيش أنا مبستعملش الحاجة غير مرة واحدة بس...


عبارة قاسية لم تجرح أنوثتها بل سحقتها سحقًا جعل الغضب بـ عينيها يزداد ويتضخم حتى لونهما تغير من اللون الصافي إلى اللون الداكن من شدة غضبها..وإن كانت كلماتها سهام فـ قد أصابته بـ حرفية شديدة


-ومراتك اللي ماتت كانت برضو إستخدام مرة واحدة!!...


لم ترى تلك القساوة المُنبعثة منه قبلًا..كل يوم تكتشف أن قساوته التي تراها لا تُحتمل هينة لما تراه تلك اللحظة..ثوان وكان يندفع إليها ورفع قبضته..ظنت أنه سيضربها فـ قد تجاوزت حدها وهي تعلم فـ أغمضت عيناها تنتظر تهشم عظام فكها 


ولكن إنتفضت وهي تستمع إلى صوت تهشم ولم يكن عظامها بل الزُجاج خلفها..قوة قبضته الحديدية و الخاتمين الفضيين اللذين يرتديهما قد ساعداه على ذلك


تراجعت إلى الخلف وهو يقترب منها بـ عينين ينبعث منهما الجحيم لتخطو فوق الزُجاج المُحطم فـ جُرح باطني قدميها ولكنها كتمت تأوها خوفًا منه..أما هو فـ قد همس بـ نبرةٍ مُميتة أسارت رجفة شنيعة بـ جسدها وكأن روحها تُغادر جسدها


-لو باقية على اللي فاضل من عُمرك..متلعبيش بـ أعصابي تاني لأن شيطاني ساعتها هيكون أسوء مليون مرة من اللي حكولك عنه...


إبتلعت ريقها بـ صعوبة وهي تراه يبتعد بـ خطواتٍ هشمت الزجاج أسفله إلى قطع تتناثر يمينًا و يسارًا


إستعادت أنفاسها بعد مُدة لتحاول بـ شتى الطُرق تفادي قطع الزُجاج وأيضًا ألا تخطو فوق قدميها المُصابتين..حاوطت جسدها جيدًا بـ المنشفة ثم خرجت وإتجهت إلى غُرفتها


جلست فوق الفراش تنظر إلى قدميها اللتين تُقطران دمًا..أخرجت الشظايا وهي تتأوه ألمًا..مدت يدها جوارها لتخُرج صندوقًا صغير يحوي مُعدات طبية


عقمت جراحها ثم ضمدتهما بـ شاشٍ أبيض ثم نهضت تسير فوق أطراف أصابعها حتى وصلت إلى خزانتها..أخرجت ثياب ترتديها ثم صففت خُصلاتها


تمددت فوق الفراش ولكن صوت طرقات جعلها تزفر بـ ضيق وتقول بـ فتور


-أدخل...


دلفت الخادمة وقالت بـ إحترام


-أرسلان باشا بيقولك إنزلي عشان تتغدي...


رفعت حاجبيها بـ إستنكار وغضب لتقول بـ حنق


-قوليله مش هنزل..هو مش شايف رجلي

-أمرك...


إنحنت الخادمة ثم رحلت..هبطت إلى أسفل وإتجهت إلى حيث يجلس أرسلان الذي هدر بـ صوتٍ مُرعب


-هي فين!

-همست الخادمة بـ توتر:مش هتقدر..أصل..أصل رجلها متعورة...


ضرب أرسلان الطاولة بـ عُنف وهدر بـ شراسة


-وأنا قولت تنزل يعني تنزل..إطلعي هاتيها

-حـ..حاضر...


أردفت بها الخادمة بـ إذعان ثم هرولت إلى أعلى..طرقت الباب ودلفت لتقول بـ خوفٍ مُسرعة


-أرسلان باشا عاوزك تنزلي...


هتفتها الخادمة ثم هرولت دون أن تنتظر رد سديم..والتي عضت على شِفاها السُفلى بـ غيظ..تعلم أنه يقصد إيلامها..زفرت بـ حدة رافضة الظهور بـ ذلك الضعف


نهضت تتأوه ثم سارت بـ بُطء حتى خرجت..نظرت إلى درجات السلم بـ عبوس ثم حاولت الهبوط بـ صعوبة حتى تمكنت بـ شق الأنفس


-هفضل مستني سيادتك كتير!

-ردت هي بـ برود:محدش قالك إستنى...


رمقها بـ نظرته السوداء لتبتلع باقي حديثها وتقدمت حتى جلست بـ آخر الطاولة ولكن صوته أمرها


-تعالي هنا...


أشار بـ رأسه إلى جوراه..أغمضت عيناها تكبح غضبها لتنهض بـ بُطء وقد رأت من الحكمة عدم إستفزازه


جلست وشرعت بـ تناول الطعام ولكنها شهقت عندما سكب محتويات طبقه فوق رأسها ثم قذفه أرضًا بـ قوة أرعبتها..دنى منها وهمس بـ شراسة


-متخلصيش رصيدك معايا فاهمة!...


تراجع بـ مقعده حتى سقط وصعد إلى غُرفته..فـ هو لم يدعها إلى الطعام إلا ليُهينها


************************************


جلست فوق مقعد أمام طاولة الزينة..مُذ أن علمت بـ قدوم أرسلان حتى بدأت تتزين..إرتدت ثوب أحمر اللون ذو ظهر مفتوح وحمالتيه تتعلق حول عُنقها وفتحة أمامية تمتد على طول صدرها..قصير يصل إلى ما قبل الرُكبة بـ قليل


وشفتيها طلتهما بـ الأحمر الداكن أما عيناها فـ حددتهما بـ الكحل الأسود الثقيل 


سمعت صوت الجرس لتنهض مُسرعة فـ على الأغلب قد وصل الطعام الذي أوصت به أحد المطاعم المشهورة


إرتدت مئزرًا طويل حاوطت به جسدها فـ لم يظهر سوى عُنقها..توجهت إلى الباب بعدما جذبت حافظة نقودها


فتحته ثم أخرجت بضع ورقات نقدية لتتساءل دون أن تنظر


-عاوز كام!...


إرتفعت أنظارها مصعوقة وهى تستمع إلى تلك النبرة الخبيثة وهي تقول بـ نعومة 


-حبيت أهنيكِ بـ نفسي يا مدام جميلة...


سقطت الحافظة من بين يديها ثم تراجعت بـ خوفٍ هامسة بـ نبرةٍ مُرتعبة


-نزار العبد!!!...


الفصل_العشرون

ملكة_على_عرش_الشيطان


أؤمن بـ شدة


أن قسوة الحياة تكشف أُناسًا رائعيين جدًا...


إبتسم الصغير بـ حماس مُتناسيًا ما حدث بـ لقاءهما الأول ثم صرخ


-عمو..عمو إزيك!

-إبتسم قُصي هو الآخر ثم أجابه:الحمد لله..إزيك أنت يا بطل!

-حرك رأسه صعودًا وهبوطًا ثم قال:الحمد لله كويس...


وزع أيمن أنظاره بين وليد وقُصي ليوجه سؤاله لـ الأخير


-أنت تعرف وليد منين؟!...


نظر قُصي إلى رحمة التي كانت تنظر إليه بـ غضب لا يلومها عليع ثم أردف بـ توضيح


-إتقابلنا من مُدة بسيطة فـ الفندق اللي أنا كنت قاعد فيه

-أها وإيه اللي حصل!...


تدخلت رحمة تمنع حدوث الكارثة قائلة وهي تنظر إلى قُصي بـ تحذير صامت


-لا أبدًا..أنت عارف وليد شقي وكان بيجري مني فـ الأستاذ وقفه وأنا جيت أخدته منه

-نظر أيمن إلى الصغير وقال:مش قولنا نبطل شقاوة؟!

-رد الأخير بـ حُزن:أسف يا خالو بس كُنت عاوز أشوف آآآ...


لم تسمح له رحمة بـ إكمال حديثه لتجذبه من بين يدي أيمن ثم قالت بـ توتر


-كمل أكلك مع ضيفك يا أيمن وأنا هدخل الأوضة أريح شوية

-ماشي يا رحمة..هدومكوا فـ الدولاب زي ما هما...


أومأت ثم رحلت ليجلس أيمن وقد تعقدت ملامحه بـ تجهم..فـ ربت قُصي على ساقه وتساءل


-مالك وشك قلب ليه!

-أطلق أيمن زفيرًا حار وقال:متاخدش فـ بالك...


لم يُحاول قُصي أن يضغط عليه بـ الحديث فـ أيمن كتوم إلى حدًا ما ويبدو أن رحمة تخشى أن تقص له ما حدث  وأن والد الصغير رفض أن يأخذه


ضرب ساقه ثم نهض وقال بـ إبتسامة


-أنا همشي..متنساش اللي إتفقنا عليه

-لأ متخافش..إن شاء الله هحاول متأخرش عليك...


أومأ قُصي ثم توجه إلى الباب تبعه أيمن ثم رحل


************************************


تراجعت إلى الخلف أكثر ليدلف نزار مُغلقًا الباب خلفه بـ قدمه وعلى وجهه إبتسامة مُخيفة..ضمت جميلة يديها إلى صدرها ثم تساءلت بـ تهدج


-أنت عرفت مكاني منين!...


مسح أسنانه بـ لسانه ثم أردف بـ خُبث 


-اللي يسأل ميتوهش..وخصوصًا سُمعتك مسمعة

-إبتلعت ريقها بـ صعوبة وأردفت:أرسلان لو جه وشافك هنا هيدبحك...


توجه إلى أحد الأرائك ثم جلس عليها بـ أريحية وقال بـ هدوءٍ ماكر


-طب ما يجي أنا أصلًا عاوزه يشوفني وأنا بخلص عليكِ...


إرتعدت جميلة لتتراجع أكثر حتى وصلت إلى آخر غُرفة الإستقبال تحتمي منه ثم تساءلت بـ إرتعاش


-مين اللي قالك إني إتجوزته؟!

-ضحك وقال:العصفورة...


تنفست بـ إرتجاف لينهض نزار فـشهقت وكادت أن تركض ولكن صوته المُرعب جمدها أرضًا وهو يقول


-بس شاطرة عرفتي توقعيه لحد أما إتجوزك

-صرخت بـ إستنجاد:فين الحارس اللي بره..يا ناس

-زعق هو بـ المقابل:وطي صوتك بدل أما أقطعلك لسانك دا خالص...


وضعت يدها فوق شفتيها تكتم شهقاتها وبقيت ساكنة تنظر إلى عينيه بـ عينين مُتسعتين..إلى أن إقترب أكثر حتى وقف مُقابلًا لها ثم قال وهو يضع يديه بـجيبي بنطاله


-ليا حساب معاكِ لسه مجاش وقته..لكن دلوقتي أنا هحاسبك على خيانتك

-همست مصعوقة:خيانة؟!

-حك فكه وقال:البيه يعرف إنك كُنت عشيقتي!..وإنك المفروض بتشتغلي معايا والمفروض برضو توقعيه!...


ضمت يديها إلى صدرها وهمست بـ شرود وكأنها تُخاطب نفسها


-أنا مبشتغلش مع حد..أرسلان مقدرش أخونه..أنا سيبتك من زمان

-إبتسم بـ سُخرية:سبتيني لما وقع فـ طريقك..مش كدا ولا أنا غلطان...


إبتلعت ريقها بـ صعوبة بالغة ليرفع نزار يده ويُملس على طول وجنتها ثم أكمل بـ مكر


-أنا سبتك بـ مزاجي عشان بس أخد منك اللي عاوزه..وبكدا يبقى أنتِ بتخوني الشيطان نفسه

-أبعدت يده بـ حدة وأردفت:أنا سبتك لما عرفت وساختك...


أظلمت عيني نزار بـ قوة ثم رفع يده يـقوم بـ لف خُصلاتها حول قبضته بـ شدة آلمتها ثم هدر بـ فحيح


-على أساس إنك شيخة..ما أنتِ رقاصة..عارفة يعني إيه رقاصة!..يعني واحدة رخيصة بتعرض جسمها لليسوى واللي ميسواش...


دفعها لتسقط فوق الأرض صارخة بـ ألم تُحيط بطنها بـ قوة خوفًا على جنينها ليهبط نزار إلى مستواها ثم عاد يُمسك خُصلاتها مرةً أُخرى وهدر


-أنا اللي لميتك من الشارع وعملتك بني آدمة وبعدها سبتك تروحيله عشان أقتله قدامك فاهمة..حُطي دا فـ دماغك لأن عقابي ليكِ مش هيقف لهنا

-صرخت باكية:أنت واحد ***..وأرسلان هيقتلك فاهم..وكل اللي عندي هطلعه و هوديك فـ داهية مش هسيبك تأذيه...


قبض على فكها بـ يده الأُخرى ثم حركها بين يديه صارخًا بـ شراسة


-بتهدديني يا روح أُمك!..دا أنتِ ديتك طلقة يا بت..طلقة أستخسرها فـ أمثالك...


دفعها لتتمدد فوق الأرض لينهض وهو ينظر إليها بـ إزدراء وأردف بـ وعيد


-أنا بس حبيت أعرفك إني سهل أوصلك..ولو عاوز أقتلك هعملها..راجعي نفسك لو باقية على حياتك وإختاريه يا تختاريني بس ساعتها هتتحملي نتيجة إختيارك...


نظر إليها مرةً أخيرة ثم رحل تاركًا إياها تبكي واضعة رأسها أرضًا و يديها الإثنتين حول بطنها


*************************************


كانت تُحدق بـ الفراغ مصعوقة لما حدث الآن..أهانها أمام الخدم..أهانها كما لم يفعل أحد من قبل..ولكنها نهضت بـ برود لا يعكس البراكين التي تشتعل بـ داخلها


توجهت بـ أنظارها إلى أحد الخدم وأردفت بـ جمود


-نضفي المكان...


ثم تركتها وصعدت إلى غُرفتها..أغلقت الباب خلفها وصرخت بـ غضب ضاربة الباب خلفها عدة مرات..وظلت هكذا لعدة دقائق حتى إستعادت هدوءها ثم إتجهت إلى المرآة لتنظر إلى نفسها الملوثة بـ الطعام


صرت على أسنانها غيظًا ثم توجهت إلى خزانتها وأخرجت بعض الثياب الجديدة وبعدها ترجلت خارج الغُرفة مُتجه إلى المرحاض ولكن أثناء سيرها مرت بـ غُرفتهِ لتستمع إلى صوته


-لا تقلق سيتم كُل شيئًا بـ موعده لا تأخير...


لم تتعرف لتلك اللغة التي يتحدث بها تأففت بـ ضيق وقررت الرحيل ولكنها توقفت عندما إستعمت إلى اسم ديفيد وسط حديثه فـ عادت تقف علها تفهم 


أما هو بـ الداخل كان يرتدي قميصه الأسود كـ عادته تاركًا الأزرار العلوية مفتوحة ثم أكمل حديثه بـ جفاء


-لا يهم..سيأتي لا محالة فـ هذه المرة ستكون ضربة قاضية للوطن العربي..لذلك سيشرف عليها بـ نفسه...


إنتظر يستمع إلى حديث الآخر ليرد عليه بـ غضب


-إسمعني يا هذا..لستُ مُهتمًا على الإطلاق لما تعتقده عني..كل ما أُريده هو أن يكون حاضرًا وديفيد..أُريد أن أتلذذ بـ العرض...


إنتظر مرةً اُخرى وكان حينها يرتدي ساعته اليدوية ليرد بعد قليل بـ نفاذ صبر


-قُلتُ لك لا تخف..لن أورطك أبدًا..فقط إفعل ما أمرتك به دون خطأ ولن يحدث لك مكروه..أعلم أن المرواغة مع هؤلاء ليس بـ الأمر السهل ولكني أضمن لك سلامتك لا تخف...


إستمع إلى حديث الآخر ثم قال بـ هدوء وهو يحك مُؤخرة عنقه


-حسنًا..ستختفي بعد ذلك في غضون نصف ساعة..ستجد أحدهم سأرلك لك هويته ليقلك إلى الميناء الجوي ثم بعدها سترحل إلى البلد المُتفق عليها...


أغلق الهاتف وهو يزفر بـ تعب ثم وضع الهاتف فوق طاولة الزينة الخاصة به ثم إرتدى سترته السوداء وصفف خُصلاته كـ المُعتاد إلى الخلف..نثر عطره الرجولي الصارخ ونظر مرةً أخيرة إلى مظهره قبل أن يلتقط هاتفه ويترجل إلى الخارج


ما أن فتح الباب حتى تراجعت سديم شاهقة بـ فزع..بينما هو إرتفع حاجبه الأيمن بـ إستنكار قبل أن يعقد يديه أمام صدره ويتساءل بـ خُبث


-بتتسنطي عليا!...


إستعادت رابطة جأشها لتقف بـ غرور أنثوي واثق جعل حاجبه يرتفع هذه المرة بـ إعجاب ثم هتفت بـ تبرير


-أنا مش بتجسس عليك..أنا كُنت معدية وسمعتك بتتكلم بلغة مش فهماها...


صمتت وهي ترى زاوية فمه ترتفع بـ شبه إبتسامة ساخرة لتعض شِفاها بـ غيظ إلا أنها أكملت بـ نفس الثقة والغرور كابحة إحساسها بـ الغيظ


-وسمعت اسم الدكتور ديفيد فـ النُص..فـ كُنت حابة أعرف إيه داخله فـ كلامك...


إتسعت إبتسامته الساخرة ليقترب منها فـ تراجعت هي حتى أعاقها عن الحرك سور الدرج خلفها..نظرت خلفها ثم إليه لتتسع عيناها وهي تراه يقف مُلتصقًا بها


وضع أرسلان يده أسفل ذقنها وهمس بـ مكر


-لما تعوزي تعرفي حاجة إسأليني..بلاش شُغل المُحقق كونان اللي بتعمليه دا...


ضيقت عيناها بـ غضب ولم ترد ولكنها وجدته يقترب منها فـ وضعت يديها على صدره تحاول إزاحته إلا أن جهودها راحت هباءًا فـ أغمضت عيناها بـ خوف


إلا أن أرسلان رفع يده وسحب من بين خُصلاتها بقايا الطعام ثم رفع يدها و وضع بها البقايا..لتفتح سديم عيناها تنظر إلى ما بـ يدها بـ دهشة ثم إليه ليقول أرسلان بـ برود ثلجي حطم أنثوتها


-أنا قولتلك مبلمسش الحاجة مرتين...


ثم تركها لدهشتها ورحل بـ سكون و هدوء كما يفعل عادةً..ضربت سديم قدمها بـ الأرض لتصرخ ألمًا لما أصاب قدمها من ذلك الحرج ثم قذفت بقايا الطعام في محاولة لإصابته ولكنها فشلت لتصرخ بـحدة


-يا بارد يا لوح تلج...


إستدارت لتتجه إلى المرحاض..أغلقت الباب خلفها تتنفس بـ حدة..جلست فوق حوض الأستحمام ثم نزعت الضمادات عن قدميها لتتأفف بـ ضيق ثم نهضت تسير بـ حذر لتنزع ثيابها وتعاود الإغتسال


*************************************

 

غسلت وجهها الشاحب بـ الماء مُزيلة أثار مُستحضرات التجميل لتبقى بـ هيئتها التي تدل على خوفها


خرجت من المرحاض لتتفاجئ بـ أرسلان قد دلف إلى الشقة لتو..تراجعت إلى الخلف وضمت طرفي المئزر إلى صدرها ثم أخفضت وجهها أرضًا


عقد أرسلان حاجبيه لحالتها الغربية ليتقدم منها مُتفحصًا شحوب وجهها ثم تساءل


-أنتِ تعبانة!...


حركت رأسها نافية وهي لا تزال مُخفضة رأسها..ليضع يده أسفل ذقنها مُحدقًا بـ ملامحها الشاحبة ثم قال بـ جمود


-أومال وشك أصفر ليه؟!

-إبتسمت بـ توتر وقالت:الحمل بس..الفترة دي بتكون صعبة...


أومأ بـ فتور ثم توجه إلى الأريكة التي جلس فوقها نزار لتصرخ جميلة فجأة


-متقعدش هنا...


إلتفت إليها بـ غضب لتتراجع قائلة بـ تلعثم


-في شاي وقع هنا هيوسخ هدومك...


أطلق زفيرًا حاد لينتقل بـ جلسته إلى مكانٍ آخر لتتقدم جميلة منه ثم جلست جواره..وصمتت


نظر إليها أرسلان بـ تدقيق هدوءها ، وحالة الخوف والتوتر تلك تُثير الشك بـ داخله..ليعتدل بـ جلسته ثم قال بـ هدوء


-متأكدة إنك كويسة!..نروح لدكتور!

-لا أبدًا أنا كويسة

-براحتك...


أرجع رأسه إلى الخلف وأغمض عيناه..بينما تنهدت هي بـ قلة حيلة ثم نظرت إليه..لو عَلِمَ بـ قدوم نزار لن يتردد بـ قتلهما معًا ولكن ما أثار الشك بـ داخلها ذلك الحارس أما شقتها..كيف سمح له بـ الدلوف؟


إستدارت إليه ثم تساءلت بـخفوت


-أرسلان!..هو أنت واثق فـ رجالتك؟!...


رفع رأسه ونظر إليها بـ إستنكار  ثم تساءل بـ شك


-بتسألي ليه!...


رفعت كتفيها في محاولة لإظهار عفوية سؤالها رادفة بـ توتر أخفته بـ بحة صوتها الرفيعة


-أبدًا..مجرد سؤال

-نظر إليها بـ شك إلا أنه قال:اللي حصل معايا علمني مثقش غير فـ نفسي

-تساءلت بـدهشة:يعني أنت مبتثقش فيا!

-مط شفتيه وقال:على حسب يا جميلة..أنا واثق مليون فـ المية إنك هتفكري قبل ما تخونيني خصوصًا إنك بقيتي مراتي وإبني فـ بطنك مش كدا ولا إيه!...


سؤاله الأخير أدمجه بـ تحذير و تهديد إلتقطته هى بـ سهولة لتومئ بـ رأسها عدة مرات بـ خوف ثم تنحنت قائلة


-طب أنا عاوزة أغير الشقة دي

-تأفف مُتساءلًا:ليه!

-يعني..حابة أغير المكان دا

-حاضر..بكرة أشوفلك شقة بعيدة عن هنا ومحدش يعرف مكانها...


زفرت بـ إرتياح واضعة يدها فوق صدرها ثم عادت تقول بـ تردد


-وغير الحارس دا

-تساءل غاضبًا:عمل إيه هو كمان!

-تعلثمت قائلة:مش..مش مرتحاله...


عض على شِفاه السُفلى بـ غضب حقيقي ولكنه قال بـ صوتٍ مكتوم


-طيب..أنا مش مرتاح لطلباتك اللي ظهرت فجأة دي

-سارعت قائلة:والله مفيش حاجة..أنا بس حابة أبعد هنا والناس اللي تعرفني هنا...


نظر إليها بـ جمود صخري قبل أن يقول بـ جفاء وهو مُغمض العينين


-أنا مكلتش..قومي إعملي لينا غدا

-نهضت مُسرعة:حاضر..بس هغير هدومي الأول...


دلفت إلى غُرفتها سريعًا وأغلقت الباب خلفها نزعت ثيابها  أبدلتها بـ أُخرى رياضية ثم توجهت إلى فراشها وجثت أمامه


مدت يدها أسفل الفراش وأزالت قطعة رُخامية لتلقطت مكانها مُظروف أصفر اللون مُغلق بـ إحكام لتعاود وضع القطعة مرةً أُخرى 


نهضت و جذبت حقيبة سفرها و وضعت المظروف بها حتى لا تنساه وهي راحلة غدًا..وضعت الحقيبة مكانها ثم خرجت لتتجه بعدها إلى المطبخ تُعد بعض الطعام السريع


*************************************


بعد مرور ثلاثة أيام


بـ ذلك الطريق الصحرواي الخالي من الحياة..يقف هو وسط العديد من السيارات السوداء والعديد من الرجال واضعًا يديه بـ جيبي بنطاله بـ هدوء يُحسد عليه يُدخن لُفافة التبغ


تقدم منه ديفيد ونظر إلى ساعة يده ثم تساءل بـ قلق


-لِما تأخر هكذا!...


أخرج أرسلان سحابةً رمادية من فمه وأنفه ثم أجابه بـ جمود غامض


-لا تتعجل القدر

-عقد ديفيد حاجبيه بـ عدم فهم و تساءل:ماذا تقصد!...


إبتسم أرسلان بـ سُخرية مُشيرًا بـ رأسه إلى ما خلف ديفيد الذي إلتفت ليرى سيارة سوداء تقترب منهما..حينها زفر بـ إرتياح وقال


-يا إلهي...


ترجل السائق من السيارة ليركض إلى المقعد الخلفي ثم فتح الباب ليترجل منه رجلًا ما يضع قُبعة سوداء كـ ثيابه و الشيب يظهر من جانبي القُبعة..بينما بنيته الجسدية القوية تتناقض مع سنوات عمره المُتقدمة


تقدم منهم وصافح كليهما ثم وجه حديثه لأرسلان قائلًا


-سعيد بـ مُقابلة الشيطان أخيرًا

-وأنا أيضًا...


نظر ديفيد إلى ذلك الرجل وقال بـ جدية


-لنبدأ العمل حتى لا يسرقنا الوقت

-رد عليه الرجل بـ موافقة:أجل..المكان ليس أمنًا...


إعتدل أرسلان بـ وقفته ثم نظر إلى ساعة يده وهمس بـ إبتسامة ماكرة


-show time 


تقدم أحد حرس الرجل منه ثم مدّ يده بـ الهاتف يهمس بـ عدة كلمات ثم إبتعد..كان أرسلان يُحدق به بـ إنتصار قبل أن يعود ويضع يديه بـ جيبي بنطاله ثم إتكئ على سيارته ينتظر العرض


حدق الرجل بـ ملامح مُكفهرة لتلك الصور الفوتوغرافية التي تم إلتقاطها من قِبل مجهول..والتي تعرض خيانة زوجته مع رجلًا ما ولم يكن سوى ديفيد!!!


حينها قذف الهاتف بـ غضب ثم أخرج مسدسه وقال بـ غضب أسود


-ألم تُعلمك والدتك أنه لا يجب أن تعبث مع الروس!...


لم يتسنى لديفيد أن يتساءل إذ أطلق عليه الآخر عدة طلقات إخترقت صدره مُسببه موته الفوري


أما أرسلان فـ حدق بـ المشهد أمامه بـ جمود و تشفي..لم يهتز له جفن بل تمنى لو أمطره بـ وابل من الرصاص يعجز عن عدها


وضع المُسدس بـ جزعه ثم نظر إلى أرسلان وهدر بـ إعتذار


-أعتذر أيُها الشيطان..لن تتم أي صفقة اليوم..يجب عليّ تسوية بعض الأمور بـ بلدي

-مط شفتيه بـ برود وقال:حسنًا لا بأس..يبدو أن الطبيب أخطأ

-تحدث الآخر وهو ينظر إلى جُثة ديفيد:وقد تلقى ما يستحقه...


عاد ينظر إلى أرسلان ثم قال بـ جدية 


-هذه المرة سأتفق معك مُباشرةً لموعد جديد

-تململ أرسلان قائلًا:حسنًا..سأنتظر..والآن يجب عليّ الرحيل...


إستدار يصعد سيارته وهو يهمس بـ غلظة


-مع إنه مش هيكون فيه مرة تانية أصلًا...


صعد سيارته ثم أدار المُحرك ولوح بـ يده مُبتعدًا..بينما عاد الرجل ينظر إلى جُثة ديفيد وقال بـ إزدراء


-تخلصوا منه..وتعرفوا على هوية المُرسل...


ثم إستدار هو الآخر ليعود إلى سيارته..فتح السائق الباب ثم أغلقه بعد صعود الآخر لنتطلق جميع السيارات بـ تناغم


وعلى الجانب الآخر 


رفع أرسلان هاتفه ثم بعث بـ رسالةٍ ما لذلك الذي حادثه من قبل


هاتف أحدهم ثم وضع هاتفه الخلوي على أُذنه وعندما فُتح الخط من الجهة الأُخرى أردف هو بـ إقتضاب


-إحجزلي طيارة طالعة لروسيا بعد أربعة أيام...


أغلق الهاتف وأكمل قيادة سيارته وهو يُطلق صفيرًا مُستمتعًا


**************************************


أنهت عملها والذي عادت إليه رُغمًا عن أرسلان لتنزع مئزرها الطبي ثم إلتقطت حقيبتها ورحلت


الجميع يتحاشها..يخشى الخطأ معها فـ هي تزوجت الشيطان..تأففت بـ ضيق وهي تصعد تلك السيارة التي خصصها لها هى الأُخرى لتنطلق بها عائدة إلى المنزل


بعد عشر دقائق 


كانت السيارة تعبر البوابة الخارجية حتى توقفت أمام الباب الداخلي للمنزل..ترجلت سديم ثم صعدت الدرجات القليلة ودقت الجرس


أتت الخادمة بعد ثوان لتفتح الباب..إبتسمت سديم لتردها الخادمة وهي تتساءل بـ إحترام


-أحضرلك العشا يا هانم؟...


نظرت سديم حولها باحثةً عنه إلا أنها لم تجده فـ تساءلت بـ فضول


-أومال هو فين؟!

-فـ أوضة فوق...


أومأت سديم وتحركت مُبتعدة عن الخادمة والتي عادت تقول 


-أحضرلك العشا!

-أجابت سديم دون الإلتفات:لأ هنام خفيف...


رفعت الخادمة كتفيها بـ قلة حيلة ثم رحلت إلى المطبخ..كادت أن تصعد هي ولكن تلك الغُرفة التي لم تقربها مُنذ زواجها أثارت فضولها


نظرت حولها بـ تفحص ثم إلى أعلى ولكنها لم تجد..لذلك و دون تردد فتحت تلك الغُرفة والتي لم تكن مُغلقة


دلفت وأغلقت الباب خلفها..أخرجت هاتفها لتُشعل الضوء المُساعد..حدقت بـ أرجاء الغُرفة..كانت نوعًا ما هادئة لا شئ غير إعتيادي


مكتب من الخشب الماهجوني ذو لونٍ أسود و أريكة ومكتبة صغيرة..مطت شفتيها بـ إحباط وإستدارت لترحل ولكن وقعت عيناها مصادفةً على تلك اللوحة البيضاء


عقدت حاجباها لتتقدم منها..سلطت الضوء عليها وقرأت بعض الأسماء أول إثنين قد تم وضع علامة خطأ جوراهما..تعرفت على اسم " نزار العبد " ذلك الذي علق بـ ذاكرتها 


تسارعت دقات قلبها وهي لا تفهم شيئًا..أدارت الهاتف ليتسلط الضوء على ذلك الجدار المُعلق عليه صورتها و صورة الطبيب ديفيد


شهقت وتراجعت..لا تُصدق أنها كانت إحدى فرائسه..وبجوارهما صورة فوتوغرافية جمعت عائلة وهو من بينهم..وصور عدة لباقي أفراد العائلة أو بـ الأحرى جثثهم


وضعت يدها فوق فاها تكتم صرختها..شحبت بشرتها بقوة وإرتجفت أوصالها..إلا أنها تماسكت لتفتح ذلك الحاسوب المحمول


بقت تبحث بـ محتوياته بـ أصابع ترتجف ولكنها لم تجد سوى ثلاث مقاطع دون أسماء..فتحت أحدهم ولم يكن سوى لمشهد قتل ديفيد


حينها لم تستطع السيطرة على تلك الصرخة التي صدرت عنها ثم تراجعت ساقطة أرضًا وسقط معها هاتفها..ضمت يديها إلى صدرها ترتجف غيرُ مُصدقة لما أوقعت نفسها به..الآن وفقط صدقت أنها بـ جحر الشيطان


أُضيئت الأنوار من خلفها..ليظهر أرسلان والذي كان جالسًا بـ أحد الأركان ولم تلحظه..يرتدي قميصه مفتوحة أزراره ويتكئ إلى الجدار خلفه عاقدًا ذراعيه أمام صدره..أما ملامحه الخالية تمامًا من أي مشاعر تنتمي إلى عالم البشر تُحدق بها وبـ صدمتها


لم تلتف ولم تجفل لإضاءة الأضواء بل بقت عينيها المُتسعتين تُحدق بـ المشهد الدامي أمامها غيرُ قادرة على الإشاحة بعيدًا عنه وكأنه يجذبها بـ مغناطيس


حينها تحرك هو ناحيتها ثم جثى أمامها وهمس بـ جمود ونبرةٍ قاتلة


-الفضول قتل القُطة...


نظرت إليه بـ ذات العينين المُتسعتين ترتعش بـ قوة جعلت جسدها ينتفض..لتهمس بـ شرود


-أنت قتلت ديفيد!

-مط شفتيه وقال بـبرود ثلجي:مقتلتوش..خيانته هي اللي قتلته...


صرخت بـ شراسة تضربه بـ كِلتا يديها


-بس كنت السبب فـ موته..لأ وكمان قتلت إتنين غيرهم...


أمسك يديها التي تضربه ثم قرب وجهها منه وهدر بـ صوتهِ البارد


-أيوة قتلت..ولسه هقتل لحد أما أخلص السلسلة...


حركت رأسها يمينًا ويسارًا بـ نفيٍ وهستيرية صارخة بما يعتمل داخلها من صدمة و رُعب


-أنت لازم تموت..أنت نهايتك الموت

-إبتسم بـ سُخرية وقال بـ هدوء:دي النهاية الطبيعية لواحد زيي...


عبارته سقطت فوق قلبها كـ الصخر الذي أثقله..نظرت إليه بـ دهشة وغضب بـ الوقت ذاته..وتنفسها الحاد هو ما يقطع ذلك الصمت


سوداويه مُقابل زرقاويها

هدوءه مُقابل غضبها

خوفها مُقابل صلابته


والحرب لا تزال مُشتعلة..نهض واضعًا يد أسفل ظهرها والأُخرى أسفل رُكبتيها وحملها بين ذراعيه وعلى الرغم من مقاومتها إلا أنه لم يتهز


ترجل خارج الغُرفة وأغلقها ثم صعد بها الدرج..كانت تنظر إليه بـ صدمتها التي لم تخرج منها..وقلبها ينتفض بين أضلعها..هي والقاتل..بل هي والشيطان ذاته..هو يقتل دون أن يشعر بـ الندم بل ويعترف بـ هدوء وكأنه يُخبرها أحوال الطقس


حاولت إبعاده وإنزالها ولكن قوتها كانت واهنة لدرجة أنها أرخت دفاعتها و وضعت رأسها فوق كتفه وهمست بـ شرود


-أنت قاتل...


تشنجت عضلات فكه ولكنه لم يرد..يُقدر مقدار الصدمة التي هي بها..سار بها إلى غُرفته ليفتحها ثم دلف بها..أتاه صوتها تهمس بـ إعتراض


-دي مش أوضتي...


لم يرد عليها بل وضعها فوق الفراش و نزع قميصه..تراجعت إلى الخلف بـ فزع وصرخت


-أنت هتعمل إيه!...


لم يرد عليها أيضًا وكأنه إتخذ من الصمت إجابةً لها..توجه إلى خزانته وأخرج قميص ذو لو أزرق داكن وألقاه بـ وجهها قائلًا بـ صلابة


-إلبسي دا عشان هتنامي هنا النهاردة

-صرخت بـ غضب:لأ مش هنام مع قاتل...


هذه المرة صرخت بـ خوف عندما ضرب الخزانة وهدر بـ صوتٍ دوى بـ أرجاء الغُرفة كـ الرعد


-إلبسي وأنتِ ساكتة...


تنفست بـ صوتٍ عال تنظر إليه بـ أعين قطة شرسة إلا أنها نهضت بـ النهاية..إستدار هو إلى الخزانة وأخرج ثياب بيتيه مكونة من بنطال أسود و فقط


بقى لعدة لحظات يتكئ بـ جبهته إلى الخزانة حتى سمع صوتها الغاضب


-خلصت...


إستدار ليجدها تقف فوق الفراش ترتدي قميصه الذي يصل إلى ما قبل رُكبتيها بـ قليل..ليتجه إليها ويتمدد فوق الفراش قائلًا بـ جمود


-إتخمدي

-زمت شفتيها وقالت بـ حنق: أنت هتنام جنبي

-وضع يده فوق عينيه وقال:أنتِ اللي هتنامي جنبي..أنتِ فـ أوضتي

-تمتمت بـ حدة:خلاص هروح أوضتي...


أتاها صوته حازم ، قوي ، يُسري الرُعب بـ النفوس على الرغم من خفوته


-نامي وإتمسي...


زفرت بـ قنوط لتتمدد بجوراه توليه ظهرها خوفًا لا أكثر..جذبت الغطاء فوقها ولكنها سُرعان ما شهقت وهي تراه يضع يده حول خصرها يجذبها إلى صدره حتى إلتصق بـ ظهرها..تلوت بين يديه تهدر بـ غضب حقيقي


-مش لدرجادي

-أتاها صوته الجامد:نامي مش هعمل حاجة...


دفن وجهه بـ عُنقها ثم أغمض عينيه..بينما بقت هى تتنفس بـ سرعة و غضب مُتسعة العينين..تتعجب هدوءه لما إكتشفته اليوم ولا تُصدق أنها بعد كُل ذلك تنام جواره


زفرت بـ ضيق وحاولت إبعاد يده ولكنه شددها أكثر..لتعود و تزفر بـ قنوط وبقت تُحدق أمامها تُفكر بـ أحداث الساعة الفائتة حتى غلبها النُعاس ولأول مرة تنام تاركة إياه يُعانقها وكأنهما عاشقين بـ كامل إرادتها


هي بين أحضان قاتل...

الطبيبة بين أحضان الشيطان...



تكملة الرواية من هنا



بداية الروايه من هنا



تعليقات



CLOSE ADS
CLOSE ADS
close