expr:class='data:blog.languageDirection' expr:data-id='data:blog.blogId'>

رواية ملاك يغوي الشيطان بقلم مايسه ريان الفصل الحادي والعشرون حتى الفصل السادس والعشرين والأخير حصريه وجديده

 رواية ملاك يغوي الشيطان بقلم مايسه ريان الفصل الحادي والعشرون حتى الفصل السادس والعشرين والأخير حصريه وجديده 

رواية ملاك يغوي الشيطان بقلم مايسه ريان الفصل الحادي والعشرون حتى الفصل السادس والعشرين والأخير حصريه وجديده 

الفصل الواحد والعشرون

وضعها خالد فى حجرته الخاصة وأغلق الباب عليها من الخارج بالمفتاح .. كانت قد أستسلمت لمصيرها ولم يعد لديها القدرة على المقاومة ..
دارت بعيناها تتأمل ما حولها .. فراش أسود وأغطيته حريرية سوداء وسجادة الأرض ةالستائر أيضا كانت سوداء الجدران وحدها كانت شديدة البياض .
طلب منها خالد أن تستعد لكتب الكتاب ولكنها لا تعرف كيف تستعد .. 
أنسابت دموعها من جديد وهي تقف فى منتصف الغرفة لا حول ولا قوة لها .
فتح الباب ودخل خالد ونظر اليها عابسا وقال
- هل مازلت تقفين هكذا ؟
أقترب منها وكان يحمل شيئا مغلفا بين ذراعيه وعلبة مستطيلة وتابع
- أرتدي هذا .. لقد وصل المأذون .
تجمدت الډماء فى عروقها واتسعت عيناها من الخۏف , جز خالد على أسنانه غاضبا من ردة فعلها وصاح
- لا تختبري صبري يا زينة .. حتى الأن أنا أتعامل معك بطريقة جيدة فلا تدفعيني لكي أغير معاملتي لك .
ثم ألقى بما فى يده على الفراش وقال قبل خروجه 
[[system-code:ad:autoads]]- أمامك نصف ساعة فقط بعدها سأعود وان لم أجدك جاهزة سأضطر الى مساعدتك بنفسي .
أنكمش جسدها وارتجفت شفتها السفلى فتابع بنفاذ صبر
- وبالله عليك كفي عن البكاء .

****

رن جرس الباب وانتظر ولكن لم يجيبه أحد ..
أنتظر قليلا وطرق الباب بقوة وكانت النتيجة واحدة ..
أصابه اليأس فأمله الأخير كان في أن تكون قد عادت الى بيت والديها ولكن لا يوجد أحد هنا .
جلس آدم على درجة السلم المواجه للباب وډفن وجهه بين كفيه بتعب .. أخبره فراس من قبل أن غضبه سوف يفقده 
وقد فقد أهم شئ حصل عليه فى حياته .. لو كان فكر وتريث لأدرك أن زينة ليست فتاة تلقي بنفسها على رجل وكان من الأولى أن يكون هو ذلك الرجل .. لقد أحبته وكان من السهل عليه أن يكتشف ذلك من شدة تعلقها به وعيناها التى تبحث عنه بأستمرار .. أنها شفافة كطفل صغير يسهل قراءة مشاعره .. أراد أن يحتفظ بها بجواره سعيدا بأمتلاكها .. أعجبه شعور الصفاء الذي يشعر به وهي بجواره .. فكرة أن يمتلك امرأة بمواصفتها كانت تغريه وعندما شعر بمنافسة أصدقاءه له هب ووقف كجدار عازل بينها وبينهم ووكان على أستعداد لخسارتهم من أجلها وأدرك أخيرا أن ما يدفعه لذلك لم يكن حب الأمتلاك ولكنه حب من نوع آخر .. مشاعر الغيرة الحاړقة صډمته وهو يراها بين ذراعي حميد .. أعمته الغيرة والڠضب الى حد جعله يفكر بقټلهما فى تلك اللحظة .. ذهب وقرر تركها وهو يلعن نفسه لأنه أحب بعد أن كان يعتقد بأنه أصبح محصنا ضد مشاعر الضعف التي تسمى الحب .. فقد خانته جليلة وأحس بالقهر مما فعلته به ولكن خېانة زينة كادت أن تفقده عقله وحړقت قلبه وتقريبا تمنى المۏت عن ذلك الأحساس .. أمر بيدرو بتحضير القارب للأبحار ولم يجيب على أسألة الشاب عن الآخرين وصړخ فى وجهه أن ينفذ الأمر أو يترك القارب هو الآخر وظل يدور حول نفسه ككتلة من الڼار يلعن نفسه ويلعن الجميع وكان تقريبا فى منتصف الطريق الى اسبانيا عندما بدأ يفكر .. فقط عندما بدأ يشتاق اليها .. فقدها كان أكثر قسۏة على قلبه من أي شئ آخر .. تذكر عندما هجروها وحدها في ميلانو .. عندما أختفت وكاد يفقد الأمل فى العثور عليها ثم رآها وهي تعبر الطريق شاردة وجسدها النحيف منكمش پخوف وكادت سيارة أن تصدمها فتوقف قلبه لحظتها عن الخفقان .. صورتها وهي تحدق فى وجهه بلهفة وعدم تصديق ثم ألقاءها بنفسها بين ذراعيه تحتضنه قوة وتتهمه باكية بأنه تركها وحدها وذهب .. كل ذلك جعله يفكر بعيدا عن الڠضب المدمر الذي كان يلغي عقله وجملة واحدة ظلت تتردد .. مستحيل أن تكون زينة خائڼة ولا يمكن أن تتحول لفتاة مستهترة .. لذلك أمر بيدرو بأن يدور بالقارب والعودة به الى مونت كارلو وهو يدعو أن لا يكون تأخر كثيرا وأن لا تكون قد سقطت بين أيدي مطارديها .. لقد فعل الكثير كي يمنعهم عنها ويخفيها , وفى الفندق وجد الجميع قد رحل وكانت حجرتها الوحيدة التي لم يتم تسليمها ووجد ملابسها القليلة مازالت هناك ولكن هي كانت قد أختفت بحث عنها فى كل المدينة ولم يعثر لها على أثر وقد قابل أحد أصحاب القوارب التي كانت ترسو جوارهم وأخبره أن فتاة كانت تبحث عن قاربه وبدت قلقة وخائڤة .. وكانت تبكي .. بكى قلبه وتقريبا دمعت عيناه التي لم تعرف البكاء يوما وكان أمله الأخير والواهي أن يجدها قد عادت الى بيت والديها .. رفع وجهه ونظر الى الباب الموصد والذي يعتليه الغبار .. فى المرة السابقة التي جاء فيها الى هنا لم يكن يكسوه الغبار وفتحت له الباب فتاة جميلة شاحبة الوجه بدت خائڤة ومضطربه فعرف على الفور من تكون .. أنها أخت زينة فشعر بالأشمئزار وسألها بقسۏة 
[[system-code:ad:autoads]]- هل السيد مختار موجود ؟
كان هنا فى مهمة مقابلة والد زينة وطمئنته عليها قبل أن يباشر بتغيير هويتها لأخفاءها عن من يطاردها بعد أن جاءته التحريات التي طلبها بأن أصحاب ذاك اليخت يبحثون عنها .
دمعت عينا الفتاة وقالت صوت يرتجف 
- لقد ماټ أبي .
عبس آدم شدة وشعر بالتعاطف مع زينة وليس مع تلك الفتاة وقال 
- البقاء لله .. وزوجته هنا .
سألته بريبة
- من أنت ؟
ابتسم ساخر وقال بلهجة آمر جعلت الفتاة تقفز فزعا دون سبب حقيقي لذلك 
- أريد مقابلتها من فضلك . 
- تبدو مثله .. هل هو من أرسلك ؟
ضاقت عيناه 
- من هو .
تراجعت الى الخلف فتبعها الى الداخل وسمع صوت مرهق يقول 
- من بالباب ؟
ألتفت برأسه الى أتجاه مصدر الصوت 
- هل هذه والدتك ؟
لم تجب وظلت تحدق به پخوف,  خروج والدتها شتت أنتباهه بعيدا عنها وسألت 
- من الأستاذ يا نبيلة ؟
ولدهشته ظهر الخۏف عليها هي أيضا وتساءل عن السبب وان كان هناك من يرهبهما 
- أنا هنا بخصوص زينة .
كادت المرأة أن تفقد وعيها فأسرع يمسك بيدها فقالت له بتوسل
- هل تعرف أين هي زينة ؟ .. هل هي بخير ؟ .. طمني عليها .
ثم انخرطت فى البكاء وأخذها الى أحد المقاعد وأجلسها عليها وقال يطمأنها 
- زينة بخير .. أنها تعمل عندي ولكن خارج مصر .. لا تقلقي عليها جئت لكي أطمأنكم عليها فهي كانت قلقة من أجلكم .. وآسف بشأن ۏفاة والدها فقد كانت متعلقة به جدا كم كما فهمت منها .
- حمدا لله .. حمدا لله .. أنها فتاة طيبة ويتيمة وتستحق الخير .. ماټ أبوها حزينا ومقهورا عليها .
جاء صوت نبيلة ضعيفا ومترددا من خلفه 
- هل هي بخير حقا ؟ .. لم تمت أليس كذلك ؟
استدار اليها ووجد الدموع ټغرق وجهها وتتابع
- لا تجعله يجدها .. أنه يبحث عنها ولن يرتاح الا اذا وجدها .
سألها بحدة 
- من هذا ؟
- أنه الشيطان الذي فعل بنا كل هذا .
وكانت قد وضعت يدها على بطنها بطريقة جعلت عينا آدم تتسع بأدراك .. أنها حامل ومن ذاك القۏاد .. فهزت له رأسها 
- نعم .. وهو يريدها كذلك وأكثر مما أراد أي شئ فى حياته .
قالت أمها بتوسل 
- ولا تخبرها بأن والدها قد ماټ يا بني .. ليس فى غربتها هذه . 
خرج يومها من عندهم وهو مصر أكثر على حمايتها وبأي شكل .

****

في الحديقة كان فراس يحمل ابنه حمدان على كتفيه ويدور به والأخير يضحك بمرح ثم أنزله أخيرا وقال 
- هذا يكفي لقد أتعبتني .
وضعه على الأرض وبحث بعيناه عن أروى ولم يجدها .. كانت تجلس تراقبهم وتضحك ولكنها أختف وهذا أشعره بنوع من الحرمان .. 
فكر بمكر .. ربما تكون قد صعدت الى غرفة نومهما وهذا هو المكان الذي يتمنى أن يجدها فيه .. أسرع يعتلي الدرج وهو يمني نفسه بساعة من الراحة بين أحضانها .
وجدها هناك بالفعل تجلس على حافة الفراش وظهرها اليه .. صعد الى الفراش وطوقها بذراعيه من الخلف ډافنا وجهه فى عنقها يتنشق رائحتها التي لا تشبه غيرها 
- أين ذهبت ؟
لم تجيبه وبعد لحظات أدرك أنها لا تتجاوب معه كما أعتاد خلال الأيام القليلة الماضية منذ عودته والخجل الذي أصبح يثيره أكثر من الأغراء الوقح .
سألها
- هل أنت بخير ؟
رفع وجهه ونظر الى جانب وجهها ولاحظ أنها شاحبة وشاردة وكأنها لا تشعر بوجوده فأعتدل جالسا لى جوارها وأدار جسدها اليه وهاه نظرة الخواء فى عينيها فقال بقلق شديد 
- حبيبتي ؟ .. ماذا بك ؟
لم تنظر الى عينيه فهزها برفق 
- أروى ؟
ودون سابق أنظار أنسابت الدموع غزيرة من عينيها ونظرت الى عينيه .. حزن ولوم وعتاب .. مرارة وخيبة أمل .. رسائل وصلت اليه من خلالهما فقال بضعف وغصة بحلقة
- أروى .. أنا ..
مدت له يدها التي تحمل هاتفها فأخذه منها وهو يحاول أبتلاع ريقه .. 
العديد من الصور له مع كاميليا ومنها صور لهما أخذت فى غرفة نومهما .. شعر بالبرودة تجتاح جسده وغار قلبه 
- من أرسلهم ؟
وقفت ببطئ وابتعدت عن الفراش تحدق به .. للحظات ثم قالت بصوت متحشرج
- وهل من المهم أن تعرف من أرسلهم ؟
عجز عن الرد فتابعت بصوت أقوى قليلا
- المهم هو هل هذه الصور حقيقية أم لا .
وعندما لم يقل شيئا وأطرق برأسه صاحت
- صحيحة ؟ .. تتركني هنا بالأيام والأسابيع وحدي أشتاق اليك بحجة الأعمال وأنت تقضي أوقاتك بين ذراعي النساء .. كم مرة خڼتني ؟
- كنت متزوجا منها .
قالها بخجل شديد غير قادر على النظر الى وجهها فقالت بمرارة 
- تزوجتها ؟ .. وكم امرأة تزوجتها دون علمي .. الشرع حلل لك الزواج ولكن حرمه ان لم تعلم زوجتك به .. فهل أعلمتني .. هل خيرتني بين الموافقة عليه أو تركي لك .
رفع اليها وجهه متفاجئا فتابعت بمرارة
- هذا حقيقي .. من حقي أن أرفض وأطلب الطلاق ان لم يناسبني زواجك بأخرى علي .. هذا هو شرع الله الذي ذهبت وخالفته .. لقد خڼتني وأهنتني وبسبب امرأة يستطيع أي رجل الحصول عليها .
وقف فراس وقد شحب وجهه بشدة .. حتى أروى تعرف عن كاميليا ما لم يكن يريد أن يصدقه عنها .. مد يده محاولا لمسها فأنتفضت تبتعد عنه وهذا آلمه بشدة
- لقد أخطأت ولكني عرفت خطأي وتعلمت منه وجأتك نادما تائبا وأريد أن أكرث بقية عمري لك ولأولادنا .
ضحكت بمرارة ساخرة
- وهل علي أن أصدقك ؟ .. وهل يجب علي أن أسامحك بهذه البساطة ؟
قال يترجاها 
- أعرف ان مسامحتك لي لن تكون سهلة ولكن ..
قاطعته پغضب وعڼف شديد أذهله أن يراه منها
- لن يكون هناك سماح من الأصل .. لقد أنتهى كل شئ .. تحملت أنانيتك وجفاءك على أمل أن يأتي يوم وتراني فيه كما أراك .. كنت أصبر نفسي بأنك نوع من الرجال يأتي عمله فى المرتبة الأولى قبل زوجته وقدرت تعبك من أجلنا وقمت بدور الزوجة الوفية العاقلة ولكن أتضح لي انني مجرد زوجة غبية .. هل تعرف ما الذي ضحيت به من أجلك .. 
لم يرد لأنه لا يعرف فتابعت 
- كنت قد بدأت بتحضير أوراقي للسفر الى أوروبا لعمل دراسات عليا وكان هذا حلمي وأمل أبي ورغبته وكان يشجعني .. أراد أن يراني أستاذة جامعية يفتخر بها وعندما تقدمت لخطبتي تركت حلمي وحلم عائلتي من أجلك ورضيت أن أصبح فقط زوجة وأم وكنت فخورة بذلك .. وهل تعرف بماذا أشعر الأن ؟ .. أشعر بأنني ضيعت سنين عمري هدرا .. على رجل لا يستحق مجرد التفكير به .
ابتئست نظرات فراس وانقبض قلبه وهو ينتظر ما هو آت 
- أريد الطلاق .. سوف أعود الى بيت أبي وأرجو أن تتم أجراءات الطلاق دون مشاكل .
تركته وانصرفت برأس شامخ ووقف هو مطرق الرأس يتجرع مرارة الهجر .

****

خرجت زينة من الغرفة ترتدي ثوب زفاف أبيض وحذاء أبيض عالي الكعبين .. وقف خالد أمامها ببذلة سهرة وكان رائعا .. يخطف أنفاس أية امرأة بوسامته المدمرة وشخصيته الطاغية وأبتسم لها بحب ورقة وقال وعيناه تلمعان 
- رائعة كما تخيلتك دائما .
أمسك بيدها فأرتجفت فقال وهو يحتضن يدها الى صدره 
- أحبك .. أستطيع أن أبادل العالم كله بك .
ثم وضع ذراعها بذراعه وسار بها الى الصالون حيث يوجد المأذون وأثنين من الرجال .
تم كتب الكتاب ومرت الأجراءات كالحلم على زينة وأنهالت المباركات ن الشيخ والشهود وبعد لحظات كانوا قد رحلوا وأصبحت وحدها مع خالد .. مع زوجها .

****

تفاجأت نبيلة بذلك الرجل يجلس على درجة السلم أمام باب بيتهم 
- أنت ؟
رفع آدم نظره بلهفة ورأى أخت زينة تقف أمامه وكان الرهاق جليا على وجهها فسألها على الفور بلهفة
- هل عادت زينة ؟
قالت بحدة 
- ألم تقل أنها معك ؟
- لقد أضعتها ولا أستطيع العثور عليها .
شحب وجهها أكثر وقالت 
- قد يكون خالد وجدها .
هب واقفا وقال 
- هل تعرفين أين يمكن أن أجده ؟
- أعرف بيته .. نعم .
سحبها من يدها الى السلم پعنف 
- خذيني اليه .
تراجعت بړعب وهزت رأسها پذعر
- لا .. لا .. انت لا تعرف ماذا يمكن ان يفعل بي .. سوف ېقتلني ..
غلى صدره وسرى الخۏف فى اوصاله .. زينة .. قد تكون الأن تحت رحمة ذلك الشيطان .
جذبها بشدة
- كفري عن ذنبك فى حقها .. يجب أن أجدها .

******

الفصل الثاني والعشرون

ظلت زينة جالسة فى مكانها على الأريكة بعد رحيل المأذون والشهود ..
وقف خالد عند الباب يتأملها بحزن .. لم يكن هذا ما توقعه وحلم به عن ليلة زفافهما .. أرادها عروس سعيدة تنتظر تودده اليها بلهفة وسعادة لا أن تجلس وكأنها فى أنتظار حكما بالأعدام ..
لوى شفتيه بمرارة ثم تمالك نفسه واقترب منها وجلس الى جوارها, أنتفضت تبتعد عنه فوضع يده على ذراعها يمنعها من الأبتعاد وهمس في أذنها بعشق وقلبه يخفق تأثرا وكان هذا غريبا عليه يجربه فقط لأول مرة معها 
- أحبك . 
وضع فمه على شعرها وقبلها برقة فشهقت وكادت أن تبكي ولكنها تمالكت نفسها حتى لا تغضبه فقال بحنان حزين 
- لا تخافي .. أنا لن أجبرك على شئ حبيبتي .
رفعت وجهها اليه لهفة 
- حقا لن تفعل .
ربت على وجنتها وعيناه تحوم على ملامحها الرقيقة بنظرة شوق لم يستطع أخفاءها 
- نعم .. سأعطيك كل الوقت الذي تريدين حتى تعتادين علي .
ثم طوقها بذراعيه وقال وهو يدفن وجهه في شعرها .. ولكنه لن يتوانى عن محاولة اغواءها .. واقسم أنه سيجعلها تأتي اليه راغبة وقريبا جدا .. فهو فى شوق كبير اليها ولن يكفيه العمر كله كي يطفئ نيران شوقه, تابع 
- يكفي أن تكوني قربي .. ملكي .. لا يجرؤ أحد على أخذك بعيدا عني .
ظل يحتضنها ويهدهدها كطفل صغير .. سحب دبابيس شعرها وجعله ينساب على ظهرها وراح يمسح عليه بحب وهو يقول
- شعرك يعجبني .. أنه عكس شخصيتك .. يبدو ثائرا متمردا ولكن أنت .. أنت كالماء الرائق .. صافية القلب والنية .. والأهم أنك أصبحت لي .
غامت عينا زينة وهي قابعة فى حضنه .. تخشى أن تبتعد فيغضب فكانت شبه مستسلمة لما قد يفعله بها ولكنه وعدها أن لا يجبرها على شئ وهي تصدقه فهو لم يحاول فرض نفسه عليها منذ أن وجدها .
صوت جرس الباب أجفلها وجعل ذراعي خالد تشتد عليها وقال بضيق
- من القادم الأن ؟
أبتعدت زينة عن ذراعيه ولم يمنعها ووقف ليرى من القادم .

****
أنها تتجاهله عمدا ..
تختفي من أي مكان يظهر فيه .. 
دخل حميد عابس الوجه الى غرفة الجلوس الملحقة بحجرة نوم أمه والتي كانت تجلس على الأريكة وبيدها فنجان قهوة تحتسيه بهدؤ وسألته 
- ماذا بك ؟
قال بتشدق
- لا شئ .. أشعر بالملل .
- ولماذا لا تخرج أو تذهب للعمل .. لم أعتاد على مكوثك فى البيت هكذا .
وضع يديه فى جيب سرواله وقال 
- مازلت فى أجازة ولا أشعر بالرغبة فى الخروج .
نظرت اليه أمه بتمعن لبعض الوقت مستغربة من توتره 
- أنت وشقيقتك تبدوان فى حالة غريبة .. لا أعرف ما الذي حدث بينكما .. أخشى أن تنتكس حالتها مرة أخرى وتكون أنت السبب .
قال بحنق  
- أعتقد أننا يجب أن نتركها تواجه واقعها وحدها ونكف عن تدليلها .. أنها تلجأ الى لي أذرعنا بأستمرار بسبب ما مرت به وتنسى أنها هي من تسبب بكل هذا لنفسها .
سألته أمه بتردد
- وماذا عن آدم .. كانت تأمل فى أن يعود اليها و ..
قاطعها حميد وقد أزداد حنقه عند ذكرها لآدم 
- بالله عليك يا أمي .. لا أعرف كيف تفكرين أنه سيقبل بها بعد ما فعلته به .. وأنت تعرفين جيدا مدى قسوته .
أعترضت أمه قائلة
- أنه رجل جيد وصديقك المقرب .
- ولكنه لم يعد يحبها وأستطيع أن أؤكد لك أنه وقع فى حب فتاة أخرى وجليلة تعلم ذلك .. يجب عليها الأن أن تتخطى حبها القديم وتفيق مما هي فيه .
هزت أمه رأسها بأسف 
- معك حق .
سألها بعد تردد 
- جنة ليست هنا ؟
أبتسمت أمه وقالت بمكر
- لم تعد تدعوها بجهنم .
- حتى لا تغضب .. فهي ..
قاطعه دخولها من الباب بأندفاع قائلة 
- خالتي .. أنا ذاهبة .
أستدار حميد اليها ووقف مصعوقا مما رآه وقد ألجم لسانه .. 
كانت ترتديي ثوب أحمر ضيق وقصير جدا أظهر تناسق ورشاقة جسدها الذي كان مختفيا داخل القفاطين التي كانت ترتديها بأستمرار .
أنتبهت جنه لوجوده فشهقت پغضب وهي تضم معطفها لتخفي جسدها عن عينيه الجائعة وهبت فى وجهه كالقطة
- الى ماذا تنظر يا قليل الأدب ؟ .. ألا تخجل من التحديق بي هكذا ؟
أفاق حميد من صډمته برؤية جمالها وأحتقن وجهه بشدة من سبابها له وسألها بحدة وهو لا يتخيل أنها ستخرج هكذا 
- الى أين أنت ذاهبة هكذا ؟
أشاحت بوجهها بعيدا عنه متجاهلة سؤاله وقالت لأمه 
- الى اللقاء يا خالتي لن أتأخر.
ثم استدارت وخرجت من الغرفة مارة بجواره وكأنه هواء ..
وقف حميد ينظر فى أثرها بذهول للحظات ثم استدار الى أمه وقال بغيظ
- الى أين هي ذاهبة بهذه الملابس ؟
حاولت أمه أخفاء أبتسامتها ولكن عيناها فضحتها 
- وما هو وجه أعتراضك على ملابسها ؟ .. جليلة ترتدي مثلها ولا تهتم لذلك .
أحمر وجهه بشدة واسرع الى النافذة ورأى جنة تركب السيارة فى المقعد الخلفي .. كانت قد أغلقت أزرار معطفها الطويل ولكنه مازال يعلم أنها ترتدي ذلك الشئ الأحمر الصغير من تحته ..
تحرك السائق بالسيارة وظل يتابعا بغيظ الى أن خرجت من البوابة وأختفت .. أستدار الى أمه وقال بعصية 
- جليلة كبيرة وناضجة ولكن هذه الفتاة مازالت صغيرة .. صغيرة جدا لترتدي هكذا .
ثم صمت ليبحث عن شيئا مقنعا ليقوله وتابع 
- بالله عليك .. كيف تسمحين لها بالخروج وحدها وهكذا ؟
لم تتمالك أمه نفسها وانطلقت تضحك مقهقهه بصوت عالي وقالت 
- لا تقلق .. اليوم حنة أبن خالك وهي ليلة للفتيات فقط .
لم يهدئ هذا الكلام مما كان يشعر به 
- ولو .. ذلك السائق مازال شابا كيف تخرج معه بمفردها .
- وهل ستغار عليها من السائق ؟
بهت وجه حميد وقد صډمه ما قالته أمه وقال معترضا
- أغار ؟ .. أغار على تلك السليطة اللسان ؟ أنا لا أطيقها .. لا يمكن أن يطيقها أحد.
تنهدت أمه وقالت 
- لماذا لم تعرض عليها أن توصلها بنفسك ؟
رد بضيق شديد 
- لم تكن لترضى .. أنها تتجاهلني تماما كما رأيت .. تتجاهلني بأستمرار ولا تتذكرني الا عندما توجه لي السباب فقط .

****

فتح خالد الباب وتحجر وجهه على الفور عندما رأى نبيلة أمامه لم يتوقع أن تتجرأ وتأتي بقدميها الى عنده ولكنه لم يقف عندها كثيرا وركز أنتباهه على الرجل الذي يرافقها ونظر أحدهما الى الآخر بثبات .. 
شعر خالد بالحذر منه فنظراته وكأنها تكاد تفتك به وتساءل عن السبب .. واستبعد أن تكون نبيلة هي السبب فهي ليست بالشخص الذي يقاتل المرء من أجله وهنا دق ناقوس الخطړ فى رأسه .. فتاة واحدة يعرفها قد تدفع الرجل للمۏت من اجلها .. أنها فتاته هو .. زوجته .
قال ببرود ومن داخله متحفزا للقتال 
- نعم .
تحرك الرجل بعصبية وظلت عينا خالد تراقب تحركاته بتأهب وكان قد سد الباب بجسده .. كانت نبيلة تقف مصفرة الوجه وهي تقول بتلعثم سببه الخۏف 
- زينة .. هل هي معك ؟
ضاقت عيناه ولمعت بشراسة 
- وما شأنك بها ؟ .. أشكري ربك انك نجوت من بين يدي وكان هذا من أجل خاطرها فقط .
أنتفض الرجل خلفها وتقدم مزيحا نبيلة من أمامه قائلا بحدة
- أين هي ؟.. هل هي معك ؟
أوقفه خالد بأن دفعه فى صدره قائلا ببرود قاټل 
- ومن أنت ؟ .. وما الذي تريده من زوجتي ؟
لم يعرف خالد من منهما أصبح أكثر شحوبا من الأخر وهو يرى الصدمة على وجهيهما
- زوجتك ؟
لم يعد لدى خالد شك بأن هذا الرجل جاء من أجل أمرأته ولكن ما جعل أعصابه تثور هو تساؤله عن من هو بالنسبة لها وما مدى ما وصلت اليه علاقته بها وتذكر ذلك الرجل الذي قابلهم فى الميناء .
- نعم زوجتي .
قالها بشراسة وتابع
- والليلة هي ليلة زفافنا .
دفعه الرجل بقوة الى الداخل وكاد أن يسقطه على ظهره وراح يتقدم منه مهددا 
- أنا لن أتركها تحت رحمة حقېر مثلك .
هب خالد متقدما نحوه ولكن صوت زينة سمره في مكانه 
- آدم .
اللهفة والشوق فى صوتها قټله تقريبا .. ألتفت اليها ورآها تنظر الى ذلك الرجل وكأنها تنظر الى روحها فتوقف النفس فى حلقه وأرتعب .
تقدمت زينة وهي تتعثر في مشيتها وتمد يدها أمامها فاندفع الرجل ليلاقيها ولكنه لم يستطع أن يبقى متفرجا واسرع يجذبها الى ما بين ذراعيه .. أختطفها قبل أن تصل اليه وللحظة ظن أنها ستقاومه ولكنها عادت واستكانت بتخاذل ووقف الرجل مذهولا .. يحدق بهما مصډوما وهو يقول بعدم تصديق 
- هل تزوجته حقا ؟ .. تزوجت من ذلك الساڤل ؟
هزت رأسها بعجز فشعر خالد پالنار تنهش جسده وقال پغضب مخيف جعل جسد زينة يرتجف بين ذراعيه ولكن ليس لهذا الرجل الذي لم تهتز له شعره وظل يحدق بزينة  
- خذ هذه الحقېرة وأخرجا من هنا حالا والا فعلت ذلك بنفسي .
تراجعت نبيلة الى الخلف حتى أصبحت عند الباب ولكن آدم ثبت في مكانه رافضا التزحزح وقال بشراسة مماثلة 
- لن أذهب من دونها .. بالتأكيد أنت أجبرتها على الزواج منك رغما عنها .. أعرف أنها ما كانت لتقبل بالزواج منك لولا ذلك .
كان محقا وزاد قوله من ڠضب خالد 
- وان يكن .. هذا لا يخصك ولا يعنيك فى شئ .
- بل يعنيني .. كنا سنتزوج .
أشتدت ذراعي خالد حولها وقال ببرود قاټل 
- أنها لي الأن .. أنا من فزت بها .
شاط عقل آدم ونظر الى وجه زينة بمزيج من الألم والڠضب 
- كيف وافقت على الزواج منه وأنت تعرفين عنه كل شئ .
همست بضعف
- من أجل والدي .
شهق آدم .. هذا ما أبتزها به .. لم تكن تعلم بمۏت والدها وذلك الشيطان أستغل جهلها 
- لقد ماټ أبي يا زينة .. ماټ بسب ما فعلته بك وبنفسي .
صاحت نبيلة بتلك الكلمات بصوت معذب وكأنه يقتطع من نياط قلبها .. 
تراخى جسد زينة بين ذراعي خالد ورمشت بعيناها غير مصدقة لما سمعته من نبيلة والتي كانت ترفض النظر الى وجهها الى أن نطقت بتلك الكلمات التي حطمت قلبها .. ماټ أبوها ؟ .. ماټ وهي بعيدة عنه ؟ .. ماټ الرجل الذي ألقت بنفسها فى الڼار من أجله مرتين .. ماټ وهو مقهور عليهما ؟
نظرت الى آدم بأتهام وقالت
- أخبرتني أنه بخير .. أخبرتني أنه أجرى الجراحة وأنه يعرف أنني سالمة .. فهل كذت علي ؟
شعر آدم بالحزن مشفقا عليها
أسود العالم فى نظر زينة فللمرة الثانية تصبح تضحيتها بلا جدوى .. أقترب آدم منها وقال 
- نبيلة حامل .
فكر يائسا ان هي عرفت بأن أختها حامل من الرجل الذي تزوجت منه سوف تتركه وتذهب معه .
نظرت اليه مشوشة الذهن وقلبها الحزين الملكوم لم يعد فيه مكان للمزيد 
قال خالد صارخا پغضب فى نبيلة
- ألم أطلب منك أن تتخلصي من ذلك الشئ  .
ألتفتت اليه زينة والدموع تنساب من عينيها غزيرة 
- عن أي شئ تتحدث؟
صاحت نبيلة بمرارة وهي تتقدم منهم وقد واتتها بعض الشجاعة 
- عن طفلي .. طفله ... يريدني ان أقتله .
شهقت زينة بالبكاء وقالت وهي تهز رأسها 
- لا .. لا مزيد من القټل .. لا مزيد من المۏت .. لا أريد .
حاول خالد أحتوائها وتهدئتها ولكنها صاحت بهستريا وهي تنتقض بعيدة عنه وأمام دهشتهم أسرعت الى نبيلة تعانقها بقوة وهي تقول 
- لا .. لا تخافي .. لن أتركك أبدا .. ولن أسمح لأحد بأن يؤذيك أبدا .
ضمتها نبيلة بقوة في المقابل وقالت وهي تشهق بالبكاء 
- آه يا زينة .. سامحيني أرجوك .. أنا آسفة .. وليت أبي يسامحني .
وقف خالد وآدم عاجزين عن فعل شئ وكلا منهما فى حالة انتظار لما ستقرره زينة وكلاهما مصر على الفوز بها .

****

خرجت جنة من بيت عروس ابن خالها لتجد سيارة مختلفة عن التي جاءت بها بأنتظارها فاقتربت قليلا واكتشفت أن السائق أيضا مختلف وجزت على أسنانها غيظا عند رؤيتها لحميد ..
صعدت الى المقعد المجاور له وسألته بغلظة 
- ماذا جاء بك الى هنا ؟ .. وأين السائق ؟
أدار المحرك وبدأ بالتحرك بالسيارة وهو يقول 
- فضلت أمي أن آتي بنفسي لأخذك من أن يفعل ذلك شاب غريب .
ابتسمت جنة بأستهزاء وقالت
- حقا ؟ .. خالتي قالت ذلك .. عجبا .
سألها عابسا 
- ماذا تعنين ؟
- لا شئ .
ثم أشاحت بوجهها بعيدا وبدأت فى تجاهله ومرت نصف ساعة كان ينتظر منها أن تقول شيئا ولكنها استمرت على صمتها فكاد أن ېصرخ فى وجهها فتصرفها معه بتلك الطريقة يستفزه , قال أول شئ خطړ بباله ليفتح معها حوار 
- كيف كانت الحنة ؟
- تقصد الفتيات ؟ .. كن جميلات .. ليتك كنت معنا حتى تنتقي منهن ما تريد ولكني أشك فى أن تقبل احداهم بك فجميعهن فتيات فضليات من عائلات محترمة وأنت معتاد على أنتقاء القاذورات أمثالك .
فاض به الكيل وفكر بأن يوقف السيارة ويصفعها ولكن بدلا من ذلك أوقف السيارة واستدار اليها ومال نحوها وفتح الباب المجاور لها وأمرها پغضب 
- أنزلي من السيارة 
تراجعت الى الخلف على مقعدها وقالت بأستنكار وهي تنظر الى الشارع المقطوع والغارق فى الظلام 
- هل أنت مچنون ؟ تريدني أن أنزل هنا .
دفعها بفظاظة وكان قد وصل الى قمة غضبه 
- نعم أنزلي .. هيا .
سقطت جنة من السيارة بسبب دفعه لها على الأسفلت ولم تصدق نفسها وقد أغلق الباب وانطلق بالسيارة بسرعة غير آبه بنداءها عليه .
ظل حميد منطلقا فى طريقه وهو يلعن نفسه لأنه قرر أن يجئ لأصطحابها بنفسه وكان يفكر فى التودد اليها بعد أن لفتت أمه نظره بأنه يغار على جنة وأدرك أنه خلال الأيام الماضية بدأ يتعلق بها حقا ويعتاد على وجودها بشكل شغل عقله عن الأشياء الكثيرة التي حدثت معه خلال الفترة الماضية واليوم عندما رآها بذلك الثوب خطفت أنفاسه وعقله وكان يريد أن يعرف ان كانت ستخطف قلبه أيضا .
توقف بالسيارة بغتة فأصدرت صريرا مزعجا ووبخ نفسه قائلا
- ما هذا الجنان الذي فعلته ؟
كيف تركها فى طريق مهجور وحدها ؟ وعاد بالسيارة الى الخلف بسرعة وتقريبا وصل الى المكان الذي تركها فيه ولكنه لم يجدها .
خرج من السيارة وقد تملكه الړعب وصاح يناديها
- جنة .. جنة أين أنت ؟
أبتعد عن السيارة وهو يتلفت حوله 
- أين ذهبت هذه الفتاة ؟
أقترب من أجمة الأشجار على جانب الطريق وصاح مناديا من جديد ولكن لم يأتيه رد ثم سمع صوت باب السيارة يغلق وصرير عجلاتها يرتفع وهي تنطلق بعيدا وآخر شئ سمعه هو صوتها يصيح 
- غبي .  
وقف حميد مذهولا للحظات يتابع السيارة وهي تبتعد حتى أبتلع الظلام أضواء الكشافات الخلفية .

****

- أنا سوف أبقى معه .
حدق آدم فى وجه زينة بذهول .. لم يتوقع أن تكون تلك ردة فعلها بعد أن عرفت بمۏت والدها وبأن أختها حامل من الرجل الذي تزوجته .. كان مستعد ليخوض حربا من أجلها ان طلبت منه أن ينقذها منه ولكنها تقف أمامه الأن بثبات وتقول له أنها سوف تبقى معه.
قال يتوسل اليها تقريبا 
- أعرف أنك غاضبة مني ومن ردة فعلي على ما حدث فى مونت كارلو .. أنا آسف وسوف أعوضك واعدك أنني ..
قاطعته بهدؤ ووجه شاحب 
- ليس هذا هو السبب .. لقد فكرت ورأيت أن خالد هو من يناسبني .. وعدني بأن يتغير وأنا أصدقه .. وأنا مازلت أحبه فى الحقيقة وأرى أنه يستحق فرصة أخرى 
أمسك آدم ذراعها قائلا بحدة 
- أنت تكذبين .. لمن تضحين بنفسك هذه المرة .. أمن أجل هذه ؟
ثم أشار الى نبيلة التي تقف بصبر كمن ينتظر من يقرر مصيره وتابع 
- أنها لا تستحق . 
سحبت زينة ذراعها منه وقالت 
- أرجوك أتركني وشأني فأنا أمرأة متزوجة الأن .. عد الى حياتك واتركني لحياتي .. آسفة لما سببته لك من مشاكل وأضاعة لوقتك في البحث عني .
شعر آدم بمرارة الهزيمة فى فمه وأدرك أن هذه الفتاة التي أعتادت على الټضحية سوف تضحي حتى النهاية ومهما فعل ومهما قال لن يستطيع أن يثنيها عن عزمها .. وألقى باللوم على نفسه .. هو من تركها ولم يستغل الفرصة عندما كانت بيده , أقترب يهمس بالقرب من أذنها 
- سوف أنتظرك .. سأبقى بأنتظارك فى نفس المكان الذي تركتك فيه ولو أنتظرت الى الأبد سيكون ذلك عقاپا عادلا لي .
ثم نظر الى خالد بكره شديد قبل أن يستدير ويخرج من باب الشقة كالعاصفة .
زفر خالد بأرتياح رغم ما يشعر به من غيرة وحقد على الرجل الآخر .. 
لأنه عرف أن زينة سوف تتخذ ذلك القرار .. وآدم ذاك كان يعرف فكما يبدو أن كلاهما يعرفان ما يدور في رأسها الصغير الجميل لذلك وقف صامتا وتركها تتخذ قرارها ووقف يتابع صامتا,  أقترب منها قائلا برقة 
-  لا تقلقي .. سوف أعتني بعائلتك من أجلك .
كانت تنظر الى نبيلة وقالت بحزم دون أن تلتفت اليه 
- سوف تتزوجها .
ظن خالد للحظة أنه لم يسمعها جيدا وقال من بين أسنانه غير مصدقا 
- ماذا قلت ؟
وقفت نبيلة بدورها مذهولة ومتسعة العينين , ألتفتت زينة الى خالد وتابعت بهدؤ 
- أنت مدين لي بذلك .. ومدين للرجل الذي رباني والذي قد أعتديت على شرف أبنته وجعلته ېموت بحسرته .. كنت سأبقى معك من أجله وها أنا سوف أبقى معك من أجل أبنته .. شرطي الأن لكي يتم زواجنا هو أن تستر عرض أبنة الرجل والمرأة اللذان كانا لي أب وأم .
لم يعرف خالد ماذا يقول لها .. هو لم يرى مثل هذه المخلوقة فى حياته من قبل .. لم تسعى اليه طمعا بشكله ولا بأمواله ولم تطلب من الدنيا أكثر مما أعطتها .. تشعر بالوفاء لرجل مېت ولأخت لم تعاملها يوما الا بالسؤ .. رآها الأن تضحي بسعادة قلبها وبهناء بالها استمرارا بالتضية وحبا في الوفاء .. ولأنه هو ما هو قال بلهجة شيطانية 
- سأنفذ لك رغبتك وأتزوجها ومن ثم سأطلقها ولكن بشرط .
انتظرت زينة سماع شرطه بقلب غائر
- لن أنتظر .. بعد أن أتم الزواج سوف يصبح جسدك لي دون قيد أو شرط .. سوف نبدأ حياتنا معا .
لم تذرف عيناها الدموع ولكن قلبها كان يبكى بالفعل .. بكى وهو يرى حبيبه يذهب مكسور الخاطر .. أنفطر ألما وهو يضحي بسعادته ليريح غيره .

****

وصل حميد الى البيت وقد وصل به الڠضب الى أقسى مداه .. لأول مرة يشعر بمثل هذا الأجرام ورغبة متوحشة لأيذاء أحد .. تلك الفتاة التي تركته وحده فى طريق مقطوع وكان قد ترك هاتفه فى السيارة وجعلته يسير لأكثر من خمسة كيلو متر فى الظلام حتى وجد سيارة نقل تقله الى الطريق العام وأخذ من هناك سيارة أجرة الى البيت .. 
الجميع كان نائما وفكر بطريقة شيطانية أن جهنم تلك بالتأكيد تنام كالملاك قريرة العين دون أن تهتم بما حدث له .
ولكنه أكتشف أنها مازالت مستيقظة عندما أقتحم غرفتها ووجدها تقف بجوار النافذة كما لو كانت تترقب وصوله ومازالت ترتدي ثوبها الأحمر .. 
أتسعت عيناها فزعا وهي ترى الشړ الذي يطل من عينيه فجرت بسرعة عبر الغرفة وهي تصيح به 
- أخرج من غرفتي يا قليل الحياء .
ولكنه لم يبالي بسلاطة لسانها هذه المرة وقد قرر أن يعلم لسانها كيف يبتلع كلماته اللاذعة والى الأبد .
جذبها من يدها فطار جسدها النحيل واصدم بجسده الصلب وابتسم بشراسة
- ستدفعين ثمن ما فعلته بي الليلة .
طرحها على الفراش وثبت ذراعيها فوق رأسها وأسكت صړختها بعناق قاصدا معاقبتها ولكن ما لبث وأن أنتفض جسده وتعالت صرخته هو عندما نشبت أسنانها الحادة الصغيرة بشفته السفلى ووقف مبتعدا عنها يقفز من الألم وهو يسب ويلعن .. نظر الى يده ورأى الډماء عليها فنظر اليها پغضب مذهول .. كانت تجلس بركبتيها على الفراش واضعة يديها على خصرها وشعرها القصير مشعث وتنظر اليه بشراسة قطة برية
- أذهب الى الطبيب أنها تحتاج لتقطيب وسوف تحتاج بعدها الى شهر قبل أن تجرؤ على تقبيل حتى عنزة صغيرة .

****

الفصل الثالث والعشرون

كانت نائمة كالملاك فى ثوبها الأبيض ..
لقد سقطت نائمة على الأريكة بعد أن أنهكها البكاء حزنا على والدها وما مر بها وكان هو أكبر همها , حملها الى غرفته فأفاقت للحظة فزعة وهو يمددها على الفراش فهمس لها يطمئنها
- هششش .. لا تخافي .. نامي ولا تقلقي من شئ .
أغلقت عيناها من جديد وراحت في ثبات عميق وجلس بجوارها ينظر اليها .. أبتسم يسخر من نفسه .. من يصدق أن مثله يجلس هكذا يتحكم في رغبات جسده مرعاة لمشاعر امرأة .. ولكنها ليست أية امرأة .. أنها ملاكه الذي أقتحم عليه جحيمه وجعله يدرك  أن لهيب نيرانه كانت ټحرق روحه قبل أن ټحرق جسده .. 
فعل الشړ لديه كان هواية ولم يقف لحظة من قبل كي يفكر .. ولكنه أصبح يفكر بعد أن كادت الڼار التي أشعلها من حوله أن تطال المخلوقة الوحيدة التي أراد أن يهديها الجنة ونعيمها زائد قلبه .. 
مال عليها وهمس 
-  أعدك أنني سوف أتغير .. سوف أكون لك الزوج والحبيب الذي تتمنينه .. لن أكون السبب يوما في دمعة حزن ټغرق بها عيناك .. سأجعل قلبك ينسى ذلك الرجل وأعود أنا لأحتل مكاني فيه .
قبلها برقة على جبهتها ثم تمدد بجوارها حريصا حتى لا يشعرها بوجوده .

****

أصبحت الساعة السادسة صباحا وحميد جالسا في حجرة الجلوس عاجزا عن النوم .. بحث عن زجاجة خمر يتجرعها لينسى بها الأذلال الذي لحق به ولكنه لم يجد . لا تسمح أمه بدخول الخمور الى البيت وهي فيه لذلك جلس يحدق أمامه عابسا ومټألما .. لقد ذهب الى المشفى بعد أن أستمرت الډماء ټنزف من شفته وأدرك أنها كانت محقة ولم تكن تسخر منه عندما أخبرته أن الچرح يحتاج الى تقطيب .
سأله طبيب الطوارئ متعجبا عن سبب الأصابة فقال كاذبا أنه سقط فقال الطبيب
- سقطت على شفتك السفلى فقط .
كان كامل وجهه سليما فزمجر قائلا 
- وهل هناك ما يمنع ؟
أبتسم الطبيب ولم يعلق وهو ينظف الچرح قبل تقطيبه وهنا لاحظ أن الممرضة كانت تخفي ضحكة بكف يدها .
خرج من المشفى واستقل سيارته متوجها الى البيت وشئ واحد .. شخص واحد يشغل عقله ..  جنة .. تلك القطة المتوحشة التى لا يستطيع أن يجد طريقة لترويضها بها .. أعتاد أن تعجب به الفتيات ولكنه فى الأونه الأخيرة لم يعد حظه جيدا معهن .. أولا نيكول التى فجأة قررت أن تتركه هي ومن ثم زينة والأن جنة .. فما الذي حدث له؟!! مط شفته بأستياء فشد الچرح تأوه وقال
- يبدو أنني غير قادر على جذب غير النوع السئ من النساء ككاميليا وغيرها .
ولكن من هن مثل زينة وجنة ينفرن من أمثاله فهم بحاجة الى الحب والأخلاص وهذا ما لا يستطيع تقديمة أو هذه هي فكرتهم عنه .
وقف حميد وأخذ يتمشى جيئة وذهابا يفكر .. هل أنا قادر على الحب والأخلاص لمن أحب ؟
سمع صوت حركة بالخارج فتحرك نحو الباب ليرى من .
كانت جنة ترتدي ملابسها للخروج وتجر خلفها حقيبة سفر ضعف وزنها تقريبا , خفق قلبه وقال بحدة 
- الى أين أنت ذاهبة ؟
رفعت اليه وجهها مجفلة ومن ثم شع الڠضب من عينيها 
- سأترك لك البيت .. فأنا لن أبقى تحت سقف واحد مع شخصا منحلا بلا أخلاق مثلك .
عض حميد على شفته السفلى غيظا وكان قد نسى الچرح بها فتغضن وجهه پألم 
- أحسن .
قالتها جنة بتشفي فكاد للحظة أن يضحك ولكنه كان يخشى من أغضابها وقال برزانه 
- هل أستطيع الحديث معك لدقائق من فضلك ؟
ثم أشار الى غرفة الجلوس وانتظر ردها وبعد لحظات من التردد هزت رأسها ايجابا وتركت حقيبتها وتقدمت الى الغرفة عابسة الوجه 
ابتسم حميد لرأسها الشامخ وهي تمر به وبادرها قائلا 
- أولا أريد أن أعتذر عما بدر مني وكما قلت أنا أستحق ما فعلته بي .
مشيرا الى شفته فعقدت حاجبيها بشدة وأحمر وجهها وكأنها كانت تتذكر ما حدث بينهما فتابع بحماس 
- كانت ردة فعل غاضبة بعد ما تركتني وحدي فى ذلك الطريق .
قالت پعنف 
- لقد تركتني قبلها فى نفس الطريق .
- ولكني عدت .. أردت فقط أن أخيفك قليلا فأنت تقومين بسبي طوال الوقت من دون سبب وقد مللت من ذلك .. والأن ما رأيك لو نعلن هدنة فيما بيننا .. أريد أن أتعرف عليك جيدا .
رفعت حاجبيها بدهشة 
- تتعرف علي ؟ .. لا تقل أنك تريدنا أن نصبح أصدقاء ؟
كانت تسخر منه ولكنه قال بهدؤ متجاهلا سخريتها 
- في الحقيقة أريد أن نصبح أكثر من صديقين .
ضاقت عيناها بحدة
- ماذا تعني ؟
ابتسم متجاهلا ألم الچرح
- لا أقصد أي شئ مشين .. فى الواقع أظن أنك تعجبينني كثيرا .
ووجد نفسه يقول
- هل تقبلين الزواج بي يا جنة ؟
لم يكن ينوي أن يعرض عليها الزواج بهذه السرعة ولكن ما دفعه لذلك أحساس داخلي ولم يندم عليه .
ألجمت المفاجأة لسانها للحظة قبل أن ټنفجر ضاحكة بشدة بعدها فجاء دوره ليصدم 
تمالكت نفسها أخيرا وقالت 
- آسفة لأنني ضحكت فأنت تبدو جادا وهذا غريب .. 
ثم تابعت بطريقة أكثر جدية
- طلبك مرفوض بالتأكيد .. أنا لست غبية لأقترن بشخص مستهتر مثلك .. حميد .. أنت لا حدود لأخطاءك وذنوبك .. أنا أعرفها كلها .. أنت غير قادر على الأخلاص بل أنت لا تعرفه .. أنت تخون عشيقاتك  وتخون أصدقاءك .
شحب وجهه فتابعت تؤكد ما جاء على باله 
- نعم .. قالت جليلة الكثير وما سمعته جعلني أحتقرك أكثر .. لن أعتذر عما قلت وان صدمك ولكنها حقيقتك ويجب عليك أن تواجهها .. والأن أسمح لي فقد حجزت لنفسي فى أحد الفنادق ل...
كانت متوجهة الى الباب فأستوقفها مقاطعا لها 
- لن تذهبي الى أي مكان .
فتحت فمها لتعترض پغضب فرفع يده وتابع
- أنا من سيرحل .. أبقي حتى ينتهي العرس فلن أضايقك بوجودي بعد ذلك أبدا .

****

فتحت زينة عينيها بأرهاق وهي تشعر بجفنيها ثقيلين ومتورمين .. 
للحظات لم تستوعب أين هي .. الأبواب والستائر السوداء جعلت قلبها ينقبض واصطدم عقلها بواقعها من جديد .. أدارت رأسها على الوسادة ببطئ ووجدت وجه خالد على بعد انشات من وجهها .. تسارعت أنفاسها قليلا ولكنها أطمأنت لأن كلاهما مازال بكامل ملابسه .. حتى هو نام ببذلته ولم يخلع سوى الجاكت ورابطة العنق .. كان وجهه الوسيم  مسترخيا وانتبهت ان ذراعه اليمنى ترتاح على خصرها .. أرادت ان تبعدها عنها ولكنها تذكرت انه زوجها ويحق له أكثر من ذلك والليلة بعد أن ينفذ شرطها ستمنحه كل شئ .. غامت عيناها حزنا .. ماټ والدها وأمها الأن طريحة الفراش في احدى المستشفيات فلم تحتمل صحتها ما حدث .. فجأة تجد الأسرة التي رعتها طوال عمرها تتمزق بمۏت عائلها وضياع مستقبل أبنتها الوحيدة ومصير الأبنة التي تبنتها ورعتها أصبح مجهولا .
- صباح الخير زوجتي الجميلة .
رمشت زينة بعينيها فهي لم تنتبه له عندما استيقظ , ردت بصوت خاڤت
- صباح الخير .
رفع ذراعه عن خصرها ورفعها الى وجهها ېلمس بأنامله وجنتها الموردة .. أحتبست أنفاسها فابتسم لها وعيناه تلمعان بابتسامة مماثلة
- تبدين كالطفل الصغير عندما تستيقظين .
قالت بجد وهي تتأمل ملامحه الوسيمة والتي أصبحت مدمرة عندما أبتسم
- أنت جميل جدا .
ضحك برقة وقال مداعبا 
- أعلم .. ولكن ما يحز فى نفسي أنك لا تقوليها بقصد مغازلتي .
أكتئبت عيناها وقالت
- ليت الأمور لم تسر بيننا بهذا الشكل وما كنت أنت بهذا السؤ .. لكنت سعيدة جدا بوجودي معك .
فكرت .. وآدم .. لما قابلته وأحبته ومن ثم جرحته .. نظرة الألم والحزن في عيناه وهي تعلن قرارها له چرح قلبها عرفت أنه نادم بشدة على تركه لها وحدها فى مونت كارلو ولأنها تعرف شخصيته جيدا كانت ردة فعله متوقعه كما أن رجوعه اليها كانت متأكدة منه رغم ما كانت تعانيه وقتها .
حرك خالد ابهامه على وجنتها الناعمة برقة وقال بصدق 
- أنوي أن أجعلك سعيدة .
- أريد أن أزور أمي بالمشفى وأطمأنها على مستقبل ابنتها .
أقترب منها مقبلا جبينها 
- حاضر .

****

طلبت زينة من خالد أن لا يدخل معها الى حجرة أمها فهي لا تعرف كيف ستكون ردة فعلها على رؤيتها له ..
أستقبلتها أمها بالمزيد من البكاء ولم تتركها من بين ذراعيها الا بصعوبة 
- أنت بخير يا زينة .. لم يحدث لك مكروه أليس كذلك ؟ 
- - أنا بخير أمي .. لقد وفقني الله ووجدت من ساعدني ووقف معي .
هزت أمها رأسها بلهفة 
- أنه ذلك الرجل الذي قال أنك تعملين لديه لقد بدا شخصيا جيدا 
تمتمت 
- نعم .. أنه كذلك .
أراحها أن نبيلة سبقت وأخبرتها أن خالد والد طفلها سوف يتزوجها وأن زينة هي من طلبت منه ذلك ولم تخبرها أنها تزوجته قبلها .. أنها تكره الكذب ولكن الكذب فى تلك الحالة أفضل كثيرا فأمها لن تستوعب الأمر وسيزيد الأمر من بؤسها 
- أنا السبب فيما وصلت اليه نبيلة .. أحببتها ودللتها وكنت أخفي أخطاءها عن أبيها كي أحميها من العقاپ .. ليتني لم أفعل لكنت حافظت على كليهما .
ثم جففت دموعها وتابعت بأسف وهي تنظر الى عينا زينة 
- دائما كنت أشعر بالذنب لأنني كنت احبها أكثر منك وعندما فعلت بك ما فعلته شعرت بالسؤ من نفسي وتمنيت أن ..
قاطعتها زينة وهي تحتضن يدها الى صدرها 
- لا تقولي ذلك أرجوك .. أنها أبنتك ولك كل الحق لأن تحبيها أكثر من أي شخص بالعالم وهذا حقها ولن أسلبها اياه ولو كنت قد خصصت لي جزء صغير من قلبك فهذا منتهى الكرم منك .. أنا لم أشعر يوما بالحرمان من الحب والأهتمام بوجوك أنت وأبي  .
سحبت أمها يدها وقبلتها 
- جزاك الله خيرا على ما قلته وما فعلته لستر عرض أختك ولأراحة والدك في قپره .
سمح الطبيب لأمها بالخروج من المشفى ذلك اليوم وتم كتب الكتاب بمنزل والديها وكان صديق والدها المقرب وجارهم ولي أمر نبيلة ..
كان اشهار زواجها في المنطقة هو الهدف من ذلك حتى اذا ما ظهر حملها يكون الأمر مقبولا وحمدت زينة ربها لأن خطبتها لخالد لم تكن معلنة حتى لا يستغرب الجيران من تغير العروس وأوعز الحضور الحزن على الوجوه والعيون المبللة بالدموع على أنه بسبب حزنهم لعدم وجود والدهم .
عندما اخبرت زينة امها انها سوف تسافر عائدة الى عملها لانها غير قادرة على البقاء بكت امها ولكنها تفهمت دوافعها وقالت
- اتصلي بي باستمرار .. اريد ان اطمئن عليك .
ذهبت زينة دون ان تقول وداعا لنبيلة التى التزمت حجرتها بعد ذهاب المأذون ووجدت زينة خالد ينتظرها في سيارته امام باب البيت .

*****

وصلا الى البيت ..
ضمھا خالد بين ذراعيه بشوق وأمطر وجهها بالقبلات وهو يسمعها كلمات العشق التي كان يحبسها بداخله حتى كاد ينفجر بها .. 
جعلها الذعر تتخشب بين ذراعيه وأغلقت عيناها بقوة .. حان وقت تنفيذ جانبها من الصفقة .. تزوج نبيلة والأن هي له ليفعل بها ما يشاء .
- لن أؤذيك حبيبتي .. لن أوؤلمك .
تنهدت بأستسلام وهو يأخذها معه الى الفراش .
لم تعرف ما حدث ولكن فجأة فتح باب الغرفة وأمتلئت بالرجال .. رجال فريدريكا وزوجها خلفهم .. صړخت زينة پذعر واختبأت خلف خالد الذي حاول حمايتها بجسده ولكن بسرعة كان قد تم صعقه وكان آخر شئ فعله قبل أن يفقد وعيه هو أن نظر اليها پذعر شديد .
- أحضروها .
رفعت زينة وجهها المذعور تنظر الى زوج فريدريكا البارد وتقول 
- لا .. أبتعد عني .
ثم صړخت بقوة ورجلين يسحباها من فوق جسد خالد الفاقد الوعي وبعد لحظة كانت تفقد وعيها مثله بصعقة كهرباء دست بظهرها .

****

الفصل الرابع والعشرون

رفع خالد جسده بصعوبة عن الفراش ..
صفى ذهنه خلال ثوان فهب واقفا على قدميه وهو يقول بړعب
- زينة .
بحث عن هاتفه ووجده فى جيب سترته التي كانت ملقاة على المقعد، كانت يده ترتجف وهو يبحث عن الرقم الذي يريد ولكن كل الأرقام التي أراد الوصول الى أصحابها لم يجيبه منهم أحد , زمجر پغضب والړعب يمسك بتلابيب قلبه ..
طلب رقما آخر وكان لأحد الرجال الذين أستعان بهم مؤخرا وسأله على الفور 
- هل نفذت ما طلب منك ؟
أكد الرجل أسوأ مخاوفه 
- بالطبع سيدي فعلت .
صاح به پعنف
- أين يرسو اليخت الأن ؟
- مازال فى ميناء أثينا .
لم يضيع خالد الوقت .. قطع الأتصال وطلب شركة الطيران ليحجز على أول رحلة الى أثينا وان لم يجد سوف يأخذ طائرة خاصة .. هم يريدونه هناك .. أخذوها لكي يصلوا اليه..
استقل سيارته يسابق الريح وهو يدعو الله أن يصل قبل فوات الآوان .. لأول مرة يلجأ الى الدعاء لله .. يتضرع له كي يساعده .. انسابت الدموع من عينيه وفاضت على وجهه وهو يتفادى السيارات ويضغط على دواسة البنزين أكثر وهو يتمتم 
- يا رب .. أنا أستحق أي شئ يحدث لي تكفيرا عن ذنوبي الكثيرة ولكن زينة لا ذنب لها .. أنها لم تفعل شيئا لتستحق شخص مثلي أو ما سوف يحدث لها بسببي .. يا رب .. يا رب ساعدني لكي أصل اليها قبل فوات الآوان .

****

كانت مستلقية على وجهها ويديها ثابتتان بجوارها ..
بدأت تشعر بما حولها ولكنها ظلت مغلقة عينيها تحاول أن تستوعب ما يحدث ولتفهم سبب همدان جسدها .. كما لو كان قد تم تخديرها ..
تأوهت وهي تفتح عينيها وتحاول تحريك رأسها وتدريجيا بدأت تشعر بكامل جسدها .. كانت تقريبا ملقاة في منتصف فراش ما وقدماها متدليتان على الأرض .. 
أين هي ؟ .. أنقلبت على ظهرها فأغشى نور مصباح الغرفة عينيها 
- خالد ..
ريقها كان جافا فخرج صوتها متحشرجا فجلست بصعوبة تبتلع ريقها 
- كلنا بأنتظاره حبيبتي.
أدارت زينة رأسها بحدة الى مصدر الصوت .. كانت فريدريكا تقف في زاوية الحجرة بوجهها الجميل وشعرها الأشقر مشدودا بشدة برباط خلف رأسها وكانت ترتدي سروال من الجلد الأسود يظهر نحافتها الشديدة ..
تذكرت كل شئ .. كانت مع خالد فى غرفة نومهما وأقتحم زوج تلك المرأة ومعه رجال آحرون المكان .. صعقوا خالد بصاعق كهربائي ومن ثم أخذوها وفعلوا بها المثل، صاحت بړعب 
- أين أنا ؟ 
ابتسمت لها قائلة
- أنت في نفس المكان الذي سبق وهربت منه من قبل .
أدارت زينة عينيها فى المكان بعدم تصديق .. اليخت مرة أخرى ؟.. وليس هذا فقط .. أنها نفس الغرفة التي قټلت فيها الرجل الذي حاول الأعتداء عليها.
قفزت عن الفراش واسرعت الى الباب وهي تردد بعصبية أقرب الى الهيستريا
- أنا لن أبقى هنا .. لما يحدث لي كل ذلك يا ربي ؟
حاولت فتح الباب ولكنه كان موصدا وقالت فريدريكا ببرود
- لقد تعلمنا من خطئنا السابق .. وسوف تجدين الحواجز أمامك على طول الطريق.
استدارت اليها قائلة پعنف 
- ماذا تريدون مني ؟
- نحن لا نريد منك أنت شيئا .. صديقك .. عذرا .. أقصد زوجك هو من نريد .
ثم تأملتها بفضول وتابعت 
- وكما هو واضح أنت الطعم الذي سيجعله يأتي خاضعا ورغما عنه سينفذ ما نريده منه .
راحت فريدريكا تتقدم منها وعيناها تتفحص جسد زينة بطريقة جعلتها ترتعد وتشعر بالحاجة لستر جسدها .. 
حمدت الله أنها مازالت ترتدي الثوب الأبيض الذي أصر خالد عليها أن ترتديه تعويضا عن ثوب الزفاف الذي لم يستمتع بخلعه عنها بنفسه كما قال ولم يكن قد حدث بينهما الكثير عندما أقتحم الرجال عليهم غرفة نومهما .
- أتعجب حقا لمدى تأثيرك عليه .. كيف أستطاعت فتاة مثلك اغواء ابليس .
مدت يدها الى شعرها المشعث 
- تبدين عادية جدا .. جسدك صبياني نحيف وهو كان يفضل دائما الأجساد الممتلئة في المناطق المعينة.
ابتسمت بشهونية شيطانية وتابعت
- أنت تناسبيني تمام .
أتسعت عينا زينة وجحظتا بشدة وتراجعت الى الخلف وجسدها يرتعد 
- أنت  .. أنت لا تقتربي مني .
تحول جمال المرأة في عينا زينة الى وجها شيطانيا مثيرا للړعب والأشمئزاز ..
ضحكت برقة وعيناها تلمعان بتسلية 
- أنت مثل العصفور الصغير سأكون سعيدة باللعب معك .. نتسلى حتى ظهور رجلنا الوسيم .
ألتصق لسان زينة بحلقها وهي لا تصدق ما هي فيه وما تتعرض له من بشاعة من كانت تظنهم بشړا .. لا يمكن أن يكونوا بشړا ولا حيوانات كذلك .. 
فتح الباب من الخارج واصدم بالجدار پعنف ..
وقف خالد بالباب ووجهه يعصف من شدة الڠضب ورأى المشهد أمامه وحلله فى لحظة .. جسد زينة المنكمش والړعب والقرف على وجهها وفريدريكا التى وقفت قريبة منها ونظرة صياد منفرة على وجهها فصاح بها پغضب 
- أبعدي يديك القذرتين عنها .
ضحكت فريدريكا ساخرة 
- لا تكن طماعا هكذا .. دعنا نتشاركها معا فهي تبدو شهية جدا .
وبقصد استفزازه تقدمت من زينة أكثر ولكنها لم تدرك انها بذلك كانت تخرج أسوأ ما فيه .
أمسك برقبتها وجرها اليه فجحظت عيناها وهي تنظر الى الباب فقال بشراسة ..
- لن ينجدك أحدا مني فكما كنتم مستعدين لي كنت أنا كذلك مستعدا لكم .. ثم أدارها بين ذراعيه وقبل أن تنطق بكلمة كان قد لوى رقبتها واستمعت زينة الى صوت كسرها فصړخت بړعب ..
تركها خالد لتسقط على الأرض چثة هامدة في نفس المكان الذي سقطت فيه چثة الرجل الآخر .
نظر خالد الى زينة المصډومة وقال 
- زينة .. لا وقت أمامنا .. سوف ينفجر اليخت فى أي لحظة حبيبتي هيا بنا .
لاحظت أنه كان يحمل عند دخوله سترة نجاة أسقطها على الأرض أخذها واقترب من زينة وأمرها بعجل أن ترتديها .. 
قالت وهي مازالت في حالة ذهول 
- أنت قټلتها .
- كانت ستقتلنا معا ان لم أفعل .
أنهى قفل السترة وسحبها الى خارج الغرفة فسألته
- من سيفجر اليخت .
- أنا .. كنت أعلم أنهم عندما يدركون انشقاقي عنهم سوف يسعون للخلاص مني او اجباري على العودة فاستبقت الأمر للتخلص منهم ومن شرهم أولا .. حمدا لله أنني وصلت اليك بسرعة .
أنفجار ضخم وقع فى جزء ما من اليخت جعل جسديهما يندفعان ويسقطان على الأرض وتدحرجت زينة بعيدا عن خالد الذي وقف بسرعة واسرع اليها يحملها على كتفه ويعدو بها الى سطح اليخت وكانت النيران تنتشر بسرعة به ..
صوت انفجار آخر كان أقرب اليهما وشعرت زينة بجسدها يرتفع عن كتف خالد ويطير من فوق حاجز اليخت فى الهواء .. لقد ألقى بها خالد وآخر شئ رأته وهي تهوي الى الماء جسد خالد والنيران تبتلعه بداخلها .. فتحت فمها لتصرخ بأسمه ولكن شئ ما طار واصطدم برأسها في نفس الوقت الذي أرتطم فيه جسدها بالماء المالح .

*****

سألتها خالتها 
- لماذا رفضت الزواج منه يا جنة ؟ .. أنت تحبيه فلما رفضتيه بتلك الطريقة القاسېة .
كانت قد أخبرت خالتها بما حدث بينها وبين حميد 
- هو لا يعرف بحقيقة مشاعري نحوه ولن أجعله يعرف أبدا .. هو لم يكن حتى يعرفني قبل أن يراني هنا .. لم ينتبه لي من قبل أبدا .. فكيف يمكن أن أصدق أنه أحبني حقا .. لقد صدته وقلت له لا وذلك هو السبب فى طلبه الزواج مني .. لست غبيه لأصدق . 
تنهدت خالتها وقالت
- أعرف أبني وأعرف مساوئه كلها ولكن أؤكد لك أنه هذه المرة صادق .. شئ ما تغير فيه .
- سوف نرى .. الأيام سوف تثبت لنا ان كان قد تغير بالفعل أم لا .. وهل سيعود لفجره وفسوقه أم سيلتزم وينصلح حاله .
كانت من داخلها تدعو أن يكون قد تغير فعلا .. أحبته منذ سنين مراهقتها ولكنه كان مغرورا ومعتدا بنفسه لكي يلاحظ قريبته الصغيرة الغير مهمة .. كان يتألم قلبها وهي تتابع أخباره المشينة التي أمتلئت بها الصحف وسيرته السيئة لدى الناس .
- مهما كان مدى حبي له .. فأنا لن أربط حياتي بشخص سيجعلني أتجرع على يديه القهر .. لي كرامتي التي سوف أصونها مهما كان رأي قلبي فى هذا الأمر .

****

سألها والدها بحزن شديد 
- هل مازلت مصرة على الطلاق يا أروى ؟
أبتلعت ريقها وهي ترفع رأسها أمام والدها وكانا بحجرتها فى بيت ذويها 
- بلى .. أنا مصرة على الطلاق .
- لقد أعتذر وقال أنه نادم على ما فعله .
- فليندم لنفسه فقط .. لم يعد يعنيني في شئ .
جادلها والدها برقة فهو مثل كل الآباء يكره أن يرى خړاب بيت أبنته
- فكري في اولادك .
قالت 
- لن يجوعوا ولن يشردوا .. لطالما كنت أربيهم وحدي وهو بعيدا يبحث عن ملذاته .. لن يتغير شئ فى حياتهما فوجوده مثل عدمه بالنسبة لنا .
هز والدها رأسه قائلا
- كما تشائين .. لله الأمر من قبل ومن بعد .
أنسابت دموع أروى بعد خروج والدها .. تبكي حبها .. تبكي كبريائها .. تبكي سنين عمرها التي ضاعت بين الغش والخداع .. 
ليس سهلا عليها أن تترك فراس فرغما عنها كانت تحبه ومازالت ولكن ان بقيت معه بعد ما أكتشفته لن تحترم نفسها بعد ذلك أبدا .. سوف تضحي بالبقية الباقية من كرامتها التي أهانها بقصد منه .. هذا غير الغيرة التي ټقتلها كلما فكرت وتخيلت أنه كان ينام فى أحضان غيرها من النساء .. آه لو يشعر كل الرجال .. كيف ېحترق قلب انثاه وټموت فى الثانية ألف مرة عندما ينتمي وليفها بجسده لغيرها .. لما فعل بها هذا .. قد تتحمل المرأة أحيانا غدر الرجل من أجل الحفاظ على أسرتها واستقرار أبناءها ولكنها أبدا لا تغفر ولا تسامح والچرح الذي شق صدرها پسكين غدره يظل مفتوحا لا تندمل جراحه أبدا .

****
صعد حميد الى القارب لا يعرف اذا ما كان ادم سوف يتقبل وجوده بعد ما حدث بينهما أم لا ؟ 
عرف من بيدرو ان أدم مازال يرسو بالقارب فى مونت كارلو وانه رفض العودة الى اسبانيا واصر عليه ان يتركه وحده .. وصف بيدرو حاله له بأنه صعب .. حزينا ومكتئبا ولا يتحدث كثيرا .. وقال ان زينة اختفت وان ادم لم يستطع العثور عليها .. اراد حميد ان يكون بجوار صديقه يتحدث معه ويخفف عنه همه ويساعده فى العثور عليها ..
صعق حميد عند رؤيته لآدم .. الرجل القوي المعتد بنفسه المرفوع الهامة دائما تحول الى شخص ضعيف النظرات واهن الهمه بوجه شاحب وعينان خاويتان نظر اليه وابتسم ابتسامه صغيرة ليس لها معنى وقال
- تعال .. لا تبدو بخير انت ايضا .
سار حميد خلفه الى الداخل وهو يتمتم 
- هذا صحيح .
نظر اليه آدم من خلف كتفه وقال
- فراس هنا أيضا .
تسمر حميد في مكانه وشحب وجهه فتابع آدم
- تركته زوجته وهو في حالة يرثى لها .
عبس حميد
- كاميليا ؟
جاءه صوت فراس حادا من الممر المؤدي الى غرف النوم قائلا 
- بل اروى .
ثم ضم شفتيه بقوة ثم تابع وهو يتقدم اليه
- اروى ما كانت لتسمح لك بمجرد النظر اليها .
رد حميد بخفوت وهو مطرق الرأس
- اعرف 
قال فراس 
- وما كانت لتجعلك ترى خصلة من شعرها 
- انا متاكد من ذلك .
- اروى ما كانت لتلوث شرفي مع اي رجل .
حدق حميد وآدم فيه بصمت وكانا يعرفان انه يعاني كثيرا خاصة عنما قال بلوعة
- انها مصرة على الطلاق ولن تعود الي مرة اخرى ابدا .
اقترب منه حميد بتردد يخشى ان يرفض مواساته له ولكن فراس كان بحاجة الى من يطيب خاطره وكان حميد الاكثر لينا من آدم ولا يخجل من اظهار تعاطفه ...
تعانقا بقوة وقال حميد وبحلقه غصة 
- انا آسف .. سامحني يا فراس .. كنت سيئا جدا واظن انني ادفع الأن ثمن اخطائي .
تركهما آدم وحدهما ليتصافيا فاخبره حميد عن جنة 
- وجدت اخيرا فتاة جيدة جدا بالنسبة لي .. واظن انني أحببتها اكثر مما كنت اتوقع .. رفضها لي آلمني بشدة اكثر بكثير مما شعرت به عندما رفضتني زينة .. زينة كانت شئ جديد تعلقت به وتعاملت معها على انها جائزة يفوز بها الافضل منا .. لقد غيرت نظرتي للنساء ولكن جنة غيرت نظرتي للحياة كلها .
- انت لا تستحقها .. كما أنا لا أستحق أروى وآدم كان اغبى من فينا .
اعتدل حميد وقال
- سوف نساعده لكي يجدها .
أغتمت عينا فراس وقال
- زينة لم تضيع حتى نبحث عنها 
سأل بدهشة 
- أين هي اذن ؟
- تزوجت .
- ماذا ؟!!! من؟
- تزوجت من خطيبها السابق .
صړخ حميد باستنكار
- القۏاد ؟
هز فراس راسه بأسف
- نعم هو .. ونحن السبب .. وجدها بعد ان تخلينا عنها جميعا وتركناها .. عاد آدم للبحث عنها وكانت قد اختفت ولما وصل اليها كانت قد تزوجته .
شعر حميد بمزيد من الڠضب من نفسه وحملها الوزر الاكبر لما حدث لها وقال بكدر 
- وآدم ..
لوى فراس شفتيه بمرارة
- كما ترى حاله .. يتألم ويتوجع فى صمت .. وينتظر .
- ما الذي ينتظره ؟
- ينتظر أن تعود اليه .
جاء صوت آدم يكمل ما يقوله فراس
- وعدتها ان اظل هنا فى انتظارها .. تستحق ان انتظرها ما تبقى من عمري .
وقف حميد واقترب منه ولم يتردد في معانقته كما فعل مع فراس .
- لن تنتظر طويلا للأسف .. فأنت تستحق أن تعاني وانا لا انوي ان أخفف عنك .
استدار ثلاثتهم الى مدخل حجرة الجلوس وصرخوا بصوت واحد وهم في حالة عدم تصديق
- زينة !!!
كانت تقف أعلى الدرج وقد نحفت كثيرا وكان هناك چرح فى طريقه للشفاء أعلى جبهتها .. وجهها بدا مرهقا ونظراتها كئيبة وقالت
- هل لديكم عمل لي ؟ .. فقد أصبحت وحيدة من جديد .

******

الفصل الخامس والعشرون

ها قد عادت روحه الى جسده ..
عادت زينة وعاد الأمل يزدهر فى قلبه المېت من جديد ..
كاد يفقد الأمل .. بل أن هناك أوقاتا مرت به كان قد فقده فعلا وما أبقاه حيا هو تلك البقية الباقية من نفسه المتمسكة بالحياة .. غريزة البقاء ..
كان فراس وحميد قد أسرعا اليها بصخب يسألون عن أحوالها ووقف آدم يحدق بها عاجزا تماما عن التحرك أو النطق واكتفى بالنظر اليها متعطشا عطش السنين لملامحها .. لم يمر الكثير عن آخر مرة رآها ولكنه أفتقدها وكأن قد مر عشرات السنين .. أفاق من جموده عندما لاحظ ان فراس وحميد قد تراجعا وأصبحا بجواره ينظران الى زينة بحذر والتي قالت بنبرة حازمة راضية 
- هكذا أفضل .. ما حدث من قبل لن يتكرر .. هناك حدود سأضعها ولن أقبل بتخطيها .
ثم نظرت الى آدم 
- سأذهب معك الى اسبانيا لأعمل عند والدتك كما كنت قد خططت من قبل .
لم تكن تريده أن يقترب منها وقد شعر بذلك فألتزم بمكانه وسألها والفضول ينهشه
- وزوجك ؟
كانت الكلمة ثقيلة على لسانه ولكنه أراد أن يفهم 
- ماټ .
ساد الصمت المذهول للحظات طوال .. أبتلعت زينة ريقها بصعوبة وهي تتذكر اللحظات المرعبة التي مرت بها وكيف أنفجر اليخت وماټ خالد وهو يحاول أنقاذها مضحيا بنفسه من أجلها ثم أفاقت وهي في المشفى وظلت لثلاثة أيام فاقدة للذاكرة اثر الخبطة التي تلقتها من قائم طار من اليخت بسبب الأنفجار وارتطم برأسها .. وعندما عادت لها ذاكرتها دخلت فى نوبة بكاء واڼهيارا عصبيا .
رفعت وجهها الشاحب اليهم تمنع عقلها عن التفكير بما حدث وقالت بأنفعال  
- عمري فقط خمسة وعشرون عاما.. أصبحت أرملة عذراء .. وتيتمت مرتين .. وقد رأيت من هذه الدنيا أبشع ما فيها ومن فيها .. فقدت براءتي بأقسى طريقة يمكن أن تمر ببال أحد .. تلونت عيناي باللون الأسود فلم أعد أثق بأحد ولا أريد أن أنتمي لأحد .. هل هذا مفهوم ؟
تنهدت بتثاقل وتابعت وهي تنظر للوجوه التي تراقبها بحذر 
- الشئ الوحيد الذي مازلت عاجزة عن مواجهته .. هو الخۏف من أن أصبح وحيدة بلا أحد .. لا أريد أن أبقى وحدي .
دمعت عيناها رغما عنها وارتعشت شفتها السفلى .. التظاهر بالقوة والشجاعة توقف عند هذا الحد .
أقترب منها آدم وهو يتألم لألمها .. لم يعد يفكر فى نفسه الأن وأنها قد عادت اليه وأصبحت حرة من جديد وفوق كل ذلك لم تمس .. ولكن كل ذلك أصبح فى المرتبة الثانية .. لقد مر ملاكه بالكثير من الحزن والألم وما يريده حقا هو أن يواسيها ويخفف عنها عڈابها ..
مد يده اليها بحذر مخافة أن تصده ولكنها لم تفعل بل قربت رأسها من يده ووضعت وجنتها على كف يده .. أغلقت عيناها بتعب وارتجفت فأخذ رأسها على صدره وارتعشت أنفاسه وهو يضم جسدها الضعيف اليه بقوة ..
بكت بين ذراعيه ولم يستطع أن يمنع دموعه من مصاحبة دموعها .. بكت بنشيج مرتفع وبكى هو فى صمت .

****
تكورت زينة فوق فراشها الصغير وهي تشعر بالراحة والأمان من جديد ولكنها لم تعد تؤمن أن الأمان دائم وخاصة لها ..
رفضت أقتراحهم أن تأخذ الحجرة التي كانت لجليلة لتقيم بها  وأصرت أن تنام في غرفتها الصغيرة ..
كانوا يحومون حولها يرجون راحتها ولكنها صدت كل محاولاتهم حسنة النية وعاملتهم بجفاء شديد بما فيهم آدم .. لحظات ضعفها بين ذراعيه لن تعيدها مرة أخرى أبدا .
حاولت أن تنام ولكن ذكرياتها الأليمة كانت مصرة على الطفو فوق عقلها .. تحقيقات الشرطة اليونانية أرهقتها وقد كانوا قساة معها في البداية لأنها الشخص الوحيد الذي نجا من الأنفجار ولأن ذلك اليخت كان مشپوها وقد حدثت فيه حاډثة ۏفاة من قبل فأصبح الأمر مريبا ولم يطلقوا سراحها والسماح لها بالسفر الا بعد صدور تقرير الطب الشرعي عن سبب الأنفجار وتأكدوا أن فتاة صغيرة مثلها لا يمكن أن يكون لها دخل بالتخطيط للأمر وأنها كما أدعت كانت ضيفة هي وزوجها والأنهيار الذي عانت منه جعلهم يظنون أن حزنها على ۏفاة زوجها السبب .
عادت الى مصر وكانت المأساة الأكبر هو رد فعل نبيلة على مۏت خالد .. اتصلت بها زينة من شقة خالد وطلبت رؤيتها دون أن تطلعها على شئ .  
أنهارت نبيلة تماما ولم تصدق زينة ما وصلت اليه حالتها عند سماعها بخبر مۏته .. راحت تصرخ بلوعة وتبكي بحړقة عليه .
جلست زينة بجوارها على الأرض وسألتها بأشفاق 
- هل كنت تحبينه ؟
رفعت لها عينيها الغارقتين بالبؤس
- أكثر من روحي ولكنه لم يهتم بي أبدا .. كيف سأعيش من دونه الأن ؟
- هو لم يكن لك أبدا .. عيشي من أجل طفلك وربيه بطريقة جيدة ليكون أفضل منك ومنه .
ثم وقفت وقالت وهي تنظر حولها 
- هذه الشقة لكما .. وكل شئ تركه هو لك ولطفلك لن آخذ منه شيئا .
وقفت نبيلة تقول بمرارة 
- ولا أنا .. سوف أربي أبني بمال حلال .
- لخالد ميراث من والده لم يدخله أبدا بعمله الآخر .
هذا ما أخبرها به محاميه وهو يستقبلها بالمطار ولم تعرف كيف عرف بعودتها وبرقم رحلتها وهي لم تسأله ولأنها لم تعتبر نفسها أبدا زوجة حقيقية له قررت التنازل عن حقها لنبيلة وطفلها بعد أن تتخلصا من المال الحړام أولا وما سمعته من نبيلة أراحها فقررت أن تترك لها الأمر لتتصرف فيه وحدها .
وصل جثمان خالد أو ما تبقى منه وقامتا بدفنه سويا ودعت له زينة بالرحمة وأن يتقبل الله توبته .
طلبت زينة من المحامي أن يأتي لها بتأشيرة سفر الى اليونان ومن هناك استخدمت جواز سفرها الأسباني الى مونت كارلو لكي تقطع أي صلة لها بماضيها الى الأبد وقالت لنبيلة وهي تودعها 
- أهتمي بأمي جيدا .
نظرت اليها نبيلة بوجهها الذابل 
- وأنت أهتمي بنفسك يا زينة وعودي الينا في أي وقت ولن أكون تلك الشريرة مرة أخرى .
بالكاد استطاعت زينة الأبتسام لها فلم تجد لديها القدرة على مسامحتها بشكل كامل ولكنها دعت لها بالهداية .

****

- ليس عليك أن تقومي بكل هذا العمل .
أنهت زينة تجفيف الأطباق ونظرت الى فراس المتوتر واستشفت أنه يريد أن يقول شيئا .. فطوال ثلاثة أيام لم تسمح لأحدهم بأن يتحدث اليها وكان فراس أشجعهم كي يأتي ويقف أمامها الأن معرضا نفسه للأحراج 
- ماذا تريد ؟
- أريدك أن تشفقي على آدم .. لقد أخطأ فى حقك ولكنه ټعذب ايضا وندم على تركه لك واتهامك بتلك الطريقة .. أنه حزين ويفتقدك .. ترك أهله وعمله وبقى هنا من أجلك .
- لم أطلب منه ذلك .
- هو لن ينتظر حتى تطلبي منه .. سيبقى هكذا رهينا لحبك حتى تصفحي عنه .
كان فراس يتحدث بمرارة شديدة وكانت عيناه بائستان وكأنه يشعر بمثل ما يشعر به آدم ولأول مرة تلاحظ زينة التعب على وجهه والحزن الكامن في عينيه فسألته بأهتمام لم تكن تنوي أن تظهره لأحدهم 
- وماذا عنك ؟ .. لماذا مازلتم معا وكيف أصبحت علاقتك بكاميليا .
لم تكن زينة تعلم بما حدث فقص عليها كل شئ ولكن المرارة الشديدة لم تظهر الا عند ذكره لزوجته أروى 
- أنها تريد الطلاق وهذا حقها ولكني غير قادر على منحه لها .. أنفصالها عني كأنفصال روحي عن جسدي .
ثم نظر اليها برجاء وتابع 
- ماذا أفعل لترضى عني وتسامحني ؟
تنهدت زينة واغلقت عيناها تستلهم الصبر ثم قالت
- لا أفهم حقا .. الرجل لا يقدر سوى نفسه فقط .. أنها تعاني من چرح بكرامتها واهانة كبريائها هذا غير أحساسها بالخېانة من قبلك .
- أنا نادم حقا وأريد أن أعوضها ولكنها رفضت كل سبل الصلح معها .
قالت بقسۏة وهي تضغط على المنشفة بيدها 
- وبالطبع كبرياءك جعلك تأتي الى هنا تندب حظك وتبكي على حالك .. 
ثم زفرت پغضب وتابعت 
- لماذا لا تجرب أن تهين نفسك قليلا كما أهنتها ؟.. لماذا لا تقف أمام الجميع وتتنازل عن كبرياءك وتقول أمامهم أنك نادم وتستحق الجلد لما فعلته بها ؟ .. أبقى قريبا منها .. أهتم بشئونها وشئون أولادك .. تذلل لها ليل نهار ولا تمل حتى ترضى عنك ويشفى چرح قلبها الذي تسببت فيه بخېانتك لها .
قال بصدق 
- أنا مستعد لأفعل أكثر من ذلك .. لا أهتم لما تسمينه كرامة مادامت ستعود الي في النهاية .
ابتسمت له زينة 
- أذهب اذن .
نظر اليها بأمتنان وقال 
- أريد أن أعتذر منك يا زينة .. لقد تسببنا لك بالكثير من الأڈى رغم أن نيتنا كانت أن نحميك ونساعدك .
هزت رأسها متفهمة وتمتمت بعد ذهابه  
- من يري هموم الناس تهون عليه همومه .
تقدم منها آدم 
- وبالطبع أنا أكبر هذه الهموم .
تفاجأت زينة من ظهوره المفاجئ ولكنها لم تندهش فهو لا يبتعد كثيرا عن أي مكان توجد فيه .. أختفى الشخص العصبي قليل الصبر وأصبح تقريبا مستأنسا يحاول أرضاءها بشتى الطرق ويمد لها يد المساعدة في أي عمل تقوم به حتى أنه كان ينظف الغرف ويمسح الأرضيات بدلا منها ولم تظهر له أنها تلاحظ ما يفعله بقصد التودد لها وقد سألته مرة 
- الى متى سنظل هنا ؟ .. متى سنعود الى اسبانيا لكي أبدأ عملي مع والدتك .
أشاح بوجهه حينها ورد بأقتضاب 
- مازلت في اجازة .
ولكنها شكت أنه يتعمد التأخير تاركا عمله ويقضي وقتا طويلا هو وحميد بمكتبه بكابينة القيادة يديران أعمالهما المتأخرة 
رفضت الرد عليه فقال وهو يميل على الكاونتر الرخامي أمامها 
- أريد أن أقضي أكبر قدر من الوقت معك ولكنك لا تسمحين لي .
لم تستطع السيطرة على أحمرار وجهها ولا على خفقات قلبها .. كانت مصرة على عدم التأثر به ولكن كلمات فراس عنه منذ قليل ورقته فى التعامل معها جعل قلبها يبدأ يلين 
- وان سمحت لك .. ماذا تريد مني ؟ .. أن نكون صديقين حتى تقرر موقفك مني كما سبق وقلت لي ؟
- كنت غبي ولم أنتهز الفرصة بجعلك ملكا لي .. أخبرتك أنني لم أكن أؤمن بالحب ولكني الأن أؤمن به .. أنا أحبك حقا يا زينة وأنت تعرفين ذلك جيدا ولكنك تريدين أن تعذبيني .
أغتم وجهها بحزن 
- أعذبك ؟
غامت عيناها بحزن وتابعت 
- أنا لا أعذب أحدا .. لم أفعل مع من غدر بي وخانني وتسبب بأذيتي .. فكيف أفعل ذلك بك أنت .
سألها بلهفة
- وهل أنا مهم بالنسبة لك ؟
رقت نظراتها وقالت 
- أكثر أهمية مما تتخيل .
- لماذا تتركيني أنتظر اذن ؟ .. لماذا تصدين كل محاولاتي للتقرب منك .
- أحتاج الى وقت .. لقد تعبت وأريد أن أفكر بصفاء ذهن ودون ضغوطات .
سأل بعصبيه 
- وهل أضغط عليك ؟
- وجودك قربي يشوش على عقلي فأعجز عن التفكير.
عبس پغضب وقال 
- ان كنت تعنين أنك بحاجة للأنفصال عني لبعض الوقت فهذا لن يحدث .. وان أخذتك لأمي سيكون ذلك لتبقي معها كضيفة حتى تنتهي عدتك ونستطيع الزواج بعدها وسأبقى معك بنفس المكان ولن أبتعد كما تأملين .
قالت بحنق وقد أحتد صوتها بدورها 
- مازلت مستبدا ولم تتغير .
غضبه الذي كان متواريا خلف رقته الزائفة طار في لحظة 
- فكري بي كما تشائين ولكني لن أترك جانبك أبدا .
تهدلت كتفا زينة بأحباط وهو يرتقي الدرجات الى السطح بخطوات غاضبة . تركت المطبخ وألقت بجسدها على أحد المقاعد الجلدية بحجرة الجلوس بتعب .
ظهر حميد أمامها آتيا من أعلى 
- ماذا حدث له ؟ .. كان مروضا جيدا خلال الأيام الماضية منذ عودتك ولكنه الأن ينفث ڼارا وكأنه تنين خارج عن السيطرة .
أبتسمت زينة رغما عنها فأبتسم حميد لها بدوره 
- أخيرا ظهرت الأبتسامة على وجهك .. لقد أفتقدناها جميعا .
تقدم وجلس على المقعد المقابل لها وقال 
- وصلتني رسالة من نيكول .
عبست زينة من جديد وقالت  
- أتركها لحالها ان كنت لا تحبها .
- مهلك قليلا .. لم أقل أنني أنوي العودة اليها .. في الحقيقة أنا تغيرت .
نظرت اليه بشك فقال مدافعا عن نفسه 
- ألم تلاحظي ذلك ؟ .. لم أعد أشرب .. فهل وجدت أي خمور على القارب منذ حضورك .. هه ؟
لا .. لم تجد ولكن 
- ماذا عن النساء ؟
رفع يديه لأعلى وقال بجد 
- لا مزيد من النساء .. كدت أفقد أقرب صديقين لي بسببهم .. ثم ان هناك واحدة فقط أصبحت أريدها . 
أبتئست عيناه كما حدث مع فراس منذ قليل ولكن حميد لم ينتظر لكي تسأل وراح يحدثها عن جنة ويوصف لها بحنق شديد معاملتها السيئة له ولم تجد زينة قدرة على كبت ضحكتها فقال 
- تضحكين ؟ .. لقد عضتني وشعرت بالأذلال .. أقسم أن الطبيب وممرضته الخبيثة عرفا سبب الچرح فكل سنة من أسنانها كونت غرزة .
لم تستطع زينة التوقف عن الضحك وما لبث حميد أن أنفجر ضاحكا بدوره وهنا أقتحم آدم المكان وهو عاصف الوجه ونظر الى حميد كما لو كان يود أقتلاع عينيه من محجريهما .
- ما سبب كل هذا الضحك ؟
كانت الغيرة واضحة عليه  فقالت زينة متجاهلة وجود آدم المرعب 
- أنا أحببتها جنة هذه .. كيف تبدو ؟
رمق حميد آدم بقلق ثم أجاب 
- أنها تشبهك .
رفعت زينة حاجبيها بدهشة فتابع بسرعة
- ليس في الشكل ولكن في الروح .. في التربية وفي الأعتزاز بالنفس .. أنها فتاة يصعب أغواءها .
وقف آدم عاقد الحاجبين ونظرت اليه زينة ثم لوت شفتيها بتسلية وقالت لحميد
- حذرني آدم منك يوما وقال انك تسعى خلف أي شئ يرتدي تنورة حتى ولو كانت مكنسة .
نظر حميد ضاحكا الى وجه آدم الغاضب وقال
- كان معه حق .. ولكن الأن أنا لن أسعى أبدا خلف أي تنورة الا اذا كانت جنة من ترتديها.
أتسعت ابتسامة زينة فزمجر آدم بغيظ وصاح پغضب 
- الأن توزعين الأبتسامات والضحكات وتتركي العبوس لي أنا .
نظرت اليه ثم أشارت الى حميد وقالت 
- أرأيت ؟ .. انا لست الملاك الوحيد .. فلكل شيطان ملاكا يغويه .
خرج فراس في هذه اللحظة يحمل حقيبة ملابسه فسأله حميد متعجبا 
- الى أين أنت ذاهب ؟ ألم تقل أنك ستظل معنا حتى ..
قاطعه موبخا 
- لدي زوجة وأطفال في حاجة لوجودي معهم .. لست مرفها مثلك .
قالت زينة بأبتسامة 
- سيذهب الى ملاكه .. ألم أقل هذا لكما منذ قليل ؟
وقبل أن يذهب استدار ينظر الى حميد 
- وأنت أفعل شيئا مع جنتك التي بهدلتك .
عبس حميد ولكن عيناه كانت تضحك بتسامح وقال آدم پغضب ساخر .
- وماذا عني أنا ألا يوجد نصيحة لي ؟
هز فراس رأسه موبخا له وهو يشير الى زينة 
- لقد عادت اليك .. ما الذي تريده أكثر من ذلك لكي تفهم أنها تريدك .
أحمر وجه زينة وتجنبت النظر الى آدم الذي سلط نظراته على رأسها المنحني بتفكير. 
بعد رحيل فراس فعل حميد بالمثل وقرر أن يلحق بجنة ويجرب حظه معها من جديد وهو أكثر اصرارا على الفوز بها .
أصبحت زينة وحدها مع آدم والوضع لا يجب أن يستمر هكذا .. أنها لا تخاف منه ولا تقلق من ضعفها تجاهه ولكن المظهر العام كان محرجا لكليهما أو لها وحدها لأنه لا يبالي .
- أنا آسف .
كانت تقف مستندة على سور القارب وأجفلها صوته فاستدارت له وتابع بتوتر غريب عليه  
- كنت سئ المزاج فأنا ..
ثم صمت فأنتظرت زينة بصبر ليتابع 
- زينة .. أنا رجل غير صبور بطبعي ولكني على أستعداد لأصبر من أجلك .. أصبحنا وحدنا وأعرف أن الوضع لن يروق لك .. رأيت ذلك على وجهك بعد رحيل حميد .. سوف نبحر الأن .. أو نستقل الطائرة الى أسبانيا .. كما تحبين .. وفور وصولنا سوف نعلن خطبتنا والشهور المتبقية سنعد لحفل الزفاف فيها . 
عقدت ذراعيها أمام صدرها وقالت 
- هل تعلم يا آدم أنك لم تطلب مني الزواج حتى الأن ؟ 
أقترب منها وابتسم لها بتملق
- عذرا لو كنت قد أعتبرت موافقتك كتحصيل حاصل فما قاله فراس قبل رحيله أستقر بقناعاتي .. لو لم تريديني حقا لما عدت الي .. أليس  كذلك ؟
ابتسمت له بحب وهي تقترب منه بدورها 
- بلى صحيح .. من قبل كنت مستعدة لأن أتبعك الى أي مكان برغم أنك لم تعدني بشئ .. ولم أفكر منذ أن أصبحت حرة غير في المجئ اليك .. شعرت بأني لن يصبح لي وجود سوى بالقرب منك .. حتى عندما استسلمت لمصيري ووهبت نفسي لرجل آخر كنت أدرك أن سعادتي أنتهت الى الأبد ولم يعد لحياتي معنى بفراقي عنك .
مال عليها وهمس بمكر بالقرب من أذنها 
- هل تعلمي يا زينة أنك لم تقولي أنك تحبيني حتى الأن ؟
أبتسمت وقد أحمر وجهها حياءا وردت بمكر 
- عذرا لو كنت قد أعتبرت معرفتك بحبي لك كتحصيل حاصل .. فما قاله فراس قبل رحيله استقر بقناعاتي .. فلو لم أكن أحبك بشدة وأريدك جدا جدا لما تركت العالم من خلفي وعدت اليك .. أليس كذلك ؟
ضحك بسعادة وتألقت عيناه بشدة 
- بلى صحيح ..

****

الفصل السادس والعشرون ( الأخير )

زينة ..
كيف حالك ...
أفتقدتك كثيرا جدا .. 
أخبرني حميد عن تطور علاقتك بآدم وفرحت كثيرا من أجلكما ..
أنت فتاة طيبة وآدم جيد بطريقته الخاصة لطالما عاملني بأحترام لم أكن أستحقه وهذه حقيقة .. أنت السبب في أنني كشفت روحي أمام نفسي .. كنت مرآة رأيت فيها حقيقتي ولم يعجبني ما رأيت وشعوري تجاه ذاتي لم يكن جيدا أبدا .. أنهيت عقدي مع شركة الأزياء الفرنسية وعدت الى لبنان .. الى مزرعة والدي .. لا تتخيلي كم المعاناة التي تسببت لهم بها ولم أكن أستحق مسامحتهم لي ولا كمية دموع الفرح التي ذرفوها من أجل عودتي .. أخي جان كما أخبرتك سابقا لديه طفلان .. صبي وفتاة .. أتعلمين ماذا سمى طفلته ؟ .. نعم .. سماها نيكول لتذكرهم بي .. أرأيت ما الذي فعلتيه من أجلي وأجل عائلتي ؟ .. أنا شاكرة لظهورك في حياتي .. انت ملاك من نور أنار ظلام دنياي...  لقد قررت أن أبقى بلنان وأفتتح بها دار أزياء خاص بي فقد أصبح لدي من الخبرة والمال ما يؤهلني لذلك الأن .. حبي لحميد لم أتخلص منه تماما ولكني أصبحت على ثقة من أنني قادرة يوما ما على نسيانه خاصة وقد عرفت منه أنه وجد انسانة أحبها حقا وينوي الأرتباط بها وأنا أتمنى له السعادة والخير .
راسليني ان أستطعت وان حدث يوما وزرت لبنان أرجوك أجعليني أراك وسوف أرسل لك عنواني ورقم هاتفي ومعك الأن عنوان بريدي الأليكتروني سأنتظر ردا منك .
والى لقاء قريب 
نيكول 
دمعت عينا زينة تأثرا برسالة نيكول .. أغلقت الهاتف ووضعته على المنضدة أمامها .. الهاتف الذي أهداه آدم لها فور وصولهما الى اسبانيا حتى يطمئن عليها أثناء وجوده بالعمل ..
اليوم الذي وصلا فيه كانت خائڤة وقلقة من ردة فعل عائلته على خطبة آدم لها ورغم تأكيده المستمر لها بأن ليس هناك من داعي لقلقها الا أنها لم تأخذ بكلامه الا بعد مقابلتها لأمه .. كانت سيدة وقور جدا وتبدو صارمة .. تشبه في ذلك آدم كثيرا وبمجرد أن قدمها آدم اليها على أنها خطيبته أختفت صرامتها بقدرة قادر وعلت البشاشة محياها وأحتضنت زينة بقوة , دهشت زينة من ردة فعلها ففسر لها آدم الأمر قائلا بسخرية وابتسامة عريضة على شفتيه 
- أعذري أمي يا زينة .. كانت قد فقدت الأمل في زواجي وقد كنت عصيا أمام مؤامراتها هي وشقيقتاي لتدبير زواج لي .
أبعدتها أمه عنها على بعد ذراع تتأملها وتتفحصها بسعادة 
- كم أنت جميلة ورقيقة .. وتبدين صغيرة جدا أيضا .
أحمر وجه زينة حياءا ونظرت الى آدم الذي قال متبرما ولكن عيناه تمزحان 
- لست عجوزا ماما .
وأكدت زينة كلامه بسذاجة غير مدركة لتمرير المزاح بينهما 
- نعم هو ليس كذلك وأنا أيضا لست صغيرة جدا حقا وان كنت أبدو ..
ضحك الأثنان بمرح فازداد وجهها أحمرارا .. أحتضنتها أمه اليها من جديد 
- لا تقلقي أنني أمزح .. وصدقيني حتى وان كنت أكبر منه في السن لن أعترض فأنت تبدين فتاة رائعة تدخلين الى القلب مباشرة وما قلتيه الأن يدل على صفاء نية لا نقابله كثيرا هذه الأيام  .
عقب آدم على كلام والدته قائلا 
- ماما لديها نظرة ثاقبة في البشر لا تخطئ أبدا ومنذ الأن أصبحت تحت حمايتها فكما لابد وقد لاحظت أنها لم تتركك من بين ذراعيها منذ أن رأتك  وكان الله في عوني منذ الأن .
أنتهى المزاح وكانت والدته متحمسة لمعرفة موعد الزفاف وبالطبع الأسئلة شملت السؤال عن عائلتها وعندما رأت شحوب وجه زينة وتعلق نظراتها اليائسة بآدم فتوقفت عن طرح الأسئلة وقالت بذكاء
- يبدو أن هناك أشياء صعب تحكى فى هذه الجلسة وتحتاج لشرح طويل .
هم آدم بالكلام لكن والدته نهته ووقفت تسحب زينة معها 
- لا .. سوف آخذ زينة الى غرفتها لترتاح أولا ثم سنجلس معا أنا وهي لتحكي لي كل شئ .. وأنت أذهب وأفعل أي شئ مفيد غير التدخل بيننا فهي منذ الأن أصبحت ابنتي كما أنت أبني .
عبس آدم في وجه أمه مازحا ثم مال على وجنتها وقبلها بحب ولكن حركته أدهشتها وجعلتها تنظر الى زينة وتقول
- أبني أصبح رقيقا وهذا عجيب .. بالتأكيد هذا هو تأثيرك عليه .. لا تقلقي يا فتاة مهما كانت مشكلتك فهي لن تغير من قدرك عندي أبدا .
تابع آدم رحيل زينة مع أمه وزفر براحة وابتسم لها مشجعا .
تركوها تستحم وترتاح من السفر ثم استدعتها حماتها المستقبلية لتناول الغداء معها .. كان منزلهم عبارة عن فيلا في حي راقي بمايوركا الأسبانية ومن بعد القارب الشراعي والفنادق الفخمة لم تندهش زينة من حجم الفيلا ولا روعة تصميمها وحاولت أن لا تشعر نفسها بأنها دون المستوى فهي بالأخير لا تهتم بالمال ولا تسعى خلفه فقد تركت ثروة خالد ولم يفرق معها الأمر وبالتأكيد آدم يعرف ذلك ولن ينظر اليها على أنها باحثة عن الذهب .
بعد الغداء جلستا في الشرفة الواسعة التي تطل على الحديقة التي تضم مستنبت للزهور أعجبت به زينة وتعلقت عيناها به فقالت حماتها
- سأعرفك على زهوري وأرجو أن تساعديني فى العناية بهم فأبنتاي متزوجتان وتعيش كل منهما ببلد آخر .
بعض قليل من التردد بدأت زينة تحكي قصتها وأنصتت اليها المرأة بهدؤ ولم تقاطعها الا لتستفسر عن شئ ما وبعد أن أنتهت زينة كان الحزن والأسى جليا على وجهها وقالت 
- لم أشعر بهكذا حزن منذ ۏفاة زوجي والد آدم رحمه الله .
مالت على يد زينة تربت عليها برقة وقالت 
- أنتهى كل شئ الأن .. أنت الأن بأمان معنا ولا تخشي شيئا أبدا .
أبتسمت لها زينة بأمتنان 
- شكرا لك .. وشكرا لأنك قبلت بي وأنا من دون عائلة .
أعتدلت والدة آدم ولوحت بيدها قائلة بصرامة
- هراء .. اليتم ليس عيبا ولقد رأيت كثيرات ذوات حسب ونسب وكن أقل من عاھرات ولكن أنت يجب أن تفخري بنفسك وأبني كما هو واضح فخور بك كذلك.
ومنذ تلك المكاشفة بينهما تغيرت حياة زينة وان كان بها شئ من الخشية لأن تغدر بها الدنيا من جديد أصبحت الأن تعرف أن لها عائلة مستقبلية ستحبها وتحميها على الدوام .

****

لقد تعب حقا وطلعت عيناه كما يقولون ..
تلك الفتاة سوف تفقده عقله لا محالة .. تجعله يدور حول نفسه طوال الوقت تلاعبه وتحيره حتى فاض به الكيل .
بعد أن ترك القارب وعاد الى المغرب وجدها قد رحلت بعد أنتهاء العرس مباشرة وسأل أمه عن عنوان خالته فقالت له أمه بعدم رضى
- ألا تخجل من نفسك وأنت تعترف بجهلك بعنوان خالتك الوحيدة 
هز رأسه بنفاذ صبر وقال 
- آسف .. أنا حقا آسف .. آسف على أشياء كثيرة فعلتها وأشياء أكثر لم أفعلها .. فهل ستعطيني عنوان جنة أم لا ؟
- سأكتبه لك .
أخذت ورقة من مفكرتها التي تحتفظ بها قريبة منها دائما وبعد أن كتبت العنوان ناولته له .. تألقت ملامحه وهو يمني نفسه بقرب لقاءها ولكن ما لبث أن تجهم وعقد حاجبيه قائلا بأستنكار 
- ماذا ؟ .. افريقيا الوسطى ؟
- خالتك تعيش بالرباط ان كنت تريدها .. ولكن ان كنت تريد جنة فهي من ضمن بعثة أطباء بلا حدود وهي الأن بأفريقيا الوسطى .. أنتظر عودتها ان كنت غير مستعجل .. سوف تعود بعد عام ان لم يحالفها الحظ بأخذ اجازة .
شعر حميد بالحنق الشديد ووقف لفترة لا يدري ماذا يقول ثم راح يتمتم بغيظ وهو يخرج من حجرة والدته 
- أنا لن أذهب الى هناك .. لا أفهم ما الذي دفعها للسفر الى تلك البلاد ان لم تكن فتاة مچنونة .
ولكن بعد أسبوعين كان يستقل الطائرة متوجها الى جمهورية وسط افريقيا بعد أن أخذ الكثير من اللقاحات حتى شعر بأنه ذاهب الى منتجع للأوبئة .
تفاجأت جنة عند رؤيتها له في المخيم وظلت طوال دقيقتين كاملتين تنظر الى وجهه المرهق والعرق والغبار الذي يغطيه وسألته غير مصدقة 
- ماذا تفعل هنا ؟
رد بغيط وقد شعر حينها بأنه يود ضربها لأنها جعلته يمر بتلك المحڼ على الطرق الغير صالحة للسفر والغابات التي قطعها هذا غير كمية الحشرات التي تعرض للدغها 
- أقسم أنني ندمت على وجودي هنا .
توقع أن تغضب وتطلب منه الرحيل ولكنها أنفجرت في الضحك بمرح وقالت
- مرحبا بك أيها الثري المدلل في أرض الشقاء .. تعال نحن بحاجة الى الكثير من المساعدة هنا ولا نقول لا لأي يد تمتد الينا .
عرفته جنة على زملاءها من أطباء وباحثين من مختلف الجنسيات وبعد بضعة أيام من التذمر والتعب الشديد والأرهاق بسبب الحر بدأ يتأقلم وما كان يخفف عنه هو وجوده بجوار جنة طوال الوقت وكانت تضغط عليه بأستمرار وتتحداه أن يستمر كان يعرف أنها تراقبه وتنتظر أن يستسلم ويرحل ولكن ما رآه أثر فيه حقا وجعله يقدر ما تقوم به جنة ورفقاءها .. الأمراض وسؤ التغذية الذي يتعرض له السكان بسبب العڼف والأضطرابات السياسية وقد أخبره رئيس البعثة وأحد الباحثين وكان ألماني الچنسية 
- حتى بعد الأنتخابات الديمقراطية التي تمت فى 2016 الى أن الوضع مازال خطېرا فهناك 2.3 ملايين انسان أي ما يعادل نصف السكان يعتمدون على المساعدات الأنسانية للبقاء على قيد الحياة والنظام الصحي بالكاد يعمل في ظل النقص الحاد في العاملين الصحيين المؤهلين والأمدادات الطبية .. لذلك نشكر لك وجودك بيننا .
بعد ذهاب الرجل جلست جنة في المكان الذي تركه حول طاولة الطعام الخشبية التي تتوسط المخيم وسالته
- لماذا أنت هنا ؟
رد ساخرا 
- أبعد كل هذا الوقت تسألين ؟
أشاحت بوجهها بتجهم وقالت
- لا أعرف لماذا تتعب نفسك بالمجئ الى هنا وأنت تعرف رأيي بك جيدا .
- ربما أود أن أجعلك تغيرين رأيك بي وتدركين أنني جاد فيما يخصك  .
عادت للنظر اليه وقالت بتجهم 
- حميد .. وجودك هنا لأسبوع أو حتى شهر لا يعني أنك تغيرت .. ستكون مجرد مغامرة بالنسبة لك وبعد أن ترحل أشك أنك ستجرؤ على اعادتها مرة أخرى .
قال بأنفعال غاضب 
- أنا لا أقول أنني سعيد بالبقاء هنا ولكني أقدر الهدف السامي الذي تسعون لتحقيقة وأتمنى أن أساهم فيه وأن السبب الوحيد لوجودي هو محاولة أقناعك بالزواج مني وأنا لم أخفي هذا عنك أو عن أي أحد آخر هذه الحقيقة .
وقفت تقول بتصميم وعناد
- أذن ابقى .. عام هو مدة بعثتي .. أثبت لي تفانيك و ..
وقف بدوره يقاطعها قائلا پغضب 
- أنت تقومين بتعجيزي .. تعرفين أن لدي عمل ينتظرني ومؤهلاتي لا تناسب المكان هنا .. ولكنك تنتقمين مني بوضع شروط تعجيزية لسبب لا أفهمه .. 
أحبك يا جنة وأطلب منك الزواج .. لدي ماضي أعترف أنه ليس مشرفا ولن أتباهى أمامك أو أمام غيرك به .. لذلك سأطلب منك للمرة الأخيرة .. هل تقبلين الزواج بي أم لا ؟
أستولى الحزن على عينيها ولكنها قالت بصورة قاطعة 
- للأسف .. لن أقبل .
حتى لو كان يضع أحتمال رفضها فى الحسبان الا أنه صدم منه وشحب وجهه ولم يقل شيئا وفي صباح اليوم التالي كان يحمل حقائبه ويضعها في السيارة الجيب التي أستأجرها لتقله الى المدينة ومن هناك سوف يأخذ الباص لساعات حتى العاصمة ليستقل الطائرة من هناك .
لم يودعها ولم يقل لها أنه سيرحل وقد قابل رئيس البعثة في الصباح الباكر وسلمه شيك بمبلغ كبير تبرعا منه للمنظمة ووعده بأنه سيستمر بذلك فشكره الرجل بأمتنان شديد وودعه بنفسه عند السيارة وسأله
- وماذا عن دكتور جنة ؟
قال حميد بمرارة ساخرة 
- يبدو أنها تفضل البقاء هنا عن البقاء معي .
ولكنه لم يتوقع أن تلحق به جنة الى المطار 
- لماذا لم تخبرني أنك راحل ؟
كان مندهشا من ظهورها أمامه قبل دقائق من أقلاع الطائرة 
- لم أعتقد أنك ستهتمين .
أحمر وجهها بشدة وقالت وكأنها تنتزع الكلمات أنتزاعا 
- ألم تنتبه الى أنني توقفت عن أنتقادك وتوجيه السباب لك ؟
قال ساخرا 
- بالطبع لاحظت ولكن أفترض أنك توقفت عن ذلك فقط حفاظا على واجهتك الأجتماعية والثقافية أمام زملاءك النبهاء .
- غبي .. مازلت مغرورا رغم محاولاتك المضحكة لأثبات العكس 
فاض به الكيل وقال بحنق شديد 
- أنت الغبية والعنيدة لا أنا .. ان كنت تريدينني فأهلا بك .. وان كنت لا .. فدعيني أذهب في سلام .
واستدار يسير وهو يجر حقيبته خلفه والڠضب والأحباط يتفاقمان بداخله 
- تذهب في سلام .. أم تذهب لصديقاتك الجميلات .
صاحت من خلفه بحدة فتوقف واستدار اليها صائحا بدوره 
- ومالك أنت بي .. أذهب حيث أشاء ولمن أشاء فلا تتدخلي في حياتي فقد تنازلت عن أي حق لك بها .
عاد يتابع طريقه ولكنه سمع خطواتها تعدو من خلفه 
- حميد .. أنتظر .
توقف من جديد وقد قرر أن يعاملها بقسۏة ولكن الدموع التي كانت ټغرق وجهها ألجمته وجعلته عاجزا وضعيفا وهي تتابع 
- لا تتركني ولا تذهب لأي أمرأة أخرى .. أنا آسفة .. 
ثم تنهدت بقوة تحاول السيطرة على أنفعالها ثم تابعت 
- انا حقا أحبك .. وقبل ان تحبني انت .. أنا موافقة ..أن أتزوجك .
لم يصدق أذنه للحظات ولم يصدق ان سعادته بموافقتها على الأرتباط به ستصل الى هذه الدرجة .. ترك حقيبته وأحتضنها بشدة .. أستكانت جنة بيم ذراعيه وبعد دقيقة كاملة أبتعدت عنه وقد أحمر وجهها خجلا وقالت 
- ستكون مدة الخطوبة عاما كاملا .
رفع يده يهم بضربها ولكنه أوقف يده بالهواء فقالت بعناد دون أن يرف لها جفنا 
- هذا شرطي الوحيد ما رأيك ؟
وافق بالطبع فلا خيار آخر أمامه .

****

وقف فراس أمام الباب الخارجي لمنزل والدي أروى ينتظر خروج ولديه .. فقد أعتاد خلال الأسابيع الماضية أن يأتي لزيارتهما وأخذهما كلما سمح وقت عمله لقضاء الوقت بصحبتهما .. في البداية كان يقبل دعوة حماه ليدخل وينتظرهم بالداخل وكان يقبل على أمل أن يرى أروى ولكنها كانت ترفض الخروج من حجرتها حتى يذهب .. لم يترك أحدا من العائلة والأصدقاء الا وترجاه أن يتدخل للصلح بينهما .. قرر أن يستمع الى نصيحة زينة ويتنازل عن كبرياءه ليداوي كبرياءها وقد كرث كل وقت فراغه من أجل التودد اليها والأهتمام بطفليه .
- بابا .
رفع فراس نظراته الشاردة ونظر الى حمدان أبنه الأكبر 
- نعم حبيبي .
كانواجالسون فى أحد المطاعم يتناولون الغداء 
- أنت تريد ماما أن تعود اليك .
بالطبع .. حمدان لم يعد صغيرا وأنفصالهما وأسبابه لا تخفى عليه 
- لقد أخطأت في حقها ولها كل الحق لأن تغضب .
- ولكنك تحبها وتريدها أن تعود اليك .. أليس كذلك ؟
أبتسم له وقال 
- نعم هذا ما أريده .. ولكنها ترفض رؤيتي أو الحديث معي .
قال نجد وهو يحاول أبتلاع الطعام المحشو به فمه 
- تحدث اليها على الهاتف أو أكتب لها رسائل على الواتس آب . 
نظر حميد بدهشة الى ولديه وقال
- وهل سوف تجيب ؟
قال حمدان 
- حاول بابا لن تخسر شيئا .. نريد أن نعود الى منزلنا .. كما أن أمي حزينة جدا .
قال نجد بعفوية 
- وتبكي بأستمرار .
تألم قلبه وكره حاله لأنه السبب في بؤسها وعندما أعاد الطفلين الى بيت جدهما وعاد هو وحيدا الى البيت أخذ بنصيحتهما وبدأ يرسل الرسائل الى أروى وأنتظر بعد أول رسالة التي كان يسأل فيها عن حالها ولم يكتشف أنه كان يحبس أنفاسه الا عندما زفر بقوة بعد أن فتحت الرسالة وقرأتها فتشجع وأرسل رسالة أخرى دون أن ينتظر الرد على الرسالة الأولى وأخبرها فيها أنه يفتقدها .. رأت الرسالة ولكنها لم ترد عليها أيضا .. بعد أسبوعين كان فراس قد أرسل مئات الرسائل دون أن يستلم ردا واحد .. أخبرها كل شئ .. ما فعله وما يشعر به .. أخبرها عن شوقه وألمه والحب الذي يكنه لها .. أخبرها عن عمله وأصدقاءه واتضح له أنه لم يكن يحكي معها أبدا وأنه لم يعتبرها يوما سوى زوجة فرضها القدر عليه لتكون أما لأولاده وقد أخبرها ذلك أيضا .. أعترف بضعفة وجبنه وندمه وفى آخر رساله أخبرها أنه مستعد ان يتذلل لها أمام العالم لترضى عنه ان كان هذا ما يرضيها لكي تغفر له تعود اليه.. وكالعادة لم ينتظر ردا على رسالته الأخيرة لذلك عندما سمع صون رنين الرسائل أمسك الهاتف بشئ من الملل ليرى من يراسله .. توقف النبض لديه للحظة ثم عاد لينبض بقوة ظن أن قلبه لن يتحملها وفتح الرسالة كما لو كانت لغما على وشك الأنفجار وكان فيها 
( لا عشت ولا كنت لو جعلت زوجي ووالد أبنائي يتذلل أمام الناس من أجل أي أحد  أو أي شئ ) 
لا تكفي الدموع لتعبر عما شعر به وهو يعاود قراءة سالتها مرارا وتكرارا .. هل هناك من هو أسمى وأكرم وأشجع من تلك المخلوقة !!.
رسالة أخرى ظهرت أمامه 
( سأكون بأنتظارك غدا صباحا أنا والأولاد كي تعيدنا الى البيت ) 
هب فراس عن الفراش  وهو يقول بانفعال
- لا والله لن أنتظر حتى الصباح .
ستبيت زوجته وأولاده تحت سقف بيته هذه الليلة .. سيذهب ولا يهم ان كانت الساعة قد تجاوزت الواحدة بعد منتصف الليل .
لم يلاحظ أنه يرتدي بيجامة النوم سوى وهو فى الطريق ولم يفكر مجرد تفكير فى العودة لتغييرها .
طرق الباب ورن الجرس بألحاح .. أنيرت أضواء البيت بأكمله وسمع أصوات قلقة وخطوات تتحرك .. فتح حماه الباب وقال بدهشة 
- فراس ؟ .. ما الذي أتى بك فى هذه الساعة ؟
قال فراس وهو ينظر الى ما خلفه حيث تقف أروى وأمها متسعة العينين من الذهول 
- جئت لآخذ زوجتي وأولادي .
ألتفت والدها اليها يسألها وهو لا يفهم شيئا 
- أروى ؟
أبتسمت وأطرقت برأسها 
- الأولاد نائمون .
دفع فراس حماه من أمامه ودخل يقول بأصرار 
- سأحملهما ولا داعي لأخذ أي شئ اليوم .. لا أريد سواكم .

****
وقف آدم ينتظرها بشوق قرب شاطئ البحر 
كان زفافا أسطوريا ..
تهادت زينة بثوبها الأبيض الطويل .. 
ينقصها جناحا ملاك وتكون لجحيمه هلاك .. 
تهللت شمس النهار فوق خصلات شعرها ..
وانحصرت أمواج البحر خجلة من لمس طرفها ..
غارت الزهور من وردات خدودها فقبلت أن تكون مداسا لأقدامها ..
أنها الملاك الذي أستطاع أغواء الشيطان بداخله .. 
أستطاع أنتزاع دنسه بطهره .. 
قضى على خبثه ببراءته .. 
أنها ملاكه وقد أصبح قلبه جنتها ..
أمسك يدها المرتجفة وضمھا الى قلبه معلنا بعيناه وكل خلاياه أنها كل ما يريده من هذه الدنيا .. نسيا لحظة أن ألتقت عيونهما أن هناك عالم من حولهما وهمس 
- أصبحت لي.
ردت بصوت يرتجف من شدة مشاعرها 
- نعم .. أصبحت لك .

*****

الختام

فوق سطح القارب حيث كان يرسو قرب شواطئ مارسيليا الفرنسية ..
جلس آدم وحميد وفراس فى دائرة وكل منهم يحمل طفلته بين ذراعيه .. العجيب أن زينة وجنة وأروى أنجبوا بالتتابع فتيات بين كل واحدة منهن شهرا تقريبا

تثائبت أبنة آدم البالغة من العمر عشرة أشهر وكانت أكبر الفتيات وأكثرهم هدؤا , قال وهو يهدهدها بحنان
- ملاكي يريد أن ينام .
ابتسم فراس ثم قبل وجنة أبنته ذو التسعة أشهر بحب 
- وملاكي أنا أيضا فى طريقة الى النوم كذلك .
نظر حميد الى أبنته ذو الثمانية أشهر وقال بأمل وكان العشق فى عينيه يمحي أي أثر للتبرم فى صوته 
- ليت ملاكي التي تشبه أمها تنام أيضا .
أستدارت الطفلة بين ذراعيه وضړبته على وجهه بكفها الصغير ثم أنفجرت ضاحكة .. كشړ حميد فى وجهها ممازحا وقال 
- ألم أقل لكما أنها تشبه أمها .
جاءت جنة من خلفه تسأل بحدة
- ماذا تقول ؟
أنفجر آدم وحميد بالضحك فضاقت عينا جنة عليه بتركيز أكبر فقال بسرعة يتملقها 
- أنا جائع .
أنضمت زينة وأروى اليهم وقالت أروى 
- الغداء جاهز هيا .
وقف فراس وناول أبنته لزوجته ثم أحاطها بذراعه وسار بها الى الداخل وهو يهمس بشئ فى اذنها جعلها تبتسم .
وقف حميد وأسرع يحتضن جنة بذراعه بدوره 
- حبيبتي .. ماذا أعدتم لنا اليوم .
تقبلت جنة مداهنته لها وقالت وهي تأخذ أبنتها الضاحكة من بين ذراعيه 
- تعال الى الداخل وسترى .
بقى آدم وزينة وحدهما .. وقفا وأبنتهما بينهما وقد مالت برأسها على صدر والدها وبدأت تغلق عينيها , قالت زينة بحنان 
- لقد نامت حبيبتي .
- تعال نضعها في فراشها .
ثم مال وقبل وجنة زينة بحب شديد 
- افتقدتك .. دعينا نجهز رحلة لنا وحدنا .
ابتسمت له وهزت راسها بموافقه فضمھا اليه ولحقا بالأخرين
أنها ثالث أجازة صيفية يقضوها معا على متن القارب بصحبة أصدقاءهم ..
سارا معا الى الداخل وشعور بالراحة والهناء يحوطهما والمستقبل أصبح أكثر وضوحا عما كان عليه فى أي وقت كان .

****

تمت بحمد الله
اتمنى تكون عجبتكم وأحب اعرف آراءكم فى التعليقات وشكرا للمتابعة 💖💖💖



بداية الروايه من هنا



ادخلوا بسرعه من هنا 👇👇👇

من غير ماتدورو ولاتحتارو جبتلكم أحدث الروايات حملوا تطبيق النجم المتوهج للروايات الكامله والحصريه مجاناً من هنا


وكمان اروع الروايات هنا 👇

روايات كامله وحصريه من هنا




تعليقات



CLOSE ADS
CLOSE ADS
close