expr:class='data:blog.languageDirection' expr:data-id='data:blog.blogId'>

رواية ملاك يغوي الشيطان بقلم مايسه ريان الفصل الاول حتى الفصل العاشر حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج للروايات والمعلومات

 رواية ملاك يغوي الشيطان بقلم مايسه ريان الفصل الاول حتى الفصل العاشر حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج للروايات والمعلومات

رواية ملاك يغوي الشيطان بقلم مايسه ريان الفصل الاول حتى الفصل العاشر حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج للروايات والمعلومات

مقدمة :- نصف الحكاية
كان اليخت الأبيض الضخم الذى هو أقرب الى سفينة صغيرة متوقفا فى عرض البحر على بعد ثلاثة أميال من ميناء أثينا .  
فتحت زينه الباب الزجاجى الجرار وخرجت الى السطح تسير بالسرعة التى تسمح لها بها تنورتها القصيرة الضيقة وحذائها ذو الكعب العالى وقد أرتسم الذعر والهلع على محياها .. راحت تتمايل بحدة وتلتوى قدماها من تحتها حتى أوشكت لأكثر من مرة على السقوط فتوقفت للحظة وخلعت الحذاء وألقت به فى الماء غير آسفة عليه . 
ضړبت موجه شقية جانب اليخت وألقت برزازها عليه فشعرت  بطعم ملوحة  ماء البحر على شفتيها .. أم انها كانت دموعها ؟!!!! ..  
راحت تتلفت حولها بيأس تبحث عن مكان تلجأ اليه وتختبئ فيه, دارت حول السطح ووجدت سلم يؤدى الى أسفل .. لا تعرف الى أين .. ولكنها لم تتردد ونزلت بسرعة على الدرجات الحديدية الزلقة بفعل الرطوبة، أنزلقت قدماها وسقطت فجرحت ساقها بشدة ولكنها تحاملت على نفسها ووقفت متشبثه بالسياج الحديدى تعض على شفتها السفلى لتمنع صړخة ألم كادت ان تفلت منها وأكملت طريقها بحذر وقد بدأ جسدها يرتعش بوهن ويئن بعد سقطتها القوية .
[[system-code:ad:autoads]]وجدت نفسها فى غرفة المحركات وكانت من حسن حظها فارغة فلا أحد من البحارة يعمل فى تلك الساعة المتأخرة من الليل , بحثت بعينيها عن مكان يصلح للأختباء , كان هناك فى احدى  الزاويا خلف أحد المحركات غطاء من البلاستيك مكوم بأهمال .. أسرعت وجلست على الأرض وغطت نفسها به لا تدرى بما قد يفيدها هذا فسيجدها أحدهم عاجلا أو آجلا فأين يمكن لها ان تذهب وهى على هذا اليخت فى عرض البحر .. 
أنتابها الغثيان وهى تتذكر المنظر البشع للرجل الضخم وهو ممدد على الأرض وعيناه جاحظتان  والډماء ټنزف بغزارة من رأسه , لقد دفعته بقدميها بقوة لم تكن تدرى بأنها تملكها أو ربما لأنه كان سكيرا قد أختل توازنه وسقط الى الخلف ليصطدم رأسه بحافة طاولة الزينة ويسقط بكل ثقله على الأرض مصدرا صوتا شبيها بخوار الثور ليسكن جسده بعدها بدون حراك , لم تجرؤ على الأقتراب منه وهربت من الحجرة بسرعة .  
لم تساعدها رائحة الشحم الملتصقة بالغطاء على ألتقاط نفسا يبعد عنها ذلك الأحساس بالغثيان فوضعت رأسها بين ركبتيها حتى يزول الدوار .. بعد قليل سمعت أصوات خطوات على السطح أعقبها أصوات صياح وغناء صادرة عن عدة أشخاص جمدتها فى مكانها وجعلت كل عصب فى جسدها يتنبه وراح قلبها يدق بسرعة وقوة حتى انها كانت تسمع صوت طنينه داخل أذنيها , سكنت بلا حراك وكتمت أنفاسها وبعد لحظات بدأت الخطوات تبتعد والأصوات تنخفض وما كادت تلتقط أنفاسها من جديد حتى سمعت من جديد صوت خطوات ثقيلة وبطيئة تقترب من الحجرة التى تختبئ فيها , أرهفت السمع ولكن صخب دقات قلبها وفوران أعصابها منعاها من التركيز ولما سحب الغطاء عنها فجأة أطلقت صړخة ليس لها صوت فلم تكن رئتاها تحملان هواء بداخلهما .
[[system-code:ad:autoads]]أطل عليها من أعلى رجل أربعينى متوسط الطول قوى البنية كان يرتدى أفرول أزرق خاص بطاقم البحارة شملها بنظرة أحتقار وهو يقول بالعربية وبلهجة أهل الشام 
- ما الذى تفعلينه هنا ؟
الأحتقار فى صوته كان جليا ولكنها لم تهتم فلقد كانت تعتقد أن كل طاقم البحارة من الأجانب لذلك قالت بأنفعال هستيرى وأصابعها تتشبث بسرواله وهي تشعر بأنفراجة أمل
-  أنت عربى ؟.. أنت عربى.. ساعدنى أرجوك .. أريد أن أذهب من هنا .. أريد الرجوع الى بلدى  .
عاد خطوة الى الوراء مشمئزا من ملامستها له وقال
- وما الذى جعلك تتركين بلدك من الأصل وتأتين الى هنا ؟
أنسابت الدموع غزيرة على وجهها 
- أنا لست كما تعتقد .. انا لست مثلهم .. صدقنى أرجوك .
عقد الرجل حاجبيه ينظر اليها فى شك ثم وقعت عيناه على چرح ساقها وقميصها الممزق والذي يكشف عن جزء كبير من جسدها وسألها 
- هل الرجل الذى جاءوا بك من أجله هو من فعل بك هذا ؟
لملمت زينه أطراف قميصها الممزق عند العنق بأصابع مرتعشة وحاولت سحب تنورتها لتغطية فخذيها ولكن من دون جدوى  
- نعم . 
ثم أستطردت ببؤس مرير
- لقد خدعت ولم أكن أعرف ما ينتظرنى هنا .. أرجوك أن تصدقنى .
لانت تعابير وجه الرجل قليلا وداخلت نظراته الشك فأنتهزت زينة الفرصة لتسرد عليه قصتها

******

الفصل الأول

كانت زينة فى الخامسة من عمرها عندما أنتقلت الى شقة جارتها وكان هذا شئ قد أعتادت عليه منذ أن أصبحت أمها مريضة وتقضى فى المشفى أسبوعا من كل شهر تتلقى فيه العلاج فكانت تأخذها جارتهما أم علياء لتبقى عندها لحين عودة امها الى البيت وفى احدى المرات طالت أقامتها لديهم عن كل مرة وتأخرت أمها فى العودة حتى أسرت لها علياء ابنة جارتهم التى تكبرها بعامين قائلة 
- هل تعرفين أن أمك لن تعود أبدا مرة أخرى ؟
سألتها زينة ببراءة
- ولماذا لن تعود ؟
- لن تعود لأنها ماټت .. لهذا كانت أمي تبكي بالأمس .
لم يستطع عقلها الصغير وقتها أستيعاب فكرة المۏت وكيف أنها لن ترى أمها مرة أخرى ولأنها أعتادت على غيابها ورقادها الطويل بسبب المړض لم يبلغ بها الحزن مبلغا , وبعد أيام جاء الى بيت أم علياء رجل  يدعى مختار ومعه زوجته وكانت زينة جالسة على الأرض مع علياء وشقيقيها الصغيرين داخل غرفة صغيرة كانت تستخدم كغرفة جلوس  تلعب بقصاصة ورق قد صنعت منها مركبا صغيرا .
قالت لها أم علياء برقة وهي تمسك بيدها وتقدمها للضيفين 
- هذا عمك مختار يا زينة وزوجته السيدة أمينة .. سلمي عليهما .
كانا شخصين لم تراهما زينة أبدا فى حياتها من قبل .. صافحتهم بخجل وابتسمت لهما فكافآها بأن أعطياها كيس ملئ بالحلوى أخذته وراحت تقسم ما به بينها وبين علياء وشقيقيها أمام أعين الضيفين المبتسمين وعند مغادرتهما قالت لها أم علياء والدموع فى عينيها 
- أنهما أقاربك وسوف يأخذانك لتعيشي معهم .
تقبلت زينة الأمر بهدؤ وذهبت معهما .
أعجبت زينة ببيتهم فهو أفضل كثيرا واكبر من الحجرة التى كانت تسكن فيها مع أمها كما كان لديهم تلفاز ملون وشرفة تقف فيها لترى الأولاد فى الشارع وهم يلعبون وكان لديهما ايضا أبنة جميلة وحيدة تدعى نبيلة وكانت تكبرها بخمس سنوات وطلب منها مختار وزوجته أن تناديهما بأبى وأمى كما تفعل نبيلة ولأنها كانت خجولة وقليلة الكلام أخذت فترة طويلة الى أن تجرأت على منادتهما بهذين اللقبين ... 
لم تفرح نبيلة بوجودها ولم تتقبل بسهولة ان تأتى فتاة لا تعرفها وتشاركها حب والديها وتشاركها فى أشياء أخرى كحجرتها وسريرها وألعابها ولذلك لم تتركها تنسى ولو لمرة واحدة أنها متبناة. 
عندما كبرت زينة عرفت أن أمها كانت قد تزوجت من أحد رجال قريتها الذى يعمل فى القاهرة فى مجال البناء وأنتقلت من قريتها فى دلتا مصر وبعد عام من زواجهما سافر الى السعودية للعمل وترك زينة وأمها وحدهما وبعد أشهر قليلة من سفره أنقطعت أخباره عن زوجته وجاءتها أخبار متضاربة عنه ... فهناك من قال أنه أدين فى قضية سړقة وحبس وهناك من قال أنه تعرض لحاډث وقتل وهناك من قال أنه تزوج وغير عمله ولم يعد أحد من رفاقه اللذين سافر معهم يعرف عنه شيئا فأضطرت أمها أن تخرج للعمل فقد كانت غير قادرة على العودة الى قريتها حيث زوجة والدها التى لن تقبل بعودتها بعد أن تخلصت منها بتزويجها , وبعد ثلاث سنوات من العمل الشاق أصاب أمها المړض الذى لا شفاء منه وماټت تاركة زينة وحدها وكان مختار قريب والدها الوحيد فى القاهرة وعندما ذهب لرؤيتها وقع حبها فى قلبه وقلب زوجته ولأنهما كانا يعرفان ما سيؤول اليه مصيرها ان أعطياها الى عمها شقيق والدها المعروف فى العائلة بقسوته فقد عرضا أن يأخذاها لتربى مع أبنتهما ولم يجدا منه معارضة .
كبرت زينة ودخلت الى الجامعة وتخرجت منها وكان حلمها الأول أن تصبح مضيفة طيران أو مرشدة سياحية ان لم تتوفر لها الأمنية الأولى فقد كانت تعشق السفر وشغوفة لرؤية الأماكن الجديدة ولكن أحوالهم المادية لم تكن لتسمح لهم الا بالسفر كل عام الى مصيف متواضع يستطيع فيه والدها دفع أجرة شقة لمدة أسبوع وتأجير شمسية وأربعة كراسى على شاطئ البحر وكانت الأسكندرية ومطروح من المصايف التى فى متناول اليد الى أن كبرت نبيلة ولم يعد يعجبها هذا النوع من الرحلات الأسرية المتواضعة فتوقفوا عن التصييف نهائيا ولم يحالف زينة الحظ للعمل فيما كانت تتمنى وحصلت بدلا من ذلك على وظيفة كموظفة أستقبال فى الفندق الذي تعمل به أختها لأتقانها لغتين أجنبيتين .  
وفى صباح أحد أيام شهر يونيه التى بدأت فيه نسائم الصيف الحارة فى الظهور كانت زينة قد أنتهت من أرتداء ملابسها أستعدادا للذهاب الى العمل عندما دخلت نبيلة الى الغرفة خارجة لتوها من الحمام وأثار النوم مازالت بادية على وجهها الجميل ولم تكن قد أرتدت ملابسها بعد , فقالت لها زينة عابسة
- ألم ترتدى ملابسك بعد .. سوف نتأخر على العمل هكذا .
ردت نبيلة وهى تتثائب 
- أعطنى نصف ساعة وأكون قد أنتهيت .
هزت زينة رأسها باستياء 
- لو كنت تنامين باكرا لما أصبحت بهذا الشكل .
تأففت نبيلة بضجر
- بالله عليك .. أرحمينى من مواعظك قليلا .
وهما فى طريقهما الى العمل أخبرتها نبيلة أنها سوف تأخذها معها الى زفاف صديقة لها , فوجئت زينه بعرضها فهي دائما كانت حريصة على ابعادها عن دائرة معارفها وزينة لا تعرف حتى من يكونوا أصدقاءها فشعرت بالسعادة لأن نبيلة قررت أخيرا دمجها فى حياتها الخاصة .. فقالت بفرح
- حقا؟ ... وزفاف من يكون ؟
- صديقة لي لا تعرفينها .
فكرت زينة بغبطة .. ان هذا لا يهم .. يكفي أنها سوف تصطحبها معها فحياتها خارج العمل فارغة لا حياة حقيقية تعيشها
ثم سألتها بقلق 
- وهل سأحتاج الى فستان سهرة 
قالت نبيلة وهي ترمقها بنظرة ضيق 
- بالطبع .. هل تفكرين فى الذهاب بالجينز .
خبت فرحتها وقالت
- ولكن أنا ليس لدي واحدا يصلح لمثل هذه المناسبات .- 
فهى لا تذكر متى آخر مرة ذهبت فيها الى زفاف احد ما 
قالت نبيلة 
- عندما نتلقى أجورنا آخر الأسبوع سوف نذهب معا لشراء ثوب لك وآخر لى . 
فكرت زينة .. ولكن مرتب هذا الشهر مخصص معظمه لعلاج والدها فهو بحاجة لعمل أشعة وتحاليل كان الطبيب قد طلبها وهى مكلفة جدا ولكنها قررت ان لا تجعل هذا الأمر البسيط يقف فى طريقها فهي تستطيع أن تستعير واحدا من أحدى رفيقاتها بالعمل .. رفعت هذه الفكرة من معنوياتها ومر الاسبوع سريعا وعادتا يوم القبض وكانت أمهما فى أنتظارهما وعلى الفور أعطتها زينة كل راتبها بعد أن خصمت منه مصروف المواصلات وعندما لم تفعل نبيلة مثلها سألتها أمها 
- وأنت يا نبيلة ؟
علا الحزن محياها وهى ترد 
- آسفة حقا يا أمى .. أشعر بالخجل منك .. أنت لم تقولى شيئا عن تحاليل أبى هذه الا منذ بضعة أيام فقط وأنا كنت قد أشتريت أشياء من صديقة لى تملك متجرا للملابس وقد أجلت الدفع لحين الحصول على راتبى .. هذا غير أن المدير قد خصم منى أسبوعا بسبب مشكلة حدثت بيننا فى العمل.
نظرت اليها زينة بدهشة فهى لم تسمع عن أى مشكلة قد حدثت بين نبيلة وعماد فهو مفتون بها ويميزها عن غيرها من زملاءها وهذا لطالما أحدث المشاكل بين  أصطف العمل فى مطعم الفندق .
قالت نبيلة بعد أن قبلت وجنة أمها لتسترضيها 
- وهناك شئ آخر يا أمى .. اذا أمكن أن تعطى زينة بعض المال فهى بحاجة الى شراء  ثوب جديد لتحضر به حفل الزفاف .. حرام .. فهى ليس لديها شئ لترتديه .
أحمر وجه أمها حرجا ومدت يدها بالمال كله الى زينة وهى تقول 
- سامحينى يا حبيبتى .. خذى ما تريدين لا نريد أن نثقل عليك .
تضايقت زينة من تصرف أختها وقالت بسرعة وهى تدفع يد أمها برقة  
- لا يا أمى لقد تدبرت أمرى وأستعرت ثوبا من سمر . 
قالت نبيله بحدة  
- ومصاريف السفر.. سوف تحتاجين الى بعض المال من أجل السفر .
نظرت اليها زينة وأمها بدهشة وقالت تلك الاخيرة 
- سفر ماذا ؟ .. أنت لم تقولى شيئا عن هذا السفر من قبل ؟
قالت نبيلة 
- ألم أقل لك أن حفل زفاف زميلتنا سوف يكون بالأسكندرية ؟
دهشت زينة .. فعن أي زميلة كانت تتحدث !!.. لم يكن لديها علم بأن هناك زميلة لهما فى العمل سوف تتزوج وسمعت أمها تقول 
- وهل تعتقدين أن والدك سيقبل أن تسافرا وحدكما ؟
ردت نبيلة بتوسل 
- ولماذا لن يرضى ولقد حجز لنا غرفة فى الفندق الذى سيقام به الحفل .. ستحزن زينة ان لم تذهب فالعروس صديقتها المقربة .
نظرت اليها زينة بحدة فرمقتها نبيلة بنظرة محذرة اياها أن تكذبها 
قالت أمها بحيرة
- لا أعرف ماذا سيقول والدكما .
قالت نبيله بألحاح 
- قولي له أن زينة تريد الذهاب وستحزن ان رفض .
بعد خروج أمها واجهتها زينة پغضب 
- لماذا كذبت ؟
نظرت اليها نبيلة ببرود 
- لأننى أعرف أبى .. سيرفض فكرة سفرنا بمفردنا لحضور زفاف أحد لا يعرفه كلانا ولأنه يثق بك ولا يثق بى .. وكأنك أنت أبنته وليس أنا .
أحمر وجه زينة .. ليس ذنبها أنها هادئة ومطيعة ووالدها يعجبه سلوكها ولا يعجبه سلوك أبنته الذى يسبب له الكثير من القلق والأرتياب فى معظم الأحيان ونبيلة هي المسؤولة عن ذلك فلا يجب أن تلوم الا نفسها .
وافق والدهما على سفرهما كارها وكانت زينة تتمنى لو أنه رفض فلم تكن معتادة على الكذب عليه وقررت أن لا تشارك نبيلة فى أكاذيبها بعد ذلك أبدا ولكن فى نفس الوقت كانت متحمسة رغما عنها للسفر بصحبتها والتعرف على أصدقاءها المجهولين كما أنها أشتاقت الى الأسكندرية والى نسيم بحرها .
ولكن فيما بعد أكتشفت زينة أن أكاذيب نبيلة لم تنتهى عند هذا الحد ....

الفصل الثاني

أكتشفت زينة أن أكاذيب نبيلة لم تنتهى عند هذا الحد ففى الواقع لم يكن هناك زفاف من الأصل وأنهما كانتا مسافرتان الى الساحل الشمالى وليس الى الأسكندرية كما أدعت وانما لحضور حفل فى فيلا يملكها أحد أصدقاءها وكانت الفيلا فى مكان منعزل ولها شاطئها الخاص على البحر ..
كان الضيوف من الاثرياء يدل على ذلك السيارات الفارهة التى جاءوا بها وكانتا هما الوحيدتان اللتان جاءتا بسيارة أجرة وأستغربت زينة أن نبيلة كانت تعرف معظم الحضور وأندمجت بينهم سريعا كأنها واحدة منهم وتساءلت زينة فى نفسها .. كيف ومتى تعرفت اليهم ؟
توالت الصدمات على زينة عندما رأت نبيلة ترتدى ثوب سباحة ڤاضح وتستلقى على الشاطئ بلا حياء أمام أعين الشباب دون أن تبالى , لم تكن الوحيدة التى ترتدى هكذا بل ان كل الفتيات كن يرتدين مثلها وأقل منها ولكن نبيلة كان لها جسدا جميلا وهى تعرف هذا وتتباهى بما لديها , ودت زينة لو كان لديها الجرأة والقدرة لتذهب اليها وټصفعها على وجهها وتجبرها على الرحيل من هذا المكان ولكنها لا تستطيع أن تفعل هذا وأكتفت بأضعف الأيمان .
تعرفت زينة على بعض من الحضور ولكنها لم تستطع مجاراتهم فى الكلام أو المزاح ففضلت أن تبقى وحيدة وجلست بعيدا عن الجميع على أحد مقاعد الشاطئ حيث كانوا يقيمون حفل شواء وبالكاد تناولت الغداء وعند الغروب برد الجو فتركوا الشاطئ ودخلوا الى الفيلا لتغيير ملابسهم والأستعداد لحفل المساء , وفى الغرفة التى خصصت لأقامتهما أخرجت زينه ثوبها من الحقيبة وقد فارقها الحماس الذي كانت تشعر به فى وقت سابق .
قالت نبيلة ساخرة عندما رأت الثوب فى يدها
- هل سترتدين هذا الشئ حقا ؟
نظرت اليها زينة بقلق وسألتها
- ماذا به ؟
- موضته أنتهت منذ قرن .. أتركيه .. معى فستان آخر سيكون واسعا قليلا عليك ولكنه أفضل من ذلك الشئ .
أعادت زينة الثوب الى علاقته بأحباط .
أنتهت نبيلة من تبرجها وأرتداء ملابسها وقد ساعدتها زينة فى تجفيف شعرها وتصفيفه وبطبيعة الحال لم تستطع زينة التعليق على ثوبها الصغير جدا فهى كانت تعرف أنها ستغضبها ولن تستطيع منعها من أرتداؤه وبعد خروجها بدأت زينة فى أرتداء ملابسها بدورها ..
أخرجت الثوب الذى أخبرتها عنه نبيلة ولم تجد غيره فى الحقيبة .. وصعقټ لدى رؤيته .. هل أعتقدت نبيلة حقا أنها قادرة على أرتداء مثل هذا الثوب ؟ كان بلا أكمام وبلا صدر تقريبا وقصيرا جدا , أرتدته زينة لتجربته من باب الفضول وكان واسعا عند الصدر والردفين وهاتان منطقتان تتميز بهما أختها عنها .. وتذكرت مبتسمة عندما كانت مراهقة نحيفة جدا تنظر الى جسد أختها الكامل الأنوثة بحسد وأعجاب , وفى مرة قامت بأرتداء حمالة صدر من عندها وحشتها بالجوارب ليصبح لديها صدر كبير مثلها وأكتشفت نبيلة ما فعلته بمجرد أن نظرت اليها فضحكت وسخرت منها وأخبرت أمها التى قالت لها بأبتسامة حنونة
- لا تتعجلي .. سوف تكبرين وجسدك سيتغير ويمتلئ مثل كل البنات .
وعندما كبرت أمتلأ جسدها النحيف وأستدار ولكن لم يصل الى درجة الانوثة المتفجرة التى تتمتع بها نبيلة .
خلعت زينه الثوب وأرتدت ثوب صديقتها الذى كان من الحرير الصناعى لونه أسود بأكمام طويله من الشيفون .. كان بسيطا ورقيقا .. لم يكن مميزا ولكنه جميل وقد أعجبها . صففت شعرها البنى الطويل الذى يصل الى أسفل ظهرها بخصلات متعرجة ولكن ناعمة وكثيفة ثم وضعت القليل من مساحيق التجميل فقد كانت عازفة عن لفت الانظار اليها .
لاحظت زينة عند نزولها أن عدد المدعوين قد ازداد وقد خصصوا مكانا للرقص فى منتصف القاعة وسرعان ما لمحت نبيلة بثوبها الأخضر وهي تتنقل أثناء الرقص من شاب لآخر وهى تضحك بسعادة فعبست زينة بقلق وحزنت من أجل والدها الرجل الطيب التقي .. كيف سيكون حاله لو رأى أبنته الوحيدة بهذا الشكل؟ وأمها .. المرأه الطيبة ربة المنزل التى لا تخرج من بيتها الا لتذهب الى سوق الخضار والتى حملت بها بعد أن فقدت الأمل فى الأنجاب لسنوات .. ماذا سيكون رأيها فى تربيتها لأبنتها ؟
تركت زينة الفيلا بقلب مثقل بالحزن وخرجت الى الشرفة ومنها الى الشاطئ وكان الجو قد أصبح باردا عما كان عليه فى النهار ولم تكن تملك سترة ولكنها قررت البقاء فى الخارج فالبرد أهون عليها من رؤية أختها فى هذا الوضع المخجل , جلست على الرمال وضمت ركبتيها الى صدرها ونظرت الى البحر الذى بدا مرعبا بسواده القاتم وكان الظاهر منه فقط هو تلك الموجات الصغيرة التى تأتى الى الشاطئ لتلقى بذبدها الأبيض عليه ثم تنحصر عائدة الى الظلام لتعود مرة أخرى محملة بالمزيد فهو بالنسبة لها عمل لا ينتهى .
أخرجها من تأملاتها صوت همسات فأدارت رأسها الى جهة اليسار التى يأتى منها الصوت وقد شعرت بالخۏف فقد كانت تظن نفسها وحيدة على الشاطئ ... دققت النظر .. وعلى بعد أمتار قليلة شاهدت شاب وفتاة يجلسان على الرمال مثلها .. الفتاة بثوب أحمر براق والشاب مستلقي على الرمال ويضع رأسه على حجرها وكانت الفتاة تميل عليه وتقبله , شعرت زينة بالحرج الشديد ورمشت بعيناها غير مصدقة لما تراه وتساءلت .. منذ متى وهما هنا وهى أيضا هنا ؟ وقفت بحدة لتترك المكان فلفتت حركتها المباغتة أنتباههما ونظرا اليها غير مجفلين أو محرجين فأسرعت الخطى عائدة الى الفيلا وهى تسمع الشاب يقول شيئا ما للفتاة جعلها تضحك .
عادت زينة الى داخل الفيلا حيث صوت الموسيقى الصاخب وبحثت بعينيها عن نبيلة فلم تجدها وأنتابها القلق فصعدت الى حجرتهما لتبحث عنها ولم تجدها هناك أيضا فعادت الى أسفل خائڤة وقلقة من سبب أختفاءها وصورة الفتاة والشاب على الشاطئ مازالت فى ذهنها وتخشى أن تكون .. ولكنها وجدتها قد عادت الى قاعة الرقص فهدأ خۏفها .. أشارت لها بيدها تحاول لفت أنتباهها ولكنها كانت مشغولة بمحاولة شد أنتباه شاب لم تراه زينة من قبل .. يبدو أنه وافد جديد فلا يمكن أن ينساه المرء ان سبق ورآه .. كان وسيما .. لا.. بل كان جميلا .. ان صح أن يطلق هذا الوصف على رجل , حتى أن زينة عجزت عن أشاحة نظرها بعيدا عنه , كان يرتدى قميص رمادي اللون من الحرير أو ما شابه .. يفصل العضلات البارزة لصدره وبطنه المسطحة وسروال أسود حيك خصيصا من أجل ساقيه الطويلتين .. بدا لها كملك يقف بين الرعية وخاصة النساء منهم .. لم تكن خير حكم على الشخصيات ولكن هذا الشاب الذى لم يتجاوز الثلاثين من عمره لا يمكن أن يكون عاديا , كانت زينة تتأمله بتركيز شديد .. فضولا أكثر منه أعجابا فقد شعرت أن تحت جماله الظاهرى تختبئ القسۏة لا اللين ولم يريحها أن ترى نبيلة وهي شبه ملتصقة به ومع شرودها فى تأمله لم تلاحظ نظراته التى سلطها عليها الا بعد أن وصلت بتفحصها الى عيناه فأجفلت وأحمر وجهها حرجا وأشاحت به بعيدا عنه بسرعة وراحت تلهى نفسها بمراقبة الراقصين حريصة ألا تنظر فى أتجاهه مرة أخرى .
بعد فترة شعرت زينة بالجوع فأخذت طبقا وضعت به القليل من الطعام وخرجت الى الشرفة وكانت قد بدأت فى تناول طعامها عندما جاء صوت عميق هادئ من خلفها يقول
- مساء الخير .
ألتفتت الى صاحب الصوت بدهشة فطوال الحفل لم يعيرها أحدا أهتمامه وكاد أن يقف الطعام فى حلقها عندما رأت أنه نفس الشاب الجميل الذى كانت تتأمله منذ قليل , حدقت به صامتة فأبتسم قائلا
- الجو بارد هنا .
هزت رأسها موافقة فمد يده ليصافحها وقال يعرف عن نفسه بأبتسامة هادئة
- أنا أسمى خالد .
ترددت للحظة قبل أن تمد يدها مضطرة وصافحته ثم سحبت يدها بسرعة قبل أن يتسنى له الضغط عليها بأصابعه , رفع حاجبيه بدهشة ولكنه لم يعلق وسألها مازحا
- ألن تقولى لي أسمك ؟
قالت بأرتباك وهي تدعو أن يخرج صوتها طبيعيا
- أسمى زينة .
أتسعت أبتسامته الرائعة وقال
- أسمك جميل يا زينة وكذلك صوتك .. مع من أنت هنا ؟
- مع نبيلة أختى .
عبس يفكر وكأنه لم يسمع بهذا الأسم من قبل
- نبيلة ؟ لا أعتقد انني أعرف أحدا بهذا الأسم .
كيف لا يعرفها وقد كانت تقف معه منذ لحظات ملتصقه به تقريبا , فقالت بتوتر
- بالتأكيد ليس من الضرورى أن تكون على معرفة بكل الموجودين هنا .
ردد كلماتها الخرقاء مازحا
- بالعكس .. يجب أن أكون على معرفة بكل الموجودين .. وهذا ما جعلنى آت خلفك لكي أتعرف عليك .. لأنك فى الحقيقة ضيفة عندى .
أربكها رده وأشعرها بالخجل .. اذن هذا هو صاحب الفيلا الذى لم يكن موجودا عند حضورهما فى الصباح وكانت أختها قد شعرت بخيبة الامل عندما لم تجده فى أستقبالها ولكن على حسب ما قاله لتوه فهو لا يعرف نبيلة ويظن أنهما متطفلتان على حفلته .. مدت له يدها بطبق الطعام فأخذه منها مندهشا وقالت بحرج شديد
- أنا آسفة جدا .. لم أكن أعرف أن أختى جاءت من دون دعوة .. على أية حال سوف نرحل حالا .
همت بالذهاب فأستوقفها بلمسة من يده قائلا بحيرة
- أنتظرى.. سترحلين الى أين ؟
- القاهرة .. نحن من هناك .
قال ضاحكا
- سترحلين لأنني سألتك عن أسمك ؟
- لقد قلت أيضا أنك لا تعرف أختى .
- صفيها لى .. هناك بعض من معارفي مسموح لهم بدعوة أصدقاءهم .
- كانت تقف معك منذ قليل ... تلك التي كانت ترتدى الفستان الأخضر .
رفع حاجبيه بتعجب
- أنت تقصدين ناني ؟
تنهدت براحة .. ناني هو أسم التدليل الذى تفضله نبيلة عن أسمها الحقيقى والذى ترى أنه قديم ولا يناسبها ولكنها أرتاحت على الاقل لأنه يعرفها وقالت مبتسمة
- هذا هو الأسم الذى تحب أن ندللها به ولكن أبي يرفض ويقول أن أسم نبيلة أجمل وله معنى وقيمة .
ضحك ثم مد لها يده بطبق الطعام وقال
- والأن أكملى طعامك .
أخذت منه الطبق وأنتظرت منه أن يذهب ولكنه ظل واقفا يتأملها بفضول فشعرت بالضيق اضافة الى الخجل وكان يهم بالكلام عندما خرجت نبيلة الى الشرفة وهي تقول بصخب
- خالد .. أنت هنا ؟
ثم نظرت الى زينة بحدة وقالت
- آه .. لقد قابلت زينة .
رد عليها وعيناه لا تفارقان وجه زينة
- لم تقولى أبدا أن لديك أخت جميلة هكذا .
خشيت زينة للحظة أن تحرجها نبيلة أمامه وتنكر أنهما شقيقتان حقا ولكنها لم تفعل وتأبطت ذراعه وقالت مازحة
- خفت عليها منك .. لأنها ليست ند لك .
لوى شفتيه وقال بخبث
- هل تقصدين أخافتها منى ؟
ضحكت بدلال
- زينة غير معتادة على جونا هذا ومن الصعب أن تغير لها رأيها .
لم تهتم زينة لما كانا يقولانه وودت لو يذهبا ويتركاها وحدها وقد أرتاحت عندما أستطاعت نبيلة أخيرا أن تقنعه بالدخول معها ليرقصا فتنفست الصعداء وأخيرا ستكمل تناول طعامها بهدؤ .. وما كادت تبتلع اللقمة الثانية حتى أندفعت فتاتان الى الشرفة تعرفت زينة على احداهما وكانت تلك هي نفس الفتاة التى رأتها على الشاطئ تقبل الشاب بلا حياء وعرفتها بسبب ثوبها الأحمر اللامع , وكانت الأن منفعلة وغاضبة وهى تقول لصديقتها
- من تظن نفسها تلك الشحاذة النكرة لتقف أمامى .
حاولت صديقتها تهدأتها الى أن لمحت زينة فمالت على أذنها وهمست بشئ ما جعلها تلتفت الى زينة بحدة .. غص حلق زينة بالطعام مرة أخرى وشعرت بالخۏف من نظراتها الشرسة وهي تسألها
- أنت شقيقة نانى ؟
ردت بتلعثم
- نعم .
- قولى لها أن لا تأكل ما لا تستطيع هضمه .. وأنصحيها بأن تبتعد عن خالد فهي لا تعرف مع من تتعامل فهو ..
ولكن صديقتها منعتها من المتابعة بأن جذبتها من ذراعها وهمست لها بشئ آخر جعلها تتوقف وتعود معها الى الداخل بعصبية ظاهرة .
وقفت زينة مذهولة لا تعرف معنى ما قيل أو ماذا أرادت الفتاة أن تقول لها قبل أن تمنعها صديقتها .. هذا الموقف زاد من أحباطها وفقدت شهيتها فوضعت طبق الطعام من يدها على سور الشرفة ودخلت الى الفيلا وقررت أن تصعد الى غرفتها لتنام وهي تدعو الله أن يأتي الصباح سريعا وترحلا من هنا بسلام .
دارت زينة من حول الراقصين وكانت متوجهة الى الدرج عندما أعترض طريقها شابا مخمورا وسألها
- لما أنت كئيبة هكذا ؟
أنكمشت زينة مبتعدة عنه بأشمئزاز , ورد عليه آخر ضاحكا وهو يقترب منها بدوره حاملا كأسا به خمر
- لأنها لم تجد أحدا يعطيها كأسا .
أجابه الآخر ضاحكا
- نحن نعطيها .
وقبل أن تستوعب ما يحدث أستدار الشاب الاول وأحاط بها بذراعيه من الخلف ليشل حركتها وهو يقول
- سأمسك أنا بها وأنت أسقها .
أقترب منها الشاب الاخر وقرب كأسه من فمها وهو يضحك , أتسعت عينا زينة ړعبا وهي تضم شفتيها بقوة ..
فى ثوان أصبحت كاللعبة بينهم فقد تجمع حولهم بقية المدعوين يصفقون ويشجعون .. حاولت زينة بيأس التملص من آسرها وراحت تتلوى پعنف وتدير وجهها يمينا ويسارا تستميت حتى لا تلمس حافة الكأس شفتيها ونتيجة لذلك سكب الشاب الشراب على وجهها وملابسها فشعرت پغضب شديد لم تشعر به من قبل فى حياتها فرفعت ركبتها وضړبته بقوة ما بين ساقيه ..
صړخ الشاب من الالم وهو يسقط بركبتيه على الارض وسط عاصفة من الضحك , تركها الشاب الآخر الذى كان يكبلها وأسرع يختبئ خلف أصدقاءه وهو يضحك بشدة , ملأت الدموع عيني زينة ونظرت حولها بيأس تبحث عن الوجه الوحيد الذى تعرفه وتأنس اليه ورأتها تقف بعيدا تنظر اليها پغضب وبجوارها وقف خالد ېدخن سېجارة وهو يتابع ما يحدث لها متسليا كالجميع , كسرت زينة الدائرة المتحلقة حولها وأندفعت الى الدرج تصعده بسرعة وهي تبكي بحړقة من الأهانة والأذلال الذي تعرضت له على أيدي بضعة حمقى .
لحقت بها نبيلة فى الغرفة وراحت تعنفها بقسۏة
- ما الذي حدث لكل هذا .. لقد كانوا يمزحون معك .
ثم وصفت تصرفها بالتزمت المبالغ فيه فقالت زينة پغضب وهي تبكي
- يمزحون ؟ لقد حاولوا أجباري على الشرب .
ثم أشارت الى ثوبها المبلل والذى تفوح منه رائحة الخمر وتابعت بمرارة
- أنظري الى نتيجة المزاح كما تسمينة .. يجب أن نرحل من هنا حالا .. أنا لن أبقى بصحبة أمثالهم وما كان لنا أن نكون بينهم من الأساس .
صاحت بها نبيلة پغضب
- ما كان لك أنت أن تأتي الى هنا .. لولا أبي ومعارضته لما فكرت فى دعوتك فأنت تخجلينني بتصرفاتك المعقدة
كان ڠضب زينة قويا ولأول مرة تتهجم بالقول على أختها
- تصرفاتي أنا التي تخجلك !! وماذا عن تصرفاتك أنت وتلك الأشياء التى ترتدينها بلا حياء ؟ .. ومن تدعينهم بأصدقاءك هم مجموعة فاسدين وأنت مثلهم فاسدة .
ثم أخبرتها بالكلام الذي قالته لها الفتاة ذات الثوب الأحمر وتابعت بأحتقار
- هل هؤلاء هم من تخجلين مني أمامهم ؟ .. أنا التي يجب أن أخجل من وجودي معهم ولولا خۏفي على صحة أبي وما يمكن أن يحدث له لأخبرته بما تفعلينه .
قالت كل ما كان عليها قوله فما كان من نبيلة الا أن صڤعتها بقوة على وجنتها
, وقفت زينة مصډومة من تجرؤ نبيلة على ضربها وبعد خروجها مسحت دموعها پعنف وپغضب أرتدت سترتها الجينز فوق فستان السهرة وحملت حقيبة ظهرها التى كانت تضع فيها ملابسها على كتفها وقررت أن ترحل من هذا المكان فى الحال وأنها لن تنتظر حتى الصباح ..
تركت الفيلا عن طريق شرفة الطابق الأول والتى بها سلم يؤدى الى الشاطئ حتى لا تجعل أحدا يراها .

****

الليل والقمر والنجوم .. صوت البحر ورنة كعب حذائها .. هذا كل ما كانت تراه وتسمعه .. بدت الفيلات الأخرى مهجورة لا يسكنها أحد ..
كان الڠضب هو ما أعطاها الشجاعة لتخرج وحدها فى هذا الليل البهيم ولكن هذه الشجاعة المزعومة تبخرت بعد دقائق وبدأ الخۏف والړعب يحلان محلها .
سارت زينة مسافة طويلة يحثها عقلها على العودة وتأبى عليها كرامتها أن تفعل ..
خرجت من بوابة القرية السياحية تشيعها عيون حراس الأمن الناعسة وتمنت لو يستوقفها أحدهم وينصحها بالعودة .
من بعيد تراءى لها الطريق السريع وظهيره الصحراوى الصامت المظلم على بعد مائة متر تقريبا فراحت خطواتها تتباطأ حتى توقفت تماما ونظرت بړعب الى السيارات التى تعبر بسرعة كالسهام على الأسفلت وعاد عقلها للعمل .. ما الذى هي بصدد القيام به ؟ وتخيلت نفسها واقفه على الطريق تنتظر سيارة لتقلها .. وفى هذا الوقت من الليل .. ما نوعية السيارات التى ستقف من أجلها ؟ وأخذت قرارها بأن تستدير وتعود من حيث أتت ..
وفى تلك اللحظة تناهى الى مسامعها صوت دراجة ڼارية تزأر من خلفها فأستدارت ورأتها تقترب منها بسرعة كبيرة وتتجه نحوها مباشرة وكأن قائدها يقصد دهسها فتجمدت فى مكانها وقد شلت حركتها وأغلقت عيناها بقوة تنتظر لحظة الأصطدام , صرير مكابح الدراجة كان مرعبا وعجلاتها تحتك بقوة بالأرض وتتوقف على بعد خطوات منها , فتحت زينة عينيها على أتساعهما ونظرت بذهول الى خالد وهو يترجل عن الدراجة ويقترب منها بوجه غاضب
- هل أنت مچنونة ؟ .. الى أين تظنين نفسك ذاهبة وفى هذا الوقت من الليل ؟
ردت بحدة وقد عاد اليها الڠضب الذي شعرت به من أهانة ضيوفه لها فى بيته وهو يقف متسليا بما كان يحدث لها
- أى مكان هو أفضل لى من البقاء بصحبة أصدقاءك السكارى .
هدأ قليلا وقال بلهجة أعتذار
- كانوا يقصدون المزاح فقط .. وأنا أعتذر عما بدر منهم وأعدك أن لا أجعل أحد يتعرض لك مرة أخرى .
مازالت نظراتها تحمل الشك والحذر بجانب الڠضب فتابع يقول بجدية
- قلت أعدك .. لن يجرؤ أحد منهم على مضايقتك مرة أخرى .
أطرقت برأسها .. لقد ندمت بالفعل على تسرعها فى الهرب وكانت تنوى العودة , رفعت رأسها ونظرت اليه بعيون دامعة وقالت بضعف
- سوف أعود معك فقط لأنني خائڤة من أن أذهب وحدي .
تجهم وجهه وقال
- أنت فتاة غريبة .. أو ربما أنت غريبة على محيطي أنا .. لقد نسيت أن هناك فى هذا العالم أمثالك .
ثم أردف ساخرا عندما رأى عدم الفهم فى عيونها
- كنت أظن أن من هن مثلك قد أنقرضوا منذ زمن .
همت لتسأله عما يقصد بأمثالها وقد أخذتها العزة بالنفس لتظن أنه يقصد تزمتها كما سبق لنبيلة ونعتتها به ولكنه سبقها بالقول
- هيا بنا نعود قبل أن يفتقدنا أحد ويظن بنا الظنون .
شهقت وقد أحمر وجهها حرجا فضحك وقال
- أنا أمزح لا تقلقى .
أبتسمت بخجل وتبعته حتى دراجته الڼارية وأمرها
- أركبي .
تراجعت بحدة الى الخلف فسألها
- هل تخافين ؟
تلعثمت
- لا .. ولكن ... لا يصح أن أركب خلفك .
حدق بوجهها المحمر خجلا للحظة دهشا ثم أنفجر ضاحكا فشعرت بالضيق بسبب سخريته منها .. ان كان يراها متزمته كما قالت نبيلة فهذا شأنه ولكنها راضية عن نفسها هكذا ولن تغير من مبادئها كى يرضى عنها المتحررون أمثاله
حاول أن يسيطر على ضحكه ويبدو جادا عندما شعر بضيقها
- المسافة طويلة .
صممت على موقفها قائلة
- لا شكرا .. أحب المشى .
لن تجرؤ على الركوب معه أبدا .. هذه الفكرة مستبعده تماما .. وتخيلت نفسها فى أحدى أحلام اليقظة السريعة وهي تركب خلفه وتحيط خصره بذراعيها ووجها يستريح على ظهره والدراجة تسير بهما بسرعة والريح تطير خصلات شعرها ..
ان مجرد التخيل جعل قلبها يقفز بين ضلوعها فماذا سيحدث فيما لو كان واقع ؟ لذلك أصرت على موقفها قائلة بعناد عندما رأت وجهه يعبس وكان يهم بمعارضتها
- سوف أسير على قدمي .
أستسلم خالد لأرادتها وان بدا متأففا وهو يدفع دراجته بصعوبة ويسير بجوارها وأدركت أن الدراجة ثقيلة جدا لتدفع هكذا فأشفقت عليه قليلا ولكنها لم تكن لتتراجع .
مرا من خلال البوابة عائدين وعيون رجال الأمن التى كانت ناعسة غير مبالية منذ دقائق أصبحت الان متسعة عن آخرها يتلألأ فيهما مزيج مقزز من الخبث والسخرية .. أحتقن وجهها وكأنها تسمع ما يدور فى أذهانهم عنها
سألها فجأة
- اذا كانت طريقة حياتنا لا تروق لك .. ما الذى جعلك تنضمين الينا ؟
أجابت بصراحة والمرارة فى صوتها
- لقد كذبت نبيلة علي كما كذبت على والدينا .. كنت أعتقد أننا ذاهبتان الى الأسكندرية لحضور زفاف صديقة لها ولكني بدلا من ذلك وجدت نفسي هنا .
- آه .. فهمت .
ثم ترنم قائلا بسخرية
- وهكذا وجدت زينة البريئة نفسها داخل وكر الخطيئة .
ثم راح يضحك بصوت مكتوم فقالت بتلعثم
- لم أقصد .. لا أقصد أهانتك أو أهانة ضيوفك .. آسفة .. أنا فقط ..
لوى شفتيه وقال وقد رفع كفه يمنعها عن المتابعة
- لا عليك .. أفهم قصدك جيدا وفى الحقيقة لا ألومك .. فبرغم أنهم أصدقائى الا أننى لست بغافل عن عيوبهم والتى هي عيوبي كذلك .
ثم سارا صامتين لفترة وكانت أثناء السير تحاول أن تضع مسافة بينهما فكان ينظر اليها من جانب عينيه وبدا متسليا بحركاتها وقالت فى نفسها بعدما أصبحت خلفه بخطوتين .. ( هكذا أفضل )
ولكنه توقف فجأة مما جعلها تصطدم به ثم ترتد بسرعة الى الخلف متفاجأة وهو يقول
- لقد تعبت .. لم أعد أقوى على دفع الدراجة أكثر من ذلك .
- أركب أنت .
- وأنت ؟
- كما أنا .
أبتسم لها متملقا
- لقد تعبت حقا .. ألن تشفقي علي ؟
ثم أمال رأسه الى جانب واحد بحركة مداعبة ففغرت فاها كالحمقاء تحدق فى وجهه الوسيم وأبتسامته الرائعة ببلاهة ولكنها أجبرت نفسها على القول بصوت مبحوح
- لا .
- لدى أقتراح .. سوف تجلسين خلفى دون أن تلمسينى وتشبثى بالمقعد جيدا وسأقود ببطئ .. ما رأيك ؟
نظرت اليه بثبات وزجرته بنظرة صارمة ثم أستأنفت سيرها أمامه بخيلاء وهي تتساءل بحيرة .. هل حقا يقوم بأغرائها أم أنها تتخيل
قال متوسلا
- أرجوك .
ألتفتت اليه بحدة ورأت عيناه غارقتان فى الضحك فعقدت حاجبيها وزمت شفتيها
أشار هو الى الدراجة وتابع
- جربي .
نظرت الى كرسى الدراجة الڼارية .. كان كبيرا وفكرت أنها تستطيع الجلوس خلفه دون ملامسته وبعد تردد هزت رأسها موافقة فهى أيضا قد تعبت وقدميها تؤلمانها بسبب الكعب العالي الذي لم يتسنى لها الوقت لأستبداله .
جلست زينة من جانب واحد بعيدا عنه قدر أستطاعتها وتشبثت بالمقعد بقوة وحقيبتها معلقه على ظهرها , أنها المرة الأولى التى تركب فيها دراجة ڼارية , سألها
- جاهزة ؟
تنهدت وقالت
- جاهزة .
أنطلق ببطئ فشعرت بالراحة وبدأ توترها يزول ومخاوفها تتبدد ولكن بعد بضعة أمتار زاد من سرعته بغتة جعلتها تصرخ وتنزلق تجاهه وتتشبث بخصره بقوة مخافة أن تقع .. جلجل صوته ضاحكا وتردد صداه فى ظلام الليل فصړخت به غاضبة وتجاهل مطالبتها له بأن يتوقف .
وصلا الى الفيلا بسرعة وذهب ڠضبها مقابل دهشتها عندما وجدت نبيلة تنتظرهما أمام باب الفيلا وتسرع اليها تعانقها وهى تبكى وتعتذر لها لما بدر منها وتخبرها
- زينة حبيبتي .. كم قلقت عليك عندما ذهبت الى الغرفة لأعتذر لك ولم أجدك .. كدت أموت من شدة خۏفي لما قد يحدث لك .
شعرت زينة بالأسف لما سببته لها من قلق وقالت بأسف
- آسفة .. أنا بخير .
ثم ألتفتت الى خالد وقالت بخجل
- لقد وجدني .
أبتسم لها وقال
- من دواعي سروري
أبتسمت زينة ومن ثم أطرقت برأسها فقالت نبيلة بمرح
- هيا بنا الى الداخل
سأل خالد زينة
- هل ستنضمين الينا ؟
لم يكن هذا واردا على الأطلاق فقالت
- شكرا لك .. أنا متعبة ومعتادة على النوم باكرا .
لم يجادلها أيا منهما .
صعدت زينة الى الغرفة عن طريق الشرفة رافضة أن تمر عبر الصالة لمواجهة المزيد من أصدقاء نبيله .

********
💖💖💖💖💖💖💖

الفصل الثالث

أستيقظت زينة فى الصباح الباكر وكانت نبيلة نائمة فى الفراش المجاور لها فشعرت بالأرتياح لرؤيتها هناك . 
ذهبت الى الحمام للأغتسال وكانت قد بدلت ملابس النوم عندما رن هاتفها النقال فأخرجته بسرعة من حقيبتها متوقعة أن يكون والدها وكانت على حق وقد غلفها شعورا من الذنب لما ستضطر اليه من كڈب
- صباح الخير بابا .
- صباح الخير حبيبتي .. كيف هو حالكما ؟
- بخير .. أستيقظت لتوي .
- ونبيلة ؟ .. مازالت نائمة بالطبع .  
ألقت زينة نظرة على نبيلة التى تنام كالمېتة رغم نور الصباح الذي كان يملأ الغرفة وقالت بخفة 
- آه .. أنت تعرفها الأستيقاظ باكرا ليسمن شيمها .
سمعت تنهيدته الحارة قبل أن يقول  
- نعم معك حق .. أخبريني .. كيف كان الزفاف ؟
أخبرته كاذبة أن الزفاف كان رائعا والعروس كانت جميلة وسعيدة , عقب والدها قائلا 
- عقبالك يا حبيبتى أنت وأختك .. وأفرح بكما عن قريب ان شاء الله . 
أنتهت المخابرة بعد أن وعدته بعدم التأخر فى العودة ثم جلست على حافة الفراش تحدق بحزن فى الهاتف ومن ثم الى نبيلة وتمتمت
- ربنا يهديك .
نزلت زينة الى الشاطئ والذي كان مهجورا في مثل هذه الساعات المبكرة من الصباح .. خلعت حذائها وسارت حافية فوق الرمال تداعب حبيباتها الصغيرة الناعمة بأصابع قدميها العاړية والرائحة المميزة لهواء البحر المالح يدخل كالمسكرات داخل أنفها , مدت بصرها الى نهاية البحر حيث تتلاقى السماء اللبنية مع المياه الفيروزية وتمنت فى تلك اللحظة لو ترى ما يوجد فى الناحية الأخرى من العالم .. ولم تكن تعرف فى هذه اللحظات أن القدر سيحقق لها هذه الامنيه بأسرع مما تتوقع .

***

كادت نبيلة ان تطير من شدة الفرح وهى توضب ملابسها فى الحقيبة فسألتها زينة وكانت قد تغاضت عما حدث منها فى حقها بالأمس خاصة عندما رأت ما كانت تعانية من قلق عليها  
- تبدين سعيدة جدا !!
أبتسمت لها نبيلة وتقريبا ضحكت وهي تقول
- هل تعرفين من عرض أن يوصلنا بنفسه الى القاهرة ؟
ولم تنتظر لتجيبها وتابعت 
- خالد .
عبست زينة وقالت 
- ولماذا ؟ دعينا نسافر وحدنا كما جئنا .
توقفت نبيلة عما كانت تفعله وقد أختفت ابتسامتها ونظرت اليها پغضب 
- أسمعي .. يكفى أننى تحملت الڤضيحة التى قمت بها بالأمس وخاصة عندما هربت كالغبية وقد أرعبنى من أن يطردنى خالد بسببك .. فقد كان قلقا من أن يحدث لك شئ وتتسببين له بمصېبة .
أغتم وجه زينة .. اذن هب لم تكن قلقة من أجلها وانما قلقة من أن يطردها صديقها من حفلته , وتابعت نبيلة وقد عاد اليها حماسها 
- لم أصدق نفسى عندما عرض علي توصيلي . 
سألتها بحنق 
- وماذا عن صديقته ؟
ضحكت نبيله بأستهزاء
- صديقته ؟.. وهل لخالد صديقة معينه ؟ .. أنه يغيرهم كما يغير قمصانه .
كانت تدرك بأنه ليس بشخص مثالى ولكن سماعها لنبيلة تقر بتلك الحقيقة وهى غير مبالية لما قد يحدث لها معه جعل القلق عليها يتفاقم بداخلها .
بعد الظهر كان كل المدعوين اللذين قضوا ليلتهم فى الفيلا يستقلون سياراتهم أستعدادا للمغادرة ووقفت زينة مع نبيلة بجوار سيارة خالد الفارهة , كانت نبيلة تشعر بالخيلاء ورأتها تنظر بتشفى الى تلك الفتاة التى كانت ترتدى الثوب الأحمر بالأمس والتى بادلتها نظراتها بنظرة ڼارية قبل أن تستقل احدى السيارات وكان وجهها شاحبا بشدة كما لو كانت مريضة , مرت فكرة ببال زينة جعل بدنها يقشعر أشمئزازا .. ان كانت هذه الفتاة هى حبيبة خالد ومن المفترض أنها تحبه وتغار عليه من أختها .. فمن يكون ذلك الشاب الذى كانت تقبله على الشاطئ فى الظلام بالأمس !!
- هل أنتما جاهزتان ؟
على الفور تعلقت نبيلة بذراع خالد بدلال وقالت
- بالطبع جاهزتان .
وأطلقت ضحكة مرحة لا لزوم لها وهي تنظر بأتجاه السيارة التي استقلتها الفتاة الأخرى 
- كيف حالك اليوم ؟
أنتبهت زينة انه كان يتحدث اليها مبتسما لها فردت بأقتضاب 
- بخير .. شكرا لك .
أستحوذت نبيلة طوال الطريق على الحديث كله مع خالد ورغم ذلك لم يكف عن رمق زينة بنظراته طوال الوقت من خلال مرآة السيارة الأمامية مما جعلها تشعر بالحرج وعدم الراحة فأختبأت خلف نظاراتها الشمسية متظاهرة بعدم ملاحظتها له  .
توقفوا أثناء الطريق عند احدى محطات البنزين وهناك أخرج  خالد رزمة من النقود أعطاها الى نبيلة وطلب منها أن تشترى طعاما ومشروبات ليتسلوا بها أثناء الطريق , أخذت نبيلة منه المال دون تردد وخرجت من السيارة . 
بعد أن أنتهى خالد من من دفع حسلب البنزين لعامل المحطة أستدار الى زينة وأبتسم قائلا 
- لم أسمع صوتك منذ أن غادرنا .. هل أنت متعبة أم مازلت غاضبة ؟
قالت وهى تتمنى لوكانت ذهبت مع نبيله بدلا من البقاء معه بمفردها فى السيارة 
- لا هذا ولا ذاك .. أنا فى الواقع بخير .
هز رأسه وقال بجدية 
- أخبرتنى ناني عن الكلام الحقېر الذى قالته لك نجلا بالأمس عنى فأرجو ألا تكوني قد صدقتها ؟
تململت زينة فى مجلسها .. كانت لا اعرف بماذا أخبرته مبيلة بالضبط وقالت 
- لا يحق لى الحكم على شخص لا أعرفه جيدا من خلال الأقاويل .
ثم أطرقت برأسها تنظر الى أصابع يديها فى حجرها لتتجنب النظر اليه وهي تدعو أن تعود نبيله سريعا , قال بقسۏة أجفلتها بعد صمت قصير 
- عموما .. لقد أخذت عقابها بالطريقة التى تستحقها .
رفعت رأسها اليه مجفلة من نبرة صوته .. ورأت وجهه وقد تحول بالكامل الى قسۏة عڼيفة أرعبتها وللعجب لم تعد ترى أى جمال فى ملامح وجهه وعندما لاحظ اجفالها أبتسم بسرعه لتلين ملامحه وكأن الوجه الآخر لم يكن له وقبل أن يتابع رن جرس هاتفه فعبس وهو ينظر الى رقم المتصل ثم رد وهو ينظر الى زينة نظرة أعتذار 
- آسف .. أنه العمل .
تحدث بالأنجليزية الى أمرأة تدعى فريدريكا وفهمت من مكالمته أنه يدير عملا له علاقة بالسياحة والرحلات البحرية وبعد أن أنهى أتصاله سألته بفضول 
- هل تعمل فى مجال السياحة ؟
أبتسم وقد تهللت أساريره وكأنه قد أسعده أنها صارت تتحدث اليه براحه وأجاب 
- تستطيعين قول هذا .. عمل من ضمن أعمال آخرى .  
قالت بحماس  
- كنت أحلم دائما بالسفر وتمنيت لو عملت كمضيفة طيران حتى يتسنى لي الطواف حول العالم .
أبتسم وقد تألقت عيناه بنظرة طامعة 
- عندما نتزوج .. أعدك برحلة معي حول العالم .
شعرت زينة بالصدمة ولكن لم يتسنى لها الوقت للتعليق فقد عادت نبيلة تحمل مشترياتها وأكملوا الرحلة كما بدأوها .. نبيله تتحدث وخالد يستمع اليها وزينة صامتة ولكن هذه المرة كان صمتها ملئ بالحيرة والتساؤلات .. هل كان جادا فيما قاله أم أنه كان يمزح ؟

*****

ما حدث فى الأيام التالية أثبت لزينة أنه لم يكن يمزح أبدا فقد تعرضت الى مطاردة شرسة من قبله .. 
حصل على رقم هاتفها بطريقة ما ولكن ليس عن طريق نبيلة بالتأكيد فما كانت ستتركها فى حالها خاصة وأنها مهتمة به .. 
وفى أول مرة أجابت على أتصاله لم تكن تعلم أن الرقم له وعندما سمعت صوته ألتهبت مشاعرها وتباينت ما بين الفرح والخۏف وصوته الأجش المثير يكاد يسحرها ويخرجها عن أتزانها
- لقد أفتقدتك يا زينة .. فهل أفتقدتني ولو قليلا ؟
عجزت عن الرد من المفاجأة فتابع
- أعلم أنني فاجأتك بأتصالي .. ولكنني أردت أن أسمع صوتك وأطمع بأن تسمحي لي برؤيتك .
قالت بصوت مهزوز
- لا .. أعني آسفة أنا لا أستطيع رؤيتك و.. ومع السلامة .
وأنهت المكالمة بقلب خافق .. أعاد الأتصال بها ولكنها رفضت الرد عليه فأنهمرت عليها رسائل الواتس آب وبعد قراءتها لأول رسالتين رفضت أن بقية الرسائل فقد كان تأثير كلماته  على مشاعرها يوازى تأثير صوته وأكثر فخاڤت أن تضعف فأنطباعها عنه من طريقة حياته التى رأتها دليلا على أنه ليس شخصا جادا ولا يجب أن تأتمنه الفتاة على نفسها ولم تجرؤ على اخبار نبيلة بأتصالاته تلك فسوف تجعل من حياتها چحيما ان هي عرفت أنه مهتم بها الى حد أن يلح عليها بأتصالاته ورسائله . 
تجاهلها لمكالماته ورسائلة جعله يظهر بنفسه ...
وكان ذلك فى نهاية أحد أيام العمل المرهقة جدا وقد مر اليوم عليها بطيئا وعندما جاءت ساعة الأنصراف لم تصدق أن الشيفت أخيرا قد أنتهى وأنها قادرة على المغادرة .. بدلت ملابسها بسرعة وقابلت نبيلة أثناء خروجها من غرفة تبديل الملابس فطلبت منها أن تنتظرها ليعودا الى البيت معا فقالت لها 
- سأنتظرك بالخارج .
وما كادت أن تخرج من الباب الخلفي للفندق المخصص للعاملين حتى سمعت صوته قريبا منها 
- مساء الخير .
صوته العميق الأجش صوت لا يمكن أن تنساه فقد كانت تحلم به فى يقظتها ومنامها .
كان ينتظرها .. أنيق وجميل وجذاب وقد لفت نظر كل أمرأة مرت به وأجبر خطواتهم لأن تتمهل لتطيل النظر اليه ولكنه كان ينظر اليها وحدها مما أشعرها بأهميتها وغذى غرورها وتساءلت .. كيف عرف بموعد أنتهاء مناوبتها ؟!! 
- كيف حالك يا زينة ؟ 
- أنا بخير .
- هل أستطيع أن أدعوك الى مكان ما لنتكلم ؟
أكتفت بالتحديق فيه مما دفعه ليطلق ضحكة غنى لها قلبها طربا ثم قال 
- متى ستتخلين عن خجلك هذا معي ؟
خرجت نبيلة فى تلك اللحظة لتحول دون ردها عليه وفكرت زينة .. أنها دائما تأتي فى وقتها , صاحت بفرحة 
- خالد .
تغيرت أبتسامته نوعا ما ولكن نبيلة لم تلاحظ ذلك ووقفت متعلقة بذراعه مما جعل وجه زينة يحمر خجلا , قالت نبيلة 
- ما هذه المفاجأة الحلوة .. ماذا أتى بك الى هنا ؟
نظرت اليه زينة بأهتمام لتسمع رده 
- كنت قريبا من هنا فقلت أمر عليكما وأدعوكما الى العشاء .
ونظر مباشرة الى عيني زينة التى أتسعت عيناها رهبة , أدارت نبيلة ظهرها لزينة وتعلقت أكثر بذراع خالد  
- ليس لدي أي مانع .
لم تفارق عيناه زينة وسألها 
- وأنت يا زينة ؟
ألتفتت اليها نبيلة بحدة ونظرت اليها نظرة معناها ( لا تقبلي ) أمتقع وجه زينة وردت 
- شكرا لك .. أبي لن يعجبه هذا .
نظر الى نبيلة رافعا أحد حاجبيه ساخرا وسألها 
- وأنت ؟
ضحكت بأستهتار 
- لا داعي لأن يعرف .
ثم قالت لزينة 
- أخبريهم فى البيت أنني سأتأخر فى العمل اليوم .
عبست زينة بشدة وقالت وقد شعرت ببعض التمرد 
- أتصلي أنت بهما وقولي ما تشائين .. أنا لن أكذب بدلا منك .
أمسكتها نبيلة من ذراعها وتنحت بها جانبا  
- هل تقصدين أحراجي أمامه ؟ أفعلي كما قلت لك ..لن يصدقني أبي ان لم تدعميني أمامه .
قالت بعناد  
- لا .. لن أتستر عليك بعد اليوم .. أكذبي كما تشائين أما أنا فلا .
تفاجأت نبيلة من تمردها الذي لم تعتاد عليه ورمقتها بنظرات ڼارية غاضبة قبل أن تستدير الى خالد وتقول له
- آسفة .. تذكرت أن لدينا ضيوف على العشاء اليوم .. ربما فى يوم آخر .
هز رأسه بأدب 
- نعم .. ربما فى يوم آخر .
وقبل أن يذهب هز رأسه لزينة والتسلية فى عينيه .
لم تنسى لها نبيلة هذا الموقف وعملت على جعل أيامها التالية چحيما خاصة وأن خالد لم يعاود الظهور مرة أخرى فكانت تغضب وتصيح بها بسبب ومن دون سبب وعلى أشياء تافهة فقد خرجت مرة من حجرتها غاضبة وبيدها علبة الكريم المرطب الخاص بها وصاحت بزينة 
- قلت لك مائة مرة أن لا تستعملي أشيائي .. لقد خلصت الكريم .. هل تعلمين كم ثمنه ؟
أنكرت زينة التهمة 
- أنا لم أستخدمه أبدا منذ آخر مرة طلبت مني ألا أفعل .
- كاذبة .. كانت العبوة ممتلئة وأنظري كيف أصبحت . 
وألقت العبوة فى وجهها وعادت الى غرفتها تاركة زينة على وشك ابكاء .
وبعدها بيومين تطور الأمر بينهما الى شجار كانت فيه نبيلة الأقوى كالعادة وهذه المرة أتهمتها أنها وضعت بلوزتها البيضاء مع قميصها الأحمر فبهت عليه وزينة أقسمت باكية لأمها التى جاءت من المطبخ مهرولة على صوت شجارهما 
- أقسم لك بالله أنني لم ألمس بلوزتها .
سبتها نبيلة بلفظ قبيح صدمها ودفع أمها الى نهرها وټعنيفها بشدة فأتهمتها نبيلة قائلة 
- أنت تتعمدين تمثيل دور البريئة الطيبة وتقلبين أبي وأمي علي أيتها الخبيثة .
صاحت زينة ودموع القهر تملأ عينيها 
- هذا ليس صحيحا وكل شجار أنت من تبدأي به وليس أنا .
لكزتها نبيلة بسبابتها فى صدرها 
- وهذا دليلا على لؤمك .. تقومين بأستفزازي ومضايقتي بحركاتك الخبيثة مدعية البراءة وأنا من غبائي أسهل لك الأمور فأظهر أمام والداي المخطئة فېعنفوني من أجلك .
تدخلت أمها للمرة الثانية تدفع مبيلة بعيدا عنها 
- سيعود والدكما فى أي لحظة الأن وان سمع صوتكما العالي فى الشارع لن يرحم أي منكما .
قالت نبيلة ناظرة الى أمها بمرارة
- تقصدين لن يرحمني أنا .. فأنا دائما المخطئة .
رقت ملامح أمها وأبتئس وجهها وقالت 
- والدك يحبك ولكنه قلق عليك ..
قاطعتها نبيلة صائحة بالبكاء 
- أنت تدافعين عنه و ..
هزت زينة رأسها بأسف وتركتهما ودخلت الى غرفتها وأغلقت الباب خلفها فنبيلة فى طريقها الى اعادة تمثيل الدور الذي تلجأ الى القيام به دائما كلما أصبحت فى مأزق وتنجح فى أستمالة قلب أمها بدموعها

****

عاد خالد للظهور من جديد وكان ذلك بعد أسبوع من النكد المتواصل من قبل نبيلة 
رأته زينة يقف بجوار سيارته أمام الباب الخلفي للفندق بأنتظارهما كما في المرة السابقة وهذه المرة لم تدع نبيلة الفرصة تطير من يدها وتجاهلت زينة وأسرعت تصعد الى السيارة , أقترب خالد من زينة متجاهلا نبيلة وهو يتمعن النظر فى وجهها وكأنه مغرم مشتاق .. أحمر وجهها كالعادة خجلا وهو يقول بصوته المثير والغير عادي 
- زينة .. لقد أفتقدتك بشدة .  
خفق قلبها وأكتشفت فى لحظة أنها مثله .. قد أشتاقت اليه .. لمعت عيناه وقد لاحظ تأثرها 
- كنت مسافرا فى عمل ولقد عدت اليوم فقط ولم أطيق صبرا حتى أراك .
قالت بقلب خافق 
- حمدا لله على سلامتك .
سألها بأمل 
- هل ستسمحين لي بتوصيلك أو قد أطمع فى أن تقبلي الخروج معي ؟
نظرت زينة بسرعة الى نبيلة التى تجلس فى السيارة تنظر اليهما پغضب وشك وكانت عاجزة عن سماعهم من تلك المسافة فقالت وبداخلها شئ من الأحباط 
- لا .. شكرا لك .. لا أستطيع .
أبتسم بحزن ولكنه لم يصر  
- على راحتك .. ولكن أريدك أن تعلمي أنني مهتم بك حقا وبصورة جدية .
أصبحت فى قمة الخجل والسعادة معا وقد توهج وجهها بلون جميل رقت له نظراته أكثر, أطلقت نبيلة بوق السيارة بنفاذ صبر وعلقت يدها عليه بطريقة مزعجة جعلت زينة تجفل وأشتد وجه خالد واختفت أبتسامته وأستدار ببطئ رهيب لينظر الى نبيلة .
لم ترى زينة وجهه ولكنها رأت وجه نبيلة يشحب ويدها تتجمد على عجلة القيادة وعيناها تتسعان بنظرة ړعب وبسرعة سحبت يدها ووضعتها فى حجرها وأطرقت برأسها لأسفل .. حدث كل ذلك فى ثوان ولكنه جعل زينة تشعر بالذهول وبالقلق وعندما عاد خالد ينظر اليها كان مسيطرا وهادئا ولكن شفتاه كانتا متوترتان , لاحظ قلقها ونظرتها المسلطة بحيرة على نبيلة فقال بأبتسامة كانت غريبة ..
أنها لا تفهم ما يحدث معه .. أنها ليست المرة الأولى التى ترى فيها مزاجه يتغير بتلك الطريقة التى تثير الخۏف فى نفسها حتى ولو لم تكن هي المقصودة بذلك  
سألها 
- ماذا كنا نقول ؟
قالت بتوتر وهي تشعر فجأة برغبة شديدة في الهروب منه    
- أرجوك يجب أن أذهب فلا يصح أن نقف هكذا أمام مقر عملي فهذا يسئ الى سمعتي .
ثم أنصرفت بسرعة من أمامه ولم يحاول أن يوقفها ولم تتمهل هي لتلقي نظرة أخرى على أختها .
وعندما عادت الى البيت سألتها أمها عن نبيلة فقالت بقنوط لم تستطع أخفاءه 
- لا اعلم .
عبست أمها بشدة وقالت بنبرة قلقة 
- والدك يصلي الأن وسوف يسأل عنها عندما ينتهي .. هل خرجتما معا ؟
زفرت زينة وأضطرت أن تقول كاذبة بعد أن رأت وجه أمها يشحب من القلق 
- لا .. لقد تغيب زميل لها فى العمل فطلب منها المدير أن تبقى لسد العجز .
أرتاح وجه أمها وأختفى القلق منه فشعرت زينة بالشفقة عليها فهي تظن أحيانا أن أمها تعلم كل شئ عن سلوك أبنتها وليست جاهلة كما تبدي ولكنها تحاول أن تحميها وتغطي على أفعالها حتى لا يغضب والدها عليها .. أرادت زينة عدة مرات أن تحذرها ولكنها تتراجع دائما لأنها تعتقد أنها لا تريد حقا أن تعلم . 
وعندما عادت نبيلة الى البيت بدت فى حالة غريبة .. شاحبة وشاردة وشيئا آخر كانت تراه زينة فى عينيها وهي تنظر اليها وكأنها... 
تكرهها ..
وفي اليوم التالي وبعد خروجهما من البيت قاصدتان العمل فاجأتها نبيلة بالقول 
- لن أذهب الى العمل اليوم .. قدمي لي على اجازة عارضة .
- وماذا أقول فيها ؟
قالت متجنبة النظر الى وجهها 
- أي شئ .. قولي أبي مريض .
ثم تركتها وأسرعت الخطى ووقفت زينة فى منتصف الشارع تشيعها بنظرها بحيرة .. تتساءل .. ما الذي يحدث معها ؟!!!!
وبعد يوم عمل كان أطول يوم عمل مر عليها فى حياتها عادت زينة الى البيت وفوجأت بنبيلة قد عادت الى البيت لم يتثنى لها رؤيتها فقد نادى والدها عليها فور دخولها الى المنزل وطلب أن يتحدث اليها فتبعته الى حجرة الجلوس وما أستطاعت زينة فهمه أخيرا من حديثه المطول والذى تخلله بعض من خجل الأباء الطبيعى فى تلك الحالات هو أن شابا قد تقدم لخطبتها وعندما ذكر أسم خالد لم تصدق نفسها وسألها عن رأيها ولكنها أمتنعت عن أعطاءه جوابا شافيا قائلة
- أريد أن أفكر فى الأمر أولا .
قال والدها برزانة  
- أنت تعرفينه أليس كذلك ؟
أحمر وجهها قليلا وأجابت 
- نعم .. تقابلنا فى الزفاف الذي حضرناه بالأسكندرية .
كانت كارهة لكذبها عليه ولكن نصف الحقيقة أفضل من لا شئ , هز رأسه متفهما وقال
- هذا ما أخبرني به أيضا .
زاد وجهها أحمرارا من الخزي فهو كڈب أيضا لأجلها
سألته 
- وهل جاء الى هنا ؟
- نعم .. أحضرته نبيلة بعد ظهر اليوم .
ذهلت زينة .. هل كانت تعرف بنيته أم أنه فاجأها هي أيضا ؟
أستأذنت زينة من والدها لتعود الى غرفتها .. قابلت أمها وهى خارجة منها ونظرت اليها بأبتسامة شاحبة مفتعلة وضمتها اليها ضمة سريعة ولكن حنونة وهي تتمتم 
- مبارك لك يا حبيبتى .
هناك شئ جعل أمها عاجزة عن النظر الى وجهها وهي تبارك لها وعرفت السبب عندما وجدت نبيلة متكورة فوق فراشها تغطى جسدها حتى رأسها فأدركت زينة أنها حزينة وأن خبر خطبة خالد لها صدمها وأحزنها .. رؤيتها لأختها بهذا الشكل جعلها تتخذ قرارها .. لن تقبل بالزواج من رجل تريده أختها .

*****

الفصل الرابع

لم تذهب نبيلة الى العمل فى اليوم التالي وظلت فى المنزل بحجة المړض وكان شحوب وجهها وذبول عينيها يدعمانها .
أبلغت زينة والدها بقرارها النهائي قبل خروجها وتركت له مهمة ابلاغ خالد به فأبتسم لها والدها بحزن فهو تقريبا يفهم سبب رفضها فقد قال
- لا تلقي بالا بأختك فأنت تعرفينها جيدا ... وهي مازالت شابة وجميلة وسيأتيها نصيبها قريبا باذن الله وستفهم أن خطبتك قبلها لا تعني أنها بارت ولن تجد من يريدها .
ابتسمت بأسى فقد كانت مخطئة فهو لا يفهم الأمر على حقيقته ... وهو أن نبيلة تريد نفس الرجل الذي يريدها فقالت
- ليس هذا هو السبب يا أبي .. فأنا لست مقتنعة به كما أنه غريب عني .
قال
- أفهمك تماما .. لذلك أنصحك بأن تأخذي وقتك فى التفكير قبل أن تقرري .
قالت بأصرار
- لقد قررت بالفعل .. أنا لن أرتبط به .

****
للمرة الثالثة تنقذها سمر وتقوم بتعديل الحجوزات التي سجلتها زينة بطريقة خاطئة وقالت وهي تقوم بالتعديل على جهاز الكمبيوتر
- ماذا بك ؟
- أشعر ببعض التعب اليوم .. آسفة .
نظرت اليها سمر عابسة
- لماذا أشعر بأن لنبيلة دخلا فى تعبك هذا خاصة وأنها متغيبة عن العمل لليوم التالي على التوالي .
نفت زينة الأمر بسرعة
- لا .. لا دخل لنبيلة فى الأمر .. أنه أمر شخصي .
ربتت سمر على ذراعها وقالت
- اذا أردت الحديث فكلي آذان صاغية .
أبتسمت لها زينة بأمتنان فتابعت سمر
- والأن ركزي فى العمل فالمدير يراقب من بعيد .
في منتصف نهار العمل فوجأت زينة بخالد يقف أمامها فى قاعة الأستقبال وكان ينظر اليها بتجهم .. كان كاملا كعادته وجعل قلبها ينتفض داخل صدرها واحتارت فيما يجب أن تقوله له ولكنه لم يمهلها الوقت لتقول شيئا وقال
- سأنتظرك بالخارج بعد أن تنتهي من عملك اليوم وقبل أن تعترضي .. لقد طلبت الاذن من والدك ووافق .
كانت زميلتها سمر شبه منومة مغناطيسيا وهي تتبعه بعينيها وهو ينصرف بعد أن أنهى كلماته وسألتها
- من هذا ال .. ال .. ما أسم اله الجمال عند الأغريق ؟
من داخلها شعرت زينة بالفخر لأن هذا الشاب الرائع يريدها ولكن للأسف هي على وشك قول لا له, أغتم وجهها بعد هذه الفكرة وقالت ردا على سمر
- أبولو .. اله الشمس .. الموسيقى والشعر .. وليس الجمال .
قالت سمر مبتسمة وهي تتأمل وجه زينة الحالم
- وماذا يريد منك هذا الأبولو على أية حال ؟
أنقذها من الرد وصول زوجين من الألمان للأستفسار عن شئ لم تستمع اليه زينة وهي شاردة تفكر فى لقاءها القادم معه .

****

قالت له سبب رفضها فما كان منه الا أن ضحك فسألته بحزن عن سبب ضحكه وكانا جالسين فى كافيه قريب من الفندق فقال
- أنت تفترضين أشياء غير صحيحة .
- غير صحيحة ؟.. أنت لم ترى كيف هى حالتها .
- من دون أن أرى .. هل سألتها ؟
- لا .. ولكن ..
قاطعها بثقة
- أسأليها .
كان موقفها صعبا ولا تريد أن تكون ناكرة لجميل والديها وأن تتعس قلبيهما على أبنتهما الوحيدة
سألها
- هل هذا فقط سبب رفضك لي ؟
هزت رأسها ايجابا بخجل .
تنهد براحة وقال
- اذن بعد أن تتأكدي من نبيلة سأحصل على موافقتك أليس كذلك ؟
هزت رأسها مرة أخرى وابتسمت ..
ولكنها فى الحقيقة كانت قلقة من مواجهة أختها .

عندما عادت زينة الى البيت أستجمعت شجاعتها وفاتحت نبيلة فى الأمر
ولدهشتها ضحكت نبيلة .. رد فعل لم تكن تتوقعه وأتهمتها بالحمق
- أنتى حمقاء .. لو كنت مكانك لما فكرت حتى أن أسألك .. شاب مثل خالد لا يقال له لا .
أرتبكت زينة وسألتها بحيرة
- أنت لا تحبينه اذن ؟
هزت نبيلة كتفيها بأستخفاف وقالت بتكبر
- لا أنكر أننى كنت اتمناه لنفسى .. غنى ووسيم .. لكننى أستطيع أصطياد الأفضل منه فلا تقلقى علي .

*****

ساء والدها أن خالد عندما جاء لخطبتها جاء وحده من دون والديه وعندما جلس معه ليتفقا على أمور الزواج وقراءة الفاتحة جاء وحيدا مرة أخرى وتسبب هذا بالحرج لها ولوالدها فتحدث مع زينة قائلا بضيق بعد ذهابه
- أسمعيني يا أبنتي .. يبدو شابا جادا فى ما يخصك ولكني لن أسلمك لرجل لا أعرف شيئا عن عائلته فأنت أمانة لدي .
وافقته زينة الرأي ووعدته قائلة
- سأتحدث الى خالد وأنقل له وجهة نظرك .
كانت ماتزال تشعر بالخجل من خالد والأحاديث بينهما معظمها من جانب واحد .. جانبه هو .. لذلك فكرة أن تتصل به لمناقشته فى أمر كهذا ليس سهلا فهي لم تعتاد عليه بعد .. أستجمعت شجاعتها وبعد تردد أتصلت به .. أجاب على أتصالها من الرنة الثانية وسمعت صوته سعيدا بمكالمتها وقال
- أنها المرة الأولى التى تتصلين فيها بي .
أحمر وجهها ..
سألها مازحا عندما طال صمتها
- هل هناك سبب معين لأتصالك أم أنك أشتقت الي فقط ؟
ازداد حرجها فقالت بتلعثم
- أشتقت اليك .
كتمت بعدها أنفاسها واستمعت الى صوت زفرة أرتياح قال بعدها
- أنت لا تعرفيم كم أشتاق لسماع كلمات كهذه منك .. أنا أيضا قد أشتقت اليك لدرجة لا تعلمينها حبيبتي وقد مرت ساعة واحدة فقط على رؤيتي لك .. ولا أطيق صبرا حتى يأتي يوم زواجنا .
أبتلعت ريقها وهي تحاول تهدئة دقات قلبها , ضحك قائلا بنعومة
- ماذا حدث .. هل عاودك الخجل من جديد .. أستطيع أن أتصور وجهك الأن ووجنتيك ملتهبتين .. حبيبتي الخجولة البريئة .
أنها المرة الثانية التى يدعوها بحبيبتي فشع وجهها بالسعادة وكانت داخل عالمها الرومانسي الحالم فلم ترى نبيلة وهي تقف عند الباب ونظراتها المسمۏمة بالحقد مسلطة عليها .. لقد ظلت طوال فترة زيارة خالد تجلس على مقعدها متيبسة .. ترسم أبتسامة غريبة على شفتيها .
أنهت زينة مكالمتها مع خالد ولم تتطرق فيها لموضوع عائلته ولكنها طلبت أن تراه فوعدها بأن يكون عندها غدا بعد أن تنتهى من عملها .

****

كان يمسك بباقة ورد كبيرة .. وردات حمراء قانية ټخطف الأنفاس بجمالها .. أسرعت زينة الخطى اليه وخطڤتها تقريبا من يده وهى سعيدة بها لدرجة جعلتها لا تكف عن الثرثرة وشكره وهي تعرب عن مدى حبها لتلك الوردات فقال ضاحكا
- لو كان لدي علم أن الزهور من ستدفعك لفك عقدة لسانك لأتيت لك بدزينة منها كل يوم.
ضحكت زينة بمرح ونسيت خجلها منه تماما وصعدت الى سيارته وهي تحتضن الباقة الى صدرها
- أنها جميلة .. شكرا لك .
نظر اليها برقة
- وأنت تماثلينها جمالا .. بل أجمل منها بكثير .
أبتسمت بسعادة .. هل هي جميلة حقا كما يقول ؟ ثم راحت تفكر بكل الفتيات الجميلات المتألقات اللاتي كن فى حفلته وقارنت نفسها بهن وكانت النتيجة مؤسفة لها .. تجهم وجهها ولأول مرة تتساءل .. لماذا هي ؟.. ما الذي يميزها ويثيره فيها .. فهي ترى نفسها عادية مقارنة بهن .. ملابسها عادية ومتواضعة .. تصفيفة شعرها مملة .. وجهها لطيف ولكن ليس رائع الجمال .
سألها بعد أن جلسا في كافية ملحق بأحد الفنادق الكبرى
- لما أنت متوتره .. هل هناك ما يضايقك ؟
تلفتت حولها ثم قالت وهي مازالت متأثرة بأفكارها السابقة عن عدم ملائمتها له
- لو كنت أعرف أنك ستأخذني الى مكان مثل هذا لأرتديت شيئا لائقا أكثر .
فقد كانت ترتدي جينزا عاديا وقميص ازرق شاحب .. كانت تعتقد أنهما أفضل ما لديها ولكنهما ليسا الأفضل لمثل هذا المكان الباهظ والذي لا يرتاده سوى الأثرياء
قال بترفع ولامبالاة وهو ينظر حوله
- لا تهتمي .. أنت رائعة مهما كان ما ترتدينه .. فلا تغرك المظاهر جميعهم نفوسهم أقل قيمة مما يرتدون .
دهشت من قوله ولم تفهم سبب مرارته وتأملت ملابسه التى قد تبدو عادية ولكنها بالتأكيد باهظة الثمن وتحمل علامة ماركة عالمية .
وكأنما شعر بما يدور بخلدها فمال الى الأمام وأمسك بيدها ونظر الى عينيها التى حاولت أن تتهرب بهما من عينيه
- أنظري الي .. ستصبحين قريبا زوجتي .
قالها بفخر ثم تابع
- ويجب على زوجتي أن تشعر بقيمتها الحقيقية .
سألته
- قيمتي كزوجة لك ؟
- ليس فقط كزوجة لي .. بل لأنك أفضل من معظم النساء فى هذا العالم .. وصدقيني لقد رأيت منهن الكثير وأستطيع أن أحكم جيدا .
دمعت عيناها تأثرا من مديحه لها بتلك الطريقة الراقية ولاحظت بعد لحظات أن يدها محجوزة داخل يده فسحبتها ببطئ وقد أحمر وجهها من السعادة وليس من الخجل , أبتسم خالد براحة كذلك وهو يراها تسترخي وتعتدل فى مجلسها بثقة وقال
- هكذا أريد أن أراك دائما يا حبيبتي .
طلبت المثلجات وطلب هو القهوة .. أذواق مختلفة .. جعلتها تشعر بأنها طفلة تجلس أمام رجل محنك ونظراته المتسلية وهو يراقبها تأكل المثلجات دعم هذا الأحساس لديها
- لماذا أردت مقابلتي اليوم ؟
رفعت وجهها اليه وبدا عليها الشعور بالذنب فقال بأبتسامة متساهلة
- شعرت بذلك عندما تحدثت الي بالأمس وطلبك لرؤيتي اليوم جعلني أفكر بهذا .
تركت الملعقة من يدها بالطبق ولعقت شفتيها لتمحي أي أثر للمثلجات عليهما فقال وعيناه تلمعان بخبث مرح
- لا تلعقي شفتيك بتلك الطريقة .. أنك بذلك قادرة على تحطيم أعصاب مطلق رجل .
ابتسمت له قليلا وعادت لتشعر بعدم الراحة فهذه الطريقة الحسية التى يتحدث وينظر بها اليها تجعلها تكاد تذوب من داخلها وتحس أكثر بسذاجتها فليس لديها القدرة أو الخبرة التى تجعلها قادرة على مجاراته وايجاد الردود المناسبة على كلماته فقالت بأرتباك ردا على سؤاله متجاهلة ملاحظته الحسية
- أبي كان منزعجا لعدم حضور أحد من أسرتك معك بالأمس .
هز رأسه متفهما وقال بهدؤ
- نعم شعرت بذلك منه .. ولكن لدي ظروف تمنعني من أخبارهم بخطوبتنا .
شحب وجهها وسألته بخفوت
- تقصد أنهم قد يرونني غير مناسبة لك ؟
كان قد علم بالطبع أنها يتيمة وأن نبيلة قريبتها وليست أختها حقا فخشيت أن يكون هذا سببا ليرفضونها , ولكن لدهشتها أطلق خالد ضحكة عالية جعلت بعض الرؤوس تلتفت اليهم .. لم تكن ضحكة مرحة .. كانت ضحكة قاسېة فتأملته بحيرة وهو يقول
- قد تدهشين عندما أقول لك أنهم قد يرون أنني أنا من لا أناسبك .
عقدت حاجبيها
- هل ستشرح لي ؟
أغلق عينيه للحظات متنهدا ثم فتحهما ونظر اليها قائلا
- زينة .. أريدك ان تعرفي أن علاقتي بأسرتي مقطوعة منذ سنوات .. توفى أبي وأنا فى الثانية عشر من عمري وكنت وحيده .. تزوجت أمي من رجل آخر كان عنده ابن يكبرني بسنوات قليلة ثم أنجبت أمي منه أبنة .. منذ سنوات وقع خلاف شديد بيني وبينهم وجعلني أنفصل عنهم .
أرادت أن تسأله عن هذا الخلاف ولكنها أنتبهت لقوله سنوات .. فكم كان عمره وقتها عندما أنفصل عن أسرته وأصبح وحيدا
- كم كان عمرك وقتها ؟
أجاب
- عشرون عاما .
وهو الأن فى الواحد والثلاثون .. احد عشر عاما وحيدا من دون أهل ؟ سالت دمعة وحيدة مثله على وجنتها وقد کسى وجهها الحزن
تأملها متعجبا ثم قال والدهشة جلية فى صوته
- هل تبكين من أجلي ؟
مسحت دمعتها وتلقفت أخرى بأناملها وهي تفكر بأنه مسكين لم يعتاد أن يحزن أحد من أجله .. لا أحد يهتم به .. يتيم منبوذ من أقرب الناس اليه .
وتابع بنفس النبرة الذاهلة
- حتى دون أن تعرفي اذا ما كنت أنا المخطئ ؟
رفعت وجهها اليه وقالت بأنفعال والڠضب من أجله يتصاعد بداخلها
- أي خطأ هذا الذي يجعلهم يتركونك وحيدا .. ما الذي يمكن أن يفعله شابا صغيرا فيكون جزاءه أن يحرم من عائلته ؟
كانت غاضبة ويتألم قلبها من أجله .. وهي تتخيل زوج أم قاسې وأم عديمة المسؤولية ضعيفة الشخصية وأخوة كأخوات سندريلا أنانيان ومغروران ويحقدان عليه .
تهلل وجهه بسعادة ومد يده يحتضن يدها بقوة بين يديه
- ستكونين أنت عائلتي .. ولن أحتاج لأحد آخر طالما أنت معي .
أبتسمت له بحنان وقالت تعده
- نعم .. سأكون عائلتك وسأهتم بك كثيرا .
أخفض رأسه على يدها وقبلها .. أرتجف جسدها وتمتمت بصوت متحشرج من التأثر والخجل
- خالد .. الناس تنظر الينا .
رفع وجهه وعيناه تشعان بالفرح
- دعيهم ينظرون .. فأنا لا أرى غيرك .
- ولن ترى غيري ؟
- ولن أرى غيرك .. فمنذ أن قابلتك وأنا لم يعد لي علاقة بأية فتاة أخرى .. أتفهم سبب قلقك نظرا لما رأيته من حياتي .. ولكن يجب أن تعرفي أنك ستصبحين كل حياتي .. ويجب ثقي بي .
سحبت يدها منه بخجل وقالت
- ولكن ماذا سأقول لأبي فهو ينتظر نتيجة حواري معك .
شرد عابسا لبعض الوقت ثم قال
- سوف أعطي والدك كل المعلومات التى يريدها عن عائلتي لكي يسأل عنهم ويطمئن قلبه وسوف آخذك لرؤيتهم يوما ما ولكن يجب أن تعلمي منذ الأن أنه لن يكون لهم وجود فى حياتنا بالمستقبل ولا مجال لأن يغيروا رأيهم في .
ظهر الرضى على والدها عندما أعطته زينة أسم وعنوان زوج والد خالد كما أخبرته عن الخلافات التى بين خالد وأسرته وكانت متحيزة دون دليل لخطيبها .. فقال والدها
- ربنا يهدي النفوس ويجعلك سببا فى رأب الصدع الذي بينه وبينهم .

****

أحتارت زينة فيما ترتدي .. لقد دعاها خالد على العشاء غدا ليودعها قبل سفره ووافق والدها ان تذهب بشرط ان تصطحب أختها معها .. فأرادت أن تظهر فى صورة جيدة بصحبته ولكنها لا تملك مالا تستطيع به شراء ملابس جديدة وكانت تبحث داخل خزانتها الفقيرة يأمل بأن تجد شيئا مناسبا .
دخلت نبيلة الى الغرفة وسألتها بسخرية وهي ترى الملابس وقد أنتشرت على الأرض
- ماذا تفعلين .. تضبين أغراضك منذ الأن ؟
أستدارت اليها زينة قائلة بأحباط
- ليس عندي شئ لأرتدية مساء الغد .
ردت نبيلة بقسۏة
- ولماذا لا تطلبين من خالد أن يشتري لك طقما جديدا .
حدقت بها زينة بأستنكار قائلة
- أطلب منه ؟ كيف أطلب منه شيئا كهذا ونحن لم نتزوج بعد .. هذا شئ مشين .
هزت نبيلة رأسها هازئة فقالت زينة بأمل
- هل من الممكن أن تعيريني شيئا من عندك ؟
ردت نبيلة على الفور
- لا .
ثم أردفت بسرعة
- ملابسي لا تناسبك فأجسامنا مختلفة .
كانت لهجتها قاسېة برغم أنها حاولت أن تجعل بها شئ من الأسف فقالت زينة بعد تردد وقد أحمر وجهها
- البلوزة الحرير الزهرية مقاسي .. جربتها مرة ووجدتها تناسبني .. ستليق على سروالى الأسود .
زمت نبيلة شفتيها وظهر عليها الڠضب وتوقعت زينة بحسرة بأنها سترفض ولكنها قالت بعد فترة وقد لمعت عيناها برضى
- خذيها .
أبتسمت زينة بسعادة
- شكرا لك .
ثم فتحت خزانة نبيلة وأخرجت البلوزة بحرص وكأنها شئ ثمين وقالت
- لا تقلقي سأحرص عليها بحياتي ولن أضعها فى الغسالة .. سوف أغسلها على يدي .
وخرجت من الغرفة يتبعها صوت نبيلة الساخر
- سوف تعجب خالد كثيرا .
ثم أردفت پحقد وبصوت منخفض لم تسمعه زينة
- فهو من أشتراها لي .

****

الفصل الخامس

توقعت زينة من نبيلة أن تتأنق لتظهر أكثر جمالا منها ولكن .. بينما هي ترتدي ملابس كلاسيكية مسائية أنيقة كانت نبيلة ترتدي ملابس كاجوال عبارة عن جينزا عاديا وقميصا فضفاضا وحذاء رياضي قديم فظهر التناقض جليا بينهما وعندما جاء خالد فى الثامنة  لأصطحابهما صعد ليسلم على والديها قبل أنصرافهم ووقف متجمدا عند الباب عندما وقعت نظراته على زينة فأحمر وجهها خجلا بالتأكيد مظهرها الجديد قد فاجئه .. لأول مرة تكون أنيقة وراقية هكذا وكانت سعيدة وفخورة بنفسها وقد ساعدتها نبيلة على التزين وقد شكرت لها صنيعها عندما عرضت عليها أيضا أن تصفف لها شعرها .
كان خالد متعجلا على الذهاب ورفض بأدب دعوة أمها لشرب شئ ما قبل ذهابهم وفى السيارة أحست زينة بأن هناك شيئا ما يزعجه فقد كان متجهم ولم يتحدث اليها وكانت نبيلة صامته كذلك وجلست بوداعة فى المقعد الخلفي ورأسها محڼي لأسفل .. شعرت زينة بعجز غريب يمنعها عن قطع الصمت الموتر للأعصاب بين ثلاثتهم وكانت تتساءل عن سبب هذا ...
بعدما خرجوا من منطقتهم وأصبحوا فى الطريق العام قال خالد ببرود وعيناه مسلطتان على وجه نبيلة فى المرآة الأمامية 
- أين ؟ 
تفاجأت زينة من السؤال الذي لا معنى له بالنسبة لها على الأقل ولكنه لم يكن كذلك بالنسبة لأختها التى قالت
- في أي مكان هنا .
أوقف السيارة على جانب الطريق وترجلت نبيلة من السيارة فاستدارت زينة اليها بحدة وقالت
- الى أين أنت ذاهبة ؟
نظرت نبيلة الى خالد نظرة سريعة ثم قالت 
- لدي موعد مع صديقة لي .  
قالت زينة عابسة 
- ولكن أبي يعتقد ..
قاطعتها نبيلة بملل 
- يعتقد أبي أنني معك وهذا يكفي .
ثم أبتعدت وهي تشير لهما بيدها .
أستأنف خالد السير فسألته زينة 
- كنت تعرف أنها لن تذهب معنا .
قال بهدؤ 
- أخبرتني بذلك عندما تركتنا وذهبت لجلب حقيبتك .
قالت بخفوت 
- اذن أعدني الى البيت  .. سيغضب أبي ان ذهبت وحدي معك .
قال خالد بصبر وهو مستمر فى طريقه 
- لا داعي لأن يعرف .
أستدارت اليه بحدة فأبتسم لها ليخفف من حدة الموقف وقال 
- أعلم أنك لا تحبين الكذب عليه ولكن ان أعدتك الأن .. ماذا ستخبرينه عن المكان الذي ذهبت اليه أختك .. هه ؟ ستكون المشكلة أكبر حينها أليس كذلك ؟ ثم لا خوف عليك معي .
ومع ذلك ظلت قلقة .. فلو أكتشف والدها أنها ذهبت من دون نبيلة سيغضب منهما .
سألها خالد بهدؤ بعد وقت وقد تخللت نبرة صوته بعض الضيق أستطاعت أن تتلمسه 
- لماذا ترتدين هذه البلوزة ؟
تفاجأت زينة من السؤال وأحمر وجهها وقالت 
- ألا تعجبك ؟
رد بضيق 
- بلى .. لا تعجبني .
الأن أصبحت على شفير البكاء فأبتلعت ريقها وقالت بصوت يختنق
- كنت أظن أنها ..
قاطعها بتوتر وعصبية 
- وشعرك .. لا أحبه بتلك الطريقة .
رفعت يدها بعفوية الى شعرها وأحتاجت الى قوة ارادة كبيرى لتمنع دموعها عن الأنهمار .. يبدو أن خالد قد شعر بأنه ضايقها وجعلها تعيسة فقد أوقف السيارة على جانب الطريق مرة أخرى واستدار اليها قائلا بندم 
- أنا آسف .. لم أقصد أن أحزنك .. أنظري الي .
كانت مطرقة الرأس لتخفي الدموع التى بللت رموشها .. أمسك ذقنها ليرفع وجهها اليه وقال برقة
- أنا حقا آسف .. أحيانا أصبح فى مزاج سئ عندما لا تسير الأمور كما أريدها .. كما أنني أحب أن أراك على طبيعتك .. لا تتلوني وتتشبهين بأحد آخر فأنت جميلة دون الحاجة الى كل ذلك .
أبتلعت ريقها وهزت رأسها وحاولت أن تبتسم فابتسم لها مشجعا
- أنت جميلة فى كل الأحوال .
شعرت بالراحة قليلا وقالت بخفوت 
- أنها فى الحقيقة ليست لي .
قال بجفاء وقد تصلبت ملامحه 
- أعلم أنها ليست لك .. فقد رأيت أختك ترتديها من قبل .
أحمر وجهها أكثر وقالت 
- لقد  أستعرتها منها .. أردت أن أكون مميزة الليلة من أجلك .
سمعته يأخذ نفسا عميقا وقد اشتدت أصابعه على ذقنها وقال
- أنت مميزة فى كال الأحوال مهما كان ما ترتديه وقد أخبرتك بهذا من قبل .
وعندما أستأنف القيادة كانت زينة غير قادرة على كبت أبتسامة السعادة التى أرتسمت على وجهها .

****

توقف خالد بالسيارة أمام بناية شاهقة تطل على النيل فسألته زينة
- لماذا توقفنا هنا ؟
مرت لحظات ظنت أنه لن يجيبها ولكنه قال أخيرا
- هنا تسكن أمي وزوجها .
عادت زينة تتأمل البناية بنظرة جديدة وتسأله بحذر 
- ولماذا نحن هنا ؟
ابتسم شاردا 
- فكرت انك ربما تريدين رؤية بيتنا .. أنت لم اسأليني أبدا عنها .. أين توجد أو كيف تبدو ؟
جف حلقها ومرت رعشة برد فى أوصالها وشعرت به فجأة غريبا عنها .. وخطېرا أيضا .
- لا .. هذا لا يصح .
أدار وجهه اليها ببطئ ولم تنبئ ملامحه عن شئ وللحظات مرت كان يتفرس فى وجهها بشدة
- هل أنت خائڤة مني ؟
أنكرت بسرعة 
- لا ولكن ..
قاطعها بهدؤ
- ولكنك شاحبة ... أنت خائڤة .
قالت بصدق هذه المرة 
- مرتبكة وقلقة ربما .. لا أعرف .. أنت تريدني أن أصعد معك الى شقتك وهذا أمر غير لائق فماذا تتوقع أن تكون ردة فعلي .
أدار وجهه ونظر أمامه وقد عاد الى صمته وبدا وكأنه يفكر وانتظرت بقلق .
عاد لينظر اليها برقة وقال
- ألا تثقين بي ؟
أصبحت فى حيرة من أمرها .. وقد وجهت لنفسها نفس السؤال .. هل تثق به لدرجة أن تأتمنه على نفسها وتتوقع منه أن يحترمها ويصون شرفها .. هل تعرفه بما يكفي لكي تمنحه مثل هذه الثقة اللامحدودة ؟
- زينة ؟
أبتلعت ريقها بصعوبة وحدقت فى وجهه ولمحت نظرة اشفاق تمر عبر نظراته قبل أن يتابع بحزم 
- أنتظر ردك .
لا تعرف ما دفعها لهذا ولكنها وجدت نفسها تقول وعيناها القلقتان أسيرتان لعينيه 
- بلى .. أثق بك .
أتسعت ابتسامته وتألقت عيناه بفرح وعاد فى تلك اللحظة الشاب الذي أسر قلبها 
- اذن هيا بنا .
شعرت فجأة بأنها أسيرة .. فقد قبضت أصابعه على أصابعها بقوة كا لو كان يمنعها من الفرار ...
أغلق باب المصعد ببطئ فى وجهها فتوقف قلبها عن الخفقان لحظة بدء صعوده ... وأمسك بها الهلع ولكنها حاولت مداراة مشاعرها .. أرادت أن تخفي ما يعتمل فى نفسها من قلق ولكن هذا لم يستمر طويلا  فقد أنطلق صوتها حادا
- حتى وان رفضت .. هذا لا يعني أنني لا أثق بك .
ترك يدها وابتعد عنها حتى يستطيع رؤية وجهها والتفرس به فقالت بلا حول ولا قوة محاولة أقناعه بوجهة نظرها دون أن تجرحه 
- ماذا سيعتقد الناس عندما نصبح وحدنا بالداخل .. هذا أمر يجب أن تأخذه فى عين الأعتبار أنها سمعتي .. هذا أولا وثانيا .. ثالثا والأهم .. أبي سيغضب منا وستتغير نظرته اليك وربما يرفض أرتباطنا .
- ومن سيخبره ؟
رفعت حاجبيها بدهشة وقالت بصدق
- أنا بالطبع .. هل تخيلت أنني سأخفي عنه هو وأمي أمر كهذا .. أنني ذهبت معك لرؤية الشقة التي سوف نتزوج بها ؟
حدق فى وجهها للحظة فتح باب المصعد خلالها ولم تتوقع زينة ردة فعله فقد أنفجر ضاحكا وبشدة حدقت فيه بدهشة لا تفهم سبب ضحكه ولكنها شعرت بالراحة فهو لم يغضب منها على الأقل .
وكانا فى السيارة منطلقين فى طريقهم من جديد 
- أنت لست غاضبا حقا ؟
- لا لست غاضبا .. 
ثم نظر اليها مبتسما 
- أقتنعت بوجهة نظرك .. فأنت مقنعة جدا فى الواقع .
أبتسمت زينة بفرح فقد رضخ لمشيئتها ولم يصر عليها لترى الشقة وضغط على زر الهبوط ومن وقتها وهي تكاد تطير من الفرح والراحة معا 
- آه شكرا لك .
ضحك مرة أخرى وقال
- تشكرينني ؟ 
- نعم .. فرأيك بي يسعدني .

****

أوقف خالد السيارة فى موقف سيارات تابع لملهى ليلي أنيق يقع فى شارع هادئ فسألته  
- لماذا توقفنا هنا ؟
- أتفقت مع نبيلة أن تنتظرنا هنا فلا يجوز أن تعود كلا منكما بمفردها .
كانا قد تناولا العشاء فى مطعم الفندق الذي تعمل به وكانت مفاجأة لها أن يأخذها الى هناك .
سألته زينة بحدة 
- نبيلة هنا ؟
- هنا تعرفت على أختك .
قالت بغم 
- هنا ؟
قاطعها أقتراب رجلين فى بذلات رسمية بعضلات مفتولة يبدوان كحراس شخصيين بادرهما خالد بالقول 
- لن أنزل .. الأنسة ناني بالداخل .. أخبراها أننا هنا .
وبأشارة متعجرفة من يده كما لو كان يملك سلطة عليهما عادا الى الملهى طائعين .
لم تجرؤ زينة على كسر الصمت تخشى أن تسأل وتخشى أكثر من اجابته  
- أنا مضطر للسفر من جديد وعندما أعود سوف نرتب للزفاف .. وسيكون كل شئ جاهز حينها .
- ولكني أريد أولا ان ..
قاطعها بحزم  
- الشئ الوحيد الذي يجب أن تعرفيه هو أنني أنوي أن أبدأ حياة جديدة معك .. جديدة بكل شئ .. سأتخلى عن الكثير من أجلك .. ماضي لا أستطيع تغييره ولكن مستقبلنا سيكون شيئا آخر . 
الوعد فى كلامه والصدق فى عينيه جعلها تؤنب نفسها على قلة ثقتها به وبحبهما ولكنها معذورة فعلاقتهما حديثة جدا وهي مازالت لا تعرفه ولكن ما يشفع له أنه لم ېكذب عليها ولم يدعي الصلاح أبدا .

****

لم يكن الوقت متأخرا كثيرا عندما أعادهما خالد الى البيت وهناك ترجلت نبيلة من السيارة وصعدت الى البيت تاركة زينة وحدها مع خالد فى السيارة  
- كما أتفقنا .. عندما أعود من السفر سأجد حلا مع والدك وربما أستطيع أقناع أمي بالمجئ لزيارتكم .
قالت 
- تعلم أنني لا أهتم بعائلتك .. أنت فقط من يهمني .. ولكن أبي يهتم لكي يطمأن علي فأنا أمانة عنده كما يقول .
- وستكونين أكثر أمانا معي .
- كم ستغيب فى سفرتك هذه ؟
- حوالي الشهر أو أكثر قليلا .
شهقت .. لقد ظنت أنه سيسافر لبضعة أيام .. أسبوع على أقصى تقدير كما حدث من قبل ولكن شهر ومازالا فى بداية علاقتهما !!! كان ذلك كثيرا
کسى الحزن وجهها فقال  
- أعلم .. أنا أيضا يصعب علي فراقك خاصة الأن ولكن هذا العمل كنت قد أتفقت عليه قبل لقائي بك وأعدك أنها ستكون المرة الأخيرة .. عندما أعود سنتزوج على الفور .. لن أنتظر .. سيكون منزلنا قد تم تجهيزه من كل شئ وسوف أحضر لك ثوب الزفاف معي من أوروبا .. أنتظريني وثقي بي أرجوك .. لا أريد غير ثقتك .
هزت رأسها ايجابا فتبدد القلق من على وجهه وأبتسم لها أبتسامته المدمرة التى ټخطف الأنفاس وتابع 
- تستطيعين تقديم أستقالتك من عملك منذ الأن فأنت لن تكوني فى حاجة الى العمل بعد الزواج .
كل هذا كان كثير على عقلها ليستوعبه .. فراحت تهز رأسها موافقة على كل شئ يقوله وعندما همت بمغادرة السيارة أستوقفها 
- زينة .. قد لا أستطيع الأتصال بك بأستمرار .. ولكن كلما سنحت لي الفرصة سأفعل .
- مع السلامة .
ودعته والدموع تكاد ټخنقها فقال برقة 
- لا تبكي .
- آسفة ولكني سأشتاق اليك .. لا تتأخر .
أبتسم لها بحنان
- سأعود بأسرع ما يمكنني .
ثم خرجت من السيارة وأشارت له بيدها مودعه .

****
- لم أتوقع أن يأخذك خالد الى هناك  .
- وأنا أيضا .. لقد عاملنا الزملاء فى المطعم هناك بطريقة رائعة وخاصة مستر عماد .
لقد ظهرت الدهشة على نبيلة عندما عرفت بأنهما تناولا العشاء فى الفندق وظلت شاردة طوال الطريق الى البيت ولم تعلق على الأمر .
- لا أقصد الفندق ..أقصد الملهى .
نظرت زينة الى نبيلة بوجوم وكانتا قد بدلتا ملابسهما استعدادا للنوم 
- آه ذلك المكان ؟
قالت نبيلة بجمود 
- أعتدنا ان نلتقي فيه مع الأصدقاء .. أقصد أنا وخالد .
ثم أشاحت بوجهها وتابعت 
- عذرا فأنا لم أتخيلك ترتبطين بشاب عابث مثله .
ردت زينة بتثاقل 
- وعدني بأن يتغير.
رمقتها بطرف عينيها بنظرة ساخرة وسألتها بأشفاق ساخر
- وصدقته ؟
- نعم .. فأنا أثق به .
هزت نبيلة كتفيها ثم أندست بفراشها ولم تقل شيئا 
أستلقت زينة على فراشها بدورها وعقلها مشوش .. أستدعت وجه خالد فى رأسها .. نظرات عينيه الحانية والصدق الذي شعرت به فى صوته وهو يعدها بأنه سيتغير من أجلها 
ثم تمتمت لنفسها بصوت منخفض 
- نعم .. أنا أصدقه .

****
خبت فرحة زينة بحبها الوليد عندما تعرض والدها لوعكة صحية ولازم الفراش وقال الطبيب بعد أطلاعه على التحاليل والأشعة أنه يحتاج الى عملية بالقلب لوضع دعامات للشرايين وأصر الطبيب عليهم أن يعجلوا بأجراءها والا سيظل يتعرض لهذه النوبات التى ستكون نهايتها سيئة . وكانت العمليه تكلف مبلغا كبيرا من المال وهم لا يملكون من هذا المال الى أقل القليل .
فور أنصراف الطبيب أختفت نبيلة فى حجرتها وقد وجدتها زينة تبكى بحړقة فوق فراشها فأسرعت اليها تحيطها بذراعيها 
- ماذا بك يا حبيبتى ؟
حاولت نبيله دفعها عنها ثم عادت وأستسلمت للنحيب مرة أخرى بين ذراعيها فقالت زينة بحزن 
- أنت حزينة من أجل أبى ؟ .. ان شاء الله سوف تجرى له العملية ويكون بخير .. لا تبكى .. أنت تحبينه بشدة .. أعرف .. كلنا كذلك يا حبيبتى . 
وانسابت دموعها بدورها
قالت نبيلة بمرارة وهى تحاول الأبتعاد عن ذراعيها مرة أخرى  
- نعم أحبه .. لكنه يفضلك علي .
قال زينة بقلب مثقل  
- أنت مخطئة .. أنه يحبك وأكثر مما يحبني .
نظرت اليها نبيلة مجفلة شاحبة الوجه فتابعت زينة
- ان كان يحتد عليك أحيانا فهذا من شدة خوفه عليك .. كل أب يفعل مثله 
وقفت نبيلة وراحت تجفف دموعها وهى تقول بصوت مرتجف 
- معك حق .. مرضه أثر في بشدة وجعلنى أشعر كم كنت أنانية وكم أتعبته معى وهو مريض .
نظرت اليها زينة مشفقة على حالها  
- لا يجب أن تفكرى بتلك الطريقة حبيبتى .. المهم الأن أن نفكر كيف ندبر له مصاريف العملية  .
قالت نبيلة بعد لحظات وقد لمعت عيناها  
- أنا لدي حل . 
سألتها زينة بلهفة 
- حقا .. وما هو ؟
- أحد معارفى وجد لى عملا على يخت سياحى لمدة أسبوعين .. كمضيفة براتب خمسة آلاف  دولار ولكن  وكما تعلمين فقد أستنفدت كل أجازاتى ولن يسمح لى بأخذ أجازة لمدة شهر كامل .
ذهلت زينة من قيمة المبلغ وقالت 
- حقا ؟ .. كل هذا المال من أجل أسبوعين فقط ؟
ثم سألتها وقد تذكرت المكالمة الهاتفية التى تلقاها خالد وهم عائدون من الساحل الشمالي وكان من سيدة تدعى فريدريكا تمتلك يختا تقوم بعمل رحلات سياحية على متنه 
- من وجد لك هذا العمل .. خالد ؟
نظرت اليها نبيله بتوتر 
- وما علاقة خالد بالأمر ؟
أخبرتها زينة عن تلك المكالمة التى أستمعت اليها فأبتلعت نبيلة ريقها وقد أزداد توترها وقالت 
- نعم .. خالد من عرض علي هذا العمل ولكن كان ذلك قبل خطبتكما .. وكنت قد رفضته لأن أبي كان سيرفض ولكن بعد ما حدث فكرت أن أقبل .
ثم نظرت الى زينة وقالت بتصميم 
- لكن أنت من يجب أن يذهب بدلا منى .
قالت زينة پذعر تقريبا 
- أنا ؟
- لا أحد غيرك .. هذا المبلغ سيساعد فى عملية أبى .. وأنت تستطيعين بسهولة الحصول على أجازة أو تقديم أستقالتك ففى كل الأحوال سوف تتركين العمل قريبا .
ترددت زينة للحظات ثم قالت بتردد
- ولكن .. هل سيوافق خالد أو أبى على ذلك العمل وخاصة وأن به سفر ؟
أمسكت نبيله بيديها بقوة باصرار وهي تضغط على أسنانها  
- لا يجب أن تقولى لهما الحقيقة .. ستقولين لأبى أنك ستسافرين الى فرع الفندق فى العين السخنة لسد عجز الموظفين هناك أو لمزيد من التدريب .. وخالد مسافر لمدة شهر ويمكن لأكثر من ذلك فقد تعودين قبل عودته . 
- أستطيع أخباره بالحقيقة .. سيكون هذا أفضل من الكذب عليه وهو بالتأكيد لن يعترض خاصة عندما يعرف عن حالة أبى .. وسوف يكون مطمئنا علي لأن أصحاب العمل أصدقاء له .
صاحت نبيلة فى وجهها پغضب أجفلها
- غبيه .. لو قلت له سيعتقد أننا ندفعه ليتكفل هو بعملية أبى .. وكما تعرفين .. أبى عزيز النفس وسينظر الى الأمر على أنه اهانة له وسيرفض بالتأكيد .
أطرقت زينة تفكر .. نبيله معها حق .. سيرفض والدها نقود خالد .. لقد ڠضب بما فيه الكفاية عندما أخبرته أن خالد يرغب فى التكفل بكل مصاريف الزواج وجهازها أيضا وقال لها 
- هل تريدين أن أظهر بمظهر العاجز أمام نسيبي وأنني غير قادر على تجهيز بناتي ؟
أمتقع وجهها حينها وحاولت الدفاع عن نفسها قائلة
- لا يمكن أن أقصد شيئا كهذا . 
قال بوجه متجهم 
- كانت أمكما تقوم بتجهيزكما منذ أن كنتما طفلتين .
أعترضت زينة
- ولكنه جهاز نبيلة .
- أنه لمن تتزوج فيكم أولا .. ولأن نبيلة الأكبر كنا نعتقد أنها من ستتزوج أولا .. لهذا فهو لك .

*****

عندما أصبحت زينة على متن اليخت شعرت بالخۏف ..
فقد كانت ذاهبة الى المجهول وستصبح وحدها بين أناس غرباء وسط اللامكان ولكنها حاولت أن تتشجع من اجل والدها .. لقد أخذت نبيلة المال بالفعل وهي مجبرة على أداء عملها نظير ذلك المبلغ الكبير .
لقد وافقت السيده فريدريكا على أٍستبدالها بأختها عندما ذهبتا لمقابلتها فى الفندق بالأسكندرية .. أولا تحدثت معها نبيلة وقد صعدت اليها فى غرفتها من دون زينة التى أنتظرتها فى البهو ومن ثم أتصلت بها فصعدت اليهم .. فوجأت زينة من شكل المرأة وعمرها فقد كانت تتخيلها متوسطة العمر ولكنها وجدتها صغيرة فى أواخر العشرينات من عمرها تقريبا وشديدة الجمال .. ذلك الجمال الأشقر وكأنها لوحة فنية وليست حقيقية وفكرت بغيرة أن خالد يعمل معها وقد ضايقها هذا ولكن ما أراحها قليلا أنها رأت شخص قدمته لها على أنه زوجها .. لم يكن يقارن بخالد بالطبع فقد كان نحيفا أمهق بنظرات وجدتها زينة منفرة وخبيثة وهو يتفحصها وكأنها سلعة ما ووجدت فريدريكا مهتمة برأية فى أن تأخذ مكان نبيلة فى العمل وجاءت موافقته بهزة متعجرفة من رأسه .. كان يتحدث العربية ولكنها فشلت فى تحديد جنسيته .
وبعد أن تمت الموافقة سلمت لهما زينة جواز سفرها ووقعت على بعض الأوراق الخاصة بالعمل وعادت الى القاهرة مع نبيلة التى غادرها الحماس فجأة وأصبحت عصبية خاصة عندما أسرت لها زينة قائلة  
- نبيلة .. أنا خائڤة .. لا أعرف ما هو المطلوب مني عمله هناك بالضبط .

الفصل السادس

عندما أصبحت زينة على متن اليخت بدأت تشعر بالخۏف ..
فقد كانت ذاهبة الى المجهول وستصبح وحدها بين أناس غرباء وسط اللامكان ولكنها حاولت أن تتشجع من اجل والدها .. 
ولقد أخذت نبيلة المال بالفعل وهي مجبرة على أداء عملها نظير ذلك المبلغ الكبير .
لقد وافقت السيدة فريدريكا على أٍستبدال مكانها بأختها عندما ذهبتا لمقابلتها فى الفندق الذي تقيم به في الأسكندرية .. تحدثت معها نبيلة أولا وقد صعدت اليها وحدها وأنتظرتها .زينة فى بهو الفندق الى أن أتصلت بها نبيلة على هاتفها الجوال وطلبت منها الصعود وأعطتها رقم الجناح . 
فوجأت زينة بشكل المرأة وعمرها فقد كانت تتخيلها متوسطة العمر ولكنها وجدتها شابة صغيرة فى أواخر العشرينات من عمرها تقريبا كما كانت شديدة الجمال .. 
ذلك الجمال الأشقر وكأنها لوحة فنية وليست حقيقية وفكرت زينة بغيرة بأن خالد يعمل معها وقد ضايقها هذا ولكن ما أراحها قليلا أنها رأت  شخص معهما قدمته لها على أنه زوجها .. لم يكن يقارن بخالد بالطبع فقد كان نحيفا أمهق بنظرات وجدتها زينة منفرة وخبيثة وهو يتفحصها وكأنها سلعة ما ووجدت فريدريكا مهتمة برأية فى ما اذا كانت جديرة بأخذ مكان نبيلة فى العمل أم لا .. وجاءت موافقته بهزة متعجرفة من رأسه .. كان يتحدث العربية ولكنها فشلت فى تحديد جنسيته .وقد سألها 
- هل تحملين جواز سفر ؟
- أه نعم .
وأسرعت بأرتباك تخرج جواز سفرها من حقيبتها وسلمته اياه .
وقعت أيضا على بعض الأوراق الخاصة بالعمل وعادت الى القاهرة مع نبيلة التى كان قد غادرها الحماس فجأة بعدما أصبحا خارج جناح الفندق وأصبحت عصبية خاصة عندما أسرت لها زينة بمشاعرها قائلة  
- نبيلة .. أنا خائڤة .. لا أعرف ما هو المطلوب مني عمله هناك بالضبط .
صاحت بها نبيلة پغضب وكانتا فى القطار مما جعل من حولهما ينظران ناحيتهما 
- هل أنت طفلة صغيرة ؟
أخفضت زينة صوتها وقد أحمر وجهها حرجا وكذبت قائلة بعد أن وجدت ان أعترافها بخۏفها من الذهاب قد أغضب أختها 
- أسفة .. ولكن هذه أول مرة سأسافر بمفردي وسوف أكون مع أناس غرباء عني .. ربما ضايقوني مثلا اذا لم يعجبهم عملي .
شحب وجه نبيلة وهي تحدق بعصبية فى وجه زينة البرئ والتى تابعت
- عملت بعد تخرجي فى الأستقبال وخبرتي تكاد تكون معډومة فى أمور الخدمة بالمطاعم مثلك 
قالت نبيلة بعينان كئيبتان 
- سوف تتعلمين .
ثم قست نظراتها من جديد وهي تتابع 
- لا مجال للتراجع الأن .
تمتمت زينة باستسلام وهي تتراجع فى مقعدها
- أعرف .. فأبي بحاجة لذلك المال .

****

وعادت معها نبيلة الى الأسكندرية بعد يومين وكان والداها قد أقتنعا بحجة غيابها لفترة وكان والدها أكثر من أبدى قلقه وأنزعاجه من هذا التغيير فى العمل وراح يوصيها بأن تنتبه لنفسها وتتصل به بأستمرار لكي يطمأن عليها .
كانتا صامتتان خلال ساعات السفر وكان حال نبيلة غريب وشكت زينة فى أنها حزينة لفراقها فأحيانا كانت تلمحها تراقبها وشئ من الحزن والقلق فى عينيها وعندما كانت تودعها فى الميناء قالت لها زينة 
- سوف أتصل لأطمئن على أبي ولا تنسي ما أتفقنا عليه .. عندما يتصل بك خالد اشرحي له الأمر وأجعليه يفهم السبب من وراء قبولي بهذا العمل وأطلبي منه أن لا يغضب مني وانني سوف أتصل به .. كنت أتمنى لو أخبرته بنفسي ولكن كما قلت أنت ما كان ليقبل ابدا .
عندما أحتضنت زينة أختها مودعة تملصت نبيلة منها سريعا وكأنها تكرة أحتضانها لها وبالكاد نظرت الى وجهها وهي تودعها وقد چرح هذا مشاعرها وعندما أستقلت زينة اليخت المنتظر استدارت لتلوح لها ولكنها وجدتها وقد أختفت عن الرصيف .
أبحر اليخت فور صعودها اليه بدقائق مبحرا من ميناء الاسكندرية متوجها الى ميناء أثينا اليونانى حيث ستكون أولى محطات الرحلة ومن هناك سيستقبلون مزيدا من الضيوف كما سبق وأخبرتها مدام فريدريكا 
وفي أحد صالونات اليخت العملاق تجمع طاقم الخدمة وكانوا جميعا من الفتيات وليس بينهم شاب واحد والرجال على متن اليخت هم من البحارة والطباخ ومساعدوه وجميعهم أوروبيين على عكس زميلاتها كانوا خليطا من جنسيات عربية وأسيوية وأوربية .. أحصتهم زينة وكان عددهم يفوق الخمسة وعشرون  .. ودهشت عندما وجدت بينهم ستة فتيات ممن قابلتهم فى حفلة الساحل وكانت نجلا صديقة خالد السابقة واحدة منهن وقد بادلتها النظر بسخرية عندما تصادمت عيونهما فأحمر وجه زينة وتجنبت النظر اليها , فيما بعد وهي تقف تنتظر أوامر وتعليمات رئيستها التى كانت تجلس على مقعد وثير واضعة ساقا فوق الأخرى وترتدي أقصر تنورة رأتها زينة فى حياتها بدأت تشعر پألم لا يطاق فى معدتها ورغبة فى التقيؤ وقد أصاب رأسها صداع يكاد يعمي بصرها ولكنها حاولت أن تتماسك وتتحامل على نفسها حتى لا تظهر بمظهر سئ أمام مرؤستها .
قالت فريدريكا بصوتها الأجش وهي تنظر اليهم بتعالي
- سوف ينضم الضيوف الينا فى أثينا .. لا أريد أن ..
زاد الألم فى معدة زينة وتصبب العرق البارد على جبينها فلم تستطع متابعة ما تقوله فريدريكا وعندما شعرت بأنها على وشك التقيؤ رفعت يدها كتلميذة مدرسة ولكنها لم تنتظر الإذن وأسرعت تعدو مترنحة الى خارج الصالون ومن حسن حظها لمحت سلة مهملات بجوار المدخل وأفرغت فيه ما بجوفها بعد أن كادت أن تفعلها على أرضية الممر .. كانت تنتفض ومعدتها تتلوى پألم وهي تفكر فى مدى سؤ حظها .. أن تتعرض للمرض فى أول يوم عمل لها .. ربتت يد على كتفها وقالت فتاة بأنجليزية ركيكة 
- أنت تعانين من دوار البحر .. كان يجب أن تأخذي دواء له قبل الرحلة .
لم تجد زينة شيئا لتمسح به فمها فظلت ډافنة وجهها هناك وقالت بصوت متعب 
- لم أعرف أنني يجب علي ذلك .
أمسكتها الفتاة من كتفها وقالت 
- تعال معي سآخذك الى غرفتك وأعطيك دواء سيساعد معدتك على الأسترخاء .
وقفت زينة وهي تتمايل واستخدمت طرف بلوزتها مضطرة  لمسح فمها .
وفى الغرفة الصغيرة التى تضم فراشين تبينت ملامح الفتاة لأول مرة ووجدتها احدى الأسيويات وقد كان لها وجه لطيف جميل وبشرة ناعمة وتمتلك الملامح المعروف بها بني جنسها , قالت 
- أسمي تشو ونحن شريكتان فى هذه الغرفة وبطبيعة الحال لن نستخدمها الا لتنظيف أنفسنا فقط .
لم تفهم زينة ماذا عنت بتنظيف انفسهم ورجحت زينة بأن عامل اللغة وعدم أتقانها لها هو ما جعلها تستخدم كلمات غير مناسبة فأبتسمت لها بوهن وقد عاودها الغثيان مجددا فأسرعت الى الحمام وهي تشعر بمعدتها تكاد تتمزق .
نامت بعد أن ناولتها تشو الدواء ونصحتها بأن تستريح وأكدت لها أنها ستكون بخير عندما تستيقظ ولكن .........
عندما أستيقظت لم تشعر بأي خير .. أختفت آلام معدتها وفارقها الدوار ولكن الآلام الأخرى كانت أصعب وأقسى على قلبها وعلى عقلها ..
دخلت عليها تشو وهي ترتدي بالكاد ما تدعى تنورة وبلوزة بيضاء شفافة وكان صدرها الصغير عاريا وظاهرا من تحتها فغضت زينة بصرها بسرعة خجلة من التحديق بها, قالت لها تشو بلا مبالاة وهي تشير الى الخزانة 
- ملا بسك بالداخل .. وصلنا أثينا وسرعان ما سينضم الضيوف الينا وستكون فريدريكا غاضبة ان تأخرت .. الست أحسن حالا الأن ؟
قالت زينة بأرتباك 
- بلى .. أنا بخير .
خرجت تشو وهي تقول 
- اذن لا تتأخري .
أستحمت زينة أولا لتزيل عنها أثار العرق .. وجدت الكثير من أدوات التجميل فزينت وجهها بلمسات خفيفة حتى تعوض عن الحالة البائسة التى ظهرت بها أمام رئيستها بالأمس .
وقفت بذهول تنظر الى الملابس التى من المفترض أن ترتديها والمشابهة تماما لما كانت ترتديه تشو .. وتساءلت پذعر .. هل هذه ملابس العمل ؟ لم تجد غيرها في الجزء الخاص بها من الخزانة وكانت مغلفة بكيس بلاستيك ووجدت طقما آخر بنفس المواصفات وانما بلون مختلف .. ثم فتحت الأدراج لتبحث فيها فوجدت ملابس داخلية وقمصان نوم عبارة عن قصاقيص من القماش والجلد وأشياء بشرائط متدلية .. جلست على الأرض وكانت ماتزال ملتفة بمنشفتها الكبيرة وراحت تتمتم 
- هذه الأشياء بالتأكيد ليست لي .. قد تكون لتشو أو قد نساهم أحد ممن كان يقيم هنا. 
أغلقت الأدراج وذهبت الى حقيبتها التى لم تفرغ بعد وأخرجت ملابس لترتديها وبعدها ستذهب للتكلم مع فريدريكا .
فور خروج زينة من الباب قابلت نجلا وكانت مارة من أمامها وعبست بشدة وهي تراها ترتدي نفس الملابس التى كانت ترتديها تشو والمعلقة مثلها فى خزانتها فأعتراها القلق من أن تصر فريدريكا على أن ترتدي مثلهم .
توقفت نجلا عند رؤيتها وأقتربت منها زينة بتردد آملة أن تعاونها ولا تأخذها بذنب نبيلة وان كانت خائڤة من أن تكون قد عرفت بخطبتها لخالد, حيتها قائلة  
- مرحبا .. كيف حالك ؟
وقفت نجلا تتأملها بغموض ولم ترد على تحيتها فقالت زينة بتوتر 
- كنت أريد سؤالك عن شئ .
- ماذا تريدين ؟
أحمر وجه زينة ولكنها قالت وهي تشير الى ما ترتديه نجلا 
- بخصوص الملابس .. هل يجب علي أرتداء مثل هذا ؟
قالت نجلا بتأفف 
- ليس طوال الوقت .. سيكون مسموح لنا أرتداء ما يحلو لنا أو عدم أرتداء أي شئ اذا رغبنا ولكن بعد الأبحار .
تراجع رأس زينة الى الخلف پصدمة فتابعت نجلا تقول بفضول 
- لم أعتقد أنك هكذا ... عندما قابلتك فى المرة الأولى كنت ساذجة .. وأليس من المفترض أن تكون ناني هي التى هنا .. كيف حدث وأن جأت بدلا منها ؟
ردت زينة بتجهم وهي تتمنى لو لم تأتي 
- لم تستطع الحصول على أجازة فجأت بدلا منها .
ضاقت عينا نجلا بحدة وسألتها 
- وهل عرف خالد بهذا التغيير فعلى حسب علمي هو مسافر ؟ 
شحب وجه زينة وقد تذكرت خالد .. نسيته فى خضم مرضها ثم صډمتها بملابس العمل وقالت
- لا بالطبع .. هو لا يعرف .
أتسعت عينا نجلا پصدمة 
- هل جنت تلك اللعېنة ؟
سألتها زينة بقلق 
- ماذا تعنين ؟ 
قالت بحدة
- أنت لم تتعاملي معه فى العمل من قبل أليس كذلك ؟.. أنه لا يرحم من يخالف أوامره .
ظهر عدم الفهم على وجه زينة وقالت 
- لا أفهم .. ما علاقة خالد ؟
تابعت نجلا ووجهها يتألق بتشفي متجاهلة سؤال زينة
- ولكن ربما كان ذلك أفضل .. فهي تستحق ما سيحدث لها .
تذكرت زينة تلك اللحظات التى كان يفقد فيها خالد القدرة على التحكم بأعصابه ويغضب فتنقلب ملامحه الى ملامح تثير فيها الړعب وينقلب الى شخص آخر مخيف وسألت .
- وما الذي يمكن أن يفعله ؟
قالت هازئة
- ستعرفين بنفسك عندما ترينه فهو سرعان ما سينضم الينا .. فريدريكا لا تستطيع الأستغناء عنه طويلا .
ثم غمزت لها بطرية وقحة جعلت الډماء تتجمد فى عروق زينة وسألتها بأنفعال 
- هل سينضم خالد الى الرحلة ؟ وماذا تعنين بأن فريدريكا لا تستطيع الأستغناء عنه ؟ .. ما الذي بينهما ؟ وأليست هي متزوجة ؟
رفعت نجلا حاجبيها بدهشة وقالت بسخرية ضاحكة 
- ما هذا .. هل أحببته بدورك .. يا للشيطان اللعېن .. لا يكتفي بأن يجعل من الفتاة عشيقته بل يسعى لأقتحام قلبها لتكون سيطرته عليها كاملة فلا يعد أمامها شيئا الا طاعته وتنفيذ كل رغباته بما فيها ما نحن فيه الأن . 
قالت زينة وصوتها يرتعش 
- أنا لست عشيقته .. أنا خطيبته وسنتزوج قريبا .
نظرت اليها نجلا بأشفاق ساخر 
- مسكينة أنت .. لقد خطب خالد وتزوج من نصف الفتيات على الأقل ان كانت تلك هي الطريقة لجعلهن يستسلمن له .. ورقة زواج عرفي تمزق بعد أن ينال مآربه وكأنها لم تكن .
صړخت زينة فى وجهها پغضب 
- أنت كاذبة .
تلفتت نجلا حولها بقلق ثم دفعت بزينة الى داخل الغرفة وأغلقت الباب 
- أخفضي صوتك بدلا من أن نتعرض للعقاپ .
وقفت زينة فى منتصف الغرفة وهي تتأرجح ما بين الڠضب والخۏف سألتها نجلا بقسۏة 
- بماذا اذن تفسرين سبب وجودك هنا ؟
- للعمل .
ظهر شئ من الأدراك الصاډم على وجه نجلا وسألتها بشك 
- وما نوع هذا العمل فى ظنك ؟
أجابتها زينة بتحدى ولكن جسدها كان يرتعش
- مضيفة .
هزت رأسها بذهول 
- ألا تعرفين حقا لماذا أنت هنا ؟ ألم تخبرك أختك ؟
- أخبرتني بأنني سأعمل مضيفة .
قالت نجلا بقسۏة وحدة 
- بل ستعملين بالډعارة .
بهت وجه زينة وتجمدت كما لو كانت قد تحولت الى حجر ومرت لحظات لم تستطع أن تستوعب معنى تلك الكلمات وراح عقلها المصډوم يحاول ترجمتها عاجزا وكأنها قد حذفت من قاموسه وتمتمت تسألها بصوت أجوف 
- ماذا تعنين بالډعارة ؟
هزت نجلا رأسها بأشفاق حقيقي وقالت
- كنت أعرف أنها انسانة حقېرة ولكنني لم أتخيل أن تغدر بأختها كما سبق وأن غدرت بصديقتها .. نعم كنا صديقتين حتى تعرفنا على خالد ورحنا نتصارع عليه وفى النهاية أكتشفت كلانا الخيبة . 
تمتمت زينة 
- خالد .. هو ..
صمتت فأكملت نجلا بدلا منها بكلمة واحدة بطيئة أخترقت قلبها كطعڼة سکين
- قۏاد .
شهقت كمن يلفظ نفسه الأخير وسقطت على الفراش والدموع تنهمر من عينيها ونجلا تتابع 
- هو وفريدريكا شريكان يديران شبكة ډعارة دولية ..
بعد صډمتها المدوية لم تعد تسمع أو تحس .. تخدرت كل حواسها وفكرة واحدة تصرخ داخل عقلها .. أختها وخطيبها .. كيف يفعلان بها هذا ؟ .. ثم راحت تعيد الى عقلها كل الشواهد ... خطبها خالد ولكنه لم يجعلها تقابل عائلته وكل ما يربطها به كلمات حب قالها .. كلمات الحب ونظرات الغزل ما كانت الا جزء من عملية الأغواءها التى أعتاد على القيام بها لتجنيد الفتيات وهي كانت احدى هؤلاء الفتيات بالنسبة اليه ؟  ثم فكرت بمرارة .. كيف تصورت أن شاب مثله يقع فى حبها بمثل هذه البساطة ويظهر كمسلوب اللب بها .. والأكثر هولا وقد عجزت تماما عن تصديقة هو نبيلة .. أختها .. أو من أعتبرتها أختها .. كيف طاوعها قلبها لأن تفعل بها هذا ... ماذا فعلت لها لتحقد عليها الى هذا الحد .. الحد الذي يجعلها تقرر أن تتاجر بجسدها .. تلقي بها فى الڼار وتسير معها طوال الطريق حتى أوصلتها بيدها الى هنا لتواجه ذلك المصير البشع .

****

الفصل السابع

رجال ونساء كشف عنهم چحيم دنياها وجعلها شاهدة عليهم وربما قريبا سوف تكون جزء منهم .  
وقفت زينة ملتصقة بالجدار بجوار باب الصالون الكبير الذي سبق وأن أجتمعت فيه مع فريدريكا وبقية الفتيات وقد كټفت ذراعيها أمام صدرها تدير عيناها فى الأجساد التي تتحرك وقد طمست ملامحهم داخل عينيها المذعورتان .. هم فقط قطع من اللحم شبه العاړي .. أصواتهم خليط من الضحكات وقرقعة الكاسات ..
لم يعد التحجج بالمړض يجدي نفعا وجاءها الأمر لكي تنضم لزميلاتها فقد ذهبت اليها تشو فى الحجرة وقالت لها بجفاء ساخر وهي تراها ملتفة بالغطاء
- الرئيسة تريدك وتقول أن مرضك طال أكثر مما يليق ... وأنا أنصحك أن تسرعي فمن سيأتي فى المرة القادمة ليجلبك اليها شخص لن تعجبك معاملته معك. 
بعد خروجها قفزت زينة عن الفراش وراحت تدور حول نفسها وكل خلية فى جسدها ترتعش پخوف .. ماذا تفعل ؟ كيف تستطيع مقاومتهم والخلاص منهم ؟ أخبرتها نجلا أن لا خلاص لها من هنا الا اذا كانت چثة هامدة .. العقاپ الذي قد يلحقوه بها أشد من أي عڈاب قد تراه أو تتخيله .. اذن لا سبيل لديها الا أن تطاوعهم وتفعل ما يرغبون به وهذا من المستحيل .
لم تكن تعرف أنها تحت المراقبة الا عندما أقترب منها زوج فريدريكا مما جعلها تنكمش فى الزاوية وتنظر اليه پخوف .
أبتسم لها أبتسامة صفراء زادت من قساوة ملامحه وسألها 
- لماذا تقفين هكذا ؟ .. أليس لديك عمل تقومين به ؟
هزت رأسها وقالت بضعف 
- لا .. ليس لدي .. فهذا ليس هذا ما أتيت للقيام به .
أختفت أبتسامته وقال بصوت بطئ بارد جعل جسدها يقشعر 
- بدلي ملابسك وتقدمي بين الضيوف وقومي بعملك الذي قبضت للقيام به .
أرتعشت شفتها السفلى وكانت على شفير البكاء وقالت تتوسل فربما تجد بقلبه شئ من الرأفة بها
- أرجوك .. أريد أن أعود الى بلدي وسوف أعيد لكم المال الذي أخذته منكم .
لم تكن تعرف كيف ستعيده ولكن من المهم أولا أن تترك هذا المكان 
صمت الرجل للحظات يقيمها بعيناه بنظرة غامضة ثم قال ما جعلها تنتفض 
- تعرفين ما العقاپ الذي سيلحق بك ان عصيت الأوامر ؟
نعم تعرف فمما أخبرتها به نجلا عن الأشياء الى قد يفعلونها بها .. أقلهم وأرحمهم الضړب والصعق بالكهرباء فهي تستطيع تقبلهم ولكنها لا تعرف ان كانت ستتحملهم ولكن الألعن هو الټهديد بأنتهاك جسدها .. أخبرتها أن لهم طرق فى الأغتصاب لا تتحملها حتى العاهرة  
قالت تتوسل مرة أخرى
- سيدي أرجوك .. أنا لا أصلح لمثل هذا العمل ..  
ثم أبتلعت ريقها وتابعت بهمس بالكاد سمعه ووجهها صورة حية عن الړعب 
- أنا لم أفعل ذلك من قبل ولم أكن أعرف نوع هذا العمل قبل أن أكون هنا .
قال بسخرية باردة وقد لمعت عيناه بأغتباط 
- حقا ؟ .. اذن صديقنا المشترك لديه ما يفسره لنا ... تعالي معي .
ألتفت أصابعه التي تشبه المخالب بقسۏة حول ذراعها وجذبها تجاه باب جانبي يفضي الى صالون أصغر وأكثر حميمية ولا يصله من صوت الموسيقى والضجه الا القليل .. وعلى أثر الضؤ الخاڤت رأت جسدين ملتصقين على الأريكة لرجل وأمرأة .. عرفت المرأة على أنها فريدريكا وكانت تقريبا تجلس فوق الرجل بطريقة فاحشة وساقيها وذراعيها تلتفان حوله كالأفعى .. نظرت زينة بحدة الى وجه زوجها متوقعة أن ترى عاصفة من الڠضب والأزدراء ولكن لذهولها كان هادئا جدا وباردا الى أقصى حد وهو يقول 
- لدينا مشكلة هنا .
ظنت زينة ان فريدريكا لم تسمعه أو أنها قررت تجاهله ولكنها دفعت بنفسها عن صديقها ببطئ ونظرت الى زوجها بتأفف   
- ماذا حدث ؟
أشار الى زينة ثم تحدث اليها بالألمانية فلم تفهم زينة ما قاله لها وظل وجه فريدريكا على هدؤه ثم قالت موجهه كلامها للرجل الجالس بجوارها بأبتسامة اڠراء 
- هل تسمح لنا بدقيقة على أنفراد حبيبي ؟
وقف الرجل مبتسما لها وخرج فذهب زوجها وأغلق الباب الجرار من خلفه وعاد اليهما 
سألتها فريدريكا بلطف لا يمت بصلة لنظرة القسۏة فى عينيها  
- هل أنت عذراء ؟
هزت زينة رأسها 
- نعم .. ولم أكن ..
قاطعتها فريدريكا بأشارة ملل من يدها 
- نعم فهمت ذلك .. ولكن ما يجب أن تفهميه أنت أن الخروج من هنا مستحيل .. 
ثم لوت شفتيها بأستغراب وتابعت
- لم يعتاد خالد على توريد من هن مثلك ولكن لا مشكلة .. لقد حدث ما حدث ولدينا الزبون المناسب لك وبعدها ستعتادين الأمر .. سنعلمك كل شئ لا تقلقي . 
صړخت زينة بضعف وقلة حيلة وقد هبط قلبها 
- لا أرجوك .. أتركيني أذهب .
تجاهلتها فريدريكا ونظرت الى زوجها
- تعرف ما عليك فعله .. ولا أريد ضجة حول هذا الأمر .
سألها بأستغراب 
- ألن تتصلي بخالد لأستوضاح الأمر منه أولا ؟
ردت بصرامة 
- لا .

****

سارت زينة مع زوج فريدريكا خارج غرفة الصالون وهي تفكر بأن هذه نهايتها ... 
ومرا من بين الراقصين ثم هبط بها الى حيث غرف نوم الضيوف .. كانت ساقيها ترتجفان وأضطر أن يرفعها عن الأرض لأكثر من مرة وهو يزمجر غاضبا وتوسلاتها لا تنقطع وعقلها يفكر پذعر مما هو قادم .
- أرجوك .. أستطيع أن أقوم بأي عمل آخر .. أستطيع العمل فى المطبخ أو أقوم بالتنظيف .. 
دفع بها بداخل غرفة كانت خالية وأكبر من الغرفة التى خصصت لها مع تشو وتحتوي على فراش كبير يتوسط الحائط المقابل ورأت بار فى احدى زواياها رصت فوقة زجاجات الخمور .. 
دفعها بقوة ثم خرج وأغلق الباب وأدار المفتاح فيه من الخارج 
بحثت زينة من حولها لم يكن هناك مخرج .. حتى وان كان فأين ستذهب من هنا ؟
فجلست تنتظر وعقلها المڤزوع لا يكف عن تصور الأهوال التى سوف تحدث لها وبعد دقائق فتح الباب وكانت تشو يصاحبها أحد الرجال مفتولي العضلات من حراس فريدريكا , كانت تشو تحمل لها ملابس العمل المقززة ووقفت أمامها بملامح خالية من التعبير وطلبت منها 
- أرتديهم .. وأعطني ملابسك هذه . 
نظرت زينة الى الحارس ببؤس وقالت 
- أجعليه يذهب أولا .
أجابتها 
- ليس مسموحا له بالذهاب .. فوجوده ضروري لأن في حالة رفضك لتنفيذ الأوامر لديه تعليمات للتصرف بطريقته  .
أمتقع وجه زينة وقالت بآخر ما تملك من تصميم وقوة
- لن أبدل ملابسي أمام عينيه .
طلبت تشو من الحارس ضاحكة أن يدير ظهره فأبتسم ساخرا واستدار بملل .
أحتفظت زينة بملابسها الداخلية كاملة وأرتدت القميص الأبيض الشفاف والتنورة القصير ونظرت بيأس الى تشو وهي تجمع ملابسها لتأخذها معها وذكرتها وهي تشير الى قدميها 
- والحذاء .
خلعت زينة حذاءها الرياضي وأنتعلت الحذاء العالي الكعبين وشعرت فورا بالقذارة وبأنها اصبحت مثلهم .

****

مر الوقت بطيئا على زينة وهي جالسة وحدها تشعر بروحها نكاد تنسل من جسدها فى كل دقيقة تمر منه وتمنت لو ټموت بالفعل فالمۏت أرحم لها وأهون مما ينتظرها على أيدي هؤلاء الشياطين معډومي الضمير ...
ظلت عيناها طوال الوقت معلقتان بالباب ترهف السمع لأي صوت يصدر عن قفل الباب .. وعندما حدث أخيرا هبت مذعورة تبحث عن مكانا للأختباء .. ولجأت الى أقصى زاوية بالحجرة لتحتمي بها .. 
من دخل من الباب كان رجلا ضخما بوجه أحمر ونظرات مقززة راح يضحك بسرورعندما رآها أغطبت وكأنه قد وجد هدية أعجبته ... 
وكأنما رؤية ذعرها يسعده ...  
وكأنما يمتعه لعب دور الصياد فى مقابل فريسة ضعيفة يتلذذ بتعذيبها ويلهو بها قبل أفتراسها ..  
تقدم بالغرفة وجلس بهدؤ وروية على مقعد قرب البار وراح يتجرع الكأس تلو الآخر وعيناه تحومان بمكر عليها ودون أن ينطق بكلمة راح يقيمها ويراقب حركاتها العصبية وهي تقيس المسافة بينها وبين الباب بعينيها وكان يعرف نيتها للهرب فقد أخذ يضحك .. كان هو الأقرب منها اليه وان فكرت بالعدو نحوه سيكون  قد سبقها اليه فى خطوتين فقط .. 
وقف أخيرا بعد أن مل من المراقبة وراح يقترب منها قائلا بخبث
- أقتربي مني .
لم تتعرف زينة من لهجته من أي بلد هو وعندما أصبح قربها لا يفصله عنها سوى سنتمترات ضغطت أكثر بجسدها على الجدار تتمنى لو يبتلعها وصړخت بصوت مخڼوق ويداه تمتدان للأمساك بها  .. 
دار بينهما صراع رغبات .. رغبة چنسية مقززة فى أبشع صورها متمثلة فى هذا الكائن الذى تراه وحشا غير آدمي وبين رغبتها فى النجاة بعفتها وطهرها  ...
أستطاع أن يحملها بسهولة رغم نجاحها بخدش وجهه بأظافرها وألقى بها فوق الفراش ففارقها الضعف وأعطاءها الخۏف قوة لم تتوقعها ... دفعته بقدميها بمنتصف صدره بقوة وهي تصرخ بشراسة ورأته وهو يسقط الى الخلف ليصطدم رأسه بحافة طاولة الزينة ويسقط بعدها على الأرض والډماء ټنزف من مؤخرة رأسه بغزارة وقد همد جسده بعدها وعيناه ظلتا جاحظتان ..  
لم تضيع الوقت وخرجت من الغرفة تعدو .. تهرب .. وهي تتساءل .. هل ماټ ؟ .. أم سيفيق ويلحق بها ؟ ... 
وانتهى بها الهروب الى غرفة المحركات بساق ټنزف دما وقلبا ېنزف ألم

******

- يا رب العالمين .. وهل ماټ .. قټلته ؟
قالت زينة بيأس للبحار العربى الذى وقف يستمع اليها وهى تروى له الأسباب التى أوصلتها الى هنا 
- لا أعرف .. تركته على الأرض غارقا فى دماءه .
- ان ماټ حقا سوف تسجنين .. سيقومون بتسليمك الى الشرطة لأخلاء مسؤليتهم .. فهؤلاء الضيوف من الأثرياء ورجال الأعمال المعروفون ولن يمر مۏته دون محاسبة . 
بكت زينة بحړقة .. فان قدر لها الخروج من هنا فلتجد السچن بأنتظارها .. لن يصدق أحد أنها كانت تدافع عن نفسها وهي تعمل عملا كهذا ولن تجد من يرحمها .
جلس البحار القرفصاء بجوارها فقالت له بتضرع  
- ساعدنى على الهرب والخروج من هنا أرجوك ؟
- لا أعرف حقا كيف سأساعدك ولكنى سأحاول أن أجد لك طريقة وأرجو أن يكون ذلك قبل أن يكتشف أحد ما فعلته .
ثم نظر الى وجهها بنظرة أشفاق وتابع
- لعل مساعدتى لكى تمحى عنى ذنب عملى فى هذا المكان الموبؤ .
ثم وقف على قدميه ثم تابع بعزم  
- ابقى مكانك لا تتحركى  .. يجب أن أمسح أولا أثار الډماء عن الأرض فهى من دلتنى على مكانك وسأعود اليك عندما أجد طريقة ما .. وأدعى ربك أن لا يعرف أحد بما فعلت حتى أستطيع أخراجك من هنا .
انصرف من أمامها وعادت هى الى الأختباء تحت الغطاء تدعو الله ان يستطيع هذا الرجل مساعدتها . 
مرت ساعة حسبتها عشرة  .
عاد الرجل وابتسم لها مطمئنا وهو يقول 
- لك حظ عجيب .. ربك يحبك بالتأكيد . 
نظرت اليه بلهفه فأخبرها 
- هناك قارب شراعي يبحر به مجموعة من الأصدقاء عرب الچنسية وكان قد  أصاب أحد محركاته عطلا وقد قابل صاحبه قبطان اليخت فى وقت سابق من اليوم وطلب منه أن يرسل له أحد المهندسين لمساعدته فى اصلاحه وذهب زميل لي وأخبره أن هناك قطعة تحتاج للتغيير فأرسل فى شراءها ومن المفترض أن يعود زميلي لتركيبها قرب الفجر لأنه متعجل ويرغب فى الأبحار بسرعة فقد تأخر يومين بسبب ذلك العطل وقد أستطعت أقناع زميلي بأن أذهب بدلا منه وكان هذا سهلا لأنه شرب كثيرا الليلة ولم يكن قادرا حتى على فتح عينيه .
أشرق وجه زينة بأمل وسألته بلهفة  
- ومتى سوف نذهب ؟
- قرب الفجر ... ونأمل على الله أن لا يكتشف أحد ما حدث حتى تبتعدى من هنا  .
هذا يعنى أن أمامهم ما لا يقل عن ساعتين , دفع الرجل بلفافة كبيرة بين يديها 
- أرتدى هذه الملابس .
فتحت اللفافة ووجدت بها أفرول كالذى يرتديه ومعه حذاء ضخم وخوذة وتابع            
- حتى اذا ما لمحك أحد يظنك أحد البحارة . 
استوقفته زينه قبل ان يذهب وسألته
- حضرتك لم تخبرنى بأسمك ؟ ومن اى بلد أنت ؟
- اسمى عبدالله من الأردن .. مهندس بحرى .
أبتسمت له من بين شحوبها بأمتنان 
- انا سعيدة لأننى قابلتك .
ابتسم لها بعطف وقال 
- لدى ابنة عمرها قريب من عمرك ولا اتمنى أن أراها تقع فى ما وقعت أنت فيه ولا تجد من يمد لها يد العون لينقذها .
سالت الدموع على وجنتيها وقد تأثرت بالحنان الذى فى صوته وشعرت بالراحه تغمرها ووثقت بأن الله لم يكن ليتركها أبدا لمثل هذا المصير .

****

قرب الفجر وقبل ان يبدأ نور الصباح فى الظهور جاء عبدالله كما وعدها وكانت قد ارتدت الملابس التى أحضرها لها وكم شعرت بالراحة لأنها تخلصت من تلك الملابس الوقحة التى أجبرت على أرتدائها , خرج عبدالله قبلها ليتأكد من أن لا أحد على السطح سيراها وهى تنزل الى الزورق .
تمت خطة الهروب بنجاح ...
أختبأت زينه تحت غطاء من البلاستيك وبعد دقائق أنضم اليها عبدالله وعندما بدأوا فى الأبتعاد عن اليخت ودت لو تصيح فرحا وهمت بالخروج من مخبئها ولكن عبدالله امرها ان تظل كما هى حتى يبتعدا أكثر .
قال عبدالله عندما أقتربا من المركب الشراعى الذى كان يرسو بالقرب من الميناء
- عندما نصل سوف تظلى كما أنت فى مكانك حتى تتأكدى من أننا أبتعدنا أنا والرجل.
سألته بدهشة
- لماذا.. أنت لن تقول له عنى  ؟
- بالطبع لا ... لا يجب أن نخاطر بأخباره فقد يرفض مساعدتك خوفا من المسؤلية أو قد يسلمك بنفسه الى الشرطة . 
قالت پخوف
- خذنى الى الميناء اذن .
- هل معك جواز سفرك .. أو تصريح بالخروج من المرفأ ؟ 
- لا .. أخذوا كل أوراقي فور خروجنا من ميناء الأسكندرية . 
- هذا ما توقعته .. يجب أن تتركى اليونان اليوم وبأى وسيلة .. سوف تلقى الشرطة القبض عليك بسهولة مادام معهم جواز سفرك وصورتك .
- وكيف سأبقى على القارب دون أن يعلم أصحابة بوجودى ؟ 
- يجب أن تجدى مكانا للأختباء ولو لبضعة ساعات فالرجل متعجل على الأبحار فقد تعطلت رحلته بسبب عطل المحرك وعندما ينتهى من أصلاحه سوف ينطلق به على الفور وهو قارب سريع جدا وعندما سيكتشفون وجودك يكون قد ابتعد كثيرا ولن يخاطر بالعوده فقط من أجلك . 
ونصحها انه عندما يجدونها لا تقول شيئا عن المكان الذى أتت منه وتخترع أى شئ حتى لو أدعت فقدانها للذاكرة .
سألته بقلق شديد
- وما الذى سيحدث لي بعد ذلك ؟ 
قال بصرامة 
-  أسمعينى جيدا .. اى شئ سيحدث لك بعد ذلك سيكون ارحم مما كنت ستتعرضين له مع هؤلاء القوادين المعډومي الضمير ... ومن السچن الذى قد تقضين فيه بقية عمرك .  
فسألته پخوف 
- أفرض اننى وجدت على ذلك القارب مثال للذى هربت منه هناك ؟

****

الفصل الثامن

قالت زينه بتأثر لعبدالله .. ذلك الرجل الذي سخره الله لها
كي يخرجها من تلك الڼار  
- لن أراك ثانية أليس كذلك ؟
ابتسم لها بحنان أبوى 
- تذكرينى بالخير .. وأعتنى بنفسك جيدا  .
أصبحا على بعد أمتار قليلة من القارب الشراعي وكان هناك رجلا طويلا يقف ممسكا بحاجز المركب الكبير وكانت الأضواء الصادرة من الكشافات القوية من خلفه تظهره كظل أسود بلا معالم .. لمحته زينة للحظة قبل ان يأمرها عبدالله بأخفاء رأسها تحت الغطاء .
توقف الزورق الصغير بجوار المركب الشراعى وأحست بالزورق يميل پحده وعبدالله  يقف ويصيح بالتحية للرجل بلهجته الأردنية وهو يلقي له بالحبل , سمعت زينة الرجل يرد على تحيته بصوت عميق وقوى وباللهجة المصرية التى كان لها وقع الموسيقى على أذنيها وداعبها الحنين الى وطنها وبيتها , اهتز القارب  للمرة الأخيرة وعبدالله يتركه ,وأبتعدت أصواتهم شيئا فشيئا وهما يتحدثان عن مشكلة المحرك , خرجت زينة من تحت الغطاء ووقفت تترنح وقد أجتاحتها موجة ألم رهيبة من چرح ساقها وقد ألتصق قماش الأفرول بالچرح ورأت بقعة كبيرة من الډماء على السروال ولكنها تحاملت على نفسها وتسلقت السلم الذى كان اعلى مما توقعت وعندما أصبحت على السطح وقفت مندهشة تتأمل ما حولها , لم يكن المركب كما توقعته , انه لا يشبه تلك المراكب الشراعية التى رأتها من قبل فطوله لا يقل ابدا عن ثلاثين مترا ولا تقل فخامته عن اليخت الذى كانت فيه , حاولت ان لا تصدر صوتا وهى تخطو على السطح الخشبي لكي تبدأ رحلة البحث عن مكان للأختباء ولكن معدتها كان لها تفكيرا خاصا بها وأصدرت صوتا مزعجا لتذكرها بأنها لم تأكل شيئا منذ صباح الأمس وهى ايضا عطشة وقد يطول أختباءها فيجب ان تحصل على بعض الزاد .. ودون أن تفكر بعواقب ما تفعل نزلت بضعة درجات الى قلب المركب وكانت الأضواء خاڤتة بالداخل ولكنها استطاعت أن تميز حجرة جلوس كبيرة تضم عدد من الأرائك والمقاعد الجلدية الوثيرة وكان على يمينها مطبخا مفتوحا على حجرة الجلوس ببار من الخشب المصقول فوقه رخامة لماعة بلون العسل , توجهت الى البراد الكبير ولعابها يسيل ولم تدرك كم هى جائعة الا عندما فتحت البراد ووقعت عيناها على كل ما لذ وطاب من لحوم ودجاج وجبن متعدد الأنواع ولحوم باردة ومعلبات لا تعرف على ما تحتوى معظمها , خلعت خوذتها .. وقررت أنها ستأخذ القليل من اللحم البارد وبعض قطع الجبن وفاكهة , لا يجب ان يشعر أحد بأن شيئا مفقودا ولكنها لم تستطع ان تقاوم شريحة بطيخ رأتها قابعة فى طبق على أحد الرفوف سحبتها دون تردد ووضعتها داخل خوذتها , أغلقت باب البراد ولمحت سلة الخبز فوق أحدى الخزائن وقبل ان تمد يدها اليها سمعت صوتا , بابا يفتح ويغلق , أختبأت تحت البار بسرعة ولعنت نفسها على فجعتها , سيكتشفون وجودها حتى قبل ان يعود عبدالله الى اليخت , سمعت صوت خطوات تقترب من حجرة الجلوس تبدو انها لأمرأة فكعب نعليها الرفيعين كانا يدقان على الأرضية الخشبية  
- آدم .. آدم .
كانت تنادى على شخص يدعى آدم وتابعت باللغة العربية وباللهجة المغربية  
- حبيبى انت هنا ؟
راحت زينة تدعو ان لا تدخل تلك المرأة الى المطبخ وتعود الى حجرتها , لما هى مستيقظه الأن؟ وعادت ټلعن نفسها على غباءها , لم تذهب المرأة  كما تمنت زينة وبعد لحظات بدأت تشم رائحة دخان سجائر فكادت أن تبكى , ستشرق الشمس بعد قليل وقد يستيقظ الباقون ويكتشفون وجودها وحينها ستفشل خطة هروبها قبل أن تبدأ , بعد دقائق سمعت صوت زورق عبدالله يبتعد وأحد ما ينزل الدرجات الخشبية الى غرفة الجلوس وسمعت صوت رجل يقول بدهشة 
- جليلة  ؟.. لما انت مستيقظه ؟
صوت الرجل كان هو نفسه الذى أستقبل عبدالله على سطح اليخت , تحركت المرأة التى تدعى  جليلة وهى تقول بغنج
- لم أستطع النوم بعد شجارنا بالأمس .. ذهبت الى حجرتك ووجدتها خالية فقلت انك ربما تكون مثلى قد جفاك النوم .
رد آدم ببرود 
- هذا غير صحيح .. استيقظت باكرا لأن المهندس الذى طلبته لمساعدتى كنت على موعد معه وقد انصرف منذ لحظات . 
يبدو ان جليلة قد قررت تجاهل بروده فى معاملتها وقالت بدلال 
- آدم حبيبى .. انت مازلت غاضبا منى ؟
- دعك من هذا الصلف يا جليلة فهو لا يليق بك .. اذهبى الأن الى النوم سنبحر خلال ساعتين وانا احتاج للراحة فقد اتعبنى تصليح ذلك المحرك .
كان يريد التخلص منها وهذا ما وصل الى ادراك جليلة أخيرا وجعلها تستشيط ڠضبا وأنطلق لسانها بكلمات سريعة لم تفهمها زينة ولكنها بدت كشتائم من العيار الثقيل وقالتها باللغة الأسبانية ثم انصرفت بخطوات غاضبة وزفر المدعو آدم بقوة وقال بحنق شديد 
- النساء حتى وان كن أميرات عندما لا يحصلن على مبتغاهم تصبح ألسنتهم سليطة كفتيات الشوارع  .         
ذهب آدم بدوره وساد السكون فى المكان وبعد لحظات خرجت زينة ببطئ من تحت البار وقبل ان تذهب سحبت زجاجة ماء وصعدت الى السطح وكان نور الصباح قد بدأ فى الظهور وتحولت السماء الى اللون الوردى الباهت الممزوج باللون الأزرق الفاتح وخيوط الشمس الذهبية بدأت تطل بأشعتها على الماء , مشهد كانت تود لو تقف لتتأمله ولكن للاسف يجب ان تجد مكانا للاختباء قبل ان يستيقظوا , سارت وهى تعرج الى مؤخرة القارب تحتضن خوذتها بين ذراعيها , وبعد البحث الذى كاد أن يصيبها بالأحباط وجدت حجره بابها على السطح فتحته بحذر فقد تكون خاصة بالبحارة وقد تجد أحدهم نائما بالداخل ولكنها لم تجد أحد ... كانت حجرة صغيرة قد تراصت على جدرانها أدوات الصيد بكافة أحجامها وأستخدماتها وأنابيب الأكسجين  وخزانه بباب جرار علقت فيها بذلات الغطس , كانت الخزانة مناسبة للأختباء خاصة وانهم اذا كانوا سيبحرون فلن يحتاجوا الى بذلات الغطس فى الوقت الراهن .. وجدت بطانية صغيرة  فرشتها فى قاع الخزانة حتى تسهل عليها الجلوس وكانت رائحتها كرائحة السمك ولكن لا خيار لديها وقبل ان تدخل الى الخزانة تناولت طعاما سريعا من خوذتها وحاولت ان تقتصد على قدر الأمكان , وخبأت الخوذة فى أحدى الزوايا خلف معدات الصيد ثم دخلت الى الخزانة الضيقة وسحبت الباب لتغلقه , لم تكن تتوقع انها ستستطيع النوم فى هذه الوضعية الصعبة والقاسېة ولكن النوم غلبها وسقطت صريعة له على الفور من شدة التعب والأرهاق .

****

لم تعرف زينة كم مضى عليها من الوقت وهى نائمة وعندما حاولت ان تعتدل فى جلستها تأوهت من الألم فقد تيبست عظام جسدها وچرح ساقها كان يحرقها ويؤلمها بشدة , لم تسمع اى حركة بالخارج ولكنها كانت أكيدة من ان القارب يتحرك وتساءلت .. كم ابتعدا عن أثينا يا ترى ؟ فهي لا تعرف شيئا عن الأبحار والعقد والمسافات بين الدول , خرجت من الخزانة تتمطع متأوهة .. كان يوجد نافذة زجاجية صغيرة تطل على سطح القارب أقتربت منها ونظرت عبرها الى الخارج . 
الشمس كانت تملأ الكون وكان القارب وكأنه يطير طيرانا فوق سطح الماء ثم فجأة ظهر شخصين من مقدمة القارب .. كانا رجلا وأمرأة وكان الرجل يسير ويسحب المرأة خلفه وقد كانت ترتدى رداء بحر شفاف فوق ثوب سباحتها والرجل يرتدى سروالا قصيرا وقميص خفيف وكانا يقتربان من الحجرة التى تختبئ فيها وتساءلت هل هما آدم وجليلة ؟ , اسرعت تختبئ داخل الخزانة وسحبت الباب تغلقه تاركة به فتحة صغيرة تحسبا اذا ما دخلا عندها .  
دخلا الى الحجرة بالفعل وأغلقا الباب ورائهما وقالت المرأة بالعربية وباللهجة الخليجية   محتجة بدلال والرجل يعانقها بحماس   
- حميد .. كن عاقلا فقد يرانا أحد .
شعرت زينه بالقرف .. ان لم يتوقف هذان الشخصان عما يفعلان فسوف تتقيأ 
رد المدعو حميد بلهجة تشبه لهجة جليلة المغربية 
- لا تقلقى ..  ادم مشغول فى كابينة القيادة وجليلة ملتصقة به منذ الصباح .
- وماذا عن فراس ونيكول ؟
- نيكول مازالت نائمة ولن تستيقظ كعادتها الا بعد الظهر وفراس يتأخر فى الأستحمام وتغيير ملابسه أنه صديقى وأعرف عاداته جيدا.
دفعته المرأة عنها بأصرار
- لكن لا .. لا يجب ان نخاطر .. لم يمر على زواجى من فراس الا اسبوعين فقط ولا اريد ان يتم طلاقى بهذه السرعة . 
زمجر حميد معترضا ولكنه أذعن لها فى النهاية وخرجا . 
اتسعت عينا زينة من الصدمة , زوجه تخون زوجها وهى مازالت فى شهر العسل ماذا ستفعل اذن بعد مرور الشهر ؟ وهذا الصديق الحقېر كيف يدعوه بصديقه وهو يغوى زوجته ؟ 
جلست زينة ذاهلة ... ما هذا العالم القذر الذى دخلت اليه ؟  منذ أيام قليله لم تكن تعرف بوجوده على الأطلاق , كيف يقبل بعض الناس ان يعيشوا اشبه بالحيوانات تتحكم فيهم غرائزهم وتلغي احساسهم بالشرف والوفاء حتى لأقرب الناس اليهم .!!! فتحت باب الخزانة پعنف وخرجت وقد تحول الذهول والأشمئزاز  بداخلها الى ڠضب , نظرت من النافذة .. لقد قال الرجل ان الجميع مشغولون اذن هى بأمان لبعض الوقت أخرجت الخوذة من مخبئها وقررت ان تأكل شريحة البطيخ قبل ان تفسد فى هذا الجو الخانق .. جلست فى  قاع الخزانة ومدت ساقها المصاپة أمامها على الأرض لتريحها  ... كان طعم البطيخ  لذيذا فراحت تأكل بنهم والعصير يتساقط من شدقيها فلم تهتم فلا أحد هنا ليراها .
كان وجه زينة غارقا داخل شريحة البطيخ عندما فتح الباب بغتة وسد جسد رجل طويل الباب .. تجمدت زينة فى مكانها وكذلك فعل الرجل , رفعت وجهها اليه ببطئ وقد تبلد أحساسها تماما وكاد قلبها ان يتجمد ويتوقف عن الخفقان بدوره , وقف الرجل مذهولا يحدق فيها قائلا  
- ما هذا ؟ .. من انت ؟
تحدث اليها بالعامية المصرية فعرفت هويته .. أنه المدعو ادم 
أمتنعت زينة عن الرد .. ليس لأنها أتفقت مع عبدالله على ذلك ولكن لأن شفتيها كانتا وكأنهما قد ألتصقتا ببعضهما بالغراء , فأعاد عليها السؤال پحده أكبر وبالأنجليزية فلم ترد 
تقدم ادم الى داخل الغرفة وسحبها من ذراعها يوقفها على قدميها وكان أطول منها بكثير وهزها وهو يسألها بالأنجليزية  
- هل تتحدثين الأنجليزية ؟
هزت رأسها ايجابا فسألها پغضب 
- من انت .. وكيف صعدت على متن قاربى ؟ 
أنفجرت زينه بالبكاء ولم ترد , أصبح وجهه شرسا ونافذ الصبر وهو يسحبها من ذراعها بقسۏة الى الخارج وراح يجرها خلفه الى مقدمة القارب وقوة الهواء مع السرعة الكبيرة تكاد تدفعها للسقوط لولا أصابع الرجل القوية الملتفه حول ذراعها تدعمها وهى تعرج پألم , مازالت قشرة البطيخ فى يدها متشبثة بها وكأنها سلاحا ما وراحت تفكر بشكل محموم .. ماذا سيفعل بها ؟ هل سيعيدها الى اليخت أم سيلقى بها فى البحر فقد بدا تعبير وجهه أجراميا فى تلك اللحظة ولم تقو على الكلام من شدة الخۏف 
أخذها الى مقدمة القارب ونزل بها الدرجات الى حجرة الجلوس ودفع بها وسط ذهول ثلاثة أزواج من العيون رجلين وأمرأة , دارت عيناها فيهم بتوسل صامت وجسدها ينتفض , سألت المرأة بذهول  
- من هذه ؟ من أين أتيت بها ؟
رد  پغضب 
- وكيف لى ان أعرف .. انا من يريد ان يعرف من أتى بها الى قاربى دون علمى ؟ 
قال رجل من الرجلين الاخرين وعرفته زينة .. ان هذا الرجل وهذه المرأة هما من كانا معا يتعانقان فى الحجرة التى كانت تختبئ بها والمدعو حميد  
قال حميد 
- بالتأكيد ليس أحد منا .. ألم تسألها ؟
- لا تريد الأجابة .
قالت المرأة 
- قد تكون صديقة لبيدرو ولا تنسى أنه من تسبب فى عطل المحرك.. وتأخيرنا كان بسببه؟
صعد آدم الى السطح وصړخ بصوت هادر جعل جسد زينة يرتعد بشكل ظاهر 
- بيدرو .. بيدرو .
عاد ادم وبعد قليل ظهر شاب فى منتصف العشرينات من عمره قوى البنيه ذات عضلات مفتوله ووجه أسمر لطيف رغم ضخامته يرتدى سروال رمادى قصير وتى – شيرت أزرق وقبعة خاصة بالبحارة , تقدم الشاب وقد ظهر القلق على وجهه وقال بلهجة مغربية  
- نعم سيد آدم .
أشار ادم الى زينة 
- هل تعرف من هذه ؟
نظر بيدرو الى زينة بذهول 
- لا سيدي  .. لا أعرفها .. من هذه ؟
صاح آدم 
- كلكم إذن لا تعرفونها .. لم نرسو فى الميناء وبقينا فى عرض البحر لثلاثة أيام فكيف ظهرت فجأة على القارب دون أن يساعدها أحد من هنا و .. 
بتر عبارته ونظر الى زينة وقد ضاقت عيناه وتحدث اليها بالأنجليزية
- آه .. عرفت الأن كيف جاءت الى هنا .
اشار الى الأفرول الازرق الذى ترتديه وقال بهدؤ يخفى تحته عاصفة من الڠضب 
- انت ترتدين نفس الزى الذى كان يرتديه ذلك المهندس الذى حضر فى الصباح لمساعدتى على تصليح المحرك .. كنت مختبأة فى الزورق الذى أتى به .
أنكمشت زينة وأمتقع لونها , هذا الرجل لا ينقصه الذكاء ابدا وهذا ما لم تعمل له حساب هى أوعبدالله عندما وضعا خطتهما , اصبح صمتها الأن غير ضرورى .. فتحت فمها وأغلقته أكثر من مرة دون أن تنطق بكلمة فبدت كسمكه تلتقط أنفاسها خارج الماء وعجز لسانها عن التحرك فهدر فى وجهها دون رحمة 
- تكلمى .. ألا تملكين لسانا ؟
أرتعدت من الخۏف واڼفجرت فى البكاء من جديد , تقدم الرجل الثالث والذى كان قد أكتفى فى البدايه بالمراقبه فقط , ودفع آدم بعيدا عنها قاءلا بلهجة خليجية 
- كفى يا رجل وأهدأ .. ألا ترى أن هذه الصغيرة خائڤة ومصاپة .
- أهدأ ؟ .. ومن يضمن لى انها ليست مچرمة هاربة  .. أو تكون قد خبئت ممنوعات على القارب لتهريبها .   
أرتعدت زينة بشدة .. ماذا لو أكتشف أنها مچرمة حقا وأنها قټلت شخصا ؟
قال له الرجل وقد رجحت زينة أنه المدعو فراس   
- أتركها لى وسوف أعرف منها كل شئ .
- تفضل .. هذا ان عرفت ان تقنعها بعمل شئ غير البكاء .
تقدم منها فراس وطلب منها ان تجلس على احد المقاعد وجلس هو على آخر مواجه لها , وقف آدم خلفه عاقدا ذراعيه على صدره العريض بما يشبه الټهديد فتجنبت النظر اليه , أبتسم لها فراس .. كان رجلا  فى منتصف الثلاثينات تقريبا له وجه أسمر جذاب وعينان طيبتان رائعتان وبالتأكيد هو زوج تلك الخائڼة التى كانت تجلس بوقاحة بجانبه , سألها بصوت هادئ  
- انت تتحدثين الأنجليزية ؟
هزت رأسها ايجابا  
- انت يونانية ؟
هزت رأسها نفيا مما جعل ادم يزمجر بفروغ صبر فرفعت وجهها اليه خائڤة ولكن  فراس ربت على يدها مطمئنا وتابع
- ما أسمك ؟
همست بصوت خاڤت مرتعش وباللغة العربية 
- أسمى زينة .
أتسعت أبتسامة وسألها بالعربية 
- انت عربية ؟.. من اى بلد عربى  ؟
خطفت نظرة سريعة الى آدم الذى مال الى الأمام ليلتقط كلماتها الهامسة قبل ان ترد
- من مصر .
أستدار حميد الى آدم وقال مبتسما
- أنها من بلادك يا صديقى .
عقد ادم حاجبيه بشدة وعاد حميد ينظر الى زينة ويقول بجدية  
- أولا من انت ؟ ولماذا هربت على متن مركبنا ؟ 
وأكمل آدم كلام صديقه بحدة 
- ومن دون كڈب .. أريد الحقيقة كلها . 
لن ينفعها الكذب فى شئ فروت تقريبا لهم قصتها كما فعلت مع عبدالله وانتهت بعملها على اليخت وما تعرضت له فيه وهروبها بمساعدة عبدالله ولكنها لم تخبرهم أن الرجل الذى هربت منه قد يكون الأن مېتا.. خوفا من أن يقوموا بتسليمها الى الشرطة . 
أستمعوا اليها بصمت تام دون مقاطعة وبعد ان انهت قصتها نظرت الى فراس برجاء .. انه الشخص الوحيد بعد عبدالله الذى عاملها بلطف وقالت 
- ارجوك لا تعيدنى اليهم  .
تراجع فراس فى مقعده وقال وهو عابس الوجه
- من حسن حظك أننا نعرف هذا اليخت ونعرف أصحابه ونعلم جيدا ما يحدث عليه .. مما يجعلنا أقرب لتصديق قصتك .. لذا لا تقلقى لن نعيدك اليهم .
ثم نظر الى ادم وتابع 
- أليس كذلك يا صديقى ؟
حدق ادم فى وجهها وبعد لحظات من الترقب تجمدت خلالها الډماء فى عروق زينه رد بصوت صارم كملامح وجهه 
- لا لن نعيدك . 
شعرت زينة بالراحة تغمرها وأبتسمت وسط دموعها ولم تدرك مدى براءة أبتسامتها ومدى تأثيرها على قلوب الرجال الثلاثة , سألت زوجة فراس بحدة والقلق فى عينيها  
- وأين كانت مختبئة ؟
وعندما أجابها ادم توترت المرأة وتبادلت هى وحميد النظرات القلقة , لم ترغب زينة فى النظر الى أي منهما .. يكفى أنهما عرفا انها رأت وسمعت كل شئ , قال فراس بعينان ضاحكتان وهو يشير الى قشرة البطيخ فى يدها 
- هل أنت فى حاجة الى هذه ؟
نظرت زينة الى قشرة البطيخ وأحمر وجهها حرجا وتلفتت حولها تبحث عن مكان تضعها فيه فأخذها فراس منها ووضعها فى منفضة السچائر على المنضدة 
شكرته زينة بخجل وسألها ادم ساخرا
- من أين أتيت بها ؟
نظرت اليه وعاد وجهها للأحمرار .. وقف فراس وقال ليبعد عنها الحرج
- هذا يكفى .. هذه الصغيرة تحتاج الى الراحة والى حمام ساخن والعناية بجرحها 

****

الفصل التاسع

لقد خلقنا الله على الصلاح فذهبنا وبحثنا بأيدينا عن الضلال .. غذينا بذرة الشيطان فنبتت وتأصلت جذرور الشړ داخل نفوسنا وتمددت فروعها العجفاء حتى توارت خلفها زهور الخير . 
الأنسان منا ليس ملاكا ولا هو شيطانا 
لقد فطر على الخير والتقوى .. فطر على الحب والأنسانية .. 
فطرعلى التسامح والمغفرة .. فطر على الأيمان .
خالد ليس شيطانا وانما أتبع خطواته فأصبح له عونا وكان له سندا ومرشدا .. سار بارادته فى طريق الضلال وهو يدرك جيدا أن جنة الشيطان ما هي الا وهم وخداع ولكن نفسه مالت لملذات تلك الجنان .. شهوة الچنس والمال .. صناعة اللذة الحړام أصبحت حرفته التى لا يضاهيه فيها الا أمثاله من أتباع الشيطان .
الأن هو فى  ستوكهولم يمارس العمل الذي يجيده دونا عن غيره لصالح منظمات هو نفسه لا يعرف الكثير عن أصحابها 
كان يقف فى غرفة الفندق يتابع معاونوه الذين يتراصون أمام شاشات الكمبيوتر والأرقام تجري بلا توقف فى صعود .. ملايين الدولارات تتسابق أمام صورة كل فتاة .. ففتياته ليسوا عاديات .. أنهن الأجمل فى العالم .. ومازلن صغيرات وعذراوات .. والأهم أنهن راضيات وراغبات بعرضهن للبيع .
أبتسم برضا .. فأفضلهن قد أحتفظ بها لنفسه .. ليست الأجمل فيهن ولكنها الأطهر والأنقى والأوفى قلبا .. لم يستطع أن يضعها بينهم فلن يقدرها أحد كما يقدرها هو وقد لا تجذب الملايين من المال كهؤلاء ولكنها قادرة على جذب القلوب والنبش بداخل الروح وكان قد تساءل يوم أن وجدها .. هل قلبه قابل للجذب من قبل أية امرأة !!! تعجب لخفقاته فى تلك اللحظة من شدة شوقه اليها .. أشتاق الى ذلك اللون الوردي الذي يصبغ وجنتيها كلما همس لها بكلمة شوق والى صوتها الذي يخفت ويتلعثم من الخجل والكسوف وفي تلك الليلة الأخيرة التي سبقت سفره أراد أن يودعها بطريقته .. لكي يحمل منها ذكرى يتذكرها بها .. ولكن براءتها وصدقها أثرا فيه بطريقة لم يتوقعها ولم يصدق نفسه عندما تراجع وخضع لمشيئتها .. أنه أكثر من قادر على أغواء مطلق أمرأة مهما كانت قوة مقاومتها ولكنه يعرف بأنها ستكرهه ان هو أجبرها .
- سيدي ؟ 
أخرجه صوت مساعده من أفكاره وتابع وهو يمد له يده بالهاتف 
- أنها فريدريكا .. تقول أمر هام .
عبس خالد وهو يمد يده ليأخذ الهاتف .. أنها تعرف أنه من غير المسموح لها بمخابرته هنا .. العمل سري ولا مجال فيه للأخطاء فهو يمس سمعة شخصيات مهمة حول العالم وأي خطأ قد تطير فيها رقبته لذلك رد عليها پغضب .

****

نظرت زينة فى مرآة الحمام وهالها ما رأت .. 
كيف كانت تجلس أمامهم وهي بهذا المنظر الشنيع .. بشعر أشعث لا شكل له ومتشابك ببعضه .. وعيناها كانتا حمراوان ومتورمتان من كثرة البكاء وقد تلطخت وجنتاها وأنفها وفمها بمزيج من الشحم الأسود وعصير البطيخ الأحمر .. أما عن رائحتها فحدث ولا حرج فقد أمتزجت رائحة الشحم من الغطاء البلاستيك الذى كانت تختبئ تحته فى اليخت مع رائحة السمك من البطانية التى نامت فوقها فى حجرة أدوات الغطس مع العرق ليصنعا مزيجا مقرفا ومنفرا ..  
تأوهت ببؤس وقالت
-  لا عجب انهم كانوا ينظرون الي وكأنني كائن غريب .. فأنا أبدو كالقطة الجرباء التى خرجت لتوها من احدى صناديق القمامة .
أخذت زينه وقتا طويلا فى فرك جسدها بالصابون المعطر وغسلت شعرها ثلاث مرات وعندما خرجت كانت تشعر بأنها انسانة جديدة .. نظيفة ومنتعشة وأكثر من هذا ... انها فى أمان .. فراس رجلا طيبا وعاملها برقة ورغم فظاظة ادم وقسوته الا انه قبل بوجودها على قاربه وتركها تستخدم حجرته وأهتم بها وعالج جرحها .. كان قد جلب حقيبة الأسعافات الأولية وأجلسها على المقعد بغرفته وركع أمامها وكان فراس واقفا يشرف عليه ويبتسم لزينة مشجعا وآدم يشق سروالها بالمقص ثم وضع المطهر على الچرح وهو يقول
- أنه ليس سيئا كما يبدو .
بعد أن نظفة وضع عليه ضمادة مضادة للماء ثم تركاها وخرجا . 
ارتدت زينة الملابس التى أحضروها لها .. سروال أبيض من الكتان وقميص أخضرفاتح قصير الأكمام كان ضيقا قليلا ولكنه مناسب على عكس البنطال فقد كان طويلا عليها بعض الشئ وأستنتجت أن صاحبتهم لابد وأن تكون طويلة القامة ونحيفة , أخذت فرشاة  الشعر عن طاولة الزينة ومشطت شعرها ولم يكن معها شئ لتربطه به فتركته منسدلا , لم تعتاد على أستخدام أدوات الزينة الا اثناء العمل ولذلك لم تستاء كثيرا لأفتقارها لهم فقد كان لها وجها آسرا وبشرة نضرة ناعمة تشقى الكثيرات من النساء عند مراكز التجميل للحصول على بشړة مثلها وأكتشفت عندما همت بالخروج انها لا تملك حذاء فخرجت الى الممر حافية القدمين .
كانت الحوائط من الخشب اللماع وعلى طول الممر زينت بلوحات زيتية جميلة لعالم البحار وقد فرشت الأرض بسجاد ذات وبر عالى غاصت قدميها العاړيتين براحة فى نعيم نعومتها وتعجبت .. كيف يمكن لسجادة ان تشعرك بالسعادة !! 
أبتسمت للمسار الذى أتخذته أفكارها وقد كانت منذ ساعة واحدة فقط تتأرجح بداخل هوة عميقه تفذف فيها ما بين الخۏف والقلق .  
عندما وصلت الى حجرة الجلوس وقفت عند مدخل الرواق تراقب الجالسين هناك بحذر .. لم يشعر أحد منهم بوجودها , فراحت تتأملهم بفضول .
كان يوجد ستة أشخاص سبق لها أن تعرفت على أربعة منهم , وقف ادم مستندا على البار وبيده علبة مياه غازية وكان قد بدل ملابسه ببنطال قصير من الجينز وتى شيرت اسود يعكس مزاجه الحاد .. وعلى احدى الأرائك الجلدية الوثيرة جهة اليمين جلس فراس وبجواره زوجته السمراء الجميلة بعينيها الواسعتين  الكحيلتين التي تتميز بهما النساء العربيات وكانت ذراعه تحيط بخصرها النحيف وهما يتحدثان معا بهمس وشعرت زينة فى تلك اللحظة  بأن وجهها مألوف لها بطريقة ما, نقلت زينة نظرها جهة اليسار قليلا وفوق مقعد فردي جلس حميد بأسترخاء يستند برأسه الى الخلف وعيناه مغلقتان وعلى ذراع مقعده كانت تجلس فتاة شقراء رائعة الجمال ذات جسد طويل ونحيف وممتلئ فى الأماكن الصحيحة وكانت تداعب شعر رأسه بأناملها وعيناها مركزتان عليه برقة وقرب النافذة خلف الجميع وقفت أمرأة فى أوائل الثلاثين من عمرها تشبه الى حد كبير الممثلة المكسيكية سلمى حايك بجسدها المنمق وشعرها الطويل الحالك السواد الذى يكاد أن يغطى ردفيها وكانت ترتدى ثوبا قصيرا برتقالى اللون بحمالات رفيعه يظهر لون بشرتها الزيتونية وكانت تنفس دخان سيجارتها من النافذة وهى شاردة الذهن ضامة ما بين حاجبيها بعبوس , فكرت زينة بأنبهار انها تتواجد فى نفس المكان مع ثلاثة نساء فاتنات يتنافسن معا فى الجمال والأناقة والأغراء وثلاثة رجال وسيمون وأنيقون يستحقونهن عن جدارة , وعندما تقارن نفسها بهن لا تعدوا اكثر من فتاة صغيرة لا شكل ولا قيمة لها, أنبت نفسها بحنق ... كيف فكرت انها لا تحتاج الى أدوات للتجميل ؟ على الأقل لتحديد عينيها التى تشبه عيون الأطفال وتزيد قليلا من حمرة شفتيها الباهتتين .. ولماذا بحق الله لم تبحث عن مجفف للشعر بدلا من ترك خصلاته مبللة وملتصقة بفروة رأسها كأذناب الفئران وتمنت كذلك لو كانت تنتعل حذاء عالى الكعبين لرفع حاشية البنطال الذى كان يغطى أصابع قدميها الصغيرتين .  
فتح حميد عينيه الضجرتين ولوى رأسه فوقعت عيناه على زينة فتغيرت ملامحه على الفور وتدرجت من الدهشة الى الأعجاب وأعتدل فى جلسته بحماس فلفتت حركته انتباه الباقين وأحمر وجه زينة حرجا من الأفكار الحاقدة التى كانت تملأ رأسها منذ قليل وكأنهم قادرون على معرفة ما كان يدور فى عقلها بمجرد النظر اليها . 
شملها ادم بنظراته التى أزدادت تجهما لرؤيته مظهرها الجديد 
وقف فراس وأقترب منها مرحبا بأبتسامة واسعة قائلا 
- أهلا زينة .. تعالى ... أرى أن هناك تغيرا كبيرا قد حدث . 
ثم دفعها بلطف الى وسط الحجرة وراح يعرفها على الجميع وبدأ بالشقراء  
- نيكول عارضة أزياء لبنانية وهي صديقة حميمية لحميد . 
لم تفهم ما يعني بصديقة حميمية وان كانت قد شبهت الأمر بتلك العلاقات التى يتميز بها الغربيون , صافحتها نيكول بأدب وكذلك فعل حميد وقد أبقى يدها فى يده أكثر مما يليق , لقد كان أكثر الرجال الثلاثة وسامة وجاذبية ولكن ما عرفته عنه جعلها تنفر منه

ثم عرفها فراس على السمراء التي تقف قرب النافذة .. الأميرة جليلة كما دعاها وقال 
- انها شقيقة حميد الصغرى .
وتساءلت زينة بأنبهار هي تحدق بها  .. هل هي أميرة حقيقية ؟!! .. وحميد .. هل هو أميرا كذلك ؟  هزت لها جليلة رأسها بتحية فاترة دون أن تمد يدها لمصافحتها ودخان السېجارة يخفى تعابير وجهها ثم عرفها الى زوجته كاميليا التى صافحتها بأطراف أصابعها وعيناها تتأملانها پحقد تعرف زينة سببه جيدا وعادت زينة تشبه عليها فقال فراس مبتسما وقد لاحظ الحيرة والتفكير على وجهها 
- بالتأكيد تعرفيها .. أنها كاميليا حمدان .. المذيعة . 
ثم ذكر لها أسم شبكة القنوات العربية الشهيرة التى تعمل بها فأدركها الفهم وعرفت أين رأتها من قبل فأبتسمت لها بأدب 
- آه بالطبع أعرفها .
أشار حميد أخيرا الى ادم وقال ضاحكا  
- وتعرفين صديقنا آدم .. بالطبع هو غنى عن التعريف ..  انه دائما ما يقدم نفسه بطريقة تجعل من يقابله مرة لا ينساه بعدها أبدا .
نظرت زينة الى آدم ووجدته متجاوبا مع مزاح صديقه بأبتسامة جعلته مختلفا وأكثر جاذبية , جذب حميد أنتباهها بعيدا عن آدم وأخبرها 
- عذرا لقد سبقناك وتناولنا الغداء .
ثم أخذها الى حجرة الطعام , وجدت الطعام مكونا من سباجتى ولحم مشوى وسلطه ومن شدة جوعها أجهزت على الأطباق كلها وبعد ان أنهت طعامها حملت الأطباق الى المطبخ وغسلتهم وكان الجميع قد صعدوا الى سطح القارب وقد وصلت أصواتهم اليها عبارة عن همهمات , وقفت زينة فى منتصف المطبخ حائرة ماذا يجب عليها ان تفعل أو اين تذهب حتى انها كانت محرجة من ان تصنع لنفسها كوبا من الشاى أو القهوة , لقد خف الألم فى ساقها بسبب المسكن الذى أعطاه آدم لها ولكنها تحتاج أيضا الى النوم لتستطيع التفكير بصفاء ذهن .. لقد تعقدت حياتها بين ليلة وضحاها فهي لا تصدق أنها تركت بيتها منذ يومين فقط وقد تركت كل ما تملكه من مال وملابس على اليخت الآخر , ضبطها ادم داخل حيرتها وكان خارجا لتوه من الممر المؤدى الى حجرات النوم وقد كانت تعتقد انه على السطح مع أصحابه ولكنه كان بالتأكيد يتفقد حجرته بعد ان خرجت منها فشعرت بالحرج فقد تذكرت أنها تركت ملابسها المتسخة ذات الرائحة الكريهة فى غرفة حمامه فقالت بصوت مبحوح 
- أنا آسفة .. لقد تركت ملابسى المتسخة فى الحمام .. سأخرجها حالا .
وهمت بالتحرك ولكنه أوقفها بأشارة من يده وقال وهو يتقدم منها 
- أتركيها الأن .. أريد أن أريك المكان الذى سوف تنامين فيه .. تعال معى .
أشار اليها كي تتبعه ثم سار وزينة من خلفه وعندما أستدار الى الممر المؤدى الى غرفة نومه أعتراها القلق .. هذا الجناح الرئيسي وليس به الا حجرة نوم واحدة وهى حجرته وفكرت بقلق فى انهم هنا ربما يعيشون حياة بوهيمية .. حميد معه عشيقته ويخون صديقه مع زوجته وآدم على علاقة ما بجليلة .. وهي لا تفهم الطريقة التى يعيشون بها وما خبرته ورأته خلال اليومين الماضيين يجعلها لا تستبعد شيئا ويجب أن يفهم منذ البداية أنها لن تنصاع له أو لغيره وأنها لم تعد تلك الساذجة البلهاء التى يسهل خداعها وتخويفها . 
توقف ادم قرب باب غرفته وأستدار اليها وكان يهم بالكلام ولكن تعبير وجهها ألجم لسانه , كانت تنظر اليه پغضب وشفتيها مزمومتان وقبضتيها مضمومتان بقوة الى جانبها فقال بدهشة
-  ماذا بك ؟
ردت بحدة وأنفاسها تتسارع   
- أنا لن أنام معك فى غرفتك .. ومن الأفضل لك أن تذهب وتصالح صديقتك .
ضاقت عيناه وسألها بحيرة 
- عما تتحدثين أنت ؟.. وكيف..
قاطعته پحده ليفهم أنها ليست سهله كما يعتقد ويجب أن يفهم كل رجل هذا قبل أن يفكر فى استغلالها  
- لقد حاولت مصالحتك بالأمس ولكنك رفضت مصالحتها .. وان كنت تعتقد أننى سأكون بديلة عنها فأنت واهم .. وان كانت هى تتحول عند ڠضبها لفتاة شوارع وهي أميرة فلك أن تتخيل الى ماذا أتحول أنا ؟
سحبها من ذراعها بقسۏة وقال  
- كنت تتنصتين علينا ؟ .. ولديك من الوقاحة ما يجعلك تتبجحين بذلك أمامي ؟  
هزها فأرتجفت وسألها بحدة
- هل تتحدثين الأسبانية ؟
أجابت وقد شعرت بأنها بالغت بردة فعلها
- أفهمها قليلا فقط . 
وتابعت بسرعة عندما ضاقت عيناه عليها
- ولكننى لم أفهم ما قالته كله .
جز على أسنانه وتأملها بأحتقار
- لكنك أستنتجته .
لقد أغضبه أنها كانت شاهدة عليهما وأستمعت الى السباب الذى وجهته له جليلة ,  سحبها بغلظة من ذراعها بعيدا عن باب حجرته وفتح بابا فى نهاية الرواق قرب الزاوية لم تلاحظه زينة من قبل ودفعها الى الداخل وكأنه يلقى بشئ قذر من يده .. وجدت نفسها داخل غرفة صغيرة جدا تحتوى على فراش بعرض متر يلتصق بالحائط وخزانة ملابس بباب واحد وعلى الأرض  الخشبية فرشت  سجادة خضراء جميلة وكان هناك نافذة زجاجية مستطيله صغيرة ككل شئ فى الحجرة وقد علقت عليها ستارة باللون الماهوجني , عجزت زينة عن النظر اليه من شدة الحرج لقد أساءت الظن به وتسرعت بأفتراض سؤ النيه ولابد لها من أن تعتذر فأستدارت اليه والخجل قد صبغ وجهها بحمرة قانية وكان هو ينظر اليها پغضب ساخر وقبل أن تتفوه بكلمة عاجلها بقوله  
- كنت أريد أن أعتذر لك عن صغر حجم الغرفة لكنها الوحيدة الخالية والقارب لا يحتوى الا على أربعة غرف نوم فقط جميعها مشغولة للأسف .
وأوضح لها ان فراس وزوجته فى حجرة وحميد وصديقته فى الثانية وجليلة فى الثالثة وهى لا تفضل ان يشاركها أحد بغرفتها .
تمتمت تعتذر بصوت منخفض وهى تشعر بالخجل الشديد من نفسها
- أنا أسفة .. والغرفة جميلة جدا وليس لدى أى أعتراض عليها .
جاء رده قاسېا متعجرفا وهو يقول 
- ليس لديك الحق فى الأعتراض على أى شئ فأنا لم أدعوك فى الواقع .. وعلى العموم أنا مقدر للظروف التى ألقت بك فوق رأسى .. ولكن يجب أن تفهمى شيئا مهما ..
ومال عليها متابعا بټهديد
- تلك الظروف صنعتها أنت بغباءك وساذجتك .. ولن أحمل ضميرى شيئا أنا غير مسؤول عنه فاخفضى رأسك المتعالى هذا عندما تتحدثين الي .. فهمت ؟
سحقها ببضعة كلمات وكانت صادقة لكى تعترف بأنها تسببت بكل هذا لنفسها فقد أهانته بطريقة خرقاء وتابع وهو يشملها بنظرة متعالية ساخرة 
- ولا تقلقى على نفسك منى .. فذوقى من الصعب أن ينحدر لهذا المستوى . 
وتركها غارقة فى بحر من الذل والمهانة , وراحت تأنب نفسها على تسرعها .. فكيف فكرت فى  أن رجلا تطارده أميرة كجليلة من عائلة أرستقراطية وتحمل لقبا ولها جمال كجمالها يمكن أن يفكر فى أستبدالها بها هى .. هى الفتاة الخرقاء اليتيمة التى بلا مال ولا جاه وهو كما يبدو ثرى جدا يصاحب الأمراء ويمتلك قاربا يساوى ملايين الدولارات ويمضى أجازته متسكعا بين الموانئ والمنتجعات , تنهدت بعمق وضيق .. ماذا دهاها وقد أصبحت ناقمة فجأة على حياتها وتتذمر كثيرا وتقارن نفسها بأناس لا صلة لها بهم وبحياتهم .. 
ثم جلست على حافة الفراش منهكة القوى .. لقد أشتاقت الى والديها وخاصة والدها لكى تلتمس من قوته وحنانه الأمان والطمئنينة , وتذكرت عندما دعاها مرة بأبنتى الأغلى ويومها أعترضت نبيلة غاضبة
- وماذا عني .. ألست غالية عندك ؟
رد ضاحكا
- طبعا انت أبنتى الغالية وأغلى عندى من روحى .. لكن زينه أبنتى الأغلى .. ستدخلنى الجنه وعلى يديها سوف أجاور الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام . 
يومها كانت فى العاشرة من عمرها تصدق حقا أن لها بيتا وعائله .. وتساءلت .. هل  سيظل والدها يعتبرها أبنته الأغلى التى ستمنحه رخصة دخول الجنه ومجاورة حبيبه المصطفى عليه الصلاة والسلام أم سيندم على ايواءها فى بيته وتربيتها مع أبنته ؟ وما الذى سيكون عليه رأيه لو عرف بأنها كذبت عليه حتى وان كان بنية طيبة .. وكيف سيتقبل فكرة أنها أصبحت قاتله هاربه والمكان الذى هربت منه لن يشفع لها عنده فعندما يصله الخبر لن تصله الحقيقة معه ولن تجرؤ نبيلة على ڤضح نفسها أمامه وتعترف بأنها قامت بخداعها لټنتقم منها على شئ لا تعلمه .. فما الذى فعلته لها وجعلها تلقى بها الى هذا المصير وكيف خدعت فى خالد الذى أحبته وصدقت أنه يحبها ويريدها زوجة له .. كل هذه أسئله كانت تدور وتدور بألحاح فى رأسها فالمستقبل بالنسبه لها لا يبشر بالخير والطريق الى السچن هو الطريق الوحيد الذى تراه بوضوح أمامها , تمددت على الفراش وعقلها لا يكف عن التفكير حتى أستسلم عقلها أخيرا للنوم .

****

سأل حميد آدم وهو يناوله زجاجة من البيرة وكان الثلاثة حميد وآدم وفراس يجلسون فى كابينة القيادة بدون النساء
- ماذا ستفعل بها ؟
كان يقصد زينة .. عبس آدم وقال معنفا
- تقصد ماذا سأفعل بشأنها وليس بها ..  
رفع حميد عينيه الى السقف وزفر بضجر وقال
- يا صبر .. حسنا .. ماذا ستفعل بشأنها ؟
ضحك فراس وضاقت عينا آدم ولكنه تجاوز عن سخرية حميد وقال 
- سوف أتحرى عنها أولا حتى أتأكد من أن ما أخبرتنا به حقيقي ثم سنحاول أسترجاع أوراقها ولو عن طريق التفاوض فمثل هؤلاء الناس أخطر مما نعتقد دائما .. فهم يديرون تجارة وقد يرون فى هروبها خطړا على وجودهم .
قال فراس بحزن 
- يا للمسكينة .. حظها سئ . 
قال آدم بقسۏة
- أنها ليست مسكينة .. بل غبية . 
قال حميد وقد لمعت عيناه 
- الجميلات دائما عرضة للطمع فلو كانت قبيحة لما ..
قاطعه آدم محذرا بحدة فى حين نظر اليه فراس متأففا 
- حميد ... لا تفكر بالأقتراب منها وأكتفي بما لديك . 
لوح حميد بيده وقال يدافع عن نفسه  
- وماذا قلت أنا لكل هذا؟
رد عليه فراس هذه المرة بضيق 
- أنت لا تحتاج للقول يكفي أن نرى تلك النظرة فى عينيك لنعرف نواياك .
قال حميد بحزن زائف
- أنتما دائما تتحاملان علي .
ولكن عيناه كانتا تضحكان بعبث فأبتسم فراس بتساهل فى حين أزداد تجهم وجه آدم .. رفع حميد يديه لأعلى وكانت أحداهما تحمل زجاجة البيرة 
- سأقسم بالله ..
قاطعه فراس موبخا 
- أتقسم وبيدك المنكر ؟ ألا تخجل من نفسك ؟
وضعها حميد فوق المنضدة وقال
- أقسم أن لا أقترب منها الا برغبتها الحرة 
صاح به آدم پغضب 
- حميد .
رد حميد ضاحكا 
- يا اخي أمزح .. جديتك هذه تخنق أحيانا .
قال فراس مدافعا عن حميد كعادته 
- أنه يمزح .. ولا تنسى أن معه صديقته الشقراء الجميلة فما حاجته الى فتاة صغيرة كزينة .
قال آدم ساخرا 
- فراغة العين .. أنه لا يشبع .
قال حميد متحديا بخبث وهو ينظر الى عيونهما كل واحد على حدا 
- وهل تنكران تأثركما مثلي بتلك الصغيرة .. هل تنكران أن براءتها تلك لم تستفز رجولتكما وحركت نزعة الحماية لديكما .. ألم ترغبا مثلا فى أمتلاك ما سعت بأستماته للحفاظ عليه وأنه سيكون كجائزة لا تقدر بثمن لرجال لم يحصلوا يوما الا على المستهلك والمباح من النساء .
أحمر وجه فراس وأرتبكت نظراته فى حين حدق آدم فى الفراغ وقد غامت عيناه 
وتجرع حميد ما تبقى من شرابه وتابع قائلا بواقعية 
- أرجو يا آدم أن تجد حلا سريعا لمشكلتها قبل أن نصبح نحن الثلاثة مشكلتها الحقيقية .
غير فراس مجرى الحوار وقد وجد أن آدم وحميد فى طريقهما للأصطدام لا محاله .. فحميد صريح يعبر دائما عما فى نفسه بلا مواربة وآدم يتفنن بالقسۏة على نفسه وعلى من حوله ولن يتوقفا حتى يحدث شجار بينهما 
- المهم أخبرنا متى ستبدأ بأتصالاتك بشأنها ؟
- لقد بدأتها بالفعل .

****

الفصل العاشر

أستيقظت زينة أثناء الليل دون أن تعرف سبب أستيقاظها ..
كانت الغرفة مضاءة بنور القمر فجعلها هذا قادرة على الأبصار .. 
لمحت على المنضدة الموضوعة بجوار الباب صينية عشاء .. لابد وأن أحدهم قد أحضرها وهى نائمة ولكنها لم تكن جائعة أكثر من حاجتها الى النوم والراحة  وتفضل العودة الى النوم , تكورت وحضنت نفسها بذراعيها تلتمس الدفئ فهناك لسعة برد قد تكون هى التى ايقظتها من نومها فنهضت عن الفراش وتلمست طريقها الى الخزانة ووجدت بداخلها غطاءا صوفيا مطويا فأخذته وتلحفت به وبسرعة سرى الدفئ فى جسدها وڠرقت سريعا فى النوم من جديد . وعندما أستيقظت فى المرة الثانية .. كان نور الصباح موقظها هذه المرة دفعت عنها الغطاء وطوحت قدميها الى الأرض فآلمها الچرح وشد عليها فوقفت وهى تأن .. وجدت علبتى دواء فوق صينية العشاء فتناولت قرص من كل علبة ثم تركتهما على المائدة الصغيرة وحملت صينية العشاء التى لم تمس وخرجت الى المطبخ وتركتها هناك وبعد أن غسلت وجهها فى الحمام الصغير بجوار حجرة الجلوس صعدت الى السطح .. 
كان القارب يشق طريقه فى الماء بسرعة .. وقفت زينه تمسك بحاجز المركب رافعة وجهها الى أشعة الشمس المشرقة لتسمح لها بأن تداعب وجهها بأشعتها الدافئة وخامرها أحساس جميل بالحرية وأنها تطير مع الهواء والذى يجعل شعرها يرفرف وراء رأسها .
 

******

قررت زينه أن تجعل من نفسها مفيدة فهى ليست ضيفة هنا على أية حال فقامت بترتيب المقاعد على السطح ثم نزلت الى المطبخ لتنظيفه .
بالتأكيد بيدرو هو من يقوم بعملية التنظيف فهى لا تتخيل السيدات الأنيقات المرفهات يقومن بأعمال مثل التنظيف والطبخ , وعندما انتهت زينه من ترتيب المطبخ  بدأت بتحضير ما ستحتاج اليه لأعداد الفطور .. كانت قد أخذت دورات تدريبيه فى العمل بالخدمة فى المطاعم واكتسبت بعض الخبرة من عملها فى الفندق فلم تحتار أثناء تحضير ما ستحتاج اليه لأعداد طعام الأفطار وهى على معرفه بأنواع وجبات الفطور التى يفضلها الأثرياء وطريقة أعدادها .
نزل ادم الى حجرة الجلوس آتيا من السطح ودهشت زينه فقد ظنت أنهم جميعا نيام وبنظرة سريعة منه فى المكان فهم ما قامت به وقال بجفاء دون أن يلقى عليها تحية الصباح 
- اذا كنت ستقومين بتحضير طعام الأفطار فاجعليه لأربعة أشخاص فقط .. السيدات هنا لا يستيقظن باكرا .
  هزت رأسها بطاعة فتابع بلهجة تحذير 
- وأنتبهي .. لا يجب أن تميلى على حاجز المركب بتلك الطريقة التى فعلتها منذ قليل .. من حسن حظك أنه يسير بسرعة بطيئة فلو كان بسرعته الطبيعية لسقطت فى البحر وما أنتبه اليك أحد  .
أنهى جملته ثم تركها وصعد الى السطح مره أخرى , لقد رآها فى الوقت الذى كانت تظن نفسها وحيدة , كان يجب أن تعرف أن هناك من هو مستيقظ فالمركب لا يقود نفسه . 
كانت زينه منهمكة فى تحضير الفطور عندما استيقظ حميد وفراس وألقيا عليها تحية الصباح ببشاشة مما رفع من معنوياتها قليلا بعد معاملة آدم الجافة لها  .
وضعت الأطباق أمامهم على المائدة التى حضرتها على السطح وكان بيدرو قد أنضم اليهم , أثنى فراس وحميد على الطعام كثيرا فى حين أكتفى آدم بهزة رأس لم تفهم منها شيئا وشكرها بيدرو وأبتسامة سعيدة على وجهه فقد خففت عنه بعض من عبئ العمل الذى كان يقوم به فأبتسمت له   
- نحن جميعا نشرب القهوة ثقيلة ومن دون سكر .
أجفلها صوت آدم الحاد وجعلها تعود الى المطبخ حانقة .. انه حتى لم يدعوها لمشاركتهم الطعام مثل بيدرو .. هل لأنه يراها أقل منه مقاما ؟ صنعت لنفسها شطيرة وكوب شاى قبل أن تحضر القهوة فلينتظر قليلا فهى ليست خادمته وان كانت قد تطوعت ذوقيا منها لتحضير الفطور فليس معناه أن يعاملها كخادمة .. ولكنها عادت وفكرت أنها لا تستطع الأعتراض فهى هنا متطفلة عليه وعلى أصدقائه ويجب أن تدفع ثمن أقامتها .    
وجدت آلة لصنع القهوة السريعة وكانت قد وضعت الأكواب فى الصينية وبدأت بصب القهوة عندما فوجئت بحميد يقف أمام البار ويبتسم لها أبتسامة ساحرة كان من الممكن أن تتأثر بها لولا أنها تعرف حقيقته جيدا , قال  
- هل تحتاجين للمساعدة ؟
ردت بسرعة كانت فظة 
- لا .. شكرا لك .
رفع حاجبيه بدهشة وكانت قد أنتهت من صب القهوة حين قال بجدية  
- انت لا تحبيننى أليس كذلك ؟
أرتبكت وقالت دون أن تنظر اليه 
- أنا أسفه ان كان قد وصل اليك هذا الأنطباع منى .. أنا لا أكرهك سيدي . 
قال بصراحة 
- كنت تختبئين فى حجرة أدوات الغطس عندما كنت مع كاميليا هناك .. لقد رأيتنا وسمعتنا ولا ألومك ان أخذت هذا الانطباع السئ عنى .. ولكنك تظلميننى .
دهشت زينة من أستخفافه بما فعل بصديقه فأستفزها لترد عليه 
- أظلمك ؟.. كنت تخون صديقك مع زوجته وتقول اننى أظلمك ؟
- ولماذا لا تقولين انها زوجة خائڼة قامت بأغواء صديق زوجها . 
ردت وهى مصډومة من رده 
- وانت هنا برئ مغلوب على أمرك أليس كذلك ؟
دهشت عندما ضحك بمرح وقال بأبتسامة صبيانية 
- لست بريئا جدا فى الواقع .. فأنا ضعيف أمام النساء ولست معتادا على رفض دعوة صريحة من أمرأة جميلة . 
- وماذا عن صديقك أليس له أى أعتبار لديك ؟
هز كتفيه بأستخفاف وقال 
- هو الملام .. من يتزوج أمرأة مثلها ويعرف عنها ما يعرفه لماذا يلوم الأخرين اذا ما أخذوا ما يعرض عليهم  .
ابتئس وجه زينة فرقت نظرات حميد ومال على البار قائلا  
- صدمت من كلامى أليس كذلك ؟ .. انت صغيرة وبريئة .. وآسف لأن أخبرك ان الحياة ليست كما كنت تظنينها .. وأعتقد أن تجربتك الأخيرة خير دليل على ذلك .
ثم مد يده ولمس يدها بأنامله فأجفلت وسحبت يدها بسرعة فاصطدمت بأحد أكواب القهوة فأنسكب بعض من السائل الساخن على أصابعها فصړخت , أسرع حميد الى جانبها وأمسك بيدها المحترقة وهو يتمتم بعبارات الأسف 
- أنا آسف حبيبتي لم أقصد أجفالك .
جاء صوت ادم باردا كالثلج من خلفهم 
- ما الذي يحدث هنا ؟
اخبره حميد دون أن يستدير اليه 
- لقد أحرقت القهوة يدها  .
دخل ادم الى المطبخ نافذ الصبر مزيحا حميد عن طريقة بفظاظة واخذ أناءا عميقا وملئه بالثلج .. كانت حركاته عڼيفة وسريعة وجعل زينة تنكمش وتنسى الألم فى أصابعها كما أبتعد حميد عن طريقه بدوره , فقال له ادم بحدة 
- فراس ينتظر القهوة .. ألم تقل انك آتى لأخذها ؟
تمتم حميد بخفة متجاهلا فظاظته معه 
- نعم فعلت .
ثم صب فنجانا آخر بدلا من ذلك الذى سكب وحمل الصينية وصعد بها الى السطح تاركا زينة تحت رحمة من لا يرحم .
وضع ادم الأناء فى المجلى وملئه بالماء ثم سحب يد زينة بقسۏة لا داعي لها ووضعها  فى الماء المثلج فشهقت من برودتها وصعدت الدموع الى عينيها وقالت محتجة بعد لحظات 
- هذا يكفي لقد تجمدت أصابعي . 
تركها لتجفف أصابعها بمنشفة ورقية ووقف ينظر اليها للحظات ثم قال 
- أرجو أن تمر الأيام القليلة التى سوف تقضيها معنا من دون مشاكل .. وهذه المرة أنا لا أنصحك .. بل آمرك بأن تبتعدى عن طريق حميد .. فلا تظنى أنه رجل يكتفى بالنظرات البريئة .. فهو يسعى وراء أى شئ يرتدى تنورة حتى وان كانت مكنسة .. وأوامرى تلك تشمل بيدرو كذلك .. فهو شاب وحيد بيننا وصغير وسريع التأثر .. فأرجو منك أن تقللى من ابتساماتك التى تقومين بتوزيعها يمينا ويسارا من دون سبب .
أنهى كلامه وأنصرف كعادته دون أن ينتظر ردها وشعرت زينة أنها بدأت تكرهه .

****

تلك الفتاة أثارت ڠضبة بأكثر من طريقة منذ معرفته بها ..
وان صح أستنتاجهم وكانت قد أنهت حياتها بأن ألقت بنفسها فى البحر يكون هذا رحمة بها نظير ما كان سيفعله بها عندما يراها .
أستقبلته فريدريكا بالعناق 
- حبيبي تأخرت .
- أنه العمل .
أجابها بكلمة واحدة وهو يحل ذراعيها عن عنقه ويتفادى شفتيها التى كانت تطالب بشفتيه فهو ليس بمزاج لهذا , تأففت فريدريكا وهي تلحق به الى داخل الصالون الصغير التابع لليخت
- ماذا فعلتم ؟
كان زوج فريدريكا قد لحق بهما ووقف صامتا بجوار الباب , أجابته 
- كل شئ على ما يرام .. الۏفاة سجلت على أنها حاډث .. فقد الرجل توازنة واصطدمت رأسه وهذا الى حد ما حقيقة ما حدث .. زوجة الرجل بعد حوار صغير بيننا وافقت أن الشكاوى القضائية قد تضر بسمعة عائلتها .. وبالطبع أضطررنا أن نودع ضيوفنا مؤقتا .
هز رأسه مستحسنا ثم قال
- والفتاة ؟
تقدم زوج فريدريكا الى الداخ وتناول فردة حذاء عن المنضدة ورفعها أمام وجه خالد
- هذا ما تبقى منها .. وجدناه فى الماء .
مط خالد شفته بأمتعاض .. مۏتها سوف يكون عقبه وسوف يتم تأجيل زواجه من زينة .. غلى حقده عليها من جديد أثناء حياتها وبعد مۏتها .
قال زوج فريدريكا بسخريته المقززة للنفس
- ولكن أحبرنا .. لم تعتاد على أرسال فتيات بريئئات الى هنا ودائما ما تحتفظ بهن للمزاد .. فما الذي تغير هذه المرة .
رفع خالد أحد حاجبيه بسخرية 
- بريئة ؟؟ من قال ذلك ؟
- هي من قالت ذلك .
- لا تشك أبدا .. مهمتي أن أتأكد من أنهن لم يعودوا كذلك .
فتح الباب وخرج وهو يفكر .. سوف يقوم بالأتصال بزينة لكي يعرف منها مدى معرفتها بمكان أختها ومن ثم يحاول أن ...
ظهرت نجلا فجأة أمامه وصاحت فى وجهه بأنفعال 
- أنت لن تتركها تفلت بفعلتها هذه أليس كذلك ؟ .. سوف تعاقبها لمخالفتها أوامرك.
أكمل خالد طريقه مزيحا اياها من أمامه وهو يقول ساخرا 
- أعدك انه عندما نجد جثتها سوف أمثل بها من أجل خاطرك .
- لا .. ليست زينة من يستحق التمثيل بجثتها .
توقف خالد بغتة وللحظة أغلق عيناه بقوة وسحب نفسا عميقا قبل أن يستدير مواجها نجلا 
- من قلت ؟ .. زينة ؟ .. وما علاقتك أنت بزينة ؟ .. ما دخل زينة بالأمر هنا ؟
ترقرقت الدموع فى عينا نجلا فقد تأثرت بالفتاة التى أرتكبت چريمة قتل ومن ثم ألقت بنفسها فى البحر لكي تحافظ عل شرفها 
- لأن زينة من كانت هنا .
للحظات شل عقله عن التفكير واشتعلت به النيران ثم عاد بخطوات سريعة الى الصالون , تفاجأت فريدريكا بمظهره المتوحش 
- ما أسم الفتاة التي كانت هنا ؟
أسرع زوج فريدريكا وتناول جواز سفر كان على المنضدة بجوار فردة الحذاء وناوله له وهو يحدق فى وجه خالد بفضول وكذلك فريدريكا .
وقعت عيناه على صورتها وفقد وجهه كل نقطة دماء به .. رفع خالد وجهه ونظر الى فريدريكا وقال بهدؤ قاټل 
- ليست هذه هي الفتاة التى أرسلتها اليك .
- الفتاة الأخرى لم يكن من الممكن استخدامها .. أرتنا ما يثبت أنها حامل وقالت أن أختها على أستعداد لأن تحل محلها وقد وجدناها مناسبة خاصة وأنها من طرفك كذلك . 
نزل كفه بصڤعة قوية على وجه فريدريكا التى ترنحت الى الخلف وهي تشعر بالذهول ولم يتحرك زوجها نحوها بل تراجع الى الخلف بهدؤ ووقف يتابع ما يحدث بنظرات حادة .
تحرك تجاهها بۏحشية 
- لماذا لم تتصلي بي .. كيف تسمحين لنفسك أن تتصرفي بأمر كهذا دون علمي .
- لم يكن الأتصال بك ممكنا وأنت تعرف ذلك .
صفعها مرة أخرى وبقوة أكبر جعلتها تصرخ , توتر زوجها ولكنه ظل فى مكانه وقد استدار اليه خالد وقد خطڤ الحذاء وضغط عليه بقوة قائلا
- هل هذا فقط ما وجدتوه ؟ 
هز رأسه ايجابا فقال خالد وعيناه مشتعلتان بلون أحمر كالدم 
- أجمع لي البحارة .. جميع من باليخت بلا أستثناء .
لن يسلم أبدا بحقيقة مۏتها الا اذا رأى جثتها بأم عينيه .. وقتها فقط سيحرق الأخضر واليابس ولن يرحم أحد .

****

كان فراس الأفضل من بين الجميع .. طيبا وبشوشا ومضيفا كريما عرض أن يأخذ زينة فى جولة على القارب للتعرف عليه ولأنه لم يكن ضمن قائمة الممنوع عليها التعامل معهم قبلت بعرضه ولكنها لاحظت أنه تجنب أخذها الى كابينة القيادة حيث المقر الدائم لآدم .. وبرر لها ذلك بقوله 
- ان آدم لا يحب أن يحوم احدا حوله وهو يعمل .
وشرح لها نظريا كيف يقومون بالأبحار بالمراكب الشراعية الحديثة وضحك عندما سألته
- أين الحبال التى تربطون بها الأشرعة ؟ 
صحح لها معلوماتها البدائية قائلا 
- الاشرعة الحديثة مصنوعة من ألياف الكربون حتى تظل مثبته بالصارى مثل الأجنحه  وهى تكون متصلة بأسلاك ويتم التحكم بها أليكترونيا عن طريق وحدة تحكم مركزية ويكفى شخص واحد فقط للأبحار بمركب شراعى بهذا الحجم حتى دون الحاجة للتواجد وراء الدفة .. سأريك اياها مرة .
- فى وقت لا يكون فيه السيد آدم هناك .
ضحك فراس وقال
- هذا صحيح .. حتى نحن أصدقاءه أحيانا نجد صعوبة فى التعامل معه .
سرت زينه بالوقت القليل الذى خصصه لها فراس فقد تجاهلها الجميع ماعداه وفى المساء قامت زينة بمساعدة بيدرو فى تحضير العشاء وأبدى الشاب سعادته برفقتها
- أنا سعيد بأنك هربت على مركبنا .. فأحيانا كثيرة كنت أشعر بالملل وحدي .
سألته زينة وهي تناوله قنينة الزيت التى طلبها 
- من أين أنت تحديدا .. أسمك اسباني ولكنك تتحدث العربية جيدا .
- أنا نصف مغربي من جهة أمي ونصف اسباني من جهة أبي ... والدي كانا يعملان لدى أسرة السيد حميد وهي من الأسر المغربية العريقة ويتنقلون ما بين اسبانيا وموروكو وهكذا تقابل والدي وتزوجا .
ابتسمت زينة وقالت 
- وهل هذا القارب ملك للسيد حميد ؟
- لا أنه ملك للسيد آدم .. ولكن حميد هو من رشحني للعمل معه بعد أن أنهيت فترة تطوعي بالبحرية الأسبانية وتقاعد القبطان علي الذي كان يعمل هنا قبلي .. سيد حميد أراد أن يساعدني فأنا مقبل على الزواج .
- تهانئي لك .
- شكرا .. وقد وعدني أن يجد لي عمل دائم عندما تنتهي الرحلة .
دهشت زينة من الحب والأحترام الذي ظهر فى كل كلمة قالها بيدرو عن حميد وهذا يخالف وجهة نظرها عنه .. فهي تراه فاسقا بلا أخلاق .. وكما أمتدح حميد ذم فى شقيقته جليلة 
- أنها متعجرفة على عكس بقية عائلتها .
وأخبرها وقد أخفض صوته وهو يقول 
- لقد كانت متزوجة من أميرا اسبانيا .. اعلن اسلامه وتزوجها ضد رغبة عائلتها فقد كان يكبرها كثيرا فى العمر وما سمعته من والدي أنه كان يعاملها بطريقة سيئة جدا وقد ماټ منذ عامين فعادت لتقيم مع عائلتها .
وهنا عرفت زينة لماذا قدمها لها فراس على أنها أميرة .
ودون أن تسأله عن المزيد تطوع بيدرو فى اخبارها عن بقية الموجودين .. 
- الثلاثة أصدقاء دراسة .. آدم شخص جيد وهو رب عمل غير متطلب ولكنه يعاني من مشكلة مع مزاجه أحيانا .. فعندما يغضب يثور كالبركان ويصير مرعبا .. لقد تسببت فى تعطل محرك القارب فى اليونان فكاد أن يقتلع رأسي .
أتسعت عينا زينة پخوف فضحك قائلا
- لا تخافي .. تجنبي فقط اغضابه وستكونين بخير .
ثم أخبرها عن فراس 
- أنه كريم جدا .. طيب ومتواضع الى أقصى حد على عكس زوجته .. أرى أنه يستحق من هي أفضل منها .
أبتسمت زينة بحزن .. فكاميليا تشبه كثيرا نبيلة ومن على شاكلتها فسألته 
- ونيكول .. أنت لم تخبرني شيئا عنها .
قال ماطا شفته السفلى 
- أنها ليست سيئة جدا .. لطيفة ولكنها تسير خلف السيدتين ولا تتحدث كثيرا .. ولا أظن أن السيد حميد سيحتفظ بها معه لمدة طويلة فهو دائما ما يغير صديقاته بوقت قصير .
قالت بدهشة
- يغيرها ؟ .. ظننته يحبها .
أبتسم لها بأشفاق 
- أنه لا يحب أحدا لمدة طويلة .
بالطبع لا يحبها والا ما كان أستجاب لأغراء كاميليا .. وأرادت أن تسأله عن علاقة آدم بجليلة ولكنها أمتنعت فتابع بسرور معيدا كلامه الأول 
- أنا سعيد حقا لأنك هربت على متن قاربنا .
أبتسمت له بكآبة وقالت 
- أخشى أن أقول لك أنني لن أرافقكم فى رحلتكم وأنني سأترككم فى المرفأ القادم .
رأت خيبة الأمل على وجه الشاب ولكنها لا تريد أن تعطيه أملا زائفا ولا أعطاء مثله لنفسها حيث أنها تتوقع أن يطلبوا منها الرحيل عند أول فرصة . 
أنضمت زينة اليهم أثناء تناول طعام العشاء لهذه الليلة بناء على دعوة من فراس وقد أعارتها نيكول بنطال جينز وتى شيرت وكانت هى من أعارتها الملابس السابقة أيضا  , شكرتها زينة وهي تأخذهم منها فضحكت لها نيكول وقالت
- ان أحتجت لأي شئ أطلبيه ولا تخجلي مني .
أعجبت زينة بنيكول وشعرت بأنها مختلفة عن كاميليا وجليلة حتى وان كانت لا ترضى عن طريقة حياتها وطبيعة علاقتها بحميد .. أن تنام معه فى غرفة واحدة كالأزواج وهم ليسوا كذلك .. وكان الأغرب هو تقبل الباقيين لتلك العلاقة على أساس أنها شئ طبيعي ..ولكن  وبمجمل الأشياء السيئة التى رأتها وأكتشفتها فى هذا العالم ما كان يجب أن تصدمها هذه الأمور .
لاحظت أثناء تناولهم للعشاء أن نيكول قليلة الثقة فى نفسها وعندما تشارك برأيها فى أمر ما كانت تنظر بتوتر فى وجوه الاخرين لتعرف ردود أفعالهم على ما قالت ... فربما تجد نفسها دخيلة على زمرة من مجتمع لا تنتمي اليه حقا .. وفكرت زينة بأسف عليها وهي ترى فيها أختها نبيلة .. أنها مجرد شئ للمتعة بمقابل .. ولكن مقابل ماذا ؟ .. المال ؟.. العيش برفاهية لبضعة أيام ؟ .. صعب أن تصدق أنه من أجل الحب  ثم نظرت الى كاميليا التي أظهرت ببراعة وبما لا يدع مجالا للشك أن ليس هناك أحد فى هذا الكون أهم لديها من زوجها .. أنها حقا ممثلة بارعة .. وهنا أيضا لا يوجد حب .. حب مع خېانة لا يجوز .. أنتقلت عيناها للحظة الى جليلة .. ونظراتها الحادة مسلطة على آدم البارد المتصلب الذي لا يلين .. وهذا أيضا ليس حبا فلا يوجد رقة فى النظرات بل صراع ارادات .. ربما يكون الأمر فقط رغبة فى الأمتلاك .
لم تعد زينة تشعر بالراحة وهى بينهم وكانت تتمنى لو أنها تناولت طعامها بمفردها أو بصحبة بيدرو .
رفعت رأسها مصادفة لتجد أن كل من ادم وحميد وفراس ينظرون بأتجاهها وأدركت أنها قد توقفت عن الأكل وڠرقت فى أفكارها الكئيبة بطريقة لفتت الأنظار اليها وقال لها فراس مبتسما بأشفاق 
- لماذا لا تأكلين ؟ .. ألم نعدك أننا سنساعدك للعودة الى بلدك سالمة .
أبتسمت له ممتنه وعادت لتهتم بطعامها  

******

جلس خالد لأكثر من نصف ساعة يحدق في ملابسها الممزقة بين يديه والملطخة بدماءها لقد أمر جميع العاملين لتفتيش كل ركن فى هذا اليخت حتى عثروا على تلك الملابس .. كان يمنع بصعوبة دموعه من الأنهمار .. 
لقد جاء اليوم الذي تجعله فيه امرأة يبكي من أجلها .. كان وهو ينظر اليهم يتخيل ما حدث لها على يد ذلك الرجل .. مزق ملابسها واعتدى عليها .. أغتصبها والډماء خير دليل على ذلك .. سوف لن يرحمهم جميعا وأولهم نبيلة .. سوف يذيقها من العڈاب ما يجعلها تتمنى المۏت على ذلك .. ولكن أولا يجب أن يجد زينة .
عاد لينظر الى عبدالله المقيد أمامه على مقعد فى غرفة المحركات والكدمات تغطي وجهه والډماء ټنزف من أنفه وجانب فمه 
- أعرف انك آخر من ترك اليخت فى تلك الليلة .. فهل هربتها معك ؟
لم يقل عبدالله شيئا وظل ينظر اليه بتحدي لقد تحمل الضړب المپرح من رجاله رافضا أن يعطيهم أي معلومة عنها لقد قرر أن يحمي تلك الفتاة ولو على حساب حياته  
- أنا لا أريد أذيتك لو كنت أنقذتها حقا .. بل سأكافئك ولكن أخبرني الى أين أخذتها؟
هز رأسه قائلا
- لن أخبرك .. أنها فى آمان بعيدا عن أمثالك فأتركها لحالها .
أغلق خالد عينيه وابتلع غصة .. أنها بأمان بالفعل بعيدة عن هنا ولكنها ليست بخير .. ليس بعد ما حدث لها .
- أنت مخطئ ... لم أكن السبب فى وجودها هنا .. زينة تكون خطيبتي وكنا سنتزوج قريبا .. وتأكد من أنني سأنتقم لها ممن تسبب فى وجودها هنا .
- قالت أنك وأختها خدعتماها للمتاجرة بها .
عاد يغلق عيناه پألم .. بالطبع هذا ظنها به بعد ما عرفته عنه .. بالطبع هي الأن تكرهه بعد أن عرفت حقيقته .
عاد ليسأله 
- هل هربتها على متن ذلك القارب الشراعي الذي ذهبت لأصلاحه ؟
صمت عبدالله من جديد ولم يرد ووقف خالد صارخا فيه پغضب 
- الشئ الوحيد الذي يمنعني عن قټلك لصمتك هذا هو مساعدتك لها فى الوقت الذي لم أكن فيه موجودا لفعل ذلك بنفسي . 
ثم وقف معتدلا وتابع 
- سأتركك ترحل .. من أجلها فقط .. وأنا سوف أجدها بطريقتي .. وتأكد من أنه لن يرتاح لي بال حتى أفعل .

****



تكملة الرواية من هنا

 


ادخلوا بسرعه من هنا 👇👇👇

من غير ماتدورو ولاتحتارو جبتلكم أحدث الروايات حملوا تطبيق النجم المتوهج للروايات الكامله والحصريه مجاناً من هنا


وكمان اروع الروايات هنا 👇

روايات كامله وحصريه من هنا




تعليقات



CLOSE ADS
CLOSE ADS
close