أخر الاخبار

رواية آية_في_الجنون الفصل الثالث♡قتل موسى♡ بقلم الكاتبة_ندى_محسن حصريه وجديده

 رواية آية_في_الجنون الفصل الثالث♡قتل موسى♡بقلم الكاتبة_ندى_محسن حصريه وجديده


اذكروا_الله♡

*هناك أشخاص على هيئة أمان، وجودهم كافي لتتنفس جيدًا، تتنفس دون العبء بشيء، يحتاج المرء منّا لمن يُشعره بأنه معه.. ومهما حدث يسانده*


-أخرة جنانك وكلامك اللي ملوش طعم ده اللي قولتيه أمبارح أيه؟! 


أردف "رامي" وهو يصفع المكتب الخاص بها، كانت "أية" تجلس خلف مكتبها بهدوء شديد وبيدها الكوب الخاص بها والذي يحتوي على مشروبها المفضل وهو عصير الرومان، تجاهلت حديثه وانفعاله لتسأله بهدوء شديد: 


-إلا قولي يا رامي أنت ليه مكلمتنيش تسأل عليا بعد كل اللي حصل أمبارح؟! 


صمت "رامي" كان يشعر بالغضب الشديد من برودها، لا يعلم ما الذي تريد أن تصل إليه، لكنه يعلم إن قررت أن تبتعد عنه سوف يكون هو الخاسر الكبير: 


-أنا عارف أنك بتضايقي من اتصالاتي ومبتحبيش نتكلم كتير لوحدنا و.. 


وقفت وهي تتجه له بخطوات ثابتة، فستانها الزهري الذي يتماشى مع حجابها الأسود زاد من جاذبيتها، حاولت أن تحافظ على ثباتها أمامه: 


-تليفون جالي وارتبكت، قطعت كلامنا وخرجت فورًا عكس العادي، مجاش في دماغك إني ممكن أكون في مصيبة ولا كارثة؟ 


رفع كتفه غير مباليًا وهو يرمقها بلوم شديد: 


-أنا مش فاهم أنتِ بتحاولي تلاقي أي حاجة علشان تتخانقي عليها وخلاص؟ على العموم أنا مفكرتش أن المفروض أتصل عليكِ، مجاش في دماغي يا أية وقتها أيه اللي المفروض يحصل هتعاقب؟! 


اجابته "أية" بهدوء لم يعتاد عليه منها، لقد كانت تفقد أعصابها سريعًا، أما الآن هي في قمة ثباتها: 


-ده اللي أقصده بالظبط، أنت مبيجيش في دماغك ومش مستنية يجي في دماغك يا رامي، الحاجات دي بتتحس، الحاجات دي بتتعمل من غير تفكير، الغيرة، القلق، الخوف، كل ده جزء لا يتجزأ من الحب.. 


ضحك "رامي" وهو ينظر لها، يحرك رأسه ساخرًا: 


-طيب الغيرة ومفهومة، إنما القلق والخوف ده أيه؟ تحبي أخليكي تترعبي يعني ولا أيه؟! على فكرًا أنا لحد دلوقتي محترمك وخلقي ضاق من كلامك الماسخ. 


-يا أخي يخربيت الغشامة! أنت مولود كدة طبيعي ولا دي سماجة مكتسبه؟! 


جحظت أعين كلًا من "أية"  و"رامي" اتجهت أنظارهم لهذا الرجل ذات الطول الفارع حتى أثناء جلوسه، ابتسم لتظهر غمازتيه وهو يضع قدم فوق الأخرى أثناء جلوسه على أريكة مجاورة للباب، لمعت عينيه وهو يتابع عينيها المصدومة. 


كانت لا تصدق أنه هو، الرجل نفسه الذي ساعدها ليلة أمس، سؤال واحد يحتل عقلها، ما الذي يفعله هنا وكيف دخل فجأة؟ اقترب "رامي" منه وهو لا ينسى إهانته له: 


-أنت مين أنت علشان تدخل هنا ولا تدخل في كلام بيني وبينها وميخصكش؟ 


وقف وعلى وجهه تعلو إبتسامة ساخرة: 


-موسى عز الدين، بيتهيقلي لازم تكتب الاسم على جوجل قبل متفكر تقول كلمة تنزل من كرامتك..


مرر إبهامه على شفته السفلى وهو يقول جملته الشهيرة:


-وعلى كل حال الإنسان كرامة. 


ربت على كتفه مرارًا وهو يتجه ليقف أمام "أية" تحدث وهو ينظر إلى عينيها: 


-يلا يا سمج أخرج وخد الباب في أيدك وكفاية تعصبها أكتر من كدة. 


كان "رامي" يقف في مكانه، لا يعرف ما الذي يجب أن يفعله، لقد كره هذا الرجل دون سابق معرفة، كرهه بحق، تحدث وهو ينظر لها: 


-أية يبقى مين ده وبأي حق يتدخل أنتِ موافقة على كلامه؟ 


نظرت إلى "موسى" الذي ينظر لها، رأت في عينيه ثقة لا تعرف مصدرها، هذا الرجل غريب ولا تعلم لماذا أتى إلى مكتبها وكيف عرفه؟ استفاقت من شرودها قائلة: 


-روح على مكتبك يا رامي لو سمحت. 


ذهب "رامي" وهو ينتظر خروجه ليفهم منها من يكون هذا وما الذي يفعله هنا وكيف يتجرأ ليتحدث بتلك الطريقة معه! 


نظرت "أية" له، لا تنكر أنه أجاب على حديث "رامي" البغيض بدلًا عنها، لكن ظهوره هنا جعلها تسيء فهمه: 


-أنت ازاي تتجرأ وتيجي هنا؟ عرفت الشركة منين أصلًا؟ وازاي تتجرأ وتدخل في كلام ميخصكش؟! 


ابتسم "موسى" وهو ينظر إلى لافتة مكتبها، أعاد النظر لها: 


-معاكِ البشمهندس موسى عز الدين موسى ابن صاحب شركة موسى للتجميل ورئيس مجلس الإدارة، بصراحة يا أستاذة أية صديق رشحلي الشركة بتاعتكوا وقالي على الجهود الجبارة وتفكيرك المميز فقررنا أنكوا تمسكوا حملتنا الإعلانية لو معندكوش مانع! 


تردد اسمه داخل عقلها، أجل هو نفسه هذا الرجل الذي تم اتهامه بالغش منذ فترة ليست ببعيدة إنه هو نفسه "موسى عز الدين". 


حركت رأسها بنفي وهي ترمقه باستنكار شديد: 


-وأنت فاكر أني ممكن أساعدك بعد اللي حصل ده؟ أنت المنتج بتاع شركتك ضر ناس كتير و.. 


قاطعها" موسى"وهو يجلس أمام مكتبها واضعًا قدم فوق الأخرى: 


-أنا ميفرقش معايا الكلام ده كله لو واثق كويس في الحاجة اللي تخصني. 


نظرت له، كانت تشعر بالكثير من التردد، ربما كانت سترفض على الفور مرة وأثنان، لكنها تذكرت ما فعله معها عندنا استغاثت به، كان يعلم ما الذي تفكر به وقد سلط نظراته المنتبهة عليها ومازالت إبتسامة مبهمة ترتسم على شفتيه، اقترب بشكل مفاجأ ليواجه وجهه وجهها، تفاجأ بها وهي تبتعد: 


-في أيه يا بني أدم أنت متحترم نفسك! 


ضحك "موسى" وهو يحرك رأسه باستنكار ومكر شديد: 


-أيه ده هو أنتِ افتكرتيني مش مؤدب ولا أيه! لا لا عيب أنا مؤدب جدًا، أنا بس قربت علشان تشوفيني كويس بدل مأنتِ جاهدة نظرك يا حبت عيني وأنتِ بصالي. 


من يراه الآن يقسم انه شخص آخر غير هذا الذي تواجد في المصنع ليلة أمس، تحدثت "أية" وهي تشعر أنه يقوم باستفزازها: 


-حبت عيني ازاي يعني! لو سمحت بطل الأسلوب ده لو ناوي نتناقش في شغل.


علم أنها لا ترغب في أي حديث جانبي، اعتدل في وقوفه وهو يتحدث بجدية لا يشوبها مزاحه أو هوسه المعتاد: 


-هتمسكي الحملة الإعلانية لشركة موسى، اتفقنا؟!


كان ينتظر إجابتها وكالعادة لم تصله عندما سألته بتعجب يشوبه القلق: 


-أيه اللي خلى المستهلكين يجيلهم حساسية؟ 


نظر لها وقد احتدت عينيه بعد أن قام بوأد المزاح: 


-لعبة قذرة من واحد أضعف من أنه يواجهني، تقدري تسميها منافسة غير شريفة، ده مش موضعنا المهم أن اللي جاي علشانه خلص، مش هعطلك عن كدة، حددي معاد نتناقش فيه بعدين ولو يناسبني هقولك، ده الكارت بتاعي. 


اومأت "أية" ومن ثم قامت بطلب "سمر" عبر الهاتف المكتبي لتدخل على الفور وقد تعجبت من وجود "موسى" علمت أنها لم تكن موجودة عندما أتى ودلف إلى المكتب: 


-خدي يا سمر ده كارت الباشمهندس موسى عز الدين، لما نحدد معاك هتكلميه وتأكدي معاه. 


ربما تعمدت أن تعطي الكارت الخاص به إلى سمر أمام عينيه، لقد كانت تشعر بالقلق من تعرضه لها بعد أن عرف طريق منزلها، استفاقت على ذهابه وغلقه للباب، تحدثت"سمر" وهي تعتذر من "أية"  ببعض الحرج: 


-بعتذر مشوفتهوش وهو داخل، اتلهيت مع أيات لأن بقالنا كتير متقابلناش و.. 


قاطعتها "أية" وقد كان هذا الشيء آخر ما يهمها: 


-خلاص يا سمر مفيش مشكلة، المهم دلوقتي شوفي شغلك. 


*بعض المواقف تستحق الوقوف أمامها صامتين ومنتبهين كل الإنتباه، نتساءل في كثير من الأوقات لماذا هذا الشخص في هذا الوقت! ما علة وجودنا هنا، سؤال ليس من السهل العثور على جوابه، ننتهي في النهاية بقولنا الصادق والذي يكون على صواب دائمًا.. إنه القدر*

♡♡♡

انفعلت "حلم" وهي تنظر إلى كلًا من "محمد" و"ماريانا"ولم تجد تفسير منطقي لكل شيء يحدث: 


-ده محنون.. عاجبكوا اللي حصل؟ اتعامل ولا كأن في حاجة وقال أصل عندي شغل، مين اللي كانوا بيطاردوه؟ وليه؟ ولا كأننا راكبين مع واحد من بتوع المافيا! 


ضحكت "ماريانا" وهي لا تعلم ما الذي يجب عليها أن تقوله، أخاها دائمًا ما يتصرف بطريقة غريبة والأمر ليس غريب عليه: 


-يا ماما هو قال أنه متأخر وأكيد لما يرجع هيتكلم معانا ويفهمنا، أكيد الموضوع مكنش خطر أنتِ مشوفتيهوش كان بيسوق وهو مستمتع أزاي؟! 


همس "محمد" إلى أخته وهو يعلم أن في كلا الحالتين سوف يشعر "موسى" أنه يغامر؛ في النهاية هو شخص المغامرة تجري في عروقه مجرى الدماء: 


-اسكتي أنتِ متفهميش حاجة، جنان موسى مبنعتمدش عليه كشيء يطمنا! 


انفعلت"حلم"وقد فاض بها من كل شيء وهي تعلم حقيقة ما يحدث له، الأمر لا يتوقف عن كونه يغامر بل أسوء من أي شيء قد يأتي إلى عقولهم: 


-كام ساعة في القاهرة هيطيروا البرج اللي فاضل من نفوخي، أنا هطلع أرتاح وأكلم عز الدين هو يشوفله صرفة في الهم ده. 


بالفعل صعدت ولم تنتظر "ماريانا" سحبت يد "محمد" قائلة بذهول: 


-أنا مرضتش اتكلم قدام ماما بس فعلًا موسى كان عامل زي بتوع المافيا يا محمد، شوفته ساق العربية أزاي؟ وتعابير وشه لا لا أنا عمري مشوفته كدة أيه اللي غيره في الشهر ده؟ 


حرك "محمد" رأسه نافيًا وقد ظهر عليه بعض القلق: 


-الشغل بيتضاعف في وجوده بطريقة غريبة، أتمنى ميكونش عامله مصيبة وكل مادا أموره تسوء! 

♡♡♡

*بعض الحروب نستحق أن نعاني من أجلها، ليست مجرد حرب؛ إنها حياة كاملة.. إما الفوز بها أو خسارتها إلى الأبد*


دلف هذا المتمرد بعد ان قرأ اسم الشركة جيدًا: 


-شركة الأمل، الأمل ده اللي أنا هاخده منك يا ابن ال****


صمت وهو يعدل من نظارته الشمسية ومن ثم ينظر في ساعة يده برضا: 


-لسة فاضل ساعتين، معايا وقت علشان أربيك حلو يا ابن مسعود. 


سار للداخل، مبنى ضخم، لم يقع عين أحد عليه إلا وقد اصابته الدهشة ليلوح لهم كما لو كانوا أحد معجبيه، وصل أمام المكتب المقصود لتقف السكرتيرة التي تجلس بالخارج على أحد المكاتب الصغيرة: 


-باشمهندس موسى لو سمحت م.. 


اوقفها "موسى" بيده وهو يقول محذرًا: 


-مش عايز حد يقاطعنا يا.. 


قرأ الاسم الموجود فوق البطاقة المعلقة في رقبتها ليبتسم لها باصطناع: 


-يا تقى. 


تركها ومن ثم اقتحم المكتب ليسمع حديث الآخر وهو بتحدث بالهاتف: 


-والصفقة دي لو بتاعتنا خلاص قول على شركة موسى بالسلامة، أنا هعرف أشوف شغلي مع اللي فاكر نفسه ملك زمانه ده. 


أتاه الرد من آخر شخص تخيل رؤيته في هذا المكان وبالأخص في هذا التوقيت: 


-فاكر نفسه!! لا لا يا حسن مكنش العشم! بذمتك أنا مش ملك زماني طب عيني في عينك كدة.. 


اغلق الآخر الخط ووقف في انفعال واضح وقد شعر بالقلق من وجود "موسى" للمرة الأولى هنا: 


-أنت بتعمل أيه هنا؟ مين سامحلك تدخل؟ 


اجابه ببراءة مصطنعة وهو يجلس أمام مكتبه واضعًا قدمه فوق الآخرى: 


-الله يا حسن مش أنت اللي حضرتك العفريت؟ دلوقتي عامل بريء وهتتجنن وتعرف جه منين! مكنت في حالي يا أخي ليه بتصمم أني أجي أكسر دماغك اللي شبه الدومة دي! 


ابتلع "حسن" الكلمات وقد كان يتصبب عرقًا من تلك الزيارة المفاجأة: 


-أنت عايز أيه يا "موسى" بيتهيقلي أبوك لسة مسافر وكلامي مش معاك أنت، أنا كلامي مع الكبار. 


ضحك "موسى" وإن حدث ورآه أحدهم يقسم أن هذه الضحكات من قلبه، اقترب من "حسن" وهو يشير له بالاقتراب: 


-أنت قدام واحد يوزن كبارك كلهم يا حسن، مش عيب تبقى راجل معدي الخمسين سنة وتافه! الغريب أن الواحد قال بعد موت أخوك هتتهد وتتعظ! ولا بتتهد ولا بتتعظ، بس أقولك أنت القذارة بتجري في دمك! 


تابع ببرود وهو يرمقه بنظرات حادة: 


-لو مش عايزني أجيب أجلك دلوقتي قولي باعت اللي يعكر مزاجي ليه؟ ابتديت بالعامل اللي في المصنع وأظن أنه نقلك اللي حصل، والغريب خاتمها بمطاردتي! تعرف لو عايز أخلص منك مش هتكون محاولة؟! 


وقف "موسى" وعلى وجهه تعلو إبتسامة راضية وكأنه لم يهدده للتو، أومأ له: 


-خلينا نشوف أيه ممكن يحصل! بلغ سلامي لحبيبت باباها ميجو. 


أتجه للخارج من بعدها وهو يحاول منع ضحكاته المستمتعة، لم ينتظر "حسن" أسرع بامساك الهاتف ليطمئن على ابنه وقد زاد قلقه عندما لم تجيب ولا يعلم ما الذي من الممكن أن يفعله "موسى" لها.


سار موسى للخارج، اختفت إبتسامته ما إن اتجه للسيارة، جلس بها لدقائق قبل أن ينطلق إلى محل شركة والده، حاول أن يطرد الأفكار من عقله ليفشل، ضرب كرسي القايدة مرارًا ليحاول الهدوء، لم يكتفي بألم يده بل جعلها تدمى وهو ينظر لدماؤه بتشفي وغضب شديد، كلما رأى "حسن" يهاجمه الماضي بلا رحمة، يتذكر هذا الرجل الذي أتى إلى منزلهم في غياب والده ليتحدث مع "حلم" يتذكر همسه إلى "ماريانا" وهو يقول: 


-يلا تعالي معايا علشان عايزك في موضوع ضروري. 


ذهبت"ماريانا" معه وهي تشعر بالتعجب بينما وقف "موسى" البالغ من العمر تسعة وعشرون عامًا، لحق بهم رغم سماعه لصوت "حلم" وهي تنادي بالمطبخ بعد أن ظنت أن "جميل" قد رحل بعد أن سأل على والده ولم يجده: 


-ماريانا تعالي ساعديني، انجزي علشان نخلص قبل مباباكِ يجي! موسى ماريانا عندك؟ 


لا يعلم لماذا سحبها"جميل" للخارج، أتجه للخارج بغضب وهو يتبع أخته البالغة من العمر أثنى عشر عامًا، خرج ولم يجدها، التفت يمينًا ويسارًا ولم يجد لها أي أثر. 


عقد حاجبيه بتعجب شديد وقبل أن يتحرك خارج المنزل سمعها تبكي، كان صوتها بعيد لكنه استطاع أن يسمعه، اقترب ليجدها مع هذا الرجل وهو يقوم بقطع ملابسها ويضع يده على فمها عندما تعالى صوتها: 


-اخرسي، أنا هخلي أبوكِ هو اللي يجري ورايا ويبوس أيدي كمان، لما أذلك في بيته وأمشي يبقى يوريني هيعمل أيه. 


كانت تحاول دفعه وأسرع "موسى" يدفعه بكل قوته صارخًا: 


-أبعد عنها وإياك تمد ايدك عليها. 


تفاجأ"جميل"من وجود هذا الشاب، حاول أن يفكر في شيء سريع يفعله، ركضت "ماريانا" تضم موسى بقوة ودموعها لم تتوقف: 


-خليه ميقربش يا موسى أنا مرعوبة وهو ضربني جامد. 


ضمها "موسى" وعينيه على هذا الحقير، ازال قميصه ليضعه عليها وهو يحاول تهدأتها: 


-اطلعي ومتتكلميش مع حد.. حتى حلم. 


ركضت للمنزل على الفور، نظر "موسى" لهذا الرجل الذي يهندم ملابسه، نظر بجواره ليرى حجر سوف يفي بالغرض، ابتسم "جميل" كأنه لم يفعل شيء، كأنه لا يخجل من فعلته تلك: 


-أبقى سلملي على عز الدين ومتنساش تقوله على اللي حصل يا شاطر وريني بقى هيعمل أيه! يوم ميفكر يأذيني ويقول اللي حصل لبنته سمعتها هتبقى على كل لسان واللي انا مكملتهوش غيري هيكمل حكيه. 


كان هذا الماكر يجيد اختيار حديثه دائمًا، حاول أن يبث السم في عقله وقد نجح: 


-يا حرام محدش هيصدقها وطبعًا راجل زيي ميتصدقش عليه حاجة! يلا خليني أروح أرتاح شوية في بيتي أما أنت أوعى تنسى تقول لأبوك علشان الخبر ينتشر صح. 


رمقه بسخرية وأتجه ليغادر، لم ينتظر "موسى" أمسك بهذا الحجر ليهبط به على رأسه من الخلف بقوة، صرخ "جميل وهو يضع يده على رأسه بصدمه ويرى الدماء تغرق يده، ابتسم الآخر وهو يقف أمامه: 


-بتوجع؟ بس خليني أقولك كلمة بتقولهالي حلم دايمًا الراجل ميقولش حاجة عن ألمه يا جميل! 


سقط جميل وقد تغيرت ملامحه، للمرة الثانية كان يرى "موسى" ملامح الموت، قاطعه في هذا الوقت صراخ "حلم" التي ركضت تجاه "جميل" بصدمة: 


-جميل! أنت اتجننت يا موسى؟ أنت عملت أيه، بسرعة هات التليفون من جوا بسرعة. 


سحبها "موسى" وهو يتحدث محذرًا: 


-مش هتتصلي بحد ولا هتنقذيه يا حلم، هيموت لأنه يستاهل، مش هسيبك تنقذيه فاهمه؟! 


لم تصدق أن هذا هو نفسه "موسى" هذا الخلوق، تساقطت دموعها بعدم استيعاب: 


-عملت كدة ليه؟ ضيعت نفسك ليه يا موسى مش حرام عليك؟! 


نظر للمنزل ومن ثم اعاد النظر لها: 


-أنا قاعد هنا من يوم مماما اتوفت يعني من خمس سنين، صدقيني لو قولت لبابا أني شوفتكو مع بعض مش هيكذبني. 


اتسعت أعين "حلم" وهي لا تصدق أن الشيطان بعينه أمامها الآن بل يسكن معها في هذا المنزل، ابتسم ساخرًا: 


-متنسيش أن أمي ماتت بقهرتها لما عرفت أن جوزها متجوز عليها ومخلف كمان، ردي الجميل بقى يا حلم. 


أشار على "جميل" الذي أصبح ساكنًا، لم يكتفي "موسى" حينها واقترب رغم ارتجاف يده يتأكد من اختفاء نبضه ليبتسم وهو ينظر لها: 


-تقدري ترديه دلوقتي، لو قررتي تقولي لبابا فأنا فوق. 


استفاق من شروده وهو يأخذ أنفاسه بصعوبة، نظر لدماء يده بتقزز ومن ثم قام بمعالجتها وهو يحرك رأسه متوعدًا: 


-خليك يا حسن عنيد لحد متحصل أخوك ده أنتو عيلة بنت*****. 


خرج من السيارة ومن ثم اغلقها وهو يتجه إلى شركة والده ليقابل شاب المصنع الذي لم يغفل عنه أبدًا. 


*بعض الذكريات دمار، بعضها يقتلنا في اليوم ألف مرة، نشعر بالعجز ونحن نقف أمامها لا نشعر بالرضا.. ولا نشعر بالندم*

♡♡♡

ابتسمت "أيات" وهي تجلس أمام أختها على المكتب، بينما "أية" لم ترفع وجهها عن الحاسوب: 


-عارفة يا أية أنا وسمر كنّا مشغولين مشوفناش اللي اسمه موسى ده وهو داخل لكن شوفناه وهو خارج، يا بنتي كان نفسي تشوفي وش رامي وهو بيجيب ألوان، مكنش طبيعي أبدًا. 


ضحكت بينما ظهر على وجه "أية" إبتسامة جانبية لتختفي سريعًا وهي تنظر إلى أختها: 


-ده قليل الذوق أوي يا أيات! قعد يقوله سمج، كان بيتصرف كأنه من بقيت عيلتنا، لا إنسان مش مفهوم وسبحان من جمعنا تاني. 


غمزت لها "أيات" وهي تشبك أصابع يدها اليمنى بيدها اليسرى: 


-مهو دايمًا بنفتكرها صدفة، لكن في الحقيقة هو قدر. 


انتبهت لها "أية" ظنت "أيات" أنها تريد أن تقول شيء، لكنها فاجأتها بحديثها الجدي: 


-عندي شغل ومش فضيالك، حلي عن سمايا لو عايزة تفضلي معايا. 


لم تمر دقيقة إلا وكان الباب يُفتح ويدخل "رامي" باندفاع شديد: 


-لازم نتكلم يا أية ضروري بخصوص ال.. ال... ال... 


ضحكت "أيات" وهي تحدق به: 


-ايه ده هو الشريط سف ولا أيه؟ 


في العادة لا يعجب "أية" طريقة أختها ولكنها ضحكت عندما وجدت"رامي"يشتعل غضبًا: 


-ممكن نتكلم لوحدنا يا أية! 


حركت رأسها بنفي ومازالت كما هي تجلس بهدوء شديد: 


-لو في حاجة في الشغل تقدر تقولها، أيات أختي مش غريبة، غير كدة يبقى لا يا رامي لأن كل اللي بينا انتهى.


سحق أسنانه وقد سيطر عليه الغضب: 


-وعلشان أيه ده كله؟ قوليلي علشان أيه؟ أنتِ بتتلككي علشان تبيعي قولي أنك مبتحبنيش وبلاش لف ودوران. 


مطت "أيات" شفتها السفلى وهي تتصنع التعاطف معه، تجاهلها وعينيه مثبتة على "أية" التي ابتسمت بعدم استيعاب: 


-جو قلب الترابيزة ده مش عليا يا رامي، ألعب غيرها واللي بينا دلوقتي هو شغل وبس. 


ضحك ساخرًا ومن ثم نظر لها بتوعد: 


-حاضر يا أية براحتك، بس أنتِ الوحيدة اللي هتندمي في الآخر، صدقيني هتندمي لما أضيع من أيدك. 


ترك المكتب صافعًا الباب من خلفه، امسكت "أية" الهاتف الخاص بالمكتب لتتحدث إلى السكرتيرة بالخارج: 


-الأستاذ رامي ميدخلش المكتب غير بإذن بعد كدة. 


صفقت "أيات" وهي تتابع كل شيء يحدث: 


-الله عليكِ يا أية يا جامدة، لا يا بنتي الواحد ميقلقش عليكِ. 


*في كثير من الأوقات علينا أن نتخذ قرار حاسم لننقذ ما تبقى من كبرياءنا، سنتعلم مع الوقت، لكن من المهم أن نقلل مقدار الألم بقدر استطاعتنا*. 

♡♡♡

ابتسم "معتصم" بعدم استيعاب وهو يحدق بوجه "موسى" وصديقه الآخر: 


-بجد يعني أنا كدة اتعينت هنا؟ 


ابتسم له "عبد الرحمن" وهو يومأ ويقترب ليجلس على الكرسي المقابل له: 


-أومال فاكرنا بنلعب ولا أيه! الباشمهندس موسى لقاك تستاهل وأنت وشطارتك بقى، أثبت نفسك في مكانك. 


وقف "معتصم" بينما أعين "موسى" تركز عليه بصمت، تحدث بسعادة شديدة: 


-شكرًا جدًا وأوعدكوا أني هكون عند حسن ظنكوا ومن بكرة هتلاقوني ببذل أقصى جهدي. 


ذهب وهو لا يصدق أنه أخيرًا سوف يعمل مع شخص مثل "موسى عز الدين" نظر "عبد الرحمن" إلى صديقه، يلاحظ أنه ليس في حالته الطبيعية، نظر إلى يده الملتفة بالشاش ليقترب منه بلوم: 


-تاني يا موسى؟ 


أمسك بيده ليفلتها على الفور وقد حذرته نظراته الحادة من الاقتراب أكثر، اومأ "عبد الرحمن" وهو ينظر إليه: 


-إيه اللي حصل؟ كنت رايق وكويس لما اتقابلنا الصبح أيه اللي بدل حالك؟ 


تذكر "موسى" لقائه مع "حسن" كيف كان يضغط على أعصابه وهو يحاول أن يستفزه ويثير غضبه: 


-روحت لحسن مسعود. 


ابتعد "عبد الرحمن" وقد انكمش جبينه وهو يتحدث باستنكار: 


-يا ساتر وده رايحله ليه؟ ده واحد غلاوي ولا الولية اللي عندها صورم من جارتها. 


ضحك "موسى" وقد تغيرت حالته، قد شعر بالرضى من حديث صديقه لذلك تابع: 


-منا روحت ادتله كلمتين في عضمه يمكن يبطل الشغل ده، بس على مين يا عبد الرحمن، أنا عارف هيهدى شوية ويرجع لعندي تاني، بس صدقني مش هرحمه. 


لم يعطي "عبد الرحمن" بالًا لتهديد "موسى" الصريح وقد شرد في شيء آخر، شيء يمثل له الكثير وها هو يضيع من بين يديه. 

♡♡♡

وصل "حسن" إلى منزله وهو يشعر بالكثير من القلق، فتحت زوجته الباب لينطلق للداخل: 


-أيه اللي حاصل؟ وفين ميجو؟! 


اقتربت"ميجو" منه وهي تتحدث بضيق: 


-أنا هنا يا بابا مين قالك على اللي حصل؟ أنا قولت لماما متقولكش حاجة. 


اقترب"حسن"وهو يقوم بضمها، ابتعد قليلًا ليطمئن عليها ويحيط بوجهها: 


-قوليلي في حاجة بتوجعك؟ حصلك حاجة؟! 


حركت "ميجو" رأسها بنفي وهي تشير على الأريكة: 


-لا يا بابا أنا كويسة، بس حبيبة هي اللي فتحت علبة الهدايا واتجرحت في جبينها وعند عينها. 


عقد "حسن" حاجبيه بتعجب وهو يقترب من تلك التي تبكي بصمت على الأريكة، تابعت "ميجو" حديثها: 


-في هدية وصلتني وصادفت وجود حبيبة هنا، كنت بلعب في الفون وقولت لحبيبة تفتحها تشوف فيها أيه بس فجأة سمعنا صوت غريبة والهدية انفجرت والغبية دي كان وشها قريب منها وزي مأنت شايف وشها اتبهدل. 


وقفت "حبيبة" وقد شعرت بالكثير من الألم والخوف: 


-أنا وشي بيوجعني. 


نظر "حسن" إلى ابنته ببعض الراحة: 


-تاني مرة متفتحيش حاجة جيالك ولا تستلمي حاجة إلا لما ترجعيلي فاهمة؟! 


اومأت له "ميجو" التفت هو إلى "حبيبة" يتحدث بنفاذ صبر: 


-نعم كنتِ جاية ليه؟ 


اجابته "حبيبة" ببعض التردد: 


-هو حضرتك عارف أن في بداية السنة المدرسين بيطلبوا المصاريف وكمان في دروس وكرم لازم يروحها علشان محدش يضايقه، هي بتبقى مجموعات شهرية. 


تحدث "حسن" بضيق شديد وقد تعالت نبرة صوته: 


-انجزي يعني من الآخر جاية تطلبي فلوس. 


نظرت "حبيبة" إليه وإلى ابنته وزوجته، ابتلعت ما بحلقها لتسمعه يقول بغضب: 


-أومال فين شروق من كل ده؟! 


نظرت "حبيبة" له وقد تحدثت بسرعة وقلق: 


-ماما لسة بتشتغل في محل الملابس بس المرتب ضعيف أوي و.. 


قاطعها "حسن" بيده وهو يخرج بعض المال من جيب بنطاله: 


-اسكتي اسكتي مش هتحكيلنا قصة حياتكو، يلا خدي دول وأمشي لأني مش ناقص. 


كادت "حبيبة" أن تبكي وهي تضغط على نفسها، تود لو تلقي المال في وجهه ولكنها تتذكر وجه أخيها وارهاق والدتها: 


-هو حضرتك لسة مش ناوي تشغلني معاك في الشركة؟! 


ضحك "حسن" ساخرًا وهو يضيق عينيه: 


-تشتغلي فين؟ ده يحصل أزاي بقى وأنتِ معكيش أي شهادة ولا كملتي تعليمك؟! أنتِ مكملتيش الإعدادية يا بت! 


احمرت وجنتيها وهي تتذكر أن بعد موت والدها لم تستطيع أن تتحمل مسؤولية نفسها لقد كانت في الثالثة عشر من عمرها ولم تأخذ أي شيء من مال والدها بل أخذه منها عمها وعمتها بطريقة ماكرة: 


-يلا يا حبيبة وسلميلي على شروق وكرم. 


خرجت على الفور وهي تشعر بأنفاسها تضيق، تحدثت "ميجو" ببعض الضيق: 


-أنا بشفق عليها بجد، بابا لو سمحت متخليهاش تيجي هنا تاني.


سارت "حبيبة" للخارج ودموعها لم تتوقف، وجدت رقم غريب يتصل بها، لم تجيب في البداية ولكن تكرر الاتصال لتجيب: 


-نعم مين! 


أتاها الرد من الطرف الآخر: 


-اسمي حلم، عارفة أنك متعرفنيش بس خلينا نتقابل علشان عندي حاجة تخصك وصدقيني مش هتندمي يا.. يا حبيبة جميل. 


*ما تروه حقيقة، إنه جشع البعض الذي يظن أنه لن يفارق الحياة أبدًا، يظن أنه مخلد بها ليظلم ويأكل مال ليس ماله وحق ليس حقه، البعض يطغى في ظلمه أما البعض الآخر يدركه الهلاك ليكون نهاية طغيانه*. 


*وإلى اللقاء في حلقة أخرى يا أصدقائي*



الفصل الرابع من هنا



بداية الروايه من هنا



تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
CLOSE ADS
CLOSE ADS
close