القائمة الرئيسية

الصفحات

اخر الاخبار

رواية آية_في_الجنون الفصل الرابع♡ثملة! ♡بقلم الكاتبة_ندى_محسن حصريه وجديده

 رواية آية_في_الجنون الفصل الرابع♡ثملة! ♡بقلم الكاتبة_ندى_محسن حصريه وجديده 


اذكروا_الله♡

كان "نوح" يسير كعادته في قرية "مارسانا" جلس أمام النافورة المقابلة لأحد الأراضي الزراعية الخاصة بعائلته، سمع صراخ بالقرب منه وما إن وقف حتى رأى رجل يسحب سيدة من حجابها ليتدخل دافعًا إياه بانفعال: 


-أنت اتجننت ولا أيه؟ أيه اللي أنت بتعمله ده. 


بكت السيدة وهي تقترب مستنجدة به: 


-ابعده عني يا أستاذ نوح بالله عليك. 


حاول الرجل أن يكبت غضبه لكنه فشل، تحدث بغضب شديد: 


-دي مراتي واللي بتعمله أنها بتمنعني عن العيال و.. 


قاطعته الأخرى وهي تحرك رأسها بنفي وتقف خلف نوح: 


-لا مش مراته أنا طليقته، بعدين الست فيروز هي اللي حكمت وقتها وهي اللي قالتلي أن العيال من حقي بعد متجوزت عليا يا أبو عين زايغة، لا ولسة ليك عين تيجي وتقف قدامي وتمد أيدك عليا. 


كان الرجل يشتعل غضبًا من حديثها، تعجب "نوح" من جدته وهي تمنعه حتى من أن يرى ابناءه! أخذ نفس عميق: 


-مش عايز كلمة! أنت ملكش الحق تيجي هنا ولا تتعرض ليها ولا تمد أيدك عليها فاهم ولا مبتفهمش بالذوق؟ مبقتش مراتك وتقدر تشوف عيالك بعيد وتوصلهم لبيتهم، مرة تانية لو حصل الكلام ده مش هتشوفهم خالص فاهم؟ 


حل الصمت وذهبت السيدة لتدخل إلى منزلها، تذكر "نوح" حديث جده عن سبب ابتعاده عن القرية والسفر ليعيش بعيدًا، لطالما كانت "فيروز" ذات رأي متحكم، لا ترى شيء سوى أنها على صواب دائمًا. 


أكمل "نوح" سيره وهو يستمتع بتلك الأجواء الليلية، القمر يتوسط السماء وهناك نجمة مميزة تجاوره، تذكر حياته مع حنان وكيف انتهى الأمر، سمع بصوتها يحيط به وجاهد أن يظل ثابتًا: 


-هو أنت مش ناوي تقابله بجد؟ هو مستنيك ولازم تبقى هادي يا نوح. 


كان يحارب عقله ليتوقف عن الهلوسة، يعلم أن هذا ليس حقيقي، يردد أن هذا مجرد وهم وعلى سره أن يبقى مدفون إلى الأبد. 


-نوح العميري بجلالة قدره عندنا! 


كان ثابتًا لم يتحرك، أصوات تقترب منه وكأنها وحش على وشك أن يفتك به، قبض على يده وكأنه يستعد لقتال دامي، شعر بيد توضع على كتفه ليقم بلوي زراع صاحبها واسقاطه أرضًا، انهال عليه باللكمات وقد برزت عروق رقبته بشكل مخيف، أما الآخر ضحك رغم ألمه وهو يحاول صد لكماته. 


انتبه "نوح" لما يحدث ابتعد عنه وهو يتأكد من عدم رؤية أحد له، وقف الآخر بألم شديد وهو يمسح الدماء عن شفتيه: 


-أستاذ نوح الخلوق، إلا قولي أزاي لسة عيلتك مغشوشين فيك؟ تقدر تحكيلي على فكرًا، أنا أعرف عنك الكتير ومجاتش على دي يعني! 


مسح "نوح" يده من دماء الآخر بتقزز وقام بالقاء المنديل باهمال: 


-مليش مزاج ليك يا مصطفى، مش عايز أتكلم معاك، زي متقول كدة مليش خلق لغيرة الحريم. 


قهقه "مصطفى" ساخرًا وهو يعلم أنه يثير غضب "نوح" كثيرًا: 


-أممم وعلشان كدة بقى بتقتلهم؟ 


نظر "نوح" له، لقد ظهر ثابتًا وهو يحدق به بزرقواتيه، لا ينكر "مصطفى" أنه شعر بالقلق؛ في الأخير هو يعلم أنه يقف أمام شخص غير متزن، شخص لطالما رافقه اللين والقسوة، نقيض على هيئة الموت والحياة، تحدث بهدوء شديد وكأنه يوشك على الفتك بأحدهم: 


-كمل يا مصطفى! عايز تقول أيه؟! 


ابتلع "مصطفى" ما بحلقه عندما تأكد أن لا أحد في المكان، لا يمكنه أن يجازف ويتحدث بما يجول في خاطره، وقتها ربما تكون حياته الثمن، تركه وذهب بينما ارتسمت على وجه "نوح" إبتسامة مستنكرة: 


-لو حد ضايقك متنساش تقوله أنك تبعي.. حلو الكلام؟! 

♕♕♕

في منزل العميري، خرج "سيف الدين" من غرفته، رأى "مريم" جالسة لا تفعل أي شيء، تحدق فقط في الشاشة المغلقة، اقترب وجلس بجوارها قائلًا: 


-حلو أوي الفيلم ده! مثير مش كدة؟ 


نظرت له وهو ابتسم ببرود كعادته، ابتلعت ما بحلقها: 


-تحب تاكل؟ 


نظر لعينيها السوداء، لكنها كانت منطفئة لا تلمع كما اعتاد عليها: 


-بابا كلم بنت عمي واتهربت من المقابلة، لسة بيحاولوا. 


ابعدت وجهها عنه وهي تومأ، وضع بده على وجنتها ليجعلها تنظر له: 


-قوليلي يا مريم أنتِ عايزة أيه بالظبط؟


نظرت إلى عينيه الملونة بلون العسل وقد شعرت بقلبها يخفق كثيرًا، ابتلعت ما بحلقها وهي تحرك رأسها بنفي: 


-مش عايزة حاجة يا سيف. 


قربها منه ومازال يتأمل عينيها: 


-لسة عايزاني أتجوز يا صاحبة العيون الكحيلة؟ 


هربت من عينيه مجددًا ولم تجيبه، وقف "سيف الدين" وهو يومأ مرارًا: 


-براحتك يا مريم، براحتك أوي كمان. 


خرج من شقتهم صافعًا الباب من خلفه، أما هي تحدثت هامسة وكأنه مازال يجلس بجوارها: 


-نفسي أنت اللي ترفض، نفسي أنت اللي ترفض الفلوس والأملاك وتقف قدام الكل، أنا مش هقدر أقف قدام حد يا سيف وأنا واثقة انها مش هتفرق، أنا مش حمل إني أعادي عيلتك.. مش حمل أمك أو جدتك يحطوني في دماغهم ده غير باباك وأخواتك طبعًا. 


طرق "سيف الدين" على باب شقة والده، فتحت عنبر ومن ثم دخلت: 


-تعالى يا سيف لسة ماما كانت بتقولي أناديك. 


دلف "سيف الدين" غالقًا الباب خلفه، اقترب ليجد والدته تبتعد وهي تشير له ليقترب: 


-أبوك كلمها تاني وقالتله أنها هتصفي شغل وبعدين هتيجي، هو مش عايز يضغط عليها علشان ميبقاش مشكوك فيه لأنها عمرها محصلت أنها تيجي هنا.


فكر "سيف الدين" في حديثه مع "نوح" حرك رأسه بنفي وهو يعلم ان الآخر لا يهدد وحسب، هو سوف يقف أمامه بالفعل ووقتها لن يفلح في فعل أي شيء: 


-لازم قبل متيجي نوح ميكونش هنا يا ماما وإلا الجوازة دي مش هتتم. 


عقدت"فاطمة"حاجبيها وهي تفكر ما الذي يمكنها أن تفعله لتبعده، قاطع شرودها "سيف الدين" قائلًا: 


-متشيليش هم أنا هتصرف. 


ابتسمت وقد كان كلًا من "عامر" و"عمار" يشعرون بالضيق الشديد من كل ما يحدث. 

♡♡♡

وصل "موسى" إلى منزله أخيرًا بعد يوم شاق، هم بالصعود إلى غرفته، لكن اوقفه صوت "محمد" الذي تحدث بغيظ شديد: 


-طيب سيبتنا وقولت وراك شغل قولنا ماشي إنما أيه دلوقتي؟ مش ليك أهل أنت ولا أيه؟ 


ضحك "موسى" وهو يقوم بتدليك عنقه: 


-والله يا أخي نسيت أنكو هنا، رغم أني خلاص فصلت إلا أني هغير هدومي وجايلك هوا. 


ابتسم "محمد" برضا وهو يومأ: 


-طيب إذا كان كدة ماشي، هعملنا كوبايتين قهوة وهستنيك. 


صعد "موسى" قام بتبديل ثيابه والجلوس على السرير، فكر في كل شيء حدث الليلة، وضع يده على جبينه بعدم رضا: 


-أيه اللي هببته ده يا ابن عز، حد يعمل الهبل اللي عملته ده؟ 


فتح هاتفه على أحد مواقع التواصل، بحث عن اسمها ولم يجد صعوبة في ايجادها، علم أنها شخص له تواصل مستمر على هذا الموقع، فتح المراسلة بتردد ليكتب لها: 


"بعتذر لو اتصرفت بطريقة بايخة شوية في المكتب و.." 


مسح ما كتبه وهو يدلك جبينه بضيق شديد: 


-هكتبلها أيه؟ معلش أصل كان عندي حالة هوس على رأي حلم؟


أرجع ظهره للخلف ليتمدد على السرير، لم تمر دقيقتان حتى وجد الباب يُفتح وصوت هذا المزعج يقلقه: 


-والله أبدًا، قوم يا موسى مش هحلك. 


جلس "موسى" ساحبًا وسادته ليلقيها في وجهه: 


-جرا أيه يا محمد متركز كدة. 


ضحك وهو يمسك بالوسادة، حرك رأسه بنفي وقد لمعت عينيه بخبث: 


-مش سايبك برضو، قوم بقى وكمان لقيت ماريانا صاحية وقولتلها هنجيلها، روحلها وأنا هصب القهوة وأجي، يلا قدامي مش سايبك. 


وقف "موسى" وقد علم أن حياته الهادئة طوال الشهر الماضي قد انتهت بحضور أخيه، دلف إلى غرفة "ماريانا" ليجدها تقف في الشرفة وبيدها عصير المانجا، لطالما كانت مغرمة به، اقتربت لتقوم بضمه: 


-تصدق أنك وحشتني أوي؟ 


ابتسم "موسى" وهو ينظر لها ومن ثم اقترب ليقوم بضمها، وحده الله يعلم كم كانت المسؤولية تجاهها ترهقه كثيرًا: 


-وأنتِ وحشتيني أكتر، قوليلي بقا أيه حوار عريس الغفلة ده؟ 


نظرت له وقد اختفت ابتسامتها، ابتعدت وهي تتجنب النظر له، لا يعلم ما الذي تشعر به ولكنها اردفت بعد صمت استمر لدقيقتين تقريبًا: 


-ماما مصممة عليه جدًا، بابا مكنش فاضي وهي اقنعته أننا نتخطب وبعدين نتعرف فاهمني؟ 


حرك "موسى" رأسه بتفهم ومن ثم اقترب ليقف في مواجهتها من جديد: 


-أنا فاهم بس اللي مش فاهمه أنتِ! أيه مشاعرك تجاهه؟ 


احمرت وجنتيها وقد كان غريب عليها أن تتحدث في شيء يخص مشاعرها أمامه، ترددت كثيرًا في اخباره بشيء، لكن في النهاية قررت الاحتفاظ به داخل قلبها: 


-أنا قلقانة يا موسى، بس قولت هديله فرصة، يعني عادل شخص كويس ومحترم و.. 


صمتت وهي تعض على شفتيها السفلى لتخرج عن شعورها وتصيح: 


-ودمه يلطش يا موسى بجد! 


ضحك "موسى" وهو يحرك رأسه غير مصدق، هي لا تتقبله لكنهم يضغطون عليها: 


-هتدي فرصة لواحد مش مستلطفة دمه حتى يا ميري؟ لو مش متقبلاه ابعدي من اولها ووفري على نفسك ومش هنقف على ده يعني ولا أيه؟ 


نظرت له وقد كان بداخلها الكثير من الحديث يأبى الخروج، اقترب "محمد" في هذا الوقت وهو يضع القهوة على الطاولة الموجودة بالشرفة: 


-عملتلك أحلى كوباية قهوة يا باشا، هتشربها من هنا وتفضل تحب فيا. 


رفع "موسى" حاجبه الأيمن منبهًا بمزاح: 


-طيب اتعدل يلة. 


ضحك "محمد" ومن ثم جلس على الكرسي الخشبي واضعًا قدم فوق الأخرى: 


-مقولكش بقى يا موسى على تركية وبنات تركية، أتاري أبوك مش راضي يرجع، معرفش ازاي أمي سابته كدة! والله لو مراتي سابتني كدة مهصدق، بس أبوك تحسه متربي برضو. 


ضحكت "ماريانا" على تعابير محمد وحديثه بينما "موسى" رمقه بتحذير: 


-لم نفسك يلة وبعدين كان نفسي أبوك المتربي ده يربيك لكن نقول أيه قدر ربنا. 


سمعوا خطوات قادمة ليلتفتوا عدى "موسى" الذي يقف في الشرفة، يشرب قهوته متجاهلًا حديثهم، ابتسم "محمد" وهو يقف ليشير لها على الكرسي الخاص به: 


-اقعدي يا ماما كنّا لسة في سيرتك. 


لمست "حلم" وجنته وهي تبتسم وجلست، نظرت تجاه "موسى" ومازالت تحتفظ بالابتسامة على وجهها: 


-أيه أخبارك يا موسى؟ مقولتليش صح مين اللي كانوا بيطاردوك لما جيت تاخدنا من المطار؟ 


ابتسم "موسى" ساخرًا، نظر لها للحظات قبل أن يردف ببرود شديد: 


-تصبحي على خير يا مرات أبويا. 


ترك الغرفة وبيده فنجان قهوته، تبادل كلًا من "محمد" و"ماريانا" النظرات، تحدثت والدته وهي تتجه للخارج: 


-تصبحوا على خير. 


ذهبت إلى غرفته، فتحت الباب لتدخل إليها غالقة الباب من خلفها، وجدته يجلي فوق سريره الضخم وهو يحدق السقف ويدندن ببعض الكلمات: 


-وبطير من كتر الفرح لبعيد

وبصير عم برسم معك مواعيد ويزيد حبك في القلب بيزيد وبروح وبروح


وبروح على دنيا ما فيها دموع، فيها سهر، فيها قمر ونجوم... 


أخذت نفس عميق وهي تقترب لتجلس بجواره: 


-لأمتى هتفضل شايفني عدوتك؟ أنا عايزة أفهم أنا أيه ذنبي في كل اللي بيحصل؟ 


قرب يده ليضعها على وجنتها ببرود شديد: 


-حبيبتي يا حلم أنا عارف أنك مش بريئة زي مأنتِ عارفة أني شخص قذر بالظبط كدة. 


ابتسمت "حلم" ساخرة وهي تحرك رأسها بعدم استيعاب: 


-أنا نفسي أعرف أيه الثقة اللي عندك دي، لا لا دي مش ثقة دي بجاحة! أنت إنسان بجح. 


قهقه "موسى" وهو يبعد يده ليرتشف البعض من قهوته وأقل فعل يقوم به يجعلها تحترق، علمت أن حالة الهوس تسيطر عليه الآن، ها هو يتشتت، ربما يغفل عن وجودها وهو لا ينظر لها، شرد في شيء لا تعرفه لكنه يبتسم، شخص غريب حياتها معه لم تكن سهلة أبدًا: 


-موسى أنا هجيب خدامة تساعدني في شغل البيت. 


عقد حاجببه وهو ينظر لها للحظات قبل ان يميل برأسه لليسار: 


-وبعدين؟ هتديها كام في الشهر بقى ويا ترى عندها كان سنة؟ وهتلبس زي رسمي ولا كاچول؟! 


أتت لتتحدث لكنه اوقفها بيده قائلًا بهدوء ولامبالاة: 


-ولا فارقة! متجيبي اللي تجيبيه ولا تعملي اللي تعمليه ولا فارق يا حلم! 


رمقته بغضب شديد وهي لا تعرف ما الذي تقوله له، لا تعلم ما الذي يجب عليها أن تفعله ليتوقف عن مضايقتها: 


-انت إنسان بشع بجد. 


وقفت متجهة للباب فتوقفها جملته المشهورة: 


-الإنسان كرامة.. 


نظرت له ليبتسم باستهزاء، خرجت هي لتختفي إبتسامته على الفور وهو يلقي بالفنجان أرضًا ليتهشم غير مباليًا: 


-مستحيل إحساسي يبقى غلط، هتحاولي تعملي مصيبة جديدة وكالعادة لو عرفت مش هعتقك، خليكِ بتتهربي من كل كارثة بتعمليها.. 


كانت تسير تجاه غرفتها وهي تتذكر حديثها مع "حبيبة" تلك الفتاة الذي قتل "موسى" والدها دون أن يرمش له جفن، سوف تعيد فتح الجرح الذي تم اغلاقه بكامل إرادتها. 

♕♕♕

كانت "أية" في غرفتها، شعرت بالكثير من الضيق ومن ثم خرجت، قامت بطرق الباب على غرفة "أيات" ولم تجد أي رد، فتحت الباب وشعرت بالتعجب عندما لم تجدها في الغرفة، علمت أنها خرجت سرًا من جديد. 


شعرت بالدماء تغلي داخل عروقها، خرجت وامسكت بالهاتف لتتصل بها، لم تجيبها في المرة الأولى وفي المرة الثانية اجابتها وقد استمعت"أية"لصوت موسيقى صاخبة يأتي من بعيد: 


-أنتِ فين يا أيات في الوقت ده؟ 


كانت "أيات" تبتعد عن صوت الصخب وهي تنظر إلى صديقتها "لجين" تحدثت بضيق: 


-أنا برا يا أية مع لجين، مش هتأخر. 


انفعلت "أية" وقد فاض بها من أفعال أختها: 


-ليه هو في تأخير أكتر من كدة؟ تعالي حالًا وأنا لما أشوفك ليا تصرف تاني معاكِ. 


اغلقت الخط في وجهها بينما "لجين" ضحكت وهو تحرك رأسها بنفي: 


-أختك دي عاملة زي الشويش عطية، متعرفش يعني أيه متعة، خروج أي حاجة ممتعة في الحياة حطي جنبها لا في قاموسها.


ضحكت "أية" وهي تومأ لها: 


-صدقتي والله. 


في هذا الوقت ضحكت"لجين"وهي تشير إلى شاب من بعيد وتحسه على الاقتراب، امسكت "أيات" بيدها بانفعال: 


-أنتِ بتشاوري لمين يا لجين؟ بطلي اللي بتعمليه ده! 


ضحكت"لجين" وهي تحرك رأسها بنفي: 


-أصلك مش فاهمة ده يبقى مين، محمد ده ابن راجل من رجال الأعمال اسمه عز الدين ولسة راجع من تركية، متخيلتش أشوفه هنا بالسرعة دي بس الواضح أنه مقدرش يستحمل يفوت فرصة زي دي. 


اقترب "محمد" وهو يبتسم وما إن وصل أمام "لجين" حتى اقترب ليقبل وجنتها: 


-الحلو اللي واحشني. 


ابتسمت "لجين" ومن ثم اشارت له على "أيات" وهي تسحب زراعها: 


-دي بقى يا سيدي صاحبتي واللي اتخرجت معاها السنة دي، أيات أعرفك على محمد. 


مد يده لها وهو يبتسم، صافحته ووجدته يقترب على وشك أن يقبلها كما فعل مع "لجين" لكنها ابتعدت على الفور، رفع حاجبيه بابتسامة متعجبة: 


-مالك!


نظرت "أيات" إلى صديقتها وهي تتوعد لها بداخلها: 


-يلا بينا يا لجين أنا لازم أمشي دلوقتي، أية في البيت زي مأنتِ عارفة مش طيقاني ولا طايفة نفسها. 


حركت "لجين" رأسها بنفي وهي لا تريد أن تذهب: 


-مشربناش حاجة لسة يا أيات، مش هروح قبل مشرب حاجة. 


تدخل "محمد" وهو يشير لها: 


-إذا كان كدة خليني أعزمكوا على حاجة، أنا لسة جاي ومفيش حد معايا، متخيلتش هلاقي حد متأخر كدة. 


لم يعطوا فرصة إلى "أيات" للاعتراض وهمت بسحبها إلى البار، كانت أعين "محمد" تتأمل كل شيء من حوله باعجاب لاحظته هي: 

-يلا تحبوا أطلبلكوا لمون معايا؟ 


تحدثت "لجين" بالكثير من الحماس: 

-لا لا لمون أيه بس، أنا هجرب حاجة جديدة وهتجربوها معايا مليش دعوة النهاردا بتاعي أنا وبس. 

♕♕♕

جلس "نوح" على سطح المنزل، كان يتأمل النجوم كعادته، الأجواء هادئة والطقس منعش، سمع خطوات تصعد على السلم وما إن التفت حتى حرك رأسه بخيبة أمل: 


-انتقل الهدوء إلى رحمة الله. 


ضحك عمار وهو يقترب: 


-على فكرًا بقى صدفة وبما إن الصدفة جمعتنا مش هتسيبنا وتنزل. 


ابتسم عامر وهو يقترب ليجلس يسار "نوح" أما عن عمار فقد جلس يمينه، تردد في الحديث لكنه حسم أمره: 


-ناويين يجوزو سيف الدين فعلًا وهو معندوش مانع، غير كدة ناويين يخلصوا منك. 


عقد "نوح" حاجبيه بينما عامر قام بتجاوزه ليضرب عمار: 


-متختار كلماتك يا ابني أنت، هما عايزين يبعدوك عن البيت في اليوم ده. 


كان "نوح" هادئ تمامًا، لا يعرف أحد بماذا يفكر، لقد وجدوا أنه أملهم الوحيد في إيقاف هذا الزواج، سأله "عمار" بعد ان طال صمته كمن شرد تمامًا: 


-أنت ناوي تعمل أيه؟ 


رفع "نوح" كتفه وهو يتصنع البراءة: 


-كل خير يا ولاد عمي، هنعمل كل خير، قولولي بقى هي جاية أمتى؟ 


اجابه "عامر" وهو يقترب من السور المحيط بالسطح: 


-لسة مش عايزة تيجي، بابا بيقنعها بس بتتحجج وأختها كمان بتقول مش فاضية طول الوقت. 


وقف "نوح" وهو يبتسم بتفكير، أومأ مرارًا وهو يستجيب للصوت الموجود داخل رأسه وهو يخبره: 


•أنت مش هتخلي الجوازة دي تحصل وإلا هيبقى ليها عواقب كتيرة إحنا عارفينها كويس لو عملت مشاكل هنا في البلد ووقتها ممكن الكل يعرفوا حقيقتك فوق. 


-مش هتحصل وإلا وقتها هيشوفوا وش هيندموا عليه بجد.


كان هذا الحديث يدور في عقله أما هو يقف ثابتًا، كعادته تعلو على وجهه إبتسامة هادئ، تجعل كل من ينظر له يتأكد أن هذا الشخص بريء مما قد ينسب إليه عن عمد ودون عمد. 

♕♕♕

كانت "أية" تحاول الأتصال على "أيات" ولم تجد رد، ارتدت فستان أسود اللون ولم تجد أمامها سوا الحجاب الأسود، مازالت تحاول الأتصال عليها وقبل أن تخرج من الشقة وجدت من يجيبها وقد تعجبت من صوته الرجولي: 


-أنتِ مين؟ 


انفعلت "أية" وقد فاض بها وتلفت أعصابها بسبب تأخير "أيات" وعدم اجابتها على هاتفها: 


-أنت اللي مين؟ فين صاحبة التليفون دي متتكلم! 


اجابها الآخر وهو يبتسم ساخرًا: 


-على فكرًا أنتِ مش مدياني فرصة والواضح إن صاحبة التليفون كان معاها حق لما سجلتك زنانة. 


كانت الدماء تحترق داخل عروقها، شعرت بالألم يغزو معدتها وعلمت أن القولون العصبي قد عاد لنشاطه، لكن قبل أن تتحدث سمعت ضحكات "أيات" لم تصدق في البداية أن هذا صوتها لكنها تأكدت عندما استمعت لحديثها: 


-الزنانة بتتصل! شوف كل شوية عمالة تتصل وكأني طفلة صغيرة، قولها أني مش عايزة أجي وهروح معاك يا حلو أنت. 


شلت حركة "أية" وكادت أن تسقط من فرط الصدمة، ادركت أن أختها ليست على مايرام والأدهى أن تكون شربت خمر جعلها تفقد عقلها وهي مع رجل لا تعرف من يكون، اتاها صوته من جديد ولم يستطيع أن يمنع ضحكاته: 


-قوليلي العنوان علشان مش عارف أطلع منها بجملة مفيدة ولو خدتها على بيتي صدقيني الوضع هيسوء جدًا ومش بعيد أتعلق أنا وهي ووقتها هنجيلك إحنا الأتنين. 


ادركت أن هذا الرجل ليس على مايرام ولم يكن بحالته الطبيعية هو الآخر، اعطته العنوان وجلست تبكي بقلة حيلة، لا تعلم ما الذي عليها أن تفعله لتسيطر على أفعال شقيقتها، تذكرت حديث عمها وهو يتمنى أن تذهب للجلوس معهم في قرية "مرسانا" لم يكن الأمر سهل وهي تتذكر حديث والدها وتحذيرها من التعامل معهم، لطالما كانت بعيدة جدًا حتى أنها لا تتذكر أفراد العائلة الكبيرة! 


بكت من قلبها وقد أخذت شهقاتها تتعالى شيئًا فشيئًا، لطالما كانت تلك القوية ذات الوجه البشوش كثيرة المرح، لا تعلم كيف انهارت فجأة هكذا، شعرت بروحها تتألم ولم تكن تبالغ أبدًا، وضعت يدها على فمها في محاولة منها لتمالك أعصابها، وجدت هاتفها ينذر بقدوم رسالة لتنظر له ومازالت دموعها تسيل دون توقف. 


تعجبت عندما رأت اسم "موسى عز الدين" لقد سجلت رقم هاتفه بعد رحيله من أجل العمل، لكن ها هي تقرأ رسالته: 


"عارف أني ممكن أكون شخص سخيف، صدقيني مش بإردتي، لو كنت ضايقتك فأنا بعتذر جدًا، لكن الكائن اللي كان واقف قدامك ده هو اللي نرفزني وأنا شايفه بيتكلم بالطريقة دي" 

"عايز أقولك لو في حاجة بينك وبينه فأنتِ خسارة فيه" 

"تصبحي على خير يا أستاذة أية" 


كانت تعيد قراءة الرسائل دون أن تشعر، لقد كانت شاردة تمامًا كما لو كانت في عالم آخر، اغلقت هاتفها ووضعته جانبًا، أما موسى رأى أنها لم تجيب على رسائله بعد أن رأتها، رفع حاجبه الأيمن وهو يحاول أن يفكر عن سبب فعلتها لكنه لم يجد أي إجابة، ألقى هاتفه على السرير بإهمال وهو يوبخ نفسه: 


-عمال تقولي الإنسان كرامة، الإنسان كرامة وأدي كرامتك هتتمسح بيها الأرض، أنشف كدة يا موسى ومتفكرش في التفاهات دي.. يا ريتك مبعتها.


كانت "أيات" في سيارة "محمد" في هذا الوقت، يتعرضوا للتوبيخ من قبل السائقين الآخرين، كانت تضحك وهي تراه يترنح بسيارته يمينًا ويسارًا حتى توقف أمام المنزل: 


-هو ده يا أيات اللوكيشن بتاع الزنانة بيقول كدة، هننزل يلا. 


امسكت بيده وهي تحرك رأسها بنفي: 

-لا هتتعصب وتصوت في ودني جامد أنا عارفة، بلاش. 


نظر إلى يدها وهي تمسك بيده، ابتسم وحرك رأسه بنفي: 

-أنا معاكِ، في الأول والآخر دي أختك ومش هتأذيكِ. 


اقتربت "أيات" لتستند برأسها على كتفه وهي تحرك رأسها بنفي، ابتسمت قائلة: 

-خلينا نرجع، نقعد، نغني، ناكل ونشرب، خليني مبقاش هنا. 


ضحك "محمد" وهو لا يصدق أنها لا تريد الذهاب إلى منزلها، وضع يده على وجنتها وتابع مستنكرًا: 

-أنا أتمنى أنه يكون بيتي هنا علشان هموت وأنام، يلا انزلي وأنا هساعدك. 


هبط وفتح الباب تجاهها لتمسك بيده: 

-الله حلوة أوي الساعة دي، أنا معنديش واحدة زيها. 


ضحك"محمد"وهو ينظر إلى ساعة يده: 

-مدي رجالي إنما أنتِ معندكيش غير حريمي. 


حركت "أيات" رأسها بنفي وهي غير واعية والأدهى أن "محمد" يجاهد ليقف ثابتًا: 

-مليش دعوة عايزة الرجالي. 


ازالها "محمد" وقدمها لها، ابتسمت بسعادة وهي ترتديها كما لو كانت طفلة زفرت بقطعة من حلوى لذيذة: 

-أنت حلو أوي بجد، ممكن نتقابل تاني؟ أو تبقى عندنا؟ أنا محدش أدالي حاجة قبل كدة. 


سمعت "أية" طرقات على الباب، اسرعت بارتداء حجابها ومن ثم فتحت الباب، رأت "أيات" وهناك شاب يحيط بخصرها ويدها حول عنقه في محاولة منه لجعلها تتزن، ابتسم وقد كانت عينيه حمراء، علمت أنه ليس طبيعي، اقتربت "أيات" وهي تتحدث بملل: 


-تاني جينا للبيت ده، قولتلك مش عايزة أجي هنا ومش عايزة أقعد مع أية. 


ضحك "محمد" وهو ينظر إلى "أية" متعجبًا من ملابسها: 


-أنا قولتلك إنها مش عايزة تقولي المكان مقولتلكيش إنها ماتت. 


اختفت الإبتسامة واتسعت عينيه بصدمة عندما رأى "أية" تصفع شقيقتها بقوة جعلت شفتيها تدمى، لم تكتفي وقد امسكت بشعرها لتصفعها مجددًا، صرخت بها ودموعها تتساقط: 


-أنتِ أيه جنسك فهميني؟ مبتحسيش خلاص! مبقاش فارق معاكِ حاجة وعايزة تدمري حياتك! 


اقترب "محمد" وهو يقف بينهم: 


-بس بس أهدي محصلش حاجة، هي بس عايزة تنام. 


دفعته "أية" بقوة وهي تتحدث بشراسة لطالما اعتادت عليها: 


-أخرج أنت كمان ومش عايزة أشوف وشك هنا وإلا هخليك عبرة فاهم؟ 


ضحك "محمد" وهو يرفع حاجبيه بذهول، يتابع عينيها البنية ويدها التي تدفعه ولا ينكر أنه تألم من لكماتها العشوائية أعلى صدره: 


-أنتِ مش معقولة بجد، بطلي أنا كدة كدة ماشي مش هقعد معاكِ.


اخرجته "أية" ورغم دموعها والحزن الذي يظهر بوضوح داخل عينيها، تحدثت بتوعد: 


-البنت دي لو قربت منها تاني أنا مش هرحمك، صدقني هعمل أي حاجة علشان أنهيك فاهم؟ 


لم تعطيه الفرصة ليدرك شيء من حديثها، قامت بصفع الباب بقوة في وجهه ليبتسم ساخرًا: 


-ده ليها حق تكره عيشتها معاكِ، أيه النوع اللي عمري مشوفته ده! غريبة و و.. ومميزة. 


اقتربت "أية" من شقيقتها لتداري وجهها على الفور وهي تطالعها من بين أصابعها بارتياب: 


-لجين قالتلي اشربي أتنين بس والله مش أنا السبب. 


سحبتها "أية" للغرفة لتقم بدفعها على السرير ومن ثم الخروج واغلاق الباب عليها بالمفتاح: 


-مش رايحة الشغل بكرة، قعدالك يا أيات لما أشوف أخرتها معاكِ.. والله جوازك من خالد أحسن مليون مرة من القرف اللي وصلتيله ده. 

♕♕♕

بعد الكثير من الضيق وهو يوبخ نفسه، استطاع أن يذهب في نوم عميق، لا يصدق أنه يراها في حلمه الآن، كانت هادئة للغاية، تجلس خلف مكتبها وتحدق في حاسوبها الخاص، اقترب هو بانفعال: 


-ممكن أعرف مبترديش عليا ليه؟ 


نظرت له وهي تحرك كتفها بلامبالاة: 


-وأرد عليك بتاع أيه أصلًا؟ أنا مش فاهمة أنت عايز أيه بالظبط. 


دلف "رامي" في هذا الوقت ليتحدث بانفعال واضح وهو يقوم بسحبها لتسقط أرضًا: 


-أنا قولتلك متتكلميش معاه تاني وتستاهلي اللي يجرالك بعد كدة. 


صرخت "أية" بقوة وقد شعرت بالألم، انتفض جسد"موسى"في هذا الوقت وقد تأكد أن هذا الصراخ ليس في حلمه بل هو واقع يحيط به.. إنها "ماريانا" وصراخها يكاد أن يهدم المنزل فوق رؤوسهم... 


♡أمازلت تؤمن بالصدف! لقد بدى هذا التفكير طفولي بعض الشيء، لا شيء يحدث عن طريق الصدفة؛ فالحجر الذي سقط في طريقك وجعلك تغير مسارك بأكمله.. لم يكن صدفة أبدًا، أيضًا أنت لم تأتي إلى هنا عن طريق الصدفة أبدًا♡. 



الفصل الخامس من هنا



بداية الروايه من هنا



تعليقات

close