رواية آية_في_الجنون الفصل الثاني♡الإنسان كرامة♡بقلم الكاتبة_ندى_محسن حصريه وجديده
![]() |
نعرف الشخصيات علشان ميحصلش لغبطة وتكون الدنيا سهلة معانا زي مبتحبوا ✨❤
نبدأ بعائلة العميري
الجد:أمير العمري. الجدة: فيروز الحسيني.
الابناء:
•مهاب: تزوج من كريمة وخلفوا(نوح وأيسل)
•ماهر: تزوج من فاطمة وخلفووا(سيف الدين، عامر وعمار*توأم*، عهود، عنبر)
•سمر: تزوجت من جمال وخلفوا(نور، شمس) ومن بعدها اتجوزت أمين عيسى ونور وشمس عارفين أنه باباهم 😢
∆عائلة مهران بقى والابناء 👇
•عز الدين: تزوج من نورسين وخلف(موسى)
تزوج من حلم وخلف(محمد، ماريانا)
•عايدة: اتجوزت أحمد وخلفت(سما، شهاب، جنة)
باقي الأشخاص هنتعرف عليهم في الرواية بس ده علشان محدش يحس بالتشتت وفي انتظار رأيكوا. ♡♡يلا نبدأ فصلنا
♡اذكروا الله♡
الحياة لا تُعاش غصبًا، لا يوجد إنسان على وجه الأرض يستطيع أن يعيش غصبًا ، لا يوجد من يحب غصبًا، لطالما حكمتنا القواعد المحببة لنّا.. فقط المحببة لنا لنخضع لها في النهاية بصدر رحب وقلب متلهف.
تحدث "نوح" وهو ينظر إلى "سيف الدين" كان يعلم أن بداخله ألم كبير يجاهد لتجاهله طوال الوقت، ألم الفقد، فقد كل شيء تعلق به، يعلم أنه مر بالكثير مع ذلك يصر على نشر الإبتسامة التي تنعش حياتهم:
-وبعدهالك يا مطلع عيني، أخرت اللي بتعملوه أيه يا سيف؟ جدك راح واتجوز واحدة تانية، جدتك طبيعي ميعجبهاش وقررت مش هتعيش معاه من زمن الأزمان وحتى بعد موت ضرتها جدك محاولش يرجع البلد تاني، مشوفناهوش من ساعة موت ابنه الوحيد اللي كان من ضرتها والتعامل اتقطع تماما، حبيبي أفهم أن انتقامها ده مش صح.
انفعل "سيف الدين" وهو يعلم ما الذي سيقوله "نوح" لطالما كان مقنع كثيرًا:
-يا ريت توفر كلامك يا ابن عمي علشان ممنوش فايدة، ومفيش انتقام أو حاجة البت ابوها سابلها كتير وغير كدة أبويا محتاج للشراكة دي ولأمتى هتبقى عايشيين تحت رحمة جدتك؟
ابتسم"نوح"ساخرًا وهو يرمقه بنظرات مشتعلة وهو يعلم حقيقة ما يحدث، لقد كانت جدته تحرك الجميع كالدمى في هذا المنزل:
-أنت صح.. وبدل متشتغل وتكون نفسك اخترت أنك تقعد زي المعاقين وتشوفلك واحدة تصرف عليك، يا أخي ده المعاقين أحسن من قعدتك دي.
دفعه "سيف الدين" بقوة وقد تألم بشدة، كان يتعمد "نوح" مضايقته، يتعمد أن يجعله يشعر من جديد، تحدث إليه بغضب قد جعل عروق رقبته أكثر بروزًا:
-قبل متنطق بحرف بخصوص الموضوع ده، افتكر وراجع نفسك أيدي الشمال راحت علشان مين؟ راحت فداك يا ابن عمي، مندمتش لحظة ولا هندم على اللي حصل، لكن مسمحلكش تجرح في النقطة دي بالذات.
دفعه "نوح" وهو ينظر له بغضب شديد، كانت زرقاوتيه أكثر قتامة لتدل على غضبه الزائد:
-أنت فاهم قصدي كويس، أنا سبق وقولتها وبقولهالك، طول منّا هنا وفيا نفس مش هسمح تحصل المهذلة دي هنا، لو بنت عمك موافقتش عليك يا سيف، أنا اللي هقفلكوا كلكو واحد واحد ولو راجل أتجوزها.
ابتسم "سيف الدين" شعر بالتحدي وهذا جعله يومأ إلى ابن عمه في استفزاز واضح:
-هتجوزها وهتشوف يا نوح.
تركه نوح في شرفة منزل جدته وصعد إلى شقته مع والديه وأخته الصغرى في الطابع الرابع والأخير.
إنه التحدي.. هذا الشعور الذي يشعل الكبرياء في نفوسنا، والذي يجعلنا ندهس أي شيء في طريقنا لنصل إلى وجهتنا، هذا ما سيقوده إلى الجنون ليعوض كل نقص يشعر به، قال أنه لم يندم يومًا.. لكن في الحقيقة هو يندم في كل مرة يشتاق لشخصه السابق.
♕♕♕
وصلت "أية" مع "موسى" أمام العمارة التي تمكث بها هي وأختها، هبطت من السيارة على الفور، كان يعلم أنها تجاهد لتخفي شعور القلق، سار معها للداخل، دلفوا إلى المصعد وهو يشعر أنها بعالم آخر، لا يعلم ما الذي سيفعله، لا يعلم ما الذي أتى به إلى هنا، لكن في الحقيقة تحكمت به روح المسؤولية.
لطالما كان "موسى" هذا الشخص الذي يخدم الجميع ولا يتخلى عن أي شخص مهما كان السبب فما بالكم بفتاة شعر أن جميع حواسها تستنجد به، وصلوا إلى الطابق الخامس، سمعوا صوت طرقات الباب العالية، توقف "خالد" ما إن رأها:
-أهلًا نورتي يا أية هانم.
لم تنتظر "أية" وبحركة مفاجأة اقتربت لتقوم بصفعه بكل قوتها، اتسعت أعين "موسى" بإعجاب كان ينظر لها وكأنه يتساءل ما الذي تفعله، وجد الآخر يشتعل غضبًا من نزيف شفتيه، نظر لها وهو يتحدث من بين اسنانه:
-أزاي تتجرأي يا بنت ال..
كان على وشك صفعها ليسرع "موسى" بالتدخل وهو يمسك بيده ويقوم بصدمه بالباب وهو يقبض على فكه بقوة:
-جرب تنطقها، جرب تغلط فيها قدامي، جاي عايز أيه؟ بتخبط وعلى وشك أنك تكسر الباب وكمان بجح؟!
نظر "خالد" إلى "موسى" بتعجب وغضب في ذات الوقت:
-تبقى مين أنت علشان تتكلم! أنا بخبط على بنت خالتي وخطيبتي دخلك أنت أيه؟
خرجت في هذا الوقت "أيات" ما إن رأت "أية" حتى قامت بضمها وهي تنظر إلى "خالد" بغضب بينما توجه نظراتها المتعجبة إلى أختها من وجود هذا الرجل الذي تراه للمرة الأولى، همست لها الآخرى:
-هفهمك بس مش دلوقتي.
تحدثت "أيات" عندما سمعته ينعتها بخطيبتي:
-لا مش خطيبته، الجواز مش بالعافية يا ابن يوسف وداليا، مش هتجوزك وملكش دعوة بيا.
نظر لها بغضب وهو يحاول التحرر من قبضة "موسى" كانت الثقة تحتل ملامحه، يعلم جيدًا أنه لن يستطيع التحرر من قبضته؛ فهو يشل جسده عن الحركة بضغطه على مراكز الضعف لديه:
-يبني أفهم الإنسان كرامة، أيه معدتش عليك؟
انفعل "خالد" ومازال يدفع"موسى" الذي يبتسم ليزيد من غضبه:
-أجمد يلة الإنسان أيه؟ جاوب يلا مش هسيبك إلا لما تجاوب.
ضحكت "أيات" وهي تنظر إلى "أية" التي وغزتها لتتحكم بنفسها، قالت بهدوء:
-خلاص يا موسى سيبه يمشي من هنا، المرة الجاية لو طلع العمارة تقدر وقتها تعمل فيه اللي يعجبك.
لا يعلم هل هي معتادة على الكذب؟ من يراها يقسم أنها تعرفه منذ زمن وليست من دقائق معدودة! تركه بالفعل وهرول الآخر للأسانسير قائلًا:
-هتندموا، هندمك يا أية أنتِ وأيات، هتلفي تلفي ومش هتلاقي غيري تتجوزيه..
اجابته"أيات"ساخرة:
-ده لما يودوني العباسية يا حبيب ماما.
أسرع "موسى" بجذبه ليدفعه وهو يضرب يده بعضها ببعض وكأنه ينفض عنها شيء مقزز:
-تقدر تنزل على السلالم، بصراحة هنزل فيه وأنا بقرف جدًا.
اتسعت أعين"أية"وهي تراه يتقن الدور كما لو كان ممثل بارع، بالفعل هرب الآخر وهو يشتعل غضبًا، تحدثت "أيات" بإعجاب شديد:
-يا أخي كينج.. عليا النعمة كينج.
ابتسم"موسى"بثقة وهو يعدل من ملابسه، شكرته "أية" بامتنان يصاحبه بعض الخجل:
-عارفة أني عرضتك لموقف بايخ، بس كان لازم حد معانا وإلا كنّا هنتبهدل.
نظر "موسى" لها بحيرة وهو ينظر إلى شقتهم المفتوحة:
-أنتو عايشين لوحدكو هنا؟ معقول!
أومأت له "أيات" لكن قبل أن تنطق بحرف تدخلت "أية" وهي تضغط على يد أختها:
-بابا المفروض يرجع بكرة من السفر، وقتها هنعرفه كل اللي عمله خالد.
كان "موسى" يتابع نظرات "أيات" المتعجبة وقد بدت ساذجة للغاية، كما أنه يرى ارتباك تلك الشرسة التي تحسن الكذب كثيرًا:
-أممم صح لازم يعرف بالتصرف النوتي ده.
رمقته "أية" ببعض الضيق وهي لا ترتاح لطريقته، ربما هي من اعطته الفرصة ولقد كانت تشعر بثقل دمه رغم أن أختها تضحك كالبلهاء:
-بعد أذنك تقدر تمشي وشكرًا لمساعدتك.
سحبت أختها للشقة ومن ثم قامت بصفع الباب، ابتسم ساخرًا بعدم استيعاب:
-يبنت الجاحد! أيه الجحود ده؟
اقتربت "أيات" من أختها وقد لمع الفضول في عينيها:
-مقولتليش مين الباشا القمر ده؟
رمقتها "أية" بغضب واضح لتضحك الأخرى، اجابتها وهي تشعر ببعض الضيق:
-اضطريت أوقفه وأقوله ساعدني، دلوقتي يا خوفي ليجي تاني بعد معرف أننا لوحدنا ومقتنعش بحوار أن بابا مسافر وهيرجع بكرة ده شكله لبط ومش سهل.
جلست "أيات" وهي تفكر ومن ثم اردفت:
-افتكرتك هتجيبي رامي!
ابتسمت "أية" ساخرة وهي تنظر إلى نفسها بالمرآة وتزيل حجابها:
-رامي خلاص موضوعه خلص، أنا مش عايزة أفضل مع الإنسان ده تاني والجوازة دي مش هتتم، سيبك بقى من كل ده وحضري حاجة أكلها لحد مكلم سمر تقفل الشركة قبل متطلع.
تمتمت "أيات" أثناء ذهابها للمطبخ:
-تقفل الشركة مكنش دور في عمارة يا ست أية ولولا وجودنا في الشقة دي مكناش قدرنا نحوش الفلوس اللي بتوسعي بيها شغلك.
انكمشت ملامح "أية" بتقزز وهي تحرك رأسها بضيق شديد من لسان أختها:
-إنسانة محبطة كدة وسخيفة.
♕♕♕
البعض منّا يضحي من أجل الحب، أما الآخر فهو يفعل أي شيء طالما يقوده الخوف.. كحال الكثير من الأشخاص يصبحوا ضحية سهلة للغاية في طريق لم يكن لهم إلا السير به.
-بتحبيه؟
اردفت "أيسل" وهي تلاحظ شرود "مريم" الدائم، وضعت الحجاب على رأسها وهي تبتسم.. مجرد إبتسامة استطاعت أن تبث الكثير من الأشياء:
-مش جوزي أكيد بحبه يا أيسل، سيبك من الكلام ده ومتشغليش بالك بحاجة إلا دروسك، أنا قولت أطلع أقعد معاكو شوية.
أتاها الرد من "كريمة" وهي تشعر بالشفقة تجاهها:
-أنا عارفة فاطمة وعمايلها منها لله، بس دي حياتك يا بنتي ولو مش موافقة على اللي سيف بيعمله من حقك تعترضي.
نظرت "مريم" لها لبعض الوقت وهي تحاول أن تجد الكلمات المناسبة، فشلت في النهاية وهي تشعر بالكثير من القلق، القلق من المجهول الذي يهاجمها في كل لحظة، لطالما كان "سيف الدين" ملجأها الوحيد، ترى أنه يشعر بغصبها عليه، يمنع نفسه عن كل شيء وكأنه ليس من حقه شيء، تعلم أنه يعاني ولكن ماذا عنها؟ لا أحد يفكر في أمرها ولا أحد يهتم على كل حال.
قاطع هذا الصمت خروج "نوح" من غرفته، كان يتثائب، تعجب من وجود "مريم" نظر لهم للحظات وهو يرى شحوب وجهها:
-صباح الخير!
اجابوه برد مماثل ونظراته تحاوطهم، اقترب من "مريم" ببعض القلق:
-في حاجة حصلت ولا أيه؟
وقفت وهي تحرك رأسها بنفي، اتجهت للباب قائلة:
-أنا قولت أتطمن عليكوا بس، سلام.
هربت على الفور من نظراته، لم تواجهه، نظر إلى والدته ومن ثم إلى "أيسل" التي اجابته دون أن يسأل:
-شكلها حزين علشان موضوع سيف وجوازه من بنت عمنا، أنا بجد صعبانة عليا أوي يا أبيه.
أومأ "نوح" بتفهم ولم يظهر شيء على وجهه، يتذكر حديثه معها ليلة أمس عندما قابلها صدفة أمام شقتها في الطابق الثالث، اخبرها أن من حقلها الاعتراض، اخبرها أن تتحدث وتقول كل ما يجول بخاطرها، كالعادة فضلت الصمت، لطالما حاول أن يفهم تلك الفتاة ذات الحديث القلق، إنها كما ارادت زوجة عمه بالضبط، سمع صوت والدته وكأنها تسمع ما يدور بعقله:
-منها لله فاطمة ربنا مش هيسامحها على اللي بيحصل في مريم، البت غلبانة وملهاش غيرهم.
بينما في شقة "سمر" في الطابق الثاني، كان زوجها "أمين" يصرخ في بناته:
-أنتو زي قلتكوا، بالعكس جايبين للواحد وجع الدماغ بس.
كانت كلًا من "نور" و"شمس" يقفوا وهم ممسكين بيد بعضهم البعض، لا أحد يجرأ على الحديث في هذا الوقت، وقف "أمين" أمامهم وهو يرمقهم بغضب جحيمي، وجه نظره إلى"شمس" بالتحديد قائلًا:
-من تاني فسختي الخطوبة وحتى مفكرتيش تيجي تقوليلي، مشيتي بدماغك وكأن أبوكِ مات.
نظرت "شمس" له، كانت تعلم أنها لو اخبرته لم يكن ليوافق، الأدهى من هذا أن يغصبها على العودة له كالمرة السابقة وهي لا تطيق النظر في وجهه:
-أنا مش..
قاطعها "أمين" صافعًا إياه، رفع سبابته وهو يحذرها:
-لما أتكلم أنتِ تخرسي خالص فاهمة؟
انكمش جسد "نور" كانت تعلم أن الأمر لن يمر مرور الكرام، وجه "أمين" نظره لها وهو يتساءل:
-بنتي التانية بقى عملت أيه مع نوح؟
نظرت "نور" إلى والدتها، كأنها تستغيث بها، اقتربت"سمر"في هذا الوقت:
-يلا يا أمين بقى، خلينا ننزل علشان الفطار مش عايزين نتأخر على ماما علشان محدش يتكلم و..
قاطعها هي الأخرى وهو يحاوط "نور" بعينيه:
-مش عايز كلمة يا سمر، بصيلي يلا وقوليلي عملتي أيه؟!
ابتلعت "نور" ما بحلقها وهي تتصبب عرقًا، حاولت أن تتحدث بشيء، لكن صوتها اختنق، لم يكن بمقدورها فعل شيء سوى البكاء، أمسك بشعرها برفق وهو يتحدث بلين مصطنع:
-الراجل كان كويس معاكِ، كنت بشوفه يجي ويقعد هنا، عملتي أيه خلتيه طفش من وشك؟
لم يجد منها رد، قام بسحب شعرها بقوة ليدفعها إلى غرفتها ومن ثم دلف إليها وقام باغلاق الباب:
-بما إنك مصممة تعملي فيها خارسة أنا هعلمك أزاي تتكلمي.
أمسك بالحزام الخاص به، انهارت "نور" وقد سيطر عليها البكاء وهي تحرك رأسها بنفي:
-أنا معملتش حاجة، نوح بيعاملني زي أيسل، مفيش حاجة غير كدة، أنا معملتلهوش حاجة والله هو اللي مبقاش يجي يقعد مع ماما.
اقترب "أمين" والغضب يسيطر عليه:
-مش بعد ده كله هنطلع من المولد بلا حمص، الواد ده تجيبيه راكع عندك علشان يتجوزك فاهمة؟ تتصرفي زي متتصرفي هو ده المهم عندي يا نور.
اومأت على الفور، أشار لها لتخرج مسرعة ودموعها لم تجف، دلفت "سمر" له ومن ثم اغلقت الباب:
-أمين لآخر مرة هقولهالك معاملتك مع البنات وخوفهم منك غير مقبول بالنسبالي، أنت مش باباهم و..
وضع "أمين" يده على فمها بتحذير وهو يشعر بالقلق من أن تسمعها أحدهم بالخارج:
-أنتِ اتجننتي ولا أيه يا سمر، أنتِ متخيلة لو واحدة فيهم سمعتك هيكون أيه الوضع؟ بعد كل ده تيجي تقولي أني مش أبوهم أي حد مكاني وأي أب مكاني هيعمل كدة، متنسيش أنك أول واحدة هتندم لو كلمة زي دي طلعت تاني.
تركها وخرج من الغرفة، جلست هي تحاول أن تنظم أنفاسها، لا تعلم ما الذي يجب عليها أن تفعله، فبناتها على يقين أن "أمين" هو والدهم منذ أن كانوا أطفالًا.
انتهى نوح من أخذ حمام دافئ في شقته التي لم يمر يومًا إلا ودلف إليها ليجلس بها قليلًا، وقف أمام المرآة وصوتها يتردد داخل أذنه:
-أنت الحلو في دنيايا والباشا اللي مكمل مشواري معايا أيه رأيك بقى في الشعر ده؟
ابتسم وهو يتذكر خفة ظلها وسيرها، عينيها التي يقسم أنها فريدة من نوعها، همس مشتاقًا معاتبًا:
-وحشتيني يا حنان أوي.
شعر بها بجواره لينتبه لها ويراها تبتسم وهي تمسح وجنته:
-لسة زي مأنت مش ناوي تبطل تكلم نفسك؟!
ابتسم لها وهو يحيط بخصرها وفي هذا الوقت وجد هذا الرجل الذي يبغضه أكثر من أي شيء في حياته يسحبها منه، اشتعلت أعين "نوح" ليتحدث من بين أسنانه المطبقة على بعضها البعض:
-سيبها قبل مخلي روحك هي اللي تسيبك.
رأى ضحكاته المتتالية وهو يحرك رأسه نافيًا كمن يريده ان يفقد عقله، أمسك "نوح" كوب المياه الموضوع على الطاولة الخشبية الصغيرة وبحركة سريعة القاها في اتجاهه، استفاق على صوت المرآه وهي تتهشم، اتسعت عينيه وهو ينظر حوله وقد تصلب جسده، اعتصر رأسه بين كفيه ولم يستفق إلا على طرقات الباب ليتحدث بانفعال شديد:
-نعم!!
ترددت "أيسل" ولا تعلم ما الذي يحدث له ليجيبها بهذا الانفعال:
-بابا نبه عليا أقول لحضرتك تنزل تاكل معانا علشان تيتة مصممة.
أخذ "نوح" نفس عميق وهو يدلك رقبته، وقف وهو يهندم ملابسه ليجيبها بلين:
-حاضر يا حبيبتي قولي لبابا هنزل حالًا.
نظر لقطع المرآة وقد عقد حاجبيه في ضيق:
-لحد أمتى هتفضل تنطلي يا ابن ممدوح حتى في الخيال!!
♡♡♡
استيقظ وهو يتثائب بتثاقل شديد ويتمتم بملل بعد سماعه لصوت المنبه الذي ينتشر صوته في الشقة بأكملها:
-مش فاهم أنا لامتى هنفضل في الهم ده.
خرج من الغرفة ليجد والده يجلس على أحد الكراسي وبيده أحد الجرائد، كان يطالعه من فوق عويناته الطبية بابتسامة استفزازية:
-صباح الخير يلي مش نافع.
تأفف "مصطفى" وهو يتجه إلى المرحاض ويتحدث سرًا بضيق شديد:
-مش فاهم أنا أيه الصباح اللي زي الزفت ده.
تحدثت والدته التي تضع الطعام على الطاولة الأرضية:
-يلا أقعد يا ممدوح علشان تفطر عقبال مصطفى يخرج من الحمام تكون لينا عملتلك الشاي وتروحوا الأرض على طول.
ابتسم"ممدوح"ساخرًا وهو يحرك رأسه باستنكار:
-ابنك ده مش نافع في حاجة، ده معرف عنه في البلد كلها أنه نسونجي وبتاع بنات، يا مفيدة ابنك ده خلاص راحت عليه.
شهقت "مفيدة" بطريقة سوقية وهي تقف مواجهة ل"ممدوح" بانفعال واضح:
-أنا ابني سيد الرجالة وألف مين تتمناه، هو بس علشان أحلى واحد هنا البنات هي اللي هتموت عليه.
رمقها زوجها بغيظ شديد وهو يزيل عويناته الطبية:
-الله يشفيكي أنتِ وابنك، لينا يلا يا حبيبتي علشان ناكل.
أعاد النظر إلى "مفيدة" زوجته وهو يحذرها بغضب شديد:
-يكون في علمك بس لو ابنك عمل مصيبة تانية انا لا دافع حاجة ولا ليا علاقة بحاجة، بس يا ريت تنبهي عليه ملوش دعوة ببيت العميري علشان العيلة دي هي اللي ليها وزنها في مرسانا دلوقتي واللي يدوسلهم على طرف البلد كلها هتدوس عليه.
اقتربت "لينا" وعلى وجهها تعلو إبتسامة مبهمة لا أحد يعرف سرها:
-تقصد طول مفيهم نوح مهاب العميري، مفيش مشكلة إلا وبيلاقيلها حل، بيساعد الكل بدون مقابل، أنا عمري متخيلت أن حد يبقى بيساعد الكل بدون مقابل وبعدين شخص بريء كدة وعلى نياته وكاريزما في نفسه.
ابتسمت "مفيدة" ساخرة وهي ترمقها بغضب:
-طبيعي يا حبيبتي ياكل عقل الناس بكلامه، مش مدرس لغة عربية؟ وبعدين مالك يا بت متتعدلي كدة واتكلمي عدل أيه الاعجاب ده كله؟!
شعرت "لينا" بالكثير من الخجل وقاطعهم صوت "مصطفى" الذي خرج وهو يجفف شعره بالمنشفة:
-سيبيها يا ماما طول عمرها بنتك معندهاش ذوق، بس خليني أفكرك يا لينا أن أي علاقة ممكن تجمعك بنوح العميري في المشمش.
ابعدت "لينا" وجهها عن أخيها الذي جلس دون انتظار وبدأ في تناول الطعام في شراهة.
♡♡♡
هبط "نوح" بخطواته السريعة، رأى "نور" تخرج من شقتها في الطابق الثاني ليتحدث إليها:
-صباح الخير يا نوري، أيه أخبارك النهاردا؟
ابتسمت "نور" وهي تنظر له، بينما هو انتبه إلى تورم عينيها، عقد حاجبيه في تعجب:
-مالك؟ في حاجة مزعلاكِ ولا أيه؟ وبعدين مروحتيش الجامعة ليه؟!
حركت رأسها بنفي واقتربت لتقف أمامه:
-أنا كنت هروح الجامعة النهاردا بس حسيت أني تعبانة، لكن شمس راحت من بدري.
أومأ لها وهو يتعجب من اقترابها الزائد منه، عينيها تحدق به وكأنها تراه للمرة الأولى وتحاول أن تحفر ملامحه داخل عقلها، تحدث "نوح" وهو ثابت أمامها:
-لو تعبانة مش لازم تروحي، اللي اتعلموا خدوا أيه يعني؟ طبعًا الكلام ده بيني وبينك ليقولوا نوح بيحرض العيال على الفساد وأنتِ لسة اولى جامعة يعني بسم الله معاكي ست سنين في طب.
ابتسمت "نور" وهي لا تعلم ما الذي يجب عليها أن تقوله، كان وقوفها أمامه بتلك الطريقة شيء يتعجب له، سار من جوارها:
-يلا أحسن منتأخر وجدتك هتسمعك كلمتين..
هبط وهي تبعته، يعلم أن هناك شيء غريب، ربما عاد والدها ليحثها على التقرب منه، يظنه الجميع مغفل ولا يعرف ما الذي يجب عليه فعله، هو حقًا يشفق على احفاد عائلة العميري إلا هو..
ربما يكون أكبر عدو للمرء هو المرء نفسه، وحده يثق في هذا، وحده يدرك الحقيقة القاسية، لم يكن يومًا هذا الرائع، لم يكن هذا البريء كما ينعته الجميع، لطالما كان شخص لا يعرفه أبدًا.. فمن الأفضل الابتعاد عنه وليس مجاورته.
♡♡♡
كانت "أية" تتناول فطورها قبل أن تذهب إلى شركتها وبيدها الهاتف تتصفح الأخبار، ابتسمت عندما أتى أمامها إحدى المنشورات الفكاهية، تحدثت "أيات" التي خرجت وهي تهندم نفسها:
-قوليلي بقى أيه رأيك في الفستان ده؟ جامد مش كدة؟ بدل البنطلون اللي بيعصبك.
ابتسمت "أية" وهي تومأ لها باعجاب شديد:
-شوفي بقيتي أميرة أزاي! عقبال الحجاب بقى.
ابتسمت "أيات" وهي تقترب لتجلس أمامها على المائدة، علمت "أية" أن أختها ترغب في شيء ما، لم تنتظر لتجدها تحدثت باندفاع:
-أنا هاجي معاكِ الشركة النهاردا، مين عارف مش يمكن أشتغل معاكِ قريب.
نظرت "أية" لها وهي تضيق عينيها:
-العبي غيرها، لولا خوفك مكنتش هسمع الجملة دي.
ابتسمت "أيات" وهي ترفع كتفها غير مبالية:
-المهم أني هاجي معاكِ وخلاص، لو هقابل صحابي هطلع من برة لبرة.
تجاهلت"أية" النظر لها وهي تتعمد اخافتها لعلها تهدأ قليلًا وتتوقف عن الذهاب لرؤية أصدقائها المشاغبون والتي لا ترتاح لهم أبدًا:
-ومين قالك بقى إنك لما تقابليهم من برة برة مش هيلاقيكِ وياخدك غصب عنك وعني ومحدش هيعرفلك طريق بعدها؟ أنا بقول نجوزك ليه ونخلص من لعبة القط والفار دي.
انفعلت "أيات" وهي ترمق أختها بغيظ شديد:
-طبعًا روح البائسة اللي جواكِ بتمنع أنك تشوفيني متطمنة يا شيخة طمنيني ولو بالكذب حتى هو أنا هقول لا!!
ضحكت "أية" وهي تتجه للمرآة وتعدل من وضع حجابها ليصبح فضفاض حول وجهها وهي ترتدي ما يسمى بالبندانة السورية أسفله، ابتسمت "أيات" وهي ترفع ابهامها لها:
-جاامدة لا سيدة اعمال بصحيح.
لا شيء يضاهي تشجيع من يحبك على فعل كل ما هو جيد، لا شيء يضاهي هذا الخوف النابع من قلب يخشى أن يصيبك أي ألم، قلب يحافظ عليك كقطعة ألماس يقلق من أن تصبح مداس.
♡♡♡
كان "موسى" يقف خارج المطار وهو يحمل باقة من الورود يشعر أنها لا تناسب هيئته أبدًا، نظر بجواره إلى صديقه "عبد الرحمن" الذي غمز له:
-رايح تخطب وش.
ضربه "موسى" بالورد في صدره وهو يحدثه ساخرًا:
-أبقى قدمه أنت بدل مأنت لازقلي زي قلتك كدة.
ضحك "عبد الرحمن" وهو يشم رائحة الورد متنهدًا بعشق، رمقه "موسى" بتقزز:
-متتظبط يلة!
لم يعيره الآخر أي إهتمام وعينيه مسلطة على جميع من يخرج، ابتسم وهو يشير لصديقه:
-بص يا موسى، هما اللي خارجين هناك دول؟
ابتسم "موسى" عندما وجد أخيه "محمد" يزيل نظارته الشمسية ويركض تجاهه، ركض هو أيضًا ليقوم بضمه، ضحك محمد:
-يا أخي هو شهر اللي سافرته عند بابا وحسيت فيه أني مش أنا، وجودك طلع بيفرق.
ضرب "موسى" رأسه بخفه وهو يشعر بالكثير من السعادة:
-علشان تعرف تسيبني تاني وتسافر، ده أنا خلاص كنت حبيت الهدوء.
ابتعد "محمد" رافعًا إحدى حاجبيه بتحدي وهو يغمز له:
-تؤ أنسى من هنا ورايح هتلاقيني رايح جاي في كل حتة في الڤلة، دي الغربة طلعت وحشة أوي.
أثار انتباههم "عبد الرحمن" الذي تخطاهم ليقف أمام "ماريانا" التي تتابعهم بابتسامة لم تغادر شفتيها كوالدتها "حلم" تحدث عبد الرحمن وهو يقدم لها الورد:
-حمدلله على السلامة.
نظرت "ماريانا" إلى الورد بدهشة وهي تنظر إلى "موسى" الذي اقترب وهو يسحبه منه:
-ده أنا اللي جايبه بس هو شاله لحد مسلم على محمد.
نظر "عبد الرحمن" له بغيظ وقد تعمد "موسى" هذا، ضحكت "حلم" وهي تحرك رأسها بفقدان أمل:
-لسة زي مأنت يا موسى مش هتتغير.
لم ينظر لها وقد تجاهل وجودها تمامًا:
-يلا بقى علشان هوصلكوا ويا دوبك أطير على الشركة علشان عندي مليون حاجة النهاردا.
ابتسم محمد ساخرًا وهو يجر الحقائب:
-مليون مرة واحدة، ده أنا أخويا بقى جامد أوي.
ارتدى "موسى" نظارته الشمسية التي لا تفارق عينيه في الصباح إلا لوقت قصير:
-من يومي وأنا جامد يا ابني وأيه الجديد.
كانت "حلم" ترمقه بعدم رضا، يتسبب وجودها اهتزاز قلبه بطريقه تزعجه كثيرًا، يحاول الاعتياد وفي كل مرة يجد نفسه هاربًا، تمنى أن ينتهي أمر "ماريانا" سريعًا لتعود إلى تركية حيث والده.
كان يقود سيارته وبجواره "عبد الرحمن" أما بالخلف يجلس محمد بالمنتصف وعلى يمينه والدته وبجواره أخته، تحدث ليقاطع صمتهم:
-أختي الحلوة اللي بتخبي على أخوها قوليلي أيه حوار عريس الغفلة ده؟ مين سيء الحظ اللي اتجرأ؟
لم تتغير تعابير وجهها وهي تنظر له في المرآة:
-فترة تعارف يا موسى..
تعجب من طريقتها، علم أن هناك الكثير خلف عينيها الغير مبالية والتي تشبهه إلى حد كبير، استفاق على صوت صديقه وهو يخبره:
-في عربية ماشية ورانا يا موسى! خدت بالك؟!
تأكد "موسى" أن هناك سيارة تتبعهم بالفعل، أومأ وهو يتحدث بهدوء:
-اربطوا حزام الأمان لو مش رابطينه يلا علشان عندنا طلعة.
أنهى جملته ليقود بسرعة مضاعفة لسرعته، انفعلت "حلم" وهي لا تفهم من سيهتم ويتبعه:
-خد بالك يا موسى حااااسب..
تعليقات
إرسال تعليق