أعلان الهيدر

2023/10/15

الرئيسية رواية متي تخضعين لقلبي الفصل العاشر والحادي عشر حصريه وجديده علي مدونة النجم المتوهج للروايات والمعلومات

رواية متي تخضعين لقلبي الفصل العاشر والحادي عشر حصريه وجديده علي مدونة النجم المتوهج للروايات والمعلومات

 

متى_تخضعين_لقلبى

الفصل العاشر والحادي عشر 

لم يستوعب فريد  ما حدث الا وجسدها ينزلق من بين يديه ، صرخ بأسمها برعب ثم حملها وقد لاحظ بعض الدماء تتساقط من انفها ، تفحص جسدها مسرعاً ليتأكد من عدم وجود اى إصابات خارجيه ثم ركض بها نحو الخارج ، كان يصرخ بكل من يقابله وهو يحملها كالأموات بين يديه ، صعد بها إلى السياره وهو لا يزال يحتضنها ويتمتم برعب ويمسح على شعرها ووجهها بحنان :

-حياة خليكى معايا .. انا اسف انى سبتك ومشيت .. الله يخليكى فتحى عينيكى .. خليكى معايا حياة متناميش .. 


كانت السياره تسير بأقصى سرعه لها مخالفا سائقه كافه الإشارات المروريه للوصول بأسرع وقت ممكن وهو يرى زوجه مخدومه شبهه منتهيه ورغم ذلك لم يسلم من صرخات فريد الذى كان يوجهها له بقوه 

 بعد قليل وفى وقت قياسى توقفت السياره امام المشفى  الخاص الذى كان فريد من اكبر مساهميه ، كان كبير الأطباء يقف فى انتظاره عند مدخل الطوارئ لاستقبال حياة بعدما هاتفه فريد فى الطريق ليخبره بما حدث ، بمجرد رؤيتهم للسياره ركض كبير الأطباء ومعه المسعفين لأخذها  منه ثم ركضوا بها مباشرة نحو الداخل ، ربت الطبيب حازم فوق كتف فريد الذى كان وجهه يبدو كالأشباح من شده الذعر مطمئناً وهو يتمتم له قبل ان يركض هو الاخر مسرعاً نحو الداخل :

-متخافش حضرتك هعمل كل اللى نقدر عليه واطمنك لما اخلص .. 


ظل فريد واقفاً مكانه كالجماد يحدق فى أثرها وهم يركضوا بها  إلى  للداخل رافضاً عقله تصديق كل ما مر به ، ظل هكذا بدون حراك يقف مصدوماً لمده لا يعلمها الا الله حتى خرج الطبيب حازم من غرفه الاستقبال يركض فى اتجاهه قائلاً :

- حاله تسمم .. احنا دلوقتى بنعملها غسيل معده .. وبعد كده هنطلعها على غرفه الاشعه نطمن ان مفيش نزيف داخلى .. 


فاق فريد من صدمته وسأله مستفسراً بجمود وقد عاد عقله للعمل :

-نزيف !!!!!!..

اجابه حازم بأسف قائلاً :

-فريد بيه للاسف من التشخيص المبدئي حاله التسمم دى مقصوده .. هنتاكد بالتحليل بس دلوقتى لازم نطمن انه معملش نزيف داخلى جوه وخصوصاً بعد نزيف الأنف اللى حصلها .. وعمتاً الحمدلله ان الأعراض بانت عليها .. فى ناس بيحصلها نزيف داخلى بصمت من غير اى اعراض .. بس من الكشف المبدئي الحمدلله اتلحقت بدرى وان شاء الله مفيش حاجه خطيره .. 


انهى الطبيب جملته ثم استأذنه فى الرجوع للداخل مره اخرى ، فى تلك اللحظه وصل كبير الحراس مع باقى موظفيه إلى المشفى بمجرد لمح فريد له ركض نحوه ثم قام بتسديد عده من اللكمات إلى وجهه وهو يصرخ بِه بغضب قائلاً :

-كنت فيييين !!! كنت فين وهما بيعملوا فيها كده .. 

اخفض الحارس رأسه للأسفل  بخنوع تاركاً لمديره فعل ما يشاء به فالخطأ خطأه 

ابتعد فريد عنه  بعدما امتلاً وجه حارسه بالدماء ثم قال له بنبره مهدده وهو يشير إليه بأصبعه :

-لو جرالها حاجه هخليك تحصلها سامع !!! اقسم بالله لخليكم كلكم تحصلوها ..


****


بعد قليل خرج الطبيب وبرفقته حياة المستلقيه فوق الناقلة الطبيه (الترولى) وهى لازالت غائبه عن الوعى ، ركض فريد نحوها يمسك بيدها ويمسح على شعرها بحنان وهو يمنع جاهداً دموعه من التساقط ، تحدث إليه الطبيب المساعد قائلاً بأهتمام بعدما لاحظ حاله الالم والحزن الذى يمر بها فريد :

-لو حضرتك حابب تطلع معانا الاشعه عشان تكون مطمن مفيش مشكله ..


هز رأسه لها موافقاً دون النظر إليه فهو لم تكن لديه أدنى نيه فى تركها بعد الان 

 انتهت إجراءات الفحص وطمأنه كبير الأطباء  بأستقرار حالتها وعدم وجود اى مضاعفات اخرى او نزيف داخلى ثم قام بنقلها إلى غرفه خاصه . 

دلف فريد إلى الغرفه بخطوات بطيئه متثاقله ، وقف امام الفراش بقلبه المنهك يتأمل شحوب وجهها وتلك الابره الطبيه المنغوسه داخل كفها الرقيق لتتولى مهمه نقل المحلول إلى سائر جسدها ، تحرك ببطء نحو مقدمه الفراش ثم انحنى بجزعه فوقها ليضع كفه بحذر فوق راسها ثم مسح على شعرها بنعومه وحنان قبل ان تتحرك شفتيه نحو جبهتها ، طبع قبل مطوله فوقها صاحبتها دمعه واحده سقطت عنوه من بين أهدابه جعلتها تجفل اثناء نومها 


 اخذ نفساً عميقاً يهدء به بركان المشاعر الذى يموج بداخله ثم دفن راسه يستنشق عبير شعرها ببطء وشغف ، اعتدل بعدها فى جلسته وجر المقعد الموضوع فى احدى أركان الغرفه الاربعه إلى جانب الفراش ليجلس عليه واتكأ بذراعيه على طرف الفراش ثم مد يده يتحسس كفها الاخر بحنو قبل رفعه بحذر امام وجهه ، تأمله مطولاً ثم اخذ يتحسس بإصبعه ذلك الشريان النابض عند مقدمه معصمها كأنه يتأكد من قيامه بمهمته على اكمل وجهه فذلك الشريان ينقل الدم لحياته قبل حياتها ، طبع قبله حانيه فوقه ثم قام بطبع عده قبلات رقيقه متتالية داخل كف يدها وهو يتمتم بحزن :

-اسف .. اسف انى فى كل مره بوعدك محدش يأذيكى ومش بقدر اوفى بوعدى .. 


انهى جملته ثم عاد لتقبيل كفها وأصابع يدها كلاً على حدى وهو يحتضن كفها داخل كفه العريض ، بعد قليل دلف كبير الأطباء  إلى الغرفه بعدما قام بالاستئذان منه ثم تنحنح وهو يقف قبالته قائلاً بحذر :

-فريد بيه .. نتايج التحاليل طلعت وزى ما قلت لحضرتك قبل كده .. شكنا طلع فى محله .. حياة هانم اتناولت عن طريق الفم سم حيوانات وبالأخص فئران .. 


جحظت عين فريد للخارج وبدا الاحتقان جلياً على وجهه وعضلات جسده المنتصبه ولكن لم يعقب ، تنحنح الطبيب مره اخرى مستطرداً حديثه بتوجس :

-احم .. فريد بيه الموضوع كده فيه شبهه جنائية وانا لازم ابلغ ..

انتفض فريد فى وقفته واحتقن وجهه وهو يجيبه بنبره جامده ضاغطاً على حروف كلماته بتحذير قوى :

-محدش هيحقق مع مراتى .. فاهم !!!!..

ارتكبت ملامح الطبيب ثم بادر بحروف متعلثمه يبرر طلبه قائلاً :

-بس انا لازم اخلى مسئوليتى .. دى مشكله لوح.... 

قاطع حديثه نبره فريد الناهره قائلا بحده :

-ملكش دعوه انا هتصرف .. 

انهى جملته الاخيره واخرج هاتفه وقام بطلب شخص ما ثم تحدث على الفور قائلاً بنفاذ صبر وحده :

-اسمعنى .. فى حد ابن ** حاول يسمم مراتى والمستشفى مصممه تبلغكم عنه .. خلصلى الموضوع ده دلوقتى من غير ما تتحرك من مكتبك فاهمنى !!!!.. 


صمت لبرهه ثم اضاف بنفس نبرته الآمرة :

-وبكره اللى عمل كده يكون عندى .. تتصرف تشق عليه الارض وتطلعه والاقيه قدامى .. بكره فاهممممم !!! 

انهى مكالمته ثم استدار بجسده نحو الطبيب بغضب وشراسه قائلاً ببرود وهو يرفع احدى حاجبيه فى اشاره للتحدى :

-فى حاجه تانيه ؟!!.. 


هز الطبيب راسه نافياً بصمت ثم تحرك بخطوات مسرعه نحو الباب ، أوقفه صوت فريد يسأله بجمود :

-نقدر نطلع امتى ؟!.. 

اجابه الطبيب بمهنيه شديده وثبات مفتعل :

-مفيش اى خطوره على حياتها تمنعها من الخروج .. بس يُفضل انها تستنى معانا ال٤٨ ساعه الجايبن عشان تستعيد عافيتها ..

اجابه فريد بنفاذ صبر قائلاً :

-شوف هتكون محتاجه ايه وانا هوفره فى البيت مش عايزها تفضل هنا .. 

اومأ الطبيب برأسه موافقاً فهو يعلم جيداً عدم جدوى النقاش معه ثم أردف قائلاً بخنوع :

-مفيش مشكله هجهز لحضرتك واحده من افضل الممرضات عندى تتابع معاها أمور العلاج .. وزى ما قلت لحضرتك ال٤٨ ساعه الجايبن مهمين .. هتلاقى سخونيه وهلاوس كل ده طبيعى جدا وواحده واحده هتستعيد  وعيها وترجع احسن من الاول ان شاء الله  ..


اومأ له فريد بجمود طالباً منه الانتهاء من إجراءات الخروج بأسرع وقت ممكن ، فهو لا يستطيع تأمينها جيداً وسط هذا الكم الهائل من الأفراد حتى لو كان داخل مشفاه الخاص .


****


فى الخارج ، حمل فريد حياة التى مازالت غائبه عن الوعى  بتملك رافضاً كل محاولات او عروض حرسه او موظفى الإسعاف فى مساعدته ، صعد بها إلى السياره بحذر وهو لا يزال يحملها ويضمها إلى صدره بقوه ، فى الحقيقه هو من كان بحاجه إلى ذلك العناق ، بحاجه إلى قربها ، إلى ان يشعر بدقات قلبها قريبه من صدره حتى تستكين روحه المرتجفة   ويتسلل الهدوء لخلايا جسده المنتفض . 


وصل إلى المنزل ووجد فى استقباله عفاف التى علمت بما حدث فأنتفض قلبها هى الاخرى ذعراً على تلك الفتاه التى كانت تعاملها بحنان ورأفه 

انتهى فريد من وضعها برفق داخل الفراش فى غرفته وطلب من السيده عفاف تبديل ثياب المشفى لها ومساعده الممرضه التى جاءت معه فى الاعتناء بها حتى يعود ثم تحرك نحو الخارج بوجهه مكفهر وعرق نابض منتفض من شده الغضب ، أمر نصف حراسه بالتحرك معه ثم صعد إلى سيارته وانطلق بها .


كان الوقت قد تجاوز منتصف الليل عندما وصل فريد إلى فيلا والده وأطلق زمور سيارته بقوه ليحث الحارس على فتح الباب الرئيسى ليتسنى له الدخول ، انتفض الحارس من مقعده على صوت اْبواق السيارات التى كانت تدوى دون توقف وهرول مسرعاً ينظر فى شاشه المراقبه عن هويه ذلك المتطفل ثم قام بفتح الباب راكضاً بتوجس من مظهر ابن رئيسه الغاضب ، اندفع فريد بسيارته للداخل بسرعه ساحقه تتبعه سياره حراسته ثم توقف امام الباب الداخلى ، ترجل منها وعيونه ترمى بشرر من شده الغضب ثم تحدث إلى رئيس حراسه يأمره بأقتضاب :

-خليكم هنا لو احتجتكم .. 


انهى جملته وتحرك يركل بقدمه وبكل ما أوتى من قوه الباب وهو يطرق عليه بكفه فكاد الباب ينكسر تحت وطأه طرقاته وغضبه ، آفاق جميع من فى البيت على خبطات فريد المتلاحقة وركضت الخادمه برعب تفتح الباب ثم تنحنت جانباً عندما رأت فريد وهو بتلك الحاله ، وقف فى منتصف البهو يصرخ بصوته الجمهورى هاتفاً :

-يا جيهان هانم !!!! انتى يا جيهاااااان انزليلى هنا .. 

ركض غريب من فوق الدرج حيث مكان فريد ثم توقف امامه ينظر له بغضب واضح ثم نهره بقوه قائلاً :

-ايه ده !!! فى ايه !!! انت اتجننت ؟!. ازاى تعمل كده فى بيتى فى الوقت ده !!!! .. 


مد فريد احدى ذراعيه يزيح والده من امامه بعدما حرك عينيه ينظر إليه شرزاً وهو يقول بأهتياج :

-انت لسه شفت جنان !! ..

ابتسم بشراسه ثم قال بتهديد وهو يضغط على شفتيه بقوه ثم صاح بوالده قائلاً :

-انا بقى .. فريد .. هوريكم الجنان اللى على اصله .. انتى يا جيهان يا سكرى تعاليلى هنااااااااا .. 

انهى جملته بصراخ هز أركان المنزل وجعل والده الواقف بجواره ينتفض ، هبطت جيهان إلى الاسفل وهى تغلق رداء نومها الحريرى بأحكام وتتسائل ببرود وأشمئزاز :

-ايه ده !! فى ايه ؟!.. ايه الهمجيه دى ؟!... 

ركض فريد نحوها وقبض على ذراعها بقوه وغزرأظافره  بذراعها  قائلاً بعصبيه شديده :

-عملتى ايه فى مراتى انطققققققققى ..


هدر بسؤاله بقوه جعلتها تنتفض من مكانها وتجيبه برعب من بين تأوهاتها قائله :

-معملتش حاجه .. اه سيب ايدى دى قلتلك معملتش حاجه ... 

اجابها فريد بغضب وهو لايزال يضغط على ذراعها بقوه مستطرداً حديثه وقائلاً بحنق :

-امال مين اللى عمل !!!! مين اللى حطلها السم فى الاكل !!! مش ده اللى كنتى بتعمليه معايا زمااااان !!!!! ..


حركت رأسها نافيه بيأس وقد بدءت تشهق بصوت مسموع من الم ذراعها وقوه قبضته قائله بتوسل :

-معملتش حاجه .. والله ما عملت حاجه انا معرفش انت بتتكلم عن ايه .. 


نفض فريد ذراعها بقوه تاركها تتلمسه بحذر للتأكد من عدم اصابته ثم اجابها بتحذير قائلاً وهو يرميها بنظرات احتقاريه :

-انا بنفسى هعرف مين اللى عمل كده ولو كان ليكى دخل بالموضوع ده اتشاهدى على روحك ..فريد اللى كنت بتأذيه زمان خلاص بح مبقاش موجود .. وأقسم بالله لو عرفت ان ليكى يد فى الموضوع لكون مولع فى البيت ده بكل اللى فيه .. فاهمه !!!!!!! .


انهى جملته بصراخ قوى وهو ينظر نحوها بشراسه قبل ان يستدير للخارج ويغلق الباب خلفه بعنف رج معه أركان المنزل من شده قوته ، توجه غريب نحوها يسأله بأسف :

-عملتى ايه يا جيهان ؟!.. 

هزت راسها نافيه بعدم تصديق فائله :

-معملتش حاجه .. والله ما عملتش حاجه . 


*****


عاد فريد إلى منزله ومنه مباشرة إلى غرفته للاطمئنان عليها ، دلف إلى الغرفه بهدوء فوجد الممرضه تجلس فوق المقعد الموجود بغرفته فى حاله تأهب ، انتفضت من مقعدها بمجرد رؤيته ووقفت تنتظر تعليماته ، سألها بأرهاق مستفسراً عن حالتها وهو لا يحيد بنظره عن الفراش حيث هى مستلقيه :

-فى جديد ؟!.. 

هزت الممرضه رأسها نافيه فاستطرد حديثه قائلا بجمود :

-طب تقدرى تروحى انتى تقعدى فى اى اوضه جنبنا وانا هكون معاها .. 

قاطعته الممرضه قائله :

-بس يا فريد بيه ..

قاطعها فريد بحده متجهماً  :

-مفيش بس .. نفذى اللى قلت عليه من غير كلام كتير .. هتلاقى اوض كتير فاضيه استخدمى اى واحده منهم بس خليكى قريبه عشان لو احتاجتك .. 


وافقت الممرضه على اوامره بخضوع وتحركت من الغرفه على مضض ، انتظر فريد خروجها ثم بدء فى حل آزار قميصه الملطخ ببعض دمائها وهو يزفر بتعب ثم التقط احدى ملابسه النظيفه من خزانه الملابس وتوجه نحو المرحاض ليغتسل وياخذ دشاً دافئ ليريح به عضلاته المرهقه 


خرج بعد قليل وهو يرتدى تيشرت ابيض وبنطال رياضى من اللون الاسود ، ثم تحرك فى اتجاه فراشه يتسلقه بحذر بعد ان رمقها بعده نظرات ناعمه ، مد كفه يتحسس حرارتها ثم زفر بضيق ، ، لقد بدءت حرارتها فى الارتفاع ولكن ما يطمئنه هو الدواء الموضوع داخل المحلول المعلق بكفها 

، مد إصبعه يزيح احدى خصلات شعرها التى تمردت من الجديله التى قامت بعقدها لها السيده عفاف ، ثم انحنى يطبع قبله فوقها قبل ان يعتدل فى جلسته ويرجع برأسه للخلف ويستند برأسه على ظهر الفراش ثم أغمض عينيه المرهقتين وهو يتنهد بوجع ،  ابتلع لعابه بصعوبه وهو يتذكر ما شعر به وهو واقف امام غرفه الطوارئ منتظر خروجها ، تلك الدقائق شعر كأنها دهر كامل يعيشه ، كان قلبه يرتجف بقوه كأنه سيتوقف فى اى لحظه عن العمل ، لم يجد امامه سوى التضرع ، التضرع لله بكل حواسه ، التضرع بقلب طفل نقى لم يتجاوز السابعه تعلمه والدته لاول مره كيفيه الخشوع لله ، بصرف النظر عن انتصاب جسده ، كانت روحه ساجده بكل حواسه يطلب منه برجاء العاصى قبل التقى ان يحفظها له . 


فتح عينيه مره اخرى ورمش بجفونه عده مرات لطرد تلك الدموع الدخيله التى تجمعت فى الداخل دون استئذان ، مرر كفيه فوق وجهه بتعب ثم استدار برأسه ينظر إليها كأنه يتاكد من وجودها هنا وبجواره ، فبعد اعتياده على فكره وجودها الدائم معه شعر بعدم اهميه اى شئ اخر ، الغضب والانتقام والشراب والسهر ، كل شئ يبعده عنها لن يكون له مكان فى حياته فقد اختبر اليوم هذا الشعور المزعج ولا يريد تكراره مره اخرى تحت اى ظرف كان . 


*****


شعرت حياة بأنها سقطت بمفردها داخل بئر عميق مظلم وقد تحولت إلى عقله الاصبع ، كانت تتلفت حولها بذعر فكل شئ حولها يبدو عملاق ، ما بين صحوتها وغفوتها كانت تتداخل الاحداث فى عقلها ، كان الفراش الذى تستلقى فوقه يبدو عملاق ويبدو وكأن سقف الغرفه سيسقط فوقها فى اى لحظه ليسحقها تحته بعد ان عادت إلى سن التاسعه مجدداً ، حاولت التسلق على جدران ذلك البئر فى محاوله بائسه منها للخروج ، ولكن بائت كل محاولاتها المستميتة بالفشل لذلك تخلت عن الفكره وعادت إلى قاعه تجلس هناك بخنوع وهى تضم ركبتها نحو قفصها الصدرى تنتظر هبوط سقف الغرفه فوق جسدها الضئيل  ، فجاة لمحت جسد عريض برائحه ما تعرفها جيداً وتميزها من بين مئات الروائح تتجه نحوها ، انتظرت وصوله إليها ثم تنهدت بأرتياح قبل ان تنتنفض من جلستها لتركض نحوه وتشكو إليه ذلك الوخز الذى اصاب كفها ، تململت فى نومتها ثم همست بأسمه بخفوت من بين غفوتها :

-فريد ..

كان صوتها لا يزيد عن الهمهمة ولكنه وصل إلى حواسه ، وصل إلى قلبه قبل اذنه ، انتفض يعتدل فى جلسته وهو يجيبها بصوت أجش مملوء بالحنان :

-عيون فريد وروح فريد ..

رفعت كفها الموضوع به تلك الابره الحاده ثم اجابته بوهن :

-فريد فى وجع هنا خليه يروح .. 

ابتسم بحزن ثم امسك يدها بحذر يطبع قبله حانيه للغايه فوقه قبل ان يجيبها بحنو كأنه يتحدث إلى طفلته  :

-حبيبى مينفعش تتشال دى عشان تخفى بسرعه .. 

حركت رأسها بتعب شديد رافضه تصديق حديثه ثم اجابته باعتراض طفولى بصوت لا يزيد عن الهمس :

-مليش دعوه انت وعدتنى .. خلى الوجع ده يروح .. 

مرر إصبعه أسفل جفنه يمسح تلك العبرات التى تجمعت داخل عيونه قبل سقوطها ثم انحنى بجذعه يطبع قبله حانيه فوق جبهتها وهو يتمتم لها قائلاً :

-حاضر .. ثوانى وهشيلهالك .. 

انهى جملته ثم تحرك بجسده للخارج يبحث عن الممرضه التى اصطحبها معه ، عاد بها إلى الغرفه ثم طالبها بنبرته الآمرة المعتاده :

-شيلى المحلول ده من ايديها ..

نظرت إليه الممرضه بدهشه ثم فتحت فمها معترضه :

-بس يا فريد بيه ده مش كويس عشانها ..

اجابها فريد بحده ونفاذ صبر :

-قلتلك شليها .. بتوجعها .. شوفى اى طريقه تانيه تاخد بيها العلاج .. 

اطرقت الممرضه برأسها مفكره فى حل ما ثم اجابته على مضض قائله :

-هو الحل الوحيد انى اشيلها دلوقتى واستبدلها بأبره عاديه بس الصبح لازم اعلق محلول تانى عشان الجفاف ..

وافق فريد على الفور متمتاً براحه :

-ماشى على الاقل تكون ارتاحت شويه منها .. 


انتهت الممرضه من عملها وقامت بنزع تلك الابره الحاده من يدها وقامت بوضع لاصق طبى فوق أثرها ثم انسحبت من الغرفه بهدوء .


تسلل فريد مره اخرى إلى جوارها بهدوء ثم قام بطبع قبله حانيه على كف يدها المتألم وموضع اللاصق الطبى قبل ان يستلقى على الفراش بهدوء ، تحركت حياة وقد بدءت تشعر بالبرد يتسلل إلى جسدها الضعيف لتندس داخل احضانه وهى تتمتم بخفوت :

-خليك هنا .. انا بردانه .. 

اجابها بصوت أجش عميق :

-انا دايماً هنا .. 

رفعت كفها تتلمس وجهه برقه كأنها تتأكد من وجوده ، لم يقاوم اغراء النوم بين أحضانها لذلك ، اقترب بجسده اكثر يضمها إليه ويحاوطها بذراعيه حتى شعر بدفء انفاسها يلحف عنقه بقوه ، اغمض عينيه ببطء يستمتع بذلك الدفء الذى احاط قلبه من اقترابها منه ثم اقترب منها اكثر يقبل وجنتها وجبهتها وانفها ثم تحرك ببطء نحو شفتيها يطبع قبلات خفيفه ناعمه ، كان يعلم جيداً انه يستغل وضعها وعندما تتذكر ما فعله ستقوم بتعنيفه ولكنه فكر بيأس وليكن فهو ليس قديساً ولا تنتظر منه ان تكون بمثل هذا القرب منه ويستطيع السيطره على مشاعره ..


ظنت حياة انها داخل حلم غريب ولكن جميل ، يقوم رجل ما ذو قناع بأنقاذها من بين براثن وحش مخيف ثم يطلب منها بحب وهو يركع على ركبه واحده ان تتزوجه ، وافقت بفرحه على طلبه فقفز يبنتصب فى وقفته بسعاده ثم احتضنها بحب وهو يتمتم فى اذنها بكلمات حب شغوف ثم بدء بطبع قبلات خفيفه متفرقه فوق وجهها ، مدت حياة كفيها وهى تبتسم له لنزع ذلك القناع الذى يخفى ملامح فارسها عنها فوجدته فريد ، ابتسمت بخجل ثم أسندت  رأسها فوق كتفه براحه قبل ان تغمض عينيها وتذهب فى نوم عميق .


****


فى الصباح استيقظ فريد فوجدها غافيه داخل احضانه بهدوء وتدفن رأسه داخل تجويف عنقه ، اغمض عينيه بأستمتاع ثم دفن انفه داخل شعرها يستنشق عطره المميز فحتى تلك التفصيله البسيطه لم تغفل عن عفاف اثناء مساعدتها لها بالامس ، فكر بسعاده ، ماذا سيحدث اذا توقف العالم الان وعند تلك اللحظه بالذات ، ما سيحدث هو انه سينعم براحة وجودها داخل احضانه للأبد ، ولكن اكثر ما يزعجه هو حرارتها التى تزداد بشكل دائم مع هلاوسها المستمرة ، تململت هى بين يديه لفتره قبل ان تبتعد عنه وهى تفتح عينيها بكسل اذا انها لازالت داخل حلمها الخاص حتى انها استيقظت بداخل غرفه بألوان زرقاء زاهيه لا تعرفها ابداً ، ابتسم لها بحنان ثم طبع قبله حانيه قوف أرنبه انفها وهو يتمتم بحب :

-صباح الخير .. 

ابتسمت له بخجل فهى تعلم انها لازالت داخل الحلم ولكنها تستمع بكافه تفاصيله ، بدءت تتحرك من الفراش فاعتدل على الفور يسالها مستفسراً :

-حبيبى رايحه فين ؟!.. 

اطرقت راسها بخجل وقد بدءت وجنتيها تورد ثم اجابته بتعب شديد وهى لازالت مطرقه الرأس :

-عايزه اروح الحمام واغسل وشى .. ممكن؟!  .. 

ابتسم لها بأشراق ثم اقترب منها يضع ذراعه تحت ركبتها ويحملها بين ذراعيه حتى وصل إلى باب الحمام فاوقفته معترضه : 

-لو سمحت نزلنى وانا هكمل .. 

اقترب برأسه من وجهها ثم سألها بخبث وهو يحك انفه بوجهها :

-طب مينفعش اكمل للاخر ؟!!.. 

هزت راسها له معترضه فانزلها على مضض وبحذر واختفت هى بجسد هزيل ومتعب داخل الحمام ، بعد قليل خرجت منه وقد بدءت تترنح من شده الحراره والتعب فيبدو ان هذا المشوار القصير قد اضناها ، حملها فريد على الفور وضمها بين ذراعيه يقربها اكثر نحو صدره ، وصل بها إلى الفراش وجلس فوقه وهى لازالت داخل احضانه ، سألها بقلق :

-حياة انتى كويسه ؟!..

أصدرت همهمه خفيفه ثم حركت راسها تحت صدره وهى مغمضه العينين ، سألها مره اخرى بترقب يتمنى بداخله رفضها :

-تحبى انزلك ؟!.. 

حركت جسدها لاعلى قليلاً حتى تستطيع الاختباء داخل تجويف عنقه ثم قالت بعدم وعى :

-مش مشكله .. انا عارفه انك مش هنا .. 

اجابها بصوت أجش هامس :

-مش ممكن اكون هنا .. 

حركت راسها داخل عنقه ثم تمتمت هامسه :

-شششش .. انت مسافر وانا عارفه ان كل ده مش حقيقى .. 


انهت جملتها ثم انتظمت انفاسها دلاله على ذهابها بنوم عميق ، احكم لف ذراعه حول خصرها ، ثم استلقى فوق الفراش وجسدها يقبع فوقه بهدوء رافضاً إنزالها او وضعها فى وضع اكثر راحه فهنا هو مكانها الطبيعى حيث قلبه ، لقد خُلقت من هذا الضلع ، وهذا الضلع موجود لتستند عليه .


#متى_تخضعين_لقلبى 

الفصل الحادى عشر ..


قضت حياة اليوم التالى لها ما بين الصحوه والغفوه مع الاستمرار الدائم لهلاوساتها وأحلامها الغريبه والتى كان العامل المشترك بينهم جميعاً هو شخص واحد .. فريد .

اما عنه هو فكان ملازماً لها خلال الليل والنهار لا يتحرك من جوارها الا لمتابعه اخر التطورات لمعرفه مرتكب تلك الجريمه بحقه وحقها ، ثم يعود إليها مره اخرى راكضاً ينصت بإستمتاع إلى هلاوسها بقلب أب حنون قبل ان يكون قلب عاشق وما أشد سعادته عندما كان يستمع إلى اسمه يخرج من بين شفتيها عالماً انه محور تلك الهلاوس ، فهى مازالت تلجأ إليه مثلما كانت تفعل فى صغرها ،وها هو الان يجلس بجوارها يستمع إليها ويلبى طلباتها مثلما كان يفعل أيضاً وهو صغير ، تذكر بسعاده ان اول خطوه لها تحركت نحوه هو ، واول ركضه لها كانت لتصل إليه ، واول شكوى منها كانت إليه ، كان تفسير والدته ووالدتها على ذلك التعلق الشديد هو افتقار كلاً منهما لوجود اخ او اخت من نفس فئتهم العمريه  ، وكم سمع من شفتيهما كلمه "حياه اختك " ولكنه ابداً لم يستسيغ تلك الكلمه ويبدو ان قلبه أيضاً لم يفعل فهى ببساطه لم تكن اخته . 


فى اليوم الذى يليه بدءت حرارتها تعود طبيعيه وعليها كانت استفاقتها قريبه لذلك قام فريد بنقلها إلى غرفتها وأكد على كل من بالمنزل واولهم السيده عفاف التى كانت ترعاها فى اوقات انشغاله بعدم التطرق لتلك الحادثه والاهم عدم التحدث عن اى تفاصيل تخص ميعاد عودته او وجودها داخل غرفته .


فى منتصف النهار فتحت حياة عينيها بتثاقل ووهن ، قطبت جبينها وعقدت حاجبيها معاً محاوله تذكر ما حدث ، استغرق الامر قليلاً لمعرفه ما يدور حولها وسبب تيبس عضلاتها قبل ان تنتفض من نومتها بفزع وتنظر حولها بقلق ، حركت رأسها عده مرات محاوله طرد تلك المخاوف من رأسها ، طمأنت نفسها بقوه كانت مجرد احلام والدليل انها هنا غافيه داخل غرفتها ، اذا ليس هناك داع للقلق ، هكذا حدثت نفسها داخلياً ، مجرد احلام عابره ليست الا ، طل هناك سؤال واخد يفرض نفسه داخل عقلها بقوه ، هل عاد إلى المنزل ام لا ؟!!.. 


 قررت بعد قليل التحرك من ذلك الفراش واكتشاف ذلك بنفسها فهى أيضاً لا تعلم كم مضى على مرضها ومن اسعفها فاخر ما تتذكره هو محاولتها للخروج من غرفتها لطلب المساعده ووصول شخص ما ، تحركت من الفراش وقررت التوجهه إلى المرحاض والاغتسال جيداً بالماء الساخن لانبساط عضلاتها واستعاده نشاطها قليلاً وبالفعل بعد حوالى ساعه كانت تقف امام المرآه تنظر برضى بعدما قامت بتجفيف شعرها وتركه منسدلاً بحريه فوق كتفيها ثم قامت بوضع لمسات بسيطه من الكحل واحمر الشفاه لاعاده بعض اللون إلى وجهها ، هزت كتفيها بعدم اهتمام وهى تتسائل لماذا ارادت فعل ذلك ولكن يبدو ان مزاجها كان مرحاً دون اى اسباب او هذا ما حاولت إقناع نفسها بِه قبل التحرك للأسفل .


بمجرد خروجها من الغرفه استرعى انتباهها وجود عدد من الأشخاص يتناقشون بتركيز فيما بينهم ، اكملت طريقها للأسفل عندها صادفت السيده عفاف التى أسرعت إليها مهروله تستقبلها بترحاب وهى تقول بحبور :

-حمدلله ع السلامه .. البيت نور .. لا البيت ايه .. دى الدنيا كلها نورت .. 

احتضنتها حياة بحب وهى تتمتم بخجل :

-الله يسلمك يا داد .. 

ابتعدت عنها قليلاً حتى ينسى لها رؤيتها جيداً ثم سألتها بفضول :

-داد قوليلى هو حصل ايه ؟!.. 

ارتبكت نظرات عفاف قليلاً وهى تتذكر تنبيهات رب عملها التى وصلت لحد التهديد فأجابتها محاوله اخراج نبرتها مقنعه  قدر الامكان :

-حاله تسمم .. واضح ان الاكل بتاع بره ده كان فى مشكله .. 

صمتت قليلاً ثم اضافت بنبره نادمه :

-ياريتنى مسمعتش كلامك وكنت عملتلك الاكل بايدى .. 

اقتربت حياة منها مره اخرى تربت على كتفها قائله بود واضح :

-خلاص يا دادا الحمدلله انه محصلش حاجه اكتر من كده تلاقيها بس غلطه المطعم متحطيش فى بالك .. 

انهت جملتها ثم اضافت تسال بفضول قاطعه المجال على عفاف لأجابتها قائله :

-دادا .. ايه الناس دى ؟!.. 

اجابتها عفاف وقد عّلى ثغرها ابتسامه واسعه  قائله بحماس :

-ده مهندس ديكور فريد بيه طلبه عشان يهد البار اللى هنا ويشوف هيعمل ايه بداله .. 


اتسعت حدقتى حياة بدهشه وسعاده حقيقه حتى شعرت بترقرق الدموع بداخلها  ثم سألتها بكلمات متعلثمه من شده صدمتها قائله :

-البار ... اللى كان بيش...؟!.. ده حقيقى .. هو فعلا هيشيله ؟!..

هزت عفاف رأسها موافقه وقد ازدات ابتسامتها اتساعاً برؤيه السعاده واضحه على وجهه حياة التى أشرق وجهها بابتسامه وسعاده حقيقه  لم تشعر بها منذ زمن بعيد .


فى تلك الأثناء كان فريد عائداً من المستودع الصغير الملحق بالفيلا والذى احتجز بداخله ذالك المدعو على والذى تولى مهمه توصيل الطعام والرجل الاخر المدبر للحادثه او كما يلقبونه "سيد الدولى "، بعدما استطاع بمساعده المطعم وبعض أساليبه الخاصه التوصل إليهم وها هما الان ملقيان فى المستودع يرفضان التحدث او الايشاء بمن طلب تنفيذ تلك الجريمه ، تحرك بغضب نحو الباب الداخلى للمنزل يفتحه بحده، فى تلك اللحظه رفعت حياة وهى لازالت محتفظه بتلك الابتسامه السعيده فوق  ثغرها تنظر إلى القادم فتفاجئت به 

تسمر فريد مكانه وقد تبدلت ملامحه على الفور هو الاخر وهو يراها تنظر إليه بابتسامه عريضه وعيون لامعه ، تشابكت نظراتهما للحظات قبل ان تطرق حياة راسها للأسفل بخجل ، انسحبت عفاف من المكان بهدوء بعدما رأت تعلق نظرات كل منهما بالاخر ، اما هو فكان قلبه يقفز من شده الفرح وهو يراها تقف امامه مره اخرى وقد استعادت عافيتها من جديد ، كل ما اراد فعله فى تلك اللحظه هو التوجهه  نحوها وأخذها بين احضانه حتى يتسنى له الشعور بدقات قلبها فوق صدره ، ولكن بدلاً عن ذلك تحرك نحوها بهدوء حتى توقف امامها ثم سألها بنبره عميقه :

-حمدلله ع السلامه .. انتى كويسه دلوقتى ؟!.. 

هزت رأسها موافقه ثم اجابته برقه بالغه :

-الله يسلمك .. اه الحمدلله .. 

انهت جملتها ثم حركت رأسها بأتجاه العمال قبل ان تعيدها نحوه وهى تمتم بخجل :

-شكرا .. 

رفع احد ذراعيه يحركها فوق مؤخره راسه وهو يبتسم لها بهدوء وقد علم ما ترمى إليه ولكنه آثر سماعها من بين شفتيها ، اقترب منها خطوه واحده ثم سألها بصوت أجش :

-على ايه ؟!.. 

اتسعت ابتسامتها وزاد احمرار وجنتها ثم اجابته بخجل :

-انت عارف على ايه .. 

انهت جملتها وركضت مسرعه نحو الاعلى حيث غرفتها  ، انا فريد فقد ظل حيث هو بلا حراك وعينيه تتبع خطواتها والابتسامه البلهاء لم تفارق شفتيه 


************


عند حلول موعد الغذاء سمعت حياة بضع طرقات خفيفه فوق باب غرفتها لذلك طلبت من الطارق الدخول فطلت السيده عفاف من خلف الباب تسألها بهدوء قائله :

-فريد بيه طلب منى اسالك لو ينفع تشاركيه الغدا النهارده .. ده طبعا لو حاسه نفسك كويسه .. 

اندفعت حياة تجيبها دون تردد قائله :

-اه يا دادا ..  خليكى انتى وانا هنزله على طول .. 

انهت جملتها ثم تحركت مباشرة نحو غرفه الطعام فهى لديها العديد من الاسئله التى تشغل عقلها ولن يجيبها أحداً غيره . 


وصلت إلى غرفه الطعام فوجدته جالسا فى مكانه المعتاد على راس طاولته ينتظر ردها ، تحرك من مقعده بمجرد رؤيتها يسحب لها الكرسى الملاصق لمقعده وقد لاحظت حياة اقتراب المقاعد من بعضها اكثر من السابق ، جلست فى مقعدها والذى كان ملاصق تماماً لمقعده حتى ان قدميها تلامست عده مرات  مع قدميه ، لاحظت حياة بعد جلوسها وجود عزه فى احد أركان الغرفه لذلك ومن باب الذوق حييتها حياة بهدوء ، ردت عزه تحيتها بارتباك واضح وشرعت فورا فى تقديم الطعام ثم استئذنت فى الخروج من الغرفه فسمح لها فريد على الفور 


بدءت حياة فى تناول حسائها بصمت وهى تفكر فى كيفيه سؤاله عند موعد عودته دون ان تبدو كمن يتحرى عن الامر ، قاطع تفكيرها صوت فريد يسألها بأهتمام :

-حياة .. الدكتور كان كتبلك شويه ادويه .. اخدتيهم فى ميعادهم ؟!.. 


ابتسمت بسعاده وقد اتيحت لها الفرصه للسؤال عما يدور فى خلدها براحه ، لذلك اجابته برقه :

-اه دادا عفاف من شويه قالتلى وفكرتنى بمواعيدهم كمان .. 

صمتت لتبلع ريقها ثم استطردت حديثها تسأله بفضول :

-فريد .. هو انت وصلت امتى ؟!.. 


ترك طعامه وعاد بجسده للوراء يستند بكسل على ظهر مقعده ثم سالها وبريق التسليه يلمع داخل عينيه قائلاً وهو يتظاهر بالعبوس :

-بتسألى ليه ؟! عايزه تطمنى عليا ؟!.. 

اندفعت تقول فى ارتباك :

-لا طبعا .. انا كنت عايزه اعرف عشان حاجه تانى .. 

صمتت قليلاً عندما رأت ملامح وجهه بدءت فى التجهم ثم اضافت مصححه بارتباك :

-مش قصدى .. انا عايزه اعرف اكيد.. 

توقفت عن الحديث وزفرت بتوتر ثم استطردت حديثها مصححه :

-انا قصدى انى بسأل من باب الفضول مش اكتر .. 

عاد بريق التسليه إلى عينيه وهو يرى ارتباكها واضحاً عليها فسألها بمرح :

-طب قوليلى ايه الحاجه التانيه دى يمكن افيدك ؟!.. 

تذكرت ذلك الحلم الذى راودها عندما حملها بين ذراعيه وسمحت هى له بتقبيله فاحمرت وجنتاها خجلاً واطرقت رأسها لأسفل هاربه من نظراته المتفحصة ، التوى فمه بنصف ابتسامه وهو يرى ارتباكها وتخبطها امامه فهو يتحرق شوقاً لمعرفه اذا كانت تتذكر ما حدث بينهم ام لا وابداً لن يكشف اوراقه أمامها 


قاطع تفكيره  اقتحام حارسه الشخصى للغرفه  فجاة بجسد وملامح متوتره ثم توجهه نحو فريد مباشرة يهمس له بكلمات لم تلتقط حياة منها اى شئ رغم محاولتها المستميتة  فى معرفه ما يدار بينهم ، انتفض فريد من مقعده وهو يقول وقد تحولت ملامح وجهه للجديه :

-تعالى ورايا ..

انهى جملته وتحرك من الغرفه مسرعاً دون وداع تاركها تشعر بالحيره والفضول حول ما يحدث معه دون علمها. 


************


داخل المستودع تكوم الرجلين فى احد الزوايا فاقدين الوعى من شده الضرب والإرهاق ، تحرك فريد فى اتجاههم ثم قام بسحب الكرسى الخشبى الموضوع داخل المستودع وجلس فوقه بطريقه  عكسيه واستند بذراعيه على راس الكرسى ثم اشار برأسه للحارس الذى كان يقف بجواره ويحمل دلواً كبيرا مملوء بالماء ، اومأ الحارس رأسه لفريد بأيماءه خفيفه قبل ان يقوم بسكب الماء البارد فوق وجهه المدعو سيد ، انتفض الاخير على الفور وهو يحرك رأسه يميناً ويساراً محاولاً التقاط انفاسه بصعوبه ، سأله فريد بنبره منخفضة :

-ها .. عقلت وناوى تقول مين اللى وزك تعمل كده ولا تحب اخليهم يكملوا عليك ؟!.. 

انتفض الرجل فى جلسته متوسلاً لفريد :

-لا يا باشا الله يخليك .. انا هقولك كل اللى عندى والله .. اللى طلبت منى اعمل كده واحده اسمها سيرين ومعرفش وصلتلى ازاى .. ولا حتى شفتها قبل كده .. كل اللى اعرفه انها كلمتنى تليفون ومردتش تقولى عرفتنى منين ولا حتى رضيت تقابلنى .. هى عطتنى رقم واحده قالتلى دى شغاله فى الفيلا وهتساعدك .. 


صمت الرجل ليزدرد لعابه بخوف ثم اضاف بعدما لمعت عيونه بخبث قائلاً لفريد بترقب لعل ما يقوله يشفع له :

-يا بيه صدقنى هو ده اللى عندى ومعرفش غيره .. بس اللى قالتلى ان الهانم لوحدها ودى فرصتنا واحده شغاله هنا

جحظت عينى فريد للخارج ثم اجابه بعصبيه هادره :

-قصدك مين ؟!.. انطقققققققق ؟!.. 

اجابه الرجل متمتاً فى خبث :

-انا هقول لحضرتك يا باشا .. 


**************


بعد قليل اقتحم فريد المطبخ بعنف جعل كلاً من السيده عفاف وعزه يجفلان ، توجهت نظراته الغاضبه مباشره نحو عزه التى بدءت تتراجع للخلف برعب وهى تراه يتقدم نحوها كالفهد فعلمت ما ينتظرها ، اقبض على شعرها قبل ان يجرها بقوه نحو الخارج  غير عابئاً بصراخها الذى كان يدوى داخل المنزل ولا بنظرات عفاف المصدومه من فعلته ، ركضت حياة من داخل غرفتها على مصدر ذلك الصراخ فتفاجئت بفريد يمسك بشعر عزه بحده ويجرها إلى خارج المنزل بعنف ، ركضت خلفه تحاول ايقافه ولكن اوقفتها ذراع عفاف التى امتدت لمنعها بكل قوتها وقد استعادت وعيها من صدمتها قائله بتوسل :

-حياة هانم .. الله يخليكى بلاش ..

صاحت بها حياة بقوه قائله :

-اوعى يا دادا !! انتى مش شايفه هو ماسكها ازاى ؟!! من فضلك خلينى اشوف فى ايه ؟!.. 


هزت عفاف راسها بقوه رافضه إفلات يدها وهى تبرر بثقه:

-اكيد عملت حاجه .. فريد بيه اول مره يعمل كده .. اكيد عملت مصيبه .. 

اجابتها حياة بحنق قائله :

-هتكون عملت ايه يعنى ؟!.. وبعدين حتى لو كان مينفعش فريد يعمل كده خالص !!! .. 

بعد عده دقائق اقتحم فريد المنزل مره اخرى بحده جعل كلاً من حياة وعفاف ينتفضان من الرعب ثم تحرك نحوها مباشرةً  وامسك بيدها قائلاً بنبره خاليه :

-تعالى ... 


ان كانت التجربه قد علمتها شيئاً فهى قد علمتها ان لا تجادله عند وصوله إلى تلك الحاله ، فالجدال معه ابداً لن يكون فى صالحها لذلك تحركت معه على الفور يجرها خلفه وكفه يحتضن كفها بتملك ، تحركا من خلال الحديقه نحو مبنى ابيض مكون من غرفه واحده عريضه ، سألته حياة بخفوت هامسه :

-فريد احنا رايحين فين ؟!.. 


لم يجيبها وبدلاً عن ذلك لاحظت ذلك العرق بجانب صدغه ينبض بشده ، كررت سؤالها بعدما توقفت عن السير وهتفت اسمه بيأس :

-فرييييد .. 

توقف هو الاخر عن السير والتفت بجسده ينظر إليها قائلاً وهو يحاول السيطره على نبرته الحاده :

-دلوقتى هتعرفى .. تعالى .. 


انهى جملته ثم قام بضغطه خفيفه مشجعه على كف يدها الموضوع داخل كفه ، تحركت معه بصمت حتى دلفا إلى داخل المستودع وهو لازال محتضناً يدها بقوه ، نظرت حولها باستغراب تحاول استيعاب هذا المكان الغريب ، اثناء تأملها له وقع نظرها اولاً على عزه الجالسه عَنوه فوق كرسى خشبى ومقيدة ببعض الحبال لتمنعها من الحركه ، ازداد قلقها وعبوس وجهها فهى حتى الان لم تستوعب شئ مما يدور حولها ، حركت رأسها مره اخرى تستأنف اكتشافها لذلك المكان  الغريب واذا بها ترى رجلان مكومان فوق الارضيه والدماء تغطى وجههم وملابسهم ، شهقت بفزع وحركت جسدها اكثر لتلتصق بفريد فى حركه تلقائيه منها ، ضغط على يدها مطمئناً لها قبل ان يحول انتباهه نحوه عزه ويهدر بها بعصبيه وتوعد قائلاً :

-حسابى معاكى على خيانتك ليا هيكون بعدين .. 


ترك يد حياة ثم توجهه يقف قباله حياة ويطل عليها بجسده الطويل مستطرداً :

-لكن دلوقتى .. اللى حياة هانم هتحكم عليكى هو اللى هيتنفذ .. 

نقلت حياة نظرها بين فريد وبين عزه محاوله استيعاب ما يحدث بينهم ثم هتفت بإسمه بنفاذ صبر قائله :

-فريد !!! فهمنى فى ايه ؟!... 

التفت بجسده نحوها قبل ان يتحرك ويقف قبالتها ، نظر لها مطولاً وقد ظهرعلى وجهه لمحه من الالم قائلاً بحزن :

-حاله التسمم اللى حصلتلك كانت مقصوده .. 


اتسعت عيني حياة بصدمه ثم بدءت تنقل نظرها بينه وبين عزه مره اخرى وهى تتمتم بعدم استيعاب :

-مقصود ازاى ؟!.. مش ممكن تكون .. عزه !!!!... 

هز رأسه بجمود دون حديث ، استطردت حياة حديثها متمته بأقرار اكثر منه سؤال :

-انت اللى لحقتنى صح ؟!.. انت اللى كنت واقف قدامى ؟! . 

لم يأتيا الرد ولم تكن بحاجه إليه ، ظلت تنظر داخل عينيه وقد بدءت الدموع تلمع داخل عينيها ، ثم اطرقت براسها للأسفل ، أحاط فريد وجهها بكفه قبل ان يحرك يده ويقبض على خصلات شعرها الناعم قائلا بقوه :

-بصيلى .. حياة بصيلى .. 


رفعت عينيها تنظر إليه واذا بها ترى تلك النظره التى تعرفها جيداً نظره التصميم التى يتميز بها ثم اضاف بحده :

-انا هنا .. فاهمه ؟!.. انا من دلوقتى هنا يعنى محدش هيقدر يأذيكى تانى .. اعرفى ده كويس .. 


حركت راسها مسرعه عده مرات كأنها تحاول حفظ ما تفوه بِه للتو ، مد احدى أصابعه يمسح تلك الدمعه التى فلتت عنوه من بين جفنيها ، عندها صرخت عزه بحقد قائله :

-ايوه انا اللى ساعدته يعمل كده عشان بحبك .. 


دوت الكلمه داخل أركان المستودع وشعرت حياة بأنها تدوى أيضاً بداخل قلبها ، استطردت عزه حديثها بشجاعه قائله :

-ايوه بحبك وحبيتك من اول مره شفتك فيها .. من ساعه ما ساعدتنى وجبتنى اشتغل عندك .. 

ظل فريد يستمع إلى حديثها بملامح جامده وجسد متصلب ، اما بالنسبه لحياه فشعرت بانها تريد وضع كفيها فوق اذنها حتى لا تستمع إلى ذلك الحديث العقيم ، أردفت عزه بغل وهى تنظر نحو حياة قائله:

-هى مش بتحبك ولا عمرها هتحبك قدى .. مفيش حد فى الدنيا دى ممكن يحبك قدى .. 

صرخ فريد بها قائلا بعصبيه :

-اخررررررسى ... 


اجابته عزه بتحدى وقد شعرت ان نهايتها اوشكت :

-لا مش هخرس هى دى الحقيقه اللى لازم تعرفها .. انا قاعده كل يوم وشايفه هى بتعاملك ازاى وفاهمه كويس انها مش بتحبك .. 

اقترب فريد منها وقد بدء وجهه يتحول من شده الغضب والاحمرار ثم اجابها وهو يضغط على كل الحروف الخارجه من فمه قائلاً بتهديد:

-عارفه .. لولا انى حالف على قبر امى ممدش ايدى على واحده ست كنت عرفتك مقامك دلوقتى .. 

صرخت عزه بجنون تجيبه :

-ده مش هيمنع حقيقه انى بحبك .. 


فى تلك اللحظه قاطعت حياة حديثها بيأس تترجاه قائله :

-كفايه .. مش عايزه اسمع حاجه تانى .. انا عايزه امشى من هنا .. فريد لو سمحت خلينى امشى من هنا .. 


اتجهه فريد نحوها على الفور ثم اصطحبها نحو الخارج ومنه إلى المنزل دون ان ينبث احد منهم ببنت شفه ، وصلت حياه إلى الدرج ثم حدثته بنبره جامده :

-انا عايزه اطلع الاوضه بتاعتى شويه ..

زفر فريد مطولاً بضيق ثم اجابها  بتردد قائلاً :

-تمام .. انا فى المكتب لو احتجتى حاجه قوليلى ..

هزت رأسها موافقه ثم تحركت نحو الاعلى دون اضافه .


***********


فى منتصف الليل كانت حياة لازآلت داخل غرفتها تتلوى داخلياً من تلك الكلمات المسمومة التى سمعتها من عزه منذ عده ساعات ، فكرت بحزن ايعقل ان تدفع الغيره الانسان حتى القتل ، مسحت دموعها وقد اتخذت قرارها ثم تحركت إلى الاسفل حيث غرفه مكتبهِ، وقفت امام الباب وأخذت نفساً عميقاً ثم طرقته وانتظرت اذنه للدخول ، اجابها بصوت عميق :

-اتفضل ..

أدارت حياة مقبض الباب ودخلت على مضض ، انتقضت فريد فى جلسته فور دخولها وهويسألها بأهتمام :

-حياة فى حاجه ؟!.. 

اجابته مباشرهً دون مقدمات :

-انا عرفت هعمل ايه فى عزه .. 

تحرك حتى مكتبه ثم استند بجسده عليه وعقد ذراعيه امام صدره ثم اجابها بجديه قائلاً :

-سامعك .. 

رفعت رأسها بتحدى قائله بأصرار :

-مش عايزاك تعمل فيها حاجه .. بس سلمها للبوليس ..


اعتدل فريد فى وقفته ثم أرخى ساعديه وعقد حاجبيه معاً سائلاً بجمود :

-يعنى ايه ؟!.. انا مش هسيبها تفلت باللى عملته !!!.. 

زفرت حياة مطولاً بيإس ثم اجابته بأرهاق قائله :

-لا هو ده بالظبط اللى انا عايزاك تعمله ..

قاطعها فريد بحده قائلاً :

-لا مش موافق .. 

اجابته حياة مسرعه :

-انت قلت اللى انا هحكم بيه وده حكمى !!!.. 

صاح فريد بها بحده :

-حياااااااة !!!!! ..

اجابته بتحدى :

-فرييييييييد !!! .. 

اضافت مستطرده حديثها :

-فريد لو سمحت لو قضينا عمرنا ننتقم من مل حد آذانا مش هنلاقى وقت ولا هنعرف نعيش حياتنا .. ده طلبى وده اللى انا عايزاه فلو سمحت نفذه .. 

تأملها ملياً ثم اجابها وقد لمعت فكره ما داخل رأسه :

-موافق بشرط ..

اجابته بثقه موافقه ..


ابتسم بأنتصار ثم باغتها بشرطه مسرعاً :

-تقوليلى حصلك ابه وانتى عندك ١٤ سنه ؟..

ارتبكت نظرتها وارتجف جسدها ولم تُعقب ، استطردت هو حديثه كاذباً وقد لاحظ اقترابه من هدفه :

-انا سألت دادا آمنه وحكتلى اللى حصل بس عايز اسمع التفاصيل منك ..


نظرت إليه بدهشه اولاً ثم لوت فمها بابتسامه سخريه وهى تتحرك لتجلس على الاريكه الموضوعه بداخل الغرفه ، جلست بكبرياء ثم رفعت راسها تنظر إليه بتحدى قائله :

- وآمنه هانم قالتلك انك تانى استعمال .. second hand  يعنى ؟!.. 

انتصب جسده واحتقنت ملامحه وهو يسألها بقلق:

-قصدك ايه ؟!!..

حبس انفاسه وهو فى انتظار اجابتها  ، ابتسمت له بتشفى ثم أجابت بهدوء كاذب  :

-يعنى انا كنت متجوزه .

تابعووووني 



تكملة الرواية من هنا



بداية الروايه من هنا




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.
close