expr:class='data:blog.languageDirection' expr:data-id='data:blog.blogId'>

رواية نبع الغرام الفصل الثالث " الجزء الثاني " بقلم رحمه سيد

 رواية نبع الغرام الفصل الثالث " الجزء الثاني " بقلم رحمه سيد 

رواية نبع الغرام الفصل الثالث " الجزء الثاني " بقلم رحمه سيد 


وصلت "غرام" مع "أيوب" لمنزلها الصغير الشبه متهالك، لتلملم ما يخصها قبل أن تغادر معه لمنزله، رغم أنه أبدى رفض غير منطوق لرغبتها في القدوم واحضار اشيائها من المنزل، ولكن اللا مبالاة جعلت ذلك الرفض يضمحل فوافق على مضض. 


اتجهت للغرفة الوحيدة بالمنزل، ألا وهي غرفتها وبدأت بالفعل تعد اشيائها، بينما كان أيوب يتفحص ذلك المنزل بهدوءٍ تام قبل أن يغادر تاركًا لها المساحة والوقت لجمع ما تريد، صوت خبيث صدح داخلها يخبرها أنه حتمًا متفاجئ ونافر من مستواها الاجتماعي المتدني مقارنةً بمستواه..

ونادم أيضًا على هذا الزواج ممَن هي أقل منه في كل شيء! 


ولكنها حاولت تجاهله بكل ما تملك من قوة، وبعد فترة سمعت صوت طرقات على الباب فعلمت أنه عاد، فتحت له الباب دون قول شيء وهو الاخر لم يتنازل لقطع ذلك الصمت، وكأنهما في عقد الزواج تعاهدا على الصمت! 


أنهت جمع أهم ما ستحتاجه، خرجت من الغرفة تحمل بين ذراعيها ماكينة الخياطة الخاصة بها، فارتفع حاجبا أيوب تلقائيًا ولم يتردد في قوله المستنكر:

-إيه دا ؟ 


وكأنها كانت قد جهزت الرد بشجاعة فلم يتأخر ثانية:

-دي المكنة بتاعتي. 


هز رأسه وهو يهتف ساخرًا:

-ما أنا شايف إنها المكنة بتاعتك، چيباها معاكي دلوجتي ليه؟ 


أجابت ببديهية:

-عشان هاخدها معايا. 


اشتد قرع استنكاره في نغمة صوته وهو يردف:

-هتاخديها معاكي ليه؟ مين جالك تچيبيها أصلًا ؟! 


ضمتها لها كأنما تستمد منها القوة والثبات وهي تخبره بكلمات حاولت تغطيتها بثوب القوة المُرقع الذي تمتلكه:

-دي شغلي ومصدر رزجي. 

وتعمدت اخباره أنها لن تعتمد عليه وتكون عالة مهما بلغ الفارق بينهما. 


قال بصوتٍ أجش جاف:

-كان شغلك وكان مصدر رزجك، حياتك الاول كوم وحياتك دلوجتي كوم تاني خالص، انتي بجيتي مرت أيوب العماري، فـ لازم تبجي شبهي. 


أحست أنه ينتقص منها، يخبرها بطريقة غير مباشرة ألا تكن مصدر للعار له ! 

غار قلبها بوجعٍ ساحق نفذ من بين ضلوعها لينزف في حروفها وهي تتشدق:

-مين اللي جال إنه لازم؟ ماتنساش ظروف چوازنا، لولا اللي حصل كنت أنت هتفضل في دنيتك وأنا هفضل في دنيتي. 


زحفت أشباح الغضب لتظلل سوداوتيه وهو يقترب منها خطوتين ليصبح قريبًا منها على بُعد إنشات قليلة، مد يديه ضاغطًا على يديه اللتان تحملان الماكينة، حتى تأوهت بألم طفيف لم يأبه به وهو يستطرد بخشونة صلدة:

-أنا اللي جولت مش هتاخديها، وطالما أنا جولت كدا يبجى دا اللي هايحصل، لو متمسكة بحياتك كدا، ماكنتيش چيتي ليا ولا دخلتي حياتي بإرادتك، طالما وافجتي وبجيتي مرتي يبجى هتمشي زي ما أنا أحدد! 


ثم خفف قبضته الفظة عليها لترفع عيناها اللامعتان الدامعتان المجروحتان بكلماته القاسية كالمبرد، وباحت عيناها بسؤال لم يبُح به لسانها... لِمَ يتخذ القسوة منهجًا في تعامله معها ؟ او في تعامله بشكلٍ عام !؟ 


ولكنه تجاهله عن عمد وهو ينتشل منها الماكينة بحركة غليظة كسابقتها، ثم وضعها على كرسي كان موجود، وأمسك بحقيبتها في يد، واليد الاخرى كانت تسحبها من معصمها خلفه دون أن يضيف أكثر ودون أن تملك هي حق الاعتراض. 


                                   ****


في سيارة "ظافر العبادي"... 


كانت ليلى تتخبط كالقط المذعور، تنظر يمينًا ويسارًا علها تستطع تخمين وجهته، وتردد بلا توقف بهلع:

-وجف العربية، نزلني، أنت واخدني على فين؟ 


ولكنه اعتكف داخل صومعة الصمت فلم يجيب على أيًا من اسئلتها الفزعة وكأنه يستمتع بغزو الهلع لملامحها الانثوية الخبيثة! 


ظلت تضرب على زجاج السيارة بعنف وهي تصيح:

-إلحجوني، إلحجوني. 


ثم نظرت نحوه مرة اخرى صارخة بأعصاب منفلتة:

-بجولك وجف العربية ونزلني. 


لم يهتز له جفن بصراخها الأهوج، وفي لحظة تهور بحتة كانت تنحني نحوه وتحرك مقود السيارة بحركات عشوائية خرقاء جعلت السيارة تتحرك يمينًا ويسارًا ولحسن الحظن لم تكن هنالك سيارة تسير جوارهما مباشرةً وإلا لكانت النتيجة مُريعة! 


أوقف ظافر السيارة بصعوبة مسيطرًا على يديها اللتين أصرتا على جعله يفقد زمام السيطرة على السيارة، كبل يديها بيديه وهو ينحني مقتربًا منها بجسده فتراجعت تلقائيًا للخلف ملتصقة بالكرسي من خلفها، ولكنه دون شعور وبتلقائية كان يقترب أكثر حتى صار وجهه على أعتاب وجهها، فهدر فيها بغضب ناري:

-قسمًا بالله لو ما هديتي لأهديكي أنا بطريجتي ومحدش هيندم غيرك. 


اهتزت عيناها البُنية باضطراب ملحوظ لقربه منها ورمشت بعينيها اللتان بدت بريئتان للغاية هذه اللحظات، لأول مرة يكون وجهه بهذا القرب من وجهها، فتتضح لها للمرة الاولى ملامحه الرجولية الوسيمة رغم الغضب الذي يلطخ رونقها معظم الوقت ويجعلها اخرى مُخيفة.. 


بينما هو لبرهة قصيرة من الزمن، استرقت عيناه النظر لقسماتها السمراء المميزة، وكأن رجولته تعي للتو أن الماثلة أمامها انثى جميلة ! 

إنتفض مبتعدًا عنها وكأن الادراك ثعبان لدغه في غفلة منه، فعاد هسيس شيطانه يتردد بعقله... انثى بوجه جميل وعقل شيطاني خبيث. 


كز على أسنانه وهو يهز رأسه مؤكدًا سامحًا للغضب الذي تراجع بضع إنشات أن يعود لاحتلال كيانه من جديد. 


فيما غمغمت هي بحروف متقطعة خافتة:

-أنت خاطفني وعايزني اهدى وماتكلمش؟ 


إلتفت رأسه نحوها فجأة وهو يشدد على حروف كلمتها:

-خاطفك؟ 


ثم إلتوت شفتاه بسخرية جارحة متعمدة وهو يردد:

-ماتديش نفسك حجم أكبر من حجمك، أنتي مين أصلًا عشان أخطفك؟ 


عَلى صكيك أسنانها الذي يروي انفعالها المكتوم، ثم سألته من بين أسنانها:

-امال واخدني على فين؟ 


استرسل ببرود كأنه صار أمر واقع:

-على البيت عشان هاتكملي شغلك مع چدي. 


إتسعت حدقتاها ذهولًا من تباسطه من فرض الأمر عليها، ثم زمجرت بغيظ دفين:

-بس أنا مش عايزة أكمل. 


ضرب على المقود بعنفٍ وهو يهدر بوجهها بشراسة:

-جولتلك مش بمزاچك، أنتي اللي چيتي للبيت دا بمزاچك، لكن إنك تمشي منه دي بمزاچي أنا. 


صدح صوت ساخر داخله يخبره أنه كاذب، فلولا الشجار الحاد الذي صار بينه وبين جده لأول مرة منذ فترة طويلة... بسببها ! 

لما كان جعلها تعود لبيتهم مرة اخرى أبدًا، وربما حجته الركيكة أنه رغم أنها تحرى عنها إلا أنه لم يجد ما يثير قلقه وشكوكه، لم يجد أي شبهه تخصها. 


رفعت ليلى حاجبها الأيسر وهي تواصل بتحدي سافر:

-ولو ماكملتش، هتحبسني بالعافية؟ أنت مفكر البلد مافيهاش قانون؟ 


اقترب بوجهه قليلًا منها ثم رسم ابتسامة كريهة خبيثة على شفتيه قبل أن يتفوه بنبرة ذات مغزى تحمل تهديد مبطن:

-لأ طبعًا فيها، والقانون دا اللي هايچبلي حجي منك اللي أنا اتنازلت عنه في المرة الأولى يا نصابة! 


                                  ****

بعد فترة.... 


كانت "غرام" ملتزمة الغرفة التي أخبرها أيوب أنها ستمكث فيها منذ مجيئهم، كانت في حاجة ماسة لترتيب أفكارها المشوشة للغاية، فهي لا تدري ماذا سيحدث بعد؟ 

هل انتهى التهديد المتمثل في والده ؟ لا تظن. 


الالغاز تحيط بحواف حياتها بأكملها، فحتى "أيوب العماري" بالنسبة لها لغز، فمن جهة ترى وتشعر أنه لا يطيقها ولا يطيق عقد الزواج الذي جمعهما، ومن جهة لا تدري لِمَ قرر مساعدتها بل هو الذي عرض عليها الزواج أيضًا ؟ 


هزت رأسها وهي تزفر أنفاسها، لا تدري أي شيء، ولكن حدسها يُنبئها أن القادم يحمل لها المتاعب. 


على ذكر المتاعب، فتح مُترأسهم "أيوب" الباب فجأة دون استئذان وكأنه اعتاد على ذلك. 


ثم ألقى على الفراش كيس بلاستيكي به ملابس وهو يقول لها بصوت خاوٍ:

-الهدوم دي ليكي، ابجي إلبسيها عشان هانعمل عزومة في البيت بمناسبة چوازنا. 


هزت رأسها نافية في اعتراض لم تتردد في إخراجه للنور هذه المرة:

-بس أنا مش محتاچة هدوم معايا هدومي. 


تأفف أيوب بصوتٍ مسموع، ومن ثم تابـع بنفاذ صبر:

-ليه مابتفهميش الكلام من أول مرة لازم أعيد مرة واتنين وعشرة؟ جولتلك أنتي بجيتي مرتي يعني بتمثليني يعني لازم تبجي زيي. 


ها هو يعيد من جديد كلماته المسمومة التي تغتال كرامتها، فانتفضت وهي تزئر في وجهه بحدة:

-مش هلبسها، أنت اتچوزتني وأنا كدا، وهفضل كدا. 


تنفس بصوتٍ عالٍ وأشهرت عيناه تهديد صريح لأول مرة يلتمع فيهما وهو يزجرها بخشونة:

-إلبسيهم أحسنلك يا غرام واتجي شر الحليم إذا غضب. 

فهو لن يسمح لكامل أن يشمت به ولو للحظة واحدة لزواجه ممَن هي أقل منهم في المستوى، لن يسمح أن يرى انتقاص او ثغرة واحدة في أي ركن من أركان حياته، عليه أن يبدو أمامه تحديدًا في غاية المثالية! 


بينما غرام هذه المرة لم تستطع منع لسانها الأحمق الذي تمتم بعفوية هوجاء:

-من شابه أباه فما ظلم، برضو مش هلبسهم مهما تجول. 


أردكت متأخرة أنها بجملتها التي شبهته فيها بوالده حررت المارد الشيطاني داخله ليعلو ظلامه الحالك المُخيف قمم عيناه التي تسلحت بقسوة ضارية وبزغ العنف فيهما، واشتدت عضلاته بالكامل، قبل أن يتحرك نحوها فانحسرت أنفاسها هلعًا وهي تتراجع خطوة للخلف، ولكنها كانت خطوة بطيئة للغاية فلم تلحق الهرب منه... 


اذ باغتها وبحركة غير متوقعة كان يشق عباءتها لنصفين بيديه حتى تمزقت تمامًا كاشفة عن لحمها الأبيض الغض لعينيه المحترقتين بجحيم لم تدرك ماهيته! 


فشهقت بفزع أكبر وهي تغطي جسدها بيديها، فيما قال هو بجمود بارد قاسٍ:

-كدا هتلبسيهم غصب عنك، ولو لاجيتك لابسة أي حاچة تاني غيرهم هجطعها برضو! 


ثم استدار مغادرًا الغرفة صافعًا الباب خلفه بينما هي تلتقط أنفاسها المسلوبة... رباااه مع مَن تورطت هي؟ هل هربت من شيطان لتقع في إبليس ؟! 


الفصل الرابع من هنا


بداية الروايه من أولها هنا


إللي عاوز يوصله اشعار بتكملة الروايه يعمل إنضمام من هنا
تعليقات



CLOSE ADS
CLOSE ADS
close