أخر الاخبار

رواية روح بلا مأوى الفصل الحادي عشر حتي الفصل السابع عشر والاخير

رواية روح بلا مأوى الفصل الحادي عشر حتي الفصل السابع عشر والاخير 

رواية روح بلا مأوى الفصل الحادي عشر حتي الفصل السابع عشر والاخير 


 روح بلا ماؤى (١١)


***

الفصل الحادى عشر 


****

الحب يدخل  قلوب الرجال  بدون استئذان يتسلل

 داخلها ببراعة، بينما يترك باب الانثى أولًا

****

ولج للداخل فوجدها تتنقل بهدوء ترتب الشقة، 

فألقى سترته على الأريكة ثم جلس ينزع حذاءه

وهو يرقبها حتى اقتربت منه واضعة ذراعيها فى 

خصرها قائلة بحدة : 

- لا أسمع انا مش هفضل الم وراك كتير كده 

انت هنا مش فى فندق اه .. انت مش صغير 

كمان عشان كل حاجه تبهدله كده 


فى الوقت السابق كان حديثها معه هكذا يخرجه 

من تعقله أم الآن فهو سعيد لعودت شخصيتها 

او لتلك الأقنعة الزائفة التى تحاول أن تثبت من 

خلالها أنها بخير، ابتسم يهز رأسه بالإيجاب : 

- حاضر 


ابتسامته جذابة الجاذبية الشرقية هزت رأسها تنفى هذه الافكار قائلة : 

- انت بتاخدنى على اد عقلى 

اتفضل قوم شيل كل حاجه ودخلها على الأوضة جوه 


ابتسم وهو يلملم اغرضه قائلًا بمزاح  : 

- تمام كده تحبى اروح اجيب الشرشوبة وامسح كمان 

انا فى المسح معنديش ياما ارحمينى 


ضحكت بخفوت على طريقة مزاحه ثم اشارت له 

على باب غرفته : 

- لا شكرًا اتفضل 


*****


بعد أن انتهت من الأعمال المنزلية قمت بصنع قهوتها 

وتوجهت نحو الأريكة وجلست تشاهد احدى قنوات 

الطهى بكامل تركيزها خرج من غرفته وجدها صامته

تشاهد التلفاز، توجه وجلس على مسافة لا بأس به 

منها، رمقته بتوتر وهمت بالأنصراف إلا أنه اوقفها 

قائلًا : 

- رايحة فين ؟! 


رفرفت كيان عدة مرات باهدبها ونظرت امامها : 

- هروح انام، تصبح على خير 


طالعها بتمعن وهو يثبت مقلتيه على تفاصيل وجهها :

- هو انتى مالكيش اصحاب 


سحابة حزينة طغت على لمعت عيناها وهى تقول : 

- لأ معنديش 


شعر بحزنها ثم سألها :

- أومال لو بتحبى تخرجى بتخرجى مع مين ؟! 


أطرقت رأسها أرضًا : 

- كنت بخرج مع ماما هدى الله يرحمها وبعد كده 

مابقتش اخرج 


رفع نظره صوب عينيها و يقول بابتسامة هادئة : 

- يعنى الحال من بعضوا، طب ممكن تخرجى معايا 

نغير جو 


تهلل وجهها كطفلة صغيرة وهتفت دون وعى : 

- بجد بجد  


شعرت بخجل بسبب اندفعها ثم اجابته وهى تنهض : 

- لا مش هينفع ممكن تروح مع ضياء تصبح على 

خير 


نهض هو الاخر وهو يقف امامها قائلًا بنبرة حازمة : 

- لأ انا وانتى قدامك نص ساعة وتجهزى تمام 


هزت رأسها بالموافقة وهى تحاول الهرب 

من نظرات عيناه التى تحاصرها 


*****


يجلس معاها فى مطعم فاخر على النيل،

تطالع النيل امامها وسعادة جالية على ملامحها 

يشعر براحة رهيبة تكمن بخلاياه عند رؤية ابتسامتها 

فاصبح يكتفى بسمتها، التفت له فوجدتها يطالعها 

بنظرت غريبة عليها فقالت : 

- ميرسى على الخروجة 


اوما لها بابتسامة هادئة : 

- ميرسى ليكى انتى أنا كنت محتاج اغير مود من ضغط الشغل 


رفعت عيناها إليه متسائلة : 

- انت بتشتغل هنا مش قولت جاى وماشى 


استند بمرافقيه على طاولة وهو يجيبها : 

- احنا بنفتح مركز التجميلى  فرع فى مصر وانا حاليًا 

بشرف عليه المفروض ماكنتش اجاى لأننا بنسلم 

الشغل لشركة وهى بتخلصوا وبنزل على الافتتاح 

بس كان فى مصلحة عايز اخلصها بس دلوقتى 

عرفت انه كل نصيب ومكتوب 


اطرقت رأسها وهى تطرق باناملها على الطاولة قائلة : 

- هو انت هتمشى امته ؟! 


شعر بضيق يعتمر صدره بمجرد ذكرها رحيله فهو

يشعر انه مسئول عن سعادتها سألها بنبرة يغلب 

عليها الحدة : 

- انتى عايزنى امشى ؟! 

زهقتى ؟! 


همت برد عليه لكن قطعها رنين الهاتف فطالعت 

الشاشة ثم ضغطت على زر الاجابة : 

- الو باشمهندس طاهر

- لا مفيش حاجة .. اكيد هكون موجودة الصبح 

ابتسمت ابتسامة واسعة وهى تتحدث :

- لا مش لدرجة هربت بكره هكون موجودة 


بداخله يشتعل نارًا لكنه يحاول تفسير السبب او 

يعلم لكنه يحاول أن ينكره فدائمًا ما كان يسمع 

الغيرة على شخص لكنه أول مرة يعلم أنها تؤلم 

كأى مرض جسدى زفر بحرارة وهو يطالع ابتسامتها 


انهت المكالمة فأسرع هو يقول بضيق: 

- عايز أيه ؟! هو متعود يكلمك متأخر كده؟! 


هزت رأسها بالنفى واحتدت ملامحها : 

- شغل عادى وبيأكد عليا ميعاد بكرة . لا مش متعود 


ساد الصمت بينهم طويلًا ثم قالت له بصوت مختنق : 

- عايزه اروح 


نهض فى ثبات يقف امامها وهو يطلب الحساب 

اخرج النقود من جيبه ووضعها فى ظرف الحساب 

ثم اردف بحزم : 

- يلا بينا 


*****


فى صباح اليوم التالى 


خطت خطوتها داخل الشركة وهى بأوج لحظات 

سعادتها قد حصلت على وظيفة ثابتة 

رفعت معصمها تطالع ساعتها وصلت فى ميعادها 

طرقت على الباب ودلفت للداخل وما أن وقعت 

عيناه عليها حتى وقف يطالعها وكأنها أول مره يراها

هل هذه ابنة عمه فعلًا، نعم الشبه واضح بينهم

عيناها بهم محبة وطهاره وصفاء لكن ملامحها 

الجميلة ذابلة، لكنه اقسم أنه لن يتركها بعد الآن

لن يتركها تواجه ذئاب عائلته بمفردها 


بللت شفتيها ثم حدثة بنبرة منخفضة اخرجته من شروده : 

- لو مش فاضى ؟! انا ممكن امشى واجى بعدين 


ابتسم وهو يهز رأسه بالنفى قائلًا : 

- رجعتى فى كلامك ولا أيه اتفضلى اقعدى 


تقدمت تجلس على المقعد امامه بينما هو نهض 

من خلف مكتبه يجلس على المقعد المقابل 

لها ويرمقها بنظرة تحمل فى طياتها الكثير 

والكثير، لكنه كابح ظهور أى شئ على وجه 

ثم قال : 

- بس يعنى المكتب نور من دخلتك على الصبح 


زمت شفتيها ثم قالت بنبرة منبهة : 

-تااانى 


تحرك من امامها ليجلب فنجانين ووقف امام ماكينة 

صُنع القهوة ثم اردف : 

- يا ست كيان براحة عليا كل مرة كده 

طب والله المكتب نور بيكى 


تحرك وهو يضع فنجان القهوة امامها بينما هى ابتسمت 

باستيحاء : 

-  ميرسى.. ياريت العقود عشان امضى لأنى عندى 

محاضرة 

- كلية أيه ؟! 

- ادب تاريخ 


اوما لها بالايجاب ولم يريد أن يضغط عليها اكثر 

فتوجه يجلس خلف مكتبه ووضع العقود امامها 

وعليها القلم لكنه تعمد اخفاء اسمه وضعت القهوة من يديها على الطاولة 

وهى تلتقط القلم وتنقش اسمها فى الخانة الفارغة 

بينما هو حك ذقنة النامية قائلًا : 

- طب مش كنتى تقرأى العقود الأول ؟! 


قطبت جبينها ثم سألته : 

- قصدك أيه؟! ما الأنسة بيلا بعتللى نسخة على واتساب


غمز لها بمكر قائلًا : 

- طب مش ممكن اكون بمضيكى على بيع املاك 


تذمرت بغضب طفولى قائلة : 

- باشمهندس انا مش غبية 


ضحك بتوسع ثم هز رأسه نافيًا : 

- تؤتؤ مش قصدى بس أنا بنبهك 

كمان مبحبش حد يقولى باشمهندس ممكن 

طاهر بس مش بحب الألقاب 


رفعت نظرها إليه ثم ابتسمت وهى تهز رأسها : 

- لا مينفعش 


اجابها باصرار : 

- لأ ينفع اوى .. كمان انا حجزت مكان وابتدوا يشتغلوا 

فيه وهيبقى مطبخ كبير وانت الشيف المسئول عن 

كل حاجة وهيبقى فى مساعدين تحت ايديك 


استغرقت كيان عدة دقائق وهى تستوعب ما قاله 

ثم هتفت معارضة : 

- لأ كده كتير انا مش شيف ولا ده مجال دراستى 

يعنى أنا على قدى مينفعش 


- الدراسة مش كل حاجة وانتى 

قدها وانا واثق فيكى واعملى حسابك عيد ميلاد بيلا

اول حاجه هتبدى بيها


ثم اكمل حديثه بغمزه : 

- اشربى القهوة وقولى رأيك يمكن تاخدينى مساعد شيف 


التو ثغرها وهى ترتشف القهوة قائلة : 

- اخدك مساعد شيف عشان قهوة من الماكينة 

الطموح حلو بردو 


قهقة الاثنان معًا ثم نظر لها بتمعن فهو ليس امامه سوى 

الصبر حتى تنطوى أيام الفراق وتبدء ايام المصارحة 

ويتصل حبل الحب 


****


بعد الظهيرة 


ما لبث أن دخل ضياء المكتب وجدها تنهض تلملم 

اشياءها توسعت ابتسامتها ثم حدثة قائلة : 

- ضياء !! 


وقف امامها وهو يتأملها بأريحية ثم تقدم منها يمد يده لها بصندوق صغير : 

- صباح الورد .. أنا جيت ألحقك قبل ما تروحى 

المكتبة عشان جيبلك حاجة يارب تعجبك 


ابتسمت وبدءت بفتح الصندوق وجدت داخله 

هاتف والكثير من انواع الشوكولا الفاخرة فقطبت حاجبيها ثم رمقته بنظرات متسائلة 

وهى تحمل الهاتف ابتسم قائلًا : 

- افتحى.. الباسورد تاريخ افتتاح المكتبة 

وادخلى على الجاليرى وهاتى اول فيديو 


ادخلت كلمة السر ثم فتحت المقاطع وشاهدت 

فيديو مجمع لها يحمل صورها على اغنية 


عيونها تتدرج كامواج البحر الزرقاء وهى تطالع مقطع 

الفيديو افعاله تأسر قلب أى امراة فرفعت عيناها إليه 


وضعت يديها على شفتيها وهى تنظر له باعجاب : 

- ايه الجمال ده مش معقوله عرفت تجمع الصور 

ديه كلها ازاى 


جلس امامها بثقة قائلًا :

- شغل التصميم ده لعبتى انا جنيس فى الحته ديه 

ده غير إنى بعشق التصوير وخاصة الاماكن النادرة 

والسياحية انا عندى لاب للصور ديه 


جلست هى اخرى وعينيها تلمع بحماس قائلة : 

- وأنا جدًا وحاولت فترة اتعلم تصميم بس مليت 

بسرعة بس بحب اماكن التصوير اوى 


صمت للحظة ثم اردف : 

- انتى صح وطلعت فى حاجة بتجمعنا 

انا مستعد اعلمك 


مدت يديها تناوله الهاتف وهى تقول : 

- بس مش عايزه اتقل عليك 


وقف وهى يلملم اشياءها معاها وهو يقول : 

- الفون ده ليكى وهعلمك عليه هدية منى 

ويلا عشان اتاخرنا على المكتبة 


 حينما يهوى قلبك الرجل أمراة 

قتلت ألف امرأة  داخله ولا يرى سواها


*****

بعد مرور عدة ساعات توجه ضياء إلى المركز التجميلى 

وبداخله سعادة يشعر أنه بفصل الربيع والازهار 

الفواحة تتفتح بصدره برائحة الحب

وما أن وطأت قدمه المكتب وجد كنان يمضى على

اوراق متأففًا بكلل ثم رفع نظره يحدجه بنظرات 

نارية : 

- البيه كان فين من الصبح مش فيه اجهزه طبيبة

المفروض تمضى على استلامها وجاى باسمك 


جلس ضياء على مقعده وهو يزفر متسائلًا : 

- هااا مالك يا سيدى؟!

 وأيه اللى مضايقك كده ؟! 


زمجر كنان ثم قال : 

- أيه مسمعتش اللى قولتوا 


التو ثغر ضياء ثم ابتسم بتهكم : 

- لا أنجز مش هقول مالك كتير انا مش مرتبط بيك 


القى كنان القلم  من يده ثم إتكأ على مقعده للخلف

وهو يغمض عيناه بارهاق وسرد له ما عاشته كيان بأسى وما أن انتهى، اعتدل فى جلسته يستند 

بمرافقيه على سطح المكتب يتابع ردت فعل ضياء 


بينما ضياء تجمدت ملامحه يحاول استيعاب حجم 

تلك المعاناة التى عاشتها ثم ضيق عيناه بشك قائلًا  : 

- انت متأكد ولا خيالها واسع اصل الموضوع صعب أوى


تنفس بعمق ليرد عليه بانهاك  : 

- بغض النظر إنى صدقت كلامها من أول حرف 

لأخر وملامحها الدليل لكن بردو امبارح اول مروحت 

اتصل بالمحامى وأكد كلامها 


تسأل ضياء بتعابير مهتمة : 

- طب ناوى على أيه ؟! 


استرعى كلامه انتباه كنان فسأله مستفسرًا : 

- فى أيه ؟! 

مش فاهم قصدك 


استطرد ضياء يقول بجدية : 

- يعنى انت عملت الجواز ده حجه عشان تديها الشقة 

ومش تشك ولا تدور وراك انك ما اخدتش اى اجراء ضدها 

وكانت حجتك أنك مش هتقدر توفر مكان ليك

فبقول خلاص ومتضغطش اكتر عليها بقعدتك 

فى الشقة معاها وحاول تديها مبلغ كويس 

وعرفها الحقيقة وبعد كده طلقها تشوف 

حياتها وكفاية اللى شافتوا من يوم ما اتولدت 


بهتت ملامحه وجف حلقه شاعرًا بغصة فى صدره من كلمة الطلاق لكنه حاول اعطه تفسيرًا ارتجاليًا كى 

ينطلى عليه حتى يعلم هو السبب الأساسى فقال : 

- تانى يا ضياء متركز معايا شوية انا بنزل ادور على 

فى المنطقة هناك على اساس انى من اهل الحته 

عشان حد يوصلى بالسمسار ده الكل بيقول هو الكبير

فى كل حاجه ومحدش بيبع غير بأذنه فكده لو سأل 

هيعرف إنى مش جاى من بره وبدور على مكان اوسع 

مش هيشك وهيطمن وهشوفه خصوصًا أن ملف 

القضية اتقفل على ما اظن 


تعقدت تعبيرات وجه ضياء قائلًا : 

- ما كفااااية يا كنان هو ايه .. مش حاسس باللى انت 

فيه متورط فى ..جوازة .. حوار مالكش فيه وعمى 

هو اللى هيتصرف .. طلقها وعوضها ماديًا وخد بالك 

انت كده بتأذيها كمان 


خرج عن صمته بجملة واحدة : 

- أنا ماشى مش ناقص كلام منك 


خرج من المكتب وقطع الردهة بخطوات متسعة 

وسريعه


*****


ولج طاهر إلى منزله من بعد انتهاء من حفلة اليوم 

بأرهاق خلع سترته وألقها على مقعد ثم تقدم وهو

 يجوب المكان بعينه يبحث عن والدته حتى وقعت 

عيناه على التى تجلس على الأريكة ولا تعيره انتباه 

وقف امامها يحدجها بغيظ ثم هتف : 

- هى ماما فين ؟! 


لم تجيبه وظلت على وضعها وهى تضع طلاء الاظافر 

ثم رفعت يديها وهى تطالع اظافرها باعجاب 


زفر طاهر بغضب وهو يمسح على شعره مرورًا بوجهه

فصاح بها بحدة : 

 - هاااااجر أيه طرشتى مش سامعة ؟! 

بقولك ماما فين والباقى ؟! 


تنهدت وهى تغلق زجاجة الطلاء ثم اجابته فى تعجب : 

- هو انت مش قولت يا هاجر متدخليش اوضتى 

ومالكيش دعوة بأى حاجة تخصنى

بتكلمنى ليه بقى ؟! 


صر اسنانه بغيظ محاولًا أن يتحكم بغضبه قائلًا : 

- اه متقربيش من اوضتى 

ومالكيش دعوة بأى حاجة تخصنى 

بس لما أكلمك تردى عليا 


اجابته ببرود  :

- ايوه يعنى مش شايفنى مشغولة بحط المانيكير 


كور كف يديه من شدة غيظة ونظراته تحمل الوعيد قائلًا : 

- وانتى طالعة من بيتكم عشان تحطى مانيكير بتاعك 

هنا .. انجزى ماما وكرم وبابا فين 


التو ثغرها ثم نفخت فى اظافرها حتى تجف 

ورفعت عيناها إليه تجيبه وهى : 

- خالى نزل المحلات وخد كرم معاه 

 ماما نزلت تجيب حاجات للبيت وسابت البيت 

فى امانتى انا .... على الله حكايتك بقى 


تابع طاهر بنفس نبرة صوتها قائلًا : 

- على الله ياخدك .. على الله ياخدك يا هاجر 


ثم انصرف موليه ظهرها وهو يتمتم ببعض الكلمات : 

- مستفزة بنى ادمة مستفزة 


******


بمجرد أن دلف للداخل وداعبت انفه رائحة الطعام 

وتلاقت أذنه صوت الاغانى فابتسم تلقائيًا وقادته 

خطواته نحو المطبخ كعادة تعمل وتصب كامل 

تركيزها فى الطهى وقف خلفها يحدق بها 

فى صمت ثم اقترب يغلق اللاب خلفها، 

انتفضت ثم استدارت، وجدته يقف خلفها 

فابتسمت بهدوء :

- حمدلله على سلامة انا خلصت وكنت هتطفيه 


تمتم كنان مبتسمًا : 

- لأ خلاص اتعودت خدى راحتك أيه كل الأكل ده 

عندك اوردر 


هزت رأسها بنفى : 

- لأ ده أكل للملجأ متعودة أعمل كده من ايام 

ماما هدى هما اكتر ناس مننا نكون قريبين منهم 


صمت للحظات هو يعمل خير دائمًا لكن لم يفكر ابدًا فى اطفال الملجأ، تنهد وهو رمقها بابتسامة ثم انصرف إلى غرفته، هزت كتفها بعفوية وهى تطفأ الموقد على الطعام 


بعد مرور ساعتين خرج من غرفته فوجدها تجلس 

امام شاشة التلفاز تشاهد احد برامج الطهى كالعادة 

فجلس بجانبها وهو يمد يده لها بقرص مدمج 


قطبت حاجبيها وهى ترمق القرص متسائلة  : 

- أيه ده ؟! 


ابتسم لها ابتسامة بسيطة ثم قال : 

- السى دى ده بتاعك 


جحظت عيناها ثم قفزت من مكانها وهى تضرب  صدرها ثم حدثته موبخة : 

- يا نهارك اسوود سى دى بتاعى يعنى أيه 

انت كنت حطتلى كاميرات بتجسس عليا 

يابن ال.


سحبها من ذراعها بين اصابعه الغليظة ليمنعها من اكمل 

وصلة توبيخها قائلًا : 

- أيه دماغك القذرة ديه 

ده سى دي بتاعك لكارتون لروبنزل الجزء التانى 

كنت للاسف جايبوا ليكى بس خلاص انا غلطان 


نهض واقفًا يوليه ضهره فاسرعت تمسك يديه 

وهى تترجاه قائلة : 

- اسفة اسفة مقصدتش ممكن السى دى عايزه اتفرج 

عليه 


التفت لها طالع لمعت عيناها فهى انثى بروح طفلة 

ومازالت لم تتجاوز طفولتها فتلألأ الدموع بعيناها 

هكذا تثبت انها مولادة للتو من رحم البراءة 

حاول كبح نفسه من ضمها وتجفيف دموعها

بشفتاه نفض افكاره سريعًا وهو يناولها القرص 

فقفزت بسعادة وفرحة فجلس ثانية.

فسالته بتوتر : 

- انت هتتفرج معايا ؟! 


وضع ساق فوق الاخر ورفع حاجبه بمشاكسة : 

- لو مش عجبك اخدوا اتفرج جوه 


هزت رأسها بالنفى : 

- لا هوا هجيب اللاب واجى 


بعد مرور ساعة وقد وصل الفيلم الكارتون المنتصف 

فجاءة شعر بثقل يرتمى فوق كتفه رمقها بطرف 

عيناه فوجدها تغط فى نوم عميق ابتسم بداخله

وظل يراقبها وقلبه يثور بداخله كأنه بحرب حاول ان يكبح نفسه إلا أن خضع لقلبه مد ذراعه يضمها وكأنه يخشى عليه من الخدش، حتى تثقالت جفونه هو أيضا 

فى الصباح شعرت باشعة الشمس تتسلل 

لعيناها فتحت عيناها بتمهلل قطبت حاجبيها 

ثم كتمت شهقاتها بيدها وتسللت بهدوء على

اطراف اصابعها نحو غرفتها


****


بعد مرور عدة ساعات فى مكان عملها انطفئت الانوار فجاءة وهى تعمل بالمطبخ الجديد 

فشعرت بهلع وهى تتخبط بين الأوانى خوفها بلغ 

ذروته، التقطت اذنيها صوت اقدام لكنها لم تهدأ 

زعرها بل تضاعف حاولت أن تبتلع بصعوبة وهى 

ترتجف قائلة : 

- مين ؟! 


روح بلا مأوى (١٢)


***

الغيرة مثلها مثل أى مرض تؤلم الجسد وبشدة


***


مييين ؟! 


حاوطت نفسها بذراعيها وهى تنكمش على نفسها كلما 

سمعت صوت الاقدام تقترب، مرت دقائق قليلة وعادة 

الأضاءة طالعت وجه طاهر فتنفست الصعداء وقدمها

اصبحت كالهلام ودموعها تنهمر على وجنتيها فجلست

قرفصاء ارضًا فاسرع طاهر يجثو امامها ويهدئها قائلًا :

- كيان مالك ؟! 

ده النور عمل قفله 

بس فى ايه لكل ده ؟!

كيان انتى كويسة ؟! 


اومأت له وهى ترتجف فنهض مسرعًا يحضر لها كوبًا 

من الماء وهو يرمقها بحيرة يبدو أن هناك خطب ما : 

- طب اتفضلى اشربى واهدى كده ماكنتش اعرف 

أن قلبك خفيف كده 


مسحت دموعها بظهر يديها كانت حركة طفولية بحتة 

فكانت فى غاية البراءة و الفتنة معًا فتحدث طاهر 

هو ينظر للأعلى قائلًا : 

- لأ لأ .. متوصلش كده .. اعوذبالله منك مش كده 

ابعد عنى انا بتلكك 


قطبت حاجبيها مستغربة : 

- انت بتكلم مين ؟! 


رد بتلقائية : 

- لا ده شيطان هو اللى كان بيكلمنى 


ترجعت للخلف بتوجس :

- نعم!!!!!


ارتسم الجدية ثم اشار لأذنه وهو يقول : 

- اسف كانت معايا مكالمة فى السماعة البلوتوث 


هزت رأسها بتفهم، حاول أن يعاونها على لكنها رفضت 

وتحاملت على نفسها لتكمل العمل فقال : 

- من بكرة هيكون فى معاكى المساعدين 

اما النهارده انا المساعد بتاعك ايه رأيك ؟! 


- لا معلش كده مش هعرف اشتغل 


- ليه ؟! انا هساعدك بس انتى مش خايفة النور يقطع 


عضت على شفتيها بخوف : 

- لا لو كده خليك بس ممكن تقعد من غير ما تساعدنى 


نظر إلى حركة شفتيها ثم نظر للأعلى قائلًا : 

- عارف ان البنى ادم دعييف بس ياريت تهدا شوية 

عليا انا على اخرى 


ثم رمقها بابتسامة وهو يشير إلى اذنه فهزت رأسها 

واكملت التحضيرات 


*****


مر يومان منذ اخر جلسة بينهم وهو لم يراها 

لا يعلم ماذا اصابه، كل مايرغب به هو الاطمئنان 

عليها، فقط الأطمئنان عليها، وقف فى الردهة امام

باب غرفتها وهو يطالع النور من تحت عقب الباب

 ففى هذه المدة القصيرة علم انها تنام وتترك

 الاضاءة يعلم انها تخشى الظلام كل هذا يعلمه 

فهذه الفترة لكن ما لا يعلمه لماذا لم تخرج 

من غرفتها رغم انه منذ تلك الليلة وهو اقناع 

نفسه أن ذلك الشعور ليس سوى تعاطف معاها 

لكنه عزم على توفير كل سبل الأمان لها حتى وأن 

لم يكتمل ذلك الزواج، فتحت باب غرفتها 

فجاءة وجدته يقف امامها فشهقت كأنها رأت 

شبحًا لتو، بينما هو ابتسم كأنها أضاءت عتمة 

روحه، شعور غريب يتسلل لقلبه بمجرد رؤيتها 

بخير فقال : 

- صباح الخير 


ساد الصمت لثوانٍ وقد فاجئها وجوده امام باب 

غرفتها سألته مستفسره : 

- انت واقف قدام باب الاوضة ليه كده ؟! 


اجابها دون تردد : 

- كنت جاى اطمن عليكى مش ظهر بقالك يومين 


تلاقت عينيها بعيناه الزينونية لا تعلم سبب خفقات قلبها 

الذى كاد أن يخرج من محجره لكنها فسرت سعادتها

لا أهتم احد أن يطمئن عليها فاجابته : 

- لأ بس عشان جدول الميدتيرم نزل وكمان استلمت 

شغل جديد فى الشركة وباشمهندس طارق سلمنى 

اول حفلتين ومنهم عيد ميلاد بيلا فمضغوطه


اجابها بتهكم وبنبرة حادة : 

- خلاص بلاها وركزى فى امتحاناتك كده كتير 


هزت رأسها بالنفى قائلة : 

- لا مينفعش مش عايز اخسر ثقة الباشمهندس 

ده اول اوردر يطلبه منى ده غير إنه وفر ليا 

مكان زى مطبخ كبير وأنا المسئوله عنه 

انا هحاول وهقدر بإذن الله 


شعر بضيق من نفسه من تلك المشاعر المفرطة 

تلك المشاعر التى تلامس قلبه خلسة كلما رأها 

او تزيد نيرانه كلما نطقت اسم رجل اخر غيره 

تنهد بثقل قائلًا : 

- اللى يريحك بس المهم صحتك فى الأول 


اطرقت رأسها من نظراته التى تحصرها قائلة بخفوت : 

- تمام 


*****


عقدت ذراعيها امام صدرها وهى تشيح بوجهها عنه

 قائلة بتذمر  : 

- خلاص يا ضياء مش عايزه اتعلم انت بتريق 

عليا وبس 


رمقها بعدم تصديق بينما ارتشف من قهوته وهو 

يردف بهدوء : 

- بيلا بتريق ايه ديه حاجات سهلة وانتى مفيش 

فايدة لازم تورينى كارنية الكلية بتاعك


احتل الغيظ كل دماءها ثم حدثته بابتسامة باردة : 

- لا مش هوريك حاجة ومش عايزه اتعلم ويلا بقى 

عشان فى كتب عايزه ارتبهم 


ابتسم ضياء بتلقائية : 

- عنيفة اوى فى ردود افعالك، لا مش همشى هرص 

معاكى الكتب 


تريث لبرهة ثم ابتسمت بمكر قائلة : 

- تصدق حلو العقاب ده يلا بقى ابتدى 


أكمل بنفس النبرة ثم اردف بخبث : 

- هو ده عقاب ده انتى حنينة اوى 


ثم استرسل : 

- لا لازم ارص الكتب وانا شايف الضحكة 

وانا اسف على التنمر كمان


اومات له وهى تجلس فى الكرسى المقابل له والتقطت 

جهاز التحكم وقامت بتشغيل موسيقى هادئة : 

- طب طالما اعتزرت انا عيد ميلادى اخر الاسبوع ده 

وهنعمل حفلة فى بيتى 


توقف عن رص الكتاب وهو يعقد ما بين حاجبيه قائلًا : 

- اخر الاسبوع ده اللى هو بعد كام يوم لسه فاكرة 

تقولى ليا احنا تقريبًا كل يوم مع بعض


تنهدت بثقل قائلة : 

- انا الصراحة مش حابة اعمل عيد ميلاد بس 

طاهر رتب كل حاجه هو ماما 


طاهر اللعنة، رغمًا عنه كاد يموت من الغضب كلما 

تذكر أن طاهر يسبقه بخطوة إليها، أوصد عيناه 

محاولًا أن يستجمع ثباته ثم اردف بنبرة اشد حزمًا : 

- ايوة بصفته أيه هو اللى يرتب لعيد ميلادك 


هواء قاسى كالجليد يتخلل الصمت بينهم  حاولت أن تتجاهل شعورها كأنثى بغيرته التى ترضى روح انثى

بداخلها ثم اجابته وهى تتحاشى النظر إليه  : 

- طاهر صديقى المقرب من ايام الكلية او بالاحرى 

صديقى الوحيد لأنى مش باخد على حد بسهولة 

وكانت من ضمن احلامنا اننا نبقى مصممين حفلات 

ومع اول عيد ميلاد ليا قرب واحنا مع بعض حب 

يعمل تجربة وكلم ماما وعملوا العيد ميلاد كله 

من ترتيبه وكانت حفلة ولا اروع وساعتها اتشجعنا 

وفتحنا الشركة ولأن اول حاجة اتعملت العيد ميلاد 

بتاعى .. طاهر بيرتب ليه كل سنة تلقائى بس 


حرك رأسه متفهمًا بصمت فكل ما عليه الآن هو الصبر

فصبر دائمًا مفتاح الفرج فاصدر صوتًا خافتًا وهو يجيبها باقتضاب  : 

- امممم تمام 


*****


فى المساء 


ولج كنان للداخل هو يجوب بعيناه المكان حتى ظهرت شبح ابتسامة يعزف على ثغره هو يرمقها بتفاجؤ

نائمة على الأريكة والكتب تقع على الأرض ومازالت 

يدها قابضة على القلم، اولها ظهره تاركًا اياها نائمة 

إلا أنه وقف عاجزًا كيف يتركها هكذا  وهى 

نائمة على الأريكة هز رأسه بيأس، ثم دنى منها يحملها 

بين ذراعيه متجهًا بها إلى غرفتها وكانت رائحتها تتغلل

داخله وتخلق جاذبية يصعب مقاومته، وضعها على 

الفراش برفق وكأنة يقوم بمهمة ذرية بالغة التعقيد 

وحينما انتهى سحب الغطاء يدثره ثم تمتم : 

- مش حاسة بنفسك من كتر تعب دماغك ناشفة 

تصبحى على خير


*****


فى صباح اليوم التالى فرقت جفنيها بصعوبة من اشاعة الشمس التى تسللت لغرفتها  فجاءة انتفضت بفزع فاليوم امتحانها نزعت عنها الغطاء ووضعت قدميها 

ارضًا ثم عقدت حاجبيها فاستنكار فقد ادركت لتو انها نائمة على فراشها فهى اخر ماتذكره انها كانت على الاريكة وتلخص المادة، امسكت رأسها وكأنها تثبت 

مكان عقلها، التقطت الهاتف فطالعت الساعة فدارت

حول نفسها وهى ترتدى ملابسها حتى لا تتأخر 

على الامتحان 


خرجت من غرفتها ترتدى بنطال من الجينز وبلوزة 

بلون الوردى وحجابها الابيض و حقيبتها على ظهرها 

وجدته يقف فى المطبخ يقطع الخضار فاقتربت 

منه متسائلة : 

- صباح الخير، انت بتعمل ايه ؟! 


-صباح الورد، بحضر فطار لينا

اجابها ببساطة، فهزت رأسها بالنفى قائله : 

- لا شكرًا عندى امتحان هتأخر 


أكد كلامه وهو يمد امامها الصحن : 

- لأ هتفطرى بسرعة 


نظرت للأريكة ثم نظرت لها بشك متسائلة : 

- هو انت رجعت امته امبارح بليل 


رفع نظر إليها وبداخله يود أن ينفجر من الضحك فقال : 

- رجعت متأخر شوية 


حبست انفاسها وهى تقول بتوتر : 

- وأنا كنت فين ؟! 


رفع كتفاه بعدم فهم ثم سألها بمكر :

- انا هعرف منين انتى كنتى فين ؟!

أيه ده هو انتى ماكنتيش هنا بليل ؟! 

كنت فين ؟! 


كانت تتفرسه بنظراتها لتتأكد من صحة كلامه انتباه 

الشك للحظات ثم قالت : 

- لأ أنا كنت نايمة جوه هروح فين ؟! 

كده هتأخر سلام 


حبس انفاسه يمنع نفسه من الضحك ثم قال  : 

- هترجعى بعد الامتحان الساعة كام 


اجابته وهى تتجه صوب الباب : 

- لا هتاخر عندى تحضيرات بكره عيد ميلاد 

بيلا 


التو ثغره ثم هز رأسه متفهمًا 


****


بعد الظهيرة 


بعد الانتهاء من امتحانها ذهبت لعملها مسرعة وبدأت فى تحضير الطعام بنصف عقل، بداخلها

مازالت تشعر بشئ غريب فى حديثه أيعقل أن 

يكون هو من حملها لفراشها هزت رأسها بنفى : 

- لأ لا مستحييييل 


كان طاهر يقف على مسافة قريبه منها ثم قطب 

ما بين حاجبيه وهو يراها تحدث نفسها فاقترب 

منها وهو يضحك : 

- أيه سماعة بلوتوث بردو، ولا هى جينات العيلة 


رمقته بغرابة : 

-باشمهندس طاهر مش فاهمه بتقول أيه ؟! 


قرص مقدمة انفة قائلًا : 

- لا متركزيش معايا 

قولتلك طاهر بس 


- لا مينفعش 


تركته واستعادة كامل تركيزها وبدأت فى العمل 

لكنه قرر مشاكستها حتى تناديه باسمه بدون ألقاب 

كلما قطعت شئ وضعه فى فمه وبدء فى فتح الثلاجة 

واخراج السلطات كل هذا تحت نظراتها المتذمرة 

ثم تناول كيس المكسرات وبدء فى تناوله 

كانت ممسكه سكين بيده ثم حدثته بانفعال :

- طاهررر بس بقى اكلت كل مكسرات اللى هتحط 

على الرز حتى السلطات بوظتها 


ابتسم قائلًا وهو يلاعب حاجبيه : 

- ايوه كده طاهر من الأول 


*****


وقفت امام المرأة تطالع نفسها ثم التفت له بتذمر 

قائلة : 

- ضياء انت ايه اللى جابك معايا 

انا كان لازم موافقش .. ماله الفستان ده هااا 

ده الفستان العاشر وانت شغال لأ لأ 


كان جالسًا وضعًا ساق فوق الأخرى هز رأسه بالنفى : 

- تؤ تؤ انتى مش شايفه كتافه عريانه 


تنهدت بثقل ثم قالت : 

- هروح اغير انا مش هشترى 


ثوانى ولجت البائعة وهى تقول : 

- الفستان اللى طلبته حضرتك 


أوما لها ثم قال : 

-بليز  اديه للأنسة تقيسه 


طالعته بيلا بذهول تكاد تجن من فوض المشاعر بداخلها 

فكل حركة يفعلها معاها تنعش كل خلية بداخلها، التقطت 

الفستان وهى تتجه للداخل وما أن ارتدتها حتى شهقت 

من جماله، ازاحت الستار عن الغرفة فهب واقفًا يطالعها 

بنظرات عشق خالصه، عيناها الفيروزيه الفريدة تأسره 

بينما هى حاولت كبح دموعها بصعوبة قائلة : 

- الفستان حلو 


هز رأسه بنفى بينما هى تحولت ملامحها للحزن 

فهمس بجانب اذنها قائلًا : 

- انتى اللى حليتى الفستان مش هو اللى حلو


اطرقت رأسها باستيحاء ثم توجهت نحو المرأة ثانية

تطالع نفسها ..


*****


فى المساء 


- انت رايحة العيد ميلاد بكرة 

تلك الكلمات التى اردفها كنان وهو يقف خلفها التفت له

قائلة : 

- لا انا مش هروح فى ناس هى اللى هتبقى مسئولة 

هناك .. انت هتروح 


حك مؤخرة رأسه قائلًا : 

- لازم اروح ضياء مأكد عليا كأنى ابوه 


ضحكت وسلطة نظراتها عليه بتوتر ورطبت 

شفتاه وهى تمتم : 

- ربنا يباركلك فيه، تصبح على الخير 


قرر البوح عما فى صدره انه يريد أن يقضى وقت معاها فاوقفها قائلًا  :

- خليكى سهرانه معايا لسه بدرى 


اغمضت عيناها لبرهة لتُسكن نبضات قلبها، 

ثم تلاقت عينيها بعيناه ولأول مرة تغوص 

بملامحه هكذا، جاذبيته طاغية انتبهت على

نفسها واخفضت بصرها ولملمت نفسها ثم همست : 

- عندى امتحان الصبح وبعد كده هطلع على الشغل 


قلبه يألمه على تلك الصغيرة التى تتكبد متاعب 

الحياة بمفردها، غامت عيناه بحزن واهتزت تفاحة 

ادم خاصته هامسًا : 

- مش كتير عليك 


اجابته بحزن وهى تبتسم قائلة : 

- لأ اتعودت على كده تصبح على خير 


- تصبحى على خير 


******


تقف امام المرآة وهى تمشط شعرها وتدندن بعض 

الاغانى، سمعت صوت فتح الباب من خلفها فابتسمت 

بسخرية ولم تلتفت فهى تعلم من الذى وطأة قدامه 

الغرفة ثوانى وصدح صوته عاليًا : 

- هاااااااجر 


التفت له وهى تزم شفتيها بسخرية قائلة : 

- خير .. افندم عايز ايه من هاجررر 


تحرك بؤبؤى عيناه داخل مقلتيه بغضب واصبحت

ملامحه مغتاظة فهتف من بين اسنانه : 

- انتى بتعملى أيه فى اوضتى انتى مش بتفهمى 


أومأت له ثم تجاوزته تجلس قرفصاء فوق الفراش 

قائلة : 

- اوضتك سابقًا دلوقتى ديه اوضة كرم 

مش انت انسحبت بردو 


انعقد حاجبيه بغيظ وكاد أن يصرخ بعلو صوته فقد 

نفذ صبره منها، لماذا لم ينقض عليها الآن ويخنقها 

بالوسادة حتى تلفظ انفاسها ويخلص البشرية منها 

تنهد يسأله بغيظ : 

- هاجر هو اللى بيجرى فى عروقك ده أيه ؟! 


رفعت نظرها للأعلى مداعية التفكير : 

- امممممم .. شربات يا عينى 


التو فمه بسخرية : 

- قولى فسيخ مش شربات 

المهم اى حاجه غير الدم 


همت برد عليه قاطعه دخول كرم وهو يجفف شعره 

ثم نظر إليها بابتسامة : 

- صباحووو يا جوجو 


- صباحوو يا كوكو 

ثم اكملت بثقة قائلة : 

- صحيح يا كوكو هى مش ديه اوضتك وانا ينفع 

ادخلها 


عقد كرم حاجبيه بضيق بينما ابتسم طاهر بشماتة 

وهو ينتظر الرد فقال كرم : 

- ايه الكلام ده يا هاجر انتى بتسألى ده الاوضة 

 والبيت كله تحت امرك 


طالعه طاهر بصدمة وذهول وهو يزمجر : 

- اه قول كده بقى انت ليك معاها مصلحة 

والمصالح بتصالح مش كده فتبعنى أنا 

ثم استرسل : وانتى ما تطلعى عند عمك عاصم شوية 

ليه نصحى من النوم نتصبح بيك ونام على خلقتك 

برود 


اجابته ببرود : 

- احبوش لا هو ولا مراته 


وقف والده على اعتاب الغرفة قائلًا : 

- صباح الخير 

عاملين ايه ؟! معلش عايز طاهر شوية 


انصرف طاهر وهو يتمتم بينما اقترب منها كرم يمد يده 

هو يهمس : 

- علبة السجاير 


لوت شفتيها وهى تجلس على حافة الفراش : 

- سكتك خضرا يا كرم قال علبة سجاير قال 

احمد ربنا ان مقولتش لخالى ومرات خالى 

اه كمان بلاش عشمك فيا يقتلك لأنى معرفش 

هسكت لأمته 


- بيييياعه اوى يا هاجر 


لوحت بيدها قائلة : 

- يلا يا بابا هنرش مايه اتكل على الله بلاش غلابه 

متفرهدنيش لسه اليوم طويل 


جز على اسنانه قائلًا : 

- هاجر انتى اللى يتعامل معاكى المفروض يخرج 

اعصابه عصب عصب يطبطب عليه عشان اتكلم 

معاكى 


******


خيرر يا بابا 

هذه الجملة التى نطق بها طاهر 


تنهد والده بثقل قائلًا : 

- أنا عايز اشوف بنت عمك من ساعتها وهى شاغله 

تفكيرى .. واكيد مش عايزه تعرف أن انا والدك 


جلس طاهر بجوار والده قائلًا  : 

تحب تيجى الشغل وتشوفها انا هبقى اعرفك بيها 

من بعيد، ولا اقولك مش انت مسافر السخنه صح شغل صح، فى فرح 

فى السخنه تعالى وشوفها


ربت حسين فوق كتف ابنه قائلًا ::

- الدم الدم يا بنى هيحن من غير ماتعرفون


روح بلا مأوى (١٣)


****

الفصل الثالث عشر


****

لا نملك عصا سحرية لأرجاع الحياة للوراء، 

لكن القلوب تعود بالاهتمام والحب


*****

فى يوم الحفل ذهب كنان بصحبة ضياء إلى الحفل 

كان كنان يرتدى قميصًا ابيض يبرز عضلاته وبنطال 

اسود وصفف شعره بعناية اضافة له جاذبية 

وكان ضياء يرتدى حليته الرمادية، يبحث عنها 

بانظاره بينما كنان كان يطالع المكان باعجاب قائلًا : 

- شغلهم راقى اووى 


وزع ضياء نظراته بالمكان وهتف بتهكم مغتاظ : 

- عادى يعنى مش لدرجة 


لكزه ضياء  فى كتفة قائلًا : 

- انت قاصد صح ؟! 


قرص كنان مقدمة انفه قائلًا : 

- عشان تبطل تسحلنى معاك وبعدين حاسس إنك جاى 

اوى على طاهر، ده شخص محترم وذوق 


- ايوه أنا مفترى عايز ايه ؟!


رفع كنان كتفه بعدم اكتراث واخيرًا بعد البحث عنها بعيناه وجدها تقف مع صديقتها او كما يظن فقادته خطواته إليها ومعه كنان ثم قال  : 

- كل سنة وانت طيبة 


التفت له بفستانها الذى اختاره هو، كان بلون الزهرى 

ذو الياقة مطرزه بالفراشات واكمام طويلة من قماش الشيفون وعلى 

الصدر فراشات كثيرة وشعرها الطويل الذى 

جعلته للخلف بصورة راقية وانيقة فكانت غاية 

فى الجمال والكمال مع ابتسامتها الساحرة 

فهمست : 

- وانت طيب يا ضياء 


ابتسم كنان قائلًا : 

- كل سنة وانتى طيبة 


اومأت له بايجاب ثم اشارت إلى والدتها قائلة : 

- مامى 

الدكتور كنان والدكتور ضياء 


توسعت عيناه ضياء وكنان وتبدلات ملامحهم بصدمة 

والذهول فقال ضياء : 

- صاحبتك اسمها مامى حلو الاسم وجديد 


هزت رأسها بنفى بينما ابتسمت والدتها فاردفت 

بيلا تصحح معلوماته : 

- ضياء مامى . مش اسمها ديه مامى بجد 


كنان بصوت هادئ : 

- ربنا يبارك فيها بس اللى يشوفها يقول اصحاب 

وميعرفش مين الكبيرة كمان 


والدتها بابتسامة واسعة : 

- ميرسى ليكم ولذوقكم، بس أنا عمرى ما بقول انها 

بنتى على طول بقول بنت اختى عشان متكبرنيش 


بيلا بابتسامة واسعة كشفت عن نغزتيها المُهلكتين قائلة : 

- كده يا مامى 


تابع ضياء بمشاكسه قائلًا : 

- لا يا كنان احنا نقفل المركز ونرجع على دبى طالما 

فى حد زى طنط بيهتم بجماله 


أوما كنان مؤكدًا على كلامه : 

- اتفق بشدة 


قطع حديثهم صوت والدها مناديًا ومعه الضيوف، فابتسمت له وهى تهز رأسها ثم  قالت  : 

- ضياء خمسة هنشوف دادى وارجع، نورت يا دكتور

كنان 


رفع ضياء نظره على باب الحديقة فطالعه 

كيان فلكز كنان قائلًا : 

- ايه ده كيان جت اهى هى كمان 


وقف كلا من كنان وضياء يطالعها كانت ترتدى فستانًا 

بلون الأسود وعليه كنزه من الجينز وحجاب بلون الأحمر 

كانت تخطو ببطء وكأنها طفلة تتعلم المشى نظراتها 

وملامحها تقول انها تخشى الناس، تحرك كنان لذهاب 

إليها وفجاءة تخشبت قدماه وهو يرى طاهر يتقدم 

منها وقف بجوارها واخرج هاتفه ومد يده به للأعلى 

يلتقط لهم صور وهى تبتسم له وترفع يديها 

بعلامة النصر واخرى وهى ترسم العبوس اصبح 

كنان يجلس على فوهت البركان، انطلق كثور 

الهائج ولكنه وجد شئ يعوق حركاته فالتفت فكانت يد 

ضياء  : 

- اهدى أيه مالك  ده شخص محترم وذوق 


اعطاه كنان نظره تحمل فى طياتها الكثير والكثير 

فرفع ضياء يده علامة الاستسلام وسار خلفه 

بينما كنان التهم الخطوات الفاصلة بينهم حتى وقف امامها يرمقها شرزًا، هى كانت على علم بوجوده لكن نظراته غريبة جعلتها ترتبك، ابتسم طاهر : 

- دكتور كنان اعرفك الشيف الجامد بتاعنا كيان 


رمقها ثم رمقه وجميع مؤاشرات جسده تنذر بشئ 

واحد انه على حافة انفجار فقال : 

- كيان 

اسرعت هى تقول : 

- اتعرفت عليه فى الافتتاح فرصة سعيدة 

يا دكتور كنان عن اذنكم 


تجاوزته ورحلت بخطوات سريعة، اشعلت فتيل غضبه 

بفعلتها الهوجاء فلماذا تتحشى ذكر علاقتهم؟ حاول 

التماسك بهدوؤه ورزانته المعهود، بينما تحدث طاهر 

بنبرة يغلب عليها الغيرة : 

- اتعرفتوا على بعض ازاى بقى ؟! 


اجابه ضياء باقتضاب : 

- بيلا عرفتنا عليها


بينما كنان اشاح بوجهه للجهة الأخرى، انصرف طاهر 

وقف ضياء بجوار صديقه متسائلًا باستغراب: 

- فى أيه كنان كنت هتقول أيه ؟! 


***** 


وقفت فى زواية بعيدًا عن الصخب وهى تتذكر 

نظرات كنان وغصبه، هل كان سيعلن ما يربطها 

به انها تكون زوجته، نظراته كانت تثبت ذلك، نظرات اسد تعدى على ممتلكاته  ابتسمت 

بتهكم على ما نسجه عقلها من احلام ورديه لم تكن 

تحلم بها يومًا 


- أيه اللى جابك ؟! 

تلك الجملة نطقها كنان من الخلف مما جعلها تنتفض 

ثم تنفست الصعداء واجابته بنبرة جاهدت لرسم القوة بها : 

- ماكنتش هجى بس طاهر اصر اجى كمان عشان بيلا  


غلت الدماء بعروقه ترى لأى مدى وصلت العلاقة 

بينهم لكى ترفع الألقاب : 

- طاهر !!!!


اطرقت رأسها بحزن فهى ظنته يستنكر أن تنطق اسمه 

بدون القاب ثم رفعت عيناها بحزن قائلة : 

- اكيد هو اللى اصر انا مش هشيل الألقاب منى 

لنفسى 


توسعت عيناه بذهول مما وصل إليها من حديثه،

تلك الغبية، تبدو كطفلة صغيرة تحمل روح انثى 

حزينة، اعينها تحمل البراءة والاغواء فى نفس 

لحظه هى طفرة بكل ما بها فريدة من نوعها سحب نفسًا 

عميقًا كأنه لم يتنفس لأعوام قائلًا : 

- سلمى على بيلا ويلا عشان نمشى 


هزت رأسها وانصرفت فهى لم تعد قادرة على تحمل 

طغيانه اكثر، بينما هو طالعها وهى تخطو بخطواتها 

بعيدًا وايقن بداخل أن مشاعره لم تكن تعاطف او 

عطف 

****

على الجانب الاخر 


- الفراشات هتاكل منك حتة 

تلك الكلمات اردفها ضياء وهو يطالع بيلا 


ابتسمت بخجل : 

- ميرسى يا ضياء 


بادلها الابتسامة بسعادة وعشق وهتف بنبرة مفعمة 

بمشاعر : 

- على فكرة النهارده ده ميحسبش 

بكره انا هحتفل بعيد ميلادك بطريقتى عشان اقدملك الهدية 


كلماته تتهادى فوق اوتار قلبها الراضى بكل ما يقدمه 

لها حتى انها تناست امر اعاقتها وعاشت معه الجنون 

فقالت : 

- طب ما الفستان كان هدية 


هز رأسه بالنفى قائلًا : 

- لا ده مالوش علاقة 


مطت شفتيها باغراء بدون وعى قائلة : 

- تمام 


حك ضياء مؤخرة رأسه ثم همس : 

- اموت واعرف بطعم ايه ؟! 


اجابته ببراءة : 

- هو ايه يا ضياء اللى بطعم ايه ؟! 


قهقة عاليًا ثم قال : 

- انواع الكنافة اللى هناك ديه 


هزت رأسها بتفهم قائلة : 

- طب انا هروح واشوف نطفى الشمع 

ونفتح البوفيه 


انصرفت من امامها فطرق كفًا بالأخرى : 

- ده يوم افتتتاح البوفيه مش هرحمهم 


****


جلس ضياء وكنان على طاولة معًا ينظران امامهم 

بنظرات ثاقبة حيث كانت تقف بيلا بصحبة كيان 

لكن اشتعلت النيران داخلهم فجاءة عندما اقترب 

منهم طاهر، جاهدوا فى الحفاظ على ثبتهم، 

حتى مال ضياء على كنان قائلًا : 

- سمج اوووى 


مازال كنان على وضعه يضيق عيناه قائلًا : 

- لا وبيلزق كده 


همس ضياء بخفوت : 

- تحس أن عايز علقة كده 


قطب كنان حاجبيه ثم اردف وهو يحك ذقنه : 

- مش هيأكل معاه شايف عضلاته شبه الباب 

الواد ده عايز يتاخد على سطوح الواد حمادة 


ابتسم ضياء ثم اردف بشر : 

- او نعملوا عملية تحويل مسار ونرتح منه 


- تحويل مسار ليه مالنا ومال معدته احنا 


هز ضياء رأسه بالنفى وهو يغمز له مردفًا : 

- يا جدع تحويل مسار من طاهر لطاهرة 

تاه مربوطة يعنى وصلت 


طالعه كنان بصدمة قائلًا : 

- عنيف اوى انت يا ضياء متوصلش لكده 


ثم استدار وجد بيلا قد رحلت وطاهر يمد يده لكيان 

بوردة حمراء جز على اسنانه ثم نهض وافقًا : 

- حضر اوضة العمليات يا ضياء 


قهقة ضياء قائلًا : 

- طب استنى نفتح المركز مش كان حد ذوق طاااه 


****


التف الجميع حول الطاولة التى عليها كعكة عيد الميلاد 

وبدأوا بالاغانى وانطفأت الأنوار فوقف كنان خلفها يهمس فى اذنها : 

- اسبقينى على العربية بره دلوقتى حالًا 


انتفضت من صوته ومن قربه بهذه الطريقة ثم قالت بنبرة خافته بعناد::

- نعم!!! 


بنبرة حازمة لا تقبل النقاش قال : 

- من غير كلام كتير يلا على بره 


*****


بعد مرور عدة دقائق كانت تقف امام السيارة، تطالع 

الباب وجدته يقطع الطريق ثم فتح باب السيارة دون 

أن ينظر إليها واستقل هو السيارة خلف عجلة القيادة 

حدق بها بصمت ثم حرك محرك السيارة وانطلق 

استدار لها متسائلًا : 

- أنا شايف علاقتك مع طاهر مرتحة اوى 


تمتمت بصوت خافت وهى تحاول ان تكون طبيعة فاجابته متسائلة : 

- مش فاهم تقصد أيه ؟! لكن هى فى حدود الشغل 


اجابها فى امتعاض :

-كل ده وفى حدود الشغل 


ساد الصمت بينهم للحظات حتى وجدته يسير فى طريق غير طريق المنزل فهتفت : 

- ده مش طريقنا رايح على فين ؟! 


تجاهلها حتى توقف فجاءة بسيارة وصفها جانبًا قائلًا : 

- انزلى 


استرجلت من السيارة وهى تنظر امامها فهو صف 

امام احدى محلات الحلويات الشهيرة فى وسط 

البلد فرمقته فى استغرب فابتسم قائلًا : 

- أيه رأيك نأكل ايس كريم ونتمشى 


التمعت عيناها بالفرحه ثم هتفت فى حماس :

- ياريت انا بحبه أوى  


وقف امام عربة الايس كريم يختاروا الأنواع مد يده 

لها بعلبة الايس اخذتها بسعادة ثم تناول هو علبته 

وسار بجانبها فبرغم من هدوء ليل إلا أنها 

كانت تجد ضجيج داخل قلبها يجعلها تشعر بالفوضى 

بداخلها، وقعت عيناها على بائع بالونات الهليوم 

كانت تطير عاليًا بسبب الهواء الطلق 

فلاحظ هو ابتسامتها الخفية للبلونات فالأكيد 

أنها حرمت من ابسط الاشياء فى طفولتها فجاءة 

قطع بها الطريق يقف امام الرجل وهو يسألها : 

- تاخدى أى واحدة 


اشارت إلى صدرها وهى لا تعلم تبكى ام تفرح 

ارتجف فكها وهى تهز رأسها والدموع تتلألأ بعيناها 

فهم هو حرب المشاعر التى بداخلها فسأل الرجل : 

- كلهم بكام 


ابتسم الرجل بسعادة بالغة فسوف ينتهى من بيع

البلونات ويعود إلى منزله  

فاجابه مسرعًا فهز كنان رأسه وهو يعطيه النقود ثم تناول 

البلونات يعطيها لها حاولت كتم شهقاتها قائلة : 

- كانت كفاية واحدة بس 


 ابتسم وهو يقول : 

- كفاية الفرحة ديه .. بعدين خلى الرجل يروح 


تابع سيرهم وهى عيناها معلقة بالبلونات مثل الفراشة 

الحايمة على النور وبعد سيرهم مسافة لا بأس بها 

كانوا يقفوا امام كورنيش النيل ثم جلسوا وهم 

يطالعوا النيل فى صمت ثم نظرة له بامتنان : 

- شكرًا على حاجات ديه 


هى ليس ملكة جمال لكنها تحمل روحًا تجعلها أجمل 

نساء العالم بأكمله بل هى اجمل نساء العالم فى نظره 

تنهد قائلًا : 

- المهم عندى إنك اتبسطى 


رفعت بصرها لبلونات ببسمة راضية وسعيدة تزين 

ثغرها، تشعر بان غرفة من قلبها فتحت ليتسلل 

بداخلها شعاع النور، أما هو بداخله رغبة ملحة فى ضمها 

لجعلها ضلعًا رفيقًا لروحه فجأءة بدأت فى الحديث وهى تنظر امامها بحزن :

- تفتكر لو كان شافنى وضمنى لصدره اول ما اتولدت

كان حس إنى بنته، يمكن كنت صعبت عليه 

عارف لما بشوف بوست على الفيس عن حنان 

الأب وهو السند غصب عنى دموعى بتنزل مش 

بحقد ابدًا بس كان نفسى اجرب الشعور ده 

لما كنت بشوف البنات يوم الامتحان وباباهم 

واقف يدعمهم ويقويهم كنت على طول اسال 

نفسى ياترى شعورهم أيه ؟! يعنى مبسوطه؟! 

اصعب شئ لما يبقى مصدر الأمان هو مصدر وجعك

طب عارف ساعات اركب الميكروباص وممكن يركب 

راجل كبير فى السن افضل ابص ليه واقول يا ترى انت ابويا 


حاولت أن تتمالك لكن دموعها انهمرت على وجنتها

 

شعر بسهام تخترق مضغته من حديثها ثم مد يده  يمسح دموعها من على وجنتها مثبت بصره على عيناها 

قائلًا : 

- انتى تعرفى أن عينكى فيها سحر .. الحزن اللى 

فيها بيسحر، رغم أن الحزن بيطفى بس انتى 

لسه فيها لمعة الأطفال، فيها نور اى حد يشوفه

يمشى ورا، عينين لايق عليها الفرح يا كيان انسى

انتى تستاهلى حياه احسن


قلبها ينبض بعنف كأنه فى حلبة مصارعة، طائره

باجنحة الهيام الجارف لكن عقلها يذكرها بالنهاية 

المأساوية، ارجعت رأسها للخلف بارتباك، فوضع

يده فوق يدها فانتفضت تنزع يديها منه فطارت 

البلونات فاندفعت خلفها وغشاوة من الدموع 

غطت عيناها فانصدمت بشخص لف يدها حول 

خصرها مسحت دموعها سريعًا قبل ان تشعر 

بيد تقبض على معصمها وتسحبها خلفه 

فابتسم ذلك الشخص بتهكم : 

- فى أيه بس ما ناس لبعضيها وكفاية كده واتكل 

على أنت 


تشبثت بقميصه من الخلف وهى ترتجف قائلة : 

- كنان يلا بينا لو سمحت انا خايفة 


حرك ابهامة على شفتاه السفلى قائلًا بشهوة : 

- هى القطة مالها ؟! مش عجبها ولا أيه ؟! 


فثوانى كان يلكمة فى صدغه فوقع ارضًا وانقض 

عليه كنان بلكمة حتى اصبحت الدماء تسيل من 

انفه 


فجاءة صدح سيارة الشرطة ونزل الضابط قائلًا  : 

- هاتى الناس ديه على البوكس نشوف حكايتهم 

ايه ؟! 


روح بلا مأوى (١٤)


****

الفصل الرابع عشر

*****


نظره بائسة كست عيناه نحوها، كأنها كتبت عليها 

الشقاء والقهر لم يتخيل ابدًا أن اليوم سينتهى هكذا

رمق ذلك الرجل الذى يجلس امامه بنظرات مشمئزه 

مزعوجه، ثم اعاد نظره إليها ثانية، مال عليها 

يطمئنها ببعض الكلمات حتى قطعه دخول ضياء 

ومن أنا وقعت نظره على كيان وكنان معًا  قال : 

- اداب تانى يا كنان يا بنى أيه اللى جرالك ؟! 


قاطعه الضابط بحدة : 

- انت يا بنى ادم انت ناسى نفسك فين ؟! 

واداب أيه اللى بتكلم عليه 


التفت لكنان وهو يهمس : 

- مش اداب ؟! 


صر كنان اسنانه وهو بداخله يمطره بوابل من الشتائم 

فابتسم ضياء لضابط قائلًا : 

- هى فى كلية اداب وكل مره يضيع عليها الامتحان 


لما يقتنع الضابط بحديثه : 

- اقف هنا على جنب لحد ما نشوف حكايتكم 


توسعت عين ضياء :

- لا انا مش معاهم انا دكتور وكنت جايب المحامى 

عشان نخلص 


ابتسم الضابط بتهكم قائلًا : 

- لا هتقف كده على جنب وسع من وشى احسن هتباتوا 

هنا كلكم 


****


خارج قسم الشرطة حيث بدأت اشعة الشمس ان تسلل

معلنه عن يوم جديد ربما يحمل الأمل للبعض  


كان كنان على وشك نعت ضياء بلفظ خارج إلا انه 

راعى وجودها ثم حدثه بحدة :

- البعيد مش بيميز داخل تقول اداب

انت داخل تأكد على حبسنا جو 


التو ثغره ثم حك ذقنه وهو يطالع كيان بنظرات 

ذات مغزى قائلًا : 

- ألاه هو انت شلفط الرجل جوه ليه ها ؟! 


اجابه كنان باقتضاب : 

- انت هتروحنا لحد البيت ومسمعش صوتك 


رد عليه بسخرية قائلًا  : 

- كان على عينى والله بس عندى مشوار الصبح بدرى

فاطلب اوبر انا مش السواق الخصوصى بتاعك 


انصرف ضياء دون أن يسمع رده، فاندمجت عيناها بعيناه 

فابتسم لها يطمئنها واخرج هاتفه وبدء فى الضغط 

على الشاشة مرت عدة دقائق وكان تقف امامهم 

السيارة 

****


ولجت للداخل بإرهاق ممزوج بالحزن، تحاول السيطرة على ارتجاف قدميها ويديها، لحظات 

بسيطة من السعادة سرقتها من الحياة الغير العادلة لكنها

لم تكتمل،تهربت بمقلتيها بعيدًا عنه، تشعر بخنجر قاسى فى فؤادها، لم تشعر بتلك الدموع التى غزت مقلتيها رفعت يديها سريعًا تمسحها حاولت أن تستعيد ثباتها المبعثر


رأى عبرات عينيها التى تغزو مقلتيها، يشعر بما تشعر

به، بداخله شفقة وحزن وألم عليها وقف امامها بابتسامة

قائلًا : 

- بقينا رد سجون 


طأطأت رأسه بألم قائلة : 

- أنا اسفة 


ضحك وهو يحك ذقنه النامية قائلًا : 

- لا بس حلو جو الاكشن والمغامرة 


توسعت عيناها بصدمة قائلة : 

- ايه ده ايدك اتجرحت اقعد اقعد هجيب علبة 

الاسعافات 


يجلس على الاريكة بينما هى تضع كفها تحت كفه 

وبالاخر تقطب جرحه، كانت قريبة منها جدًا حتى 

أن عبقها يتسلل داخل خلاياه، فراتحتها كانت سكر 

وعنبر، كان يحاول كبح نفسه أن يفك حجابها 

ويحتجزها بين ذراعيه ويده تتحرك بحرية داخل 

خصلات شعرها خرجت آنه خافته منه عما يجوب 

بصدره، رفعت بصرها سريعًا قائلة : 

- أنا خلصت خلاص اهو معلش وجعتك


ارتسم الوجع قائلًا :

- شوية 


- هروح أنام شوية عشان انزل على شغل 


نظر بطرف عيناه ثم تنهد يتمتم : 

- طب مش هنأكل انا جعان اوى 


قطبت ما بين حاجبيها تطالعه باستنكار فهو دائمًا يتناول 

الفطور وحده : 

- طب افطر 


رفع يده المصاب مداعيًا الألم قائلًا : 

- طب كده ازاى 


- هعملك سندوتش والقهوة 


هز رأسه بالنفى قائلًا : 

- لا لا مش هيسد معايا خالص جعان اوى 


التو فمها بسخرية قائلة : 

- مش المفروض انك فيجترين 


- كنت 


تنهدت وتوجهت للمطبخ ترتدى مريلة المطبخ 

بينما هو انصراف من امامها وكعادتها انفصلت عن 

العالم الخارجى بمجرد ان تبدأ فى الطهى 

مرت عدت دقائق وكان يقف امامها يرتدى 

تيشرت اسود ويضع المنشفة حول عنقه وبعض

قطرات الماء تنهمر على وجه من شعره المبلل، ابتلعت 

بصعوبة من هيئته هكذا تحرك يقف بجانبها متسائلًا : 

-خلصتى ولا لسه ؟!


اجابته بتشتت: 

-هاااااا


ابتسم بانتصار عندما طالع تأثيره عليها وقرر مشاكستها 

لكن قطعه رنين هاتفها، فطالعته ثم تجاهلت الرد 

رمق الهاتف ثم رمقها رافعًا حاجبه : 

- ما تردى وتشوفى مين ؟! 


- خلاص بطل رن 


صدح رنين الهاتف مره ثانية فتنهدت تلتقط الهاتف 

وتضغط على زر الاجابة : 

- ألو .. صباح الخير 


- لأ بس حسيت نفسى تعبانه شوية فروحت

- لا مش حاجه كبيره قلة نوم 


كل هذا تحت نظرات كنان القاتلة وقد برزت عروق 

راقبته من شدة الغضب بينما هى تكمل 


- نعم.. لأ صعب مش هينفع 

لا مش هينفع مش فكرة اهلى ولا امتحانات صعب 

هحاول افكر بس هو صعب ... تمام مع سلامه 


انهت المكالمة وبدأت فى سكب الطعام فى الصحون 

هذه الحركة من التجاهل  اثارت جنونه فسألها بحده :

- كان عايز ايه ؟! 


 رفعت كتفها بعدم اكتراث قائلة :

- كان بيشوفنى مشيت امبارح فجاءة ليه ؟!


رفعت عيناها وجدت ينتظر تفاصيل اكثر : 

- فرح بنت خالة بيلا فى السخنه هيسافروا يومين

هناك اخر الاسبوع وبما إنى الشيف عايزينى 

اسافر هناك بس انا رفضت لأن اساس الفندق 

هيجهز كل شئ بس هو عايزينى مشرف


التمعت فكرة فى رأسه فابتسم وقد تبدلت ملامحه قائلًا : 

- طب ديه فكره حلوه، هتكونى خلصتى امتحان 

روحى غيرى جو 


هزت رأسها بالنفى : 

- لا مش بحب السفر مش هروح 


حك مؤخرة رأسه قائلًا : 

- لا هتسافرى .. بس معايا اكيد ضياء هيزن انى اروح 

معاه فنسافر مع بعض، وافقى بس قوللهم هتروحى 

وترجعى لوحدك 


*****


بعد الظهيرة 


فى شارع المعز بالقاهرة يعد اكبر متحف للاثار الاسلامية بين العهد الفاطمى والمملوكى،

شارع أثرى به عبق التاريخ ومنشأت اثرية رائعة 

كانت بيلا بصبحة ضياء يسيطر عليها الانبهار 

تلتمع عيناها بسعادة فهى لم تأتى لزيارة ذلك 

الشارع من قبل لكنها علمت خطأها بينما ضياء 

كان يحمل كاميرا يلتقط لها صورًا كثيرة 

وقفت امام محلات المهن التقليدى تشترى 

تذكار من هذا المكان، بزغت عيناها عندما وصلت 

امام دكانًا  بداخله الازياء التقليدية،  العباءات، 

ملاءت الف، والبراقع بمختلف الوانها، مطعمة بأزار ذهبية

وقفت ترتدى هذه الملابس فوق ثيابها وضياء يلتقط 

لها صور عديدة، انقضى النهار حتى جاء وقت الغروب 

جلسوا على مقهى ذو طابع قديم يأخذون استراحة وكوب قهوة يسمعون اغانى ام كلثوم فقالت : 

- انا مبسوطة جدًا ولا عمرى تخيلت إنى اتبسط كده 

ياضياء بجد ميرسى على اليوم الجميل ده


ابتسم بلطف متمتمًا : 

- المهم تكونى اتبسطى 

كل سنه وانتى طيبه


قطبت ما بين حاجبيها قائلة : 

- بردو انت عايش فى دبى ازاى عارف كل حاجه هنا 


طالعها بابتسامة جذابه قائلًا : 

- شوفى يا ستى والد كنان مستثمر كبير فى مصر 

 حوار مشاركات وكده فكان بينزل فى اجازة الصيف

يشوف شغله، وكنا انا وكنان بنزل معاه هو يشتغل 

واحنا نلف الدنيا هنا 


هزت رأسها بتفهم دقائق وكانت تستقل السيارة 

بجواره فى طريقهم للعودة للبيت، شردت فى اعاقتها التى تخفيها عنه ثبتت نظرها عليه، ضياء بوسامته ومكانته الاجتماعية واسلوبه الانيق الذى يحرص دائمًا أن يعاملها به كأنها ماسة يخشى عليها من الخدش فهو حلمًا بعيًدا بالنسبة إليها تنهدت بثقل تتابع الطريق 

امامها حتى وصلوا امام منزلها فصف سيارته 

فابتسمت له بامتنان قائلة : 

- شكرًا على اليوم الجميل ده 


- شكرًا ليكى انتى انك تكرمتى عليا بيه،  فى مفاجأة 

مستنياكى جوه


توسعت عيناها بذهول واسترجلت من السيارة 

تتجه للداخل مسرعه ..

****


طلت بزراقوتيها، تخشبت قدميها كانت فى حالة انبهار

امامها حوضًا من السمك به جميع انواع سمك الزينة وبجواره ارجوحة تتدللى احبالها من جزع شجرة متين ملفوفة بالورد وتنتهى بلوح خشبى مسطح، تشبه ارجوحة الاميرات سيطرت الصدمة على ملامحها دمعت عيناها ثم سمعت خطوات من خلفها فالتفت وجدته يقف خلفها يضع يده فى جيب بنطاله همست : 

- انت اللى عملت كده يا ضياء ؟!


مال برأسه قليلًا ثم سألها مستفسرًا : 

- أيه وحش ؟! 


هزت رأسها يمينًا ويسارًا قائلة : 

- لأ طبعًا بس منين عرفت إنى بحب اسماك الزينة 

كمان المرجيحة تخطف القلب .. ضياء اللى عملتوا 

ده كتير 


نظر لها بطرف عيناه مردفًا : 

- ده اسمه فطنه، مش اى حد انا 

اما المرجيحة فده لأنى بشوفك اميرة ولازمك المرجيحة ديه طبعًا 


وقفت وهى تنظر امامها وداخلها صراع 

تشعر بذلك العشق الذى يسيق القلب دون تريث لكن العقل ينهرها بقوة أما قلبها يترجاها أن تتركه 

يعيش هذه المشاعر ويظل عقلها يقول أنه 

حلمًا أما الواقع فليس لها ....بابتسامة زائفة : 

- ده من اسعد ايامى حياتى ميرسى جدًا يا ضياء 


******

فى المساء فى احد المطاعم الفاخرة جلس كلا من ضياء وكنان بينما اردف ضياء بملل : 

- فى أيه يا كنان مش فاهمك عزمنى هنا ليه؟!

 انا كنت محتاج اروح انام  


نظر له وافكاره تتقاذفه يمينًا ويسارًا كيف يجعله هو من 

يترجاه تابع بثقة : 

- حبيت نغير جو مع بعض وكمان عرفت أن بيلا 

فرح بنت خالتها اخر الاسبوع 


ابتسم وهو يقول : 

- اه فى السخنه وهما يومين  وعلى فكره 

انا هروح 


وصل إلى مراده ابتسم داخله بخبث ثم قال بحدة 

طفيفه : 

- وحضرتك ناوى تسحلنى معاك طبعًا 


اجابه ضياء مسرعًا : 

- لأ 


رفع كنان شفتاه مستنكرًا : 

- أيه هو اللى لأ ده ؟! 


سأله ضياء متعجبًا قائلًا : 

- مالك يا بنى فى أيه؟! هروح انا وانت خليك هنا عشان الشغل 


صاح كنان بانفعال قائلًا : 

-يعنى انت تسافر وتهيص وانا اتسحل هنا ؟! 


توسعت عين ضياء بذهول قائلًا : 

- انت بتعلى صوتك ليه ؟! 

انت عايز ايه مش فاهم ؟! 


تنهد ليردف بكبرياء  : 

- اروح معاك 


قهقة ضياء على افعال صديقه الطفوليه قائلًا : 

- قلب أمك 


التو ثغر كنان بتهكم بينما اردف ضياء بجدية : 

- لو الموضوع زى ما انا فاهم أنا شايف أنه صعب 

يا كنان..  أهلك مش هيوفقوا وكمان هيبقى الموضوع 

حمل عليك، غير انها فعلًا ظروفها مش مناسبة 

ليك وو


برزت عروق رقبته وارتسم الغضب على ملامحه : 

- متكملش يا ضياء عشان اللى بينا... الموضوع 

ده ميخصش حد غير أنا وأنا مش عيل صغير 


فرك ضياء وجه بكفه : 

- انا عايزك تفهم موضوع بيتها اللى تهد وابوك ليه 

طرف فيه، هى شخصيًا، مامتك استحالة تقبل بيها 

كمان خطبتك 


هب واقفًا يلملم اشياءه قائلًا : 

- انا مش خاطب حد وكل اللى بتقولوا ده هقعد معاها 

ونتكلم فيه يلا سلام 


*****


كان طاهر ممددًا على فراشه ويده خلف ظهره يطالع الصور التى التقطها لهم بنظرة عاشق يبتسم لأبتسامتها 

ويتذكر مشاكستها فى المطبخ قبل الحفل، شرد بخياله 

ابنة عمه زوجته وهو يقف خلفها فى المطبخ يهمس 

فى اذنيها بكلمات الغزل بينما هى تبدله باستيحاء 

فجاءة انتزع منه كرم الهاتف يطلع صورتها وهو 

يطلق صفيرًا : 

- مين المزه ؟! 


انتشل منه الهاتف وهو يهتف بعصبية قائلًا : 

- أيه قلة الادب بتاعتك ديه داخل من غير ما تخبط 

وكمان تخطف الفون وتقول مزه!!!! 

ما تحاسب على كلامك 


ارتمى كرم بجسده على الفراش وهو ضيق عيناه : 

- تؤ تؤ الحمقة ديه يبقى الموضوع بجد وكده انت 

محتاج نصحتى 


طالعه طاهر ابتسامة ثم هز رأسه سريعًا قائلًا : 

- فى ديه عندك حق انا عايز نصيحة زير نساء زيك 


- مفيش حاجة ببلاش 


-عايز أيه يعنى ؟! 


اخرج كرم علبة السجائر بتكاسل من جيبيه واشعل واحدة ثم قال : 

- هشرب السيجارة ولا كأنك شوفت حاجه


توسعت عين طاهر بفزع قائلًا :

 يانهار اسود انت بتشرب سجاير 


اطلق دخان سيجارته فى الهواء الطلق مردفًا : 

- مش وقت اندهاش لأن لو أمك عرفت هولع فيك 


- ياشيخ منك لله 

قال طاهر جملته وهو يراقب والدته من فتحة الباب 

الشبه مغلق ثم ترك مكانه وتوجه يفتح شباك الشرفة

اقترب كرم من انتهى سيجارته ثم اطفأها

و ألقى بجسده على الفراش قائلًا : 

- تعالى يا بييييه بتحب ومقضيها صور عايش 

دور عبد الحليم 


تأفف طاهر ثم تابع : 

- المشكلة اننا لسه عارفين بعض بص اصلًا الموضوع ده معقد 


- لا نفكه وندخلها من ثغرتها هى بتدرس،ولا خلصت، 

ولا ايه نظامها، ولا بتشتغل ايه ؟!


هز طاهر رأسه قائلًا : 

- هى فى اداب قسم تاريخ 

وبتحب المطبخ اووى شيف يعنى 


ساد الصمت للحظات ثم ابتسم طاهر بفخر قائلًا : 

- عرفت ثغرتها مش بتحب التاريخ 

انا هقولها اوعى تذكرى تاريخ بغير عليكى من 

عين جالوت .. وكل ما تعمل اكل اقولها يا تكاتوا يا حركاتوا 


عض كرم شفتاه السفلى بغيظ : 

- مينا موحد القطرين فخور بيك وبهبلك صدقنى .. بالنسبة لتكات والحركات ان شالله النار تولع فيك .. ياجدع  

يخربيتك ضيعت هيبة التاريخ 


اجابه بامتعاض :

- ايوه عندك ثغره ادخل منها ولا تنمر وبس 


ضحك كرم بتهكم وهو يضرب اخيه بالوسادة  : 

- اه ابقى ادخلها من عين شمس .. ويلا اقوم مش ناقصة هبل على مسا 


******


يوم السفر 


تستقل بجواره السيارة لا تعلم كيف انساقت لأوامره 

كيف هدمت ذلك الحاجز الذى تضعه بينها وبين الناس 

لقد تحولت تحت تاثير ذلك الرجل كالكفيفة تسير 

على خطاه تنهدت تنفض هذه الافكار عنها، ستستمتع 

بهذه ثم الايام يكون ما يكون


تزمرت وهى تسمع هذه الموسيقى الهادئة حاولت 

أن تتأقلم معاها أو حتى تدندن على انغامها 

بحركة تلقائية مدت يديها تغلق الراديو

اما هو نظر لها بطرف عيناه باستنكار : 

- قفلتى ليه ؟! 


التو فمها ساخرة : 

- وربنا حاولت بس مش قادرة الموسيقى ديه 

عصبتنى هو احنا فى الاوبر 


زجره بنظرة استنكار ثم نظر امام يتابع القيادة بحاجب 

مرفوع وفم ملتوٍ قائلًا : 

- بقى الموسيقى ديه تعصب ؟!


بحثت فى حقيبتها عن شئ ما هو يتابعها بنظراته 

ثم اخرجت فلاشة تمد يديها بها : 

- فلاشيه بس ايه اخر روقان 


انزعجت ملامحه متسائلًا : 

- اسمها فلاشيه يخربيت اللغة انتى بتهينى انجلش

اوى على فكرة 


مدت يديها تضع الفلاشة وتشغل الاغانى وما أن 

صدح حتى هزت رأسها قائلة : 

- اهو كده جو الرحلات مش جو الجنازات العسكرية 


قطب كنان حاجبيه بدهشة ثم صرخ به بنبرة هادرة : 

- مهرجانات .. بتشغلى مهرجانات .. اقفلى اللى 

شغلتيه ده 


تأففت بضيق وهى تعقد ذراعيها امام صدرها قائلة : 

- اه مهرجانات مش احسن ما انت بتنام كده 

وهنعمل حادثة ... مش عجبك اروح اركب فى باص

الشغل ونهيص 


اجابها معنفًا بحدة قائلًا : 

- نعم ايه تهيصى ديه كيان اسكتى متقفلنيش من اليوم 


بعد مرور ساعة كان يغنوا معًا على اغانى هادئة 

وهو يطرق بيده على المقود كانوا فى حالة انسجام

معًا بينما هو كان يتابع تعبير وجهها بابتسامة راضية 

فجاءة توقفت عن الغناء وحركاتها البلهاء وهى ترى 

نظراته لها فصمتت تنظر امامها بينما شعر باستيحائها 

كل حركة منها تجذبه يجد جمال الحياة وعالم جديد 

لم يختبره من قبل فى جمال عيناها 


******


- اما نشوف اخر التحكمات ..

هذه الجملة قالها ضياء وهو يتكأ على سيارته امام 

احد الفنادق فى السخنه بينما رمقه كنان بنظرة 

استخفاف قائلًا : 

- مش وصلتها وقومت بدور سوبر مان 

أيه هتنزل معاهم فى الفندق ليه خالة العروسة مثلًا 

يلا يلا افهم يلا  ده انا بعززك افهم


لكزه ضياء فى كتفه قائلًا : 

- قدامى اما نشوف ايه الحوار مش مرتاحلك 


وقف كنان ومعه ضياء وكيان امام عاملة الاستقبال 

ذات الشعر المصبوغ بالاحمر ووجهها يحتوى على 

كمية كبيرة من مستحضرات التجميل فهمس ضياء

لكنان قائلًا : 

- لا احمر ويحير 


غمز له كنان وهو يهمس له : 

- احمر على ابوه يا بطيخ 


زمت كيان شفتيها قائلة : 

- انت بتقولوا ايه ؟! 


قهقة ضياء وهو يطالعها : 

- كيان سورى نسينا إنك معانا 

ثم نظر لكنان واكمل : 

- شكلنا هنتعب على ما نتظبط 


حمحم كنان وهو يسأل الموظفه على حجز الغرف 

طالعته بدلال قائلة : 

- ايوه يا فندم فى غرفتين باسم كنان 


هز رأسه متفهمًا ثم نظر لكيان مداعيًا الضيق قائلًا : 

- دلوقتى ياكيان انا حاجز اوضتين ليا وليكى 

بس للأسف ضياء مش لاقى حجز 


حك ضياء ذقنه وهو يطالعه بدهشة قائلًا : 

-يابن **** لأ شابوو سالكة ياباااا 

ده فندق ابوك يا جاحد اصلا 


قاطعته هى باستغراب : 

- طب عادى فيها أيه انت وهو اوضة دول يومين


لم يعلق ضياء على حديثها بينما اكتف بنظرة بطرف 

عيناه لكنان الذى تحدث بدوره : 

- استحالة انا وضياء مع بعض ده بيشخر 

وبيهلوس طول الليل لا النوم معاه مش مريح صعب 


اطلق ضياء ضحكات متتالية قائلًا : 

-بيييياع اوى بيييياع 


هزت رأسها بنفى قائلة : 

- انا ممكن اروح ليا غرفة تبع الشركة فى الفندق معاهم 

وانت اوضة وضياء اوضة كده اتحللت 


برزت عروق كنان قائلًا بضيق : 

- افندم!!!!


ربت ضياء  على كتفه قائلًا بخبث وهو يميل على اذنه: 

- براحة على نفسك انت صغير على الذبحة 

وهى بتضرب ولا تبالى 


نفض كنان يد  ضياء قائلًا بنبرة حازمة : 

- امسك ضياء مفتاح اوضتك و اتفضل 

وانتى جايه معايا من البيت يعنى هتفضلى معايا 

لحد ما نسافر وصلت يلا بقى عشان وقفتنا طولت 


روح بلا مأوى (١٥) 


****

الفصل الخامس عشر

****

ليست كل عثرات الحياة ضدك، بل بعضها لبداية جديدة

****

فرك وجه بضيق وهو يطالع تلك المرابطة فى الزواية 

وكلما اقترب منها خطوة كادت أن تذوب داخل الحائط 

تأفف من خوفها الغير مبرر قائلًا : 

- ممكن افهم انتى خايفة كده ليه ؟! 

انا عايش معاكى من شهرين حصل منى حاجه 

تستدعى الخوف ده اوعى تفتكرى أن باب الاوضة 

كان ممكن يمنعنى عن حاجه 


هزت رأسها بنفى قائلة بحزن : 

- ده شئ بيبقى جوايا بس انا مش خايفة 


يود أن يسحبها بين احضانه لكنه سينتظر حتى تعتاد عليه حتى لا يخيفها، عزم امره اول شئ سيفعلها عند 

العودة للقاهرة هو اخبر اهله بكل شئ قاطعته هى 

قائلة :

- طب انا لازم اروح دلوقتى اشوف الاستعدادت 

لأن طاهر كان مصمم اروح معاهم بس قولتلوا 

أنى هكون هناك من اول اليوم 


ضم قبضته بقوة حتى ابيضت مفاصله وقست 

نظراته : 

- ايوه يعنى ايه صمم حضرته ديه


اجابته بحزم لتنهى النقاش قائلة : 

- يعنى ده شغلى وانا ملزومه بيه وبنسبه ليا أنا فرصة 

مقدرش اضيعها عن اذنك 


طالعها بنظرات تحمل فى طياتها وعد بالأمان، 

وعد أن لاتحمل عبئًا لظروف أو ضمائر اجابته بنظراتها 

الممزوج بالحيرة والتوتر والخوف قطع الصمت 

قائلًا : 

- كده كده انا وضياء رايحين ناخدك معانا 


- بلاش كده احسن 

اجابتها بنبرة يكسو عليها الحزن، انصرفت بينما 

هو مازال على وضعه بداخله يتألم لأجلها


******


- بس كده هو ده اللى جيت عشانه

قالت كيان جملتها باستغراب، هو يعلم أن وجودها ليس 

له اهمية بنسبة لحفل الزفاف فطهى الطعام واشرفه يخص 

الفندق الحجز شامل كل شئ، لكن وجودها سيفرق معه 

هو تنهد قائلًا : 

- المهم انك تقولى المنيو كده كويس ولا لا 

بعدين يا كيان احنا تيم ويا ستى طالما الأكل 

تمام ساعدينى انا مش شايفنى مسحول 


ابتسمت بترحيب مردفه : 

- اوك تمام اوى قولى اقدر اساعد ازاى 


ظل يتأملها باعجاب ثم قال : 

- المفروض إنى اقولك نشرف على تصميم الورود 

بس انا مش شايف ورده غيرك 


ارتبكت وهى تحاول تضبط وضع حاجبها ثم قالت : 

- طب تمام هروح اشوفوا 


كل هذا تحت نظرات كنان الذى وصل لتو بصحبة 

ضياء ثم بدأت جلسة التصوير للعروسين على شاطئ

انضم اليهم ضياء ومعه هاتفه وبدء فى التقاط صور 

لبيلا، بينما هى كانت تطالع الجميع بنظرات متألمة 

اعتصر فؤاده عليها فوق كل هذا هو مطلوب الابتعاد 

عنها كأنها لا تعنيه، رسى يخيت كبير على شاطئ امامه وصعدت العروسة واصدقائها وكان معهم ضياء فهو لا يفارق بيلا اصبح كطيفها ،اما هى مازالت على اعتاب الشاطئ فجاءة اقترب منها طاهر بخفة يقذفها بالماء ابتسمت وهى تخبأ وجهها منه، بدءت محركات اليخت 

تعمل وقبل أن تنطلق سحبها معه على اليخيت 

انتفض كنان فى جلسته حاول اللاحق بهم لكن 

كان اليخت انطلق يشق المياه وقف كأسد جريح 

تم حبسه بالقفص لتو 


بعد مرور ساعتين كان اليخت يقف على الشاطئ

والجميع يهبطوا بسعادة ساعتين مروا عليه سنون 

اقترب منه ضياء سريعًا هو يعلم يمر به صديقه : 

- كنااان اهدى محصلش اى حاجه انا كانت عينى 

عليها 


تمتم كنان بقسوة : 

- ابن ***** مش عارفه لازق فيها اقسم بالله اطلع 

بروحه قبل أن يرد 


اقتربت بيلا بابتسامة لطيفة قائلة : 

- نورت يا دكتور مبسوطه اوى انكم جيتوا يارب اليوم 

يعجبكم 


ارتسم ابتسامة شاحبة وحده الله يعلم كيف يحاول 

تمالك اعصابه : 

- مبروك .. اكيد عجبنا 


ابتسمت ثم انصرفت تلحق بصديقتها وهو عينه مثبت على تلك التى تجلس فى الخلف بمفردها شاحبة 

قرر ضياء مشاكسته قائلًا : 

- نقتله ونخلص 


رفع حاجبه بشر قائلًا : 

- السكينه تكون حاميه 

ماتخليش حد يشوف وانت بتقتلوا عشان حرام 

متفصلش راسه عن جسمه غير لما يطلع الروح 


ضيق ضياء عيناه متسائلًا : 

- مش ديه طريقة دبح ال...


قاطعه كنان بحزم قائلًا : 

- ميفرقش عنهم 


- اشطا انطلق انا 


بعد ان ابتعد ضياء بمسافة ناده كنان قائلًا : 

- بقولك مش عايز دم كتير 


ثم رمق مكانها وجده خالى بحث عنها بنظره وجدها تغادر 

تنفس بحدة وتحولت ملامحه بغضب وقسوة 

وهو يسير خلفها ليرى ما الذى يبرر لها فعلتها 


*****


عاد لغرفتهم بعد أن انتظر ضياء وجدها تجلس على 

الأريكة تطالع هاتفها ما أن انتبهت حتى نهضت 

واقفة بارتباك فعلتها هذه اشعلت فتيل غضبه 

فقبض على معصمها قائلًا : 

- أااايه هى الهانم مالها ما كانت زى الفل وبيترش 

ميه عليها على شاطئ الغرام، وكمان بيسحبها 

معاه على اليخت مالك بقى وش الخوف ده 

أيه؟! بقرون أنا 


 فقدت قدرته على النطق فقط 

تهز رأسها بالنفى وقطرات دموعها تغرق وجنتيها 

حاول النطق ببعض الكلمات الغير مفهومة : 

- ايدى، معرفش، انا ماليش دعوة ايدى، انا اتفاجأت 

بخاف من الميه اصلًا 


قلبه يضعف امام دموعها يخشى عليها حتى من 

نفسه ترك معصمها، رفعت يديها تدلكه وهى تبكى 

بحرقة : 

- أنا ماكنتش عايز اجى اصلًا، ماليش دعوة باللى 

بيعملوا وهو اللى شدنى كده 


اجابها بانفعال : 

- هو ايه اللى يخلى يتجرأ ويعمل معاكى انتى 

بذات كده هاااااا 


همست بصوت ضعيف متقطع : 

- مش عارفه .. انا مالى معرفش 


اندفعت تفتح باب  النافذة الكبيره التى تطل على البحر 

وجلست على كرسى خشبى صغير وهى تغطى وجهها 

بيدها 


لم يحرك ساكنًا بل ظل ينظر لها من بعيد وقلبه يثور 

عليه ويتمرد لكن عقله يؤيد ثأر كرامته 

فهو كان ينوى الصراخ عليها ربما صفعة لكن 

بعد ما رأى حالتها يريد فقط ضمها إلى احضانه 


بعد صراع مع نفسها قادته خطواته للخارج يجلس 

على المقعد الخشبى الآخر وهو يطالعها 


اما هى كانت ساكنه تطالع امواج البحر 

وداخلها يتألم بسبب الكلمات التى بصقها فى وجهها لا تعلم لما كلماته جرحت كرامتها هكذا، فهى دائمًا تحاسب على ذنب لما تفعل حتى أنها هى من دفعت ضريبة نزوة والدها وطماعه وضريبة أم أرادت أن تكمل حياتها على حسابها تشعر بخواء روحها، ارهقها دور الفتاه القوية 

تود ان تصرخ من قسوة العالم عليها لماذا هى 

عليها أن تتحمل اهانة الاخرين 


مضت الدقائق عليهم فى صمت تام، نهضت واقفة 

فحدثها مسرعًا : 

- كيان لو سمحتى اقعدى 


واقفت مكانها رفع نظره مره اخر قائلًا : 

- اقعدى 


جلست ثانية، ونظرت له بطريقة اول مره قلبه يختبرها 

منها نظرة معاتبة طفلة لأبيها حدثها : 

- اى حد مكانى كان هيعمل كده 


ابتسمت بتهكم وسط دموعها التى مازالت تهطل 

فهو يتحدث وكأنه زواج حقيقى وأن غيرته على 

زوجته واجبه هزت رأسها قائلة : 

- هو اللى عمل كده ومعرفش ليه ؟! 

ايه اللى يخليه يتجرأ معرفش ممكن شافنى واقف لوحدى 

بس الأكيد إنى تعبت .. تعبت اشيل ذنب مش ذنبى 

شلت ذنب الكل ومحدش فى دنيا فكر فيا لحظة 

تعبت من تعب والوجع .. من إنى افضل لوحدى 

اتحمل ذنب رد فعل أى حد 


دخلت فى نوبة بكاء مرير وشهقاتها كانت تشق سكون 

الليل، سهام تخترق فؤاده نهض من مكانه يجلس 

بجواره على المقعد الخشبى الصغير يضمها إلى 

صدره ويهدئها زفرًا بحنق ناقمًا على نفسه لما أوصلها 

إليه اما هى تشعر وكأن حضنه كقطعة الثلج التى 

تثلج نيرانها تشبثت به أكثر وهى تكتم شهقاتها بصدره 

فجاءة كان الاثنان يقعان أرضًا بعد أن انكسر المقعد

الخشبى ولم يتحملهم انفجر هو ضاحكًا وهى كانت 

تبتسم من بين دموعها، ساعدها على الاعتدال وهو 

ينفض الرمال عنها، شعرت بلمساتها تخترق روحها مما جعل

جسده يتشنج تحت لمساته 


***** 


- انتى كنتى بتكلمى مين يا بيلا 

كان هذا سؤال والدتها وهى تقف خلفها اجابتها بيلا 

- ده ضياء بيسأل الفرح امته قولت الساعة ٣ هيبتدى 


ابتسمت والدتها  هامسه بحب :

- ضياء شاب هايل لايقين اوى على بعض 


تجعدت ملامحها بضيق قائلة : 

- ايه لايقين ديه ؟! 

احنا اصحاب 


برقت عين والداتها قائلة بحدة طفيفة : 

- ايه اصحاب ديه ؟! 

ضياء واضح مشاعره من ناحيتك لكل اذا كان كل اللى فى 

الفرح بيقولوا خطيب بنتك من اللى هو عاملوا معاكى 

عيناه فاضحه انتى كده اسمك بتلعبى بيه بيلا 


توسعت عيناها بصدمة من حديث والدتها واجابتها 

بضيق : 

- لا عادى انتى بس اللى بتهيألك عشان عاوزه كده 

لكن هو عادى وانا عادى .. لو سمحتى يا مامى 

عايزه انام 


تنهدت والدتها تهز رأسها بيأس قائلة : 

- انا مش هتكلم بعد كده باباكى هو اللى لازم يتدخل 


انصرفت والدتها وارتمت هى على الفراش خلفها تنحب 

 قائلة : 

- عرف كل ده بس مش من حقى حتى افرح يومين 

استحالة بذات ضياء يعرف مش هستحمل يسبنى 

هو او حتى استحمل نظرة شفقة من عينيه كل إلا 

كده 

جففت دموعها قائلة : 

- كل شئ بعد الفرح يتظبط 


*****


يجلسوا على الرمال وامامهم البحر بكامل سحره 

لكنه مثبت نظره عليها هى الساحرة بكل ما بها 

من حزن واغواء وبراءة سألها فجاءة قائلًا : 

- كيان قوليلى نفسك فى أيه ؟! 


اشارت لنفسها ثم تنهدت تنظر امامها قائلًا : 

- أنا نفسى ؟! 

حاجات كتييير، نفسى محدش يعيش اللى عشتوا 

نفسى مفتحش الفيس القى لقوا طفل امه رمته فى 

الزبالة أو حطته فى كارتونه يتحمل غلطتها هى 

وابوه لحظة متعة وضعف منهم يدفعوا تمنها العمر 

كله فين العدل، نفسى قوانين تنهى الجواز العرفى 

بين الأهل بحاجة الاساس الاشهار .. انت عارف 

فى واحده اتجوزت زى ماما كده بعقد عرفى 

جوزها اتوفى حاولت توثقه ماعرفتش لجئت 

لأهل جوزها قالوا تمام نوثقه بس شرط تنازل 

عن الورث وغيروا كتير محاكم الاسرة مليانه 

ولا جوازات العرب ويمشوا وتفضل الام مش 

عارفه تطلع لابنها شهادة ميلاد .. عارف الموضوع 

يبان من بره ايه التفاهة ديه هى البلد هتسيب 

كل البلاوى عشان تشوف الهبل ده .. بس ابدًا 

والله احنا اغلبنا هنفضل مرضى نفسيين ليوم 

الدين، يعنى لو فى قانون ماكنش فى عيال 

فى الملجأ من غير اهل لما يكبروا هيطلعوا 

ايه... فى كتير منهم هيضيع ويبقى قاتل، سارق، 

متحرش هيبقوا جانى ومجنى عليهم 


يسمعها بقلب يأن اقسم بداخله أن ما تتمناها سيحققه لكن ماذا يفعل هو فى ذلك ابتسمت بألم قائلة : 

- مملة أنا 


هز رأسه بالنفى قائلًا : 

- ابدًا، ماتيجى ننزل الميه 


- لأ لأ انا بخاف استحالة انزل الميه 


التفت لها وعيناه تطمئنها أنه هو امانها فقال بحنو وهو ينهض واقفًا ويمد يده يجذبها معه :

- متخفيش وأنا معاكى 


شعرت بدفء كلمته وصدقها نظراته اخترقت ثنايا روحها

سارت معه كطفلة مطيعه وما أن لمست المياه قدمها

ترجعت للخلف تشد على يده بخوف : 

- بلاش بلاش كنان انا خايفة 


لمست يديها نطق حروف اسمه من بين شفتاها بعثرت 

ثوابته اكثر فسحبها معه للمياه اغمضت عيناها برعب 

وفتحتها كانت الميه تغطى نصف جسدها تثبت 

بقميصه اكثر فقال : 

- سيبى نفسك واستمتعى بالميه 


- لأ هغرق يلا نطلع 


همس بخفوت قائلًا : 

- ده أنا اللى غرقت 


فجاءة شابك يديه معًا خلف ظهرها كحصن لها وباتت

انفاسه تلفح وجهها انتفضت هى بين يده تشعر برعشة تسرى فى جسدها قلبها يخفق بجنون وانفاسه تحرق بشرتها فابتسم هو قائلًا : 

- كده مش هتغرقى ممكن تسيبى نفسك فى الميه متقلقيش 


رفعت عيناها إليه وسألتها بصوت مجهد : 

- مش هتسبينى 


هز رأسه بالنفى وزاد من ضمه إليه قائلًا بنبرة ذات مغزى: 

- استحالة يا كيان اسيبك 


تناست كل شئ وقررت تسرق لحظات من الزمن معه 

ستظل ذكرى فى مدى الحياة ضحكت وهى تلعب 

بيديها فى ماء : 

- حلوه اوى 


- انتى الأحلى 


اشاحت بوجهها بعيدًا عنه باستيحاء وهى تهمس : 

- كفاية كده يلا نطلع 


تابع حمرة خجلها ابتسم لها بحنو وانصاع لها وخرج 

من المياه .. 


****


- كيان هطلب أكل 

تلك الكلمات نطقها كنان بعد أن اخذ حمامًا دافئًا 

فوجدها نائمة على الفراش اقترب منها يمرر يديه 

على وجنتها اغمض عيناه وهو يقسم أن كل شئ 

سيتغير للأفضل دثرها بالغطاء وظل بجوارها 


*****


فى صباح اليوم التالى 

 


بدءت تتململ فى نومتها شعر بحركتها طالعة بحنو 

ونهض مسرعًا يتمدد على الاريكة موليها ظهره 

حتى لا يثير ذعرها، فرقت جفونها وجدت نفسها 

مغطاة، انتفضت تتحسس ملابسها وضعت يديها 

على رأسها وجدت نفسها بحجابها وثيابها كما هى 

تنهدت بارتياح ثم جابت الغرفة بعيناها وجدته 

نائمًا على الأريكة نهضت ترفع الغطاء مقتربه 

منه تطالعه بسمة صادقة، هى لا تعلم ماهية 

شعورها نحوه، فهو حلم مستحيل بنسبة لها 

وليس كل ما يتمنه المرء يدركه، تنهدت بثقل 

وتوجهت لحقيبتها تفتحها وتختار منها ما يناسب 

اليوم ثم توجهت للمرحاض

دقائق وكانت تخرج من المرحاض بعد انتهت 

من ارتدء ملابسها كل هذا وهو يشعر بها 

فتح عينيه بتكاسل مداعيًا النعاس قائلًا : 

- صباح الخير 


- صباح النور 


هى ساعة كام ؟! 


رفعت معصمها تطالع الساعة قائلة : 

- الساعة ١٢ والمفروض الفرح الساعة ٣ 


مط ذراعيه وهو يتثأب وكأنه نام سنون وهو لم يغمض

له جفن ظل يراقبها طول الليل عقد حاجبيه : 

- انت لابسة رايحة فين كده ؟! 


اجابته وهى تضع اشياءها داخل حقيبتها : 

- الفرح 


نهض واقفًا هو يتوجه صوب المرحاض : 

- هنفطر الأول 


ضيقت حاجبيها متسائلة : 

- اومال ايه نباتى ديه ؟!

 أيه اللى جرى ؟! 


استدار لها بسمة صادقة قائلًا : 

- البركة فيكى من يوم ما شوفتك ونفسى اتفتحت 

على كل حاجة 


كست الحمر خديها من مغزى كلامه قلبها ينبض بعنف 

استدارت موليه ظهرها مداعية البحث عن شئ فى 

حقيبتها 


بعد مرور نصف ساعة كانوا قد انتهوا من الطعام 

فنهضت مسرعة صوب الباب فاوقفها مناديًا قائلًا : 

- كيان لو سمحتى خليكى بعيد عن طاهر عشان 

ميبقاش فى فرصة لأى احتكاك 


هزت رأسها كطفل مطيع


*****


الشاطئ مزين بورود صديقات العروس جميعهم 

يرتدوا نفس اللون حتى بيلا ترتدى فستانًا طويلًا 

يرسم منحيات جسدها ببراعة ورفعت شعرها 

للأعلى اقترب منها قائلًا : 

- العروسة قمر 


التفت له بابتسامة جعلت قلبه يهوى بين قداميه 

- انا مش العروسة 


غمز لها بطرف عيناه قائلًا :

- هو فى عروسة غيرك هنا متحاوليش تقنعينى 

انا مش ابن امبارح 


قهقت ثم اجابته : 

- لا ما هو باين عليك 


اتسع بؤبؤى عيناه بصدمة: 

- قصدك إنى كبير فى السن 


نظرت امامها على العروسة وابتسمت نصف ابتسامة 

قائلة : 

- مش اوى


التو فمه وهو يتمتم بتهكم :

- اقولك عروسة تقوليلى  كبير فى السن 


انتهى حفل الزفاف وكل يستعد للرحيل وهى 

تتجنب طاهر كل هذا تحت نظرات كنان الذى 

كان يجلس على فوهة بركان نشط 

توجهت صوب مطبخ الفندق فوجدت شخص 

كبير فى العمر يبدو انه فى العقد الخامس من

عمره يتجول فى المطبخ فقطبت حاجبيه وهى تسأله : 

- حضرتك عايز حاجه ؟! انا اقدر اساعدك 


زلزال ضرب كيانه فهى فولة وانقسمت نصفين نسخة 

مصغر من اخيه اصبحت اقدامه كالهلام اهتز 

فى وقفته فاسرعت تسانده قائلة : 

- حضرتك كويس 


هز رأسه بالايجاب قائلًا : 

- بخير الحمدلله .. انتى شغاله هنا 


- لا مش شغاله 


سألها ثانية : 

- اسمك ايه 


قطبت حاجبيها لكنها جاوبته : 

- اسمى كيان عاصم 


اغمض عيناه بألم يود أن يضمها لصدره لكن يبدو 

من هيئتها أنها تنعم بحياتها فابتسم لها بحنو ابوى : 

- كيان اسم حلو اوى عاشت الاسامى يابنتى


- اقدر اساعدك ازاى انا لازم امشى دلوقتى ادور على 

دكتور هنا طيب 


اخرج تنهيد حارة على حظ اخيه العاثر يملك ابنه 

كهذه ولا يعلم عنها شئ رفع بصره قائلًا : 

- انتى ساعدتينى خلاص 


*****

استقل طاهر سيارته فقد قرر زيارة صديقة فى احد الفنادق 

القريب قبل نزوله القاهرة، جلس فى بهو الفندق ينتظر 

نزوله، لكنه شعر بنزول صاعقة من السماء عليه 

كنان وكيان معًا كيف توجه للاستقبال يسأل عنهم علم 

انهم نزلاء غرفة واحدة، لجمت الصدمة لسانه وعجز 

عن الرد دقائق وكان كنان يخطو بخطواته خارج الفندق 

وجدها فرصة وبعد أن علم رقم الغرفة بصعوبة 

طرق الباب ثوانى وكان يطالع وجهها بمنامتها 

ابتلعت ريق كنحظل شحب وجهها وفرت منه الدماء : 

- طاهر!!!!!


اردف طاهر بحدة قائلًا :

- ايه الهانم اللى عامله كيوت وبريئة اتكشفت 

على حقيقتها وقد ايه هى واحده سهله ورخيصة 


تساقط دموعها بعزارة وحرقة هزت رأسها بألم قائلة : 

- لو سمحت اسمعنى 


طالعها بنفور واشمئزاز وكان قلبه يحترق : 

- اسمع ايه هااا.. اسمع ايه غير اللى شوفته 

بس يا ترى بقى بليله ولا باسبوع 


رفعت كفها لتصفعه بسبب كلامه لكنه قبضة على 

معصمها وهو يدفعها للداخل واغلق الباب خلفه 


فسقطت ارضًا تبكى قهرًا وهى تسرد ما عاشته :

- أنا مش كده كل حاجه فى حياتى محصلتش بارداتى 

انا كنت تحت رحمة الظروف عمرى ما اختارت حاجة 


انتهت من سرد قصتها المأساوية وهى شهقاتها تعلو وهو يقف مكانه كالمصعوق 

كيف تحملت كل هذا بمفردها حتى أن كنان ايضًا 

استغل ضعفها، يشد خصلات شعره يكاد أن ينزعهم 

من منبتهم، حاول الاقتراب منها لتهدئتها لكنها ترجعت 

للخلف برعب اغمض عيناه بقهر على ابنة عمه وما عاشته

فقال : 

- أنا اسف صدقينى أنا اسف بس كل حاجه هتتحل 

لو سمحتى ممكن تقومى 


طالعته وهى تكتم صرختها فى حلقها قائلة : 

- لو سمحت مش عايزه حد يعرف حاجة واتفضل 

اطلع بره دلوقتى 


علت وتيرة انفاسه ثم قال بألم : 

- متقلقيش وكل حاجة هتتحسن 


روح بلا مأوى (١٦)

****

الفصل السادس عشر

****


بعد مرور يومين


عادوا جميعهم إلى القاهرة وقد اقترب موعد افتتاح 

اخرج ضياء زفرة طويلة نابعة من اعمق رئته 

لاحظ كنان ذلك الذى لا ينفك من الضجر وهو يطالع 

هاتفه فقال له : 

- فيه أيه فى الفون ما خليك عامل كده 


ألقى الفون على مكتبه يتنهد بثقل لم تطل فترة 

معرفتهم ببعض، لكن كانوا يقضى معظم يومهم معًا 

كان يرى الحب فى مقلتيها اعتدل فى مقعده يقول : 

- مش عارف بيلا مش بترد من ساعة من رجعنا 


ضيق كنان عيناه قائلًا : 

- من ساعة ما رجعنا أيه دول هما يومين يعنى 

عادى وممكن تكون تعبانه من السفر ضغط الشغل 


اجابه بارهاق : 

- للأسف ياريت كده روحت امبارح المكتبة لقتها 

موجوده ولما سألتها قالتلى كانت نايمه لما مردتش 

على اتصالاتى ومفيش خمس دقايق وقامت عشان 

رايحه زيارة لبنت خالتها 


زم كنان شفتاه وكأن الحديث اصاب جرحه هو ايضًا قائلًا : 

- أنا كمان كيان فيها حاجة غريبه غير اللى سافرت معايا مش عارف فى ايه 


ابتسم ضياء بتهكم قائلًا:

- حتى فى ديه حظنا زى بعض... 

بس يا كنان ممكن تكون كيان نفسها فى فستان ابيض 

وطرحة بعد ما شافت العروسة ومتنساش 

طريقة جوازكم اللى هو مازال سر اصلًا 


أوما له مؤكدًا لحديثه مردفًا : 

- كلمت ماما الصبح وهى جاية اخر الاسبوع 

وبفكر اعلن عن يوم فرحنا فى الافتتاح أيه رأيك 


- مبروك يا كنان ولا عمرى كنت اصدق هتتخطف كده 

- مبروك انت كمان شكلها التوبه هتتقبل المره ديه


*****


تجوب غرفتها ذهابًا وايابًا عزمت امرها أن تقص له 

ما سار معها ومعرفة طاهر بزواجها منه، ستطلب 

منه الانفصال عند هذه النقطة شعرت بانسحاب 

روحها صدرها يعلو ويهبط وبداخلها يرتجف 

لكن ليس مفر، توجهت لباب الغرفة تفتحه وجلست على 

الأريكة صوب الباب صامتة تراقب الباب بعينين 

ذابلتين، بعد مرور وقت كان الباب يفتح ويدلف

للداخل انتفضت من جلستها  تهرول إليه 

كاد أن يفتح ذراعيه ويضمها لصدره حتى وقفت 

على مسافة لا بأس بها طالعه بعشق فقالت هى : 

- كنان لو سمحت فى موضوع مهم عايزه 

اتكلم فيه معاك ؟! 


ابتسم كنان قائلًا : 

- ده أيه الرضا ده عينيا ليك ياكيان هدخل 

اخد دش واجيلك عشان انا كمان عايزك تمام 


هزت رأسها بالإيجاب ثم قالت : 

- أنا كمان فى حاجات هجبها من سوبر ماركت من 

تحت وهطلع بسرعة تكون اخدت الدش بتاعك 


- تمام اتفقنا 


*****


تجلس على الفراش وتضم ركبتيها لصدرها ودموعها 

تسيل على وجنتها وهى تشاهد شاشة الهاتف تضئ

باسمه لا تعرف كم مره اتصل بها حتى الآن، قلبها 

يتألم اعترفت لنفسها أنها وقعت فى حبه حتى النخاع

لكنها قررت أن تتجاهله لعله يرحل ويهجر  هى لم 

تتحمل نظرة شفقة منه هو بالاخص 

لم تتحمل أن تتحول نظرات الحب بعيناه إلى شفقة 

مدت يدها تفتح الدرج واخرجت شريط مسكن وتناولت

منه حبة مسكن فصداع يفتك بخلايا عقلها 


*****


- ايوه يعنى يا بابا هنستنى أيه تانى ؟! 

تلك الجملة قالها طاهر بحدة لوالده ثم تابع 

- بعد اللى حكيتوا ده كله وتقولى نستنى نشوف 

عمك لا مش هستنى وهروح اجيب كيان وابقى 

خلى مرات عمى تقرب منها ساعتها انا اللى 

هقف ليها ولعمى لكن انى اسيب كيان مع واحد 

غريب مش هيحصل 


وقف والده امامه قائلًا : 

- طب ادينى فرصة لبكرة وانا هرد عليك 


اغمض طاهر عيناه قائلًا : 

- اخر ميعاد بكره مش هستنى تانى 


وما أن فتح الباب طالع هاجر رافعه احد حاجبيه 

متسائلة عما يدور فى داخل، لم يتمالك طاهر اعصابه 

ولم يعد يتحمل وجودها الغير مرغوب فيه، وكل ما رأه امامه ما قامت به والدتها من سنين 

صرخ بها : 

- أيه فى أيه ؟! 

أنت مالكيش بيت معندكيش دم اتفضلى امشى من 

هنا كل حاجه متداخله فيها ...انتى ده مش بيتك افهمى


وقفت تحدق به والدموع تشق طريقها لوجهها كتمت 

صوت بكائها وهرولت من امامه بقلب منكسر 


****


بعد أن جلبت ما ينقصها توجهت إلى مدخل البناية 

وقفت امام المصعد ثوانى وانضمت تقف بجانبها 

فتاة بشعر اشقر وعينين خضراوتين وتضع الكثير 

من مساحيق التجميل، انفتح باب المصعد دلف 

الاثنين سويًا فسألتها كيان :

- الدور كام 


اجابتها بايتسامة : 

- ٧


فقطبت كيان مابين حاجبيها فهو نفس دور شقتها ربما تكون فى زيارة لشقة المقابلة ثم ضغطت على الرقم 

طالعتها الاخرى استغرابها فتابعت : 

- أنا جاى لخطيبى 


هز كيان رأسها بتفهم، وان فتح الانسانسير سبقتها 

هى بينما انحنت كيان تحمل الاكياس ثم خرجت 

كان الباب يفتح وهما الاثنان معًا وقف كنان مدهوشًا 

بينما نطقت بيسان : 

- وحشتينى ياكنان


كان نظره مثبت على من تقف خلفها فاستدرات هى 

ترمقها بتعجب، ابتسمت كيان وهى تمد الاكياس 

له قائلة : 

- طلبات السوبر ماركت حضرتك 


روح بلا مأوى( ١٧)

****

الفصل الاخير 

السابع عشر 


******

ما اقسى قلب يتألم ولا يجد له محتضن 

****

اعارها الاذن الصماء، كل ما يشغل باله تلك التى رحلت 

كيف تفعل هذا ؟ لِمَ لم تطالب بحقها به ؟! 

أليس هو زوجها؟! داخله يتألم حتى ابسط حقوقها 

لا تعترف بها، لوحت بيسان بيدها امامه قائلة : 

- كنان انت مش معايا خالص 


اجابها بنبرة خشنه قائلًا : 

- انتى ايه اللى جابك ؟! 

ليه متصلتيش وقولتى انك فى القاهرة ؟! 


لوت فمها ثم اجابته بضيق : 

- قولت الافتتاح قرب واعملك مفاجأة بس الظاهر

معجبتكش 


تنهد بضيق قائلًا : 

- لا بس انا هنا اقاعد لوحدى وميصحش ممكن تروحى 

ونتقابل بكره كده احسن 


توسعت عيناها من اسلوبه الفظ على غير العادة لكن صدقت كلامه قائلة : 

- شكلك متوتر عشان الافتتاح نتقابل بكره 

باى يا كنان 


****


طرق على الباب نهض يهرول يفتح الباب طالعه وجه 

ضياء بانتقاضة ضارية كان يقبض على تلابيبة قائلًا : 

- انت ازاى تدى لبيسان العنوان هنا 

انت بستعبط يا ضياء قصدك ايه بحركة زى ديه 


نفض ضياء يده عنه قائلًا : 

- فى ايه انت اتجننت بيسان ايه  انا هكلمها ليه ؟!

مفيش غير انطى نهلة اللى كلمتنى من يومين 

عشان اطمنها عليك بس 


انفاسه اصبحت ثقيلة صدره يعلو ويهبط بعنف 

وهو يلتف حول نفسه : 

- بيسان كانت هنا اكيد اخدت العنوان من امى 


توسعت عين ضياء بصدمة قائلًا : 

- بيسان كانت هنا طب وكيان 

ايه اللى حصل 


- كانت تحت بتجيب حاجات وطلعوا مع بعض فى 

الاسانسير وكيان اول ما شافتها ادتنى الحاجات على

اساس انها تبع سوبر الماركت ومشيت ولسه 

مرجعتش 


اشفق ضياء على صديقه والحالة التى بها قائلًا :

- اتصل بيها طيب 


اغمض كنان عيناه بقهر ثم حدثة بألم  : 

- مش معايا للأسف مش معايا رقمها


ثم تابع بلهفة : 

- ضياء اتصل ببيلا هات الرقم منها 


انقبض قلبه فورًا يشعر بنيران فى صدره فهو أيضًا يريد 

سماع صوتها لكنها لا تجيب اخرج هاتفه من جيب سترته وقام بالاتصال يحاول مره تلو الأخرى 

فرك وجه بيده قائلًا : 

- انا كمان تعبت مش عارف مش بترد ليه عليا ؟! 

طب كيان ممكن تكون راحت لحد من صحبتها 


وضع وجه بين راحتيه قائلًا : 

- مالهاش حد، متعرفش حد 

ثم تنهد بثبات زائف قائلًا : 

- روح انت يا ضياء 


ربت على كتفه قائلًا : 

- خلينى معاك يا كنان لحد ما تطمن 


- لا امشى انت 


*****


تجلس هاجر على الفراش تنكمش فى نفسها، جسدها كان يرتجف مع كل شهقة، تدلك بيدها يسارًا اعلى القفص الصدرى لعلها تخفف من وجع قلبها، لم تصدق رد فعله الصادم، ابتسمت بتهكم على نفسها فهو لم يتقبلها

ابدًا، ظلت محتضنه ذاتها، طرق الباب ثم دخل 

والدها حاولت تصنع الابتسامة، جلس والدها على حافة 

الفراش قائلًا : 

- بتعيطى ليه يا هاجر ؟! 


هز رأسها بالنفى قائلة : 

- لا يا حبيبى انا مش بعيط 


تنهد والدها قائلًا : 

- انا وافقتك يا هاجر لما خالك جه عشان نرجع 

نعيش هنا وانك تبقى قريبه منهم لما امك ماتت 

مش عشان كلام عمك .. لا يا هاجر عشانك انتى واللى 

فى دماغك بس لو هيجى عليكى لا يا بنتى 

وانا اللى هقفلك انا ميرضنيش وجعك ولا دموعك


قاطعته مسرعه بثبات وقوة زائفة : 

- هو ايه اللى حصل لكلامك بس يا بابا 


- انا مش هستنى يحصل اكتر من كده.. اسمعى فى 

عريس متقدملك وانا موافقة هيجى الاسبوع الجاى 

وتقعدى معانا نشوف وكفايه يا هاجر كده 

قال والدها كلامته بحزم بينما هى كانت تود أنت تصرخ 

باعلى صوتها من القهر 


****


الساعة الثانية بعد منتصف الليل


مجرد فكرة انها غائبة لمنتصف الليل لا يعلم 

عنها شئٍ جعلت النيران تشعل بصدره وتنهش قلبه 

سيل من المشاعر تجتاحه غضب، خوف، قلق، ندم 

عشق، يقطع البهو ذهابًا وايابًا روحه تحترق بالجحيم 

من فرط قلقه عليها، سمع صوت سلسال المفتاح 

فى الباب اقترب منها بخطوات سريعة وهو يقبض

على معصمها بقسوة قائلًا باضطراب: 

- كنتى فين كل ده ؟! 

انتى كويسه ؟! فى حاجه حصلتلك 


بصعوبة الجمت لسانها من سؤاله لماذا لم تخبرنى ؟! لماذا ؟! لماذا قلبها يتألم هكذا تظاهرت 

بالبرود ينافى حزن ووجع عيناها : 

- كنت بتمشى شوية، ايه فى ايه ؟! 


حاله من الهياج العصبى اصابته قائلًا : 

تتمشى الساعة بقت واحد بعد نص الليل 

كنتى بتتمشى فين لحد دلوقتى ها ؟! 


تجاوزته وهى تمر لغرفتها قائلة بنبرة ذات مغزى : 

- انا مش بطلبك باى مبررات وانت كمان لوسمحت 

تلتزم بكده 


قبل أن يصل إليها كانت تدلف إلى غرفتها وتغلق الباب 

خلفها ترتمى على الفراش، انفاسها تختنق، الألم يعصف 

بصدره، كم تألم قلبها فهذه الحياة ظلت تأنب نفسها 

قائلة : 

- انتى مالك ؟!  خاطب ولا لأ ؟! 

متنسيش نفسك كل الحكاية اتعاطف معاكى بلاش 

طمع عايزه منه أيه هاا يعترف مثلًا بجوازك 

مش لما يعترف ابوكى بيكى

اكملت بتضرع قائلة : 

- قلبى وجعنى اوى يارب .. يارب ارحمنى تعبت 

من كل حاجة يارب انا كنت عايشه لوحدى وراضيه 


زاد من الطرق على الباب قائلًا : 

- افتحى ياكيان هنتكلم 


اجابته بصوت متحشرج اثر البكاء : 

- لو سمحت عايزه انام 


ما ان وصلت نبرتها المتألمة الباكية جن جنونه يخبط 

على الباب قائلًا : 

- افتحى نتكلم افهمك كل حاجة افتحى يا كيان 


لم يصله اى استجابة منها او رد ظل يحطم كل 

شئ امامه، حتى نفذت طاقته وسقط على اريكة 

بارهاق ثوان وكان يغرق فى نوم 


****


يستند على سيارته امام الشركة ينتظرها كى يعلم 

سبب تجاهله هكذا ماذا فعل حتى أن اتصاله 

لم تجيب عليه، اعتدل فى وقفته عندما وجدها 

تصف سيارته استرجلت وجدته امامها يعقد ذراعيه 

امام صدره متسائلًا : 

- ممكن افهم ليه مش بترد عليا؟ 

انا حصل منى حاجة ضيقتك ؟! فى ايه يا بيلا 


صوت دقات قلبها تصم الاذان، قدميها اصبحت 

كهلام حاولت الثبات مردفه : 

- ضياء عامل ايه ؟! 

لا اسف بس مضغطين اليومين دول، غير أن مرهقه 

من السفر 


يعلم أنها جميعها حجج واهية ابتسم بسخرية قائلًا : 

- وايه كمان يا بيلا فاكرانى عيل صغير مش 

بفهم ماتقولى ايه اللى حصل لكل ده انطقى 


نظرت حولها فى المكان ثم اجابته : 

- انا شايفه انك محتاج تهدا، وعن اذنك عندى 

شغل 


انصرفت من امامه بقلب يأن من الوجع، بينما هو شعر 

بقهر رجولته هل كانت تتسلى معه فقط ؟!


*****


فرق جفنيه بصعوبه وهو ويشعر بألألم تفتك بجسده 

وضع يده على رأسه يشعر بألم توسعت عيناه عندما 

وجد باب غرفتها مفتوحًا انتفض يبحث عنها 

ولم يجدها فى الشقة كلها، ارتدى ملابسه سريعًا 

وهبط يستقل سيارته سمع رنين هاتفه لكنه تجاهله، صدح رنين الهاتف ثانيةٍ اخرج من جيبه بغضب يجيب على الهاتف: 

- ايوه ضياء 

انا رايح على الشعل بتاع كيان تعالى على هناك 

لا رجعت امبارح سلام 

اغلق هاتفه ووضعه فى جيبه، تحرك بسيارته يسابق

الريح وكأن الارض خلت من البشرية، بعد نصف 

ساعة كان يقف امام مكان عملها صف سيارته 

وتوجه مباشرة إليها، شعرت بفزع حين رأته امامها

عقب على فزعها بجملة واحدة : 

- يلا معايا لو مش عايزه شوشرة وقلق هنا 


طالعته بعدم تصديق فتابع بتحدى : 

- تحبى تجربى ؟! 


بصمت كانت تسير خلفه حتى وقف ضياء امامهم 

فقال كنان : 

- اركب يلا ضياء خلينا نمشى 


بعد مرور وقت تحدث ضياء وهو يخبط على تابلو العربيه قائلًا بحدة مصحوبة بالألم : 

- مش فاهم ليه بتبعد عملت ايه انا سألتها كتير 

مش بتجاوب بتحاول تتهرب منى وبس


لا تعلم لما شعرت أن السبب هو اعاقة بيلا 

وأنه ليس لديه علم بها، وصل إلى مسكنهم 

وكان يصف سيارته استرجلوا من السيارة 

وقفت كيان تقول : 

- انا عايزه اتكلم مع ضياء لوحدنا 


- نعااااام 

هكذا كان رد كنان بينما تدخل ضياء يهدأ الاجواء : 

-عايزنى فى ايه يا كيان تحت امرك 


- لأ لوحدنا، الموضوع يخص ضياء لوحده وبالأخص بيلا


قبض كنان على معصمها وبرزت عروقه : 

- عايزه ايه ها ؟! اخرت اللى بتعمليه ده ايه ها ؟!


نزعت يديها منه بحدة وقف ضياء امامه قائلًا : 

- خمس دقايق بس معلش عشانى أنا 


انصرف بعد ان حدجها بنظرات نارية التفت لها ضياء متسائلًا : 

- خيييير يا كيان مالها بيلا 


فركت اصابعها بتوتر تتمنى أن لا تكون مخطأه 

وتكون سببًا فانقاذ علاقتهم ابتلعت تقول : 

- انا عارفه انى ماليش حق اتكلم فى حاجه زى 

ديه بس مش عارفه ليه حاسه انها السبب 


توسعت عيناه بتلهف مردفًا : 

- قولى يا كيان بسرعة 


تحمحمت ثم قالت بصوت مهزوز : 

- اعاقة بيلا 


- اعاقة!!!!

توسع فاه وعيناه معًا عن اى اعاقة تتحدث فهو لم يرى 

فى جمالها فسألها مستفسرًا : 

- اعاقة أيه ؟!


تنهدت وهى تقول : 

- بيلا مركبه طرف صناعى لأن عندها بتر فى الساق 


مازال تحت تاثير الصدمة، كانت على حق هو لا يعلم 

قررت ان تتركها يستوعب الفكرة وتصعد : 

- عن اذنك 


****


مازال الباب مفتوح يقف فى انتظارها ولجت من الباب 

تغلق الباب خلفها انتفضت وهو يقبض على معصمها بشدة نابعة من  روحه المحترقة سحبها خلفه حتى 

وقف فى البهو وعيناه مثل اللهب القها بنظرة مستفهمه حادة : 

- ممكن افهم ايه اللى حصل ده ازاى تقولى انا وضياء 

لوحدنا هااا 


جف حلقها ثم اجابته : 

- فيها أيه يعنى  ؟! 


اقترب منها ويده تحاوط خصرها والأخرى تفك حجابها 

قائلًا بنبرة عاشق متملك : 

- فيها أنك مراتى وملكى انا لوحدى كيانى انتى 

حجابك ده المفروض ميتلبسش قدامى انا جوزك 


مصدومة من سيل اعترافته يكاد يخرج قلبها من مرقده 

ثبت نظره على شفتاها الخوخى التى حلما بتذوقهم 

وفى ثانية كان ينقض عليهم بقبلة عميقة بربريه يروى 

ظمأه ويثبت ملكيتها له والغريب انها كانت مستسلمة 

لهجومها، مد يده خلف رأسها يثبتها 


طرق على الباب بعنف جعلها تنتفض بين يده وتحاول 

الهرب منه ابتعد عنها بصعوبة ومازال الطرق مستمر 

بينما هى فرت بالهرب إلى غرفتها وقفت فى الزواية تنحب لا تصدق كيف استلمت له؟! كيف ضعفت هكذا ؟! هو لديه خطيبه 

كيف كانت ستعيد ماضى والدتها قدميها كالهلام سقطت 

ارضًا تضم ركبتها إلى صدرها وظلت تهز رأسها بهستريا 

كيف قلبها عشقه، ظلت تفرك شفتاها بعنف حتى 

كادت أن تدميها قائلة :

- الحب ده مش مكتوب على زيك 


بينما عند كنان ما أن فتح الباب الجمت الصدمة حواسه 

ونطق اخيرًا :

- ماما ؟!!!!


لكزته بكتفه وهى تتجاوزه للداخل تجوب بعيناها

تبحث عنها حتى طالعت باب الغرفة الموصودة 

هرول يلحقها حتى دون أن يغلق الباب : 

- اه ماما يا كنان ولا كنت فاكر مش هعرف اجاى 

واعرف اخبارك انت والهانم اللى شقطها 


امسكها كنان برفق من ذراعها قائلًا : 

- ماما اسمعيلى خلينى اوضحلك كل حاجه 


نفضت يدها بحدة واندفعت تفتح الباب ولم يستطع 

اللحاق بها وما أن فتحت الباب وجدها متكومة على 

نفسها انخلع قلبه جث على ركبته امامها يمسح دموعها 

قائلًا : 

- كيان مالك ايه اللى حصل ؟! 


هدرت به والدته قائلة : 

- بلا مالها بلا نيلة .. بقى عشان عمارتهم اتهدت اللى ابوك كان شريك فيها تقوم تجوزها، طب عوضها فلوس 

مش جواز انا ابنى يتجوز وحده مالهاش اصل 

مشكوك فى نسبها 


قاطعها كنان بحدة صارخًا : 

- مااااااااما كفايااااااا


حاول ان يمسك وجه كيان إلا انها انتفضت واقفة 

تمتم : 

- تعويض العمارة اللى تهدت آآآآآه 


- كيان اهدى انا كنت ناوى افهمك كل حاجه 


اجابته والدته بحدة : 

- تفهمها ايه ولا ايه طلقها مش ابنى اللى يتجوز واحده 

مالهاش اهل 


جاء صوت من خلف يعنفها : 

- مين ديه اللى مالهاش اهل 

كيان عاصم الكومى عز الجهينى 

بنت اكبر تجار محلات الصاغه وانا ابن عمها 

طاهر حسين الكومى عز الجهينى 


توسعت عين كنان قائلًا : 

- انت ازاى دخلت ؟! وازاى ابن عمها ؟! 


طالعه من ادناه لاعلاها : 

- الباب كان مفتوح وعرفت من فترة من اسمها فى العقد 

واتاكدت من كده .. يلا كيان تعالى معايا 


وقف كنان امامها وتحولت عيناه للاحمر القانى قائلًا : 

كيان مراتى مش هتخرج من هنا 


سحبته والدته وهى تهتف بحدة : 

- مرات مين انت اتجننت 

 

ابتسم طاهر بتهكم : 

- شاطر اسمع كلام مامى 


ثم انتهز طاهر فرصة انشغالهم وسحب كيان التى مازالت تحت الصدمة فقط تتحرك عينها وقف كنان امامه قائلًا: 

- مش هتخرج من هنا قولت 


بدون مقدمات كان طاهر يلكمه فى وجهه فاختل توزاته 

ووقع ارضًا ثم نهض يصرخ : 

- كيان 


*****

اهداء إلى صديقتى ورفيقتى وسام

دمتى ليا خير داعم فانتى سحابة حب دخلت حياتى


*****


تمت


بداية الروايه من هنا

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
CLOSE ADS
CLOSE ADS
close