رواية زوجتي الشرقيه الفصل السادس والعشرون والسابع والعشرون والاخير بقلم ميار عبدالله
![]() |
رواية زوجتي الشرقيه الفصل السادس والعشرون والسابع والعشرون والاخير بقلم ميار عبدالله
الفصل السادس والعشرون
هل شعرت من قبل أن حواسك تبدأ تتوقف عن عملها ؟
هل شعرت من قبل أن هناك خطر قادم نحوك وما زالت اطرافك متجمدة عن الحركة والفرار
هل شعرت من قبل ان كل حواسك الداخلية تصرخ وتثور ولكن يظهر تعبير متبلد علي وجهك لا يقارن ابدا بالطوفان الذي بداخلك ..
دنا بوجه وهو يقترب الي شفتيها المكتنزتين بـ رغبة .. رغبة فقط يريد تذوقهم ثم يبتعد .. نظر إليها نظرة واحدة فقط الي بنية عينيها المذهولة فقط اتساع حدقتي زادت شيء فشيء حينما لفح انفاسه امام وجهها
ازدرد ريقة بتوتر ليدنو مقتربا اكثر لكى يرتوي شهد شفتيها وكأنها اكسير الحياة ..
حبست انفاسها بعدما تنفست انفاسه الهادره .. عيناه وااااه من عيناه دب في قلبها الرعب وهي ترى تحول زمردتيه إلى اللون الداكن .. كل ذلك حدث في ثوانٍ قليلة مجرد ثواني مرت كالدهر .. واخيرا استجمعت شتات عقلها وجمعت اكبر قوه مختزنة الى كفها تسقطها على وجنتيه ..
لم تكن قوية لكن حارقة .. لم يكن صوتها ظاهرا لكن كانت كصفارات القطار في أذنيه .. اسودت عيناه وشبح الشيطان متراقصة في مقلتيه
هبت واقفة وهي تهرب من الوحش .. شهقت بفزع حينما وجدت قبضة فولاذية اعتصرت ذراعها وسحبتها بقوة لترتطم بصدره العريض
حاولت الفكاك الفرار منه وهي تصرخ بعنف
- ابتعد عني ايها الحقير القذر
كلمة واحدة فقط جعلتها تتحول إلى قطة وديعة امامه منكسره
- اخرسي
صاح بها بانفعال وثورة طوفان الذي يقوم باقتلاع ما امامه ،، أغمضت جفنيها وهي تحاول اختفاء ارتعاشها منه صيحته الغاضبة العاصفة .. تريد البكاء الان لكن ليس أمامه ليس هو تحديدا من تظهر ضعفها .. تصلبت ملامحها وهي تجاهد في اخفاء عيناها التى اصبحت مشوشة نتيجة وجود طبقة رقيقة لتزمجر بغضب
- انت مجرد حثالة
أظلمت عيناه الزمردتين .. لون بعث في قلبها الضعيف الرعب هل سيقتلها ملامحه أصبحت كهيئة قطاع الطرق .. شهقة أخرى صدرت متألمة عندما غرز بأنامله على جلدها .. لقد اصبحت اسيرته يتفوق عليها ببنيته العملاقة وساعديه القويتين وهي كعصفور صغير بين يدي طائر جارح .
كيف تجرأت تلك التي لا تصل لمستوى طوله .. لم يفعلها احد من قبل أن يتجرأ ويخاطبه بذلك الاسلوب بل وان يصفعه ايضاً .. يحاول جاهدا ان لا يظهر صورة المتوحش امام اعينها المذعورتين .. تلك سليطة اللسان خائفة منه هو ؟! .. شعور بالحنق تملكه هو لم يضربها كل ما اراده بشدة منذ لحظات شفتيها يريد أن يتذوقهما ..
اغمض جفنيه لعده ثوانٍ وهو يستمع بقربها له خصرها الذي يشعر انه سيسحق عظامه .. رائحتها الشرقية .. خصلاتها الغجرية التي تتضارب في وجهها بفعل الهواء جعله يصاب بالهلاك .. فتح جفنيه ليقابل اعينها المرتعدة مما جعله يجز علي اسنانه وهو يشدد في كل حرف
- كلمة اخري وسأقوم بتسليك تلك البالوعة التي تخرج من شفتيك المغريتين
ابتلعت ريقها بتوتر وهي تزيح ذراعه بغلظة
- ابتعد عني
اقترب يدنو منها وهو يهمس بجانب اذنها
- تذكري شيئا واحدا ايتها الطفلة سأقوم بأخذ سثأرى منك
حديث اعين صامت دار لعدة لحظات .. أول رجل يقترب منها بدرجة مهلكة .. أول رجل يمسك خصرها .. اول رجل يريد أن يقبلها .. اول رجل اول رجل ظلت تهذي وهي تنطلق راكضه تختبيء من تلك الأعين الزمردية الخبيثة ... لو كانت يدها تساعدها لقامت بصفعه مرة أخرى ، لكنها لم تقدر .. خافت ووجدت الفرار هو أفضل وسيلة حتى لا يبتلعها ..
- سارة انتي كويسة
انتفضت وهي تسمع الي صوت محمد القلق ويبدو من ملامحه وهيئته الغريبة وهو يرتدى ملابس لم تعلم ما اسمها !! .. ابتسمت بضعف وهي تهز برأسها
- تمام الحمدلله
زفر براحة وهو يراها امامه بصحه عافيه .. حينما رأي عودة الفرس وحيدا تلبسه شيطان وخشي أن يحدث لها شيئا لكن عندما أخبره السائس بأن خالد ذهب لإنقاذها تنفس الصعداء .. هي مخطئة بل كان هو المخطئ لأنه لم يخبرها عن حالة الفرس .. والسؤال يبقى كيف فعلتها ؟ كيف امتطت الفرس ؟
- السايس اول ما قالي اللي حصل
قاطعته وهي تهتف بشيء آخر لم تتوقع لسانها أن ينطقه .. تجبره علي عدم ذكر ماحدث او هي التي كانت شاردة ولم تنتبه لحديثه
- دكتور هو انت ممكن تتضايق لو حدل بدل حرف الـ " ح " لـ " هـ "
يعني مهمد بدل من محمد
عقد حاجبه بتعجب من سؤالها توقع أن تسأله عن حالة الفرس ، كان سؤالا غبيا ساذج بالنسبة لها لكن الاجابة تهمها بشدة
رد ببساطة لم تكن تتوقعها مع نظرة عيناه المذهولة وانعقاد حاجبيه
- لا اطلاقا
اعادت السؤال مرة أخرى ولا تعلم كيف زلت لسانها عن ذلك السؤال الغبي
- متأكد ؟
- لا ببساطة اتعودنا بس ليه بتسألي ؟
هي الاخرى لا تعلم الاجابة غمغمت ببساطة وهي ترجع خصله شاردة للخلف
- لا سؤال مش اكتر عن اذنك
واستدارت مغادرة تعود لـ قوقعتها ستقوم بصنع المزيد من الاقنعة وعقلها سيعمل علي فقدان الذاكرة لما حدث .
............................................
- تلك الغبية كيف تجرأت على صفعي .. سـ أسود حياتها لن اتركها سأخذ بثأري من تلك المغوية
كان كالمجنون وهو يذرع الأرض مجيئاً وذهاباً والفرس كان يتابع ما يحدث بهدوء ولم يصدر اي شيء وكأنه يخشي غضب سيده مثلما فعل مع الفتاة منذ قليل ..
كانت بين يديه كان قادرا علي عقابها او تقبليها أي شيء من افكاره الدنيئة كانت في قيد التنفيذ .. لكنه لم يرغب لم يريد ..شيء داخلي جعله يرفض رغم جسدها الغض الذي جعل الجحيم تتفاقم في أوردته .
طفله نعم لكن في جسد امرأه .. عقل طفله شرسة جامحة تدعوك لترويضها زفر بحنق و شيء يضيق صدره عندها شعر أنه لن يقدر التحمل أكثر من ذلك .. الرحيل هو انسب حل له .. لكن منذ متى كان الفرار حلا؟! هل سيترك كل شيء ويعود لقوقعته مرة اخرى .. يترك عائلته بسببها هي تلك الطفلة كلا لن يفعل أبداً .. هو الذي كان يعتمد على مواجهه الأمر ماذا دهاه الآن ؟
مر ببصره نحو الفرس الذي لونه يشبه لون درجة عيناها البنية ..
زمجر بسخط وهو يخرج ويتحرر قبل ان يتلبسه لعنة ومن من ؟ من امرأة شرقية !!
................................................
الماضي عاد ينبش في الحاضر ويؤثر على المستقبل .. عيناها الخضراء المستفزة تتحداها بقوة للصمود يوجد شبه كبير بينها وبين الأمر .. لا تستطيع حتى لفظ اسمه لا تعلم اهو بنائا علي امر زين الذي صرخ في وجهها يوما الا تنطق اسمه او تكون خيانة وهى تفكر فى رجل آخر !! ..
كيف انخدعت له كيف .. هل للدرجة كانت مغفلة عن نظرات رجل راغبة ؟ كلا لم تراه حاولت ان تمسكه بالجرم المشهود لكن حديثه وعيناه الصافية التي كانت تنظر بأخوية وليس برجل ينظر الي امرأة ، لم تظهر شيء في نواياه الدنيئة أين كان عقلها اين هي بعاداتها وتقاليدها الشرقية ...
هل كانت للدرجة متهاونة معه تحاول التذكر ان جعلته يلمسها ولو بالخطأ لكن ذاكرتها لم تتذكر اي شيء .. لمعت عيناها ببريق حازم وهي تنفض غبار ذكرايات الماضى .. فان كان هناك يوجد شيء مشترك بينها وبين زين انهما وقعا في نفس الفخ فى تلك العائلة المسمومة بمنتهى السذاجة ولكن هذا كان الماضي
كتمت تعبير الغيظ والحنق ورغبتها فى جر شعرها المستفز الأشقر لتكتف ذراعيها وقالت ببرود
- معذرة هل قلتي انتي سلبتي قلبه كلا انا هي التي فعلت
ضحكت بيث ضحكات خبيثة مرغمة صفراء وهي تجيب بأقتضاب
- هذا واضح بالطبع
جسدها المتخشب اصبح مرن وقدماها توجهت نحوه هو عيناها تنظران له بمحبه بعشق جارف وخجل يتورد وجهها من ليلة امس
- حبيبي
ابتسم وهو يلتقط كفها بين يديه ويلثم قبلة دافئة دغدغت جسدها .. مزاجه اصبح رائق وهو يراها كما هي محمرة الوجه ناضجة .. شهية ... مغرية .. جذابة .. مهلكة لعقله وقلبه الذي يدوي باسمها .
هل يشم الآن رائحة حريق ؟! نعم تلك الاعين القاتمة تنظر اليهم بحقد لم تستطيع اخفاؤه ببراعة مجرد ثانيتان فقط ظهرت تلك الصورة الحقيقة لها لتعود لملامحها الاصلية الباردة وهي تقول بضيق
- اسفه على قطع لحظاتكم العاطفية يا سيدة ليان الحديدى ولكنني في أمر هام هنا
- انتهت مقابلتنا
كلمتين فقط كانت هي الحاسمة وهو حتى لم يكلف بعينيه للنظر إليها .. بل عيناه اصبحت اسيره تلك المشاغبة التي امامه وتشاكسه وتلعب بالعاب خطره ..هل تلعب في ازرار قميصه ماذا تفعل ذلك أمام التى اصبحت كمدخنة القطار ؟! ، وحينما تنظر له بتلك نظره الجرو اللطيف .. قرصها بخفة في وجنتيها لتتأوه وهو ما زالت بأناملها الماكرة تعبث في جسده ..
صاح فجأة مناديا الخادمة ليجدها أمامه في ثوانٍ نظر الي الشيطانة التي حتى لم تكلف عناء بمغادرة الغرفة وأن يختلي بزوجته .. قال بهدوء ونبرة باردة لم تغادره
- اوصلي السيدة الي الباب
سحقت شفتيها السفلي من وقاحته .. زفرت بسرعة وهي تري الخادمة تأمرها بالخروج .. هل كان يحتمل وجود خادمة ايضا تقوم بطردها بطريقة لبقة ومهذبة
- حسنا يا سيد زين تذكر جيدا انني لن اتركك لست انا بيث التي ستهزم في اول معركة
ملامحه كانت جامدة صلبة وهو يرى إغلاق الباب خلفهم .. ليعود ببصره نحوها .. ليانه التي تنظر إلي منتظرة أن يفصح عما يجيش في صدره ورغم ذلك لم يقوم سوى ان يطبع بقبلة في جبهتها ويعتقل خصرها بين ذراعيه ويعتصرها بين ذراعيه
- هل انت بخير ؟
همست وهي تحاول بمجهود شاق بل جبار الا تصدر شهقه مؤلمة كي لا يبتعد
أجاب وهو يزفر بحرارة
- نعم
كلا يوجد شىء خاطىء .. تملصت بهدوء من بين ذراعيه لتنظر اليه .. تتأمله بتمعن وبوضوح لترى تفاصيل كثيرة ناقصة عكس المرة السابقة ..
عيناه مجهدتين رغم تصلبهم تري ضعف فيهما وجه شاحب يوجد به بوادر المرض همست بضعف
- لماذا تكذب انظر الى عيناك تخبرني انك موجوع ماذا بك ارجوك لا تخفى شيئا سأموت حقا ان عدت الي عادتك القديمة
تأوه بألم وهو يغمض جفنيه كيف يخبرها عن ماضٍ سبق أن قاله لها من قبل .. في الواقع هو بخير بخير مجرد تلك الكوابيس التي ظن أنها انتهت عادت مرة اخرى
- احضنيني
لهجه امر اكثر من كونها رجاء .. ولكنها لبت طلبه وها قد عدنا لنقطة الصفر .
............................................
ارتشفت الجدة القهوة بتلذذ وهي تشعر بتلك المرة الجو الاسرى مترابط .. رغم عدم مشاركة خالد الطعام معهم لكن ستنظر الي نصف الكوب الممتلئ لقد حلت عقدة واحد وستحل بعدها باقي العقدات
شعرت بأنها مراقبة .. لتلتفت نحو الاخر الذي كان ينظر اليها بعبوس
عقدت حاجبها بتفكير وهي تقول
- ماذا لما تنظر الي هكذا ؟
ضحك زيدان وهو يقول بنبرة ذات مغزى
- سيدتي ألم يحن الوقت بعد لننتقل للخطة الأخرى
- خالد
هذا هو ما بدر في ذهنها وهي تنطق ذلك البحار حينما عاد بملامح واجمه عكس المرة السابقة
وضع زيدان القدح علي الطاولة المستديرة امامه ورفع ببصره نحو السماء وهو يقول بنبرة ساخرة مؤلمة
- كل شخص في تلك العائلة كبر ويوجد في داخله عقدة نفسية فجميعنا نجتمع نحو نقطة مشتركة وهي الماضي
مطت الجدة شفتيها بعبوس وقالت
- لكنك تغلبت عليها يا سيد زيدان وزين ايضا تغلب
ضحك زيدان ملء فاه وهو يرد بغموض
- لا تخدعك المظاهر يا سيدتي
- ماذا ؟
رغم دهشة الجدة لكنه رد ببساطه وهو يعقد ذراعيه على صدره
- ربما زين اخرج مخزواناته الداخلية لكن يبقى السؤال هل يمكن لشخص كان متكتم طوال حياته أن يقوم فجأة تغير مسار حياته وبدلا من الخفاء الجهر ؟! لا اظن ذلك سيتطلب منه مخزون شجاعة اخرى لكى يواجه
زيدان محق تلك النقطة ربنا لم تضعها في بؤرتها نستها او بمعنى ادق تناستها لكن يبدو ان زيدان يريدها ان تنظر لذلك الجانب مرة أخرى يخبرها ان جولاتها لم تنتهى بعد
همست بقلق وهي تخشى قدوم ليان فى تلك اللحظة
- ان سمعتك ستقلق
هز زيدان ذراعيه بحركة لا معنى لها وهو يقول
- كلا لما تقلق كل ما عليها ان تحتويه أن تنتشله من الشرود من حقها أن تعلم ما يؤرقه ما يؤلمه حتى تستطيع ان تساعده لا أن تقف مكتوفة الايدى
وسؤالها رغم علمها بالاجابة لكنها تريد سماعها منه
- هل عدنا للبداية يا زيدان !!
- لم نعد لقد بدأ زين ان يخطو حياته ولاول مرة يكون حاملا مسؤولية شخص آخر زوجته اشياء قديمة حمية شرقية استطاعت أن تخرجها من ذاته .. الطريق ما زال طويلا يا سيدتي
اهتز قدحها وقد أصابتها الرعشة وهي تهتف بجمود
- حسنا وماذا عن خالد ؟
ضحك زيدان بسخرية ضحكة مريرة وهو يغمغم
- خالد وزين وجهان لعملة واحدة
وضعت قدحها على الطاولة وسارعت وهي تصيح بثبات انفعالي تكاد تحسد عليه
- كلا إن كان زين يستطيع ببراعة أن يخفي مشاعره فخالد لا ، حين يغضب خالد فيصبح كالوحش الذي سيلتهم من أمامه
- اتفق معك وعلياء ايضا تحتاج من يعطيها حنان ام لم استطيع انا علي اعطائه ، تريد اب مثالي قبل زوج
انعطف الحديث إلى جانب لاتريده .. تنهدت بقلة حيلة علي حياتهم الفوضوية وردت بعبوس ونبرة لائمة
- زيدان ما الذي تقوله أنت اب رائع
مرارة مؤلمة وهو يشعر بضيق تنفسه .. أغمض جفنيه بأسى وهو يردد
- لا نخدع انفسنا كنت أب فاشل استطعت بصعوبة أن أخذ أبنائي ولكن بعد متي؟ بعد ان اصبحا يافعين وقد ارسخت والدتهم عقيدة بلاد الغرب
قاطعته مسرعة
- لكن يظل العرق الشرقي يسير في أوردتهم
ابتسم زيدان وهو يهتف بإعجاب
- عجبا حقا يا سيدتي من يراك الآن يقول انك شرقية اصيلة
عبست ملامحها وهي تهتف
- هل نسيت انني تزوجت رجل شرقي من قبل
- نعم اعلم زوجك المثالى والذي للاسف قتل بعد عام من زواجكم
ابتسمت بدفء لذكرايات دافئة مرت أمام نصب عينيها وهي تهمس بشرود
- لم استطيع ان انجب طفلة منه للأسف .. ثم تزوجت برجل اخر وانجبت صبية رائعة و احبت و تزوجت مصري لا اصدق مرت كل تلك السنوات لكي اري حفيدى اطالني الله في العمر حتى ارى طفل صغير لزين وخالد وعلياء
انعقد حاجبا زيدان وصاح بدهشة
- خالد !! اظن ان الامر سيطول قليلا
ميزت نبرة السخرية من حديثه ، لترد بثقة لا تعلم من أين مصدرها
- توقف لا تيأس انا متأكده سيأتي اليوم ويخبرك انه يحب فتاه
ازداد انعقاد حاجبي زيدان وعيناه اتسعت بصدمة أكثر
- خالد وحب سيكون ذلك أمر ممتع
كانت على وشك ان ترد عليه لتأتي علياء وهى تنادى
- جدتي
التفت الجدة وهي تتسائل
- آليا ما الأمر ؟
ردت بتهذيب وهي تنظر إليهم ويبدو أنها قاطعتهم من حديث سرى من طريقه صمتهم المريب
- السيد حمزة في الخارج يريد أن يقابلكم
.............................................
جالسًا على مقدمة سيارته وهو ينظر نحو الفراغ .. منطقة ساكنة لا زحام لا بحر لا عمل مجرد هو والطبيعة .. نجوم متلألئة ساطعة بقوة في منظر جمالي بديعى .. اعتاد بوظيفته ان ينظر للنجوم في كل ليلة لكن لا يعلم لما اصبحت اليوم متوهجة أكثر !!
اشعل لفافة تبغ آخر وهو يطلق الدخان في الأفق ، ضوء قوي من سيارة انتشلته من خلوته واصبح هناك شريك آخر معه هز رأسه يائسا وهو يعلم صاحب السيارة من صوت صرير السيارة العالي الذي شق سكون الملتف حولهم ..
التفت ببصره نحو الذي ترجل من سيارته وهو يصفع الباب خلفه بقوة لا تتناسب أبداً وهو يجلس بجواره بهدوء عكس ثورته الداخلية مجرد الهدوء هو قناع مزيف ..
انعقد حاجبا خالد بعبوس نحو الذي يزفر بحنق يشعر وكأنه تنين ينفث نيران مستعرة داخله هتف بسخرية وهو يدخن
- ماذا لماذا جئت هل تشاجرت مع زوجتك مع أن الساعة أصبحت التاسعة مساءا
لم يرد عليه بل قال بلا مبالاة
- كنت اعلم انك هنا
ابتسم خالد مجرد ميل خفيف في شفيته ورحب بحرارة لا تتناسب في وضعهم الغريب
- مرحبا يا ابن العم
نظر زين الي لفافة التبغ المشتعلة وصاحبه الواجم .. حاله هو ايضا لا يختلف كثيرا عنه .. مد يده وهو يهتف بخشونة
- أعطني
صاح خالد بدهشه نحو زين .. يبدو غريبا تلك الأيام منذ متى وهو يدخن .. إلا ان كان يمر بحالة نفسية مؤلمه أو في اشد ثورانه
- منذ متى ؟
- احتاجها الان
أجاب بنفاذ صبر وهو يلتقط لفافة تبغ ويشعلها .. يود أن يخرج كبته بطريقة ما .. يريد ان يفجر تلك الثورانات المستعرة في داخله لقد جاء الماضى جاء وهو يحمل رسالة خطيرة له .. دق ناقوس الخطر وهو سيمر بأيام عصيبة الفترة القادمة .. لم يستطيع ان يهنىء بإجازته لتأتي تلك الحقيرة بعد سنوات طويلة جدا من هروبها كـ اللصة ، اختارت الهروب بدلا من المواجهة .. جبانة والآن تأتي أمامه تسأل عن شقيقها منذ متى هي تهتم بأحد ؟! .. اختفاء شقيقها كان مجرد دافع وحافز للعودة .
كلاهما في وادي آخر رغم وجود جسديهما معًا ، فكر خالد للحظات منذ متى اجتمع مع ابن عمه اخر مرة يتذكرها منذ سنوات عديدة ربما في مرحلتهم الجامعية قبل ان تأخذ كل شخص في دوامه بعيد عن الجو الاسرى .. لكن منذ متى هو تذوق الجو الحميمي و دفء الأسرة ؟ هل يعنى اجتماعهم في منزل جده زين ستجعله يشعر فعلا انه في جو دافىء أسرى .. كلا يوجد شيء ناقص ليشعر بدفء العائلة بل عدة اشياء حتي تكتمل .. لكن ماذا ذلك الشيء أو تلك الأشياء لا يعلم
- هل هاتفتك ؟
قالها زين وهو يحدق في الفراغ أمامه ، تنهد خالد وهو يقول
- من ؟
ارتفع حاجب زين باستنكار وهو يغمغم بسخرية
- ايف عزيزى ومن غيرها
رد بوجوم وهو يشعل لفافة اخرى بشراسه
- نعم
صمت آخر مر وكلاهما يحدقان في السماء ليقطع تلك الخلوة خالد وهو يتسائل بسخرية
- وما الذي جاء بك الى هنا انت ؟
لم يجيب كما توقع .. استرسل ببرود ظاهري وكأنه يقرأ صحيفة أخبار الصباح
- يبدو انه متعلق بالتي جاءت اليوم
تجمد جسده لثواني لا تعد ، ليلتفت إليه وهو ينظر ملامح الأخرى التي تتطلع اليه ببرود
- لا تنظر الي هكذا لقد رأيتها مصادفة قبل خروجي
انعقد حاجباه لعدة لحظات ثم مالبث أن تساءل بنبرة ذات مغزى وهو يرمي لفافة التبغ على الأرض
- ماذا حدث في الاسطبل اليوم
لطالما يحسد زين علي كمية البرود الرهيبة وقناع الثلجي الذي يرتديه في أشد اصعب حالاته بعكسه هو .. رغم انهما يحملان الصفات الكثيرة المشتركة لكن عند تلك النقطة يختلفان فيها
رد بلا مبالاة وهو يدخن بشراهة ونبرة ساخرة لم يستطيع ازالتها
- هل سنعقد جلسة تحقيق الان !! ، العمال اخبروك بالاخبار الكافية والوافية لا داعى للسؤال
صمت للحظات بهدوء وهو يحدق به ملامحه ثابتة جامدة مثله ولكن إلى متى سيستمر !!
- آخر مرة امتطيت الفرس حينما كنت في الجامعة ، أمر شجاع منك علي فعلها لكن لنسأل لما انقذتها رغم انه هناك العديد من العمال القادرين على انقاذها
قال باندفاع و سرعة وتهور نحو ذلك البارد الذي يبدو لم يتأثر بالفاجعة التي كانت ستحدث
- كان سيقتلها
لكن الاخر لم يهتز به شيئا بل همس بخشونة
- تعلم ان الفرس يعاني مشكلة في نظره ورغم ذلك يحفظ كل بقعه في المزرعة كان سيتوقف قبل أن يصل إلى الحافة
حينها زمجر بغضب وهو يلوح أمامه بانفعال وحرقه
- يا مجنون اخبرتك كانت ستموت الفرس لم يخفف من سرعته حينما اقتربا من نهاية المزرعة
رفع زين حاجبه باستنكار ثم تمتم ببرود
- لكنه لم يفعل
- ميئوس منك
صمت ثالث احاطهما وكلاهما لا يعلما ماذا سيفعلان أو ماذا سيقولان .. توجد الكثير من الاشياء مكنونة في الصدر لا يستطيع او يتجرأ احد منهم ان يخرجها في تلك اللحظة
- كيف تشعر انك تحب شخص ما
تعجب من إلقاء ذلك السؤال وخصوصا من خالد !! .. هل هو ايضا اصيب بداء الحب ؟!
انعقد زين حاجبه وهو يهمس بسخرية التقطتها اذن خالد بوضوح
- القبطان خالد يسألني عن الحب يا لسخرية القدر
- لقد تفاجأت حينما اخبرتنى انك تريد الاستقرار ، هل احببتها ام كان ذلك مجرد مرسى راحة
نظر إليه بوجه ممتقع وقال ببرود
- لن ارد عليك لكن حينما تشعر يا صديقي بالحب سيتهدم كيانك كليا وستغزوك بكل أسلحتها لتتوغل بكل خبث نحو روحك
انجذب من التعبير " الحب هدم كيان " هل هذا ما فعلته زوجته هدمت كيانه الثلجى ؟! .. رد بإعجاب ساخر
- تعبير رائع ومجمل ومفيد من السيد زين
- كل شخص يصف حبه على طريقته الخاصة يا رجل لست أنا من يقول كلاما معسولا مثلك
قالها وهو يرفع حاجبه يخبره أنه يعلم ما يحدث رغم المسافات البعيدة عنهم هو في البحر والآخر في البر .. استقام في جلسته وهو ينفض ملابسه بطريقة عدم اشغال عقله ، وصاح ببرود
- هيا لنغادر
. ..................................................
- انت يا استاذ رايح فين
صاح بها رجل في منتصف الستينات من العمر بحدة شديدة وهو يرى خروج ابنه في منتصف الليل
سكن جسد الشاب بعده لحظات وهو مستعد المواجهة ، التفت اليه ببطء وهو يرد ببساطة
- رايح اسهر يا مرتضي بيه
- بفلوسي
وضع كفيه في جيبي بنطاله وهو يهمس بصوت خفيض
- ابتدينا
هدر مرتضى بحدة شديدة حتى ارتجت ارجاء المنزل حولهم
- لما بكلمك تبصلي ، امتى هتفوق يا كريم بيه من الوحل اللي انت فيه
لم يهتز له شعره مما قاله بل هتف مؤكدا
- انا عاجبني في الوحل ، عن اذنك
- ولد تعال هنا
صاح بها مرتضى آمراً وهو يراه متوجها نحو باب المنزل .. سكن جسده للمرة الثانية وهو يسمع الي تقريع والده مساء كل ليلة اصبحت عادته كل مساء يسمع الي ذلك الشريط الذي لن ينتهي
- بدل ما انت مستهتر كده شوف اخوك شايل مسؤولية الشغل معايا ومتجوز وعاقل وراسى
لم يشعر سوى انه يصيح بعنف امام وجه والده ولأول مرة يفعلها سيندم نعم سيندم ولكن لاحقا
- قصدك اخويا راشد اللي هو مبيطقش مراته اصلا وصممت انه يتجوزها علشان مصلحة الشركة .. هو اه مش بيرفض اوامرك وبيضحي بسعادته ، لكن انا لأ يا مرتضي بيه انا مش من فئران تجاربك علشان اترمى واتجوز واحدة واتستر علي فضيحة واحدة اللي كل واحد في مصر شاف صورها وهي لامؤاخذة
- كريــم
صوت هادر قوى يبعث الرعب وهو يهتف اسمه بحدة وغلظة في آن واحد ،استدار نحو صاحب ذلك الصوت وهتف ببرود ظاهرى
- اهلا يا راشد بيه كنا لسه بنتكلم عنك ، عن اذنك عندى مشوار مهم
غادر كريم تحت نظراتهم الاولي ساخطة والاخرى نادمة ، تنحنح راشد وهو يقول
- اتفضل يا بابا طلبتني
همس مرتضى بهذي
- كريم عايزه يفوق
عبس ملامح وجهه من كريم .. جاء في ذلك الوقت المتأخر بعد عمله من اجل اخيه المتهور
- جبتني علشان موضوع كريم رغم ان حضرتك عارف ان مفيش فايدة فيه .. انا راجع البيت حضرتك عايز مني حاجه
استدار مغادرا هو الآخر لكي ينعم بنوم عميق قبل أن يبدأ في وصلة عمل لا يشعر سوي نهاية اليوم بأن جسده قد تيبس من الجلوس لساعات في مكتبه
- راشد .. آسف يا بنى
همسة خرجت من فم والده أدمى قلبه ، استدار وهو ينظر الى والده ورد بمرارة قبل أن يغلق الباب
- الوقت اتأخر يا والدى
..........................................
عادا الى المنزل ليتفاجأ خالد وهو يرى زيدان والجدة وشقيقته يرقصون بمرح ولأول مرة يشهد التاريخ منزل الجدة تحول إلى ساحة رقص ايام الستينات .. تصلب جسديهما وهما ينظران لبعضهما بدهشة ثم ينظروا نحوهم كل شخص منغمس في الرقص وكأنه يحلق في عالم آخر غير الذي فيه ..
صاح خالد بسخرية وهو يهز رأسه يائسا
- هل هذا حفلة لإعادة الشباب ؟!
- ظريف للغاية
قالتها الجدة وهي تلكز ذراعه بغلظة تساءل زين وعيناه تبحثان عنها عن زوجته
- جدتي أين ليان ؟
ابتسمت الجدة وهي ترى عيناه الشغوفة بها ردت بأبتسامة تزين ثغرها
- في غرفتها
لم تكمل كلمتها حتى انطلق صاعدا الى محبوبته .. التفت نحو الآخر وهي تحثه على المشاركة
- خالد تعال لتشارك معنا
هز رأسه رافضا
- جدتي اا
بتر عبارته عندما وجدها أمامه ترقص مع والده .. صوت الموسيقي اختفى جدته لم يسمع صوتها ضحكات علياء وهي تراقص حمزة لم يسمعها .. كل ما يسمعه صدى صوتها هي التي مثل صوت كروان .. انسيابها وهي تتراقص برشاقة مع والده رغم صغر سنها جعله يرفع حاجبه الايسر للحظات ثم اخفضها مرة أخرى .. فستان آخر ولم يكن ذلك الاسود اللعين بل كان احمر نارى كالجحيم .. هل تلعب على وتر اعصابه تلك الشرقية ؟
إن كانت ترغب فى ذلك .. فسوف يرفع لها القبعة محيا لها على ادائها .. لقد أصابته بمقتل ، جال ببصره متمعنا في فستان آخر من أين تجلب تلك الثياب الوقحة التى تثير اى رجل مثله ؟! .. هل هى معتادة على ارتداء تلك الملابس .. ولكن ماذا عن هيئتها اول مرة رآها ؟ .. أغمض جفنيه وهو يريد ان تعود حالته الطبيعية فتح جفنيه ليسمع صوت ضحكتها المدوية حينما تركت والده و أصبحت بين ذراعى حمزة والجدة اصبحت معهم تتحرك ببطء لكن شفتيها تبتسم بأتساع اعينها لامعة بفرحة من المؤكد كانت تلك فكرة الطفلة ..
قدماه تحركت نحوها وهو يراقب خصلاتها الغجرية المتحررة المتمردة كحال صاحبتها .. كان وقتها وقت تبادل الأطراف وقبل ان تتوجه نحو والدها مرة اخرها اعتقل خصرها بين ذراعيه بقوة لتصبح اسيرته للمرة الثانية ..
شهقت بفزع حينما وجدته بكل جرأه يثبت كلتا ذراعيه على خصرها وعيناه متحديتان ان تتفوه بأي شيء خاطىء .. كان يراقصها وهى مرغمة وشدد من التحام جسديهما معاً
متهجم الوجه ثابت التعبير لكن نظرة عيناه لم ترحمها ولو للحظة .. تحاول بكل هدوء ان تبتعد و تتملص منه بهدوء لكنه كان الاسبق في ان يشدد ذراعيه بقوة عل خصرها بل يرفعه حاجبه الايسر ان استطاعت ان تقول شيء أمامهم .
عيناها غير قادرة على النظر اليهم استسلمت يائسه وهى ترقص مرغمة واعينها محدقة في نقطه وهميه .. تركها فجأه واستدار مغادرا بعد دفء وشعور لذيذ تسلسل خيالها .. انحنت برأسها للأسفل وغادرت هي الاخرى تصعد هاربة من أعينهم المتفحصة
اما الاربعة لم تنقطع عنهم تلك الدقائق القصيرة ، علياء صورت ذلك المقطع ستحتفظ به فى وقت مناسب .. حمزة كان مندهشا منذ ما حدث أما الزوجان الاخران من الاعين كانتا خبيثة ماكرة لتتطلع إليه الجدة وهي تؤكد له حديثها معه .. اما هو كان يأمل فقط ان يكون حدس الجدة صحيح تلك المرة .
.............................................
- ليان
همسها بلوع وهو يتفحص الغرفة كالطفل الذي يبحث عن والدته ، ارتخت ملامحه وهو يجدها تقف أمام المرآة تمشط شعرها المبلل ، ناعمة كهرة لطيفة .. ردت في خفوت
- مرحبا بعودتك
أظلمت تعابير وجه ، نبره جافة لم يعدها من قبل ولم تكن تلك التي تهمس له بكلمات ناعمة ليلة أمس ، تتصرف بطبيعية وهي تنثر العطر علي ثوبها المحتشم للغاية لا يظهر منها شىء سوى فتحة عنق مثلثية
قال بفتور وهو يراها تتوجه نحو الفراش
- ما بك ؟
استلقت على الفراش وهمست فى خفوت
- لا شيء
- لماذا انتِ هنا وليس في الأسفل ؟
حديث بارد ليس له طعم ، لا يوجد به دفء مثل عيناها البندقية ولا حياة مثل تورد وجنتيها .. تعامل معه بعملية بحته للغاية وكأنها موظفه وليست زوجته
ابتسمت ببرود وهي تلاحظ تعابير وجه الغير مبشرة اطلاقا ، وهمست
- شعرت بالتعب قليلا لذلك استأذنت تصبح على خير
- معذرة
صاح بها بدهشة وهو يجلس على الفراش امامها .. بل و نزع الغطاء عنها وسحب كتفيها لتصبح فى مواجهته .. تمللت بملل زائف
- الوقت تأخر غدا سأتجول انا وعلياء وسارة في القرية في الصباح الباكر
رد ببرود وهو يشتاق الى كل شىء بها عيناه تجوبان عيناها التى تكذب عليه ، حمقاء لا تعلم انها حين تكذب او تخفى امر ترمش عيناها ثم يصحبها رعشة خفيفة لا يلاحظها سوى صاحب النظر الثاقب
- دون أن يكون لي خبر مسبق
نظرت اليه قليلا مجفلة وهي ترمش بعينيها عدة مرات ،ليس مزاجه رائق اليوم ومع ذلك تمتمت ببساطة
- لقد اخبرتك للتو
- بهذه البساطة
رفعت حاجبها بتسلية وهى ترى حنقه بدأ يتصاعد و يتفاقم .. اقتربت منه ببطء وهي تطبع قبلة دافئة علي كلتا وجنتيه .. قبلة معاتبة يستشعر بها لكن تحمل رسالة انها معه بكلتا أحواله ..
شهقت وهي تراه يعتقل خصرها بقوة ويسحب بجسدها نحو جسده .. كتم شهقتها وهو ينهال منها يرتوى شوقه الذي لن ينضب ابداً .. وهو يهمس بين قبلاته
- اشتقت لكى
تائهة بين امواج عشقه ، تحيا معه وتموت بدونه .. أصبح يشغل تفكيرها هو فقط .. همس بين انفاسه الملتهبه بصوت أجش
- لا اريد ان ننجب طفل
خرج من السيمفونية صوت نشاز .. رمشت بعينيها عدة مرات متتالية وهي لا تصدق طلبه .. لا تخدع نفسها بل كان امر لا يقبل للنقاش .. هل ستظل طوال حياتها لعبة في يديه ؟!
كلماته كانت كالفتيل الذى سيحول تلك النيران والبراكين من المشاعر الجياشة الى حرب لن ينتهي سوى بإعلان الفائز .
الفصل السابع والعشرون
لما سعادتها لا تكتمل ، كيف استطاع أن يلفظها امامها كيف ؟!
تساءلت بحيرة وهى تراقب عيناه الجامدة وجسده المتصلب .. اشاحت بجسده عنها وهى تعدل من ثوبها وهمست بألم
- تمزح صحيح
وجوابه كان فى سرعة البرق وهو يقول بخشونة
- كلا
- ماذا ؟
شفتيها ترتجف ،، وهى تصيح لعقلها ليس ذلك زين ليس هو ؟ ليس ذلك الحنون الذى يعلمها ابجديات العشق و جعلها تصل الى السماء وتتمسك بنجمة لم تتوقع فى مخيلتها ان تمسكها فى قبضة يديها .. لتهوى فجأه الى سابع ارض انتفضت من فراشها وعقلها لا يفكر سوى الهروب منه .. لا تود رؤيته تلك اللحظة
يد قوية سحبتها الى موضعها مرة اخرى ، لتجلس على الفراش بقلة حيلة وعواصف هوجاء تعتري خلجاتها صاحت بغضب
- ابتعد يا زين لا أود رؤيتك الآن
اغمض جفنيه لعده لحظات و كما كان متوقع رده فعلها .. فتح جفنيه وقال بجمود
- ماهذا الهراء ، لنتحدث كالعقلاء ولا تتهربى
كتفت ذراعيها وبأقصى جهد تحاول جاهدة ألا تذرف دمعة واحدة امامه .. قالت بألم
- توقف من فضلك ارجوك اخرج الست منذ قليل تخبرنى الا ننجب طفل هيا غادر
امسك من كتفيها وهو يقول بجمود ظاهرى
- اسمعى لا اريد ان ننجب اطفال فى الوقت الحالى
ضحكت .. ضحكة ساخرة لا تتناسب أبدا مع تلك الأجواء المشحونة بعواصف كئيبة وقالت
- وهل انا من اتحكم يا زين كل ذلك بمشيئته
تمتم بصوت خفيض وانامله بدأت تقوم بفعل أشياء وقحة
- اعلم ذلك
اشاحت بيديه على الفور من جسدها وقالت بسخرية يتخلله الألم .. كأنك قمت بنثر الملح على الجرح
- الى متى عامان ام اكثر
انتظرت اجابته وهى تتفرس معالم وجه الجامدة الجليدية .. وقت إجابته طالت لتنهض من الفراش وهي تمتم بصوت خفيض التقطه أذنيه
- علمت الاجابة
أعادها للمرة الثانية للفراش بقوة اعنف من المرة السابقة .. لم تتألم الآلام التي في داخلها اكبر بكثير من الآلام الجسدية .. تجمعت العبرات نحو مقلتيها وقالت بصوت متحشرج
- ظننت اننا اجتزنا الماضى معا لكن يبدو اننى اخطأت
أحاط جسدها بذراعيه وهو يكبلها بقوة وصاح بجمود وهو يفيقها من دوامتها
- ليــان
لكن هى لم تكن معه .. كانت فى عالم آخر .. تراه كطيف الخيال ،مرآه عاكسة لا تستطيع ان تلمسه .. حروفها غير مرتبطة ببعض لكنها جاهدت في إخراج حروفها ظاهرة وهى تتلوى من جسده الصلب الذي يأسرها
- كان يجب على الا اكون متسرعة في الحكم ، انا وانت ما زلنا فى بداية الطريق من يعلم ربما تحدث أشياء تجعلنا نفترق
صاح بغضب من تلك المجنونة .. فراق !! .. هل هي واثقة انهم سيفترقون مرة أخرى بعد تلك الايام المجونة وجعلته يمسك بـ نجمة عالية في السماء
- ماذا تهذين
انتحبت بصمت وهي تقول بمرارة
- لست اهذى .. حسنا اتعلم انا لا اريد اطفال ايضا حياتنا معقدة ووجود شىء يربطنى بك ستجعل الحياة لن تسير بشكل جيد
لحد الان يكفى .. صاح هادرا بعنف وهو يهزها من كتفيها بقوة حتى شعرت أنه سيخلعه
- اللعنة ما تلك الهرائات اخبرتك اننى لست مستعد لذلك
تقابلت نظرات عينيه الداكنة من ثورة انفعاله ببندقيتها الحزينة .. رسالتها كانت معاتبة مؤلمة وهو يشعر كأنه يستقبل بخناجر نحو موضع قلبه الذي ينبض عشقا بها بزوجته الشرقية .. صوت صفير حاد اخترق اذنه بعد حديثهم لتلقي هى قنبلتها الموقوتة قائلة بسخرية
- ومن يعلم ربما لن استطيع الانجاب
شدد من ضغط ذراعيه على كتفها .. تصلب جسده وهو عاجز عن الرد لوهلة .. لماذا يندم الآن لقد اخبرها انه لا يريد اطفال .. اختار وقت ومكان غير مناسبين ابداً ، كان ناقشها حيث عودتهم
زمجر بعنف وأسنانه تصطك بقوة
- ليان توقفى
رغم جسدها الذي ارتجف من نظراته المرتعبة ، رغم ذراعيه التى تشعر وكأنه ينتزع لحم منها ، رغم انها هى الجانب الأضعف عاطفيًا وجسديًا صاحت بعنف لا يتناسب ابدا مع كل الضعف الذي احتاجها
- لماذا اتوقف ها اخبرنى ، انا لست مثلك لست متكتمه واحاول الاحتفاظ بداخلى لا يوجد لدى تلك القوة الرهيبة التى تمتلكها انهار لو حاولت الصمود
ظنته سيثور .. أو يعاقبها او ان يفعل اى شىء .. يغادر مثلا لكن ذراعيه بدأت ترتخي ثم ما لبث أن تنهد بحزن
- هل تظنيني جماد اشعر بالغرق يا ليان هل تتخيلى اجيبينى أخشى الفقدان يا ليان ارتعب منه
كل حرف يخرج من جوفه يشعره بأنه يخرج كل ما يجول في صدره .. كلمات عادية للغاية لكنه تعبر عما يحدث من براكين وثورات لا تخمد ابداً
اعتقل خصرها بذراعيه ثم دنا منها وهو يضع رأسه على صدرها .. أغمض جفنيه وهو يتأوه بصوت خفيض عندما مدت أناملها وهي تعبث بخصلات شعره .. شدد من معانقه خصرها بقوه حتى شعرت ان عظامها ستتحطم لكنها لم تصدر أى صوت
طبعت قبلة على جبينه وهى تهمس نحو الذى غفى كالطفل الصغير الذي يريد معانقة والدته عند النوم
- اتفهمك
........................................
نظرت الى المرآه وهى تتفحص ثوبها الأحمر .. لا يدع للمخيلة شيئا .. أغمضت جفنيها وهى تجلس على الكرسي المقابل للمرآة وهمست بحنق
- غبية غبية هتفضلى طول عمرك كده
فتحت جفنيها وهى ترى صورتها أمام السطح العاكس .. المشكلة بها هى وليست فى الرجال .. هى السبب التى تجعل بمن له قيمة ولا قيمة له بالاقتراب منها ..
ماذا سيظنها الآن .. تحاول إثارته وتغويه ؟! .. سيفكر عقله كذلك بالطبع بسبب مشاكسته على نعتها بالطفلة .
لم تكن لترتدي ذلك الثوب الذي اشترته من ضمن مقتنيات جهاز العرس لشقيقتها .. تذكرت حنق والدتها حينما اخبرتها انها تريد شراءه حينما رأته معروض فى احدى المتاجر .. لكن لماذا جلبت ذلك الثوب والثوب الآخر ؟!
تحاول جاهدة تذكر مناسبة لجلبهم معها في سفرها .. زفرت بتأفف وهي تقوم من المقعد وتنظر للمرأة .. ليطرق رأسه في الحائط لا يهمها رأي احد .. كانت ترتدي ذلك الثوب فقط وهى كانت متأكدة من عدم مجيئه أو وجوده .. ارتدته للاحتفال رغم رفض ليان الا انها اصرت وارتدته ..
مجرد فكره او اقتراح وهى تخبرهم بأن الجميع مجتمعون انها ستقوم بوضع اغانى هادئة وأخرى صاخبة لكي تغير ذلك الوضع الكئيب و الروتينى فى المنزل .. رفضت الجده وعم زيدان وعم حمزة لكن مع وجود علياء استطاعت ان تستميل قلب والدها وهي استطاعت أن تستميل حمزة وتبقى الدور الجدة لتقوما بوضع ليان أمام المدفع وياللعجب وافقت الجدة ...
كان يعاملها عم زيدان وكأنها ابنته لم تظهر أي علامة من الحنق او التكبر او العنجية من ذلك الرجل الثرى ذو الملامح الجذابة .. تشبهه علياء كثيرا اما الآخر رغم اختلاف حدقتي اعينهم لكن تشعر أن شيء شرقي يتغلف نحو طابعه المتحررة ..
زجرت نفسها بعنف .. أفيقي يا فتاة ماذا تظنين … إنه قبطان ماجن يكبرها بسنوات كثيرة .. لن يفكر بها وان فكر سيفكر في جسدها فقط .. يكفى تلك النظرات الحارقة وانامله التي تريد بترها عندما احتضن خصرها ..
خلعت ثوبها بعنف وألقته على الارض باهمال والتقطت منامة هادئة تشبه الأطفال وتوجهت نحو الفراش
شردت نحو سقف غرفتها وهي تقنع نفسها كلها عدة أيام وستعود مرة أخرى لموطنها الدافىء الحبيب ..
لن ترى العائلة سوى في المناسبات فقط وذلك ان حدث .. وانتى يوجد لديك مستقبل ستنتبهين إلى عملك ستقومين بفتح معرضك الخاص وبعدها يأتى عريس الغفلة .. سيكون بملامح مصرية مثل ابطال الروايات ..
زجرت نفسها للمرة التي لا تعلم عددها بعد تلك الكارثة التى حدثت لها .. ستتوقف عن قراءة تلك الروايات الوردية
همست بها بأصرار شديد قبل ان تستسلم لسلطان النوم .
.................................................
المياه تنهمر علي جسده بقوة .. يحاول إخماد تلك النيران التي اشتعلت بسبب تلك المغوية
استند بكلتا ذراعيه على الحائط وهو يخفض برأسه للأسفل ..
سب نفسه بعنف من كل الأفكار الدنيئة التى تدور فى خلده .. وما هو الثوب القادم هل سيكون ارجواني ام ابيض ؟!
- يا الهي حقا يكفى ذلك أصبحت تفكر فى لون الثوب القادم
ضم قبضته وهو يضرب الحائط بعنف وأنفاسه تتثاقل بشده وصورة الثوب لا تبارح مخيلته ..
خرج من المرحاض ويلتف حول خصره منشفة تقدم نحو المرآة وهو يتأمل صورته العاكسة
سيصل للعام الثلاثين ولم يتزوج بعد .. لن ينكر انه يحتاج الى امرأه فى حياته لكنه ليس مؤهلا بعد .. لم يجد مرسى النهاية
من بين كل النساء اللاتي عرفهن لم تمس واحدة منهن شيء في داخله .. ربما لأنهن تعلمن انها من اجل المتعة فقط وان الفترة مؤقتة ؟!
ارجع بخصلات شعره للخلف وهو يتنهد بحرارة التقط ملابسه وهو يرتديها فى عجاله ليخرج للشرفة وهو يشعل لفافة التبغ علّ ذلك يوقف عقله عن صورة صاحبة الرداء الاحمر ..
لا يريد التهور معها لأسباب عدة .. شرقية .. تعتبر من العائلة .. ما زالت طفلة وايضا لن تدعه فرصة واحدة للاقتراب لقد صفعته حينما اقترب منها .. تربيتها وعاداتها وتقاليدنا مختلفة عنه لذلك هى مستبعدة نهائيا وخصوصا انها لا تصلح ان تكون حبيبته ...
استند على حافة سور الشرفة وعيناه تراقبان النجوم .. ضيق عيناه قليلا وهو يرى النجوم أشد توهجًا وبراقة جعله يتمتم
- وانت يا عزيزي من ستكون هى نجمة القطب الخاصة بك
...............................................
كل شخص جالس فى مقعده لكن عقله فى وادى اخر ..
خرجت ليان بصحبة علياء وشقيقتها لرؤية القرية .. الطبيعة تجلب الدفىء والراحة والاسترخاء .. تلك الأشياء ستساعدها لفترتها القادمة ..
ابتسمت عندما وجدت سارة تمسك بذراعها و يديها الآخر تتمسك بعلياء
كان الطريق كله ما بين مزاح علياء وسارة وهي تجيب باقتضاب وتبتسم لكي تخفي توترها
صاحت سارة وهى ترفع الكاميرا الموضوعة حول عنقها
- هيا يا فتيات لنلتقط صورة
ما بين المرح والطعام والتصوير قضى يومهم سريعا ليحل وقت العصرية وهن جالسات بجوار البركة
تحمست علياء وهي تقوم من على الارض
- حسنا يا فتيات سنقوم بلعب لعبة
التفت سارة وليان باهتمام لـ تتساءل ليان بتعجب
- لعبة ماذا ؟
- مجرد أسئلة هيا سأبدأ
هزت علياء كتفيها بلا مبالاة وقالت
- مجرد اسئلة هيا سأبدأ بك ليان كونك اصبحت من عائلة الحديدى كيف تصفين لنا الزواج
ابتسمت بتردد وهي ترد ببساطة
- مسؤولية
ارتفع حاجبي علياء وقالت في دهشة
- فقط
اومئت ليان مجيبة
- نعم مسؤولية وتحمل
هزت سارة رأسها بلا مبالاة وكأنها متوقعة الاجابة .. التفتت علياء لسارة وقالت بمشاكسة
- حسنا لننتقل الى الشقيقة الاخرى سارة ماذا ستختارين الحب ام الصداقة
دون أدنى تردد أو استغراق بعض الوقت للتفكير اجابت
- صداقة
مالت شفتى علياء بشبح ابتسامة صغيرة وهى ترد بمكر
- ماكرة الصداقة تتحول تدريجيا الى الحب
لم كل تلك العائلة تفكيرها منحرف ؟ همست بها ليان فى خفوت دون ان تسمعها سارة التى جلست بجوارها ..
حركت سارة رأسها بدون علامة ثم قالت بخبث
- حسنا حسنا وانت يا علياء كونك عارضة أزياء هل يوجد شخص هنا ام هنا
ضحكت بقوة ثم ما لبثت ان هدأت فى ضحكاتها وهي ترد بابتسامة
- للاسف لا .. رغم كونى عارضة ومن الطبيعى ان يكون لى حبيب لكن ابى يقف لكل لمن يتقدم نحوى بالمرصاد ان تقدم خطوة نحوى فإنه يلعب بعداد عمره
ابتسمت الشقيقتان على حماية الاب لأبنته .. قالت سارة وهى تجس نبضها من كل تلك التحكمات التي يصدرها الأب في سبيل حماية ابنته
- السيد زيدان هذا رائع ، لمن الا تشعرين انه يخنقك و يقيد حقوقك
تريثت علياء قليلا قبل ان ترد
- فى الواقع فى بداية الامر كنت اكرهه بل لا اطيقه لكن بعد ذلك اعتدت عليه .. بل اصبحت جميع زميلاتى تحسدن علىّ بسبب وجود شخص كوالدى يخشى علي إن اصابنى مكروه
التقطت سارة عدة حصوات صغيرة لتقذفها فى البركة ،، صموت خيم المكان حولهم وكل واحدة منهم شاردة .. انتشلتهم علياء من شرودهم وقالت بمكر
- ليان لما انتى شاردة
همست فى خفوت وكأنها تحدث نفسها
- اتعلمين عندما تزوجت زين توقعت ان عائلته ستثور وتغضب كون اننى شرقية وليست من عالمه لكننى تفاجئت من تقبلكم جميعا لى وكأنكم كنتم تنتظروننى
ضحكت علياء ضحكات مجلجلة وهى تقول بصدق
- فى الحقيقة نعم كنا ننتظرك يا سيدة ليان الحديدى .. اتعلمين جدتى تقول حينما يتزوج زين ستنحل لعنة عائلة الحديدى
ابتسمت كلتا الشقيقتان ، لتصيح سارة فجأة وكأنها تذكرت شيئا ما
- بمناسبة الجدة هل حقا تزوجت رجل مصرى ؟!
برقت عينا علياء بوهج وابتسامة حالمة زينت ثغرها ، لتجلس على الأرض وهي تسرد قصة قديمة طال عليها الزمن
- نعم كانت تخبرنى عن قصة حبهم العظيمة والخالدة ، كان ذلك منذ زمن بعيد حيث هناك شاب شاعر مصرى جاء الى قرية جدتى بالصدفة والتقى بها فى حقول القمح وهنا تبدأ المفرقعات النارية نظرة ابتسامة لقاء والنهاية بالزواج ولكن للاسف القس لم يوافق على ذلك الزواج حتى وقتها حاول أهل القرية قتله .. لذلك هربا الحبيبان الى بلدة اخرى لكن اصحاب النفوس السيئة لم يهدأ لها بال حتى ان يقتلوا ذلك الرجل وبالفعل مر فترة قصيرة على زواجهم وقُتل ليلا وهو فى طريقه العودة للمنزل .. أبلغت جدتى الشرطة لكن لم يحدث شىء للجانى فقد اختفى كالزيبق وهكذا انتهت حب القصة العظيمة
تمتمت ليان بألم
- يا للقسوة
عبست ملامح سارة بألم ، ليست الحياة وردية كما كانت تعتقد .. صدمة ألجمت لسانها عن التحدث
رنين هاتف علياء انتشلها من شرودها لتجيب علياء ببساطة
- الو خالد نعم عزيزى سنعود خلال دقائق لا تقلق
بعد انتهاء المكالمة القصيرة التفت اليهم وهي ترفع حاجبها الأيسر بتساؤل لتنفجر الشقيقتان فى الضحك تحت نظرات علياء المندهشة
- ماذا لما تضحكان ؟
التقطت سارة انفاسها المسلوبة وهي ترد
- لما لم يفكر عم زيدان بتغير اسمائكم لانكم حينما تنطقون اسمائكم اشعر اننى سأموت من الضحك
ابتسمت علياء ببرود واجابت بحنق طفولي
- ظريفة للغاية هيا بنات لنعد للمنزل
تمسكت ليان بكف سارة وعى تلاحظ هناك خطب ما بها ، همست فى خفوت
- مالك
هزت سارة راسها بالنفي وردت فى خفوت
- هبقى احكيلك بعدين
هل تطور موضوع ذلك السمج معها ؟ ، بفضل زين اصبحت تقصر فى حق شقيقتها حتى برغم انهما يعيشان تحت سقف واحد .
..................................................
اغلقت باب غرفتها بهدوء وهى تخلع حجابها لتلقيه على طاولة التزيين بلا مبالاة وكنزتها الأخرى شاركت حجابها وعقلها يعمل ويفكر كالطاحونة فى شقيقتها التى اختفت معالم وجهه البراقة .. منذ ليلة وضحاها تغيرت ليست تلك المندفعة والمجنونة حينما اتت اليها
- تأخرتى
صوت رجولى صارم جعلها تشهق بفزع وترتد عدة خطوات للخلف .. وضعت راحة يديها على صدغها وهي تلتقط انفاسها ..
رفعت عيناها نحو الجالس على الفراش وذراعيه معقودتان على صدره .. تمتمت ببرود
- تعلم انني سأقضي اليوم فى الخارج
- لما لم تأخذى هاتفك
صاح بها بجفاء .. ووصلة التحقيقات لن تنتهى .. اول مرة تراه يأخذ وضع الشرطى والسارق .. ردت بهدوء وهى تحاول تمرر الليلة على خير
- لقد نسيته
صاح بتعجب وهو يقفز من على الفراش ويتقدم نحو الساكنة التى تتسع عيناها ذعرا من نظرات الشرر التي يوجهها نحوها
- نسيتيه ؟!
لف ذراعيه حول خصرها وهى تشعر بتذبذبات تنتقل اليها
- زين انا متعبه اريد النوم
احتضنها نحو ذراعيه وانامله تفك ازار قميصها ليطبع قبلات متناثرة حول عنقها إلى صدرها
- ما بكِ ؟
همس بها أمراً وليس سؤالا .. حاولت أن تبعده عنها لكن ذراعيه كانت كـ الكماشة .. القى قميصها على الارض لتشهق بقوه وهى تراه يتوجه نحو بنطالها
ابتعدت عنه بسرعة تحت نظرات عيناه الغير مبشرة بالخير و همست بتردد
- اخبرنى انت اولا ما بك
لم يرد بل لم يكلف عناء الرد على سؤالها ،، نظراته الوقحة تتفحص جذعها العلوي الشبه عارى بنظرات جعلت وجنتيها تشتعلان من الخجل .. فكرت بالفرار وبالفعل لم تخونها ساقيها تلك المرة لتسرع متجه نحو المرحاض .
ابتسم بخبث وهو يراها تتحول كالفراولة الناضجة ، ما زالت تخجل منه رغم لياليهم .. انطلق بسرعة الفهد وهو يسحبها من ذراعها قبل أن تصل الى باب المرحاض .. الصقها نحو الجدار وأشرف عليها بطوله الفارع قائلا بنفاذ صبر
- كفى حقا ماذا تفعلين
أغمضت جفنيها وهي تمتنع عن النظر اليه .. حدقتي عينيه الوقحة ستقتلعهم فى يوم من الايام ردت فى خفوت
- حسنا يبدو ان الحديث سيطول ولكن اجعله حينما استيقظ
انفرجت شفتيها قليلا وهى تحاول التقاط انفاسها بسبب الحيز الصغير التى اصبحت محتجزة به بفضله .. يلفح انفاسه الهادرة فى وجهها و جفنيها ما زالت مغلقة
- زين
تمتمت بها بتردد وهى تلاحظ صمته الذى طال وقته .. فتحت جفنيها لتراه أصبح عاري الصدر .. كيف .. ومتى .. واين ؟ منذ قليل كان يرتدى قميص
احتضن وجهها بين كفيه وهو يهتف بنبرة اعتذار لمستها قلبها
- اسف على ما قلته امس ولكن ليلة أمس شعرت بالفزع والقلق ان تكرر ما سيحدث لطفلى مثل ما حدث لى
تحجرت الدموع عند مقلتيها وهى تنظر الى عيناه التى تبوح بما لا يستطيع لسانه ان يقوله .. مؤلمة منكسرة حزينة ضائعة
تعلقت ذراعيها حول عنقه هامسة بتوسل اكثر كونه رجاء
- زبن بالله عليك توقف ما الذى تقوله لتلك الدرجة انت يائس .. انا وانت بخير وان كنت لا تريد اطفال فى الوقت الحالى انا متفهمه وسأنتظر .. لكن عدنى ارجوك ان لا تتركني لا تخبيء شيئا فى صدرك
دون ادنى تردد همس بصوت اجش
- اعدك
وقبل ان تهتف بشىء ابتلع حروفها بين شفتيه ، وسحبها معه الى دوامته دوامه عشقه التى لا تنتهى ، احتوى جسدها بقوة لـ يصدمها بقبلاته المجنونة المتملكة العنيفة دون أن يترك لها ثانية لتتنفس
- احبك
تمكنت الهمس فى اذنه متحررة من بين شفتيه فى لحظة خاطفة
ليرد بصوت اجش وهو يتطلع الى عيناها لدقائق قبل ان يعود لمهاجمته
- وانا ايضا احبك ليانى
.............................................
اغلقت باب غرفتها وهى تلقى بحقائب البلاستيكية على فراشها .. عضت شفتيها السلفى بخجل نحو ملابس الخاصة بالعروس لا تصدق انها سترتدي تلك الاشياء امام زوجها .. كانت تشعر بالامتنان انها لم تذهب بمفردها .. ساعدتها سعاد و سميرة في ذلك اليوم رغم رفضها بشراء تلك الأشياء الفاضحة إلا أن سعاد زجرتها بعنف وهى تتابع النظر الى باقى الثياب فى المتجر ...
رنين هاتف انتشلها من شرودها التقطت هاتفها وقبل ان ترد استمعت الى صوته الحانى
- رجعتى
ردت بهمس وهى تتفحص الثياب بخجل
- اه لسه من شوية
قال بخبث ونبرة صوته تنخفض شيئا فشىء
- اشتريتى ايه اوعى يكون اللى فى بالى
شهقت بقوه وهى ترتمى الثوب الارجوانى من يديها وصاحت بعنف
- شهاب اتلم على الصبح
صوت ضحكات رجولية قوية هزتها وارسلت الرجفة إلى أنحاء جسدها ، ليهدأ صوت ضحكاته شيئا فشىء وقال بجمود
- ندى انا قررت انقل لمحافظة تانية
- محافظة تانية !! .. فين ؟ وليه مقولتليش
صمتت بعده لحظات وهى تقول بحزن
- طب وبابا ؟
- سيادة اللوا عارف
والدها وافق هو ايضا .. لا تريد تركه في تلك الفترة .. ستنشغل بحياتها الجديدة ووالدها سيكون بعيدا عنها
- بابا هيفضل لوحده يا شهاب
لاحت ابتسامة دافئة على شفتيه وهو يرد بحنان
- هنيجى نزوره كل اسبوع
استسلمت بيأس وهي تعلم أنه يحاصرها بكل شىء
- طيب يا شهاب وامتى هنسافر؟
- بعد شهر العسل
كادت ان ترسل تحية قبل ان تغلق هاتفها لتجده يهتف اسمها بلوع
- ندى
همهمت بنعم دون ان ترد ليتابع وهو يهتف بصوت اجش زلزل كيانها
- بحبك
أغلقت هاتفها دون ان تجيبه وهي تلقيه على فراشها دون اى مبالاة ، تفحصت الثياب الفاضحة بخجل لتسرع بتخبئتهم قبل مجىء والدها ..
اغلقت باب خزانتها وهى تزفر براحة لتقفز نحو فراشها وعيناها محدقة نحو السقف وابتسامة بلهاء تزين ثغرها .. سمعت صوت سميرة وهى تخبرها بقدوم والدها .. انتفضت من فراشها وهي ترد بصوت مرتفع
- ايوه يا سميرة جاية
................................................
تسير في حديقة الجدة بدون هدف .. حل الظلام على القرية لتجلس على الأرض في طرف بعيد عن الأعين .. أسندت رأسها على الشجرة وهى تحدق نحو الفراغ صوت رنين هاتفها من رقم مجهول جعلها تتوجس خيفة ان يكون هو ذلك السمج ..
وضعت هاتفها على اذنها لتستمع الى صوته القذر .. انتفضت فجأه من مجلسها وصاحت بهدر وعيناها تحدقان شررا تقسم ان رأى حالتها سيفر من خشية ان تقتله
- انت ايه معندكش دم ها .. كل شوية تتصل بيا ليه افهم بقى يا حيوان ما تتصلش بيا تانى اوعى تكون فاكرنى مليش سند ولا اخاف من مركز عيلتكم لا يا بابا فوق كده واعرف انت بتتكلم مين انا بحذرك يا كريم مكالمة تانية حقيرة زي دي يبقى انت اللى فتحت ابواب جهنم فى وشك
اغلقت هاتفها بعنف وهى تشعر انها ترغب فى قتل احدهم ، خللت بأصابعها خصلات شعرها الثائرة وهي تلتقط أنفاسها بصعوبة بالغة ..
مرت عدة لحظات وانفاسها تعود لحالتها الطبيعية .. خطت بخطوات شبه راكضة الى منزل الجدة وهى تدعو فى سرها الا يراها احد .. اصطدمت بجسد قوى وهى صاعدة نحو الدرج
اختل توازنها ليسحبها ذلك الجسد ليصبح كدعامة لجسدها
همست بدهشة وهى لا تتوقع ذلك الشخص الذي يمسك يديها بقوة
- عمو زيدان
شاحبة وانف محمر وخصلات شعرها غير مرتبة تبدو وكأنها خارجة فى نوبة بكاء حادة .. هتف بقلق
- مالك يا بنتى
لم تكن تريد رؤية أحد .. كانت تجري بأقصى جهد كي تختبئ فى غرفتها تبكى فى صمت دون ان يسمعها احد .. ان استمرت لدقيقتين هنا ستنفجر فى البكاء ..
جاهدت في إخراج صوت واثق وشفتيها ترتعشان
- مخنوقة بس مش اكتر عن اذنك
ربت على ظهرها وهو يقول بنبرة دافئة
- لو عايزه تقولى حاجه انا زى والدك
هزت رأسها بإيجاب وقبل ان تقول شيئا ما ، بترت عبارتها مع صيحة زيدان القوية
- خالد
واخيراً شخص نطق اسمه بصورة صحيحة .. كل حرف يخرج منه ببطء وحزم .. التفتت نحو لتتفاجئ بمظهره الغير مهندم
يرتدي بنطال جينز شاحب و يعلوه قميص ترك معظم ازاراه حتى منتصف بطنه العضلى وفى يديه حامل سترة بأهمال .. اشاحت بوجهها وهي تستغفر من مظهره المهلك لها .. اللعنة يشبه احد ابطال الروايات بمنظره العابث وصدره القوى الذى يدل على أنه يمارس رياضة عنيفة ..
تمتم بصوت عميق جعل جسدها يرتعش بقوة
- مساء الخير معذرة سأصعد لغرفتى
متى اصبح قريب منها لذلك الحد وكأنه يهمس فى اذنها هى فقط .. حراره باعثة من الخلف جعل جسدها يحترق من قربه ورائحة عطره المغلفة برائحة التبغ ورائحة رجوليته أخرج عطر خاص جدا له هو فقط .. لم تنفر ولم تشمئز من تلك الرائحة ..
حانت منها التفاته نحو وجهه لتجده حدقتي عيناه الزمردية منطفئة يبدو ان صاحب تلك العينان لم يذق طعم النوم منذ ليلة امس وملامح مجهدة صعد الدرج بخفة ولم يلتفت حتى للخلف ..
- اتغير الولد ده
سمعت صوت والده وهو مستاء من وضعه العجيب
قالت ببساطة وشرود وهى تعبر عن حالها هى قبل ان تعبر عن حالة الاخر
- مفيش حد بيفضل على حاله يا عمو طبيعى كل واحد فينا هيتغير حتى لو حاول يحط قناع فى وشه كل يوم ويقول للناس انا كويس هيجى يوم والاقنعة ديه هتتكسر ويبان الوش الحقيقى
نظرات اعجاب من الاخر التقطتها عيناها ، ليقول وهو يعيد لحوار القديم قبل ان يأتي القبطان
- ها مقولتليش مالك حصل ايه
ردت بصدق
- انا محتاجة اتكلم بس لسانى مش قادر ينطق .. تصبح على خير يا عمو
ربت على كتفيها بحنان وهى تراه والدها الآخر أمامها
- طيب يا حبيبتى تصبحى على خير وقت ما تحبى تحكى اوعى تترددى لو لثانية مفهوم
وصحبت كلمته الاخيرة وهو يرفع اصبع السبابة نحوها بطريقة كوميدية لتهز رأسها وهى تجيب قبل ان تهرع لغرفتها الآمنة
- مفهوم
...........................................
شاردة محدقة نحو الفراغ ، قليلة الكلام تتجنب الاختلاط مع زملائها فى العمل .. تلك أصبحت عادتها بعد ما الحادثة .
شعرت بوجود شخص يجلس فى المقعد امامها نظرت اليه بابتسامة باهتة قبل ان يقول
- ما الأمر جاسمين جالسة صامتة كل ذلك الوقت
ردت بشرود واناملها تلعب فى قدح القهوة
- لا شيء افكر في الانتقال لبلد اخرى
اتسعت عيناه صدمة قبل أن يقول بدهشة
- إلى أين تذهبين يا فتاة بعد ما حققتيه هنا اتريدين العودة
همست بألم وهي تجاهد في إخفاء دموعها التى تحجرت عند مقلتيها
- كمال الامر صعب حقا ليست بتلك السهولة اريد البعد
همسها كان مؤلم ، رجته أن يتوقف عن الحديث لكنه لم يستمع بل قال بجمود
- ستعودين الى موطنك
هزت رأسها نافية
- كلا لن أعود لقد اصبح هذا موطنى ايضا ربما سأقوم بأخذ عطلة طويلة قبل العودة للعمل
مسحت دموعها التى انحدرت الى وجنتيها ليخرج منديل من العبوة الموضوعة على الطاولة وهو يتساءل بألم أخفاه ببراعة او هى التى لم تستمتع الى نبرته المؤلمة
- هل احببتيه حقا
- حب من طرف واحد كمال طرف واحد فقط سأعود للمنزل طاب مساؤك
قامت من مقعدها وهي تسحب حقيبتها لتسير مبتعدة شبه راكضة خارج المقهى .. راقبها بعينيه المؤلمتين حتى ابتعدت عن مرمى بصره وهو يزفر بحنق من وضعه الميؤوس منه
تنهد بألم وهو يغلق جفنيه لثوانٍ قبل ان يستدير ويعود الى عمله
- وانا ايضا جاسمين حبى من طرف واحد
..............................................
ليلة دافئة هادئة حظتها مع زوجها بعد عودته من السفر ، استلقت على فراشها وهى تحدق نحو السقف بشرود .. تأخر حملها بعد شهور طويلة من زواجهم .. ستحدثه في ذلك الأمر صباحاً ...
اصوات اشعارات من هاتفها استرعى انتباهها ، فتحته بملل لتنظر الى صاحب الرسالة المجهول عبر تطبيق " الواتس آب "
انحبست انفاسها من الرسائل التى تتساقط كالمطر ،، جحظت عيناها وهى تمرر بالرسائل بأنامل مرتجفة وعقلها يخبرها ليس هو بل شخص يشبهه ليس ذلك الشخص هو حبيبها زوجها صاحب الدقة الاولى من ينام بجوارها ويحتضنها بحميمة من يتذمر بعبوس ان لم تعطيه قبلة الصباح والمساء ليس زوجها الذى ظل يبث مشاعره المحمومة منذ عودته من السفر ..
سمعت صوته وهو يتساءل بريبة عن سبب تصنمها وهى تنظر الى هاتفها ، التفتت اليه بعيون شرسة وهى تندفع نحوه
- يا حقير يا خسيس
حاول ان يلتقط ذراعيها بصعوبة وقال بدهشة نحو التى تغيرت فجأه من معاملتها وليست تلك القطة الوديعة التي كانت تحتضنه بسكينة بين احضانه
- ليلى اهدأى
زمجرت بعصبيه وهى تدفعه بعنف
- ابتعد عني ايها الحقير لا اريد ان ارى وجهك مرة اخرى
هدر بعنف وهو يلتقطها. بين ذراعيه وكبل جسدها بقوة
- ليلـى
التقطت أنفاسها وهي تحاول الفكاك من حصاره لكن جسده كان الاقوى ، نظرت اليه بعتاب والم وهى تقول بصوت هادىء كـ هدوء قبل العاصفة
- غادر الان اذهب الى عاهرتك
لم يتوقع ان يحدث ذلك الامر بتلك السرعة ، تلك الحقيرة ستدفع ذلك الثمن جيدا ، وضع بكفيه نحو وجنتيها هاتفا بصدق
- ليلى كان فى لحظة ضعف منى
ضحكت بسخريه وهى تبعده عنها بقوة وصاحت بقوة
- وهل انا قصرت من واجباتى آدم هيا اجبني
همس بألم
- كلا
ذرعت الارض ذهابًا وإيابًا وهى تود قتله وقتل تلك العاهرة التى بعثت بصور المخلة والفاضحة على هاتفها .. ستقتلها تلك العاهرة اولا ثم ستقوم بتعذيب حبيبها ستعذبه ستريه النجوم فى منتصف النهار ثم تقتله ..
راقبها وهي تجول يمينا ويسارا تهذي بكلمات لم يفهمها وهى تشد شعرها بسخط .. توقفت للحظات ونظرات عيونهم كالحرب المشتعل
يرجوها ان تسمعه وهى لم تعبأ بنظراته ابدا
صاحت بجمود ظاهرى وقلبها يتألم فى كل كلمة تقولها
- لم أتصور في يوم من الايام انك ستفعلها ، تخوننى ادم انا
- ليلى اقسم لك حقا تلك الليلة لم اكن فى وعى
لم تعبأ الى صوته الذى يطعن الى قلبها كالخناجر ولم تنظر إلى وجه الذي شحب فجأه
عضت شفتيها السفلى وقالت بضعف
- كيف حدث ذلك وانت منذ قليل كنت ...
تركت كلماتها معلقة .. لم تستطيع أن تكمل عبارتها .. لم تستطيع لسانها خانها عن المتابعة ..
اطرق برأسه للأسف وداخله يتوعد ويشتعل لتلك الحقيرة همس بتردد وهو يحاول استمالة رأسها الصلبة
- ليلى استمعي إلى .. لم اخونك اقسم لك لم أشعر بما حدث صدقيني كنت غير واعى
ضحكت باستهزاء .. عقدت ذراعيها على صدرها وصاحت بصوت صقيع ثلجى تخبره انها لم ولن تتأثر بكلماته
- متى حدث ذلك ؟
- منذ اسبوع
إذا حدث وهو كان سفره .. وهى كالحمقاء التي كانت تعد الليالى لمجيئه وتجهزت ليلة عودته لتصبح كالعروس امامه ، طار كل شىء فى مهب الريح بعد تلك الليلة المشحونة بالعواطف والمشاعر الجامحة وقالت بجمود
- طلقني آدم
الخاتمة
تلتفت للوراء خشية أن يراك أحد ، تنظر للأمام بدون هدف .. حياة باهتة كئيبة تسير بالطول وبالعرض وهدفك مفقود .. شغفك مدفون .. ذاتك أنت مدمرة .. بقايا أشلاء تلملمها لأٱستمرار الحياة .. وتتمنى ان تكتم انفاسك .. ونبضاتك تتصارع من أجل الفناء .. في سبيل ترك الحياة الملوثة و إعتقاد أن الحياة الأخرى هي الافضل ..
من تخدع نفسك وانت تستسلم الى الهواجس والوسواس الذي يصوره عقلك المريض .. وتسحبك إلى دوامة سوداء فى رحلة اللاعودة
خرج من المرحاض وهو يلف منشفه حول خصره وفي يديه منشفه صغيره يجفف بها شعره .. ألقي نظرة خاطفة نحو النائمة بل من تصنعت النوم ، تنهد بقله حيلة وهو يتوجه نحو الخزانة ويخرج بنطال وتي شيرت
ارتداهم في عجاله وهو يخطو بخطوات بطيئة نحو الفراش .. اضطجع بجوارها وهو يلاحظ حركات جسدها المتشنجة ووتيرة انفاسها التي خانتها .. ابتسم بخبث وهو يسحب جسدها بقوة
- لياني
تملصت من ذراعيه الأسرتين وهتفت بوهن
- زين من فضلك اريد النوم
شدد من معانقته لظهرها ومال على اذنها هامسا
- ما بكِ
أغلقت جفنيها بقوة وهي تتحكم في دموعها الخائنة .. قال انه تغير وصدقته .. وعدها انه سيخبرها بما يؤرقه وهي كالحمقاء صدقته ايضا اخبرها بأكثر شيء حطمها بأنه لا يريد وجود طفل بينهم وهي تفهمت واذعنت وقبلت طلبه .. لم يطلب بل كان يأمرها وموضوع لا يقبل النقاش ثم يخبرها انه يخشى الفقدان .. بل هي التي تخشى فقدانه ..
ولكن ماذا فعل يبعدها عنه وينبذها وكأنها شخص دخيل اقتحم حياته ... ليست شريكته ليست زوجته ليست نصفه الآخر .. يعتمد على أن يحل مشاكله بمفرده .. لا تريد الضغط عليه كي لا ينفجر بها ويترك الأمر الرئيسي فالامر كله تحصيل حاصل سواء استعملت اللين او الشده لن تستطيع ان تخرج اي كلمه من جوفه ..
تمتمت بضيق وهي تشيح ذراعيه عن خصرها
- لا شيء
ونبرته كانت قوية جعلتها ترتجف
- ليان
تأففت بصوت يسمعه وهى تتصنع النعاس كي تبتعد عن وصلة التحقيقات
- انني متعبه اريد النوم
شدد ذراعيه بقوة نحو خصرها وهو يطبع عده قبل دافئه على جبينها وعنقها .. يشعر ارتجافها اثر قبلاته ليست كعلامة النفور وهذا اكثر شيء اراحه ...
مد أنامله وهو يلعب بخصلات شعرها حتى لاحظ جسدها قد استكان .. قام من فراشه وهو يتوجه نحو الشرفة عله يجد هو الآخر النعاس مثل الآخرى .
.....................................
لا يعلم كيف يبدأ معها بالحديث كل مرة يرغب فى التحدث معها تنعقد لسانه بل ان عقله يخبره انه ليس له داعي بمعرفة الأمر .. تخبره تريد انها تطمئن عليه فى كل مرت تخبره لا اريد ان اعلم ما حدث ولكن طمئني عليك .. جسده يتحفز الاجابة ولكن لسانه يخونه ويخبرها ان كل الامر على ما يرام .
شعور بالخنقة والضيق فى غرفته جعله يخرج من المنزل ويتوجه نحو مكانه وهو وابن عمه المعتاد ..
ترجل من سيارته وهو ينظر نحو جسد ابن عمه المسترخي على مقدمة سيارة الاخر وتارك المصابيح الامامية مضاءة وفي يديه لفافة تبغ مشتعله ، لم يلتفت اليه بل نظره محدق نحو السماء
صاح خالد بسخرية
- لم أتوقع وجودك هنا
هز زين رأسه يائسا وهو يشتمه بصوت خفيض جعل الآخر يحرك رأسه اتجاهه ونبرة السخرية لم تتغير
- هل ستعد النجوم معي أم يوجد سبب آخر لمجيئك
جلس بجواره على مقدمة سيارة خالد قائلاً ببرود
- لماذا لست فى المنزل ولما جئت الى هنا
قطب خالد حاجبيه بعبوس وهو يتمتم بضيق
- نفس السبب لمجيئك هنا
صمت خلل وجودهم .. كصحراء جرداء لا يوجد بها رمز ما يدل على الحياه .. سوي هدير أنفاسهم العالية هو الشيء الوحيد الذي يدل على وجود أشخاص فى تلك المنطقة النائية ..
رمي خالد بلفاقة التبغ ونظر نحو الواجم الوجه ولم تظهر اي تعابير واضحة على صفحات وجهه .. تنحنح بخشونة
- اتعلم عندما اخبرتني انك تزوجت حمستني حقا لأمر الزواج لكن ما اراه الان يجعلني اخبرك ان اكون عازبا افضل مائة مرة من متزوج
نظر اليه زين نحوه بشرود لمدة لحظات مرت كالبرق ثم مالبث ان قهقه بصوت مرتفع وهو يغمز بمكر
- هل الجدة قامت بوضع الحصار عليك انت ايضا
صاح خالد بتذمر
- لا تضحك يا رجل في كل مرة تخبرني بأمر الزواج حينما اكون فى المنزل لذلك اهرب منها .. لا اعلم ربما لو استمريت اكثر من ذلك سأجد فى الصباح امرأه بجواري فى الفراش
خفت صوت قهقه زين قائلا بلا مبالاة
- بادر انت قبل ان تجد الجدة زوجتك فتاة من القرية
رفع خالد حواجبه بدهشه وشيء خبيث يحثه على أن يدهسه اسفل سيارته ، غمغم بضيق
- وهل تظن انني وجدت فتاة
اصطنع زين التعجب وهو يغمغم بمكر
- حقا ولماذا تجلس هنا وتعد النجوم كالعاشق البائس الذي ينتظر خروج حبيبته من الشرفة
صمت .. ثانية اثنان أربعة حتى العاشرة .. ازداد عبوس وجه من الضيق للجمود .. طالت اجابته .. طالت إجابته عن الوقت المسموح له بالرد ، هل لتلك الدرجة يظنون أنه عاشق متيم لمحبوبته .. وليس شخص يلملم اشيائه المبعثرة .. جاء هنا لكي يجدد روحة العابسة ليواصل اكثر علي ان يبتسم فى وجه الجميع ويخبرهم " انا بخير وفي صحة جيدة " الجميع يحسدونه رجال ام نساء عليه .. طويل وسيم ذو مكانة مرموقة والنساء تجلسن أسفل قدمه تنتظرن اشارة منه.
هتف بسخرية وهو يخرج لفافة تبغ أخرى ويشعلها
- لا اصدق يا رجل هل التقطت العدوى من الجدة
حرك زين رأسه بلا مبالاة وهو ينظر نحو المجهول .. جامد متصلب الوجه نيران ثائرة فى داخله ونقطة سوداء بدأت تتسع .. كل ما تلقاه هو النفور ، وابتعادها الليلة هل هو يأس أم أن طريق النهاية بدأ و يرسم خطوطه العريضة
صوت خالد الجاف انتشله من شروده
- قررت ان اغادر
نظر الي خالد بنظرة ذات مغزى جعل الآخر يدير رأسه للجهة الأخري .. ابن عمه قرر الهروب وعدم المواجهة لكن إلى متى سيستمر ذلك الهروب ؟
....................................
يسير بخطوات يتآكلها الغضب والحنق ، المعلومات التي جمعها عن العائلة لم يستغرق منه سوى عدة ساعات .. اب يفكر فقط في كيفية تكبير مؤسسته الضخمة و ابن تزوج فتاة متهورة لكي يتستر على فضيحتها والابن الآخر نستطيع القول انه يعيش للحياة فقط وملذاتها ..
توقف عند موظفة الاستقبال التي رحبت به ببشاشة وابتسامة عملية وكأنها إنسان آلي يحفظ فقط
- اتفضل يا فندم
قال بخشونة
- اقدر اقابل استاذ مرتضي
مطت الموظفة شفتيها وهي تنقر على الحاسوب
- فيه ميعاد سابق
رد بخشونة وهو يهتف بنبرة غامضة
- لا بس قوليله فى موضوع يخص مركزه وسمعته
ابتلعت الموظفة ريقها بتوتر ، هيئه الرجل تشبه انه علي وشك ان يتصارع مع أحدهم .. رغم ملابسه وشخصيته التي تعطيه هالة كبيرة وضخمة لكن يبدو انه اتي لكي يتشاجر .. زفرت بضيق وهي ترفع سماعة هاتفها تطلب رقم السكرتيرة الخاصة بمكتبه .. كلام مقتضب حديث لم يتجاوز العشر ثواني .. لكي تشير له للمصعد وتخبره انه ينتظره ..
أومأ برأسه عندما فتحت السكرتيرة باب الغرفة بعملية واغلقتها خلقهم لتعود مرة أخرى إلى مكتبها وتتابع عملها بكل بساطة رغم وجود تلك النزعة التي تريد معرفة ذلك الرجل الذي دلف إلى غرفة رب عملها بدون موعد .
- اتفضل
هتف بها مرتضي وهو يأمر شهاب بالجلوس
أخرج شهاب بطاقة تعريفه الخاصة وهو يقول بجمود
- المقدم شهاب عز الدين انا جاي فى موضوع يخص ابن حضرتك المبجل كريم
ازدر ريق مرتضي بتوتر .. ابنه لم يتوقف عن التصرف بتهور .. ارتمي علي المقعد بوهن وهو يغمغم
- اتفضل يا بني
جلس شهاب على المقعد المقابل للمكتب قائلا بجمود
- انا جيت هنا علشان نتفاهم فى هدوء معملش شوشورة وخصوصا مركز حضرتك واللي ممكن يتأثر مع وضعك السياسي
اتسعت اعين مرتضي ذهولا وهو ينظر إلى ذلك الشخص .. هل يهدده في مكتبه !!
..................................
راقبها من بعيد ... تعمل بجد وهي تتحرك ذهابا وإيابا من طاولة إلى طاولة أخرى .. بداخل ذلك الحمود شخص ينهار يغرق ويطلب المساعده .. وهو يقف مكتوف الأيدي لو بيده شيء كان قد ساعدها .. لكن كيف يساعدها وهو الذي عرضها لتلك الفاجعة .. جارته في الحي وكشقيقه صغري .. كانت في الثامنة حينما جائت الى جدتها لتعيش معها بعد انفصال والديها .. ناعمة هادئة جميع من في الحي يضربون لها أعظم تحية ..
والآن اصبحت انثي ناضجه اتمت الثاني والعشرون وحينما حصلت على شهادتها قررت عدم العمل في مجالها لمرض جدتها وبدلا ان تصبح في شركة مرموقة ووظيفة محترمة .. اختارت أن تعمل في احدي المطاعم القريبة من منزلها هي وجدتها ..
شريط سينمائي يعرض حياتها أمام عينيه .. نادي اسمها في خفوت
- هند
توقف جسدها حينما استمعت الي صاحب تلك النبرة استدارت للخلف وقالت برقة
- عمار .. استني خمس دقايق وهاجي
جلس على الطاولة القريبة منه وهو ينتظرها .. راقبها من بعيد وهي تتحدث مع زميلة لها ..
نظر الي نقطة في الفراغ حتى مجيئها .. رائحة القهوة التي يعشقها داعبت أنفه نظر إلي القهوة الموضوعة أمامه ونظر إلى صديقتها .. ابتسم في خفوت وهو يحثها على الجلوس
جلست بإذعان وهي تنظر إليه بترقب واعين فضولية .. لا يعلم كيف يبدأ الحديث معها وعن أي شيء تحديداً وجد نفسه يهتف
- عاملة ايه
اتسعت عيناها دهشة من سؤاله .. ردت بهدوء
- تمام الحمدلله علي فكره كلها كام يوم وهسافر القاهرة مع تيته
وسؤاله صدر بتعجب
- ليه
تنهدت بعمق واصابعها تتحرك بدون تنسيق
- بقالي فتره بتحايل عليها نسافر بما ان بابا قرر اخيرا يسبلي الشقة اقعد فيها انا وتيته وقلت فرصة اروح هناك واشتغل بوظيفة تناسب شهادتي بدل ما انا شغاله حته عامله لا راحت ولا جت فى الكافية
ارتشف القهوة وهو يتمتم بهدوء
- ربنا يوفقك
هزت رأسها ايجابا
- اللهم امين .. فيه حاجه مهمه عايز تقولها
نسي ام تناسي لا يهم .. في كلتا الاحوال كانت ستعلم بالأمر الذي يخبرها بمجيئه .. قال بوجوم وهو يراقب تعابير وجهها
- يوسف قرر يسافر
.................................
تنهدت بحسرة على فراق حبيبها .. فلذة كبدها ، يختار السفر للمرة الثانية ولكن تلك المرة بمفرده
تمتمت بحزن وهي تراه يغلق حقائبه
- يعني قررت تسافر وتسبني
زفر بحرارة وهو يتوجه نحوها ويطبع قبلة هادئة على جبينها قائلا
- يا امي لولا شغلي ما قررت اسافر واسيبك
ربتت علي ذراعيه وهي تقول بحزن علي حالة ابنها التي تغيرت مائة وثمانون درجة بعد ان الغي موضوع الخطبة الثالثة ..
رغم رفضها لتلك المرأة إلا كان مصراً ولحُوح على إقناعها .. وهي كأي أم لا تستطيع أن ترى ابنها تعيساً بعد ما حدث له .. لكنها كانت تجب أن ترفض تلك المرة لأنها كانت كالقشة التي قصمت ظهر البعير
- يوسف فاكرني مش عارفة انك بتبعد وتهرب للمرة الثانية
هز رأسه بيأس
- معنديش حل غير ده يا امي
استعطفته بحنان ونبرة يوجد بها الشجن
- ارجع لشغلك فى القاهرة بدل ما تسافر وتتغرب بره
ياليته يفعل .. لن يستطيع أن يحيي بين انظار الناس القاتلة ... رجل قد عقد قرانه ثلاث مرات وطلق .. تنهد بأسى وهو يهز رأسه بالنفي
- مش هينفع دلوقتي يا امي ، انا بعتلهم ايميل بأني وافقت على عرضهم ادعيلي يا امي
- ربنا يفتحها عليك يا يوسف بنت سامية ويرزقها عليك من وسع ويكرمك ببنت الحلال اللي تحافظ عليك
عند تلك النقطة " بنت حلال " ابتسم بسخرية وهو يقول بمرارة
- مظنش يا امي مظنش
ابتسمت سامية بتشجيع وهي تقوي من عزيمة ابنها التي تحت الصفر
- انت بس متعقدهاش وان شاء الله هتلاقي بنت الحلال
نقل دفة الحديث إلى شيء آخر وهو يلتقط حقائبه
- عمار هيكون قريب منك لغاية لما اضبط اموري هناك وابعتلك تجيلي ، يلا سلام عليكم
سارت معه حتى وصل إلى مقدمة الشقة .. احتضنها بقوة وهو يستمد منها القوة والصلابة لمواجهة حياته الأخرى التي لم تبين له الوانها .. ابتسمت سامية وهي تخفي دموعها حتى غادر من الشقة
- وعليكم السلام
قد يجد الجبان 36 حلاً لمشكلته ولكن لا يعجبه سوى حل واحد منها وهو الفرار.
ادولف هتلر
.........................................
ترجل من سيارته على الفور أمام مبنى شركة والده ، هاتفه صديقه بأن والده كالأسد الحبيس ..لم يسلم منه أي شخص من غضبه وثورته حتى الساعي كل شخص دلف إليه نال قسطا من غضبه .. رغم أن بداية اليوم كان يسير ببطء وهاديء نوعاً ما لكن جاء شخص جعل الشركة تنقلب رأساً على عقب ..
خرج من المصعد والتوتر يعتري معالم وجهه ، نظر يمينا ويساراً وهو يلاحظ الهدوء يعم المكان رغم الجو المشحون بالاسفل ..
لاحظ قدوم حسن نحوه وهو جامد الوجه تسائل راشد بجدية
- حسن ايه اللي حصل بعتني هنا ليه
غمغم حسن بضيق
- استاذ مرتضي شوية وهيولع فى الشركة يا راشد
- طب انا هروح اشوفه
تحرك نحو غرفة مكتب والده .. ألقي نظرة خاطفة نحو مكتب السكرتيرة الفارغ .. هز رأسه يائسا يبدو انها هي نالت النصيب الأكبر وغادرت ..
تنحنح بخشونة وهو يغلق الباب خلفه
- بابا
صاح مرتضي بضعف
- تعالي يا راشد علشان انا قربت يجلي غلطة بسبب اخوك
شيء آخر متوقع .. كل المصائب تأتي من شقيقه .. لطالما هو ووالده يقومان بتغطيه فضائحه ، ولكن الآن والده بلغ للذروة سئم من تغطيته ..
قطب حاجبيه و تسائل
- ايه اللي حصل وعمله كريم بيه
قال راشد بحده وهو يتنفس بصعوبة
- اسحب كل حاجه منه وسفره بره
هز رأسه إيجاباً وهو يناوله كوب الماء الموضوع على سطح مكتبه
- تمام يا والدي متشغلش بالك
..........................
لم تكن متوقعه انه سيقوم بشراء الجميع من أجل المال ، من أصغر عامل في الجريدة حتى رئيس التحرير أنكروا كل شىء عن علاقته بزين الحديدى .. وأصحاب المتاجر أصابهم فقدان في الذاكرة .. يقولون لم يروا أحد في ذلك اليوم والمتجر كان مغلقاً
رغم صاحبة المغسلة هي التي أخبرتها انه قام أحد رجال ضخم البنية بـ حمل شقيقها داخل سيارة ضخمة سوداء .. أنكرت بشهادتها أمام الشرطة
والآن يقف صديقها قائلا ان زين لن يدع الأمر يمر مرور الكرام .. يخبرها انه حذرها عدة مرات .. خرجت من مركز الشرطة وهي تجر اذيال الخيبة خلفها
طرقت بقوه بحذاء كعبها علي الارض وصاحت بعنف
- اللعنة عليه اقسم انني لن ادعك تفلت من فعلتك
لم تعبأ بنظرات الجميع الملتف حولها ، سارت مبتعده عن مركز الشرطة وعقلها شارد .. انقطع آخر ذرة امل لمعرفة موقع شقيقها
شهقت بصدمة حينما استمعت من الخلف لصوت رجولي
- مرحبا سيدة بيث
زمجرت بوحشية وهي في وضع الاستعداد للانقضاض عليه
- من انت
هز الرجل كتفيه بلا مبالاة وهو يقول بنبرة ماكرة
- ليس من المهم من أنا لكن دعيني اخبرك انه تجمعنا مصلحة واحدة
قطبت حاجبيها بضيق ورهبة من نظرات الرجل .. صاحت بجمود وداخلها يرتعش من ضخامه بنيته
- لم افهم
اشار بأصبع السبابة للخلف .. علقت عيناها نحو المكان المشار إليه لتجد سيارة سوداء فاهرة قال الرجل
- تفضلي سيدتي ودعيني نتحدث فى مكان هادىء بعيدا عن أعين الفضوليين
لاحظ الرجل جسدها المرتعش ونظرات اعينها الزائغة ، بل تتشبث بقوة علي حقيبتها والحيرة مرتسمة على صفحات وجهها
قال بنبرة واثقة
- لا تقلقي نحن نعلم أنك تريدين شقيقك و دعيني اخبرك نحن اوشكنا على معرفة مكانه
.................................
استيقظت ولم تجده .. شيء طبيعي يجب أن تعتاده اليس كذلك !! .. قامت من مضجعها بتكاسل وقررت ان تستمتع ايامها الباقية بصحبة شقيقتها .. فتحت خزانتها وهي تنتقي الثياب المناسبة اليوم ..
خرجت من المرحاض وبنظرة خاطفة ألقتها نحو فراشها .. شيء يدل على وجوده في غيابها .. هزت رأسها بيأس وهي تمتم
- لازم تستحملي انتي اللي اخترتي الطريق بنفسك
ااه زين لن تخبرني ما بك .. جملة واحدة فقط ما يجيش في صدرك لن اسأل أي سؤال آخر .. سأكتفي بالصمت وربما نفكر في حل .. احتضنك واعبث بخصلات شعرك ..
أمنية لن تتحقق الا لو كانت ستحدث معجزة وهي في انتظارها ..
نظرت الي صورتها المنعكسة في المرآة .. غشاوة رقيقة أحاطت عيناها .. لا يجب أن تظهر ضعفها .. كلا لن تبكي يجب ان تبتسم أمام الجميع و امامه تحديداً ... هي بخير لا يوجد بها شىء
تمتمت بها وهي تهدأ حالها قليلا ،،، جمعت اكبر هواء تستطيع رئتيها إختزانه لتزفره على مهل وهي تبدأ يومها الجديد .
................................
تسير بلا هدف في الصباح الباكر ، توقفت قدماها فجأه عند البقعة التي شهدت أول لقاء لهم .. ابتسمت لتلك الذكري وهي تسترجع ما حدث منذ عدة أيام .. زادت ابتسامتها اتساعا وهي تتذكر حنقه منها .. قهقت بصوت مرتفع وهي تتذكر عندما قالت " انت طلعتلي من انهي رواية " كم كنت ساذجة وهي تنظر اليه بعيون منبهرة وكأنه أول رجل وسيم في حياتها ..
تابعت طريقها وهي تراقب منظر الأشجار بأفتتان .. توقفت قدميها للمرة الثانية حينما وجدت رجل بنفس هيئته بنفس ثياب المقابلة الأولي نادت بصوت مرتفع
- حضرة القبطان
توقف الرجل للحظات عن السير .. هي نبرة صوتها تلك الشرقية الصغيرة .. استدار برأسه ليجدها تهرول راكضة نحوه
كانت تراقبه بأفتتان ولهفة ولمعة الحزن بادي على عيناها .. بلع غصة مؤلمة في حلقه وهو يراقب خصلات شعرها الغجرية الطليقة .. فاتنة
همست وهي تراقب حقيبته الخلفية
- ستغادر
هز رأسه إيجابا وهو يهمس بصوت مماثل
- نعم لقد تشرفت بلقائك يا طفلتي
عبس وجهها فجأه ، صاحت بتذمر
- توقف عن نعتي بالطفلة
- لن أتوقف فأنتي طفلتي انا
دق قلبها بعنفوان .. كلامه صريح وواضح لكن تشعر انه يرسل رسائل مخفية بين حديثه الصريح ..
طفلته هو .. تراقصت الفراشات بسعادة في معدتها واندفع الأدرينالين بقوة في خلايا جسدها .. برقت عيناها وهي ترفع بأصبع السبابة والوسطى كعلامة للتحية
- وداعا يا حضرة القبطان
يدقق النظر نحوها .. كما لو أنه لن يراها مجدداً .. يحفظ تفاصيل مخفية لملامحها حين رجوعه للعمل ..
قال بثقة وهو يرفع نظارته الداكنة عن عيناه الزمردية
- لا تقولي وداعا سأراك قريبا
تاهت فى بحور زمردتيه .. يجذبها بقوة حتي تصبح أسيرة عيناه .. أفاقت من دوامته وهي ترد ببلاهه
- ماذا
هل رغبته في تقبيلها الآن سيطفىء ناره ام يشعلها كالجحيم .. حاول أن يمد انماله ورغبة ملحة ترغب في ان يلمسها مثل المرة السابقة حينما أصبحت في أحضانه .. يرغب في ان تحتفظ أنامله ملمس وجنتيها ..
نفض سريعا افكاره المنحلة وهي يعلم إن فعل ما يرغب به عقله سيصبح قعيد الفراش لأشهر عديدة
- انتظريني سأعود قريباً
تنتظره هو يخبرها ان تنتظره .. عقلها تجمد عن التفكير من مغزى حديثه هزت كتفيها بلا مبالاة قائلة
- انا حقا لا افهم ما تلك الثقة التي جئت بها ربما لا أراك مجدداً
قطع المسافة الفاصلة بينهم وهو يهمس أمام شفتيها تحديدا
- سأحرص انا علي رؤيتك إذاً
نظرت نحوه ومفرقعات نارية تشتعل في الأجواء هل يستغل تلك الفرصة لكي يقبلها .. وتكون قبلة الوداع .. لم يفعل ابتعد عنها وهو يستدير للخلف ويتابع سيره .. توقف للحظات وهو يهمس بشفتيه
- انتظريني يا طفلتي
أغلقت جفنيها بقوة وهي تهز رأسها يائسة .. لقد قام بوضع فيروس مريض في داخلها بفضله سينتشر ويتغلغل كيانها بأكمله .. فتحت جفنيها وهي تراه يسير بكل ثقة وغرور رجل يليق به .. استدر ارجوك استدر مثل فيلم شاروخان افعلها
لم يفعلها لم يستدر بل ابتعد ابتعد حتى يأست عادت أدراجها للمنزل وهناك شيء مفقود ..
شيء حث على عقله لرؤية تلك الطفلة مرة أخيرة استدار ليجدها تسير متوجه نحو المنزل همس بصوت خفيض وهو يضع نظارته الداكنة في موضعها الأصلي
- بالتوفيق لحياتك طفلتي
...........................
فراغ احتلها منذ مغادرته .. لا يوجد مشاكسات ولا يوجد أي شيء من حديثه الوقح .. فراغ سيقتلها ... وحدة ستؤلمها بعد غيابه رغم مقابلتهم التي تستغرق عدة دقائق
ترسم بهجة لقلبها .. سعادة تكتمل في وجوده .. هل أعجبت به أم أغرمت به ؟
ومن الحمقاء التي لن تعجب به .. تكسرت ابتسامتها وانقبض قلبها ، يقول لها طفلة يعاملها كطفلة وليست انثى .. يراها طفلة
ابتلعت غصة مؤلمة في حلقها وهي تتوجه نحو المطبخ تسمرت قدميها وهي تري شقيقتها تبكي في صمت
اسرعت تجاهها وهي تربت على ظهرها قائلة بهلع
- ليان ايه اللي حصل
صوت الشهقات بدأت تعلو وترتفع .. بترتها ليان سريعاً وهي تضع راحة يديها علي شفتيها .. احتضنت سارة بقوة لتقول سارة
- اهدي يا ليان وفهميني ايه اللي حصل
هتفت ليان بين شهقاتها معذب فؤادها
- زين
ربتت سارة علي ظهرها بنعومة وهي تهمس
- ماله في ايه
- مصمم يبعدني عن دايرته يا سارة انا بدأت اتخنق ومش عارفة افكر ... الكداب بيقولي انه اتغير وصدقته ووعدني انه مش هيخبي عني حاجه بس برده مصمم يبعدني انا تعبت والله تعبت
انتحبت بمرارة ومخزون الطاقة استنفذ .. ابتعدت ببطء عن ذراعي سارة وهي تلتقط انفاسها ... سكبت سارة كوب من الماء من الدورق وقالت بهدوء
-اهدي يا حبيبتي اهدي واستعيذي بالله
التقطت ليان الكوب وارتشفته حتى آخر قطرة وهي تحاول تهدئة حالها قبل مجىء الجدة ..
وياليتها ما تفوهت بأسم الجدة في عقلها
- ليان ما بك صغيرتي
عاجلتها سارة وهي تقول ببساطة
- لا شىء نينا لقد اشتاقت الي ابي وامي
رغم الكذب الذي ينجلي بين أعين سارة ، الا أنها قررت عدم الضغط ويبدو اجتماع الشقيقتان انه شىء خاااص ، ربتت على ظهر ليان بعطف
- حبيبتي
ثم استرسلت بحيرة
- هل رأى احد خالد لكي ندعوه لطعام الفطور
همست سارة بشرود
- غادر منذ قليل
طرقت الجدة العصا بحدة على ارضية المطبخ وهي تصيح بتذمر
- ذلك الشاب المستهتر حين عودته اقسم انه لن ادعه يتناول الطعام عقابا له
- نينا اقصد غادر ومعه حقائب سفره
جحظت الجدة عيناها بذهول
- ماذا ذلك الشاب سأقص له اذنيه حينما يأتي ، هيا يا فتيات للطعام
غادرت الجدة وهي تتبرم .. ابتسمت ليان على ما تقوله الجدة .. وجهت عيناها نحو سارة قائلة
- فين علياء
تراقصت حاجبي سارة بمكر
- مع حبيب القلب الدكتور
سارة ترسم قلوب وتتنهد بحالميه وكأنها للتو رأت فارس أحلامها ، يبقي فقط قلوب تخرج من عينيها .. ضيقت ليان عيناها وهي تقول
- بنت اوعي يكون اللي في بالي
وتحول الشك ليقين حينما هزت سارة راسها ايجاباً عدة مرات
- هو
.................................
اسبوعان بعيدة عنه .. اربعة عشر يوما ثلاثمائة وثلاثة وستون ساعة .. عشرون ألف ومائة وستون دقيقة .
لم يعهدها هكذا قاسية .. بعيدة عنه لتلك الدرجة ، كل ذرة من خلايا جسده يشتاق اليه .. كيف تستطيع النوم بعيدة عنه .. رغم الأيام القليلة الذي اصر ان تنام بين ذراعيه أصبحت عادة لديه ، ينام والفراش خاوي من عطرها و دفء جسدها ..
في كل مرة يصرخ قلبه بأنه يريدها ، ان تصبح بين ذراعيه .. تستفزه وتثير خلاياه للأنقضاض عليها وهو يراها تتحرك بخفة ونعومة بين ارجاء المنزل ..
تتعلل بأنها تشتاق الي شقيقتها بل اصرت علي ان تمد مكوث شقيقتها في المنزل ولم يجد سوي القبول ..
وكل من في المنزل بمن فيهم جدته موافقة .. جدته التي كانت تصر على ليانه بأن ترتدي المنامات التي طارت بها عقله اصبحت الآن غير مكترثة بما يحدث ..
جميع من في المنزل يعلم أنها هجرت فراشه ، ولكن لم ينبس أحد ببنت شفه ينتظرون ردة فعله ..
سلام بارد تلقيه عليه في بعض الأحيان .. ومرة يراها تقبل وجنتيه او جانب شفتيه وتفر هاربة الى غرفة شقيقتها ..
تلعب على نار هادئة معه هو .. يقسم فقط إن أصبحت .. إن اصبحت بين ذراعيه وتوقفت عن التشبث بشقيقتها أو علياء طوال الوقت ..
سيحرقها كما أحرقته .. سيلقي بحمم بركانية مشتعلة تجعلها تستسلم وتستكين بين ذراعيه .
....................................
لم يصدق ان اسبوعان مرا كسنوات بطئية .. او الزمن هو الذي توقف منذ مغادرته وترك طفلته في منزل القرية .. يقنع عقله انها مجرد نزوة وانقضت ولكن العقل يعاند ويلح عليه أن يراها يرى صورها المختزنة في هاتفه .. ان علمت ان صورها في هاتفه ستحرقه وستحرق هاتفه ..
لاذعة لكن حلوة .. فاتنة لكن طفلة .. كالورد الذي يطوف حوله الشوك لحمايته .. لا هو قادر على أن ينتزع الأشواك ولا هو قادر على ان يشم رائحة الورد ..
نظر الى ساعة يده وهو ينظر إلى جميع من في السفينة .. تبقي عشر دقائق ويتوجه نحو قمرة القيادة ..
تحيات وابتسامات من السياح وهم يرون قبطان السفينة ببذلته .. يهز رأسه علامة للتحيه وهو في طريقه لقمرة القيادة
- عدت اذاً
صوت يعلمه جيدا جعله يتوقف عن السير ويلتفت الى صاحب الصوت ، ابتسم بخفه وهو يتوجه نحو صديقه المستند على السور .. وضع قبضة يده على السور قائلا بضيق
- لم أستطيع البقاء أكثر
هز الآخر رأسه كعلامة للفهم ، التفت إليه قائلا بغموض
- يبدو ان هناك اشياء كثيرة حدثت
- تستطيع قول ذلك
تسائل وعيناه محدقتان نحو المرسي والوفد السياحي تصعد الدرج
- القلب أم العقل أم كلاهما
تعمد عدم الفهم وهو يرد
- ماذا ؟
ضحك الآخر بخفة وهو يعيد سؤاله
- سبب مجيئك إلى هنا منزوع القلب ام ماذا ؟
صمت لثواني طالت عن الوقت المحدد للإجابة ، اكفهرت معالم وجهه وهو ينزع قبضة يده عن السور
- لا شيء من هذا
هز الآخر كتفيه بلا مبالاة
- اتمنى هذا
تمتم في ضيق وقدماه تتوجه نحو قمرة القيادة
- سأعود للعمل
.................................
تبحث سريعا عن تنورتها ذو اللون الأسود ، متأكده انها وضعته في الخزانة ليلة أمس قبل مجيء الآخر ..
قلبت الخزانة رأساً على عقب والنتيجة انها لم تجده .. عقلها يفكر بسرعة عجيبة وهي تفكر أين وضعته ؟!
تريد ان تجده قبل أن يأتي رغم ان ميعاد عودته ليس في ذلك الوقت تأففت بضيق وهي تخرج بنطال ترتديه في عجالة .. قامت بوضع الثياب الملقاه على الارض باهمال في الخزانة وهي ستقوم بترتيبهم حين عودتها ..
شهقت بفزع حينما استمعت الي صوت اغلاق باب الغرفة بحدة اجفلتها وارتعش جسدها وهي تنظر اليه
هيئة تشبه كالقاتلين والسفاحين من نظره عينيه الداكنة الغاضبة الحانقة .. ابتلعت ريقها بتوتر وهي تنظر الي عضلات صدره المتصلبة وقبضتي يداه المضموتان بقوة على جانبيه
هل يقتلها أم يضربها ؟! .. أتاها الرد منه وهو يتلكأ في سيره
- اسبوعان تتجنبين الحديث معي وتذهبين في الصباح الباكر ولا تعودين الا في المساء وتذهبين الى غرفة شقيقتك
تراجعت عدة خطوات للخلف كالغبية تعمل بدون عقل ، تنظر الى باب غرفتهم بيأس وتنظر إلى باب المرحاض بأمل
رآها وهي تنظر الي المرحاض .. التقطها بسرعة .. جعله يبتسم بخبث وهو يقترب بخطوات سريعة جمدتها وشلت عقلها عن العمل ..
خرج صوتها مهزوز
- هل جئت هنا للترفيه أم أظل حبيسة الجدران ؟
فصل المسافة الفاصلة بينهما وهو يجذبها بين ذراعيه كما تمني
هتف ببرود وعيناه تتفحصانها بشوق جارف وانامله تتحسس جسدها بلهفة
- اصمتي
بللت شفتيها مما جعل يوجد لمعة راغبة وهو يدقق النظر الي شفتيها .. ازدر ريقها بتوتر وقالت بتوتر
- ستأخر في الذهاب ابتعد عن طريقي
- كلا
أغمضت جفنيها للحظة وهي تقاوم اناملة الخبيثة القادرة على اخمادها .. همست
- تنتظرني سارة وعلياء
يود ان يصمتها بأي طريقة ، تلك تذهب عقله بكلماتها في الوقت الغير مناسب اطلاقا .. مرر بأنامله من عنقها إلى عمودها الفقري وهو يشعر بارتعاش جسدها تمتم بخفوت وهو يهمس
- اخبرتهم ان يذهبوا
همست بحدة وهي تتلوي بضعف بين ذراعيه
- ماذا ، اتتحدث بالنيابة عني
- ليــان
صاح بنفاذ صبر جعل الاخري ترفع حاجبها بمكر وصاحت بنفس نبرته
- زيـاد
ابتسم وهو يلف خصله من شعرها الفحمي حول إصبعه ..همس بجانب اذنها بصوت أجش بعثرها
- اشتقت لسماع اسمي بين شفتيك
رمشت عدة مرات غير مستوعبة انه قلب الطاولة همست بتوتر
- زين ماذا تفعل هل اا
توقف العقل وأصدر القلب فرمان بسرعة التنفيذ .. اعلنت الحرب بين قلبه وجسده وهو يهجم عليها كالطائر الجارح الذي التقط فريسته ..
ينهل ويروي من شهد شفتيها وهي ساكنة جامدة تستوعب انه يقبلها .. اقتنصها من الارض وهو يرفعها بين ذراعيه ، يلح عليها بقبلاته ان تبادل شوقه بشوق آخر ..
أحاطت ذراعيها حول عنقه ورفعت راية الاستسلام بعد ثواني من بدأ الحرب .. ترحب عاطفيته وبعض العنف من اشتياقه بصدر رحب ..
يقبل جفنيها وجنتيها ثم يعود بتعطش الي شفتيها ، ارقدها على الفراش وهو يعتليها .. لحظات يبث كل شخص شوقة بطريقته الخاصة
استطاعت ان تهمس في اذنه بعد صراع عنيف من شفتيه هامسة بصوت واهن
- زين الهاتف
أصدر زمجرة عنيفة وهو يخرسها مرة أخرى .. كيف لم يستمع لصوت الهاتف وهي تسمعه .. يدق الهاتف بإلحاح وهو غير عابىء حواسه كلها مرتكزة نحو التي بين ذراعيه ..
انفلت بصعوبة وهو يدعها تلتقط انفاسها المسلوبة ليلتقط هاتفه من بنطاله وهو يجيب بحدة
- ماذا
ازدر لعاب الحارس وهو يعلم ان الجميع سيقتل ان علم الجميع تلك الكارثة التي حدثت منذ قليل .. هتف بصوت مرتجف
- سيدي لقد هرب الرجل
للحظة تمني زين ان تكون تلك مزحة او خدعة ليختبرون قدرته على المزاح ، رغم كلتا الحالات سيعاقبه ويعاقب من معه .. ألقي نظرة خاطفة نحو التي تعيد ترتيب شعرها المبعثر ..
انقبض قلبها بقوة وهي ترى وجه آخر لم تراه من قبل .. إن كان الغضب والحنق الذي تستقبله منه فهو نقطة من بحر ما تراه الآن
شيطان تحول لشيطان .. تلبسه جميع الشياطين في جسد شخص واحد ..
وجه ببصره نحو الفراغ وهو يشيح عيناه عنها .. حواسه انغلقت واسودت عينيه لبرهة من الزمن .. والاخر يتسائل في خفوت وتوجس ان كان معه ام لا ..
وهو ظن أن كل شيء يسير على ما يرام وستنتهي بنهاية سعيدة ، مخطىء تماما لأن النهاية السعيدة هي للقصص التي لم تنته بعد .
تمـت بحمــد اللـه