القائمة الرئيسية

الصفحات

🌺🌺روايه حدث بالخطأ🌺🌺 سلسلة "حينما يتمرد القدر" بقلمي "دينا العدوي"(ملاك) ♥ البارت السابع والتامن ♥ كامله على مدونة النجم المتوهج للروايات

 🌺روايه حدث بالخطأ🌺🌺                      

سلسلة "حينما يتمرد القدر"                       

بقلمي "دينا العدوي"(ملاك)                    

♥ البارت السابع والتامن  ♥   

كامله على مدونة النجم المتوهج للروايات                  

🌺🌺🌺🌺

                      

مع بزوغ فجر اليوم وتسلل أول خيوط شمس النهار 

                     

 تسللت ميار من فراشها ، بعد ليلة جامحه قضيها سويًا،  ليلة منحت فيها بكل كيانها وعشقها رغم الألم الذي شطر قلبها، والغريب أنها تلقت منه مشاعر ثائره، ملتهبة، مع همسات بالعشق لم يرددها لها قبلًا،  همسات كانت كالسياط ترجم روحها ويلتاع لها قلبها رغم جمالها وتمنيها سماعها منه سابقًا، ألا أنها كانت حارقه،  تخترق مسمعها فتدمي روحها آنين، وعقلها يموج بداخله تلك الخاطرة؛ أنها ليست المعنيه بها بل غيرها،  كان قربه منها تلك المرة كالجمر يحرق جسدها بلمساته التي كانت سابقًا تنتشي بها ويرتعد لها وجيبها، وتُحلق بسماء العشق من روعة احساسها بها، إلا أنها اليوم كانت تسحقها، تدميها، وتلقيها بأجيج نيران ملتهبة لظنها أنه كان يراها أخرى لم ينالها،  يبث لها عشقه بدلًا منها وصورتها ترتسم بمخيلته،  مما جعلها تشعر بالتقزز والنفور من ذاتها وجسدها وهي تتلقى عقابها بكل تلك المشاعر التي داهمتها حينها، لتهرع ألي المرحاض وتلقي  بذاتها أسفل المياه دون ان تنزع ثيابها، تنتحب بصوت مكتوم وهي تنزعها عنها، تغسل جسدها من أثر لمساته الحارقة لها، حتى انتهت وانتهى هو معها، حينما اعتراها الندم لذاك الوهن الذي تملكها ليلة أمس، لتهون عليها روحها وروح صغيرها وتفكر بالانتحار والقتل،  لذا حسمت قرارها منذ أمس لا من مكان له بحياتها بعد اليوم...

                      

وپأصرار وتصميم للفظه من حياتهما هي وصغيرها،  خطت خطواتها المتسللة اتجاه خزانة ثيابها واخرجت حقيبة صغيرة جمعت فيه حاجيتها،  وارتدت ثيابها واخرجت ورقه وقلم وبدأت تكتب له بألآم قلبها:- 

                      


"  أنا راحلة وسأخذ معي آلامك واحزانك الذي تسببها لك قربي،  انا راحله وسأنزع عنك قيدك وآحررك من التزامك نحوي الذي يفتك بك،  لتكون حرًا وتنال من تعشق،  ليتك اخبرتني قبلًا أن هناك اخرى تملك قلبك،  بدلًا ان تمنحني املًا زائف، جعلني على استعداد الانتظار حتى استطيع اقتحام قلبك ، دون أدراك أن قلبك ممتلئ بغيري، الأن فقط استسلمت، فالعشق لم يكن يومًا جبرًا، لذا الأن اقول لك وداعًا، وداعًا جعلته يليق بي،  وداعًا جعلته عقابًا لي 

                      

وانا استقبل منك وصالًا ادمى روحي وحطم قلبي بقسوة وأنا استمع لكلمات عشقك الزائف الذي يجلدني وأنا أدرك انني لست المعنيه به، وبرغم ذلك استقبلته واحترقت بنيرانه، حتى اتذكر تلك الليلة ما أن يحن قلبي لك يومًا، لذا وداعًا أخير، اتمنى لك السعادة به من كل قلبي، رغم الحزن والألم الذي اعطيتهما لي"....  

                      


بقدر ما كانت تلك الكلمات مؤلمه لقلبها إلا  انه عينها لم تذرف دمعه واحده فقط الصمت والتبلد والجمود هو ما تغضنت به ملامحها، ذاك الصمت الذي يعد ابلغ انواع الألم 

                      

وببطء مميت نزعت عنها خاتم زواجهما ووضعته فوق وداعها، ثم نهضت وجذبت حقيبتها وخطت اتجاه الباب، إلا أن جسدها خذلها وأوقفها تلقي نظرة اخيرة عليه،  لعلها تتشبع من ملامحه التي ستبيت محرمه عليها،  تحريم قررته بذاتها،  تحريم ستعاني أثره،  لكنها ستفعله...

                      

  وبعد لحظات مرت وجحافل بين القلب والعقل،  اتفقا وأخيرًا على المضي قدمًا وغادرت، هبطت الدرج واستقلت سيارتها الى وجهه جديدة بعيدًا عنه،  تحاول فيها لملمة شتات ذاتها المبعثرة.... 

                      

***

                      

 في هذا الوقت كانت سارة كعادتها تنهض مع اولى خيوط النهار حتى تنهي أعمال المنزل قبل ذهابها للمدرسة، وما أن انتهت حتى خرجت مسرعة هاربه من حماتها وألحاحها للذهاب الى تلك الدجالة التي تنعتها بالشيخة المبروكة والتي تصر عليها للذهاب اليها، فقط تنتظر ريثما يعود عمرو في اجازته المعتادة يومي الخميس والجمعة، ليجد هو حلًا معها،  من المؤكد أنه لن يرضى بهذا الجهل والتخلف، لذا ستحتمل وتهرب منها، حتى مرور اليومين الباقيين على خير، لذا خرجت من المنزل واخيرًا تستنشق الهواء وكأنها كانت تختنق بالداخل، وبدأت بالسير اتجاه المدرسة في وقتها المفضل وساعتها المفضلة وهي تنخلي مع ذاتها، فاليوم رانيا لن تأتي الى المدرسة، لذا هي وحدها وكم تحتاج الى هذا، تحتاج الى وقت مستقطع بعيدًا عن الجميع، تعيد فيه شحن طاقتها من جديد للمتابعة فهي متعبه، كل ما حولها يرهقها، منذ سنون وهي تعاني، وتتألم، لم تجد الحنان سوا مع والدها الراحل، والذي تُلقي على عاتقها  ذنب موته، تعلم أنها المخطئة من البداية لو ما اصرت عليه للموافقة على عرض صاحب البيت من البداية، لو بقيت ببلدتها بجانبه لما حدث أيًا من هذا وما كانت تعاني وتتلظى في جحيم ذكرياتها ألي الأن، لكنها انخدعت ببريقهم المزيف الذي خدعها وانبهرت به، لتكتشف خديعتهم وان ذاك البريق ليس إلا لجمرات مستعرة رجمت بها، كانت شارده بماضيها كعادتها وبطفلها الذي فقدته قبل أن تراه..

                      


بينما هو كعادته خرج من منزله وقاد سيارته هو وصغيره اتجاه المدرسة، ليراها من على بُعد عدة امتار، فأدرك هويتها فورًا،  من ان رآها كعادته، هو يحفظ كل أنشًا بها، من مراقبة اشهر! مضت، ويدرك أن ما يفعله خطأ وذنب، لكنه ذنب لا يستطيع إلا أن يرتقفه، ولا بأمكانه التوبة عنه، يقسم أنه يجاهد لكبح جموحه ونظراته العاشقة التواقة لها بعزيمه تتبدد تمامًا ما أن تقع عيناه عليها، يجد نظراته تلتهمها، تتفقد كل تفصيلًا بها، ويحدد كل تغيرًا يُلحق بها مهما كان صغيرًا،  بات يعلمها أفضل من حالها،  مثل هذه  الأيام يلاحظ فقدانها لبعض الوزن مما يدل على سوء حالتها النفسية، ترى هل تشتاق الى زوجها!، لمعت عيناه بغضب جمّ وغيرة حارقه تشتعل بين ثنايا روحه عند تلك الخاطرة وهو يتذكر كيف تكون أفضل أثناء وجوده، أنه يبغضه ويود لو ينتزعها منه واعلامها بدناءته وحقارته التي اوهمها بنقيضها، فهي لا تعلم أنه من المشاركين بنحرها، كان يعلم بالبداية بما سوف يصيبها وارتضى به، وعقد معهم اتفاق مقابل بعض من المال والزواج بالنهاية بها، فمن هو لتقبل الزواج به لولا ما أصابها، كان مجرد سائق لدى عائلة زوجته، لقد علم بالخديعة التي نصبها لها بمخطط رائع، انهم ينون الغدر بها وتزويجها من أحد رجالهم، فيظهر هو كقشة غريق تتمسك بها، كأمير ينوي مساعدتها وتهريبها والزواج منها ليحميها منهم، ووقعت هي فريسه ضحية ذئب أشتهها له، ليختلجها شعور الامتنان له، فتقرر منح ذاتها له كزوجه يريدها، ولكن هل منحته قلبها كجسدها، أم كل ما تحمله له امتنان، سيزول مع اكتشاف حقارته وزيف ما اوهمها به، أنه يخشى عليها من كشف الحقائق الذي يعلم أنها ستدميها وتحطمها تمامًا حينها وستحولها الى حطام أنثى،.... 

                      

أنثى لن تثق مجددًا؛ بعدما تكتشف أن الجميع خانها، آه من عذاب ضميره وحيرته وآلم قلبه عليها....

                      

كانت نظراته مثبته عليها وهي غارقه بذكريات ماضيها المؤلمة، ولم ينتبه كلهما لتلك القطرات من المطر التي بدأت بالهطول منذ لحظات والتي اشتدت فجأه، مما جعل سارة تسرع أسفل احدى الأشجار...

                      

بينما هو اسرع بسيارته نحوها ويتحدث ألي عمران بمكر قائلًا:-

                      

  - عمران شوف أستاذة سارة هناك تحت الشجرة 

                      

 جذب انتباه عمران الشارد باللهو على التابلت الخاص به  ذكر سارة ورفع رأسه يطالع مكان اشارة والده، بينما تابع رُحيم بذات المكر قائلًا:-

                      

  - مش دي استاذتك اللي بتحبها  والمفروض تساعدها وتعرض عليها نوصلها للمدرسة عشان الشتاء وألا تتبلل وتتعب....

                      

 اماء له عمران بموافقه قائلًا:-

                      

  - صح يا باباي لازم نساعدها، عشان انا بحبها أوي..

                      

  ارتسمت بسمه على محياه رُحيم وهو يوقف سيارته أمامها، وعمران ينزل نافذة السيارة المقابلة لها قائلًا:-

                      

  - أبله سارة تعالي نوصلك عشان المطر شديد وهيغرقك والدنيا كلها بقيت طين...

                      

بينما انتبهت سارة لتلك السيارة التي توقفت امامها وزجاجها الذي ينزلق ووجهه عمران يشرق لها، مما جعل ابتسامه ترتسم تلقائيًا على محياها من رؤيتها له واستمعت لحديثه لها، وعيناها انحدرت تلقائيًا لذاك الذي يجاوره يطالعها بنظرة جديه مصطنعة وهو يهتف قائلًا مرددًا حديث صغيره قائلًا:-

                      

  - تعالي نوصلك يا استاذه، المطر اشتد والأرض غرقت وصعب تلاقي موصله هنا، تفضلي اركبي معانا طريقنا واحد، ترددت سارة وشعرت بالارتباك وخاصةٍ لسماعها نبرة صوته تلك التي تعيد اليها ذكريات الماضي ولا تدرك لما وهي لا تعرفه زلم تراه من قبل، فقد نبرة صوته تبدو لها مميزه وتعيدها الى ماضي ترغب بمحيه، لكن مع ألحاح عمران المتكرر وهاتفه قائلًا:-

                      

  -- ارجوكِ يا ابله سارة تعالي اركبي معانا ونوصل سوا للمدرسة..

                      

جالت بعينيها بالمكان حولها بتردد تلاشى مع نظراته الراجية وطلبه لها، لتنصاع مجبره وتتقدم نحو السيارة وتصعد للجهة الخلفية، مما جعل عمران ينزع حزام الامان الخاص بمقعده ويعود للخلف قائلًا:-

                      

  - وأنا هقعد جانبك لحد ما نوصل يا ابله سارة..

                      

  ارتسمت بسمه حانيه على محياه ساره وهي تمد يديها لمساعدته على العبور من بين المقعدين بينما فعل رُحيم كذلك، لتتلامس الانامل حينها، وارتجافه تداهم قلبه العاشق لها الذي يشعر بلذة تأمل ملامحها البهية عن قرب للمرة الثانية بينما يداهمه رائحة غسولها برائحة الفراولة الذي انعشه، بينما ارتبكت سارة واسرعت بجذب الصغير الى احضانها بينما تمنحه قبله على وجنتيه، جعلت ذاك الذي يطالعهما بغيرة طفيفة من صغيره الذي حظى بما يتلهف هو له، ليبتسم ساخرًا من ذاته وافكاره، وهو يطالعهم بسعادة لرؤية لحظة عائليه مميزه تاق لها، هو وهي وصغيره معًا وأيضًا لو يزيد عليهم طفله صغيره تشبهها تمامًا وتكون نتيجة عشق وشغف متبادل بينهما، كما يتمنى أن تتحقق تلك الخاطرة وتبيت له وملكه...

                      

انتبها لنظراته البلهاء المثبتة عليها والتي احرجتها، فأزاحها عنها مسرعًا، وعاد يقود سيارته وهو يطالعها من مرآة السيارة، شاكرًا المطر الذي اختار الهطول الان ليجمعهما سويًا، حتى وصلوا الى المدرسة وشكرته بلطف وهي تترجل هي وعمران من السيارة، غافلة عن تلك العين الحقودة الذي تطالعها بتوعد ....

                      

*****

                      

 أخرجت هاتفها ريثما ابتعدت بما فيه الكافية عنه وتوقفت سيارتها أمام البناية التي تقطن بشقه بها أحدى صديقتها كـ سكن جماعي، ضغطت عدة ارقام وما هي ألا ثواني وجاءها الرد وكان آدم شقيقها، الذي كان حينها بغرفة الفندق بينما نيرة بالمرحاض تأخذ حمامًا، حينها خرج ألي الشرفة وأجاب عليها،  فهتفت قائلة له:-

                      

- أدم أنت وعدتني انك دايمًا هتكون معايا وأن كلمه مني هتكون النهاية، وأنا دلوقت بطالب بوعدك وبقولك اني حابه أطلق...

                      

بقلق ووجل اردف قائلًا:-

                      

  - وأنا عند وعدي يا ميار بس افهم ليه واشمعنا دلوقت!،  انتِ كويسه وظافر عرف بالطفل... 

                      

شيئًا ما بأعماقها رفض اخبار شقيقها عن خيانته وتشويه صورته لذا اردفت قائلة:-

                      

  - لا ما يعرفش ومش هيعرف،  ومفيش غير إني تعبت 

                      

  اكتفيت من ظافر وحابه أطلق سراحه وسراح قلبي من قيد عشقه.... 

                      

شرد بكلماتها، يشعر بأن أمرًا جلّ هو ما جعل شقيقته المتيمة بعشق زوجها ترغب بأنفصالًا يدرك تمامًا أنه سوف يؤلمها ويحرق قلبها، عازمًا على معرفته حين عودته، وسيكون العقاب بمقدار الألم الذي سببه لها، لقد صمت عنه كثيرًا، لأنه كان يري العشق يطُل من عينيه لها، كان يشعر به بكل افعاله رغم صقيعه، كان يهتم بها ويقلق عليها ويكره حزنها ويغار عليها؛ كل هذا ماذا كان يسمي اذًا!، ان لم يكن عشق!، لكن الغبي لم يدركه ولم يعترف به، مما وصل شعوره ل شقيقته التي عشقته بكل كيانها، ليدمي قلبها وينال الحزن من روحها ويغتالها شيئًا فشيء، لذا انتابه الوجل عليها وهو يدرك تمامًا ما يختلج قلبها دون بوح، كيف لا يدركه وهو يعاني مثيله، وكأن كلاهما قُدر لهما تذوق مرارة العشق وليس جمال الشعور به، لذا أخبرها أن تكتفي وتطلب تحرير روحها وقلبها من عشق ينحرهما، حتى يتمكن من أنقاذها مما حل به تأثير عشقًا أدمى روحه آنين وألقى به في نيران جحيم تلظى بها حتى احترق تمامًا وماتت مشاعره، لكنه عارضت واخبرته أنها عاشقه متيمه، بأمكانها الاحتمال والسعي حتى الفوز، أذا لما استسلمت الأن، كان هذا السؤال الذي أشغله عن الرد عليها، لتهتف هي قائلة حينما طال الصمت:-

                      

  -أدم أنت معايا!..

                      

انتبه لها فأجابها قائلًا:-

                      

  - أنا معاكِ دايمًا وفي ظهرك يا ميار واللي هيريحك أعمليه وانا ساندك فيه..

                      

 أدمعت عينيها من دعمه وحنانه، لطالما كان كالأب لها، يتفهمها ويدرك مخاوفها، انه صديقها ايضًا من تلجأ أليه ولم يخذلها يومًا لذا اردفت قائلة:-

                      

  - ربنا ما يحرمني منك يا أبيه، أنا كنت واثقه انك هتدعمني!، وعايزة اقولك اني ثبت البيت،  محتاجه ابعد وأكون مع نفسي شويه وحبيت أعرفك عشان ما تقلقش اذا  لما يكتشفوا وحد يقولك !..

                      

  قطب حاجبيه بتساؤل قلق:-

                      

  - سبتي البيت وروحتي فين!.

                      

  اجابته بعد تنهيدة ملتاعة قائلة:-

                      

  -  بالقاهرة في مبنى السكن الجامعي عند صديقه ليا 

                      

  بس يا أبيه ياريت محدش يعرف مكاني..   

                      

اجابها بالموافقة واخبرها ان تبقى هناك ريثما يعود قريبًا وحينها سوف يتحدثان سويًا،  ثم اغلق الخط وتوجه الى الداخل ليجد نيره قد خرجت وبدأت بارتداء ثيابها... 

                      


بينما هي ترجلت من السيارة وولجت الى البناية مستقليه المصعد حيث شقة صديقتها وطرقت الباب حتى فتحت لها،  فارتمت بأحضانها باكيه تروي لها ما حدث بدموع قهر تقسم ان تهبط للمرة الاخيرة.... 

                      

****

                      

تململ ظافر بالفراش، وهو يفرد ذراعيه باحثًا عن مياره، ليتفاجأ بفراشه الفارغ، فرج عن عينيه  ومقلتيه تجول بحثًا عنها بأرجاء الغرفة، ليجدها فارغه منها، اعتدل جالسًا على الفراش، بينما يظنها بالمرحاض، ودقائق  وستخرج له وتأتي لتوقظه بدلالها كالمعتاد، ارتسمت بسمه عابثه على محياه وهو يخطط أن من الآن سوف يستقبل استيقاظها بطريقة اخرى ماكره،،  راغبه،  فما ان يشعر بقدومها حتى يتظاهر بالنوم مجددًا،  لذا عاد للتمدد منتظر خروجها وهو يخطط لأمضاء اليوم برفقتها والحصول على عطله يسافران بها سويًا بشهر عسل لم يذهبا له قبلًا بسبب ادعاءه بانشغاله بالعمل،  سوف يعوضها عن جفاءه هكذا يعد حاله، وهو ينتظر،  لكن طال انتظاره ولم تخرج،  لذا عزم على النهوض واقتحام المرحاض عليها،  فقد اشتاق لها 

                      

نهض بخطوات متلهفة،  طرق على المرحاض مره واحده ولم يأتيه صوت ولا حتى استمع لهدير المياه،  مما أشعره بالقلق،  لذا فتح المرحاض،  فوجدها فارغًا وثياب نومها مُلقيه على الأرضية مبلله،  قطب حاجبيه باستغراب من كونها قد نزلت من الغرفة دونه على غير العادة،  لذا اعتراه الضيق لفعلتها تلك وتغيرها وهو من كان يخطط لشيء ما معها،  لذا ابتعد موجن نظراته اتجاه الكمود حتى يهاتفها لتصعد،  لكن نظراته ثبتت على تلك الورقة البيضاء الموضوعة مثبتًا بقلم وشيء اخار يلمع،  بات مبهم له للحظات حتى تقدم اتجاهه،  ليتضاعف وجيب قلبه توارًا وهو يتضح له، انه خاتم زفافهم، ماذا يفعل هنا!، التهم الخطوات الفاصلة يجذب الورقة والخاتم الذي عليها، ويبدأ بقرأة تلك الاحرف التي بدت كالسياط ترجم قلبه، مستنكرًا اياها، رافضًا كل كلمع بها، واولها رحيلها، اي هذيان الذي كتبته له، ومن قال لها ان قربها يقتله وانه يريد بعدها،  بدأ يشعر بالتخبط،  وزاغت نظراته واعتراه الوجل وهو يتوجه نحو الخزانة،  ليجدها خاليه من بعض ثيابها، لتصيبه حاله من الجنون والرفض وهو يرفع هاتفه للاتصال بها، لكن لا من مجيب، هاتفها مغلق، اصابه الجنون وهو يتخيل تركها له، لذا اسرع بارتداء ثيابه وخرج من الغرفة باحثًا عنها بكل مكان وكل غرفه، لعلها تكون انتقلت الى اخرى، لكت لا يجدها، حتى بدأ بالصراخ باسمها وهو يبدو كالمجذوب تمامًا، يهبط الدرج ويصيح باسمها، ليخرج الجميع على اثر صياحه موجهين سؤاله لهم عن مكانها، ليصيب القلق قلوب الجميع ونادر الذي هجم عليه صارخًا به عن ماذا يقصد بأين شقيقته، ليجيبه ظافر صائحًا:-

                      

  - معرفش، معرفش هي فين، انا صحيت مالقتهاش ولقيت جواب بتقول انها رايحه واخدت هدومها، انا معرفش هي فين!..

                      

 ما ان تفوه بتلك الكلمات، حتى انقض عليه نادر بلكمه هادرًا به سألًا:-

                      

  - عملت ايه في اختي عشان تمشي وتهرب كن البيت من غير ما تعرف حد فينا..

                      

  وكاد أن يهجم عليه مجددًا، لولا سيدرا الذي منعته هي ووالدته وسناء الذي جذبت ابنها بعيدًا عنه، حتى صدح هاتف والدة نادر، فأسرعت بالإيجاب ما أن لمحت أسم

                      

آدم الذي اخبرها بمعرفته مكان ميار ورحيلها، ويخبرها ان لا تقلق، فهي ستكون بهذا المكان ريثما يعود ويحل الامر بنفسه، لتتنفس هي الصعداء وتصيح قائله لهم:- 

                      

  - آدم عارف مكانها، هي كلمته..

                      

 اسرع ظافر بالتوجه نحوها وجذب الهاتف محدثًا أدن قائلًا:-

                      

  - فين مراتي يا ادم؟، فين ميار!.

                      

  اجابه أدم قائلًا:-

                      

  - ميار طلبت الطلاق منك يا ظافر، وهتفضل بالمكان اللي هي فيه لحد ما ارجع.. 

                      

  صدمه الجمته للحظات، من كلمة الطلاق البغيضة، رافضًا اياها، شاعرًا وكأنها سهم سيخترق قلبه ويقتله وصاح به قائلًا:-

                      

  - طلاق!، طلاق ايه!، ان يستحيل اطلق ميار، قولي مراتي فين وانا هروح ارضيها ونحل الخلاف اللي بينا وارجعها لبيتها...

                      

 بنبره بارده اردف أدم قائلًا:-

                      

  - ميار رفضت انك تعرف مكانها يا ظافر، سيبها تهدى شويه على ما ارجع ووقتها نتكلم...

                      

 صاح ظافر معترض، رافضًا ان يبقي دونها، لا يستطع ولم يتقبل بعادها، فمنذ الصغر وهي بجانبه، تلتصق به وتشاغبه، حتى اثناء الجامعة، السنه الاولى والثانية كان يرفض المبيت في القاهرة، ويحتمل مشقة الطريق والعودة من اجلها، واذا اضطر للبقاء يكون يومان ويعود، لا لن يتقبل بعدها عنه، الأن فقط ادرك ما تمثله له، وقد خسرها، لا كلا لن يخسرها، لن يسمح بهذا، هي تعشقه وسوف يحدثها ويخبرها انه  يعشقها هو الاخر وانه كان غبي، سوف يشرح له ما اعتراه وما ابعده عنها من افكار سوداوية توارى خلفها عشقه وسوف تسامحه مؤكدًا، لذا صرخ به ان يعطيه العنوان، ليضطر آدم الى اغلاق الخط وابتسامه ماكره ترتسم على محياه وهو يتشفى به، فالأن سوف يحترق قليلًا بذات النيران التي احرقت شقيقته ريثما يدرك مكنونات قلبه لها  المتوارية، والذي بدا له أنه بدأ يدرها جيدًا، لذا لن يخبره عن مكانها، بل سيتركه حتى يتلظى ويتم طهوه جيدًا حتى يدرك قيمتها جيدًا، الغبي عليه أن يعاقب ويتألم مثلما المها.....                    

بينما جن جنون ظافر ما ان اغلق ادم الخط، بينما جذبت سيدرا نادر الى غرفته هامسه له:-                     

  - سيبه وتعالى نكلم ادم ونفهم منه اللي حصل، طالما اطمنا انها بخير...                     

 أماء لها وصعد الى غرفته يهاتفه، وظافر بالأسفل يشعر بالغضب والقلق ينهش به من خاطرة تركها له....                     

يتبع ياريت التفاغل يزيد يا حلوين 

"حدث بالخطأ "

سلسلة "حينما يتمرد القدر "

بقلمي دينا العدوي "ملاك"

الفصل الثامن 

🌺🌺🌺

لما لا ندرك قيمة الأشخاص إلا بعد خسارتهم!، بعدما نتظلى بنيران الفقد، لما حينها فقط ندرك مكانتهم بقلوبنا!، غريبة تلك المشاعر التي لا تنجلي لنا وندركها ألا بعد التوق!

وكأن نيرانه فقط من تصهر جليده!..

كان على فراشه ممدًا عيناه حمراء وملامحه واجمه تغتضن بالألم السافر، وخصلاته مشعثه، يرتدي ذات الثياب من يومين، فبدى بحالة يرثى لها، والوهن قد تملكه..

يومان مروا عليه، وهن قلبه فيهما وكأنهما عامين كاملين و التوق لها بدى كـ سكين صدأ نحره، والوجل من فقدانها يطرق برأسه كحجرًا صلب، الأن فقط أدرك ماذا تعني ميار له وفكرة خسارتها تلوح أمامه، فيمسى كالمجذوب حينها، رافضًا أياها....

 أنه يعشقها بل يهيم بعشقه لها، هذا ما بات سافرًا له، مشاعره المتواريه بزغت للعلن مثل فجرًا جديد، لما رحلت بعد تلك الليله بينهما!، تلك الليلة التي كان بها معها مثلما لم يكن يومً!، كان عاشق، شغوف، متلهف لها..... 

كان يهمس لها بعشقه مع كل لمسه، لما خُيل لها عقلها أنها لم تكن المعنيه بها!، وكل كلمه كانت موصمه بعشقه لها، وعن أي عشق أخرى تتوهمه هي كما توهمهُ سابقًا!، ليدرك أن عشقه وقلبه كان لها منذ البداية، وكل ما كان يكمن بـ قلبه اتجاه نادين لم يكن غير هربًا ونفورًا من حياته بهذا القصر وساكنيه، ولولا ذلك الضغط منهم، لكانت طافت مشاعره وانجلت له ، أنه يتخبط وكلماتها تتردد بعقله وتجول به كـ عاصفه هوجاء، تدمي قلبه وتحرق روحه من شدة الألم الذي يقسم انه يعتريها ويفتك بها، لذا يريدها الأن بجانبه، يهون عليها بنفي ظنونها تلك، ويربت على قلبها المتألم بقسم عشقه لها، بأنها المعنيه بكل همسه ولمسه!، لعله يستطع رآب الصدع الذي أحدثه بقلبها ..

لقد بحث عنها بكل مكان يعرفه ولم يجدها بعد،  ترى أين هيا وفي أي مكان توارت فيه منه!، ملقيه أياه بهوة سحيقه مظلمه دونها، طيلة اليومين يبحث عنها حتى يتأخر الوقت، فيعود الى غرفتهما، يجلس على الفراش يستجدي الونس من رائحتها العالقه بوسادتها وثيابها، يعاني من السهد فيهما دون قربها، ف ـليلهُ يمسى كالجحيم يحترق فيه، فما أصعب الليالي وأقساها على العاشقين حينما يرمح الشوق فيها ويدمي قلوبهم أنين!...

حينها اقتحمت سناء والدته الغرفه عليه كعاصفه تصيح به وهي تذربد وتعربد بأنحاءها دون أدنى اهتمام به وبهيئته الواهنه تلك قائلة :-

  - أنت هتفضل كده!، قوم دور على مراتك ورجعها، حاول تصالحها قبل ما آدم يرجع، وألا الخساره هتكون كبيره، مش لازم تقبل الطلاق أنت فاهم!، وتحاول تراضيها وتعتذر لها لحد ما تسمحك وتقبل ترجعلك....

لم يعير لها انتباه وهو يجاهد لكبت لجام غضبه عنها، احترامًا لصلة الرحم، فكل ما يعانيه الان بسببها هي وبسبب تسلطها وطمعها المنفر له، كانت تضغط عليه بالزواج من ميار من اجل المال والورث وتثبيت مكانته، راغبه بالاستحواذ على كل شيء، لتجعله حينها يرفض ميار ويبغض الزواح منها فقط ليؤكد أنه ليس مثلها، ليس طامع بالمال، ذاك المال الذي هو من حقهما وحدهما، لم لا تفهم أنهما لا يحق لهما به إلا ما اخذوه من نصيب ورث جدهما، فـ عمه والد آدم وميار هو من تعب وسهر حتى كبر العمل، بينما والده هو المتسبب بخسارته فقد قامر حتى خسر، واوشك على بيع نصيبه لغريب، مما جعل عمه يتدخل ويقوم بشراء نصيبه، حتى تبيت شركة العائله تشمل العائلة واسم السيوفي فقط، لكن والدته لا تعترف بهذا، وتصر ان عمه خدع والده واستغل وضعه المادي واشتراه منه بمبلغ بخس، أو ربما لم يدفع من الأساس فلا أحد يعلم، فوالده قد مات فورًا بعد خسارته كل شيء فلم يحتمل، ولولا جده وعمه لما استطعوا العيش كما هم الأن، لقد قاما بتسديد باقي ديون والده وأعادهم الى المنزل، بعدما كان غادره والده وألتزما بمصاريف تعليمهما حتى تخرج وعمل بالشركه، وحتى عمله بالشركه لم يجعله أدم كأي موظف بها، بلا أن أعطاه أسهم بها نظرًا لجهوده تزداد مع نجاحه، لذا هو يدرك أنه لم يظلمهم احد بهذا المنزل، بل والده من ظلم نفسه وظلمهم، ووالدته لا تقتنع بهذا، فالحقد والكره والطمع يعمون بصيرتها كليًا، ليكون هو وشقيقته الضحيه، شقيقته التي تعيش كـ جسدً بلا روحًا، منذ ان تزوجت أدم رغم عشقه السافر لها، إلا انها لا تبادله مشاعره، ويدرك صبر أدم عليها حتى لا يظلمها بحمل لقب مطلقه، وجهده لأسعادها بأي طريقه ممكنه، فقط يحاول لعله يستطيع اقتحام قلبها، هو ليس غبي، يدرك ما حوله جيدًا، لكنه لم يرد التدخل معطي لأدم الفرصه الكامله، يخشى ان تخسر شقيقته وتندم، وما يعيشه الأن يزيد من اصراره على منحها الفرصه حتى لا ينحر روحها الندم مثله...

عاد من شروده على هتاف والدته الذي افقده قوة تحمله وهو يسمعها تقول:-

- انا مش عارفه ليه ربنا رزقني بشوية اغبيه سواء انت ولا اختك اللي مش عارفه تخضع جوزها ليها رغم عشقه الواضح ليها!..

أظلمت عينها من شدة الغضب وانتفض من على فراشه وكاد أن يهدر بها مفصحًا عن كل ما يختلج قلبه ألا انها لجمّ ذاته وكبح غضبها بالوهلة الأخيرة وانتفض مغادرًا الغرفه كلها، حتى لا يتفوه بما يؤلمها به...

**

الانكسار يخلق الضعف، لكنه يولد الجمود أيضًا، جمود سوف يسربلها أمامه وأمام مشاعرها نحوه، ستبيت أقسى على  ذاتها، وتنحر قلبها حتى لا يشتاق، سوف تثبت له أنها ستكون بخير دونه، لن تسمح بأن يسومها بنظرة شفقه ستريه أنها تستطيع تناسيه والعيش دونه، وأنه ليس مقيد بها بعد الأن، بأمكانه متابعة حياته كما يريد، لن توقفه ولن تمنعه، بل من حياتها ستلفظه، مادام سعادته تكمن مع غيرها 

اذًا هي النهاية لهما، وهي ستكتفي بطفلها الذي لن تسمح له بأن يولد بين علاقة زواج فاتره خالية من المشاعر مكلله بالخيانة، لن ترضيها لذاتها وستنسحب من حياته بتلك النطفه الباقيه من الكرامه التي لديها، وستخلق من ألمها قوة تعينها هي وصغيرها، هذا كان قرارها التي اتخذته  

وهي جالسة على أريكة هول صديقتها شاردة فمن خائها وخذلها وطعنها بنصل الخيبات، تضم ركبتيها الى صدرها، والدموع بـ مقآيها عالقه ترفض الاهداب فك آسرها حتى لا تبدو وهنًا، آنين مكتوم هو كل ما يصدر منها، تشعر وكأنها تحتضر، قلبها يآن من جراح طعنة الغدر الذي رشقها بقلبها بخيانته لها، يعتريها الندم على عشق منحته أياه، عشق وجب وئده بداخلها، وآلم سيبيت رفيق لياليها...


                                  


              

                    


 حتى صدح رنين جرس المنزل منبهًا عن ضيف مفاجئ انتفضت من على الأريكه بأرتياب من ان يكون هو قد علم بمكانها، وبخطوات سريعه تقدمت نحو الباب تطلع من العين السحريه، زفرة متنهده لا تدري ان كانت راحه أو خيبة أمل،  فقد تمنت لو يكون هو وقد تأثر وعانى بفراقها مثلما تعاني،  تريد أن تثأر لكرامتها المجروحه بنظرة شوق وندم يسومها بها، تخمد من نيران قلبها،  لكنها باتت تدرك ما تعني له. لا شيء .... 


 فتحت الباب للقادم الذي اشرق وجهه برؤيتها، وانتفض قلبه بنبض منعش لحالته البائسه قبلًا، يتأمل ملامح وجهها البهي الذي أشتاقه، يراها كملجة جمال توجها على عرش قلبه الجريح منذ سنون، فالحب هكذا ظالم للقلوب، ما ان تسلك دربه تأكد من أنك سلكت أيضًا درب الألم والمعاناه، فهو واعر غير ممهد ولن يصل لنهايته ظافرًا به ألا القليل، والباقي يُنحر قلبه ويتهشم ويبقي عالقًا بالمنتصف، لا هو قادر على العوده ولا على المضي، هكذا هو حاله في عشقها، حينما هدر القلب اولى نبضاته لها وقلبها هدر نبضه لغيره الذي حطمه بقسوة....


لقد آتى من اجلها، لم يحتمل أن يعلم بحزن قلبها ودمع عينيها ويبقى هناك عاجزًا، لقد آتى أليها داعمًا مواسيًا كالعادة ما أن علم بما حدث ليلة آمس من شقيقته، وهو قضى ليلهُ مسهدًا يعتريه القلق والوجل عليها، فهو الأدرى بما يختلج قلبها من ألم وجراح نازفه، لذا انتفض من على فراشه الذي بدى له كالجمر الملتهب وارتدى ثيابه وغادر يقود سيارته أليها، ليصل عند بزوغ فجر اليوم، ذهب ألى المسجد لقضاء فرضه وذكرها بدعائه يبتهل الرحمن أن يخفف عنها ألامها ويرآب صدع روحها، فلا يحتمل رؤية الحزن يرتسم محياها، فهي لا يليق بها غير الأبتسامه، وما أن انتهى حتى عاد يلازم سيارته منتظر انقضاء السويعات التي مرت عليه كدهرًا، حتى يطمئن قلبه عليها، ليشرع بالذهاب ألى مطعمها المفضل وجلب ما قد تستهويه، وجاء أليها بقلب أرهقه عشقها، أخيرًا أفرجت شفتيه عن اسر كلماته العالقه على طرف لسانه تآثرًا بهالة سحر وجودها قائلًا:-

  - صباح الخير يا ميار..

  بابتسامه باهته لم تصل الى عينيها اجابته قائلة:-

  - بخير يا ركان، أنت أخبارك أيه!... 


   لو أنها انتبهت ودققت النظر بها لرأت لمعة عيناه والعشق الكامن بها يطل منها، يطالعها كأنها ماسه ثمينه ونادرة،  يتمنى خطفها وتخبئتها بجانب قلبه،  حتى تبيت له وحده،  إلا أنها غافله عنه تمامًا منذ الصغر،  تلجأ لغيره ولا تلاحظه،  عندما تبكي كان أول من يربت عليها وهي تهرع الى الأخر،  حينما كان يضربها أحد الاطفال بمثل عمرها،  كان هو من يعاقبهم وظافر يأخذ هو المدح، هل انتبهت يومًا أنه دائمًا ما يحمل بجيب بنطاله بخاخة ربو، خوفًا وهلعًا من أن تصيبها الأزمه وتكون قد تناست خاصتها، ألم يخطر ببالها من اين تظهر حينها!، ألم تنتبه لحججه الواهيه للبقاء بقربها لعلها تشعر به، أنه كان يحوم حولها وكأنها شمسًا تمنحه الحياه والدفىء لعلها تلاحظه ذات يوم، لكنها لم تفعل 

 كانت عيناه تموج بالعشق والتوق الذي لم تلاحظه سوا من آتت خلفها، تسومه بنظرة معاتبه لمجيئه الأن، إلا أنه تجاهلها وهتف قائلًا بنبرة مرح زائف، فقد لوعه الحزن الذي اغتضنت به ملامحها-

  - كنت قريب من هنا في مأموريه سريعه وقولت أطمن عليكم ونفطر سوا وبما اني عرفت بوجود ميار الحميلة هنا جبت معايا الفطار والحلويات الشرقيه المفضله عندها واللي عارف ومتأكد انها هتقضي عليها كالعادة كلها..

رفت ابتسامه حنين عقب حديثه، حنين لماضي معها هي صغيرته الجميلة،  حينما كان يحضر لها حين عودته من الجامعه حلوها المفضله والتي كانت تنتظره بسعادة، وبسمه ترتسم على محياها ما أن تجده يترجل من سيارته حاملًا إياها بين يديه،  فتلتقطها منه وتمنحه قبله على وجنتيه وتهرع ألى غرفتها لتناولها، لتألم قلبه حينما يعلم أنها شاركت ظافر بها، شاركت غريمه بحلواه هو،  والغريب انه  كان يحضرها مجددًا فقط من اجل البسمه والقبله التي تمنحه أياها، فتجعل بارقة الحياة تلتمع في عينه مجددًا وتبدد ألام نبضه بعشقها..

أعاد دفن ذكريات ماضيه بأعماق قلبه وهو يستشعر حاجتها لضمه حنونه، يحتاجها قبلها، ففرج عن يديه في دعوه لها، لتفضي له بهموم قلبها وتختبىء من ألامها پصدره، صدره الذي لطالما كان ملجأ لها، فأذعنت صاغره لحاجتها للبكاء والافصاح ربما للمرة الاخيره، لتنسحب حينها لامار ألى غرفتها، تاركه أياهم سويًا، فهي تدرك ما يخبئه لها بقلبه من عشقًا جارف، جاهله عنه ميار التي تعده أبن خالة وشقيقًا لها كآدم، إلا أنها تدرك حدوده الذي يرسمها لسنوات عنها، فاصلًا اياها كجدار صلب امام مشاعره الحارقه له وتوقه للأفصاح بها، تخدر أصابه حواسه بضمها، وألام اجتاحته ببكاءها وتعالي نشيجها وهي تفصح له بكل ما مرت به وتضمره بقلبها منذ زواجها بمن عشقه القلب وخذله، صقيع مشاعره وتبلده نحوها، الاستجداء الذي كانت ترمقه به من أجل نظرة عشق لم تطالها، تحملُها وانتظارها الدائم لنيل عشقًا ادركت انه من المستحيل، لينتهي بأدراكها بخيانته، خيانة اقترفها حينما تزوجها وهو يعشق أخرى، خيانة المت روحها ونحرتها وهي تدرك لما كانت ترى نظرة كره يرمقها بها بين الحين والآخر،  لقد ظلمها حينما حملها ذاك الذنب نحوه،  كما افضت له عن شعورها لدى رؤيته مع غيرها،  بسعادة لم تراه به مطلقًا وعن عقابها ولجمها لذاتها عقبها بنيل قربًا احرق روحها،  كانت تفصح بما لا يجب الفصح به له ولم تنتبه، لأنها كانت بحاجه ماسه للحديث ولا أحد استطاعت البوح له سواه هو،  حتى ادم لن تستطع اخبره ولا والدتها البعيده عنها كل البُعد،  فقد هو كان ملجأ لها من خوفها وألام قلبها، لقد عاش معهما أكثر ما عاش مع والده عقب موت والدته وخالتها، لزواجه بأخرى أنجب منها لامار  

وكان الأقرب لها لأنشغال أدم مع جدها، لذا باحت له بمكنونات قلبها القاسيه، لعل نيرانها تخمد بالأفصاح، ولا تدري انها تُرجمه بكلماتها، كلمات هو آخر بشرًا عليها الافصاح له به، لا تدري انها تدميه انين بها، وتدفعه بهوة سحيقه مظلمه، وأنها كانت تضمر النيران به وتصب عليها كلمات تضاعف من اشتعالها، كانت تؤلمه بألم مضاعف لألمها، فمن يحتمل بوح الحبيب بعشقه ووصاله بآخر، فيبدأ عقله بالتخيل ويكون المشهد كالجحيم الذي قُذف به، فيبدو كالمجذوب وهو يرغب بضرب رأسه بحائط حتى يفقد وعيه ويتوقف المشهد عن التكرار برأسه،  لكنه رغم كل ما يدور بأعماقه، كان ثابت امامها،  يُرجم بسياط كلماتها الحارقه بقوة واهيه،  يربت على ظهرها بحنان،  يستمر بالأنصات لعلها ترتاح ويبدأ هو برحلته مع المعاناة التي تقذف به ألى ألهاويه....

****

في مكان آخر معبق برائحة الجهل والتخلف، تترص النساء الضالات بالخارج، كلًا منهن تنتظر دورها للولوج ألى الشيخه المباركه التي ذاع صيتها بالقرى المجاورة أنها تعالج النساء من العقم وتجعلهن حوامل، تلك الدجالة التي تدعي العلم والأيمان وهي أبعد ما يكون عن هذا، بل انها آفه قذرة وسامه من آفات المجتمع، مثال لكل ما هو نافر وقميأ،  امرأة تتلاعب بالأنساب وتخدعهن بمقدرة لا تملكها، لا يدركن انها تحطم حياتهن وتدنسهن، تدمر بأفعالها الشنعاء شرفهن، أمرآه  تسئ أليهن وتبليهن بمصائب جمّ عواقبها وخيمه، أمرأه ليس لها دين أو مبادئ، سوف تنحرهن وتوسمهن بالخطيئه... 

وقفت على أعتاب وكرها الملعون المهمش على أطراف البلده حميدة والدة عمر، تدس يديها بشق صدر جلبابها وتخرج منه مبلغ من المال، وهي تتقدم نحو تلك الفتاه التي تستقبل النساء وتنسق لهن ادوارهن..

 انحنت نحوها وبحركه سريعه خافيه عن اعين النساء من حولها، كانت تدس المال بيديها من اسفل المكتب الخشبي الجالسه عليها،  وهي تغمزها قائلة:-

  - مش هقدر استنى دخيلني الأول  .. 

  بجشع ابتسمت المرأه وهي تومئ لها برأسها بعدما رمقت المال بنظرة سريعه تحسبه، ووجدته كافي لتفعل ذلك من أجلها، ثم نهضت من على مقعدها قائلة:-

  - يلا يا خالتي دورك!.. 

  اعترضت بعض النساء وتعالت همهماتهن، فأردفت المرأه بنبرة غليظه قائلة:-

  - الحجه كانت حاجزه من فترة ودفعت مبلغ كبير ودا دورها واللي مش عاجبه يمشي هو الخسران.. 

 سكتن النساء صاغرين، بينما ابتسمت حميدة بإنتصار وهي تلج الى الشيخه بخطوات وجله، فتح الباب ودلفت حميدة الى الغرفه الغارقه بالظلام، لا يضيئها غير مشعلين على جانبيها، ونار عاليه وابخره تتصاعد أمام المقعد التي تجلس عليه تلك الشيخه ترتدي عباءة وشال ابيض وعقد بها حبات لؤلؤ ضخمه خضراء تتمتم بكلمات مبهمه وبيدها مسبحه تحركها بحركه خادعة لهن كناية عن ايمانها الواهي 

وقد نجحت كل تلك المؤثرات ببث الرعب والأيمان بها بقلوبهن...

نطقت تلك المرأة اسم حميدة بنبرة غليظه اجفلتها قائلة:-

  - تعالي يا حميدة، ايه اللي مشاكِ المره اللي فاتت ومدخلكيش!.. 

  تقدمت نحوها حميده تتلفت حولها بأرتياب، حتى وصلت امامها وبنبرة مرتجفه اجابتها متلعثمه:-

  - مرات أبني أول ما عرفت المكان اللي جيبها ليه، مشيت وسبتني واضطريت اروح وراها، وبقالي يومان بقنعها تيجي وهي رافضه تيجي وبتقول ان دا جهل وتخلف..

 قذفت المرأة بعض البخور في النار المشتعله امامها لتزداد النيران اشتعالًا وتعيد ترديد بعض الكلمات المبهمه تعقبها حديث موجه لحميدة قائلة:-

  - ما تأذوهش هي الجاهله وما تعرفش

  ارتعدت اوصال حميدة، وهتفت قائلة بوجل:-

  -  مش أنا والله يا ست الشيخه، أنا عارفه بمكارمك 

 ما تخلهومش يأذوني،  دستور يا سيدنا لا تأذوني ولا أذيكم... 

بثبات اجابت المرآة قائلة:-

  - اقعدي يا حميدة ما تخافيش، محدش هيأذيكِ طول ما انت بتطيعي، واللي مرات ابنك بتعمله طبيعي،  دا الجن الكافر اللي عليها هربها مني لأنه خايف.. 

 لطمت حميدة على صدرها بحركه مرتعبه متفاجئه قائلة:-

  - جن كافر يا مصبتي كنت حاسه وش النحس دي من ساعة مدخلت علينا وأنا مش مرتاحه لها،  كانت داخله شؤم 

  علينا، ومخليه ابني خاتم في ايديها، سايق عليك النبي يا ست الشيخه تساعديني وتخرجي منها على خير عشان ابني اللي محلتيش غيره ونفسي افرح بعياله، أديني أي حاجه.. 

  اعادت المرأة قذف النار بالبخور لتتصاعد الابخره مره اخرى قائلة:-

  - مينفعش اعمل حاجة غير لما تجيني يا حميده 

ثم صمتت قليلًا تدعي التفكير، ثم هتفت قائلة:-

اسمعي انا هديكي حاجه اقدر اسيطر  بيها على الجن اللي عليها اليومان دول، وتحاولي انتِ تقنيعها وتجبيها لي وأنا  هخرجه منها ومش هيعدي الشهر دا عليها غير وهي حامل.. 

امأت لها حميدة وقد انطلت عليها الخدعه مثلها مثلهن من يقبعن بالخارج ينتظرن دورهن للولوج للشيخه المبروكه لتنعم عليهن ببعض من بركاتها قائلة:-

-ابني راجع النهاردة وأن شاء الله هجيبها وأجيلك ...

***

في ذات الوقت كان كلًا من أدم ونيرة بغرفة الطبيب الذي يخبرهما بمراحل التحضير للجراحه، هتف الطبيب قائلًا بعملية باللغه الانجليزيه:- 

  - احنا النهارده هنقوم بأجراء جراحي بسيط اسمه follicles هيتم اجراءه لأستخراج البويضات اللي عملنا على تحفيزها من خلال العلاج اللي اتبعته مدام نيره، هي هتقضي اليوم معانا هنا في المركز وهيتم تخديرها، عشان ما تحسش بالألمواثناء الاجراء الجراحي اللي هيتم بالاستعانه بفحص الامواج الفوق صوتيه، وهتقوم الطبيبه باستخدام ابرة طويلة ودقيقه داخل المبياض ومن ثم ألى الجريب follicle اللي بيحتوي على البويضات، الابرة هتكون مزوده بجهاز شفط لسحب البويضات والسائل من كل جريب، بحيث اننا هنستخرج بويضه وحده بكل مره 

وفي نفس الوقت هيتم سحب العينه المنويه من حضرتك، وهيتم تخصيبهم بالعمل وهتبقى هناك لمدة ٤٨ ساعه وبعدها هيتم زراعتها بالرحم ...

تدارك كلًا من أدم ونيرة ما سوف يخضعن لها، بينما الطبيب اشار لهما بأتباعه للبدء، في ذات الوقت الذي كانت جود تستعد لأجراءها هي الاخرى،  وآسر الذي أتى معتقدًا أنه يأتي لتجميد حيوانته المنويه وليس لتنقيحها ببويضات جود وزرعها برحمها.....

**

تم الأجراء ونجحت عملية استخراج البويضات من كلتا الفتاتين وكذلك الرجلين، وتم اخذ العينات الي المعمل 

 كانت نيرة راكده على الفراش وبجانبها يجلس أدم داعمًا لها، يربت على كفها بحنان يخبرها أنه أنتهى وانها ستحمل طفلهما عن قريب ان شاء الله... 

بينما جود ظلت راكده على الفراش متعبه ووحيدة، بالغرفة المجاور لهما،  بينما تيام بالخارج يهاتف حبيبته، وآسر الغافل تمامًا عما أصاب جود،  فما أن انتهى حتى أخذه سليمان ألى الطبيب الاورام لمتابعة علاجه، أمرًا تيام أن ينقل جود للمنزل ما أن تفيق، فلا يجب أن ينتاب آسر أو شاهي الشك، سوف يظل الأمر بينهما سرًا طي الكتمان، حتى يتم حمل جود .. 

***

في المنزل لم تذهب سارة اليوم الى المدرسه، فهي موعد عودة عمر، لذا قضت اليوم بالمطبخ تعد له ما لذا وطاب من الطعام الذي يحبه،  سعيدة بترك حماتها لها والمغادرة،  حتى لا تطبق على أنفاسها بأصرارها ذهابها ألى الدجالة النصابه تلك، عازمه على الحديث مع عمر لكِ يحدثها أن تكف عن هذا الحديث، ولا تدري أنه كالعادة سوف يخذلها، ويأخذ صف والده، خادعًا إياها بكلماته لتخضع صاغره لهما وتفعل ما يريدانه منه،  لكن تلك المره غير!، أن أذعنت لهما ستكون كارثه ستلحق بها، تعيدها لذات الدوامه التي غرقت بها سابقًا.....  

***

على مدخل البلده كانت سيارة عمرو تلج الى البلده بعدما أن نهب الطريق سريعًا عائدًا إليها، فقد اشتاق لها وبشدة،  

كان حينها رُحيم هو الأخر يصطحب صغيره ويغادر البلده 

في أجازة ليومين يقضيهما بالقاهره، لتتقابل السيارتين،  ليلمحه رحيم ويرمقه بنظرة غضب تود الفتك به الأن وهو يدرك عودته وقربه الوشيك ممن عشقها قلبه ولولا صغيره برفقته لكان ترجل من سيارته وأوسعه ضربًا وأخذ منه تارها وأجبره على طلاقها،  لكن صبرًا ما أن يعود من أجازته تلك، سينهي تلك القصه العالقه والذي وجب أنهاءها وعقد مصارحه يليها عقاب لكل مخطئ وأخذ ما يخصه هو وصغيره، بينما عمرو لم ينتبه له ولم يدرك وجوده حتى الان بالبلده،  فما أن يأتي هو حتى يغادر الأخر،  ولو علم لكان اخذها وهرب بعيدًا،  إلا أن أوان كشف الحقائق قد حان، ولكن يا ترى هل يكون الأوان قد فات ...               


تكملة الرواية من هنا

                               

تعليقات

التنقل السريع
    close