رواية أمواج قاتلة الجزء
الأول للكاتبة نداء علي
الفصل السادس والسابع والثامن والتاسع والعاشر
كامله على مدونة النجم المتوهج للروايات
الفصل السادس
ويمضي العمر بين فراق واشتياق وقد يهون الفراق عندما نجد أملا باللقاء ولو بعد سنوات اما عندما ينقطع ذاك الأمل إلى الأبد ونجد ارواحنا تهفو إلى من صار لقياه مستحيلا يصبح الاشتياق مؤلما قاتلا، فما أصعب الاشتياق لمن احتضنهم التراب...
انتاب الجميع حالة من الصدمة وخيم الحزن على بيوت النجع بأكمله فمن مات شاب يحبه الكبير والصغير لم يسئ إلى أحد من قبل بل كان مسالما اسمه قريبا من شخصه
جميلة كانت أم قوية ظاهريا تلقت خبر وفاة سلمان بثبات وهدوء انتهي بعدما استمعت إلى حليمة تسأل عن والدها فانهارت تلك الهالة الواهية التي احاطت نفسها بها.
وسمحت لقلبه المنكسر ان يبكي ويعلو نحيبه، شقيقاته الثلاث لم يتوقفن عن البكاء والنوح، وظلت نوارة فاقدة للوعي كأنها قد فقدت روحها ورغبتها في الحياة مع رحيله
سافر فهد إلى الاراضي المقدسة لدفن جسمان شقيقه هناك، وبقي والدهم يشعر بالندم والذنب يتأكله فرغم أن لكل أجل كتاب الا أن الموت قد اختطف ولده قبل ان يعود إلى وطنه وينعم بأحضان زوجته واطفاله وكل ذلك من أجل جمع مال لم يكن له منه نصيب ولا فائدة.
انشأت سهيلة دارا للأيتام وتفرغت للإشراف عليها ورغم معرفتها بشأن يوسف وعودتها إلى عصمته الا أنها لم تشعر بشئ لا حزن ولا فرح، هي تحتاج فقط إلى استرجاع نفسها أولا قبل أن تقرر اذا ما كانت تريد استرجاعه أم لا!
تحدثت اليها احدي صديقاتها قائلة:
وليه يا سهيلة مترجعيش ليوسف وتتبنوا طفل وتعيشوا حياتكم، ليه تقضي حياتك بعيد عنه وواضح انه باقي عليكي.
سهيلة: عارفه يا مني، انا طول عمري بحس ان يوسف اقرب ليا من نفسي، انا مش زعلانه منه او مجروحة، انا انتهيت مش لاقيه نفسي، انا بتمني فعلا انه يبعد ويعيش حياته ويخلف ويبقي أب..
مش ذنبه اني اتحرمت من النعمة دي والتبني حل ليا ولمشكلتي لكن يوسف مش الشخص اللي يتكفل بطفل ويعامله على انه ابنه، اذا كان متحملش موت بنته وراح دور على راحته ورغباته، هيعمل ايه مع طفل غريب عنه.
مني: يعني مش هترجعيله؟
سهيلة: مش عارفه، بس لو حسيت اني محتاجة لوجود حد في حياتي وقتها اكيد كفة يوسف هترجح بس مش هرجعله سهيلة بتاعت زمان، هتغير وحاجات كتير هتتغير...
كان الظلام مسيطرا على المكان فالنسوة متشحات بالسواد وكذلك بعض القلوب كانت مغلفة بذاك اللون القاسي، كانت شهيرة تنظر إلى نوارة بعين كارهه، تتمني بداخلها لو ان نوارة ماتت بدلا من سلمان.
قاطع تفكيرها العقيم دلوف احدي الفتيات تقول:
خالة شهيرة، عم نعمان جالي عيطي على خالتك شهيرة لأچل تروحوا
احست بانسحاب انفاسها وارادت ان تتملص من الذهاب الا أن خوفها منه ومن غضبه جعلها تتحرك دون ارادتها لتغادر الى بيت زوجها.
كانت حليمة تحتضن تؤامها بقوة وكأنها تخشى عليها من المحيطين بهما، نظرت اليها ميادة قائلة:.
أني خايفة جوي يا حليمة، رايده أروح لأمي
حليمة: متخافيش واصل أمي نايمة شوي وهتصحي..
اقتربت منهما صفية تنظر اليهما بدموع منهمرة حزنا على ما أصابهما من يتم في تلك السن الصغيرة.
صفية بصوت يغلفه الشجن: تعالي چاري يا جلب عمتك متخافيش بنات سلمان السياف مهيخافوش غير من ربنا..
أقبل نعمان عليها وبيده منامة حريرية القاها اليها قائلا:
همي غيري خلچاتك ديه والبسي حاچة عدلة، منجصينش سواد يابت عمي
شهيرة: واااه رايدني اخلع الأسود يا نعمان اللي اختشوا ماتوا بصحيح
أمسكها نعمان من منكبيها بقسوة ناظرا اليها بتحذير قائلا:
صوتك ميعلاش واصل وانتي بتتحدتي معاي ولو مسمعتيش الكلام هنخلوها ليلة مغفلجة على راسك وراس اللي هيتشددلك.
اومأت اليه برأسها ودفعها بقوة ليعطي لها فرصة لتبديل ملابسها
أسرعت شهيرة مبتعدة عنه لتبدل ملابسها مثلما أخبرها وابتسم هو بمكر قائلا:
جبر يلمك يا شهيرة الواد عزيز مات ناجص عمر من تحت راسك يا بجرة، بس حلوة يابت وبأذن المولى هتتعلمي الأدب على يدي.
بعدما انتهي فهد بمساعدة اصدقاء سلمان بالخارج من أخذ مستحقاته المالية والتأمين المستحق حال وفاته قام بزيارة بيت الله الحرام معتمرا له ولشقيقه المتوفي، كانت مشاعر فهد متباينة فعلاقته بسلمان لم تكن وطيدة للغاية ولكنه كان يشعر بأن سلمان أبا له يدلله ويحميه، يهاجمه ندم شرس لا يعلم يقينا ما سببه ولكنه يتمني لو تعود السنوات الة الوراء فيتقرب إلى أخيه اكثر يستمع الى نصائحه، كان سيمنعه من السفر لم يكن ليسمح له بالموت وحيدا هكذا، ولكن لا يستطيع احدنا اعادة عقارب الزمن إلى الوراء فتلك هي الحياة...
لم تتوقف جميلة عن البكاء المرير الذي فطر قلب زوجها وابنائها، كانت تنعي وليدها قائلة:
يا ولدي، حتى جبرك اتحرمت ازوره يا ضي عيني، ضيعت عمرك غريب وهتفضل غريب يا جلب أمك...
قبل فهد رأسها قائلا: وحدي الله يامه سلمان الله يرحمه موصي اصحابه يجولولك متصوتيش عليه وادعيله بالرحمة واتوصي بمراته وبناته...
هدأت جميلة قليلا قائلة: في عنيا يا ولدي، دول ريحة الغالي واللي باجيين منيه
تحدث فهد إلى والده قائلا: الفلوس اللي اتصرفت لسلمان يا بوي هنعملوا بيها ايه؟
جاد بحزن: هنحطها في البنك بإسم بناته
نظرت شهيرة الى والدها محاولة كتم حنكها لتقول:
وليه يابوي وافرض امهم اتچوزت يچي راچل غريب ياخد فلوسهم، خليهم باسمك ولما يكبروا ابجى اديهم اللي يكفيهم.
جميلة: اسكتي انتي وملكيش صالح، اخوكي مربعنش وبتتكلمي عن الفلوس والچواز، انتي ايه اللي چابك ومهملة چوزك ودارك
شهيرة: وااه بتكرشيني من الدار يامه عشان خايفة على بنات اخوي ومصلحتهم، ولا انتي مفكرة الست نوارة هتجعد من غير راچل، ديه مش بعيد تكون حاطه عنيها على واحد من دلوك
فهد بحدة: جومي يا شهيرة على دارك ومتچيش اهنيه غير في الأربعين، نعمان ميهحبش مرته تطلع لحالها كتير.
شهيرة بمكر: اللي تشوفه يا خوي، أني ماشية واعملوا اللي يعچبكم أني غلطانة، بس هطلع اطل على حماد ونوح جبل ما أمشي..
تركتهم وصعدت الى ولديها تبتسم بانتصار بعدما حققت مبتغاها، دلفت الى غرفة ولديها فوجدت نوح نائما بينما حماد يبدل ملابسه...
تحدثت شهيرة بصوت خفيض:
بتغير خلچاتك ورايح على فين يا حماد مش جولتلك تجعد في الدار تحت مع چدك وتحط عينك على بنات خالك الله يرحمه
حماد ببرود: خارچ اشم هوا زهجت من البكا والندب اللي ما هيخلصش، وبعدين حد جالك عني بصاص هنجلك الاخبار اياك
شهيرة: ياواد افهم اني رايدة مصلحتك، بنات خالك معيزاهمش يطلعوا للغريب انت واخوك أولي بالخير ديه كلياته، خلي عينك عليهم ولما يكبروا تتچوز واحدة واخوك التانية.
حماد ساخرا: حاضر هاخدهم اسبحهم واغيرلهم ولو تحبي ارضعهم كمان، چواز ايه دول لساتهم عيال صغيرة
شهيرة: بكرة يكبروا ياحزين متبجاش فجري كيه اللي خلفك
حماد بجرأة: مالك ومال اللي خلفني أهو مات واتچوزتي غيره، خليكي بجى مع چوزك ومتشغليش حالك بينا ولما بنات خالي يكبروا يبجى يحلها الحلال
تركها واندفع خارجا لتشهق شهيرة قائلة: يجطعك ويجطع ساعتك بتتچور على يا ولد عزيز، بكرة تشوف يا بجم اني هعمل ايه؟
تنهدت والدة نوارة بضيق قائلة
يابتي حرام عليكي نفسك، جومي يانضري كوليلك لجمة وطلي على بناتك.
نوارة بانفاس متقطعة: مريداش وكل ولا رايدة حد اني رايدة اموت، اني رايدة سلمان ملحجتش اتهني بيه يامه هملني وهمل بناته وراح من غير حتى ما اشوفه، جولتله، جولتله خليك جاري ومتسافرش مسمعش كلامي، استفدت ايه اني وبناته من الفلوس والأطيان، اني رايدة چوزي رايدة حبيبي اللي استنيته سنين، هكمل ازاي لحالي، ده اني كنت بستني رچوعه لحضني كيه ما وعدني، جالي هرچعلك واعوضك، طلع بيكدب على وهملني في الدنيا لوحدي اه ااااه يامه اني جلبي موچوع وروحي مفارجاني من وجت ما فارجني.
تركتها والدتها تخرج ما خبأته منذ وفاة سلمان فقد التزمت الصمت الى الأن ولكن يبدو انها فقد قدرتها على الصمود اكثر، بكت بحرقة وخوف من القادم بكت على ما فات ولن يعوض بكت حنينا واشتياقا اليه، اشتياق لن ينتهي الى رجل واحد اختاره القلب من بين رجال الكون ولن يكن لوجوده بديلا حتى وان وجد البديل...
مرت بعض الايام والشهور اعتاد الجميع غياب سلمان ربما كان سفره الدائم سببا في تخفيف ألم فراقه، ولكن ذاك الألم كان يزداد بقلب نوارة أصبح اشتياقها اليه قاتلا، تحاول الصمود والثبات نهارا امام طفلتيها وتنهار مقاومتها ليلا عندما تنفرد بنفسها داخل غرفتهما التي كانت محرابا لعشقهما سويا.
كان فهد يعوض علاقته الفاترة إلى حد ما بشقيقه بميادة وحليمة، وخاصة ميادة التي كانت تميل اليه اكثر من شقيقتها، بينما كانت حليمة قوية إلى حد ما رغم صغر سنها، أصبح مسؤولا بشكل كبير عن كل ما يخصهما، طلبت اليه نوارة أن يحقق امنية سلمان بشأن تعليمهما ففعل رغم معارضة والديه الا انه لم يستجب لأحد.
فهد: شوفي يامه اني جدمتلهم خلاص في المدرسة ملوش لزوم الحديت ديه
جميلة: يا ولدي اني خايفة عليهم حد يضربهم ولا يأذيهم
فهد: وااه، مين ديه اللي يجدر يأذيهم ولا يجربلهم واني أجتله وأچيب خبره
جميلة بحزن: ربنا يطول عمرك ويجعلك عوض عن اللي راح يا ولدي
كان فهد ينتظر من نوارة الحديث الا انها لم تفعل، أحس بالرغبة في سماع صوتها فوجه حديثه اليها بهدوء:.
اني هاخد البنات معاي عالمركز يانوارة اچيبلهم لبس المدرسة واللي هيحتاچوه
نوارة: اللي شايفه في مصلحتهم اعمله، انت عمهم وادرى بمصلحتهم
كان يود لو نظرت اليه لكنها وكعادتها كانت شاردة فيما مضى..
زفر فهد بضيق إلى ان اقتربت منه ميادة قائلة:
اني رايدة شنطة چديدة وچزمة وطوفي كتيير جوي
فهد مبتسما: والطوفي الكتير هياخدوه المدرسة ليه عاد!؟
ميادة: لاچل اصحابي يحبوني.
قبلها فهد قائلا: حاضر هچيبلك طوفي ومصاصة واللي تجولي عليه بس المهم تبجي شاطرة...
احتضنت حليمة والدتها وكأنها تشعر بما تعانيه فابتسمت اليها نوارة بحب فهي الأكثر شبها بسلمان من بين الجميع
بينما ظلت جميلة تراقب الموقف بعين خبيرة اكتسبت من الدنيا الكثير وادركت أن القادم سوف يتغير كثيرا.
في مكان مختلف وحقبة زمنية مختلفة
ابتسمت سهيلة رغما عنها عندما قدم اليها يوسف باقة من الزهور الرائعة التي تعشقها، نظرت اليه تلومه على ما أل اليه حالهما فامسك يدها يقبلها باشتياق وندم قائلا:.
خلينا ننسى اللي فات، ايه رأيك نسافر أمريكا ونعمل عملية تلقيح؟
سهيلة: ازاي يا يوسف وانا شايله الرحم
يوسف بتوتر: عادي ممكن نعمل تأجير للرحم العمليات دي بقت معروفة جدا برة مصر ومش هيبقي في مشكلة ولا حد هيعرف حاجة.
سهيلة: وايه تاني يا يوسف؟
يوسف: تقصدي ايه؟
سهيلة: اقصد انك عاوز تقول حاجة ومتردد
يوسف: انا عاوزك تسمعيني للأخر وتعرفي اني بحاول الاقي حل يسعدك، داليا عرضت عليا انها تحمل في طفل وتتنازل عنه مقابل مليون جنيه.
قهقهة سهيلة بحزن وقهر قائلة:
هتبيع ابنها بمليون جنيه، ادمعت عيناها من فرط يأسها متسائلة
وانا بالنسبة ليك غالية للدرجة دي هتشتريلي طفل بمليون جنيه
يوسف: سهيلة حبيبتي ده هيكون ابني وانتي هتربيه ويبقي ابننا..
سهيلة: وتضمن منين اني احبه او اتقبله وانا عارف انك قربت من واحدة غيري علشان تخلفه.
عيش حياتك يا يوسف وسيبني في حالي انا راضية باللي ربنا كتبهولي وخلاص اكتفيت...
يوسف: ارجوكي فكري بعقلك اعتبري اننا هنتبني طفل بس هيبقي طفل عارفين أصله وفصله طفل هيورثني لما أموت ونفسي تكوني انتي أمه اللي هتربيه، فكري عشان خاطري.
استأذنت نوارة من حماتها في زيارة والدها الذي اشتد عليه المرض فأذنت لها قائلة
روحي يابتي وسلمي عليه وان شاء الله لما ابوكي جاد يجي هنيجوا نشج عليه..
غادرت نوارة تمشي بخطوات ثقيلة فمنذ وفاة سلمان لم تخط خارج البيت، تتذكر المرات القليلة التي كان سلمان يقف بانتظارها خارجا كي يلمحها وهي تمر من أمامه، كم كانت طلته مختلفة عن الجميع كان يجذبها اليه وكأنه ممسكا بخيوطها بين يديه، تفتقده الأن ومنذ الأزل والي الابد
التفت نوارة إلى صوت فهد القوي يناديها بحزم قائلا:
رايحة على فين يام ميادة؟
نوارة: رايحة على دار ابوي اطل عليه بجاله يومين صحته في النازل وامي شيعت چبتله الحكيم.
فهد: طيب مدي خطوتك حبتين ومتتأخريش
استمعت الى كلماته واسرعت باتجاه بيت والدها ليقترب هو بخطوات حاسمة باتجاه أحد الشباب ممسكا اياه بقوة قائلا:
لما تشوف حد من حريمنا معدي جدامك توطي خلجتك ديه في الأرض
الشاب: وااه واني عملت ايه عاد!
فهد: متخلنيش ادفنك مطرحك اني شايفك وانت بتطلع في مرت اخويا
الشاب بشئ من السخرية: الله يرحمه
فهد بقوة: ويرحمك انت التاني يا ولد الفرطوس..
ضربه فهد برأسه ليسقط الشاب تحت قدميه ومازال فهد يكيل من اللكمات والسباب ما يساوي غيرته القاتلة التي أحس بها عند رؤيته لهذا الفتي ناظرا إلى نوارة...
مضة اليوم وفهد جالسا بغرفته لا يدري ما سبب غيرته التي أثارت بداخله مشاعر لم يعهدها من قبل متي اصبحت نوارة زوجة أخيه هكذا بعينيه، هل أصابته بلعنة عشقها كما فعلت مع سلمان، ابتسم بحالمية وكأنه يراها لأول مرة بعمره، محدثا نفسه أن عيناها هي السبب فهو لم ير من قبل مثل تلك العيون السوداء الحائرة، حاول ان يمنع نفسه من تلك الافكار لكنه تذكر حديث شهيرة عندما أخبرتهم ان نوارة سوف تتزوج بأخر يوما ما فقد توفي سلمان وهي مازالت بريعان شبابها وقد ترك لها ثروة كبيرة.
امتزج بداخله حيرة وغيرة عليها وعلى بنات شقيقه من دخول غريب بينهن، لن يسمح بأن يأتي أخر ويأخذ كل شئ، ليس من حق أحد ان ينعم بقربها سواه..!
هي من حقه هو فقط، ولكن يبقي سؤال واحد ظل يردده، هل سيأخذ مكانة سلمان بقلبها أم أن قلبها لن يكن لسواه..
رواية أمواج قاتلة الجزء الأول للكاتبة نداء علي الفصل السابع
تغيرت نظرتها للحياة كليا صارت امرأة ناضجة بعدما كانت ترى الحياة لهوا وسفرا وسهرات لا تنتهي مع اصدقاء ظهرت حقيقتهم بعد وفاة طفلتها وانفصالها عن زوجها ابتعد عنها الجميع بعدما انتهت مصالحهم معها ولم يبق سوى القليلين ولكنها وللعجب ليست نادمة او حزينة لفقدهم بل مثلما ابتلاها الله بقوة؛ رزقها صبرا وثباتا يضاهيه قوة، ايقنت أن ما يصيبنا ما كان ليخطأنا..
أخذت سهيلة قرارها وانتهت صفحتها مع يوسف فهو قد حزم أمره منذ البداية، نفسه أولا وتأتي سهيلة في المرتبة الثانية اذا فلتفعل مثله فلتكن سهيلة أولوية لنفسها قبل الجميع، تتمنى له السعادة ولكن سعادتها لن تكن بجانبه..
قامت بتوقيع عقد شراء تلك الأرض الجديدة التي ستجعلها دارا متكاملة لرعاية الفتيات اليتامى في صعيد مصر حيث أخبرها المختصون أن الصعيد يفتقر الى تلك الخدمات المجتمعية...
ازدادت شهيرة حقدا على نوارة بعدما تزوجت هي من نعمان فطريقته الفجة واسلوبه القاسي جعلها تتساءل لما لم تتزوج شخصا يحبها ويدللها مثل سلمان، لم لا تر بعيني نعمان اعجابا كالذي تراه بعيني فهد، فهد الذي يتفنن في ارضاء نوارة رغم رفضها للزواج منه، مازالت شهيرة تسخر منه كلما رأته قائلة:
تستاهل يا فهد، رايد تتچوز بت بهية كيه المرحوم اخوك، عدمت البنته من النچع ومبجيش غير واحدة خرچ بيت.
فهد: وانتي ايه دخلك، خرچ بيت بس عچباني مرايدش غيرها وهتچوزها عالجليل بنات خوكي ميتربوش يتامة ولا انتي معندكيش دم واصل وغلك منيها عاميكي
شهيرة: اغير منيها على ايه دي بومة اخوك الله يرحمه مات وملهوش واد يشيل اسمه
فهد: وانتي لما عزيز مات الله يرحمه كنت سبب موته عاد ولا جضى ربنا!
شهيرة: وااه هتعايرني يا فهد، عالعموم كيفك، بس حطها حلجة بودنك ست الحسن عشجانة لسلمان وحتى لو اتچوزتها هتفضل طول العمر فكراه، اللي هيحب عمره ما ينسى يا خوي...
توجه جاد الى بيت ابراهيم والد نوارة وقد حزم أمره على اتمام زواج فهد من نوارة فهي ومنذ انتهاء شهور عدتها لا يمر يوم الا ويأتيها أحدهم راغبا في زواجها ولم لا وهي جميلة مسالمة بأعين البعض لقمة صائغة تمتلك اموال طائلة هي وابنتيها...
ابراهيم: ياحچ چاد امها كلمتها وجالت انها مهتتچوزش بعد المرحوم ولا هتدخل راچل غريب على بناتها.
جاد: وااه وهو فهد غريب اياك، فهد عمهم وكيه ابوهم، هي بتك غاوية تعب جلب عالفاضي، اني لو عشت النهاردة بكرة ربنا ياخد امانته ورايد جبل ما اموت اطمن على بنات سلمان، بتك لساتها صغيرة ومطمع يا ابراهيم وفهد هو اللي طلبها بنفسه محدش غصبه عليها يبجى توافج وتستهدي بالله
ابراهيم: حاضر ياحچ هكلمها واللي ربنا كاتبه هيكون...
تبكي كعادتها تحدث نفسها بخفوت وكأنه واقفا امامها تسأله عن حاله وتشكو اليه حالها، هي ليست رافضه لفهد بل هي رافضة للحياة من دون بهجتها، وبهجة الدنيا كانت متمثلة بقرب سلمان، فكيف يطلبون اليها أن تسمح لأخر بأخذ مكانته
واشتاق الى رؤياك إلى لقياك إلى كلمة وهمس شفاهك الخافت يخبرني باني قد ملكت الروح
واشتاقك ويؤلمني حنيني اليك وصمت الليل بات قاسيا فظا يعذبني فهلا رحمتني قدري والحقتني الأن بحبيب الروح...
جلس نوح ممسكا بكتابه يستذكر بعض الدروس وينأى بنفسه بعيدا عن والدته التي تزوجت ومع ذلك تأتي يوميا تسعى الى معرفة ما يدور داخل البيت وما يحدث بين نوارة وفهد وكأنها لا يشغلها شاغل سواهما
استمع الى بكاء ميادة وصوت حماد الحاد يوبخها قائلا:
هجطع خبرك النهاردة
ميادة صارخة: يامه، ياعم فهد الحجوني
ابعده عنها نوح قائلا:
ملكش صالح بيها يا حماد عمك فهد لو شافك يومك مهيعديش على خير.
حماد: لاه لازمن اضربها مجصوفة الرجبة ديه
نوح: عملتلك ايه يا مخبل، دي عيلة صغيرة
حماد: شافتني بدخن وراحت فتنت وجالت لچدك وبسببها منع عني المصروف...
ميادة: اني رايدة امي
نوح: همي يابت روحي عند امك ومتجفيش جدامه دلوك
هرولت ميادة من امامه مسرعة ونظر نوح اليه مبتسما بشماته قائلا:
عفارم عليها والله البت ديه جدعة ووجعتك في شر اعمالك
حماد: شمتان فيا اياك!
نوح: لاه، مهما حوصل انت اخوي وميرضنيش زعلك.
حماد: يعني ايه هتكلم چدك؟
نوح بجدية: مهكلمش حد، احنا الاتنين مهنفرجش معاهم كتير، مصروفي هجسمه معاك بس لو عرفت انك بتشرب بيه سچاير وجتها مهتاخدش مني ولا ميلم.
حماد بهدوء: وانت هتستفيد ايه؟
نوح: ما جولتلك لو خابر اننا مهمين عند امك ولا چدك مكنتش هعبرك بس زي ما تجول اكده ملناش غير بعض فمضطر اساعدك، جولت ايه؟
حماد: هجول ايه، مجدميش غيرك وعموما انت واد چدع
نظر اليه نوح دون رد وابتعد حماد يفكر بما قاله شقيقه فهما مثلما قال لا يعنيا لمن حولهما شيئا اذا فليكونا سندا لبعضهما...
حاول فهد جاهدا ان يبتعد عن دربها وان يتجاهلها مثلما تفعل هي لكنه لم يستطع، يريدها ويرغبها ولا يعلم إلى تركها سبيلا، هي رافضة له وهو يرغب دائما بالممنوع...
رأها قادمة باتجاهه فاسرع مستوقفا اياها قائلا:
رفضاني ليه يانوارة، كرهاني؟
نوارة: لاه اني مستحيل اكره حد من اهل سلمان الله يرحمه
فهد: مانتي جولتي اها، الله يرحمه واني رايدك في الحلال مهواش عيب ولا حرام..
يعني انت هتحبني يا فهد؟
فهد بصدق: بعشجك يا نوارة ومخابرش كيف محساش بحبي وعشجي ليكي...
نوارة: ليه؟
فهد: غصب عني مهواش بيدي
نوارة: ولما انت بتحبني غصب عنك ليه مجادرش تفهم انه غصب عني، مجدراش انسى ولا احب تاني، جلوبنا مهياش بايدينا، انا لما فتحت عنيا عالدنيا لجيتني بحبه..
كنت عيلة بنت سبع سنين وكنت اجف جدام الباب لاچل ألمحه يوم الجمعة وهو رايح عالچامع، كان جلبي بيرجص من الفرحة أول ما اشوفه، فاهم يعني ايه عيلة صغيرة تحب شاب وعارفة انه مستحيل يبصلها، فضلت اكده لحد ما چه يوم سفره ووجتها كان عمري 14 سنة، لجيته بيضحكلي وبيجولي، اني مسافر وهغيب كتير بس عمري ما هنساكي، لو تجدري استنيني يا نوارة واني هرچعلك.
فضلت ايام مفكرة اني بحلم ولا عجلي شت، بس جلبي كان بيجولي انه هيحبني كيه ما بحبه، 5 سنين مستنياه، ياما جالي عرسان وكنت برفض، برفض عشانه، مهوش بيدي يا فهد، سلمان حبه بيجري في دمي، وروحي معرفتش الراحة غير وياه...
فهد بغيرة وغضب: يعني ايه هتترهبني اياك؟
نوارة: يا فهد افهمني انا معوزاش اظلمك انت لسه صغير وبنات النچع كلياتهم يتمنوا منيك كلمة ومسبجلكش چواز هملني لحالي اربي بناتي ومتخافش لا هتچوز دلوك ولا بعدين..
فهد: جولي الكلام ديه لابوي ولو هو وافج خلاص اني مهغصبش عليكي.
لم تيأس والدة نوارة من محاولة اقناعها فهي تري بفهد فرصة لن تعوض، من بيت اصيل وشاب فتي لن يسئ اليها ولن يوجد احد اقرب إلى بنتيها منه
ظلت نوارة تستمع اليها دون رد لتكمل والدتها قائلة:.
يابتي احنا كبرنا وهنفوتك لحالك وبناتك لساتهم صغار وفهد لو انتي مرضياش تتچوزيه هيتچوز غيرك واي ست هتدخل الدار هتشيلك فوج راسها وتزعج وبالأخص لو عرفت ان فهد كان رايد يتچوزك، وبعد ما كنتي انتي وبناتك الكل في الكل هتبجوا ملطشة، لكن ياجلب امك لو اتچوزتي فهد هتبجي مرته والكل هيعملك الف حساب وبالخصوص اللي ما تتسمي شهيرة دي وجفالك على غلطة...
بكت نوارة بقهر فاحتضنتها والدتها قائلة:
اللي في الجلب خليه في الجلب ملهوش لزوم حد يدري بيه، عيشي يابتي وحاچي على بناتك وارمي همك على اللي خلجك
تزوجت نوارة بفهد مثلما تمنى الجميع الا انها لم تتجاوز ما تشعر به من مرارة عالقة بقلبها تشعر انها قد خانت العهد، تحاول جاهدة ان تعطي فهد حقه وما له عليها الا أن قلبها يأبي العدل ويرفض الخضوع.
لاحظت شهيرة نظرات فهد التي تنطق بعشقه لنوارة فأرادت ان تعكر صفو حياتهما سويا، انتظرت قليلا تفكر في شئ ما ثم تحدثت إلى نوارة قائلة:.
ما شاء الله وشك منور يا نوارة شكلك حبلى
نوارة بهدوء: لاه ياعمة، لسه ربنا مأذنش
شهيرة: وااه، ده انتوا بجالكم سنة متچوزين، ده انتي حبلتي من سلمان طوالي، ولا انتي مريداش تربطي فهد كيه سلمان
نوارة بحزن: الله يرحمه ويطول بعمر فهد كل شي نصيب
شهيرة: ربنا يرزجكم ياحبيبتي اني بس ممصدجاش انك نسيتي سلمان بسرعة اكده، ولا البعيد عن العين زي ما بيجولوا.
نوارة بدموع وانكسار: البعيد عن العين محفور جوة الجلب بس الدنيا لازمن تمشي
اقترب فهد منهما بعدما استمع الى اخر كلماتها وابتسمت شهيرة ناظرة اليه وكأنها تخبره انه لن يحل محل سلمان مهما فعل..
استطاع فهد بذكائه الفطري ان يتوسع في اعماله بقوة، بدأ بالعمل خارج اطار القرية والقرى المجاورة وبدأ في الوصول الى العواصم الكبرى يتاجر في العقارات يشتري ويبيع، يحاول الهاء نفسه بعيدا عن جنون عشقه لتلك العنيدة التي نالت منه مثلما لم تفعل أخرى، يريدها له وحده.
يود ان تنسى العالم بأثره ولا تتذكر سواه، اشترى قطعة أرض مجاورة لبيت والده وشيد فوقها بيتا لم يشهد أهل النجع مثله من قبل..
سألته والدته بتعجب قائلة:
هتعيش لحالك يا فهد هتهملنا يا ولدي
فهد: ههملكم كيف، الباب جدام الباب يامه بس من حجي يبجى لي بيت بعيد عن اللي فات، رايد احس نفسي متچوز..
جميلة بحزن: يا ولدي هتغير من اللي مات
فهد: لساته عايش چواها وشكلها مهتنساش واصل..
احست جميلة بالندم كونها أصرت على زواج فهد من نوارة وتعاطفت مع نوارة لدرايتها بحبها لسلمان واشفقت على حالة ولدها ولكن ليس بمقدورها ان تفعل شيئا.
نظرت اليه بحب قائلة: ربنا يسعدك ويريح جلبك، طول بالك على مرتك يابني ومتجساش عليها
فهد: حاضر يامه، خليني اطلع اشوف البنات بجالي كتير مجعدتش معاهم الشغل فوج راسي ليل نهار.
جميلة: يعينك ويحفظك من كل شر، اطلع يا جلبي
دلف الى غرفة ميادة وحليمة فوجد نوارة بجانبها تساعدهما على متابعة دروسهما
فهد بحب: وااه، جاعدين لحالكم واني مفكركم نايمين
نوارة: حمد الله بالسلامة، وجعت ميتا
فهد بحب: من شوي، بس جعدت مع امي كانت واخدة على خاطرها عشان البيت الجديد
نوارة: عندها حج، مخبراش لزمته ايه! معجول هتهمل امك وابوك وتعيش بدار تانية
نظر اليها بتيه قائلا:
يمكن لما نبعد تجربي مني.
توترت وتلون وجهها خجلا من كلماته فابتسم هو ناظرا الى طفلتي شقيقه قائلا:
مين فيكم اشطر من التانية لاچل تاخد الحاجات الحلوة اللي چبتها من المركز
اسرعت اليه ميادة قائلة:
حليمة اشطر مني بس اني حبيبتك، صوح؟
فهد مقهقها: صوح انتي حبيبتي بس حليمة كمان حبيبتي وچبتلكم حاچات كتيرة جوي.
جلس بصحبتهم قليلا وتوجه الى غرفته ينتظر قدوم نوارة وقد اشتاقها بشدة، تذكر بعض الاوراق الهامة التي تخص ممتلكاتهم فأخذ في البحث عنها ليصدم بعد قليل من بحثه بوجود بعض الخطابات والتسجيلات التي كان يرسلها سلمان لنوارة والتي كان يتسلمها هو بنفسه ويعطيها لها، قرأ بعض الكلمات التي تقطر عشقا واشتياقا من شقيقه اليها ليشعر بشئ يجسم فوق صدره.
لحقت نوارة به بعد قليل لتجد ملامحه حادة قاسية لتقترب منه قائلة:
مالك يافهد، انت زين؟
ألقى اليها بواحد من تلك الخطابات قائلا:
بيعملوا ايه الچوابات ديه اهنه، مجدراش تعيشي من غيره
لم تجبه بل اكتفت ببكائها ليهمس اليها بوعيد قائلا:
هتندمي يا نوارة، هندمك وبكرة هتشوفي.
رواية أمواج قاتلة الجزء الأول للكاتبة نداء علي الفصل الثامن
صراع وتخبط يطاردنا فنهرب بعيدا علنا نجد شطا نستجير به ويحمينا من أمواج حيرتنا ولا نجد فنبقي عالقين بالمنتصف كتلك الفئران البيضاء التي تتسابق للخروج من متاهتها ولكنها تبقى تدور في دروب لا تنتهي وكلما ابتسمنا بارتياح واهمين اننا وصلنا إلى خط النهاية نجده سرابا ليس الا
جلس فهد يحادث نعمان الذي اصر على عزيمته على غير عادته وجلست شهيرة بجانبه تضايفه بترحاب فائق لم يره فهد من قبل..
تحدثت شهيرة قائلة: بثينة هي اللي طابخة الوكل النهاردة، اول ما سمعت انك چاي جالتلي رايدة فهد يدوج عمايل ايديا.
فهد بهدود: تسلم ايديها، اهملكم اني بجى عندي شغل مهم ولازمن انام بدري
نعمان: نجول ايه بجى كل شي نصيب، من يوم يومها وهي مكتوبه على اسمك بس انت رحت واتچوزت غيرها.
شهيرة: وعمره ما هيلاجي حد يحبه كيه بثينة، بس فهد غاوي تعب الجلب
فهد بتحدي: وياتري تجبل تتچوز على ضرة
شهيرة بسعادة: تجبل جوي، بس انت جول رايدها، ولا ايه يانعمان؟
نعمان: ابن عمها وابن خالتها، وهو أولى بيها
نظر فهد الى الفراغ لا يعلم هل يعاقب نوارة ام يعاقب نفسه بأخرى ليهتف بحزم، يبجي هجيب عمك واجيلكم اطلب يدها...
اتخذ فهد غرفة منفردة بعيدا عن نوارة عله يتناساها أو يحجم ذاك الطوفان القوي بداخله، حاولت شهيرة اقناعه بأن يتركها بالبيت القديم هي وبناتها وان يتزوج هو بالبيت الجديد لكنه أبى..
استعد للنوم لكنه استمع إلى صوت نوارة تستأذن بالدخول، جلس فهد واذن لها بالدخول، اقتربت منه نوارة على استحياء قائلة:
انت هتنام دلوك، البنات بيسألوا عليك بجالك يومين مبتجعدش معاهم
ظل فهد صامتا فاقتربت منه قائلة:.
والله العظيم من يوم ما اتچوزنا ما فتحت چوابات سلمان، اني خبيتهم لاچل البنات لما يكبروا ويسألوا عن ابوهم يشوفوا كلامهم ويسمعوا صوته.
فهد: مش لازمن تسمعيهم ولا تجريهم كفاية عايشين چواكي يا نوارة، بس اني الغلطان انتي من البداية جولتي بلاش چواز واني وابوي غصبنا عليكي، بس ملحوجة
نوارة بخوف: يعني ايه؟
فهد: هتچوز يا نوارة
نوارة بانكسار: تتچوز يافهد!
اراد فهد الاستسلام ودفع عناده بعيدا لكنه تذكر كلمات شهيرة
عندما اخبرته أنه لا يكسر المرأة سوى أخرى فتحدث بقسوة قائلا:
حجي، من حجي اتچوز بت بنوت انا راچلها الأولاني.
أومأت اليه قائلة: حجك، ربنا يسعدك
ابتعدت من امامه مهرولة الى غرفتها تحتمي به من تلك الامواج المتلاحقة التي تصر على كسرها رغما عنها واغمض فهد عينيه تراوده مشاعر ضارية بين رفض لكسرها ورغبة في الانتقام لكرامته يحثه قلبه على اللين ويخبره العقل ان النساء يتدللن كلما كنت لينا معهن يخشى من ظلم بثينة لكنه لن يتراجع.
ويكفي انها وافقت ان تتزوجه وهو متزوج بأخري، لن يتراجع فهد سوف يذيقها مرارة القهر والغيرة ولن يندم، هو أخذ عهد أنه لن يندم فهل سيصدق!
اتكأت سهيلة بظهرها على ذاك الضريح المحتضن لجسد وحيدتها تبكي بصمت ورغم انها قد تقبلت ما كتبه الله بصدر رحب وايقنت ان الرضا بقضاء الله خير علاج لتلك الالام القاسية التي لا تبارحها الا أن الفراق مر، مرارته لا تختفي بين ليلة وضحاها..
قرأت بعض القرآن واستغفرت ربها عدة مرات ونظرت إلى الاسم المنقوش فوق تلك اللوحة الرخامية قائلة:
ربنا يرحمك ياقلبي واشوفك قريب
توجهت الى سيارتها فوجدت أمامها رجلا تغيرت ملامحه قليلا لكنها لم تستغرق وقتا طويلا إلى أن قالت:.
مش معقول، مصطفي انت رجعت امتي من السفر وجاي هنا ليه!
ابتسم اليها بحب قائلا: ايه يابنت خالي لسه فكراني؟
مصطفي: اركبي الاول خلينا نمشي ونروح اي مكان نتكلم بعيد عن المكان ده
سهيلة: ايه مبتحبش المقابر
مصطفي: مفيش حد بيحب الموت يا سهيلة، بس للأسف حقيقة ومفيش منها هروب
سهيلة: اسفه يا مصطفي انا بس اتفاجئت بوجودك حمد الله على سلامتك بجد كنت محتاجة اشوفك جدا.
مصطفي: مع ان دادة بدور هي اللي كلمتني مش انتي بس مش هقدر ازعل منك بعدين نتعاتب على حاجات كتير اوي
ابتسمت اليه ابتسامة يملؤها الوجع وبادلها هو بواحدة لا تقل عنها تألما وانطلقا بسيارته وهي في اعقابه نحو ايام لا يعلم مسارها سوى خالقنا.
اعترضت جميلة وكذلك كان حال جاد الا انهما رضخا لمطلب فهد معتقدين ان من حقه ان يحظى بعروس لم يسبق لها الزواج بعد ما اضطر إلى الزواج بأرملة أخيه ورغم ان نوارة تصغر فهد سنا الا انها بنظرهم ليست كفؤا لفهد طالما انه لم يتزوج من قبل واكتفت جميلة بالتحدث إلى نوارة قائلة:
متزعليش يا نوارة، اني مجدرش امنعه يابتي وخصوصي ان العروسة تبجى بت اختي وبت عمك مچاهد.
نوارة: مزعلناش يام سلمان، أي حاچة رايدين تعلموها مجدرش اجولكم لاه
جميلة بحزن: حجك عليا يابتي بس مكنش بيدي في الاول ولا دلوك..
استأذنت نوارة بالانصراف واتجهت إلى بيتها الجديد تبحث عن الأمان بأحضان طفلتيها الصغيرتين.
استقبلتها ميادة بابتسامتها العذبة بينما نظرت اليها حليمة بحزن على حالها وكأنها ورغم سنها الصغير تدري ما تعانيه أمها..
اقتربت منهما نوارة باكية بقوة فهرعت اليها حليمة تحتضنها بخوف وفعلت ميادة المثل.
نظرت سهيلة الة مصطفي مصدومة مما يقول لا تستوعب كلماته لتسأله مرة ثانية بترقب
بجد يا مصطفي؛ معقول جيجي تخونك طب ازاي وليه؟
مصطفي: معقولة اوي، مستغربة ليه ده على اساس ان يوسف معملش زيها
سهيلة بخفوت: يوسف راجل والمفروض مبيقدرش يتحكم في رغباته وانا بعدت عنه و...
مصطفي: وايه يا سهيلة، تفتكري الخيانة محتاجة مبرر، الخيانة زيها زي القتل والسرقة، جريمة ملهاش مبرر تحت اي مسمى، الخيانة والغدر بيرجعوا لطبيعة الشخص، في ناس غدارة بطبعها عندها استعداد تخون وفي ناس لأ، محصنه ضد الغدر والخيانة.
سهيلة: بس الانسان بيضعف
مصطفي: وبيسامح وبيكره وانا مقدرتش اسامح بس كرهتها، وعلى فكرة يوسف عالأقل كان متجوز زي ما فهمت منك يعني خاين بس بالحلال لكن معتقدش اني مراتي ممكن تتجوز عليا، ولا ايه؟
خجلت سهيلة ولم تجد ردا لما سمعته فهي تعلم مقدار ما كان من حب بين مصطفي وزوجته ومؤكد انه تألم وبقوة تنهدت بضيق على حالها وحاله ونظرت امامها تحاول ان تجد تفسيرا لكل ما يدور حولنا ولم تجد شيئا ليقاطع شرودها مصطفي قائلا انا عاوز اتعشى بقي مش هنقضيها تحليلات ومناقشات عن ناس تسد النفس.
ابتسمت سهيلة وشرعا في تناول عشائهما سويا بينما يوسف يشعر بسعادة غامرة بعدما تأكد من حمل داليا واصبح لديه أمل جديد يحيا من اجله طامعا في استرجاع سهيلة اليه مهما كلفه الأمر.
استمعت نوارة ال اصوات الزغاريد واطلاق النيران بالجوار فادركت ان فهد قد أتم زواجه من بثينه، توجهت الى غرفتها وقد خلعت عنها قناعها الذي ترتديه امام الجميع كي لا يشمت بها احدا وجلست أرضا تبكي بقهر على ما فات وما سيأتي فما أصعب ان تقضي عمرك مرغما على كل شئ مرغما على الصمود؛ مرغما على الابتسام مرغما على الكلام بينما تهفو روحك الى الصمت، فقط نشتاق الى الصمت...
وبينما هي تبكي معتقدة ان زوجها يقضي لحظات تملؤها السعادة كان هو يحتضن بثينه متخيلا ان التي بين يديه هي نوارة...
تناول فهد عباءته وارتداها ثم نظر إلى نفسه بالمرآة وعلى عجالة مشط شعره ووضع الكثير من عطره الموضوع أمامه.
نظرت اليه بثينه بتعجب قائلة:
انت خارچ يافهد؟
فهد بهدوء: أه عندك مانع؟
بثينة: لاه، بس على فين رايح ليلة دخلتنا يا فهد الناس تجول عليا ايه؟
فهد: مفيش حد هيجول حاچة، وبعدين مش خلصنا واهلك اطمنوا عليكي
بثينة بخجل: اطمنوا الحمد لله، بس مفيش عريس بيسيب عروسته ليلة فرحهم ويطلع
فهد: متجلجيش انا رايح لمرتي مش عند حد غريب
بثينة بغضب: نعم..!
مرتك مين دي، بقي انت مهملني لحالي ورايح للست نوارة.
فهد: اسمعي يا بثينة، اني مبحبش الرط الكتير، نوارة مرتي من جبلك
بثينة: بس ميصوحش تسيبني وتروحلها وبعدين اني بنت خالتك وطول عمري بحبك لكن هي طول عمرها هتحب سلمان الله يرحمه.
أمسكها فهد بقسوة جاذبها خصلات شعرها وكأنه يود اقتلاعها قائلا بتحذير:
لو لسانك نطج اسم سلمان مرة تانية هجتلك، نوارة مرتي ملكي لحالي واخوي الله يرحمه مات
بثينة بقهر: مات بالنسبة ليك؛ بس هيفضل عايش جوة جلبها، اسألني أني اللي بيحب عمره ما ينسى ولو جلبها نسي، بناتها منيه هيفكروها
دفعها فهد بقسوة لتصيح متألمة من وقوعها بتلك القوة بينما فهد لم يكترث لها بل غادر مسرعا متوجها الة بيت نوارة.
لأول مرة منذ تزوجته قصرا تشعر بالاحتياج لرؤية سلمان ولو لحظات، تحدثت وكأنها تراه امامها قائلة:.
ياريتني مت جبلك يا ضي عيني؛ وعدتني متفارجنيش واصل يا سلمان وخليت بيا، معجول هونت عليك تهملني بالدنيا الجاسية دي، ربنا يرحمك ياحبيبي ويچمعني بيك
غلبتها دموعها الغزيزة وتذكرت اوقاتها الخاصة معه تذكرت رقته القوية وعنفه الرقيق؛ كم يختلف سلمان عن الجميع؛ يختلف عن اهله واهلها وربما يختلف عن شباب القرية بأجمعها..
فزعت نوارة عندما استمعت إلى دقات عنيفة أتيه من خارج المنزل، اقتربت من الباب متسائلة بحذر:
مين اللي بيخبط..؟
فهد: أني فهد يانوارة، افتحي الباب
اسرعت نوارة الى فتح الباب شاعرة بالخوف والقلق يتسربان الى قلبها
فهد: ايه يا نوارة، كنتي نايمة اياك؟
نوارة: لاه، بس نيمت البنات وجفلت الباب لأني بخاف..
احتضنها فهد وسط نظراتها المتعجبة واغلق الباب وتوجها معا الى غرفتهما
نوارة بقلق: ايه اللي چابك يافهد..؟
فهد مبتسما: اتوحشتك جوي يانوارة
نوارة: اتوحشتني ليلة دخلتك! انت بتتصرف بطريجة غريبة جوي يافهد بحس انك جاصد تأذي اللي بيحبوك.
فهد: تجصدي ايه؟
نوارة: اجصد عروستك اللي سيبتها ليلة فرحها وچايلي يافهد، الناس هتجول عليها ايه؟
فهد: انتي السبب، لو كنتي جولتيلي متجوزش كنت هسمع كلامك
نوارة: مجدرش امنعك انت جولتلي رايد بنت بنوت واني أرملة سبج ليها الچواز لكن انت وجت ما اتچوزتني كنت انا أول بختك
فهد بخفوت: بس اني مطيجهاش يانوارة أني رايدك انتي وبس، كنت رايد اوچعك كيف ما بتوچعي جلبي.
نوارة بحزن: اللي بيحب مبيوچعش حبيبه يافهد
فهد: لاه بيوچع لما يكون عاشج، بيوجع لما يلاجي مرته بتحب راچل غيره بيوچع لما يشوف في عنيها حزن على راچل مات ولسه حبه مكلبش چوة روحها مرايدش يفارجها..
وبيوچع اكتر لما يحضنها ويلاجيها مشتاجه لحضن غيره
نواره بحزن: اني مجدرش انسى بين يوم وليلة عشرة سنين دي العشرة متهونش غير على ولد الحرام.
فهد: يعني في أمل تحبيني كيف ما هتحبيه؟
نوارة: الحب والكره مش بايدينا وزي ما سلمان جدر يزرع حبه چوة جلبي بحنيته وطيبته بيدك تحببني فيك، أني عمر ما حد مد يده على غيرك يافهد، كيف رايدني أحبك وانت هتكرهني فيك!؟
احتضنها فهد بتملك ورغبة قائلا:
خلاص من الليلة مهزعلكيش واصل وهتشوفي فهد چديد بس انتي ترضي عني
نوارة محاولة تهدئته: مش وجته الكلام ده، روح الله يرضى عنيك لعروستك وخليك چارها على الجليل أسبوع دي مهما حوصل بت خالتك وعرضك ياحبيبي.
فهد بسعادة: جوليها تاني وانا هعمل اللي انتي تجولي عليه
نوارة: اجول ايه، انت شارب حاچه يافهد
فهد مقتربا منها بشدة: متجوليش فهد، جولي حبيبي
نوارة بمهادنة: حاضر ياحبيبي، روح بجى لعروستك الله يهديك، اكده ما يصوحش.
فهد برفض: مش هسيبك يانوارة اني مصدجت سمعتها منك
نوارة بيأس: يافهد الله يكرمك روح لبثينة حرام عليك تكسر خاطرها..
التفت نوارة الى باب غرفتها بعدما استمعت الى صوت فتاتها الكبرى حليمة تقول:
ماما، انتي هتكلمي مين؟
فهد: روحي نامي يا حليمة أني عمك فهد
حليمة: حاضر، اني رايحة انام
نظرت اليه نوارة معاتبة فأشاح بناظريه عنها متجاهلا عتابها قائلا:
متتعبيش نفسك معاي، اني هبيت اهنه والصباح رباح.
انتظرت بثينة الى ان شق نور الصباح عتمة الليل لتسرع مستغيثة بخالتها تخبرها بما حدث من فهد بالمساء.
شهقت جميلة فزعة غير مصدقة:
كيف يابت، كيف يهملك ويروح لنوارة، يمكن تعبانه ولا حد من البنات صابه حاجة بعيد الشر
بثينه: لاه يامه، لاه ده كان هيجتلني لاچل خاطرها، شكلها مهياش سهله واني مفكراها غلبانه اتاري زي ما بيجولوا اللي تحسبه موسى يطلع فرعون.
أسرعت جميلة باتجاه منزل نوارة عازمة على الوقوف بوجهها بعدما حدث فمن المؤكد انها قد بدات تكيد لبثينه.
اقتربت من باب البيت الخارجي دقت بقوة عدة مرات إلى ان فتحت اليها نوارة..
تلاشى غضب جميلة عقب رؤيتها لوجه نوارة الشاحب وعينيها الباكية ونظرت اليها نوارة وهي على يقين بسبب زيارتها
دلفا سويا إلى الداخل والصمت حليفهما، نظرت جميلة اليها تحاول ان تستنتج ما حدث وما الذي دفع فهد الى ترك عروسه ليلة الزفاف...
تحدثت متسائلة:
هو فهد بايت اهنه يا نوارة؟
نوارة بضعف: ايوة يامه، وجبل ما تجولي حاچة اني حبيت على يده بدل المرة عشرة وجولتله روح لعروستك وهو رفض وجالي محدش ليه عندي حاچة وانتي خابرة ابنك زين وخابرة لما بيعند..
جميلة: يعني يفضح بت خاله لاچل خاطرك!؟
نوارة بانهيار: واني بيدي ايه، مجدراش اتصرف وياه، حرام عليكم اني طول عمري راضية بالجليل، رضيت بموت چوزي وحبيبي وجولت ماريداش اتچوز تاني غصبتوني واتچوزت فهد، رايدني انسى سلمان ومجدرتش ولاچل يأدبني راح اتچوز، ومجدرش اتكلم لانه حچه، همل عروسته وچإلى بالليل، اني تعبت اكده ظلم، ظلم.
وقعت نوارة مغشيا عليها تحت انظار جميلة التي صاحت بقوة مستغيثة بفهد قائلة:
الحجني يا واد يافهد، جوم الحج مرتك
تناول فهد ما يرتديه على عجالة متوجهها إلى والدته قائلا بفزع:
مالها يامه نوارة، جولتيلها ايه خالها تجع من طولها اكده؟
جميلة بغضب: والله انك ماعندك دم ولا خشى هتچيب أچلها وأچلي جبل منيها يا ظالم
هرول فهد الى الخارج باحثا عن طبيب الوحدة رغم صيحات والدته التي لم تعلم إلى أين قد تركها وغادر.
بعد قليل أتى فهد ومعه الطبيب الذي فحص نوارة بحذر خوفا من غيرة فهد الواضحة ليتحدث اليهم بعد قليل
المدام ضغطها عالي جدا وواضح ان في حاجة ضيقتها مع الحمل وضعف جسمها خلاها تفقد الوعي.
فهد بسعادة وعدم تصديق: حمل، يعني هي حامل؟
الطبيب: ايوة يافهد بيه، حامل في الشهر التاني تقريبا
جميلة بسعادة: ربنا يكملك على خير يابتي
لم تجب نوارة عليها ولم تنظر إلى فهد الذي انتبه إلى فعلته وما اوقع نفسه به فزواجه من بثينه خطأ سيدفع الجميع ثمنه وهو أولهم..
يود الان احتضان نوارة واخفائها عن العيون، يشعر بتملك غريب يؤذيه ولا يستطيع السيطرة عليه..
أحست جميلة بالحرج عقب مغادرة الطبيب فنظرات فهد لزوجته جعلت جميلة تستأذن مغادرة إلى بيتها تفكر فيما ينبغي ان تقوله لابنة شقيقتها العروس التي لم تهنئ بقرب عريسها بل فضل أخرى عليها...
انحنى فهد يلثم خدها بحب وسعادة هامسا اليها..
تعرفي اني اتچوزت بثينه واني مفكر انك مريداش تخلفي مني يا نوارة كيه ما شهيرة جالت
اغمضت عينيها تحاول السيطرة على انفعالها كي لا تغضبه فاستكمل قائلا:.
الدكتور جال ان الزعل عفش عليكي وعلى ولدنا، واني رايده يطلع واد زين اكده كيه ابوه.
ابتسمت نوارة رغما عنها فقهقه فهد مكملا
وجالي كمان اني مفروض اجعد چارك ومفرجكيش واصل
نوارة: يعني انت رايد راحتي صوح
فهد: هتسأليني تاني يا نوارة؟
نوارة: جوم دلوك روح لعروستك طيب خاطرها وبعدين ابجى تعالى
فهد: حاضر، هروح اها، وهرچعلك بعد شوي، هاخد معاي البنات وهچيبهم واني راچع.
صرخت بثينه قائلة بعدما اخبرتها جميلة بحمل نوارة
يامري يامري، حامل كيه وشهيرة جالتلي انها مانعة نفسيها عن فهد وحرماه من حجه
جميلة بغضب: جبر يلمك ويلم شهيرة في ساعة واحدة نوارة مهتمنعش چوزها من حجه واصل دي عارفة ربنا ومهتعصيش چوزها ولا تعصي عليه، شهيرة دي كيه الوبا اعوذ بالله منيها ومنك انتي التانية.
بثينة: يعني ايه يا خالة لما هو رايد مرته ومجدرش على بعادها ليلة واحدة اتچوزني ليه؟
جميلة: كان رايد يكيدها يا بت اختي، واهو كاد روحه وكادك معاه...
التفتت جميلة خلفها على صوت شهيرة التي قد اتت بصحبة زوجها للاطمئنان على شقيقته
اقتربت منها بثينه متسائلة:
ليه اكده يا شهيرة، ليه كدبتي على وجولتي ان فهد ونوارة متچوزين بس لاچل البنات وانها عصيانه عليه اهي طلعت حبلى اعمل ايه دلوك؟
شهيرة ببرود: هتعملي ايه يعني، حاچي على چوزك ومتخليش بت بهية تاخده، انتي بت خالته وأولى بيه
نظر اليها نعمان نظرات بثت في نفسها الخوف الا انها حاولت التظاهر بالقوة ليقترب نعمان من شقيقته قائلا:
انتي بجالك كام سنة رابطة روحك چنبه وخلاص بجيته مرته، ومتخافيش نوارة بت اصول ومهتظلمكيش واصل بس انتي بعدي عن غراب البين ديه وعيشي والا على اليمين أكون مخلص عليكي انتي وهي في ساعة واحدة، فاهمه!؟
رواية أمواج قاتلة الجزء الأول للكاتبة نداء علي الفصل التاسع
استمعت الى وعودك واخبرني قلبي انها كاذبة وكما تعلمون فإن قلب المؤمن دليله، الا أنني كذبته وفضلت التصديق فلا سبيل الى سواه في بادئ الأمر حاول فهد بشتى الطرق ارضاء نوارة كان يدللها..
يبثها حبه وعشقه وتحاول هي ان تبادله قدر استطاعتها، مرت الشهور واتى موعد ولادة نوارة وسط ترقب الجميع فوالدي فهد يرغبا بذكر يحمل اسم العائلة وفهد ينتظر مولودا يجمعهما وطفلتيها يرغبان بطفل يلهوا معه، بينما شهيرة تخشي ان تأتي نوارة بولد فتصبح هي المتحكمة بكل شئ خاصة وان حمل بثينه قد تأخر الى الآن
وضعت نوارة مولودا ملامحه رائعة يشبه والده الى حد بعيد وكأنه نسخه مصغرة منه مما زاد محبته في قلب الجميع.
اقبل فهد ال نوارة مستبشرا بطفلهما ناظرا اليها برضا قائلا:
بيجولوا لما الواد بيطلع شكل ابوه يبجى الست هتحب چوزها
ابتسمت نوارة علة كلماته وطريقة تفكيره التي لن تتغير وحمدت ربها ان طفلها يشبهه والا حدث مالا يحمد عقباه.
نظرت اليه قائلة:
ربنا يحفظه ويبارك فيه
فهد: اني مبسوط جوي يا نوارة، تعرفي حاسس اني عمري ما كنت مبسوط كيه دلوك
نوارة: دايما يارب
فهد: اني هسميه چاد، ابوي هيزعل لو معملتش اكده
نوارة: وليه تزعله ده حجه عليك، اسم چاد زين مهواش عفش، يا أبو چاد
قبل فهد جبينها قائلا: نامي انتي وريحي واني طالع مشوار عالمركز
وراجع عشية، رايدة حاچة اچيبهالك كيه الست ميادة
نوارة ضاحكة: وااه، وميادة طالبة ايه عاد؟
فهد: طالبة عروسة هتتكلم وتجول ماما وميادة ومخابرش اچيبها منين ديه
نوارة: البت ديه هتچنني، لمضة ولسانها اطول منيها، عكس حليمة
فهد بغيرة: حليمة طالعه كيه سلمان هادية وكلامها جليل وكفاية عليها حبك انتي
نوارة باستنكار: كلام ايه ديه يا فهد اتنيناتهم بناتي حته مني بس ميادة روحها حلوة وهتلاغي الكل وانت مچلعها لكن حليمة دايما واخده چنب وانت التاني جليل لما تناجرها ولا تتحدت معاها..
نفخ فهد بضيق من تسرعه واستأذن في الخروج هاربا من عتابها اياه، وجد امامه ميادة وحليمة تلعبان سويا فاقترب منهما قائلا:
اني ماشي مفيش طلوع برة الدار لحد ما ارچع مفهوم؟
ميادة: اوعاك تنسى العروسة
فهد بتردد: وانتي رايدة ايه يا حليمة
ابتسمت اليه حليمة بهدوء قائلة: سلامتك ياعمي
فهد: خلاص اني هچيبلك حاچة هتعچبك جوي بس اوعي البت ميادة تضحك عليكي وتاخدها
نظرت اليه ميادة بغيظ واحتضنت حليمة قائلة:.
اني مهاخدش حاچة حليمة واصل اني بحبها اكتر من حالي ومن كل الناس
ابتعد فهد عنهما مغادرا الى وجهته مبتسما على تلك المشاكسة الصغيرة لائما نفسه على اغضابه لنوارة بعدما استقرت امورهما مؤخرا.
نظر يوسف بانكسار وترجي إلى مصطفي يحاول معه محاولة أخيرة أن يتفهم موقفه ليتحدث مصطفي بجدية قائلا:.
انت متعرفش تحب يا يوسف انت حبيت مميزات سهيلة، أجمل بنت في الكلية والأذكى والأغنى انا فاكر لحد دلوقتي اد ايه كنت بتحاول ترضيها بكل الطرق مفيش حاجة تخليها تحبك وتوافق تتجوزك ومعملتهاش ومع اني حذرتها كتير منك بس زي ما بيقولوا مراية الحب عامية، عارف حتى لو سهيلة بتخلف كنت برضه هتتحجج انها انشغلت عنك بالعيال وهتخونها وهتبرر لنفس تصرفاتك.
يوسف: على فكرة انت مش فاهم حاجة، انا فعلا جرحتها بس اعتذرت اكتر من مرة ورفضت اتخلي عنها ولحد دلوقتي رافض اطلقها وعرضت عليها نسافر برة او توافق هي على جوازي المؤقت من داليا بنت خالي لحد ما تخلف ووقتها هاخد منها الطفل و...
قهقه مصطفي قائلا:
وهتخلف انت وهي باللاسلكي ولا ايه؟
احس يوسف بالحرج من سخرية مصطفي فتحدث بثبات:
عادي ده جواز مش عيب ولا حرام.
مصطفي: طبعا مش عيب ولا حرام منقدرش نحرمك من حقك انك تكون اب او انك تتجوز غير سهيلة بس صدقني انت مش محتاج اللفة الطويلة دي كلها سهيلة خلاص رافضة وجودك في حياتها وانت روح لداليا واتجوز زي الناس وربي ابنك معاها هي، اختي مش مضطرة تربي ولادك لمجرد انها بتحبك لأنك لو بتحبها فعلا مكنتش هانت عليك.
يوسف: يعني ده أخر كلام؟
مصطفي: ومعنديش غيره
يوسف: حاضر يا مصطفي هطلقها ومش هتشوف وشي تاني بس صدقني مسيرها تندم وتعرف اني كنت شاريها
مصطفي بحزن: متقلقش هي فعلا ندمانة جدا انها اختارتك من بين الكل ومتقلقش حتى لو خسرتك كفاية انها هتكسب نفسها.
تحدث نعمان الى شهيرة بشماته متلاعبا بها:
أباي عليكي يابت ياشهيرة وانتي مغلولة اكده وهتطرشجي من الغيظ
شهيرة: وااه، بكفياك عاد يا نعمان من عشية وانت عامل كيه المغنواتي ابو ربابة وداير ورايا ترازي فيا.
نعمان: اصل شكلك لما چالك الخبر ان نوارة چابت الواد وان فهد هيسميه چاد يجول ان ماتلك ميت
شهيرة: نجول ايه ماهي اختك الحزينة بجالها سنة ومجدراش تشيل منيه والتانية چابت الواد اللي هيجش.
نعمان: ربك كريم عجبالي عن جريب
شهيرة بتوتر: تجصد ايه في ليلة المغفلجة ديه
نعمان: اجصد ان كيه اختي ماهي مجدراش تشيل عيل من فهد، انتي التانيه بجالك سنتين اها ومشوفناش حاچة.
شهيرة بثقة: اني مخلفة ولدين جبل اكده دور انت على حالك
صفعها نعمان بقسوة اوقعتها ارضا قائلا:
ليلة اللي خلفوكي مطينه بطين، تجصدي ايه، العيب مني اياك، طب ايه جولك اني هتچوز السبوع الچاي وهچيبهالك اهنه تكيدك وتربيكي يابت عمي وهنشوف اني ولا انتي يا أم الولدين...
تركها نعمان ملقاة أرضا تنعي حظها وخرج مسرعا بينما ظلت هي تتوعد للجميع...
تحدثت بثينة بغضب الى خالتها جميلة
ابنك هيتحاسب جدام ربنا على عمايله السوده ديه، بجاله شهرين معتبش عتبتي وجاعد تحت رجلين السنيورة.
جميلة: فهد مبيجعدش چار نوارة فهد ليل نهار هيشتغل في البندر ولساته راچع لما چاله بشارة المولود
بثينه: وانتي محموجة اكده ليه؛ اه صوح مانتي التانية معندكيش اغلى من نوارة وبناتها
جميلة: چك خابط في نافوخك يا بثينه هتعلي صوتك على يابت، جومي اضربيني كفين كماني يمكن نارك تبرد هبابه وتعجلي..
اني خابرة ان الغيرة مرة وعشان اكده مهردش عليكي بس لو اتكررت تاني وجليتي أدبك الله في سماه لكون چيباكي من شعرك ومعرفاكي ان الله حج ومحمد رسوله
تركتها جميلة وتوجهت الى غرفتها واخذت بثينه تدعو الله ان يأخذ نوارة وبنتيها والا تراهم ثانية
خانتها بسمتها وتسللت الى محياها فأنارته بجمال سلب فهد عقله فاقترب منها ناظرا اليها بهيام قائلا:.
ممصدجاش اياك، بثينة وشهيرة جالوا انك سحرالي
نوارة: أباي، كانك مصدجهم
فهد: ومصدجش ليه، بذمتك انتي شايفة ان فهد السياف اللي كان بنات النچع بيچروا وراه مهواش شايف في الدنيا غير نوارة وبس، اكيد فيه سبب.
نوارة: اكيد سحرالك
فهد: معلوم عاد، سحرالي وعملالي عمل بالمحبة
قهقهت نوارة وكأنها تذكرت شيئا ما، اتكأت على مرفقها لتعتدل قليلا بينما انتظر هو حديثها
قالت ومازالت بسمتها تداعب وجهها:
امي واني صغيرة تعبت من اللف على الحكما والشيوخ والأولياء لحد ما ستي الله يرحمها جالتلها تعالي يابت يا بهية نجيص جطرك في راجل بيجولوا عليه شاطر جوي يمكن حد يكون عاملك ربط ولا ساحر لإبراهيم.
فهد: ها وبعدين؟
نوارة: امي راحت والراچل عملها حچاب واداها ماية ترشها تحت عتبة الدار، بس ابويا چاله خبر انها طلعت من وراه ولما سألها وجالتله اللي حوصل مسكها من رچليها كيه العيال السغيره ومدها بالفلكة وهي تعيط وتجوله مهعملش اكده تاني وهو يضرب ويجولها من أتى دچالا فقد كفر بما چاء على محمد.
قهقه فهد بقوة وفعلت نوارة المثل ليتوقف العالم من حولهما للحظات ظل فيها يتساءل هو هل من الممكن يستمر الحال بينهما هكذا.
نوارة: ساكت ليه دلوك لسه مصدج اني سحرالك؟
فهد وقد القة بنفسه بين يديها وكأنه طفل صغير يشتاق الى احتواء والدته
خابرة يانوارة اني طول عمري جلبي چامد ومهخفش من حاچة واصل حتى لما دخلت الطهادية كنت اشطر چندي في دفعتي، عمري ما حبيت ست ولا اتمنيت حد غيرك انتي، طول الوجت رايد انام في حضنك اكده.
منعها حيائها أن تجيبه فرفع وجهه اليه محاولا فهم ما تود قوله أعجبه خجلها الذي زادها جمالا بعينيه فاكتفى بالصمت وشدد من احتضانها وكأنه يود اقتلاعها من جذورها وغرسها بأرضه هو...
مرت ثلاثة أشهر بعد ولادة نوارة لجاد وكالعادة كانت تلح على فهد في أن يعدل بينها وبين بثينة وكان يستجيب رغبة في ارضائها الا أن الأخرى كانت تزداد كرها لغريمتها معتقدة ان ابتعاد فهد عن دربها عائد اليها وازدادت بغضا لها عندما علمت أن نوارة قد حملت للمرة الثانية كما يقولون عقب الاربعين.
جن جنونها وعزمت امرها على التخلص من نوارة وذلك الحمل...
اصطحب فهد نوارة واطفالهم الى بيت والده للاطمئنان على صحته بعدما اصابته وعكة صحية قوية، جلس هو بصحبة نعمان وحماد وصعد نوح إلى الأعلي لجلب بعض اعواد الخشب لإشعال نيران الركية وانتبه الى عمته بثينه تصب سائلا ما أعلي درجات السلم، لم ينتبه نوح في بادئ الامر لكنه بفطنته استنتج ما يحدث عندما اقتربت نوارة من أولى درجات الهبوط الى اسفل لتنزلق قدماها وتقع بقوة تحت انظار بثينه المتشفية.
هرول فهد وفي اعقابه نعمان عندما صرخت نوارة بقوة قبل ان تفقد وعيها
كان فهد يبدو مغيبا وكأنه قد فارق الحياة، ينظر اليها بخوف لم يعهده من قبل
اسرعت جميلة باتجاه نوارة صارخه فيهم
حد يشيلها يولاد، يامري البت بتنزف يافهد، ياحول الله ياربي
وجه فهد نظراته ناحية بثينه قائلا:
ايه اللي حوصل يابثينه، مين اللي وجعها
بثينه: مخبراش، يعني مين هيوجعها، اكيد رچليها انتنت ولا اتزحلجت.
نوح بثبات: يمكن الزيت اللي انتي كبتيها يا عمه هو اللي وجعها
شهقت جميلة بفزع وارتعبت بثينه لكنها ادعت الصدمة:
وااه، زيت ايه يا مخبل اللي هكبه، دي مايه كنت بنضف بيها
حمل فهد نوارة وتحدث الى نعمان بجدية
حصلني يا نعمان وهات معاك رچلين من معارفك يمكن نحتاج ننجلولها دم، استدار بهدوء الى والدته مقررا:
لو نوارة حصلها حاچة بت اختك هتكون طالج مني.
ابتعد فهد وادار سيارته متجها الى مشفى المركز واسرع نعمان الى تنفيذ مطلبه بعدما نظر إلى اخته بخيبة أمل.
لطمت جميلة بثينة بخوف عليها ومما سيحدث لها من فهد قائلة:
منك لله يا بثينه، عجلك شت خلاص رايدة تولعي الدار حريجة، ليه يابتي ليه اكده ديه نوارة أغلب منها مفيش
ادعي ربنا بجى تجوم منيها والا هتكوني جطعتي عيشك بيدك...
ابتعد الجميع وظل نوح مكانه فاقترب منه شقيقه يوبخه على فعلته
ايه اللي هبتته ديه يانوح، رايح تفتن على عمتك
نوح: اللي غلط يشيل ليلته اني جولت اللي شفته، خليها ماشية ورا أمك لما تخرب عليها.
حماد: بس عمك فهد مهيسكوتش وانت اكده وجعت الدنيا في بعضها
نوح بجرأة: متخافش كيه ما جولتلك جبل اكده انا وانتي محدش شايفني يمكن بعد اللي حوصل يعملونا حساب ويعرفوا اننا فاهمين كل حاچة ومنيمينش على ودانا.
لم يستطع حماد أن يتفهم تصرف أخيه ولا شخصيته الجادة فهو بالبداية ظن أنه لم يقصد أن يخبر فهد بما رأه ولكنه تأكد الأن ان نوح لا يخطو خطوة دون أن يحسب عواقبها جيدا...
احتدت نظرات فهد عندما رأي الطبيب ممسكا بيد نوارة يتبين نبضها لكنه آثر الصمت إلى أن يطمأن عليه، بعد قليل لحق به نعمان وبعض من رجال العائلة.
حاول نعمان التحدث الى فهد الا انه تراجع عندما استمع إلى الطبيب قائلا بجدية
للأسف الجنين نزل والرحم اتضرر بس بالوقت ان شاء الله هتتحسن، ربنا يعوضكم خير
ابتلع نعمان ريقه بتوتر فمهما حدث تبقي بثينه شقيقته، يعلم انها اخطأت ولكن الغيرة طبع يصعب التخلص منه لذا فهو يلتمس لها عذرا حتى وان لم يلتمس لها فهد اعذارا.
بينما كان فهد شاردا حزينا من اجل نوارة ومن اجل طفله الذي فقده قبل أن يأتي لا لشئ الا لأحقاد وغيرة عمياء..
لكنه قد أحس بشئ من الراحة بعدما وجد فرصة مناسبة للتخلص من بثينه دون حرج من اعمامه...
افاقت نوارة بعد قليل تشعر بألم قوي بجسدها، اخذت تتأمل المكان من حولها بمهابة لكنها اطمأنت بعدما لمحت فهد واقفا بجانبها، مدت يدها اليه فاقترب منها متحدثا بحنان وخفوت: حمد الله بسلامتك يا نوارة
نوارة: احنا في المستشفي ولا ايه؟
فهد: ايوة، اني چبتك على مستشفى المركز بعد ما وجعتي
نوارة: هو الحمل نزل يا فهد؟
اومأ اليها بهدوء ورغم حزنها الا انها تحدثت قائلة:.
الحمد لله على كل حال، ربنا يفاديك انت وچاد وخواته
بقيت نوارة بالمشفي عدة ايام تحت اصرار فهد الى ان اطمأن على سلامتها وعادت الى بيتها، اعتذرت اليها جميلة وطلبت منها ان تحادث فهد بشأن بثينه فمهما فعلت هي ابنة عمه ولا يجوز ان يطلقها ويلقيها هكذا..
صدمت نوارة بعدما علمت ان بثينه سبب وقوعها لكنها فعلت ما طلبته جميلة وطلبت من فهد مسامحتها الا أنه رفض الاستماع اليها...
بعد مرور عدة أشهر ومع جاد وجميلة اعاد فهد بثينه إلى عصمته شرط أن تعتذر الى نوارة وتقبل اعتذارها...
ومرت شهور أخرى وسنوات تحسنت خلالها علاقة فهد بنوارة وكبر جاد قليلا وازدادت ميادة وحليمة جمالا ونضجا.
تزوج نعمان بأخري رغم اعتراض شهيرة وانجبت له ولدا وانجبت شهيرة بنتا اسمتها رباب...
اكتفى حماد بحصوله على مؤهل متوسط واستعان به فهد في ادارة شؤون الاراضي الخاصة بهم في القرية، والتحق نوح بكلية الهندسة
اوشكت ميادة وحليمة على بلوغ عامهما الثالث عشر وحماد الان بالثالثة والعشرون ونوح بالحادية والعشرون...
توجه فهد بعد يوم عمل طويل إلى بيت العائلة، جلس بجانب والدته التي بات يصاحبها الصمت اغلب الوقت بعد موت جاد، قبل يدها باحترام قائلا:.
كيفك ياست الناس، اتوحشتك جوي
جميلة بحب: بخير ياجلبي، بجالك ياما غايب يافهد
فهد: اعمل ايه، الشغل ماشاء الله كتير ومحتاچ الواحد يبجى عينه في وسط راسه
جميلة: ربنا يوسع رزجك ويعوض عليك..
ابتسم فهد بسعادة قائلا: نوارة حامل يامه، شوفتي بعد السنين دي ربنا كرمنا تاني.
جميلة بسعادة غابت عنها منذ زمن:
الله اكبر اللهم صلي عليك يانبي، متجولش ياولدي جدام حد، ربنا يكفيكم شر الناس
بحث فهد بعينيه عن ميادة وحليمة ولم يجدهما فتساءل بقلق
فين البنات يامه، اهنه ولا روحوا؟
جميلة: فوج عند بثينه
فهد بغضب: وااه، واني جولت جبل اكده ملهاش صالح بيهم ولا بنوارة
جميلة: يابني خلاص، بجالك كام سنه كارفها وهتكلمها بالعافية غلطة وراحت لحالها، وزة شيطان وبعدين بثينه كيه عمتهم ولا نسيت؟
غمغم فهد معترضا وتوجه إلى الأعلي باحثا عنهما، فتح باب غرفتها قائلا بجدية:
ميادة، حليمة همي انتي وياها خلونا نروحوا
بثينه بحزن: خليهم يافهد
فهد: ليه، هتحبيهم اياك؟
بثينه: وهكرهم ليه عاد، دول بنات سلمان الله يرحمه وسلمان كان غالي عند الكل..
قالت جملتها الأخيرة بتأكيد وكأنها تقصد أن تنغص عليه صفوه فابتسم اليها قائلا بسخرية
فيكي الخير يابت عمي، يلا يا بت انتي وهي امكم لحالها في الدار..
توجه فهد بصحبة الفتاتين نحو باب المنزل ناويا الخروج الا أن والدته استوقفته قائلا:
شهيرة چوة مستنياك وجالت ريداك ضروري يافهد
فهد: يا ساتر يارب، شهيرة اكيد حوصل نكبة جديدة
ترك الفتاتين بصحبة والدته ودلف إلى شهيرة التي استقبلته مبتسمة وكأنها على وشك الحصول على جائزة كبرى
شهيرة: اخبارك ايه يا خوي؟
فهد: بخير الحمد لله، انتي كيفك ونعمان عامل ايه معاكي.
شهيرة: كيه ماهو يافهد، بس بيدي ايه اعمل، اديني عايشة وساكته
فهد: اني فايتلك مع امك فلوس ادتهالك
شهيرة: تسلم وتعيش ياجلب اختك، اه خدتهم ياخد عدوينك، اني كنت رايدة اكلمك بخصوص حليمة وميادة.
فهد بقلق: مالهم؟
شهيرة: كبروا اسم الله عليهم وحماد ونوح كمان، وانت واعي ان ابوك الله يرحمه جال حليمة لحماد وميادة لنوح
فهد بتأفف: خابر ياشهيرة بس البنات لساتهم بيتعلموا وامهم رايدة يكملوا للأخر
شهيرة: كيف يعني رايدني اسيب ولادي لامن يشيخوا وهما جاعدين يستنوا، نچوزوهم وبعد اكده يحلها المولى
ثم استكملت بدهاء، خلي الچو يخلالك وتعيشلك يومين مع نوارة بعيد عن وچع الجلب اني غرضي مصلحتك.
نظر اليها فهد قائلا:
هفكر وبعدين نشوف اني راچع من السفر هلكان، تصبحي بالخير...
استقبلت نوارة زوجها بخفوت وتعب ناتج عن حملها الحديث الا انها حاولت رسم ابتسامة خفيفة تخفي خلفها ما تشعر به من الم نفسي وجسدي، ارتمى جاد بحضن والده.
بسعادة وبادله فهد باشتياق بينما عيناه كالعادة متعلقة بنوارة
تناولوا جميعا طعام العشاء واكتفت نوارة بلقيمات قليلة للغاية وتوجهت إلى غرفة نومها بصحبة فهد بعد ان نام اطفالهم...
نظر اليه فهد بنظرات لم تعهدها نوارة، ارادت ان تسأله عما يفكر به لكنه سبقها قائلا:
جولتلك جبل اكده البنات ميروحوش الدار عند امي لحالهم، مظبوط الكلام يانوارة ولا مجولتش؟
نوارة: مظبوط بس امك شيعت مع نوح وجالت اتوحشت البنات وچاد واني مجدرش اكسر بخاطرها.
فهد: بكيفك بس ديه اخر مرة هحذرك المرة الچاية متزعليش مني لما اتصرف بطريجتي
نوارة: حصل ايه عاد يافهد معيزهمش يشوفوا ستهم
فهد بغضب: بناتك كبروا والدار فيها راچلين والمفروض انهم مكتوبين لبعض فهمتي ولا نجول كمان؟
نوارة بفزع: لاه، البنات لساتهم صغار، وهيكملوا علام، انت وعدتني
فهد: ان شاء الله ربنا يجدر الخير اني تعبان ورايد انام، طفي اللمبة ديه ونامي انتي كمان شكلك تعبانه.
اغمض فهد عينيه بإجهاد جعله يغفو سريعا بينما ظلت نوارة ساهرة ليلها تخشى من القادم ومما كتب عليها وعلى بنتيها...
رواية أمواج قاتلة الجزء الأول للكاتبة نداء علي الفصل العاشر
ونضعف وننكسر ويصبح ذلك الانكسار احد اسباب قوتنا ولا أحد يدرك من أين تأتينا الرغبة في البقاء بعد الانتهاء والانطفاء، ربما هي تلك الخلطة السرية العجيبة التي غرسها الخالق بالنفوس كي يحثنا على الاستمرار رغم مرارة الحياة ومأسيها، فكم من حياة عصفت بشراعها الأمواج العاتيه وحطمتها على صخور الواقع الا أن ربانها عاد من جديد ممسكا بالدفة من جديد وكأنه لم يصبه بأسا من قبل...
انها غريزة البقاء وحب الحياة...
ويبقي العاشق أنانيا مهما حاول التصدي لتملكه الا ان العشق ماهو الا جنون وتملك
ظل فهد يرفض ما تعرضه شهيرة بشأن زواج ولديها من ميادة وحليمة رغبة منه في تنفيذ وعده لنوارة بشأن استكمال تعليمهما ولكن بقى بداخله بعض الميل للموافقة فهو يود الاستئثار بقربها بمفرده، لديه الرغبة أن يشعر انها لا تفكر بسواه
ولكنه استمع الى صوت العقل وقرر تأجيل خطوة زواج الفتاتين بالوقت الحالي.
بينما شهيرة لم تيأس ولن تفعل لذا اقنعت حماد وفشلت في اقناع نوح بالتقرب من البنتين
تحدثت بمداهنة الى نوح قائلة:
ياواد اسمع كلامي، البنات لساتهم صغار وسهل تخلوهم كيه الخاتم في صباعك انت واخوك يعني لو واحدة منيهم اتچوزت واحد غريب مهچيش چوزها ويجول فلوس مرتي وحجها.
وانت خابر زين چدك الله يرحمه جبل موته كان حاططلهم فلوس ملهاش آخر في البنك غير الاراضي اللي كتبها باسمهم، ولا انت مفكر يا حبيب امك انك هتفضل متمرغ اكده في الخير لو حد غريب دخل بيناتنا
نوح بهدوء: كلمي حماد اهو جاعد چارك اها، اني مليش خلج للحديت ديه ولا عندي وجت ادلع واسايس.
شهيرة: اباي عليك وعلى دماغك اللي كيه البلغة الجديمة؛ بكرة تندم وتجول ياريتني خليك جاعد اكده والست نوارة تفضل ورا فهد ويخشوا الچامعة ويومين والتالت وتبجى كل واحدة في يدها عريس من البندر
حماد: كيف الحديت ديه، چدي الله يرحمه جال حليمة وميادة ليا اني ونوح
شهيرة: اها، انت جولت الله يرحمه والأمر والنهي دلوك بيد فهد وفهد بيه ماشي كيه الأعمى ورا نوارة يبجي ايه الحل؟
استمع نوح الى ما تقوله ولم يعقب بينما اقتنع حماد كليا بكلماتها وأخذ على عاتقه أمر متابعة حليمة وإغداقها باهتمامه حتى تصبح أسيرة لهواه فيضمن ألا تصبح لغيره.
توجهت بثينه الى ذاك المكان البعيد بصحبة شقيقتها تبحث عن حل لما تعانيه من فراق بينها وبين فهد، اقترحت شقيقتها عليها الحل قائلة:
هاتيلي حاچة من خلجاته وتعالي معاي هوديكي للشيخ هارون ده سره باتع ومفيش حاچة بتعصى عليه واصل
بثينه: وااه رايداني اسحرله يا رضا
رضا: حجك وبتدوري عليه، ده چوزك وانتي أولي بيه من الغريبة بكفياها چابت منه الواد وشايله تاني بطن اهي وانتي جاعدة كيه البيت الوجف...
بثينه: بس..
رضا: مبسش، هتجومي ونشوفلك حل ولا اروح اني مفضياش؟
استجابت بثينه لما قالته رضا فهي على حق لابد ان تنعم بقرب زوجها مهما كانت الوسائل
استمعت بثينه بحذر إلى ذلك الرجل الجالس امامهم بتركيز عندما سألها
يعني انتي رايدة ايه دلوك؟
بثينه: رايده چوزي يحبني وميشفش غيري، ريداه يكره مرته التانيه وميطجهاش واصل
تحدثت شقيقتها بمكر قائلة:
لاه، خليها هي تكرهه وتطفشه ووجتها هيچيلك راكع.
ابتسمت بثينه بشماته لمجرد تخيلها لفهد عائدا اليها نادما على تركها لها تلك السنوات.
تحتوينا وحدتنا وتهدهد أهات تختبئ بداخلنا، اتخذت نوارة من عزلتها ملاذا لها بعدما ضاقت به السبل لا تدري ما حل بها، نفور قوي يجتاحها كلما اقترب فهد من مكان وجودها، اصبحت تكره حضوره وتستلذ غيابه، صارت وقع خطواته اشبه بنيران تلتهم روحها، حاولت جاهدة ان تدفع عنها ذاك الشعور دون فائدة فاختارت البعد، بينما هو قد اصابه القهر من تجاهلها الدائم له يشعر انه كان بالجنة وحرم منها مكرها دون ذنب ارتكبه..
اتجهت ميادة وحليمة الى بوابة المدرسة الخارجية عائدتين الى البيت، بمنتصف الطريق وجدت حليمة حماد واقفا بانتظارها كعادته تلك الايام ابتسمت اليه بخجل بينما تحدثت اليها ميادة قائلة بخفوت:
خبر ايه يا حليمة هو كل يوم ولا ايه؟ ميصوحش اكده لو عمك فهد خد خبر هو ولا امك ميهسكتوش ويمكن يجعدوكي من المدرسة
حليمة: وااه وفيها ايه لما يجف يستنانا ده چزاته انه خايف علينا.
ميادة: ياستي مجولناش حاچة بس ايش عجب دلوك كان فين الاول!
حليمة: يابت مكناش كبرنا اكده وبعدين ماهو في الاول والاخر واد عمنا وهيبجى چوزي
ميادة: كل شي نصيب ياختي
حليمة: اسكتي انتي وخليكي كيه نوح ابو بوز اجطم
ميادة: يا ساتر عليكي وعليه ده واد بارد وشايف حاله جوي كان مفيش منه اتنين بالنچع.
اصبحت حليمة متيمة كليا بحماد وكلماته المعسولة فصغر سنها وبعدها عن الاحتكاك بأحد سواه جعلها ترى به فارسا لأحلامها، في بادئ الامر كان يرى بها فريسة سهلة جمالا ومالا يسهل الحصول عليه لكنه وقع هو الأخر اسيرا لحبها لكن والدته لم تتح له المجال بل اخبرته ان حليمة كوالدته حبهما لعنه تصيب الرجال بالضعف، لا مانع ان يحبها ولكن ينبغي الا يظهر ذلك حتى لا تتمادى في تعاملها معه.
عاد فهد من سفره مرهق اضناه الاشتياق والصد الدائم منذ شهور من تلك المرأة التي ورغم ما تفعله الا انه يزداد عشقا لها، بينما نوارة كانت تعاني من ضيق ينغص عليها حياتها ترغب وبقوة في أن تلقي بنفسها بين يديه تشتكي منه واليه ما تعانيه لكنها تتمنع مرغمة وكأن ما بينها وبين فهد بحور من نيران يصعب اطفائها او النجاة من امواجها.
دلف الى غرفتهما وجدها كالعادة شاردة احتضنها برغبة وبادلته في بادئ الأمر لكنها ووسط ذوبانه بين همساتها الخافته ابتعدت عنه بنفور وكره اصابه بالذهول والبغض
تحدث بتعجب قائلا:
وااه في ايه عاد يا نوارة حرام عليكي اكده بجالك اد ايه مانعه نفسك عني واجول معلهش تعبانه من الحمل لكن اكده كتير بكفياكي احسنلك
صرخت نوارة بوجهه وكأنها ترى امامها عدوا وليس حبيبا كانت تتنعم بأحضانه منذ قليل قائلة:.
جولتلك تعبانه ومطيجاش روحي وانت كل اللي هامك مزاچك وبس حل عني وروح لمرتك التانيه ولا الاسم متچوز وخلاص، روح وريحني مش انت اتچوزت لاچل تكيدني ايه اللي چد ليل نهار جاعد اهنه ترازي فينا ومهملها هناك عايشة براحتها
نظر اليها فهد لا يصدق ما تقوله يود ان يقتلها ولا قلبه الخائن يرفض ينبغي عليه ان يرد لها إساءتها ولا يدري كيف!
انها تكرهه وما مضى كان ادعاء منها كذب واوهام، لحظات صدق فيها انها صارت تبادله حبه لها واقتربت من نسيان شقيقه
احتدت عيناه وسيطر عليه الغضب واعماه عن تشوشها الواضح وتخبطها ليهتف بتأكيد وثقة قائلا:
معاكي حج اني مفروض اكون عادل بينك وبينها وان شاء الله هيحصل خصوصي بعد ما اچوز البنات لولاد عمتهم ويبجوا معانا اني وبثينة، وانتي خليكي اهنه ربى ولادك بكفايه اكده على ولاد سلمان...
بعد لحظات استجمعت نوارة شتات عقلها وادركت ان فهد صادقا بكلماته:
جثت نوارة على ركبتيها أمامه منتحبة بقوة قائلة:
حرام عليك يافهد حليمة لسه عيلة صغيرة كيف تچوزها تضيع مستجبلها!
فهد بقسوة: هو ستر البنته بجى چريمة ياست نوارة
نوارة: ملكش صالح حليمة بتي أنا وسلمان وابوها موصيني تكمل علامها هي واختها
فهد بعناد: وابوها مات الله يرحمه واني بجيت مسؤول عنهم وكلمتي هتمشي عالكل.
نوارة: اني موافجة اللي انت تؤمر بيه بس چواز لاه، ابوس يدك انتوا طمعانين في الارض والبيت خدوهم ما انتوا سابج وخدتوا ياما، بس بلاش بناتي يافهد
فهد بكره: لو چواز حليمة هيحرج جلبك اكده هعمله يانوارة، هچوزها وهتشوفي عندك معاي هيوصلنا لفين
نوارة: لاه يا فهد كله الا بناتي، طلجني وحل عني اني كرهت الدنيا باللي فيها بسببك وخدوا الفلوس والارض وهملني أربي بناتي بعيد عن حجدكم وكرهكم لأبوهم.
أمسكها فهد من معصمها ساحبا اياها بقسوة الى أن القاها بداخل غرفتها مغلقا عليها الباب قائلا:
بكرة المغرب كتب كتاب حليمة وحماد ومتجلجيش يأم العروسة هنعملولها فرح يليج بيها دي مهما حوصل بت الغالي
وكمان لاطل خاطرك هنكتبوا كتاب ميادة ونوح خلوني نفرح مرة واحدة.
تركها وغادر مسرعا فرغم حقده عليها الا أن دموعها تؤذيه أمامها يشعر أنه مصاب بالفصام؛ يعشقها ويتعمد أذيتها؛ يسعى الى وصالها وبأفعاله ينفرها منه، حاول كثيرا أن يبتعد عنها ويتركها كما تطلب لكنه لا يستطيع فهي كما الهواء بالنسبة له..
هو على يقين أن زواج حليمة خطأ كبير فهو على دراية بطباع حماد وسلوكه الفج ولكنه يأمل أن تبتعد حليمة عن دربه فهي شبيهة أبيها تذكره بسلمان ذاك الأخ الذي قضى سنوات طفولته محاولا الاقتداء به الا أنه فشل...
سلمان لم يكن مثله بل كان أشبه بحلم مر بعالمنا تاركا وراءه قلوب تطوق الى اللحاق به
كان الاقرب الى قلب والدته؛ مثال لشباب البلدة يتمني الجميع أن يصبح ابنائهم على شاكلته..
حتى فهد كان يحبه بشدة بمراحل طفولته الأولي وصباه، لم يدرك إلى الأن كيف تغيرت نظرته لأخيه بمرور السنوات من أخ وصديق الى عدو ومنافس
حسم فهد صراعه الذي أرهقه بين ماضي قد ولي وحاضر يعيشه ويعاني به فما يهمه الأن هو نوارة فهي التحدي الأخير والفيصل في تلك المقارنة بينه وبين شقيقه
على أحدهم أن يدفع ثمنا لذاك الصراع القاتل الذي يعانيه ولتكن حليمة هي الفاعلة ومن منها يستحق أن يعاني مثلما يعاني هو.
أخذ فهد يتمتم بسخط وجنون قائلا:
، هتنسي برضاكي أو بالغصب
كانت سهيلة تشعر بشئ يجذبها إلى تلك الدار دون غيرها تقضي بها اغلب وقتها استطاعت بمساعدة مصطفي انشاء اكثر من دار لرعاية الاطفال اليتامي ولكنها تختص ذاك المكان باهتمام لا تدري سببه الحقيقي
تنتظر قدوم شخص بعينه ولا تعلم ماهية ذلك الشعور الذي يلازمها
نظر اليها مصطفي بتمعن قائلا:.
ايه يابنتي بكلمك بقالي ساعه، انا شايف ان الدار دي ملهاش لازمة بقالها كتير مفتوحة ومفيش اطفال ولا حاجة
سهيلة: عادي يا مصطفي احنا بنساعد الارامل وفاتحين فصول لتعليم البنات اللي اتحرموا من التعليم
مصطفي: ايوة بس عدد قليل جدا الناس هنا عقولهم صعبة اوي
سهيلة: حاولت والله يامصطفي اقفل المكان هنا فعلا بس حاسه اني مرتبطة بيه اوي
مصطفي ضاحكا: ايه شغل الروحانيات دي
سهيلة: اسكت بدل ما اضربك، كلمت يزيد يا مصطفي.
مصطفي: كلمته وقال هينزل اخر الشهر ومتحمس جدا انه يشارك معانا
سهيلة: مش عارفه حاسه انه هيزهق بسرعه يزيد طول عمره غاوي مزيكا وفن معرفش ايه اللي خلاه بعد فجأة وسافر
مصطفي بمكر: واحدة الله يسامحها كان بيعشقها وهي كانت بتحب واحد حمار
قهقهة سهيلة قائلة:
انت بجد مشكلة يابني انا عمري ما تخيلت ان يزيد بيحبني انا كنت بعتبره زيك بالظبط.
مصطفي: لا ياختي طب انا حظي وحش ورضعنا مع بعض لكن انتي وهو مش اخوات ميحبكيش ليه؟!
سهيلة بحزن: كل شئ نصيب يا مصطفي اكيد ربنا بيحبه انه بعد عني
احتضنها مصطفي بحب قائلا:
ربنا بيحبنا كلنا والا مكنش خلقنا الأهم احنا نحب نفسنا ده المهم..
تزينت بثينه ناظرة إلى نفسها بسعادة فهي على يقين ان فهد سوف يأتيها ولكن هيهات، فمن الممكن ان تأتي اعمال السحر بالمطلوب، يمكن ان تجعل احبابا يفترقوا وعشاقا يهيمون على وجوههم باحثين عن انفسهم لكنك لن تغير ما كتبه الله ان لم يقدر
توجه فهد الى بيت شهيرة واخبرها بموافقته على زواج ميادة وحليمة
وتوجه إلى بيت والدته واخبرها بما سيحدث جلس مع نوح وحماد وحدد معهما التفاصيل قائلا:.
بكرة كتب الكتاب وبعد اسبوع دخلتك يا حماد انت وحليمة اما انت يانوح فهنستنوا لأخر السنه لامن تطلع شهادة الچامعة
لم ينتظر ردهما وغادر مبتعدا عن الجميع بينما بثينه كادت ان تجن من تجاهله لها
في اليوم التالي تم عقد قرآن ميادة ونوح وحليمة وحماد وما ان انتهي حفل الاشهار الذي اقامه فهد حتى اقتربت منه نوارة تنظر اليه بكره قائلة:
اني بكرهك يا فهد بكرهك ومهما تعمل ميهفرجش معاي.
ابتسم وداخله يئن وجعا من قسوتها وابتعدت مرغمة فهي لا ترغب بالبعد عنه مطلقا...
اعدت شهيرة ما يلزم لزواج ولدها البكري بصدر رحب وسعادة فهي قد اوشكت على بلوغ أولى طموحاتها وظلت نوارة حبيسة غرفتها تداهمها مشاعر مؤذية لا يريحها منها سوى النوم ورغم ما تراه من احلام مفزعة الا انه صار احب اليها من واقعها المرير...
ليلة الزفاف وبعد أن صعد حماد بصحبة عروسه اقتربت منه والدته تحدثه بخفوت
مبروك يا واد ياحماد، اوعى تنسى اللي اتفجنا عليه ادبحلها الجطة بدل ما تبجى شخشيخه بيدها
اقترب حماد من حليمة بخطوات وئيدة كانت نظراته مسلطة على جسدها برغبة أودعت في قلبها رعبا لم تذقه من قبل
حاولت التحدث اليه الا أن دموعها الغزيرة قد أوقفتها.
جذبها اليه بقوة محاولا أن يبدو مسيطرا منذ لقائهما الاول فكما اخبرته والدته عليه أن يكن قاسيا حتى ينال منها ما يريد فان تهاون معها سوف تتدلل عليه وينفلت منه زمام أمرها كما فعلت والدتها بعمه سلمان سابقا وحالها الأن مع فهد.
مزق فستان زفافها بقوة أجفلتها وأحست أن روحها تمزقت معه، قبلها بجرأة متعمدا الا يتحدث اليها ولو بكلمة واحدة، بينما كانت هي تشعر بالبرد وكأنها بليلة شتاء حالكة تائهة بقارعة الطريق تسعى إلى ركن تحتمي به فظهر أمامها ذئب شرس تحاول جاهدة أن تفر منه ولكن دون فائدة..
تحدثت بضعف قائلة:
جرى ايه ياحماد انت اتچنيت ولا ايه؟
كان حماد مغيبا تائها وسط رغبته القوية بامتلاكها وكلمات والدته تدق بأذنه وازداد صراعه عندما قاومته حليمة بشراسة قائلة
بعد عني ياحماد، بعد ياحيوان انت بتوچعني..
لطمها حماد بقسوة وعقل مغيب أثر ما تناوله من مخدرات اعتاد تجرعها وزادها الليلة فرحا بزواجه...
صرخت متألمة فباغتها بلطمة أخرى، نظرت اليه حليمة بكره شديد ورفعت يدها عاليا وصفعته ليزداد جنونه ويتمادى في تأديبها الى أن أفاق ولكن بعد فوات الأوان.
هرولت ميادة إلى الأعلي بعدما احست بقلبها ينشطر إلى نصفين وكانه قد طعن بسكين حادة، امسك نوح يدها قائلا:
رايحة فين يا ميادة ميصوحش تطلعي دلوك
ميادة بحدة: بعد عني، حليمة تعبانه
لم تكمل كلماته ليهبط اليهم حماد حاملا اياها بين يديه جثة هامدة يصرخ بخوف قائلا الحجوني..
بالمشفى اعلن الطبيب وفاة تلك الطفلة لتقع نوارة مغشيا عليها بينما بقيت ميادة واقفه تنظر إلى عمها ونوح بكره لا يمكن وصفه بالكلمات بينما قد اختفى حماد عن الأعين
ظلت نوارة بغرفة العناية الفائقة يومان لا يصحبها سوى ميادة لتدلف احدى الممرضات بعد قليل فتشهق بفزع عندما اعلن مؤشر نبض القلب عن وقوفه هرولت الممرضة تصيح
المريضة في غرفة 101 ماتت، قلبها وقف.
ابتعدت ميادة وكأنها آلة متحركة هاربة خارج المشفي تود النجاة بحياتها فقد قتلت شقيقتها ووالدتها قد توفت وتركتها وحيدة ولن يتركها نوح بل سيفعل معها ما فعله حماد...
أخذت تتنقل من وسيلة مواصلات إلى أخري لا تشعر بشئ ولا بوقت لا تعلم اين هي الأن بل تهبط من حافلة لتصعد لأخرى إلى أن حل المساء فوجدت أمامها لوحة مضاءة مكتوب فوقها دار للأيتام.
تحرك الطبيب بآلية الى غرفة نوارة بعدما استطاع اعادتها إلى الحياة وان لم تكن حياة فعليه الا انها عادت ووقف فهد ينظر اليها من بعيد وقد كتب عليه فراقها الى الابد بعدما حدث منه...
اقترب منه نوح واضعا يده فوق كتفه يواسيه ويواسي نفسه قائلا:
ان شاء الله هتجوم بالسلامة ياعمي
فهد: هتجوم يا نوح، هتجوم ولما تسألني عن بناتها اجولها ايه..؟جتلت واحدة والتانية هربت من الخوف.
نوح: هنلاجيها بأذن الله، الرچالة بيدوروا في كل مكان و...
فهد بكره: وحماد..؟!
نوح بتوتر: مخابرش من وجت اللي حوصل محدش شافه
فهد بعدم تصديق: ماشي يانوح، نوارة بس تجوم واني هتصرف وهچيبه لو تحت الارض هچيبه واخلص عليه بيدي.
يتبع
تعليقات
إرسال تعليق