القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية أمواج قاتلة الجزء الأول للكاتبة نداء علي كاملة الفصل الاول والتاني والتالت والرابع والخامس كامله على مدونة النجم المتوهج للروايات

رواية أمواج قاتلة الجزء الأول للكاتبة نداء علي كاملة

الفصل الاول والتاني والتالت والرابع والخامس 

كامله على مدونة النجم المتوهج للروايات 

تقديم الرواية


هل يكون الحب أقوى من ذنوب ارتكبت وجرائم ضحاياها كثر

أم أن الحب لا يكفي لدفع نيران الانتقام؟


تغيرت حياتها بلحظات وفقدت أمان أبويها وقتلت شقيقتها غدرا بيدي أقرب الناس اليها ففرت هاربة بعيداً عنهم

ومرت السنوات وصارت امرأة فاتنة يتلهف الرجال الى رؤيتها ونيل وصالها لتجمعها الصدفة بأحد افراد عائلتها

فهل تنجح بتحقيق هدفها أم تقع فريسة لأمواج قاتلة ومتصادمة تؤرجحها بين صرخات القلب بالعفو والنسيان ورغبة العقل في نيل الانتقام مهما كان الثمن.

اقتباس من الرواية


تفاجأت ميادة بوجوده بين الحضور فهي لم تتوقع رؤيته الأن.. استجمعت شتات نفسها سريعا واستكملت تأدية فقرتها الغنائية ببراعة كالمعتاد

لاحظت ميادة نظرات نوح المسلطة عليها فابتسمت اليه

انتهى الحفل وتأبهت ميادة للمغادرة ولحق بها الحرس المسؤولين عن تأمينها لكنها توقفت خارجاً عندما شاهدت نوح واقفاً بانتظارها

اقترب منها فعلمت انه ينوي التحدث اليها

نوح : مساء الخير يا فنانة

ميادة : مساء النور...


نوح : محتاج من حضرتك خدمة.. ممكن

ميادة بتعجب : اتفضل اكيد لو بايدي مش هتأخر

نوح : كتب كتاب اختي كمان اسبوعين ونفسها تغنيلها في الحفلة.


تغيرت ملامحها كلياً وكانها بوسط محيط مظلم غارقة وسط امواجه القاسية تصارعها حتي تنجو بحياتها.. عادت اليها تلك الذكريات البائسة بكلمة منه

تعجب نوح من هيأتها وكان علي وشك الحديث الا انها شهقت بفزع عندما لاحظت شعاع من النور الأحمر مسلط فوق صدر نوح لتنظر باتجاه ذاك الضوء فتجد أحد الرجال مصوباً سلاحه باتجاه نوح ودون تفكير منها احتضنته بجسدها لتتلقى بدلاً منه تلك الرصاصة فهو لن يمت الأن مستحيل ان يتركها دون ان تأخذ بثأرها منه ومنهم جميعاً وينظر هو اليها بصدمة كادت ان تجمده فقدت أنقذته من موت محقق وافتدته بروحها.

رواية أمواج قاتلة الجزء الأول للكاتبة نداء علي الفصل الأول


تدور احداث قصتنا في صعيد مصر قبل ثلاثين عاماً مضت تقريباً؛ وصعيدنا يتميز بأصالته وشموخه برجاله الأقوياء وعاداته العتيدة؛ جوده ووفاء أهله جزء أصيل من تكوينه

مناخه القاسي يشبه إلى حد بعيد بعض البشر الذين نشأوا على ارضه، وهيبته اكتسبها الجميع.


ولا تخلو دنيانا من الحلو الذي يعكر صفوه بعض المر، بها الخير والكثير من الشر، لذا فقصتنا بها الكثير من الشخصيات والاحداث المتباينه..


استمعت نوارة إلى صوت زغاريد تتعالى بالجوار

تثاءبت بكسل ناظرة حولها محاولة معرفة مصدر الصوت لكنها غفت مرة ثانية لتقفز واقفه عندما اقتربت والدتها قائلة

جومي يابت يانوارة جومي يا حزينة، بوكي سبجك عالغيط ومستنيكي بالوكل

نوارة بتأفف: يامه حرام عليكي أني منمتش طول الليل من الحر..

بهية: عارفة ياجلب امك بس هنعمل ايه عاد، بوكي ميجدرش يرچع يتغدى ويعاود عالأرض، ومفيش غيرك انتي ياحبيبتي.


نَوارة: ولا يهمك أني هروح اها

بهية: لاه تعالي اشربيلك كوباية شاي وحبايتين فايش تغيري ريجك بيهم

قبلت نوارة يد والدتها قائلة: تسلميلي يامه، حاضر

حملت فوق رأسها ما جهزته والدتها من طعام لوالدها وتوجهت قاصده وجهتها تراقبها عيون الشباب باعجاب وتتمنى الفتيات لو حظينا بحظها من الجمال والقبول.


وكعادتها تسرع بخطواتها كما رباها والدها، فهي ابنته الوحيدة رباها مدلله ولكن خوفه عليها جعله يبالغ في حمايتها فلم يسمح لها أن تختلط مع أحد تقدم لها الكثيرين ولكنها ترفض ورغم رغبة والديها في تزويجها الا أنهما تركا لها حرية الاختيار على عكس الكثير من فتيات قريتها اللائي يزوجن دون أخذ رأيهن...


توقفت نوارة عندما استعمت إلى صوت الحاجة جميلة ( جارتها وسيدة ذات سيط واسع بين الجميع فهي ابنة أصول وحسب ونسب لا يخفى على أحد؛ الا أن الدنيا قد دارت بها قليلا فنالها الفقر بعد ان فقدت مالها بسبب بذخها الشديد الا أنها لم تفقد رونقها واعتزازها بنفسها، مازالت شديدة الجمال كما هي لا يضاهيها أخري في البهاء سوى قليلات ومن بينهن نوارة).


جميلة: صباخ الخير يا بت يانوارة، رايحة على فين؟

نوارة بخجل: رايحة الغيط لبوي يا خالة جميلة

جميلة: أمك في الدار

نوارة: أه ياخالة

جميلة: طيب، همي روحي لابوكي واني هروح لامك رايداها في كلمتين

تحركت نوارة خطوتان لكنها نظرت خلفها بفضول عند سماعها لصوت الزغاريد مرة أخري

ابتسمت جميلة قائلة: بتبصي على ايه يانوارة؟

نوارة: مين بيزغرط؟

جميلة: ده ولدي رجع من السفر وخواته البنات فرحانين بشوفته.


نوارة: حمدالله بسلامته ياخاله، انشالله الفرح دايماً بداركم

جميلةبنظرات ماكرة: انشالله ياچلبي وعن جريب

ابتعدت نوارة تسترجع برأسها هيأته التي كانت تخطف انفاسها؛ يا الله مضت خمس سنوات منذ ان سافر سلمان لم يعد خلالها إلى بلدته بل ظل بغربته، تعلم انه اضطر للسفر كي يؤمن له ولأهله شيئاً من عزهم الماضي، ترى هل مازال يتذكرها ويذكر حبه لها أم أن سفره قد غيره وربما تسللت أخرى إلى قلبه.


نهرت نوارة نفسها فهي لن تفكر به ثانية لقد تركها سنوات طوال كانت وقتها بالرابعة عشر من عمرها الا أن قلبها لم يمل مطلقاً لسواه...


عادت جميلة إلى داخل البيت فقابلها سلمان بلهفة قائلاً

ها يامه، جالتلك ايه وافچوا؟

جميلة ضاحكاً: چتك هنا يا سلمان، البت سحرالك اياك، واه

اجابت شهيرة بحقد قائلة: معلوم سحراله كيه ماهي ساحرة لرچالة النچع بالنفر كان مفيش غيرها حلوة عاد.


سلمان بضيق: ولازمته ايه الحديت الماسخ عالصبح ده عاد، ولا انتي لسه حطاها براسك اكمن عزيز كان رايد يتچوزها جبل ما يتچوزك.


شهيرة بغضب: مين اللي جلك كده؛ ده كدب

جميلة: لاه، خوكي مهيكدبش وعزيز الله يرحمه هو اللي چال وكمان چال انه كان مفكرها وچتها كبيرة ولما عرف انها لسه يدوب عشر سنين حس انها صغيرة چوي وجه اتچدملك.


شهيرة بحزن: الله يرحمه؛ اهو مات وسابني اني وعياله ملطشة للكل

احتضنها سلمان قائلاً بحنان

ماعاش ولا كان اللي يزعلك يا شهيرة، انتي وعيالك في عنيا واني مجصدش ازعلك بس اني رايد نوارة بالحلال بس لو انتي مرضياش بلاها الچوازة دي وهسافر تاني من الصبح ولا تضايجي حالك.


شهيرة مرغمة: اللي تشوفه اعمله ياسلمان ربنا يسعدك متزعلش مني الواد حماد هينجطني طالع براوي وكاره نفسه ومهيبطلش ضرب في اخوه.


سلمان: طولي بالك عليه الواد لسه صغير وأبوه الله يرحمه كان مچلعه بزيادة عاد

شهيرة: عندك حج، عزيز الله يرحمه مكانش بيجوله على حاچة لاه واصل ودلوجيت اني اللي شايله الهم لحالي.


جميلة: خلاص يابت منجصينش نكد عالصبح يا بومة، فزي جومي عاد، جبر يلمك حضري الفطور جبل بوكي ما يجوم.


شهيرة بتأفف: حاضر، يابوي عليكي يامه دايما جارشة ملحتي كاني بت چوزك

بحثت جميلة حولها عن شئ تقذفها به الا أن شهيرة هرولت مسرعة من امامها

ابتسم سلمان قائلاً

معلهش يامه، سيبيها تهون عن نفسها بكلمتين كفاية اللي هي فيه

جميلة: سيبك منيها هي طول عمرها لسانها كيه العجربة طالعها لستك الله يرحمها...

جولي يا ضي عيني بأذن الله رايد نحددوا الفرح جبل ولا بعد العيد

سلمان بخجل: جبل العيد لو وافچوا يامه يبقي زين چوي.


جميلة: تتهنى وتتسعد يابن بطني، بوك كلم عمك فواز ياخد مشورته وچاله انها زينة البنات وابوها راچل طول عمره في حاله وبعيد عن المشاكل.


سلمان: يامه انتي يعني تايهه عن نوارة دي متربية جدامنا وعارفين اهلها زين

جميلة: عارفه وابوك عارف بس لازمن نمشوا بالاصول وانت خابر ان عمك فواز هو الكبير وكلمته تمشي عالكل ولا سفرك هينسيك عوايدنا اياك.


سلمان: مجصدش يامه بس خوفت ميرداش بنوارة اكمن حالهم على كدهم

جميلة: انشف شوية يابن السياف ومتخافش جولتلك هچوزهالك يبجى خلاص

قبل سلمان يد والدته قائلاً: منحرمش منك واصل ياست الكل بس متتأخريش وطمني جلبي

جميلة: هجوم اها اني خابره انك مستعجل يا عريس.


اتكأت نوارة على جذع شجرة اتخذتها ملاذاً من حرارة الشمس الحارقة واغمضت عينيها تحاول تهدأت افكارها التي تهاجمها منذ أن علمت برجوعه

بحث عنها والدها بلهفة اقترب منها قائلاَ

نوارة، بت يانوارة انتي نعستي يابتي

نوارة: لاه يابوي بس الشمس ضربت نافوخي جولت اجعد في الضلة

ابراهيم: طب جومي خلينا نروح

نوارة: خلص شغلك واني جاعدة اها متخافش..

ابراهيم: خلصت اكده والشمس النهاردة حامية چوي مجدرش اتحملها أني كمان.


قامت نوارة بخفة وحملت عن والدها ما بيده ثم مدت يدها الاخري اليه قائلة

اتسند على يابوي

وضع ابراهيم يده بيدها داعياً لها الله بالستر والسعادة.


نظر فهد من نافذة القطار إلى اللافته التي تعلن عن قرب الوصول إلى المحطة التي يبتغيها، حمل على ظهره المخلة واستعد للنزول

تنفس بقوة وكأنه كان محروماً من الهواء منذ زمن وابتسم برضا فقد انتهت سنوات خدمته الشاقةبالعسكرية.


خطى فهد خارج محطة القطار لينظر حوله وما لبث ان ابتسم بسعادة وشئ من الدهشة عندما وجد شقيقه الغائب منذ سنوات بانتظاره

احتضنه سلمان بينما فهد مازال لم يفق من صدمته ليتحدث اليه سلمان مشاغباً اياه قائلة

وااه كانك نسيتني يا چطة انت

نظر اليه فهد قائلاً: اخيراً رچعت يا خوي، اتوحشتك چوي ياعريس الغبرة

قهقه سلمان قائلاً: كيفك يافهد، شكلك اتغير ياما ياولد أبوي.


فهد: الجيش ده كانه عالم تاني يا سلمان حاچة صعبة چوي، بس الحمد لله خلص على خير وليا نصيب احضر فرحك يا شجيج

سلمان: الحاچة چميلة محضرالك وليمة كبيرة هتعچبك

فهد: حلو الكلام، انت متعرفش احنا كنا بناكلوا ايه..

سلمان: عارف ياخوي انت نسيت اني سبجتك ولا ايه؟

فهد: لا منسيش، بس انت معاك تعليم عالي ودخلت ظابط يعني روجان عالاخر، لكن اني مسكين هبدوني 3 سنين بحالهم

سلمان: هنجول ايه انت اللي مرديتش تكمل علامك.


فهد مغيراً مجري الحديث: هم انت بس لحسن اني واجع من الچوع.


تعجبت نوارة كثيراً فمنذ أن دلفت هي ووالدها إلى البيت ووالدتها تجلس بعيداً هي ووالدها يتحدثان سوياً بأمر ما ويبدو أنه شيئاً هاماً

استمعت إلى والدها يقول بصوته الحنون

نوارة، لساتك صاحية ولا نعستي

نوارة: صاحية يا بوي

ابراهيم: تعالي يابتي رايد اتحدت وياكي اني وامك

اسرعت نوارة إلى والدها قائلة: نعم يامه، خير

صديقة بسعادة: خير وهنا انشالله

ابراهيم: جايلك عريس زين چوي..

نوارة: عريس..


بهية: وااه شوف البت يا ابراهيم بجت لون التفاح الامريكاني كيف..

ابتسم ابراهيم: طالعة چمر كيه امها

خجلت بهية وكأنها مازالت عذراء يغازلها أحدهم لتقهقه نوارة قائلة

يابوي ايه الحكاية، اخش اني جوة وتكملوا انتوا مغازلة

ابراهيم بجدية: اجعدي الاول واسمعيني، تعرفي الاستاذ سلمان ابن الحاج رأفت السياف

نوارة وقد توقف عقلها عن الاستيعاب وصار قلبها ينبض بجنون تحدثت بخفوت قائلة:

ماله ولد السياف؟


ابراهيم: امه الصبح طلبت يدك ورايدين الفرح يبجي جبل العيد، وابوه كلمني في صلاة العصر وجالوا چايين يوم الخميس يطلبوكي رسمي چولتي ايه؟


ظلت نوارة تنظر إلى ابيها وعقلها لا يصدق وقلبها يرقص فرحاً، لم ينسها سلمان، لقد صان العهد ومثلما وعدها أوفي بوعده، لم يتقدم للزواج بأخري تناسبه، ومن ترفض عريساً مثله، سلمان عنوان الرجولة والعقل، ابتسامته تشبه ضوء القمر في ليلة شديدة العتمة، اخلاقه تكفيه ويزيده اسم عائلته وشهادته التي لم يحظ بها الكثيرين

ظل الصمت حليفها إلى أن قال والدها: ها يابتي موافجة ولا لاه؟

رواية أمواج قاتلة الجزء الأول للكاتبة نداء علي الفصل الثاني


تحدثت شهيرة بغل قائلة

والله إني أطيج العمى وما أطيج بنت الأبالسة دي.

فهد: خلاص يا شهيرة لمي الدور متنسيش إن سلمان وجت غضبه ما هايشوفش جدامه؛ بعدين البت بدر منور وأهلها طيبين.

شهيرة: خلاص يا فهد منجصاش كلامك إنت التاني، حاسه كأني واخدة مغرز في چنابي ومجدراش حتى أجول ااااه، بقي بت بهية تتچوز سلمان زينة الشباب..

قهقه فهد قائلاً: خليكي إكده إهري وانكتي لما تطجي كيه الجنبلة.


شهيرة: جنبلة لما تلهفك يا واكل ناسك، غور من وشي

اقتربت منهما جميلة قائلة: جطع لسانك يابومة هتدعي على أخوكي وجت صلاة الجمعة؛ طب وربي وما أعبد لكون معلماكي الأدب.

نظرت جميلة بإتجاه نوح قائلة: ناولني يا نوح المجشة البلح اللي جدامك

شهيرة: إوعاك ياواد تديها المجشة لأجطم رجبتك على صدرك..

إقتربت منها جميلة لتجذبها إليها ممسكة بخصلات شعرها بقوة لتصرخ شهيرة مستغيثه بفهد لينظر إليها غير مبالٍ بها قائلاً:.


مليش صالح، آني طالع أريح چتتي بجالي ياما منمتش وشبعت نوم..

اقترب سلمان قائلاً: نوم إيه وجت الصلاة، هم بينا نصلي ولما نرچع نام بكيفك..

نظر سلمان إلى نوح قائلاً: تعالي يا نوح، إتوضيت ولا لاه..

نوح: لاه لسه يا خال

سلمان: روح إتوضى وإسبجني جدام الدار وأنا هحصلك

غادر نوح مسرعاً وتقدم سلمان بإتجاه والدته يبعدها عن شهيرة قائلاً.


ميصوحش يا حچة تضربيها جدام نوح، وإنتي يا شهيرة مفروض تبطلي عمايلك المجندلة دي يعني ولادك بجوا طولك ولساتك لسانك سابج عجلك

بكت شهيرة فرق قلب سلمان لحالها؛ مسح على رأسه محاولاً تهدئة انفعاله ثم تحدث بلين قائلاً

تعالي معاي، چايبلك حاچة هتعچبك جوي

دلف سلمان إلى غرفته أولا وفي أعقابه شهيرة

أَخرج من حقيبة موضوعه بجانب فراشه شيئاً ما ثم تحدث إليها قائلاً

مدي يدك خليني الحج الصلاة.

شهيرة بحزن: معيزاش منيك حاچة.


سلمان بهدوء: حجك عليّ بس راعي كلامك شوي جدام ولادك عالجليلة

يلا مدي يدك وجوليلي رأيك إيه

نظرت شهيرة إلى السوار الذهبي الذي أعطاه إياه شقيقها بسعادة قائلة: وااه، ده عشاني أني، چايبلي دهب يا سلمان

سلمان: وآني عندي مين أغلي من أم حماد

إحتضنته شهيرة قائلة: تصدج ياواد بوي أوجات بحس إنك ملاك ومعرفاش إنت طالع لمين أبوك وأمك جلوبهم كيه الحجر.


سلمان: بكفياكي رط وروحي راضي أمك خليها تدعيلك دعوتين بدل ما تدعي عليكي، وبعد المغرب بإذن المولي تكون وردة وصفية وصلوا وهتشوفوا آني چايبلكم إيه من السعودية.


إجتمع أقارب نوارة يساعدن والدتها في تجهيز الأمور اللآزمة من أجل كتب الكتاب وعمل ما يليق بأهل سلمان

وبقيت هي بغرفتها لا تصدق بعد ما حدث وتشعر أنها بحلم جميل تود الاّ تفيق منه..

بينما بمنزل سلمان إجتمع هو وإخوته بعد أن أتت وردة وصفية وأزواجهن وأولادهن.

صعدن مع سلمان ونظرن بسعادة إلى ما أحضره من ملابس فاخرة وعطور وأغراض مختلفة لهم جميعا..


أخذن يتحدثن إلى سلمان حول سفره وسنوات غربته يحاولن أن يسترجعن وجودهن معه قبل سفره

إقترب فهد قائلا: بكفياكم حكاوي وهمي ياختي إنتي وهي خلونا نلحج كتب الكتاب؛ أبوك بيجولك هنتأخر يا سلمان.


إنتهى المأذون من عقد قرانهما فأنطلقت زغاريد النساء وعلى صوت طلقات النيران بالمكان.

تناول الأهل والأصدقاء ما تم إعداده من أطعمة مختلفة فقد كانت وليمة تليق بعائلة السياف وتلقى سلمان التهاني من الجميع..


بينما كانت النسوة يتراقصن فيما بينهن بسعادة من أجل نوارة.

إنتهي الحفل وبقيت جميلة وبناتها يتحادثن سوياً ويمرحن مع نوارة التي أحست بينهن بالألفة وخاصة صفية فهي تشبه إلى حد كبير سلمان؛ أما َوردة فهي ليست مثلها ولا مثل شهيرة بل تشبه والدتها؛ محبوبة ومتحدثة لبقة الا إنها جامدة بعض الشئ

أما شهيرة فنظراتها لا تبشر بالخير وقد تأكد حدثها عندما قالت.


أخوي سلمان طول عمره زينة النچع ووش الخير علينا؛ عاجل وراسي بس نجول إيه، النصيب غلاب..

تحدثت بهية بشئ من الحدة إلى شهيرة قائلة:

جصدك إيه يا أم حماد؛ بتي معچبكيش إياك

جميلة: صلي عالنبي يأم حسين، شهيرة متجصدش

شهيرة: وآني جولت إيه؛ ما هي دي الحجيجة الحاچ إبراهيم إتجوز مرتين جبل ما يتچوزك، وبعد ما اتچوزك جعد كام سنه لما خلف نوارة، يعني حبلكم عزيز وآني خايفة على أخوي.


نوارة: كل شي نصيب؛ وهو أنتي مغسلة وضامنة جنة؛ وبعدين محدش ضرب أخوكي على يده وجاله يتجدملي

شهيرة: وااه، سامعة يأمه الست نوارة بت بهية بتتبغدد علينا؛ الناس بتنسى أصلها وفصلها

لم تجد جميلة أمامها سوى أن تصفع شهيرة منهية الحوار لتشهق نوارة بصدمة وتقترب وردة شقيقة شهيرة منها محاولة إحتوائها الا إنها غادرت مسرعة.

نظرت ورده إلى والدتها معاتبة وتحدثت بهية قائلة.


مكنلوش لزوم تمدي يدك عليها جدامنا ياست أم سلمان دي مهما كان كبيرة مهياش عيلة

وردة: وهي العروسة كان لزمن ترد عليها يا خالة بهية؛ ما كلنا عارفين إن شهيرة لسانها زالف حبتين بس جلبها أبيض

جميلة: اجفلي خاشمك انتي التانية، يلا خدي عيالكم واسبجوني عالدار

غادرت وردة واعتذرت صفية بخفوت قائلة: حجك علينا يا نوارة متزعليش وتنكدي على نفسك وأمك؛ ياما بيوحصل بين الأهل ولا إحنا مش هنبجي أهلك إحنا كمان.


نوارة: تسلمي يا أم محمد؛ كل شئ نصيب ومن غير چواز إحنا كيه الاهل

غادر الجميع وبقيت جميلة وكان الصمت سائداً بين الثلاثه

بهية تنتظر حديث جميلة وتخشى ردة فعلها؛ نوارة تشعر ان شهيرة سوف تكون نقطة خلاف دائمة بينها وبين الجميع؛ جميلة كأم تؤنب نفسها أنها انفعلت ولطمت شهيرة أمامهم.


تحدثت جميلة قائلة: اسمعيني يا نوارة، إنتي دلوك مرت إبني بعد ما كتبنا الكتاب بجيتي مننا ولازمن تعرفي إن دارنا كلها واحد، وشهيرة كيه ما أنتي خابرة أرملة وعايشة في دار أبوها وفي خيره؛ أه هي حمجية ولسانها زالف حبتين بس بتي ومجدرش أهينها كل يوم والتاني؛ فأنتي يابتي تكوني عاجلة ومترديش وانتي شايفة اني مهسمحش لحد يهينك واصل.


لم تجد نوارة رداً فخوفها منعها عن الكلام لتتحدث والدتها بدلاً منها قائلة: كلامك زين يام سلمان؛ ربنا يهدي النفوس ويعديها على خير دي عين وصابتهم الشر برة وبعيد

إستأذنت جميلة وغادرت وبعد قليل أتي والد نوارة وبصحبته سلمان الذي بدا على وجهه الضيق

استأذن سلمان الحاج ابراهيم في الحديث إلى نوارة وقد كان

جلست نوارة امامه صامته تشعر بالتوتر من نظراته اليها فهي لم تره أو تتحدث إليه الاّ الآن.


تحدث إليها سلمان قائلاً

هتفضلي باصة بعيد عني كَتير يا نوارتي

إبتسمت نوارة بخجل ولم تنظر إليه ليقترب هو منها قائلاً: إنتي عملتي ايه في شهيرة دي جايدة الدار حريجة وحالفة عليا أچيلك اطخك عيارين..

نظرت إليه مصدومة لا تدري أيمزح أم يتحدث بصدق ليبتسم هو اليها قائلاً

صفية جالتلي اللي حوصل َطلبت مني اچيلك أراضيكي..


نوارة: ملوش لزوم؛ خالتي جميلة عملت الواچب وزيادة؛ وآني كمان غلطت مكنش مفروض أرد عليها؛ مهما كان هي أكبر مني وبجت عمتي

سلمان بحب: يعني اللي حوصل النهاردة مهيتكررش تاني

نوارة: لاه؛ بأذن الله

سلمان: متخافيش من حد واصل؛ آني صحيح بحب أهلي وأفديهم بدمي بس عمري ما هظلمك. إنتي بجيتي مسؤولة مني؛ مرتي وحبيبتي..

لم يجد منها رداً سوي الصمت والخجل فهب واقفاً مقبلاً جبينها بحب قائلاً.


تصبحي بالخير يانوارة، هسيبك لأجل ترتاحي وكلها كام يوم ونتفاهم في دارنا..


في الصباح إجتمع أفراد العائلة لتناول الفطور ولم تشاركهم شهيرة.

نظرت جميلة ناحية وردة قائلة

فين أختك يا وردة.

وردة: جاعدة عالسطح ومرضياش تنزل.

جميلة: أحسن، بناجص وشها العكر عالصبح..

هم سلمان بالوقوف إلا أن والده تحدث قائلاً

اجعد مكانك متطلعش لعنديها.

سلمان: يابوي هراضيها وانزلها تاكل معانا

جاد: لاه، مهياش عيلة وهنراضيها ونهننها، جولي چهزت فلوس الأرض اللي جولتلك عليها.

سلمان: چاهزين يابوي بأمر الله.


جميلة: يوسع رزجك يا وليدي ويحفظك من العين، مد يدك وكل يا جلبي، كلي يابت إنتي وهي وأكلوا ولادكم خلونا نطلع عالمركز ننجوا باجي العفش مبجيش غير يومين عالدخلة..

فهد: هتچيبوا غازية ولا الفرح سكيتي..

جميلة: تف من بوجك يا حزين؛ سكيتي كيف ده أول فرحتنا..

جاد: آني اتفجت مع عمك رزق يشيع يچيب فرقة من المركز بيجولوا كانت في فرح محمود أبو المرسي والخلج كلها جالوا حلوة جوي..


فهد بتأكيد: صوح يابوي آني كنت حاضر الفرح والفرجة دي ملهاش مثيل بس غالية حبتين..

جميلة: الغالي ملوش إلا الغالي

فهد: يعني في فرحي مهتجبيهاش

جميلة: إتچوز اللي آني أنجيها وإحنا نعملك اللي تطلبه.

فهد: لاه.

سلمان: لاه، ليه..

فهد: أمك رايده تچوزني بثينه بت خالتك..

سلمان: وهي بثينة عفشة.

فهد: لا عفشة ولا حاچة، بس عاملة كيه عود الحطب الناشف ملهاش ضهر من صدر..

جميلة: سد خاشمك ياجليل الحيا.


قهقه والده قائلاً: اتجوزها وزغطها كيه دكر البط وهي تدور وتسمن وتبجي مربرة..

تبادل الجميع المزاح بينما شهيرة جالسة بالأعلى تتوعد لنوارة بالهلاك.

رواية أمواج قاتلة الجزء الأول للكاتبة نداء علي الفصل الثالث


ويبقى البحر كما هو، لا نهاية لموجاته المتلاحقة التي لا يعلم أحدنا متي تأتي هادئة ومتي تأتي قاتلة كاسرة للأنفس؛ ولكن رغم تقلباته الا أن الكثيرين عاشقين له.


اعتلى سلمان صهوة جواده وسط تصفيق وصفير الحاضرين وقد أخذ يحرك فرسه يمينا ويسارا متراقصا مع نغمات الموسيقي الصادحة من حوله...

كان فهد ينظر إلى أخيه بسعادة وعلى يمينه يقف نوح وبالقرب منهما حماد

أشار سلمان بيده إلى شقيقه ففهم ما يريد، لحظات واقترب فهد على صهوة جواد أخر واخذا الاثنان يتراقصان معا.


وسط النسوة كانت نوارة جالسة وحمرة الخجل تعلوها ويديها مزينة بلون الحناء المبهج، بينما والدتها بجانبها تربط على ظهرها تتمتم بآيات من القرآن خوفا من أعين الحاسدين.


كانت شهيرة تحاول ان ترسم على وجهها ملامح السعادة والغبطة الا أن القلوب لا يعلم خفاياها الا الله.


بالخارج بدأت الراقصة أو كما يسميها اهل النجع (الغازية) على كلمات أغنية

آه يا فراولة بيقلدوكي و بيحطوا أحمر في خدودهم

يعني كل الناس حبوكي ياللي جمالك قال عاجبهم

يا مجنناني يا فراولة

انتي اللي على بالي يا فراولة

لخبطتي كياني يا فراولة

يا معفرتاني يا فراولة

البت بيضا بيضا بيضا وانا اعمل ايه

يا حلو داري داري جمالك

داري جمالك عملت ايه

الابيض جرحني على عيني

الاسمر دواني كان بس ليه

ضيعت مالي وانا مالي.


ضيعت مالي وانا أعمل ايه

يا ولدي يا ولدي انا حبيت

و بنار الهوا انكويت

وكانت عيون الشباب متعلقة بها باعجاب واضح وخاصة فهد الذي كانت نظراته جريئة للغاية مما أغضب سلمان قائلا بصوت يسمعه فهد ناهرا اياه

لم نفسك يا فهد، ايه هتاكل الرجاصة بعنيك اياك

فهد: وااه، فرجة ببلاش معيزنيش اتفرج

سلمان: النظرة الأولى لك والثانية عليك، بعدين أني منبه على أبوك الحاج يجولهم مريدينش رجاصة ولا هباب.


فهد: ياعريس خليك في عروستك ومتبجاش جفل اكده

ضربه سلمان بخفة خلف رأسه قائلا

ماشي يا أبو لسانين، بس متنساش اني اخوك الكبير

احتضنه فهد قائلا: لاه مهنساش واصل، بس انت خليك زين وهملني اتفرچ جبل ما الجمر تخلص رجص.


نفخ سلمان بضيق مستغفرا ربه ليشير بيده لوالده دلالة انه يود الذهاب لعروسه

اقترب سلمان من القاعة المجتمع بها النسوة بصحبة نوارة، أشار الحاج جاد إلى يونس أن يذهب إلى جدته ويخبرها بقدوم العريس كي تستعد هي والنساء وتتجهز العروس للصعود إلى غرفتها مع زوجها...


انطلقت زغاريد النساء عاليا وصعد سلمان ونوارة سويا...

مر بعض الوقت ومازالت نوارة صامتة لم تتحدث بكلمة ولم تنظر إلى سلمان مطلقا بينما كان هو يلتهمها بنظراته لا يصدق أنها صارت ملكا له..

اقترب منها بهدوء كي لا يخيفها قائلا: مبروك يا نوارتي

لم تجبه نوارة بل ازداد خجلها وارتباكها ليبتسم سلمان قائلا:

ايه الحكاية؛ أطلع واسيبلك الجاعة لو وچودي مضايجك

نظرت اليه بخوف قائلة: لاااه، ابوي وامي يجتلوني.


احتضنها سلمان هامسا بحب: انتي بجيتي مرتي اني ومفيش حد يجدر يأذيكي واصل حتى لو أبوكي وأمك

ولو رايده أهملك لحالك متخافيش جولي واني هتصرف

تذكرت نوارة تعليمات والدتها فتحدثت بخفوت قائلة: لاااه أني بس..

سلمان بحب: أني بحبك جوي يا نوارة وكنت خايف ارجع والاجيكي اتچوزتي

احست نوارة بسعادة تغمرها فنظرت اليه

بحب قائلة: كنت خايفة السفر ينسيك الوعد يا سلمان

ضمها اليه برغبة قائلا:.


ولا نسيتك يوم واحد حتى يا نوارة ده انتي كنتي كيه الحلم وسط العتمة والغربة اللي عايشها بجالي سنين، تعرفي اوجات كنت أيأس واتمنى اسيب كل حاجة وارچع اعيش في بلدي وسط أهلي واول ما افتكر وعدي ليكي اصبر نفسي واجول أجمد يا سلمان، نوارة تستاهل تتعب عشانها

نوارة بخجل: بجد يا سلمان يعني هتحبني جوي

سلمان: ممصدجاش اياك

نوارة: مصدجة بس...


قاطعها سلمان مقبلا اياها بلهفة وقوة قائلا: مبسش، هثبتلك اني بحبك وبعشجك يا نوارة

لتبدأ بعد قليل أولي محاولات سلمان في تأكيد حبه لها بينما كانت هي مستكينة بين يديه تشعر بأن انتظارها له تلك السنوات لم يكن صعبا على الاطلاق بل ان قربه منها الآن يستحق الكثييير.


غادر والدي نوارة واقاربها بعدما اطمئنوا عليها، وقامت جميلة وبناتها ومن معهن بتنظيف البيت وترتيبه ثم انصرف كل إلى مكانه وانقضى الليل على الجميع كل يفكر بما يشغله الا نوارة وسلمان فقد قضيا ليلتهما يتحدثان عن حبهما الذي تضاعف مع مرور السنوات تتحدث هي على استحياء فيحثها على البوح بما تشعر ويتحدث هو اليها عن عشقه فتستمع اليه تتمنى الا يصمت مطلقا.


في القاهرة...

بواحدة من المستشفيات الخاصه الضخمة وقف العديد من الصحافيين يتهافتون إلى سماع ما يقوله الأطباء حول حالة سيدة الأعمال المعروفة سهيلة القاضي بينما هي بالداخل تصارع الموت لا لمرض عضوي ولكنها قد فقدت روحها وشغفها للحياة

أعلن الجهاز الموصول بجسدها عن توقف قلبها عن النبض فهلع الاطباء إلى اسعافها لكنها رافضة للحياة.


بينما يوسف أمام غرفة العناية الفائقة يبكي بندم على ما ضاع منه بسبب خيانته لمن كانت زوجته وحب حياته...


فلاش باك

اقترب يوسف من سهيلة بحزن قائلا: كفاية بقي يا لي لي، أنتي كده هتموتي نفسك، ربنا يرحمها ياقلبي كل شئ نصيب

سهيلة بضياع: بنتي ماتت يا يوسف بنتنا ماتت دي كانت ماسكة ايدي وفجأة ملقتهاش، انا تعبانة اوي روحي مسحوبة مني.


احتضنها يوسف بقوة وحب لتزداد شهقاتها ويعلو نحيبها وهي تتمتم بكلمات غير مفهومة بينما يوسف قد أسكره اشتياقه اليها ورغبته بها فأخذ يقبلها بنهم وبادلته سهيلة اشتياقه لكنها دفعته عنها بعد قليل هاتفة برفض

ابعد عني يا يوسف أنا أسفه مش قادرة

يوسف برغبة: ارجوكي يا سهيلة أنا محتاجلك

سهيلة بجنون: انت ايه مش حاسس باللي فيا، بنتي ماااااتت ماتت ومش هشوفها تاني.


يوسف: وانا عايش لسه، وليا حق عليكي انا راجل مش ألة، بقالك اكتر من ست شهور مش معايا طول اليوم نكد وبكا وبس، وانا تعبت

سهيلة مصدومة: تعبت! مستكتر عليا أحزن على بنتنا يا يوسف؛ حقوقك دي أهم عندك من النار اللي جوة قلبي؛ بس هقول ايه انت مفيش عندك احساس، اناني مبتحبش الا نفسك.


رفع يوسف يده عاليا يود صفعها علها تفيق لكنه لم يستطع بعدما نظرت اليه بانكسار أدمي قلبه، جذبه عنوة إلى احضانه وظلت تقاومه بشراسه لتستكين بعد قليل بين يديه قائلة

أنا أسفه، أوعي تبعد عني انا محتاجة لحضنك اوي يا يوسف، سامحني ارجوك

يوسف: انا اللي أسف بس غصب عني اشتياقي ليكي جنني

سهيلة بهدوء: طيب ايه رأيه نخرج من الفيلا هنا ونسافر بعيد يا حبيبي؛ انا مش طايقة المكان هنا.


يوسف بسعادة: ياريت، انا هدخل اخد شاور ونسافر دلوقتي حالا

اومأت اليه سهيلة محاولة أن تبتسم اليه، جلست فوق فراشها واضعه رأسها بين كفيها تحاول الثبات فيكفيها ضياع وحيدتها لن تضيع حب حياتها وزوجها هو الأخر

انتبهت إلى رنين الهاتف الموضوع بجانبها، امسكت بسماعة الهاتف بانهاك قائلة:

مين معايا؟

اجابتها الفتاه بوقاحة: انا مرات يوسف، هو صحيح جواز عرفي بس لما يعرف اني حامل منه هيحوله لجواز رسمي...


خرج يوسف من الحمام وابتسامته تلازمه لكنه صدم عندما وجدها واقعه أرضا، حاول افاقتها دون فائدة نظر إلى إلى سماعة الهاتف وذاك الصوت الذي يعلمه جيدا، استمع إلى ضحكاتها الشامته وهي تقول

جوزك مبقاش طايقك، ياريت بقي تخلي عندك دم وتبعدي عنه، أدرك يوسف حينها أن حياته مع سهيلة قد انتهت تماما مثلما انتهت هي

نهاية الفلاش باك.


اقترب الطبيب المعالج من يوسف قائلا: الحمد لله يا يوسف بيه، القلب اشتغل تاني والنبض حاليا منتظم، بس هي فاقت وبتسأل عن حضرتك

ابتلع يوسف ريقه بتوتر وخوف ورغم سعادته بعودتها إلى الحياة ثانية الا أنه على يقين بأنها سوف تخرجه من حياتها

يوسف بخفوت وخجل: سهيلة أنا ضعفت غصب عني ارجوكي سامحيني

سهيلة: طلقني بهدوء وابعد عني، لو بتحبني او فاكر ليا اي ذكرى جميلة ابعد عني مش عاوزك اشوفك تاني ابدا

يوسف: مقدرش.


سهيلة: ورحمة بنتنا يا يوسف لو فعلا عندك رحمة ارحمني انا بكره نفسي لما اشوفك متخلنيش أنهي حياتي بأيدي واموت كافرة بسببك

يوسف: للدرجة دي يا سهيلة!

سهيلة: واكتر، انا بتمني الموت على اني اشوفك قدامي

يوسف: عندك حق، انا اللي ضيعتك من ايدي، انتي طالق...


استيقظت نوارة فزعة على صوت دقات الباب ونظرت حولها بتعجب لم يدم طويلا بعدما شاهدت سلمان خارجا من الحمام مرتديا جلبابا باللون الأبيض يبدو أنه قد اشتراه من الخارج اثناء سفره

نظر اليها نظرة خاطفة تحدث قائلا

شكلهم جبيلنا الفطور يا ست العرايس...

بمنزل نوارة كانت والدتها تدور بهمة ونشاط تتأكد من شرائها لكل ما يلزم من أجل

(صباحية العروس)

تحدثت بهية بتردد قائلة:.


ايه رأيك يا رتيبة، كده حاجة تشرف ولا ايه، جوليلي لو في حاجة ناجصة نلحق نجيبها

رتيبة: الله اكبر في عنيا يام نوارة، دي حاجة تشرف جوي وتملي العين

بهية: انتي معرفاش دار جاد ابو السياف زين ولا ايه، دول ميعجبهمش العجب

رتيبة: معلوم يا بهية وعندهم حج دول اصل النجع وولاد العمد

بهية: ياختي بلا هم، اني كنت فرحانة في الاول بس البت شهيرة ديه حاطه نوارة براسها ومعرفاش ناويالها على ايه حكم هي تموت في الخراب.


رتيبة: عندك حج والله انبارح كانت بتزغرلي كيه ما أكون مرت أبوها..

بس الحج لله الاستاذ سلمان راجل وسيد الرجالة ومهيسمحش لحد يهين مرته، النجع ملوش سيرة غير شبكة نوارة والشجة بتاعتها، دي أول بت في النجع يتعملها مطرح لحالها كيه بنات البندر، ربنا يكفيها شر العين ويهدي سرها.


بهية: انشالله يا رتيبة، انشالله

مر اسبوعان على زواجهما ولم تزل نوارة تنعم بقرب زوجها يدللها كما لو كانت طفلته، يعاملها الجميع بود وتتجنبها شهيرة

بعد أن اعدت نوارة الغداء للجميع جلسوا لتناوله

ظل جاد صامتا قليلا ليتحدث بعد قليل متسائلا

ميته هتسافر يا سلمان؟

اوقعت نوارة ما بيدها من طعام واختنقت بدموعها فهي لم تحسب حسابا لسفره ولا بعاده عنها، نظر سلمان اليها وحاول الا يتأثر أمامهم فتحدث بهدوء قائلا.


أن شاء الله بعد عشرين يوم

شهيرة: ربنا يرزجك ياخوي ويحفظك في غربتك، مالك يا نوارة ساكته ليه ولا مفكره انه هيجعد جارك ويهمل شغله.


نوارة بصوت خافت: لاه، ربنا يحفظه

جميلة: اطفحي وانتي ساكته، مالك انتي ومالها؟

شهيرة: وااه واني جولت ايه دلوك

عالعموم اني جايمة انشر الغسيل، چلع ماسخ والله.


توضأت نوارة وصلت العشاء واخذت تتذكر كلمات شهيرة لتبدأ دموعها الحبيسة في الهروب رغما عنها..


اخذ سلمان يبحث عنها إلى أن وجدها جالسة فوق سجادة الصلاة؛ جلس بجانبها واحتضنها قائلا.


تقبل الله يا نوارة، شاطرة وبتسمعي كلام چوزك وبجيتي تحافظي على صلاتك في وجتها

لم تجبه بل نظرت اليه بحزن ليزفر هو بتعب قائلا

والله غصب عني يا جلبي، اني تعبت من السفر والشغل اللي مبيخلصش واصل يا نوارة، ربنا عالم اني في الغربة شغال كيه التور المربوط بساجية ومغميين عنيه..

بصحى من نومي الاجي اليوم خلص تصدجي أوجات مبيكونش عندي وجت أكل ومن التعب بنام.


نوارة ببكاء وترجي: خلاص بلاه السفر وخليك چاري وچار أهلك

سلمان: ابوي اشتري أرض كبيرة ودفعنا فيها تعبي وشجايا كله، مضطر اسافر واعمل جرشين لاجل نصرف منيهم وقت ما اجعد من السفر، احنا مصاريفنا كتير جوي يا نوارة وامي وابوي متعودوش على البهدلة، متخافيش واصل ان شاء الله هنزلك عن جريب بس انتي ادعيلي.


مرت الايام الباقية سريعا وكأنها تعاند دائما من يريدها ألا تمضى تشبه إلى حد بعيد جواد جامد يهرول دون هوادة اخذا معه احلاما وردية كان البعض يأمل بتحقيقها

ومنذ أن ابتعد سلمان ونوارة صامته تطهو وتنظف وتساعد بشؤون البيت دون كلام يذكر

جلس فهد بجانب والدته قائلا

مرت سلمان كأنها مرضانه يامه

جميلة: معرفاش يافهد من وجت سفر اخوك وهي اكده

شهيرة: حركات بتعملها بت بهية هتمثل انها مشتاجة لحبيب الجلب.


فهد: وانتي ايه جاهرك اكده، نوارة وسلمان ملحجوش يشبعوا من بعض وبعدين سلمان محذرك جبل ما يسافر ولا نسيتي؟


لم يكمل فهد كلماته فقد تحدثت نوارة بصوت متعب قائلة: الحجيني يامه جميلة...

وقعت نوارة مغشيا عليها لتفق بعد قليل ناظرة حولها بخوف لتجد جميلة مبتسمة اليها بحب قائلة

اسمالله عليكي وحواليكي، مبروك يابت يانوارة انتي حبلى

صدمت نوارة لكنها سعدت بشدة بينما وقفت شهيرة تتمتم بغيظ قائلة

فالحة ياختي، مكملتيش شهرين وحبلى، واني جولت هتطلعي أرض بور كيه امك وابوكي، بس كل شئ بأوان وبكرة تشوفي.

رواية أمواج قاتلة الجزء الأول للكاتبة نداء علي الفصل الرابع


وبين فراق واشتياق يمضي العمر بلمح البصر وكأنه فارس مغوار يمتطي جواد جامح يعدو بأقصى سرعته ليلحق خط النهاية...

انتهي جاد من توقيع العقود الخاصة بشراء تلك الأرض الجديدة ليبتسم بارتياح وقد أحس أن ما ضاع من أموال فيما مضى قد أوشك على الرجوع

نظرت اليه جميلة تلومه لكنه لم يدرك ما تعنيه، انتظر إلى أن غادر الجميع ثم تحدث اليه بهدوء قائلا.


خير يام سلمان؛ رايده تجولي حاچة

جميلة: لاه يا أبو سلمان مريداش

جواد: كاني معرفكيش زين يابت عمي، ده انا مربيكي على يدي.


جميلة: ولما انت مربيني على يدك يا چاد مجدرش تحس بجلبي ليه، داير تشتري أراضي وبيوت وابني متغرب عني وعن مرته وولده اللي بطنها، بكفاياك اكده الحمد لله ربنا رضانا من فضله.


جاد: واااه، وانتي شيفاني جاصد ابعده عنك وعن مرته اياك، ما كله على يدك ولا نسيتي، لو ناسية يا چميلة افكرك ان انتي السبب في اللي احنا فيه

جميلة بحزن: منسياش بس خلاص كبرت وعرفت، كنت صغيرة ومتعودة على العز وبصرف من غير حساب وانت كنت مطاوعني

جاد: كنت مطاوعك لاني مجدرش ازعلك واصل وكمان اني غلطت كنت فاتح الدار عالبحري للكل، وعلى رأي چدي الله يرحمه، خد من التل يختل.


كنت مفكر انهم اهلنا وناسنا واها على يدك اول ما الحال ضاج بينا والفلوس خلصت الكل بعد عننا، بعدين سلمان اشتكالك ولا ايه؟

جميلة: انت خابر ان سلمان عمره ما هيشتكي، بس حرام يجضي عمره كله يرجع اللي ضيعناه

جاد: كلها كام سنة ويرجع ويجعد چارك

جميلة: يا چاد انا جلبي ممرتاحش

بعدين هو هيستفيد ايه وانت كاتب كل حاجة باسمك...؟


جاد بغضب: لاه اكده يبقي انت اتچنيتي رسمي، رايده جاد السياف يعيش تحت رحمة عياله يا چميلة، اكيد ولدك مسلطك تجوليلي الكلمتين دول

جميلة: وربي وما أعبد سلمان ما كلمني يا چاد اني بس مجهورة عشانه، طول عمره شايل الحمل معاك والغربة تربة ولو كانت چنة.


جاد: متجلجيش يا چميلة، اني ناوي بأذن الله نخلص تمن الارض الجديدة وانزله من السفر لاجل ما يفتح مشروع مع اخوه ويتلموا حوالينا، بس انتي ضايجتيني بكلامك الماسخ ديه، الكل خابر ان الارض والبيوت بفلوس سلمان وبعد ما اموت هو حر يعمل اللي شايفه صوح.


جميلة بخوف: بعيد الشر عنك، يجعل يومي جبل يومك، ربنا يهديهم لبعض ودايما حسك بالدنيا

غادر جاد لكنه ظل يفكر بكلمات جميلة واستمعت شهيرة إلى حوار والديها فزادت كرها لنوارة التي اصبحت زوجة لسلمان أي انها ستصبح سيدة للمنزل فيما بعد...

توجه فهد مسرعا إلى داخل البيت حاملا بيده مظروفا ما..

اقترب منه حماد قائلا: يا خال، امي مرضياش تديني فلوس واني خارج مع اصحابي، يرضيك يصرفوا هما على...؟


فهد: لاه ميرضنيش، بس لم يدك حبتين ولو عرفت انك هتعفر مرة تانية هبلغ چدك وشوف وجتها هيعمل فيك ايه؟

ابتلع جماد ريقه بتوتر وقد بلغ منه الخوف مبلغه لينظر بخوف إلى فهد محاولا نفي ما قاله

مين اللي جالك الحديت ديه، اني مهعفرش ياخال، اني

فهد: انت هتكدب على يابن شهيرة، مفكرني اهبل إياك.


حماد: لاه مجصدش، بس

فهد: مبسش، اني شايفك بعيني مع ولاد العوضي، ها افتكرت ولا لسه؟

حماد: افتكرت، بس مهعملش اكده تاني

فهد: عنشوف، خد حته بعشرة اهي ومتخليش حد من اصحابك يدفعلك، انت ولد السياف، فاهم؟


حماد بسعادة: فاهم ياخال

فهد: الواد نوح فين؟

حماد: تلاجيه بيذاكر، عامل كيه الموس مهيبطلش مذاكرة واصل

فهد مبتسما: كانه طالع لسلمان وكانك انت طالعلي يا فجري...


هرول حماد إلى الخارج ودلف فهد باحثا بعينيه عن والدته التي وجدها جالسة فوق أريكتها كما اعتادت تتناول كوب الشاي الخاص بها في هدوء تصاحبه ويصاحبها

أخذ فهد الكوب من يدها قائلا

الشاي بتاعك له طعم تاني يا چميلة

جميلة: وااه چميلة اكده حاف، هات ياواد الكباية جبل ما تبرد.


فهد: لاااه، تاخدي الشاي ولا الچواب اللي سلمان مشيعه..

جميلة بلهفة: هات الچواب واشرب انت الشاي براحتك

فهد: كنت خابر والله، معندكيش انتي أغلي من سلمان حبيب الجلب.


جميلة: كلكم غلاوة واحدة، بسي هو متغرب عني يا ولدي كانه واخد حته من جلبي ومبعد بعيد، ربنا يرزجك بالذرية الصالحة ووجتها هتعرف كلامي

فهد: مهتچوزش اني دلوك، جاعد عزابي ومرتاح، ويمكن ربنا يفرچها من عنده وبت اختك تتچوز عن جريب وانفد اني بچلدي.


قهقهت جميلة رغما عنها ثن وجهت نظراتها اليه وكأنها تحاول استكشاف شخصيته المركبة، فتارة يبدو من أطيب وأقرب الناس وتارة أخري يبدو قاسيا صلدا، لا يشبه أحد من والديه ولا اشقائه فهو منفرد بتقلباته، اعتادت جميلة أن تفهم سلمان دون معاناة وكذلك شهيرة أما فهد فمختلف، مختلف كثيرا.


منذ أن نالت سهيلة الطلاق وهي حبيسة غرفتها تبكي بلا انقطاع، تنعي سنوات من الحب والهيام، زواج دام اثنى عشر عاما انجبا بعدها ابنتهما الوحيدة التي اختطفها الموت واختطف معها روح سهيلة فلم تعد راغبة بالحياة

اقتربت منها المربية الخاصة بها والتي ساهمت في تربية جودي كما ربت سهيلة من قبل

ربطت على رأس سهيلة بحب وحزن قائلة

وبعدين يابنتي حرام عليكي كده يا سهيلة، اصبري واطلبي من ربنا الرحمة ياقلبي.


نظرت اليها سهيلة بغضب وقنوط قائلة

ليه، ليه حصل كل كده، انا عمري ما أذيت حد ولا ارتكبت معصية استحق عليها العذاب ده، ليييه

بنتي تموت وجوزي يخون. وفوق كل ده مش هقدر اخلف غيرها تاني.


نهرتها بدور قائلة: وانت تيجي ايه في اصحاب المصايب ها، النبي صلي الله عليه وسلم اتولد يتيم وامه ماتت وهو عنده 6 سنين وبعدها جده وبعدها عمه وزوجته السيدة خديجة وولاده كلهم يا سهيلة، كان فقير ووحيد تفتكري في حد اغلي عند ربنا من سيدنا محمد

سهيلة بصراخ قوي: بس انا مش رسول ولا ولي، انا انسانة ضعيفة، عاوزة اعيش في هدوء مع بنتي وجوزي.


بدور: انتي مش ضعيفة، لو ضعيفة مكنش ربنا هيختبرك ويحملك فوق طاقتك، بنتك في الجنة هتكون واقفة يوم القيامة مستنيه تاخد بايدك، وانتي احسن من غيرك

نظرت اليها سهيلة ساخرة لتكمل بدور حديثها قائلة: ياحبيبتي انتي اتحرمتي من بنتك وجوزك طلع قليل الاصل وخان العشرة، بس ربنا رزقك بالمال والجاه، عوضك بجمالك، يوسف لو يستاهلك كان اتحمل معاكي بس هو استعجل ويمكن ربنا رايد انه يظهر على حقيقته..


في ستات غيرك يا سهيلة بيتحملوا الخيانة والضرب والذل عشان ولادهم وفي الاخر بيخسروا حياتهم.


وفي ناس بتخلف وترمي في الشارع وفي ناس محرومة من الجواز والخلفة والفلوس والصحة ومع ذلك عايشين وراضيين

سهيلة: انا مليش دعوة بحددد

بدور: لا ليكي، كلنا لينا دعوة ببعض ربنا خلقنا وامرنا نشوف مصايب غيرنا ونحمد ربنا على حالنا، انتي فقدتي بنتك وفي اطفال كتير من غير اهل، اهتمي بيهم اسألي عنهم كوني انتي ليهم أم وهما هيعوضوكي، أمر ربنا نافذ نافذ، يبقي تصبري وتاخدي الجزاء بدل ما نكفر ونخسر دنيا وأخرة.


أخذ فهد يقرأ على مسامع والدته ما خطه سلمان بيده وهي تستمع اليه باهتمام ولهفة..

انتهي فهد من قراءة الخطاب لتسحبه جميلة من يده بحب قائلة

حبيب أمك وجلبها يا سلمان ربنا يحفظك يا ولدي، نادم على مرت اخوك يا فهد خليها تاخد الشريط تسمعه براحتها فوج في شجتها

شهيرة ساخرة: واااه بت بهية بجي ليها مطرح بروحها يا ولاد، ولسه لما تخلف هتبجي ست الدار ومنجدرش نكلمها...


فهد: الله يحرج شيطانك يا شيخه، جري ايه ياشهيرة، هتموتي من الغيظ واكده غلط على صحتك

شهيرة: سامعه يامه، مطايجش كلامي وواجفلي عالواحدة

جميلة: نوارة، بت يا نوارة

نوارة مسرعة: نعمين يامه

جميلة: خدي يابت، چوزك بعتلك شريط اطلعي فوج واسمعي براحتك.


ابتسمت نوارة ابتسامة اضاءت وجهها واخذته من جميلة بخجل مهرولة بعيدا عنهم...

صعدت إلى غرفتها التي شهدت اجمل لحظاتهما سويا تشعر بأنفاسه ورائحته تغلف كل شئ حولها، تشتاقه بجنون، ترغب بوجوده واحتوائه، ولكن...

قامت بتشغل المسجل ووضع شريط الكاسيت الذي ارسله ثم اغلقت عينيها بحزن عندما استمعت إلى صوته العذب يقول.


اتوحشتك جوي، وحشتيني لدرچة وجعت جلبي يا نوارتي، ياترى عاملة ايه من غيري ومشتاجة كيه ما أنا مشتاج ولا لاه؟

بكاؤها القوي منعها عن سماع المزيد فقد كان أشبه برد حاسم على اشتياقها القاتل اليه، كيف يسألها ان كانت تشتاقه أم لا، انها تذوب شوقا اليه...


استمعت إلى باقي كلماته بمشاعر متباينة فتارة تبتسم بحب وخجل على فيض مشاعره وتارة أخري تبكي من مشاعرها هي، تعيد تشغيل الكاسيت كلما اوشك على الانتهاء، ظلت نوارة هكذا وقتا لا تعلم مداها إلى ان ذهبت في سبات عميق...


أخذ حماد يتلفت حوله ثم أخرج من جيبه لفافة التبغ التي يود اشعالها لينظر اليه يونس بغضب قائلا

وااه، چنيت عاد يا حماد، خالك فهد جالك لو شم خبر انك هتعفر مرة تانية هيضربك

حماد: يجول اللي يجوله، خالك فهد صاحبي متخافش منيه، تاخدلك نفس

يونس: ياخوي انت لساك صغير، بعدين ركز في دراستك احسن من الجرف ديه.


حماد بتحدى: ملكش صالح خليك انت في المذاكرة والمدارس هنشوف هتبجي ايه، داكتور ولا مهندس

نوح: انا فايتلك المكان اعمل اللي يعجبك...

غادر نوح ونظر حماد في اثره بكره قائلا

عيل فجري، علام ايه وكلام فاضي العلم في الراس.


تاه يوسف عندما رأها، لم يصدق عينيه في البداية، هل تلك الواقفة أمامه هي سهيلة..

نظراته العاشقة أوجعتها فخيانة المحب قاتله، ربما لو كان رجلا غيره من خانها لسامحته ولكن يوسف ليس الا حب العمر ولذا جرحه كان غائرا

تحدث هو بخفوت قائلا: تعرفي ان الحجاب زادك جمال يا سهيلة

سهيلة بجمود: متشكرة يا يوسف، انا خسرت دنيتي بحاول اكسب الأخرة

يوسف بحزن: ربنا يوفقك ويسعدك.


نظرت اليه نظرة جعلته يخفض بصره أرضا، ظلت صامته قليلا ثم تحدثت بثقة قائلة:

انا هعرض نصيبي في الشركة للبيع تحب تشتري ولا اشوف حد غيرك

يوسف: لا يا سهيلة ارجوكي بلاش تقطعي كل الخيوط بينا، شوفي حد يدير الشغل مكانك ابعدي عني براحتك بس بلاش تحسسيني اني مش هشوفك تاني

سهيلة: ركز مع مراتك وابنك اللي جاي وانساني، زي ما انا هنساك.


يوسف: كانت بتكدب يا سهيلة، مفيش حمل ولا حاجة كانت بتعمل كده علشان تبعدك عني

سهيلة ببرود رغم ما تشعر به من صراعات شرسة: حقها، واحدة وعاوزة جوزها ليها لوحدها والحمل مقدور عليه محصلش دلوقتي هيحصل بعدين، فكر في كلامي بخصوص نصيبي ورد عليا..

ابتعدت من امامه كما لو كانت حلما وانتهى وجلس هو بتعب فوق كرسيه يشعر بالندم يتأكله.


بداخل سيارتها كان السائق بانتظارها وبجانبها تجلس بدور التي احاطتها بيديها قائلة: استغفري ربنا وخدي نفس وانتي هترتاحي

فعلت سهيلة مثلما قالت بدور ثم طلبت إلى السائق بهدوء التحرك قائلة

اطلع ياعم سعد على الدار خلينا نشوف خلصوا ولا لسه؟


ابتسم السائق بود: حاضر ياست هانم ربنا يكرمك ويعوض عليكي

تمر الايام والشهور تزداد نوارة جمالا بزيادة شهور حملها وتزداد شهيرة بغضا لها فقد نالت نوارة حظا وافرا لا تستحقه بينما هي أجمل منها وذات حسب ونسب ولكنها لم تعش مع زوجها ما تعيشه نوارة مع سلمان، توفي زوجها وتركها بريعان الشباب تربي طفليها أهل زوجها لا يحبونها بينما نوارة نالت حب الجميع.


تحدثت هي بكره لا تعلم له نهاية محدثه نفسها

هتغوري من اهنه وهتطلعي بفضيحة يابت بهية وهتشوفي..

اقتربت جميلة من نوارة التي تحاول كتم أناتها بصعوبة ليتسرب القلق إلى قلبها

جميلة: بت يانوارة، انتي بتبكي ليه مالك حد زعلك؟


نوارة بتعب: لاه يامه بس ضهري بيوجعني جوي، حاسه بسكين بينغز في ضهري من الصبح

جميلة: كيه يابتي، ده انتي لسه في اول التامن، جيب العواجب سليمة يارب، واد يا حماد هم على دار خالتك صبيحة الداية وجيبها على يدك

انطلق حماد مسرعا بينما تحدثت شهيرة قائلة: متخافيش اكده يامه ديه كهن نسوان..


زفرت جميلة بضيق واحست بالراحة عندما استمعت إلى صوت ابنتها صفية تناديها بحب قائلة: أني جيت يامه اتوحشتك جوي..

ازيك يا بت ياشهيرة، ازيك يا نوارة عاملة ايه؟

جميلة: اجعدي يا صفية، نوارة شكلها هتولد دلوك

صفية بسعادة: جد يامه، ياريت والله أهو نحضر الولادة وناخدوا سبوع المولود، متخافيش يانوارة ربنا يبعتلك ساعة سهلة من عنده.


بعد قليل علا صوت صراخها ووقفت والدتها بجانبها تؤازرها وتدعو الله ان يحفظها بينما جميلة تساعد القابلة بهمة، بالخارج كانت شهيرة تجلس بجانب صفية تحدثها بصوت خافت قائلة

غريبة ديه، هتولد بالشهر التامن ولا هي بالتاسع وبتكدب.


صفية بدهشة: كيف بالتاسع، دي متجوزة من 8 شهور

شهيرة: الله اعلم، مش يمكن سلمان دخل عليها بعد كتاب الكتاب أو جبله مش بيجوله كان عشجانها

صفية برفض: اخص عليكي يا شهيرة انتي معرفاش سلمان وأدبه ولا نوارة وأخلاجها..


هرولت صفية بعدما سمعت صوت بكاء المولود بينما تحركت شهيرة باتجاه القابلة قائلة، ها يا خالة واد ولا بت

القابلة: بتين توم، كيه البدر المنور الله اكبر

صرخت شهيرة مولولة

يامري يامري، بتين مرة واحدة حسرة عليك وعلى بختك العفش ياخوي، منك لله يابت بهية يافجر

نظرت اليها القابلة باستنكار بينما صدح صوت سلمان قائلا.


حظي زين جوي يا بت بوي، ما انتي بت اها وكلنا شايلينك فوج الراس واللي چابت البت تچيب الواد

نظرت شهيرة اليه ببلاهة لا تعلم هل عاد حقا من سفره أم ما تراه مجرد خيالات

تخطاها سلمان وتركها وسط صدمتها وتوجه حيث زوجته وطفلتيه

فتح باب الغرفة وابتسم إلى والدته التي لم تحملها قدماها من المفاجأة فجلست ناظرة اليه بسعادة اقترب منها مقبلا جبينها ويديها والتفت إلى صفية محتضنا اياه بحب لتتحدث هي بسعادة قائلة.


كانك مكشوف عنك إلىچاب عاد، كيف رچعت من السفر ونوارة بتولد انتوا متفجين ولا اييه؟

ابتسم سلمان ونظراته مسلطة على نوارة، اقترب منها قائلا

حمدالله بالسلامة يانوارة، بناتك شكلهم بيحتفلوا براچعتي

جميلة: هتسميهم ايه يا سلمان؟

سلمان: مخابرش والله يامه انتي ايه رأيك؟

جميلة: خلاص، البت ام عيون زرجا سميها حليمة على اسم ام الله يرحمها طالعة شبه الخواچات.


تحدثت صفية مسرعة: والتانية سميها ميادة، اسم جديد وحلو جوي

ابتسم سلمان ثم همس لنوارة: ايه جولك يام البنات؟

نوارة: وااه، الجول جولكم، المهم ربنا يحفظهم

كبر سلمان بأذن طفلتيه ليأخذ بين يديه الأولي معطيا اياها لوالدته هاتفا

سمي الله على حليمة يامه

وحمل هو الأخري قائلا منورة ياست ميادة.

رواية أمواج قاتلة الجزء الأول للكاتبة نداء علي الفصل الرابع


وبين فراق واشتياق يمضي العمر بلمح البصر وكأنه فارس مغوار يمتطي جواد جامح يعدو بأقصى سرعته ليلحق خط النهاية...

انتهي جاد من توقيع العقود الخاصة بشراء تلك الأرض الجديدة ليبتسم بارتياح وقد أحس أن ما ضاع من أموال فيما مضى قد أوشك على الرجوع

نظرت اليه جميلة تلومه لكنه لم يدرك ما تعنيه، انتظر إلى أن غادر الجميع ثم تحدث اليه بهدوء قائلا.


خير يام سلمان؛ رايده تجولي حاچة

جميلة: لاه يا أبو سلمان مريداش

جواد: كاني معرفكيش زين يابت عمي، ده انا مربيكي على يدي.


جميلة: ولما انت مربيني على يدك يا چاد مجدرش تحس بجلبي ليه، داير تشتري أراضي وبيوت وابني متغرب عني وعن مرته وولده اللي بطنها، بكفاياك اكده الحمد لله ربنا رضانا من فضله.


جاد: واااه، وانتي شيفاني جاصد ابعده عنك وعن مرته اياك، ما كله على يدك ولا نسيتي، لو ناسية يا چميلة افكرك ان انتي السبب في اللي احنا فيه

جميلة بحزن: منسياش بس خلاص كبرت وعرفت، كنت صغيرة ومتعودة على العز وبصرف من غير حساب وانت كنت مطاوعني

جاد: كنت مطاوعك لاني مجدرش ازعلك واصل وكمان اني غلطت كنت فاتح الدار عالبحري للكل، وعلى رأي چدي الله يرحمه، خد من التل يختل.


كنت مفكر انهم اهلنا وناسنا واها على يدك اول ما الحال ضاج بينا والفلوس خلصت الكل بعد عننا، بعدين سلمان اشتكالك ولا ايه؟

جميلة: انت خابر ان سلمان عمره ما هيشتكي، بس حرام يجضي عمره كله يرجع اللي ضيعناه

جاد: كلها كام سنة ويرجع ويجعد چارك

جميلة: يا چاد انا جلبي ممرتاحش

بعدين هو هيستفيد ايه وانت كاتب كل حاجة باسمك...؟


جاد بغضب: لاه اكده يبقي انت اتچنيتي رسمي، رايده جاد السياف يعيش تحت رحمة عياله يا چميلة، اكيد ولدك مسلطك تجوليلي الكلمتين دول

جميلة: وربي وما أعبد سلمان ما كلمني يا چاد اني بس مجهورة عشانه، طول عمره شايل الحمل معاك والغربة تربة ولو كانت چنة.


جاد: متجلجيش يا چميلة، اني ناوي بأذن الله نخلص تمن الارض الجديدة وانزله من السفر لاجل ما يفتح مشروع مع اخوه ويتلموا حوالينا، بس انتي ضايجتيني بكلامك الماسخ ديه، الكل خابر ان الارض والبيوت بفلوس سلمان وبعد ما اموت هو حر يعمل اللي شايفه صوح.


جميلة بخوف: بعيد الشر عنك، يجعل يومي جبل يومك، ربنا يهديهم لبعض ودايما حسك بالدنيا

غادر جاد لكنه ظل يفكر بكلمات جميلة واستمعت شهيرة إلى حوار والديها فزادت كرها لنوارة التي اصبحت زوجة لسلمان أي انها ستصبح سيدة للمنزل فيما بعد...

توجه فهد مسرعا إلى داخل البيت حاملا بيده مظروفا ما..

اقترب منه حماد قائلا: يا خال، امي مرضياش تديني فلوس واني خارج مع اصحابي، يرضيك يصرفوا هما على...؟


فهد: لاه ميرضنيش، بس لم يدك حبتين ولو عرفت انك هتعفر مرة تانية هبلغ چدك وشوف وجتها هيعمل فيك ايه؟

ابتلع جماد ريقه بتوتر وقد بلغ منه الخوف مبلغه لينظر بخوف إلى فهد محاولا نفي ما قاله

مين اللي جالك الحديت ديه، اني مهعفرش ياخال، اني

فهد: انت هتكدب على يابن شهيرة، مفكرني اهبل إياك.


حماد: لاه مجصدش، بس

فهد: مبسش، اني شايفك بعيني مع ولاد العوضي، ها افتكرت ولا لسه؟

حماد: افتكرت، بس مهعملش اكده تاني

فهد: عنشوف، خد حته بعشرة اهي ومتخليش حد من اصحابك يدفعلك، انت ولد السياف، فاهم؟


حماد بسعادة: فاهم ياخال

فهد: الواد نوح فين؟

حماد: تلاجيه بيذاكر، عامل كيه الموس مهيبطلش مذاكرة واصل

فهد مبتسما: كانه طالع لسلمان وكانك انت طالعلي يا فجري...


هرول حماد إلى الخارج ودلف فهد باحثا بعينيه عن والدته التي وجدها جالسة فوق أريكتها كما اعتادت تتناول كوب الشاي الخاص بها في هدوء تصاحبه ويصاحبها

أخذ فهد الكوب من يدها قائلا

الشاي بتاعك له طعم تاني يا چميلة

جميلة: وااه چميلة اكده حاف، هات ياواد الكباية جبل ما تبرد.


فهد: لاااه، تاخدي الشاي ولا الچواب اللي سلمان مشيعه..

جميلة بلهفة: هات الچواب واشرب انت الشاي براحتك

فهد: كنت خابر والله، معندكيش انتي أغلي من سلمان حبيب الجلب.


جميلة: كلكم غلاوة واحدة، بسي هو متغرب عني يا ولدي كانه واخد حته من جلبي ومبعد بعيد، ربنا يرزجك بالذرية الصالحة ووجتها هتعرف كلامي

فهد: مهتچوزش اني دلوك، جاعد عزابي ومرتاح، ويمكن ربنا يفرچها من عنده وبت اختك تتچوز عن جريب وانفد اني بچلدي.


قهقهت جميلة رغما عنها ثن وجهت نظراتها اليه وكأنها تحاول استكشاف شخصيته المركبة، فتارة يبدو من أطيب وأقرب الناس وتارة أخري يبدو قاسيا صلدا، لا يشبه أحد من والديه ولا اشقائه فهو منفرد بتقلباته، اعتادت جميلة أن تفهم سلمان دون معاناة وكذلك شهيرة أما فهد فمختلف، مختلف كثيرا.


منذ أن نالت سهيلة الطلاق وهي حبيسة غرفتها تبكي بلا انقطاع، تنعي سنوات من الحب والهيام، زواج دام اثنى عشر عاما انجبا بعدها ابنتهما الوحيدة التي اختطفها الموت واختطف معها روح سهيلة فلم تعد راغبة بالحياة

اقتربت منها المربية الخاصة بها والتي ساهمت في تربية جودي كما ربت سهيلة من قبل

ربطت على رأس سهيلة بحب وحزن قائلة

وبعدين يابنتي حرام عليكي كده يا سهيلة، اصبري واطلبي من ربنا الرحمة ياقلبي.


نظرت اليها سهيلة بغضب وقنوط قائلة

ليه، ليه حصل كل كده، انا عمري ما أذيت حد ولا ارتكبت معصية استحق عليها العذاب ده، ليييه

بنتي تموت وجوزي يخون. وفوق كل ده مش هقدر اخلف غيرها تاني.


نهرتها بدور قائلة: وانت تيجي ايه في اصحاب المصايب ها، النبي صلي الله عليه وسلم اتولد يتيم وامه ماتت وهو عنده 6 سنين وبعدها جده وبعدها عمه وزوجته السيدة خديجة وولاده كلهم يا سهيلة، كان فقير ووحيد تفتكري في حد اغلي عند ربنا من سيدنا محمد

سهيلة بصراخ قوي: بس انا مش رسول ولا ولي، انا انسانة ضعيفة، عاوزة اعيش في هدوء مع بنتي وجوزي.


بدور: انتي مش ضعيفة، لو ضعيفة مكنش ربنا هيختبرك ويحملك فوق طاقتك، بنتك في الجنة هتكون واقفة يوم القيامة مستنيه تاخد بايدك، وانتي احسن من غيرك

نظرت اليها سهيلة ساخرة لتكمل بدور حديثها قائلة: ياحبيبتي انتي اتحرمتي من بنتك وجوزك طلع قليل الاصل وخان العشرة، بس ربنا رزقك بالمال والجاه، عوضك بجمالك، يوسف لو يستاهلك كان اتحمل معاكي بس هو استعجل ويمكن ربنا رايد انه يظهر على حقيقته..


في ستات غيرك يا سهيلة بيتحملوا الخيانة والضرب والذل عشان ولادهم وفي الاخر بيخسروا حياتهم.


وفي ناس بتخلف وترمي في الشارع وفي ناس محرومة من الجواز والخلفة والفلوس والصحة ومع ذلك عايشين وراضيين

سهيلة: انا مليش دعوة بحددد

بدور: لا ليكي، كلنا لينا دعوة ببعض ربنا خلقنا وامرنا نشوف مصايب غيرنا ونحمد ربنا على حالنا، انتي فقدتي بنتك وفي اطفال كتير من غير اهل، اهتمي بيهم اسألي عنهم كوني انتي ليهم أم وهما هيعوضوكي، أمر ربنا نافذ نافذ، يبقي تصبري وتاخدي الجزاء بدل ما نكفر ونخسر دنيا وأخرة.


أخذ فهد يقرأ على مسامع والدته ما خطه سلمان بيده وهي تستمع اليه باهتمام ولهفة..

انتهي فهد من قراءة الخطاب لتسحبه جميلة من يده بحب قائلة

حبيب أمك وجلبها يا سلمان ربنا يحفظك يا ولدي، نادم على مرت اخوك يا فهد خليها تاخد الشريط تسمعه براحتها فوج في شجتها

شهيرة ساخرة: واااه بت بهية بجي ليها مطرح بروحها يا ولاد، ولسه لما تخلف هتبجي ست الدار ومنجدرش نكلمها...


فهد: الله يحرج شيطانك يا شيخه، جري ايه ياشهيرة، هتموتي من الغيظ واكده غلط على صحتك

شهيرة: سامعه يامه، مطايجش كلامي وواجفلي عالواحدة

جميلة: نوارة، بت يا نوارة

نوارة مسرعة: نعمين يامه

جميلة: خدي يابت، چوزك بعتلك شريط اطلعي فوج واسمعي براحتك.


ابتسمت نوارة ابتسامة اضاءت وجهها واخذته من جميلة بخجل مهرولة بعيدا عنهم...

صعدت إلى غرفتها التي شهدت اجمل لحظاتهما سويا تشعر بأنفاسه ورائحته تغلف كل شئ حولها، تشتاقه بجنون، ترغب بوجوده واحتوائه، ولكن...

قامت بتشغل المسجل ووضع شريط الكاسيت الذي ارسله ثم اغلقت عينيها بحزن عندما استمعت إلى صوته العذب يقول.


اتوحشتك جوي، وحشتيني لدرچة وجعت جلبي يا نوارتي، ياترى عاملة ايه من غيري ومشتاجة كيه ما أنا مشتاج ولا لاه؟

بكاؤها القوي منعها عن سماع المزيد فقد كان أشبه برد حاسم على اشتياقها القاتل اليه، كيف يسألها ان كانت تشتاقه أم لا، انها تذوب شوقا اليه...


استمعت إلى باقي كلماته بمشاعر متباينة فتارة تبتسم بحب وخجل على فيض مشاعره وتارة أخري تبكي من مشاعرها هي، تعيد تشغيل الكاسيت كلما اوشك على الانتهاء، ظلت نوارة هكذا وقتا لا تعلم مداها إلى ان ذهبت في سبات عميق...


أخذ حماد يتلفت حوله ثم أخرج من جيبه لفافة التبغ التي يود اشعالها لينظر اليه يونس بغضب قائلا

وااه، چنيت عاد يا حماد، خالك فهد جالك لو شم خبر انك هتعفر مرة تانية هيضربك

حماد: يجول اللي يجوله، خالك فهد صاحبي متخافش منيه، تاخدلك نفس

يونس: ياخوي انت لساك صغير، بعدين ركز في دراستك احسن من الجرف ديه.


حماد بتحدى: ملكش صالح خليك انت في المذاكرة والمدارس هنشوف هتبجي ايه، داكتور ولا مهندس

نوح: انا فايتلك المكان اعمل اللي يعجبك...

غادر نوح ونظر حماد في اثره بكره قائلا

عيل فجري، علام ايه وكلام فاضي العلم في الراس.


تاه يوسف عندما رأها، لم يصدق عينيه في البداية، هل تلك الواقفة أمامه هي سهيلة..

نظراته العاشقة أوجعتها فخيانة المحب قاتله، ربما لو كان رجلا غيره من خانها لسامحته ولكن يوسف ليس الا حب العمر ولذا جرحه كان غائرا

تحدث هو بخفوت قائلا: تعرفي ان الحجاب زادك جمال يا سهيلة

سهيلة بجمود: متشكرة يا يوسف، انا خسرت دنيتي بحاول اكسب الأخرة

يوسف بحزن: ربنا يوفقك ويسعدك.


نظرت اليه نظرة جعلته يخفض بصره أرضا، ظلت صامته قليلا ثم تحدثت بثقة قائلة:

انا هعرض نصيبي في الشركة للبيع تحب تشتري ولا اشوف حد غيرك

يوسف: لا يا سهيلة ارجوكي بلاش تقطعي كل الخيوط بينا، شوفي حد يدير الشغل مكانك ابعدي عني براحتك بس بلاش تحسسيني اني مش هشوفك تاني

سهيلة: ركز مع مراتك وابنك اللي جاي وانساني، زي ما انا هنساك.


يوسف: كانت بتكدب يا سهيلة، مفيش حمل ولا حاجة كانت بتعمل كده علشان تبعدك عني

سهيلة ببرود رغم ما تشعر به من صراعات شرسة: حقها، واحدة وعاوزة جوزها ليها لوحدها والحمل مقدور عليه محصلش دلوقتي هيحصل بعدين، فكر في كلامي بخصوص نصيبي ورد عليا..

ابتعدت من امامه كما لو كانت حلما وانتهى وجلس هو بتعب فوق كرسيه يشعر بالندم يتأكله.


بداخل سيارتها كان السائق بانتظارها وبجانبها تجلس بدور التي احاطتها بيديها قائلة: استغفري ربنا وخدي نفس وانتي هترتاحي

فعلت سهيلة مثلما قالت بدور ثم طلبت إلى السائق بهدوء التحرك قائلة

اطلع ياعم سعد على الدار خلينا نشوف خلصوا ولا لسه؟


ابتسم السائق بود: حاضر ياست هانم ربنا يكرمك ويعوض عليكي

تمر الايام والشهور تزداد نوارة جمالا بزيادة شهور حملها وتزداد شهيرة بغضا لها فقد نالت نوارة حظا وافرا لا تستحقه بينما هي أجمل منها وذات حسب ونسب ولكنها لم تعش مع زوجها ما تعيشه نوارة مع سلمان، توفي زوجها وتركها بريعان الشباب تربي طفليها أهل زوجها لا يحبونها بينما نوارة نالت حب الجميع.


تحدثت هي بكره لا تعلم له نهاية محدثه نفسها

هتغوري من اهنه وهتطلعي بفضيحة يابت بهية وهتشوفي..

اقتربت جميلة من نوارة التي تحاول كتم أناتها بصعوبة ليتسرب القلق إلى قلبها

جميلة: بت يانوارة، انتي بتبكي ليه مالك حد زعلك؟


نوارة بتعب: لاه يامه بس ضهري بيوجعني جوي، حاسه بسكين بينغز في ضهري من الصبح

جميلة: كيه يابتي، ده انتي لسه في اول التامن، جيب العواجب سليمة يارب، واد يا حماد هم على دار خالتك صبيحة الداية وجيبها على يدك

انطلق حماد مسرعا بينما تحدثت شهيرة قائلة: متخافيش اكده يامه ديه كهن نسوان..


زفرت جميلة بضيق واحست بالراحة عندما استمعت إلى صوت ابنتها صفية تناديها بحب قائلة: أني جيت يامه اتوحشتك جوي..

ازيك يا بت ياشهيرة، ازيك يا نوارة عاملة ايه؟

جميلة: اجعدي يا صفية، نوارة شكلها هتولد دلوك

صفية بسعادة: جد يامه، ياريت والله أهو نحضر الولادة وناخدوا سبوع المولود، متخافيش يانوارة ربنا يبعتلك ساعة سهلة من عنده.


بعد قليل علا صوت صراخها ووقفت والدتها بجانبها تؤازرها وتدعو الله ان يحفظها بينما جميلة تساعد القابلة بهمة، بالخارج كانت شهيرة تجلس بجانب صفية تحدثها بصوت خافت قائلة

غريبة ديه، هتولد بالشهر التامن ولا هي بالتاسع وبتكدب.


صفية بدهشة: كيف بالتاسع، دي متجوزة من 8 شهور

شهيرة: الله اعلم، مش يمكن سلمان دخل عليها بعد كتاب الكتاب أو جبله مش بيجوله كان عشجانها

صفية برفض: اخص عليكي يا شهيرة انتي معرفاش سلمان وأدبه ولا نوارة وأخلاجها..


هرولت صفية بعدما سمعت صوت بكاء المولود بينما تحركت شهيرة باتجاه القابلة قائلة، ها يا خالة واد ولا بت

القابلة: بتين توم، كيه البدر المنور الله اكبر

صرخت شهيرة مولولة

يامري يامري، بتين مرة واحدة حسرة عليك وعلى بختك العفش ياخوي، منك لله يابت بهية يافجر

نظرت اليها القابلة باستنكار بينما صدح صوت سلمان قائلا.


حظي زين جوي يا بت بوي، ما انتي بت اها وكلنا شايلينك فوج الراس واللي چابت البت تچيب الواد

نظرت شهيرة اليه ببلاهة لا تعلم هل عاد حقا من سفره أم ما تراه مجرد خيالات

تخطاها سلمان وتركها وسط صدمتها وتوجه حيث زوجته وطفلتيه

فتح باب الغرفة وابتسم إلى والدته التي لم تحملها قدماها من المفاجأة فجلست ناظرة اليه بسعادة اقترب منها مقبلا جبينها ويديها والتفت إلى صفية محتضنا اياه بحب لتتحدث هي بسعادة قائلة.


كانك مكشوف عنك إلىچاب عاد، كيف رچعت من السفر ونوارة بتولد انتوا متفجين ولا اييه؟

ابتسم سلمان ونظراته مسلطة على نوارة، اقترب منها قائلا

حمدالله بالسلامة يانوارة، بناتك شكلهم بيحتفلوا براچعتي

جميلة: هتسميهم ايه يا سلمان؟

سلمان: مخابرش والله يامه انتي ايه رأيك؟

جميلة: خلاص، البت ام عيون زرجا سميها حليمة على اسم ام الله يرحمها طالعة شبه الخواچات.


تحدثت صفية مسرعة: والتانية سميها ميادة، اسم جديد وحلو جوي

ابتسم سلمان ثم همس لنوارة: ايه جولك يام البنات؟

نوارة: وااه، الجول جولكم، المهم ربنا يحفظهم

كبر سلمان بأذن طفلتيه ليأخذ بين يديه الأولي معطيا اياها لوالدته هاتفا

سمي الله على حليمة يامه

وحمل هو الأخري قائلا منورة ياست ميادة.


تكملة الرواية من هنا

تعليقات

التنقل السريع
    close