الفصل_الأول والتاني
آنين_و_إبتهاج
هدير_دودو
كامله على مدونة النجم المتوهج للروايات
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
_هل من الممكن أن تتبدل حياتنا في ليلة؟!
_نعم ليلة واحدة مكونة من بضع ساعات تكون قادرة على تغيير مجرى الحياة.
******************
طالعت آلاء عمر بعدم رضا وضيق، ثم صاحت ترد على حديثه بغضبٍ ساخرٍ، وهي تلعن طريقته تلك التي يتحدث بها معها
:- والله تهزر ولا لأ، حاجة متخصنيش اصلا، بس هو مين قالك إن أنا موافقة ولا هوافق اصلا على جوازنا دة، عمر أنتَ لو آخر واحد في الدنيا مش هوافق بقا اصلا.
أنهت حديثها بضيق، وعقدت زراعيها أمام صدرها الذي كان يعلو ويهبط بعنف بسبب الغضب الذي يصعف في عقلها.
رد عليها ببرود، وحدة طفيفة، وهو يضع يديه في جيب سترته ببرود، ويعتلي ثغره ابتسامة خفيفة
:- لا هتوافقي تحبي تعرفي ليه يا آلاء هانم، لأن موافقتك دي هتكون قدام إني موديش الفيديو بتاعك وأنتِ بتسرقيني دة للبوليس، آلاء هانم الحامدي بنت خالي حرامية وبتسرقني أنا، هسجنك يا آلاء، ودة آخر كلام عندي.
وقفت آلاء تستمع إلى حديثه بعدم تصديق، تشعر بالذهول يجتاح كل ذرة في عقلها، ظلت في صدمتها تلك، حتى شردت في مجرى حياتها قبل ذلك، و بدأت بعض الذكريات تهاجمها تتذكر ما حدث قبل ذلك.
**********************
كانت آلاء تجلس في غرفتها شادرة الذهن في عالم آخر، عقلها يُذكِّرها ببعض اللحظات التي كانت تعيشها مع عمر ابن عمتها، تقسم أن تلك اللحظات هي أسعد، وأجمل اللحظات التي عاشتها هي في حياتها.
نزلت الدموع من عينيها بحسرة شديدة على حياتها التي تبدَّلت مائة وثمانون درجة، خاصة بعض وفاة والدها حرمانها من والدها كانت الصدمة الأولى، والأكبر، الصدمة التي فُتِح بعدها عدة صدمات أخرى.
حقيقة شقيقها الذي تعامل معها بقسوة، وجفاء شديد كأنها لم تكن شقيقته، وكانت قسوته تزيد عليها بمرور الأيام وقد تحول سندها وأمانها في الحياة إلى مصدر تعاسة، لم يصمت عن معاملته لها إلا عندما سافر بحجة أنه سيتحمل مسؤولية شركات والدها في الخارج.
وقد حدثت الصدمة الأكبر والأقوى على قلبها الذي كان يصرخ يجلب الرحمة من الحياة التي تجلده بسوطها القاسي، فقد صُعِقت بعد تغيير طريقة عمر معها، أصبح يعاملها بجفاء، وبرود لم تعتاد عليه منه هو تحديدًا.
فـعمر هو أقرب شخص لها منذُ صغرها، و الأقرب آيضًا لـقلبها، تتمنى أن تعلم ما هو سبب تغيره معها في هذا الوقت بالتحديد، ولكن قد مرَّ عامًا كاملًا و هي لا زالت لا تعلم شئ عن سبب تغيره المفاجئ، تقسم أن ذلك العالم الذي مضى هو أسوأ عام في حياتها على الاطلاق.
اسرعت تجفف دموعها بضعف شديد، عندما استمعت إلى صوت دقات خفيفة فوق الباب، تمتمت بخفوت تسمح لمن يدق أن يدلف.
ولجت سناء الغرفة، ويرتسم فوق وجهها ابتسامة حانية، ثم تمتمت قائلة لها بحب وهدوء
:- إيه يا حبيبتي لسة مجهزتيش نفسك ليه، مش صاحبتك هتعدي عليكي عشان تنزلي تشترى فستان الحفلة بتاعت بكرة، قومي البسي وانزلي عشان نفطر وتلحقي تروحي.
اومأت لها برأسها إلى الأمام بخفوت، واكتفت بتلك الإيماءة البسيطة، نزلت سناء تاركة إياها في الغرفة تجاهد وتحارب تلك الدوامة الفكرية المريرة التي تشغل عقلها، حتى نجحت بالفعل، وتغلبت على أفكارها.
نهضت من فوق الفراش متوجهة نحو المرحلض الخاص بغرفتها بخطوات بطيئة، وبدأت تعد ذاتها سريعًا، نزلت إلى اسفل ما أن انتهت، وجدتهم جميعًا يجلسون في غرفة الطعام، يتحلقون حول مائدة الطعام بملل شديد، من الواضح أنهم ينتظرون إياها.
تنهدت بصوت مسموع في محاولة منها لإكتساب بعض الطاقة، ثم توحهت نحو مقعدها مباشرةً دون أن تتفوه بحرفٍ واحدٍ.
تمتمت نغم شقيقة عمر تبرطم بتأفاف وضيق، وهي ترمق آلاء بغيظ شديد، وكأنها عدوتها
:- اوف بجد، كل دة ست هانم بتجهز، نازلة مؤتمر هتقابل الوزير مثلا.
أنهت جملتها وهي تضحك بسخرية، وانتصار.
طالعتها الاء بشراسة وغيظ، فهي تعلم ان نغم لم تحبها، لكنها مضطرة أن تتحملها، وتتحمل طريقتها الغير مقبولة؛ بسبب عمتها ومعاملتها الحنونة معها، فهي أصرت على أن تجلس معهم بعد وفاة والدها، وسفر ياسين إلى الخارج.
كادت ان ترد آلاء عليها، ولكن قبل أن تتحدث كان صدح صوت عمر الذي هتف بإسم شقيقته بنبرة جادة تحذيريه صارمة غير قابلة للنقاش
:- نغم ركزي في اللي بتعمليه.
ابتلعت نغم ريقها الذي جفَّ فجاة بتوتر، وأسرعت تخفض بصرها نحو الطعام، وهي تتمتم بخفوت، وارتباك حيثُ كان التوتر ينهش قلبها؛ بسبب نظرات عمر الحادة المصوبة نحوها كالنيران التي ستحرقها
:- ا... آسفة.
اعتلى ثغر آلاء بتسامة واسعة تعبر عن انتصارها، و هي تتطلع نحو عمر بعشق جارف، وقد ارتفع صوت دقات قلبها حيث أصبحت تستمع إليهم بأذنيها، لكمها سرعان ما نهرت ذاتها، وخفضت بصرها سريعًا بخجل سريعًا بخجل عندما لاحظت أنه يطالعها و رآها وهي تنظر إليه، شرعت في تناول طعامها و هي تخطف له نظرة عاشقة في كل حين وآخر من دون أن يلاحظ.
لكنها حمقاء فهو طوال جلسته لم يفعل شيء سوى أنه يراقبها بعينيه من دون أن يلاحظ أي أحد من الجالسين.
لم تصدق أذنيها عندما استمعت إليه وهو يحدث نغم بجدية
:- بسرعة قومي اجهزي عشان تشترى الفستان دة لو عاوزاني اجي معاكي زي ما ماما عاوزة، غير كدة مفيش فساتين.
اسرعت نغم تتوجه نحو غرفتها بخطوات شبه راكضة، بينما همست الاء إلى عمتها تسأل إياها بخفوت، و صوت منخفض أشبه بالهمس
:- هو عمر يا عمتو هيروح معاها؟
اومأت لها سناء برأسها إلى الأمام، وهي ترد عليها بصوت خاغت محافظة على نفس الصوت الذي تحدثه به آلاء
:- أوة يا حبيبتي عشان تامر مسافر زي ما أنتِ عارفة.
اومأت الاء لها بهدوء، وعادت تجلس في صمت مرة اخرى كما كانت.
بينما فريدة كانت طوال الجلسة تجلس في صمت تام، وكأنها في عالم آخر، تجلس حزينة منطفئة، عقلها شارد في سفر زوجها الذي أصبح شئ متكرر، تشعر أنه يتهرب منها بأي طريقة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وصلت نهي الفيلا،وهي تبتسم بمكر شديد يعكس نواياها السيئة، صعدت مباشرة نحو غرفة آلاء التي كانت تجلس بتوتر من الواضح أنها تنتظر إياها، أردفت آلاء بضيق، وهي عينيها معلقة نحو ساعة الحائط المعلقة في غرفتها
:- سنة عشان تيجي يا نهى، تعالي بسرعة عشان نلحق.
قطبت نهى ما بين حاجبيها بدهشة، لم تفهم مغزى حديثها، ولكن قبل ان تسألها كانت آلاء سحبتها خلفها وسارت بخطوات شبه راكضة، حتى وصلت إلى أسفل، وهي تحمد ربها أنه لم يذهب حتى الآن.
حدث كل ذلك تحت أنظار نهى المليئة بالدهشة، والتي لم تفهم شئ حتى الآن، تحدثت آلاء بصوت هادئ، وهي تضم كلتا شفتيها إلى الداخل تضغط عليهما بقوة
:- عمر هو ممكن اجي معاكوا أنا، ونهي صحبتي.
صمتت لوهلة بعدما اردفت جملتها، واستردت حديثها مجددًا قبل أن تستمع إلى رده، وهي تخشى أن يرفض طلبها
_ أنا كدة كدة هشترى الفستان بتاعي من نفس المكان يعني.
كان سيرفض بالتأكيد، فهو قرر أنه سيبتعد عنها، لكنه لم يستطع أن يحرجها أمام صديقتها؛ لذلك اومأ لها برأسه إلى الأمام ايماءة خفيفة، واكتفي بذلك الرد عليها.
لم تستطع فريدة منع ابتسامتها التي زينت ثغرها، خاصة عندما رأت تصرفات آلاء الطفولية.
لكنها لم تبالي لكل ذلك، تركت نهي تقف معهم، واتجهت هي بخطوات راكضة تصل نحو سيارة عمر، وجلست فوق المقعد الأمامي وهي تبتسم بانتصار وسعادة؛ لأنها ستجلس بجانبه.
وقف كل من نهي ونغم يطالعونها بنظرات كره وضيق شديد، توجهوا جميعًا نحو السيارة يركبونها، وأنطلق عمر بهم.
غمغم عمر يحدث آلاء، وهو حتى الان لم يستطع كبت ابتسماته؛ بسبب تصرفها الغير متوقع الذي باغته
:- إيه اللي عملتيه دة، كله ضحك عليكي.
رفعت كلتا كتفيها إلى أعلى بلا مبالاه، ثم ردت عليه بلوعة
:- عادي يضحكوا مش مهم عندي، المهم إني أعمل اللي عاوزاه، وعلى فكرة أنتَ السبب.
قالت جملتها الاخيرة بنبرة مغزية تلمح له عما حدث في حياتهما بسببه، حياتهما التي تحولت في ليلة إلى حيتة أخرى تعيشها بالإجبار، وكان جميع السعادة التي كانت في حياتها قد نفذت، والآن تعيش نصيبها من الحزن والألم.
التزم عمر الصمت، فكان الصمت هو الحل الأنسب له عندما يشعر أن الحديث لم يعجبه، ثم وجه بصره في المرآه الأمامية من السيارة، يحدق بـنهى نظرات طويلة غير مفهومة، لكن تلك النظرات جعلت الغيرة تنهش في قلب آلاء بل تأكله بأكمله، تشعر ان النيران تحرق قلبها تمامًا.
فأسرعت آلاء تتحدث بسخرية، وصوت مرتفع؛ حتى تجذب انتباهه
:- والله يا استاذ كدة هنعمل حادثة، و نموت كلنا لا هينفعنا نظرات مراية ولا غيرها.
عقد الحميع حاجبيهم بعدم فهم، وطالعوها بدهشة بينما عمر ردَّ عليها بصرامة، وجدية لم تعتاد عليها منه من قبل، فهو قد فَهم مغزى كلماتها
:- متخافيش طول ما أنتِ راكبة معايا أنا بالذات، والله لو عاوزة تموتي أو حاسة بكدة مكنتيش ركبتي معايا من البداية دو أنا عمر السنماري، لو خايفة على روحك كدة محدش غصبك، أنتِ اللي جريتي تركبي ولا كأنك في سباق.
زفرت بحنق وضيق، وهي تشعر انه هزمها بحديثه الذي لم تجد رد مناسب حتى ترد به عليه، فهي حقًا لعنته داخل عقلها أكثر من مرة، تلعن طريقته الباردة بشدة، تريد ان تخرج عقله و تكسره، تشعر كأنه لوح من الثلج الذي لا يشعر، لكنها لم تتجرأ على أن تتفوه بأفكارها بصوت عالٍ، بالطبع تخشاه وتخشى رد فعله؛ لذلك غرزت اسنانها في شفتها السفلي، وظلت تضغط بقوة فوق شفتها و هي تشعر بالهزيمة أمامه، النتيجة المعتادة في كل مرة وكل جولة تدخلها معه.
توجه الجميع صوب المكان المخصص لـشراء الفساتين ما يعرف بـ(الأتيليه).
سارت هي مع نهى التي بدأت تختار معها بعض الفساتين على مضض وهي تتأفأف عدة مرات بداخلها، وقفت نهى أمام احدي الفساتين، وأشارت عليه بسبابتها ثم تمتمت بإعجاب
:- واو الفستان دة تحفة أوي يا آلا، إيه رأيك؟
تطلعت الاء نحو الفستان، لكنها وجدته قصير للغاية بالطبع قررت بأنها لن ترتديه قط في يوم بايام حياتها.
لكنها ابتسمت بمكر عندما انتبهت إلى عمر الذي كان ينظر لها ويتابع كل حركة تفعلها من بعيد من دون أن يلاحظ أحد، ابتسمت ابتسامة هادئة مصحوبة بثقة، ثم ردت عليها بصوت عالٍ نسبيًا؛ حتى يصل إلى مسامعه، وهي تبتسم بتسلية، قررت أن تختبر غيرته عليها
:- تصدقي فعلا تحفة أوي يا نهى، ثانكس يا قلبي، خلاص هاخده.
ما ان انهت أحرف جملتها الصغيرة، حتى وجدت مَن يقبض فوق معصم يدها بقوة شديدة، طالعته بدهشة لا تعلم كيف اقترب منهل بتلك السرعة، فلم يمر ثواني على انتهاء جملتها وها هو آتى إليها بسرعة البرق، غمغم يحدثها من بين أسنانه بصرامة وحدة، وهو يضغط فوق كل حرف يتفوهه
:- أنتِ اتجنـنـتي صح، هو إيه اللي هاخده، دة تروحي تلبسيه في أوضة نومك احسن يا آلاء هانم.
ترك يدها عندما لمح نظرة الوجع في عينيها، هو يحفظ جميع النظرات الخاصة بها، ليس نظراتها فقط بل أدق تفاصيلها، استرد حديثه يتابعه بجدية أكبر، وهو يرمقها بنظرات حادة تخترقها كالسهام
_ قسما بالله يا آلاء لو ما اتنيلتي اختارتي حاجة عدلة ومحترمة لكون جَـرِّك ورايا مروحك على البيت، لا تحضرى حفلات، ولا زفت، قال هاخده قال هو دة فستان اصلا.
اومأت له برأسها إلى الأمام ببطء، وهي تمتمتم بصوت خافت يكاد لا يستمع
:- ح.. حاضر..حاضر يا عمر.
سارت من امام ذلك الفستان وهي تبرطم بعدة كلمات بصوت خافت لا يستمع، تلعن افكارها المندفعة، فهي تعلم جيدًا كيف يتحول عمر عندما تقوم هي بإستفزازه بحركة غير مألوفة من حركاتها الدائمة.
وأخيرًا وقع اختيارها على احدي الفساتين المحتشمة الهادئة التي تتناسب معها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في المساء
كانت الاء تجلس في غرفتها بوجه شاحب كشحوب الأموات، الدماء هاربة منه تمامًا، لا تعلم كيف اعدت ذاتها لحضور الحفل؟! كانت بالتأكيد ستعتذر عن ذهابه لكنها تريد أن تتأكد من الظنون التي تمكنت من عقلها.
تتمنى أن يتوقف عقلها عن التفكير، تطلب من الرحمة، نعـم الرحمة كلمة بسيطة مكونة من عدة أحرف لكنها تريد أن تشعر بها، وكأن كل حرف يحمل خلفه العديد من المعاني الأخرى، تطلب من عقلها ان يرحمها فهو كالسوط القوي الذي يجلدها بأفكاره المؤلمة بشدة نسبة لها.
غير مصدقة ما رأته بالتأكيد كل ذلك كذب، عمر من المستحيل أن يعرف أي فتاة أخرى، هي واثقة أنه مازال يحبها ويعشقها كما كان لم يتغير به أي شئ، بالطبع كل ذلك كذب.
قطعت جبل أفكارها المشتتة التي ستجعل عقلها ينفجر، عندما وجدت فريدة تدلف عليها الغرفة بعدما دقت عدة مرات لكن من الواضح أنها لم تنتبه.
شعرت فريدة بالدهشة ما أن رآتها؛ بسبب هيئتها التي تدل على حدوث شئ خاطئ، وجدتها في غرفتها فوق الفراش شاردة الذهن، غير واعية تمامًا لأي شئ حولها، كأنها في عالم آخر منفصل تمامًا عن الحياة.
عقدت فريدة حاجبيها بدهشة، واقتربت منها تهز إياها برفق؛ حتى انتصرت في النهاية في جذب انتباهها وخروجها من دوامة أفكارها القاسية عليها، كانت لا تعلم لمتى ستظل بها، انتبهت لها على الفور وغمغمت تسأل إياها بخفوت
:- في إيه يا فريدة؟
ظهر معالم الدهشة فوق ملاكح فريدة، لكنها لم تنجح تلك المرة في إخفاءها، أردفت تجيبها بنبرة هادئة
:- يلا يا بنتي كله جهز تحت، و مستنيكي عشان نتحرك في حاجة ولا إيه، مال شكلك تعبان كدة؟
حركت رأسها نافية، تجاهد أن تجبر شفتيها على رسم ابتسامة زائفة حتى نجحت بالفعل، وسارت معها وهي ترسم تلك الإبتسامة الباهتة الخالية من أي مشاعر حقيقية.
تسير كالبلهاء التي لا تدرى شئ عـمَن حولها في الحياة، تشعر أنها أصبحت في عالم آخر، عالم منفصل عن هذا العالم الذي تعيش فيه، تتمنى أن تخرج قلبها من جسدها؛ حتى ترتاح من كل ذلك الوجع والتعب اللذان تشعر بهما، لا تعلم منذُ متى وأصبح الحُب متعب ومهلك؟
ترى الجميع يحب ويعشق، لكن لماذا...لماذا هي فقط مَن تعاني؛ بسبب الحب وكأنها اجرمت وفعلت شئ خطير لابد من المعاقبة عليه؟
أصبحت تتمنى لو أنها لم تحب عمر في يومٍ من الايامٍ، كان من الممكن أن حينها ترتاح من هذا الوجع و الواقع التعيس التي تعيش فيه.
لا تعلم لماذا حياتها تسير بتلك الطريقة في عام وبضعة أشعر قد تبدلت حياتها التي كانت تشبة اللوحة الفنية الجميلة، حياة ملونة بألوان زاهية، كانت ابتسامتها الزاهية لا تفارق وجهها، لكن فجأة ودون سابق إنذار تلطخت تلك اللوحةٍ باللون الاسود القاني، حيث ابتسامتها قد محت من فوق شفتيها.
اصبحت لم تبتسم سوى لمجاملة بعض الأشخاص؛ حتى لا يشعرون بما تمر به، أصبحت تكره كل شئ في حياتها، تتمنى أن ترحل من هذا العالم، وتذهب بجانب والديها اللذان عاشوا حياتهما في لاجل سعادتها فقط.
فاقت من شرودها على صوت عمر الذي أردف يتحدث مع فريدة بهدوء واحترام
:- اركبي أنتِ يا فريدة مع ماما و أنا هاخد الاء ونغم معايا.
حركت رأسها عدة مرات نافية قبل أن يصدح صوتها المعترض، وتحدثت بصوت مرتفع يملؤه اليأس وخيبة أمل
:- لا.
توجهت أنظار الحميع نحوها بدهشة، فاكملت حديثها بخفوت شديد
:- لأ، أنا عاوزة اركب مع عمتو مش معاك.
أنهت جملتها وتوجهت تقف بجانب سناء تمسك في زراعها بقوة، كالطفلة الخائفة التي تمسك في يد والدتها حتى لا تذهب إلى مكان مجهول.
تشعر أنها كالتائهة، تائهة في تلك الحياة و متاعبها، بقدر ما أُخِذَت من الفرح والسعادة، تأخد الآن نصيبها من الوجع، الخذلان، والإنكسار..
ردت سناء بهدوء، وهي ترى حالتها الغير متزنة، التعب والضغف باديان بوضوح فوق قسمات وجهها
:- خلاص يا حبيبتي اركبي معايا، مفيش مشكلة، معلش يا فريدة اركبي أنتِ مع نغم، وأنا هركب مع آلاء.
اومأت فريدة برأسها إلى الأمام بهدوء، بينما عمر ظل ينظر لها بقلق شديد يحاول يتفحص حالتها، لا يعلم ما بها، وما الذي جعل حالتها تتغير، في الصباح كانت في حالة أفضل من الآن.
دلفت مع سناء السيارة ببطء، ظلت سناء تسأل اياها طوال الطريق عن حالها، لكنها بالطبع لم تجيبها،لا تعلم كيف تجيبها، و ماذا تحيبها من الأساس؟
لا أحد يشعر بما تشعر هي، صدمة كبيرة حتى الآن يعجز عقلها عن استيعابها.
وصلوا جميعًا الحفل، كان الجميع يسير بإنطلاق في القاعة المخصصة للحفلة، بينما هي تجلس فوق مقعدها لا تريد ان تنهض من فوقه، تجلس بذهن شارد، نهضت عندما اخبرتها سناء أن تذهب مع الجميع بدلا من جلوسها بتلك الهيئة، كانت سترفض في البداية لكنها اخبرتها أن الجميع سيتحدثون عليها؛ لذلك وافقت على مضض.
بدأت تتجول بين الجميع، وهي ترسم فوق وجهها ابتسامة زائفة، تشعر بثقل كبير في قلبها، انين منبعث من قلبها المجروح، ألم شديد يعصف في جميع أنحاء جسدها، تتمنى أن تصرخ لتفرغ ما تكبته بداخلها، لكن هيهات فبالطبع ليس جميع ما نتمناه يحدث في حياتها، هي لم تستطع أن تفعل ذلك؛ بسبب الناس والأجواء التي حولها.
تصنمت اقدامها فجأة في الحفل، وكأن الدنيا قد وقفت عند تلك اللحظة، رأته يدلف الحفلة هو وتلك الفتاة، شعرت أن العالم بأكمله توقف في تلك اللحظة، على الرغم ما علمته في الصباح عن علاقتها بـعمر والحزن والوجع التي تشعر به بسببها، لكنها لم تتخيل قط ان تاتي الحفل معه وهي بتلك الجراءة.
تتمنى أن عينيها تكون كاذبة في تلك الوهلة، ويكون ما حدث مجرد تخيل..تخيل تتخيله عقلها، لكنها شعرت بخيبة أمل كبيرة تجتاحها عندما علمت أن هذا واقع ليست تخيل كما تمنت في عقلها.
للأسف هي الآن موجودة في الحفلة معه، كانت تتطلع نحوها وتبتسم بشماتة عندما رأت دموع آلاء التي كانت تنزل فوق وجنتيها بغزارة، والضعف بدا عليها أمام الجميع.
كانت ستقترب منها، وتضع سمها؛ ليزداد حزنها وهمها أكثر، لكنها توقفت مكانها عندما وضعت آلاء يدها فوق رأسها بتعب واضح، وهي تشعر أن الدنيا باكملها تدور حولها، غيمة سوداء آتت أمام عينيها.
أغمضت عينيها، ولم اشعر بشئ آخر فكل ما رأته نظراتها الشامتة الموجهة صوبها كالسهام.
وقعت آلاء أرضًا فاقدة الوعي، تريد أن تهرب من هذا الواقع ومتاعبه، تتمنى وتدعي ربها مليون مرة أن تفقد حياتها تمامًا؛ حتى ترتاح مما تعيشه، لا تريد شيء آخر في هذا الوقت سوي تلك الامنية.
لا تعلم كيف ستعيش بعدما علمت بعلاقة عمر مع واحدة أخرى، ومن الممكن أن يتزوجها كما قالت لها، كيف ستستطع أن تراه معها، وهي في كل وهلة تراه فيها معها ستشعر بالانكسار والوجع، تتمنى أن تستيقظ وتجد حياتها مازالت كما هي بألوانها الزاهية، تعود ابتسامتها المشرقة تزين وجهها كما كانت، تجد كل هذا الوجع والتعب الذي تعيشه الآن قد تبخر، وحل محله السعادة و الفرح كما كانت تعيش، تجد كل شي كما كان.
تريد أن تبوح له عما بداخلها، تتمنى وتتمنى،
تمنت امنيات كثيرة لكن من الصعب أن تحدث له، نحن نتمنى أشياء عديدة غير واقعية؛ حتى نهرب بها من الواقع الأليم؛ لذلك يجب علينا أن نصمد ونواجه هذا الواقع المُر عليها هي خاصةً، وقعت أرضًا وهي تظن أنها لن تنهض مرة أخرى.
_تشعر أن الحزن، والهزيمة قد كُتِبا عليها في تلك الحرب العاشقة التي تخوضها_
. ـــــــــــــــــــــ****ــــــــــــــــــ****ــــــــــــــــــ***
**** **** ***
رأيكم يا بناات في السرد وفي الرواية ؟!!
اتمنى يكون الفصل عجبكم عااوزة كل واحدة تقول رأيها وعااوزة ريفييوهات قمر على الجرووب 🙈🙈♥♥ ايوة فرحوني بدل ما انكد عليككمم👀👀🙈
بنات كل واحدة تتأكد انها عاملة ليا متابعة عشان يوصلكم كل اللي بنزله لأني ناوية انزل اقتباس في الرسايل بتاعت الصفحة فمش هتوصل غير للي عامل متابعة🙈♥♥ رايكم مرة تاانية 😂🙈🙈
بناات متنسوش تعمملوا لايك على الفصل لو عجبكم وبتحبوني، عشان الرواية تبدأ تظهر للجميع.
الغصل القادم يوم الأثنين بإذن الله لو لفيت التفاعل حلو ومشجع هحاول انزلها تلت أيام في الأسبوع.
بنات لو في حاجة عاوزين تستفسروا عنها في الرواية أنا معاكم♥♥
وأخيرا دمتن سالمات يا قمراتي🙈♥♥
#الفصل_الثاني
#آنين_و_إبتهاج
#هدير_دودو
_أصبح الوجع والإنكسار يأتي من الأقرب للقلب، ولكن كيف يكـ.رهه القلب وهو ينبض عشقًا له؟!
**********************
شعر عمر أن قلبه قد توقف في تلك الوهلة من فرط القلق والخوف اللذان شعرا بهما، نسبة الادرنالين في جسمه قد ازدادت، وكأن العالم بأكمله توقف، وانتهى عندما رآها وهي تسقط أرضًا.
بدأت همهمات الناس تتزايد البعض مصدوم والبعض الآخر يطالعها بحزن، لا يعلم كيف حملته قدميه حتى يصل نحوها، قام بحملها بقلق شديد ينهش قلبه بأكمله.
شعر أنه هو السبب في كل ما حدث لها، لكنه عاجز عن فعل ما يسعدها، هو مَن كان لديه القدرة على التضحية بذاته لأجل تحقيق سعادتها أصبح سبب حزنها وتعبها.
اصبح يرى ذاته كمجرد اخ لها ليس أكثر، كما تتمنى هي، ويتمنى قلبه، فهو ليس ساذج؛ كي لا يرى محاولاتها الدائمة في جذب انتباهه وعودة علاقتهما كما كانت، لكنه قرر التجاهل بدلا من الوجع الذي يعصف به دائمًا عندما يراها أمامه، لكن هيهات فهل هو الآن لم يعيش في وجع؟!
_ بالطبع لا، قلبه يؤلمه عليها في الثانيةِ ألف مرة ويزيد، فكره، عقله، وقلبه بأكمله ملكها، أسرع يركب سيارته، وأنطلق سريعًا نحو المستشفي.
لحق به الجميع، وهم يشعرون بالقلق الشديد عليها، بداية من سناء التي كانت تبكي بشدة تخشى أن يحدث لأبنة أخيها أي شئ، فريدة كانت تشعر بالحُزن لأجلها فهي ترى الحالة السيئة التي تعيش فيها آلاء، تشعر بها بشدة وكانها كانت تشعر بوجعها من قبل، ينما نهي كانت تجاهد بصعوبة بالغة؛ حتى تخفي ابتسامتها الفَرِحة، تجاهد أن تمحيها وتجعل الخوف والقلق يسيطران عليها مثل الجميع، لكن قلبها يتراقص بداخلها، وكأنها انتصرت على عدو كبير لها.
وقف عمر في الخارج معهم ينتظر خروج الطبيب الذي يقوم بفحصها وهو يشعر بالخوف الشديد، لأول مرة يخشى حدوث شئ ولكنها حياته، روحه، وقلبه، هي كل شئ بالنسبة له فإذا رحلت من الحياة، سيشعر أن الحياة بأكملها قد انتهت.
ظل يسير ذهابًا وإيابًا بقلق شديد يعصف في جميع خلاياه ينتظر خروج الطبيب من غرفتها بنفاذ صبر، عينيه معلقة فوق باب الغرفة بتوتر، يدعي ربه بألا يحدث لها اي شئ سئ.
وأخيرًا خرج الطبيب من الغرفة، يقسم عمر أنه في ذلك الوقت قد انفجرت جميع أعصابه، فهرول عمر يقترب منه، قبل أن يتحدث عمر ويسأله، كان صدح صوت الطبيب يتحدث بهدوء وعملية
:- الحمد لله، هي كويسة وحالتها مستقرة، اديناها مهدأ عشان شكلها اتعرضت لصدمة عصبية مش أكتر، حاولوا تبعدوا عنها اي حاجة ممكن تسببلها ضغط.
اومأ له عمر إلى الأمام، و هو يشعر انه كالتائه بدونها لا يعلم ماذا يفعل، و اين هو؟
عقله، وتفكيره قد شلَّ تمامًا، بالتأكيد جميع خلايا عقله أُرهقت من التفكير، والقلق عليها.
دلفوا جميعًا الغرفة؛ حتى يطمئنوا عليها، كانت لازالت نائمة فوق الفراش الخاص بالمستشفي شبه واعية، وجهها مرهق، شاحب، كان يوحد محلول معلق في يدها من الواضح على قسمات وجهها أنه يؤلمها.
اقترب عمر منها، وبدأ يمسد فوق خصلات شعرها المتناثرة على وجها بحنان وحب ثم بدأ يبعدها عن وجهها؛ حتى لا تنزعج، رفعت رأسها إلى أعلى تطالعه، ظلت تنظر إلى عينيه الواقعة في عشقهما، لا تعلم كيف ومتى شردت في عينيه؟!
تشعر أن عيناه كالمغانطيش تقوم بجذب عينيها نحوه، شعرت أن الدنيا بأكملها فد توقفت في تلك الوهلة، لم تشعر بشئ آخر سوي عينيه بلونها المميز الممزوج من اللونين، الأزرق الذي يشبه البحر في زُرقته، والأخضر الشبيه بالأشجار كالغابة، تشعر بدفء شديد يتملكها بمجرد النظر داخل عينيه فقط، حياة جديدة، وأمل يشرق بداخلها بسببه.
كان هو الآخر يبادلها نفس الشعور، يشعر بحب شديد ينبعث من عينيها، لا يصدق مدى حبه لها، إذا كان جاء شخص وأخبره أنه من الممكن أن يعشق فتاة بهذا الحد الذي يعشقها به، كان سيكذبه على الفور، لكنه احبها بشدة، يحبها بدرجة فاقت جميع الوصف، لكن بماذا يفيده الحب، وهو بنفسه مَن يقوم بتدميره؟!!
تحدثت نهي بغيظ وكره، تقطع شرودهم سويًا، وهي ترمق آلاء بنظرات حاقدة
:- عاملة إيه دلوقتي؟
كانت تضغط فوق كل حرف تتفوهه بضيق شديد.
كان صوتها كالفاصل لهما الذي أعادهما إلى الواقع، يفصل حبل افكارهما، ابتلعت آلاء تلك الغصة القوية التي تشكلت في حلقها بمرارة، تشعر أنها قد استعادت كل ما حدث معها، تذكرت ما حدث في الحفلة، لن تشعر بذاتها سوى وهي تقوم بالصراخ عليهم جميعًا بصوت عالٍ، وهي لا تشعر بذاتها تتمنى أن تنهض، و تجلبها من شعرها تضربها بغل، لكنها نفضت تلك الفكرة، وظلت تصرخ عليهم بصوتها باكمله، تريدهم أن يذهبوا ويتركونها بمفردها
:- اطلعوا برة، برة كلكم، عاوزة ابقي لوحدي.
تشنجت جميع ملامح عمر بضيق، وهو يرى هيئتها بهذا الشكل، اقترب منها يحاول أن يجعلها تهدأ، لكن ازداد صوت صرخاتها، فأسرعت الممرضة تدلف الغرفة وتقترب منها، قامت بحقنها ببعض المهدء؛ حتى تجعلها تتوقف عن الصراخ، والتفتت إليهم وجدتهم جميعهم يتطلعون نحو آلاء بقلق شديد، فتمتمت بهدوء، وارتباك بعدما لاحظت نظرات عمر الحادة
:- لو سمحت اتفضلوا برة عشان راحة المريضة.
خرج الجميع من الغرفة كما قالت الممرضة،اقترب عمر من نهى والشرر يتطاير من كلتا عينيه، قام بجذبها من زراعها بقوة شديدة يسحبها خلفه بعيد عن الجميع حتى لا يراهما أحد، وتحدث بعدها بصوت غاضب ونبرة صارمة حادة
:- مش هتقولي عملتي إيه مع آلاء وصلها للحالة دي، أنتِ اخر واحدة قابلتيها يا نهى، وكنتِ معاها دي آخر مرة هسألك فيها بعد كدة هتشوفي اللي عمرك ما تخيلتيه.
كان يتحدث وهو يضغط بفضب فوق زراعها، حتى شعرت هي انه سينكسر اسفل قبضة يده، حركت رأسها نافية، وتمتمت تجيبه بخوف وتلعثم، وهي تبتلع ريقها الجاف بقلق
:- م..معرفش يا عمر، معرفش أنا قولتلك معملتش حاجة، ولا اتكلمت معاها في أي حاجة ممكن تهدى شوية.
تلعن غباءها و تصرفها المتسرع دون تركيز، فهي قد أخبرتها عن علاقتها هي وعمر، وتركتها بعدها بمفردها تحت تأثير الصدمة، تخشى ان يتراجع عمر في قرار زواجهما.
صدح صوت عمر يرد عليها بغضب وجمود
:- اطلعي برة المستشفى، مش عاوز اشوف وشك هنا خالص يا نهى.
أسرعت تهرول نحو الخارج، تهرب منه ومن غضبه الشديد، تخشى منظره الغاضب، شعرت أنه سيقتلها بسبب الغضب الذي يوجد في عينيه؛ لذلك لم تتردد في الذهاب من المستشفى.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعد مرور أسبوع
كانت آلاء تجلس في غرفتها شاردة الذهن في مقابلتها لعمتها بعد خروجها من المستشفي من يومبن فقط، جاءت سناء تسألها عن أحوالها صحتها، وما الذي يزعجها؟
لكن آلاء كانت لا تعلم بماذا تجيبها، لكنها لم تستطع سوي أن ترتمي داخل حضنها، وتبكي بحزن وقهر تفرغ ما تكبته في قلبها.
بعدما انتهت من البكاء، اردفت سناء تسأل إياها باهتمان شديد، لكن آلاء كانت في حيرة كيف ستخبرها أن عمر على علاقة بنهي وسيتزوجان قريبًا كما اتفق معها؟! كيف ستخبرها أن قلبها هو سبب تعاستها؟! جميع الفتيات يتمنون أن يحبوا، لكن وضعها هي مختلف، ذلك الحب الذي تمنته هو سبب تعاستها رتمتمت تجيبها بكذب و صوت مبحوح؛ بسبب كثرة البكاء
:- عشان عمر تعبت يا عمتو أنتِ شايفة بقا يعاملني ازاي، ولا كأني غريبة لا دة بيعامل الناس الغريبة احسن مني، هو انا عملت ايه عشان يعمل فيا كل دة.
صمتت سناء ولا تعلم بماذا تجيبها، تشعر بالحزن لأجلها لم تجد أمامها سوى أن تقوم بأعطاءها بعض النصائح، وتدعو لها
:- يا حبيبتي خليكي قوية واجهي اعتبري نفسك في معركة، واستمرى عشان تكسبي حبك أنتِ عارفة أن عمر بيحبك.
اومأت لهأ بخفوت، وخرجت من بحر ذكرياتها، قطبت ما بين حاجبيها بدهشة عندما استمعت إلى دقات بابها.
قبل أن ترد بهدوء، كان عمر قد دلف الغرفة من دون أن ينتظر ردها، على الفور تبدلت جميع ملامح وجهها إلى الضيق، وتنهدت بصوت مسموع بعدما رأت عمر يقف أمامها يضع يده في جيب سترته ببرود كعادته.
أسرعت تتحدث بشراسة عندما انتظرت إياه يتحدث لمنه كان يقف على وضعه صامت لن يتحدث، يريد ان يشبع عينيه من رؤيتها
:- في إيه عاوز حاجة؟
اقترب عمر منها، جلس فوق حافة الفراش، ثم غمغم يسأل اياها بصرامة يتخللها اللين ايضًا
:- ممكن افهم بقا إيه اللي حصل، ووصلك للحالة دي في الحفلة؟
تنفست عدة مرات مُتتالية في محاولة منها أن ترتب الحديث في عقلها؛ حتى تتحدث معه بثقة ولباقة، سرعان ما اردفت تجيبه بثقة وهي تحاول أن تخفي الألم والحزن من عينيها
:- والله عاوز تعرف إيه، خلاص يا عمر أنا عرفت كل حاجة، عرفت علاقتك مع نهى يا عمر، ازاي تـ.خوني مع صاحبتي ازاي، أنتَ للدرجة دي مش بتحس بيا، ولا بتحس بأي حد غير نفسك، عمرى ما شوفت حد أناني زيك.
ظل عدة ثوان يحدقها بنظرات جامدة، زاومأ برأسه عدة مرات إلى الأمام، قبل أن يصدح صوته الحاد
:- أنا خونتك فين، هو أنتِ مراتي يا آلاء، ولا حتى خطيبتي وعرفت واحدة عليكي، أنتِ بنت خالي زيك زي نغم أختي، مش اكتر من كدة بطلي دراما واهتمي بصحتك بلاش تهمليها.
أردف جملته وخرج من الغرفة تاك إياها خلفه وهو يتوعد بضيق لنهى؛ بسبب افعالها، فهو نبه عليها ألا تخبر آلاء بشئ بينهما، هو لن يسمح أن تنهار امام احد، ولن يأتي أحد على كرامتها، لكن هذا قد حدث بالفعل، ظل يسب نهى بداخله، يقسم أنها لو كانت أمامه لكان قتلها على الفور.
بينما آلاء وقفت تطالع آثره بذهول تام، غير مصدقة حديثه لها، ورده الحاد عليها، ابتلعت تلك الغصة القوية التي تشكلت في حلقها بألم شديد يعصف في جميع خلاياها، جاهدت بصعوبة ان تمنع دموعها حتى نجحت بالفعل، وسيطرت على نوبة البكاء التي كانت تجتاحها..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في الصباح
طلب عمر من نهى أن يقابلها في شركته، نهض عمر ما أن رآها تدلف إلى المكتب الخاص به، اقترب منها، وجذبها من زراعها خلفه بقوة، وغمغم بهدوء زائف قبل العاصفة التي سيبدأها
:- روحتي قولتي لـ آلاء أن بينا علاقة وأني بحبك، وصممتي تدخلي الحفلة في نفس الوقت اللي هدخل فيه، وأنا قولتلك الموضوع ميتقالش لمخلوق خلقه ربنا على وجه الأرض، بس طبعا نهى هانم مهتمتش بكلامي، وجيت سألتك في المستشفى وكـ.ذبتي عليا، قولتي إنك معملتيش حاجة صح؟
كان يسالها بنبرة مغزية حادة، وهو يضيق عينيه عليها، يطالعها بغضب شديد.
شعرت أن الدماء تنسحب من وجهها وجسدها بأكمله، شحب وجهها أصبح كشحوب الموتي، حاولت ان ترد عليه لكنها شعرت ان الكلمات قد هربت من عقلها، ظلت تجاهد حتى ترد عليه ونجحت بالفعل تمتمت بخفوت وتلعثم و هي لا تدرى ماذا تجيبه
:- م..ما..ا..أصل يعني..هي..أنا قولتلها تشوف يعني عشان ميبقاش في حاجة واقفة في طريقنا، وكمان عشان تفوق لنفسها يا عمر، أنتَ شوفت طريقتها عاملة ازاي معاك.
شدد من ضغطه فوق زراعها بقوة جعلتها تصرخ بألم، وهو يردف بحدة صارمة أخرستها تماما
:- نهى بلاش كذب، مش بتسمعي الكلام اللي بقوله روحتي برضو عملتي اللي في دماغك، استفدت إيه اديكي شوفتيها تعبت ازاي، لو كان جرالها حاجة أنا مكنتش هسيبك، مش أنا اللي حد يأذي أي كد من عيلتي واسكتله فاهمة.
أردف كلمته الأخيرة بصوت عالٍ أشبه بالصراخ.
صوته المرتفع. الغاضب جعلها تنتفص بخوف، وهي تأومأ له برأسها إلى الأمام وتغمغم بخفوت
:- ف..فاهمة..فاهمة يا عمر.
ترك زراعها بقوة جعلتها تعود للخلف، وتتشبت في احدي المقاعد؛ حتى لا تسقط أرضًا بسبب قوة دفعته لها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في المساءِ
كان جميع أفراد العائلة ماعدا عُمر يجلسون حول مائدة الطعام ينتظرون قدومه والبعض منهم يتطلع نحو الساعة الكبيرة المُعلقة على الحائطٍ في بهو الفيلا، فـهو قد تأخر اليوم على غير المألوف منه، فـدائمًا عندما يرَى نفسه سيتأخر في العمل يقوم بإخبار والدته (سناء) في الهاتف؛ كي لا يثير قلقها.
تحدثت فريدة تكسر ذلك الصمت السائد في جلستهم المملة، وتمتمت تتحدث مع آلاء بهدوء تود الإطمئنان عليها، و على صحتها خاصة بعد فقدانها لوعيها في الحفل الذي كان دون سبب مُفَسَّر بالنسبة للجميع
:- صحتك عاملة إيه دلوقتِي يا لولو؟
كانت تسألها وهي تبتسم في وجهها بلطف، وهدوء ابتسامتها الجذابة التي لم تليق سوى بها.
فـفريدة ليس مثل أي فتاة، هي القادرة على أن تبتسم، وتُخفف عن آلاء، على الرغم من الحزن الذي تشعر به في قلبها، تشعر آنين قوي يكاد يرهق قلبها، ويرهق روحها بأكملها.
ندبة قوية موجودة داخل قلبها، وتزداد مع مرور كل ثانية؛ بسبب معاملة تامر زوجها لها الذي لم تجد لها تفسير حتى الآن، لكنها لن تشتكي لأحد حزنها.
نعم هي اسم على مُسمَّى تمامًا، هي فريدة بالفعل وكل شي بها فريد حقًا، قلبها، روحها، حزنها، وضعفها الذي تخفيه بمهارة عن الجميع لأجل إسعادهم، هي فريدة الوجود، وليس الإسم فقط.
أجبرت آلاء شفتيها على رسم ابتسامة زائفة؛ حتى تُجامل إياها، وأردفت تجيبها بشرود، دون وعي لما ستتفوهه، فهي عقلها الآن لست معها نهائي عقلها شارد فيما علمته
:- الحـمد لله كويـــ...
بترت جملتها، لم تستطِع مواصلتها حديثها، لسانها يعحز عن التفوه ولـو بحرف واحد، حينما رأت عُمر وهو يدلف المنزل بخطَى ثابتة قوية لم تليق سوَى بشخصيةٍ مثله.
لكنها تجمدت في مكانها، و جميع أطراف جسدها قد توقفت، شعرت بأحد سكب عليها دلو من الماء المُثلج في البرد القارس، وجحظت عينيها بصدمة لم تستطع تحملها هي وقلبها، أدت تلك الصدمة إلى شحوب وجهها كشحوب الأموات.
شعرت أن كل شئٍ بداخلها قد توقف عن العمل، جميع أعضاء جسدها توقفت تمامًا، تشعر أن عقلها توقف عن التفكير، قلبها توقف عن النبض بداخل قفصها الصدرى، ورَوْحها قد توقفت تمامًا كالأموات، عندما رأت نهَى التي دلفت بصحبته، و مِن الواضح أنهما قد آتا معًا.
شعر الجميع بالتوجس لما يحدث، فـبالتأكيد سوف يحدث شئ ما، لم يعلمُوه ولم يستعدوا له نهائي،فالجميع بدت الصدمة على وجوههم بوضوح.
وقف عُمر أمامهم بشموخ، و وضع يديه داخل جيب سترته ببرودٍ يرتسم فوق ملامح وجهه بإتقان، بينما عينيه كانت تدور بحثًا عن معشوق قلبه، وروحه من بين الجميع حتى وجدها، و ظل يتابعها بطرف عينيه من دون أن يلاحظ أحد شئ عن حرب اشتياقه لها الدائرة بداخله، يشعر بالآلم يعتصر قلبه بسبب ما سيفعله بها، تمنى أن لم تكن موجودة في ذلك الوقت بالتحديد.
_لأول مرة يتمنى قلبه الهروب من مواجهتها، هو دائمًا يقف كالصقر يتحدث و لم يهمه شئ لكنه الآن يريد الهروب من أمامها.
توجه صوب الأمام بخطواته، ثم صدح صوته أخيرًا الذي خرج من فمه بصعوبة بالغة، و تحدث قائلًا لهم بجدية، وصرامة، وهو يقوم بفك زر بدلته الأمامي؛ ليستعد على الجلوس فوق المقعد المُخصص له حولهم على المائدة
:- ماما أنا قررت أعمل اللي نفسك فيه دايمًا، و بتحلمي بيه، أنا قررت أخطب زي ما أنتِ عاوزة، انا هخطب نهى.
ألقَى قنبلة قوية دوت تفجر عقول جميع الجالسين،
شعرت آلاء بـصدمةٍ أكبر مما كانت تتوقع، صدمة كبيرة ضخمة كانت من نصيبها، في أحلامها حتى لم تتوقع حدوثها.
إنه يتحدث الآن و يقول لهم شئ هام مثل هذا، وهو بذلك البرود و العنجهة، كأنه يخبرهم شيئًا طبيعيًا مألوفًا لدى الجميع، ابتلعت تلك الغصة القوية التي تشكلت في حلقها، ونهضت من فوق مجلسها بوهن وهي تشعر أنها قد فقدت السيطرة على ذاتها، و اجتاحها الضعف، ذلك الشعور الذي تكرهه بدا على ملامحها على غير عادتها، وقوتها الدائمة، تمتمت تحدثه بخفوتٍ، صوتها بالكاد يُستَمع ويصل إلى مسامعهم على مضض
:- م.. مبروك يا عُمر، مبروك يا صحبتي طلعتي بجد حرامية بجدارة تستاهلي اللقب يا بيبي.
لا تعلم كيف تحدثت، وكيف قد ساعدها صوتها و خرج من داخل حلقها؟!
تشعر بالإنكسار و الخذلان حقًا، أصبحت بالفعل تكره حياتها تلك التَّي تحولت و انقلبت رأسًا على عقب في وقت غير متوقع، تكره قلبها اللعين الذي يعشقه و ينبض عشقًا له.
تحدثت نهَى ترد عليها بحدة صارمة، و هي تشعر بالغيظ الشديد بسبب رد آلاء الفاتر بعض الشئ، لكنها كانت في الحقيقة تشعر بالفرح أكثر، و أكبر خاصة بعدما رأت نظرات الاء المنكسرة التي قابلتها هي بشماتة وسعادة واضحة، فرغم فتورها في الرد لكن الحزن كان يغطي كل انشٍ في وجهها
:- وآلله أنا مسرقتش حاجة من حد يا آلاء، أنتِ ليه واهمة نفسك أنه كان ليكي، وأنه بتاعك، دة حتى هو ملمحش ليكي بدة، متتخيليش كتير ومتحلميش كتير، اديني نصحتك اهه يا قللةصاحبتك، خليكي واقعية بقا، و فوقي من أوهامك الخيالية دي يا حبيبتي عشان متتعبيش زي ما حصل قبل كدة.
كانت تحدثها بشراسة بل بالأحر تهاجمها، و هي تتمنى أن يكن في يدها أن تكسرها أكثر وأكثر، لم تتردد وهلة واحدة.
بينما آلاء قامت بغرز أسنانها في شفتها بضيق، و ظلت تغرز أظافرها في باطن كفها؛ كي تقاوم رغبتها في الأنفحار باكية أمامها، لن تستسلم و تتركها تشعر بالانتصار، ستقاوم رغبتها في البكاء، لكنها كانت تشعر بشعور الإختناق يجتاح كل ذرة بداخلها..
_سيبقى للعشق لوعة خاصة تحرق قلوب العاشقين بالوجع والحزن_
ـــــــــــــــــــــــ****ــــــــــــــــــــــ****ــــــــــــــــــ
**** ****
رأيكم يا بنات🙈👀👀♥؟!
اتمنى الفصل يكون عاجبكم ♥
عاوزة تفااعل قمر زيكم بجد♥♥🙈🙈
و بعتذر بجد عن التاخير لانه حصل لظرف خارج عن ارادتي🙈♥
توقعاتكم القمر بقا♥♥
واتأكدوا من انكم عاملين لصفحتي هنا على الواتباد متابعة عشان يوصلكم اشعار باللي بنزله على طول♥♥
متنسوش الڤوت لانه بيساعد على ظهور الرواية ♥♥
واخيرا دمتن سالمات هنتظر رأيكم♥♥
الكاتبة:- هدير دودو
تعليقات
إرسال تعليق