القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية مر الإهمال الفصل الأول حتي الفصل السابع والاخير بقلم ناهد خالد كامله على مدونة النجم المتوهج للروايات

 


رواية مر الإهمال

 الفصل الأول حتي الفصل السابع والاخير 

 بقلم ناهد خالد

كامله على مدونة النجم المتوهج للروايات 

مر الإهمال

مر الإهمال

رواية مر الإهمال الحلقة الأولى

_يووه، مردتش من أول مره معناها إني مش فاضي يا أمنيه أي الزن ده!، هكلمك بعدين.

_يزن ان…

استمعت لصوت إعلان إغلاق الخط فتمتمت بحسره :

_بلاش تخذلني المره دي بالذات يا يزن.

كتمت أنفاسها برعب وهي تتابع صوت اقتراب الخطوات منها، وضعت كفيها فوق فمها تكتم أي صوت قد يصدر منها وهي تري هذا الملثم الذي اقتحم عليها شقتها الواسعه بعد خروج زوجها ” يزن” لشركتهِ، نظرت تطالع ظهرهِ وهي تراه يقترب أكثر من مكان تواجدها وبيدهِ سلاح وقناع يُغطي وجههِ.. أغمضت عيناها تدعو بخفوت أن ينقذها الله :

_يارب مليش غيرك يارب تحميني يارب…

ارتجفت أوصالها حينما التف فجأه وكأنه شعر بها خلفهِ، أغمضت عيناها تنتظر مصيرها المحتوم وكل ذره بها تنتفض رُعبــًا… صرخت بفزع حينما وجدتهِ يطيح بالمقعد التي تستتر خلفهِ.

وقفت في مواجهته وساقيها لا تحملها حينما تمتم هو بش”ـر :

_كنت جاي أخلص مهمتي وأمشي بس مكنتش أعرف إني هقابل عقبه.

قالت بارتجاف :

_أنت جاي تسرق صح؟ خود الي أنت عاوزه وامشي.

_تؤ للأسف مينفعش.. أنتِ شوفتيني وده خطر.

_أنا مشفتكش أنا معرفش شكلك حتي يعني مش هأذ” يك.

حك وجنته بيده اليسري مُفكرًا قبل أن يقول :

_ماشي مش همو” تك بس أكيد مش همشي من غير ما أسيبلك تذاكر.

رفع سلاحه يصدم رأسها بهِ لتتأوه بصوت مسموع قبل أن تسقط أرضًا.

أنهي ما جاء ليأخذه من أوراق واتجه سريعًا للخروج مثلما دلف..

_______________

_كملي يا دينا أي الي حصل بعدها؟

قالها يزن باهتمام وهو يطالع دينا الجالسه أمامه منذ أتي.

دينا هي صديقة طفولته و بنت صديقة والدته التي توافها الله منذ خمسة أعوام ومن حينها وأصبحت ك أختهِ الصغري ويسعي جاهداً كي لا تشعر بيتمها ووحدتها ولكن ما لم ينتبه له أن الأمر أتي علي حساب زوجتهِ التي هاتفته تستغيث بهِ ولكنه خذلها للمره التي لا تعلم عددها فقط يهتم بما تلقيهِ دينا علي مسمعه.

_بس فروحنا لعميد الكليه وخدت فصل.

_أحسن تستاهل، لو مكنش ده حصل كنت جيت معاكِ بكره الكليه وعرفتهم شغلهم وبرضو كانت هتتفصل ازاي تتجرأ وتشتمك لا وتسرق مشروع تخرجك!

_اهو الموضوع انتهي يايزن احسن والله قلبي ارتاح.

_الحمد لله يا حبيبتي.


 


 


 


“حبيبتي” هي فقط كلمه اعتياديه يقولها لها من باب التودد لكن تلك الكلمه تفعل بها الافاعيل.

_ الحمد لله يازيزو.. كلم أمنيه شوفها كانت عاوزه أي مكنش ليك حق تقفل كده قبل ماتسمعها افرض في حاجه مهمه.

قالتها بأسف مصطنع وهي في قمة سعادتها أنه ترك أمنيه من أجلها.. تعلم كم يعشق غريمتها وهذا ما يشعل قلبها بنير”ان الغيره ولكن تلاحظ أيضًا أنها المسيطره علي معظم وقته وتلاحظ الفجوه التي خلقت بين يزن وأمنيه حتي وإن كان يزن نفسه لا يلاحظ.

_هيكون اي مهم انا لسه سايبها من ساعه يعني اكيد لو حاجه مهمه كانت قلتها وانا في البيت! يمكن كانت عاوزاني اجيب حاجه وانا راجع.

اخرج هاتفه يتصل بها… مره.. اثنان.. ثلاثه.. لا تجيب وهذا أمر غير معتاد.. لايعلم لما ولكن ساوره القلق فهاتف أخيه الذي يسكن مع والدته في الدور الأول من المنزل بينما يزن في الثالث و دينا في الثاني حيث انتقلت بعد وفاة والدتها.. اخبره ان يصعد ليخبرها ان تجيبه..

صعد “عادل” اخيه ليجد باب الشقه مفتوح قليلا دلف ينادي عليها بحذر ولكن لا مجيب.. اخذ يبحث في ارجاء الشقه حتي انتبه لباب غرفة الضيوف مفتوح عكس باقي الغرف.. اتجه له وبحث بعينيه.. شهق بفزع حينما رآها ملقاه أرضًا والدماء حول رأسها والمقعد ملقي أرضًا علي جانبه..

_أمنيه.. أمنيه ردي عليااا..يانهار مش فايت…

ركض سريعًا لأسفل يخبر والدته التي صعدت بالمصعد سريعًا للأعلي ودلفت لها صرخت حين وجدتها هكذا..

_عادل اطلب الاسعاف بســـــرعه.

لا يعرفون متي وصلوا للمستشفي وقفوا خارج الغرفه بقلق ينتظرون الطبيب

_طمني يا دكتور.

قالتها ” سلوي” بلهفه..

_اطمنوا خدت كام غرزه في رأسها بس دي ضربه مقصوده مش وقعه ولازم نحرر محضر وكمان هننتظر تفوق عشان نتأكد إن الخبطه مأثرتش علي مركز حس عندها.

ذهب من أمامهم فتذكر عادل أخيه أخيرًا فأخرج هاتفه ليحادثه..

_بتعمل أي يا عادل؟

_هرن علي يزن ياماما أعرفه.

_هو رن عليك يسألك مردتش عليه لي؟ رن عليك يسألك لاقيتها وقولتلها ترد عليه ولا لأ؟

_أكيد اتشغل ياماما.

_يبقي خليه مشغول مترنش عليه رن علي أخوها.

قالتها والدته بحده فرد عادل بتوتر:

_ماما بلاش تكبري الموضوع ا…

_أنت تعمل الي بقول عليه وأنت ساكت.

زفر بضيق قائلا بحنق :

_حاضر هرن علي أكرم ييجي حاجه تانيه؟

_آه لو أخوك رن متردش عليه وكلامي يتسمع.

ضرب كف بالآخر ولكن رد بخضوع فهو يعلم عناد والدته :

_حاضر حااااضر..

_________________


 


 


 


نظر في ساعته فوجدها قد قاربت علي ميعاد الاجتماع المقرر عقده… الآن فقط انتبه انه قد مر ساعه كامله ولم يرد عليه أخيهِ ولم تعاود أمنيه بمحادثته، قطب جابينه وكاد يرفع هاتفه يطلب رقمها حين دلفت السكرتيره تخبره بقدوم الوفد المنتظر، ترك الهاتف وذهب لغرفة الاجتماعات..

_________________

_آآآه..

_أمنيه سمعاني يا حبيبتي..

فتحت عيناها بضعف وخوف من أن يكون ذلك الشخص مازال أمامها.. وجدت وجه والدة زوجها فبلعت ريقها بهدوء وقالت سريعًا بدموع :

_أنا…اا عاوزه أكرم… عاوزه أخويا..

حزنت سلوي علي حالتها وفهمت أنها تحتاج لمن يطمئنها فهتفت بتهدأه:

_اهدي يا حبيبتي أكرم جاي و…

لم تكمل حديثها حين انفتح الباب واندفع أخيها الأكبر منه.. أكرم أخيها الذي قارب علي الثلاثين و يكبرها بسبع سنوات فهي بمثابة ابنته..

_أكـــ ــرم!

قالتها ببكاء فاندفع لها يحتضنها بزعر وقد جفت الدماء من عروقه حينما علم بوجودها بالمستشفى..

_حبيبتي أنتي كويسه ياعمري.

هزت رأسها واكتفت بذلك تخبأ نفسها في أحضان أخيها تلتمس الأمان المفقود ..

______________

ثلاث ساعات مرت وهو بالاجتماع حتي أُرهق تمامًا.. نظر في الساعه وجدها قاربت علي السابعه مساءً.. ذهب لمكتبه لكي يأخذ أشيائه ويذهب يكفي عمل اليوم..

بعد فتره وصل لمنزله وهو يتوعد لها لعدم ردها عليه ولأخيه أيضًا.. صعد فوراً لشقته فوجد بابها مفتوح انتابه قلق حول الأمر ودلف يبحث عنها ولكن لم يجدها.. تسمرت قدماه حينما رأي تلك البقعه المتجمده للدماء تحتل أرضيه الغرفه والمقعد الواقع جوارها…

شعر بدماء عروقه تتجمد حال تلك البقعه وهتف بخفوت ضائع :

_أمنيـــــه!

يتبع…

رواية مر الإهمال الفصل الثاني 2 بقلم ناهد خالد


مر الإهمال

مر الإهمال

رواية مر الإهمال الحلقة الثانية

أمنيــــه!

لثوانِ توقف العالم من حوله وهو يفكر لمن هذه الدماء! وحينمـا يأتي بباله إمكانية كونها لها تتخبط أفكار بشعه في رأسه وجميعها نتائجها أبشع.. أخذ فتره حتي استطاع أن يتحرك فنزل سريعًا لشقة والدته ولكن لم يجد بها أحد، أخرج هاتفه ودق لأخيه ولم يجيبه، بدأت أعصابه تنهار وهو لا يعلم ماذا يفعل أو ماذا حدث لهم..

ساعتان مروا وهو كمن يجلس علي جمر لهب يحاول الوصول لأيًا منهم ولم يستطع حتي أنه بقي في حديقه المنزل ينتظر قدوم أحدهم وها هم بعد ساعتان وقد تُلفت أعصابه بالفعل يري دلوف سيارة أخيه لفناء المنزل…

ترجل عادل وسلوي واتجه هو لهم سريعًا يردد بعصبيه :

_انتوا كنتوا فين ومبتردوش عليا لي؟

نظر له عادل بصمت في حين ردت سلوي ببرود :

_كنا في المستشفى وأكيد مش هنفضي نرد علي سعادتك في ظروف زي دي..

_ أمنيه فين؟

قالها بقلق بالغ وهو لا يراها معهم..

_ مع أخوها متقلقش.

_مع أخوها ازاي يعني؟

_روحت بيتهم يا يزن اي الي مش مفهوم!

_وتروح مع أخوها لي مجتش معاكوا لي وازاي تروح معاه من غير ماتعرفوني واي الي حصلها؟

رد عادل بهدوء:

_خلينا ندخل جوه يايزن الجو برد وهنحكيلك الي حصل.

هتف بعصبيه أكبر:

_مش هتحرك غير لما اعرف اي الي حصل..

_متعليش صوتك وأنا واقفه.. عاوز تعرف اي الي حصل! ماشي هقولك.. الي حصل ان في حرامي دخل شقتك وخبط مراتك علي راسها لما شافها ولما اخوك طلع لها لاقها واقعه وراسها بتنزف خدناها علي المستشفي واول ما فاقت طلبت اخوها ولما جه قالتله انها عاوزه تروح معاه مش عاوزه ترجع الشقه واضح انها كانت خايفه ترجع تاني بعد الي حصل.. بس روحوا البيت واحنا روحنا معاهم اطمنا عليها وخدت ادويتها ونامت وأكرم قال انه مش هيسبها وهينام معاها عشان لو صحيت بليل متخافش لما تلاقي نفسها لوحدها أكيد الي حصلها مش سهل.

قطب حاجبيه بضيق بالغ وهو يستمع لحديث والدته وقال بعدما انتهت:

_وأكرم يبات معاها لي اومال أنا روحت فين ان شاء الله!

-أكرم ملوش دعوه هي الي طلبت تروح بيتهم وهي الي فضلت متعلقه فيه وكأنها بطمن نفسها بوجوده.

_انا مش فاهم كلامك! يعني لو انا الي كنت معاها وجودي مكنش هيفرق! مكنتش قادر اطمنها يعني ولا اي! حتي لو رجعت الشقه هنا مكنتش هقدر اعمل ده!

نظرت له والدته بجمود وقالت:

_لما أكرم قالها مش عاوزه تروحي لي قالتله هخاف افضل في الشقه لوحدي، قولتلها تيجي تبات عندي، بس الي هي اتحرجت تقوله انها هتخاف تفضل حتي في اوضه لوحدها فرفضت.

_شقه اي واوضة اي الي هتبقي فيها لوحدها اومال انا روحت فين!

_والله اسأل نفسك متسألنيش أنا.

_هو في اي يا ماما أنتِ بتكلميني وكأني مذنب لي؟

– كنت فين من لما كلمت اخوك تسأل عنها! مكلمتوش غير بعدها ب٤ ساعات!

_كان عندي اجتماع و….

_ماشي خليك بقي في اجتماعاتك وسيبها عند اخوها تروق اعصابها عالاقل أكرم قال هياخد اجازه يومين من الشغل ويقعد معاها وده الي انت طبعًا مش هتعرف تعمله والصبح كنت هتسيبها وتمشي عادي وهي عارفه ده عشان كده مرضيتش ترجع.


 


 


_هو انتوا بتحاسبوني علي شغلي! هو انا ببقي سهران مع صحابي ده انا في شغل!

_قولتلك متعليش صوتك يايزن قدامي، ثم محدش طلب منك تشتغل معظم الوقت وانت صاحب الشركه يعني تقدر تقسم وقتك بس انت الي بتفضل شغلك علي اي حاجه.. رغم انك بتلاقي وقت لغيرها!

_غيرها مين؟

_اسأل نفسك، انا داخله اخد الدواء وأنام يلا يا عادل.

_أنا هروح اجيبها.

قالها يزن وهو يتجه لسيارته ولكن وقف علي صوت والدته:

_متروحش، هي نايمه دلوقتي محتاجه راحه وأكرم مش هيرضي تاخدها وهي طلبت منه تفضل معاه خليك لبكره ابقي روح.

التف بغضب يردد:

_علي فكره دي مراتي ومن حقي اطمن عليها عالأقل!

_مرواحك ملوش لازمه يا يزن خليك لبكره مش هتعرف تشوفها دلوقتي وبلاش عشان متشدش مع أكرم وانتوا علي طول واقفين لبعض علي الواحده.

والحقيقه أن يزن هو من يفتعل دومًا المشاكل مع أكرم ليس سوي لضيقه منهِ بسبب قربه الشديد لزوجته، حيث صور له عقله أن أخيها أقرب لها منهِ وتهتم له أكثر منهِ وكان يتقبل هذا نوعـًا ما أثناء خطبتهم لكن بعد الزواج أصبح لا يطيق الأمر فمعظم الوقت تحادث أخيها ودومًا تتحدث عنه وكأنها تعرف سير يومه بالتفصيل، دفعته غيرته للنقم علي أكرم، ولكن لم يفكر أنها تفعل هذا لأنها لا تجده بجوارها وإن قللت حديثها مع أخيها لن تجد من تحدثه ولن تجد ما تشغل بهِ وقتها فدومًا يزن مشغول فلا يجلس معها وقت كافي ولا حتي حينما تحادثه في الهاتف يعطيها الفرصه! وفي نفس الوقت تري كيف لديهِ وقت من أجل دينا!.

ركل إطار سيارته بغضب واتجه للأعلي وهو يسب أكرم في سرهِ وكأنه هو سبب بعد زوجته عنهِ!.

______________(بقلم ناهد خالد) ______

في اليوم التالي..

فتحت عيناها لتجد أخيها بجوارها نائمًا بعمق ورأسها فوق ذراعه، ابتسمت بسعاده وهي تراه بجوارها ولم يتركها أمس مستغلاً نومها، نظرت للساعه فوجدتها العاشره!، اتستعت ابتسامتها حين ادركت أن أكرم لن يذهب لعمله اليوم من أجلها..

“أكرم” يفعل ما لا يفعله زوجها، وكأن الأدوار تبادلت بينهم فيهتم هو بما يجب علي زوجها الاهتمام بهِ، لم تحتاجه يومًا ولم تجده، لم تحادثه حتي وإن كان مشغولاً إلا ويجيبها ويتحاور معها، لن تنسي أنها أحيانًا من كثرة الملل تحادثه لتحكي له عن حلقة أمس من مسلسلها التركي المفضل! وهو رغم عدم معرفته للمسلسل حتي يستمع لها بكل رحابه بل ويتجاوب معها فقد تابع المسلسل عن طريق حديثها فقط لكن لا يعلم شكل الممثلين حتي! ضحكت بخفوت حينما تذكرت ذات مره حين حادثته وسمعت ضجيج عالي حوله…

_أكرم أنت مشغول؟

_لا ياحبيبتي اتكلمي معاكِ اهو.

_أصل سامعه دوشه حواليك لو مشغول هكلمك بعد شويه.

_لأ خليكِ بس ثواني هطلع المكتب أصلي في موقع الشغل عشان كده تلاقي دوشه..

ثوانِ وعاد حديثه بعدما اختفت الأصوات.

_ها اتكلمي..

وضع الهاتف علي المكبر ووضعه بجواره كي يستطع ترتيب أوراق العمل.. رغم أن العمل في أوجته لكن لم يشاء أن يهمل حديثه معها..

_ امبارح بهار ما”تت..

“بهار” هي إحدي بطلات المسلسل التركي الوطني “العهد” أحد أشهر المسلسلات التركيه وأعظمهم.

_بتتكلمي بجد! هي مش كانت مخطو” فه!

_ايوه ما الخا”طف ق” تلها..

_هو جوزها ملحقهاش؟

_لحقها بس وهي رايحاله بعد الراجل ده ما سابها ملحقتش توصل وضرب عليها رصاص جت رصاصتين في ضهرها تخيل!

_أكيد مشهد كان صعب.

_اوووي ده أنا فضلت أعيط أكتر من ساعه.. حتي صحابي كلموني النهارده عشان اخرج معاهم حسيت اني مش في المود..

_طبعًا أنتِ في حداد علي بهار..

_أكرم متتريقش عليا أنت عارف أن نفسيتي بتتعب حتي لو تمثيل.

_والله يا حبيبتي مش بتريق أنا عارفك فبتكلم جد وكمان عشان كده قولتلك بطلي تسمعي مسلسلات دراميه خليكِ في الكوميدي.

_مش بحبه.. بعدين اعمل أي بمل من القاعده لوحدي.

_ذاكري عشان امتحانات الي فاضل عليها اسبوع يا هانم.

_بذاكر والله بس مش هفضل اذاكر كتير برضو بزهق.

_انزلي لطنط اقعدي معاها.

_مانا بنزل بعد الضهر عشان انزل الغداء أنت عارف أني أنا الي بطبخ هنا وبنزل الأكل فبنزل انزله واقعد معاهم شويه واطلع بعد العصر كده او المغرب، عادل بيرجع من الشغل بعد العصر وبنحرج افضل قاعده عشان ياخد راحته.

_يزن بيرجع امتي من الشغل؟

تنهدت بحزن خفي وقالت :

_يعني علي ١٠ او ١١ حسب الشغل واوقات بيرجع ١.

_أنا مش عارف جوزك ده بيحب الشغل زي عينه.

أرادت تغيير الموضوع فقالت :

_فاكر الهيلز البني الي جبته من اسبوعين.

_آه ماله اوعي تقولي كعبه اتكسر.

_آه اتكسر فعلاً.

_يابنتي مانتِ جايباه وقولتيلي حاسه ان كعبه مش هيتحمل وهيتكسر جبتيه لي!

_عجبني شكله اوي.

_طيب بصي صوريه وابعتِ صورته هند “خطيبته”، هترجع آخر الأسبوع من باريس هبعتلها الصوره وتشوف حاجه شبهه تجيبه ليكي أصلا ً كانت بتسألني تجيبلك اي معاها.

_بجد هند دايمًا تاعبه نفسها في كل سفريه لازم تجبلي حاجه كده..

_بطلي هبل هي بتعتبرك أختها وبتتبسط لما بتجيب حاجه وتعجبك.


 


 


 


_مش هتعجبني ازاي وهي أشطر ديزاين “مصممه أزياء” في مصر.

أغمضت عيناها تتنهد بهدوء وهي تتذكر كيف لم ينشغل عنها أكرم يومًا رغم وجود خطيبته ورغم عمله ورغم الكثير، وكيف ينشغل عنها زوجها رغم أحقيتها في الاهتمام، والمحزن في الأمر أنها لا تطلب من يزن الكثير ولا تطلب أن يفعل معها مثلما يفعل أكرم، بل تحتاج فقط لساعه في اليوم حينما يعود يتحدث معها ويسألها عن يومها، حينما تحادثه لا يغلق الهاتف قبل أن تكمل حديثها، حينما تريد أن تستأذن منه للخروج او الذهاب لمحل ما لا تبقي يومان وربما ثلاث حتي تستطيع الحديث معه والاستئذان، لاتراه غير صباحًا يستيقظ ليفطر سريعًا ومن ثم يرتدي ملابسه ويذهب للشركه مع حديث قليل بينهما، وحينما يعود إن عاد مبكرًا يكون منهكًا فيغير ثيابه ويتناول عشائه ويجلس قليلاً وبالطبع لن تفتح معه مواضيع وهو منهك هكذا وبعدها يذهبوا للنوم… روتين يومي ممل لأبعد حد، وتتعجب كيف أصبحت حياتهم هكذا بعد كل الحب الذي بينهم! لم يكن يزن بهذه الحاله في الأشهر الأولي لزواجهم، بل كان يغدقها بالحب والاهتمام ولكن بعد عدة أشهر قليله تحولت حياتهم تدريجيًا لتصبح بما عليه الآن، فقد مرَّ ما يقرب علي عامان ونصف منذ زواجهم.. تتسائل إن كان هذا هو الحال ولم يمر كثير علي زواجهم إذًا ماذا سيحدث بعد عشر سنوات وربما أكثر!!

_صباح الخير.

استفاقت علي صوت أكرم فابتسمت له :

_صباح النور يا حبيبي.. مروحتش شغلك النهارده!

_مينفعش اسيبك وأنتِ تعبانه كده.. عامله اي دلوقتي؟

_احسن الحمد لله..

استمعوا لصوت الخادم من خلف الباب..

_أكرم بيه.

_ايوه يا حسن.

_يزن بيه تحت وعاوز حضرتك.

نظرت له بصمت فقال :

_ماشي انزل انت وانا جاي وراك وشوفه يشرب اي.

التفت لها يقول:

_ها حابه ترجعي امتي؟

_مش دلوقتي يا أكرم..

– أمنيه الموضوع مش حكايه الي حصل امبارح صح!

ابتلعت ريقها بهدوء قائله:

_أكرم ممكن متضغطش عليا.. أنا محتاجه افضل هنا فتره.. ومعرفش قد اي يمكن اسبوع ويمكن اكتر معرفش بس مش هرجع دلوقتي.. واه الموضوع مش بس الي حصل امبارح في حاجات تانيه مش حابه اتكلم دلوقتي.

_ماشي.. طيب هو اكيد هيعوز يشوفك.

_قوله نايمه.

نظر لها بدهشه فما كل هذا الرفض الموجه ليزن من ناحيتها يبدو أن الأمر يستحق!

___________________

نزل درجات الفيلا بهدوء واتجه لمكان تواجد يزن..

_نورت يايزن.

حاول يزن التحلي بالصبر وهذا ما حدث نفسه به قبل مجيئه أن يكون هادئ لاقصي درجه..

_أهلا يا أكرم..

_اتفضل اقعد..

_أنا مش جاي اقعد يا اكرم أنا جاي اشوف مراتي الي جت عندك هنا من غير أذني.

_الي حصل امبارح يايزن مكنش وقته التفكير في انها تاخد اذنك او غيره الوضع مكنش متحمل وحالتها كانت وحشه.

_بس عالاقل كنت كلمني أنت.

_أنا عارف إن كان لازم نعرفك بس صدقني أنا كنت خايف عليها ومشغول معها من وقت ماعرفت انها في المستشفى ومجاش في بالي اكلمك.

_حصل خير، عن اذنك هطلع اشوفها.

قالها وهو يتجه للصعود حينما توقف علي صوت أكرم المضطرب قليلاً فالوضع محرج له..

_يزن، أمنيه نايمه دلوقتي.

التف يسأله بعقدة حاجبيه:

_وفيها اي يعني هو انا حد غريب!


 


 


 


_لا مش قصدي بس..

_في أي يا أكرم! بعدين مانا كده كده هاخدها معايا.

_لا هي حابه تفضل هنا شويه.

اتسعت عيناه بدهشه قائلا:

_نعم! يعني اي تفضل هنا شويه!

_هي حابه تغير جو وتفضل هنا كمان بعد الي حصل في الشقه هتخاف ترجع دلوقتي.

_وانا مش معاها يعني!

_هتبقي في شغلك يايزن وهي مش هتعرف تقعد لوحدها في الشقه ومش هتفضل طول الوقت عند والدتك واخوك موجود.

_لا لحظه يا أكرم عشان انا عاوز افهم في أي بالضبط لأن كل الي بتقوله ده مش داخل دماغي في حاجه هي قالتهالك انا معرفهاش!

_بص يا يزن الي اقدر اقوله أن واضح إن أمنيه عندها أسباب لوجودها هنا بس حقيقي هي لسه متكلمتش معايا ومعرفش اي اسبابها بالضبط.

_أسباب! وياتري برضو مش عاوزه تشوفني!

كاد أكرم يجيبه حينما رن هاتف يزن فأخرجه ليجدها دينا.

_الو..

_يزن تعالي بسرعه بليز وصلني الجامعه لأن عندي امتحان كمان نص ساعة وعربيتي عطلت وعادل مش هنا راح الشغل.

_حاضر يا دينا جاي.

أغلق الهاتف ووجه نظره ل أكرم يسأله :

_وياتري هتروح امتحاناتها ولا لأ؟

قطب أكرم حاجبيه بذهول:

_امتحاناتها! أمنيه مخلصه امتحانات من أسبوعين يا يزن!

_ اسبوعين!

قالها يزن بدهشه فهو لا يعرف متي بدأت من الأساس فدينا أول امتحان لها اليوم وهما بنفس الجامعه وبنفس السنه الدراسيه الأخيره! ولكن مع اختلاف القسم فقط..

أما أكرم فبدأت الأمور تتضح له.. فكيف يكون زوجها ولا يعرف متي تنهي امتحاناتها ومتي تبدأ! فمن الواضح أن يزن ليس له وجود بحياة أخته، وما خُفي كان أعظم…

يتبع…

رواية مر الإهمال الفصل الثالث 3 بقلم ناهد خالد

مر الإهمال

مر الإهمال

رواية مر الإهمال الحلقة الثالثة

_امشي يا يزن شوف وراك أي، ونصيحه مني راجع نفسك وشوف أنت مأثر مع مراتك في أي واي الي عملته يخليها تيجي تقعد معايا هنا، رغم أن المفروض بعد الي حصل كنت تكون أنت أول حد تسأل عليه وتحتاجه عشان يطمنها، شوف اي الغلط في حياتكوا يا يزن والأفضل أنك تكتشفه قبل ما ييجي وقت المواجهه بينك وبينها عشان تلاقي رد تقولوا لها.

نظر له ” يزن” بتفكير، ولأول مره يشعر أن أكرم معه حق بحديثه، يجب أن يفكر مع نفسه ويكتشف ما الخلل بحياتهم وماذا حدث في الفتره الأخيره يجعلها لا تريد العوده لمنزلها بل ولم تحتاجه لجوارها بعد ما مرت بهِ!

___________________

كانت جالسه فوق فراشها كالعاده، تتذكر أحد المواقف بينهما والتي كانت قبل عدة أشهر ..

دلف لغرفتهما بعد الإفطار ليرتدي ملابسه ويذهب لشركته، دلفت خلفه تريد التحدث معه لكي تخبره برغبتها في الذهاب مع صديقتها للتسوق وتساله إن كان يريد منها أن تجلب له شئ معها..

_يزن.

رد عليها بانشغال وهو يخرج بذلته..

_نعم يا حبيبتي.

_كنت عاوزه أقولك علي حاجه.

_قولي.

يتحدث معها وهو يكمل ما يفعله لم يلتفتت لها حتي.. تغاضت عن الأمر وأكملت حديثها:

_عاوزه أروح مع صاحبتي أ…

_ماشي يا حبيبي روحي.

قالها وهو يتجه ناحية الحمام ليستحم قبل أن يتجهز للخروج.

وقفت محله تنظر لأثره بصدمه، لم يسألها حتي أين تريد الذهاب! ولم يسمح لها بإخباره! ألهذه الدرجه لا يهمه أمرها!؟.

ارتعش بدنها بضيق وهي تشعر أنها لا أهميه لها عنده..

وما زاد من شعورها هو ما حدث في مساء نفس اليوم..

كانوا يجلسون بشقة والدته ومعهم تلك المدعوه ” دينا”.. تناولوا العشاء فهذا يوم الخميس الذي يجتمعون فيه جميعهم لتناول العشاء معًا..

بعد فتره وأثناء حديثهم هتفت دينا قائله ل يزن :

_صحيح يا يزن مش هقدر أجي الشركه بكره.

كانت دينا قد اصرت علي التدرب مع يزن في شركته أثناء أجازتها من الجامعه…

تسائل يزن باستغراب:

_لي؟

_نازله مع صحبتي.

_رايحين فين؟

– هنعمل شوبينج اصل فرحها قرب وبتشتري شويه حاجات.

_ماشي بس بلاش تأخير، انا هرجع بكره علي ٨ الاقيكي هنا.

كان حديثه صارم لا يقبل التفاوض وقبلته هي بكل سرور..

مُهتم!، سؤال تردد بذهن تلك الجالسه علي بعد قريب منهما، ترقرت الدموع بعينيها وهي تتابع ما يحدث.. لم يفعل معها هذا! لم يسألها عن ماذا ستفعل ولم يخبرها ألا تتأخر!، لما؟ أليست هي أحق بهذا!، ابتلعت ريقها بصعوبه تشعر بغصه تسد حلقها وكأن حجر قد وُضع بهِ، أخفضت عيناها كي تمنع انسيال دموعها، ضغطت قبضة يدها تحاول أن تهدأ نفسها… تشعر أنها ستفشل.. لذا قامت بهدوء قائله :


 


 


 


_أنا أسفه بس… محتاجه ارتاح عن أذنكوا .

خرج السؤال من سلوي وهي تقول بقلق:

_مالك يا أُمنيه أنتِ تعبانه؟

هزت رأسها بنفي تقول:

_لأ مرهقه بس، اصل لفيت كتير النهارده.

انتبهت ليزن يسألها:

_لفيتي لي؟

نظرت له بوجع مستتر وبنظره خاليه ردت :

_مش مهم… عن أذنكوا.

وكالعاده بعد كل موقف يحدث… كانت دموعها هي نهاية ليلتها…

تنهدت بعمق تحاول أن تتخلص من تلك المشاعر السيئه التي أنتابتها أثر ذكرياتها..

نظرت لكف يدها لتري هذه الندبه التي كانت أثر لجرح غائر حدث لها… لم يكن هذا الجرح فقط في يدها بل كان الجرح الأكبر في قلبها.. وكأن ذكريتها أبت أن تتركها تنام بسلام فراح عقلها يتذكر يوم أن حدث هذا الجرح…

كانت تنظف شقتها حين انتقلت لتمسح المنضده من الغبار وقد كانت ذو رف زجاجي وقعده خشبيه وبينهما مسافه.. لا تعلم كيف او متي حدث هذا ولكن تعثرت قدماها فاستندت بثقلها بكف يدها علي الرف الزجاجي فأعلن انكساره أسفل كفها مُسببًا جرح غائر في كفها.. صرخه عنيفه خرجت من فاهها وهي تتمسك بكفها بوجع صارخ وتنظر له كيف انغرست قطعه من الزجاج بهِ، انسالت دموعها بغزاره وهي لا تعرف ماذا تفعل..

لم تجد حل سوي الترجل لزوجة والدها وبالفعل نزلت سريعًا لها وأخذتها سلوي للطبيب فورًا الذي أزال لها قطعة الزجاج وقام بتقطيب الجرح ولف الشاش حوله، رجعت للمنزل بعدها وهي مرهقه حقًا…

_هتصل بيزن ييجي يقعد معاكِ و…

_لا ياطنط مفيش داعي، أنا هطلع أنام حاسه اني تعبانه..

_طيب يابنتي اعرفه عش…

_مفيش داعي ياطنط بدل ما يقولك عندي شغل وميجيش ناخدها من قصيرها احسن.

كانت نبرتها حزينه مقهوره.. لم تعد تثق أنه يهتم لأي شئ يخصها، لا تريد جرح جديد يضيف لجراحها..

مر اليوم بأكمله وشعرت بهِ مساءً يتسطح بجوارها.. مدت يدها تلتقط الهاتف لتجد الساعه تشير للثانيه صباحًا.. ابتسمت بسخريه وحمدت ربها أنها لم تترك والدته تحادثه بالطبع لم يكن سيأتي من الخامسه وهو عائد الثانيه صباحًا..

في اليوم الثالث لهذا الحادث، وكأنه لاحظ يدها فجأه!

_رابطه ايدك لي يا أمنيه؟

بعد يومان يسألها! كانت معه أمس ولم يلاحظ! دومًا لا يلاحظ، كيف يلاحظ وهو لا ينظر لها من الأساس ولا حتي أثناء حديثهم، دومًا مشغول بفعل شئ ما. أما ورق عمل أو عمل علي الحاسوب أو انشغال بالهاتف وأبسط شئ انتقاء ملابسه حتي هذا يشغله! كل شئ يشغله عداها هي…

______________________

وصل منزله بعد يوم شاق.. لم يكن شاق جسديًا بل كان شاق ذهنيًا.. طوال اليوم يشغله التفكير في حياته معها وفي حديث أكرم، يحاول الوصول لسبب ما تفعله الآن، هاتفها مرتان أثناء النهار ولم تُجيب.. أخرج هاتفه بعد أن جلس بتعب فوق الأريكه، ضغط علي رقمها يحادثها مره أخري.. مرتان… ثلاث… وفي الرابعه وجد هاتفها قد أُغلق.. زفر بضيق وهو يلقي الهاتف فوق المنضده.. رجع برأسه للخلف مغمضًا عيناه، يشرع بالضيق الشديد والنقم علي ما يحدث ولا يعرف له تفسيراً..

لم يشعر بنفسه وهو يغرق في النوم حتي أنه استيقظ فجأه ليري ضوء النهار يعم الصاله نظر للساعه باستغراب ليجدها التاسعه ونصف صباحًا، قطب حاجبيه بذهول هل نام محله! حاول الاعتدال ليتألم بسبب وجع رقبته وظهره لنومته هكذا، تأفف بضيق وهو يتسائل كيف تركته أمنيه ينام هكذا! كيف لم توقظه باكرًا لقد تأخر علي العمل!

رفع صوته ينادي بضيق:

_أُمنيـــــه… أُمنـــ…..


 


 


صمت حينما تذكر عقله ما حدث بالأسم واستوعب عدم وجودها.. مسح وجهه بكفهِ يحاول إزاله أثر النوم وربما يزيل ضيقه أيضًا…

لم يأخذ الأمر أكثر من خمس دقائق وكان انتهي من ارتداء ملابسه واستحمامه.. فتح درج السراحه يبحث عن سماعة البلوتوث خاصته التي لم يستعملها منذ فتره.. لكنه يحتاجها اليوم لديه الكثير من الاعمال التي سيحتاج إنهائها بالمكالمات الهاتفيه…

ظل يبحث في الأدراج وانتقل للكمود يبحث هناك.. فتح درج الكومود الخاص بزوجته يبحث فيه ولكن وجد دفتر متوسط الحجم لفت انتباهه…

مسكه وفتح أول صفحاته ليجد خطها الذي يعرفه قد دوُن بالصفحه كاتبًا جمله عريضه بمنتصفها…

“ربما لا استطع أن أبوح بالكثير لأحد من حولي، لكن أنت الوحيد الذي سأسطع أن أكتب بك كل ما يريد صدري أن يخرجه دون أي مرواغات في الحديث.. رُبما ارتاح قليلاً… رُبما”…

“أُمنيه ”

جلس أعلي الفراش يقلب الصفحه باهتمام يشعر أن هذا الدفتر سيكشف له الكثير..

في الصفحه التاليه وجد كلمتان فقط وكأنهم عنوان الدفتر بأكمله… تمتم بخفوت وهو يقرأهما :

يتبع…

رواية مر الإهمال الفصل الرابع 4 بقلم ناهد خالد


مر الإهمال

مر الإهمال

رواية مر الإهمال الحلقة الرابعة

أُمنيـه أنا عاوز أعرف أنتِ في قرار واخداه؟ يعني مقرره هتعملي أي في حياتك ولا لسه بتفكري؟

_ مش عارفه، الحاجه الوحيده الي عارفاها أني مش عاوزه ارجع البيت دلوقتي ومش مستعده اتواجه مع يزن.

_أنتِ لسه بتحبي يزن يا أمنيه؟

نظرت له بتفاجئ لم تتوقع أن يطرح عليها هذا السؤال، سؤال لم تطرحه بينها وبين نفسها حتي… أسبوع كامل مر منذ تركت بيتها وامتنعت عن الرد علي مكالماته وهربت من مواجهته، لا تريد العوده للمنزل ولا تريد محادثته , فقط تريد الإنفراد بنفسها إلي متي ! لا تعلم , تعرف أن هذا خطأ وترك الأمور معلقه ليس جيد ولكنها لا تشعر أنها قادره علي وضع النقاط علي الحروف وتحديد مسار حياتهما , فكرت بكل شئ إلا سؤال أخيها , ربما لم تفكر بهِ هربًا من الإجابه وربما لا تمتلك إجابه من الأساس ! رُبما قلبها حائر كعقلها تمامًا .

– مش عارفه يا أكرم , صدقني معنديش إجابه , بس … أنا نفسيتي تعبانه وحاسه أني مجروحه وأرجوك متسألنيش عن أسباب .

تنهد بضيق علي حالتها , يتمني لو يعرف ما الذي أصابها وما الذي حدث بينهما لكنه لا يريد الضغط عليها والتدخل في شؤنها .

– طيب امتي هتقدري تتكلمي معاه , يزن بيكلمني كل يوم تقريبًا عاوز يشوفك ويتكلم معاكِ ومعتقدش أنه هيصبر علي الوضع ده كتير .

زفرت بضيق ف حتى رغبتها في الانعزال يقتحمها ولا يسمح لها بها .

– ماشي يا أكرم , قوله يصبر يومين كمان ويبقي ييجي نتكلم .

– هعرفه وياريت تقرري ناويه تعملي اي عشان لما ييجي تقوليله قرارك وتبقي الأمور واضحه بينكم .

___________________

كان يجلس بمكتبه يعبث في أوراق عمله بلا عقل , عقله شارد هناك معها … ولأول مره لا ينتبه لعمله ولا يركز بهِ وهذا حاله طوال الأسبوع المنصرم , زفر بضيق وهو يلقي بالأوراق فوق المكتب ورجع بظهره يستند علي كرسيه الهزاز رجع برأسه يستند بها علي ظهر الكرسي أيضًا وأغمض عيناه , يشعر بالكثير من الهموم فوق رأسه , غيابها يزعجه .. لا يزعجه لأبعد حد , يشعر بشئ مهم ينقصه , أصبحت حياته تمتلأ بالفوضي , بدأً من منزله الذي يملأه الكآبه يشعر وكأنه أصبح مسكن للأشباح من كثرة صمته وهدوءه والأتربه التي تملأه , لفراشه الذي أصبح باارد كبرودة مياة البحر في فصل الشتاء , لم يعد يتناول إفطاره بل يستيقظ ليجهز ويذهب لشركته فوراً , وجبه واحده هي ما يحصل عليها أثناء يومه , وحينما يعود يبدل ثيابه ويخلد للنوم الذي يجافيه فيظل يتقلب لساعات طويله , يشتاق لها رغم كونه لم يكن يراها كثيراً , ولكن كان يشعر بعبقها حينما يدلف للمنزل , كان يشعر بمجاورتها له في فراشه فيشعر بالدفئ الذي فقده الآن , كانت تهتم به صباحًا ولم تقبل يومًا أن يذهب دون إفطار حتي وإن كان متأخر , أسبوع شاق جدا عليه , شاق لأبعد حد ومرهق , ترهقه أيضاً نار الاشتياق , يحبها ! بل يعشقها , هو يعلم هذا ولم يقل حبها يومًا بقلبه , يشتاق لسماع صوتها ورؤيتها يشتاق لضمها لأحضانه يشتاق للكثير .., تذكر ما قرأه في ذلك الدفتر الذي يقرأ ما بهِ يوميًا وكأنه يقرأه من جديد .

كانت مجرد جمل تعبر عن مكنونات قلبها دون التعمق في الشرح …

” سؤال واحد هو ما يتردد بعقلي الآن , هل يمكن للإهمال أن يقتــل الحب؟ “


 


 


” شعور الإهمال من أسوء المشاعر التي قد تصيبك يومًا , وخاصًة حينما يصيبك من أكثر شخص تنتظر منه أن يهتم بك , كم تتمني أن تصرخ بوجه وتقول له أنا هنا فلتسأل عني قليلاً , فلتسمعني حتى ! , لا تهملني هكذا فهذا الشعور يقتــلني ”

” لا أعلم إن كان مازال يحبني أم كف عن هذا , ولكن ما أعلمه أنه تغير , تغير كثيراً ”

“عمري ماحبيت الكتابه ولا عندي طول بال ليها، يمكن عشان كده مفكرتش اكتب مذكراتي او يومياتي مثلاً رغم إنها وسيله كويسه عشان أخرج فيها الي جوايا.. بس حتي دي مش قادره اعملها… ممكن اكتب سطرين تلاته لكن صفحه او اتنين أحكي مواقف فيها! صعب اوي معنديش خلق الحقيقه….، ويمكن الجمل الي بكتبها بطلع جزء من الي جوايا بشكل راضيه عنه، بس ممكن اكتب تلخيص لمعاناتي…، الإهمال.. ده الي بعاني منه، وللأسف أنه من اكتر شخص محتاجه منه الإهتمام، والمشكله إني لما بدور علي سبب لإهماله المبالغ فيه ده مبلاقيش.. طب أنا قصرت معاه في اي عشان يقصر معايا كده؟، أهملته عشان يهملني؟ لأ محصلش، مين السبب في الي وصلناله أنا ولا هو.. طيب هو حاسس بحاجه اصلاً ولا شايف إن حياتنا عاديه وأنا بس الي بتوجع؟، مبيعرفش يهتم؟ ازاي وهو بيهتم بغيري كويس اوي!، الحرمان شئ مؤسف أوي.. ومن ضمن أنواعه الحرمان من الأهتمام.. أصعب حاجه لما تبص لحاجه ف ايد غيرك وتتمني لو تطول جزء منها.. لما بتوصل للمرحله دي بتبقي حالتك النفسيه صعبه اوي.. زي طفل محروم من حنان أمه بيلفت نظره أقل مشهد بين طفل تاني وأمه فيه لمسة حنان… زي شخص فقد جزء من جسمه بيمشي يبص علي الناس الكامله ويتمني لو يكون زيهم!… ابسطها ! زي واحد قاعد في جو برد جداً وبيتفرج علي فيلم الشمس طالعه فيه والجو باين حر! بيتمني لو الشمس دي تتنقل لعنده.. زي حاجات كتير اوي بتحس بوجع جواك لأنك مش طايلها.. أنا كمان بقيت بتبهر باهتمام شخص بشخص تاني بيحصل قدامي… خصوصًا لو زوج وزوجه.. أنا لاقيه الاهتمام مش محرومه منه في المطلق.. عندي اهتمام أكرم بيا بحمد ربنا كل يوم عليه.. بس محرومه من الأهتمام الي بيبقي بين الزوج وزوجته.. بيبقي مختلف برضو… ومفيش لحظة وجع بعيشها اكتر من اللحظه الي بشوف فيها اهتمامه بغيري.. أنا مبكرهاش أنا بس شايفه أنها واخده حقي.. بس عمري ما لومتها لأنها مش هي الي خدت حقي وادتوا لنفسها… عمري ماتخيلت إني أوصل معاه لهنا عمري ماتخيلت إن حياتنا تبقي بالشكل المؤذي ده… ليا علي الأقل ” .

في كل مره يقرأ فيها كلماتها يندهش وكأنه يقرأها لأول مره , لم يتخيل أنها تحمل كل هذا في جبعتها , والأدهي أن الأمر كما قالت كل ما تعاني منه هي فقط من تعاني , هو لا يري كل ما تراه هي , لا ينتبه لهذا الذي تشتكِ منهِ , ولكن كلماتها أوجعته كيف تشعر بكل هذا وهو بجوارها ولم يشعر بها ! , كيف تتألم هكذا وهو لا يعرف ألمها ؟! , لم تشتكِ له يومًا ولم تُظهر له ما بداخلها , كان يجب أن ينتبه لها دون أن تتحدث فالخطأ يقع عليه أيضًا, ألم يعدها بوقوفه بجوارها دائمًا , أين هذا وهي تعاني معه! .

وقف يجمع متعلقاته الشخصيه وقرر الاتجاه لها , لن يسمح لها بالهروب أكثر , يجب أن يواجهها ويضع النقاط فوق الحروف .

__________________________

– ياحبيبتي أنتِ غلطي برضو هروبك ده مش حل يا أمنيه !

قالتها ” سلوي ” وهي تهاتف ” أُمنيه ” تعاتبها علي هروبها الذي اختارته ك حل!

– طنط أنا تعبت , مبقتش قادره أتحمل , وأنا مش هقدر اشحط منه الإهتمام , أنا سكوتِ عشان مش هعرف أروح أقوله أنت مبتهتمش بيا لي , مش هعرف أطلب منه الإهتمام يا طنط أرجوكِ افهميني .

– يا حبيبتي ده جوزك مش حد غريب ولا واحده صاحبتك , عشان حياتكم تمشي وتعرفوا تكملوا لازم تتعودوا تعاتبوا بعض ولما حد منكوا يغلط في حق التاني واجب عليه ينبهوا يمكن مش واخد باله , لكن السكوت وأنكوا تحطوا في نفسيتكم ده غلط وهيهد الي بينكوا .

– يعني حضرتك عوزاني أروح أقوله أنت لي بتهتم بدينا وأنا لأ , لي بتديها حقي ! , لي مديها مكاني!

– أُمنيه هو مش مديها مكانك يا حبيبتي , آه هو الإهتمام الي مدهولها من حقك أنتِ , بس برضو مش لدرجة أنه مديها مكانك , وعاوزه اقولك حاجه صدقيني يزن بيحبك بس هو مش حاسس بكل الي بتمري بيه ومش منتبه لتصرفاته , أنا واثقه أنك لو كنتِ اتكلمتي معاه كان فهمك ومكنتوش وصلتوا للمرحله دي , ولولا أنك محلفاني ما اتكلم معاه ولا اقوله علي اي حاجه تقوليها ليا كان زماني قلتله أنا .


 


 


– يعني حضرتك مغلطاني بعد كل ده ؟

– ياحبيبتي مش مغلطاكِ بس متنكريش أنك شايله جزء من الغلط برضو ولازم تعترفي بيه .

– أنا شايفه أني مكنش ينفع اعاتبه علي إهماله ليا , يمكن أكون غلط بس أنا عمري ما قتنعت أني اعاتب حد علي عدم حبه ليا او عدم اهتمامه ليا , بشوف ان اي مشاعر صادره من شخص ليا مينفعش أجبره عليها او اعاتبه عليها .

– طيب ناويه علي أي ؟ , هتفضلي مستخبيه كده كتير وبتقطعي اي طريق تواصل بينكوا ؟

– مش عارفه , حقيقي عقلي متوصلش لأي حل .

– واللي يقولك علي حل ؟

انتبهت لها بإهتمام وهي تقول :

– حل اي ؟

– هتعمليه؟

– لو هقدر اعمله أكيد هعمله.

جائتها نبرة سلوي الواثقه والخبيثه بآن واحد:

– شوفي هو ابني , بس أنا هحط خطه معاكِ عليه , أنا كلمته كتير من ناحية دينا وهو كل اللي عليه دي متربيه معايا ويتيمه ومينفعش اسيبها لوحدها وكلام من ده , فالكلام ممنوش نتيجه بس الفعل إن شاء الله هيجيب نتيجه , وعمومًا كل ده لمصلحته ومصلحة حياته وبيته في الآخر .

– سمعاكِ يا طنط قولي .

_________________________

كانت جالسه أمام التلفاز في غرفة المعيشه بالأسفل بعقل شارد تمامًا في حديث والدة زوجها , تُري أتنفذ ما أخبرتها بهِ والذي تشعر أنه سيشفي غليلها أيضًا وسيخلصها من كل تلك المشاعر السيئه التي تنتابها , وربما ستصفي له من بعدها .

لم تنتبه لجرس الباب ولا لفتحه من قبل الخادم ولا بدلوف أحدهم .

شعرت بكفين يمسكان رأسها من الجانبين وشفه تطبع قبله عميقه فوق شعرها .

لو لم تعرف رائحته لظنته أكرم .

لفت رأسها بعدما ابتعد لتواجهه رأته يبتسم تلك الابتسامه الرائعه وهو يهتف بصدق :

– وحشتيني .

يتبع…

رواية مر الإهمال الفصل الخامس 5 بقلم ناهد خالد

مر الإهمال

مر الإهمال

رواية مر الإهمال الحلقة الخامسة

وحشتيني .

وقفت تنظر له بدهشه ماذا أتي بهِ لهنا ! , ألم يخبره آخاها أن يأتي بعد يومان! .

وكأنه يقرأ أفكارها حينما قال ببرود وهو يقترب منها حتي أصبح أمامها تمامًا .

– أكرم قالي أجي بعد يومين , بس أنا قلت مش من حق حد يحدد أشوف مراتي امتي .

رفعت حاجبها بذهول من حديثه البارد الهادئ , توقعت أنه حين يراها سيثور علي ما فعلته وابتعادها عنه طوال الأسبوع المنصرم لكن لم يحدث!

– أي يابيبي أنتِ مش سمعاني بكلمك ! مبترديش لي !؟

” بيبي” تلك الكلمه التي تثير حنقها وهو يعلم هذا , لطالما تشاجرا بسببها في أول زواجهما , ظهر امتعاضها علي ملامح وجهها وهي تنظر له بضيق .

جلست محلها مره أخري تنظر للتلفاز مقرره العمل بخطة والدة زوجها فهو يستحق ……

تذكرت حديثها حينذاك وهي تملي عليها خطتها :

– بصي هو شايف أنه مش مهملك ولا حاجه , أنتِ كمان اتصرفي زيه تمام ولو مضايقش يبقي أنتِ الي مكبره الموضوع , ولو اتضايق قوليله انا بتعامل زي ما انت بتتعامل معايا بالضبط , وقتها لما يحس باحساسك لما بيهملك هيفكر صح ولما يقرر يصلح علاقتكم هيصلحها , لكن الكلام والعتاب مش دايمًا بيجيب نتيجه , ماشي هيتفهمك وهيعدل من تصرفاته بس وارد يبقي ده لفتره صغيره وبعدها هيرجع تاني للوضع المعتاد , لأنه ببساطه محسش بيكِ بجد مجربش يبقي مكانك , عارفه وارد جدًا بينه وبين نفسه يقول دي مكبره الموضوع اوي آه ما الستات بطبعها كده بيأفوروا ونكديين , لكن صدقيني لو بقوا مكانا هيعرفوا أن الموضوع يستاهل ويستحق الزعل , الصوره من بره يا أمنيه مش زي ما تدخلي جواها.

تنهدت بهدوء وقد اقتنعت بحديثها تمامًا وقررت العمل بهِ .

مسكت جهاز التحكم تقلب في التلفاز بملل , نظر لها برفعة حاجب وهو يري تصرفها الغير متوقع , تحلي هو الأخر بالبرود واتجه ليجلس بجانبها , قطبت حاجبيها بضيق وهي تراه يلتصق بها , نظرت له بجانب عينها :

– الكنبه واسعه , وسع شويه.

نظر لها متجاهلاً حديثها وقال باهتمام :

– راسك عامله اي ؟

– كويسه .

– ذاكرتك تمام يعني ولا الخبطه أثرت عليكِ ؟

نظرت له بضيق وتمتمت وهي تجز علي أسنانها :

– بطل سخافه .

ابتسم ببرود وهو يقول :

– فكرت الخبطه أثرت عليكِ عشان تقعدي أسبوع بعيده عن بيتك ومش عاوزه تشوفيني .

– لا الخبطه ملهاش دعوه .

قالتها ببرود وهي تزجره بعينيها .

– طب الحمد لله , اومال اي السبب بقي ؟

أخذت نفس عميق قبل أن تجيب :

– خايفه ارجع البيت بعد اللي حصل .

نظر لها بتمعن وهو يسألها:

– وجودي مكنش كافي يطمنك لو رجعتي؟

وجهت أنظارها إليه والتزمت الصمت , صمت كان موجع لقلبه لأبعد حد , صمت يساوي كلمة لا , وكم بشع أن يعرف بأنه لم يعد آمانها كما كان , حاول ألا يظهر ما أنتابه من مشاعر مؤلمه ورسمه ابتسامه مغتصبه وهو يكمل :

– طيب ….اي علاقة ده بأنك مش عاوزه تكلميني ولا تشوفيني ؟

– مش شايف أني من حقي أزعل منك ؟ يعني اتصل عليك وأنا في خطر ومحتاجاك تنقذني وأنت تقفل من قبل ما تعرف بتصل لي حتي , متخيل مشاعري وقتها ؟ متخيل الي حسيت بيه ؟ متخيل خيبة أملي وشعور الخذلان الي حسيته عمل فيا اي ؟ , من حقي ازعل ولا لأ ؟

نظر لها بصمت والحقيقه صمته لم يكن بحثًا عن إجابة لسؤالها , صمته كان في وادي آخر , كان يفكر .. منذ متي لم تجلس معه هكذا ؟ منذ متي لم يستمع لها ؟ منذ متي لم تعبر له عن استيائها من موقف ما ولم تشرح له شعورها حينها ؟ , الآن يشعر أنه بالفعل ابتعد , ابتعد كثيرًا وهناك الكثير الذي ينقص حياتهم , وما يحدث الآن هو أول شئ .

– أنت مبتردش لي ؟

– آسف .


 


 


كانت كلمه صادقه تمامًا خرجت منه بشكل عفوي ناتج عن تفكيره , أراد الاعتذار عن كل ما صدر منه سابقًا , لكنها فهمت اعتذراه عن ماحدث يوم السرقه .

– أنا نفسيتي كانت تعبانه الفتره اللي فاتت عشان كده مكنتش حابه نتقابل.

– أنا عارف أني غلط بس صدقيني من غير قصد مني , كان عندي اجتماع مهم ومتأخر عليه وفكرتك عاوزه حاجه اجيبها وأنا جاي .

لا مانع من بعض الكذب لتيسير الأمور ! كان هذا تفكير يزن حينها .

أرادات تجاوز الأمر كي تبدأ في تنفيذ خطتها , فقالت :

– خلاص حصل خير أكيد لو كنت تعرف أني في خطر مكنتش هتقفل في وشي يعني.

ابتلع ريقه بحرج لحقيقة إغلاقه الهاتف في وجهها , قال بلهفه:

– طيب هترجعي معايا ؟

نظرت له قليلاً وهي تري لهفته الواضحه بعنيهِ لهفه لم تراها منذ فتره طويله .

– ماشي هرجع .

ابتسم براحه وهو يقول :

– طيب يلا بينا .

عقدت حاجبيها باستنكار قائله:

– مش لما أكرم يرجع عشان أعرفه إن……

لما تكمل حديثها حين قاطعها هو :

– لا مانا كلمته وانا جاي في الطريق وقولتله انك هتروحي معايا .

اتسعت عيناها بذهول مردده :

– أنت بتهزر ! وافرض مكنتش وافقت .

ابتسم بسماجه قائلاً:

– لا مانا عارف إني مش ههون عليكِ اجي لحد هنا وارجع لوحدي من غيرك , بعدين والله لو تشوفي حالتي من غيرك لتعيطي.

– لا والله!

قالتها وهي ترفع حاجبها باستنكار , فقال بنفس الابتسامه :

– آه والله , يلا بقي ده أنا واخد باقي اليوم أجازه عشان أقضيه معاكِ.

_______________

حينما عادت معه بدأت بتنفيذ خطتها فوراً فلم تمكث سوي نصف ساعه وادعت الارهاق وأكملت باقي اليوم نائمه تاركه إياه بمفرده حتي قرر النزول لوالدته وتقضية اليوم معها , والتي عرفت أن زوجة ابنها أعلنت الحــــرب .

شهر كامل مضي……..

اعتمدت فيهِ أُمنيه مبدئ الإهمال , ونفذت الخطه بحذفيرها , تمامًا كما أرادت , بداية يوم حاله كحال باقي الأيام التي مضت منذ عودتها ….

استيقظت في السادسه صباحًا قبل استيقاظه تسللت بهدوء من جواره تهبط من فوق الفراش كي لا يستيقظ , بعد دقائق كانت تعد له الإفطار , انتهت سريعًا ووضعته فوق السفره مع كوب من الشاي , دلفت للغرفه ثانيةً واتجهت لخزانته , أخرجت ثيابه ووضعتهم فوق الأريكه بحرص , كانت الساعه قد وصلت للسابعه ميعاد استيقاظه , اتجهت للفراش وهي تهزه برفق :

– يزن …. يزن الساعه 7 …يزن قوم يلا.

همهمه صدرت منه تبعها استفاقته وهو ينظر لها بأعين شبه مغلقه وخصلات شعره قد تساقطت فوق وجنته , اهتزت مشاعرها وهي تنظر لمظهره الجذاب هذا ولكنها لن تتراجع هكذا همست لنفسها .

– صباح الخير يابيبي .

هزت ساقها بعصبيه فهو منذ عادت وهو ينعتها بتلك الكلمه المستفزه لها ولكنها تتغاضي عنها , تعرف أنه يستفزها لترد عليه وتتشاجر معه فيفسد كل ما تفعله , أشاحت بوجهها وهي تتجه للخارج .

– صباح النور.

بعد دقائق خرج من الغرفه ليجدها كالعاده بالمطبخ , تمتم بغيظ :

– دلوقتي اول ما اقعد افطر تطلع تقولي أنا عملتك القهوه اهي هدخل انام عشان مرهقه ولعبة القط والفار الي مش بتخلص دي ..


 


 


 


كانت بالفعل هذه طريقتها , لم تسمح له بالتقابل معها صباحًا لأكثر من خمس دقائق ولا توليهِ فيهم اي اهتمام , ربما لا تنظر له إلا عابراً , وجدها تخرج من المطبخ وبيدها فنجان القهوه , اتجهت تضعه أمامه وهي تقول :

– القهوه اهي , هدخل اكمل نوم .

كادت تذهب كالعاده إلا أن يده سبقتها وهي تجذبها له , وفجأه وجدت نفسها بالكرسي المجاور له , نظر لها ومازال يحتجز خصرها بيده وقال بابتسامه عابثه :

– هو أنا مقولتلكيش .

ابتلعت ريقها بتوتر لقربه المهلك منها فهي لم تقترب منه هكذا منذ عادت , تسائلت بخفوت :

– قولتلي اي؟

– مش أنا واخد أجازه يومين وقاعد معاكِ.

شهقت بصدمه حقيقيه ..من؟ يزن وأجازه يجتمعان في جمله واحده ؟! تتذكر أنه لم يأخذ أجازه منذ أجازه زواجهم ! ماذا حدث ليأخذ أجازه يومان أيضًا!.

– لي ؟ أنت تعبان ؟

قالتها بقلق وهي تطالعه منتظره الإجابه , لم تختفي ابتسامته وهو يجيبها :

– لا يابيبي مش تعبان , بس مراتي حبيبتي وحشتني ومش عارف أتلم عليها ,حتي لما برجع بتكونِ نمتي قلت أخد أجازه ونقضي اليومين دول كلهم سوا.

– لأ…مينفعش .. قصدي مفيش داعي .

– أنتِ تكرهي قعدتي معاكِ ولا اي ؟

ردت ببرود أجادته :

– لا خالص براحتك .

قالتها واستطاعت تخليص نفسها منه , اتجهت لغرفة نومهما وأغلقت الباب تاركه إياه خلفها يزفر بيأس فلم يستطع إبقائها معه , عزم علي تناول الإفطار والمحاوله معها مره أخري .

بالداخل ……

– الو ايوه يا طنط.

تحدثت في الهاتف بهمس وهي تراقب الباب .

– اي يا أمنيه في حاجه يا حبيبتي ؟

– يزن بيقولي واخد أجازه وناوي يقعد معايا وده مش هينفع خالص كده الخطه هتبوظ , هتجاهله ازاي وهو في وشي طول اليوم!

– طيب يا حبيبتي أنا هتصرف متشغليش بالك .

أغلقت الهاتف معها وجلست تفكر كيف ستتصرف والدة زوجها!؟

بالخارج……

دق هاتفه فوجدها والدته ..

– صباح الخير ياست الكل.

– يزن أمنيه عندك؟

كان صوتها خافت يفي بوجود شئ ما بها .

– آه ياماما في حاجه؟

قالها بقلق منتظر ردها …..

– تعبانه شويه خليها تنزلي.

انتفض واقفًا وهو يردد ..

– حاضر احنا نازلين اهو .

دلف للغرفه فوجدها جالسه فوق الفراش , قال بسرعه وملامحه قلقه …

– أُمنيه ماما تعبانه تعالي ننزل نشوفها .

انتفضت للحظه متناسيه أمر اتفاقهما ولكنها هدأت بعدها حينما أدركت خدعة ” سلوي “.

– حاضر يلا .

قضوا نصف اليوم عندها فاستطاعت أمنيه أن تكمل ما تفعله دون أي فشل , وبآخر النهار وجدوا دينا تدخل عليهم بحجة الاطمئنان علي ” سلوي ” …

– ألف سلامه عليكِ يا طنط.

كانت تهتف بها وعيونها ليست عليها من الأساس بل موجهه له وحده ” يزن ” بطريقه جريئه مثيره للإشمئزاز .

اشتعل الغيظ ب ” سلوي ” فهتفت بضيق :

– الله يسلمك يا حبيبتي أنا هنا ياماما سلامة نظرك .

وجهة نظرها لها بحرج وقالت :

– آه آه ياطنط شايفاكِ بس أصل بقالي كتير مشوفتش يزن فكنت هسلم عليه …….ازيك يايزن ؟

وقف فجأه بدهشه أثارة استغراب الجميع وقال بملامح مجعده :

– كويس , ماما أنا هطلع شويه وهبقي انزلك وأمنيه معاكِ عشان لو احتجتي حاجه .

ابتسمت سلوي بسعاده رغم جهلها لسبب ما يحدث وقالت :

– ماشي ياحبيبي اطلع .

كان يتجه للخروج حين مر بجانب دينا فوجدها تمسك ذراعه بيدها وهي تقول :

– يزن أنا ملحقتش اقعد معاك ده أنا بقالي كتير مشوفتكش .

كل هذا تحت أنظار سلوي وأُمنيه اللتان يتابعان ما يحدث باشتياط , وأمنيه التي اشاحت بوجهها للجانب لاتريد وجع آخر يضاف لوجعها .

يتبع…

رواية مر الإهمال الفصل السادس 6 بقلم ناهد خالد


مر الإهمال

مر الإهمال

رواية مر الإهمال الحلقة السادسة

 


– شيلي ايدك لأكسـرهالك .

قالها يزن بهمس وهو يجز علي أسنانه بغضب , لكنها لم تزيل يدها بل قالت بكل وقاحه وبصوت عالِ :

– مش هسيبك غير لما تقعد معايا شويه , وحشتني بقالي كتير مشوفتكش ومقعدتش معاك .

قالت جملتها الأخيره وهي تنظر لأمنيه بجانب عينيها لتراها تقف من مكانها قائله ل سلوي :

– طنط هطلع أشوف الغساله لاني كنت مشغلاها وهبقي أنزلك.

بصعوبه بالغه استطاعت أن تنطق بهذه الكلمات الهاربه كعادتها دومًا , كانت هناك مراجل نيران مشتعله بقلبها ورُبما أصبحت سخونتها تطول جميع أجزاء جسدها , لن تتحمل بعد …هكذا قررت , لن تستطيع أن تتحمل علاقتهما المستفزه والموجعه لها , لن تصبر أكثر فقد أعطت ما يكفي في هذه العلاقه ألن يأتي يوم وتأخذ ! ؟

اتجهت للخروج دون أن تنظر لهما , مرت من جانب زوجها بحكم وقوفهما بالقرب من باب الشقه , توقفت حينما شعرت بيد تقبض علي يدها , التفت تنظر لتلك اليد فلم يكن غير يزن , الذي هتف :

– استني يا بيبي , هتطلعي كده عادي وتسيبي واحده قافشه في جوزك !؟

اتسعت عيناها بدهشه لحديثه ولم تعرف بما تجيب لكنها تشعر بوجود خطب ما خطأ .

أنزلت دينا يدها وهي تنظر له بضيق بدأ يتملك منها وقالت :

– أي واحده دي يايزن ؟

رفع حاجبه ببرود وهو يحيط خصر أمنيه بيده وقال :

– هو أنتِ واحد ؟

لم ترد بل نظرت له بغيظ أكبر , أكمل حديثه قائلاً :

– نورتِ يا دينا بس زي ما أنتِ شايفه ماما تعبانه وأنا ومراتي طالعين .

اشتعلت عيناها من الغضب وهي تقول :

– أنت بتطردني يا يزن ؟


 


 


 


 


 


نظر لأمنيه متسائلاً ببرود:

– هو أنا طردها يا بيبي ؟

نقلت أنظارها بينهما وأخيرًا انحلت عقدت لسانها لتتسائل بفضول :

– هو في اي يا يزن ؟

ردت دينا سريعًا قائله :

– ماشي يايزن أنا همشي .

خرجت بعدها متجهه لشقتها , وهتف يزن لهم :

– هطلع اصلي ونازل .

صعد هو الآخر تاركًا سلوي و أمنيه معًا .

– هو في اي يا طنط؟

قالتها أمنيه بتساؤل حائر فما يحدث لا يجد له عقلها تفسير.

ردت سلوي بغيظ وهي تنظر لها :

– في أنك موكوسه وخايبه ياروح طنط .

أشارت لنفسها بذهول وقالت:

-أنا ؟

ردت سلوي بسخريه وهي تلوي فمها :

– لا ياختي أنا , مستنيه أي يا خايبه مستنيه لما تاخد جوزك وتدخل شقتها ! يابت اي الهطل الي أنت فيه ده ؟ شايفها قافشه في جوزك وسايبهم وطالعه وقال اي الغساله ! هتشليني يابنتي ؟!

فركت يدها بتوتر وهي تقول :

– كنت هعمل اي ؟

– اتحركِ ياختي , قوليله تعالي عاوزاك ,قوليلها نزلي ايدك من علي جوزي , اعملي اي حاجه وده حقك , شوفتي مين الي بياخد حقك ويدهولها .

– قصدك أنا ؟ أكيد لأ يعني.

– لو مكنش يزن اتصرف كنتِ سبتيهم وطلعتي وقعدتي تهري في نفسك وسايباهم قاعدين هنا سوا يتكلموا ويضحكوا وأنتِ عبيطه بدل حتي ما تقعدي علي نفسهم قال بتفضيلهم الجو !.

– أنا كنت طالعه الم هدومي وامشي , عشان خلاص جبت أخري .

– يافرحـتي بيكِ يا مرات ابني .

قالتها سلوي بطريقه أشبه للعويل ,أهذا ما توصلت له ! ستترك لها الجمل بما حمل ! ماهذا الاستسلام المخذي ! لن تستطيع الحفاظ علي حياتها كلما قررت أن الانسحاب هو الحل الأمثل ؟ !


 


 


 


 


 


هتفت سلوي بعدم رضا :

– يابنتي كده مينفعش , جوزك زي ما مطلوب منه يصد أي واحده تتجاوز حدودها معاه أنتِ برضو لازم تعرفي ازاي تدافعي عن جوزك متستنيش لحد ما واحده تاخده منك وأنتِ واقفه ساكته ده حتي عيب في حقك , لازم تتعودي تدافعي عن بيتك وعن حقك بلاش استسلامك المستفز ده .

تنهدت بهدوء وقالت :

– حاضر هحاول .

أشاحت بيدها وهي تلوي فمها بامتعاض قائله :

– لسه هتحاولِ هتكون البت خدته منك .

جعدت أمنيه ملامحها بضيق وهي تستمع لحديثها , وبدأ القلق يغزوها حيال الامر .

ــــــــــــــــــــــ( بقلم ناهد خالد )_________

صعدت لشقتها فوجدت يزن قد انتهي من صلاته ,تسائل ما أن رآها :

– اي الي طلعك يا بيبي ؟

زمت شفتيها وهي تقول :

-مفيش طنط هتنام .

ابتسامه عابثه زينت ثغره وهو يقول :

– كويس عشان نقعد مع بعض بقي.

لم تضع حسبانًا لهذا ,لكن لا بأس ستسأل سؤالها ومن بعدها ستعرف كيف تهرب منه جيدًا .

اقتربت حتي جلست فوق الأريكه فاتبعها يجلس جوارها وكأنه طفل يتبع والدته , نظرت له بجانب عيناها فوجدته ينظر لها , أشاحت بنظرها وصمتت , استمعت له يسألها بنبره تخللها الحنان :

– عاوزه تسألي في اي ؟

نظرت له بتفاجئ مابهِ هذه الفتره قد عاد يعرفها من نظرة عيناها وحركاتها , رغم تجاهلها الدائم له لم يشتكِ ولم يقلل من اهتمامه العائد بعد غياب! .

تذكرت ذات مره منذ زمن قريب ربما أسبوع حينما جلس معها أثناء الإفطار بعدما أصر علي أن تشاركه إياه , كان يتحدث عن مشكله ما بينه وبين صديقه , ورغم استماعها الجيد لما يقول إلا أنها استطاعت أن تبين له عدم انتباهها لأي مما قاله حينما هاتفها فجأه متسائلاً :

– بيبي أنتِ معايا ؟ ……أُمنيه!

– ها .


 


 


 


 


 


قالتها وهي تنظر له وكأنه انتشلها من شرودها وأكملت :

– معلش مخدتش بالي كنت بتقول حاجه .

رأت الامتعاض يظهر جليًا علي وجهه رغم ابتسامته المغتصبه ونبرته الهادئه التي قال بها :

– لا يابيبي ولا يهمك , قوليلي سرحانه في اي ؟

وفي مره آخري حين تعمدت طهي أكله لا يحبها مطلقًا , وتصنعت النسيان .

– اي ده يا أمنيه ؟ عدس ! أنتِ عارفه أني مش بحبه .

قالها بضيق وهو ينظر للطعام والأدهي قد كان يوم تجمعهم يوم ” الخميس ” حينها ردت سلوي :

– معلش يايزن أصل أنا الي طلبته قولت حلو في البرد ده .

وأتاه ردها تاليًا :

– سوري يايزن نسيت أنك مش بتاكله , تحب اعملك حاجه تانيه ولا مش مهم ؟

وكأنها لا تسأله , وكأنها تقول له لا مهم ! , ابتلع امتعاضه وضيقه حينها وقال بهدوء :

– لا ياحبيبي كلي أنتِ أنا هطلع أخد شاور عن اذنكوا .

تتذكر يومها بعدما تركهم وقام عادل ليرد علي هاتفه , كانت كمن يجلس علي جمر حامٍ , قامت فجأه لتصعد خلفه لولا يد سلوي التي مسكت بها لتحول دون ذلك , نظرت لها بتساؤل لتجدها ترفع حاجبها وهي تسـألها :

– رايحه فين ؟

نظرت لها بملامح غير مرتاحه وهي تقول :

– صعبان عليا يا طنط أنتِ عارفه أنه مبيكلش النهارده من وقت ما بيفطر عشان يعرف ياكل معانا , بعدين احنا مقولناش هندخل الاكل في خطتنا .

نظرت لها سلوي بدهشه وقالت :

– هو أنا يابنتي الي قولتلك تعملي كده ؟ مش أنتِ الي عملتي ده وأنا مشيت علي عملتك !

زفرت باختناق وقالت :

– مانا ندمت بصراحه مكنش المفروض اعمل كده .


 


 


 


 


 


آتاها صوت سلوي الحاد :

– وعملتِ , يبقي تترزعي وتكملي الي عملتيه , أنتِ مش عيله صغيره عشان تعملي حاجه وترجعي تقولي مكنش قصدي , ثم لو هو جعان يقدر يطلب دليفري .

وللحق لم تستطع سلوي أن تقسي قلبها علي ابنها , فبعثت له بأخيه الذي تحجج أنه الآخر لم يستطع أن يأكل وطلب وجبه سريعه له ولأخيه , وهذا ما جعل أمنيه تهدأ وتتخلص من تأنيب ضميرها لها .

والكثير من المواقف المماثله حدثت منذ عودتها وجميعها يقابلها يزن بهدوء تام , بل وأيضًا عاد اهتمامه الحقيقي ليغزو حياتهما رغم الأسلوب الذي تتعامل بهِ .

استفاقت علي يد تلعب بخصلاتها , نظرت له لتجده مقتربًا منها كثيرًا مقتربًا لحد الخطر , ويده تتلاعب بشعرها بعاده قديمه كان يحبها ولم تكن هي أقل منه حبًا لها , التقت أعينهما للحظات تتسائل لما وصلنا لهنا ؟ لما أصبح بيننا هذا الحاجز المقيت ؟ , ثوانِ وتحولت النظرات لأشتياق وعتاب و…. , ارتجف جسدها وهي تراه يقترب أكثر مسلطًا عيناه التي انحدرت لتقطع التواصل البصري وتقع هناك فقط علي شفتيها , لم تستطع البعد ولم تستطع الرفض , لم تبدي أي ردة فعل .

قطع هذا التواصل وهذا القرب المحتم , وجع رهيب كاد يفتك ببطنها فصرخت فجأه حتي أفزعت هذا التائه في مشاعره

, نظر لها بصدمه وهو يراها تتمسك ببطنها بألم شديد حتي أحمر وجهها , انتفض يقترب منها يسألها ما بها والقلق يضرب جسده , ركض سريعًا للأسفل يجلب والدته بعدما فشل فشلاً ذريعًا في التصرف معها , عاد لها بعد ثوانِ فوجدها أهدأ قليلاً .


 


 


 


 


 


ركض لها وهو يهتف بفزع :

– أمنيه أنتِ كويسه فيكِ اي ؟

تابعته سلوي وهي قد ظنت أنها أحد الاعيبها للأبتعاد عنه فقالت بهدوء :

– تلاقيه دور برد ولا حاجه هاخدها الاوضه ترتاح وهتبقي كويسه .

نظرت لها أُمنيه تهتف بجزع وهي تفهم ما قد توصل إليه عقل سلوي من تفكير :

– لأ لأ ياطنط أنا مش كويسه , بطني بتتقطع .

حينها أدركت سلوي أنها لا تتلاعب فيبدو أن الأمر حقيقي , صرخة فزع خرجت منها ما إن شعرت بشئ يسيل بين قدمها وبالفعل ظهرت بعض الدمـاء تلوث ثيابها .

وكأن سهام انغرزت بجسده وهو يري تلك الدمـــاء التي بدأت في الظهور تبعها صرخة سلوي الملتاعه تبعها سقوط أُمنيه في دوامه سوداء ابتلعتها برحابه , كل هذا لم يستغرق ثانيه واحده ! وجسده كمن خشب محله فقط عيناه تكاد تخرج من مقلتيها وقلبه يصدر ضجيج عنيف يكاد يخترق صدره .

يتبع…

رواية مر الإهمال الفصل السابع 7 بقلم ناهد خالد


مر الإهمال

مر الإهمال

رواية مر الإهمال الحلقة السابعة

– خير يا دكتور طمني أرجوك أُمنيه كويسه ؟ والي حصل ده من أي؟ و….

– اهدي بس يا بشمهندس يزن , مفيش داعي لكل القلق ده , وأنا هجاوبك علي كل أسئلتك , خد نفسك بس .

كان هذا رد الطبيب الهادئ وهو يبتسم لكي يطمئن يزن التي بدي وجهه أقرب لشحوب الموتي , ولحسن حظ أُمنيه أن الطبيب الأربعيني يسكن في الفيلا المجاوره لهم فكان الأقرب حلاً لعقل يزن وقد حالفه الحظ بأنه قد وجده في منزله بالفعل , أكمل حديثه وهو يشرح له , مع خروج سلوي التي وقفت تتابع حديث الطبيب الذي قال :


 


– النزيف اللي حصل للمدام بسبب ضغط عصبي أو إجهاد بدني , الحمد لله إني قريب منكم , أنا أديتها حقنه هتوقف النزيف تمامًا وهكتبلها علي اسمها تاخد منها مرتين كمان, والأهم من كل ده تروح بكره للدكتور الي متابعه معاه ويفحصها وتعرفوه الي حصل عشان يكتب الأدويه المناسبه وتكونوا حرصين جداً وانتوا رايحين له وبلاش سرعة العربيه تكون عاليه .

قطب يزن حاجبيه بقلق وعدم فهم في آنً واحد , ولكن القلق ازاد عنده , فعن أي طبيب متابعه يتحدث ولما كل هذا الحرص والحذر ؟ .


 


علي عكسه تمامًا فقد فطنت سلوي حقيقه الأمر ولكن عقلها أبي التصديق , فعامان ونصف مروا ولم يحدث فيهم أي حمل , نعم قد أخبرهم الطبيب الذي زاروه لمره واحده أن ليست هناك اي مشاكل لديهم والأمر مسأله وقت ليس إلا , ولكن الأمر كان يقلقها كثيرًا فكانت أعظم أمانيها أن تسمع خبر كهذا يومًا .

قال يزن بعدم فهم تام وهو مقطب الحاجبين :

– دكتور اي الي متابعه معاه ؟ وتتابع معاه لي ؟ولي كل الي بتقوله ده ؟ أنا مش فاهم حاجه .

فهم الطبيب أن ليس لديهم علم بالأمر فقال باستغراب :

– واضح أنكم معندكوش علم بحملها , بس ازاي دي في آخر الشهر التاني ويمكن دخلت في التالت ؟ !

اتسعت عيناه بصدمه وقد اهتزت مشاعره لهذا الخبر المفاجئ , حامل ! حقًا ! , بعد عامان ونصف يأتي الحمل الآن وهما في مرحله غير مستقره تمامًا , يعلم استحالة انفاصلهما ولكن يبقي التوقيت غريب , ورغم هذا لم يشغله الأمر كما شغله حقيقته , أُمنيه تحمل بطفلهِ , هنا نقطة ومن أول السطر , مشاعر جديده غزته , شعور رائع , لا هو الأروع علي الإطلاق , علاقتهما ستقوي , ستقوي كثيرًا , سيأتي ثمرة حبهم سيأتي ما يوثق علاقتهما ويخلدها حتي بعد ذهابهم , الأمر رائع .

اتسعت ابتسامة سلوي وهي تقول بابتهاج كبير :

– بجد يا دكتور , يعني حضرتك متأكد ؟


 


 


رد الطبيب بتأكيد :

– طبعًا يا فندم متأكد , ولازم تتابعوا مع دكتور نسا عشان يطمن علي وضع الجنين .

أستفاق يزن أخيرًا من تخمة مشاعره وقال بلهفه ونبره تغمرها السعاده :


 


– طبعًا يادكتور , أكيد هنعمل ده , أنا متشكر أوي لحضرتك , بس …. هو يعني مفيش خطر عليهم , يعني النزيف الي حصل ..

قال نبرته الأخيره بقلق عارم فقاطعه الطبيب وهو يقول :

– مش كل نزيف بيحصل للحامل بيكون إجهاض يا بشمهندس , في حالات كتير بيحصل نزيف والحمل بيستمر بس طبعًا بيحتاج راحه تامه شهر او اتنين حسب ما يحدد الدكتور المتابع , وبتاخد أدويه تثبيت للحمل , كمان النزيف الي حصل لمدام أمنيه مش كبير ده يعتبر نزيف بسيط , بس ياريت تبعد عن أي إجهاد سواء بدني أو نفسي وده أهم حاجه في الفتره دي .

ردت سلوي سريعًا :

– متقلقش يا دكتور هنعمل كل الي حضرتك بتقول عليه .

أومئ بهدوء قبل أن يتجه للخروج ويوصله يزن للخارج شاكرًا إياه للمره التي لا عدد لها , عاد سريعًا ليدلف لغرفتهما وجد والدته تجاورها وهي ما زالت نائمه , وقفت متجه إليه وقالت وهي تضع كفها فوق كتفه :

– أنا هنزل ياحبيبي شقتي , الف مبروك وربنا يباركلكوا فيه ويتربي في عزك أنت وأمه .

جذب كفها يقبله بابتسامه وهويقول بأعين تلمع سعاده :

– ويتربي في خيرك ووجودك يا أمي .

نظرت له نظرات ثاقبه قبل أن تقول :

– صفي أمورك مع مراتك يا يزن أنت سمعت الدكتور قال أي , بلاش ضغط نفسي والضغط مش هيزول إلا لو زالت الخلافات الي بينكوا .

تنهد بعمق وهو يدرك أحقيه والدته في الحديث , وقال بابتسامه :


 


– عنيا , هصلح كل حاجه بينا , وهنبدأ من أول وجديد , بقواعد جديده وأهم حاجه ميكونش جوه أي حد فينا أثر للقديم .

ابتسمت برضا علي عزيمته الصادقه التي تراها قبل أن تغمغم :

– ربنا يصلح لكم أحوالكم يابني .

_______( ناهد خالد )___________


 

 


 


مرت نصف ساعه أخري قبل أن تبدأ بالإفاقه , فتحت عيناها ولكنها شعرت بشئ صلب أسفل رأسها حاولت رفعها لتتبين ما يحدث لكن كان هناك شئ ما يعيقها , سمعت صوته المألوف يهمس من فوق رأسها :

– بطلي فرك بقي .

الآن أدركت ما يحدث , هي تنام فوق صدره برأسها وذراعيهِ يكبل أحدهم خصرها والأخر يلتف حول ظهرها ممتدًا لذراعها , أستهرب منه ؟ , تهادي هذا السؤال لعقلها وهي لا تصدق تكبيله لها هكذا .

– سبني يا يزن اي اللي أنت عامله ده ؟

غمغمت بها بضيق وهي تحاول التملص منه .

وأخيرًا أطلق هو صراحها واعتدل بنومته وهكذا فعلت هي , هتفت بتساؤل وهي تنظر لثيابها المبدله .

– هو اي الي حصل ؟ ومين غيرلي هدومي ؟

نظرت له فوجدت تلك النظره العابثه تتراقص في عينيه فشهقت بفزع قبل أن تقول :

– نهارك مش فايت أنت ازاي تسمح لنفسك تغيرلي هدومي , أنت اتجننت !

رفع حاجبه باستنكار وقال :

– سلامة عقلك يا بيبي , اتجننت ! لو مكنتش أنا هغيرلك هدومك مين هيغيرها أمي !

ضغط علي أسنانها بغيظ قبل أن تحاول النهوض فأمسك يدها سريعًا يقول :

– أنتِ مش عاوزه تعرفي الي حصلك ده من أي ؟

كانت ملامحه جاده جامده أثارت فيها القلق , فأومأت بصمت , تنهد وأمسك كفها وأدار نفسه ليصبح جالسًا أمامها :

– بصي الي حصلك ده كان نزيف , بس الحمد لله الدكتور لحقه , أُمنيه …. أنتِ حامل .

لم ترد عليهِ , لم تبدي أي ردة فعل لحظيه , لكن بعد ثانيتان تقريبًا بدأت حاله غريبه تحدث لها , إذ كانت ابتسامتها تتسع وتندثر لمرات متتاليه , وكأن الجنون قد أصابها! , تسارعت أنفاسها ما إن استوعبت حديثه , حامل ! أتحمل طفلاً بداخلها الآن ! , وللتو انتبهت أن عادتها الشهريه انقطعت عنها منذ فتره ولكن في ظل كل الظروف الحادثه لم تنتبه للأمر , نظرت له بأعين مترقرقه لم تتذكر أي شئ بينهم سوي هذا الخبر الذي عرفته الآن .

قذفت بنفسها في أحضانه بغته , ورغم تفاجئه إلا أنه أحاطها بذراعيهِ بسعاده بالغه , ظلا علي هذا الوضع وكلاهما يشحن مشاعره المتعذبه بهذا العناق , وكأنها استفاقت فجأه حين دفعته مبتعده ونظرت له بشرار ينبعث من عينيها , رفع يده باستسلام وقال :

– أنتِ الي حضنتيني والبني آدم ضغيف .


 


 


كبحت ابتسامتها وصمتت , سحب يدها وهو يقول :

– تعالي نبدأ من أول وجديد ,وعشان نعمل ده لازم نقفل القديم .

رفعت نظرها تنظر له مستمعه , اقترب منها وأخذها بأحضانه وهو يقول :

– تعالي بقي في حضني كده عشان نعرف نتصافي .

حاولت إبعاده وهي تقول بتزمر :

– هنتصافي ازاي كده يعني , ابعد يا يزن متأثرش عليا بالطريقه دي .

ابتسامه عابثه زينت ثغره وهو يقول :

– يعني بتعترفي اهو إن حضني بيأثر عليكِ , اومال عملالي فيها استرونج وومن لي ؟

لكمته بيدها في صدره وهي تقول :

– بطل بقي , المهم قولي ازاي بعد النزيف الحمل لسه ثابت ؟

كتم ضحكته وهو يقول :

– أصل الواد تبت زي أبوه , قافش فيكِ وحالف ما ينزل .

لم تكبح هي ضحكتها فانطلقت ضحكتها تعم أرجاء الغرفه .

هدأت ضحكتها وقالت بجديه :

– طيب المهم قول الي أنت عاوزه , انجز يلا .

امتدت أصابعه لتقرص جانبها برفق فتلوت مصدره صرخه خافته :

– أي يابت ده ؟ هو أنا بشحت منك عشان تقولي انجز يلا !

رفعت رأسها تنظر له بغيظ وقالت :

– أنت عمال تطول وأنا واخده بالي , كده كده هنتكلم فبدأ يلا .

تحولت ملامحه للجديه وهو يعدلها لتصبح قبالته وقال بهدوء :

– اوعديني أنك هتسمعيني وتسامحيني أهم حاجه ونبدأ من جديد .

أومأت بهدوء وتنهدت تقول :

– حتي لو احنا غلطنا , ابني يستحق ناخد فرصه تانيه عشانه .

ابتسم مشجعًا قبل أن يقول :

– هبدأ بيوم الحادثه , أنا يومها مكنش عندي اجتماع .


 


 


قال الأخيره بتوتر وجف ريقه لما هو آتي , نظرت له تشجعه ليكمل حديثه وقالت بجمود لم تستطع مداراته :

– كمل يايزن , كنت مع دينا ؟

نفي سريعًا قائلاً :

– مكنتش معاها بالمعني المفهوم , بس هي جاتلي المكتب وكانت قاعده معايا وقتها بتحكيلي عن مشكله , أنا عارف أني غلطان بس والله متوقعتش أنك محتاجاني فعلاً .

دام الصمت لدقيقه وهو ينظر لها بقلق , رفعت رأسها تواجهه بملامح غير مفهومه وقالت بجمود :

– اي الي حصل بينكوا ؟ لي قلبت عليها ؟

تنهد بعمق فقد وصل للمرحله الأصعب , لكن قرر الإفصاح عن كل شئ , فلينهي الأمر الآن , تمتم وهو يخفض بصره بضيق :

– عشان في غيابك , قالتلي أنها بتحبني وطلبت مني نتجوز .


 


 


 


– عشان في غيابك , قالتلي أنها بتحبني وطلبت مني نتجوز .

سكون دام لثوانِ , لم تبدي أي ردة فعل عدا تهجم ملامحها , كان يتابع صمتها بقلبٍ وجل , ينتظر رد فعلها علي أحر من الجمر , رغم قصر مدة صمتها إلا أنها مرت عليهِ كالسنون , وأخيرًا رحمته حين بدأت في الحديث بنبره جامده :

– هو العادي أنك تقول لمراتك إن الي طول عمرك تقول عليها زي أختك وصديقة طفولتك و ….., قالتلك أنها بتحبك وطالبه تتجوزك كمان !

أخذ شهيقًا عميقًا قبل أن يجيبها :

– هو مش عادي , بس احنا قولنا إن النهارده هننهي كل حاجه لها علاقه بالماضي , وعشان نعمل ده لازم نقول كل الي حصل وننهيه تمامًا , مكنش سهل اقولك أن يوم الحادثه كانت دينا معايا عشان كده مردتش عليكِ , ومش سهل أني أقولك أنها اعترفتلي بحبها , وأنها عاوزانا نتجوز , ولا سهل أني أقولك أنها قالتلي أنها بتحبني من قبل ما أشوفك حتي أو أتجوزك .

صمت قليلاً بعد الأخيره يتبين ردة فعلها لكنه لم يتغير عن ملامحها المبهمه فأكمل :

– بصي يا أُمنيه , النهارده محدش مننا هيقوم من القعده دي غير وهو قايل كل حاجه جواه , الي ينفع يتقال واللي مينفعش , أنا مش هسيب فرصه مهما كانت صغيره أن الماضي يقصر علي مستقبلنا , أنا ممكن مكنتش أقولك علي حوار دينا, بس مش وارد هي تقولك في اي وقت بدافع أنها تخرب بينا , وقتها بعد ما قولنا مش هندخل الماضي في حياتنا , أرجع أقعد قدامك وأقولك الكلمتين دول ! , ووقتها مش في صفي خالص أنك تعرفي حاجه زي دي منها الأولي تعرفيها مني , صح ؟

نظرت له قليلاً بصمت , ثم تنهدت ونهي تقول بهدوء رغم النيران المشتعله بقلبها :

– صح يا يزن , وفعلاً تتحسبلك أنك صارحتني , ورغم أني بغلي من الي قلته إلا أني مرتاحه أني عرفته منك , بس هو الطبيعي أني اسكت بعد الي قولته ؟

هز رأسه برفض وقال :


 


 


 


 


 


– لا , وأنا مش عاوزك تسكتي , أنا قولتلها أن علاقتي بيها انتهت , ومن وقتها وأنا بصدها ومبتعاملش معها , بس واضح أن ده مش كفايه , وهي شايفه أنها مسأله وقت وهتقدر توقعني زي ما بيقولوا , بس لو عرفت أنك عارفه ودخلتي في الموضوع أكيد وقتها هتتأكد أني مستحيل أخضعلها في يوم .

أومأت قائله :

– علي اعتبار أنك لو عندك 1% شعور ممكن يروحلها ويخليك تخضعلها في الآخر فهو انتهي بتدخيلك ليا في الموضوع مش كده ؟

أومئ بإيجاب دون رد فأكملت وهي تتذكر حديث زوجة والدها بضرورة الدفاع عن زوجها :

– ماشي أنا هتصرف .

فرك يده بتوتر وهو يقول :

– بالمناسبه , أنا قرأت المذكرات بتاعتك .

ذمت شفتيها بلامباله ولم تبدو متفاجئه وبالفعل قالت :

– عارفه , لاقيت مكانها متغير .

تنهد وهو ينظر لها بتمعن :

– أنا خلصت الي عندي والي هو مش كتير أصلاً , لأن الحكايه كلها عندك .

رجعت برأسها للوراء تأخذ نفس عميق وبدأت بالحديث :

– هقول أي ولا أي ؟ أنا الي عندي كتير , كتيراوي , عندي سنه و 3 شهور , هحكيهم ازاي ؟

ظهر الإصرار في عينيهِ وهو يقول :

– هسمعك , لو قعدنا يوم كامل نتكلم مش مهم , المهم نقوم وكل الي جواكِ متقال .

نظرت له ولا تعرف من أين تبدأ , حقًا تحتار , وحينما يكون لديك الكثير لتقوله لا تعرف بأيهم تبدأ , أخفضت نظرها لثوانِ تفكر فوقع نظرها علي كف يدها وكأنه يعطيها نقطة البدايه , رفعت نظرها له وهي تشهر كفها أمامه وقالت :

– فاكر اليوم الي سألتني فيه عن الجرح ده ؟

نظر لكفها وتلك الندبه الواضحه التي تركت أثر بهِ بُهت للحظه وهو يراه بوضوح فهذه أول مره تزيل الرابط من عليهِ منذ ما حدث , ولوقوعه في باطن كفها فلم يتضح له رؤيته .

رفع نظره لها وقال بنظره غائمه بسحابه الحزن :

– يوم ما سألتك قولتي أنك وقعتي عليه ومجزوع .

همهمت بهدوء وقالت :


 


 


 


 


 


– مكنتش الحقيقه , الحقيقه الي عزت عليا نفسي أقولها وأنت جاي تسألني بعد يومين يدوب علي ماخدت بالك .

أخذت نفس عميق قبل أن تشرح له حقيقة ما حدث وأكملت بأنفاس متثاقله ودموع حبيسه :

– أنت معرفتش حتي أنا بدأت امتحاناتي امتي , متعرفش أن عدي عليا يوم صعب اوي كنت محتاجاك معايا فيه لما روحت امتحن وحصلت ظروف في الطريق واتأخرت ساعه إلا ربع علي الامتحان ولما روحت الدكتور مرضيش يدخلني , وممتحنتش ,وبقيت ساقطه في الماده من غير ما اخد حق أني أحل حتي .

نظر لها بصدمه وهو يستمع لحديثها , أحدث هذا معها وهو لم يعلم ؟ , يعرف أن هناك الكثير لا يعلمه وسينصدم بهِ لكن لم يتوقع هذا .

أكملت دون أن تنظر له :

– وقتها كانت نفسيتي وحشه أوي , بعد ما اقعد اذاكر اسبوع كامل قبل الماده واروح وأنا ممنيه نفسي أجيب علي الأقل جيد جدًا فيها اتحرم من اني اكتب اسمي علي ورقة الامتحان حتي وابقي عارفه اني ساقطه فيها من قبل ما النتيجه تطلع وفي آخر سنه كمان يعني هتتكتبلي في الورق بعد ماعديت الاربع سنين من غير ماجيب مقبول حتي في ماده , اتخرج بماده تخيل !

فقط , ولم تستطع أن تمنع بكائها حسرةً علي مجهودها الذي بذلته وكُتب له الضياع .

اقترب مُحتضنًا إياها وأخذت يده تملس علي ظهرها بحنو وهو يهمس لها ببعض الكلمات الخافته لكنها تصل لمسمعها جيدًا .

ثلاث ساعات مروا ولم تكف عن الحديث , ولم يكف هو عن الاعتذار , ولم يكف عن احتضانها .

تنهدت بتعب بعد أن انتهت من كل ما يجيش صدرها , نظرت له فوجدته صامت وبصره منخفض لأسفل ولا يتحرك قيد أنمله , بدي ثابتًا بشكل أثار استغرابها , انتظرت لدقيقه رُبما ولم يتحرك أيضًا , أحنت رأسها تنظر له ولكن لم تلحق حينما وجدته يقف فجأه ويتجه لشرفة الغرفه يدلف بها , وللحق رد فعله غريب ولم تتوقعه , قامت ببطئ واتجهت له .

ما إن شعر بها حتي أشاح بوجهه للجهه الأخري , قطبت حاجبيها بضيق أغاضب منها أم ماذا ؟ , اتسعت عيناها وهي تشعر باهتزاز طفيف في جسده ظهر من ظهره المواجه لها , اقتربت سريعًا منه وقد اضطربت أنفاسها حين أدركت حقيقة كونه يبكي !؟

بمجرد أن وضعت يدها علي كتفه تريد أدارته لها حتي باغتها باندفاعه لأحضانها بقوه آلمتها حقًا فأغمضت عيناها لوهله حتي هدأ ألم بطنها , شعرت باهتزاز جسده بين يدها دون صوت ومياه دافئه تلمس عنقها .

هتفت بصوت مختنق لهذه الحاله التي وصل لها :

– يزن , أرجوك بلاش كده , أنا مبحبش أشوفك زعلان أرجوك .

نفس عميق , عميق جدًا خرج منها قبل أن تسمع همسه المشبع بنبرة بكاء :

– اشمعنا أنا …

جعدت حاجبيها بعدم فهم حتي استمعت له يكمل :

– اشمعنا أنا دايمًا مزعلك … اشمعنا أنا سببتلك كل الوجع ده وأنتِ ساكته حتي مفيش يوم عاملتيني بمعاملتي .

ابتسمت تقول بفاكهه لتزيل هذا الجو الكئيب :

– لا أنا من وقت مارجعت بعاملك بمعاملتك .

همس قائلاً :


 


 


 


 


 


– مكنتيش مضطره تعملي ده عشان أحس بيكِ صدقيني الي قولتيه دلوقتي كفايه , أنا كنت فاهمالي بتحولي توصليه ليا , رغم كده كنت مضايق من أنك مش منتبها ليا تخيلي! بس عارف كنت بتضايق لي ؟ عشان بفكر أنك كنتِ بتحسي بالي أصعب من الي بحس بيه لأني رغم إني عارف هدفك وبشوف اهتمامك المخفي الي بتحاولي تبيني عكسه لكن بتضايق , بالمناسبه أنتِ فاشله في الكدب يا بيبي .

ابتسمت وهي تبعده عنها , رفعت كفيها تزيل أثار الدموع الملطخه لوجهه وقالت :

– أحسن برضو قال يعني الكدب حاجه حلوه اوي !

كانت نظراته جاده حينما اقترب منها وهو يمسك وجهها بكفه وقال بنبره عذبه :

– أنا آسف يا أُمنيه بجد …….

قاطعته وهي تقول :

– خلاص بقي يايزن , أنا هسميك يزن آسف من كتر ماقولتها النهارده , بعدين أنا تعبت من الوقفه .

التمعت اللهفه في عينيهِ وهو يقول :

– أنتِ الي قومك أصلاً , يلا تعالي ارتاحي .

______________________

شهر مضي حتي أصبحت تستطيع الحركه قليلاً بعدما قضت الشهر المنصرم في الفراش والراحه التامه .

– بيبي , أُمنيه .

خرجت من الغرفه علي صوته فقد عاد من العمل مبكرًا كما هو الحال هذه الفتره .

– نعم يا حبيبي .

اقترب منها وهو يرفع يده بمفتاح مجهول الهويه , قالت بتسائل :

– اي ده ؟

ابتسامه رائعه زينت شفتيهِ وهو يهمس لها :

– بيتنا الجديد , أنا اشتريت الفيلا الي في أول الكمبوند , وهبدأ اجهزها عشان تكون لينا لوحدنا .

اتسعت ابتسامتها بعدم تصديق وهي تقول :

– بجد ؟

أومئ بإيجاب :

– أنا عارف أنك مش مرتاحه هنا , وبصراحه ولا أنا , بس مينفعش أطردها برضو كفايه أني طردها من الشركه , هتبقي نداله مني أني أطرد بنت ملهاش قرايب حتي تروح عندهم , فقررت ننقل احنا .

احتضنته بإمتنان تهمس :

– أنا بحبك .

همس بالمثل :

– وأنا مش محتاج أقول يابيبي .

————————( ناهد خالد )————


 


 


 


 


كانت تجلس فوق الأريكه تقرأ كتاب خاص بكل مراحل الطفل حتي سن السابعه وكيفية التعامل معه , وضعت يدها فوق بطنها المنتفخه قليلاً فقد أصبحت في أوائل الشهر الخامس , استمعت لصوت ضوضاء يأتي من أسفل واستطاعت تمييز صوت زوجها , قامت متجهه للخارج , نظرت من فتحة السلم فرأت زوجها في الطابق الثاني واستطاعت الآن معرفة مع من يتشاجر فلم تكن غيرها ” دينا ”

نزلت الدرج بحذر حتي وصلت لهما وحينها صمتا , رأت زوجها وجهه محمر من كثرة الغضب , والأخري ملامحها مشدوده من الغضب .

وصلت حتي وقفت جواره وقالت بحده :

– أنت اي الي موقفك هنا يا حبيبي ؟

نظر لدينا باشمئزاز وهو يجيب :

– الهانم فتحت باب الأسانسير لما حست بيا جيت عشان أضطر اطلع علي السلم والاقيها واقفالي الوقفه دي .

حدجته بنظرة ملتهبه وهي تقول :

– والهانم واقفالك لي ؟ بتغريك !

مررت نظرها عليها بتقييم مصطنع وهي تقول :

– بس مش شايفاها يعني لابسه حاجه مغريه .

اشتعلت دينا غضبًا وهي تقول :

– أنتِ اتجننتي اغريه اي أنتِ فاكراني اي يابتاعه أنتِ .

كاد يزن يرد حين أوقفته أُمنيه تقول :


 


 


 


 


 


– استني أنت ياحبيبي سيبنا ستات لبعض , فاكراكي اي ؟ , فاكراكي واحده بجحه وشها مكشوف بتعرض الجواز علي واحد متجوز , شايفاكِ واحده قليله الأصل بعد ما استضافوكي في بيتهم جايه تخربي عليهم وتفرقي بينه وبين مراته , شيفاكِ حيه مستنيه الفرصه المناسبه عشان تلدغ لدغتها , طول عمره بيعاملك أخته وصديقة طفولته , لكن أنتِ طول عمرك نيتك سوده زي قلبك .

وكأن الجنون تلبسها وهي تصرخ بها :

– هو حقي , مش حقك أنتِ , لو مكنتيش دخلتي حياته كان زمانه جوزي , أنا كنت أقرب حد له لحد ما أنتِ جيتي , ويوم ما خطبك أنا قولتله , قولتله هتتجوز ومراتك هتبقي أقربلك مني وهتننساني , أنا حبيته قبلك , أنا أحق بيه منك .

نظرت لها بنظره ساخره وهي تقول :

– أنتِ عايشه في وهم يا دينا , يزن لو مكنش قابلني مكنش هيحبك , كان هيقابل غيري ويحبها , وهو بسبب الي قولتيه جه عليا أنا عشان ميحسسكيش أني فعلاً فرقت بينكوا وركنتك , مكنش عاوز يحسسك بوحدتك عامل بحق صداقتكم وتربيتكم سوا , أنتِ كنتِ أقربله مني , بس أنتِ الي مكنتيش شايفه ده , عارفه لي ؟ , عشان عاوزاه مكاني , عاوزاه تاخدي الي مش من حقك فعلاً , ابعدي عننا وعن جوزي يا دينا , حفظًا للباقي من كرامتك , وعشان ورحمة أبويا وأمي لو لمحت طيفك قريب منه تاني ماهرحمك , أحنا هننقل من هنا عشان نبعد عن وشك , بس هنيجي عشان طنط , ياريت لو لسه عندك كرامه واحترام لنفسك تمشي من هنا وتبعدي .


 


 


 


 


 


صعدوا للأعلي وما إن أغلق يزن الباب حتي أحاط خصرها بيده مرددًا بابتسامه :

– اي يابيبي الشراسه دي !

ابتسمت بإغواء قائله :

– عجبتك ؟

اقترب أكثر وهو يقول بلمعة شغف :

– عجبتيني ؟ أنتِ عجباني من زمان يابيبي .

ابتسمت قائله وهي تتعمق النظر في عينيهِ :

– بحبك .

رفع كفها يتبع عليه قبله طويله قائلاً :

– وأنا مغرم بيكِ يابيبي .

وقد كانت البدايه … البدايه لحياه أخري بقوانين جديده أولهم ألا يصمت أحدهم علي فعل يغضبه من الآخر , فالصمت يجعل القلوب تُشحن بمشاعر سلبيه كثيره لا تُزال بسهوله , والبوح يصفي القلوب مما قد يرهقها , وأما عن دينا فقد ابتعدت بالفعل بعدما علمت أن حياة يزن وأُمنيه جدار منيع لن يستطع أحد اختراقه , وهنيئًا لهما فقد لحقا حياتهم التي كانت علي المحك …..قبل فوات الأوان .

تمت

تعليقات

التنقل السريع
    close