القائمة الرئيسية

الصفحات

ولما قالوا دى صبية البارت الرابع والخامس والسادس بقلم ميمي عوالي كامله على مدونة النجم المتوهج للروايات


 سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم

ولما قالوا دى صبية

البارت الرابع والخامس والسادس

بقلم ميمي عوالي

كامله على مدونة النجم المتوهج للروايات



الفصل الرابع


بعد مرور يومين ، قام نادر بمهاتفة فرح لابلاغها بتحديد موعد الفحوصات التى حددها منصور ، و اتفق معها على المرور عليها بعملها لاصطحابها معه الى المشفى


و عندما و صل اليها و استقلت معه سيارته قالت : انت دلوقتى لما تعمل الفحوصات تضمن منين ان منصور ما يعرفش ان انت اللى هتعملها مش انا 


نادر : كل حاجة بتمشى بالفلوس 


فرح : ايوة بس اسمك هيبقى موجود على الفحوصات 


نادر : ماتشيليش هم الكلام ده ، انا هتصرف فى كل حاجة 


فرح : و لما انت ممكن تتصرف ، ليه واخدنى معاك ، ما كنت تعمل الكلام ده لوحدك


نادر : انا ابويا مش اهبل ، و لو بصيتى وراكى ، هتلاقى عربية زرقا ماشية ورانا ، ابويا باعت اللى يأكدله ان انتى فعلا رايحة معايا المستشفى 


لتلتفت فرح الى الخلف ، لتجد بالفعل سيارة تسير خلفهم فيقول نادر : ياريت تتعدلى عشان مايفهمش اننا خدنا بالنا ، و تقدرى تتابعيه من المراية اللى جنبك


لتلتفت فرح معتدلة بجلستها و هى تتابع تلك السيارة بعينيها و تقول : و ايه اللى مخليه يعمل كده


نادر : لانى قبل ما اجيلك عند حسن هددته انى هحكيلك على كل حاجة ، و طبعا بناءا على ماضيه معاكى كان متأكد انك لما تعرفى هترفضى ، فلما انا اروح اقول له فى نفس اليوم انك وافقتى ، رغم فرحته الا انه برضة ما ادانيش الامان على الاخر


فرح : طب ماهو معنى كده أنه ممكن يطب علينا فى اى لحظة


نادر : لا .. ماتقلقيش من الناحية دى ، اصل انا حطيتله العقدة فى المنشار


فرح : مش فاهمة … عملت ايه يعنى


نادر بسخرية : قلت له انك موافقة على الفحوصات و كمان العملية لو الفحوصات طلعت سليمة ، بس بشرط انه لا يحضر ده و لا ده


لتلمع عينا فرح باحساس بالنشوة و الانتصار على منصور و هى تقول : و وافق على الشرط ده


نادر : ما يقدرش يرفض ، ده عاوز يتعلق و لو بقشاية 


فرح بفضول : طب و نبيل 


نادر بتنهيدة حزينة : نبيل عارف احنا هنعمل ايه ، انا ما بعرفش اخبى عليه حاجة ، و لا هو كمان بيعرف يخبى عنى حاجة 


فرح بصدق : ان شاء الله تطلع الفحوصات تمام ، و تعملوا العملية و يخف و يبقى زى الفل


نادر بامتنان : ايوة بالله عليكى ، كل ما ييجى على بالك ادعيلة 


فرح : من ساعة ما اتعرفت عليك و حكيتلى الحقيقة و انا بدعيله … و بدعيلك انت كمان 


نادر بعدم تصديق : بعد كل اللى حصل لك من بابا


فرح بتنهيدة : و انتو ذنبكم ايه ، بالعكس .. انا شايفة ان انتم كمان اتظلمتم بسببه ، ما تزعلش منى ..طريقة تربيته ضيعت مستقبلكم


نادر بحزن : و ازعل منك ليه ، انتى عندك حق ، بس فى الحكاية دى بالذات ، مش بابا بس اللى غلطان ، انا و نبيل كمان غلطنا 


ماما كانت دايما تنصحنا اننا ناخد بالنا من مستقبلنا ، بس احنا استسهلنا ، و قررنا نرمى كل حاجة ورا ضهرنا و نتمتع بالدنيا و بس ، لكن لما حصل اللى حصل ، حسينا ان ربنا بيدينا اشارة اننا نشوف الحقيقة بعنينا ، و ان الدنيا دى مش دايمة لحد ، لا كبير و لا صغير 


تعرفى انا و نبيل اتفقنا على ايه


فرح : على ايه 


نادر : إن شاء الله لما نعمل العملية و يخف ، هنروح سوا نعمل عمرة و ندعى ربنا انه يسامحنا و يهدينا


فرح : ان شاء الله خير ، ربنا كريم 


عند وصولهم الى المشفى لاحظت فرح ان السيارة الزرقاء المتتبعة لأثرهم قد توقفت على بعد منهم و ترجل منها شخص ما و هو مستمر فى مراقبتهم فقالت : طب هو ممكن يدخل ورانا 


نادر و هو يتقدم منها : تعالى ندخل بس و ما تشغليش بالك … انا هتصرف


ليدلفا معا الى المشفى ، ليتجه بها نادر سريعا الى درجات السلم ليصعد بها الى الطابق التالى و يصطحبها بعد ذلك الى المصعد ليذهب الى المكان المخصص لعمل تلك الفحوصات ، و دلف الى الداخل بصحبة فرح ، فوجدته يختلى بالطبيب لبضع دقائق ثم يعود الى فرح قائلا .. كله تمام ، هتنتظرينى هنا و اللا هتيجى معايا


فرح : هاجى معاك 


ليغادرا المشفى بعد ثلاث ساعات من الفحوصات الشاملة لنادر ليلمحوا قائد السيارة الزرقاء جالسا بالسيارة فى انتظار رؤيتهم ، ليقول نادر بتهكم : اهو لسه قاعد مكانه ، شكله خاف يروح يقول له اننا زوغنا منه


فرح : طب ياللا بينا عشان انت شكلك باين عليه الاجهاد 


نادر و هو يدير السيارة : انا مابحبش جو المستشفيات اصلا


فرح : اومال بقى لما الفحوصات تطلع ان شاء الله و تبقى مطابقة هتقعد فى المستشفى ازاى 


نادر : بس هى تطلع مظبوطة .. و بعد كده يحلها المولى ، انتى بس قولى يارب


فرح : يارب


نادر : انا عارف انى تقلت عليكى ، بس كنت عاوز اطلب منك طلب تانى 


فرح : خير 


نادر : لو ربنا كتبلى أنا و نبيل الخير و قمنا منها بالسلامة ، عاوز نبقى اخوات بجد 


فرح بابتسامة : ان شاء الله تقوموا بالسلامة 


عند وصول نادر الى المنزل ، كان منصور بانتظاره على جمر من النار ، و ما ان رآه حتى هب من مكانه قائلا بلهفة : ها طمننى .. عملت الفحوصات كلها 


نادر : ماتقلقش ، كل الفحوصات اتعملت ، و مستنيين النتيجة 


منصور بتفاؤل : عندى امل انها تطلع مطابقة 


دولت بقلق : هى اختك صحيح موافقة على العملية يا نادر 


ليقول نادر بتعاطف مع امه : ماتقلقيش يا ماما ، ان شاء الله الفحوصات تطلع مطابقة ، و ساعتها مافيش حاجة هتمنع العملية ان شاء الله ، و نبيل هيخف و هيبقى زى الفل


دولت بأمل : يارب يا ابنى يارب


و بعد ثلاثة ايام يقوم نادر بمهاتفة فرح مرة اخرى و هو يبكى بشدة و يقول : الفحوصات طلعت مطابقة يا فرح ، هنعمل العملية خلاص ، الدكتور حدد معادها بعد بكرة ان شاء الله


فرح بتأثر بمشاعر اخيها : ان شاء الله تقوموا بالسلامة 


نادر : سامحينى يا فرح هتعبك ، لانى هحتاجلك معايا اليومين دول انتى و كامل ابن عمى ، انتو اللى هتساعدونى انكم تبعدوا بابا تماما على ما العملية تتم 


فرح بفضول : عاوزنا نعمل ايه 


نادر : هقول لك


………


كان منصور يجلس بصحبة نبيل بغرفته ، بينما كانت دولت تعد حقيبة نبيل ببعض المستلزمات التى سيحتاج اليها لدى مكوثه بالمشفى ليستمعوا الى رنين جرس الباب ، ثم يأتيهم نادر بعد دقائق مستدعيا اباه لملاقاة ابراهيم و كامل 


ليذهب منصور الى الخارج لملاقاتهم بترحاب قائلا : اهلا يا ابراهيم .. نورت ، ثم قال ساخرا ، نورت يا دكتور ، اخيرا قررت تدخل بيت عمك


ابراهيم : ازيك يا منصور ، احنا جايين نتطمن على نبيل 


ابراهيم : اهو خلاص بيجهز عشان هنروح على المستشفى بعد شوية ، عشان يبتدوا يحضروه للعملية 


كامل : معلش يا عمى ، انا هوديه انا و نادر و بابا ، و هنفضل معاه لغاية العملية ما تتعمل و اما يخرج من اوضة العمليات بالسلامة ، يبقى حضرتك تقدر تجيله


ليهب منصور من مكانه منتفضا و هو يقول بغضب : ايه الهرى اللى ابنك بيهريه ده يا ابراهيم ، ده مين ده اللى هيمنعنى انى احضر عملية ابنى 


كامل بهدوء : اللى اعرفه ان كان فى شرط من البداية و حضرتك وافقت عليه 


منصور : هو عشان جاريتها فى التخاريف بتاعتها على ما تعمل الفحوصات هتفكر انها هتمشينى على كيفها 


كامل : هى برضة كانت متوقعة كده ، و عشان كده هى مستنية منى تليفون و على اساسه هتحدد ان كانت تطلع على المستشفى و اللا تطلع على المؤتمر الطبى اللى معمول فى شرم 


منصور بحدة : انت بتهددنى يا كامل


كامل ببرود : انا ما بهددش حد يا عمى ، انا مجرد بوصل رسالة بامانة شديدة ، زى ما هوصل لها الرد بنفس الامانة 


نادر : هو يعنى يا بابا لو حضرتك روحت المستشفى هتدخل اوضة العمليات ، خليك هنا معزز مكرم و اول العملية ما تخلص هيجيلك تليفون تيجى على طول


ابراهيم : و انا مش هسيبه يا منصور ، هفضل معاه و جنبه انا و كامل ، ما تقلقش


ليأتيهم صوت دولت باكية : طب و انا كمان ما اروحش معاه


كامل بتعاطف : صدقينى هيبقى افضل لك 


نادر : و بعدين ما انا كمان هبقى معاه و مش هسيبه لاخر لحظة ، ده انا حتى طلبت من الدكتور انى ابقى معاه فى اوضة العمليات و هو وافق 


كان منصور ينظر اليهم جميعا بغضب كامن فى صدره و هو يدب بيديه على جانب مقعده بغل و قال : بقى كده يا بنت فاطمة ، بتنتقمى منى و بتربينى … فاكرة نفسك بتمسكينى من ايدى اللى بتوجعنى ، لكن معلش .. كله سلف و دين .. صبرك عليا بس لما العملية تخلص و اتطمن على ابنى 


لينظر اليه كامل فى ازدراء و يقول : طب و الله كويس انك عارف ان كله سلف و دين يا عمى 


ثم نظر الى نادر و قال : ياللا يا نادر .. هات اخوك و حصلونا على تحت ، هنروح المستشفى بعربيتى 


و عندما ذهب الجميع ، جلست دولت باكية على بعدها عن ابنها فى تلك اللحظات الحاسمة ، و كانت تنظر لمنصور بحزن و هى تحمله من داخلها كل ما يحدث للجميع 


اما منصور فكانت النيران تتآكل فى صدره و هو يزداد حقدا على فرح و ينتوى لها اشد العقاب 


وصل الجميع الى المشفى و اصر نادر على ان يكون بغرفة منفصلة عن اخيه خوفا من ان يفاجئهم منصور بالحضور فى اى لحظة ، فمكث ابراهيم بصحبة نبيل بغرفته كمرافق له ، اما كامل .. فقد تواصل مع الطبيب الجراح الذى سيقوم باجراء العملية لمتابعة كل التفاصيل 


و فى الصباح التالى .. وصلت فرح الى غرفة نبيل و دقت الباب ، و عندما سمعت الاذن بالدخول ، دلفت الى الداخل .. فوجدت نبيل فى ايدى بعض الممرضات و هن يجهزنه للعملية 


اجل فقد ابلغوا منصور بموعد يلى الموعد الحقيقى باربع و عشرون ساعة ، و عندما شاهدته فرح ابتسمت و قالت : صباح الخير 


ليلتفت اليها نبيل بوهن ، و لكنه ما ان رآها عرفها فقال بابتسامة : صباح الخير ، انتى الدكتورة فرح مش كده


لتقترب منه فرح بابتسامة قائلة : ايوة انا ، انا كنت فاكرة ان نادر بيبالغ لما وصف لى انت اد ايه وسيم 


نبيل : نادر دايما عينيه حلوة ، و الظاهر انه طالع لك


فرح بمرح : لااا ، ده انت كمان لسانك حلو ، يبقى ليهم حق البنات يقعوا فيك


نبيل : خلاص بقى ، تبنا الى الله


فرح : ها … جاهز للعملية 


نبيل : خايف اوى ، و كان نفسى اشوف نادر قبل العملية 


فرح : ما تقلقش ، هتشوفه فى العمليات قبل التخدير 


نبيل بابتسامة مرتعشة و عيناه تتلألأ بالدموع : طول عمرى اسمع عن اخواتى البنات ، بس عمرى ما جربت حنيتهم ، ممكن تحضنينى 


لتنظر اليه فرح بصمت لبرهة ، ثم تتقدم منه و تقوم باحتضانه لتتفاجئ به و هو يضمها اليه بشدة و يبكى بنشيج قائلا : بالله عليكى لو حصل لى حاجة ، ابقى اسالى على ماما ، ماما مش وحشة ، بالعكس والله ، ماما طيبة اوى ، و عمرها ما وافقت بابا على اللى بيعمله 


لتربت فرح على كتفيه و تقول : ايه اللى انت بتقوله ده ، انت هتقوم بالسلامة و هتخف و هتبقى زى الفل ، بلاش التشاؤم ده 


لتبعده عن احضانها و تمد كف يدها لتمسح عبراته و تقول : كامل ابن عمك هيبقى معاكم فى اوضة العمليات ، و انا هستناكم برة مش هتحرك من مكانى قبل ما اتطمن عليكم ، ما تتأخروش عليا


 ما ان اغلقت غرفة العمليات ابوابها ، حتى جلست فرح برهبة و هى تشعر بالخوف و ظلت تناجى ربها بنجاح العملية و ان يسلمهم و تطمئن عليهم ، لتشعر بيد تربت على كتفها ، و عندما وجدت عمها بجوارها ارتمت باحضانه باكية و هى تقول : طول عمرى مش مسامحاه فى اللى عمله فيا ، و النهاردة كرهى ليه زاد اكتر و اكتر عشان حرمنى من اخواتى طول السنين دى كلها ، ذنبنا ايه نتغرب عن بعض السنين دى كلها ، ذنبنا ايه يا عمى فهمنى 


ابراهيم بحزن : ما لكمش ذنب يا بنتى ، اهدى انتى بس كده و تعالى نصلى و ندعيلهم ان ربنا يخرجهم لنا بالسلامة


احد عشر ساعة متواصلة ، استغرقتها العملية الجراحية كادت تودى بحياة نبيل اكثر من مرة لولا عناية الله ، حتى خرج كامل بصحبة الطبيب من غرفة العمليات ، لتسرع اليه فرح و رحمة و ندا و ازواجهم الذين انضموا لفرح و ابراهيم ، ليقول الطبيب باجهاد : العملية الحمدلله نجحت لكن دعواتكم الصادقة ان جسم نبيل يقبل الجزء اللى اتنقل له و مايعتبرهوش جزء غريب و يقاومه ، النتيجة الفعلية هتبان بعد اسبوع من دلوقتى ان شاء الله ان كان حصل تكيف و اللا لا ، و هيفضل فى الرعاية المركزة طول الاسبوع ده عشان يبقى تحت الملاحظة التامة


فرح : طب و نادر حالته ايه


الطبيب بتنهيدة : نادر اتنقل الاوضة بتاعته دلوقتى و هيفوق فى خلال كام ساعة ان شاء الله ، و هيبقى كويس ماتقلقوش ، بس خليكم فاكرين ، نادر مضى على تعهد ان العملية على مسئوليته بالكامل ، لانى ما اخبيش عليكم متوقع اللى ممكن منصور بيه يعمله لما يعرف الحقيقة ، لكن انا اضطريت اطاوع نادر على اللى حصل لانى كنت شايف حالة نبيل و هى بتدهور يوم عن التانى


ابراهيم : ما تقلقش يا دكتور ، هو اما يشوفه كويس قدامه ان شاء الله هينسى اى حاجة تانية 


الطبيب : اتمنى ، بعد اذنكم


ليتركهم الطبيب مع كامل و ينصرف ليقول ابراهيم : ايه يا كامل ، ساكت يعنى ، فى حاجة و اللا ايه


كامل : ابدا يا بابا ، بس حبيت ادى مساحة للدكتور يشرحلكم الوضع كله


حسن : شكلك تعبت اوى برضة يا كامل ، انا بقول تروح تستريح ، و انت كمان يا بابا ، روح استريح طالما نبيل هيبقى فى الرعاية 


ابراهيم : و اسيب نادر لوحده


فرح : ماتقلقش يا عمى ، روح حضرتك استريح و انا هفضل مع نادر مش هسيبه 


ندا : خلاص احنا ممكن نبدل مع بعض 


فرح : لا يا ندا روحوا انتوا عشان الولاد اللى سايبينهم من الصبح مع ماما دول ، انا ما وراييش حاجة ، هبات مع نادر النهاردة ، على ما عمى يجيلى الصبح ان شاء الله عشان اروح الشغل


كامل منهيا الحوار : خلاص ، اعملوا زى ما فرح قالت ، و عموما انا كمان بايت هنا ، فماحدش يقلق


حسين : هتتعب يا كامل


كامل : يا ابنى انا اخدت على كده ، ياللا انتو بالسلامة 


حسين : طب انا هروحهم و هجيبلكم اكل و اجيبهولكم 


حسن : لا روح هات دلوقتى الاول و بعدين روح ، و انا هاخد ندا معانا على مانجيب العيال من عند طنط فاطمة 


و بعد ساعة من الزمن ، كانت فرح تجلس بغرفة نادر تتابع مؤشرات شقيقها ، ليدلف اليها كامل و بيده حقيبة الطعام التى اتى بها حسين و يقول : ها يا فرح ، ايه الاخبار 


فرح : الحمدلله ، مؤشراته تطمن ، بس يا ترى هيفوق امتى


كامل و هو يضع الطعام على الحامل المتحرك و يقربه من مقعدها : طب ياللا تعالى كلى ، زمانك واقعة من الجوع زيى ، و هو ممكن يفوق فى اى لحظة 


فرح بامتنان : الحقيقة ايوة ، فعلا جعانة جدا ، ما اكلتش حاجة من ساعة ما خرجت من البيت 


كامل و هو يفتح اغلفة الطعام : و مين سمعك ، و ريحة الكفتة جوعتنى زيادة 


ليبدأوا فى تناول طعامهم بنهم ، و لكن قبل ان يكملوا طعامهم سمعوا صوت نادر و هو يقول بخفوت : يعنى سايبنى متبنج و بتاكلوا كفتة لوحدكوا


لتلتفت فرح بلهفة قائلة : حمدلله على السلامة 


نادر و هو يبتلع لعابه بألم : عطشان اوى 


ليتجه اليه كامل ليقوم بقحصه و الاطمئنان عليه ، و بعد برهة قام كامل بتقريب منشفة مبلله من فم نادر ، و قال : معلش استحمل شوية … و انا شوية كده و هطلب لك كوباية ينسون 


نادر : و نبيل ، فاق و اللا لسه


فرح : لااا ، نبيل لسه بدرى عليه ، ما اعتقدش انه هيفوق دلوقتى 


نادر : عاوز اشوفه


كامل : اولا انت لسه بدرى عليك على ما تقدر تتحرك ، ثانيا نبيل فى الرعاية المركزة ، مش فى اوضة عادية زيك ، يعنى ممنوع اصلا حد يدخل له ، لكن اوعدك انك اول ما تبتدى تشد حيلك هاخدك تبص عليه


نادل بفضول : بابا ماحاولش يتصل او يعمل حاجة 


فرح : ااه صحيح


كامل : الظاهر انه اقتنع بكلام نادر لما كلمه الصبح و قال له ان الدكتور امر ان مايبقاش فى اى تليفونات محمولة قريبة منه و عشان كده كل التليفونات هتتقفل ، و انه هيبقى يفتحه بالليل عشان يطمنهم 


فرح : طب ماهم زمانهم قلقوا 


كامل : خليت بابا كلم عمى و طمنه ، و قال له ان نادر مش عاوز يسيب اخوه لوحده


نادر : لما احس انى قادر اتكلم كويس هبقى اكلمهم


كامل بتحذير : اعمل حسابك ان ابوك مش هيعديهالك على خير ، و كلنا هنيجى فى الرجلين 


نادر : انا اللى يهمنى انى اتطمن على نبيل ، اى حاجة تانية دلوقتى ما تفرقش معايا


فى اليوم التالى ، و فى الثامنة صباحا ، كان نادر يغط فى نوم عميق من اثر الادوية المسكنة .. عندما دق ابراهيم بهدوء على غرفته ، ففتحت له فرح الباب على الفور ، و عندما وجد نادر غارقا فى النوم قال بهدوء : صباح الخير با بنتى


فرح : صباح الخير يا عمى ، كويس ان حضرتك وصلت بدرى


ابراهيم : انا هنا من ساعة تقريبا ، بس كنت بتكلم مع كامل و بتطمن منه على نبيل 


فرح : نبيل الحمدلله فاق من البنج الفجر ، و حالته تطمن ، بس طبعا زى ما الدكتور قال ، لسه مش هنقدر نتطمن الا بعد خمس او ست ايام كده ان شاء الله


ابراهيم : ان شاء الله يا بنتى ، ربنا يتم فضله علينا للاخر ، ياللا انتى عشان ماتتأخريش على شغلك ، كامل مستنيكى فى العربية عشان يوصلك


فرح : ماشى يا عمى ، و ان شاء الله هرجع من الشغل على البيت اغير هدومى و اجيلك على طول 


ابراهيم : براحتك يا بنتى ، ما تقلقيش روحك ، و لو حبيتى تريحى ريحى ، انا مش هسيب اخواتك لوحدهم 


لتتجه فرح الى الخارج حتى وصلت الى سيارة كامل و جلست بجواره و هى تقول بهدوء : صباح الخير 


كامل : صباح النور ، عاملة ايه ، مانمتيش عدل طبعا 


فرح : لا عادى ما تقلقش ، اول ما اشرب فنجان قهوة هفوق على طول 


كامل : يبقى نشربها سوا قبل معاد شغلك


ليصطحبها الى احدى الاماكن التى اصطف امامها بسيارته و طلب من شخص ما افطار وقهوة ، ليأتيهم ما طلبوا و هم فى أماكنهم ، ليتناولوا الطعام و القهوة فى صمت شديد ثم يتحرك كامل مرة اخرى باتجاه عملها ليقول فى ريبة : انا عارف من طبعك انك ما بتتكلميش كتير ، بس حاسك مش طبيعية فوق العادة ، فى حاجة حصلت واللا ايه


فرح : ابدا ، بس الصراحة لاول مرة احس انى خايفة منه


كامل بفضول : تقصدى مين


فرح : منصور 


كامل باستغراب : و خايفة منه ليه يعنى ، هو فى ايده ايه يعمله عشان يأذيكى 


فرح : مش ده قصدى 


كامل : اومال تقصدى ايه


فرح : و انا سايبة نادر و ماشية عمى قاللى .. انا مش هسيب اخواتك لوحدهم


كلمة اخواتك لما قالها .. حسيتها وجعتنى من جوة ، يمكن معرفتى بيهم ماكملتش اسبوع ، بس حبيتهم اوى يا دكتور ، و حزينة من جوايا انى ما عرفتهمش و لا قربت منهم قبل كده


كامل : و هم لو كانوا حاولوا يقربوا قبل كده كنتى هتسمحيلهم بده


فرح بتيه : مش عارفة


كامل : طب برضة ده ايه علاقته بخوفك من عمى


فرح بنبرة حزينة : خايفة يبعدنا عن بعض او يحرمنا من بعض من تانى بقسوته و جبروته


كامل : متهيألى اخواتك مش هيسمحوا بده يا فرح ، و لو هم رضيوا بده و وافقوا عليه ، يبقى مايستاهلوش انك تفكرى فيهم من الاساس


فرح : بس انا حساهم يستاهلوا 


كامل : يبقى خلاص ، تاكدى انه مش هيقدر عليهم 


كان منصور بمنزله بصحبة زوجته ، يكاد ان يذهب عقله من القلق على ابنه و الغضب من نادر لانه لا يستطيع محادثته ، و كلما زاد قلقه ، كلما زادت نقمته على فرح لاستطاعتها ان تبعده عن ابنه فى احلك الاوقات سوادا بالنسبة اليه 


و اثناء غضبه وجد هاتفه يدق برقم نادر فقام بالرد على الفور قائلا بحده : هو انا يا زفت مش متفق معاك انك تكلمنى تطمنى كل شوية ، قافل تليفونك ليه كل ده انا مش فاهم


نادر و هو يحاول جاهدا ان ينقى صوته حتى يبدو طبيعيا : الدكتور مانع التليفونات فى الاوضة عند نبيل تماما عشان ما تأثرش على الاجهزة ، و انا ماسيبتوش لحظة ، و سيبت عمى يطمنك كل ما كان بيقدر يبعد عن الاوضة ، و ادينى اهوه كلمتك اول ما بقيت بعيد عنه


ابراهيم و هو يحاول السيطرة على غضبه : و انت سايبه مع مين 


نادر : مع الدكاترة بيتطمنوا عليه


ابراهيم : و العملية هتبدأ امتى ، عاوز اجى بقى اتطمن على اخوك 


نادر بتردد : الدكتور قال ان العملية بتاخد وقت طويل جدا ممكن يوصل لاكتر من عشر ساعات و العمليات هتبتدى بالليل متأخر و كمان مش هيخرج على اوضة عادية هيخرج على العناية المركزة ، يعنى كده كده برضة مش هتشوفوه و هو خارج من العمليات ، فممكن حضرتك تيجى بكرة تشوفه 


ابراهيم بحدة : انت عاوزنى اقعد هنا و اخوك فى العمليات ، انا هاجى يعنى هاجى


نادر : بلاش تبوظ كل حاجة على اخر لحظة ، العند مامنوش اى لزمة ، حضرتك خليك عندك ، و انا ان شاء الله هطمنك اول ما اتطمن 


لتختطف دولت الهاتف من يد زوجها و تقول بلهفة و هى تنظر لزوجها بغيظ دفين : ماتقلقش يا نادر ، ابوك اكيد مش هيعمل حاجة تأذى اخوك بعد كل ده ، انت بس طمننى عليك و على اخوك 


نادر بابتسامة : احنا بخير يا ماما ما تقلقيش 


دولت : و اختكم يا حبيبى .. كويسة 


منصور بغضب : انتى فى ايه و اللا فى ايه ، خليكى فى مصلحة عيالك


دولت بامتعاض : طب على الاقل اتطمن عليها عشان مصلحة ابنك ، دى هتديله حتة من لحمها


ليختطف منصور منها الهاتف مرة اخرى و يقول لنادر : اول ما تدخلوا العمليات تكلمنى ، هبقى عندكم فى ساعتها


نادر : لو عرفت اكلمك بقى ، ربنا يقدم اللى فيه الخير ، ياللا سلام


و بعد ان اغلق الخط قال لعمه : انا مش فاهم انتم اخوات ازاى ، ايه كم العند ده 


ابراهيم : مش سهلة عليه برضة يا ابنى ان يقعد مكانه و هو عارف ان اخوك داخل العمليات ، و خصوصا انه حس ان فرح بتنتقم منه 


نادر : طب تصدق بقى ، انى حاسس ان ربنا عمل حكاية نبيل دى بالذات عشان انا و نبيل ينصلح حالنا و نقرب من اختنا ، و نفسى كمان نقرب من رحمة و ندا 


ابراهيم : اهم زمانهم جايين يتطمنوا عليكم ، مامشيوش امبارح غير لما اتطمنوا انكم خرجتم من العمليات و الحمدلله بخير 


نادر : بس انا كان نفسى بابا ما يجيش المستشفى قبل ما اقدر اقف على رجلى ، مش عاوزه يستفرد بفرح و يطلع عليها كل اللى حصل 


ابراهيم : ما تقلقش على فرح ، فرح بميت راجل و انا و كامل مش هنسيبها 


نادر : بس الافضل انها ماتبقاش موجودة لما ييجى يا عمى ، ابويا ماينضمنش 


ابراهيم بتفكير : حاضر يا ابنى هكلمها و ابلغها


لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين استغفرك ربي و اتوب اليك

5


#ولما قالوا دى صبية 


الفصل الخامس


فى اليوم التالى …. وصلت فرح الى غرفة الرعاية التى يرقد بها نبيل ، لتنظر له من وراء الزجاج ، لتجد بصحبته كامل بصحبة الطبيب الجراح المسئول عن حالة نبيل ، و عندما نظرت لوجه نبيل وجدته يبتسم لها بوهن و هو يشير اليها باصابعه محيبا اياها ، ليلتفت كامل اليها ، و ما ان رآها التفت الى احدى الممرضات و اسر اليها بشئ ما و هو يشير باصبعه على فرح ، لتقوم بالخروج الى فرح قائلة بابتسامة : اتفضلى معايا يا دكتورة عشان اعقمك ، اخو حضرتك عاوز يشوفك


لتذهب معها فرح حتى انهت تعقيمها ثم دلفت إليهم لتجد ان الجراح الاخر قد انصرف و بقى كامل فى انتظارها و هو يتحدث بمرح مع نبيل ، فقالت : السلام عليكم ، طمنونى اخباركم ايه


كامل بمرح : تعالى يا ستى اتفرجى ، الدكتور بيقول لنبيل الممرضة بعد كده هتغير لك على الجرح ، قال له مش معقول يبقى ابن عمى دكتور و اختى دكتورة و اسيب حد غريب يغير لى على الجرح


فرح بابتسامة تملأ عينيها قبل ان تطل على شفتيها : عاوزنى انا اللى اغير لك على الجرح


نبيل بوهن : ايوة  


فرح : و اشمعنى بقى 


نبيل : الممرضة هتغيرلى بعملية بحتة ، شغلها بقى و اخدت على كده ، لكن انتى هتغيرى لاخوكى ، فهتغيري لى بالراحة و بحنية و كمان هتبقى خايفة عليا لا اتوجع


لتدمع اعين فرح و هى تستمع لتبرير شقيقها ، فتنحنى لمستوى رأسه لتقبل جبهته قائلة بدلال : و ما خوفتش ان قلب اختك يتوجع و هى بتشوف جرحك


نبيل بابتسامة : لا … مافيناش من سهوكة الله يكرمك ، احسن انا ماسك روحى بالعافية 


كامل بسخرية : و لو ما مسكتش روحك هتعمل ايه يعنى مش فاهم 


نبيل : اسكت يا كامل بالله عليك ، احسن انا اخدت حتة حضن قبل العملية ، مش عاوز اقول لك على جماله و لا حلاوته ، ثم تنهد بعمق قائلا : الله يسامحك يا بابا


فرح و هى تكشف عن موضع جرحه لكى تقوم بالتغيير عليه فتقول بتعجب : ما الجرح متغير عليه اهوه


كامل ضاحكا : ما الدكتور قال له المرة الجاية بقى ، لانه كان لازم هو بنفسه اللى يكشف عليه و يغيرله علي الجرح المرة دى عشان يتطمن ان كله تمام


لتعيد فرح هندمة ملابس اخيها قائلة : طب طمنونى .. ايه الاخبار 


كامل : الدكتور متطمن و بيقول ان كله هيبقى تمام ان شاء الله ، و انه هينقله اوضة عادية فى خلال تلات ايام بالكتير ان شاء الله


فرح و هى تقبل جبهة اخيها : حمدالله على السلامة يا حبيبى ، و ان شاء الله تقوم بالسلامه و تبقى زى الفل


نبيل : نادر عامل ايه دلوقتى 


كامل : عاوز يجيلك باى طريقة ، بس احنا مانعينه لحد ما الجرح بتاعه يلم شوية 


نبيل : بابا لسه ما عرفش


كامل : لسه ، و بنحاول نعطله على اد ما نقدر ، بس شكله خلاص جاب اخره


لينظر نبيل برجاء لكامل قائلا : ماتسيبهومش لوحدهم يا كامل الله يخليك 


كامل بمرح : ااه يا عم ، انت الوحيد اللى هتبقى فى الامان 


نبيل : ربنا يستر 


فرح بدهشة : انا نفسى اعرف انتو مالكم خايفين كده ليه ، عدت الحمدلله و انت واخوك بخير ، خلاص بقى 


كامل و هو يسحب فرح الى الخارج : ياللا بينا احنا عشان نشوف نادر و نتطمن عليه ، كفاية كده النهاردة على نبيل


لينادى نبيل على فرح فائلا : فرح … ، و عندما التفتت اليه قال : ما تنسينيش


فرح بابتسامة : مش هنساك ، ما تقلقش .. مش هقدر


ليقومان بنزع ملابس التعقيم ، ليتوجها سويا الى غرفة نادر ، و ما ان دخلاها حتى قام ابراهيم من مجلسه قائلا بلوم لفرح : برضة جيتى ، هو انا يا بنتى مش قلت لك خليكى انتى و مش لازم تيجى تانى .. خصوصا الليلة دى ، انا خايف عليكى 


فرح : خايف عليا من ايه بس يا عمى ، هو يقدر يعمل لى ايه اصلا ، و بعدين لعلمكم بقى ، هو اصلا مش هيسأل عليا و لا حتى هيحاول يعرف عنى اى حاجة الا لو عرف ان نادر هو اللى عمل العملية مش انا 


ابراهيم : مش فاهم انتى عاوزة تقولى ايه


فرح بسخرية : يعنى بكل بساطة ، لما ييجى هيبقى كل همه انه يتطمن على نبيل ، و لما يستغرب ان نادر مش موجود ممكن تقولوا له اى حجة لغيابة فى الوقت اللى هيبقى هو موجود هنا 


ابراهيم برفض : لا يا فرح يا بنتى ، مش للدرجة دى ابدا ، اكيد هيسال عليكى و هيحب يتطمن على صحتك 


فرح بسخرية : لولا ان الرهان حرام يا عمى كنت راهنتك على كلامى ده ، عموما جرب و انت تشوف ، و انا عن نفسى مش هسيب نادر لوحده لحد ما تشوفوا الدنيا هيحصل فيها ايه


ابراهيم : هو هيبقى هنا اكيد على واحدة بالليل كده ، وهو فاكر ان العملية لسه هتتعمل ، و لما ييجى يعدلها المولى 


 و بالفعل ، كان منصور بالمشفى عند منتصف الليل بصحبة دولت ، و عندما قام بالسؤال عن نبيل فى الاستعلامات .. علم بانه قد دلف الى الرعاية المركزة بعد خروجه من غرفة العمليات ، ليهاتف الطبيب و هو فى قمة غضبه ، و لكنه وجد هاتف الطبيب مغلقا ، ليهاتف ابراهيم و الذى كان لا يزال بصحبة فرح و نادر ليذهب اليهم على الفور و ما ان رآهم حتى صاح بغضب : انتو بتلعبوا بيا يا ابراهيم 


ابراهيم و هو يهرول اليه : شششششش انت ناسى انك فى مستسفى 


منصور بحدة : ده انا هطربقها على دماغ اللى فيها 


ابراهيم : ده بدل ما تتطمن على ابنك 


منصور بثورة : طبعا دى اوامر الست الدكتورة 


ابراهيم بقلة حيلة : لا حول و لا قوة الا بالله ، يا راجل اتقى الله و وطى صوتك ده شوية ، العيانين محتاجين يناموا و يستريحوا و احنا فى نص الليل ، تعالوا معايا عشان تبصوا على ابنكم و تتطمنوا عليه


منصور بلهفة : هو فاق .. اتكلم يعنى 


ابراهيم : ايوة الحمدلله ، و كامل كان عنده بعد المغرب ، و الدكتور بص على الجرح بتاعه و طمننا و قال ان قدامه تلات ايام و يروح اوضة عادية 


كانوا قد وصلوا الى شرفة غرفة نبيل بالرعاية المركزة ، ليطل عليه منصور بلهفة لينقر على الزجاج نقرتين ليلتفت اليهم نبيل و هو بين الصحو و المنام ، و عندما راى ابواه ابتسم لهما مطمئنا اياهما ، و عندما لمح الدموع باعين دولت اشار لها باصبعه علامة على انه بخير 


دولت : هو عملها امتى يا ابو كامل 


ابراهيم متنهدا : عملها امبارح يا ام نبيل


منصور بسخرية : كماان ، و المحروس ابنى لغاية النهاردة الصبح يقوللى اصل العملية هتتعمل بالليل متاخر ، خليك و تعالى الصبح ، بتستغفلونى كلكم ، خلاص للدرجة دى عصيتكم كلكم عليا 


ابراهيم بذهول : هى مين دى اللى عصيتنا يا منصور ، هو انت مش هتفوق لروحك بقى ، يعلم ربنا ان البنت و لا كان ليها اى دخل بالكلام ده لا من قريب و لا من بعيد 


منصور : اومال ليه ده كله لو مش شورتها 


ابراهيم : عشان كلنا عارفين انكم على اعصابكم ، طب بزمتك مش كده احسن ، اديك اهوه لا وقفت قدام العمليات و لا اعصابك تلفت من القلق بسبب الانتظار ، انما فجأة لقيت العملية اتعملت و نجحت كمان ، حقك تحمد ربنا و تبوس ايدك وش و ضهر انك فى غمضة عين اتطمنت على ابنك


دولت و هى تقبل يدها : احمدك و اشكر فضلك يارب ، ربنا يتم فضله علينا للاخر 


منصور : اومال البية التانى فين


ليأتيهم صوت كامل و هو يقول : نادر مع اخته يا عمى 


منصور بسخرية : بقى بدل ما يقعد مع اخوه و يراعيه ، قاعد لى مع الهانم اللى اتشرطت على ابوه


كامل : الهانم دى اللى هى اخته على فكرة و تبقى بنتك برضة بالمناسبة  ، و بعدين اخوه فى الرعاية ، و ممنوع حد يدخل له ، فهو هيقعد هنا يعمل ايه


منصور بعدم اهتمام لحديثه : اندهولى 


ابراهيم : طب ما تروح انت اتطمن عليهم بنفسك


منصور : لا … مرة تانية 


دولت باحراج : خدنى انا ليها اتطمن عليها يا ابو كامل


منصور بغلظة : اقفى مطرحك .. عاوزة تروحى فين


دولت : اروح اتطمن على اللى انقذت حياة ابنى و اشكرها 


منصور بعنجهية : ربنا هو اللى انقذ حياة ابنك مش حد تانى 


كامل بسخرية : اللهم قوى ايمانك يا عمى 


منصور بحدة : روح اندهلى الزفت ده عشان يروح يستريح ، طالما مالوش عازة فى المستشفى 


كامل بجمود : نادر ما ينفعش يسيب المستشفى دلوقتى 


منصور بحدة : و ماينفعش ليه بقى ان شاء الله


كامل بشماته و هو يتمعن فى رد فعل منصور : اصل نادر هو اللى عمل العملية يا عمى … مش فرح


منصور بلهفة : ابنى .. ابنى انا .. اخدتوا حتة من جسم ابنى انا ، مين سمحلكم تعملوا كده ، مين قال انى موافق على حاجة زى دى 


كامل : اصل فى حاجات كتير اوى مش لازم نستنى موافقتك عليها يا عمى ، فى اولويات .. زى الموت من الحياة كده ، ما ينفعش نستناك تقسمها بمزاجك 


ليزيحه منصور من امامه بعنف و هو يجذب ابراهيم من ملابسه و هو يقول : ودينى عنده .. ودينى لابنى و حسابكم كلكم معايا هيكون عسير 


ليمد كامل يده ليزيح قبضة منصور من على ملابس ابراهيم ويقول بحدة : لولا اننا فى المستشفى انا كان هيبقى لى كلام تانى معاك ، ياريت حضرتك تتصرف بتحضر و باحترام للمكان إللى احنا موجودين فيه ، و اتفضل امشى ورايا و انا هوصلك لاوضة نادر 


ليلجم منصور غيظه و يسير وراء كامل بعنفوان تدل خطواته على غضب دفين ، و ما ان وصلوا الى غرفة نادر حتى فتحها منصور بعنف ليجد فرح تقف بجوار نادر و هى تساعده على شرب الماء ليزيحها بعنف حتى اصطدمت بالحائط فى حين انحنى على نادر قائلا بحدة : ليه تعمل فى روحك كده ، انا مش حذرتك من الحكاية دى و قلتلك بلاش منها ، فهمنى ليه عملت كده


نادر و هو ينظر لفرح باسف : انا عملت كده عشان انقذ اخويا ، انا اولى باخويا من اى حد تانى يا بابا ، و ما ينفعش ابقى انا الراجل و اسيب اختى البنت هى اللى تتعرض للكلام ده و انا واقف اتفرج عليها 


منصور بغضب : اختك البنت اللى اتشرطت على ابوك و اتمسخرت بيه ، ثم مش انت قلتلى انها موافقة 


نادر بشجاعة : فرح مالهاش اى علاقة بالكلام اللى قلتهولك ، انا اللى قلت لك كده عشان ماتمنعنيش انى انقذ اخويا قبل ما يفوت الاوان ، و انا اتفقت مع فرح اننا نفهمك كده لحد ما العملية تتم على خير 


منصور بفضول : يعنى ايه ، يعنى بتضحكوا عليا من البداية ، اومال ازاى الفحوصات طلعت متطابقة


نادر : متطابقة لانها فحوصاتى انا مش فرح


منصور بوعيد : يعنى الحكاية متدبرة من الاول ، و انا برضة اللى مستغرب انها وافقت بسهولة كده انها تدى اخوك حتة من لحمها ، و اتاريها تمثيلية


ليلتفت منصور الى فرح قائلا بحدة : و يا ترى بقى التمثيلية دى كانت من تأليف مين ، طبعا من تأليفك انتى ، ما هو الموضوع جه على هواكى عشان تنتقمى منى ، مش كده يا دكتورة ، اوعوا تفكروا انى ممكن اصدق ان الكلام ده يطلع من دماغ نادر لوحده ابدا


لتعتدل فرح فى وقفتها و تقول بسخرية : و الله لو التفسير ده هو اللى هيريحك ، فصدق براحتك ان انا اللى الفت السيناريو ده


ليلطمها منصور لطمة بظهر يده لم يدركها احد لمنعها .. اسالت الدماء من شفتيها و اسنانها ، لتنظر له فرح بقوة و تقول بكره : مش جديدة عليك 


منصور بحقد : اطلعى برة ، مش عاوز اشوف وشك تانى ، و لا تقربى من ولادى تانى ، صدق اللى فال عليكى قدم نحس ، غورى من وشى 


لتنظر فرح بجمود الى ابيها و لكنها اعتدلت بوقفتها و قالت و هى تسحب حقيبتها استعدادا للرحيل : لو كنت شايف انى نحس عشان جيت بنت مش ولد ، فامى اهيه جابت بدل الولد ما شاء الله اتنين ، و من يوم ما اتجوزت عمو عادل و هى السعادة و الضحكة مافارقوهاش ، تفتكر مين بقى اللى كان نحس على التانى يا منصور بيه


ليقترب منها منصور بحدة و هو ينتوى ان يطيح بها مرة اخرى لولا ان وقف كامل و ابراهيم حائلا بينهم و كان ابراهيم يقول : اوعاك تأذيها تانى يا منصور ، و لكن كامل فعل مالم يكن بحسبان احد ، فقد قام بتوثيق منصور بكلتا يديه و قال له بحدة و هو يسيطر عليه بين يديده : هو انت مش ناوى تتقى الله و تجيبها لبر ابدا ، ايه مالك ، متفرعن و ماشى تقول انا ربكم الاعلى بمناسبة ايه ، ما تفوق بقى و بطل جبروتك ده .. الدنيا ماهياش ماشية على هواك ، كل اللى حواليك كرهوك حتى عيالك 


منصور و هو يحاول الفكاك من بين يديه : انا ماليش عيال غير نبيل و نادر 


كامل بشماته : حتى دول كرهوك و طلعوا من تحت طوعك ، كفاية بقى احنا كلنا زهقنا من الغل اللى مالى قلبك ده


منصور بحقد : انت اللى محروق بزيادة من ساعة ما خليتها سابتك و اتجوزت غيرك ، و بدل ما تشكرنى انى بعدتها عنك بطمعها ، عمال تغل من ناحيتى و كارهنى و كاره لى الخير 


لينظر له كامل باشمئزاز و دفعه بعيدا عنه قائلا : تعرف ، انا بدعيلك من كل قلبى انك تفضل على ضلالك ده لحد ما تموت ، عشان تندم وقتما لا ينفع الندم 


ثم رفع اصبعه بتحذير و اكمل قائلا : بس انا بقى بحذرك ... على الله تفكر تأذى فرح لانك لو فكرت بس مجرد تفكير فى ده ، ماحدش هيقف لك غيرى يا … يا عمى 


ثم التفت و سحب معه فرح متجها الى الخارج ، لتسير معه فرح دون اى حديث حتى جلست بجواره بسيارته ، و لم تنتبه الا بعد ان توقف بجوار النيل و كان الجو هادئا ، فكان الوقت متأخرا ، و الشوارع تكاد تخلو من المارة ، و انتبهت اليه و هو يقول : كانت بتشتغل سكرتيرة عند ابويا فى مكتبه ، كانت ظروفها على ادها ، لما كنت بروح لبابا المكتب كنت بحب اقعد معاها و نتكلم سوا فى كل حاجة ، كانت بتدرس فى كلية تجارة جنب شغلها عشان تقدر تصرف على روحها ، امها و ابوها كانوا متطلقين ، عاشت مع امها ، و ابوها ما كانش بيصرف عليهم من بعد ما طلق امها و سابهم و ساب روحه لشيطانه و سكره و جريه ورا الستات لحد ما اتحبس بسبب خناقة فى سهرة من سهراته ، و ما كانلهومش مصدر رزق ثابت ، عجبنى اصرارها و اعتمادها على نفسها ، و صدقها مع نفسها و اللى حواليها ، حبينا بعض و اتفقنا نتجوز بعد ما اخلص الجيش ، و فاتحت بابا اللى كان متعاطف جدا مع ظروفها و معجب باخلاقها ، وادانى موافقة مبدأية على طلبى ، و فجأة رجعت فى اجازة من الاجازات مالقيتهاش ، اختفت .. كأنها فص ملح و داب ، كل اللى عرفته انها اتجوزت ، مين و امتى و ازاى ، ماحدش دلنى على حاجة ، لحد ما فى الاخر عرفت ان هو اللى ورا الحكاية من اولها لاخرها ، هددها بامها و انه هيشردهم فى الشارع لو ما سمعتش كلامه و جوزها لواحد من اللى بيشتغلوا معاه و خلى امها عزلت من البيت اللى كانوا عايشين فيه عشان ما اعرفش طريقها


فرح : اومال عرفت الكلام ده ازاى


كامل بسخرية : فى مرة كنت قاعد هنا ، ده المكان اللى كنت دايما بقعد فيه معاها بعيد عن الكل ، لقيت ايد بتتحط على كتفى و بتقوللى : ازيك يا كامل 


التفتت بسرعة لقيتها هى ، و لقيتها …. حامل ، و لما لقتنى بصتلها و سكتت حكتلى على اللى حصل ، و قالت لى انها ماكانتش هتقدر تتحمل تبقى السبب فى بهدلة امها فى اواخر ايامها ، و ان لطف ربنا بيها ان جوزها ابن حلال و بيحبها و بيعاملها بما يرضى الله 


يومها فضلت اسمعها لغاية ماخلصت كلامها كله و مشيت ، مافكرتش ابدا من وقتها انى اعرف عنها حاجة ، لكن لسه لغاية دلوقتى موجوع منه ، كرهته ، زى ما انتى كرهتيه و يمكن اكتر ، بس انا كرهت عنجهيته الكدابة و جبروته ، و اللى لغاية دلوقتى مش لاقيله سبب و لا مبرر


يمكن تكونى بتفكرينى بيها ، انتى كمان اعتمدتى على نفسك و رسمتى طريقك و بتحاولى تمشى فيه ، بس يمكن انتى تصميمك و عزيمتك اكبر و اقوى منها 


كامل التفت لفرح لقى دموعها نازلة على وشها فقال لها بتعاطف : اول مرة اشوفك بتعيطى ، ايه … اوعى اكون صعبان عليكى ، و اللا يكون اللى عمله مأثر فيكى و اللا فرق معاكى .. ده منصور يا فرح ، ثم احنا كنا متوقعين اللى حصل ده من الاول


فرح بحزن : مش بعيط عشانه ، انا بعيط لانى للاسف حبيت اخواتى و صعبان عليا انه يحرمنى منهم او يبعدهم عنى من تانى 


كامل و هو يمد يده ليدير السيارة مرة اخرى : صدقينى .. المرة دى مش هيقدر


اما عند نادر ، فقد ساد الغرفة صمت رهيب بعد انصراف كامل و فرح ، مما زاد فى وضوح انفاس منصور العالية المتلاحقة من شدة الغضب ، فكان يلهث بشدة و كأنه فى حلبة سباق ، و ظل كذلك حتى قال نادر : انا من زمان و انا عارف من ماما ان عندى اخوات بنات .. رغم ان عمرك ما جيبت سيرتهم قدامنا ، بس عمرى ما اهتميت بالحكاية دى ، و اما لقيت انك مش مهتم بيهم و لا بتسأل عليهم ، ماحطيتش فى دماغى ، حتى لما رحمة و ندا اتجوزوا ولاد عمى ابراهيم ، لقيتهم لطاف و طيبين ، بس برضة ما اهتميتش انى اقرب منهم و لا اتعرف عليهم من قريب ، لكن فرح لا يا بابا


منصور بحدة : و اشمعنى يعنى فرح ، تعرفها من امتى و اللا اتعاملت معاها امتى عشان تتمسك بيها أنا مش فاهم 


نادر : كفاية انى لجأتلها عشان تساعدنا انا و نبيل و ما اتأخريتس


منصور بغضب : عشان غبى ، رايح لاكتر واحدة بتكره ابوك و عاوزها تساعدك انك تستلطخ ابوك .. تفتكر هتمانع و اللا هتقول لك لا ، دى ماصدقت انها تدينى بالقلم على وشى بايدك 


نادر بذهول : دى بنتك و من صلبك زينا بالظبط ، ازاى تتكلم عنها بالشكل ده


منصور : مابحبش البنات و خلفتها ، خيرها كله للغريب ، لكن انت و اخوك عزوتى ، و انتم اللى هتخلدوا اسمى على وش الدنيا 


نادر : بس انا مش هقاطع اخواتى و ابعد عنهم من تانى بعد ما ابتديت اقرب منهم عشان طريقة تفكيرك الغريبة دى 


منصور بسخرية : اخواتك .. و انت بقى كنت قربت منهم امتى عشان تبعد من تانى يا سى نادر 


نادر : اخواتى ما سابونيش من ساعة ما عملت العملية ، دايما كانوا جنبى و ماخلونيش محتاج حاجة 


منصور : هو عشان قعدوا جنبك يومين يبقى خلاص السمنة ساحت على العسل ، قال اخواتك قال


نادر : و لما هم مش اخواتى ، روحت ليه تعمل لهم الفحوصات و كنت عاوز تاخد منهم عشان تدى نبيل ، اشمعنى بس افتكرتهم و انت اللى عاوز منهم بدل ما تديهم


منصور بعنجهية : كفاية انهم شايلين اسمى ، هديهم ايه تانى اكتر من كده


كان ابراهيم يجلس فى صمت وصبر شديدين فى انتظار ما ستأوول اليه مناقشتهم حتى نفذ صبره فقال : ده بدل ما تفرح ان ولادك قريبين من بعض و قلبهم على قلب بعض ، يا راجل اتقى الله و انسى بقى ، مش كل بنت فى الدنيا و لا كل ست ابدا هتبقى زى نوال .. اتقى الله فى بناتك بقى و بطل تحملهم ذنب عمره ما كان ذنبهم 


ليلتفت له منصور بحدة ناهرا اياه و هو يقول : اسكت يا ابراهيم ، مش عاوز اسمع السيرة دى ابدا 


ابراهيم بعند : لا مش هسكت ، و المرة دى بالذات مش هسكت لانك زودتها اوى ، طول السنين اللى فاتت و انا بقول معلش .. معذور ، بكرة يفهم ، بكرة يعقل ، بكرة يعرف قيمة بناته ، بكرة يفرح بيهم و يقرب منهم ، حتى لما جوزت بناتك لولادى قلت فرصة تقرب منهم و تودهم و يودوك ، لكن انت عامل زى تل الرمل اللى كل ما يهب عليهم شوية هوا ماينوبش اللى حواليه غير الرمل اللى يعمى عينيه 


لا انت اول و لا اخر واحد يحب و ما يطولش ، نوال اما هربت منك هربت من قسوتك و جبروتك ، ذنبها ايه فاطمة تنتقم منها بدل نوال و تزلها و تعمل اللى عملته فيها ، ذنبهم ايه بناتك تقهرهم و تيتمهم و انت على وش الدنيا ، حتى دولت .. استغليت حوجتها و يتمها عشان تتجوزها و تسيطر عليها ، و اتجوزتها وانت فى ضميرك تعمل فيها زى ماعملت فى فاطمة لو برضة جابت لك بنات ، بس ربنا كان رءوف بيها عشان عالم بظروفها و ان مالهاش حد .. اتقى الله بقى ، انا خلاص نفضت ايدى منك ، و من عمايلك ، بس اعمل حسابك يوم ما هتندم و تفكر تلجألى عشان احنن قلب بناتك عليك ، هقول لك ماكانش ينعز .. كان فى و خلص يا منصور 


ليستدير ابراهيم استعدادا للانصراف ، و لكن يستوقفه صوت نادر و هو يقول و هو ينظر الى ابيه بتحدى  : عمى ، من فضلك ، بلغ فرح انى مستنيها بكرة 


ابراهيم : هبلغها يا ابنى ، و هى حرة ان كانت تيجى و اللا ماتجيش بعد اللى حصل


لتمر الايام و يعلن الطبيب نجاح عملية نبيل و ان جسده قد تقبل الزراعة بنجاح ، و كانت فرح تقوم بزيارة اشقائها فى الاوقات التى تتاكد فيها ان منصور قد غادر الى منزله او عمله ، و اجتمعت بدولت اكثر من مرة و التى عاملتها بود و لطف لم يخلو من بعض الحزازية 


و بعد مرور اسبوع استطاع نادر مغادرة المشفى ، اما نبيل ، فظل تحت الرعاية و الاشراف الطبى لاسبوع اخر حتى استطاع هو الاخر مغادرة المشفى مع المتابعة المستمرة مع طبيبه المتخصص


الى ان جاء موعد افتتاح المشفى الخاص بكامل ، و الذى حضره جميع افراد العائلة ما عدا منصور ، الذى تغيب عن الحضور بعد ان علم ان كامل قد دعا فاطمة و زوجها و أبنائهم ، و حضره ايضا نادر و نبيل اللذان توطدت علاقتهما بابناء عمهما خلال محنتهما 


و كان نادر و نبيل قد تعرفا بدورهما على احمد و محمود ، و فاطمة و عادل و كان هناك جو من الالفة و البهجة بين الجميع ، حتى اختلى نادر و نبيل بابراهيم بعيدا عن الجميع و قال نادر : بقولك يا عمى 


ابراهيم : خير يا ابنى 


نادر : كنت عاوز اسألك … مين نوال دى اللى قلت عليها لبابا يوم ماجالى المستشفى 


ابراهيم بامتعاض : ده موضوع قديم يا ابنى و اتقفل من زمان 


نادر : بس شكله كده عمل عقدة لبابا و مش قادر انه ينساها ، و انا عاوز اعرفها


ابراهيم بتنهيدة : ابوك طول عمره و هو جامد فى معاملته مع اللى حواليه ، مهما كان بيحبهم ، مابيبينش ابدا ده لانه بيبقى فاكر ان ده ضعف


نوال كانت بنت خالتنا ، و كانت امنا اللى مربياها بعد موت ابوها و امها ، و ابوك كان بيحبها و طلبها للجواز ، و فعلا اتخطبوا ، بس كانت بتخاف منه و من قسوته ، فهمته انها موافقة عليه ، و كانت بترتب لهروبها مع اللى بتحبه بجد و اللى كان صاحب منصور من سنين 


صحينا فى يوم لقيناها اختفت ، بعد ما سابت جواب لامى انها عملت كده عشان مش عاوزة منصور و ما بتحبوش و بتخاف منه لدرجة الرعب


صمم انه يخطب ويتجوز بعدها بسرعة ، و اتقدم لفاطمة و اتجوزها خلال شهرين تلاتة ، سقاها من العذاب و الاهانة اشكال و الوان لحد ما حصل اللى حصل ، و بعدها بمافيش اتجوز امكم بعد مابيتهم ولع باللى فيه ، و جوزها مات فى الحريقة هو و ابنها اللى كان عمره شهور 


نادر بذهول : هى ماما كانت متجوزة قبل بابا


ابراهيم : كانت ارملة يادوب عدى عليها ست شهور ، و مالهاش حد ، لكن كان كل تفكيره وقتها انها سبق لها خلفة الصبيان ، يبقى اكيد هتجيبله هو كمان الصبيان اللى بيحلم بيهم


نادر : انا برضة لحد دلوقتى مش فاهم هو كاره اخواتى ليه


ابراهيم : هو شايف ان الستات كلها خاينة و ان خلفة البنات عار ، و لولا انه عشان يجيب الولد لازم يتجوز ست ، متهيألى ماكانش اتجوز ابدا


سبحان الله و الحمدلله و لا إله إلا الله و الله أكبر و لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم

6


#ولما قالوا دى صبية


الفصل السادس


فى صباح يوم مشرق ، و بعد مرور خمسة اشهر على بداية العمل الرسمى بالمشفى الخاصة بكامل ، كانت الامور تجرى على طبيعتها ، فالجميع كانت مجرى حياته تسير بروتينية معهودة 


فابراهيم و منصور يمضيان بعملهما كالمعتاد ، و عادل و فاطمة تسير حياتهما بتؤدة و محبة 


اما نادر و نبيل فقد انحرف خط حياتهم بعدما تعرض نبيل لما تعرض له فى مرضه و شدته ، فبعد ان استقرت الحالة الصحية لنبيل ، و بعد ان حضر مع اخيه حفل افتتاح المشفى ، قررا الذهاب الى الاراضى المقدسة لاداء مناسك العمرة ، و بعد عودتهما قررا محاولة تعويض مافرطا فيه من مستقبلهما و دراستهما 


و قد كان ، فقد التزما بالجد و الاجتهاد حتى استطاعا تعويض جزء ليس باليسير من دراستهما باحد المعاهد و ها هما قد التحقا بالامتحانات حتى جاء اليوم الاخير من امتحاناتهما و عند خروجهما من المعهد ، وجدوا فرح تقف مستندة الى سيارة نادر بالخارج و هى تلتهم شئ ما 


فاقترب منها الشقيقان بمرح من خلفها حتى انقض نادر على مابيدها و دسه بفمه و هو يقول بصياح : انتى واقفة هنا بتاكلى و احنا محتاسين جوة بقالنا ساعتين ، ده بدل ماتفرغى نفسك للدعا ، بقى هى دى الوصية اللى وصيناكى بيها 


نبيل و هو يحتضن فرح بذراع واحد و يقبل رأسها : انا متاكد انها دعيتلى عشان انا حاسس انى حليت كويس 


لينظر نادر بذهول لفرح قائلا : يا نهارك مش فايت ، انتى دعيتى لنبيل بس و مادعيتيليش انا كمان


فرح بانزعاج : معنى كلامك ده ايه بقى ، انك ماجاوبتش كويس 


نادر و هو ينفى برأسه يمينا و يسارا : لا ، انا مش حاسس انى حليت كويس ، انا حاسس انى حليت كويس جدا 


لتبطش به فرح موكزة اياه فى كتفه و هى تقول : يا اخى حرام عليك .. وقعت قلبى 


ليقبلها نادر بوجنتها و هو يداعبها قائلا : سلامة قلبك يا قلبى 


فرح باستفهام : يعنى اتطمن على التقدير 


نادر : ماتقلقيش ، ان شاء الله هنجيب التقدير اللى نقدر بيه نكمل فى الكلية 


فرح بسعادة : ايوة كده فرحتونى ، طب ياللا بينا بقى احسن انا جعانة اوى و مهبطة ، و حتى البسكوت اللى كنت باكله جيت سيادتك و استوليت عليه ، و كمان لسه هنعدى على محمود ناخده من عند المدرسة 


نادر : طب ماتيجى نتغدا برة ، انا هعزمكم ، و اهو نفرفش محمود


فرح : لا ، اخواتك مستنيينك عشان مايزعلوش ، و بعدين زمان احمد خلص الامتحان بتاعه هو كمان و طلع على عند ندا على طول 


نبيل : طب خلاص ، نروح النهاردة لندى ، و نتفق على يوم تانى نخرج مع بعض و نتجمع فيه كلنا سوا 


ليقوم نبيل و نادر بمهاتفة امهما لطمأنتها عليهم بعد الامتحان ، و ابلغاها بانهما سيتوجها مع فرح الى منزل شقيقتهما و تقضية باقى اليوم بصحبتهم


و فى الطريق اثناء توجههم الى منزل ندا ، سمع نادر رنين هاتفه و عندما قام بالرد وجد ابيه ، ليتبادل النظرات مع نبيل قبل ان يجيب قائلا : السلام عليكم ، ايوة با بابا


منصور : انت فين انت و اخوك 


نادر : احنا خلصنا الامتحانات و ………


منصور بحدة : عارف انكم خلصتوا الزفت ، و عارف انكم مع الدكتورة اللى بقيتوا معاها طول الوقت و ناسيين انى ابوكم و ليا حق عليكم ، ممكن افهم انتو رايحين معاها فين و ليه


نادر بهدوء و هو يحاول كبت رد فعله : ابدا يا بابا ، بس حسن و حسين و اخواتى البنات عازمينا على الغدا فى بيت ندا عشان يحتفلوا بينا اننا خلصنا الامتحانات


منصور بسخرية : و من امتى بتضحوا بشلة النادى و رحلة السخنة فى اخر يوم امتحانات 


نادر بابتسامة : لا ما خلاص يا حاج ، توبنا الى الله 


منصور : طب مش انا و امكم اولى من اللى انتو رايحين لهم دول 


نادر بتنهيدة : انتو الخير و البركة طبعا يا بابا ، حاضر ، بكرة ان شاء الله هنقضيه كله معاكم 


منصور بحدة : و ليه مش النهاردة 


نادر : لانه كان اتفاق و وعد من اسبوعين فاتوا ، و لان الايام جاية كتير ، فماحبكتش يعنى 


منصور بغضب : خليكوا ورا الدكتورة اللى سايقاكم و معصياكم عليا ، و لما اشوف اخرتها معاكم 


ليغلق منصور الهاتف بغضب بوجه نادر الذى لم يقم بأى رد فعل سوى انه اكمل حديثه و كأن منصور مازال على الخط قائلا : حاضر يا بابا ، هسلم لحضرتك عليهم كلهم ، مع السلامة .


ليدس نادر الهاتف فى جيبه مرة اخرى و ينظر لفرح قائلا بمرح : ها يا دكتورة ، عاملة ايه بقى 


فرح بابتسامة و تنهيدة : عاملة نفسى مش واخدة بالى 


نادر باستفهام : مش واخدة بالك من ايه بالظبط 


فرح بسخرية : من التليفون اللى اتقفل فى وشك يا ابن منصور 


نادر بمرح و هو يدلك وجهه : ايه الاحراج ده ، انتى سمعتى 


فرح : الحقيقة منصور حنجرته قوية و تخرم اجمد طبلة ودان فيكى يا بلد


نبيل : حقك عليا يا فرح ، ماتزعليش منه  


فرح و هى تنظر لنبيل بحب : حقى عند ربنا يا حبيبى ، و انا مش زعلانة منه على فكرة 


نبيل بطيبة : طب ماتنسى اللى فات يا فرح ، و تعالى نبتدى صفحة جديدة ، ايه رأيك ، احنا من ساعة ماعرفناكى و احنا حسينا ان فاتنا كتير اوى ، واعتقد ان بابا كمان اكيد هينبسط لو …...


لتقاطعه فرح بهدوء قائلة : بص يا حبيبى ، انت فهمت كلامى غلط ، انا اما قلت انى مش زعلانة منه .. ما كنتش اقصد انى قلبى صفى من ناحيته ، بالعكس ، انا اقصد ان احساسى من ناحيته ماينفعش يتوصف بالزعل ، لان احساسى اتخطى احساس الزعل بمراحل ، لكن اللى اقصده انه مابقاش يفرق معايا فى اى حاجة يعملها و لا فى اى حاجة يقولها 


ليتبادل نبيل و نادر نظرات الخجل فى صمت فينا بينهما ، ليصلوا الى مدرسة محمود و يصطحبوه معهم الى منزل شقيقتهم


و عند وصولهم ، وجدوا الجميع بانتظارهم ، لتستقبلهم رحمة قائلة بفضول و لهفة : طمنونى الامتحانات اخبارها ايه النهاردة 


نادر : انا بالنسبة لى تمام اخر حاجة 


نبيل : و انا برضة الحمدلله


محمود : و انا راجعت الامتحان مع فرح و بتقول انى الحمدلله تمام 


لتقبلهم رحمة و هى تقول ببهجة : عقبال النتيجة يا حبايبى يارب 


لتجد فرح عمها ابراهيم يجلس بهدوء فتذهب اليه و تحييه و هى تقول : ازيك يا عمى ، مالك ساكت ليه كده ، لا اسكت الله لك حسا 


ابراهيم بابتسامة هادئة : اهلا يا فرح يا بنتى ، عاملة ايه 


فرح بمداعبة : زعلانة منك عشان مابتسألش عليا 


ابراهيم : ازاى بقى ، ده انا حتى ببعت لك السلام كل يوم مع كامل 


ليأتيهم صوت كامل من المطبخ و هو يقول بصوت عالى : و انا بوصل لها سلامك كل يوم يا بابا حتى اسألها


 فرح بمشاغبة : ماحصلش ، طب انت النهاردة ماوصلتليش حاجة 


ليخرج كامل من المطبخ و هو يرتدى مريول الطهى و يمسك بيده احدى ادوات الطهى و هو يقول : و هو انا جيت المستشفى اصلا النهاردة عشان اوصل لك حاجة 


فرح و هى تنظر الى مظهره بمرح : مش عذر ابدا يا دكتور ، المفروض كنت اتصرفت و وصلت الأمانة ، و بعدين سيبك من كل الكلام ده ، انت ناوى تأكلنا ايه النهاردة 


ندا و هى تأتى هى الاخرى من الداخل بنفس المظهر : استعدى يا بنتى ، ده كامل ناوى يشهيصكم النهاردة ، عامل شوربة كريمة بالمشروم انما ايه .. تجنن ، انا شكلى هخلصها قبل ما احطلكم الاكل


ليلتف الجميع حول المائدة و هم يتناولون طعامهم فى جو من المودة و المرح ، و لكن فرح كانت تلاحظ ابراهيم بين الفينة و الاخرى و هو يجلس بينهم شارد الذهن ، لتميل فرح على كامل قائلة : عمى ماله ، حاساه مش على طبيعته ، فى حاجة شغلاه و اللا لا قدر الله تعبان 


كامل بتنهيدة هامسة : بقاله كام يوم على دا الحال ، على طول سرحان و بيفكر فى حاجة الله اعلم بيها 


فرح : طب ماسألتهوش


كامل : كل ما اسأله يقوللى ماتشغلش بالك ، موضوع كده لما يحصل هبقى اقول لك


فرح بمرح : اوعى يكون ناوى يتجوز و عاوز يعملهالك مفاجأة 


ليضحك كامل بخفة قائلا : و انا موافق 


فرح باستغراب : بتتكلم جد


كامل : و ليه لا ، حقه ، بابا تعب معايا انا و اخواتى سنين على ماوصلنا للى احنا فيه ، و اعتقد انه لو حب انه يتجوز فعلا ماحدش فينا ابدا من حقه انه يعترض ، بس انا ما اعتقدش ان ده اللى فى باله ، واضح ان فى حاجة معينة بيفكر فيها ، يمكن حاجة فى الشغل 


فرح : عموما انا بعد الغدا هبقى احاول اتكلم معاه


حسين بصوت عالى : ايه يا كامل انت و فرح ، ياريت مش عاوزين اى احاديث جانبية 


حسن : ده انت حشرى اوى ، ماتسيبهم ياعم 


حسين : اصلهم اكيد بيتكلموا فى الشغل ، حاكم انا عارفهم هم الاتنين ، يموتوا فى الشغل ، حتى وهم نايمين تلاقيهم بيحلموا بالعيانين بتوعهم 


محمود : اهو انا ان شاءالله لما اجيب مجموع و ادخل كلية الطب هبقى اقعد فى النص ، عشان اتعلم بسرعة و اخد الكلية فى سنتين تلاتة بس 


كلهم ضحكوا على كلام محمود و احمد قال : ياللا على البركة ، على الاقل بعد التخرج تلاقى مكان تشتغل فيه على طول 


نادر : و احنا ان شاء الله اول مانجيب تقدير هنقدم فى كلية التجارة و بعد مانخلص البكالوريوس انا ناوى ان شاء الله انى اكمل دراسات عليا و اشتغل فى الجامعة 


فرح بابتسامة : برافو عليك يا نادر ، ايوة كده ، و انت يا نبيل هتعمل كده برضة و اللا ناوى على ايه


نبيل : انا ان شاء الله ناوى اكمل زى نادر برضة ، بس حتة تدريس الجامعة ده مش فى دماغى ، انا ناوى امسك الشغل مع بابا ان شاء الله


حسن : و الله عين العقل يا نبيل ، و اهو على الاقل حد فيكم يبقى فاهم الدنيا رايحة فين و جاية منين 


بعد الغدا ، اتجمعوا كلهم قدام التليفزيون ، و فرح راحت قعدت جنب عمها و مالت عليه و قالت له بهمس : بتفكر فى ايه شاغلك اوى كده و مخليك ساكت بالشكل ده 


ابراهيم : ابدا يا بنتى ، ما انا معاكم اهو 


فرح : هو انا يعنى مش عارفة حضرتك يا عمى ، لا طبعا ، انت فى حاجة شغلاك اوى و مش مخلياك معانا خالص


ابراهيم : ابدا يا بنتى ، ده انا حتى فرحان بلمتكم مع بعض ، انا بس اللى عندى شغل كتير الفترة دى و مش ملاحق عليه 


فرح بعدم تصديق : شغل ايه ده يا عمى ، ده حتى حسن و حسين على طول مع حضرتك و مش سايبينك ، اوعى تكون تعبان بعد الشر و مخبى علينا


ابراهيم بنفى : لا يا بنتى .. انا الحمدلله زى الفل ، و بلاش تعملى دكتورة عليا ، انتى بس خدى بالك من نفسك و خدى بالك من كامل 


فرح باستغراب : ماله كامل يا عمى 


ابراهيم بحزن : العمر بيجرى بيه يا بنتى


فرح : العمر بيجرى بينا كلنا يا عمى ، بس ايه اللى يشغلك كده بالنسبة لكامل 


ابراهيم بتنهيدة : كان نفسى اتطمن عليه قبل ما اقابل وجه كريم 


فرح بانقباضة : ربنا يديك طولة العمر يا عمى ، ليه بتقول كده ، ده حتى دكتور كامل كل الناس بتحبه و بتدعيله 


ابراهيم : كان نفسى اشوف له زوجه تكون هى اللى بتحبه و تراعيه و اشوف عياله زى اخواته


فرح بفهم : ان شاء الله تشوف احفاده كمان ، ثم اكملت بمرح .. انت بس دور له على عروسة حلوة كده و بنت ناس و ليك عليا اروح اخطبهاله بنفسى 


لينظر لها ابراهيم بتمعن ثم يقول بخفوت : لو طلبتك ليه يا فرح تقبلى 


ليعتلى الوجوم و الصمت على وجه فرح التى تنظر لعمها بصدمة دون اى تعليق ، ليكمل ابراهيم حديثه قائلا : انا نفسى اتطمن عليكى و عليه ، انتو اللى فاضلين ، و شايف ان مافيش احسن منكم لبعض ، صدقينى يابنتى مش عشان كامل ابنى ، لا ، بس انا شايف ان كامل اكتر بنى ادم فى الدنيا دى ممكن يصونك و يراعى فيكى ربنا ، و انتى كمان ، انا متأكد انك برضه هتصونيه و تراعى فيه ربنا 


انا اتطمنت على اخواتك مع ولادى ، و بتمنى اتطمن عليكى انتى و كامل مع بعض ، رغم انى عارف ان يمكن يكون فى فرق سن بينك وبين كامل اكتر من الفرق اللى بين اخواتك و اجوازهم ، لكن ماهواش الفرق اللى يخوف 


انا من فترة و انا نفسى افاتحك و اتكلم معاكى فى الحكاية دى ، بس كنت خايف تصدينى ، لكن لقيت ان سكاتى طول و الايام بتجرى ورا بعضها و هى واخداكى و واخداه


و رغم انى عارف ان يمكن تكون قلوبكم لسه ماولفتش على قلوب بعض ، لكن صدقينى يا بنتى ، العشرة بتولف القلوب اكتر بكتير من توليفة العشق اللى مش دايما بتدوم 


مش عاوزك تردى عليا دلوقتى ، لكن عاوزك تفكرى ، و هسيبك شهر بحاله تاخدى و تدى مع نفسك ، و صدقينى .. لو رفضتى مش هزعل منك ، لكن تأكدى انك لو وافقتى ، هتبقى فرحتينى فرحة العمر كله 


ظلت فرح تستمع الى عمها و هى فى حالة صمت شديد من تأثير المفاجأة ،  عندما وجدته ينظر اليها و هو فى انتظار اى تعليق منها قالت بوجوم : يا عمى حضرتك عارف انى ما بفكرش فى موضوع الجواز ده من اساسه و مش فى دماغى 


ابراهيم : عارف يا بنتى ، بس لامتى ، ماهو يعنى اكيد مش هتفضلى عمرك كله كده عايشة من غير راجل 


فرح : و هو يعنى الراجل هيزودنى ايه ، بالعكس ، انا من غيره احسن بكتير ، بكبر فى شغلى و بتقدم فى مستقبلى من غير اى تدخل من اى حد ، انما لو اتجوزت ….


ابراهيم مقاطعا اياها : مانتى مش هتتجوزى اى راجل ، و اديكى شايفة كامل تفكيره عامل ازاى ، طول عمره و هو مؤمن بالمساواة بين الراجل و الست و عمره ابدا ما هيقف فى طريق مستقبلك ، بالعكس ، ده اول واحد هيساندك و يشجعك انك تنجحى و تتقدمى 


فرح باحراج : ايوة يا عمى بس …


ابراهيم : انا مش عاوز ردك دلوقتى ، انا عاوزك تفكرى على مهلك و تصلى صلاة استخارة مرة و اتنين و تلاتة ، و بعد اسبوعين من دلوقتى هكلمك و اسمع ردك 


فرح بفضول : طب و حضرتك تضمن منين انى لو حتى وافقت ، ان كامل ممكن يوافق ، حضرتك كده بتحرجنى و بتحرجه 


ابراهيم : عمرى ماكنت هفاتحك فى حاجة زى كده الا لو متأكد ان انتى بالذات طول عمرك و انتى  ليكى معزة خاصة عند كامل ، يمكن حتى من يوم ولادتك .. لما صمم ان هو اللى يسميكى بنفسه


فرح بذهول : كامل هو اللى سمانى 


ابراهيم بابتسامة : اومال ايه ، هو انتى اول مرة تعرفى 


فرح : ايوة ، و حتى طول عمرى مستغربة و بقول مين اللى شاف ان الاسم ده يليق عليا وسط كل اللى حصل وقتها 


ابراهيم بصوت مسموع : وقتها كانت امك الله يكون فى عونها حالتها حالة ، و خالك كان ملخوم بيها و باللى حصل ، و لما ابوكى طلب منى اطلع لك شهادة الميلاد ، كامل جه معايا المستشفى و شافك ، و صمم يسميكى فرح 


كان الجمبع قد انضموا تباعا لمجلس ابراهيم و فرح بعد ان سمعوه و هو يقص على فرح تلك القصة ، فنظرت فرح لكامل بفضول و قالت : طول عمرى و انا شايفة ان ماليش اى علاقة باسمى ، و ماكنتش اعرف مين اللى سمانى ، و بما انى اخيرا عرفت ، ممكن تقوللى اشمعنى الاسم ده اللى اخترتهولى 


كامل بابتسامة : لانى اما شيلتك فى المستشفى ضحكتيلى ، وقتها كنت لسه عيل و مش فاهم طبعا ان صحكتك وقتها مش ليا من اصله ، بس انا فرحت بالضحكة دى ، و يمكن كانت اول مرة افرح فيها بعد ما امى الله يرحمها ما ماتت ، و عشان كده سميتك فرح ، و الاسم عجب بابا و كتبك بيه 


فرح : كنت دايما اسال ماما و اقوللها .. ليه اخترتولى الاسم ده ، فكانت تقوللى ما اعرفش مين اللى سماكى 


كامل بمرح : و اديكى عرفتى ، ها ، هتعملى ايه بقى 


فرح و هى تلتقط حقيبتها و تنهض متأهبة للانصراف : هاخد بعضى و اروح


ندا : ايه ده ، تروحى فين ، احنا لسه ماقعدناش مع بعض ، انتى جاية تاكلى و تمشى 


نادر : ايه يا فرح ، انتى مش قلتى هنقضى اليوم سوا 


فرح : معلش حقكم عليا ، بس حسيت فجأة انى محتاجة انام 


ندا : طب ماتدخلى تناميلك ساعة كده و هبقى اصحيكى 


فرح : لا ساعة ايه ، انا عاوزة انام و اتعمق فى النوم ، محتاجة استريحلى شوية ، انا بقالى كتير ما اخدتش راحة ، فعاوزة انام النهاردة اصحى الفجر 


لينهض ابراهيم قائلا : خلاص يا اولاد سيبوها براحتها ، انا هاخدها اوصلها قبل ما ارجع على المكتب 


كامل باستياء و هو يوجه حديثه لفرح : عاجبك كده ، اديها هتفركش ، ماتقعدى يا بنتى شوية و انا هنزل اوصلك 


ابراهيم بحزم : خلاص بقى يا كامل سيبها براحتها ، و انتو يا اولاد كل سنة و انتم طيبين و ان شاء الله نتجمع تانى لما نتايجكم كلها تظهر و تفرحونا بإذن الله


كانت فرح تتقلب على فراشها بتوتر و قلق و هى تتذكر كلمات ابراهيم لها فى السيارة حينما قال : ماترميش كلامى من غير ماتفكرى فيه يا فرح ، و ماتخليش الدنيا تسرقك بزيادة يا بنتى ، العمر بيتسرسب من بين ايديكم و انتم مش دريانين ، الحقوا نفسكم قبل قطر الستر ما يفوتكم 


لترد عليه فرح بتساؤل قائلة : و هو الستر كمان له قطر و وقت يا عمى 


ابراهيم بحكمة : الستر يا بنتى الناس بتحصره فى منظرهم قدام الناس و بس ، رغم ان الستر ده فى كل حاجة فى حياتنا ، فى الصحة و المال و العرض و فى حاجات كتير غيرهم ،  لكن اهم ستر فى حياتنا هو ستر الجواز ، الجواز ستر للست زى الراجل بالظبط يا بنتى ، و ماهواش ستر من الغلط او الخطيئة بس … لا .. ده ستر من الزمن ، و الوحدة 


كلنا فى صغرنا بنبقى متخيلين ان صحتنا و دنيتنا دأيمالنا ، و مابنبقاش واخدين خوانة من الايام اللى بتمر ورا بعضها و هى بتاكل من عمرنا يوم ورا التانى و من صحتنا معاها 


البنى ادم لما بيكبر بيحتاج نفس و ونس معاه ، اسألينى انا يا بنتى ، انا الوحدة واكلة منى راقات و ماحدش حاسس بيا ، لولا انى حرمت على نفسى جنس الحريم من بعد مراة عمك الله يرحمها ، لا يمكن كنت اقدر اصمد السنين دى كلها ، يمكن ربنا عوضنى باخواتك و حنيتهم عليا ، لكن اوقات كتير ببقى نفسى اتساير مع حد من سنى يفهمنى و افهمه ، و نشكى لبعض وجعنا … فاهمانى يا فرح


لتتعمق فرح فى نومها و كلمات ابراهيم تتردد بين جنباتها 


اما فى منزل ابراهيم ، فبعدما عاد كامل الى المنزل وجد ابراهيم جالسا فى الشرفة و هو يتأمل السماء بنجومها المتلألئة فى صمت شجى ، ليقول كامل فى مرح : يعنى انت سيبتنا كلنا هناك و جيت هنا عشان تستفرد بالقمر و النجوم و الجو الشاعرى ده لوحدك 


ليلتفت اليه ابراهيم بابتسامة هادئة قائلا : حمدالله على السلامة يا ابنى ، ايه الاخبار 


كامل و هو يلقى بنفسه على المقعد بجوار ابيه : مافيش جديد ، قعدنا شوية و بعد كده احمد و محمود استأذنوا عشان يمشوا ، فنادر و نبيل قاموا هم كمان و قالوا هيوصلوهم ، فاستأذنت انا كمان و جيت ، انما انت بقى .. لما انت مش راجع الشغل فعلا زى ماقلتلنا ، مشيت ليه 


ابراهيم و هو يعيد نظره الى الفضاء : ابدا ، بس كنت محتاج اقعد مع نفسى شوية 


كامل بمرح : اوعى تكون بتفكر تتجوز بجد زى مافرح قالتلى 


لينتبه ابراهيم على ذكر فرح فيقول : ان كان عليا ، انا مش عاوز غير انى اتطمن عليك و عليها 


كامل بفضول : تقصد فرح 


ابراهيم بتنهيدة : ايوة فرح


كامل بريبة : و مالها فرح يا بابا ، هو فى حاجة حصلت انا ما اعرفهاش


ابراهيم بوجوم : انا اتطمنت على اخواتها البنات مع اخواتك ، و اتطمنت على اخواتك معاهم ، لكن انت و فرح ، حاسس انى هموت من غير ما قلبى يتطمن عليكم 


كامل : ليه بتقول كده بس يا بابا ، ربنا يديك الصحة و طولة العمر 


ابراهيم : يا ابنى انا كبرت ، و الاعمار بايد الله وحده ، و كان نفسى اتطمن عليك انت و فرح ، و من كتر ما اتمنيت انى اتطمن عليكن ، حلمت حلم غريب ، ومش عارف ازاى صدقته و مشيت وراه و خايف اكون اتسرعت فى اللى عملته 


كامل : حلم ايه ده يا بابا اللى حلمته و ايه ده اللى اتسرعت و عملته


ابراهيم بخجل : حلمت ان انت و فرح اتجوزتوا ، و من ساعة الحلم ده و انا عمال ابنى فى امانى لدرجة انى مشيت وراها و فاتحتها النهاردة فى الموضوع ده


لينظر كامل الى ابيه ببعض الفضول قائلا : فاتحتها ازاى يعنى مش فاهم ، قلتلها ايه يابابا


ابراهيم بتنهيدة : عرضت عليها انى اخطبها ليك يا ابنى 


كامل و هو لازال تحت تأثير الصدمة : خطبتلى انا فرح بنت اخوك ، دى اصغر منى باتناشر سنة يا بابا ، ده اخواتها الكبار متجوزين اخواتى الصغيرين 


ابراهيم : الفرق اللى بينكم ماهواش كبير للدرجة دى يا ابنى ، انا كنت اكبر من امك الله يرحمها بخمستاشر سنة ، و ما اعتقدش ان كان فى حد فى سعادتنا و احنا مع بعض ، و رغم انك كنت لسه صغير وقت ما امك الله يرحمها ما ماتت ، الا انك اكيد فاكر كنا عاملين ازاى مع بعض 


كامل : ايوة يا بابا بس فرح ….


ليقاطعه ابراهبم قائلا ببعض الحدة : بس ايه و مابسش ايه ، انا عارف انى جريت ورا حلمى من غير تفكير ، و عارف انى اتسرعت ، بس اللى مش عارفه هى ممكن تنسالى طلبى ده و تسامحنى و اللا لا


كامل بتردد : هى … هى ردت عليك و اللا سكتت و اللا ايه بالظبط اللى حصل


ليقص عليه ابراهيم كل ما دار بينه و بين فرح ، ليقول كامل : يعنى المفروض انك اديتها فرصة تفكر و تقول رأيها 


ابراهيم : ايوة ، رأيها اللى انا عارفه و متوقعه من دلوقتى 


كامل : و اللى هو ايه بقى ؟


ابراهيم : اكيد هترفض مش محتاجة كلام يعنى ، و اكيد بعد كده هتتعامل معايا انا و انت بحزازية و يمكن مع اخواتكم كمان


كامل بفضول : و ايه اللى مخليك متأكد اوى كده انها هترفض


ابراهيم بتنهيدة : طول عمرها و هى واخدة موقف من صنف الرجالة بحاله ، ده سبحان من خلاها تتعامل مع الكل و تتكلم و تضحك ، بس انا طمعت بزيادة و فكرتها ممكن تلين و توافق


كامل بشرود : طب مش يمكن توافق


لينظر اليه ابراهيم بفضول قائلا : انت عاوزها توافق


كامل بانتباه : الصراحة يا بابا ، انت عارف انى شايل من دماغى موضوع الجواز ، لكن لو فرح وافقت ، فانا كمان موافق


لينظر اليه ابراهيم و كأنه لا يصدق اذنيه و قال : انت بتتكلم جد يا كامل ، يعنى انت اخيرا قررت تتجوز 


كامل : لا يا بابا ، ما قررتش اتجوز ، لكن موافق انى اتجوز فرح 


ابراهيم بعدم فهم : يعنى ايه مش فاهم 


كامل : مش فاهم ايه يا بابا ، انا كلامى واضح ، انا مابفكرش نهائى فى موضوع الجواز دلوقتى ، لكن لو فرح وافقت على اقتراح حضرتك فانا كمان موافق


ابراهيم : يعنى ايه ، هتتجوز تقضية واجب 


كامل : لا يا بابا مش تقضية واجب و لا حاجة ، فرح انسانة صبورة و مكافحة ، دكتورة و مثقفة و يعتمد عليها ، عندها طاقة ايجابية تكفى جيل بحاله ، و فوق كل ده كله … قلبها كبير 


يعنى باختصار شديد .. يوم ما افكر فى الجواز مش هلاقى احسن منها

تكملة الرواية من هنا 👇👇👇


من هنا

تعليقات

التنقل السريع
    close