القائمة الرئيسية

الصفحات

ولما قالوا دى صبية بقلم ميمي عوالي الفصل السابع حتي الحادي عشر كامله على مدونة النجم المتوهج للروايات

 لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين استغفرك ربي و اتوب اليك


ولما قالوا دى صبية

بقلم ميمي عوالي

الفصل السابع حتي الحادي عشر

كامله على مدونة النجم المتوهج للروايات


لتمر الايام على وتيرة واحدة على معظم ابطالنا دون احداث تذكر ، الا ان فرح و كامل قد جد على تعاملاتهما بعض الرسمية المتعمدة من فرح ، و التى لم تستطع التعامل بغير ذلك بعدما سمعته من عمها و طلبه اياها للزواج من كامل ، اما كامل فقد قابل رسميتها بتجاهل تام و كأنه يعتاد على ذلك او كأنه لم يلاحظ تغييرها هذا ، الا انه كان يراقب رسميتها تلك بتسلية شديدة و كان ينتهز اى فرصة يختلى بها بنفسه حتى يسمح لضحكاته ان تخرج للحرية  من بين جنبات صدره ، فقد كان يراقب التوتر الكامن وراء رسميتها الشديدة بمرح حبيس نفسه ، حتى مر اسبوعان كاملان على حديثها مع عمها ، حتى جاء يوم و تتفاجئ فرح باحدى العاملات تبلغها بان كامل يطلبها فى مكتبه لامر هام .


و عند ذهابها الى مكتب كامل تتفاجئ بعمها يجلس مع كامل باريحية و عند دخولها يقف ابراهيم مرحبا بها بشدة ضاما اياها الى صدره بمحبة خالصة قائلا : اهلا باللى مابتسألش عنى بقالها اسبوعين 


فرح بخجل : حقك عليا يا عمى بس الحقيقة الشغل اخدنى شوية الايام اللى فاتت 


كامل بابتسامة خبيثة : و الشغل برضة هو اللى خلاكى ماتبلغينيش بنتيجة محمود


فرح بشهقة : هى نتيجة الثانوية ظهرت 


كامل وهو يتصنع عدم المبالاة : لا يا ستى ماظهرتش ، هم بس اعلنوا الاوائل 


فرح و هى تلتقط انفاسها واضعة كفها على صدرها : ربنا معاه يارب و يفرح قلبه و يطمننا كلنا 


كامل بابتسامة : و هو ممكن يفرح ايه اكتر من انه يطلع السادس على الجمهورية 


فرح بعدم تصديق : انت بتتكلم عن محمود اخويا و اللا عن مين 


ابراهيم بفرحة : ايوة يا بنتى ، محمود ، اسمه جه فى التليفزيون ، و من الصبح بيحاول يكلمك و انتى مابترديش على تليفونك 


فرح بسعادة و هى تسحب هاتفها من جيب ردائها الطبى و تعاود الاتصال على شقيقها  : انا بعمله وضع الطيران و انا بمر على العيانين عشان ما اتشتتش ، بس لو اعرف ان ده اللى هيحصل ماكنتش نزلت من البيت النهاردة من اساسة 


و ما ان فتح محمود خط الهاتف حتى قالت فرح بسعادة : الف مبروووك يا حبيبى ، الحمدلله ربنا ماضيعش تعبك على الفاضى و حقق لك اللى بتتمناه


لتظل فرح تتحدث مع شقيقها لعدة دقائق بمرح و سعادة حتى انهت مكالمتها بعد ان وعدته بمكافأة عظيمة ، و ما ان اعادت هاتفها الى جيبها مرة اخرى حتى وجدت ان كامل قد غادر الغرفة دون ان تشعر لتبقى بمفردها مع عمها الذى قال : مبرووك يا فرح ، عقبال احمد و نادر و نبيل ان شاء الله


فرح : ان شاء الله يا عمى ، انا الحقيقة شبه متطمنة على احمد ، بس نفسى كمان اتطمن على نادر و نبيل 


ابراهيم : ان شاء الله نتطمن كلنا و نفرح بيهم ، و ربنا يفرحنى انا كمان لما اسمع ردك على طلبى اللى طلبته منك من اسبوعين 


لم تحاول فرح ادعاء عدم الفهم او محاولة المراوغة بل قالت ببعض الاسف و الخجل من عمها : الحقيقة يا عمى انا مش عارفة اقول ايه لحضرتك ، بس انا عشمانة انك تكون فاهم موقفى و مقدره و من غير ماتاخد على خاطرك منى 


ابراهيم : رافضة كامل نفسه و اللا رافضة الجواز يا بنتى


فرح : الجواز يا عمى ، انا مش ناوية ابدا انى اربط نفسى باى راجل مهما كان هو مين ، سامحنى ارجوك 


ابراهيم بتنهيدة : طب لو انا قلتلك انى مش قابل رفضك ده يا فرح ، و انى مصمم على طلبى ده ، هتقولى ايه


فرح بدهشة : مش فاهمة حضرتك تقصد ايه ، يعنى ايه مصمم على طلبك ، انا ما اعتقدش ابدا انى ممكن اغير رأيى مهما كانت الاسباب 


ليصمت ابراهيم لبرهة و كأنه حيران و يقارن بين خيارين ثم تنهد قائلا ببعض التردد : انا هصارحك بسر يا فرح ، و اتمنى انك تكونى اد الثقة اللى انا بثقها فيكى ، و ان الكلام ده ما يطلعش لمخلوق 


فرح ببعض القلق : سر ايه ده يا عمى اللى هتقولهولى 


ابراهيم ببعض التردد : اسمعى يا فرح يا بنتى ، انا لما طلبتك للجواز من كامل فده كان لانى عارف و متأكد من جوايا ان انتم الاتنين انسب حد للتانى ، لكن ما كانش ده السبب الوحيد لطلبى ده 


انا يا بنتى عاوز اتطمن عليكى قبل ما اموت ، و انا خلاص حاسس ان مابقاش فى عمرى كتير 


فرح : ربنا يديك طولة العمر يا عمى ، بس انا مش فاهمة حاجة 


ابراهيم : يا بنتى ، انا طول الوقت حاسس انى داخل فى حرب مع ابوكى بسببك 


فرح باعتراض : بسببى انا ، طب ليه ، انا ماليش اى علاقة بيه من اساسه ، و الكل عارف انه ميت بالنسبة لى 


ابراهيم : و دى اكتر حاجة مجنناه منك و مخليكى دايما عدوة بالنسبة له


فرح بتهكم : ده شئ يسعدنى على فكرة 


ابراهيم : و يقلقنى يا بنتى 


فرح بعدم فهم : و ايه اللى يقلق حضرتك انا مش فاهمة 


ابراهيم : اسمعى يا بنتى ، رغم انى ماكنتش ابدا احب انى اقول لك اللى هقوله ده ، ابوكى مش سهل ، و لما بيحط حاجة فى دماغه لازم ينفذها ، و من ساعة اللى حصل وقت عملية نبيل و هو الغل ماليه بزيادة من ناحيتك ، رغم ان نادر و نبيل اكدوله اكتر من مرة انك مالكيش اى علاقة و ان الفكرة بالكامل كانت فكرة نادر ، لكن غله زاد لما حس ان نادر و نبيل اتعلقوا بيكى فى الفترة القصيرة دى و بقم تقريبا على طول معاكى ، و لما لقى انك مصممة انك برضة تعتبريه ميت ، حس انك بتتكبرى و بتتعالى عليه و صمم انه يكسر مناخيرك  


فرح بفضول : و هيكسرها ازاى بقى ان شاء الله


ابراهيم : عاوز يجوزك واحد من اللى شغالين معاه 


لتصمت فرح لعدة ثوانى و هى تحملق لملامح عمها بدون تصديق ثم تنفجر صاحكة بصخب شديد و كلما حاولت التوقف عن الضحك تدخل فى نوبة جديدة حتى دمعت عيناها بشدة ، و عندما استطاعت اخيرا السيطرة على صحكاتها قالت : ايه يا عمى النكتة الجامدة دى ، تعرف انى صدقتك فى الاول


ابراهيم بامتعاض : لا هو انتى فاكرانى كل ده بهزر معاكى 


فرح : ما هو اصل ياعمى يعنى ماتزعلش منى ، لا انا قاصر هيجوزنى غصب عنى ، و لا هو ماسك عليا زلة و هيجبرنى اوافق غصب عنى 


ابراهيم بخفوت : لا يا بنتى ، الزلة مش عليكى انتى ، الزلة على احمد اخوكى 


فرح برهبة : ماله احمد ، عمل له ايه و زلة ايه دى اللى ماسكها عليه


ابراهيم : انتى عارفة الشباب و طيشهم ، خرج مع اصحابه و سهروا مع بعض فى ديسكو من الديسكوهات اللى بيقولوا عليها دى ، و اتصور صور يعنى .. مش ولابد 


فرح : و افرض .. شاب و متصور مع اصحابه ايه المشكلة 


ابراهيم باحراج : المشكلة ان الصور مش مع اصحابه يا فرح ، الصور ليه هو فى اوضاع مش كويسة .. افهمى انتى بقى انا مش هقدر افسر اكتر من كده 


لتصمت فرح و هى تدور بعيناها فى الغرفة بتشتت ، ثم قالت : برضة فلنفرض … ايه علاقة ده بانه عاوز يغصبنى على الجواز و علاقته ايه بجوازى من كامل 


ابراهيم : كان عاوز يضغط عليكى بصور احمد ، و يا توافقيه على اللى عاوزه يا هينشرها على النت و يشهر باحمد و بسمعته ، لكن انا قدرت انى اخد منه الصور دى و حرقتها بايدى ، و لما ثار و اتخانق معايا و هو بيتهمنى انى دايما ناصرك عليه ، و انى واقف فى طريق الجوازة اللى عاوز يجوزهالك  ، لقيتنى بقول له .. و ما اقفش فى طريقك ازاى و هى هتبقى مراة كامل ، لو مش هخاف على سمعة احمد ابن فاطمة ، هخاف على سمعة ابنى اللى هيتجوز اخته 


يومها هاج و ماج و اتهمنى بالكذب و انى بس بقول له كده لمجرد انى اعارضه ، و ده كان نفس اليوم اللى فاتحنك فيه فى جوازك من كامل ، و رغم انى بعدها خفت لا تزعلى منى و تبعدى عنى ، لكن تهكمه عليا كل يوم و سؤاله على معاد فرحكم خلانى اصمم انكم تتجوزوا 


من زمان ومنصور عارف ان كامل مابيحبوش ، و عارف ان شوكته جامدة ، و انه مش سهل ابدا انه يطاطى له او يعمل اعتبار لاى قرابة ، و عشان كده مش هتطمن عليكى غير و انتى تحت جناحه يا بنتى 


فرح بغضب : طول عمره و هو مثال للخسة و قلة الضمير ، مايشيلنى من دماغه بقى ، عاوز منى ايه تانى ، ده بدل ما يلوم نفسه و يندم على اللى عمله معايا و مع اخواتى السنين دى كلها ، ده بدل ما يفرح ان نادر و نبيل اخيرا التفتوا لمستقبلهم و قرروا يمشوا صح ، زعلان اننا قربنا من بعض ؟ ، زعلان ان ولاده بيحبوا بعض و جنب بعض رغم ندالته و فشله  !!! ، ده انسان مش طبيعى بالمرة ، ده محتاج يتعالج عند دكتور نفسانى 


ابراهيم : ما انكرش ان كلامك صح ، و مش هدافع عنه قدامك و لا اقول لك يصح و مايصحش ، لكن مافيش حد عنده السلطة انه يعمل معاه كده ، و رغم انى ماكنتش اتمنى ابدا انى احكيلك حاجة زى دى و انا عارف و متأكد انها هتزود الفجوة اللى بينكم ، لكن انتى اصطرتينى اصارحك بالحقيقة عشان تقتنعى بكلامى 


فرح ببعض حدة : حقيقة ايه ، و اقتنع ايه بس يا عمى ، انت فاكر انى كده اقتنعت ، طب خليه ييجى ناحية حد من اخواتى كده و انا هوريه مين هى فرح 


ابراهيم : و لما هتوريه انتى مين ، هتستفيدى ايه لو كان بعد ما جه جنبهم 


فرح : مايقدرش يعمل حاجة 


ابراهيم : للاسف يا بنتى يقدر ، و يقدر اوى كمان 


فرح : و انا مش هعمل حاجة انا رافضاها لمجرد انى خايفة منه


ابراهيم : و مين قال الكلام ده


فرح : انت اهو .. عاوزنى اتجوز كامل عشان اتحامى فيه


ابراهيم : مش حقيقى ، انا عاوزك تتجوزى كامل عشان هيصونك و هيشيلك فى عينيه ، عاوزك تتجوزيه عشان انتم الاتنين مناسبين لبعض ، عاوزك تتجوزيه عشان يبقى عزك و سندك ، عاوزكم تتجوزا عشان افرح بيكم و بسلسالكم ، مش معنى الكلام اللى انا حكيتهولك ده ، انى مااتمنتكيش من زمان لكامل ، من قبل حتى مايرجع من السفر  رغم انى عارف ان طول عمرك قلبك كان مشغول بابن خالك 


لتنظر اه فرح بصدمة و لكن ابراهيم يكمل حديثه قائلا : لكن انا كنت شايف انه مايناسبكيش ، مش عشان هو وحش لا ، عشان ماكانش هيقدر يسعدك و لا يصونك ، و على اد ماشفت نظرة الحزن فى عينيكى يوم فرحه ، على اد ما فرحت انك ما بقيتيش من نصيبه ، انتى غالية اوى يا فرح ، غالية عندى و عند كامل ، و عشان كده انا طلبتك ليه و ده السبب الرئيسى قبل اى اسباب تانية 


فرح بفضول : افهم من كده ان كامل عنده علم بطلبك ده


ابراهيم بابتسامة : ايوة يا بنتى ، و مستنى موافقتك ، و عشان كل الكلام اللى دار بيننا النهاردة ده ، انا هسيبلك اسبوع كمان تفكرى فيه من تانى واسمحيلى اكلم فاطمة و عادل اطلبك منهم رسمى 


فرح : لا يا عمى ارجوك ، ارجوك تصبر شوية ، و اوعدك انى لو وافقت على طلبك ده ، انا هبلغهم بنفسى و هبلغ حضرتك 


لينهض ابراهيم و يجذبها معه و يقبل رأسها قائلا : ماشى يا حبيبتى ، و همشى انا بقى و اسيبك ، عطلتك النهاردة بما فيه الكفاية ، بس النهاردة مامتك عزمتنى انا و كامل على العشا بمناسبة نجاح محمود ، و انا قلت ابلغك عشان تبقى مستعدة انك تشوفينى من تانى النهاردة 


فرح : حضرتك تنور يا عمى فى اى وقت 


ليفتح ابراهيم الباب متجها الى الخارج بصحبة فرح ، ليجدوا كامل متجها اليهم و هو يحمل صندوقا خشبيا قائلا لهم بمرح : دى هدية محمود اللى كنت واعده بيها ، اهو لا هنستنى تنسيق و لا غيره 


فرح بفضول : هدية ايه دى 


كامل : كل لوازم كلية الطب ، مش هيحتاج يشترى اى حاجة غير الكتب و الملازم و بس ، و كمان هسيبه يبجى يتدرب هنا وقت ما يحب 


فرح بامتنان : كتر خيرك يا دكتور ، انا مش عارفة اشكرك ازاى 


كامل بتسلية : و انتى مالك انتى بتشكرينى ليه ، اوعى تكونى فاكرة انى عامل ده عشانك ، انا عامل ده عشان حاجة تانية خالص


ابراهيم بمرح : و ايه بقى الحاجة التانية دى 


كامل : انتو بقيتوا حشريين اوى على فكرة ، عندى اسبابى الخاصة 


ابراهيم : ماشى يا سيدى ، انا ماشى بقى ، عاوز منى حاجة 


كامل : لا يا بابا شكرا ، هشوفك بالليل بقى ان شاء الله عند طنط فاطمة 


 و فى المساء استقبل منزل فاطمة و زوجها ابراهيم و كامل و ايضا رحمة و ندا و زوجيهما و ابنائهما ، و ايضا سعد شقيق فاطمة و زوجته سامية ، و جاء ايضا بصحبتهم سليم و خطيبته لمياء ، و بالطبع نادر و نبيل اللذان التفا حول فرح غالبية الوقت و قلما ماكانا يفارقانها 


و كان الجميع فى حالة سعادة بالغة بنجاح محمود الباهر و بتفوقه الفائق لكل التوقعات ، فكانت ترتسم البهجة على ملامحهم و خاصة فاطمة التى كانت و كأنها قد لامست السحاب بأناملها ، و بعد انتهائهم من تناول العشاء ، انقسم التجمع الى تجمعان ، تجمع ضم فاطمة و عادل و سعد و زوجته و ابراهيم ، اما التجمع الثانى فكان يضم الجيل الثانى من أبنائهم جميعا ، ووسط بهجة الجميع و مرحهم قالت رحمة موجهة حديثها للمياء خطيبة سليم قائلة : ها يا لمياء ، مش محتاجة اى مساعدة فى تجهيز حاجتك ، لو احتاجتى اى حاجة اوعى تتكسفى انك تطلبيها منى او من ندا ، اعتبرينا زى اخواتك بالظبط 


لمياء بمودة : ميرسى يا رحمة ، الحقيقة انا من ساعة ما اتعرفت عليكى انتى و ندا و فرح و انا حبيتكم جدا و اعتبرتكم فعلا اخواتى 


سليم بخبث : ايه يا رحمة ، و اشمعنى هتطلب منك انتى و ندا بس ، ايه، لو طلبت من فرح ، مش هتقف جنبها و اللا ايه


رحمة بسلامة نية : ابدا ماقصدش طبعا ، بس فرح احنا نفسنا بنشوفها بالعافية بسبب شغلها ، و كمان انا و ندا عندنا خبرة بالحاجات دى ، انما فرح لسه ماعندهاش خبرة فى الكلام ده 


سليم بسخرية : و لا هيبقى عندها 


كانت فرح تستمع اليهم و هى ترسم على شفتيها ابتسامة غير مبالاة بما يحدث من حولها ، و عندما انتهى سليم من جملته وجدت نادر يحيط كتفيها بذراعه و يقبل وجنتها قائلا بفخر : طبعا مش هيبقى عندها ، ثم يبقى عندها ليه ، فرح دى يوم ما توافق انها تتجوز لازم تتجوز واحد عارف قيمتها كويس و مايخليهاش تشغل بالها بالكلام الفارغ ده 


سليم بسخرية : ااه و ماله .. فى الاحلام ان شاء الله


لمياء باحراج : دكتورة فرح دى ست البنات كلهم و الف مين يتمناها 


كامل بنوع من المرح : لا يا انسة لمياء ارجوكى ، احنا خلاص قفلنا الباب اللى قدام الالف دول 


سليم بتهكم : لا معلش ، هو اصلا مقفول لوحده


كامل : لا يا استاذ سليم ، انا اللى قفلته لما اتقدمت للدكتورة فرح و وعدتنى انها تفكر فى الموضوع


ندا بفرحة : انت بتتكلم جد يا كامل ، انت خطبت فرح


رحمة : ايه ، امتى الكلام ده ، و من ورانا كمان 


كامل : الحقيقة فرح اللى صممت مانعلنش حاجة لحد ماتدينى موافقتها ، انما لو عليا ، انا الود ودى نتجوز من بكرة 


نبيل بمرح : ده انت ماطلعتش سهل ابدا يا كامل يا ابن عمى و الله ، بقى تقعد كل السنين دى و فى الاخر تطلع منظر على فرح اختى 


محمود بسعادة : لازم توافقى يا فرح ، ده انا كنت فرحان انى هتدرب معاكى فى المستشفى و انتى رئيسة قسم ، انما دلوقتى هتدرب معاكى و انتى مراة صاحب المستشفى مرة واحدة


سليم بسماجة : تتربى فى عزك ان شاء الله يا دكتور ، و ايه يا فرح مش ناوية تردى على الراجل وتفكى النحس و اللا ناوية تكملى عمرك و انتى زى ما انتى بعقدة و شنيطة 


كانت فرح مازالت ترسم ابتسامتها فوق شفتيها و لكن ابتسامتها اهتزت عند سماعها لما قاله كامل ،  و رغم ضيقها من حديث سليم الا انها تمكنت من السيطرة على برودة اعصابها و اخيرا تمكنت من الحديث فقالت موجهة حديثها الى سليم بشئ من الاحتقار : الحقيقة يا سليم طول عمرى و انا رافضة فكرة الجواز لانى ما صادفتش كائن مذكر يستحق ان يتفال عليه راجل ، كلهم كانوا اشباه رجال ، لكن الحقيقة دكتور كامل قدر انه يغير رأيى ده لانه راجل بمعنى الكلمة ، الرجولة عنده مش مجرد كلمة متسجلة فى بطاقته  


ندا بفرحة : يعنى وافقتى يا فرح ، الف مبروك يا حبيبتى .. الف مبروك 


ليعلو صوت الزغاريد فى لحظة من رحمة و ندا ، و مباركات من الجميع لتأتى فاطمة على صوت الزغاريد و هى تقول بمرح : حوشوا شوية من الزغاريد دى لنجاح احمد و نادر و نبيل 


محمود بفرحة : تعالى يا ماما باركى لفرح و دكتور كامل هيتجوزوا 


فاطمة بذهول : هيتجوزوا ازاى يعنى 


حسين ضاحكا : تعالى يا طنط احضرينا ، اتاريهم متفقين من ورانا و مظبطين كل حاجة 


ندا : لا يا ماما اوعى تصدقى حسين ، ده كامل طلبها و هى لسه حالا دلوقتى قايلة انها موافقة 


لتقترب فاطمة من فرح و عيناها تتراقص من الفرحة قائلة : بجد يا فرح ، بجد يا حبيبتى وافقتى 


لتتنقل فرح بعيناها بين الجميع و عندما التقت عيناها بعينى كامل وجدته يبتسم لها مشجعا اياها على الاجابة ، فعادت بعيناها لامها و قالت : ايوة يا ماما صحيح


لترتفع زغاريد فاطمة هى الاخرى و تتجه الى غرفة الصالون المتواجد بها الباقون لتزف إليهم الخبر ، لتعم البهجة على الجميع و خاصة ابراهيم الذى اتجه الى الخارج فاتحا ذراعيه لفرح ضاما اياها و هو يهنئها واعدا اياها بكل خير ممكن 


وعندما قالت فاطمة لابراهيم : و يا ترى هتكلم ابوها عشان تقرا معاه الفاتحة امتى 


لتقول فرح بحزم : ماما .. من فضلك ، منصور مالوش اى علاقة بالموضوع ده 


فاطمة بخجل من ابراهيم : ايوة يا بنتى بس يعنى 


كامل : انا كمان يا طنط رأيى من رأى فرح 


لتنظر فرح لنادر و نبيل قائلة : اوعوا تضايقوا من كلامى ده ، بس انا عشت طول عمرى يتيمة  ، مش هاجى بعد كل السنين دى و اشحتلى اب ، ثم وجهت حديثها لعمها و امها قائلة : ان كان ولابد ، يبقى فاتحتى تتقرى مع عمو عادل ، لان هو اللى ربانى و رعانى طول عمرى اكنى بنته من صلبه 


و بالفعل ، تم قراءة الفاتحة وسط سعادة بالغة من غالبية المتواجدين و بالاخص عادل الذى شعر بالفخر من حديث فرح عنه 


و بعد مضى بعض الوقت بدأ الجمع فى الانصراف ، و عند انصراف سليم .. قام بتحية الجميع بعد ان حياهم سعد و سامية و لمياء ، و تعمد ان يكون اخر من يغادر عند انصرافهم و انحنى على اذن فرح قائلا بتهكم : رغم انى مش مصدق ان قلبك عرف يحب تانى بس مبروك يا بنت عمتى 


لترد عليه فرح بنظرة السخرية المعتادة دون اى كلمة ، و بعدها انصرف نادر و نبيل ، ثم رحمة و ندا و ازواجهما ، و لم يتبقى سوى ابراهيم و كامل الذى استأذن عادل و فاطمة فى الحديث مع فرح ، فسمحت لهم فاطمة بالجلوس بالشرفة  ما ان جلس كامل حتى قال : اقعدى يا فرح ، فى بيننا كلام كتير لازم يتقال 


فرح : اتكلم يا دكتور انا سامعة حضرتك


كامل بابتسامة : اولا لازم تتعودى تشيلى الالقاب ، ماهو ماينفعش تفضلى تقوليلى يا دكتور بعد ما اتخطبنا 


فرح بجمود : هحاول 


كامل بابتسامة : انا عارف انك اتتاخدتى على خوانة ، و عارف كمان انك يمكن تكونى اتضايقتى منى بسبب اللى حصل ، لكن انا الحقيقة كلام سليم استفزني فحبيت ارد له استفزازه بنفس طريقته 


فرح بدهشة : و انت ايه اللى يفرق معاك فى انه يعمل اللى عمله ده او لا 


كامل بتنهيدة : لانى عارف ان كان ليكى مشاعر من ناحيته و عارف كمان انه عارف ده


فرح بذهول : عارف !! ، و رغم ذلك عاوز تتجوزنى 


كامل : و ايه المشكلة ، كان فى مشاعر و انتهت ، انا متأكد انها انتهت .. نظرة عينيكى بتقول كده ، ثم ما انا كمان كان عندى مشاعر لواحدة تانية و برضة خلاص انتهت ، يبقى ايه المشكلة 


فرح : تقوم تورط نفسك و تورطنى بالشكل ده


كامل : اولا انا ماورطتش نفسى و لا حاجة لان المفروض انى اتقدمتلك بالفعل من يوم ما بابا فاتحك فى الموضوع ، اما بقى حكاية انى ورطتك دى فانا شايف انك تدى لنفسك فرصة تفكرى بعقلك بس عن قرب 


فرح : مش فاهمة 


كامل : اسمعى يافرح ، يمكن يكون رأيى فى الجواز مايفرقش ابدا عن رأيك ، و يمكن ده اللى خلى عمك يفكر فيكى انتى بالذات ليا ، هو شايف ان تفكيرنا قريب من تفكير بعض فى كل حاجة حتى فى الجواز ذات نفسه ، و عشان كده لما بابا عرض عليا الموضوع انا رحبت بالفكرة لاسباب كتيرة اهمها ان مهما ان كان رفضنا للفكرة الا ان هييجى علينا وقت هنحتاج نعمل ده ، لو مش عشان الطبيعة البشرية فعشان الونس و الصحبة على الاقل ، و لقيت ان انا و انتى حتى لو اختلفنا مش هنوجع بعض ، اعتقد ان احنا الاتنين عندنا قدر كافى من الرقى اللى يخلينا نحترم مشاعر بعض .


و عشان كده قلت نجرب اننا نتخطب و نقرب من بعض بعيدا عن شغلنا و حياتنا العملية ، نخلق مواضيع تانية و اهتمامات تانية ممكن تبقى مشتركة بيننا ، نحاول نتخيل اننا فعلا ارتبطنا ببعض و نشوف ان كنا هننجح و اللا لأ


احنا فى الفترة اللى فاتت يمكن عرفنا عن بعض حاجات كتير لكن اكيد لسه فى حاجات مانعرفهاش ، خلينا ندخل التجربة و نسيب الايام هى اللى تحكم مابيننا ، اعتبري اننا اتعرفنا على بعض و اتقدمتلك بنظام الصالونات ، هندرس بعض و لما يحصل قبول و اقتناع نحدد معاد الجواز 


فرح : ايوة ، بس مش دايما جواز الصالونات بيحصل فيه اقتناع 


كامل : بس احنا لازم يحصل يا فرح ، عشان اخواتك و اخواتى ، و عشان عمك و عشان مامتك و عشانك و عشانى ، صدقينى ادى نفسك فرصة و فكرى على مهلك ، بس اعملى حسابك اننا وسط كل ده هنحدد معاد الشبكة 


فرح برفض : و ايه لزمتها الحكاية دى كمان 


لينهض كامل قائلا بمرح : ياستى خلينا نهيصلنا شوية مافيهاش حاجة ، و خلينا نفرح الناس معانا ، سيبك انتى بس من الحاجات دى و ماتشغليش بالك بيها ، و سيبى عمك يتصرف 


و بعد انصراف كامل و ابراهيم ، دلف كل منهم الى غرفته ، لتتجه فرح الى غرفة احمد و محمود و تدق الباب ، و عندما فتح احمد الباب قالت له فرح بوجوم : عاوزاك شوية فى اوضتى 


لتتجه الى غرفتها و احمد من ورائها و بعد ان دلفا الى الحجرة قامت باغلاق الباب و التفتت لاحمد قائلة بحدة و هى تحاول السيطرة على نبرة صوتها : عمرى ما هنسالك ان انت السبب انى اعمل حاجة زى دى غصب عنى 


احمد باستغراب : فى ايه يا فرح ، و حاجة ايه دى اللى بتتتكلمى عنها انا مش فاهم حاجة


اللهم لك حمدا و شكرا دائمين ابدا كما ينبغى لجلال وجهك وعظيم سلطانك

8


#ولما قالوا دى صبية


الفصل الثامن


ظل احمد ينظر لفرح بدهشة و عدم فهم و هى تكاد تنفجر غيظا و كمدا ، فقال : ممكن تهدى بس و تفهمينى ايه اللى حصل 


فرح بغيظ دفين : اللى حصل يا بية يا محترم ، ياللى الكل متطمن عليك وفاهم ان مخك كبير ، و عارف الصح من الغلط ، انك سيبت نفسك لشلة فسدانة ماوراهاش غير السهر والديسكوهات ، و اخرتها كمان اخلاقك تنحدر بيك للرذيلة لدرجة ان يبقى لك صور توسخ سمعتك و سمعتنا كلنا معاك 


احمد بدهشة : انتى جيبتى الكلام ده كله منين


فرح بحدة : الكلام ده حقيقى و اللا مش حقيقى 


احمد بدفاع : انا ما انكرش انى بخرج و بسهر مع صحابى ، و ايه المشكلة يعنى لما ننبسط و نسهر طالما مابيأثرش على مستوانا و لا مذاكرتنا 


فرح بذهول : ومافكرتش فى تأثيره على دينك و رضا ربنا عنك ، مافكرتش فى تأثيره على سمعتك و لا سمعة اخواتك و لا امك و ابوك


احمد باعتراض : و ايه علاقة خروجى مع اصحابى بيكى انتى و اخواتى و ماما و بابا انا مش فاهم ، ثم ايه سبب كل الهوليلة اللى انتى عاملاها على الفاضى دى 


فرح : هو انت لما يطلع عليك سمعة ان اخلاقك مش كويسة ، ده مالوش علاقة بينا ، لما يتقال انك بتاع ستات و ديسكوهات و بلا ازرق و مابتتقيش ربنا ، ده مالوش علاقة بينا ، طب بلاش انا و اخواتك ، ماما و عمو عادل اللى عشمانين فيك انك هتبقى حاجة كبيرة و بانيين عليك امالهم انك تبقى سفير و اللا حاجة كبيرة ، لو عرفوا حاجة زى كده بعد تعبهم معاك السنين اللى فاتت دى كلها ، ماتخيلتش صدمتهم  وخيبة املهم فيك


احمد : كل ده عشان بخرج اشم نفسى مع اصحابى 


فرح بغضب : و هو انت عشان تشم نفسك ، ماتشمهوش غير بالحرام 


احمد بمكابرة : و ايه الحرام فى اللى بعمله


فرح بتنهيدة و هى بتحاول تقنعه : يا حبيبى افهم ، هو لما تروح الاماكن اللى زى دى و تشوف المناظر اللى بتبقى موجودة مش حرام ، لما تشوف العرى و السكر و المسخرة اللى بتبقى موجودة دى مش حرام ، لما تقعد فى اماكن مليانة خمور حتى لو مش هتشرب برضة مش حرام … ده الرسول عليه الصلاة و السلام قال لعن الله شاربها و حاملها و ساقيها ، ده كمان لعن بايعها واللى متباعاله و اللى عصرها حتى لو مش هواللى هيشربها ، يبقى بديهى كده ان حتى كمان اللى قاعد فى مجلسها عليه وزر ، ده فى حالة انه ماشربهاش كمان يا احمد ، و الحقيقة انا لحد دلوقتى ماعرفش انت موقعك ايه من الإعراب بالظبط فى الحكاية دى ، ده غير بقى كمان انك اتصورت و انت فى اوضاع مش كويسة 


احمد بفضول : اوضاع ايه دى ، و مين اللى صورنى و مين اصلا اللى حكالك كل ده 


لتصمت فرح قليلا و هى توازن الامور بعقلها و هى فى حيرة من امرها ، و لا تدرى اتصارحه بالحقيقة ام لا ، و لكنها احكمت رأيها فى النهاية فقالت بشئ من الجمود : انا ما اعرفش الحكاية من اولها جت ازاى ، لكن اللى عرفته ان منصور كان معاه ليك صور باوضاع مش كويسة .. اتصورتها امتى و ازاى و مين اللى صورك .. ماعنديش اى فكرة ، و كان فى نيته يهددنى بيها عشان يضغط عليا و يجوزنى واحد من طرفه ، يا اما هينشرها على النت ، و اهو يبقى كسر مناخيرى و خلاص من وجهة نظره ، لولا عمى ابراهيم شافها معاه و قدر ياخدها يحرقها ، و فهمه انى هبقى مراة كامل و بما انك اخويا فكده هيأثر على سمعة كامل كمان 


احمد بعدم تصديق : تقصدى انك وافقتى على جوازك من كامل بس بسبب الموضوع ده 


فرح : انت عارف كويس انى شايلة موضوع الجواز و الارتباط ده من دماغى اساسا 


احمد : ايوة بس كامل بنى ادم ممتاز بكل المقاييس


فرح : و انا مش معترضة على كامل انا معترضة على الوضع اللى اتحطيت فيه بسببك


احمد بمكابرة : وضع ايه و سببى ايه ، ده انتى المفروض تشكرينى على اللى حصل ده


فرح بذهول : اشكرك … اشكرك انك خليتنى لاول مرة احس ان منصور قدر يهزمنى و يجبرنى على حاجة انا مش عاوزاها 


احمد ببساطة : بالعكس ، انتى ليه باصة لها بالشكل ده 


فرح : اومال عاوزنى ابص لها ازاى


احمد : بصى لها ان بعد ما كان منصور متضايق منك لوحدك ، هيتضايق اكتر ان انتى و كامل هتبقوا سوا 


فرح : يا سلاااام ، طب ما انا بشتغل مع كامل و ماسكة كمان قسم بحاله عنده فى المستشفى 


احمد بتوضيح : هو اصلا متغاظ من شغلك معاه و حتى ماحضرش حفلة الافتتاح لو تفتكرى ، تخيلى بقى احساسه انك هتبقى معاه برة و جوة و هتبقى راسك براس كامل و كأنك صاحبة المستشفى زيه بالظبط ، المستشفى اللى كان نفسه يشارك فيها كامل و كامل مارضيش يا فرح 


لتشرد فرح فى حديث شقيقها لبعض الثوانى ثم تعود مرة اخرى لحديثها فتقول : كل الكلام اللى انت قلته ده مش فى دماغى و مافكرتش فيه ، لكن كل اللى شاغلنى دلوقتى هو انت و مستقبلك 


احمد : يا بنتى ماتكبريش الموضوع ، و بعدين انا راجل يعنى مش بنت هتخافى على سمعتى 


فرح : تفتكر لو انت عرفت ان كامل بيسهر فى الاماكن دى و بيعمل اللى انت بتعمله ، كنت هترحب بجوازى منه و هتبقى متطمن على اختك معاه


و عندما لاحظت فرح صمت احمد ، احست انها لامست وترا حساسا  فاستكملت حديثها قائلة : زى ماسمعة البنت مهمة ، سمعة الولد كمان مهمة ، لكن انا عاوزاك قبل ماتفكر فى السمعة و الشكليات دى ، فكر فى الحلال و الحرام اللى ماما ربتنا عليه من صغرنا ، و اننا قبل ما نخاف من كلام الناس ، لازم نخاف من غضب ربنا و العياذ بالله ، انا عاوزاك تفكر فى كلامى كويس ، و استغفر ربنا على كل الى فات و اعتبره درس تتعلم منه انك تبعد عن الحرام بكل اشكاله عشان ربنا يبارك لك فى كل خطواتك .. اوعدنى يا احمد 


احمد بتنهيدة : حاضر يا فرح .. اوعدك


…………………..


اما بمنزل منصور .. فعند عودة نادر و نبيل الى المنزل وجدا ابويهما مازالا جالسين امام التلفاز ، فالقيا السلام ثم جلسا بينهما ليقول منصور بسخرية يتخللها الغضب : ايه … هى الدكتورة سمحتلكم ترجعوا تباتوا فى بيتكم ، ده انا قلت هتبيتكم عندها عشان تبقى خدتكم خالص


نبيل : احنا كنا مع اخواتنا و اولاد عمنا يا بابا ، ماكناش مع فرح بس


منصور بتهكم : اخواتكوا البنات


نادر : ايوة يا بابا اخواتنا البنات ، و ايه المشكلة 


منصور بحدة : المشكلة انكم كنتم فى بيت الراجل اللى اتجوز طليقة ابوكم ، ايه .. شايفين ان ده وضع طبيعى و عادى 


ليتبادل نادر و نبيل النظرات و هما يتابعان والدتهما التى قالت : طب و مش  هو ده برضة نفس الراجل اللى ربى بناتك يامنصور السنين دى كلها 


منصور بحدة : دولت .. الزمى حدوك و ما تتدخليش فى اللى مالكيش فيه 


نادر : بس ماما ماغلطتش فى اللى قالته يا بابا ، احنا النهاردة كنا موجودين فى البيت اللى اخواتى اتربوا فيه طول عمرهم


منصور بتهكم : و اللى كنتم بتحتفلوا بنجاحه النهاردة ده ، هو كمان اخوكم برضة ، بذمتكم مش مكسوفين من روحكم ، و هى مجرجراكم زى الغنم و هى كل اللى فى نيتها انها تكيدنى و خلاص


نبيل : و هو ايه بس اللى يضايق حضرتك فى اننا نبقى مع اخواتنا


منصور بحدة : يا اغبياء انتم مش فاهمين حاجة ، واخداكم تحتفلوا باخوها اللى طالع من الاوائل فى الثانوية العامة ، عشان تقوللى ادى ماما اللى خلفت البنات ، اديها جابت هى كمان صبيان و عرفت تربى و اولادها كلهم طالعين متفوقين من الاوائل و اهو … انا بقيت دكتورة و اخويا كمان هيبقى دكتور زيى ، لكن انت ، انت ولادك الاتنين حياللا فى حتة معهد سنتين و خاص كمان 


نادر بذهول : مش ممكن طبعا اللى حضرتك بتقوله ده ، ازاى تفكيرك وصل بيك للنقطة دى ، طب ليه مش قادر تفتكرلها أن هى اللى شجعتنى انا و نبيل اننا نذاكر عشان نجيب تقدير و نكمل فى كلية ان شاء الله


منصور بعناد : و هو انتو يعنى هتعملوا ايه بالشهادات


نادر : لا إله إلا الله محمد رسول الله ، انا مابقيتش فاهم انت عاوز ايه بالظبط 


منصور بتعنت : عاوزكم تبعدوا عنها و خلاص


نبيل : دى اختنا و شرف لينا انها تبقى اختنا ، نبعد عنها ليه 


منصور : مابتحبنيش ، يبقى اكيد ما بتحبكوش انتم كمان 


نبيل : بالعكس ، فرح بتحبنا و بتحبنا جدا كمان ، و الا ماكانتش اهتمت بينا و بمصلحتنا 


منصور بمكابرة : هى بس بتعمل كده عشان تغيظنى 


نادر : يا بابا … يا بابا المفروض حضرتك تحاول تقرب منها و تحسسها بوجودك ، و خصوصا و هى داخلة على جواز 


منصور بانتباه : جواز ايه


نبيل بدون تفكير: ماهو النهاردة اتقرى فاتحتها هى و كامل ابن عمى 


منصور بفضول : و مين بقى اللى قروا فاتحتها معاه


نادر بتردد : قروها مع جوز مامتها 


منصور بغيظ : كماااان ، كمان بتتجوز من غير ما ترجعلى ، و ابراهيم رايح يقرا فاتحتها مع جوز امها و انا عايش على وش الدنيا ، ماشى يا دكتورة …. اما اشوف اخرتها معاكى هتبقى ايه 


…………………..


فى غرفة نادر و نبيل ، كان نبيل حزينا لحال والده و افعاله ، فقال لاخيه بضيق : انا مش فاهم هو هيفضل يعمل اللى بيعمله ده لحد امتى ، و كل ما الواحد يفكر يتكلم معاه و هو مفكر ان ربنا هيهديه ، يلاقيه شاطط بدماغه بزيادة ، كان نفسى يصلح علاقته بيها و بالبنات اللى علاقتهم بالاسم بس دى ، و كل حاجة حلوة بيعملوها معانا يقلبها هو و يفسرها على مزاجه بالعكس ، مش عارف هيستفيد ايه من كل ده 


نادر بتنهيدة : تصدق انا اول مرة اتضايق من الحكاية دى النهاردة ، حسيت انى غيرت من عم عادل ان هو اللى بيقرى فاتحتها مع كامل و عمى ابراهيم


و كان نفسى اقول له ده مكان بابا مش مكانك ، بس اكيد ماليش عين ابدا انى اقول حاجة زى كده


نبيل : طب و هنسيبهم كده ، مش هنحاول نقربهم من بعض


نادر : عمرهم ماهيقربوا طول ما بابا دماغه بالشكل ده ، الصلح عمره ماهييجى غير اما هو الاول يقتنع انه كان غلطان 


نبيل بحزن : و طبعا ده عمره ما هيحصل 


نادر : ربنا يهديه 


نبيل : يارب


…………………..


فى اليوم التالى بالمشفى الخاص بكامل ، كانت فرح تمر على المرضى و تتابع عملها حتى انتهت من المرور ، و اثناء عودتها الى مكتبها الخاص تفاجئت بعدد من زملائها يقدمون اليها التهانى بمناسبة خطبتها و التى استيقظت فى الصباح و قد نسيتها تماما بكل ملابساتها ، حتى انها وقفت صامتة لبرهة و على وجهها علامات الاستغراب .. حتى استوعبت و تذكرت امر خطبتها فرسمت ابتسامة بسيطة على وجهها وشكرتهم على تهانيهم و تركتهم متجهة الى مكتبها و هى تتسائل بينها و بين نفسها عن سر معرفتهم بنبأ الخطبة ، و لكن سرعان ما علمت بالسر بعد ما رأت منشورا معلقا على اللافتة المخصصة للاعلامات الخاصة بالمشفى مذكور به نبأ الخطبة معلن من كامل نفسه و يدعو فيه جميع العاملين لحضور حفل الخطبة و الذى يأتى موعده بعد اسبوع واحد من تاريخه 


كانت فرح تقرأ المنشور و كأنها تقرأ دعوة لمناسبة احد ما غيرها ، فهى الى تلك اللحظة لم تقتنع بما اقدمت عليه و لم تأخذه على محمل الجدية ، و لكنها انتبهت من افكارها المتضاربة على صوت كامل و هو يقول بهدوء : بقى ينفع برضة فى اول يوم لينا مع بعض ماتجيش تصبحى عليا فى مكتبى 


لتلتفت اليه فرح و تقول بابتسامة مصطنعة فى محاولة منها للتماسك و هى تشير بعينيها اتجاه المنشور : ممكن اعرف ايه لازمة الاعلان اللى انت حطيته ده ، ليه استعجلت كده


كامل : احنا مش اتفقنا امبارح


فرح : ممكن نتكلم فى المكتب بعد اذنك 


ليشير اليها كامل بيده فى صمت لكى تتقدم امامه ، لتذهب امامه بالفعل باتجاه المكتب و ما ان دلف كامل خلفها .. حتى قالت بنوع من الحدة : انت قلت لى انك هتدينى فرصة افكر و اقرر 


كامل ببساطة  : حصل ، و قلت لك كمان ان وسط تفكيرك ده هنعمل شبكة و هنفرح و اللا نسيتى 


فرح : مانسيتش ، بس مش لدرجة انى الاقيك عامل اعلان و محدد المعاد كمان من غير ماتاخد رأيى 


كامل : فى دى عندك حقك ، انا اسف يا ستى ماتزعليش ، و اوعدك انى ما اكررهاش تانى ، بس انا اعتقدت ان المعاد مش هيفرق معاكى بما اننا اتفقنا على المبدأ


لتنظر اليه فرح بامتعاض قائلة : انت بتحرجنى بأسفك ده صح 


كامل ضاحكا : انتى كنتى عاوزانى اقاوحك و اللا ايه مش فاهم ، فعلا .. صدق اللى قال ان الستات دول مالهمش مالكة 


فرح : انا ما اقصدش على فكرة انى كنت عاوزاك تقاوحنى ، بس الصراحة ماتوقعتش اسفك ، فحسيت انك طفيت نرفزتى بسرعة برضة ماتوقعتهاش


كامل بتنهيدة : اقعدى يا فرح و اسمعينى لان دى يمكن فرصة كويسة انى اوضح لك حاجة مهمة فى طبعى 


لتجلس فرح و هى تنظر اليه بفضول بينما يقول : انا انسان عادى جدا و بسيط جدا ، طول عمرى و انا بحب اعتمد على نفسى ، و بحب الاهتمام ، الاهتمام باللى حواليا و منهم 


فرح : مش فاهمة 


كامل : اقصد انى مابحبش انى ابقى انسان على الهامش ، بحب اندمج مع التفاصيل ، و طالما انى بسمح لنفسى انى اعمل ده ، فلازم يبقى عندى شجاعة الاعتذار ، و اللى بعتبرها اعلى مراحل الشجاعة ، انى لما اعرف انى غلطت او تجاوزت حدودى فى اى حاجة مهما كانت بسيطة .. انى اعتذر و دى ابسط حقوق اللى غلطت فى حقه 


فرح باعجاب : الحقيقة ما اقدرش انكر ان اعجابى برقى اخلاقك بيزيد يوم عن التانى 


كامل ضاحكا : انتى مستكترة تقولى انك معجبة بيا 


فرح باحراج : اعجابى بشخصيتك مش بيك


كامل برزانة : شخصيتى هى عنوانى يا فرح ، و هو البنى ادم ايه غير شخصية 


فرح بازعان : يمكن يكون عندك حق 


كامل : و ادى طبع جديد احنا مشتركين فيه


فرح بفضول : طبع ايه ده بقى 


كامل : عدم المكابرة ، احنا الاتنين ماشيين على مبدأ .. الاعتراف بالحق فضيلة 


…………………….


لتمر الايام سريعا لتنغمس فرح مع كامل فى تحضيرات الخطبة و التى وجدت نفسها تتعامل و كأنها عروس بمحض ارداتها ، فتركت نفسها لشقيقاتها مابين صالون التجميل و معارض الازياء ، و كان ذلك بالطبع بخلاف ذهابها مع كامل لانتقاء الشبكة 


و فى صباح يوم الخطبة مر عليها كامل و اصطحبها لكى يوصلها الى صالون التجميل ، و عند وصولها و قبل ان تتركه و تذهب استوقفها كامل قائلا : فرح


لتلتفت اليه بفضول قائلة : ها .. فى حاجة 


كامل و هو يحك جبهته و ترتسم علامات التردد على ملامحه : كنت عاوز انبهك على حاجة كده


فرح : حاجة ايه .. خير


كامل بحمحمة : يعنى ، انا مابحبش المكياج التقيل ، و كمان ماتخليش حد يلعب فى دماغك و يخليكى تقلعى الحجاب 


فرح ببساطة : لا ماتقلقش .. انا مابحبش الكلام ده ، و تركته و اتجهت الى صالون التجميل و هى تحمل حاجياتها 


و بعد ان اطمئن كامل الى انها قد دخلت بالفعل يدير سيارته و يعود الى منزل والده ليبدأ الاستعداد الخاص به هو الاخر ، و عند وصوله للمنزل و ما ان قام بفتح الباب الا و سمع نقاشا حادا بين ابراهيم و منصور الذى كان يقول بغضب : مش كفاية انك رايح تحط ايدك فى ايد جوز امها عشان تطلبها منه و سكتت ، كمان اتفاجئ زيى زى الاغراب ان خطوبتهم النهاردة، ايه ، للدرجة دى اعتبرتونى فعلا ميت بالنسبة لكم كلكم


ابراهيم : انا نفسى اعرف انت عاوز ايه منها هى بالذات ، و من امتى فارقة معاك كده و عمال تحط مناخيرك فى كل حاجة تخصها ، مش دى اللى رفضت تستلمها يوم ما اتولدت و بعتتلها شهادة ميلادها مع ورقة طلاق امها


منصور : انا حر ، اطلق و اللا اتجوز دى حاجة ماتخصش حد غيرى ، ماحدش يقدر يحاسبنى ، لكن طول ما انا و هى على وش الارض هتفضل شايلة اسمى ، و ده فى حد ذاته شرف ليها و لاى حد و عند هذه الجملة قرر كامل التدخل فى الحديث فقال بسخرية : يا سلااام على التواضع ، و يا ترى الشرف ده بقى سببه ايه عشان بس نبقى فاهمين يا منصور بية و نحتفل بيه معاك


ليلتفت منصور بحدة الى كامل و يقول : اهو عريس الغفلة وصل اهوه


كامل بتهكم : الله يبارك فيك يا … عمى 


منصور : ااه طبعا ، ماهو اتلم المتعوس على خايب الرجا ، ماهو انتو الاتنين فعلا ماتليقوش غير ببعض


كامل بسماجة : و الله يا منصور بيه دى شهادة لا نعتز بيها بالمرة 


منصور بحدة : اقف معووج و اتكلم عدل يا ابن ابراهيم ، و اوعاك تنسى انى ابقى ابو المحروسة اللى ناوى تتجوزها و انى اقدر اوقف الجوازة دى و امنعها فى لحظة 


ليضحك كامل بتهكم قائلا : لا لا لأ يا عمى .. قول كلام غير ده ، و يا ترى بقى هتوقفها بصفتك ايه 


منصور بحزم : بصفتى ابوها 


ليقترب منه كامل و يقول و هو يطحن فكيه بغيظ : الاب مش بشهادة الميلاد يا منصور بية ، الاب اللى بيحب و يحن و يربى ، الاب اللى بينصح و يراعى  ، الاب اللى بيهتم ، و الحقيقة و الشهادة لله اللى عمل كل ده هو عم عادل اللى احنا قرينا معاه الفاتحة ، انما انت ، انت ولا حاجة من كل دول ، يبقى ايه اللى دخلك اصلا فى الموضوع 


ابراهيم : استنى انت يا كامل و روح شوف اللى وراك ، و سيبنى انا و عمك نتفاهم مع بعض


كامل : اسف يا بابا ، الموضوع ده بالذات يخصنى انا 


منصور بشماتة : ااه طبعا ، ما انت المرة اللى فاتت اتغفلت ، و شكلك خايف لا تتغفل من تانى المرة دى 


كامل بثقة : مش هيحصل ، صدقنى مش هتقدر ، فرح مش بالضعف اللى كانت فيه الغلبانة التانية اللى هددتها بامها ، فرح قوية و ما بتنخش بسهولة ، و ده اللى كاوى قلبك و مخليك مش متحمل الهدمة اللى عليك ، انها مش محتاجالك ، و عمرها ماهتحتاج لك طول ما انا على وش الارض


منصور : تقصد انكم اتفقتوا عليا 


كامل باستياء : فوق بقى من الوهم اللى انت معيش نفسك جواه ده ، انت اصلا عمرك ماكنت فى دايرة اهتمامنا و مش تفكيرنا من الاساس عشان نجيب حتى سيرتك ، يبقى هنتفق عليك ازاى و بتاع ايه ، احنا كل الحكاية اننا مش عاوزين منك غير انك تبعد عننا و بس بخيرك و شرك ، مش عاوزينك وسطنا لاننا مش معترفين بيك ، بنتك من سنين و هى بتحكى ان ابوها مات ، و انا كمان .. آن الاوان انى اخد العزا فيك 


ليتركهم منصور غاضبا و يذهب ، ليقول كامل : انا مش عارف ايه البنى ادم ده ، جاى عاوز ايه انا مش فاهم


ابراهيم : عاوزنا مانعملش الخطوبة النهاردة ، قال ايه ، عاوزنا نأجلها لحد ما يطبع دعاوى باسمه و يعزم بيها الناس بنفسه ، من ساعة ما عرف ان فى تجار كتير عرفوا انك هتخطب بنته و طبعا الفضول واكل الكل انه يعرف ازاى بنته تتخطب فى عدم وجوده و هو هيتجنن


كامل : يعنى الحكاية كلها منظرة و عشان الناس مش اكتر ، و على كده بقى  هو ناوى يحضر الخطوبة 


ابراهيم : و الله يا ابنى مانا عارف بعد اللى حصل ده هييجى برضة و اللا هيريحنا من مشاكله و وجع القلب اللى كل ساعة و التانية ده


……………


و فى المساء اقيم حفل الخطبة وسط سعادة و مرح من الجميع ، و كان اكثرهم مرحا هم اشقاء فرح الذكور ، فقد شكل نادر و نبيل مع احمد و محمود فرقة مصغرة و ظلوا طيلة الحفل بين الغناء و الرقص احتفالا بالخطبة ، و التى كانت العلامة المميزة بها .. هو غياب منصور و الذى سعد به الجميع ، فقد كانت الخطبة عبارة عن حفلا بسيطا غير مبهرج كما طلبت فرح و التى تفاجئت باندماجها مع الفرحة التى عمت الاجواء من حولها 


و قام كامل بالباسها الشبكة وسط الزغاريد و المباركات ، حتى اتى دور ابراهيم الذى احتضن فرح بسعادة طاغية قد ارتسمت بوضوح على معالم وجهه و قال لها : الف مبروك يا بنتى ، ربنا يسعدك و يفرح قلبك زى مافرحتينى النهاردة ، ثم التفت لكامل و قام باحتضانه هو الاخر قائلا بسعادة كبيرة : الف مبروك يا كامل ، اخيرا يا ابنى فرحت بيك ، عقبال الليلة الكبيرة ان شاء الله ، خد بالك من بنت عمك و حطها فى عنيك و قلبك ، و ربنا يسعدكم و يخلف عليكم بالذرية الصالحة يارب


لينقضى الحفل بسلام ، و عند عودة نادر و نبيل الى المنزل ، كان الهدوء يعم على المكان ، و كم كانت سعادتهم عندما لم يجدوا ابيهم بانتظارهم ، و لكن سعادتهم لم تدم طويلا ، فبمجرد ان دلفا الى غرفتهما وجدا منصور جالسا بها و هو متجهم الوجه فقال نادر بخفوت : مساء الخير يا بابا 


نبيل : ازى حضرتك يا بابا ، هو فيه حاجة و اللا ايه ، مش عادتك تقعد فى اوضتنا ، اوعى تكون زعلان مع ماما 


منصور : حضرتوا الفرح و انبسطتوا


نبيل و نادر فى آن واحد : ااه ، الحمدلله


منصور : و ياترى بقى كنتم عارفين ان الهانم اختكم اللى كل ماتتكلموا تقولوا اختنا .. رفضت انى احضر لها حاجة ، و كمان البيه الدكتور المحترم مأيدها و موافقها على كده و اكنها يتيمة و اللا مالهاش اب عايش على وش الدنيا 


نادر : معلش يابابا يعنى عاوز أسأل حضرتك ، هو انت ليه بقيت مهتم فجأة كده بفرح ، حضرتك من زمان و انت شايلها هى و البنات من حسبانك نهائى ، ده حتى رحمة و ندا برغم أن المفروض ان فى علاقة بينكم و بين بعض ، الا انك عمرك مافكرت تسال على واحدة فيهم او حتى تزورها و لا تكلمهم حتى فى التليفون الا وقت تعب نبيل ، و لولا عمى ابراهيم اللى كان بيحاول يجمعك معاهم كل سنة مرة او اتنين بالكتير فى الاعياد ، و عمرك ما اهتميت عملوا ايه و لا راحوا فين و لا جم منين ، اشمعنى فرح ، ماتشيلها من دماغك وريح نفسك و ريحنا كلنا معاك 


ليقف منصور بجمود و يقول بنبرة حازمة : انا فعلا هشيلها من دماغى نهائى ، بس انتم كمان لازم تشيلوها من دماغكم ، انا عاوزكم تقطعوا علاقتكم بيها تماما ، و تنسوا ان فى واحدة بالاسم ده متسمية على اسمى … مفهوم 


ليزدرد نبيل لعابه و يقول بخفوت : سامحنى يا بابا ، انا ماقدرش اقطع علاقتى باى حد من اخواتى 


نادر : و لا انا كمان يا بابا ، احنا ماصدقنا عرفنا طعم لمة الاخوات شكلها ايه 


منصور بجمود : تبقوا مش عاوزننى اشيلها من دماغى

ربنا آتنا فى الدنيا حسنة و فى الآخرة حسنة و قنا عذاب النار 

9


#ولما قالوا دى صبية


الفصل التاسع


فى حجرة نادر و نبيل ، كان نبيل يجلس و على وجهه ترتسم علامات الحزن لما سمعه من والده و قال بخفوت : ربنا يهديك يا بابا ، ده بدل مايشجعنا اننا نبقى ايد واحدة و نفضل ملمومين حوالين بعض و مانتفرقش ابدا


نادر : الغيرة تعمل اكتر من كده 


نبيل بذهول : غيرة .. غيرة ايه ، هو فى حد فى الدنيا يغير من ولاده 


نادر : هو مش غيران منها ،هو غيران من مامتها و جوزها 


نبيل : مش فاهم 


ليتنهد نادر بمرارة وهو يجلس امام اخيه و هو يقول : ابوك حاسس بالفشل ، لما قارن نفسه و قارننا باخواتنا البنات ، لقى ان كفتهم طابة بكتير عننا ، يمكن ماكانش بيدقق اوى فى الحكاية دى فى الاول ، لكن بعد ما فرح واجهته باللى عمله و انها مصممة تعلن موته و هو لسه على وش الدنيا وقف قدام نفسه ، بس بدل ما يحاول يصلح اللى عمله ، العزة و العنجهية واخدينه كالعادة 


نبيل : طب و العمل ، هنقاطع البنات فعلا زى ماهو عاوز 


نادر بتنهيدة : اكيد لا ، بس محتاجين نلين المسائل معاه شوية ، مش ناقصين جنان ، و انت عارف ابوك فى العند مايتوصاش 


………………


كان كامل قد اصطحب فرح للعشاء بعد انتهاء حفل الخطبة ، و كان بصحبتهم محمود الذى اصرت فرح على وجوده معهم ، و اثناء تناولهم العشاء قال محمود باحراج : و الله ما انا عارف انا بعمل ايه وسطيكم فى يوم زى ده ، واحد وخطيبته بيتعشوا سوا و يوم خطوبتهم ، ايه اللى يحشرنى انا بينهم 


و قبل ان تنطق فرح باى كلمة وجدوا كامل يقول بهدوء : جرى ايه يا عمنا ، لا هو انت ما تعرفش حاجة فى الشرع خالص كده 


محمود : و ايه دخل الشرع بس فى الحكاية دى 


كامل بابتسامة : لان الشرع بيقول ان طالما اختك لسه مش على ذمتى ماينفعش اختلى بيها فى اى مكان 


ليشير محمود بمرح على المكان من حولهم قائلا : تختلى مين بس يا عمنا وسط الخلق دى كلها 


ليضحك كامل و هو يقول : و هو انت بقى كنت عارف انى هاجى هنا منين ، و بعدين مش يمكن كنت اخطفها مثلا 


محمود : لا لا لا ماتعملهاش ، احنا واثقين فيك


كامل : الشرع مافيهوش الكلام ده يا حبيبى ، و لازم تقرا و تفهم على الاقل لما ان شاء الله تيجى تخطب و تتجوز تبقى فاهم الحلال من الحرام 


فرح بتأنيب : يعنى انا لو ماكنتش صممت انك تيجى معانا ماكنتش هتفكر اصلا ان كان ده صح و اللا غلط يا محمود


محمود و هو يحك رأسه باحراج : الصراحة يا فرح .. الكدب خيبة ، ماجاش فى بالى ابدا الحكاية دى ، بس برضة يعنى دكتور كامل ابن عمك الكل بيحلف باخلاقه 


كامل بمرح : طب مش يمكن بمثل على ما افوز بفرح


لتلتفت فرح الى كامل بفضول قائلة : تفوز بيا 


كامل : ااه طبعا و هو انتى شوية يا فروحة 


فرح باستياء  : فروحة 


كامل بمرح : ايه بدلعك


فرح : لو حطيت نقطة تحت ال ح هتبقى فروجة يعنى فرخة 


ليضحك كامل بشدة ثم يقول : طب ما احنا لو سيبنا اسمك زى ماهو ، وحطينا نقطة على ال ح  برضة هتبقى فرخة 


ليقول محمود بذهول : يا دماغكم العالية ، و انتو مالكم و مال النقط ، بتشيلوها و تحطوها بمزاجكم ليه ، ده بدل ما تتفقوا معايا على معاد تقديم التنسيق بتاعى 


فرح : و ماله التنسيق بتاعك


محمود : عاوزك انتى و دكتور كامل معايا و انا بعمل الرغبات بتاعتى


كامل : بسيطة ، تعالى نعملها بكرة بالليل فى المستشفى 


محمود : و اشمعنى فى المستشفى


كامل : لان فرح بكرة نبطشية فى المستشفى ، شبكة النت عندى فى مكتبى  قوية ، هنقعد براحتنا و نظبط الدنيا 


محمود و هو ينهض من مكانه : طب انا هروح الحمام و ارجعلكم


ليقول كامل بعتاب بعد ان تركهم سويا : حاولى تفكيها شوية يا فرح


فرح : افك ايه


كامل : النهاردة فى الخطوبة كانت الابتسامة مالية وشك و بتتعاملى على انك عروسة و مبسوطة ، ليه حاسك رجعتى تتعاملى برسمية تانى 


فرحة بدفاع : انا مابتعاملش برسمية و لا حاجة ، لو قصدك على حكاية فروحة دى فانا فعلا مابحبهاش من زمان ، من و انا صغيرة اوى و مش عارفة ليه


كامل بدعابة : بس انا عارف ليه


فرح بفضول : ليه بقى 


كامل ضاحكا : عشان و انتى صغيرة لما كنتى فى الحضانة و كانوا بيعلموكى الحروف ،  كنت مرة عندكم مع بابا ، و انتى وقتها كنتى بتعملى الواجب ، اللى كان عبارة عن اسمك ، و لما جيتى تفرجينى على كراستك لقيتك حاطة نقطة تحت حرف ال ح ، فانا وقتها صحكت عليكى و خليتك حطيتى واو كمان و كتبتى اسمك فى الكراسة فروجة ، و اللى عرفت بعد كده انك رجعتى من الحضانة تانى يوم و انتى معيطة و زعلانة منى لانى خليتك عملتى الواجب غلط ، و لما جيتلكم المرة اللى بعدها خاصمتينى و ماكنتيش راضية تتكلمى معايا و قلت لك وقتها ان دلع اسمك فروحة ، بس انتى قعدتى تزعقيلى و تقوليلى لا النقطة هتخلينى فروجة و الميس قالتلى انى كده هبقى فرخة و ياكلونى 


لتضحك فرح بشدة قائلة : تصدق انا مش فاكرة ولا كلمة من الحكاية دى 


كامل : هتفتكرى ايه بس ، ده انتى كان عمرك وقتها حوالى اربع سنين 


فرح : و رغم ذلك فضلت فاكرة انى بتضايق من الاسم ده 


كامل : و ده اللى نفسى انك تحاولى تغيريه يا فرح


فرح : مش فاهمة ، ايه ده اللى عاوزنى اغيره


كامل : فى حاجات كتير قافلة بابك فى وشها و انتى بتعتبرى ان ده من البديهيات ، من غير ما تحاولى تفهمى السبب اللى مخليكى من جواكى بتعملى ده 


فرح بفضول : زى ايه بقى 


لكن محمود قد طل عليهم مرة اخرى ، فقال كامل بايجاز : حاولى انتى توصلى بنفسك


…………………...


مر على خطبة كامل و فرح قرابة شهر ، كانت الامور تسير خلاله على ما يرام ، فلم يجد اى جديد سوا ان نتيجة احمد و نادر و نبيل قد اعلنت و حصل احمد على تقدير جيد جدا ، و نبيل كذلك ، اما نادر فقد حصل على تقدير امتياز ، و قد سعد الجميع و اصرت فرح على اقامة حفل على شرف نجاحهم و خاصة بعد ان استطاع نادر و نبيل تقديم أوراقهم بكلية التجارة و الالتحاق بها و لكن الغريب بالامر ان منصور امتنع تماما عن معاتبة ابنائه على وجودهم مع فرح او اى من اخواتهم الاناث و كأنه شئ طبيعى ، و رغم عدم استراحة نادر و نبيل للامر الا انهما دعا الله ان يكون اباهم قد علم الحق من الباطل


حتى اتى يوم و كان ابراهيم فى زيارة للمشفى لعمل بعض الفحوصات الطبية التى اصر كامل على عملها بعد ان لاحظ حالات الاعياء التى تصيب ابيه من وقت للاخر ، و بعد ان قامت فرح باصطحاب عمها لعمل تلك الفحوصات بتكليف من كامل ، عادوا مرة اخرى لمكتب كامل الذى كان بغرفة العمليات لاجراء عملية ما ، و ما ان دلفوا من الباب ، قال ابراهيم بتعب : انا مش فاهم لزمته ايه بس اللفة اللى لففتوهالى النهاردة دى ، ما انا كويس اهو 


فرح : لا يا عمى ، انت مش كويس خالص ، انت فعلا من فترة و انت مش عاجبنى و انا اللى طلبت من كامل انه يخليك تيجى تعمل الفحوصات دى 


ابراهيم : يا بنتى ما انا كويس اهو 


فرح : يا حبيبى ربنا يديك الصحة و طولة العمر ، بس تقدر تنكر انك اغمى عليك من اسبوع و انت فى الشغل 


ابراهيم بدهشة : و انتى عرفتى منين الحكاية دى 


ليستمعوا لصوت كامل الذى اتاهم منهكا و هو يحمل بطياته عتاب ممزوج بالغضب لفرح و هو واقفا بالباب : و ازاى يحصل الكلام ده و ماحدش يبلغنى فى ساعتها ، كان لازم تقوليلى فى وقتها ماتخبيش عليا طول الوقت ده ، كان بدل ما تقوليلى انا مش عاجبنى صحة عمى كنتى تحكيلى اللى حصل على طول


فرح بهدوء : انا لسه عارفة الحكاية دى النهاردة ، قبل ما عمى يوصل النهاردة كان نادر معايا على التليفون ، و واحنا بنتكلم قلت له انى مستنية عمى عشان هيعمل فحوصات ، فقاللى طب كويس ، احسن ماما قالتلى النهاردة ان عمى اغمى عليه فى المكتب الاسبوع اللى فات ، و لما قلتله و ازاى ماحدش يعرف طول الوقت ده ، قاللى ان منصور مابيحكيش حاجة قدامهم ، و انهم لما بيعرفوا حاجة بيعرفوها بالصدفة من مامتهم


لتنهى فرح حديثها و تنهض و هى تتحدث لعمها قائلة : انا هروح اكمل شغلى يا عمى ، و ان شاء الله نتطمن عليك و الفحوصات تطلع زى الفل


ليتنهد كامل قائلا : انا اسف يا فرح ، انا ما قصدتش انى اتنرفز عليكى ، انا بس اتخضيت من موضوع الاغماء ده 


ثم التفت لابيه مكملا حديثه و قال : و انت يا بابا ، ليه اغمى عليك و ازاى ما عرفتنيش فى وقتها 


ابراهيم بامتعاض : يابنى ماتكبرش الحكاية ، انا بس يومها ماكانليش نفس افطر ، و لما نزلت الشغل نسيت ، و اليوم عدى من غير ما اخد بالى ، ايه المشكلة يعنى .. بتحصل 


كامل : يعنى يبقى ابنك دكتور و مراة ابنك دكتورة و تسيب نفسك كده من غير ما تطمن على روحك 


قالها كامل و التفت بعينيه اتجاه فرح فوجدها تنظر اليه و هى شاردة ، فرفع اصبعيه مفرقعا اياهما امام عينيها قائلا : ايه يا دكتورة ، سيبتينا لوحدنا و روحتى لحد فين كده


فقالت فرح بانتباه : ابدا ، انا بس عاوزة اروح اتابع الحالات بتاعتى 


ابراهيم : روحى يا بنتى ماتعطليش نفسك معايا اكتر من كده


فرح : ابدا يا عمى لا عطلة و لا حاجة ، ان شاء الله بكرة نتطمن كلنا عليك ، بس انت ماتهملش فى الادوية بتاعتك على ما نتيجة الفحوصات كلها تطلع ، بعد اذنكم 


و بعد خروج فرح قال ابراهيم لكامل بعتاب : ابقى راضيها بكلمتين حلوين يا كامل 


كامل : طب مانا اعتذرتلها و قدامك كمان ، انت عارف انى عمرى ما انكسفت انى اعتذر طالما مقتنع انى غلطان


ابراهيم : عارف يا ابنى ، بس الستات بيحتاجوا الحنية و المسايسة ، خدها بالهداوة يا ابنى 


كامل باستسلام : حاضر يا بابا ، ماتقلقش ، المهم قوم انت ياللا عشان انزل اوصلك و ارجع تانى 


ابراهيم و هو ينهض من مكانه : لا توصلنى و لا اوصلك ، انا همشى لوحدى و بعدين انا مش راجع على البيت 


كامل باعتراض : يا بابا ارتاح شوية ، ثم انا عاوز افهم ، حسن و حسين ازاى ماعرفوش انك اغمى عليك فى الشغل و اللا عرفوا و داروا عليا 


ابراهيم بنفى : ابدا يا ابنى ماحدش عرف ، و بعدين ماتكبروش الحكاية ، ايه يعنى لما هبطت شوية عشان مافطرتش ، ما كل الناس كده


كامل برفض : مش كل الناس عندها الضغط و السكر يا عم ابراهيم ، و الله اعلم اللى حصل معاك ده من انهى فيهم


ابراهيم و هو يتجه باتجاه الباب : ما انا عشان كده ماقلتلكش عشان ماتعملليش من الحبة قبة و تعمل دكتور عليا 


كامل بدهشة : اعمل دكتور !!! ، اومال انا ايه 


ابراهيم بابتسامة بعد ان فتح الباب : باشا الدكاترة كلهم ، ياللا سلام 


كامل بتنهيدة : طب طمننى عليك لما توصل 


………………..


كانت فرح انتهت من المرور على مرضاها و اتجهت الى مكتبها لتنهى التقارير الخاصة بالحالات التابعة ليها و ما ان دلفت من الباب حتى وجدت كامل جالسا بالداخل و امامه بعض الاطعمة المغلفة ، و كان يجلس باسترخاء و هو يستند برأسه الى الخلف مغمضا عينيه بهدوء جعلها تعتقد انه غارقا فى سبات عميق ، فجلست على مكتبها دون احداث اى صوت و وضعت الاوراق من يدها و بدأت فى اعداد التقارير لتسمع صوت كامل قائلا بهدوء : و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته


لتنظر اليه فرح بدهشة وتقول : انا فكرتك نايم 


كامل بسخرية : و افرضى ، ايه ، كنتى هتسيبينى نايم من غير حتى ماتحاولى تقوليلى اعدل رقبتك 


فرح بخجل : ما اتعودتش اصحى حد نايم و خصوصا لو ….


كامل و هو يعتدل بجلسته : خصوصا لو ايه 


لتحمحم فرح بصوتها و تقول : بس انت ليه قاعد كده 


كامل : ماشى ، مش هرخم عليكى ، المهم … انا بعتت جيبتلنا غدا عشان ناكل سوا 


فرح : و ليه تعبت نفسك 


كامل بمرح : كنت اما اشوف حد من زمايلى بيشتغل فى نفس المكان مع خطيبته ، كنت الاقيها مظبطاها ايشى فطار و ايشى سندوتشات و ايشى دوق ده و ايشى ايه رأيك فى ده ، و احنا من ساعة ما اتخطبنا ماشفتش منك غير الشاش و القطن 


فرح : انت عاوزنى اجيبلك معايا اكل 


كامل : ماينفعش


فرح : هو ايه اللى ماينفعش ، ما انت لسه كنت بتقول اهو 


كامل : اولا .. انا كنت بهزر معاكى ، ثانيا الحاجات دى مابتنطلبش يا فرح ، الحاجات دى بتتعمل بحب و اهتمام تلقائى ، و اوعى تعملى حاجة انتى مش حاسة بيها 


فرح : انت ليه بتقول كده


كامل : بقول الحقيقة من غير تذويق 


فرح : افهم من كده انك لما جيبت الاكل و جيتلى دلوقتى انك عملت كده باهتمام 


كامل : و يمكن بحب


فرح : امتى 


كامل و هو يرفع كتفيه بمعنى عدم المعرفة : ما اعرفش ، بس المفروض انك دلوقتى خطيبتى ، يعنى ليكى حقوق عليا حتى او ماطلبتيهاش ، لكن انا لازم ااديها


فرح : و ايه الحقوق دى 


كامل ببساطة : الاهتمام 


فرح : و ايه تانى 


كامل : لا مافيش تانى هو كده و بس


فرح : ازاى بقى 


كامل : الاهتمام بيندرج تحته كل الحاجات التانية و من غير اسئلة كتير ، ياللا تعالى اقعدى قدامى و افتحى الاكل عشان جعان جدا 


لتنهض فرح لتلتف للجلوس امامه لتدخل عليهم فتاة ما قائلة : فرح انتى هنا و اللا ايه


لتلتفت فرح قائلة : اهلا يا دكتورة بشرى 


بشرى : لما شفت بابك مفتوح استغربت ، ثم نظرت لكامل و قالت : انا اسفة يا دكتور لو كنت فطعت حديثكم


كامل : ابدا يا دكتورة ، احنا كنا هنتغدى ، اتفضلى معانا 


بشرى : و فاتحين الباب و انتو بتاكلوا ، مش خايفين من الجوعى اللى زيى و ماليين المستشفى يتلموا عليكم ، تصدقوا انا هموت من الجوع ، بس مافضيتش ااكل طول اليوم


كامل : و انا امتى قعدت مع اى دكتورة و الباب مقفول يا دكتورة 


بشرى : ايوة يا دكتور ، بس فرح خطيبتك يعنى 


كامل : اديكى قلتيها ، يعنى لسه مابقيتش مراتى ، تعالى خديلك سندوتش بقى ، الاكل كتير اهو


بشرى : ميرسى يا دكتور ، بس الظاهر ان انا اللى هاكل معاك مكان فرح


فرح بتساؤل : فى حاجة و اللا ايه


بشرى : فى حالة فى ريسبشن الطوارئ و محتاجينك تبصى عليها 


كامل : هو مافيش حد فى قسم الباطنة موجود و اللا ايه


بشرى : الحقيقة الدكتور محسن راح للحالة ، بس هى طلبت فرح بالاسم


لتنهض فرح بقلق و تتجه للخارج على الفور قائلة : يا ترى مين ، خير يا رب 


ليلحق بها كامل هو الاخر ببعض القلق حتى وصلوا الى المكان المخصص لاستقبال الطوارئ ، لتجد فرح سيدة لم ترها من قبل ، فى منتصف العقد الثالث من عمرها و هى تجلس محتضنة فتاة صغيرة تبلغ من العمر سبع سنوات و وجهها غارق بالدموع ، و ما ان وصلت اليها و قبل ان تتحدث معها وجدت كامل يقول بخفوت مصحوب بالدهشة : ليلة 


لتلتفت فرح الى كامل بفضول فوجدته ينظر للسيدة بشرود و كأنه بخترق وجهها الى سنوات عدة مضت من عمره ، فعادت ببصرها مرة اخرى الى السيدة و فالت بمودة : حضرتك طلبتى تشوفينى ، انا دكتورة فرح اؤمرى 


لتنهض ليلة على الفور و تنحنى على يد فرح فى محاولة لتقبيلها قبل ان تسحبها فرح و هى تقول باستغراب : العفو يا ستى ، استغفر الله العظيم ، قوليلى بس ايه الحكاية  


ليلة و هى تنظر لفرح و تهرب بعينيها من كامل : بنتى بتروح منى و صاحب الشغل بتاع جوزى الله يرحمه لما عرف قال لى على اسمك و ان انتى اللى هتقدرى تعرفى هى مالها و تطمنى قلبى عليها


ليمد كامل يده ليحمل الطفلة من احضانها و يتجه بها الى غرفة الكشف و فرح و ليلة من خلفه ، و بعد ان وضع الطفلة على الفراش ، تقدمت فرح من الفتاة و سألتها بابتسامة : اسمك ايه يا قمر 


الفتاة : اسمى مى 


فرح : الله ، اسمك حلو زيك ، مالك بقى يا مى ، ايه اللى بيوجعك يا حبيبتى


لتشير مى الى صدرها و تقول : هنا بيوجعنى و مش بعرف العب مع اصحابى  ، كل ما اجى العب معاهم هنا يوجعنى اوى و مش بقدر اخد نفسى 


لتتبادل فرح النظرات مع كامل الئى نظر الى ليلة قائلا : الحالة دى عندها من امتى 


ليلة بخفوت : من زمان ، بس الحكاية كل ما دا و بتزيد و انا ماكنتش عارفة اعمل ايه 


لتبدأ فرح بالكشف على مى و بعد الانتهاء قالت : احنا هنحتاج نعمللها اشعات و فحوصات كتير عشان نقدر نفهم بالظبط ايه الحكاية و نمشى صح 


ليلة بخجل : و الحاجات دى يعنى هتتكلف كتير يا دكتورة 


لتنظر فرح الى ملابس ليلة التى تكاد ان تكون بالية لتفهم على الفور الحالة المادية الصعبة التى تعانى منها فقالت : لا خالص ماتقلقيش 


ليلة : يعنى هتتكلف فى حدود كام كده عشان بس ابقى عارفة


ليلتفت كامل الى ليلة و قال بتنهيدة : مش هتتكلف حاجة خالص يا ليلة 


ليلة بخجل : انت عرفتنى ، ده انا قلت الدنيا و الزمن مش هيخلوك تفتكرنى 


كامل : انا اول مرة اعرف ان جوزك اتوفى دلوقتى 


ليلة و عيونها تمتلئ بالعبرات : مات من سنتين دلوقتى ، وقع عليه باب كونتينر و مات فى ساعتها 


كامل : عندك ولاد تانيين 


ليلة بدموع و هى تشير الى طفل هزيل كان يقف على بعد و هو يراقب الموقف بقلق : ايوة ، عندى اخوها احمد ، عنده تسع سنين ، بيشتغل مع عمك فى المكتب


كامل بفضول : و طفل فى السن ده بيشتغل ايه


ليلة : بيقضى له المشاوير الصغيرة ، او يبعته يشتريله حاجة ، و ينضف مكانى لو انا مش موجودة 


كامل : و انتى كمان بتشتغلى عنده 


ليلة بانكسار : لقمة العيش يا سى كامل ، و طلبات العيال 


كامل : و هو مادفعلكيش تعويض عن حادثة جوزك


ليلة بسخرية : تعويض ايه بس يا سى كامل ، ده قاللى احمدى ربنا انى مش هحملك التعويض اللى كان جوزك هيدفعه بسبب اهماله


فرح بغل : مايبقاش منصور لو ما عملش كده 


ليلة بتردد و وجل : بس هو اللى دلنى عليكى ، لما لقانى دايخة بيها من سنة دلوقتى من مستشفى لمستشفى و من حكيم لحكيم ، و قاللى ان ايدك فيها الشفا 


كامل : انتى واحدة جامعية ومتعلمة يا ليلة ، ليه مادورتيش على شغل كويس


ليلة بحزن : انا ماكملتش الكلية 


كامل بقلة حيلة : عموما شدى حيلك و ماتقلقيش على مى ، احنا هنعمل لها كل اللازم ، و لو تحبى انا ممكن اشوف لك شغل بمرتب كويس هنا فى المستشفى ، على الاقل تقدرى تاخدى بالك من ولادك و تعليمهم ، و بلاش تطلعى منهم ليلة و سيد تانيين 


ليلة و هى تمسح دموعها : انا كل اللى يهمنى دلوقتى انى اتطمن على مى ، و اى حاجة تانية تهون


فرح : البنت هتفضل هنا على ما نعمل لها كل اللازم و انتى ممكن لو تحبى تفضلى معاها 


ليلة بتردد : هو انا ممكن اخلى اخوها معانا ، انا ماليش حد 


لتنظر فرح لكامل و كأنها تنتظر مشورته ، فوجدته يقول : ماتقلقيش يا ليلة ، خليه معاكى 


ثم نظر لفرح و قال : شوفى اللازم يا دكتورة و اعمليه ، و ابقى بلغينى لما تخلصى 


ثم تركهم و انصرف الى مكتبه ، لتبدأ فرح فى توجيه الجميع لما عليهم عمله و لم يمضى سوى القليل من الوقت حتى كانت مى قد بدأت الفحوصات المطلوبة منها و لم تدخل الغرفة المخصصة لها الا بعد ان انتهت من عمل كل الفحوصات المطلوبة


و عندما انتهت فرح اتجهت الى مكتب كامل و ما ان دقت على الباب حتى وجدت احدى فتيات التمريض تقول : دكتور كامل مستنى حضرتك فى مكتبك يا دكتورة فرح 


لتعود فرح الى مكتبها مرة اخرى لتجد كامل جالسا كالمرة السابقة و لكنه تلك المرة كان شاردا و بشدة ، فحمحمت بصوتها و قالت : روحتلك مكتبك قالوا لى انك هنا 


لينتبه كامل اليها ليعتدل قائلا : احنا لسه ماكلناش 


لتجلس كما كانت امامه فى المرة السابقة و تمد يدها لتفتح اغلفة الطعام و هى تقول : لولا ان حالة البنت فعلا تعبانة انا ما كنتش اتكلمت معاها من اصله ، انا مش فاهمة هو باعتهالى بانهى عين و يا ترى قال لها عليا ايه و اللا مين ، بس انا لاحظت انك تعرفها و من زمان كمان ، هى مين دى يا كامل 


كامل : دى اللى منصور جوزها لواحد من اللى بيشتغلوا معاه عشان يبعدها عنى 


لتتوقف يدا فرح عن ما كانت تفعله و هى فى منتصف الطريق و نظرت لكامل بفضول دون تعليق ، ليمد كامل يده ليكمل ما توقفت فرح عن عمله و هو يقول بمنتهى الهدوء : احنا لازم نتجوز فى اسرع وقت 


فرح باستنكار : ايه .. خايف تضعف قدام حبك القديم 


ليتوقف كامل هو الاخرعن ما كان يفعله ، و اتكئ بيديه على قدميه و هو  ينظر الى فرح ثم قال : لو كنتى من البنات الخفيفة و اللا مثلا فى مشاعر ليا جواكى كنت قلت انك غيرانة 


فرح برفض : مش حكاية غيرانة ، بس مهما ان كان ، انا بقالى سنين رافضة فكرة الجواز و الارتباط من الاساس ، يبقى ماجيش فى الاخر يوم ما ارتبط تحت الضغط النفسى و العصبى ده كله اقوم اتجوز واحد ……..


و عندما صمتت قال كامل بفضول : واحد ايه يا فرح … سكتتى ليه ، ماتكملى 


فرح بتردد : سامحنى يا كامل ، انا ما اقصدش اقلل منك ، بس مهما ان كان انا انسانة و عندى كرامة ولا يمكن ابدا اهينها او اقلل منها 


كامل : و ايه اللى هيقلل كرامتك او يمسها من الاساس


فرح : يعنى ، زمان منصور خلاها سابتك وجوزها ، لكن النهاردة ، خلاص جوزها مات و بقى ممكن انك ….


ليقاطعها كامل قائلا : كنت فاكرك اذكى من كده 


فرح بعدم استيعاب : تقصد ايه


كامل بابتسامة سخرية : ليلة بنتها المرض ما مسكهاش فجأة كده ، دى مريضة من زمان ، فجأة كده عمى قلبه حن و ساب كل دكاترة البلد و باعتهالك انتى مخصوص هنا فى المستشفى ، ده على اساس ان الدكاترة خلصت من البلد ، ثم القلب مش تخصصك اصلا .. انتى ااه ممكن تعرفى و تفهمى ، بس فى الاخر فى دكتور متخصص هو اللى هيتابع الحالة مش انتى 


فرح : برضة مش فاهمة 


كامل بتنهيدة : الحكاية بكل بساطة ، انه بيحاول يصحى جوايا احاسيس ماتت من سنين و مابقالهاش وجود فى حياتى ، لمجرد انه يدق مسمار فى علاقتى بيكى ، باعتهالك و هو طبعا عارف و متأكد انى هشوفها و لو بالصدفة ،  ومش بعيد كمان يكون هو اللى اجبرها تيجى هنا


فرح : ايوة بس البنت فعلا تعبانة 


كامل : عارف ، بس اصلها لما اتكلمت ، ما قالتش الراجل اللى بشتغل عنده ، لكن قالت الراجل الل كان جوزى الله يرحمه بيشتغل عنده ، يعنى بتوصللى معلومة انها بقت ارملة بطريقة غير مباشرة 


فرح : و لما انت عارف كده ، هتساعدها ليه


كامل : انتى لسه قايلة ، البنت فعلا مريضة ، و كمان بمعرفتى بليلة ، فانا متاكد انه ضاغط عليها بحاجة عشان تعمل كده ، لكن على ما نعرف كل الكلام ده ، لازم نتجوز وبسرعة


10


و لما قالوا دى صبية


الفصل العاشر


كانت فرح تجلس امام كامل و هى فى حالة مختلطة من المشاعر المبهمة بالنسبة لها ، فكان الغضب من منصور فى اوجه ، و الغضب من كامل ايضا ، و لكنها كانت تشعر بنيران تنضرم بداخلها لاول مرة ، و لكنها كانت تعلم انها ليست نيران الغضب ، بل نيران الغيرة من ثبات كامل الى هذه الدرجة رغم تحليله المنطقى و الكامل لكل ماحدث و فى وسط غضبها قال كامل بهدوئه المعتاد : قلتى ايه


فرح و هى تحاول السيطرة على نبرات صوتها : انا مش فاهمة .. ايه علاقة اللى منصور بيعمله باننا نتجوز بسرعة كده زى ما انت عاوز


كامل و هو يناولها شريحة من الطعام : انا عاوزه يطلعنا من دماغه ، عاوزه يمارس الفراغ اللى هو فيه ده على اى حد تانى غيرنا 


فرح بسخرية : منصور و فراغ فى جملة واحدة .. مش راكبة 


كامل : سميه زى ماتحبى ، فراغ بقى .. حقد .. غل ، المهم انى عاوزه يفكة مننا 


فرح : و هو يعنى جوازنا اللى هيخليه يشيلنا من دماغه


كامل و هو يلوك الطعام بفمه : على الاقل يبقى جبنا فيه جون 


فرح بانتباه : هو انا ليه حاسة ان زى ماتكون واخد جوازك منى تحدى لمنصور 


كامل ببساطة : ده جزء من الحقيقة مش الحقيقة كلها 


فرح بفضول : ممكن تشرحلى اكتر من كده


كامل : مش هقدر انكر انى رغم انى شيلت ليلة من دماغى من يوم ما شفتها وعرفت انها اتجوزت و حامل كمان من جوزها ، و هى بنفسها قالتلى ان جوزها بيحبها و بيراعيها و يمكن ده لانى فسرت علاقتى بيها قبل كده انه يمكن كان احساس بالمسؤلية ناحيتها اكتر من انها تبقى مشاعر حب و بس ، لكن لانها كانت اول مرة فى حياتى احب بنت و اهتم بيها، كان ليها وقع تانى فى نفسى ، و رغم انى شيلتها من حياتى و تسيت زى ما قلتلك ، الا ان المرارة اللى منصور زرعها فى حلقى من ناحيته عمرها ما انتهت و لا عمرى قدرت انساها ، حسيت انه غلبنى ، بس ماغلبنيش بشرف لانه كان بيلعب معايا من ورا ضهرى ، و يمكن من يومها و انا حلفت انى لازم اردهاله باى طريقة 


ثم اكمل بابتسامة : و اظن مافيش طريقة احلى من جوازى انا و انتى من بعض و كمان رغم انفه و هو على الهامش و واقف يتفرج من بعيد


و برغم ان فى ذلك الاحساس انتصار لفرح على منصور الا انها احست بغصة فى حلقها ، فهى لم تسعى ابدا لما حدث ، و لكنها اخلصت النية فى محاولة تقبل الامر كما طلب منها كامل ، و لكنها ان تعرف انها بالنسبة لكامل كنرد اراد القدر ان يجعله فوزا على منصور جعلها تغضب من داخلها ، و عندما لاحظ كامل جمود ملامحها اكمل حديثه قائلا : ايه .. كنتى فاكرانى مش هقول لك الحقيقة ، المفروض انك عرفتى عنى انى مابكذبش ابدا مهما كانت النتايج ، و بعدين انا قلت لك ان ده جزء من الحقيقة ، مش الحقيقة كلها 


فرح : و ايه هى بقية الحقيقة يا ترى 


كامل : انى اقتنعت بكلام بابا


فرح : كلام ايه


كامل و كأنه يقر واقع ما : اننا انسب اتنين لبعض ، و اننا لو سيبنا نفسنا لدماغنا اللى سايقانا ، هنرجع نندم وقتما لا ينفع الندم


 فرح بفضول : و انت شايف اننا مناسبين لبعض ازاى بقى 


كامل بابتسامة : فينا صفات كتير مشتركة ، و قبل ما تقوليلى زى ايه هقوللك انا ، الصراحة و الصدق ، عدم المكابرة ، عدم اللف و الدوران


و حاجات تانية كتير بس يمكن ذهنى مش حاضر انى احصرها كلها دلوقتى ، بس باختصار اعتقد انى كفاية اقوللك ، انى فعلا معجب بيكى و بدماغك و شخصيتك و انك ارجل بنت شفتها فى حياتى 


فرح بذهول : نعم


ليضحك كامل بشدة قائلا : و الله ما اقصد حاجة وحشة ، انا قصدى انك بنت جدعة و كفاية انك رغم كل وسائل الرفاهية اللى كانت حواليكى ، الا انك قررتى انك تبقى مسئولة عن نفسك و انتى يا دوب كنتى لسه سايبة عتبة الطفولة بسنتين تلاتة مش اكتر ، صدقينى احترمتك اوى و اعجبت بصلابتك و اصرارك ، مش دايما بتلاقى البنى ادم عارف هو عاوز ايه ، انما انتى عرفتى هدفك وقررتى تحققيه و نفذتى بكل اصرار و تحدى 


حتى لما طلبتك تشتغلى معايا ، اصريتى انك تكملى عقدك لاخر لحظة ، و اللى حسيته انه كان التزام منك ، مش خوف من شروط جزائية و لا غيره ، و رغم ان مرتبك هناك كان ضعف مرتبك معايا ، الا انهم لما عرضوا عليكى تجديد العقد رفضتى و فضلتى انك تبقى معايا هنا ، يعنى مش مادية ، لأ ، حسيتك عندك رسالة و بتحاولى تأديها 


هنا تورد وجه فرح ، فهى المرة الاولى التى يمتدح خصالها احد ما ، تلك الخصال التى طالما لامها عليها الكثيرون  


ليبتسم كامل بطريقة محببة و يقول : اول مرة اعرف انك بتتكسفى زى بقية البنات ، عموما انا هخلى عمك يكلم طنط فاطمة و عم عادل عشان يحددوا مع بعض معاد الجواز


فرح بانتباه : الموضوع مش سهل كده يا كامل 


كامل : و ايه اللى هيصعبه بقى ، الشقة موجودة و متوضبة كمان و ان كان على الفرش ، ممكن خلال شهر بالكتير كل حاجة تبقى تمام 


فرح ببعض التردد : ايوة .. بس احنا اتفقنا ندى لبعض فرصة اننا نفهم بعض اكتر من كده ، و كمان انا مش هكدب عليك ، انا لسه ما اخدتش قرار نهائى انى فعلا ارتبط و اتجوز ، بس طاوعتك و وافقت على اننا ندى لبعض فرصة اننا نحاول ناخد خطوة و نفهم بعض ، لكن احنا لسه ما عملناش ده


كامل : لازم تفهمى ان الواقع اثبت ان العشرة هى احسن حاجة تقدرى تعرفى منها طباع اللى قدامك ، اى حاجة تانية غير كده بيبقى تمثيل من الطرفين و عمرهم مابيعرفوا الحقيقة الكاملة غير برضة بعد العشرة يا فرح 


و احنا قررنا نخطى خطوة ، سيبينا نخطيها بالراحة  و احنا فاهمين احنا بنعمل ايه 


و عندما صمتت فرح ، قال كامل : يبقى اتفقنا … ربنا يقدملنا كل خير من عنده ان شاء الله


………………..


فى غرفة مى ، كانت ترقد مى على فراشها و المرض يرسم ملامحها باسى طفولى و ليلة تحتضن رأسها بين ضلوع صدرها و هى تقول بدعاء : ان شاء الله المرة دى تبقى اخر مرة ، و باذن الله تخفى و تروقى و تعملى كل اللى نفسك فيه 


ليقترب منها احمد على تخوف و هو يقول بقلق : ماما .. انا خايف


ليلة و هى تمسح دموعها : خايف من ايه يا حبيبى


احمد بهمس و كانه يخشى ان يسمعه احد غيرهما : خايف لا الدكتور يعرف اللى الحاج منصور قاللك عليه ، و يرجع يمشينا من هنا من غير ما يعالج مى ، انا مش عارف انتى ليه سمعتى كلامه ، ماكنتى سيبتيها فى المستشفى التانية ، ماهى اكيد كانت هتعمل العملية برضة 


ليلة بتنهيدة شاردة : يعنى انت مش شايف الفرق بين هنا و هناك ، هنا هتبقى كل حاجة بسرعة و ببلاش ، مش زى هناك ، دول هناك عاوزين حتى العلاج احنا اللى نجيبه على حسابنا ، ده حتى الشاش و القطن بتوع العملية برضة على حسابنا .. ده اصلا لو عملوها ، هيفضلوا يمطوحوا فينا لحد امتى ، و اختك مابقيتش متحملة المطوحة دى كلها 


احمد بتردد : طب و بابا


ليلة بانزعاج : ششششش ، اوعى تجيب سيرته هنا ، احنا مش اتفقنا يا احمد ، و انت وعدتنى انك هتبقى راجل و اقدر اعتمد عليك 


احمد بامتعاض : انتى اول نوبة تكدبى كده و كمان عاوزانى انا كمان اكدب معاكى 


ليلة بتنهيدة : ربنا العالم ، لولا عشان مصلحة اختك ماكنتش عملت كده ابدا ، بس معلش ، كله يهون عشان خاطر اختك ترجع لصحتها من تانى 


احمد : طب هو انا هغيب من المدرسة كل يوم 


لتزفر ليلة انفاسها بغضب قائلة : هو انت يعنى كنت بتاخد ايه فى المدرسة يا سى احمد ، و اللا يعنى حتى كنت بتذاكر ، دلوقتى بس عاوز تروح المدرسة ، مافرقتش بقى ، حتى لو هتعيد السنة ، مافيهاش حاجة بس اختك تبقى بخير


لينظر اليها احمد بتوجس و يعود الى مقعده ليجلس فى صمت محاولا كبت حديث طويل بداخله كان يريد ادارته مع امه 


………………..


فى مساء ذات اليوم قام ابراهيم بمهاتفة عادل و فاطمة ، و قاموا بتحديد موعد فى اليوم التالى للاتفاق على موعد الزواج 


اما فى اليوم التالى فتوجهت فرح الى مكتبها لتستعد لبداية عمل يوم جديد لتجد كامل بانتظارها و هو يتفحص بعض التقارير الطبية بيده ، لتقول فرح باستغراب : السلام عليكم ، انت نقلت مكتبك عندى و اللا ايه الحكاية 


كامل : و عليكم السلام ، و لأ يا ستى ماتقلقيش ، ما نقلتش مكتبى عندك و لا حاجة ، بس عرفت ان التقاير بتاعة بنت ليلة طلعت ، فجيبتهم و جيتلك 


فرح و هى تمد يدها باتجاه التقارير لتتناولها بفضول ، و بعد ان نظرت بداخلها على تقرير أشعة ما قالت بأسى : زى ما توقعت ، البنت عندها ثقب فى القلب و هنحتاج نعمل لها العملية فى اسرع وقت 


كامل : ايوة ، بس لازم الاول نرفع لها نسبة الهيموجلوبين ، الانيميا عندها عالية اوى 


فرح : ماتقلقش ، انا ان شاء الله هظبط الموضوع ده 


كامل : هتعملى ايه ، انا عاوز نتيجة سريعة 


فرح :  ممكن نعمل لها نقل بلازما ، نظبطلها النسبة شوية ، مع الغذا و العلاج و الرعاية يظبطوا الباقى ماتقلقش


كامل : ماشى ، هتروحيلها 


فرح : اكيد 


كامل : تمام ، ابقى عرفينى عملتى ايه


فرح بفضول : ايه ، مش هتروح تبص عليها 


كامل : لما تقرروا انها جاهزة للعملية ، تعرفينى ، وقتها هتفق مع جراح القلب و نبقى نبص عليها سوا 


فرح بتردد : طب … لو ليلة سألت عنك


كامل بابتسامة سخرية : هى اكيد هتسأل عنى يا فرح ، رغم انها المقروض ماتسألش ، لكن لو سألت زى ما انا متوقع ، يبقى تخمينى صح


فرح : تقصد ان منصور بعتهالك انت مش انا 


كامل : بالظبط كده ، ثم نهض قائلا : ياللا مش هعطلك ، و انا فى مكتبى لو عوزتى حاحة ، و اعملى حسابك اننا هنروح سوا ، حماتى عزمانى على العشا


فرح و هى تكبت ضحكتها : حماتك


كامل بمرح و هو يتجه للخارج : خليكى فريش كده و عيشى اللحظة 


…………….


كانت فرح بعد ان قامت بالكشف على مى تدون بعض الملاحظات فى السجل الخاص بها و المرفق بفراشها ثم التفتت لمى مرة اخرى و قالت : ها يا مى ، مبسوطة هنا و اللا فى حاجة مزعلاكى 


مى بطفولة : الابرة بتاعة النهاردة وجعتنى 


فرح : انهى ابرة 


مى و هى تشير باصبعها الصغير على الكانولا المثبته بذراعها : دى ، هى هتفضل كده ،انا عاوزة اشيلها 


فرح : لا نشيلها ايه ، ده انا خليتهم يحطوهالك عشان مانشككيش تانى 


ليلة : طمنينى يا دكتورة 


لتلتفت فرح لليلة و تقول و هى تدقق بملامحها : ان شاء الله خير ، ممكن تتفضلى معايا برة شوية 


لتذهب ليلة خلف فرح و ما ان خرجا من الغرفة حتى التفتت فرح الى ليلة قائلة : انتى اكيد عارفة ان مى عندها ثقب فى القلب


ليلة : ايوة عارفة 


فرح : المفروض البنت كان اتعمل لها العملية دى من فترة كبيرة


ليلة و الدموع تتلألأ بعينيها : النصيب يا دكتورة 


فرح : عموما ان شاء الله خير ، ماتقلقيش ، احنا بس محتاجين اننا نقويها شوية قبل مانعمل لها العملية 


ليلة بتردد : طب ويعنى العملية دى مش هدفع فيها حاجة خالص


فرح : لا مش هتدفعى حاجة ماتقلقيش ، انتى بس حاولى ترفهى باستمرار عنها ، لان الحالة النفسية مهمة جدا فى المرحلة دى ، و احنا النهاردة هنعمل لها نقل بلازما ، و لو احتاجنا نكررها هنرجع تانى نكررها بعد كام يوم ، لان البنت الانيميا عندها عالية ، و هيجيلها اكل مخصوص ، شطارتك بقى انك تأكليها الاكل اللى هيجيلها 


ليلة و هى تتلفت حولها : هو دكتور كامل مجاش النهاردة 


فرح : خير ، محتاجة حاجة 


ليلة : ها .. لا ابدا ، بس يعنى كنت عاوزة اشكره 


فرح : لا و لا يهمك ، كامل مابيهتمش بالحاجات دى 


ليلة بفضول : هو انتى بجد خطيبته 


فرح و هى تمد يدها امامها : دى دبلته اللى فى صباعى 


ليلة و هى تنظر لخاتم الخطبة : مبروك ، كامل طول عمره ابن حلال و يستاهل كل خير ، انا اصلى اعرفه من زمان


فرح و هى تدعى عدم الاهتمام : ميرسى كتر خيرك ، و لو احتاجتى اى حاجة بلغى اى حد من التمريض يبلغنى ، و دكتور القلب المختص هيوصل ان شاء الله فى خلال ساعتين ، و هبقى موجودة معاه ماتقلقيش ، المهم لازم تتطمنى اننا هنعمل لمى كل اللى محتاجاله ، كامل عمره مابيتخلى ابدا عن حد مريض و خصوصا لو طفلة صغيرة فى السن ده


ليلة : ربنا يبارك له و يباركلك .. شكرا 


و بعد عودة ليلة الى غرفة طفلتها سمعت صوت هاتفها ، و عندما قامت بالرد قالت بخفوت : ايوة يا سيد .. ازيك


سيد : ازيك انتى يا ليلة و ازى مى دلوقتى ، طمنينى عملتوا ايه


لتقص عليه ليلة ما قالته فرح ثم قالت : و ادينى مستنية اما اشوف النتيجة هتبقى ايه


سيد : ان شاء الله هتخف و هتبقى كويسة ، بوسيهالى و قوليلها بابا بيحبك اوى و كان نفسه يشوفك 


ليلة : و الله يا سيد انا خايفة 


سيد : هو انتى فاكرة انى مبسوط من اللى بيحصل ، بس معلش ياليلة ، عشان خاطر مى 


ليلة : و هو يعنى كان لازم اعمل كده عشان اجيبها هنا ، ما كان ممكن اجيبها هنا من غير اللفة دى كلها و برضة كانوا هيعملوا معايا اللى عملوه


سيد : و احنا كنا هنعرف عنهم منين يعنى ، اهو كتر خير الحاج منصور انه دلنا عليهم ، و بعدين ماهو قال لك انهم لما بيعرفوا ان العيل يتيم بيهتموا بيه و بيعملوا له كل حاجة ببلاش


ليلة بتنهيدة : بس خايفة لايعرفوا يا سيد 


سيد : و ايه اللى هيعرفهم يعنى ، هم يعنى هيعملوا لك كشف عيلة 


ليلة بتردد : اصل يا سيد الصراحة يعنى ….


سيد بتوجس : فى ايه يا بت مالك ، ماتتكلمى على طول ، حد اتعرض لك و اللا عمل لك حاجة 


ليلة : لا مش كده ، بس الصراحة يعنى ، انا لما جيت عرفت ان المستشفى بتاعة ابن اخو منصور 


سيد باستغراب : ابن اخوه مين ، ابن الحاج ابراهيم اللى كنتى شغالة معاه زمان


ليلة : ايوة ، يعنى كان ممكن اتوسطلنا عنده من غير اللفة دى ، او كان قال للحاج ابراهيم او حتى كان خلانى انا قلت له ، خصوصا ان اللى فهمته انهم عاملين جزء من المستشفى خيرى و بيعالجوا فيه الناس اللى على اد حالهم زى حالاتنا كده ، يعنى لو كنا جينالهم هنا من غير اللفة دى كلها ، كان ممكن برضة ياخدوا البت و يعالجوها من غير كل ده


سيد بفضول : و ابنه ده … اللى كان عاوز …


ليلة مقاطعة اياه : الكلام ده كان زمان و خلص يا سيد 


سيد : شفتيه 


ليلة : ايوة 


سيد بحدة : و اتكلمتى معاه


ليلة : كان موجود مع الدكتورة و هى بتكشف على مى 


سيد : شافك يعنى و افتكرك


ليلة : ايوة 


ليسود الصمت لبرهة قبل ان تقول ليلة : ماشفتوش تانى من ساعتها ، و على فكرة هو خاطب الدكتورة اللى بتعالج بنتك 


سيد : و عرفتى منين


ليلة : التمرجية اللى جابت الاكل لمى بالليل ، قالتلى ان الدكتورة فرح موصية على الاكل اللى جه لمى و قالتلى وسط الكلام انها هتبقى مراة الدكتور كامل صاحب المستشفى و تبقى كمان بنت عمه


سيد بدهشة : بس الحاح ابراهيم مالوش اخوات غير الحاج منصور ، يعنى ايه ، الدكتورة دى تبقى بنت منصور ، معقولة الكلام ده .. طب ازاى


ليلة : انا برضة استغربت زيك كده ، و بصراحة مش فاهمة هو منصور ليه عمل كده ، بس الصراحة من وقتها و انا متوغوشة ، انت عارف .. طول عمرى مابحبش منصور ، و لا بحب طريقة تفكيره ، و خايفة لا يكون قاصد يعمل حاجة معينة باللى عمله ده 


سيد : ان جيتى للحق عندك حق ، الموضوع كده فيه ان


ليلة : ده ان و اخواتها كلهم يا سيد 


سيد : ايوة بس يقصد ايه


ليلة : مش عارفة ، و ليه مانبهنيش و هو عمال ياكد عليا انى اقول انى ارملة  و انى بشتغل مكان جوزى انا و ابنى ، و اننا لازم نبين اننا متهانين و متبهدلين ، ليه ماقالليش ان كامل هو صاحب المستشفى ، و ليه صمم انى اجيب احمد معايا ، و اللا كان عاوز يورينى لكامل و خلاص


سيد بحدة : و هو هيقصد يوريكى لابن اخوه ليه


ليلة بحدة مماثلة : و انا ايش عرفنى بقى يا سيد ، انا بحكيلك اللى حصل عشان تبقى معايا قى الصورة و ماترجعش تقول انى خبيت عليك حاجة 


سيد بفضول : و انتى لما شفتيه يا ليلة ، حنيتيله 


ليلة : اخص عليك يا سيد ، انت تعرف عنى كده برضة ، ثم لو ده حصل ما كنتش حكيتلك حاجة ، بالعكس بقى ، انا اول ما شفته ماكنتش عاوزة احكى الكلام اللى منصور حفظهولى 


سيد : و حكيتى ليه 


ليلة بتنهيدة : عشان خاطر مى يا سيد 


سيد : يبقى هنكمل برضة عشان خاطر مى يا ليلة 


ليلة بخوف : طب مش يمكن كامل يسأل عننا الحاج ابراهيم و يعرف كل حاجة ، و ساعتها ممكن يطردنا و برضة البت ماتعملش العملية ، و يبقى مانابناش غير اننا خسرنا مكاننا فى المستشفى التانية اللى كانت واخدة فيها دور و السلام


سيد بقلق : ايوة ، بس انا بقالى سنين ماشفتش الحاح ابراهيم و لا هو شافنى ، من ساعة ماقسموا الشغل و انا كمان بقيت فى المخازن مابقاليش اى تعامل معاه بقالى بتاع خمس سنين دلوقتى  


ليلة بقلق : بس اكيد لو حب يسأل اى حد هيعرف فى ثوانى انى كدبت و ساعتها ممكن يطردونا من غير مايعملوا العملية للبت ، انا بس نفسى افهم كان غرضه ايه من اللى عمله ده ، نفسى اعرف بيفكر فى ايه


سيد بتنهيدة و اسى : سيبيها على الله بقى يا ليلة 


ليلة بسخرية : اسيبها على الله و انا عارفة انى كدابة يا سيد ، ابنك وقف قدامى امبارح و بيحاسبنى انى كدبت و كمان طلبت منه ان هو كمان يكدب ، اللى كنت بموته من الضرب لو بس كدب كدبة صغيرة حتى لو بهزار 


سيد : طب هنعمل ايه بس فهمينى 


فرح بتردد : انا بفكر اروح اقول لكامل على كل حاجة 


سيد بغضب : و انتى تروحى تتكلمى معاه بتاع ايه ، طالما هو مالوش احتكاك بيكى اصلا ، و اللا انتى اللى عاوزة تروحى تفتحى معاه اى كلام و السلام 


ليلة بصدمة : انا يا سيد ، الله يسامحك ، اقفل يا سيد مع السلامة ، انا غلطانة انى بتكلم معاك 


لتغلق ليلة الهاتف و قد بدأت عيونها تمتلئ بالدموع و هى تقول بأسى : يارب انت عالم بحالى و غنى عن سؤالى ، انا عارفة انى كدبت و غلطت ، خوفى على ضنايا خلانى مشيت ورا منصور و عملت اللى قاللى عليه ، انا عارفة انه مش عذر ، بس انا عاملة زى الغرقان اللى بيتعلق فى قشاية ، وكنت فاكرة ان منصور قلبه رق للبنت المريضة دى ، اتاريه بيلعب بيا و ببنتى الغلبانة دى كمان معايا ، و ياريتنى فاهمة هو بيلعب بيا ليه ، يارب .. يارب الهمنى الصواب و دلنى على الصح عشان اعمله ، و سامحنى يارب و استرها معايا ده انا ماليش غيرك 


…………….


فى المساء ، كان الجميع على مائدة العشاء بمنزل فاطمة ، و كانت فاطمة قد دعت ايضا رحمة و ندا و ازواجهم ، و قام احمد بدعوة نادر و نبيل اللذان اصبحا قلما كانا يغيبان عن تلك التجمعات مهما اختلف مكانها 


ابراهيم : تعبتى حالك يا ام رحمة ، تسلم ايديكى و الله الاكل زى الفل


فاطمة : و انا هتعب لاعز منكم يا حاج ، بالف هنا و شفا


نادر : بجد يا طنط اكلك بقى ادمان تسلم ايديكى 


نبيل و هو يوجه حديثه لأبناء عمه : و انا اقول الناس دى بتتخن ليه ، اخيرا عرفت السر 


حسين : يا بنى خليك فى طبقك و مالكش دعوة بينا 


نبيل : اوعى تفكرنى بحسدك ، انا بقر بس


نادر : الا صحيح يا طنط ماعندكيش بنت اخت و اللا بنت اخ تكون بتطبخ حلو زيك كده


فاطمة بابتسامة : كان على عينى يا ابنى 


رحمة : انتو على فكرة زى القطط ، بتاكلوا و بتنكروا ، طب ما انا و ندا كمان بنعرف نعمل اكل زى ماما و اللا ايه يا حسن 


حسن بنحنحة : اااه ، ااه طبعا يا حبيبتى 


حسين بضحك : الجبن سيد الاخلاق ، اكل ايه ده ، ده احنا اتهرينا اندومى 


ندا بدفاع : ده بس لما بنبقى مش فاضين


حسين : ايوة فعلا 


كامل : و انتو يعنى فيها ايه لو ساعدتوهم


رحمة بامتعاض : قول لهم ، يا بختك يا فرح ، صبرتى و نولتى يا حبيبتى


حسن بتحذير لكامل : يا تقول كلمة عدلة يا تسكت ، انت من ساعة ما رجعت من برة و هم عاملين علينا ثورة 


لينهض ابراهيم من مقعده قائلا : سفرة دايمة يا جماعة 


لتنهض فاطمة على الفور قائلة : حالا القهوة هتبقى جاهزة يا حاج


و بعد ان اجتمعوا حول المشروبات و الفاكهة ، قال ابراهيم : احنا محتاجين نحدد معاد لجواز فرح و كامل ، ايه رأيكم


عادل : و الله يا حاج زى ما تحبوا ، انا تحت امركم


فاطمة موجهة حديثها لكامل : انت عاوز على امتى يا كامل 


كامل : والله يا طنط فاطمة انا مستعد من بكرة ، الشقة جاهزة ، بابا الله يبارك فى صحته موضبها من كله ، مش ناقصها غير الفرش ، و طالما مستورة و الحمدلله ، فالحاجات دى ممكن تتجاب فى يوم 


رحمة باعتراض : يوم ايه بس يا كامل ، لا طبعا ، ده انتو محتاجين تلفوا على المحلات و تتفرجوا و تفارنوا و تختاروا وتنقوا و ليلة كبيرة اوى 


كامل بابتسامة : لااا .. انسى ، انا مش كده خالص ، انا بقى محدد هدفى من الاول و مابحبش اضيع وقتى 


حسن بانتصار : اهو .. شفتى ، عشان تعرفى بس انى بالى طويل و بصبر علي اللف و التنقية  


لينظر كامل الى فرح التى كانت تلتزم الصمت منذ البداية قائلا بفضول : طب و انتى يا فرح ، بتحبى تنزلى و تلفى برضة زى رحمة كده ، لو بتحبى براحتك انا مش هفرض عليكى حاجة ، براحتك طبعا ده هيبقى بيتك و لازم تختارى كل حاجة فيه عن اقتناع


لتحمحم فرح بصوتها و تقول بهدوء : لا ماتقلقش ، طلعنا مشتركين فى دى كمان 


عادل بود : من صغرها و هى عاقلة ، ماهياش زى البنات اللى مابيشغلهاش غير المظاهر 


ندا : بس دى مش مظاهر يا بابا ، ده بيت هنعيش فيه الباقى من عمرنا


فرح : انا فاهمة يا ندا و عارفة ده ، و مش معنى انى مابهتمش بالمظاهر انى مش هيفرق معايا ، انا بس اقصد انى من النوع اللى لما بيعجبنى حاجة ، بجيبها على طول و مابحاولش اقعد الف بعدها و اقول يمكن الاقى الاحسن ، فده بيوفر معايا وقت و مجهود كتير 


كامل : هو ده ، برافو عليكى 


ابراهيم : يبقى على خير الله ، نقول شهرين كويس


كامل باعتراض : لا يا بابا ، شهر واحد كفاية 


فاطمة : ايوة يا ابنى ، بس ممكن مانلحقش نخلص


كامل : ما احنا اتفقنا ياطنط ، وان شاء الله متيسرة ماتقلقيش ، هو شهر حلو اوى 


فاطمة باذعان : خلاص يا ابنى اللى تشوفوه


نادر باحراج : بعد اذنك يا عمى ، هو حضرتك مش هتبلغ بابا 


ابراهيم : اكيد يا ابنى ان شاء الله هبلغه ، بس كنت مستنى نتفق الاول 


………………


فى المشفى .. كانت ليلة تغط فى نوم عميق لتفيق من نومها على كامل و هو يقف على رأس الفراش و يديه بداخل جيبى البالطو الطبى الخاص به و هو ينظر اليها بغضب لتقول بخوف : فى ايه


كامل و هو يشير باصبعه باتجاه الباب : فيه انى عاوزك تاخدى عيالك و تطلعى برة المستشفى بتاعتى يا نصابة


اللهم اهدنا فيمن هديت و عافنا فيمن عافيت و تولنا فيمن توليت و ارضنا و اقضى عنا شر ماقضيت انك تقضي ولا يقضى عليك تباركت ربنا و تعاليت

11


#ولما قالوا دى صبية 


الفصل الحادي عشر 


لتنتفض ليلة برعب و هى تحتضن رأس ابنتها و تقول : لا يا كامل حرام عليك ، بنتى مالهاش ذنب ، و انا واقعة فى عرضك تنقذها ، دى مريضة و محتاجة مساعدتك


كامل بجمود : انا مابتعاملش مع نصابين يا ليلة ، و لازم تعرفى انى هبلغ عنك البوليس 


ليلة بفزع : بوليس ليه يا كامل 


كامل بسخرية : انتى ناسية البيانات المزورة اللى كتبتيها فى استمارة الدخول بتاعة بنتك ، و جوزك اللى مات من سنين 


ليلة و هى تنحنى على يد كامل لتقبيلها : ابوس ايدك يا كامل ، انا عمرى ما اذيتك ، انا عملت كده عشان نفسى ان بنتى تعيش زى باقى العيال و تخف و ترجع تضحك من تانى من غير ماتنهج من الوجع


ليدير كامل رأسه بعيدا عنها قائلا : و انا مش هعمل لبنتك العملية 


لتقف ليلة امامه مرة اخرى و هى تنشج بالبكاء و كان احمد متشبثا بثيابها و هو يردد اسمها بقلق ، و قالت : انت عمرك ماكنت قاسى كده ، ايه اللى حصل لك  


كامل و هو يربت على وجهها ببعض العنف : اللى حصل انى مابقيتش اثق فيكى يا مراة سيد 


لتسمع ليلة نداء احمد و هو يقول بصوت عالى : يا ماما ، اصحى فى ايه 


لتفتح ليلة عينيها و تتلفت حولها بفزع لتجد نفسها على الفراش المقابل لفراش مى و تنام بجوار احمد الذى يربت على وجهها بقوة و هو يقول بقلق : مالك يا ماما 


ليلة و هى تضع يدها على صدرها براحة : أشهد أن لا إله إلا الله و أشهد أن محمدا رسول الله


احمد : فيه ايه


ليلة و هى تضم احمد لصدرها و عيناها تترقرق بالدموع : ابدا يا حبيبى ، انا بس كنت بحلم 


احمد : انتى كنتى عمالة تعيطى جامد ، فكرت فى حاجة بتوجعك 


ليلة و هى تزدرد لعابها : اختك هى اللى واجعانى يا ابنى ، خير يارب ، اللهم اجعله خير ، اكيد ربنا بيدينى انذار ، يا ترى الدنيا هتعمل فيكى ايه تانى يا ليلة 


………………


فى احدى المخازن التابعة لمنصور ، كان سيد يقوم بترتيب البضاعة المستلمة و رصها بعناية ليسمع صوت منصور من خلفه و هو يقول : الله ينور يا سيد 


ليلتفت سيد الى منصور قائلا بامتنان : الله يباركلنا فيك يا حاج


منصور و هو يتابع العمل بعينيه : و بنتك اخبارها ايه دلوقتى ، بيكلموك


سيد و هو يحك رأسه بكف يده : ايوة ياحاج نحمد ربنا ، بس البت ليلة قالتلى حاجة غريبة كده و مش عارف هى فهمت صح و اللا غلط


منصور : حاجة ايه دى 


سيد : ان يعنى المستشفى اللى اديتنا عنوانها دى ، تبقى بتاعة الدكتور كامل ابن الحاج ابراهيم اخوك 


منصور بعدم مبالاة : ااه و فيها ايه


سيد : يعنى يا حاج ، اللفة اللى لفيناها دى ، كان بتليفون صغير منك لابن اخوك ، كان ….. 


منصور مقاطعا : و انت فاكر ان ابن اخويا نسيلى انى حرمته من مراتك


سيد ببعض الغضب : كلام ايه ده يا حاج اللى بتقوله


منصور : بقول ان من ساعة ماحصل اللى حصل زمان و انا و ابن اخويا مافيش مابيننا عمار ، و لو كنتو روحتوله عادى كده ماكانش هيقبل ياخد البت و لا يعالجها و اللا كان ممكن يبنجها و يموتها فى العملية عشان ينتقم منك و من امها


سيد برعب : كلام ايه ده يا حاج ، ليه ، هى البلد مافيهاش قانون


منصور : قانون ايه ، عيلة صغيرة و حالتها حرجة و ماتت فى العملية ، ايه دخل القانون بقى ، انما لما مراتك تقول انها ارملة و انها اتبهدلت من بعدك هى و عيالك ، هتصعب عليه و هيعمللها اللازم كله و من غير و لا مليم 


سيد باقتناع : انا كده فهمت ، انا برضة استغربت لما البت ليلة حكيتلى و مابقيتش فاهم ليه اللفة دى كلها ، بس كده انت عندك حق ، و جميلك على راسى من فوق كمان 


منصور بسخرية قبل ان ينصرف  : خليه على راسك ، و خد بالك من المخزن ، اوعى تسهى عنه


………………….


سيد بنبرة غضب و هو يحادث ليلة على الهاتف : ماقلتلك على اللى فيها ، انتى ليه مش عاوزة تفهمى


ليلة : انا فهمت ، بس مش مقتنعة ، طب لو اللى قاله ده حقيقى ، ماقالش لبنته ليه ، ماكان ممكن يبعتنا لبنته و كانت الليلة برضة هتخلص من غير كل الكدب ده ، انا من ساعة الحلم اللى حلمته و انا مش متطمنة يا سيد


سيد بتنهيدة : استهدى بالله يا بنت الحلال واهدى كده ، و بعدين يعنى احنا مش شيوخ يا ليلة عشان احلامنا تتحقق


ليلة : يمكن ماتتحققش بحذافيرها يا سيد ، بس انا بقلق من الاحلام بتاعتى ، و حاسة انى بعمل حاجة غلط ، مخنوقة ياسيد ، و حاسة انى متكتفة و مش عارفة اتصرف


سيد : انتى بس ركزى مع البت و مصلحتها و بطلى قلق مامنوش داعى 


ليلة بقلة حيلة : حاضر يا سيد ، حاضر ، و ربنا يسترها علينا من عنده و مايفضحناش


……………..


فى منزل ابراهيم ، كان ابراهيم جالسا حين اتى عليه كامل و هو يحمل كوبين من الشاى و وضعهما على منضدة صغيرة امامهما و قال : كوبايتين شاى بقى انما ايه .. وصاية


ابراهيم بحب : تسلم ايدك يا ابنى ، عقبال ما اشربه فى بيتك كده من ايد مراتك ان شاء الله


كامل بابتسامة : ان شاء الله يا بابا 


ثم قال بفضول : الا قولى يا بابا ، فاكر حضرتك ليلة اللى كانت شغالة معاك زمان 


ابراهيم بدهشة : و دى ايه اللى فكرك بيها دلوقتى يا ابنى 


كامل : هو لما جوزها مات ، مات فى شغل مشترك بينك و بين عمى و اللا شغل يخص عمى لوحده


ابراهيم باستغراب : هو سيد مات .. لا إله إلا الله ، امتى حصل الكلام ده


كامل باستغراب : هو حضرتك ماكنتش تعرف و اللا ايه


ابراهيم : ابدا يا ابنى ، انا اول مرة اسمع الكلام ده ، انما انت عرفت منين الكلام ده


كامل و هو يرتسف الشاى : من ليلة 


ابراهيم : و انت شفتها فين


ليقص كامل على ابيه ماحدث ، ليقول ابراهيم : لا حول و لا قوة الا بالله العلي العظيم ، و الله يا ابنى لو كنت اعرف كنت اتكفلت بيها هى واولادها و ماسيبتهاش فى الضيقة دى ابدا ، بس يعنى عمك اقتنع اهو بقيمة بنته و شطارتها


كامل بسخرية : ما اعتقدش يا بابا


ابراهيم : ماتعتقدش ايه بقى ، ماهو باعتلها الناس على اسمها اهو


كامل : الحقيقة يا بابا انا مش هاضم الحكاية دى و لا عارف ابلعها ، و متأكد ان عمى له هدف تانى خالص من ورا الحكاية دى 


ابراهيم : ماتبقاش شكاك زيادة عن اللزوم ، و مش كل ما هيعمل حاجة هنسئ الظن بيه


كامل ضاحكا : انت اللى طيب بزيادة يا عم ابراهيم 


ابراهيم : اصله يعنى هيستفيد ايه مش فاهم


كامل بشرود : مش يمكن بيحاول يكسب بنط عند فرح


ابراهيم : و لو .. مش وحش برضة


كامل : و لما ليلة تحكى اللى حصل معاها بطريقة تتفهم ان المقصود منها انها تفهمك انها لوحدها 


ليعتدل ابراهيم بانتباه قائلا : لوحدها ازاى مش فاهم 


كامل : يعنى ، انها اترملت و اتبهدلت هى و ولادها و ان مابقالهاش حد و ان الدنيا جاية عليها بزيادة


ابراهيم بعتاب : جرى ايه يا كامل ، اوعى تكون دماغك بتوزك انك ……


كامل مقاطعا : بتوزنى لايه بس يا بابا 


ابراهيم : يعنى يا ابنى انك توصل القديم من تانى 


كامل : انا مابقيتش خالى يا بابا عشان اعمل كده


ابراهيم : و انت لو كنت خالى كنت هتعمل ايه


كامل بتنهيدة : برضة ماكنتش هعمل غير اللى عملته ، صدقنى انا شيلت ليلة من حساباتى من زمان ، بس لما تجيلى المستشفى بحالتها دى و بعد ما خطبت فرح و يبقى عمى اللى باعتها يبقى الحكاية فيها ان


ابراهيم : مش فاهم 


كامل : مفكر انى لما هشوف ليلة هحنلها ، و ده طبعا المفروض انه هيبوظ صورتى قدام فرح فنسيب بعض


ابراهيم : ياااااه على دماغك ، ايه يا ابنى اللفة دى كلها ، لا طبعا ما اعتقدش 


كامل بسخرية : طب ممكن تفكرنى اخر مرة عمى اهتم بحد غلبان و اللا عيان عشان يعمل معاه كده ، بلاش … يعنى الراجل يموت فى حادثة تبع الشغل و بدل ما يعوض اهله لانها اصابة عمل ، يقوم يستغل جهلهم و حوجتهم ، و يمرمط مراته و ابنه اللى لسه عيل و يشغلهم عنده عشان يعرفوا يلاقوا لقمة ياكلوها ، يقوم دلوقتى الحنية دى فجأة كده ليه ، رغم ان البنت مريضة من زمان 


ابراهيم : ايوة يا ابنى ، بس مش يمكن يكون بس بيحاول يعمل حاجة كويسة يقرب بيها من فرح


كامل بتنهيدة : و الله يا بابا اتمنى ، بس زمن المعجزات خلص من زمان 


…………………….


فى منزل منصور … كان نبيل يجلس مع اخيه فى غرفتهما و هما يرتبان سويا خطواتهما القادمة فى الجامعة ، بعد ان تم قبولهما بكلية التجارة 


نادر : طب هنروح نجيب الجدول من اول يوم ، و اللا نصبر شوية و اللا ايه


نبيل بهدوء و هو يستند برأسه الى حافة الفراش من ورائه مغمض العينين و يدلك جبهته برفق : احنا هنبتديها صبر من اولها ، ايه ، انت غيرت رأيك و مابقيتش عاوز تدرس فى الجامعة زى ماكنت بتقول و اللا ايه


نادر : لا طبعا ماغيرتش رأيى و لا حاجة ، بس اقصد ان اول يوم بتبقى الدنيا فوق بعضها و احنا لسه مانعرفش حد هناك


نبيل : ما هو عشان مانعرفش حد فلازم نعتمد على نفسنا من اولها 


نادر : هو انا ليه حاسك مش مظبوط ، انت تعبان ؟


نبيل : عندى صداع جامد اوى 


نادر : طب ما تاخد مسكن 


نبيل : اخدت و ماعملليش حاجة 


نادر بقلق : ايه ، محتاج نروح لدكتور 


نبيل : لو ما راحش لبكرة هبقى ………..


وفجأة نهض نبيل مسرعا الى الحمام و قام بافراغ جميع ما بمعدته وسط ارهاق و توجع شديد ، و نادر يقف بجواره و هو يسند كتفيه و يربت على ظهره بحنان ممتزج بقلق و عندما انتهى نبيل ، قام نادر بمساعدته فى غسل فمه و وجهه و هو يقول : الدنيا ابتدى يبقى فيها لسعة برد ، لا تكون خدت برد ، و اللا تقلت فى الاكل و اللا ايه


نبيل باعياء : مش عارف


نادر بفضول : طب هو انت اول مرة يحصل كده و اللا حصلت و انت ماقلتش


نبيل : حصلت اكتر من مرة بعد ما خلصنا امتحانات المعهد


نادر بعتاب : طب و ليه ماقلتش يا نبيل ، المفروض كنت قلت طالما اتكررت ، و كنا روحنا لدكتور ، او حتى كنت قلت لاختك و اللا لكامل عشان نتطمن على الاقل


نبيل : مش عاوز ، انا تعبت ، و زهقت من دايرة الدكاترة و الادوية دى ، مش هقدر ادخلها تانى 


نادر : و هو انت عشان مصدع شوية يبقى لازم فى حاجة وحشة ، بس احنا برضة لازم نتطمن ، و بعدين ما انت كنت لسه بتقول لو الصداع ماراحش لبكرة هتروح للدكتور


نبيل : انا ماقلتش كده ، انا بس كنت هقول انى هغير نوع المسكن


نادر ببعض الحدة : تبقى بتهزر ، احنا هنروح للدكتور يا نبيل ، الكلام ده ما ينفعش يتسكت عليه


نبيل : ممكن تسيبنى انام يا نادر ، يمكن اروق شوية 


نادر : طب اعمللك حاجة سخنة تشربها 


نبيل : لا ، مش عاوز ، انا هحاول انام ، اطفى انت بس النور و سيبنى لوحدى شوية ، يمكن انام 


نادر بتنهيدة : ماشى .. انا هخرج اقعد برة شوية ، لو احتجت حاجة انده عليا انا مش هنزل 


ليخرج نادر مغلقا الباب وراءه بعد ان اظلم الغرفة ، ليجد والده و والدته يجلسان سويا امام التلفاز فالتفتت اليه والدته قائلة : اومال نبيل نام و اللا ايه


نادر : ااه ، قال انه مصدع شوية و هيحاول ينام


دولت : طب كويس ، شكله مش عاجبنى بقاله كام يوم 


منصور : و انت قررت هتعمل ايه فى الكلية ، هتروح و اللا ايه


نادر : ااه يا بابا ان شاء الله 


منصور و هو يدعى عدم الاهتمام : بتشوف اخواتك البنات اليومين دول و اللا مابقيتوش تروحوا عندهم


نادر : لا بشوفهم ، كنا معزومين على العشا عند مامتهم من كام يوم 


منصور بانتباه : و مين اللى كان عازمكم


نادر : احمد 


دولت : هم على طول بيعزموكم يا نادر ، ماتبقى يا ابنى تعزمهم عندنا مرة 


نادر بتردد : ماينفعش يا ماما ، و بعدين عادى يعنى ، دول اخواتنا ، و ان كان على احمد ، انا و نبيل بنعزمه برة ، و ساعات بنروح النادى ، بنتصرف يعنى


منصور : و مين بقى كانوا معاكم فى العزومة دى 


نادر : كلهم ، حتى كمان عمى و كامل 


منصور : و ايه المناسبة بقى للمة دى 


نادر بحمحمة : كامل كان عاوز بحدد معاد الجواز


منصور و هو يومئ برأسه باستهزاء : امممم ، ربنا يهنى سعيد بسعيدة 


نادر : انا هقعد فى البلكونة شوية 


منصور بسخرية : ااه و ماله ، ماهو انت مابقيتش تقدر تقعد معانا 


ليذهب نادر الى الشرفة دون ان يعلق بأى كلمة و ما ان جلس بمفرده حتى قام بالاتصال على فرح و ما ان اجابته حتى قال : ازيك يا فرح


فرح : اهلا يا نادر ، ازيك عامل ايه و ازى نبيل 


نادر و عينه تراقب مدخل الشرفة خشية ان يسمعه اى من والديه : مانا بكلمك عشان عاوز اسألك على حاجة تخص نبيل 


فرح بفضول : ماله نبيل


نادر : انا اكتشفت النهاردة انه بقاله فترة بيعانى من صداع و كمان بيرجع


لتصمت فرح و عندما طال صمتها قال نادر : فرح انتى معايا


فرح ببهوت : الكلام ده من امتى يا نادر 


نادر : اللى عرفته انه من واحنا فى الامتحانات 


فرح : و ازاى ماتقولوش حاجة زى كده ، ده الدكتور محذر و منبه ، و بعدين هو عمل الفحوصات الدورية اللى الدكتور كان كاتبها و اللا لا


نادر : عملها و المفروض ان النتيجة كمان طلعت


فرح : يعنى ايه المفروض ، ماهو يا طلعت يا ماطلعتش


نادر بامتعاض : اصلى ما روحتش معاه و هو بيستلم النتيجة ، يومها انا روحت اخلص اجراءات فى الكلية عشانى انا و هو ،  و هو راح عشان يستلم النتيجة لوحده ، و بعدها لما سألته ، قاللى كله تمام 


فرح بلهجة اصرار : تجيبهولى و تبجوا المستشفى حالا ، انا عندى نبطشية


نادر : بس هو مش راضى يكشف 


و قص عليها نادر الحوار الذى دار بينه و بين نبيل فقالت فرح : خلاص .. سيبنى انا اتصرف


نادر : طب ممكن ماتقوليلهوش انى قلتلك حاجة ، مش عاوزه ياخد منى موقف و لا يخبى عليا تعبه ، ده لولا انى كنت موجود و لاحظت انه تعبان و كمان رجع قدامى ، يمكن ماكانش قاللى حاجة 


فرح بتنهيدة : ماشى يا نادر ، انا هشوف هعرف اتصرف ازاى ، بس هى التحاليل كانت فى نفس المستشفى و اللا فى حتة تانية


نادر : ايوة 


فرح : خلاص ، انا هتصرف


بعد انتهاء المكالمة ، اتجهت فرح على الفور الى مكتب كامل الذى يصر على تواجده بالمستشفى اثناء نوبات العمل الليلية التى تكون من نصيبها ، و ما ان وصلت لمكتبه حتى طرقت الباب بلهفة و دخلت فور سماعها السماح بالدخول ، و ما ان رآها كامل حتى هب من مكانه بقلق قائلا : ايه يا فرح .. مالك ، وشك اصفر كده ليه ، ايه اللى حصل 


لتقص عليه المحادثة التى تمت مع شقيقها ليقول كامل : لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم ، تفتكرى الفحوصات كان فيها حاجة و نبيل عارف و مخبى 


فرح : مش عارفة ، بس احنا عشان نفهم لازم نعرف نتيجة الفحوصات الاخرانية 


كامل : دى بسيطة ، انا ممكن اكلم دكتور المعمل و اعرف منه


فرح : و هو ممكن يقول لك 


كامل : انا هكلم الدكتور الجراح بتاعه ، و هو هيتصرف ، اعتقد اننا كوننا علاقة مش بطالة وقت العملية ، و لو لا قدر الله فيه حاجة اكيد مش هيخبى 


فرح بدموع : لو طلع فيه حاجة ، المرة دى مش هتبقى سهلة ابدا يا كامل ، ده كده المخ


كامل بمواساة : اهدى شوية و اجمدى حبة ، احنا مش هنبنى نتايج على احتمالات و غير اكيدة كمان و نقوم الدنيا من غير دليل


فرح : طب اتصل بالدكتور دلوقتى ، على الاقل لو فى حاجة نقدر نتصرف بسرعة 


………………..


بعد مرور ساعة من الزمن و بمنزل منصور ، كان يعلو صوت جرس الباب ، ليذهب نادر مستطلعا الزائر ليتفاجئ بكامل و فرح أمامه فيقول بصدمة : فرح .. اهلا يا فرح اتفضلى 


فرح بلهفة : فين نبيل 


نادر و القلق يعلو ملامحه : ايه اللى حصل 


فرح و هى تتقدم لداخل المنزل : نبيل لازم ييجى معانا المستشفى حالا


نادر بفزع و هو يجول بعينيه بين فرح و كامل : ليه يا فرح ، انتو عرفتوا حاجة 


ليأتى منصور من الداخل على صوت الجلبة التى حدثت و عندما يرى فرح و كامل سويا يقول بسخرية : ايه ده ، الدكتورة و الدكتور جايين بنفسهم لحد بيتى ، يا ترى خير 


ليتقدم كامل الى منصور و يقول بهدوء : احنا جايين لنبيل يا عمى 


منصور باستغراب : و اشمعنى يعنى ، ماله نبيل 


كامل : للاسف يا عمى ، احنا عرفنا ان نبيل تعب تانى و مخبى عن الكل ، و ده طبعا بيأخر فى العلاج و عشان كده انا و اخته جايين ناخده معانا عشان نقدر نلحق الموضوع 


منصور بعدم تصديق : ايه الكلام الفارغ ده ، ما خلاص .. عمل العملية و خف و بقى زى الفل ، انتو هتبشروا عليه ليه تانى 


دولت بأسى و لهفة وهى تضع يدها على صدرها : لا يا منصور ، نبيل مش طبيعى خالص بقاله فترة ، حتى اللقمة مابقاش ياكل عدل ، و وشه متغير و دبلان ، و كل ما اسأله يقوللى مصدع و مابنامش كويس


ليلتفت اليها منصور قائلا بحدة : و ماقولتيليش الكلام ده ليه قبل كده ، و افرضوا حتى ان ده حصل ، مش معنى كده ابدا انكم تيجوا و عاوزين تاخدوه زى اللى قابضين عليه


كامل بتعقل : نبيل عارف انه تعبان و مخبى و كمان عرفنا من اخوه انه رافض العلاج 


منصور و هو ينظر لنادر : و انت كمان كنت عارف ، و هو انا يعنى اخر من يعلم ، ازاى تخبوا عليا حاجة زى كده ، بقى رايح تقول للدكتورة و الدكتور اللى عامليننى عدو ليهم و تخبى عليا انا ابوك و ابوه


نادر و الدموع تملأ عيناه : انا ماعملتش غير انى قلقت على اخويا و حبيت اعرف هو ماله و اتطمن عليه ، و ربنا قال .. و اسألوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون .. و هم اهل الذكر مش انت 


فرح موجهة كلامها لنادر : لو سمحت يا نادر ، احنا كده بنضيع وقت ، فين نبيل اندههولى 


منصور بغضب : انتى اتجننتى ، و مين قاللك انى هسمحلك انتى و اللا هو انكم تاخدوه منى 


فرح بجمود يعتليه الغضب : نبيل ماهواش محل نزاع اصلا مابيننا ، انا مش عاوزة غير انه يقتنع انه يتعالج ، عاوزين نلحقه و على الاقل نعرف الورم وصل لانهى مرحلة 


منصور و كأنه لم يستوعب الحدث : هو عشان تعبان شوية يبقى الورم رجعله تانى ، و اللا انتى بس اللى عاوزة تبانى انك فاهمة و عارفة كل حاجة و تعملى كبيرة عليا


كامل بغضب : هو انت مافيش فايدة فيك ، بنقوللك ابنك تعب تانى ، ده بدل ماتساعدنا اننا نعالجه و اقف ترازى فينا و تعاند و خلاص


منصور بغضب : مش اما اعرف الاول انتو جيبتوا الكلام ده منين 


كامل : من الفحص الاخير اللى عمله و خبى نتيجته عن الكل 


منصور : و لما هو خبى نتيجته ، سيادتكم بقى جيبتوا الكلام ده منين


كامل بفروغ صبر : لما نادر شك فى التعب اللى جاله و كلم اخته بلغها ، كلمنا الدكتور المعالج بتاعه ، و اللى عرفنا منه النتيجة 


منصور بصدمة : و ازاى الدكتور مايبلغنيش حاجة زى كده 


كامل و هو يزفر انفاسه : لان نبيل اقنعه انه هيسافر برة يعيد الفحوصات دى من تانى و هيعرض النتايج على دكاترة متخصصين هناك ، يعنى مبيت النية انه مايتعالجش من اساسه


ليهتز منصور بوقفته ليتهاوى متكئا على الجدار قائلا ببهوت : يعنى ايه ، المرض الخبيث رجعله من تانى 


كامل بحزن : للأسف المرة دى الاحتمال الاكبر انه فى المخ 


لتشهق دولت شهقة عالية و هى تضع احدى كفوفها على فمها و تقول : ابنى .. ابنى يا كامل ، ازاى كده ، ازاى بسرعة كده ، احنا مالحقناش نفوق 


كامل باشفاق على دولت : ان شاء الله لو بدأنا العلاج بسرعة يمكن الحالة ماتتأخرش و تستجيب للعلاج 


فرح بفروغ صبر : فين اوضته يا نادر ، عاوزة اتكلم معاه 


نادر و هو يمسح عينيه من أثر البكاء : تعالى يا فرح اتفضلى ، انا مش عارف ازاى ماخرجش على الدوشة دى كلها 


ليأخذها متجها الى غرفته مع اخيه و يقوما بالدلوف الى الحجرة ، و ما ان اضاء الانوار حتى تفاجئوا بنبيل ملقى ارضا دون حراك و وجهه ملئ بالدماء ، لتهرع فرح اليه و هى تصرخ على كامل لنجدتها ، ليقوم كامل و نادر بحمله من الارض و وضعه على الفراش مرة اخرى و هو غائب عن الوعى ، لتسرع فرح بتنظيف وجهه من الدماء لتكتشف انها نزيف من الانف  ، و بعد جس نبضاته ، رفعت وجهها لكامل و قالت بصوت يخنقه العبرات : محتاجين الإسعاف تيجى تنقله بسرعه ، النبض ضعيف اوى 


و قبل ان تمر نصف ساعة ، كانت سيارة الاسعاف تحمل نبيل متجهة به الى المشفى المتخصص و الذى قد قام نبيل باجراء الجراحة السابقة بداخله ، و كان فى استقبالهم الطبيب المتابع لحالة نبيل ، و الذى اسرعوا بادخاله الى قسم الحالات الحرجة بالرعاية المركزة 


و كانت فرح و كامل قد اصرا على الدلوف معه الى الداخل للوقوف على حقيقة التطورات الخاصة بالحالة ، ليقول كامل موجها حديثه للطبيب : انا مش عارف ازاى يكون الورم بالحجم اللى اكتشفتوه ده و ما حدش اكتشفه قبل كده


الطبيب : للاسف نبيل الحالة اللى كان الكبد بتاعه بيمر بيها خلانا ربطنا كل الاعراض بيه و بس ، لكن لما بعد العملية الفحوصات كانت لسه بتطلع ان الجسم فيه اورام ، ابتدينا نفحص الجسم بالكامل ، لحد ماحددنا مكان الورم


و خصوصا ان نبيل ماكانش متعاون معانا ابدا فى الفحوصات الاخرانية ، لدرجة انه كان رافض انه يعملها اصلا ، لحد ما قلت له .. خلاص براحتك ، بس انا لازم اكلم منصور بية عشان اخلى مسئوليتى قدامه ، لولا كده ماكانش عمل الفحوصات من الاساس


فرح : و النزيف اللى جاله من مناخيره ده بسبب الورم مش كده


الطبيب : للاسف ايوة ، الورم ضاغط بشده على المخيخ و حجمه مش صغير ابدا زى ما الأشعة موضحة ، و نزيف الانف ده مش اول مرة تحصل له ، لكن يمكن تكون دى اول مرة يصاحبها فقدان وعى ، و ده رحمة من ربنا لان الالم المصاحب ليه بيبقى شديد جدا


كامل : طب حضرتك هو الورم من انهى درجة 


الطبيب باسف : للاسف من الدرجة الاولى 


فرح بصدمة : يعنى ايه ، مافيش علاج ، مافيش عملية 


الطبيب : طبعا العملية موجودة ، لكن للاسف فى حالة نبيل .. نسبة نجاحها مابتتعداش تلاتين فى المية 


لتنشج فرح بالبكاء وسط مراقبة منصور و دولت و نادر من خلف الزجاج الفاصل بينهم بقلق بالغ ، لتقول دولت ببكاء : اخته بتعيط اوى ليه كده ، ابنى ماله ، حد يطمنى عليه


و بعد مشاورات و مداولات بين كامل و فرح و الطبيب ، تخرج فرح و دموعها مازالت تملأ عينيها ، و ما ان تلاقت عينيها مع منصور حتى قالت بقهر : طول عمرى بكرهك و مش مسامحاك على اللى عملته معايا ، لكن النهاردة كرهى ليك زاد اضعاف ، حرمتنا من بعض و لما افتكرتنى عشان مصلحتك اللى مامشيتش زى ما انت عاوز ، حاولت انك تفرقنا من تانى بغلك و عنجهيتك ، و ادينا هنفارق غصب عننا كلنا 


منصور ببهوت : اخوكى ماله يا بنتى


فرح بغل وهى تحاول خفض نبرة صوتها : بقى اخويا دلوقتى ، و بقيت بنتك كمان ، انا عمرى ماكنت و لا هكون بنتك ، حاولت تسرق حتة من كبدى قبل كده من غير ما تفكر حتى فى مستقبلى و لا رد فعلى ، و النهاردة ، النهاردة الحارة سد ، بس لو كنت اقدر اديله حتة من مخى كنت اديتهاله عن طيب خاطر ، بس اكيد مش عشانك ، لأ ، عشانه هو ، عشان حبيته و حبنى ، عشان نضيف مش شيطان زيك 


كان نادر يراقب ردود افعال والده و هو يخشى ان ينال من فرح ، و لكنه تفاجئ بوالده و هو يتلفت حوله بتيه ثم استقر بصره مرة اخرى على نبيل من خلف الزجاج و قال : كان خف ، كان بقى كويس ، و خلاص الغمة اتزاحت ، ليه كده ، ليه تانى ، ولادى ….


ليسقط منصور ارضا و هو يمسك صدره بالم واضح على وجهه ليسرع كامل و نادر و دولت اليه بينما تنظر له فرح باستياء و كره و تتركهم عائدة الى الداخل مرة اخرة لتظل بجوار نبيل

تكملة الرواية من هنا 👇👇👇


من هنا

تعليقات

التنقل السريع
    close