🌺🌷 الفصل الثامن عشر🌷🌺
🌺🌷والتاسع عشر🌷🌺
وجد آدم فراس يدور فى الجناح مثل المجنون يبحث عنها فدخل وأغلق الباب وقال
- هى مش هنا .
أستدار اليه فراس والشرر يتطاير من عينيه
- لقد نبهتها .. وجعلتها تهرب .
- عشان خايف عليك .. وهي متستحقش أن تئذي نفسك وعيلتك عشانها .
صاح به ثائرا
- لو كنت تخاف علي لنبهتني منذ البداية .
زفر آدم بضيق ثم قال
- الموضوع مش بالبساطة دى .. أنا أعرف مدى حساسيتك وكنت عارف أنها مجرد نزوة فى حياتك زى اللى كانوا قبلها وانك هتمل منها أو تكتشف سلوكها المنحرف بنفسك فهي مكنتش حريصة أبدا .. والأهم من كل ده انى مكونتش عايزكم تخسروا صداقتكم انت وحميد بسببها .
أسقط فراس جسده على المقعد قائلا بمرارة
- الصداقة .. الصداقة التى تقوم على الخيانة والتآمر والطعن فى الظهر ليست صداقة .
أقترب منه آدم قائلا
- محدش اتآمر عليك مننا .. كنا ..
قاطعه فراس بمرارة
- تقوم بحمايتي .. أتعلم ؟ حميد كان عنده حق عندما قال أنك تبالغ فى السيطرة وبفرض وجهات نظرك وبمعاملتنا كأطفال عاجزين .. كيف تريدني أن أكون شاكرا لك وأنت سمحت لعاهرة بأستغفالي ؟
صاح آدم بغضب مماثل وقد فاض به الكيل
- كنت عايزنى اعمل ايه .. آجى لحد عندك وأقولك أن مراتك بتقوم بأغراءنا وبتتحرش بينا .
- نعم .. هذا ما أتوقعه من صديقي ومن أخي ولكنكما أثبتما أنكما لستما كذلك .
ثم سار الى الباب وفتحه
- أخرج من هنا .. لا أريد أن أراك أنت أيضا من بعد الأن أبدا .
***************
خرج آدم من عند فراس وذهب الى جناح جليلة التى فتحت له الباب بحذر وأدخلته
.. وجد كاميليا تجلس شاحبة والرعب على وجهها وقالت
- ماذا حدث ؟
أشاح آدم وجهه بعيدا عنها بأشمئزاز وقال
- هتسيبى فراس .. اللى عرفه عنك لايمكن هيغفره وهيكون عنيف معاكى لدرجة صعب تتصوريها .
قالت تدافع عن نفسها
- أنا لم أفعل شيئا .. ومن قال له اى شئ سيئا عني سأواجهه وأنا أعرف من التى فعلت ذلك.
قالت جليلة بحقد
- تقصدين بالطبع اليمامة الصغيرة .
قال آدم ببرود
- زينة ملهاش اى دخل بالموضوع ده .. حميد هو اللى قاله .
شهقت كلتاهما معا بذهول وقالت كاميليا
- أنه كاذب .. أنا بريئة من أفتراءاته .
رد عليها آدم ساخرا
- انتى نسيتى انى كنت شاهد .
أمتقع وجهها بشدة فتابع
- هحجزلك تذكرة سفر لبلدك وفراس هيطلقك اول ما يرجع .
ثم أشاح وجهه عنها بغضب فقد تسببت فى تدمير علاقة صداقة أستمرت لعشرون عاما وقالت جليلة
- وأين حميد الأن ؟
- سبناه فى الكازينو .
سحبت جليلة هاتفها وطلبت رقم شقيقها وبعد محادثة قصيرة معه قالت لآدم
- يبدو فى حالة سيئة سأذهب لأتفقده فقد عاد الى غرفته للتو .
خرج آدم بصحبتها متوجها الى غرفته بدوره وهو يلعن جميع النساء فهن المصدر الرئيسي للمصائب .
****************
تقلبت زينة في فراشها وقد أزعجها صوت رنين هاتف غرفتها .. جلست فى الفراش ومدت يدها ورفعت السماعة وما أن وضعتها على أذنها حتى جاءها صوت جليلة هستيريا
- زينة أرجوكى أذهبي الى غرفة حميد بسرعة .. ستجدين كاميليا معه .. حذريهما بسرعة فراس فى طريقه الى هناك الأن .
تمتمت زينة بأرتباك
- ولكن أنا ..
ولكن جليلة قاطعتها
- أسرعي قبل أن يجدهما معا أنتى أقرب الى غرفته مني وكلاهما لا يجيب على هاتفه .
ثم أعطتها رقم الغرفة والطابق فأسرعت زينة تنهض من الفراش وقد أصبحت مستيقظة تماما الأن .. وفكرة أن يجد فراس زوجته فى حجرة صديقه ويقومان بخيانته كانت تفزعها .. لم يكن هناك وقت لتغيير ملابسها وأسرعت خارج الغرفة وصعدت الطابق الذي يفصل غرفتيهما على قدميها وراحت تعد الأرقام حتى وصلت الى رقم غرفة حميد وطرقت الباب بقوة عدة مرات
فتح حميد الباب وكان شبه عاريا ونظر اليها ذاهلا فدفعته زينة الى الداخل وهي تقول وعيناها تبحثان عن كاميليا وكانت تلتقط أنفاسها بصعوبة بسبب الركض
- هي فين .. فين كاميليا ؟
ولكن حميد كان قد أطبق عليها من الخلف بذراعيه
- حبيبتي .
تفاجأت زينة وحاولت التملص منه ولكنه كان فى غير وعيه فقالت بخوف
- كاميليا مش هنا ؟
- وما الذي سيأتي بها الى هنا .. ولكني سعيد بأنك أنتى هنا .
دفعها أمامه وسقطا معا على الأريكة وهاجمتها ذكرى ليست ببعيدة مع نفس رائحة الخمر الكريهة التى تفوح منه ..
لم تستطع زينة الأفلات من بين يديه وقد أصبحت تحته تعاني من ثقل جسده عليها وكل ما كانت تشعر به هو الذعر الشديد وعندما خف وزنه عنها فجأة لم تصدق أنه تركها وظلت مستلقية لا تعي ما حدث ولكن عندما أنقشع ضباب الخوف رأت آدم واقفا ينظر اليها من أعلى ووجهه يرعد من شدة الغضب ونظرة أشمئزاز لم تكن تدري أنها موجهة اليها .. سحبت ملابسها تغطي الجزء الذي تعرى من جسدها أثناء صراعها مع حميد .. تذكرته وبحثت عنه ووجدته منبطحا على الأرض ولا يتحرك فوقفت وجسدها يرتجف وحاولت أخراج صوتها لتشكر آدم على أنقاذها
- أنا ..
ولكنه لم يمهلها لتقول ما أرادت وقد نزل بكفه بقوة على وجهها فسقطت على الأريكة مجددا .. ليس من عنف الضربة فقط وانما من الصدمة أيضا
- كنت فاكرك مختلفة عنهم لكن انتى أثبتي انك كدابة مخادعة وومبقتش مصدق دلوقتى أنك بريئة بجد زى مابتقولى .
شهقت بالبكاء فصاح بها ثائرا
- مترجعيش للبكاء لأنه مبقاش يفيدك .. أنتى اللى جيتى اوضته .
واستدار ليخرج ولكنه عاد وألتفت اليها قائلا بمرارة وهو يشير الى جسد حميد الملقى على الأرض
- لو عايزة تفضلى معاه .. خليكى ... خلاص مبقاش يهمني .
بعد أنصرافه مباشرة جاءت جليلة الى غرفة أخيها ونظرت الى زينة بتشفي ففهمت زينة لعبتها ..
- ما رايك ؟ بعد أن تحدثت اليك أتصلت بآدم وأخبرته أنني رأيتك تدخلين الى غرفة حميد لم يصدقني وأتهمني بالكذب ولكنه جاء فهو لا يثق بك كما كنتى تظنين .
ثم ضحكت فقالت زينة بهدوء ووجهها خالي من أي أنفعال وهي مازالت جالسة على الأريكة بملابس مشعثة والدماء تنزف من جانب شفتيها
- أتمنى فعلا تكوني مبسوطة دلوقتى .. اكيد هتكونى سعيدة لو طردني من حياته لكن مخطرش فى بالك انك كده دمرتى صداقته بأخوكى وان ممكن يتطور الأمر بينهم ويقتله ؟
شحب وجه جليلة وماتت الأبتسامة على شفتيها وهي تتلفت حولها وتقول
- أين حميد ؟
وقبل أن تجيبها زينة لمحته على الأرض ممددا بجوار الأريكة فصرخت بجزع وأسرعت اليه وركعت بجواره وهي تهزه
- حميد .. أخي .
وقفت زينة بقلب وجسد مكدود .. وصوت نواح جليلة لا يؤثر فيها ولا تعرف كيف عادت الى غرفتها .
**************
أتصل فراس بالمطار وحجز على أول طائرة مغادرة الى بلاده وفى نفس الوقت كان آدم يتصل ببيدرو ويطلب منه أن يجهز القارب فورا للرحيل ..
وأستطاعت جليلة أن تحمل حميد للوقوف على قدميه وساعدته فى الوصول الى فراشه وهي تشعر بالذنب لما هو فيه وقد وجدت جانب رأسه متورما وكان يأن من الألم .
وظلت كاميليا حبيسة جناح جليلة وهي تشعر بالخوف والقلق .. لا تجرؤ على الذهاب الى جناحها خوفا مما قد يفعله بها فراس .
*****************
أنه يحدث مرة أخرى ..
تركوها وذهبوا جميعا .. خرجت زينة من الفندق تعدو بأتجاه المرفأ .. سوف تشرح لآدم الحقيقة .. تخبره بأحتيال جليلة عليها وسوف يصدقها .. وسيؤكد له حميد قصتها فمن غير المعقول أن تذهب الى غرفة حميد من دون سبب قهري وسيقف فراس فى صفها وينهره من أجلها .. ومن ثم سوف يأخذها الى أمه فى أسبانيا لتعمل لديها وتعيش فى بيته لا يهم ان لم يحبها حقا ولكن لا يجب أن يتركها وحدها .. أنه فقط غاضب وعندما يهدأ سيفهم .. وفكرت برعب وهي تقطع المسافات عدوا .. أنها لا تستطيع أن تبقى وحدها .................
وصلت الى المرفأ وأنفاسها تكاد تنقطع .. ولكنها أستمرت بالجري بين المراسي حتى وصلت الى الرصيف الذي من المفترض أن القارب يقف عنده ولكنها لم تجده ..
تجمدت من الصدمة .. غير مصدقة أنهم تركوها حقا وحدها .. للحظات كان عندها أمل فى أن تجد القارب ..
تلفتت حولها بعجز فرأت صاحب أحد القوارب التى كانت ترسو بجوار قاربهم وسألته بلهفة
- سيدي أرجوك .. أين القارب صوفيا الذي كان يرسو هنا .
فأجابها
- لقد رحل قرب الفجر .
كانت تعلم ذلك وليست فى حاجة لتأكيده ..
- زينة .. زينة .
أنها لا تتخيل .. كان هناك صوتا ملهوفا ينادي بأسمها فاستدارت بسرعة وهي تبكي من الفرح وقد عاودها الأمل .. آدم لن يتركها وحدها ولا فراس سيطاوعه قلبه وحتى حميد سيفهم خطأه ويعتذر عنه .. أسرعت الخطى بأتجاه الصوت والجسد الذي يعدو بأتجاهها
وللحظات كان وهج الشمس يجعلها عاجزة عن معرفة هويته وقبل أن تلقي بنفسها عليه جاء صوته الأجش ليسمرها فى مكانها وكأن الزمن قد توقف
- زينة .. مش مصدق أني لقيتك أخيرا حبيبتي .
هزت رأسها بذهول وهي تردد
- لا .. مش معقول انت تانى .. لا .
وسقطت مغشيا عليها لأول مرة فى حياتها بين ذراعيه
🌺🌷🌺🌷🌺🌷🌺🌷🌺
***** ملاك فى قبضة الشياطين
***** الفصل التاسع عشر
----------------------------------
فى العادة لا ينتظر فراس أن يفتح له السائق باب السيارة ولكن هذه المرة أنتظر .. أراد أن يستجمع شجاعته ويستعد لمواجهة واقعه لأول مرة ..
في هذا البيت الكبير توجد حياته الحقيقية .. الحياة التى ما برح يتجاهلها وينكر حقوقها عليه .. كان لابد من صفعة ليفيق .. كان لابد من مقارنة الخبيث بالطيب أمام عينيه ليتعرف على الفرق
- حمدا لله على سلامتك يا شيخ .
أبتسم فراس للسائق الفلبيني الهرم والذي كان يعمل لدى عائلته منذ عقد من الزمن , نزل من السيارة وربت على كتفه
- سلمك الله يا أخي .
فتح باب البيت وهبت ريح فتخيلها وكأنها ريح الجنة تهب فى وجهه تبعها صياح ولديه وهما يقفزان على الدرج الرخامي ..
تلقاهما بين ذراعيه ووجد الدموع لأول مرة تملأ عيناه .. حمدان البالغ من العمر تسعة أعوام والذي يشبهه كثيرا يكاد أن يصبح طوله الأن ونجد ذو الخمس سنوات والذي يشبه أمه أكثر أقصر قامة وأقل وزنا لهذا رفعه وحمله بذراعه اليسرى وضم حمدان بذراعه اليمنى وقبل رأس كل منهما وهو ما زال يستنشق رائحتهما وعندما رفع وجهه رأى أروى .. زوجته تقف وأبتسامة هادئة على شفتيها .. كان معظم جسدها متواريا خلف الباب تضم خمارها بأصابعها أسفل عنقها فقد كان السائق يجلب الحقائب من السيارة , أنزل نجد وقال لهما مازحا
- هيا أجلبا الحقائب فالرجل العجوز يحتاج للمساعدة .
أسرعا لتنفيذ أمره بحماس وسعادة واضحين .. وشعر فراس بالذنب فهو لا يعطيهما الكثير من وقته .. دائما مسافر يجري وراء الأعمال .. والنساء .
أفسحت له أروى الطريق ليدخل ولكنها تفاجأت عندما مال على جبينها وقبله .. أرتجفت أنفاسه .. أن لها نفس رائحة طفليه .
قالت بصوت يغلب عليه الخجل
- حمدا لله على سلامتك .. لقد عدت مبكرا عما قلت .
قال وهو يحيطها بذراعه ويسير بها الى الداخل
- آه نعم .. أنتهيت مبكرا .
سألته بحيرة
- أنتهيت من ماذا ؟
توقف ونظر اليها مبتسما
- أردت أن أمضي بقية أجازتي معك ومع الأولاد .. هذا كل شئ .
أبتسمت أروى بسعادة وقد تألقت عيناها بفرح طفولي كولديها وكان قد انزلق الخمار عن رأسها وأستقر على كتفيها ليكشف عن شعرها الحريري الأسود الطويل , سحب فراس الخمار وألقى به بعيدا ورفع يده وجعل اصابعه تتخلل خصلات شعرها وهو ينظر اليه بتأمل ويده الأخرى تجوب على وجهها بدءا من حاجبيها المقوسين بشعيرات ناعمة لا أثر فيهما للوشم فوق عينان واسعتان برموش طويلة تعطيهما سحرا كان غافلا عنه .. لمس طرف أنفها الصغير حتى وصل الى شفتيها والتى أنفرجت متأثرة بلمساته .. كانت شفاه مكتنزة شهية .. وتساءل بعجب كيف كانت تجذبه الشفاه المنتفخة صناعيا .. أروى لم تكن تضع سوى الكحل بعينيها .. ولكنها تبدو أجمل من أى أمرأة تختبئ تحت طبقات وطبقات من مساحيق التجميل .
سألته بأنفاس مبهورة
- ماذا بك ؟
- أظن أنني أشتقت اليك .
توقع أي شئ ردا على جملته الا أن يرى الدموع تلمع بعينيها التي كان يتغزل فيهما منذ قليل فسألها بقلق
- هل قلت شيئا ضايقك ؟
أبتلعت ريقها وحاولت رسم أبتسامة على شفتيها
- بل قلت الشئ الذي دعوت الله كثيرا أن أسمعه منك .
ضمها اليه ليمنعها من رؤية تأثره وأحساس الذنب الذي نخزه .
******************
أستيقظ حميد من نومه على صوت نافذ الصبر يقول
- أستيقظ يا عديم النفع .
عديم النفع ؟ فتح عينيه بدهشة ورأى فتاة صغيرة الحجم ترتدي قفطانا مغربيا تكاد أن تغرق بداخله وكانت تدور فى الغرفة .. ترفع شيئا وتضع شيئا وشعرها البني القصير بخصلاته الملتوية يقفز خلف رأسها الشامخ وكأنه متحمس مثلها .. رفع جسده مستندا على كوعيه وهو يتابعها غير قادر على النطق .
أستدارت اليه أخيرا وكانت قد أنتهت من تجهيز مائدة طعام صغيرة قرب النافذة .. نظرت اليه بما يشبه الأحتقار وقالت
- الساعة أصبحت الثالثة من بعد الظهر وأنت مازلت نائما .. من قال عنك رجل أعمال ظلمك والله .
شعر بألم فى ضلوعه عندما سحب نفسا ليستعد للصراخ بوجهها وبدلا من ذلك تأوه متألما وسقط على الوسادة فقالت الفتاة بأستياء ساخر
- يا لك من مسكين .. يبدو أن من ضربك قد أجاد عمله جيدا .
لم يتحمل أكثر من ذلك فعاد ليجلس مستقيما متجاهلا آلامه قائلا بحدة
- من أنتى .. خادمة جديدة ؟
مطت شفتيها ورفعت رأسها بشموخ
- أنا خادمة يا قصير النظر ؟
رمشت عيناه بسرعة متفاجئا وهو يشعر بالغيظ من وقاحتها وطول لسانها ولكنه تريث ليتأملها بروية وشعر بأنه يعرفها من مكان ما ..
- من أنتى ؟
ردت بحدة وقد أعتبرتها أهانة لأنه لم يعرفها
- أنا جنة .
قال ساخرا
- وماذا بعد ؟ منذ متى وأنتى تعملين هنا .. لأنه سيكون آخر يوم لكى بالعمل اليوم .
زمت شفتيها بغضب وقالت بحدة
- أنا لست خادمة لديك .. أنا أبنة خالتك يا عديم النفع يا قصير النظر يا قليل الأدب .
لقد طفح به الكيل فصاح بها غاضبا
- أخرجي من هنا .. هيا .
أنتفضت مجفلة من صوته ولكنها مع ذلك أستدارت ببرود وسارت بهدوء الى الباب وقالت وهي تشير بيدها بلامبالاة الى المائدة
- كل .
ثم أغلقت الباب خلفها بهدوء مثير للأعصاب
ظل حميد جالسا فى الفراش لبعض الوقت مذهولا وغاضبا .. من هذا الأعصار الذي هب فى وجهه فجأة ؟ .. ثم شعر بالحنق وهو ينزل عن الفراش .. كيف تجرؤ أمه على دعوة ضيوف وهي تعلم بحالته وبمزاجه المضطرب ..
لقد عاد من مونت كارلو الى المغرب بصحبة جليلة ولم يستوعب حقيقة ما حدث بالفندق الا بعد أن أستقر فى البيت ليفهم سبب شجاره مع آدم ..كان ثملا .. ومعظم الأحداث قد طارت من عقله ولكن ذكرى وجود زينة معه فى الغرفة كانت تبدو غريبة .. فما سبب مجيئها عنده بغرفته ؟ وكان ذلك هو السبب الذي جعل آدم يهاجمه بتلك الطريقة ويضربه ..
عرف كل شئ فى الصباح عندما أخبرته جليلة وهي سعيدة بنفسها كل ما قامت بالتخطيط له لتفصل بين آدم وزينة .. كان يتمنى لو تترك زينة آدم وتلجأ اليه ولكن ليس بتلك الطريقة .. لا يريد أن يخسر صديقه الذي اثبت بموقفه هذا أنه يحبها .. ما كان آدم ليؤذيه بتلك الطريقة الا اذا كان قد تألم لوجودها معه فى غرفته .. لذلك فقد تشاجر مع جليلة شجارا كبيرا وأمرها بأن تعود الى اسبانيا وتبقى فى بيت العائلة هناك .. ولم تستطع أن ترفض أمره .. فهو بحكم وجودها فى المصحة النفسية لوقت طويل خرجت على مسؤليته كواصي عليها وهو قادر على اعادتها بكل سهولة وهذا ما كان يهددها به دائما كلما أفلت عيارها وعاد هو الى المغرب رغبة منه فى البقاء وحده ولكن أحلامه لم تتحقق فقد فوجئ بأمه هنا .. جاءت لحضور زفاف قريبا لها .
تناول كوب الشاي المصنوع على الطريقة المغربية وأرتشف منه القليل ثم تركه على المائدة وذهب الى الحمام .
****************
لا تصدق زينة ما يحدث لها ..
لقد عادت من حيث بدأت .. فوق ذلك اليخت مجددا ..
أفاقت من أغمائتها لتجد نفسها فى فراش واسع مريح فى حجرة ذات سقف منخفض وعرفت أين هي ؟
قفزت من الفراش وأسرعت الى الباب يسيطر عليها الذعر بابشع صوره .. فتحت الباب لتسقط مرة أخرى بين ذراعي خالد فتراجعت الى الوراء وكررت
- لا .. انت تانى .. أرجوك سيبنى امشى .
كان وجهه متجهما بشدة ولكنه لم يقترب منها وأكتفى بمد يده اليها قائلا بهدوء
- متخافيش يا زينة .. أنا مش ممكن أأذيكى .
هزت رأسها وقالت باكية
- اكيد هتئذيني .. ما انت سبق وأذيتني قبل كده .
أنزل يداه الى جانبه بأحباط
- صدقيني مش انا سبب وجودك على اليخت ومش ممكن أعمل معاكى حاجة زى دى ابدا .. انا كنت عايزك زوجة ليا .
قالت بلهفة وجسدها يرتعد
- طيب لو كلامك صح سيبنى امشى من هنا .. لو كنت بتقدرني زى ما بتقول يبقى مش هتقبل انى اكون فى مكان زى ده .. مش كده ؟
- ده مش يخت فريدريكا يا زينة .. ده يخت تانى ومفيش فيه غيري أنا وأنتى .. أتطمني.
فقالت وهي تسير بحذر الى الباب
- هرجع للفندق .. فى اصدقاء ليا مستنينى هناك .. وهبقى اقابلك ونتكلم بعدين .
وصلت الى الباب ولم يمد يده ليوقفها ولكنه قال
- صعب انى اسيبك تمشى دلوقتى .. اليخت اتحرك بينا وأبتعدنا كتير عن مونت كارلو .
تجمدت فى مكانها وتابع
- متخافيش من حاجة .. أنتى فى أمان معايا .
أسرعت الى النافذة وأزاحت الستائر .. كان يقول الحقيقة .. كان اليخت مبحرا بالفعل
كان كابوسا يتكرر وتعيشه من جديد وللمرة الثانية تفقد وعيها .
*************
لم يشعر فراس بمثل هذا الشعور من قبل ..
لأول مرة يستمتع بالبراءة .. تغويه الرقة .. ويثيره الخجل ..
كان دائما يعتقد أنه لن يحصل على الأكتفاء الا بين أحضان أنثى مجربة وأنها الوحيدة القادرة على ايصاله الى قمة المتعة .
نظر الى أروى التى كانت تنام بوداعة وشعرها الناعم الطويل مسترسلا كحجاب حول رأسها مغطيا كتفيها العاريين .. بدت كالملاك فى نظره .. ابتسم ..
كم عام مر عليهما وهي زوجته .. كم مرة نام معها ونتج عن ذلك طفلين ؟.. فكيف يشعر اذن بأنها أول مرة لهما معا ؟ ..
ذلك لأنه كان معها بقلبه وعقله وبكل أحاسيسه .. لم يتعامل معها كتأدية واجب .. لم يعاشرها هذه المرة وخياله سارحا فى نساء غيرها .
أراد أن يمد يده اليها ويتلمسها ولكنه يخشى أن يوقظها .. وبعد لحظات لم يستطع أن يمنع نفسه أكثر من ذلك .. فهو يريدها .. يريد أن ينظر فى عينيها وأن يحتضنها ويستمتع بقربها .
فتحت أروى عينيها الناعستين وأبتسمت لفراس وهي تجذب الغطاء عليها بخجل
- ألم تنام بعد ؟
داعب وجنتها بأصابعه
- كنت أستمتع بالنظر اليك .
تألقت عيناها بفرح وقالت مازحة
- وكأنك لم تراني من قبل .
- أشعر أني هكذا فعلا .
نظرت اليه بحيرة فتابع حديثه قائلا
- ما الذي يحدث معك ؟ .. هناك شئ قد تغير بك .
جذبها اليه بغته جعلتها تجفل ثم تضحك
- أرجو أن أكون قد تغيرت للأفضل .
أحمر وجهها وقالت وهي تتلمس لحيته الخفيفة بخجل
- أكاد أجزم أنني لا أعرفك .
مسح على شعرها بحنان
- حسنا .. أمامنا بقية العمر لكي أعرفك على نفسي من جديد .
**************
فتحت زينة عينيها ورأت خالد جالسا الى جوارها يطل عليها بوجهه الرجولي الجميل ونظرة قلق فى عينيه .. أنها بالطبع مشاعر كاذبة ومخادعة مثله .. كانت قد فتحت عينيها ولكنها لم تتحرك ولم تتحدث وظلت تنظر اليه بنظرات فارغة
- زينة ؟ .. أنتى نايمة بقالك يومين وده مش طبيعي ...
نائمة منذ يومين ؟ منذ يومين وهي هنا .. لقد ضاع أي أمل لها اذن .
- لازم تاكلي أو تشربي حاجة .. ردى عليا أرجوكى .
ولكنها لم تفعل فتابع
- عارف أنك بتكرهينني وان اللى عرفتيه عني ضايقك .
صرخ عقلها فيه بغضب .. ضايقها كلمة لا تصف ما شعرت به حقا .. أنه قواد .. يتاجر بأعراض النساء .. يخدع الفتيات أمثالها وامثال أختها ويدفع بهن الى طريق الرذيلة والفجور .. ضايقها ؟!!!
- انا دورت عليكى كتير .
بحث عنها ليعيدها الى العالم القذر الذي هربت منه .. أخبرتها نجلاء أنه لا يرحم من يخالف أوامره وهي خالفتها عندما أفسدت خطته بشأنها .. لم يكن يستطيع أن يسمع صوت عقلها لذلك تابع وكأنها لم تقل شيئا
- كان قد مر تلات أيام على أختفائك لغاية ماوصل واحد لمكانك وبلغنى باللى حصل .
ايوة ما انت رئيسهم وبيرجعولك فى كل شئ ..
تلوى وجهه بما يشبه الألم وقال بصوت جعلته المشاعر المضطربة أجشا أكثر
- فى البداية أعتقدت أن نبيلة هي اللى كانت موجودة على اليخت فمهتمتش بيها وركزت على حل المشكلة أولا .. سيبت الشغل اللي كنت بقوم بيه ولحقت باليخت في اليونان وهناك عرفت ان أنتى اللى كنتى موجودة مش هى .
رفعها بين ذراعيه يضمها اليه دون أي مقاومة منها وقال متأوها
- متعرفيش احساسى كان ايه لما عرفت .. كنت هجنن .. خصوصا أن كل الشواهد كانت بتأكد أنك يمكن تكونى رميتى نفسك فى البحر .. بعد ما لقوا حذائك فى المية .. مرت عليا ساعات كانت سودا مريرة ....
ثم سب نبيلة بلفظا نابيا وتابع
- من حسن حظها أنها كانت بعيدة عن ايدي والا كنت قتلتها .. ولكن مش قبل ما ادوقها من العذاب اللي كنت حاسس به .
شدد من ذراعيه حولها وهي عاجزة عن دفعه أو الأبتعاد عنه .. كانت كالمشلولة وعقلها وحده من يستمع ويفكر ولكن جسدها كان خاضعا مستسلما
- وقبل ما ينتهي الغواصين وفرقة البحث التى جبتها من العثور على جثتك .
توقف للحظة وشعرت زينة بدقات قلبه تضطرب تحت أذنيها وكأن فكرة العثور عليها ميته كانت تفزعه
- لقى واحد من البحارة هدومك فى اوضة المحركات وكان عليها دم .
شهق بقوة فظنت أنه كان يبكي وسألها بصوت منخفض متردد
- كان دمه هو .. والا كان .. دمك أنتى ؟
أشتدت ذراعيه أكثر فشعرت بأن عظام قفصها الصدري ستتداخل وتتحطم .. وكأنه يريد صهرها بين يديه
- هو قدر يسرق براءتك ؟
فهمت زينة ما عناه بدمائها .. وفكرت بمرارة أنه يتعذب لأنه لم يكن هو من فعلها أولا
- قولي لا أرجوكى .. قولي أنك ممكنتهوش منك .
وعندما لم ترد حل يده من حولها وتلقف وجهها بين كفيه يقول بشراسة مخيفة وقد نفد صبره من صمتها .. ذكرها بآدم فى تلك اللحظة .. فكلاهما يذكرها بالأخر.
- قوليلى انتى والا هضطر أنى أتأكد بنفسي .
لمع الذعر في عينيها فهي لا تستبعد أن يفعلها خاصة مع تلك النظرة الشيطانية التي أشتعلت في عينيه
كل ما أستطاعت ان تفعله زينة هو أن تهز رأسها نفيا فتوقفت أنفاسه وبرقت عيناه وقال بلهفة
- معملش ؟ .. أنتى زى ما أنتى .. صح ؟
عادت لتهز رأسها ايجابا .. فضحك .. ضحك براحة وسعادة وعاد ليضم رأسها الى صدره ولكن برقة هذه المرة
- لو كنت لقيته حى كنت قتلته .. متعرفييش كام شخص كنت عايز أقتله عشانك .
أنتفض جسدها وهي تستعيد مشهد الرجل الميت .. كانت ذكرى أستطاع عقلها أن يدفنها بعيدا حتى أنها كانت قد قاربت على الأعتقاد بأن هذا لم يحدث معها قط .
تابع خالد سرده لما حدث
- بقى عندي أمل لما لقوا هدومك .. أنك على قيد الحياة وأنك قدرتى تهربى بأى طريقة .
فكرت زينة بذعر .. عبدالله .. ماذا فعلوا به ؟ .. وما قاله خالد تاليا جعل الدماء تتجمد فى عروقها
- مكانش صعب الوصول لآخر شخص ساب اليخت .. الراجل كان عنيد قوى وأصر على حمايتك حتى آخر نفس .
وهنا دبت القوة فى أوصالها فأنتفضت مبتعدة عنه وصاحت بصوت بالكاد خرج من حنجرتها
- عبدالله .. عملتوا فيه ايه ؟
أبتسم وهو ينظر الى ملامح وجهها بشغف
- أشتقت لسماع صوتك .
قالت بتوسل
- أرجوك .. قولى أنك مأذتوش .. كان طيب معايا وساعدني .
لاطف وجنتها بأصابعه
- عارف .. وده اللى شفع له عندي .. قدرت له اللى عمله علشانك ولكن كنت محتاج اعرف مكانك وراح بيكى فين ؟
كررت
- هل اتأذى ؟
قال متبرما بعصبية
- مقتلتوش لكن أضطريت اعذبه شوية عشان يعرفنى مكانك .
أرتجفت شفتيها بمرارة وقلبها يتألم من أجل الرجل الشهم الذي وقف بجانبها
أراد خالد أرجاعها بين ذراعيه ولكنها كانت قد تمالكت نفسها فنفرت منه وتراجعت بعيدا عنه ..
قال لها متوسلا
- بلاش تبصيلى بالطريقة دى يا حبيبتي .. حطى نفسك مكانى .. كان هو الوحيد اللى يقدر يعرفنى مكانك .
- وقالك على مكانى ؟
- لا .. قولتلك أنه كان مصر على حمايتك لكن انا أستنتجت أنه يمكن هربك على القارب اللي راح لمعاينته خصوصا لما عرفت أن اللى كانوا عليه عرب وصاحبه مصري .
ثم عبس وهو يتابع
- كان تتبع القارب ده يبان انه سهل في البداية ولكن مكانش بيلتزم تقريبا بخط سير واضح ده غير أنه قارب شراعي خفيف وسريع .
تساءلت زينة بذهول .. هل كان يطاردهم طوال الوقت .. وماذا عن برنامج رحلتهم السياحية وزبائنهم والفتيات ؟.. هذا غريب لتصدقه .. ثم خطر هاجس برأسها فقالت بصوت مرتعش من الرعب
- هتسلمني للشرطة ؟
أبتسم بتجهم
- احنا مش بندخل الشرطة فى أعمالنا .
سألته بذهول
- والراجل اللي مات؟ .
رد بجفاء
- ورثته كانوا سعداء جدا بخبر وفاته كمان نهما عيلة معروفة فى بلده والفضائح هتأثر عليهم خاصة لو أنتشر ليه فيديوهات جنسية مشينة .
راقب ذهولها فتابع بقسوة
- على الأساس ده بتقوم أعمالنا ونستمد نفوذنا .. سجلت الوفاة على
Comments
Post a Comment