أخر الاخبار

ملاك فى قبضة الشياطين🌷🌺 🌺الفصل العشرون الواحد وعشرون🌺



 🌺🌷 ملاك فى قبضة الشياطين🌷🌺

🌺الفصل العشرون  الواحد وعشرون🌺

🌺🌷🌺🌷🌺🌷🌺🌷🌺🌷🌺🌷🌺

- أين جهنم ؟

قالها حميد بأمتعاض وهو يتلفت حوله في حجرة الجلوس المطلة على الحديقة حيث كانت تجلس أمه .

ردت أمه بعتاب

- لا تدعوها هكذا .. أنها ضيفة لدينا .

جلس الى جوارها قائلا بحنق

- ضيفة ؟ أنا أشعر بأننا نحن الضيوف عليها .. أنها تصول وتجول فى البيت على هواها وتنتقد كل شئ .. لا أحد يعجبها .

تلك الفتاة ذات اللسان الذي يشبه السوط تلقي بالتعليقات اللاذعة فى وجهه طوال الوقت ولا يعرف سببا يجعله يتحملها .. تهينه بنظراتها وتسخر منه بتعليقاتها ويشعر طوال الوقت بأنها تكرهه فأطلق عليها أسم جهنم وقد سمعته مرة وهو يذكرها أمام والدته بذلك الأسم ولم يكن منتبها لوجودها وردت عليه حينها قائلة

- جهنم هذه هي التي سيلقى فيها أمثالك من الفاسقين .. يا تافه يا مغرور ..

واسترسلت فى صف طويل من الأهانات والشتائم جعل وجهه يحمر ويكاد يتهور ويقوم بضربها لولا أن تدخلت أمه

- أنه لا يقصد يا حبيبتي أن حميد يمزح معك .

رمقته بنظرة أحتقار ثم أستدارت رافعة رأسها الصغير بشموخ وخرجت من الغرفة ولكن حميد كان قد لاحظ الدموع فى عينيها وشعر بنوع من تأنيب الضمير فهي أبنة خالته الصغيرة وقد عاملها بجفاء وقلة ذوق منذ أول مرة رآها فى غرفته فحالته النفسية السيئة جعلته لا يتحمل وجودها ويبدو أنها شعرت بذلك لهذا هي متحاملة عليه وقد أنبته أمه مرة قائلة

- يبدو واضحا عليك أنك لا تطيق وجودها ولا بد أنها شعرت بذلك لهذا هي مستاءة منك .

رد عليها بحنق

- وماذا عنها ؟ ما شاء الله لديها لسان سليط تعبر به عن أستيائها بطريقة مقرفة .

ضحكت أمه وقالت

- جنة فتاة طيبة وظريفة جدا ان تعرفت عليها جيدا ستحبها .

رد ساخرا

- سامحه الله من أطلق عليها أسم جنة .. أنها جهنم على الأرض .

وكان ذلك هو الحوار الذي أستمعت اليه, حاول مصالحتها وقد وجدها جالسة فى الشرفة وعندما شعرت به مسحت وجهها كما لو كانت تجفف دموعها فقال

- هل يمكن أن أجلس معك ؟

أشاحت بوجهها بغضب فتابع وهو يجلس على المقعد المجاور لها

- كم عمرك يا جنة ؟

بدا له أنها لن تجيبه ولكن بعد لحظات أجابت

- أنا أصغر منك بثمان سنوات .

دهش لأنها أجابت بتلك الطريقة وسألها يحاول المزاح

- وهل تعرفين كم أبلغ من العمر ؟

أستدارت اليه ونظرت الى عينيه مباشرة وقالت بثقة وشئ من التعجب

- بالطبع أعرف .. بعد شهرين وأربعة أيام بالضبط ستكمل الرابعة والثلاثون من العمر .

سألها بتعجب

- وهل تحسبين عمر الجميع بنفس الدقة هذه ؟

- لا .. أنت فقط .

ابتسم ببطئ وأصابه شئ من الغرور فيبدو أنها واقعة فى غرامه , ضاقت عيناها وهي تتأمل التغيير فى نظرته وابتسامة الغرور التى تجلت على شفتيه وقالت وقد زمت شفتيها وارتسمت نظرة شيطانية فى عينيها

- لأن يوم ميلادك يا عديم القيمة وقليل الفهم يصادف يوم ميلادي .. وهذا من سوء حظي .. وخالتي لا تنفك تذكرني بأننا نشترك به معا وهي لا تدري بأنها أحضرت مصيبة الى هذا العالم .

وهنا فاض به الكيل حقا وجذبها من ذراعها

- ما الذي يجعلك متحاملة علي الى هذه الدرجة .. أنا لم أراكى فى حياتي سوى مرة أو مرتين ولا أذكرهما .

حاولت تخليص ذراعها من يده ولكنه لم يتركها فقالت

- لم تسمع عني لأنني حسنة السيرة والسلوك أما أنت .. فضائحك تطاردك وتطارد عائلتك معك .

ثم جذبت ذراعها بقوة أكبر هذه المرة فتركها وقد ضاقت عيناه بحدة وهي تتابع

- هل سبق لك أن بحثت عن أسمك فى جوجل ؟ .. هيا أمسك هاتفك واكتب اسمك وأقرأ عن نفسك وستعرف لماذا أنا متحاملة عليك .. زير نساء فاسق .. هذا ما أنت عليه .. صورك مع الفاتنات العاريات تملأ الدنيا .

قال بحنق شديد

- أنا حر فيما أفعله ولا أنتظر أن تحاسبني فتاة لا قيمة لها وتافهة مثلك ولا عمل لها سوى تتبع أخباري .

شهقت بأستنكار

- أنا تافهة ولا عمل لي سوى تتبع أخبارك ؟ .. ما الذي تعرفه عني .. عن عملي ؟

قال بأستهزاء

- العمل الوحيد الذي أراكى تصلحين له هو مضايقة خلق الله .

وضعت يدها فى خاصرتها وقالت

- أنا طبيبة ان كنت لا تعرف ذلك .. أعمل لأكثر من ثمان عشر ساعة فى اليوم أنقذ حياة الناس وأخفف من آلامهم .. ماذا تفعل أنت للبشرية غير نشر الفسق بينهم .

ثم تركته يقف مذهولا فهو لم يتوقع أن تكون طبيبة .. فهي تبدو صغيرة ورقيقة وتلك القفاطين التي تصر على أرتدائها بأستمرار تجعلها تبدو هشة جدا .


****************

تنهد خالد بحزن وهو واقف يتأمل زينة وهي جالسة عند مقدمة اليخت تنظر الى الأفق بنظرات حزينة شاردة وتضم ركبتيها الى صدرها , هى على هذا الحال منذ أن أستجمعت شتاتها وأفاقت من صدمتها برؤيته , شعر بالغصة والحزن الشديد لأن تأثيره عليها وصل الى هذا الحد .. أنه يحبها ويريدها وعلى أستعداد أن يفعل أي شئ من أجلها .. أي شئ عدا أن يسمح لها بأن تتركه .. وللأسف هذا هو الشئ الوحيد الذي طلبته منه .. لو تعرف كم يحبها لرأفت بحاله وما عاملته بمثل هذا الجفاء ..

كانت قد سألته بعد أن تمالكت أعصابها وفقدت الأمل فى العودة الى أصدقائها كما أطلقت عليهم

- انت نمت معاها ؟

كان يعرف من تقصد دون ذكر أسمها

- ايوة حصل .. لكن ده كان قبل ما اشوفك أو أعرفك .. بس من اللحظة اللي شوفتك فيها مبقاش لها وجود لا هى ولا أي ست تانية .

أنسابت الدموع من عينيها الحزينتين وقالت بمرارة

- يبقى كان عندها حق أنها كرهتني ..

- كانت بتكرهك على أى حال؟

- لكن مكانتش هتفكر انها تبعتنى للهلاك لولا أن الراجل اللي سلمته نفسها أختارني أنا بدل منها عشان أكون زوجة ليه .

- وحتى لو مكونتش إختارتك كان لايمكن أختارها هي أبدا وهى كانت عارفة كده كويس .

- ازاى فكرت فى الجواز منى وانا يعتبر محرمة عليك .

صاح بها غاضبا

- هى مش أختك .

صاحت بالمثل

- لأ هى أختي .. لو مكانش بالدم فيبقى بالعشرة .. وبمعروف باباها ومامتها عليا .. بلقمة العيش اللي إتقاسمناها سوا .. بالحضن اللي أحتوانا مع بعض .. هي أختي .

شعر بأنها تستميت للخلاص منه لذلك لجأ الى القسوة .. والأبتزاز

- ابوها وامها مش هيكونوا مبسوطين لما يعرفوا حقيقة بنتهم ..

حدقت فى وجهه للحظات مصدومة ثم قالت

- بتبتزني عشان أوافق على الجواز منك وتقول أنك بتحبني ؟

- قلت أني بحبك لكن مقولتش أني بقيت ملاك .. اللى زيى بعاد كل البعد عن المثالية .

- أنا بكرهك .

- هتحبيني بطريقة تانية لو فضل قلبك مقفول قدام حبي .

سيرضى بأي شئ .. هو قادر على جعلها تريده .. قادر على جعل جسدها يعشق لمساته له .. أنها مهنته وحرفته وسوف يستخدم كل أسلحته للفوز بها ..

بعدها أصبحت تقريبا لا تتحدث اليه ولا تريد النظر الى وجهه وبالطبع رفضت طلبه للزواج منها وقضاء شهر العسل على متن اليخت الذي أستأجره لهذا السبب ..

لم يخبرها عن مواجهته مع نبيلة فى بيتهم وأمام والديها ولا مدى ما عرفاه اثناء تلك المواجهة .. كما أخفى عنها ما وصلت اليه علاقته بأختها وحملها منه .. يخشى ان أكتشفت الأمر أن يفقد أي أمل له معها لذلك يجب أن يعمل سريعا ويجعلها له بسرعة وبأي شكل .

أقترب منها وجلس الى جوارها صامتا وبعد قليل سألته

- هنوصل امتى ؟

بناء على رغبتها غيروا وجهتهم الى اليونان ومن هناك سيستقلان الطائرة الى مصر

- هنوصل أثينا خلال ساعات قليلة .

لوت زينة شفتيها بمرارة وغص حلقها .. أثينا حيث بدأ كل شئ .. حيث سقطت الأقنعة ورأت قبح الحياة والى أي مدى قد يصل شر بني الأنسان .. أوصلتها سذاجتها وحسن نيتها ووفاءها لمن قام على تربيتها للدخول الى جنة الشياطين .. يرتكب فيها المعاصي ويستباح فيها كل نفيس .. وعندما هربت ظنت أنها نجت ولكن قابلت نوعا آخر من الشياطين وكانوا لبراءتها طامعين .. عاملوها كغنيمة حرب .. كسلاح أشهروه فى وجوه بعضهم البعض .. آلمها قلبها وانفطر .. فقد أحب أقسى قلب فى هذا الكون .. آدم .. دمعت عيناها وهي تتذكر كلماته الأخيرة لها .. وهجره الذي حطم قلبها .. لقد أحبته أكثر مما توقعت .. وفقدانها له يأخذ من روحها كلما بعدت المسافة ينهما .

,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,

- انت ليه بقيت كده ؟ .. سألته هذا السؤال بدون اى مقدمات ...

تفاجأ خالد من سؤالها , تأمل جانب وجهها لبعض الوقت ثم قال

- مش عارف .

نظرت اليه بهدوء رزين

- ازاى مش عارف ؟ .. ليه بقيت قواد ؟ .. عشان المال ؟

ابتسم بمرارة ساخرة

- مكونتش فى يوم محتاج للمال .. أنا أملك من المال اللى يخليني أعيش ملك طول حياتي من غير ما احتاج لاى.عمل .. توفى والدى وأنا عندى 12 سنة وسابلى فلوس كتير .

- طيب كان ايه السبب ؟ بتكره الستات .. خدعتك واحدة فقررت تنتقم من كل الستات ؟ .

هز رأسه نفيا وقال

- ولا ده كمان حصل .. اتعودت طول عمري أن الستات تحبني وتجرى ورايا ومفيش واحدة جرحت قلبي ابدا .

ثم ضم حاجبيه بعبوس وتابع

- أتعودت انى اوصل لأى واحدة تعجبنى حتى لما كنت مراهق .. اتحرشت بيا الستات من اول ما بدأ شنبى يخضر فى وشى .. أول علاقة حقيقية عملتها كان عندى 14 سنة وكانت مع خدامة أمي وبعدين طردتها بعد ما شافتنا مع بعض ..

بعدها مشغلتش بنات صغيرة فى الخدمة عندنا لكن كنت اتعودت على الحاجات دى ومبقاش حد يقدر يوقفنى ..

أكتشفت ان ليا سحر وقدرة على جذب أي واحدة عايزها .. واتعلمت فنون العشق وأجدتها .

نظرت اليه بتعمق .. وسامته الفريدة .. عيناه التي تحمل الكثير من العمق والغموض .. تلك الجاذبية التي تنضح من كل خلية بجسده .. حاستها كأنثى أخبرتها أن هذا الرجل تجسدت فيه جاذبية جميع الرجال

- أنت شيطان ..

ظلت ملامحه على هدوءها ولكن عيناه غامت وكأنها تحجرت .. فتابعت

- شيطان إتجسدت روحه فيك .. فبقيت تغوى الستات واخدت من المتاجرة بأعراضهم مهنة ليك .

- كل ست مشيت فى الطريق ده كان بارادتها .. طمعت في مالي وفي جسمي فكان لابد ليها أنها تدفع التمن .. كلهم إستحقوا اللى وصلوله .

- لا .. مفيش ست تستحق أنها تتباع وينتهك جسمها .. مهما كانت ذنوبها

ثم صمتت تفكر

- انت حبيتنى بجد ؟

لم تتوقع ذلك الحنان الذي فاضت به نظراته وتلك الرقة المتناهية التي تجلت على ملامح وجهه أصابتها بالحيرة

- حبيتك لدرجة أني على أستعداد انى أموت عشانك .

سألته بتحدي

- هل عندك أستعداد تسيبنى لو كان ده هيسعدني ؟

ألتوت شفتاه بمرارة وقال

- مستعد أنى أموت مرة واحدة عشانك لكن لو سيبتك تبعدى هاموت فى كل ثانية وأنتى بعيدة عني .. انا قلبت الدنيا عشان الاقيكى .. سيبت كل شئ ورايا .. وأنتى متعرقيش ايه اللى انا سيبته .

أشاحت بوجهها بعيدا تتأمل الأفق وصدرها يشتعل .. لا أمل لها بالخلاص منه


**************

كانت تسير بجوار خالد على رصيف المينا بأثينا مطرقة الرأس يتبعهم أثنان من رجاله يحملون الحقائب وكانوا متجهين الى احدى السيارات المنتظرة لكي تقلهم الى المطار مباشرة

- يا آنسة .

لولا توقف خالد لما أنتبهت الى أنها المقصودة ألتفتت الى الرجل القادم بأتجاههم وعرفته .. أنه صاحب القارب الشراعي الذي كان يرسو بجوار قاربهم

أبتسم لها قائلا

- لقد عاد القارب بعد ذهابك .. هل رأيتيه ؟ .. أخبرت صاحبه انك سألتى عنهم وكان يبدو قلقا عليكى .

خفق قلبها بعنف .. لقد عاد آدم من أجلها ..

ظلت هذه الجملة تتردد في عقلها وترتفع معها روحها المعنوية والسيارة تتجه بهما الى المطار .. هل سيأتي خلفها وينقذها .. دمعت عيناها وهفا قلبها شوقا اليه

سألها خالد بحدة

- بيتكلم عن مين الراجل ده ؟

- مش بيتكلم عن حد .. هو يقصد المركب اللي كنت شغالة عليه .

ولكنه لم يصدقها .. شيئا ما فى تعابير وجهها وعينيها أخبراه أن هناك ما تخفيه عنه لذلك لا يجب أن تبتعد عن عينيه .


****************

وقف خالد يحاول أن يتمالك اعصابه وكانا فى موقف السيارات الخاص بمطار القاهرة ... كان الليل قد هبط .. أراد أن يأخذ زينة الى بيته ويستدعي المأذون هناك ولكنها رفضت وأصرت أنها لن تتزوج الا بمباركة والدها وأمها

- زينة .. مش هأسمحلك انك تتلاعبى بيا .. انا لسة قادر على ..

قاطعته بمرارة

- عارفة .. هتفضح نبيلة قدام ابويا وامى ان رفضت الجواز منك .

فكر خالد .. مستحيل أن يأخذها الى هناك .. ليس قبل أن تعرف بما حدث بعد رحيله .. تقريبا فضح الأمر بتهجمه على نبيلة أمام والديها ذاك اليوم ولكن زينة لا تعرف

- انتى هتقضى الليلة فى بيتي .

أتسعت عيناها ذعرا

- مستحيل .. ازاى تجرؤ وتقترح حاجة زى دى .

لم يكن أمامه سوى القسوة

- هنتجوز الاول وبعدها هآوديكى عندهم .

- مش هاهين ابويا بالجواز من غير موافقته .

- وأنا مش هاهين ذكائي وأسمحلك تهربى مني .

جذبها من ذراعها بقسوة ودفع بها فى المقعد الأمامي ثم دار حول السيارة وصعد خلف المقود ..

راحت زينة ترتجف وقد أنتابها الذعر وهي تستمع اليه يتحدث فى الهاتف مع أحد الأشخاص ويطلب منه أن يأتي بالمأذون الى بيته .. سيتزوجها رغما عنها .. سوف تكون سجينته بقية عمرها أو الى أن يمل منها ..

آدم .. لو أحبها حقا لبحث عنها وجاء لنجدتها .. عند هذه النقطة أنخرطت فى البكاء بجوار خالد فى السيارة .. تألم قلبه من أجلها ولكن رغبته فيها وحاجته اليها كانت أقوى من شفقته 

🌺🌷🌺🌷🌺🌷🌺🌷🌺🌷🌺🌷🌺

***** ملاك فى قبضة الشياطين

 ***** الفصل الواحد والعشرون

-----------------------------------

أدخلها خالد فى حجرته الخاصة وأغلق الباب عليها من الخارج بالمفتاح .. كانت قد أستسلمت لمصيرها ولم يعد لديها القدرة على المقاومة ..

دارت بعيناها تتأمل ما حولها .. فراش أسود وأغطيته حريرية سوداء وسجادة الأرض والستائر أيضا كانت سوداء .. الجدران وحدها كانت شديدة البياض .

طلب منها خالد أن تستعد لكتب الكتاب ولكنها لا تعرف كيف تستعد ..

أنسابت دموعها من جديد وهي تقف فى منتصف الغرفة لا حول لها ولا قوة .

فتح الباب ودخل خالد ونظر اليها عابسا وقال

- انتى لسة واقفة زى مانتى ؟

أقترب منها وكان يحمل شيئا مغلفا بين ذراعيه وعلبة مستطيلة وتابع

- إلبسى دول .. المأذون وصل .

تجمدت الدماء فى عروقها واتسعت عيناها من الخوف , جز خالد على أسنانه غاضبا من ردة فعلها وصاح

- بلاش تختبري صبري يا زينة .. لغاية دلوقتى أنا بتعامل معاكى بطريقة كويسة فبلاش تدفعيني لتغيير معاملتي ليكى .

ثم ألقى بما فى يده على الفراش وقال قبل خروجه

- قدامك نص ساعة بس بعدها هرجعلك ولو ملقتكيش جاهزة هأضطر انى اساعدتك بنفسي .

أنكمش جسدها وارتجفت شفتها فتابع بنفاذ صبر

- وبالله عليك كفاية عياط .


*************

رن جرس الباب وانتظر ولكن لم يجيبه أحد ..

أنتظر قليلا وطرق الباب بقوة وكانت النتيجة واحدة ..

أصابه اليأس فأمله الأخير أن تكون قد عادت الى بيت والديها ولكن لا يوجد أحد هنا .

جلس آدم على درجة السلم المواجه للباب ودفن وجهه بين كفيه بتعب .. لقد أخبره فراس من قبل أن غضبه سوف يفقده كل شئ

وها هو قد فقد أهم شئ حصل عليه فى حياته .. لو كان فكر وتريث لأدرك أن زينة ليست بالفتاة التى تلقي بنفسها على رجل وكان من الأولى أن يكون هو ذلك الرجل .. لقد أحبته وكان من السهل عليه أن يكتشف ذلك من شدة تعلقها به وعيناها التى تبحث عنه بأستمرار .. أنها شفافة كطفل صغير يسهل قراءة مشاعره .. أراد أن يحتفظ بها بجواره سعيدا بأمتلاكها .. أعجبه شعور الصفاء الذي يشعر به وهي بجواره .. فكرة أن يمتلك امرأة بمواصفتها كانت تغريه وعندما شعر بمنافسة أصدقاؤه له هب ووقف كجدار عازل بينها وبينهم وكان على أستعداد لخسارتهم من أجلها وأدرك أخيرا أن ما يدفعه لذلك لم يكن حب الأمتلاك ولكنه حب من نوع آخر .. مشاعر الغيرة الحارقة .. لقد صدم عندما رأها بين ذراعي حميد .. أعمته الغيرة والغضب الى حد جعله يفكر بقتلهما فى تلك اللحظة .. ذهب وقرر تركها وهو يلعن نفسه لأنه أحب بعد أن كان يعتقد بأنه أصبح محصنا ضد مشاعر الضعف التي تسمى الحب .. فقد خانته جليلة وأحس بالقهر مما فعلته به ولكن خيانة زينة كادت أن تفقده عقله وحرقت قلبه وتقريبا تمنى الموت عن ذلك الأحساس .. أمر بيدرو بتحضير القارب للأبحار ولم يجيب على أسألة الشاب عن الآخرين وصرخ فى وجهه أن ينفذ الأمر أو يترك القارب هو الآخر وظل يدور حول نفسه ككتلة من النار يلعن نفسه ويلعن الجميع وكان تقريبا فى منتصف الطريق الى اسبانيا عندما بدأ يفكر .. فقط عندما بدأ يشتاق اليها .. فقدها كان أكثر قسوة على قلبه من أي شئ آخر .. تذكر عندما هجروها وحدها في ميلانو .. عندما أختفت وكاد يفقد الأمل فى العثور عليها ثم رآها وهي تعبر الطريق شاردة وجسدها النحيف منكمش بخوف وكادت سيارة أن تصدمها فتوقف قلبه لحظتها عن الخفقان .. صورتها وهي تحدق فى وجهه بلهفة وعدم تصديق ثم ألقائها بنفسها بين ذراعيه تحتضنه بقوة وتتهمه باكية بأنه تركها وحدها وذهب .. كل ذلك جعله يفكر بعيدا عن الغضب المدمر الذي كاد أن يلغي عقله وجملة واحدة ظلت تتردد .. مستحيل أن تكون زينة خائنة ولا يمكن أن تتحول لفتاة مستهترة .. لذلك أمر بيدرو بأن يدور بالقارب ويعود به الى مونت كارلو وهو يدعو أن لا يكون تأخر كثيرا وأن لا تكون قد سقطت بين أيدي مطارديها .. لقد فعل الكثير كي يمنعهم عنها ويخفيها , وفى الفندق وجد الجميع قد رحل وكانت حجرتها الوحيدة التي لم يتم تسليمها ووجد ملابسها القليلة مازالت هناك ولكن هي كانت قد أختفت 

بحث عنها فى كل المدينة ولم يعثر لها على أثر وقد قابل أحد أصحاب القوارب التي كانت ترسو بجوارهم وأخبره أن فتاة كانت تبحث عن قاربه وبدت قلقة وخائفة .. وكانت تبكي .. بكى قلبه وتقريبا دمعت عيناه التي لم تعرف البكاء يوما وكان أمله الأخير والواهي أن يجدها قد عادت الى بيت والديها .. 

رفع وجهه ونظر الى الباب الموصد والذي يعتليه الغبار .. فى المرة السابقة التي جاء فيها الى هنا لم يكن يكسوه الغبار . 

فتحت له الباب فتاة جميلة شاحبة الوجه بدت خائفة ومضطربه فعرف على الفور من تكون .. أنها أخت زينة فشعر بالأشمئزار وسألها بقسوة

- الاستاذمختار موجود ؟

كان هنا فى مهمة مقابلة والد زينة وطمئنته عليها قبل أن يباشر بتغيير هويتها لأخفائها عن من يطاردها بعد أن جاءته التحريات التي طلبها بأن أصحاب ذاك اليخت يبحثون عنها .

دمعت عينا الفتاة وقالت صوت يرتجف

- بابا اتوفى .

عبس آدم بشدة وشعر بالتعاطف مع زينة وليس مع تلك الفتاة وقال

- البقاء لله .. وزوجته هنا .

سألته بريبة

- مين أنت ؟

ابتسم ساخر وقال بلهجة آمرة جعلت الفتاة تقفز فزعا دون سبب حقيقي لذلك

- عايز اقابلها من فضلك .

- انت عامل زيه .. هو اللى باعتك ؟

ضاقت عيناه

- هو مين .

تراجعت الى الخلف فتبعها الى الداخل وسمع صوت مرهق يقول

- مين اللى على الباب ؟

ألتفت برأسه لأتجاه مصدر الصوت

- هى دى والدتك ؟

لم تجب وظلت تحدق به بخوف, خروج والدتها شتت أنتباهه بعيدا عنها وسألت

- مين الأستاذ يا نبيلة ؟

ولدهشته ظهر الخوف عليها هي أيضا وتساءل عن السبب وان كان هناك من يرهبهما

- أنا هنا بخصوص زينة .

كادت المرأة أن تفقد وعيها فأسرع يمسك بيدها فقالت له بتوسل

- حضرتك تعرف مكان زينة ؟ .. هي بخير ؟ .. طمني عليها يا ابنى .

ثم انخرطت فى البكاء وأخذها الى أحد المقاعد وأجلسها عليها وقال يطمأنها

- زينة بخير .. هى بتشتغل عندي خارج مصر .. متقلقيش عليها أنا جيت عشان أطمنكم عليها .. هي كانت قلقانة عليكم .. وآسف لوفاة والدها هى كانت متعلقة بيه جدا حسب ما فهمت منها .

- الحمد لله .. الحمد لله .. زينة بنت طيبة ويتيمة وتستحق الخير .. أبوها مات حزين ومقهور عليها .

جاء صوت نبيلة ضعيفا ومترددا من خلفه

- هي كويسة بجد ؟ .. مماتتش .. مش كده ؟

استدار اليها ووجد الدموع تغرق وجهها وهى تتابع

- متخلهوش يعتر عليها .. هو بيدور عليها ومش هيرتاح غير لما يلاقيها .

سألها بحدة

- مين ده ؟

- ده يبقى الشيطان اللي عمل فينا كل ده .

وكانت قد وضعت يدها على بطنها بطريقة جعلت عينا آدم تتسع بأدراك .. أنها حامل ومن ذاك القواد .. فهزت له رأسها

- ايوة .. وهو عايزها وأكثر من أي شئ عازه فى حياته .

قالت أمها بتوسل

- وبلاش تعرفها إن والدها مات يا بني .. مش فى غربتها دى .

خرج يومها من عندهم وهو مصر أكثر على حمايتها وبأي شكل .


*************

في الحديقة كان فراس يحمل ابنه حمدان على كتفيه ويدور به والأخير يضحك بمرح ثم أنزله أخيرا وقال

- هذا يكفي لقد أتعبتني .

وضعه على الأرض وبحث بعيناه عن أروى ولم يجدها .. كانت تجلس تراقبهم وتضحك ولكنها أختفت فجأة وهذا أشعره بنوع من الحرمان ..

فكر بمكر .. ربما تكون قد صعدت الى غرفة نومهما وهذا هو المكان الذي يتمنى أن يجدها فيه .. أسرع يعتلي الدرج وهو يمني نفسه بساعة من الراحة بين أحضانها .

وجدها هناك بالفعل تجلس على حافة الفراش وظهرها اليه .. صعد الى الفراش وطوقها بذراعيه من الخلف دافنا وجهه فى عنقها يتنشق عبيرها الذي لا يشبه غيرها

- أين ذهبتى ؟

لم تجيبه وبعد لحظات أدرك أنها لا تتجاوب معه كما أعتاد خلال الأيام القليلة الماضية منذ عودته والخجل الذي أصبح يثيره أكثر من الأغراء الوقح .

سألها

- هل أنتى بخير ؟

رفع وجهه ونظر الى جانب وجهها ولاحظ أنها شاحبة وشاردة وكأنها لا تشعر بوجوده فأعتدل جالسا الى جوارها وأدار جسدها اليه وهاله نظرة الخواء فى عينيها فقال بقلق شديد

- حبيبتي ؟ .. ماذا بكى ؟

لم تنظر الى عينيه فهزها برفق

- أروى ؟

ودون سابق أنظار أنسابت الدموع غزيرة من عينيها ونظرت الى عينيه .. حزن ولوم وعتاب .. مرارة وخيبة أمل .. رسائل وصلت اليها من خلالهما فقال بضعف وغصة بحلقة

- أروى .. أنا ..

مدت له يدها التي تحمل هاتفها فأخذه منها وهو يحاول أبتلاع ريقه ..

العديد من الصور له مع كاميليا ومنها صور لهما أخذت فى غرفة نومهما .. شعر بالبرودة تجتاح جسده وغار قلبه

- من أرسلهم ؟

وقفت ببطئ وابتعدت عن الفراش تحدق به .. للحظات ثم قالت بصوت متحشرج

- وهل من المهم أن تعرف من أرسلهم ؟

عجز عن الرد فتابعت بصوت أقوى قليلا

- المهم هو هل هذه الصور حقيقية أم لا .

وعندما لم يقل شيئا وأطرق برأسه صاحت

- صحيحة ؟ .. تتركني هنا بالأيام والأسابيع وحدي أشتاق اليك بحجة الأعمال وأنت تقضي أوقاتك بين ذراعي النساء .. كم مرة خنتني ؟

- كنت متزوجا منها .

قالها بخجل شديد غير قادر على النظر الى وجهها فقالت بمرارة

- تزوجتها ؟ .. وكم امرأة تزوجتها دون علمي .. الشرع حلل لك الزواج ولكن أوصاك الشرع ان تخبر زوجتك به .. فهل أخبرتنى .. هل خيرتني بين الموافقة عليه أو تركي لك .

رفع اليها وجهه متفاجئا فتابعت بمرارة

- هذا حقيقي .. من حقي أن أرفض وأطلب الطلاق ان لم يناسبني زواجك بأخرى علي .. هذا هو شرع الله الذي ذهبت وخالفته .. لقد خنتني وأهنتني وبسبب امرأة يستطيع أي رجل الحصول عليها .

وقف فراس وقد شحب وجهه بشدة .. حتى أروى تعرف عن كاميليا ما لم يكن يريد أن يصدقه عنها .. مد يده محاولا لمسها فأنتفضت تبتعد عنه وهذا آلمه بشدة

- لقد أخطأت ولكني عرفت خطأي وتعلمت منه وجئتك نادما تائبا وأريد أن أكرث بقية عمري لكى ولأولادنا .

ضحكت بمرارة ساخرة

- وهل علي أن أصدقك ؟ .. وهل يجب علي أن أسامحك بهذه البساطة ؟

قال يترجاها

- أعرف ان مسامحتك لي لن تكون سهلة ولكن ..

قاطعته بغضب وعنف شديد أذهله أن يراه منها

- لن يكون هناك سماح من الأصل .. لقد أنتهى كل شئ .. تحملت أنانيتك وجفاءك على أمل أن يأتي يوم وتراني فيه كما أراك .. كنت أصبر نفسي بأنك نوع من الرجال يأتي عمله فى المرتبة الأولى قبل زوجته وقدرت تعبك من أجلنا وقمت بدور الزوجة الوفية العاقلة ولكن أتضح لي انني مجرد زوجة غبية .. هل تعرف ما الذي ضحيت به من أجلك ..

لم يرد لأنه لا يعرف فتابعت

- كنت قد بدأت بتحضير أوراقي للسفر الى أوروبا لعمل دراسات عليا وكان هذا حلمي وأمل أبي ورغبته وكان يشجعني .. أراد أن يراني أستاذة جامعية يفتخر بها وعندما تقدمت لخطبتي تركت حلمي وحلم عائلتي من أجلك ورضيت أن أصبح فقط زوجة وأم وكنت فخورة بذلك .. وهل تعرف بماذا أشعر الأن ؟ .. أشعر بأنني ضيعت سنين عمري هدرا .. على رجل لا يستحق مجرد التفكير به .

ابتئست نظرات فراس وانقبض قلبه وهو ينتظر ما هو آت

- أريد الطلاق .. سوف أعود الى بيت أبي وأرجو أن تتم أجراءات الطلاق دون مشاكل .

تركته وانصرفت برأس شامخ ووقف هو مطرق الرأس يتجرع مرارة الهجر .


****************

خرجت زينة من الغرفة ترتدي ثوب زفاف أبيض وحذاء أبيض عالي الكعبين .. وقف خالد أمامها ببذلة سهرة وكان رائعا .. يخطف أنفاس أية امرأة بوسامته المدمرة وشخصيته الطاغية وأبتسم لها بحب ورقة وقال وعيناه تلمعان

- رائعة زى ما تخيلتك دايما .

أمسك بيدها فأرتجفت فقال وهو يحتضن يدها الى صدره

- أحبك .. أنا دلوقتى اقدر استغنى عن العالم طالما انتى معايا .

ثم وضع ذراعها بذراعه وسار بها الى الصالون حيث يوجد المأذون وأثنين من الرجال .

تم كتب الكتاب ومرت الأجراءات كالحلم على زينة وأنهالت المباركات من الشيخ والشهود وبعد لحظات كانوا قد رحلوا وأصبحت وحدها مع خالد .. مع زوجها .

************

تفاجأت نبيلة بذلك الرجل يجلس على درجة السلم أمام باب بيتهم

- أنت ؟

رفع آدم نظره بلهفة ورأى أخت زينة تقف أمامه وكان الرهاق جليا على وجهها فسألها على الفور بلهفة

- زينة رجعت ؟

قالت بحدة

- انت مش قلت إنها معاك ؟

- انا ضيعتها من ايدى ومش عارف اوصلها .

شحب وجهها أكثر وقالت

- يمكن يكون خالد لقاها .

هب واقفا وقال

- تعرفى ممكن الاقيه فين ؟

- أعرف بيته .. ايوة .

سحبها من يدها الى السلم بعنف

- خديني ليه .

تراجعت برعب وهزت رأسها بذعر

- لا .. لا .. انت متعرفش ايه اللى ممكن يعمله فيا .. ده لو شافنى هيقتلني ..

غلى صدره وسرى الخوف فى اوصاله .. زينة .. قد تكون الأن تحت رحمة ذلك الشيطان .

جذبها بشدة

- كفري عن ذنبك فى حقها .. لازم الاقيها .

يتبع

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
CLOSE ADS
CLOSE ADS
close