رواية وصيّة حب بقلم نسرين بلعجيلي Nisrine Bellaajili الفصل الثامن حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج
رواية وصيّة حب بقلم نسرين بلعجيلي Nisrine Bellaajili الفصل الثامن حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج
الليل نزل ببطء… وكأن الدنيا كلها واقفة على أطراف صوابعها تنتظر الصبح اللي هيجيب الحقيقة من بابه.
الأباجورة كانت منورة نور دافي، والستارة نازلة سايبة لليل فرصة يدخل بحنية.
سارة كانت واقفة عند السرير، قميص نوم بسيط، مش مستعرض، بس أنوثة هادية تعرف قيمتها. وشها تعبان، لكن عينيها كلها حياة.
قربت لياسر، مدت إيدها على كتفه، وصوتها واطي جدًا، زي رجاء ناعم :
ما تسيبنيش أحارب كل حاجة لوحدي يا ياسر. عايزاك تاخدني في حضنك، قبل ما أي حاجة في الدنيا تاخدني منك.
ياسر اتخض من الكلام ومن اللمعة اللى في عنيها. حاول يقول كلمة… لسانه اتعقّد :
سارة… إنتِ تعبانة. خلّينا...
قاطعته بنظرة كلها صدق، مش رغبة، حاجة شبه بحث عن روحها فيه :
التعب الحقيقي إنك تحس إنك مش موجود، خلّيني أحس إني لسه هنا… لسه ستك… لسه زوجتك.
قربت وشها عليه، وهو اتنفّس نفَس تقيل. أي راجل مكانه يتشد بين خوفه عليها وحبه ليها.
حط إيده على خدها، وبصوت مهزوز شوية :
أنا خايف عليكِ.
ردّت بهدوء يخوّف من قوته :
وأنا خايفة.. بس مش منك. خايفة من اللي جوايا. خلّيني أختار الحياة الليلة معاك.
كانت كلمة كفاية.
حضنها… مش حضن شهوة، حضن حد بيتمسّك بروحه قبل ما تضيع.
نسرين بلعجيلي
البداية كانت هادية…
نفسهم قريب، إيدها في إيده، قربهم طبيعي زي أنفاسهم، زي اى إتنين بيخافوا يخسروا بعض.
ودقيقة… بس دقيقة والقرب بقى أعمق، هو حاسس نبضها يرتفع، وهي بتحاول تثبت نفسها في حضنه كأنها بتتنفس منه.
فجأة…
نفسها اتقطع. إيدها ارتخت، وراسها مالت على كتفه بطريقة مش طبيعية.
– سارة؟
ماردّتش.
– سارة! إنتِ سامعاني؟!
جسمها هدي فجأة، مش إستسلام حب، إستسلام ضعف.
ياسر اتجمّد لحظة، وبعدين حضنها بقوة كأنه بيشدها من حافة هاوية :
سارة… بالله عليكِ إفتحي عينيكِ، مش الوقت.. مش دلوقتي!!
صوته اتكسر، مش صرخة رجل، صرخة قلب.
وشها هادي، لكن نفسها واطي جدا، وهو بيهز كتفها، صوته يرتعش :
أنا هنا.. إسمعيني. ما تسيبينيش وأنا ماسكك.
ثواني…
ودمعة وقعت من عنيها رغم إنها شبه غايبة.
همست بكلمة بالكاد تتسمع :
موجودة…
ياسر حط جبهته على جبهتها، النَفَس اللي خرج منه كان دعاء قبل ما يكون خوف :
يا رب.. تحمّيها مني ومن الدنيا.
دى قلبي.. مش بشر.
لفّها في حضنه زي طفل صغير، قميصها بين إديه، مشهد ما كانش شهوة، كان نجاة وكسرة ورجاء.
والليل..
وقف يتفرج.
يارب بيّن اللطف، قبل الوجع.
Nisrine Bellaajili
الليل خلص، بس هو ما نامش. قعد طول الليل ماسك إيدها، خايف يرمش تروح منه. كانت نايمة على كتفه، أنفاسها مستقرة شوية، مش زي الأول، لكن كفاية تخليه يتنفس.
كل شوية يرفع أصابعه ويلمس نبضها، ولو تباطأ ثانية، قلبه يقع من مكانه.
ماكنش راجل الليلة دي، كان طفل كبير ماسك فرحته بإيد ودموعه بإيد.
لما الفجر أذن، هو ما قالش حاجة، بس بص في السقف وقال من غير صوت :
"يا رب.. ما تاخدهاش، أنا لسه ما شبعتش منها."
سارة صحيت على ريحة قهوة خفيفة ووشه اللي منهك بس مصمم يكون قوي :
ياسر.. إنت ما نمتش؟
ياسر :
لو نمت… أنام على إيه؟
حاول يضحك، بس صوته اتشرخ.
هي مدت إيدها ولمست وشه :
أنا كويسة، بس تعبت شوية امبارح.
ياسر :
سارة.. إحنا هنروح المستشفى دلوقتي. مش هستنى ولا ثانية.
حركت راسها ببطء، ما اعترضتش. الليلة علمتها إن الجسم مش دايم، ولا الوقت. لبست ببطء، قميص واسع، طرحتها على كتفها، وهي بتمسك الحيطة أكثر من العادي.
ملك طلعت من أوضتها، نعسانة، شعرها منكوش، بس أول ما شافت أمها، جريت عليها وحضنتها بقوة :
ماما إنتِ تعبانة؟ ما تروحيش بعيد.
سارة مسكتها في حضنها وغمضت عينيها في شعرها :
حتى وأنا بعيد… حضني حواليكِ.
ياسر نزل ملك للحضانة وهو شايلها كأنها أثمن حاجة بعد سارة، والبنت ماسكاه بقلق طفل صغير بدأ يفهم يعني إيه خوف.
في الطريق للمستشفى...
العربية ماكانش فيها طبلة ولا صوت قرآن، كانت صامتة زي حد بيقرأ دعاء بقلبه.
ياسر كل شوية يبص عليها من زاوية عينه، ويسأل نفسه :
"لو اتأخرت؟ لو ما لحقتهاش؟"
هي كانت مسندة راسها على الزجاج، تتأمل السما، وعينيها فيها سؤال واحد بس :
"يا رب… أنا جاهزة؟ ولا دي بداية معركة جديدة؟"
المستشفى...
قعدوا في مكتب الدكتور. الساعة عدّت 9…
وبقوا 9:10
و9:20
كل دقيقة كأنها سنة.
الدكتور دخل وقعد ادامهم. كان ماسك ورق كثير. وده لوحده يخوف.
إبتسم ابتسامة مهنية مش بتوصل للعين :
أستاذة سارة، إحنا عرفنا نوع الاضطراب اللي ظهر عندك.
ياسر مسك إيدها، وكأنه بيربط روحهم ببعض.
الدكتور كمل :
اسم الحالة: Ehlers-Danlos Syndrome
نوع شديد، نادر، يؤثر على النسيج الضام للأعصاب والأوعية.
سارة رمشت، مش مستوعبة قوي، الكلمة نفسها كبيرة أطول من نفسها.
ياسر حاول يفهم :
يعني إيه الكلام ده؟
الدكتور بص في الورق وقال ببساطة مُرة :
الجسم ما بيقدرش يمسك نفسه كويس. الأنسجة بتضعف، الأعصاب بتتأثر، والأعضاء كمان.
لحظة سكون، صوت جهاز تنفس بعيد، عربية إسعاف بتعدّي والدنيا كلها بقت أبطأ.
سارة بصوت واطي :
يعني… بيتعالج؟
الدكتور هز رأسه بهدوء رحيم، مش قاسي :
مش علاج نهائي. لكن نقدر نخفّف، نبطّأ، نحمي ونعيش بأفضل شكل ممكن.
ياسر حس بإيده بتتجمد في كفه. هو سمع "مزمن" وسمع "تدريجي"
وسمع حاجة جوّه كسرت.
سارة ما بكيتش ولا صرخت ولا وقعت.
قالت بحروف بطيئة :
هو ده اللي كتبه ربنا، يبقى خير.
الدكتور كمل :
أهم حاجة دلوقتي الراحة، المتابعة، ودعم نفسي قوي جدًا. وأي مجهود ممنوع.
نسرين بلعجيلي
الجملة الأخيرة...
زي شمعة اتطفت في قلبها.
الدكتور :
أستاذة سارة، لازم أقولكوا حاجة مهمة جدًا عن أسلوب حياتكم من دلوقتي.
ياسر اتوتر :
خير يا دكتور؟
الدكتور بصوت واثق :
كل حاجة تعتمد على الهدوء. أي مجهود زايد.. جسدي، نفسي، عصبي، لازم يتجنب قدر الإمكان.
سارة هزّت راسها بهدوء، بتحاول تستوعب.
الدكتور كمل :
حتى العلاقة الزوجية.. مش ممنوعة، لكن لازم تكون بمنتهى الرفق والبطء. مافيش ضغط، مافيش مجهود، مافيش تعب. الجسم ده دلوقتي لازم نتعامل معاه زي ورقة حرير.
الكلمة وقعت في المكان زي حجر في مايه هادية.
سارة حسّت قلبها بينقبض، وياسر لمّس كفها كأنه بيثبتها.
سارة بصوت منخفض :
يعني حياتنا كلها هتتغير؟
الدكتور :
مش حياتكم، طريقة تعاملكم مع الحياة بس اللي هتتغير. وكل ما كنتوا فريق، كل ما المرض هيضعف مش إنتِ.
رفعت راسها، نظرتها قوية رغم الوجع. الدكتور إبتسم ابتسامة دافية جدًا :
إنتِ مش مريضة بس.. إنتِ مقاتلة. وأي مقاتل محتاج سنده.
ياسر بص لسارة بعين فيها وعد مش بيتقال بالكلام :
“أنا السند.”
سارة كانت طول عمرها سند، تشتغل، تطبخ، تجري، تحب، تحارب.
فجأة تتمنع من الحركة؟
بس ابتسمت ابتسامة من اللي بتطلع لما الروح تجبر الجسد :
حاضر، هحاول أسمع الكلام.
الخروج....
في الطريق للبيت، ياسر سايق من غير صوت. إيده على الدركسيون، وإيده التانية على ركبتها.
سارة بصت له :
ما تبصليش كده. أنا لسه هنا.
صوته خرج مبحوح :
وهفضل أفضّل إنك تفضلي هنا كل يوم.
سارة بصت للشارع.. الناس ماشية، حد بيضحك، حد بيشتري عيش، حد بيجري على شغله..
والحياة مكملة.
نسرين بلعجيلي
همست لروحها :
"لو ربنا اختارني للامتحان، أكيد اختارني كمان للنجاة."
شدت إيده وقالتله بابتسامة ضعيفة لكنها حية :
يلا نروح نحارب سوا.
والعربية اتحركت، بس الرحلة لسه في أول جبلها.
الباب اتقفل وراهم بهدوء. البيت كله كان ساكت، ولا حتى صوت ملاعق أو تليفزيون، كأن الجدران نفسها واقفة تسمع نبضهم.
سارة دخلت على الصالة ببطء، شالت الطرحة، وعلّقتها على الكرسي زي ما تكون بتحط تعبها عليه. قعدت، مش على الكنبة زي العادة، لكن على الأرض، قدّام ترابيزة القهوة، كأنها محتاجة تلمس الأرض، تمسك واقع جديد مش جاهزة له.
ياسر وقف دقيقة بيتفرج عليها كأنه بيحاول يفهم إزاي القدر بيسقط على إنسان بالشكل ده وما بيوقعوش.
راح ناحيتها، نزل على ركبه قدامها.
ياسر بهدوء ناعم :
سارة… بصيلي.
ما رفعتش راسها، بس دمعتين نزلوا من عينيها ونقطوا على إيدها.
سارة بصوت مبحوح :
"ورقة حرير".. أنا كنت دايمًا أفتكر نفسي صلبة، واقفة، شايلة بيت وطفلة وحلم.. دلوقتي الدكتور بيقولّي إن أقل نسمة ممكن تجرحني.
ياسر مدّ إيده، رفع وشها براحة :
ورق الحرير مش ضعيف. ده أنعم خلق ربنا، بس قيمته غالية.
سارة هزت راسها، ضحكة قصيرة، جريحة خرجت :
وأنا بقيت مش لازم يتمسك بيا بالشوَك عشان ما أتقطّعش؟
ياسر :
لا إنتِ تتمسكي بالحب، مش بالشوك.
سكت لحظة، وبعدين قالها بصوت عميق :
وأنا مش حافظلك إنك تعيشي، أنا هعلّمك تعيشي براحة حتى لو كل خطوة بقت خفيفة، المهم إنك معايا.
سارة اتنهدت وبصت له :
وبس؟ مش خايف مني؟ مش خايف من بكرة؟ أنا نفسي بخاف من نفسي.
ياسر شد إيديها بين إيديه :
أنا بخاف من الدنيا من غيرك، مش معاكِ. بكرة دا.. إحنا نشيله سوا، حتى لو بقى ضيق. ولو تعبتِ.. أنا أكون القوة. ولو وقعت.. أنا الأرض. ولو اتكسرتِ.. أنا بإيدي ألمّك.
الصمت وقع تاني، بس كان صمت فيه حب، مش هزيمة.
سارة مالت عليه، حطت راسها على كتفه كأن نفسها تطمن، وكان قلبه بيتنفّس احتياجها.
سارة ببحة صغيرة :
خليك معايا.
ياسر همس :
هنا.. ومابمشيش.
هي قفلت عينيها، مش نوم، لكن راحة، زي اللي أخيرًا سمح لحد يشيل الحمل معاه.
وبرّة الشباك، الشمس كانت بتغيب، بس جوا البيت؟ نور صغير بدأ يضوى..
مش نور شفاء.. نور صبر.. ونور إثنين بيقولوا للدنيا :
"لسه هنحارب… ومش لوحدنا."
وبين كل نفس ونبضة، كانت سارة مش بتمسك في الحياة، كانت بتمسك في ربنا.
والقدر....
فتح الصفحة اللي بعدها، وبخط قلم خفيف، كتب :
"لسه البداية."
يتبع .
لاتلهكم القراءه عن الصلاه وذكر الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
جميع الروايات كامله من هنا 👇 ❤️ 👇
اعلموا متابعه لصفحتي عليها الروايات الجديده كامله بدون روابط ولينكات من هنا 👇 ❤️ 👇
❤️🌺💙🌹❤️🌺💙🌹❤️🌺💙🌹❤️🌺💙🌹❤️🌺💙🌹❤️🌺


تعليقات
إرسال تعليق