رواية وصيّة حب الفصل العاشر بقلم نسرين بلعجيلي Nisrine Bellaajili حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج
رواية وصيّة حب الفصل العاشر بقلم نسرين بلعجيلي Nisrine Bellaajili حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج
الصبح ما طلعش..
الصبح اتجرّ على نفسه وجا متأخر، كأنه هو كمان خايف يواجه اليوم.
نور خفيف دخل من الشباك، مش زي الأيام اللي فاتت، ولا حتى زي امبارح، نور باهت، زي الحياة لما تفضل واقفة على باب حزن كبير وبتتنفّس بالعافية.
سارة صحيت، مش من نوم، من تعب. دماغها تقيلة، عنيها كأن حد حاطط عليها رمل، وبطنها بتوجعها، وجسمها بيتخانق مع نفسه. حاولت تقوم من السرير، رجليها خانتها ثانيتين واتمسكت في طرف الدولاب. نَفَسها اتقطع وقالت لنفسها بصوت جوّاها :
"إديني يوم جديد يا رب، يوم واحد بس من غير خوف.
دخلت الحمام تغسل وشها، بس لما قربت من المراية، إتخضت من نفسها. لونها باهت، شفايفها فاتحة، وتحت عنيها سواد عامل زي ليلة نايمة فيها حرب.
فتحت المية، غسلت وشها، وبعدين وقفت ثانية مكانها ما اتحركتش. كإنها خايفة لو قامت تقع.
نسرين بلعجيلي
في الصالة، ملك كانت قاعدة لابسة الشنطة، بتلعب في ساندويتشتها.
ياسر كان بيحط مفاتيحه في جيبه، بس أول ما شاف سارة خارجة من الأوضة.. وقف. مشي ناحيتها بسرعة كأن قلبه سبق عقله :
سارة؟ وشّك ليه كده؟ إنتِ تعبانة قوي النهاردة.
سارة ابتسمت ابتسامة صغيرة، إبتسامة من النوع اللي بتتعمل بالعافية :
عادي… يمكن اتحركت بسرعة.
مال على وشها، إيده على جبينها :
سخنة، وجسمك تعبان، وصوتك مش صوتك.
ملك قربت، مسكت إيد أمها بخوف طفولي :
ماما؟ إنتِ مش شبهك انت مابقيتش زي زمان .
الجملة ضربت صدر سارة زي سهم صغير. ركعت أدام بنتها، مسكت خدّها وبصت في عنيها :
أنا كويسة، بس جسمي بيقول محتاج راحة شوية.
ملك ضمت رقبتها فجأة، وكأن قلب الأطفال بيعرف الخطر من غير تفسير :
ما تروحيش، أنا مش عايزاكِ تروحي بعيد.
سارة حضنتها، حضن طويل، أطول من العادي. كان فيه خوف، وذعر، وتمسّك بالحياة.
ياسر حس إن حاجة مش طبيعية بتتحرك في البيت النهاردة. مد إيده على شعر سارة ومسحه براحة :
لو تعبانة، النهارده إرتاحي وأنا هبعتلك أكل من بره.
هزت راسها بخفة، بس عنيها قالت اللي لسانها رفض يقوله :
"أنا خايفة."
ملك خرجت للمدرسة، وياسر وقف عند الباب قبل ما يمشي، رجع ناحيتها، مسك وِشها من خدودها :
ما تسيبيش نفسك لوحدك، لو حسّيتِ بأي حاجة كلّميني فورًا.
فهماني؟
سارة ابتسمت، وهزّت راسها :
حاضر… روح شغلك.
ما كانش عايز يمشي، بس مشي.
ولما الباب اتقفل، الصمت وقع تقيل على الحيطان.
ساعتين بعد خروجه، سارة حاولت تعمل شاي، فطور بسيط، حاجة عادية. بس الإيد اللي كانت بتمسك الكوباية اترعشت، والكوباية وقعت على الرخامة واتكسّرت.
وقفت تتفرج على الإزاز، كأنه بيحكي شكل قلبها. حطت إيدها على جنبها، حسّت نبضها بيتسرع فجأة، وظهرها وجعها، وركبتها تخلّت عنها للحظة. إتمسكت بالرخامة، وهمست لنفسها :
مش دلوقتي يا رب، مش دلوقتي.
عينها دمعت مش من الألم، من الخوف. قعدت على الأرض، دقّات قلبها مش مظبوطة، نفسها مش ثابت.
وموبايلها رن.. إسم "ياسر" بينوّر الشاشة.
ردّت بأسرع ما يمكن قبل ما دموعها تلحق تقع :
ألو!
صوته كان مضطرب، مش صوت رجل في شغله، صوت راجل قلبه مشغول برا البيت :
إنتِ كويسة؟ حاسس في صوتك حاجة غريبة.
هي حاولت تضحك :
لا… ولا حاجة… يمكن برد.
سكت…
وبعد لحظة قال بصوت خالي من القوة :
أنا مش مرتاح. لو فيك حاجة قوليلي بالله عليكِ.
سارة قفلت عنيها، الخوف خرج مع نَفَسها :
ياسر… أنا بتعب بسرعة… جسمي مش بيطاوعني زي الأول.
صوته اتكسر خفيف :
أنا جاي.
سارة :
لا… ما تجيش. كمل شغلك.
ياسر :
شغلي إيه؟ لو فيكِ حاجة أنا مالي بالدنيا كلها؟
قلبها وقع من مكانه. حاولت تجيب قوة من آخر مكان جواها بيخبيها :
أنا مش عايزاك تتعب عشاني.
رد بسرعة من غير ما يفكر :
وأنا مش هعيش من غيرك.
الكلمة كانت أحلى من الحب، وأقسى من الوجع.
Nisrine Bellaajili
بعد ما قفل، دموع سارة خرجت بحرارة. ما عيطتش بصوت، كانت بتتنفس دموعها. قامت على مهل، جابت النوت بوك تاني، لكن المرة دي رجليها كانت بتسحبها مش هي اللي بتمشي.
فتحت صفحة جديدة :
"لو الدنيا قست عليّا، خلّيكم مكملين، ماحدش يكمّل الحزن لوحده."
وكتبت تحتها :
"يارب، قوّيني لسه أكمل يوم بس يوم."
حطّت القلم…
وبكت بهدوء شديد، زي اللي بيقول وداع صغير قبل وداع كبير وموبايلها رن تاني :
إسم روان.
سارة مسحت دموعها وردّت :
– ألو!
روان ضحكت :
صباح الخيرات يا روح صاحبتها، عملتِ إيه؟ إحكيلي.
سارة حاولت تخبي ارتعاشة صوتها :
الحمد لله، أنا كويسة.
روان اتغير صوتها فورًا، كأن إحساسها سبق الكلام :
لا… إنتِ مش كويسة، إنتِ صوتك مش صوتك. أنا جاية.
سارة :
لاااا، إرجعي لشغلك.
روان بحزم ناعم :
وجودي مش تضحية، وجودي واجب.
سارة صوتها اتشرخ ضعيف جدًا :
أنا خايفة يا روان.
روان ردت بسرعة، بثقة، بحنان، بإيمان :
وأنا جاية، نخاف سوا. ومش هنقع.
الليلة جاية تقيلة، والأحداث هتجرّ على بعض، وخوف سارة هيبقى واضح في كل نفس.
وهنا.. يبدأ العد التنازلي الحقيقي.
الهواء في الشقة كان ساكن، بس مش سكون طبيعي، سكون زي اللي بييجي بعد صرخة ماحدش سمعها.
سارة كانت على الأرض، جنب الكنبة، ونص جسمها متكوّر كأنها بتحضن وجعها.
النوت بوك مفتوح على الصفحة الأخيرة، والكلمات باينة بخطها المائل :
"وصيّة حب"
عنوان كبير، مكتوب بالقلم الأسود،
والسطر اللي بعده ناقص.
القلم لسه واقع جنبها.
في نفس الوقت، روان كانت سايقة عربيتها بسرعة غير عادية، والمطر بدأ ينزل خفيف، كأن السما نفسها بتبكي معاهم من غير ما تعرف ليه.
موبايلها في الإيد التانية، بتحاول تكلم سارة، بس التليفون بيرن ومافيش رد. قلبها بينزل درجة مع كل نغمة.
على الناحية التانية، ياسر كان سايق العربية برعشة خوف واضحة، مش قادر يكمّل شغله لما الإحساس جواه قال له : "إرجع البيت فورًا".
كل إشارة كانت بالنسبة له دقيقة ضايعة من عمرها.
موبايله رن، رقم روان.
ردّ بصوت مضطرب :
ألو؟
روان :
أنا قربت عند البيت، سارة مش بترد.
ياسر صرخ :
إستنيني هناك، أنا جاي دلوقتي.
قفل السكة، وضرب البنزين كأنه بيجري ينقذ آخر نفس من عمره.
وصلوا في نفس اللحظة تقريبًا. روان طلعت على السلم تجري، والخوف في رجليها سبقها. ياسر فتح الباب بمفتاحه بسرعة، الهواء اللي خرج من الشقة كان تقيل، خانق.
ياسر :
– سارة!!
صوته رجّ الشقة كلها.
روان دخلت وراه، عينيها وقعت على الأرض، على النوت بوك المفتوح وعلى سارة.
صرخت بصوت جاي من آخر الروح :
يااااسرررر!!
جرى ناحيتها، ركع على الأرض، شالها بين إيديه بسرعة، إيده ورا راسها وإيده التانية تحت ضهرها،
وصوته بيترعش :
سارة! حبيبتي، فوقي. إسمعيني، أنا هنا.
وشها باهت، نَفَسها بطيء جدًا، وجسمها سايب بين ذراعيه.
روان بتعيط وبتحاول تساعده :
إتصل بالإسعاف بسرعة يا ياسر.
ياسر :
لأ، مش هستنى، أنا هاخذها بنفسي.
نزل السلم بيها شايلها كأنها طفلة، والعالم حواليه إختفى. صوت الخطوات، صوت دقات قلبه، وصوت المطر فوقهم، كلهم بقوا سيمفونية رعب.
روان جريت وراه، فتح باب العربية، وحطّها على الكرسي الامامي ، غطاها بجاكيتته وهو بيقول بصوت مبحوح :
إستحملي يا سارة، بس دقيقة كمان، ونوصل.
روان ركبت عربيتها وراهم، بتبكي وهي بتشوف المنظر قدامها :
ياسر ماسك إيدها، بيمسح على وشها كل شوية، وبيتكلم بكلام مايتسمعش، كأنه بيحكي لربنا مش ليها.
"ما تاخدهاش يا رب، أنا لسه ما شبعتش منها."
الشارع كان فاضي، لكن جواه دويّ قلب راجل بيحارب القدر.
روان بتبص من المراية الأمامية، وشايفة ياسر بيحط راسها على صدره، وبيكلمها بخوف راجل مش عارف يعيش من غيرها :
إنتِ سامعاني يا حبيبتي؟ قولي إنك سامعاني، إفتحي عينيكي بس ثانية، قوليلي "ياسر"، زي ما بتقوليها دايمًا.
صوته اتحشر، عينه دمعت، بس ماوقفش، كمل السواقة كأنه بيهرب من الموت نفسه.
روان بتعيط وهي سايقة وراهم،
بتقول بين دموعها :
يا رب قوّيه، ده راجل مش عادي، ده بيحبها بصدق نادر. خلّيها ترجعله يا رب، ما تحرمهمش من بعض.
وصلوا المستشفى.
ياسر نزل جري، شايلها على كتفه وهو بيصرخ :
دكتور!! حد يلحقها!!
الممرضين جريوا، روان وراهم، والنوت بوك في إيدها، مفتوح على الصفحة اللي مكتوب فيها بخط كبير :
"وصيّة حب."
قلبها اتقبض وهي بتقراها، دمعتها وقعت على الورق.
دخلوا سارة غرفة الطوارئ، والباب اتقفل وراهم.
روان وقفت برا، ووشها بين إيديها،
بتسمع صوت ياسر بيكلم الممرضين من جوّه، صوته متكسر، بيحاول يفهم، بيسأل عن النبض، عن النفس، وبيصرّخ لما يسمع كلمة “ضعيف”.
قعد على الكرسي برا، دماغه بين إيديه، وشه غرقان في دموع عمره ما نزلها حتى وهو بيخسر الدنيا كلها.
روان قربت منه، حطت إيدها على كتفه وقالت بصوت مرتعش :
هي قوية يا ياسر، وسبحان اللي خلق الحب جوّه قلبك بالشكل ده.
هتقوم تاني، صدقني.
رفع راسه ببطء، عينيه حمرا، صوته مبحوح:
لو جرالها حاجة.. أنا اللي هموت. أنا نصّي فيها يا روان. والنص التاني من غيرها مالوش صوت ولا معنى.
بكت هي كمان، وكل اللي قدرت تقوله :
الحب اللي بالشكل ده مش ممكن يخلص بالخسارة. أكيد ربنا كاتب له نجاة.
بعد عشر دقايق…
باب الطوارئ إتفتح، الدكتور خرج بوش متعب، بس ما قالش حاجة.
ياسر قام بسرعة، قلبه بيدق في ودانه، وصوته خرج ضعيف جدًا :
هي… كويسة؟
الدكتور بصله، وبنبرة فيها رحمة وقلق قال :
نقدر نقول مستقرة مؤقتًا. بس لازم تبقى تحت الملاحظة 24 ساعة. هي فقدت وعيها من هبوط مفاجئ وضغط منخفض جدًا.
ياسر حط إيده على وشه، نَفَس طالع من عمق القلب :
الحمد لله… الحمد لله يا رب.
روان مسحت دموعها وقالت في سرّها :
"النهارده شُفت يعني إيه راجل يحب مراته بجد ويخاف عليها كأنها قلبه فعلاً."
نسرين بلعجيلي
بصت على النوت بوك اللي في إيدها، والصفحة اللي مكتوب فيها "وصيّة حب"
اتبلّت من دموعها.
همست لنفسها :
شكل الوصية دي لسه بدأت تتكتب، بس ربنا لسه ما ختمهاش.
معنديش كلام أقوله في الفصل ده
يتبع .
لاتلهكم القراءه عن الصلاه وذكر الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
جميع الروايات كامله من هنا 👇 ❤️ 👇
اعلموا متابعه لصفحتي عليها الروايات الجديده كامله بدون روابط ولينكات من هنا 👇 ❤️ 👇
❤️🌺💙🌹❤️🌺💙🌹❤️🌺💙🌹❤️🌺💙🌹❤️🌺💙🌹❤️🌺


تعليقات
إرسال تعليق