القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية أنت عمري الفصل الاول حتى الفصل العاشر بقلم أمل مصطفى حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج للروايات


رواية أنت عمري الفصل الاول حتى الفصل العاشر بقلم أمل مصطفى حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج للروايات 



رواية أنت عمري الفصل الاول حتى الفصل العاشر بقلم أمل مصطفى حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج للروايات 


في أحد الأحياء الشعبية المتوسطة، تقف فتاة جميلة، رقيقة القلب والروح، تطرق باب المنزل بمرح وهي تدندن.


بحب، فُتح الباب، وقابلتها فتون ببسمة واسعة ارتسمت على ملامحها التي غزتها معالم الشيخوخة عندما علمت هوية الطارق، ليهفُ قلبها قبل أقدامها نحو الباب، تردّ روحها بتصرفات تلك الشقية التي أطلت عليها بوجهها الصبوح الذي يزيل الهم وينعش القلب.


– صباح الورد يا فتون.


ضمّتها الأخيرة بقلب أم وهي تقبّل وجنتها:


– صباح الفل والياسمين على عيون حبيبتي.


بحثت عشق بعينها في المكان وهي تسألها:


– فين بابا ناجي؟


أشارت لها فتون:


– جوه في البلكونة، رفض ياكل من غيرك.


دخلت عشق بابتسامة:


– قلب القلب أنت يا ناجي.


قابلها ناجي بفرحة وترحاب:


– أنتِ القلب والروح يا عشق، ربنا ما يحرمنيش أبداً من دخلتك علينا.


جلست بينهم، وهي ترفع قطعة من الخبز تضعها في طبق الفول أمامها، ثم ترفعها وتضعها في فم فتون وهي تردف:


– ولا يحرمني منكم أبداً يا بابا.


ابتلعت فتون ما في فمها وهي تسألها بقلق:


– برضه رايحة الشغل عنده؟ أنا قلبي مش مطمئن.


كست ملامح عشق الحيرة، وهي تردف وفي داخلها نفس الخوف:


– طب أعمل إيه يا ماما؟ قوليلي. أنا محتاجة مصاريف، وهو الوحيد اللي مرتبه كويس.


نظر ناجي لفتون بحزن، لأنهم يقلقون عليها من تواجدها مع شخص مثل أمير. زاد قلقهم عندما أبلغتهم أكثر من مرة أنها لا تشعر بالارتياح من تصرفاته معها، لكنها دائماً تتصدى له بحدة.


وليس بيدهم حيلة لإنقاذها من بين براثن هذا المستهتر إذا تجاوز حدوده معها، فهم كبار في السن، ومعاشهم بالكاد يكفي الشهر، وإلا لما تركوها تعمل مع ذئب بشري مثل هذا الأمير، وهو اسم على غير مسمى.


فاق على تنهيدة عشق، وهي تسترجع ابتسامتها حتى تخفف عنهم:


– لو حصل منه أي تجاوز تاني، أنا هسيب الشغل من غير تردد، بس عايزاكم دايماً تدعولي، هو ده المهم... دعاؤكم ليا بحسّه زي البلورة السحرية.


---


في مكان راقٍ، في مكتب الأمير، يجلس في كرسيه مثل شيطان يخطط كيف يوقع بها. وهي الوحيدة التي طال تمردها، رغم ضعفها الذي يراه بعيونها، لكنها عفيفة لدرجة الاختناق، مما زاده إصراراً على الفوز بها بطريقة شريرة.


ولم يهدهِ ربه للفوز بها بطريق الحلال، وهو مقتدر، ليغرق أكثر في سيئاته.


أخيراً، ابتسم وهو ينادي على أحد رجاله، الذي فتح الباب بسرعة وهو يتحدث باحترام:


– تحت أمر سيادتك.


– اتصللي بعشق ضروري، ووصّل المكالمة لمكتبي.


– أوامر سعادتك.


---


وصلت عشق المكتب، وهي تقرأ الآيات القرآنية في سرّها كما أوصتها فاتن.


دخلت مكتبها تبحث عن الملف الذي طلبه، في وقت غير مناسب، تشعر أقدامها ثقيلة من الرعب لكنها لم تُظهر ذلك، حتى لا يستغل ضعفها. فهي تعرفه، لا يملك مشاعر، بل يمتلك حجراً بين أضلعه، لكن الحاجة التي ألقت بها على طريقه...


لم تجد الملف في مكانه، تعجبت بشدة، فهي تتذكر أين وضعته جيداً.


توجهت نحو باب مكتبه، طرقته بهدوء حتى أذن لها بالدخول.


تحدثت بصوت منخفض:


– مساء الخير، باشمهندس أمير.


أردف ببرود، وهو ينظر للشاشة أمامه دون أن يعيرها اهتماماً:


– مساء النور، فين الملف؟


فركت يدها بتوتر، وهي تردف:


– أنا كنت حطاه في الرف التاني بمكتبي، بس حالياً مش موجود.


وقف بغضب، وهو يتحدث بصوت مرتفع، جعلها تأخذ خطوة للخلف:


– إنتِ بتستعبطي؟ ملف صفقة مهم زي دي بملايين، مش عارفة هو فين؟


غشيت الدموع عيني عشق من الخوف أن يزج بها في السجن:


– والله أنا برتب كل حاجة في مكانها، وأنا روّحت ومتأكدة من كل حاجة، بس هدور تاني، يمكن أنا ماخدتش بالي... أصل حضرتك صحيتني وجبتني على ملا وشي.


اقترب منها بخطوات مدروسة بثّت الرعب في قلبها، وهو يمرر عيونه فوقها بطريقة جعلت جسدها يقشعر.


تحولت لهجته من العصبية للين، وهو يردف:


– أنا غبي؟ حد يفزع ملاك زيك من النوم؟ اللي زيك يصحى بطريقة جميلة وناعمة زيك كده...


كان يتحدث وهو يقترب منها، وهي تعود للخلف، وضربات قلبها في تزايد مستمر، حتى وجدت نفسها بينه وبين مكتبه، حاولت الابتعاد لكنه حاصرها، وهو يقترب منها وأنفاسه الكريهة تلفح وجهها. أغمضت بعينها باشمئزاز.


اتسعت عيناها عندما هتف:


– مش عايزك تخافي، أنا هدلعك، بس إنتِ حنّي... والملف موجود.


رفع إحدى يديه يمررها فوقها، لكنها حملت التمثال النحاسي القابع فوق مكتبه، وضربته فجأة على رأسه بقوة لا تعلم من أين أتتها، ثم خرجت من باب المكتب بسرعة قبل أن يراها رجاله.


---


تركض بفزع، وهي تتلفت حولها بحثاً عن أي شخص يمد لها يد المساعدة!


وجدت نفسها فجأة أمام سيارة مسرعة، خرجت منها صرخة مرعبة، وهي تغمض عينها وتنطق الشهادة...


سمعت فرامل قوية وصدمة خفيفة أوقعتها، وهي تتألم من قدمها!


بينما أدهم يجلس في السيارة يتابع أعماله على اللابتوب، عندما توقفت السيارة فجأة!


رفع عينيه عن الجهاز، وهو يسأل أحد رجاله:


– في إيه يا هاني؟


رد هاني باعتذار:


– آسف يا باشا، في بنت ظهرت فجأة قدام عربية خالد.


سأله باهتمام:


– حصلها حاجة؟


فتح باب السيارة حتى يلقي نظرة، وهو يرد بعدم معرفة شكل الإصابة:


– خبطة بسيطة، هنزل أطمن عليها.


نزل خالد وهاني، وكان صوت هاني الأسرع عندما سألها وهو يقترب منها:


– إنتِ كويسة؟


كانت تمسد قدمها وهي تبكي في صمت، لترد على سؤاله:


– رجلي بتوجعني.


نزل أدهم يسأل هاني:


– هي كويسة؟


التف حوله جميع رجاله بشكل دائرة خوفاً عليه، بأن يكون ما حدث مجرد كمين لسيدهم.


اعتدل هاني باحترام، وهو يرد:


– شكلها إصابة خفيفة يا باشا، ممكن حضرتك ترجع العربية وخالد يتصرف...


تحدث أدهم، وهو يستعد للركوب مرة أخرى:


– هاتها العربية ووديها مستشفى في طريقنا نطمئن عليها.


انصاع هاني لأوامره، واقترب منها لكي يحملها!


هتفت برفض عندما وجدته يقترب منها:


– لا لا أرجوك، ما تلمسنيش، أنا هقف لوحدي.


توقف أدهم من نبرة الخوف في صوتها، وألقى عليها نظرة أخرى، وجدها تتألم وهي تحاول الوقوف.


استغرب موقفها، ولماذا لا تريد أن يساعدها؟ فضوله جعله يوجّه كلماته إليها:


– إنتِ بتتألمي، ما فيش حاجة لو حد منهم رفعك لحد العربية؟


رفعت وجهها بغضب حتى تعنّفه من رؤيته أن حَمل غريب لها شيء هين، لكن غضبها تلاشى، وتوقف كل شيء حولها عندما طالعت ملامحه...


(هنعرف بعدين سبب تأملها له، وده ضد تربيتها وأخلاقها.)


صمتت وظلت تتأمل معالمه بلا وعي، قطع تأملها صوته وهو يتحدث بحدة:


– يلا، مش هنقضي اليوم هنا؟


أخفضت رأسها من حدته معها، وسندت على السيارة، وهي تتمتم:


– مالوش لزوم، أنا كويسة، وبعدين أنا الغلطانة لأني كنت بجري من غير ما أبص قدامي!


بدأت تتحرك بتعب، سمعت صوتاً تكرهه بشدة:


– البنت هناك أهي، يلا نجيبها؟


شعرت بالخوف، تركت جميع الحضور، وتحركت دون وعي خلف أدهم فقط، تحتمي بجسده منهم.


لم يعلّق.


بينما توجه رجاله بأجسادهم نحو الصوت، بعد أن كادوا يركبوا السيارات، صنعوا دائرة حول سيدهم.


تحدث هاني بقوة:


– أنتم مين وعايزين إيه؟


أشار أحد الرجال إلى عشق، وهو يردف:


– إحنا عايزين البنت دي!


طريقتهم لم تعجب هاني، الذي تحدث بغضب:


– إحنا مش عاجبينك؟


ارتفعت أمامهم أكثر من ثمانية أسلحة، وتحدث أحدهم بخوف:


– أصلها سرقت الباشا بتاعنا! وعايزين نسلمها للبوليس...


خرجت عشق برأسها من خلف أدهم:


– إنت كداب! أنا مش حرامية، الباشا بتاعك هو الزبالة، وإنتم عارفين...


هتف أدهم، وهو يوجه لها نظرة:


– طب ليه خارجة في وقت متأخر لوحدك؟ وتجري بالطريقة اللي كانت هتضيع عمرك؟


ردت بدموع، خوفاً من أن يسلمها لهم:


– أنا شغالة سكرتيرة عنده، وهو اتصل بيا بحجة إنه مش لاقي ملف محتاجه ضروري في مناقصة بكرة ولازم يتراجع النهاردة.

لما اعتذرت لأن الوقت متأخر، هدّدني بالفصل، وأنا محتاجة الشغل ده، فجيت أجيب الملف.

طلع شخص مش كويس، ومش عايز الملف ولا حاجة، كان بيضحك عليّا عشان... عشان!


فهم أدهم ما تقصده، لكنه حثّها على إكمال كلامها:


– وبعدين إيه حصل؟


– ضربته بتمثال... وجريت! ولو حضرتك مش مصدق، ممكن تيجي معايا تشوف دماغه المفتوحة!


يعلم جيداً خبث الحريم عندما يردن الوصول لرجل، لكنه لن يتركها حتى يتأكد من صدق كلماتها، لذلك:


تحدث بتهديد لهؤلاء الرجال:


– ترجعوا شغلكم على رجليكم، ولا تحبوا ترجعوا على نقالة؟


نظر الرجال لبعضهم، ثم انسحبوا في صمت

********

---


عند أمير


وقف جوار الطبيب الذي يضمد جرحه، وعندما دخل عليه رجاله دونها، صرخ عليهم بغضب وهو يبعد الطبيب عنه بعنف، وسأل رجاله عن مكان تواجدها، وزاد غضبه عندما صرح أحدهم بعدم مقدرتهم على الرجوع بها.


– يعني إيه معرفتوش تجيبوها؟ هي ملحقتش تبعد!


لكن ردّ أحد رجاله كان له صدمة، عندما أردف بتلعثم:


– إحنا شوفناها بس ماقدرناش نجبها!!


صرخ أمير بغضب جحيمي:


– حتة بنت مش قادرين عليها؟ ليه مشغل معايا شوية بهايم؟؟


نظر رجاله لبعضهم، وتحدث كبيرهم:


– لا يا باشا، كان معاها ٣ عربيات مليانة بودي جارد ومسلحين، ورفضوا ناخذها...


تمتم لنفسه بصوت مسموع:


– دول مين؟ وإيه علاقتها بيهم؟!


رفع عينه لرجاله وتحدث بأمر:


– روحوا استنوا عند البيت، البنت دي لازم تكون عندي... ما عاش ولا كان اللي تمد إيدها عليا!!


---


عند عشق


رفعت عيونها عندما سمعت صوت أدهم وهو يعرض عليها أن يقوم بتوصيلها:


– تحبي أوصلك؟


نظرت له بتوتر:


– لا، شكرًا... أنا هركب تاكسي.


ردّ عليها بلا مبالاة:


– براحتك، ثم وجّه كلماته لحارسه:


– هاني، وقف لها تاكسي.


أوقف لها تاكسي. رجعت عشق على استحياء إلى أدهم، وانحنت على شباك سيارته:


– أحمم... هو ينفع حضرتك تمشي ورايا لحد ما أوصل البيت؟ خايفة يكون حد هناك...


نادى بصوت قوي:


– خالد!


رد خالد باحترام:


– أوامرك يا باشا.


طلب منه أن يتبع التاكسي بسيارته حتى يطمئن على سلامتها:


– اتبع التاكسي لحد ما توصل.


– أوامرك يا باشا.


تحركت أمام خالد، وركبت التاكسي الذي تحرك بها حتى وصل أمام حي شعبي. نزلت عشق وصعدت إلى شقتها...


ظل خالد ينتظر حتى تصعد، وعندما اختفت من أمام ناظره دار بسيارته ليغادر، لكنه توقف فجأة عندما رأى انعكاس صورتها في مرآة السيارة، وهي تركض خارج المنزل وتتوارى خلف الحائط. نزل بعدها ثلاثة رجال يقفون تحت المنزل...


قام بالاتصال على أدهم الذي رد بسرعة:


– خير يا خالد؟


– أنا وصلت البنت لحد البيت وتأكدت إنها طلعت، وأنا ماشي شُفتها نازلة تجري وبتتداري خلف البيت، ونزل بعدها تلات رجال، وقفوا تحت البيت، شكلهم ما شافوهاش وبيستنّوها...


أتاه صوت سيده الحازم:


– طيب، هاتها الفيلا.


توتر خالد من مجادلة سيده، لكنه مضطر:


– بس يا باشا... البنت شكلها مش سهل توافق إنها تمشي معايا.


أتاه صوت أدهم بالأمر:


– اتصرف... أهم حاجة ماحدش يقدر يلمسها!!


نزل خالد، والتف حول المنزل، سمعها وهي تحدث نفسها:


– يظهر إن هبات النهارده في الشارع؟!


انتفضت بفزع من صوته الرجولي خلفها، وهو يردف:


– وأنا مرضاش أسيبك في الشارع!!


شهقت عشق بفزع:


– إنت مين؟!


– أنا خالد، اللي كنت مع الباشا... هو طلب مني آخدك على الفيلا عنده.


رفعت حاجبها باستهجان وهي ما زالت تحدث نفسها بغلب:


– أعمل إيه يا رب؟! أخلص من عفريت، يطلعلي جني...


ضحك على عبسها الطفولي وقال:


– متخافيش... الباشا بتاعنا محترم، وما بيعملش حاجة تغضب ربنا!!


نظرت له كأنها تريد التأكد من صدق كلماته، عندما تحدثت:


– لما هو محترم، إزاي يقبل يدخل بيته واحدة غريبة وهو عايش لوحده؟!


– الباشا مش عايش لوحده... معاه والدته.


عشق بسعادة:


– بجد؟! طب احلف كده!!


ابتسم لها مطمئنًا:


– والله...


تحدثت ببراءة:


– أنا هاعتبرك أخ ليا وأصدقك، بس لو حصلي حاجة، مش مسامحاك وهاشتكي لربنا؟!


ابتسم لها بحنان:


– أولًا، أنا يشرفني إنك تكوني أختي... ثانيًا، متخافيش من الباشا بتاعنا، مش ممكن يأذيكي!!


تحركت جواره، وهو يحدث نفسه:


– معقول لسه في بنات بالبراءة دي؟! أنا اتعقدت من اللي شوفته...


---

---


في فيلا أدهم


صعد إلى غرفة والدته وطرق على الباب بأدب، ثم دلف إلى الداخل. وجدها تجلس وفي يدها كتاب.


– مساء الخير يا أمي، ممكن تنزلي معايا شوية؟


ردّت باستفهام:


– خير يا حبيبي؟


– أصل في بنت كانت في مشكلة، وجبتها معايا لحد ما أخلص لها مشكلتها، وكنت حابب تكوني موجودة لما تيجي عشان تبقي مطمئنة...


ثم أكمل بتوضيح:


– هتقعد معانا يومين بس!!


لم تصدق غادة أذنها، ابنها سوف يأتي ببنت إلى منزله، ذلك المنزل الذي حرّمه على كل جنس حواء! حتى صديقات أخته الوحيدة كان يرفض بصرامة تواجدهن هنا؛ كانوا يتقابلون فقط في النادي والحفلات خارج المنزل.


أنزلت قدميها من الفراش، تُخفي حالة الصدمة التي تلبّستها من حديثه، وهي تردف:


– لو إنت شايف إن مافيش مشكلة، خلاص... ثواني وأحصلك.


انحنى على يدها يقبّلها:


– ربنا يخليكي ليا يا ست الكل.


نزل إلى بهو الفيلا ينتظر خالد.


---


عند خالد


في السيارة، رن هاتف عشق. فتحت الخط:


– السلام عليكم... أيوه يا حبيبتي، أنا بخير، متخافيش عليا!!


اللي كنتي خايفة منه كان هيحصل، بس أنا ضربته وهربت!!


– لا، متخافيش، بس أنا مش راجعة البيت النهاردة، خايفة يكونوا تحت البيت. الحمد لله، ربنا رزقني بواحد كويس وعدني يخلص الموضوع...


– لو سألك، قولي متعرفيش عني حاجة، وغيّري اسمي على التليفون عندك... وأنا هكلمك كل يوم!!


– لا إله إلا الله...


---


دخلت السيارة باب الفيلا، وكان أمامها عدد كبير من الحرس. طُلب منها النزول، لكنها رفضت قبل أن تخرج للقائها إحدى حريم المنزل.


حدثها خالد ببعض اللين:


– يا بنتي، يعني لو عايزين نأذيكي، تاخدي قد إيه في إيدينا؟ يلا ربنا يهديك...


رن جرس الفيلا، فتحت إحدى الخادمات، وأخبرها:


– بلّغي أدهم بيه إن الآنسة عشق معايا.


ثم شاور لعشق حتى تتقدمه، وهو يردف:


– يلا يا عشق، ادخلي.


حدثته برجاء:


– تعال معايا؟؟


رد خالد برفض:


– مش هينفع، أدهم باشا مانع دخول الحرس عشان الحريم.


دخلت ببطء، فوجدت أمامها أدهم ووالدته التي قابلتها بترحاب:


– أهلاً يا بنتي، نورتينا... اتفضلي!


ردّت بخجل وتوتر:


– شكرًا لحضرتك، وآسفة على الإزعاج.


أدهم بهدوء، وهو يطالعها من رأسها حتى أخمص قدميها:


– اقعدي.


جلس على مقربة منها:


– عايز أعرف كل حاجة حصلت من يوم شغلك عند أمير ده، لحد ما قابلتك. ممنوع تخبي أي حاجة عني، لأن لو عرفتها من برّه، حسابك معايا هيكون صعب!


ضغطت والدته على يده حتى يهدأ، فهي ترى الرعب مرتسمًا على ملامح تلك الفتاة.


فركت عشق يدها بخوف من طريقته، لكن ابتسامة غادة المشجّعة جعلتها تبدأ في سرد قصتها مع زير النساء.


استمعت غادة بوجع لما مرّت به، وسألتها:


– ليه ما قولتيش لحد من أهلك؟


ردّت بحزن:


– أنا عايشة لوحدي... ماما وبابا وأخواتي ماتوا في حادثة.


– طيب ما فيش عم أو خال؟


هزّت رأسها نفيًا:


– لا، عمري ما شُفت حد، وبعد ما أهلي ماتوا، ما فيش حد سأل...


وقف أدهم بحزم، ينهي تلك المحادثة:


– خديها يا أمي غرفة الضيوف.


ثم وجّه كلماته لعشق:


– أنا هشوف الموضوع ده، ولو كنتِ صاحبة حق، هجبلك حقك لحد عندك... تصبحي على خير.


---


صعدت مع والدته في صمت، ودخلت الغرفة. كانت كبيرة، باللون الكريمي، ستائر وسجاد رمادي، وأثاث أبيض... غرفة خفيفة على القلب.


بعد مرور بعض الوقت، دق الباب. فتحت عشق، فوجدت أمامها والدة أدهم، ومعها خادمة تحمل الطعام. دخلت، وضعت ما في يدها وخرجت.


مدّت لها غادة بيچامة نوم قطن، وهي تشرح لها نظام الغرفة:


– عندك الحمّام، غيّري هدومك، وكلي الساندويتشات، اشربي العصير، وريّحي جسدك شوية... أدهم هيخلّصك من كل مشاكلك.


– شكراً لحضرتك... تصبحي على خير.

*******

---


في الصباح، ألقى التحية على والدته، ثم جلس جوارها على مائدة الطعام.


– آسف جدًا يا أمي إني حطيت حضرتك في موقف زي ده، بس كنت مضطر... البنت كانت مرعوبة.


تركت ما بيدها، وهي تنظر في عيون ابنها تبحث عن أي شيء جديد قد طرأ عليه، لكن من الواضح أنه مجرد وهم في خيالها، لتردف:


– مافيش إزعاج ولا حاجة، أنا بثق في تصرفاتك، وعارفة إنك ما تعملش غير الأصول، والبنت باين عليها ضعيفة ومكسورة.


هتف بتحذير:


– أرجوكي يا أمي، بلاش طيبة قلبك دي، واحذري منها لحد ما أشوف حكايتها وأتأكد من صدق كلامها. حضرتك عارفة إن البراءة بقت تتغش، وأنا ليا أعداء كتير، ومش ضامن حد. لو دخل قلبك شك في أي تصرف صدر منها، بلّغي الحرس بسرعة، وأنا كمان عطيتهم أوامر.


– ليه كل ده؟ البنت باين عليها الطيبة والحنية!


أدهم بتحذير:


– أمي، أرجوكي...


شعرت بضيقة تعرف سببها جيدًا، لتردف بحنان:


– حاضر يا حبيبي، اللي تشوفه.


وقف واقترب من رأسها يقبّلها وهو يلقي عليها السلام.


خرجت منها تنهيدة متعبة، وهي تتابع سيره للخارج بحزن على فلذات قلبها الذين لم يجدوا الراحة في تلك الحياة القاسية. دعت لهم بصلاح الحال، وأن تجد الفرحة طريقًا لقلوبهم.


---


تململت عشق بابتسامة حانية، تشعر براحة لم تغزوها منذ سنوات. فتحت عينيها بلمعة جميلة، وتحركت بعينيها في السقف والمكان حولها. قفزت فجأة بعدم استيعاب، وجلست تنظر لمظهرها وتلك الغرفة، تسترجع ما مرّت به بخوف.


ضربت جبهتها:


– أخ يا عشق، إنتِ خوفتي ليه كده؟ أمير بعيد عنك... إنتِ في بيت الراجل اللي أنقذك ومامته موجودة، يعني أمان.


وضعت يدها على قلبها وهي تتنهد براحة:


– الحمد لله.


سمعت طرقًا خافتًا على باب الغرفة. عدّلت من هيئتها وتوجّهت خلف الباب تسأل عن هوية الطارق.


أتاها صوت الخادمة:


– الهانم الكبيرة بتبلغ حضرتك إنها في انتظارك على الفطار.


– حاضر، قولي لها ثواني وأكون معاها.


تجهزت عشق للنزول، رتبت غرفتها وارتدت ملابسها، ثم نزلت درجات السلم وهي تبحث بعينيها عن مكان جلوس غادة. رأتها سيدة من الخدم، نادتها:


– اتفضلي معايا.


ابتسمت لها عشق بخجل، وتحركت خلفها حتى غرفة الطعام، فوجدت غادة في انتظارها.


– صباح الخير يا طنط.


غادة بترحاب:


– صباح النور، اتفضلي يا عشق.


خرجت إحدى الخادمات تحمل صينية عليها طعام، متوجهة لممر صغير، جذب فضول عشق، التي ترجمته بسؤال:


– هو في حد تاني عايش هنا؟


غامت عينها بسحابة من الحزن تمطر وجعًا على قلبها، وهي تردف:


– آه، روان... بنتي الصغيرة.


تعجبت وسألت نفسها: هل هي طفلة صغيرة أم شابة ولا تريد الاختلاط بالغرباء؟ شعرت بغصة في حلقها أن يكون وجودها غير مرغوب فيه، وهي تفرض نفسها على المكان، لذلك سألتها بلهفة:


– هي مكسوفة مني؟ ولا متضايقة من وجودي؟


تحدثت غادة برفض:


– لا أبدًا، هي أصلًا ما تعرفش إنك موجودة، لأنها رافضة الخروج من غرفتها بقالها ثلاث سنوات، ورافضة التعامل نهائي مع أي حد غيري أنا وأخوها، حتى أصحابها رفضت وجودهم جنبها.


زاد فضول عشق لتتعرف على تلك المجروحة، فليس هناك شخص طبيعي يرحب بالعيش وحيدًا إلا لو اكتفى من غدر البشر.


لذلك تحدثت برجاء:


– هو أنا ممكن أدخل عندها بعد الفطار؟


نظرت لها غادة بحيرة، لا تعرف ماذا تقول، هل لو وافقت على طلبها سوف ترحب بها روان التي لم ترَ غريبًا منذ سنوات؟ أم تقدر على غضب أدهم إذا علم أنها كشفت عن كنزه الثمين، وهو أخته الوحيدة؟ فاقت على نداء عشق:


– لو ما ينفعش خلاص، مافيش مشكلة.


– أبدًا، مافيش مشكلة ولا حاجة، بس خايفة رد فعل روان يجرحك، لأنها اتعودت على وحدتها.


عشق بلهفة:


– لا، ما تقلقيش، أنا هتحمّل رد فعلها مهما كان صعب.


ثم أكملت طعامها بلهفة لرؤية تلك الفتاة.


---


عند فتون


جلست أمام طعامها هي وزوجها دون شهية. لقد تعودوا على وجودها حولهم، بمرحها وابتسامتها التي تضمد جراحهم.


تحدث ناجي، والقلق ينهش قلبه أكثر منها:


– كلي يا فتون أي حاجة، علشان علاجك كده غلط عليكي، ولو عشق كانت هنا كان زمانها زعلانة منك.


بكت فتون بحزن، وهي تردف:


– قلبي واجعني عليها. هي عوض ربنا عن جحود ولادنا، هي شمس يومنا، وضحكة أيامنا... إزاي عايزني آكل وأنا مش عارفة هي عاملة إيه دلوقتي ولا مع مين؟


وقف ناجي بحزن، يضمها لصدره وهو يحاول تهدئتها لتجنب ارتفاع الضغط لديها:


– والله هي كويسة، وبعدين مش كلمتك بليل؟ وقالت إن ربنا رزقها بناس كويسين، هيقفوا معاها، ولما تخلص من أمير ده هترجع تاني.


فتون بدموع:


– منه لله، ربنا يخلصنا من الظالم ده.


– يا رب، نجّها... يا رب، احفظها.


ضم كفها بين كفيه وهو يشجعها بابتسامة:


– أيوة كده، ادعيلها، الدعاء بيغير الأقدار وربنا يحفظها لينا. لقينا في قلبها الحب والرحمة لينا أكتر من ولادنا اللي خلفناهم وتعبنا في تربيتهم.


---


عند عشق


تحركت نحو الغرفة التي أشارت عليها غادة. قامت بطرق الباب، ثم فتحته فتحة صغيرة، أطلّت بوجهها الصبوح من خلالها، مثل الأطفال. تحركت عيناها في المكان حتى كانت الصدمة، عندما وجدت أمامها شابة جميلة جالسة على كرسي متحرك. تقابلت العيون في نظرة تعجب من روان، وأخرى حنونة من عشق، التي تحدثت بابتسامة عذبة تلين القلب:


– ممكن أدخل؟


لم تستطع روان السيطرة على نفسها من هيئتها الرائعة. ضحكت وهي تقول:


– على فكرة... إنتِ دخلتي خلاص.


اتسعت أعين عشق في ذهول، وهي تنكر ما تقوله روان:


– والله أبدًا، دي رقبتي بس.


زاد ضحك روان على طفولتها، وهي تردف:


– خلاص يا ستي، ادخلي كلك، أنا مسامحة.


توجهت لها عشق بخطوات خجولة، مدت يدها وهي تعرف نفسها:


– أنا عشق.


مدت روان يدها براحة غريبة غزتها منذ دخول هذا الملاك عليها:


– اسم جميل زيك يا عشق.


تورّد وجهها من الخجل. ضحكت روان بعدم تصديق:


– إنتِ اتكسفتي؟


تحاول مدارة خجلها، وهي تردف:


– لا أبدًا، أنا كويسة.


روان، وهي تجذب يدها حتى تجلس جوارها:


– وأنا روان. تعالي بقى، قوليلي بتعملي إيه عندنا؟ وإزاي أدهم سمح بوجودك في البيت كده بالسهل؟


لم تفهم عشق مغزى كلمتها، ولِمَ يعترض على وجودها، وهي لم تتعدَّ حدودها:


– أنا جاية أستخبى عندكم من الشيطان.


صدعت ضحكة روان مرة أخرى، وهي تردف:


– الشيطان مرة واحدة؟


– آه والله! وهو فيه مشكلة من وجودي هنا؟


روان بتأكيد:


– آه طبعًا، أدهم مانع صنف حواء من دخول البيت ده، غير الخدم، وبيكونوا كبار في السن وعارفهم. يلا احكي احكي، خلينا نسلّي.


قصّت عشق كل ما حدث معها، وروان تستمع لها وهي تضحك:


– يعني صفيتي دم الراجل؟


عشق برفض:


– ده حيوان، مش راجل، علشان يضحك عليّا. وهو شيطان، عايز يدمّرني.


عندما تأخرت عشق، قلقَت غادة على ابنتها، وتذكرت تحذير أدهم لها، فتوجّهت بأقدام مرتعِبة، تحولت لذهول عندما استمعت لضحكة ابنتها، التي غادرتها منذ سنوات. توقفت جوار الباب، تحاول السيطرة على دقات قلبها التي تعزف فرحًا من رؤية وجه ابنتها، الذي ردت به الدمويّة من خلال تلك الفتحة بالباب.


معقول؟ تلك الغريبة استطاعت فعل ما عجزوا عنه بسنوات، في دقائق معدودة!


فتحت الباب على آخره، وهي ما زالت في حالة صدمة، لا تصدق أنها وافقت على تواجد عشق، وتضحك بهذا الشكل، كأنهم أصدقاء طفولة.


رفعت روان وجهها عند فتح الباب، لتجد ملامح الصدمة على والدتها، فابتسمت لها بحنان، تعلم جيدًا أنها تسببت لهم في العذاب سنوات، دون أن يكون لهم أي يد في ما أصابها.


ضمتها غادة بفرحة، وهي تقبّلها:


– نورتي الدنيا يا قلب مامي.


حاوطت روان خصر والدتها بحب، بينما تتابعهما عيون عشق بدموع، لقد افتقدت حضن والدتها بشدة.


توجّهت لها غادة، تضمها بشكر:


– شكرًا ليكي بجد، أنا مش عارفة أكافئك إزاي على رجوع بنتي للحياة.


خجلت عشق من موقفها، وأردفت:


– مافيش شكر يا طنط، أنا ما عملتش حاجة لكل ده... أنا حبيت روان جدًا.


روان، بحب زُرِع داخلها من أول نظرة لتلك الملاك:


– أنا كمان حبيتك كتير.


ابتسمت غادة بمرح:


– طيب، أسيبكم أنا بقى، مش حابة أكون عذول.


ضحكت الفتاتان، وطال بينهما الحديث، كأنهما تعوّضان سنوات الوحدة. وفي موعد الغداء، رفضت عشق ترك روان، بينما طلبت روان بإلحاح أن تتناول الطعام معها في غرفتها، فوافقت عشق بهذا التمسك.


رحبت غادة بتلك الفكرة حتى تخفف عن ابنتها، لكنها لا تعلم أنها بذلك سوف تحرّك المارد بداخله...



# أنت - عمري 

# بقلمي - أمل - مصطفي 

#البارت - الثالث 

**********

---


الفصل الجديد


صعدت عشق الدرج باكية، فتحت باب الغرفة تبحث عن حقيبة يدها. تناولتها وهي تشعر بالإهانة والقهر من هجومه عليها دون أن يفهم ما حدث. لكنها لم تكن لتغادر قبل أن تبرر لـ روان ما حصل، لذلك توجهت إلى غرفتها، ووقفت خلف الباب تطرقه برفق، تستعطفها:


– روان، أرجوكي، ما تعمليش فيا كده... أنا ما صدقت ألاقي أخت تعوضني عن وحدة السنين اللي فاتت. ننام مع بعض، ونتشارك اليوم كله... أنا ما خنتكيش يا حبيبتي، كنت هاجي كل يوم أشوفك وأرجع على النوم.


تنهدت وهي تكمل:


– ما ينفعش أقعد مع أخوكي في نفس المكان وهو مش قابل وجودي. أنا كنت مضطرة الأيام اللي فاتت، لأني كنت خايفة من أمير يعمل فيا حاجة... أرجوكي، ما تزعليش مني.


لم تتلقَ ردًا. جلست على الأرض جوار الباب تبكي بصمت.

وفجأة، فُتح الباب، وجدت روان أمامها، تنظر إليها بعينين دامعتين.

جذبت يدها، وقفت عشق بفرحة، ثم احتضنتا بعضهما وهما تبكيان بحرقة.


قالت عشق وهي تعتذر:


– أنا آسفة... مش قصدي أجرحك كده...


ردت روان ببكاء:


– أنا هسامحك، بس بشرط.


سألتها عشق بلهفة:


– إيه هو؟


– إنك تعيشي معايا هنا، وما ترجعيش بيتك.


جاء صوت من خلفهما:


– وهي طبعًا موافقة، بعد ما كان عندي بنت واحدة، بقوا اتنين.


ضحكت الفتاتان بفرحة، غافلتين عن تلك العيون التي كانت تراقبهما بسعادة، ثم تركهم وصعد إلى غرفته.


---


في مكان بعيد... في أحد منازل الصعيد


جلس رجل في العقد الثامن من عمره، ، على كرسيه في مجلس الرجال، ملامحه تحمل القوة والهيبه 


ينتظر على نار وصول ابنه وأحفاده ليبشّروه بعثورهم على ابنه الغالي، الأقرب إلى قلبه.

ذلك الابن الذي فرّقت بينه وبين والده يد الشيطان منذ سنوات، عندما تمرد على أوامر والده وتزوج علي  ابنة عمه، ، وتركها وهو لا يزال في السنة الثانية من الجامعة. 

لقد حارب والده   تزويجه سريعًا خوفًا من أن يخطفه حب فتيات البندر.


لكن إرادة الله كانت فوق كل شيء، فوقع قلب الابن في حب زميلته. فتاة فقيرة، جميلة، مؤدبة، تربّت على يد والدتها بعد وفاة والدها في صغرها.


وفي يوم مشهود، وقف ذلك الابن في وجه والده للمرة الأولى، مدافعًا عن حبه وتمسكه بها. لحظتها، ظهر الوجه المتوحش للوالد، فهدده، ونعته بالعقوق، بل توعّده بالتخلص من "تلك الحية" التي جعلته يكسر كلمته، ويكسر قلب ابنة عمه، التي أحبته منذ الطفولة.


لكن الابن لم يتراجع، بل ازداد تمسكًا بحبيبته، واختفى عن أنظار والده سنوات طويلة. جنّ جنون المنشاوي الكبير، وبحث عنه في كل مكان ليقتص من تلك الفتاة التي خطفته، لكنه لم يجد له أثرًا.


وبعد سنوات، ظهر الابن مجددًا، ومعه طفلته، جاء يستعطف والده، يطلب منه السماح، ويترجاه أن يسمح له بالعيش معهم لتكبر طفلته في كنف أهلها. لكن الأب، وقد أعماه الشيطان، رفض أن ينكسر أمام أبنائه بالموافقة على عودة "الابن العاق"، فطرده شر طردة، رغم محاولات زوجة ابنه الأولى في تليين قلبه، وقبول فكرة وجود "ضُرة" تحت سقف واحد، فهي عادة متأصلة في عائلتهم.


عاد الابن مكسورًا، محبطًا، ومرت سنوات أخرى، حتى مرض الجد واشتد عليه الحنين. طلب من أبنائه البحث عن أخيهم الأصغر وإعادته إليه، كي يرى وجهه قبل أن يفارق الحياة.

ها هو الآن يجلس ينتظر، ويتشبث بخيوط الأمل، وكلما عادوا دون نتيجة، انكسر قلبه أكثر.


عاد من بحر ذكرياته على وقع خطوات ابنه الأكبر يدخل.

ملامحه كانت شاحبة لا تبشر بخير، وازداد قلق المنشاوي حين هتف ابنه بحزن:


– عرفنا طريقه أخيرًا يا بوي...


هتف المنشاوي بفرح، وتهللت أساريره:


– فين يا ولدي؟ وكيفه؟ وكيف عياله؟


نكس الابن رأسه وقال بصوت موجوع:


– مات يا بوي... هو وعياله.


صرخ الأب بغضب:


– جبر يلمك، ويلم لسانك العفِش! ده مين اللي مات؟ غور من جدامي!


ثم وجه كلامه لحفيده الأكبر:


– جول إن أبوك بيكذب، يا فهد. إنت الوحيد اللي حاسس بجدك ونار قلبه.


اقترب فهد منه، بوجع لا يقل عن وجع جده، فـ محمود لم يكن مجرد عم، بل صديق وحبيب. جثا أمامه، وأمسك بيده، وقال بصوت مرتجف:


– اتأكدت بنفسي يا جدي... عمي مات، هو ومراته وصغاره، في حادثة ميكروباص من خمس سنين.


لم يتحمل المنشاوي فكرة فقدان ابنه وأحفاده، فأمسك صدره وهو يصرخ بقوة:


– وِلْدِي!


---


في فيلا أدهم


في الصباح، قامت عشق تتوضأ لتصلي الضحى، ثم هزّت روان برفق:


– روان...


فتحت روان عينيها بكسل، وردّت:


– إيه مالك يا عشق؟


قالت عشق بحذر:


– بصي يا حبيبتي... أنا هروح البيت.


قاطعتها روان بحزن:


– مش إحنا اتفقنا خلاص؟


– آه يا حبيبتي، خلاص... بس لازم أجيب هدومي وكتبي، أنا بقالي فترة مش بروح الكلية، وممكن أترفد.


وافقت روان وقالت:


– خلاص يا حبيبتي، بس خلي السواق معاكي. طيب، هطلب من ماما غادة تجيبلك الفطار لحد ما ارجع.


– ماشي يا حبي... مش هتأخر.


خرجت عشق، وجدت غادة وأدهم يتناولان طعام الإفطار.


ألقت التحية بأدب:


– صباح الخير.


ردّت غادة بابتسامة:


– صباح الخير يا حبيبتي، رايحة فين كده؟


– بعد إذنك... أنا هروح أجيب حاجتي من البيت، لأني غبت عن الكلية كتير، وخايفة أترفد.


رفع أدهم عينيه نحوها، وجدها تخفض رأسها.

حدّث نفسه:


"ليه باعده عيونك عني؟ أنا اتعودت عليهم. كأني عايش عمري بيهم. من أول مرة شفتهم، ... زي ضوء الشمس اللي نور عتمة حياتي. ومش بعرف أبدأ يومي من غيرهم."


هتف بقوة:


– محدش يقدر يرفدك وأنا موجود!


رفعت عشق عينيها إليه، تنظر بدهشة من طريقته. بالأمس فقط كان يطردها، والآن يعرض حمايته؟!

ظلّ يحدّق بها، خجلت وأخفضت عينيها مجددًا. شعر بنشوة داخلية من رؤيتها خجلى، لا يعلم كيف اقتحمت كل دفاعاته في أيام.


قبّل رأس والدته، وقال في نفسه:


"كده أقدر أبدأ يومي بمزاج عالي."


مر من أمام عشق بصمت، لكنها شعرت بضربات قلبها تتسارع من قربه.

ياااه... وجوده أمامها على أرض الواقع له مذاق مختلف تمامًا عن وجوده في أحلامها.


دخل غرفة أخته، قبّلها كعادته، وتحرك خارجًا.

وجد عشق ما زالت واقفة في مكانها، تنظر إليه بحزن من قسوته.

كم تمنّت أن ترى حنانه، مثلما تراه أمه وأخته! كم تمنّت أن يقبلها كما يقبلهما! بل أرادت أن تصرخ وتقول له:


"أنا ليّ حق فيك... أنت كنت ملكي لثلاث سنوات... وعدتني إنك ليّ أنا فقط... إنت زرعت الحب والحنان في قلبي علشانك..."


لكن كيف تشتكي إليه لوعتها وهو لا ينظر إليها؟

تريد أن تخطفه مرة أخرى لعالم أحلامها. ذلك العالم الذي أغرقها فيه أدهم، بالحب والغرام والنظرات المليئة بالشغف.


لكن الآن؟ أصبح بارد المشاعر.

حُرِمت من الحب طويلًا، وهو وحده من عوّضها... فكيف يتغيّر هكذا؟


قال عقلها:


"انتي مجنونة؟ متخيلة واحد زيه يبصلك؟ واحدة لا ليها أهل، ولا سند، ولا أصل؟ انتي من عالم، وهو من عالم تاني..."


"ده تشوفيه في أحلامك بس، ما تتعشميش في أكتر من كده. فوقي يا عشق... ارحمي نفسك من الأوهام."


تحركت بأقدام مثقلة بالهمّ، وجدت السائق في انتظارها.

ركبت السيارة بصمت، وانطلقت نحو وجهتها.

*******

في الشركة


رفع أدهم سماعة الهاتف الداخلي وتحدث بنبرة حازمة:

– خلي مدير الحسابات ييجي بعد نص ساعة، واطلبي مراد، عايزه حالًا.


طرق الباب بعد لحظات، ودخل مراد بابتسامة مرحة:

– صباح الخير يا بوص.


رد أدهم دون أن يلتفت:

– صباح النور، عملت إيه في المناقصة؟


قال مراد وهو يجلس بثقة:

– رست علينا زي كل مرة، بس المرة دي الراجل هتجيله جلطة.


هتف أدهم ببرود:

– يستاهل، عشان ما عندوش دم. أنا باكسبها بما يرضي الله.

بقدّم ورق زي الورق، بس الأسعار بتختلف. يقول إني برشي الناس عشان يزوّروا الورق!

أنا مش ممكن أسكت على اتهام زي ده.


قال مراد بصدق:

– الكل عارف إنك من أنزه رجال الأعمال، وبتراعي ضميرك قبل مصلحتك.


عاد أدهم إلى مقعده وسأله عن عدوه اللدود:

– عملت إيه مع أشرف السلاموني؟


هتف مراد بثقة:

– كل السوق بيخاف منك وبيحسب لك ألف حساب.

بس هو... الانتقام عماه، وبيخبط في أي حاجة عايز يأذيك.

(ثم تغيرت نبرته إلى قلق)

– وأنا خايف المرة دي تصيب، يا صاحبي.


رد أدهم بإيمان قوي:

– سيبها لله، كله نصيب.

هو أنت فاكر إن الحرس ده هو اللي بيحميني؟

أنا جايبهم كده للضرورة، لكن متأكد إن المكتوب مافيش منه هروب.

العُمر في إيد ربنا، مش حد تاني.


صمت للحظات، ثم تابع:

– المهم، عايز أعرف كل خطوة بيخطّيها.

لازم عيونا تكون دايمًا عليه، ده غدار، ومش عارف الخبطة ممكن تيجي إزاي.

سمعت إنه دخل مع ناس شمال في تجارة الآثار... والناس دي مالهاش كبير ولا عزيز.


---


عند ناجي وفتون


كان الطَرق على الباب يشبه الطَبل.

نهض ناجي بفرحة غامرة:

– مش ممكن! دي طريقة عشق!


فتح الباب ليجدها أمامه بطلتها الطفولية المرحة.

– إزيك يا أونكل؟ وإزي "المُزّة" بتاعتك؟


ضحك ناجي بسعادة:

– وحشتيني يا حبيبة الأونكل.

والمُزّة جوه، عايزة حد يصالحها، وانتي أكتر حد عارف الطريقة.


غمزت له بشقاوة:

– بس كده؟! ده أنا هاصالحها وأدلعها كمان، أنا عندي كام فتون؟!


كانت فتون تمثل الحزن، رغم قلبها الذي صاخب بالفرح لرؤيتها:

– بقالك كام يوم بعيدة ومش بتسألي، أنا زعلانة منك أوي.


احتضنتها عشق بحنان:

– غصب عني يا قلبي.


ضربتها فتون على ظهرها بحنان وهي تعانقها:

– ماعنتيش تبعدي كده، فاهمة؟


جلست عشق إلى جوارها، وهي تُقبّل وجنتها:

– هو لو ماكنش أمير... الله يجحمه، كنت بعدت؟!


سألها ناجي باهتمام:

– احكي، إيه اللي حصل يومها؟ ومين اللي أخدك عنده؟


قصّت عليهم كل ما جرى لها منذ مغادرتها المنزل حتى عودتها الآن.

وضعت فتون يدها على يد عشق بحزن:

– حبيبتي يا بنتي... حظك إننا ناس كبار ومش قادرين نحميكي.


انحنت عشق تُقبّل يدها:

– كفاية حبكم وحنانكم عليا...اللي من غير تمن.


ثم سألت بحيرة:

– هو فيه حد مافيش عنده عم ولا خال، ولا أولاد عم، ولا قرايب من أي نوع... زَيّي كده؟


قال ناجي وهو يتنهّد:

– الدنيا فيها كل حاجة.

يعني حد يصدق إننا عندنا أولاد تعبنا في تربيتهم، علّمناهم وكبّرناهم، وفي النهاية... كل واحد سابنا، وشاف حياته.

حتى أحفادنا ما نعرفش شكلهم!

ولولا ربنا عوّضنا بيكي، كان زمانا بنكلم نفسنا من الوحدة.


شرد كلٌّ منهم في حزنه وأوجاعه.


قالت فتون بقلب موجوع:

– يعني أنتي هتعيشي هناك؟


ردت عشق بحيرة:

– مش عارفة... إيه رأي حضرتك؟


قال ناجي بهدوء:

– لو ربنا جعلك سبب في شفاها، فدي حاجة كويسة، وماينفعش تتخلي عنها.

أنتي قولتي إنها بقالها سنين مقاطعة العالم الخارجي ورجعت عشانك، وده معناه إن في بينكم رابط رباني، وإنها بتحبك وبتِرتاح معاكي.

توكّلي على الله، وربنا يجعله في ميزان حسناتك...

بس أوعي تنسينا.


هتفت عشق بلهفة:

– أنساكم إزاي؟ أنتم أهلي الوحيدين في الدنيا دي.

وبعدين، أنا هازوركم، وهاكلمكم كل يوم.

***"""******


في الصعيد...


جلس الجميع في حالة حزن عميق على الجد، الذي انهار فجأة بعد أن كان جبلًا شامخًا ينهل منه الجميع القوة والشموخ.


في الجانب الآخر، انهارت ابنة عمه حين علمت بخبر وفاته، رغم أنها لم تره منذ سنوات طويلة، ولا حتى سمعت صوته، لكنها كانت تعيش على أمل رؤيته وعودة "الطائر المهاجر" لعشه يومًا ما... لتنهار بعدها كل أحلامها.


الآن فقدته إلى الأبد، ولا يوجد أي أمل في رجوعه. لقد حُرِمَت منه في حياته، وحتى في مماته، حُرِمَت من وداعه.


ضاع شبابها في انتظاره؛ فقد رفضت طلب عمها بتطليقها منه، ورفضت كل عروض الزواج التي أتتها بعد أن تركها ابنه، وأصرّت ألا تكون لغيره، وظلّت تعيش على حلم رجوعه.

الآن... لماذا تعيش؟ لم يعد لديها سبب.

أشفق على حالها كل من في المنزل من سلفات وأحفاد... فالكل يحبها.


أما في الأسفل، حيث الرجال...


تحدث أحدهم بقلق:

– "حالته إيه؟ الوقت؟"


أجاب محمد، والحزن يكسو وجهه:

– "بوادر جلطة... بس ربنا يعدّيها على خير. أهم حاجة ميتعرضش لأي زعل علشان تعدّي."


قال فهد، ووجعه ظاهر على جده:

– "طب قولي إزاي؟! لمجرد إنه يفوق هيتكلم تاني في الموضوع؟ أنا عارف إنه روحه كانت في عمك محمود بالذات، وبعد كل السنين دي، يلاقيه ميت هو وولاده؟ مش سهلة عليه!"


تابع محمد:

– "بقالنا ٣ سنين بندوّر... وهو متوفي من ٥ سنين."


التفت  إلى أخيه قائلًا:

– "عايزك تاخد إجازة كام يوم، إنت ومؤمن، وتنزلوا مصر. ماترجعوش غير لما تعرفوا كل كبيرة وصغيرة. يمكن يكون تشابه أسماء، ويمكن عمك في مكان تاني.

نسأل مرة واتنين لحد ما نتأكد إن اللي ماتوا في الحادثة دي هم فعلًا."


---


عند "عشق"...


جلست في الحديقة هي وروان، تشاهدان فيلمًا كوميديًا على اللابتوب. ضحكت روان بصوت مرتفع.


تيبست أقدام هذا المتيّم بعشقها حين تعرّف قلبه قبل أذنه على صوتها الذي اشتاقه. حرّك رأسه تجاه الصوت، وعندما وقعت عيناه على ملامحها، شعر بأنفاسه تُسحب من جسده، وضربات قلبه تتوقف.

ظل يتأمل معذبته... فقد اكتوى قلبه بنار الفراق، وقتله شوق رؤيتها. منذ تلك الحادثة وهي رفضت العالم، لم ترحم قلبه، بل حكمت عليه بالإعدام.


رفع هاتفه، والتقط لها أكثر من صورة دون أن تراه. ظل يتأملها، لا يدري كم مضى من الوقت وهو يقف بهذا الشكل، ناسيًا الزمان والمكان في وجودها.


قال لنفسه:

– "هتفضل كده؟ روح سلّم عليها واملَ عيونك منها عن قرب."

تحركت أقدامه نحوها، مشتاقًا، متعبًا من طول الفراق.


تعجبت "عشق" من وجود شخص غريب في تلك المنطقة المحرمة حتى على الحرس، وسألت روان:

– "مين الشاب اللي جاي علينا ده؟"


رفعت روان عينيها عن الجهاز أمامها، وتعجبت من نظراته المسلطة عليها:

– "ده مراد، صديق أدهم... طول عمره معانا هنا، بس أنا مشوفتوش من زمان."


اقترب منهما وتحدث بفرحة شديدة لم يستطع إخفاءها:

– "الحمد لله على السلامة يا آنسة روان، نورتي الدنيا كلها."


ردّت عليه بابتسامة مجاملة:

– "الله يسلمك يا بشمهندس مراد... هو أنا كنت مسافرة؟"


تحدث بحب صادق:

– "طبعًا! لما تحرمينا من طلتك دي ٣ سنين، كأنك كنتي مهاجرة! والله، كل حاجة النهاردة ليها شكل ولون تاني...

تحسي كده إن الشمس النهاردة قوية بس حنينة، علشان شافتك،

والشجر لونه زاهي عن كل يوم، حتى العصافير النهاردة صوتها مبسوط بوجودك."


شعرت "عشق" برائحة عشق في الأجواء، فقررت الابتعاد:

– "أنا هاروح أجيب حاجة نشربها."


كأن مراد لم يرها إلا الآن، هتف معتذرًا:

– "آسف يا آنسة عشق، ما خدتش بالي."


تعجبت "عشق" من معرفته بها رغم أنها أول مرة تراه، لكنها تجاوزت الفكرة وقالت:

– "مافيش مشكلة... تحب تشرب إيه؟"


رد مراد بلطف:

– "لا شكرًا، أنا داخل... أصل أدهم يغضب عليّا، وأنا مش قدّه، يرجع يعلّقني!"

ضحكت الفتاتان.


رن هاتفه برقم أدهم، رفعه وابتسم:

– "مش قلت ربنا يرحمني!"

فتح الخط وعيناه ما زالت على روان، التي تململت بعدم راحة من نظراته.


– "أيوه يا أدهم... ثواني وأكون قدامك."


التفت إليها بحب:

– "أتمنى أشوفك مرة تانية... بعد إذنكم."


جلست "عشق" مرة أخرى، وهي تريد أن تعرف ما يحدث، وهل تعلم روان بمشاعر هذا العاشق الذي فضحته نظراته من أول وهلة؟

شكله إنسان محترم ومحبوب من أدهم، وإلا ما كانش دخّله البيت.


ردّت روان بشرود:

– "من نظراته وطريقة كلامه... أنا بشوفه لأول مرة كده. هو معانا من زمان، بس عمره ما اتكلم معايا كده قبل كده."

ثم تابعت:

– "أدهم بيثق فيه جدًا... ده صاحبه وأخوه وكاتم أسراره، وأقرب شخص لقلبه."

**********

دخل الفيلا...

بقلب عادت إليه الحياة، رغم علمه بأنها لا تراه، وأنها سابقًا ذبحته باختيارها لغيره، وخوضها تجربة الحب مع آخر.

وهو... من عاش وتمنى أن يكون أول من تدق له نبضات قلبها، وأول من تعرف معه معنى الحب.

لكن هذا هو نصيبه، أن يعيش يتمنى ما ليس له.


فاق على صوت غادة، التي تحدثت بحب:

– "أهلاً بالهراب اللي نسى مامته!"


رد مراد بابتسامة:

– "مين ده اللي يقدر ينساك؟! إنتِ في بالي على طول، بس خلي ابنك يرحمني وألاقي وقت!"


ضحكت غادة:

– "معلش يا حبيبي، ربنا يبعت له اللي تملكه وتمشي وراها وترحمك منه."


أتاه صوت أدهم الغاضب من خلفهم، يؤنب نفسه بسبب تلك المشاعر التي غزت قلبه بوجود "عشق":

– "ما تخلقتش اللي تمتلك أدهم الشهاوي، ولا يجري وراها!

وأنت يلا خلينا نخلّص، وإلا مافيش غدا!"


رد مراد بمرح:

– "لا، كله إلا الغداء!"


ضحكت غادة وقالت:

– "خلاص... افرح بمراد."


هتف مراد نافيًا:

– "أنا مع أدهم على الحلوة والمرة... وده عهد بينا، يعني لو اتجوز، هاتجوز..."

توقّف، وكأن الكلمات لم تكتمل.


ابتسمت غادة بحزن، فهي تعلم تمامًا سبب هذا العهد، الذي جعل ابنها يبتعد عن جميع بنات حواء، وتمتمت بدعاء صادق:

– "ربنا ما يحرِمكم من بعض أبدًا."


---


بعد أسبوع...

قالت "عشق" بتشجيع:

– "إيه رأيك نخرج ونروح النادي؟ نشوف ناس ونغيّر جو... كفاية قعدتك في الفيلا لحد كده."


نكّست "روان" رأسها وردّت بحزن:

– "بس أنا مش مستعدة أشوف نظرة شفقة من حد... وقلبي مش حمِل أشوفهم مع بعض."


قالت "عشق" بدهشة:

– "مش ممكن يا روان! لسه بتفكّري فيه بعد كل ده؟!"


نظرت روان بنفي:

– "لا... ماعَدّش ليه وجود في حياتي، بس برضه مش سهل أشوف في عيونهم نظرة شماتة فيا وفي وضعي ده."


احتضنتها "عشق" بكلماتها:

– "حبيبتي... ده نصيب، وكان ممكن يحصل لأي حد فينا. وأنا معاكي، مش هاسيبك، ومش ممكن أسمح لحد يجرحك... استقوي بيا."


ردّت روان بثقة، وقد بدأت تستعيد نفسها:

– "خلاص، لما أدهم يرجع، هاطلب منه أروح النادي."


زادت دقات قلب "عشق" حين سمعت اسمه، لكنها حاولت التماسك:

– "بس بلاش تجيبي سيرتي... أصله مش بيطيقني!"


ضحكت "روان" وقالت ممازحة:

– "أكيد هيعرف إنك إنتِ السبب... أصل بقالهم سنين بيحاولوا معايا وانا رافضه !"


شهقت "عشق" من ردها:

– "لا يا أختي، اعتبري إني ماقولتش حاجة! مالو بيتكم؟ جميل أهو... شرح و برَح، ويكفي من الحبايب ألف!"


روان، وهي تضحك  جبانة:

– "جبانة؟! جبانة بس أعيش!

هو العمر بعزقة؟! 


---


دخلت غادة غرفة الفتيات وسألت:


– "مش هتخرجوا تقعدوا معايا؟ ولا أسيبكم وأخرج؟"


وقفت "عشق" تعدّل ملابسها:

– "لا، خارجين أهو."


بينما هتفت "روان" برفض طفولي:

– "لا يا ماما، أنا عايزة عشق ترسمني... ولا هي فنون جميلة على الفاضي؟"


ردّت "عشق" بثقة:

– "على الفاضي؟! ماشي، قبلت التحدي!"


ضحكت غادة وهي تقول:

– "لا كده أنا وجودي مالوش لازمة، هاطلع أغير وأخرج."

ثم تركتهن.


قالت روان، وهي تنظر لعشق برجاء:

– "بس أنا عايزة أطلع حلوة يا عشق."


أجابتها عشق بحنان:

– "إنتي قمر من غير أي حاجة... جهزي نفسك، وأنا هاروح أجيب حاجتي من الأوضة."


تحركت روان بكرسيها نحو دولابها:

– "ماشي، هستناكي... بس بلاش تتأخري؟"


ركضت "عشق" للخارج بفرحة كبيرة... لقد تعلقت بـ"روان" وتتمنى إسعادها في كل لحظة، حتى تُخرجها من حزنها.


وفجأة...

اصطدمت بشيء صلب... كأنها اصطدمت بجدار.

تراجعت للوراء، لكن يدًا قوية احتضنتها وجذبتها لصدره.

فتحت عينيها ببطء، مهلك للأعصاب...


وجدته أمامها.

بطلّته الجذابة، الخاطفة لأنفاسها.

شردت في وسامته، وظل هو الآخر يتأملها، كأنه ينحت ملامحها في ثنايا قلبه.


فاق الاثنان على صوت والدته، التي لم ترَ "عشق" المختفية خلف جسده:

– "أدهم! مالك واقف ليه كده؟"


ابتعد عنها بغضب، يحاول أن يُخفي تأثيرها عليه، وضعفه أمامها.


هتف بانفعال:

– "إنتي بتجري كده ليه؟! فاكرة نفسك عايشة في زريبة؟! مش تاخدي بالك من تصرفاتك؟!

**********



# أنت - عمري 

#بقلمي - أمل - مصطفي 

# البارت - الرابع

ابتعد عنها بغضب، حتى يداري تأثيرها عليه، وتحدث بعصبية:

– "إنتِ بتجري كده ليه؟ مش بالراحة؟ ولا فاكرة نفسك عايشة في زريبة؟"


نظرت له "عشق" بصدمه، ولم تستطع الرد. تركها "أدهم" وابتعد، وهو يلعن تحت أنفاسه.


عندما ابتعد، رأتها "غادة" التي اقتربت بسرعة منها، تُواسي حزنها:

– "معلش يا حبيبتي، سامحيني... هو عمره ما كان عصبي كده. ممكن يكون عنده ضغط في شغله، وده سبب عصبيته."


أجابتها "عشق" وهي تكبت دموعها:

– "ما فيش مشكلة يا ماما، أنا اللي غلطانة... بعد إذنك، أجيب حاجة من فوق، وأنا نازلة لأن روان في انتظاري."


وقفت "غادة" بحيرة، تنظر في اتجاه ذهاب "عشق"، ثم عادت بنظرها في اتجاه اختفاء ابنها. تعلم أنه لا يحب النساء، لكنه ليس فظًّا ولا قليل الذوق... فما سبب تلك القسوة مع شخصية بنقاء "عشق"؟ قررت أن تتحدث معه عند عودته، وخرجت هي أيضًا من المنزل.


صعدت السلم إلى غرفتها وأغلقت الباب خلفها، ثم ظلّت تبكي من قسوته وتعنيفه الدائم لها. تحدثت وكأنها أمامه:

– "ليه كده يا حبيبي؟ جبت القسوة دي منين؟! أنت بالواقع غير الأحلام خالص... ومن يوم ما ظهرت في الواقع، اختفيت من أحلامي. مش عارفة أشوفك علشان أشتكي لك منك، لكن غصب عني مش قادرة أكرهك."


لملمت أدواتها وذهبت إلى "روان"، التي سألتها عن سبب تأخيرها:

– "عشق، إنتِ كنتِ بتبكي؟"


أجابت "عشق" بنفي:

– "أبدًا، دي تهيؤات... لأن وحشتك."


اقتربت منها "روان" وهي تؤكد:

– "فعلاً وحشتيني، أنا خلاص تعوَّدت على وجودك معايا، ومش عارفة يومي يعدي إزاي لما ترجعي جامعتك."


لاحظت "روان" احمرار عيني "عشق"، وسألتها بلهفة:

– "عشق، إنتِ كنتِ بتبكي؟"


هربت "عشق" بعينيها، ثم ردّت بنفي:

– "لا أبدًا... بس يمكن عيوني أطرفت."


رفعت "روان" يدها حتى تصبح عين "عشق" أمام عينها، وقالت بحزم:

– "ما فيش أخت تكذب على أختها، مالك فيكي إيه؟"


أرتمت "عشق" في أحضان "روان" وبكت بحزن:

– "أدهم كل ما يشوفني يغضب، ويقول كلام صعب... مش عارفة ليه؟ رغم أن أنا أكتر وقتي هنا معاكي، ومش بنتقابل غير صُدفة... وده أكتر سبب خلاني عايزة أرجع بيتي، لأن عارفة أنه مش حابب وجودي، لكن إنتِ رفضتِ. أنا مش عارفة أرضي قلبي ولا كرامتي."


ظلت تبكي بحرقة، وكان قلبها يئن من ألم القسوة التي لم تستطع تفسيرها.


تألم "أدهم" كثيرًا عندما سمع كلماتها، وتضايق من نفسه الغبية التي تؤذي شخصًا في رقتها كلما قابَلها. عاد ليطمئن عليها عندما وجد أمه تغادر، ولكن كلماتها أوجعت قلبه. تمنى أن يفتح الباب الذي يحجب رؤيتها عنه، ليحتضنها ويعتذر لها عمَّا بدر منه. لكن عقله أكد له أنها "دموع تماسيح"، وفي قاموس "أدهم" لا يوجد للمشاعر مكان. دائمًا ما ينتصر العقل، لذلك تراجع في آخر لحظة، وخرج تاركًا المنزل ومشاعره التي كانت تحارب عقله.


بينما هتفت "روان" بحنان:

– "هو مش كرهك ولا حاجة، هو كاره نفسه... لأنه سمح بوجودك هنا، وده ضد مبادئه وشخصيته. إنتِ مميزة جدًا يا عشق، لأنك الوحيدة اللي "أدهم" وافق على وجودك في بيته برغبته... أنا وماما مستغربين، وحاسين أن في حاجة مش طبيعية. إنتِ عارفة أن مافيش واحدة تقدر تتواجد في محيطه. ولما كان يحصل شغل بينه وبين شخص تاني، كان يرفض تواجد سكرتيرة في الشغل ده."


أكملت "روان" وهي تضع يدها على قلب "عشق":

– "الوضع مش سهل عليه، علشان كده بطلب منك تتحملي علشاني."


---


في صباح يوم جديد...

أغلقت "روان" هاتفها بفرحة كبيرة، ثم نادت "عشق" توقظها حتي  تبلغها بموافقة "أدهم" الغير طبيعية على ذهابهما إلى النادي.


اعتدلت "عشق" بعدم تصديق:

– "يعني بجد وافق؟"


عذرتها "روان" من علامات الصدمة المرسومة على ملامحها، وقالت بضحكة:

– "أه والله وافق! وسألني حابين نروح الساعة كام علشان يبعت سواق. قلت له الساعة عشرة، ونفطر هناك."


تنهدت "عشق" براحة:

– "أخيرًا نخرج ونتفسح!"


قامت الفتيات بتجهيز أنفسهن، وخرجتا إلى حديقة المنزل في انتظار السائق.


.. وجدت "عشق" أمامها "مراد"، يدخل من باب الفيلا. نادته "عشق" بخجل:

– "يا أستاذ مراد، لو سمحت؟"


توجه إليها "مراد" وهو يسلّط نظره على "روان" التي كل مرة تتعجب من نظرته.

سألها "مراد":

– "خير يا أنسة "عشق"، في حاجة؟"


أجابته "عشق" بتوتر:

– "كنت عايزة حضرتك تنادي حد من الحرس علشان يشيل "روان" لحد العربية."


رد "مراد" بغضب:

– "حرس مين؟! اللي يشيلها؟! هو في حد منهم يقدر يقرب ناحيتها؟! أنتم رايحين فين أصلاً؟"


أجابته "عشق" بهدوء:

– "إحنا... أستاذنا "أدهم" نروح النادي، وهو وافق."


هتف "مراد" بغير قاتل:

– "هو وافق أن حد من الحراس يلمسها؟! ما تتحركوش من هنا، ثواني وجاي لكم."


"روان" باستغراب من غضبه غير المبرر:

– "ما له ده؟! أنا أول مرة أشوفه عصبي كده!"


تحدثت "عشق" بابتسامة خبيثة:

– "الغيرة يا قلبي... تعمل أكثر من كده."


هتفت "روان" بتفاجؤ:

– "غيرة إيه؟"


ابتسمت "عشق" وهي تهتف:

– "غيرته أن حد يلمس حبيبته."


أردفت "روان" بغباء:

– "أنتِ هبلة، يا "عشق"! حبيبة مين؟! هو في غيري أنا وأنتِ؟"


ردت "عشق" بغيظ:

– "لا في عرضك، مش محتاجة غباء خالص دلوقت."


على بعد أمتار قليلة، وقف "مراد" في انتظار رد صديقه.


أجاب "أدهم" بخبث فهو أرسله المنزل في هذا الوقت خصيصا ليحدث ما رتب له بالحرف 

وحدث نفسه أما اشوف هتفضل ظالم نفسك ومداري عليا لأمته 

رد علي مراد ببرود 

– "في أيه؟"


رد "مراد" بعصبية، لأول مرة في حياته:

– "ممكن أعرف... إزاي تسمح للحرس يلمسوا أختك؟"


أدهم:

بغموض، وبصوت هادئ:

– "وفيها إيه؟"


رد "مراد" بعصبية، وعيناه تشتعلان من الغضب:

– "عارف يعني إيه حد منهم يشتالها؟ يعني هتكون في حضنه، يلمسها ويحس بيها! ما رحتش إنت ليه معاها؟"


تحدث "أدهم" ببرود، وهو يفكر في الإجابة:

– "والشغل؟ هسيبه لمين؟"


هتف "مراد" بغضب، وهو يرفع صوته:

– "ما يولع الشغل! هي أهم!"


ارتفع  صوت "أدهم" غاضبًا،  غير مصدقٍ لما سمعه:

– "أنت اتجننت يا مراد! إزاي تتكلم معايا كده؟!"


رد "مراد" بحزن، وقد غلبته مشاعره:

– "معلش يا صاحبي، أنا بعت الورق مع السواق، وهروح معاها. مش هسمح لحد غريب يلمسها."


ابتسم "أدهم" بخبث، وكأنَّ في قلبه شيء من التسلية، وقال:

– "طب والشغل؟"


أجاب "مراد" بثقة:

– "هي أهم يا صاحبي، هي أهم... سلام؟"


أغلق "أدهم" الهاتف وهو يشعر بسعادة غامرة. يعرف أن صديقه يعشق أخته منذ سنوات طويلة، ويرى الحب في عينيه. ظل ينتظر أن يطلبها، لكنه لم يفعل. وعندما تقدم "وائل" لها ووافقت، كان "أدهم" سيجن من صديقه، كيف يعشقها ويتركها لغيره؟


لكن لم يكن يعلم أن "مراد" فضل سعادتها على سعادته عندما علم بأنها تحب "وائل".


---

في منزل المنشاوي

دخل "فهد" بهيئته الحادة القوية التي يخشاها الجميع، يسأل بجدية:

– "إيه الأخبار يا زين؟"


تنهد "زين" بحزن، ثم قال:

– "عمك مات هو وأولاده الصبيان ومراته في حادثة ميكروباص. بس بنته الكبيرة ما كانتش معاه، كانت في درس اسمها "عشق"... روحنا كام مرة للشقة، مش لقينها. وكل يوم نستناها من الفجر لحد بالليل، مارجعتش. وما فيش حد عايز يعطينا أي معلومات عنها من الجيران، ولا رقمها، كأنهم بيحموها من حاجة."


أجاب "فهد" بإصرار، وهو يضبط نفسه:

– "خلاص، أنا هتصرف. يمكن وجودها يرد الروح في جدي."


قال "محمد" بقلق، وقد بدأ ينظر حوله متوترًا:

– "ياريت بس ربنا يستر وما تفضحناش في البلد. بنت عاشت سنين زي دي لوحدها أكيد الظروف خليتها مش كويسة، وما حدش عارف أخلاقها إيه؟"


رد "زين" مستفسرًا:

– "ليه بتقول كده؟"


أجاب "محمد" بثقة، وهو يرفع حاجبيه:

– "ما أنت عارف! بنات البندر حياتهم مفتوحة، وعادتهم وتقاليدهم غيرنا."


 أردف فهد بقوة:

– "مهما كان حالها ومهما كان غلطها، لأزم نعدله ونرجعها لعادتنا. الغلط راكبنا من ساسنا لراسنا، وأي طين لوث توبها. احنا مسؤولين عنه، لأننا أهملناها سنين طويلة، وهي وحيدة، والدنيا مش بترحم. ولما نلاقيها، نجبها وسطينا، ومع مرور الوقت، تتعود على عاداتنا وتقاليدنا."


قال "زين" بفضول:

– "طيب، أفرض رفضت تيجي تعيش هنا؟"


هتف "فهد" بغضب، وهو يتنهد بمرارة:

– "أخافهم هم شخصيًا! مش إحنا! اللي نسيب لحمنا، وبالذات لو بنت وعيشه وحيدة. وأنا جادر على إعادة تربيتها من جديد."


*******

في فيلا أدهم 


أغلق "مراد" الهاتف مع "أدهم"، وتوجه مباشرة إلى "روان".

سألها بلهفة:

– "مستعدين؟"


أجابوا معًا، "عشق" و"روان":

– "أه."


انحنى "مراد" إليها حتى رفعها بين يديه. انتفض قلبه بين ضلوعه، لم يتخيل أن مجرد وجودها بين أحضانه يشعل مشاعره بتلك الطريقة. قلبه يرقص طربًا بين ضلوعه، وجسده يرتعش من روعة تلك المشاعر. 


من ملكت قلبه وجعلته يتعذب سنوات، الآن بين أحضانه، وقريبة من قلبه. يشعر بدقات قلبها، ويسمع تنفسها، لم يتخيل أبدًا أن تكون يومًا قريبة منه بهذا الشكل.


هذا الحب غريب، عذاب سنوات تمحيه لحظة قرب من الحبيب. مجرد لحظة، نسى كل تعبه ومعاناته.


أما هي، كانت مشاعرها مختلفة. بين خجل، وأمان، وراحة غريبة عليها.


أما "عشق"، كانت تسير جوارهم بسعادة كبيرة، لأنها تأكدت من ظنها. حالة "مراد" تفضح عشقه، فهو يحملها بحنان كأنها جوهرته الثمينة. وكم تعشق هي الرومانسية، وقصص الحب. تستطيع اكتشاف الحب في عيون الآخرين من نظرة، وقلبها يخبرها أن قصة عشقهم سوف تكون قوية.

*****

وصلت السيارة إلى النادي، توقفت في موقف السيارات الكبير. حمل أحد الحراس كرسيها المتحرك. 


عاد مراد، يحملها بنفس المشاعر. هي الغالية التي يخاف عليها من الخدش. وضعها بحب على الكرسي، ثم وصل بها أمام إحدى الطاولات. 


جلست عشق جوارها، بينما طلب من الحارس الانتظار داخل السيارة. 


حدث مراد روان، وهو يتشبع من ملامحها: 


"أنا جنبك هنا، لو احتجتِ أي حاجة، ناديني. ولا أقولك؟" 


جذب هاتفها الذي وضعته عشق أمامها، وكتب رقمه واسمه، ثم رن على نفسها ووضعه مرة أخرى أمامها، وهو يردف: 


"رقمي، اهو. رنّه بس، وأكون قدامك." 


سألته بتعجب: 


"هو أنت مش راجع الشركة؟" 


هتف بطريقه أقشعر لها جسدها وانتفض قلبها: 


"لا، اليوم ده بتاعك إنتِ وبس. مافيش حاجة عندي أهم منك." 


ثم تركها وابتعد. 


عندما وجدتها عشق شاردة، سألتها عما يشغل بالها. 


أجابت بعدم فهم: 


"مش عارفة. أنا حاسة بحاجة غريبة، وأنا بين إيديه. إحساس عمري ما جربته قبل كده. حسيت بحنان، اهتمام، مش قادرة أوصفه." 


لم برمش له جفن وعيناه تتابع حديثها مع عشق حركتها  يتأملها بغرام وسعادة ليس لها مثيل. فقد اشتاق رؤيتها لدرجة أهلكت قلبه وروحه. 

ــــ

حدث ما كانت روان تخشاه، عندما وجدت أمامها أكثر شخصين دمروا ثقتها بنفسها، وأكثر من تكرههم في الحياة. 


مسكت يد عشق، تستمد منها القوة. 


نظرت عشق لما تنظر، وجدت شابًا وفتاة يقتربون منهم، وعلى وجوههم نظرة سخرية واستهزاء. 


تحدثت عشق بصوت منخفض: 


"هم دول..." 


هزت رأسها بدون كلام، فقد عاد أمامها كل ما حدث في آخر لقاء بينهم. 


"متخافيش، أنا ومراد معاكِ. إياكِ تباني ضعيفة قدامهم، هزعل منك." 


"هاي روان، عاش من شافك." 


"أهلا يا نيرة، أخبارك يا وائل." 


لم يرد وائل، لأن عيونه تلتهم عشق بشهوة، لاحظتها روان. 


شعرت بالإشمئزاز من نفسها. كيف لم تَرَ حقارته تلك في يوم من الأيام؟ 


هتفت روان: 


"أتمنى أنكم تكونوا مبسوطين مع بعض." 


"طبعا يا قلبي، إحنا اتنين بنكمل بعض، ولايقين على بعض جدًا." 


لا تعلم ماذا حدث، حتى تجده يقف جوارها بوضع هجوم وغيره، وهي لم تناديه أو تتصل به كما طلب منها. 


ابتسم وائل بخبث: 


"أهلا مراد، يا ترى اعترفت بعشقك ليها، ولا لسه بتتابعها من بعيد زي زمان؟" 


نظرت له بصدمه. هل يحبها كل تلك السنوات؟ لما لم يعترف لها يومًا، أو حتى يلمح لها؟ 


نظر له مراد بغيرة وغضب: 


"ملكش فيه، وشايف أن وجودك هنا مالوش لازمة. اتفضل غور." 


ابتسم وائل بسخرية: 


"لسه بتغير عليها زي الأول؟ رغم إنها فضلتني عليك، ورغم وضعها ده؟ أنا كنت فاكر إنك مليت منها،


 لأن مافيش واحد يعشق واحدة، يروح يضرب خطيبها، ويطلب منه يرجع لها، لأن نفسيتها تعبت لما سابها. انت جايب الجبروت ده منين بجد ؟" 


ما هذا الذي تسمعه؟ عقلها لا يستطيع استيعاب ما يحدث. هل ضربه حتى يعود لها؟ عندما انهارت بعد تركه لها، وفسخ خطوبتها. لهذه الدرجة يعشقها؟ يطلب من عدوه الرجوع لمحبوبته حتى يخفف عنها ألمها على حساب ألمه. 


نظر لعشق، وهو يقول لمراد: 


"مبروك عليك العاجزة." 


هجم عليه مراد ليخرج كل غضبه وألمه به. ضربه بعنف، حتى وائل لم يستطع تمالك نفسه. سقط الإثنان على الأرض. لم يتدخل بينهم أحد من الحرس. ظل مراد يضربه، وهو يعنفه، ويسبه: 


"اللي بتتكلم عليها دي، دفرها برقبة مليون واحد من عينتك." 


صرخت روان: 


"خلاص يا مراد، هتموته. أرجوك، كفاية." 


توقف، وهو ينظر لها، وأفكاره تعصف به. هل مازالت تحبه رغم كل ما فعله معها؟ تخاف عليه وتدافع عنه أمامه. رمقها بوجع، ثم وقف وتركهم ليبتعد بألم قلبه. 


وقف وائل ونيرة تسنده، رمق روان بغضب، ثم تحرك هو ونيرة من أمامها. 


صدمات كثيرة في يوم واحد. كيف لم تَرَ حقارة وائل؟ كيف لم تَرَ أو تلاحظ عشق مراد؟ أكانت غبية وفارغة؟ لتلك الدرجة الجميع يرى ويعلم حبه، إلا هي؟ لقد جعلها وهم الحب عمياء عن العشق الحقيقي أمامها. 


بكت في حضن عشق، التي تعلم بمدى تشتتها وضياعها. وتمنت ألا يتطور الوضع، ويصل إلى أدهم حتى لا يكرهها ويلقي اللوم عليها. 


رفعت عيونها الحمراء من البكاء، تسأل عن مراد. 


أجابت عشق بحزن: 


"مش عارفة. بس اللي أعرفه إنه مشي بقلب مكسور، لأنه فاكرك لسه بتحبي وائل، وخايفه عليه." 


هي برفض: 


"لا والله، أنا كنت خايفة على مراد يضيع نفسه علشان إنسان حقير زي ده. أنا مش عارفة أزاي كنت عامية للدرجة دي." 


"معقول الحب الحقيقي كان قدامي، وأنا مشفتش كل ده؟" 


رمقتها عشق بنظرة شفقة: 


"اهدئي يا حبيبتي. الوقت لما يهدي، أكيد راجع. مش ممكن يسيبك لوحدك." 


تحدثت ببكاء: 


"أنا إزاي حبيت واحد زي ده في يوم من الأيام؟  كان فيه ايه مسيطر عليه ؟ وهو واقف قدامي، الوقت مشوفتش فيه أي حاجة تلفت النظر." 


أجابت عشق: 


"خلاص يا حبيبتي، أنسي الماضي وأوجاعه. ابدأي من جديد مع إنسان بيعشقك، ويتمنى منك نظرة رضا." 

*****

في صعيد مصر


في باحة الدوار، تجمعت نساء عائلة المنشاوي، يتبادلن الأحاديث حول الخبر الذي شغل الجميع. 


قالت حميدة بدهشة: "سمعتوا؟ طلع لمحمود بنت عايشة!" 


ردت هنده، وقد بدت مفعمة بالفضول: "بجد؟ نفسي أشوف شكل البنت دي. وإنتِ رأيك إيه يا نعمة؟" 


هتفت نعمة بهدوء، تخفي خلفه قلقًا عميقًا: "مش مهم أي حاجة، المهم إن عمي يرتاح ويبقى بخير." 


تدخلت عواطف، معبرة عن مخاوفها: "بس بنات البندر مش بتلائم عيشتنا. وخايفة تزعل عمي اللي عمره ما حد قدر يرفع عينه في عينه." 


قالت نعمة بثقة: "عمي مش ممكن يزعل منها. دي من ريحة الغالي، وعوضه عن ولده اللي اتحرم منه سنين." 


أضافت حميدة بقلق: "ما حدش عارف إزاي عاشت لوحدها كل السنين دي. ولو حد عرف من البلد، ياكلوا وشنا وتضيع هيبتنا." 

*****


لقاء مراد وعشق


عاد مراد، يلعن الحب الذي أوقعه في هذا الضعف. جلس يجلد نفسه وقلبه الذي جعله اضحوكه لشخص بحقارة  وائل كيف وضع نفسه في هذا الوضع أمامها. 


رأته عشق جالسًا على طاولة بعيدة، فاقتربت منه وقالت: "أستاذ مراد، روان بتسأل عليك." 


رد بتعب نفسي: "خير، في حاجة؟ عايزين تمشوا؟" 


تحدثت عشق بأسف، متفهمة حالته: "معلش، اعذرها. هي محتاجاك دلوقتي أكتر من أي وقت فات. اتكلم معاها وافهم منها." 


ذهب إليها، يتألم من فكرة حبها لوائل. جلست عشق على طاولة بعيدة، تمنت لهما السعادة من كل قلبها. 


تحدث مراد بقسوة: "خير، عايزة إيه؟ عشق بتقول إنك سألتي عليا. في حاجة عايزة تضيفيها غير حبك للحيوان ده؟" 


رفعت عينها، ودموعها تسيل، تصطدم بعيونه الحزينة. 


نفخ بضيق، يحدث نفسه: "اللعنة عليك أيها الضعيف، لما تخفق بتلك القوة عندما رأيت حالتها. ألا يصعب عليك حالي؟" 


دون إرادة منه، جلس على ركبتيه أمامها، وهمس بحب وحنان: "ليه دموعك دي دلوقتي؟ أنا كنت بذبح نفسي بسكين تلم عشان ما أشوفش دمعة واحدة من عيونك." 


كادت ترد عليه، ولكن... 


# أنت - عمري 

# بقلمي - أمل - مصطفي 

#البارت - الخامس 

*********

---


لكنها أجهشت في بكاء مرير، لا تعلم ما سبب هذا البكاء، لكنها كانت تحتاجه بشدة، كأنها تغسل أوجاعها بعد سنوات من الكبت.

أو ربما أرادت أن تُظهر ضعفها أمامه هو بالذات... لا تعلم، فمشاعرها كانت في حالة تشتت، وكلماته الحنونة، والعشق المشتعل في عيونه، زاد من ندمها.


هتف برجاء:

– كفاية بكاء... قلبي مش هيتحمل أكتر من كده، وهاخدك في حضني قدام الناس دي كلها، وأخوكي يقتلني ويغسل عاره!


اتسعت عيناها بذهول من كلماته التي نطقها بهدوء، هدوء يدل على جديّته لا على المزاح. نظرت إلى عينيه، فابتسم وهو يؤكد:

– أنا بتكلم جد، مش بهزر.


ابتسمت بخجل، وهي ترد:

– على فكرة... ماكانش قصدي اللي إنت فهمته. أنا كنت خايفة عليك... تضيع نفسك في حيوان زي ده!


للمرة الثانية، أساء فهم كلماتها، وهتف لنفسه بدهشة:

– معقول؟! هي خايفة عليّا؟


لكن قلبه رفض التصديق، وأكّد لنفسه أن ما حدث محض خيال، أو أن سمعه قد خانه.

سألها بلهفة:

– يعني... إنتِ خايفة عليّا؟ مش زعلانة إني ضربته؟


هزّت رأسها نافية:

– لا، مش خايفة عليه. بالعكس... ضربك ليه طيّب نار قلبي وفشّ غليلي منهم.


كان عاشقًا متيمًا، يتمنى نظرة رضى من معشوقته، نسي غضبه وسألها بحب:

– يعني... إنتِ مش بتحبيه؟


تأملت لمعة عينيه ولهفته، وردّت بما يبرد نار قلبه:

– حبه مات في قلبي يوم ما سابني في عز احتياجي ليه.


أخيرًا، جاءت فرصته الذهبية، سيثبت لها كم يعشقها، بل سيتفنن في إسعادها حتى يمحو كل أثر لوجود غيره في قلبها، وسيجعلها تشعر أن أول نبضات قلبها كانت له وحده.

هتف بإصرار:

– اديني فرصة... وأنا أعوّضك عن كل حاجة وحشة شفتيها في حياتك. سيبي نفسك ليا، وهتعرفي إن فيه فرق كبير بين واحد بيحبك وواحد بيعشقك بجنون!


كانت تتابع ما يحدث من بعيد، تضع يدها تحت وجنتها، وعيناها تُطلقان قلوبًا، تتمنى أن تعيش تلك المشاعر مع من ملك روحها وقلبها... فارس أحلامها ولياليها، "أدهم".

لكن يبدو أنها ستعاني كثيرًا حتى يشعر بها هذا الوحش، ويلين معها.


---


بعد مرور عدّة أيام...


ذهبت "عشق" إلى جامعتها وهي في منتهى السعادة، لأن خطوبة صديقتها "عزّة" ستكون بعد يومين.

حضنتها عشق بحب قائلة:

– مين يصدق؟! حبيبي يلبس دبلة... "أمل مصطفى"!


ضحكت عزّة بمرح:

– أنا نفسي مش مصدّقة، بس أعمل إيه يا أختي؟ الواد واقع، قولت أشفق عليه... أصله وحيد أمّه!


ضحكت عشق وهي تقول بمزاح:

– يا ضنايا!


ضحكوا جميعًا بقوة، ثم توجهوا لمحاضرتهم.

مالت "فريال" على عشق تسألها:

– لسه مرجعتيش البيت؟


ردّت عشق بهدوء:

– لا، مش هقدر أرجع لحد ما أطمن على "روان"، وقتها هي تشوف حياتها، وتسيبني أشوف حياتي.


غمزت "عزّة" بخبث وقالت:

– يعني الـ"مَز" اللي أنقذك... محصلش بينكم شرارة حب؟ ولا حاجة زي الروايات؟


ابتسمت "عشق" بتمنٍّ:

– ياريت...


ثم فزعت مما نطق به لسانها، لترى نظرات صديقتيها المرحة، واحمرّ وجهها خجلًا وهي تصحّح:

– في إيه؟! مالكم؟ بقول ياريت أعيش قصة حب زي الروايات بس... ريّحوا نفسكم، هو مش طايق وجودي، ولولا تمسك أخته بيا وحالتها النفسية اتغيّرت بسببي، كان زمانه طردني من زمان!


انتهت المحاضرة، واستعدّوا للذهاب لإكمال مستلزمات العروسة، لكن فريال هتفت بمرح:

– يلا يا عشق! نقرصها في ركبتها عشان نحصلها في جمعتها.


انحنت كل فتاة على ركبتها، فصرخت عزّة:

– الله يخرب بيت معرفتكم!


جذبت عشق يد فريال وابتعدتا عنها، تمثلان الحزن من ردّ فعلها، فصاحت عزّة بفزع:

– استنوا يا بِنات! رايحين فين؟! طيب... خلاص، أنا آسفة!


التفتن لها بدهاء وقلن:

– عفونا عنكِ... بس بشرط! عايزين آيس كريم.


هتفت عزّة بحب:

– بس كده؟! أنا ليا مين غيركم؟!


---

---


عادت إلى الفيلا، بدّلت ملابسها سريعًا، ثم استأذنت "غادة" لتذهب إلى "عزّة"، حتى تساعدها في ترتيب شقتها استعدادًا لاستقبال الضيوف.


وفي طريقها للخروج، قابلت "مراد"، الذي ابتسم فور رؤيتها وألقى عليها التحية.

في داخله، كان يتمنى لو يستطيع نحت تمثال لها، فهي السبب في السعادة التي يعيشها حاليًا. لولا ظروفها التي قادتها لطريق "أدهم"، لكان لا يزال يعاني حرمان الحب ويتألم من بُعد "روان" عنه.


قال بابتسامة دافئة:

– إزيك يا آنسة "عشق"؟ أخبارك إيه؟


ابتسمت بخجل، ونظرت للأسفل وهي ترد:

– الحمد لله، بخير يا أستاذ "مراد". نورتنا.


ابتسم وقال بامتنان:

– أنا مش عارف أشكرك إزاي على كل الفرحة اللي دخلت البيت ده من يوم ما دخلتيه... بجد كلنا مديونين ليكي.


ردّت بابتسامة متواضعة:

– مفيش شكر بين الأهل، وبعدين اللي حصل ده كله مكتوب، بس ميعاده كان لسه مجاش.

بس... ليّا رجاء عند حضرتك.


هتف بسرعة:

– طبعًا، أنا تحت أمرك في أي حاجة.


قالت بتردد:

– أولًا... أنا مش عايزاك تفهمني غلط.


تحدث وهو يبتسم بلطف:

– طبعًا، أنا سامعك. وبلاش "حضرتك"، إنتِ زي أختي الصغيرة.


– شكرًا لذوقك.

أنا بس حابة أقول... لو ناوي تخرج مع "روان" كتير، ياريت الموضوع يكون رسمي.

إنت بترفعها بين إيدك، وهي مش حلالك، وده ذنب كبير ليكم أنتم الاتنين... أنتم في غنى عنه.

ياريت ما تزعلش مني، أنا خايفة عليكم.


ردّ "مراد" بحنان:

– أنا مستحيل أزعل منك أبدًا.

إنتي ملاك... ربنا بعتك لينا عشان تنوري حياتنا كلنا.

وأنا مبسوط منك جدًا، كفاية إنك رديتي فيا الروح.

"روان" كانت حلم عمري... مش النهارده، من سنين.

وإنتِ السبب إني أخيرًا قدرت آخد الخطوة دي.


---


دخل "مراد" في حالة هيام وشجن، غارقًا في فكرة ارتباطه بـ"روان"، يتخيل دبلته تحتضن أناملها.

طرق الباب بمرح، ولم يجد ردًا، ففتحه.


وجد "أدهم" يعطيه ظهره، ينظر من الشباك المطلّ على حديقة المنزل.

أطلق صفيرًا بفمه وهو يقترب منه، وهتف بمرح:

– باشا مصر كلها منوّر!


وقف جواره، ينظر إلى المنظر الطبيعي أمامه، ثم قال بسعادة:

– تصدق يا صاحبي؟ النهارده أسعد يوم في حياتي، وقررت آخد خطوة كنت مأجلها من زمان.


التفت له "أدهم" بعيون حمراء من شدة الغضب، وملامح عبوسة بشدة... ملامح يراها "مراد" لأول مرة، ونظرة لم يخصّه بها من قبل.


سأله بدهشة وقلق:

– مالك يا "أدهم"؟ في حاجة مضايقاك؟ حصل حاجة من "السلاموني"؟


لكن كلمات "أدهم" خرجت حادّة، مليئة بالشك والاتهام، كطعنة في صدر "مراد":

– بعد كده... شغلنا سوا في الشركة وبس، مفيش شغل هنا، ولا مقابلات.


تجمّدت ملامح "مراد"، وقال بصدمة:

– "أدهم"... إنت بتطردني من بيتك؟


شعر "أدهم" بندم شديد... ماذا حدث له منذ أن رآها؟

لقد بدّلت أحواله، غيّرت تفكيره ونظرته للأمور.

كيف استطاع جرح أقرب شخص لقلبه؟ "مراد"... الشخص الوحيد الذي يثق به ويأمنه على نفسه؟


حاول إصلاح ما أفسدته غيرته، فهتف معتذرًا:

– أنا بتكلم... لأن الوقت فيه "حريم".


قال "مراد" بوجع:

– طول عمري عايش هنا بين "الحريم" دي... بس إنت أدرى بمصلحة بيتك.


ثم تحرك نحو الخارج، فناداه "أدهم":

– استنى يا "مراد"!


لكنه لم يستجب، ومضى بحزن عميق... لم يتخيّل أن يأتي يوم يُتّهم فيه من أقرب الناس إليه بتلك التهمة الشنيعة.


---


عادت "عشق".

دخلت الفيلا، لتُفاجأ بمن يجذبها من ذراعها بعنف، وهو يهتف بغضب:

– ممكن أعرف كنتوا بتتكلموا في إيه مع بعض؟!


تحدثت بضيق:

– ممكن تسيب إيدي؟!


تركها، ونظر إليها بغضب، فسألته ببراءة:

– بتتكلم عن مين؟


ردّ بعنف:

– إنتِ هاتستعبطي عليا؟ "مراد" كان بيقولك إيه كل ده؟


لم يمنحها فرصة للدفاع، بل أكمل بانفعال:

– يكون في علمك أنا مش ممكن أسمح بالمسخرة دي في بيتي!


نظرت له بذهول...

هل يشكك في أخلاقها؟! هل يراها فتاة عديمة الحياء؟!


تحدثت بصوت مختنق من إهانته:

– بص حضرتك... أنا محترمة، وعارفة حدودي كويس.

أنا عشت أصعب فترة مراهقة لوحدي، من غير أهل، لمدة خمس سنين، يعني كل حاجة كانت متاحة وسهلة.

بس أنا حافظت على نفسي، رغم صعوبة الحياة اللي واجهتها... لأني بخاف من ربنا، وشرفي هو كل ثروتي.

ومش هاسمح لأي حد، مهما كان، إنه يشكك في أخلاقي!


ثم بكت بحزن، وقالت:

– وأنا، الحمد لله، اطمنت على "روان"... ووجودي ماعادش ليه لزوم.


شعر "أدهم" بيد باردة تعتصر قلبه، وتحدث بقلق:

– يعني إيه الكلام ده؟!


هتفت بما جعل قلبه ينتفض من الخوف:

– يعني... الوقت أقدر أرجع بيتي وأنا مرتاحة، وكتر خير حضرتك على كل اللي عملته معايا.


ثم تركته للحيرة والخوف ينهشان قلبه.


تركته وهي  تشعر بالاختناق، ووجع قلبها يزداد. لم تعد تستطيع البقاء معه في نفس المكان، وإلا خسرت كرامتها.

وفي نفس الوقت، لا تستطيع تركه... فهو كل شيء في حياتها.


وهذا الصراع جعلها في حرب دائمة بين قلبها وكرامتها منذ أن رأته.

لكن تلك المرة، لم يستطع القلب الانتصار... لقد داس على منطقة محظورة على أي شخص علي وجه الأرض .


*****


دخل مكتبه كأنه أسد جريح، وعيناه تتقدان غضبًا وقهرًا. لم يتمالك نفسه، فبدأ يحطم كل ما حوله، يكسر مكتبه بيديه وكأن تحطيمه سيخفف من النار المشتعلة داخله. جلس على الكرسي، يلهث من الغضب، وبدأ يحدّث نفسه كأنها شخص آخر:


— "ليه كده؟ كل ما أحاول أقرب منها، أجرحها! أنا هموت عليها، وبرضو بموتها بكلامي. إزاي بحبها كده وقلبي يسمحلي أجرحها؟! حرام عليك، سيبني أعيش معاها الإحساس ده. أنا اتولدت على إيديها... مش هاعرف أكمل من غيرها."


وضع يده على قلبه يحاول تهدئته، لكن قلبه لم يعد ذلك الحصن المنيع، لقد  تمرد عليه، وأعلن العصيان عندما نبض لها  وأحبها.


تنهد بألم وارتباك، ثم همس برجاء:


— "يا رب... أنا ماليش غيرك، خفف عني."


---


خرج  مراد  من عنده متألم ضائع فأدهم هو كل ماله في الوجود لو خسره يصبح رماد منثور يقود سيارته تائهًا، لا يعلم إلى أين يتجه، وكل ما يشغل تفكيره: "ماذا جرى لأدهم؟ كيف تحدث إليّ بهذه القسوة؟ هو  عائلته كلها..."


توقف فجأة، اتسعت عيناه وكأن صاعقة ضربت تفكيره. ظل لدقائق يسترجع المواقف، يحللها، إلى أن صرخ بدهشة:


— "مش معقول! أدهم بيغير على عشق مني؟!"


صمت قليلًا، ثم انفجر ضاحكًا من شدة المفاجأة:


— "أدهم بيحب! مش ممكن... أدهم أخيرًا حب! ياااه يا أدهم... أنا مش مصدق! الناسك العابد حب!"


لم يحتمل، فأخرج هاتفه واتصل به فورًا.

*******


أما أدهم، فقد كان يتقلب بين ندمه، وقلقه من فقدانها. يبحث عن أي حيلة تُبقيها إلى جواره. رن هاتفه، وعندما رأى اسم "مراد"، نسي كل شيء وفتح الخط بعصبية:


— "ممكن أعرف كنت بتتكلم مع عشق ليه؟!"


جاءه صوت ضحكة مراد المستفزة، فزاد غضبه، خاصة عندما قال مراد بمزاح:


— "أوبس! إحنا بنغير؟"


صرخ أدهم، وقد فاض به الكيل:


— "مراد! أنا مش فايق لك!"


شعر مراد بتعب صديقه، فأشفق عليه وردّ بهدوء:


— "مالك يا أدهم؟! عادي، كنا بنتكلم عن روان..."


قاطعه أدهم بحدة:


— "مالها روان؟!"


رد مراد بصوت هادئ:


— "بتقول نسرع في الارتباط... علشان بناخد  ذنب لما   بشيلها وهي مش حلالي... علشان كده بكلمك أطلب إيد روان."


صمت أدهم ثم تنهد بفرحة خفية:


— "يعني ده بس اللي بينكم؟"


مراد بدهشة:


— "بينا إيه يا عم؟ هو أنا شُفتها غير مرتين؟ إيه رأيك بقى في موضوعنا؟"


لكن أدهم أنهى المكالمة بسرعة:


— "مش وقته يا مراد، مش وقته!" وأغلق الخط.

*******


لم تستطع عشق النوم ليلتها. نفسيتها في الحضيض، تحتاج أن تبتعد عن هذا المكان ليومين على الأقل. لا بد من مبرر تقوله لروان، سبب مقنع يمنعها من الشك أو الإلحاح.


ظلت تسير في غرفتها ذهابًا وإيابًا، ودموعها لا تتوقف. قررت في النهاية. فتحت الباب، نزلت السلم وهي تحمل حقيبتها، وضعتها جوار غرفة روان، ثم دخلت.


اعتدلت روان بقلق، وسألتها:


— "مالك يا عشق؟ مين زعلك من صحابك؟"


ارتمت عشق في حضنها، تبكي وهمست:


— "مافيش حد زعلني... بس طنط فتون تعبانة ولازم أروح أشوفها."


ربّتت روان على ظهرها محاولة تهدئتها:


— "ما تخافيش، بكرة تقوم بالسلامة. روحي شوفيها وطمنيني عليها."


ابتعدت عشق، وقالت:


— "بس أنا مش عارفة هرجع إمتى... زي ما إنتِ عارفة، هي وإنكل ماعندهمش حد يخدمهم، فلازم أكون معاهم لحد ما تتحسن."


ردت روان بحيرة:


— "يعني ناوية تبقي هناك؟"


أومأت عشق برأسها وهي تبكي. لم تكذب، فتون مريضة، لكن ليس بما يستدعي وجودها... إنها فقط تهرب من معذبها.


مررت روان يدها على وجنتها، تزيل دموعها قائلة:


— "وقت ما توصلي طمنيني، وخليكي على تواصل دائم معايا، يا حبيبتي."


أجابت عشق بصوت مكسور:


— "حاضر..."


سحبت حقيبتها، وتوجهت نحو باب الفيلا. لكن قبل أن تبتعد، سمعت صوته العالي:


— "استني عندك!"


تجمدت مكانها من وقع كلماته، خائفة، متوترة، وقلبها يضرب بعنف داخل صدرها.


اقترب منها بخطوات قوية حتى وقف أمامها، لم ترفع رأسها عن الأرض. نظرت فقط إلى حذائه، دون أن تنطق.


قال بصوت قوي:


— "أخده شنطتك ورايحة فين دلوقتي؟"


أجابت وهي تحاول التحكم في دموعها:


— "راجعة بيتي... هو أولى بيا، علشان حضرتك ترتاح وبيتك يفضل متصان."


تنهد بضيق، ثم قال:


— "أولًا وجودك مش مضايقني ولا حاجة...

 وبعدين هي وكالة من غير بواب؟ مش تستأذني راجل البيت؟"


نظرت له بمرارة، وقالت:


— "حضرتك اللي طردتني، وأنا مش ممكن أقبل وجودي في مكان اتّهنت فيه أبدًا... 

ثم بكت وهي تكمل حضرتك طعنتني في شرفي، ودي نقطة مش ممكن أسامح فيها."


بكاؤها أوجع قلبه،ولاول مرة في حياته يشعر بهذا الحزن من أجل فتاة ضعفها يقتله 

لكنه عانّد، وردّ بحدة:


— "اتفضلي اطلعي أوضتك، مافيش خروج من هنا، فاهمة؟ وأول وآخر مرة تتصرفي من نفسك!"


رفعت عينيها الباكيتين وسألته:


— "هو أنا مسجونة عند حضرتك؟ أنت ملكش حكم عليّا على فكرة!"


رن هاتفه، رفعه ليرى من المتصل، ثم نظر لها بتحذير:


— "أنا مش فاضي للعب العيال ده... وبعدين، إيه حضرتك اللي حطاها في كل جملة دي؟!"


قالت بنفخة ضيق:


— "مش راجعة بيتك تاني!"


صرخ بغضب:


— "عشق! اسمعي الكلام واطلعي أوضتك !"


نظرت إليه، ثم سحبت حقيبتها ودخلت دون كلمة.

تعجب لحالتها لقد انسحبت دون أي اعتراض ... لكنها أيضًا لم تُظهر استسلامها.


وبينما  هي في عالم أخر وتحول وجهها الباكي لأخر مبتسم وهي  تحدث  نفسها 


— "ناداني باسمي... قالي عشق! الله، أول مرة أسمعها منه برّه أحلامي... قد إيه حروف اسمي ليها طعم تاني منه!"


***********


في غرفة روان


أغلقت الهاتف مع مراد الذي كان يُبلغها أنه طلب يدها من أخيها، وفي انتظار موافقته.

 احتضنت الهاتف بقوة، وعندما سمعت طرقًا على الباب، وضعته بسرعة على ساقيها.


دخل أدهم، وجد أخته تبتسم باتساع، بينما هي تعجبت من ملامحه الحزينة وسألته بلهفة:


— خير يا أبيه؟ في حاجة؟


رد بصوت متضايق:


— عشق...


لم تفهم ماذا يقصد، فسألته بحيرة:


— مالها عشق يا أبيه؟


تحدث بحرجٍ يشعر به لأول مرة أمام أخته الصغيرة  


— أنا ضايقتها... وهي مصممة تمشي.


تحدثت بفزع:


— إيه؟ تمشي إزاي وتسيبني؟!


أدهم، بنظرة رجاء:


— حاولي معاها، بس عشان خاطري... بلاش تخليها تمشي.


نظرت له بذهول وعدم تصديق. أدهم؟ الذي يكره وجود النساء في محيطه، ويمنع صديقاتها من دخول المنزل؟! والموظفون لديه كلهم رجال؟! يقف الآن أمامها، كطفل صغير يستجدي بقاء فتاة في بيته؟! ما يحدث يشبه المطر في أغسطس، لا يستوعبه عقل.


— أبيه... أنت حبيتها؟


رد بتوتر:


— لا، الموضوع مش زي ما أنتي فاكرة... أنا بس مش بحب أظلم حد. وأنا ضايقتها جدًا... بس مش لازم تعرف إن ده طلبي، ... دي حاجة بينا.


---


قامت روان بالاتصال على عشق، التي أجابت على الخط بصوت متعب:


— إيه يا بنتي؟ أنتي فين؟


أخبرتها عشق أنها لم تذهب عند فتون، وأنها تشعر ببعض التعب، لذا بقيت في غرفتها بالأعلى.


هتفت روان بتشجيع:


— تعالي بسرعة... عندي ليكي خبر حلو!


أردفت عشق باعتذار:


— ممكن يا حبيبتي نخليها للصبح؟ أصل أنا تعبانة شوية...


روان بحزن:


— خلاص، براحتك.


شعرت عشق بالحزن في صوتها، فردت بلطف:


— خلاص يا قلبي، ثواني وأكون عندك.


غسلت وجهها، ثم نزلت السلم وتوجهت إلى غرفة روان، التي استقبلتها بابتسامة حنونة:


— مراد طلب إيدي!


صرخت عشق بفرحة كبيرة:


— بجد؟!


— آه والله!


احتضنتها عشق بسعادة:


— ربنا يفرحك يا حبيبتي! مش قولتلك؟ الضيق بعده فرج. وربنا عوضك راجل بجد، مش الفرفور اللي كنتي بتحبيه!


ردت روان بضيق:


— بلاش تفكريني... أنا مش عارفة كنت غبية إزاي كده!


ضحكت عشق:


— انسي بقى. الحمد لله... كده اطمن قلبي عليكي. بس مضطرة أرجع بيتي.


ردت روان بحزن:


— ليه كده يا عشق؟ أنا محتاجه وجودك أكتر من الأول. ولا أنا مش زي أي عروسة محتاجة شوار؟


تحدثت عشق بطيبة:


— خلاص، موافقة. بس ليّا شرط.


— أنتي تأمري يا قمر!


ضحكت عشق:


— تعملي العملية الأول قبل الفرح. أظن مراد يستاهل إنك ترجعي لحياتك علشانه. كفاية سنين العذاب اللي شافها في حبك الميؤوس منه!


تنهدت روان:


— فعلاً... ده اللي فكرت فيه من وقت ما حسيت بحبه واهتمامه. بكرة هقول لأبيه أدهم يكلم دكتور ويشوف اللازم.


شعرت عشق بغصة في قلبها عندما سمعت اسم "أدهم". هو منبع الحنان والحب مع الجميع، إلا معها... يغضب دومًا، يجرحها، وتبقى هي أسيرة وجعه.


قالت بصوت خافت:


— أنا هنام فوق النهاردة، لأن مش بعرف أنام من جوّ العشق الممنوع بتاعك إنتي ومراد باشا!


---


بعد يومين، في غرفة عشق


وقفت أمام المرآة تعدّل ملابسها، وتستعد لحضور خطوبة صديقتها. نزلت ووجدت غادة في الأسفل، فهتفت باحترام:


— ماما، أنا ماشية، وإن شاء الله مش هتأخر.


تأملت غادة جمالها الطبيعي برضا:


— بسم الله ما شاء الله! عيني عليكي باردة، قمر ١٤ في تمامه يا قلبي!


ردت عشق بخجل:


— مش للدرجة دي يا ماما...


ضحكت غادة:


— أنا واحدة هتجنن عليكي، ارحمي الشباب!


احتضنتها عشق:


— ربنا يخليكي ليا إنتي وروان... عوض ربنا بعد سنين الوحدة.


قالت غادة بحب:


— أنا قلت لخالد يجهز ويوصلك عشان أكون مطمئنة عليكي.


ردت عشق:


— حاضر يا حبيبتي.


خرجت ووجدت خالد في انتظارها أمام السيارة. ابتسمت له وألقت عليه التحية.


ابتسم خالد:


— إزيك يا عشق هانم؟ اتفضلي.


وقفت أمام السيارة وقالت:


— أنا مش "هانم" يا خالد، وأنت عارف كده كويس!


رد بأدب:


— الهانم الكبيرة والباشا بيقولوا "عشق هانم"، يبقى أنا هقول إيه؟!


ثم أكمل بمرح:


— ممكن بينا أقول  "عشق"، لأن لو حد عرف أخسر شغلي... يرضيكي؟


— لا طبعًا، مش يرضيني.


أملته العنوان، وتحركت السيارة.


---


في المساء


عاد أدهم، وجد أمه تجلس وحيدة. سألها باهتمام:


— ليه قاعدة لوحدك؟ فين البنات؟


ردت غادة وهي تتابع المسلسل:


— روان في اوضتها ... وعشق خرجت.


وقف أدهم بغضب:


— إزاي تخرج من غير إذني؟! وهي فين لحد دلوقتي؟!


ردت غادة بهدوء:


— يا حبيبي، هي ضيفة عندنا، وواجب إكرامها. ماينفعش تعاملها كده... وبعدين، هي أخدت الإذن مني إمبارح.


هتف بضيق:


— ليه منك؟ هو أنا طرطور؟! وخوفي عليها مش تحكم؟!


صمت فجأة. يعلم أن أمه لن تمرر تلك الكلمة مرور الكرام.


نظرت له باستغراب. لم يهتم بفتاة من قبل، والآن ترى اهتمامًا شديدًا بعشق وتصرفاتها. أدهم دائمًا صارم في مسألة دخول الفتيات أو صديقات أخته المنزل، والآن... تغيّر.


تحدثت بخبث:


— ليك حق تخاف عليها... البنت تتاكل أكل! ربنا يكون في عون شباب الحفلة.


انفعل أدهم بعصبية يغذيها الغيرة:


— أمي، أنا مش ناقص! الهانم راحت لوحدها؟!


ردت غادة برفض:


— لا، بعت معاها خالد.


---


في حفلة الخطوبة


جلست عشق على طاولة تضم عائلة صديقتها فريال. أتاهم صوت حنون من خلفهم، صوت والدة عُزة:


— عقبالك يا عشق... إنتي وفريال.


ابتسمت عشق وهي تُقبّل وجنتيها::


— في حياتك يا حب.


أشارت فريال لعشق وهمست:


— يلا نطلع للبنت المجنونة دي، من ساعة ما دخلت القاعة وهي مش مبطلة رقص... أنا مش عارفة إحنا أصحاب إزاي!


ضحكت عشق بطيبة:


— هي هربانة منها  شوية، بس والله قلبها أبيض.


ردت فريال مؤيدة:


— عندك حق، يلا.


جذبتها عشق بحنان، وما إن اقتربتا من عزة، حتى قالت لها:


— كفاية كده يا عُزة! من ساعة ما جيتي وإنتي مش مبطلة رقص. الناس تقول عليكي عروسة مجنونة!


ضحكت عزة بحرية:


— لا، تعالي إنتي أرقصي معايا!


اتسعت عينا عشق بذهول وهي ترد:


— كان على عيني، بس والله ما ينفع وأنا بالحجاب ده... المرة الجاية أحضر ببدلة رقص!


وضعت فريال يدها على فمها لتكتم ضحكتها، ثم ردت بمرح:


— الله يخرب بيتك... بتجيبي الكلام ده منين؟!


ضمتهم عُزة إلى أحضانها، وهي تضحك وتتمايل. ضحكت عشق بدورها، لكنها أردفت بتهديد مازح:


— لو ما قعدتيش شوية، والله أسيبك وامشي!


قالت عُزة بتوسل ساخر:


— طيب خلاص يا أختي، بلاش تتحمقي كده. حتى يوم فرحي مش عايزاني أفرح وأفك عن نفسي؟!


عشق بنفي لطيف:


— مين قال؟ أنا عايزاكي تفرحي على قد ما تقدري، بس... بمّا يرضي الله! مش الرقص وسط الشباب هو اللي يعبّر عن الفرح. إزاي تفرحي وإنتي بتغضبي ربنا؟ افرحي واضحكي، بس في الحدود اللي ربنا صرّح لنا بيها يا حبيبتي.


*******


في ذات اللحظة، اتصل أدهم على خالد، الذي أجاب بسرعة:


— أيوة يا باشا.


— أنتم لسه في الحفلة؟


— أيوة يا باشا.


— عشق هانم كويسة؟


— أيوة، يا باشا... أنا ماشي وراها زي ظلها.


جاءه صوت أدهم حاسمًا بالأمر:


— خلي بالك منها... أوعى حد يضايقها.


رد خالد بثقة:


— والله يا باشا، كل خطوة بمشكلة، كأن ما فيش بنات في الفرح غيرها، رغم إنها الوحيدة المحجبة هي وصاحبتها. كل شوية شاب يضايقها أو عايز يتقدملها...


نسي خالد مع من يتحدث، وأكمل بغباء:


— هي الوحيدة اللي لافتة النظر...


جاءه صوت أدهم صارخًا ومليئًا بالغيرة:


— خاااالد! ما تنساش نفسك! إلزم حدودك وإنت بتتكلم عنها! يلا، تعالوا... كفاية كده!


ابتلع خالد ريقه بصعوبة، ثم قال بتوتر:


— أوامرك يا باشا...


التفت خالد ليبحث عنها، لكنه صُدم مما رأى... سوف يقتله أدهم  إن رآي هذا المشهد.



# أنت - عمري 

# بقلمي - أمل - مصطفي 

#البارت - السادس 

*******

--


صرخ أدهم بغضب:

– خاااااالد! إلزم حدودك وإنت بتتكلم عنها!


رد خالد فورًا وهو يخفض رأسه:

– آسف يا باشا.


أدهم وهو يتجه للمغادرة:

– يلا كفاية كده. أنا رايح عشاء عمل، أرجع ألاقيها في الفيلا... سلام.


وقّعت كلماته كالأمر على مسامعه


التفت خالد ليبلغها أوامر أدهم، لكنه صُدم بما رآه؛ إذ كانت تحاول التحرك، ويقف أمامها شابان يعطلان طريقها.


اتجه خالد نحوها بسرعة، جذب أحد الشابين من ملابسه وضربه بقوة. أما الآخر، فخاف وابتعد فورًا. ثم التفت إلى "عشق" وسألها:

– إنتي كويسة؟


هزت رأسها بالإيجاب. تابع وهو يزفر:

– ده الباشا لسه محذرني إن حد يبصلك، كنت هروح في داهية! وطلب مني أروّحك دلوقتي.


نظرت له باستغراب، لكنها لم تعترض، بل تحركت تجاه صديقتها لتسلم عليها.


******


تمر الأيام، وهي لا تريد رؤيته حتى لا يجرح مشاعرها مرة أخرى. تكتفي بوجود روان وغادة، ومن وقت لآخر تذهب لرؤية فاتن وناجي، تحت أعين أدهم، الذي ترك لها سيارة بسائق تحت أمرها.


وعندما تحاول الهروب من حصاره، يغضب بشدة.


أما هو، الآن يجلس في مكتبه عاجزًا عن التركيز، كل تفكيره مشغول بها. لقد اشتاق إليها حدّ الجنون، وهي تعمّدت منذ آخر حديث بينهما ألا تظهر في أثناء وجوده بالمنزل.


أخذ مفاتيحه ومتعلقاته وخرج من المكتب بسرعة.

أخبره السكرتير أن هناك اجتماعًا مهمًا بعد ربع ساعة، لكنه أمره وهو يسرع في خطواته:

– ألغي كل حاجة... أنا مش فاضي النهاردة!


رآه الحراس يخرج من الشركة، فركبوا السيارات ولحقوا به. جاء إليه هاني يسأله:

– في حاجة يا باشا؟


رد أدهم بصرامة:

– لا، خلِّيكم... أنا ماشي لوحدي.


رفض الحارس تركه وحده، وأخبره بأن في ذلك خطرًا على حياته، لكنه أصرّ وأخبرهم بعدم القلق، لأنه لن يتأخر. ثم ذهب إلى جامعتها، فقط ليراها من بعيد، كالمراهقين.


*******


خرجت هي وصديقتها من الجامعة، وفوجئت بأحد زملائها يناديها. التفتت نحوه:

– نعم؟ في حاجة؟


قال إسلام مترددًا:

– عايزك في موضوع.


ردت بهدوء:

– اتفضل، اتكلم براحتك... سمعاك وأنا معاهم.


هز رأسه بالرفض:

– لا، عايزك لوحدك.


قالت بلهجة حازمة:

– لا، معلش... مش بكلم شباب لوحدي. يا تقول اللي عندك قدامهم، يا إما همشي.


فجأة، جذبها من يدها، وتحدث بعنف:

– نفسي أعرف إنتي شايفة نفسك على إيه


سحبت يدها منه بقوة، ثم صفعته على وجهه:

– إنت إزاي تمسك إيدي وتكلمني كده؟ الألم ده علشان ما تلمس إيدي تاني!


غضب إسلام واقترب منها كأنه سيضربها، لكنه وجد نفسه فجأة ملقى على الأرض. حاول أصدقاؤه التدخل، لكنهم لاقوا نفس المصير.


تحدث أدهم بصوت غاضب وقوي موجّهًا كلامه لأولئك الشباب:

– اللي يفكر يبص لخطيبة أدهم الشهاوي، همسحه من الوجود! 


جذب يدها، وذهب بها إلى السيارة، فتح لها الباب. حاولت الاعتراض، لكن نظرة التهديد في عينيه أخافتها. ركبت جواره وهي تشعر بالخجل.


هتفت عزة بدهشة وهي تشير إليه:

– إيه ده؟ هو ده أدهم اللي زهقنا منه؟! أنا هفركش الخطوبة... عايزة من ده ؟!


ردت فريال بحدة:

– اتلمي يا عزة! إحنا في إيه وإنتي في إيه؟


قالت عزة بغيظ:

– إنتي هبلة يا بنت؟! ده ضرب التلاتة كأنهم علب عصير! العيال فقدوا الوعي!


قالت فريال بحزن:

– أنا كل اللي يهمني عشق... كل ما تروح مكان، يحصلها مشكلة من غير أي ذنب!


ضحكت عزة وقالت بسخرية:

– حد قالها تكون جميلة بالمنظر المثير ده؟! ده أنا بنت، وببقى مش عايزة أبعد عيني عنها!


*******,


عند أدهم وعشق


قالت بهدوء وهي تسحب يدها:

– ممكن لو سمحت... ما تمسكش إيدي كده مرة تانية؟


نظر إليها نظرة طويلة كأنه يشبع عينيه من ملامحها، ثم ابتسم ساخرًا:

– ليه؟ هتضربيني بالألم أنا كمان؟


أجابته بخجل:

– لا طبعًا، أنا عارفة إنك عمرك ما تأذيني... بس أنا بتكلم علشان ده حرام.


قال أدهم بنبرة دافئة:

– يعني إنتِ بتثقي فيّ؟


هتفت بثقة:

– أيوه طبعًا... وإلا ما كنتش ركبت معاك.


رجع له غضبه، وهتف بعصبية:

– كان عايز منك إيه الزفت ده؟


ابتعدت بعينيها عنه، وأجابت:

– بقاله فترة بيضايقني، بس النهارده اتهوّر ومسك إيدي.


اشتعلت نار الغيرة في قلبه، وهتف بغضب:

– ليه ما قولتيش؟! وأنا كنت ربيته! افرضي إنه اتجرأ أكتر وأنا مش موجود... كنتي عملتي إيه؟


قالت عشق بهدوء وإيمان:

– الحمد لله... ربنا مش بيسيبني.


ثم باغتته بسؤال لم يتوقعه:

– إنت كنت بتعمل إيه هنا؟


توتّر وهو يحاول إخفاء شوقه:

– اللعنه ماذا يحدث لك أدهم كيف تشعر بكل هذا التوتر أمامها وتبحث عن مبرر لا يظهر شوقك بل مضطر لأول مرة في حياتك أن تكدب من أجل الحفاظ علي ماء وجهك تمتم بذهول كأن تلك الكلمات لا تخرج منه 

مافيش... كنت في مشوار قريب من هنا، وشوفتك صدفة.


******


في وقت لاحق، كانت غادة تتحدث مع عشق عن تجهيزات سفر روان، للقيام بعملية جراحية بعد أن تواصل أدهم مع أحد أصدقائه في ألمانيا، ليحجز لها عند جرّاح كبير لإجراء الفحوصات اللازمة والتحضير للعملية.


قالت عشق بتوضيح:

– لما تروحي تعملي العملية إن شاء الله، أنا هروح بيتي لحد ما ترجعوا بالسلامة... وهكون في استقبالكم لما توصلوا بخير، إن شاء الله.


دوّى صوت أدهم في المكان، يلفت انتباه الجميع وهو يدخل والهدوء يغلف صوته، يده في جيب سرواله:

– مش هتروحي أي مكان!


ردّت عشق بحزم:

– لا طبعًا! ما ينفعش أعيش معاك في بيت واحد من غير محرم.


قال بهدوء وثبات:

– المأذون جاي بعد العشاء... كتب كتابي عليكي.


تسمّرت في مكانها، تحاول استيعاب كلماته. ثم التفت إلى أخته:

– وأنتي كمان، اعملي حسابك. مراد طلب إيدك مني، وأنا وافقت. النهارده كتب كتابكم... لأنه مسافر معاكم مكاني.


تركهم في صدمتهم وصعد إلى غرفته، لقد  قذفهم في بحرٍ متلاطم في ليلة شتاء باردة.


و قرر مصيرهم دون الرجوع إليهم، أو حتى إلى والدته، التي لم تكن لتعترض، بل كانت فرحتها لا تقدّر بمال.

أخيرًا، تحقق حلم حياتها... ستفرح بأولادها، بل ومن كرم الله أن تكون الفرحة في يوم واحد.


أفاقت غادة من صدمتها وهي تضحك وتبارك لهم:

– ألف مبروك يا حبيبي، ربنا يسعدكم... وأشوف أحفادي عن قريب. بجد، ده أجمل يوم في عمري كله.

يلا اتحركوا، ورانا حاجات كتير عايزين نعملها.

*******

جلس كلا في غرفته مازال لا يستطع يتخطي صدمته عشق التي لا تستوعب ما يحدث وكيف لها أن ترتبط به في يوم وليله 

بينما غادة تجلس في غرفتها لا تصدق موقف ابنها ولا ماذا حل به منذ دخوله عليها غرفتها يطلب منها النزول لأن معه فتاه يريد أن يطمينها بوجود أمه معه منذ متي يهتم لفتاه أو مشاعرها ويفرض حمايته من أجلها ابتسمت بحنان فكل ما يهمها أن وحيدها كسر أغلال عذوبيته وسوف يصبح له حياة عائليه 

بينما في غرفه أدهم 

لا يصدق أنه أخذ مثل تلك الخطوه كأنه يخاف تركها له أو يرتعب من بعدها عن محيط عيناه منذ متي يخاف وكيف استسلم لتلك المشاعر في تلك الفترة القياسيه لا يعلم لما كل هذه المشاعر الجميله غزته في حضرتها فقط 

وقف أمام المرآه يلقي نظرة أخيرة علي هئيته ثم خرج من غرفته خرجت منه تنهيدة حارقه وهو يلقي نظرة علي غرفتها قبل أن ينزل للاسفل 


********

في المساء، تجهّزت عشق وارتدت فستانها الذي حضرت به خطوبة عزة، ثم نزلت لتساعد روان في ارتداء فستانها.

وجدت الفرحة مرسومة على وجه روان، التي قالت بفرح:

– بصي يا عشق، لاقيت مراد باعتلي الفستان ده!


ابتسمت عشق وقالت بحنان:

– ما شاء الله، ربنا يخليه ليكي يا قلبي يا رب... ويكون عوض عن كل اللي راح. ذوقه رائع!

يلا نجهز، ما عادش وقت... المأذون قرب يوصل.


سألتها روان بفضول:

– هو أبيه جابلك فستان؟


ابتسمت عشق بحزن:

– أكيد نسي... إنتِ عارفة، الموضوع جه بسرعة وماكنش مترتّب له.


شعرت روان بقبضة في قلبها على عشق، التي رأت الحزن في عينيها، فأرادت التخفيف عنها، فقالت بثقة:

– عندك حق... بس أنا واثقة إن بكرة هيأخدك ويجبلك الحلو كله. أنا عارفة أبيه، وحنيته...


عينها تبتسم لكن  في نفسها تحدثت  بأسى:

– حنيته للناس كلها... إلا أنا، للأسف.


أنهت الفتيات تجهيز أنفسهن، وجلسن في الصالون يستمعن لما يردده المأذون.

بعد فترة، خرج أدهم بطلّته الرجولية ووسامته الشرقية، يأخذ إمضاء أخته.


ظلّت عشق تتأمل هيئته بهيام، لا تصدّق أنها بعد قليل ستُكتب على اسمه.

لاحظت غادة نظراتها، وتمنّت من كل قلبها أن يحن قلب ابنها، لكنها لم تكن تعلم أن ابنها أصبح مغرمًا بها، وأن الأمر قد انتهى، ووجودها في حياته أصبح كل ما يشغله.


بعد لحظات، خرج مراد وهو في قمة السعادة، وجثا على ركبته أمام روان، يقبّل يدها:

– ألف مبروك يا قلبي... أخيرًا.


خجلت بشدة من مشاعره التي أظهرها أمام أخيها وأمها، لكنه لم يعد يستطيع إخفاء مشاعره.

يكفيه ما فات... قام وقبّل جبينها، كل ذلك تحت أعين من يشعرون بسعادتهم في قلوبهم.


قال مراد:

– هروح مع أدهم، وبعدين أجيلك.


هزت رأسها دون أن تنطق.


وبعد قليل، خرج أدهم مع المأذون. جلس مراد جوار روان ليلبسها الشبكة، بينما كانت عشق تقنع نفسها بأن كل شيء قسمة ونصيب.


همست لقلبها بلهفة:

– يكفيني إن اسمي اتكتب عليه...


لكن عقلها كان يضغطها:

– إنتي مجنونة؟! هو عمل كده شهامة منه، لكن عمره ما هيبص لواحدة زيك! تفكّري إنه ممكن يحبك؟! لو كده، روحي مستشفى المجانين أحسن!


فاقت على صوت دخول أدهم، الذي طلب من الجميع التوجّه إلى السفرة لتناول طعام العشاء.

وقفت عشق وقالت:

– ثواني... جاية.


تأخرت قليلاً، ثم عادت تطلب من مراد حمل روان والذهاب خلفها.

نفّذ طلبها بصمت، وكأنه كان ينتظر تلك اللحظة. حملها بين يديه بحب، وتحرك خلف عشق، حتى وجدوا مكانًا في الحديقة، مزينًا بطاولة لفردين، ومزيّنًا بأضواء ناعمة... كان المكان رومانسيًا ورقيقًا.


أجلسها مراد على كرسيها، وجلس أمامها، ثم جاء الخدم بالعشاء.


قالت روان بسعادة:

– إنتي عملتي كل ده إمتى؟


ردّت عشق بسعادة وهي ترى الابتسامة على وجهها:

– من وقت ما أدهم قال، وأنا بجهز المكان...


انحنت عليها تقبّلها:

– ألف مبروك يا قلبي، ربنا يهنيكم.


وقبل أن تتركهم، هتفت روان:

– نادي أدهم... واقعدوا معانا، إنتو برضه عرسان!


ردّت عشق برفض لطيف:

– ما ينفعش... كلّنا نسيب ماما غادة في يوم زي ده؟


ثم توجّهت إلى الداخل، فقابلتها غادة وضمتها بحب:

– شكرا يا حبيبتي... عقبال ما اعملك يوم فرحك .


ردّت عشق، وعيناها تفيض بالحزن:

– شكرًا يا ماما...


جلس الثلاثة يتناولون الطعام في صمت، ثم وقف أدهم وقال بتحية مقتضبة:

– تصبحوا على خير.


صعد إلى غرفته، دون حتى أن يبارك لها.


نظرت لطيفه بألم، فوضعت غادة يدها على يد عشق مواسية:

– معلش يا حبيبتي... ابني مافيش أطيب ولا أحن منه، بس موت صاحبه غيّره كتير... خصوصًا من ناحية البنات.


قالت عشق وهي تخفي ألمها بابتسامة باهتة:

– أنا مش زعلانة... كفاية عليا إنه أمّنّي على اسمه... دي عندي حاجة كبيرة.


– تصبحوا على خير.


*******

صعد أدهم إلى غرفته وهو يتألم والندم ينهش روحه .

وقعت عيناه على الفستان الموضوع فوق الفراش، تعلوه علبة قطيفة حمراء. تذكّر نظرة الحزن والانكسار في عينيها، فشعر بضيق يخنق صدره. جلس جوار الفستان، يلوم نفسه:


"ليه ما بعتش ليها فستان زي أي بنت في يوم زي ده؟ ليه قتلت فرحتها؟ أنت شفت الحزن في عينيها لما مراد لبّس روان الشبكة... ليه كده؟ دي يتيمة، وإسعادها ثواب كبير. جبت القسوة دي منين؟"


جاءه صوت عقله ساخرًا:

"أنت عايز تحسسها بحبك علشان تبهدلك وتستغل ضعفك؟ نسيت أحمد كان بيعامل فرح إزاي؟ وفي الآخر استفاد إيه؟


 أمل مصطفى؟"


رد قلبه بوجع:

"بس مراد بيحب روان وطاير بيها...


 وإنت بتشبه عشق بروان! دي أختك وتربيتك، وعارف أخلاقها كويس. انسَ بقى."


ضم الفستان إلى صدره وهمس بأسف:

– آسف يا قلبي، ماكنتش أتمنى أكسرك بالشكل ده أبدًا.

****"****


عند مراد

تحدثت روان  وهي تبتسم:

– ما كنتش أعرف إن عشق رومانسية كده... تصور؟ هي اللي قالت إنك بتحبني قبل ما أعرف. عملت موضوع الحرس ده علشان تختبر رد فعلك.


أجابها مراد  وهو ينظر لعينيها بإعجاب:

– عشق دي ملاك، بتضحي براحتها علشان غيرها يعيش. بس للأسف... أخوكي لسه معقد من اللي حصل لأحمد، ومش قادر ينسى.


سألته بتوتر:

– يعني... ممكن تندم على ارتباطك بيّ؟ وتتراجع؟


قال بنبرة حنان وهيام:

– أندم؟ عمرك شوفتي حد بيفرّط في حلمه الوحيد اللي عايش علشانه؟


قالت بابتسامة خجولة:

– أنت بتحبني؟


ردّ بعشق:

– أنا عديت الحب والعشق كمان. إنتِ بالنسبة لي الدنيا وما فيها... أنا بعشقك من سنين. وكل منايّا نظرة حب، أو حتى ابتسامة بسيطة منك تردّ روحي. كنت بموت ألف مرة وأنا بشوفك مبسوطة مع وائل، وأقول: أهم حاجة سعادتها، مش مهم أنا. لحد يوم الحادثة... كنت عايز أقتله بإيدي، لأنه زوّد ألمك. بس الحمد لله، ربنا رحمنا... وبقيتي ليا.


********


في غرفة عشق

ظلت جالسة على طرف الفراش، شاردة، تستعرض كل ما مرّ بينهما منذ أول لقاء. سالت من عينيها دمعة خائنة... عاشت معه حلمًا جميلاً، حتى فاقت على واقع أليم. لم يبتسم لها، لم يهنئها...  كانه كان  مجبرًا، علي ارتباطه بها  رغم أنه هو من اتخذ الخطوة دون أن يستشيرها.


وقفت، توجهت إلى الحمام، بدّلت ملابسها، وارتدت قميصًا بيتيًّا أحمر، مطرّزًا بورود بيضاء تشبه نقاء قلبها. تركت شعرها ينسدل خلف ظهرها، ثم عادت لتجلس على طرف الفراش مجددًا. فتحت أحد الأدراج وأخرجت صورته، مرّرت أناملها على ملامحه، قبّلت الصورة، ثم احتضنت نفسها وأغلقت عينيها، تحاول أن تنام... علّها تراه في الحلم، وتشتكي له منه.


---


أما هو، فلم يستطع النوم. كان الحزن يحاصره، والحرب المشتعلة داخله تطرده من راحة النوم.

وقف، وقد حسم قراره:

– لا... كفاية. لازم أعترف لها بحقيقة مشاعري. مش قادر أنام وهي حزينة كده.


بعد منتصف الليل، حمل فستانها و شبكتها متوجّه إلى غرفتها. فتح الباب دون أن يطرقه، وجدها تنام بوضع الجنين.


ترك ما بيده على طرف الفراش، وجلس أمامها، يتأمل ملامحها الجميلة، هامسًا في قلبه: "تبارك الخالق فيما خلق."

رفع يده، أبعد خصلات شعرها عن وجهها، ولامس بشرتها بنعومة.


انحنى، يقبّل شفتيها بخفة، لا يريد أن يقظها وتري ضعفه أمامها... لكنه لم يعلم أن سنوات وحدتها قتلت أمانها، فباتت لا تنام بعمق.


فتحت عينيها بابتسامة ناعسة، كأنها تعيش حلمًا جميلاً. أغمضتهما من جديد، ثم فتحتهما على اتساعهما، لتجده أمامها.


اعتدلت في جلستها، تغطّي وجهها بحمرة خجل، و همست:

– أدهم... في حاجة؟ محتاج أعملها لك؟


ظل ينظر إليها دون كلام، ثم مدّ يده، قدّم لها الهدية:

– أنا كنت جايب الفستان ده عشانك... بس اتلبخت ونسيت.

نعم انها حجه غير مقنعه لكنه لم يجد غيرها 


تناولت الفستان منه بسعادة، وضعته على جسدها لترى كيف يبدو، ثم دارت به وهي تضحك وتسأله:

– ممكن ألبسه و تشوفه عليّ؟


ابتسم بحب:

– طبعًا، ده فستانك.


دخلت الحمام، ارتدته، وخرجت تطل عليه بكامل أنوثتها. لم يتخيّل أن يبدو عليها بهذا الجمال. كانت فاتنة، شعرها المنسدل، قوامها الممشوق... زادها الفستان سحرًا فوق سحرها.


وقف يستقبلها بقلب يهفو إليها. جذب يدها بحنان، أجلسها إلى جواره، ثم فتح علبة القطيفة، وأخرج منها دبلتها. وضعها بين أناملها، و انحنى على يدها يقبّلها.


شعرت أنها تملك الدنيا، ولا تريد من الحياة شيئًا آخر.


همس بعشق:

– ألف مبروك يا حبيبتي... وأسف إني ماقدرتش أحارب نفسي غير بعد وقت طويل، وجرحت قلبك في يوم زي ده. أرجوكي، سامحيني.


ابتسمت له بسعادة:

– مش مهم إنك اتأخرت... المهم إنك وصلت، وأنا دايمًا معاك.


أخرج سلسله  طلب منها أن تجمع خصلات  شعرها، فاستجابت له بفرحة. أدارها بين يديه، وضمّها إلى صدره.


شعرت بأنفاسه الحارّة تلفح وجهها. اقترب منها، و انحنى على شفتيها، يقبّلها بشغف وجنون، لأنها المرة الأولى له مع امرأة.


لم تكن كأي فتاة... بل كانت محاربة قوية، هزمت حصونه، و احتلّت قلبه في وقت قياسي.


استمر في قبلته حتى أحسّ بحاجتها للتنفس،


 فابتعد فجأة، كأنه أُصيب بمسّ.


تحوّل في لحظة من بركان مشتعل إلى قطعة جليد في جبال سيبيريا.


قال بصوت متوتر وهو يهمّ بالخروج:

– آسف... مش قادر، غصب عني  أنا تعبان جدًا.


وتركها مشتتة، لا تعرف هل أسفه كان لاقترابه منها... أم لتركه لها في ذروة مشاعرهما؟



# أنت - عمري 

# بقلمي - أمل - مصطفي 

# البارت - السابع 

*********


في صباح يوم جديد...


داخل مكتب "أدهم"، وجّه حديثه إلى "مراد" قائلًا:

– كده تمام، وكل حاجة جاهزة... طيارتكم هتتحرك الساعة عشرة مساءً.


قلب مراد جوازات السفر بين يديه، بينما أكمل أدهم بنبرة جادة:

– أمي وأختي أمانة في رقبتك يا مراد.


– ما تقلقش يا أدهم، كله هيبقى خير... بس برضه مش فاهم، ليه رفضت عشق تسافر معانا؟ وجودها كان هيفرق كتير مع روان.


ابتسم أدهم بحنان وأجاب:

– أومال أنت لازمتك إيه؟ وكتبنا الكتاب ليه؟ مش علشان تكون موجود جنبها؟ لو أنت مش قد المسؤولية، تمام، قول، وأنا هسافر معاها أنا وعشق.


ضحك مروان بقوة وقال ممازحًا:

– أشمّ رائحة حب في الأجواء.. هي عشق تكون معاك إنت وبس؟ يظهر إنك بتوزّعنا علشان يخلى لك الجو يا بوص.


أدهم، وهو يحاول إخفاء مشاعره الحقيقية خجلًا من صديق عمره، قال بسخرية دفاعية:

– وانت هناك، خد كشف عند دكتور نفساني، أصل بقى عندك تهيؤات وأوهام كتير، وأنا خايف عليك.


رد مراد بصدق:

– بلاش تكابر... سيب نفسك لمشاعرك، أوعى تحرم نفسك من الحب والتمني. ده أجمل إحساس، حتى وقت العذاب بيكون ليه طعم تاني. بلاش تحمل نفسك فوق طاقتها يا أدهم.


********


في المساء، كانت الأجواء مشحونة بالقلق والخوف والحزن.


وقفت عشق جوار غادة، روان وتبكيان على فراقها، ولو لفترة مؤقتة.


هتف أدهم بضيق:

– كفاية بقى! بقالكم ساعة بتعيطوا!


هتفت عشق والدموع في عينيها:

– هتوحشيني... كان نفسي أكون معاكم.


أردفت غادة بحب:

– ما ينفعش يا حبيبتي، علشان جامعتك... وخلي بالك من أدهم.


قالت عشق بقلق:

– وأنتم يا ماما... طمّنوني عليكم، وإن شاء الله ترجعوا مجبورين.


قالت روان برجاء:

– ادعيلي يا عشق، أنا عارفة إن ربنا بيحبك ويتقبل دعائك.


ضمتها عشق مرة أخرى وهي تهمس:

– بدعيلك يا حبيبتي، وهفضل أدعي لحد ما تبقي معايا تاني.

**********


بعد مرور الوقت...


ركب أدهم السيارة، وانطلق بها خارج ساحة الانتظار في المطار بعد إقلاع الطائرة.


هتف بحنان:

– كفاية يا عشق، بقالك قد إيه بتعيّطي؟ زمانهم وصلوا، وإنتي لسه بتعيّطي! بتجيبي الدموع دي كلها منين؟


مسحت دموعها :

– إنت مش عارف رغم المدة البسيطة اللي ما عَدّتش الشهر... بقوا إيه بالنسبالي؟ بقوا كل حاجة عندي.


حدث نفسه بشجن:

"وأنتِ كمان يا عشق بقيتي كل حاجة في حياتي... مين يتخيل إني أسيب أمي وأختي في الظروف دي، حبًا في وجودي جنبك؟"

"آه، أنا وافقت على كتب كتاب مراد، لأني عارف إنه اتعذب  في حب روان، وقلت دي فرصة تشوف حبه وخوفه عليها وتقدّره...


 بس ده مش السبب الوحيد. أنا كنت محتاج نكون مع بعض، نقرب، نفهم بعض أكتر... محتاج أطمن إنك حبيتي أدهم، مش بس حسّيتي بالأمان جنبه.


و هل  لو لقيتي الأمان ده في مكان تاني... هتسيبيني؟ وقتها تبقي حكمتي عليّ بالإعدام."


– أدهم... أدهم؟

نظر لها بشرود:

– في حاجة يا عشق؟


– كنت بسألك... رايحين فين؟ ده مش طريق البيت!


تحدث محاولًا الخروج من دوامة أفكاره:

– إيه رأيك؟ أعزمك على العشاء؟


هزّت رأسها موافقة، دون كلام.


بعد مرور ساعة، توقفت السيارة أمام مطعم كبير.


نظرت عشق للمكان بإعجاب شديد، تتأمل الأضواء والزينة كطفلة منبهرة بملاهي العيد.


– عجبك المكان؟

– جدًا جدًا، ماكنتش أتخيل إني ممكن أدخل مكان زي ده... شكرًا ليك.


طلبت بيتزا وهوت شوكليت، تأكل باستمتاع وسعادة لوجودها جواره، تتحدث دون تكلّف أو حواجز. عشق  بريئة في كل شيء، في كلامها، ضحكتها، وطريقة أكلها.


بينما هو يتأملها بصمت،عذب لقد شبع من هيئتها لذلك  لم يلمس طعامه.


 سألت بخجل:

– إنت مش بتاكل ليه؟ مش بتحب البيتزا؟


ابتسم بحب:

– بحبها... بس حسّيت بالشبع وأنا شايفك مبسوطة قدامي.


رغم كلماته، التي زادت خجلها، إلا أن قلبها كان يرفرف داخل صدرها.


وفجأة...

– مش معقول! أدهم باشا!


رفعت عشق عينيها نحو مصدر الصوت، وتجمدت على الطعام بذهول وغيرة.


امرأة طاغية الأنوثة، ترتدي ملابس مثيرة وتتحدث بنعومة مغريه


بينما  هتف أدهم ببرود ::

أهلا مدام سلمي أخبار محمود باشا أيه ؟


تحدثت بدلال يعني لو كنت بتسأل أو بنشوفك كنت عرفت إننا إنفصلنا من كام شهر 


هتف بصوت كفحيح الأفاعي ::

ليه كده ده محمود باشا راجل يتاقل بالمال . ومش أي واحدة تستحقه 


هتفت دون حياء ::

مافيش توافق بينا أنا محتاجه في حياتي راجل قوي يخرج الأنوثة ال جوايا مش كل حاجه طيب وحاضر 


رمقها بإحتقار تحول لبسمه خفيفة عندما وقعت عيناه علي تلك التي تفتح فاها بشكل مضحك وعينها تطل منها الغيرة التي جعلت قلبه يرقص رقصة انتصار 


عيناه تتأمل هيئتها تلك بإستمتاع لذيذ لم تلحظه تلك الصغيره 

بينما نظرته تلك لفتت نظر تلك التي لا تصدق ما تراه


أدهم الشهاوي الذي كسر كبرياء الكثير من النساء وهز ثقتهم بنفسهم من رفضه المستمر لهم وهذا كان يثير


جنونهم به و تعلقهم به يزيد فهو غير كل الرجال 


ينظر بكل هذا الاهتمام لتلك الفتاة ونسي وجودها أمامه 


زاد فضولها ثم سألت وهي تشاور علي عشق التي فاقت اخيرا و ابتلعت ما بفمها أسفه مخدتش بالي مين دي 


رفع يده على الطاولة، وأمسك بيد عشق بعشق حقيقي، قائلًا بفخر:

– دي مراتي... عشق.


شرقت عشق من وقع الكلمة. لم تتوقع أن يعلن ارتباطه بها أبدًا. كانت تظن أن الأمر مجرد ارتباط مؤقت لحين عودة أهله.


نهض أدهم بسرعة، ناولها كوب ماء، وساعدها على التنفس، ثم تناول منديلاً ومسح آثار الماء عن وجهها بحنان شديد.


اشتعلت سلمى من الغيرة، وتمنّت لو كانت مكانها، فقط لتتفاخر أمام الناس بأنها خطفت قلب أدهم الشهاوي.


سألته بحقد:

– اتجوزت إمتى؟


– ده كتب كتاب... وإن شاء الله تكوني أول المدعوين على الفرح.


جلست عشق تشعر بفخر شديد، قبل أن يفاجئها أدهم بجذب يدها قائلًا:

– يلا يا حبيبتي.


توقفت فجأة وهي تردد بدهشة:

– حبيبتي؟


ابتسمت باتساع، ثم أسرعت في خطواتها جواره، تكاد تطير من الفرح، تمنّت لو تقبّله أمام الجميع.


أما سلمى، فظلت تتابعهما بعينين كارهتين، تهمس بغيظ:

– ماشي يا أدهم... بقي ترفضني أنا، وتبص لحتة عيلة زي دي؟ مشغّلاش عندي خدامة!


*********


عودة إلى الصعيد – في منزل المنشاوي


دخل فهد إلى الدار وهو يبتسم بسعادة عارمة، ملامحه مشبعة بنشوة الانتصار، وهتف بصوت مرتفع:


– عرفنا طريقها يا جدي... خلاص!


تهللت أسارير الجد من شدة الفرح، وانتفض واقفًا وهو يقول بلهفة:


– بجد يا فهد؟


– بجد يا جدي... وبكرا إن شاء الله، عمي ومحمد وزين هينزلوا يجيبوها.


اقترب الجد منه وهو يسأله بعينين مليئتين بالرجاء:


– شكلها عامل إزاي؟ وعندها كام سنة؟


فهد، تقديرًا لحالة جده التي رآها تتأرجح بين الأمل والخوف، أجاب بهدوء:


– بكرا نعرف كل حاجة يا جدي... إحنا عرفنا المكان، وواحد من رجالة زين قدر يوصل لاسمها، بس...


تنهد فهد بحزن، ثم أكمل:


– أكيد مش سهل عليها تلاقي ليها أهل كده فجأة وتقبلهم... هي عاشت عمرها من غير ما حد يسأل عليها. فـ أرجوك ما تزعلش من رد فعلها، حتى لو كانت قاسية.


تألم الجد من صحة كلام حفيده، لكنه أردف بإصرار:


– أتحمل كل حاجة... بس تيجي وأشوفها. دي بت الغالي! نفسي أشم ريحته... وحشني جوي.


ثم بكى بحرقة، وكأن روحه تهشمت على أطراف لهفته.


اقترب فهد منه، يتألم لرؤية جده القوي الشامخ بهذه الهشاشة والانكسار الذي لا يظهره أمام أحد سواه، وقال بحنان:


– اهدا يا جدي... ولما تيجي، نعوضها عن كل حاجة.


تنهد الجد بندم عميق:


– نعوضها عن إيه ولا إيه، يا ولدي؟ عن عمرها اللي ضاع بعيد عن حضن أهلها؟ ولا عن أبوها اللي مات صغير وسابها لدنيا، كبيرة زي الغابة، من غير حماية ولا سند؟ أنا مش قادر أتخيل عاشت إزاي، وازاي قدرت تكمل!


كان فهد يستمع إليه وهو يعلم يقينًا أن وجود فتاة وحيدة في المدينة لم يكن سهلًا، وأن أخلاقها ربما تغيرت بفعل الظروف، ولم تعد تناسب حياتهم الآن، لكنهم سيتحملون، سيطهرون كل آثار البُعد بأنفسهم، فهم وحدهم من أخطأ، وهي كانت مجرد طفلة لا ذنب لها.


شعر بالحزن على جده، الذي فقد أقرب أبنائه إلى قلبه بسبب عناد... والعناد وحده هو ما يسلب الإنسان كل شيء.


---


في فيلا أدهم


جلست عشق بملل واضح. فمنذ عودتها من زيارة فتون وناجي، وهي تشعر بالوحدة، خاصة أن أدهم مشغول جدًا هذا اليوم، ولذلك وافق على زيارتها لهم بشرط أن تعود مبكرًا.


ابتسمت وهي ترفع هاتفها وتتصل على غادة:


– إزيك يا ماما؟ وحشتيني أوي... أنتي وروان.


ردّت غادة بحنان:


– وإنتي أكتر، يا حبيبتي. بس إنتي عارفة من يوم ما وصلنا وإحنا بنعمل أشعة وتحاليل قبل العملية... ربنا يوقف معاها وتقوم بألف سلامة.


– أنا عايزة أجي عندكم. أدهم قال إننا هنيجي كمان يومين نشوفكم.


غادة بإطمئنان:


– إن شاء الله، يا حبيبتي... قوليلي، أدهم عامل معاكي إيه؟ لو ضايقك في حاجة ما تزعليش منه. أنا واثقة إنه بيحبك، ودي حاجة مش سهلة عليه.


– ليه يا ماما؟ حصله إيه؟


– معلش يا حبيبتي، الموضوع ده حساس بالنسبة له... ولازم هو اللي يتكلم وقت ما يحس بده.


*********"


أمام شركة الأمن والحراسة


وصلت سيارة فخمة توقفت أمام واحدة من أكبر شركات الأمن في القاهرة. نزل منها زين ومحمد وحمزة، واتجهوا نحو الاستقبال.


قال زين للموظف:


– لو سمحت، عايزين نقابل الأستاذ أدهم الشهاوي.


– فيه ميعاد سابق؟


أجاب زين بالنفي:


– لأ، بس ممكن تقوله الملازم زين المنشاوي عايزه في موضوع عائلي.


تدخل حمزة قائلاً:


– قوله حمزة يونس المنشاوي... هو هيعرفني.


رفع الموظف السماعة، وتحدث مع سكرتير المكتب الخاص، ثم قال:


– اتفضلوا... الدور التالت.


*********


وصلوا إلى مكتب أدهم. دلفوا للداخل، فنهض أدهم لاستقبالهم:


– اتفضلوا، أهلاً وسهلاً.


تقدم حمزة معرفًا بنفسه:


– أنا حمزة المنشاوي، عم مراتك. وده المقدم زين ابني، وده الدكتور محمد، ابن أخويا.


– شرفتونا... اتفضلوا.


قال حمزة بنبرة جادة:


– إحنا بقالنا سنين بندور على أخويا، وعرفنا قريب إنه توفى هو وأسرته. ولما والدي عرف، تعب وأصر ندور تاني، لحد ما عرفنا إن ليه بنت لسه عايشة. وجينا ناخدها، اكتشفنا إنها متجوزة... اللي هي عشق مراتك. فلو ينفع، تيجي معانا... عشان جدها يهدى ويرتاح.


أسند أدهم ظهره على الكرسي وقال بهدوء:


– بس هي ما تعرفش إن ليها أهل... عندها عشرين سنة وما شافتش حد من أهلها ولا مرة. إزاي تكونوا أهلها فجأة؟


نهض زين وأخرج بعض الأوراق من حقيبته، مدها لأدهم:


– دي كل الأوراق اللي تثبت إنها بنتنا.


وضع أدهم الأوراق على جنب ببرود:


– أنا عارف إنها بنتكم... دي مراتي، وكان لازم أعرف كل حاجة عن أصلها قبل ما أديها اسمي.


هتف محمد بلهفة:


– يعني هي عارفانا؟


أدهم بهدوء:


– لا، طبعًا... أنا بس اللي عارف. ماكنش ينفع أقولها إنها من عيلة كبيرة، وهي عايشة سنين يتيمة، وحيدة، وبتشتغل عشان تجيب مصروفها.


ساد الصمت... شعروا بالخزي من أنفسهم، وأخفض حمزة رأسه، لا يعلم كيف سيواجه شقيقه، وقد فرّطوا في ابنته، لحمِه ودمه، الرجل الذي كان أطيبهم وأحنّهم قلبًا.


قال حمزة بنبرة متوسلة:


– ممكن حضرتك تتفهم وضعنا؟ حالة والدي الصحية متأخرة، ووجود أي شيء من ريحة ابنه هيريّحه كتير... ده طلب إنساني، أتمنى ما ترفضوش.


-

فيلا "أدهم الشهاوي"


أدخلهم أدهم إلى غرفة الضيوف، ثم استأذن منهم كي يصعد ويبلغ عشق بوجودهم.


صعد إلى غرفتها، وطرق الباب بخفة، ثم دخل فوجدها جالسة تقرأ كتابًا. رفعت عينيها نحوه، تقابله بابتسامة مشرقة، فبادلها إياها وجلس بجوارها، ممسكًا بكف يدها بين كفيه ليمنحها الدعم.


قال بلطف:

– في ضيوف تحت عايزين يشوفوكي. مش عايزك تقلقي من حاجة، أنا معاكي، وعمري ما هسيبك. بس لازم تاخدي الخطوة دي علشان نقفل أبواب كتير مفتوحة من سنين.


تعجبت من طريقته في الحديث وسألته بخوف:

– مين؟ ماما فاتن؟ وأنكل ناجي؟ حصلهم حاجة؟


ربت على يدها مطمئنًا:

– لا، هم بخير. بس دول ناس جداد في حياتك. البسي إسدال أو عباية وتعالي معايا تحت، وهتفهمي كل حاجة.


نزلت عشق معه ودلفت إلى غرفة الصالون. وجدت أمامها ثلاثة رجال لا تعرفهم، فشعرت بالخجل، وتملّكها الاستغراب من أدهم؛ فهي تعرف مدى غيرته عليها، فكيف يُدخل رجالًا عليها؟ ورغم حيرتها، ألقت التحية بهدوء:


– السلام عليكم.


نظر إليها الرجال الثلاثة بدهشة من شدة جمالها، فلم يتوقعوا مثل تلك الفتنة. مال محمد على زين هامسًا:

– مين دي؟

أجابه زين بذهول:

– مش عارف، يظهر تشابه أسماء!


قالت عشق بصوت هادئ:

– السلام عليكم.

رد الجميع السلام.


أخذ أدهم يدها وأجلسها جواره، فنظرت إليه بتساؤل، ليهتف بتمهّل:


– دول أهلك يا عشق.


رفعت وجهها نحوهم، ثم أعادت نظرها إليه تتأكد من صدق كلامه، فهزّ رأسه مؤكدًا:

– آه، يا حبيبتي، دول أهلك. ده عمّك حمزة، وده الرائد زين، وده الدكتور محمد بن عمك يونس.


تمتمت بدموع:

– يونس؟


استغرب الجميع دموعها، إلا أدهم؛ فهو يعلم ما تمرّ به.


 نظرت إلى عمّها وسألته بألم:

– طب ليه سبتوني كل السنين دي؟ ليه عمري ما شفتكم حتي من قبل وفاة بابا؟


ردّ حمزة بصوتٍ حزين:

– جدك هو اللي يحكيلك كل حاجة.


صاحت بدهشة:

– جدي؟! عندي كمان جد؟


احتضن أدهم يدها بين يديه ليطمئنها، وقال:

– أنتي من عيلة كبيرة في الصعيد، وأكيد في سبب للبعد ده، بس المهم دلوقتي إنك مش لوحدك.


هتف حمزة، مستجديًا عطفها:

– إحنا جايين نأخدك لأن جدك تعب لما عرف بموت ابنه، وعايز يشوفك ويبرد نار قلبه.


نظرت لهم بحيرة وتشتّت دون أن ترد، لكن أدهم هتف بحنوّ:

– أنا معاكي. لو عايزة تروحي، هكون معاكي، ولو مش عايزة، مافيش حد يقدر يغصبك.


ثم ابتسم يريد أبعادها عن تلك الحاله 

– أهلك أول مرة يزورونا، عايزاهم يقولوا علينا بخلاء؟ مافيش غدا ولا إيه؟


قامت تمسح دموعها وقالت بابتسامة خفيفة:

– لا طبعًا، بيت أدهم الشهاوي بيت الكرم كله.

والتفتت لتغادر،


 فناداها عمها:

– عشق...


إلتفتت له فتح لها يده نظرة لأدهم فأعطاه الإذن بعيونه 


ذهبت حضن عمها وبكت بشده فهي لا تعرف ماذا تفعل هل تكرههم لأنهم تركوها كل تلك السنوات تعاني الوحده وتواجه العالم الموحش وحدها أم تسامحهم لأنهم كل ما تبقي لها من أبيها وتكتفي بسنين البعاد


بعد مرور ساعة ونصف، وقفت على باب الغرفة وأبلغت أدهم بانتهاء تجهيز الطعام.

وقف أدهم أيضًا وقال بترحيب:

– اتفضلوا يا جماعة، نورتونا.


جلسوا الخمسة على الطاولة، في حالة توتر، وكلٌّ منهم يسبح في أفكاره.

وبعد الانتهاء من الطعام، عرض عليهم أدهم المبيت، لكن حمزة رفض، مبررًا:

– والدي بينتظر عودتنا على نار، ولازم نطمّنه علشان حالته ما تسوءش.


************

في الصعيد


عاد الجميع بقلق من ردّ فعل الجد لعدم عودتهم بالحفيدة.


ثار المنشاوي الكبير وهتف بغضب لم يُرَ عليه منذ زمن:


– فين حفيدتي يا حمزة؟ فين بنت أخوك؟


قال حمزة مهدئًا:

– اهدي يا بوي، والله هتيجي. بس المشكلة إن البنت متجوزة من شهرين، وجوزها رفض تيجي لوحدها معانا، وهو مشغول حاليًا.


صرخ الجد غاضبًا:

– كيف مشغول؟ هو مش عارف إحنا مين؟ يفضي نفسه وييجي! قلبي جايِد نار، نفسي أشوفها واطّمن عليها!


حمزة، محاولًا تهدئته:

– كيف نجيبها من جوزها غصب؟ دي مش من الأصول يا بوي.


هدأ الجد قليلًا، فهو يعرف قدر الزوج، خاصة في بيئة تحكمها الأصول والعرف، ثم سأل:

– كيفها يا حمزة؟ مليحة؟


أجابه حمزة مؤكدًا:

– مليحة يا بوي، متجوزة راجل كبير في السوق وكلمته مسموعة. بس البنت اتصدمت لما عرفِت إن دول أهلها، حزنت وبكت كتير، وعندها حق بعد السنين دي كلها.


قال زين بحماس:

– أوصفها يا ولدي، خليني أتشبّع منيها...


رد زين بسرعة:

– البنت حاجة صعبة يا جدي، مالهاش حل!


لطمت هند صدرها وقالت:

– واااه! لبسها عفش؟ ربنا يستر!


اعترض محمد بجدية:

– لبسها إيه بس يا مرت عمي؟ دي مش بتسلّم على رجال أصلاً.


قالت باستغراب:

– أومال قصدك إيه يا ولدي؟


نظر الجد إلى زين الذي ظلّ صامتًا، وسأله مستغربًا:

– مالك يا زين؟ ساكت ليه؟ في حاجة ضايقاك؟


قال زين بتحفّظ:

– أبدًا يا جدي، بس خايف أتكلم فهد يطخّني عيارين.


رد الجد باستنكار:

– ليه بس؟


رفع زين عينيه بتوتر، ينظر نحو فهد، ثم قال:

– أصل يا جدي، عشق دي حاجة كده من الخيال. ما تصدّقش من شدة جمالها إنها حقيقية. تحسها أجنبية أو صورة مرسومة!


أكّد محمد كلامه:

– فعلًا يا جدي، أنا مع زين، دي صاروخ! يعني لو كنت لاقيتها بدري، كان زماني اتجوزتها!


صرخ فهد بغضب:

– إنت واقف من غير حياء تتغزل في بنت عمك قدامنا؟


قال زين مبررًا:

– شوفت بقى؟ عشان كده ماكنتش عايز أتكلم.


ضحك الجد بسعادة:

– للدرجة دي عجبتك يا ولد؟


أكمل بحزن وندم لما


اتولدت عمك جاني يطلب العفو وأنه يجيبها حداي اشوفها و تتربي بيناتنا بس أنا الشيطان كان عميني


رفضت جلي يوميها لما تطل في و شها يا بوي هتنسي كل شيء عفش بينا يا بوي اعطيني فرصه اجيبها وأنا واثق


أن النفوس هتتصافي طردته و قولتله أنت و خلفتك محرم عليكم دخول أرض المنشاوى تلك الذكري تعتصر


قلبه بقوة يريد البكاء لكن أبدا لم يظهر ضعفه أمام أحد حتي أولاده و احفاده إلا ولده الفقيد وحفيدة الكبير فهد 


اقترب منه زين الذي يشعر بالحرب الدائرة داخل قلبه بكره تشوفها يا جدي وتقول عندي حق 


هتف حمزة بتحذير:

– لمّ الدور إنت وابن عمك. جوزها راجل صعب، ما تبصوش للهدوء اللي كان بيتعامل بيه. أه إحنا ما بنخافش من حد، بس دي مراته، ومن حقه يغير عليها ويحميها. دي أصول.


ضحك وهو يتذكر:

– لو كنت شفتهم وقت ما دخلوا... فتحوا خشمهم كيف المسحورين!


بس أكتر حاجة استغربتها... ليه لما سمعت اسم "يونس" و"حمزة" بكت؟

******


في فيلا أدهم


كان يجلس في غرفته يحاول طرد الأفكار التي تلاحقه منذ غادر أهل عشق.

أفكار لا تمنحه فرصة للنوم. وفجأة، سمع طرقًا على الباب.

قام وفتحه، لكنه وقف مصدومًا مما رأى...


****


# أنت - عمري 

# بقلمي - أمل - مصطفي

# البارت - الثامن

********


في غرفته...


سمع طرقًا خفيفًا على باب غرفته. نهض وفتحه، ليصدم برؤيتها واقفة أمامه في هذا الوقت المتأخر. يعلم جيدًا، لولا ظهور أهلها، ما كانت لتقف أمامه الآن.


أما هي، فوضعت يدها على عينيها بخجل حين رأته يفتح الباب وهو لا يرتدي سوى "شورت".


ابتسم  من ردّ فعلها رغم أنها أصبحت زوجته.


  يعلم سبب مجيئها، لذلك أراد دعمها. 


سحبها من يدها وهي لا تزال مغمضة العينين، وهمس:


– افتحي عنيكي يا عشق.


هتفت برفض خجول:


– لا... البس حاجة الأول.


ضحك بحنان:


– يا مجنونة، أنا جوزك.


أصرت بخجل:


– لا... بس كده عيب، البس وأنا أفتح.


تنهد بحب، ثم سحب "تيشرت" وارتداه قائلًا:


– خلاص، لبست.


نظرت له بخجل:


– كده أحسن.


رتب وسائد الفراش على هيئة مسند، ثم تمدد عليه ومدّ يده إليها لتنام جواره. 


طاعته في صمت  هو يقدّر حالتها وما تمر به. لم يرغب في فرض نفسه عليها، بل أراد أن تأتي إليه بنفسها.


مرر يده على رأسها بحنان:


– أنتي خايفة من المواجهة؟


تنهدت بتشتّت:


– مش سهل... بعد العمر ده أعرف إن ليا عيلة كبيرة! وأنا اللي عشت سنين بتمنى أجرب إحساس العائلة والسند... كنت بأتمنى أغمض عيوني من غير خوف إن حد ينتهك براءتي.


تحدث بصدق:


– أنا معاكي وسندك... متخافيش من أي حد طول ما أنا موجود... وفيا نفس، مش ممكن أسمح لحد يأذيكي.


أجابت بثقة:


– أنا متأكدة من ده... بس تفتكر إيه يبعد الأهل عن بعض بالطريقة دي؟


رد بهدوء:


– كتير يا عشق... الدنيا فيها كتير. فيها أبشع السيناريوهات اللي ممكن تتخيليها. حكّمي عقلك، وأنتِ تعرفي.


ردت بتلقائية:


– بس أنا مش بمشي غير بقلبي.


شرد أدهم في ماضيه الموجع، وقال:


– أوقات كتير القلب بيخون صاحبه... لكن العقل لا. نظرته للأمور واضحة وصريحة.


– بس بابا مجابش سيرتهم ولا مرة قدامي.


– أكيد، يا عشق، في سبب قوي منعه يتكلم عنهم... بكرة نروح ونفهم.


تأملت غرفته التي تزورها لأول مرة وهي تتمتم :


– بس دي حاجة فيا مش بمزاجي... دايمًا قلبي هو المتحكم في قراراتي.


ثم ابتسمت:


– أوضتك  جميلة.


ردّ بحب:


– جميلة بوجودك فيها.


ابتسمت بخجل، واعتدلت:


– حقيقي كنت محتاجة أتكلم... بس أتمنى ماكنش سببتلك أي إزعاج.


شدد أدهم من احتضانها:


– رايحة فين؟


– أنا هاروح أنام، وأنت كمان تاخد راحتك.


ردّ بحنان وهو يهمس:


– لا، خليكي في حضني الليلة دي... ماحدش عارف الأيام مخبية إيه.


ثم التفت إليها وهي ما زالت بين أحضانه:


– ممكن نتكلم بصراحة؟... أنتي جيتيلي لأن مافيش غيري تتكلمي معاه في غياب ماما وروان؟... ولا علشان أنا جوزك؟


شردت مع نفسها... نعم، في وجود روان ووالدته، لم تكن لتملك الجرأة على الوقوف أمام بابه.


 لكن الظروف التي تعيشها حاليًا جعلتها لا تتمنى الكلام مع غيره. وإن لم تكن الفرصة سانحة، لكانت نادته في أحلامها حتى تخرج ما بداخلها.


هتفت ببساطة:


– لأنك جوزي... وبرتاح معاك، وبستمد منك القوة.


فاجأها بسؤاله:


– يعني لو كانت روان موجودة... أو أمي، كنتِ برضه هتيجيلي؟


أخفضت عينيها بصمت... ففهم الردّ وابتسم على براءتها التي جعلتها لا تستطيع الكذب أو إخفاء مشاعرها. 


ضمّها أكثر، وقبّل رأسها. شعر أنه علي شفا فقد السيطرة على نفسه في وجودها، بسبب عفويتها وطيبتها.


أما هي، فاستكانت بين أحضانه، ولأول مرة تنام بهذا العمق منذ سنوات... بسبب الأمان الذي وجدته في قربه.

*******


اليوم التالي...


وقفت عشق أمام قصر كبير يدل على ثراء أصحابه. أمسكت يد أدهم بتوتر، فضغط عليها ليشعرها بالأمان. نزلت من السيارة، لتجد عمها حمزة في استقبالها بابتسامة كبيرة، وأشار إلى الرجل الواقف بجواره:


– ده عمك يونس.


ابتسمت له بطيبة:


– أنت عمي؟


اقترب يونس بسعادة واحتضنها:


– آه يا جَلب عمك... نورتي البلد كلها.


تحدثت بأدب:


– منورة بأهلها.


– وأنا عمك عبد الرحمن.


– إزي حضرتك؟


شعرت عشق بسعادة كبيرة بهذا اللقاء، وبهذا العدد الكبير من الأهل، فهي تربّت وحيدة دون أقارب.


– منورة يا بنت الغالي.


زين بحماس:


– تعالي أما أعرّفك على باقي العيلة...


وقبل أن تتحرك، قبضت يد قوية على مرفقها، كالفولاذ، تمنع حركتها. رفعت عينيها لتقابل نظرات أدهم المشتعلة من الغيرة. أخفضت عينيها، لتسمع همسه الحاد:


– مافيش حركة بعيد عني، وإلا هاخدك ونرجع تاني!


تعجّب زين من عدم استجابتها، ونقل نظره بينهما. 


رمقه أدهم بنظرة حادة جعلته يصمت ويشير من مكانه:


– ده المهندس فهد... كبيرنا كلنا وأخويا.


ابتسمت بحياء:


– فهد، حمد لله على سلامتك يا خيتي.


– الله يسلمك.


– وده مروان، محامي... وده ياسين، كلية شرطة... وده محمود، كلية زراعة.


عشق وهي تردد:


– محمود...


ابتسم لها الجميع. تحدثت بحب:


– أنا فرحانة قوي بوجودي بينكم... مافيش أجمل من إحساس العيلة.


 كتير اتمنيت   يكون ليا أخ يحميني، وربنا بعتلي ما شاء الله رجالة تخزي العين.


يتابع أدهم فرحتها... حبيبته طيبة القلب، بريئة مثل الأطفال، لا تحمل كرهًا أو حقدًا لأحد. تقبّلت وجود أهلها دون عتاب، وهذا جعله يشعر بدقات عنيفة في صدره لأجلها فقط.


*********


في الداخل...


وجدت رجلًا كبيرًا، ذو هيبة طاغية رغم كِبر سنه. عرفت أنه جدّها. توجهت نحوه، وانحنت تقبّل يده باحترام، جعله يشعر بالندم على ترك ابنه كل تلك السنوات.


يبدو من لباسها المحتشم وأخلاقها أنها تربّت جيدًا... والأم هي من تربي. احتضنها، وخانته دموعه:


– وحشتيني يا جَلب جدك... سامحيني على هَملي ليكِ، أنتي وأبوي الغالي.


نظرت له بحب ::

– سامحتك، يا جدي... كفاية إنك من ريحة بابا، الله يرحمه.


ضمها بقوة لأحضانه لقد اظهرت اصلها الطيب نعم يبدوا أنها تمتلك قلب ابيها الذي يحب كل الناس ولا يحمل داخله اي ضغائن علم أنها ايضا تشتم بهم رائحة ابيها كم ندم علي ابعاده عنه كل تلك السنوات


أما أدهم، فكان يقف يتابع المشهد بقلب تأكله نار الغيرة. تلك العيون الذكورية التي تنظر لحبيبته تشعل صدره. تمنّى لو لم يأتِ بها إلى هنا... كيف كان بهذا الغباء؟! لعن تهوره. لم يكن أحد قادرًا على إجباره على تلك الزيارة. ولو أراد جدها رؤيتها، فليأتِ هو لباب منزلها!


لكن فرحتها اللامعة في عينيها، وهي تتلفت حولها، جعلته يتغاضى عما يشعر، ويفضّل سعادتها وراحتها على نفسه... حتى لو كان يختنق من الغيرة.


تعرفت علي زوجات أعمامها وبناتهم وعندما وصلت عند  نعمة تلك التي تقف برعب خفي أن ترفضها ولا تتقبل وجودها بينهم وهي التي عاشت في هذا


المنزل منذ نعومه أظافرها نعم لو تم الاختيار بينها وبين عشق سوف تترك المنزل حتي تعطي فرصه


أهمها أن يشبع من حفيدته عنها الذي طرد أقرب أبنائه لقلبه في يوم لكي يرضيها ويجبر كسرها 


شاور فهد  دي ماما نعمه مرات أبوكي .


نظرت لجدها بحيرة  ثم لنعمة هو بابا كان متجوز علي ماما.


جدها بنفس  لا أبوكي هو اللي أتجوز علي بنت أخويا وده سبب البعد والخلاف .


الجميع ينتظر ردة فعلها واعتراضها علي السلام علي نعمه بينما نعمه  تخفض عيونها في انتظار ثورة عشق ورفض تواجدها مع زوجة ابيها في نفس المكان لكن ما


حدث فاق كل توقعاتها بل صدم جميع الحضور حتي أدهم الذي يثق في نقاء روحها 


عندما وقفت أمام  نعمة وتحدثت بصوت عذب لمس جميع القلوب ياريت تعتبريني بنتك تعويضا عن الحصل 


رفعت نعمة عيونها بذهول لا تصدق ما سمعت وحركت عينها بين الحضور تخجل أن تسأل عما نطقت تلك العشق


لكن الصدمة التي تعتلي الوجوه أثبتت لها أن ما حدث صحيح تعجز عن الرد بقلب ينتفض شوقا لحبيب هاجر من ربيع العمر وتركها مثل شجرة بلا ثمار


تلك الفتاه تمتلك قلب وحنان والدها عندما اقتربت أكثر من نعمة التي علمت ما تنوي لتضمها بقوة وهي تبكي من


تأثرها فهي لم تتوقع مثل هذا الفعل تريد تضميد جرحها وتعويضها ما فقدت في غياب ابيها كيف لها ان تكون بكل هذا النقاء 


نظر لها الجميع بإحترام فرغم صغر سنها لكنها لبقة وكلامها مريح وهذا جعلها تدخل القلوب دون إذن 


أدهم لنفسه يا الله هو في طيبة بالشكل ده أنا مش مصدق 


عادت تقف  جواره وهي تبتسم بادلها الإبتسام وهو في عالم أخر  طيبتها تأثره  وتجعله في حاله من التمرد علي نفسه همست له بسعادة أنا عندي عيلة كبيرة 


ضم اناملها بين كف يده أه يا حبيبتي أنتي جميلة يا عشق وربنا عوض صبرك 


*********


جلس الجميع حول السفرة في جو من الألفة، بعيدًا عن عالم الأحقاد و الضغائن.


 كل شخص على تلك الطاولة يتمنى السعادة للآخر. لقد نجح المنشاوي في جمعهم على الاتحاد والحب.


سألت قمر ابنة عمها بفضول:

"أنتِ شبه مين يا عشق؟"

رفعت عشق نظرها عن طبقها وهي ترد بحب:

"شبه ماما، الله يرحمها."


انحنى مروان على محمد وقال:

"ليه حق عمك يسيب كل حاجة ويقف قدام الكل علشانها."


وكزه محمد خفية، جوزها وابن عمك متابعين كل حاجة زي الصقر اللي متابع لفريسته.

"الله يخرب بيتك."


السؤال هذه المرة كان من نصيب عشق عندما قالت:

"أنتِ في سنة كام يا ياسمين؟"


أجابت ياسمين:

"أنا وخلود في ثالثة ثانوي."


تحدثت عشق بحماس:

"عايزين مجموع كبير."


تململت خلود بضيق لأنها شعرت بعدم تخطيها تلك المرحلة بسلام،

"بس أنا مش بحب الفيزياء والمدرس بتاعها غتيت وخلاني مش بحبها."


علق زين بسخرية متعمدة ليغاظها:

"خلاص، يوم الامتحان اكتبلهم مش بحبها، تنجحي على طول."


نظرت له خلود بغضب طفولي، ولم تتحدث خوفًا من أخيها.


بينما شجعتها عشق:

"إن شاء الله يا حبيبتي، لو قعدت معاكم يومين نذاكر مع بعض، مش هسيبكِ غير لما تبقي أشطر من المدرس نفسه."


هتفت ياسمين بجدية:

"بجد يا عشق، بتعرفي تشرحي فيزياء؟"


ابتسمت لها:

"أه والله."


لفت نظر الجد كلمتها عندما قالت:

"لو قعدت."


فسألها:

"هو أنتم مش هتقعدوا معانا يومين؟"


أجاب أدهم بسرعة:

"آسف، والله عندي شغل كتير و أجلته بسبب مشوار النهاردة، ومراد مش موجود."


تحدث برجاء يراه الجميع لأول مرة، فهم تعودوا عليه يأمر والجميع ينفذ:


"ممكن تسيب عشق معانا يومين؟ ملحقتش أشبع منيها."


ردت عشق بسرعة، كأنها تخاف من ابتعاده

"ماينفعش يا جدي، أسيبه ماما وروان مش موجودين."


كان يعلم أن ما تشعر به اتجاهه هو إحساس بالمسؤولية بسبب غياب أمه وأخته. وإن كان الأمر بيدها لما تركت هذا الجمع أبدًا. لذلك، رفع عنها الحرج عندما قال:

"لا، خليكي، الخدم موجودين، وأنا لما أخلص شغلي، أجي أخدكِ."


شعرت عشق بالحزن، فهي لا تريد أن تكمل يومها دون وجوده.


 رغم فرحتها بتلك الجلسة العائلية التي حلمت بها كثيرًا، إلا أن غيابه هو بالذات سيؤثر عليها كثيرًا ويكسر فرحتها. 


مجرد سماع صوته فقط يعطيها الأمان.


لاحظ الجد لهفتها على زوجها، فابتسم وقال:

"يعني إحنا مش هنقدر نعوض غيابه؟ ولا أنتي زهقتي منينا؟"


ردت عشق بتوتر محاولة إخفاء وجعها وخوفها من فقده:

"أبدًا يا جدي."


تحدث ياسين بفضول:

"هو عمي مات إزاي يا عشق؟ ممكن نعرف؟"


قبضة باردة اعتصرت قلبها لتلك الذكرى المؤلمة، فأردفت بحزن:

"بابا كان واعدنا يوم الخميس نخرج نتفسح. اليوم ده المدرسة بدلت يوم السبت بالخميس لأنها مسافرة، و لخبطت لنا الدنيا.


 طلبت من بابا يعتذر، بس هو رفض وقال نتأخر شوية، مش مشكلة. لكن حمزة بكى كتير لأنه كان نفسه يروح الملاهي. 


قلت لبابا خلاص، روحوا أنتم وأنا مرة تانية. ماما رفضت لأنها خافت تسيبني لوحدي، وبابا أقنعها أنهم هيرجعوا على ميعاد رجوعي.


أنا  رجعت ، لكن محدش منهم ظهر. 

فضلت استني عند طنط فتون، جالنا خبر الوفاة، إن الميكروباص تصادم مع مقطورة وولع بكل اللي فيه."


بكت بحزن.

ضمها أدهم وقال:

"حبيبي، ادعيلهم بالرحمة."


ساد المكان حالة من الحزن الشديد، كأن ما حدث من سنوات يحدث الآن أمامهم.


طلب أدهم الصعود بها إلى غرفتهم التي جهزها الجد من أجلهم حتى تستريح.


بعد صعودهم، ظل الجميع في حالة صمت رهيب، بينما سالت دموع نعمة بصمت قاتل. انسحب أفراد العائلة بالتدريج من على الطاولة، وبقي الجد الشارد في ذنبه.


*********

بينما في غرفه عشق غفت من طول المشوار و صعوبته  

ام ادهم جافاه النوم وظل  في حرب مؤلمه خوفا أن يلفت نظرها احد ابناء عمومتها وتتركه من أجله 


 يحدث نفسه:

"ماذا أصابك، أدهم؟ منذ متى فقدت ثقتك بنفسك؟ ماذا حدث؟ نعم، العائلة بها رجال وشباب كثيرين يخطفون لب أي فتاة، لكنك لست بقليل، ولا أحد منهم يوضع في مقارنة معك. كيف للحب أن يضعفك بهذا الشكل الذي لا استوعبه؟"


"خوفك من تركها جعلك في حالة فقد ثقة. تبا لك ولهذا العشق، أدهم. استرد ذاتك القوية الشامخة الواثقة، ولو حان وقت الفراق، ودعها بشموخ. ادعس قلبك الضعيف تحت قدمك، لو استسلمت الآن، فلن تعود مرة أخرى."


********


عندما استيقظت وجدته عابس الملامح لا تعلم ما به لكنه منطفيء عما قبل زيارتهم تلك 

ظنا منها أنها بسبب ترك أعماله في غياب مراد 


، اعتدلت في جلوسها وهي تسأله:

"ممكن فونك؟ عايزة أطمن على ماما وروان."


مد يده بهاتفه وهو يسألها:

"هو فونك فاصل؟"


شعرت بالخجل وهي ترد:

"لا، شغال، بس ماما هي اللي بتكلمني، لأن باقتي مش تنفع مكالمات خارجية."


اتسعت عيناه بذهول:

"باقة إيه؟ هو إنتِ مش معاكي خط مفتوح؟"


وجوده معها يفرق كثيرًا في مزاجها، مهما كانت حالتها. هو الوحيد الذي يستطيع بكلمة تغيير حالتها النفسية.


هتفت بمرح:

"إحنا إيش وصلنا؟ معالي الباشا؟ تليفوني الغلبان أبو باقة بستين جنيه، وتليفون معاليك أبو خط مباشر."


ضحك بكل رجولة على طريقتها، وقال:

"على فكرة، إنتِ مراتي، يعني لازم معاكي زي ما معايا بالظبط."


لم تركز مع كلماته، فقد تاهت في ضحكته التي خرجت من القلب لأول مرة. تمتمت بحب:

"على فكرة، ضحكتك جميلة جدًا، ليه مش بتضحكها على طول؟ خلي الدنيا تنور."


ماذا يحدث لك، أدهم؟ بكلمة واحدة منها تتحكم في كل مشاعرك، وأنت الذي عرضت عليك ملكات جمال، لم يهزوا بك شعره. 


بينما تلك الملاك تجعلك في حالة من فوران قاتل دون مجهود.


جذبها لصدره وتحدث بشغف، يحمل حبها بين طياته:

"إنتِ سبب الضحكة دي. إنتِ بس اللي تقدري تخرجيها. بجد، من سنين طويلة ما ضحكتش من قلبي كده. بس غصب عني، مش هقدر أكمل معاكِ."


لم تستوعب معنى كلماته، ولما انقبض قلبها بتلك الطريقة، سيطر الخوف على مشاعرها، فقالت بخوف:

"يعني إيه؟"


ضم وجهها بين يديه، يريد أن يعطيها فرصة الإختيار. لا يريد فرض نفسه عليها أو استغلال احتياجها له رغم أنه 

يشعر بالرعب من فكرة اختيارها لعائلتها الجديدة عليه.


 ورغم غيرته التي تنهش روحه من فكرة كونها من نصيب أحد غيره، إلا أنه لن يكون أنانيًا في حبها.


ابتلع ريقه بغصة في حلقه، وقال:

"إنتِ الوقت بقالكِ عائلة فيها شباب كتير، وأنا أطمنت عليكي. يمكن نصيبك يكون مع حد منهم، وأكيد هيحافظ عليكي ويقدر يعطيكي الحب والحنان اللي مش هتلاقيه معايا."


دون إرادتها، سالت دموعها من شدة وجع قلبها، وقالت بحزن:

"أنا عارفة إنك مش بتحبني وجوازك مني من باب الشهامة علشان تحميني."


مسحت دموعها التي غشيت عينها، وقالت:

"بس أنا والله مش عايزة منك حاجة. حب و اتجوز بس، بلاش تطلقني. أنا عايزة أقابل وجه كريم وأنا مراتك. عشان خاطري."


شعرت أن خاطرها ليس له مكانة لديه، فغيرت كلماتها بسرعة:

"لا، علشان خاطر ماما غادة وروان. 


ماتسبنيش. والله مش هخليك تحس بوجودي خالص."


ضمها إلى حضنه بقوة، حتى يهدئها، وهي تبكي على صدره برعب من فكرة تركه لها.


 بكائها كان مثل ماء حارق ينزل على قلبه بلا رحمة.


حدث نفسه:

"آسف، آسف يا صاحبي. مش هقدر أوفي بوعدي ليك. مش قادر أتحمل أكتر من كده. مش كل الحريم زيها. مش قادر على جرحها أكتر من كده. 


أنا راحتي معاها، قلبي ملكها، هي وبس. هي الوحيدة اللي قدرت تهز حصون قلبي اللي بنيتها كل السنين دي.

 صعب عليا وجودها في حضني ومش قادر ألمسها. سامحني يا أحمد."


أغمض عينيه بشوق، وقبلها.

"خلاص يا حبيبتي، أنا آسف."


ضم وجهها مرة أخرى بين كفيه وهو يهتف بشجن:

"أنا فعلاً مش بحبك، أنا عشقتك، عشق. ثم شاور على قلبه. عشقك اخترق ده في لحظة. من غير ما أدري، لاقيتني مش قادر اتحمل بعدك لحظه


همس بصوت متهدج وهو يضم وجهها بين كفيه المرتجفتين:


– " قسوتي عليكي مكنتش كُره... دي كانت محاولة دفاع عن حصون قلبي، اللي انهارت في لحظة. وانا اللي كنت فاكره أقوى حصون الأرض... 


أنا كنت فاكر إنك و افقتِ عليا لأن ملكيش حد غيرنا، علشان كده... عايز يكون ليكي القرار، وأنا هنفّذ طلباتك... رغم صعوبة سؤالي ده."


رفعت "عشق" يدها تمسح دموعها التي انسابت بصمت، ثم تمتمت بنبرة مرتجفة:


– "يعني بجد... مش هتطلقني؟"


أغمض "أدهم" عينيه بقوة، و كأنّه يحبس الشوق بين أضلعه، ثم فتحهما على بريق صدق وهو يضمها إليه هامسًا:


– "لا يا قلبي... مش هقدر أسيبك، إنتي كل حياتي يا عشق."


***********


في المساء...


داخل الصالة الكبيرة، جلست "نعمة" تحكي بعينين لامعتين:


– "والله يا حميدة، لحد دلوقتي مش مصدقة اللي حصل... وعشق تقبّلت وجودي بسهولة كده!


 كنت خايفة تكرهني... لأني كنت سبب في بُعد أبوها عن أهله، بس الحمد لله، قلبي ارتاح. 


لو هي زي مامتها، يبقى أنا عذرت محمود، الله يرحمه، على كل اللي عمله علشانها."


هتفت "حميدة" وهي تنظر نحوها بابتسامة:


– "الحمد لله... أنا كمان استغربت لما شفتها محجبة و خجولة كده. حسيتها مختلفة، بريئة!"


قاطعتها "عواطف" وهي تزيح الطاولة أمامها:


– "الحمد لله إنها طلعت محترمة و متربية... وجوزها، شكله بيحبها بجد. راجل كده كيف رجالتنا... ليه هيبة ووقار!"


هزّت "نعمة" رأسها موافقة وهي تقول:


– "كلّه نصيب، والحمد لله كل توقعاتنا طلعت غلط... هي فعلاً متربية و مهذبة، و تقبلت وجودنا، وعمي ارتاح، ووجودها هيخفف حزنه على ابنه وولاده."


ثم أردفت وقد لانت ملامحها:


– "والله أنا كلمت عمي كتير قبل كده، وطلبت منه يسامحه و يبعت يجيبه هو ومراته يعيشوا معانا هنا... بس هو كان مجروح، من عناد ابنه معاه... ورفض."


*********


#أنت_عمري

#بقلم_أمل_مصطفي

#البارت_9

************


في مكان أخر 

مرت شهور علي تواجد عائله أدهم بألمانيا 


مراد الذي لم يترك روان لحظه في الشهور  المنصرمة بل كان مثل ظلها إلا عند دخول الاشعة والعمليات كان يموت حرفيا من الخوف عندما تتألم يشعر بآلمها 


لم تتخيل أن هناك حب بتلك الطريقه نظرة عيونه تخفف ألامها اقترابه منها في لحظة بكائها وضم يدها بين كف


يده ينزع منها كل الخوف بينما غادة تشعر أخيرا بالراحة والاطمئنان علي اولادها عشق مراد لروان واضح وضوح الشمس 


وأيضا أدهم كان نصيب لا يقل عن روان لذلك ظلت تسجد وهي تشكر الله علي نعمه الكثيرة و ترجوه أن يديم الفرحة بقلب أولادها 


*********


في المساء 

قام أدهم علي صوت طرقات خافتة  علي باب غرفتهم  نادا عليها  بحنان عشق في  خبط علي الباب 


جلست وهي تفرك عيونها و تسال من الطارق ردت


الخادمه أنا يا ست عشق سيدي الكبير بيقول بيستناكم 

علشان العشاء  حاضر ثواني نازلين 


إلتفتت إلي أدهم بخجل تأخذ رأيه  تنزل ولا نكمل نوم 


تأمل هيئتها بغرام بالنسبه للعايزه فا أنا عايز حاجات كتير وقبل أن تفهم مخزي كلماته كان يحتويها بين احضانه


وهو يهمس بشوق خليكي في حضني شويه لأن هسافر الفجر 


رفع إحدي يديه يضع شعرها علي إحدي كتفيها وهو يميل عليها يقبل عنقها بلطف أغمضت عينها أنها تعيش معه


مشاعر جديدة عليها بينما زادت قبلته حميمية  جعلته يحترق شوقا للمزيد لكنه أبعدها وهو يزفر بقوة محاولا


السيطرة علي نفسه وتحدث بأنفاس ثقيلة 

يلا ننزل لأن لو طولت مش ضامن نفسي ومش هسيبك غير وأنتي مراتي .


قامت بتوتر وارتدت عباءة سماوي و  حجاب درجه أفتح اصبحت بهذا اللون الذي يتناسب مع لو عينها ملاك بحق 


شعر بالغيرة لأن الجميع سوف يراها بتلك الهيئة التي خطفته من نفسه  رغم أن لبسها  طويل وواسع لكنها ملفته بشكل ملحوظ  سألها بضيق هو مافيش غير العبايه دي .


نظرت لنفسها بالمرأة ثم سألته  لو مش عجباك اغيرها 


هتف بصدق ::

عجباني جدا بس مش حابب حد غيري يشوفك بيها .


وافقت بهدوء حاضر ثواني اغيرها توجهت للداخل اخرجت اخري قامت ب ارتدائها وخرجت له  


عندما اطلت عليه  أستغفر في سره أعمل أيه أنا الوقت يابنتي الله يهديكي أنتي منوره لوحدك مش محتاجه حاجه فاتحه .


عشق بحيره يعني أعمل إيه الوقت مش معايا غيرهم 

جذبها من يدها وتحرك خارج الغرفه وهو يردف ربنا يستر


ويعدي اليوم ده علي خير بدل ما ارتكب جناية وبدل ماحبل الود يتصل بينك وبين اهلك أولع فيه و اخفيه 


لم تستوعب مقصده لذلك فضلت الصمت و تحركت جواره 


نزل وهو يحتضن يدها بين يديه  جميله تخطف القلوب كان الجميع يتأملها مم جعلها تشعر  بالخجل وتلتصق به 


أما هو فكان يشعر بغيره قاتله ولعن نفسه لأنه أتي بها بين  هذا العدد من الرجال .


هتف جدها بلهفه تعالي يا جلب جدك جاري

جلست جواره و أدهم  جوارها 


فهد جهز لك نصيبك في ورث أبوكي شوفي عايزه كيف .


لم تأتي هنا من أجل المال بل كل ما تتمناه العائلة فقط 


ورث أيه يا جدي ربنا يعطيك الصحه والعافيه ويطول في عمرك 


يا جدي أنا عايزاك أنت وعمامي   عايزه الدفء الحمايه وبس لكن الفلوس أخر همي أنا بتدبر بأي حاجه.


رفض الجد بشدة وتحدث  بإصرار بس ده حجك من فلوس ابوكي  وانا مافيش حد يكسر كلمتي يا بنت محمود 


تنهدت بهدوء تحاول كسب رضاه خلاص يا جدي لو مصمم ممكن نعمل بيها  مشغل يفتح بيوت كتير للناس اللي محتاجه و المكسب تكفل  بيه أسر اليتامى والمحتاجين


صدقه جاريه علي روح بابا وأخواتي 


أو مستوصف لعلاج الناس الغير مقتدرة  لكن أنا مش هاخد فلوس .


انبهر الجد بتفكيرها الغير متوقع 


وتحدث بفخر ظاهر إحنا نعمل كل ال نفسك فيه بس ورثك زي ما هو مش هتيجي جانبه و نسمي المستوصف بإسم أبني و أحفادي .


اعجب ادهم بالفكرة وهتف وأنا عايز أشارك سواء في ده أو ده .


بينما فهد تلك الصخرة الذي يهابه الجميع ولا ينصاع لرأي أحد تحدث  بفخر حقيقي يا عشق أنا فخور بيكي 


أنا كنت خايف يكون تفكيرك و أخلاقك كيف بنات البندر اللي يحبوا المظاهر و يجروي وري شهوة المال أكيد مش كلهم كده بس الأغلبيه


  الحمد الله 

الحمد لله طلعتي إنسانة وجودك شرف لأي مكان تدخلي فية  .


دي شهاده أعتز بيها يا أبيه 


قمر بفضول ممكن تحكي لينا عرفتي  بشمهندس أدهم أزاي .


نظر كلا من أدهم وعشق لبعضهم  ببسمة حنين لأول لقاء بينهم رغم ظروفهم وبدأت سرد ما حدث ذلك اليوم استمع الجميع بإهتمام 


في ناس بتجري ورايا علشان تأذيني وهو خلصني منهم .


قاطع كلامها صوت مروان المتعجب  يجروا وراكي ليه .


ابتلعت ريقها بوجع ::

بعد وفات بابا الراجل صاحب المحل سحبه مني لأن كنت صغيرة ومش هعرف اديرة بس اتصرف في البضاعه


و عطاني حقها مع مرور الوقت الفلوس خلصت و المعاش كان يكفي بالعافيه مع الإيجار والدراسه اضطريت اخرج اشتغل علشان اقدر التكفل بنفسي كنت بشتغل بعد الكليه 


نظر الجميع لبعضهم بخزي فهم أصحاب الملايين ابنتهم تعمل حتي تحصل علي قوت يومها


لم تلحظ تأثرهم بكلامها وهي تكمل  اشتغلت سكرتيره في مكتب إستيراد وتصدير بس صاحب الشغل كان عينه زايغه 


حاول بكل الطرق إن يقرب مني وأنا كنت بصده بعنف

حاولت كتير وانا شغالة معاه اشوف شغل في مكان تاني


بس للاسف مرتبه كان مغري اتاري هو عامل كده علشان


يجذب البنات ويستغل احتياجهم وانا  كنت مضطره أتحمل علشان المرتب  كويس وفي نفس الوقت مش مأثر مع الكليه 


وفي يوم أتصل بيه  بليل عايز ملفات مهمة بتاعت مزاد اعتذرت  ووصفت ليه مكانها غضب و إتحجج إنه


مش لاقيه ولو ما روحتش اعتبر نفسي مرفودة صراحه أنا ماكنتش حمل أخسر الشغل ده 


المهم قال أنه عايز يراجعه الوقت وأنا الصبح بكون في الكليه


أونكل ناجي و طنط فتون خافوا عليا وقالوا سيبي الشغل أحسن   فهمتم أن المرتب


ما عرفش أعوضه روحت وجبت الملفات بس طريقته وضحت ليا الوضع و أنه مش عايز الملف كان ليه غرض


تاني ومجهز كل حاجه و رجالته كانوا عارفين واقفين بره لأي طاريء


لاقيته قريب مني ونظرته مش مريحاً

سحبت  تمثال نحاس كان علي مكتبه ضربته علي رأسه


صفيت دمه وخرجت بهدوء  علشان رجالته مش يشكوا في حاجه بلغتهم  أنه مش عايز إزعاج بصوا لبعض وطبعا استغرب بس أنا مثلت الدور كويس خوفت لو حس 


بحاجه يمسكني لحد ما يفوق خرجت أجري بأقصى سرعه بس لقيتهم ورايا فضلت أجري لحد ما لاقيت نفسي وقعه قدام عربيات الحرس بتاعت أدهم 


ودي كانت أول  مقابله بينا ومن يومها وإحنا مع بعض.


شعر ولاد أعمامها بالغضب وتمنوا أن يخلعون عيونه وقلبه 


أما الجد كان شعوره مختلف  غزاه ألم شديد بقلبه وشعر روحه تسحب منه قام وطلب من عشق أن تأتي خلفه لغرفته


دلفت خلفه وأغلقت الباب وقبل أن تتحرك كان جذبها في أحضانه وظل يبكي بحزن وتأنيب ضمير فلو  سامح


أبنه علي فعلته ما حدث كل ذلك ظل يعتذر منها حتي تسامحه لأنه قصر في حق إبنه وحقها 


لم تتحمل انهياره وهو بهذا السن لذلك هتفت بدموع كل ده نصيب يا جدي أنت ملكش ذنب فيه صدقني 


هو برفض لا ليا أيه الحصل أتجوز عادي عندينا الراجل يتجوز واحدة واثنين


كان أقرب واحد في أولادي لقلبي عمره ما زعلني ولا كسر كلمتي خوفت تاخده مني 


عملته بقسوة علشان يرجع احضني و هددته بحرمانه من الميراث


مافيش حاجه خليته يفرط فيها  لحد  تهديدي أن ادور عليها و اقتلها خلاه بعد عن عيوني و ساب كل حاجه خاف عليها من تنفيذ تهديدي لأن لأول مرة في حياته يشوف قسوتي ويحسها 


ماعنتش عرفت طريقه خفت تأخذه مني   قومت ضيعته بيدي جاه وطلب السماح لما عرف أنها حامل و تحايل


عليا يرجع عشان ولده يتربي  و سطينا ووعدني أنه يعدل بينها وبين نعمه بس الشيطان كان واقف قدامي


هددت تاني  بقتلها قالي يومها جبت القسوة دي منين يا بوي 


جالي لما ولدت وكان نفس ردي 


ودي كانت آخر مره أشوف ولدي أختفي من يومها

كان حريص جدا بعت ناس وراه علشان اعرف مكانه بس كل مرة يختفي كأنه فص ملح و داب 


و تجولي ماليش يد كيف ده أنا دم أبني ومرته وولاده علي يدي ليوم الدين 


كأن ربنا انتجم مني علي ظلمي لابني ومراته لأن كنت فعلا ناوي علي اذها لأنها سحرت لابني وخليته عصاني


وهو الاقرب لجلبي جالي يا منشاوي مش انت رافض ولدك واحفادك أنا خدتهم منك موت بحسرتك عليهم 


عشق بعقل وهدوء أنت مؤمن يا جدي وعارف إن كل شيء نصيب أنت كنت مجرد سبب في حكمة ربنا وتدبيره ربنا أسمه الحق


استغفر كتير يا جدي علي سوء ظنك بيه 


وأنا الحمد لله راضيه بنصيب وبعد الضيق فرج 


وربنا فرجها بزوج مافيش زيه في الكون و عيله كبيره وجميله وأنا حبيتكم قوي 


أهدي و أستغفر ربنا و ادعيله بالرحمة 


***************


عرض فهد علي أدهم أن يخرجوا لرؤية اسطبلات الخيل  


لكنه رفض بسبب قلقه علي عشق  لا عايز اطمئن علي عشق الأول 


فهد ما تقلقش بس جدي متألم من  الحصل معاها وإحنا موجودين علي وش الدنيا تعال نمشي شويه ونرجع يكونوا إ تصافوا 


ذهبوا إلي إسطبل الخيل إختار كل واحد فرس   تسابقوا وتحدثوا في الأعمال وأخذ كل واحد فكره


عن عمل الأخر ورغم الوقت القصير لكنهم شعروا بالألفة من بعضهم فهم يشتركوا في الشخصيه القويه


والذكاء عاد  بعد ساعه وجد عشق تجلس بين  زوجات أعمامها. 


حرك   شفايفه    وحشتيني تورد وجهها من الخجل  


فهد وقد تابع ما حدث سيب البنت في حالها 


أدهم بغمزه اللي غيران مننا يعمل زينا 


ضحك فهد بكل رجوله أنت رايدني أتجطع تجطيع يا ولد 

عندينا العشق عيب 


وقبل أن يرد عليه سمع نداء المنشاوي الكبير الذي طلبه للتحدث معه علي انفراد 


وبعد مرور نصف ساعة استئذان أدهم لأنه علي سفر فجرا


وقفت عشق وتوجهت معه الأعلى في صمت فهي شارده في  أي وضع سوف تنتهي قصتهم 


******************


عند أذان الفجر قامت عشق تؤدي فرضها وجدت أدهم يجلس علي الفراش 


تحدثت بقلق مالك  صاحي  ليه الوقت 


تأملها بحب كأنه ينقل لها مشاعره هتوحشيني يا عشق انا هصلي الفجر و مسافر 


عشق بخوف أدهم أوعي تنساني 


إقترب منها وحرك أنامله علي وجهها عمري ماقدر انساكي 


أنتي النفس اللي بتنفسه والدم ال بيجري في وريدي والقلب ال ينبض بين ضلوعي 


صلوا فرضهم و ارتدي ملابسه 


نظرة له بشوق  


هتف أدهم بغرام  لا عشق هانم كده خطر ونظرتك دي ليها معاني كتير أنا أضعف من إن اقاومها .


ارتمت علي صدره تحتضنه رفعها بين يديه وضمها بقوه متخافيش يا حبيبتي أنا ما صدقت لاقيتك ومش ممكن أفرط فيكي أبدا


همست جوار أذنه أنا بحبك. نظر بعيونها وأنا بعشقك 

.


ثم تركها وهو يشعر بروحه تسحب من جسده 


أم هي    تشعر بانقباض غريب بقلبها


********


نزلت نعمه وجدت عشق تجلس يبدوا علي وجهها الحزن 

مالك يا عشق ليه قاعده كده قامت عشق


أرتمت في حضنها وظلت تبكي ضمتها نعمه بحب وسعاده كم تمنت هذا الإحساس


أن يكون لديها ابن يرتمي في حضنها وقت التعب جميع أبناء العيله يعاملوها كأم لكن إحساسها الأن مختلف  لأنها قطعه


من عشقها التي رفضت الجواز بعد تركه لها مسدت علي ظهرها وهي تسألها عم بها  ليه كل ده يا حبيبتي أيه حصل 


عشق ببكاء أدهم وحشني خايفه ينساني 


ضحكت نعمه  علي طفولتها وهي تضمها اكثر كل ده عشان سافر بكره يرجع بالسلامه 


قامت بإزالة دموعها بيدها وبعدين مين يقدر ينسي القمر ده  


الكل حبك من يوم واحد تخيلي ال معاكي من شهور 

أدعيله ربنا ينجيه ويرجعلك بالسلامة 

ثم جذبت يدها بحنان 


يلا نشوف الخدم جهزوا الفطار ولا لاء 


**************

يشعر بضيق في صدرة لا يشعر براحه في تركه لها ولا يعلم كيف يتحمل الايام القادمه دون وجودها أمامه 

يجلس   في سيارته شارد في من ملكت روحه


مش قادر  دي وحشتني وأنا لسه سيبها من ساعتين أزاي  أقدر أتحمل أسبوع 


تحدث عقله بتحذير 

لا أجمد كده أنت عمرك ما كنت ضعيف علشان حاجه زي دي تأثر فيك عادي متخليش قلبك هو اللي يتحكم فيك 


رفض قلبه الاستجابه  لا عشق مش كده لو كانت زي فرح  مش ممكن ترفض ورث بالملايين وتفكر في الأيتام رفع هاتفه


طلب صديقه حتي يفضفض معه عما يجول بخاطره و يعكر صفو حياته علة ينتشله مم يتعب قلبه  و يدله علي طريق الصواب 


************

في مستشفي المانيا 


يتابع دكتورة العلاج  الطبيعي وهي تقوم بجلسات روان لقد تألم كثيرا العلاج الطبيعي مؤلم أكثر من العملية التي اجرتها 


قفز بسرعة عندما بكت من الألم وهي ترفض اكمال الجلسة  كفايه أنا خلاص تعبت 


اقترب منها يضمها وهو يردف  بعشق وتملك هش خلاص ياقلبي كفايه بس بلاش دموع 


وحدث الدكتوره أن تكتفي بهذا القدر اليوم القت نظرة علي انهيار روان لتوافق وتترك الغرفة بصمت 


روان ببكاء أنا تعبت يا مراد مش قادره والله أكمل غصب عني الوجع فوق احتمالي 


حملها مراد بين يديه وتوجه لغرفتها خلاص يا قلب مراد براحتك و لو  مش عايزه تكملي مش هنكمل  أهم حاجه


عندي إنك تكوني مرتاحه وضعت رأسها علي صدره من التعب و أغمضت عينها وهي تشعر بالأمان


ماذا فعلت حتي يكون مراد نصيبها فهو  نعم الزوج والحبيب الذي يحتويها بحبه وحنانه ولو كانت حكمة الله من تلك الحادثه هي ترك وائل لها وتصبح   نصيب مراد


فنعم تدابير الخالق عز وجل  (تحسبه تدميرا وهو تدبير)


تحدث روحها بحزن علي ما فات كنت عميا أزاي عن العشق ال بعيونه ليا لوحدي 


لقد رأت نظرات الممرضات له مراد وسامته شرقيه بشرته قمحيه عيون العسلي جسده الرياضي فهو و أخيها دائما  يهتموا بصحتهم و يمارسوا رياضات مختلفه ولم يقتربوا من التدخين يوما ورغم ذلك لم يهتم بنظراتهم 


رغم جمالهم الفاتن وهي التي لا تكن جوارهم شيء 

عيونه لا تري غيرها


أجلسها علي السرير بهدوء و دثرها جيدا و ينحني يقبل رأسها 


رن تليفونه بإسم أدهم  


دثرها جيدا وهو يردف ارتاحي الوقت وانا خارج ارد علي أدهم وراجع 


هتفت بتعب سلم عليه كتير هو وعشق 


**************

فتح الخط وهو يردف بسعاده ادهم باشا فينك يا راجل أنت نستنا خلاص 


أتاه صوته متعب  وحزين  حد ينسي أهله بس مشغول شويه أنت عارف 


تسلل القلق لقلب مراد الذي تحدث بلهفة مالك يا أدهم صوتك متغير ليه فيك أيه يا صاحبي 


اردف أدهم بتنهيده  حارقة تعبان يا صاحبي ومش عارف أخد قرار


بعشقها وكل ما أقرب منها أشوف أحمد بينا نفسي أكمل معاها كل حياتي  وأكون أسره زي الناس الطبيعية


   كل ما سمع صراخ أحمد و وعدنا ليه أحس أني خاين 


مراد بحزن علي حال صديقه وبعدين معاك يا أدهم 

قولنا عشق غير فرح  وده نصيب ولو كان أحمد عايش كان هو اللي  شجع  وأول واحد فرح علشانك


قلوبنا مش بيدينا  سيب نفسك يا صاحبي البنت تستاهل أنك تعطيها فرصه تانيه وعيش حياتك أوعي تظلمها 


هي مالهاش ذنب في أي حاجه ثم تذكر ظهور أهلها سأله بإهتمام عملت أيه مع أهلها 


تذكر ما حدث متخيل تعمل أيه قابلتهم كأنهم مش غلطانين   في حقها ولو كنت شوفتها تقول طفله مافيش جوه قلبها  حقد أو كره قلبها ابيض حتي ورثها رفضته رغم أنه ملايين 


مراد ::

بتأكيد شوفت مش قولتلك 


أدهم بحيرة جدها عايز يعمل ليها فرح في البلد علشان الناس تعرف أنهم جوزوا حفيدتهم وأنا لسه مش قادر أخد الخطوة دي وفي نفس الوقت خايف رفضي يكسرها 


تكلم مراد بسعاده خلاص كده ماعدش عندك حجه 


إبتسم أدهم علي حماس صديقه أنا بستناك مش هعمل حاجه من غير وجودكم 


هانت يا صاحبي كلها أسبوعين ونرجع ونكون مع بعض زي الأول 


اردا أن يوصيه علي امه وأخته رغم ثقته التامة في رجولة و نخوة صديقه إن شاء الله أمي وأختي أمانه معاك 


عارف أن روان ممكن تكون زعلانه مني لأن مزرتهاش في الفتره دي غير كام مرة بس قولها تسامحني 


تحدث بهيام دول في عيون قلبي يا أدهم ثم أكمل روان عمرها ما تزعل منك انت مش أخ انت كنت ليها أب وأخ 


************* 

في غرفة نعمة 


كانت تتحدث مع صورة زوجها التي تحتل ركن كبير علي حائط غرفتها  أنا مش زعلانه منك يا محمود


بعد ما شوفت بنتك تأكدت أن كان ليك حق تجري وراها وأن ده غصب عنك


إذا كان كلنا تعلقنا بيها من يوم واحد انا مش قصدي الشكل خالص رغم أنها تبارك الخالق فيما خلق  انا بقصد روحها طيبة قلبها 


حاسه إني أعرفها من سنين يمكن لأنك موجود بروحها 


سمعت طرق علي الباب أذنت للطارق بالدخول بعد أن مسحت دموعها  وجدت عشق تقف أمامها بخجل ممكن أنام معاكي النهارده 


طبعا يا حبيبتي  دى اوضة  محمود يعني اوضتك 

دخلت تتأمل كل شبر بها  وهي تسألها دي اوضة جوازك   أنت وبابا مش كده 


مررت عينها شوقا لتلك الأيام  وهي تهتف أه يا حبيبتي وقفت أمامها وهي تسألها  كنت بتحبيه 


نعمه ::


بخجل كان حب الطفوله و المراهقه والشباب


ابتسمت عشق بحنان  

ياااه كل ده 


جلسوا سويا علي الفراش وبدأت نعمة تقص عليها قصة حبها لوالدها 

كنت بحب أشوفه  وهو ماشي بالفرس بتاعه كنت طفلة صغيرة معرفش حاجه تحت رحمة ربنا  وقتها غيره


رفعت اناملها علي وجنتيها أنت واخده حنيته وطيبة قلبه    يهتم بالكل


  رغم أنه اصغر أخواته لكن كان خدوم جدا


مافيش حد يقصده في حاجه و يتأخر عليه أبدا 


  عمي متعلق بيه أكتر من الكل وكان بيخاف عليه من حنيته الزايده أن حد يستغلها و يأذيه 


كل يوم  بيمر عليا بتعلق بيه و لأن لسه طفله فهمت اهتمامه و حنيته  عليا حب وفضلت ارسم و اتخيل


حياتي معاه لما أكبر   لما جه يدخل الجامعه عمي صمم يكتب كتابه عليا كنت أسعد واحدة في الدنيا  رغم ان


كنت لسه صغيرة و موصلتش  سن كتب الكتاب بس ده كان منتشر عندنا البنت اللي تجيب ١٨ سنه من جواز يتقال عليها قطر الجواز فاتها 


بس عمي حب يربطه بالبلد خاف عليه من الدنيا الواسعه والبنات الحلوة تاخذه منيه  


  في سنة ثانية  عمي طلب منه نعمل الفرح و الدخله لكن محمود رفض بقوه وكانت دي أول مره يوقف في وش عمي وأول مسمار في فراقهم 


**************


#أنت - عمري 

#بقلم_أمل_مصطفي

#البارت_10

***********


محمود في الأول رفض بس وافق بعد محايلة الكل وهو في ثالته كليه رجع جال لعمي أنه بيحب واحدة وعايز


يتجوزها عمي كأن طلبه ده كيف إحتلال اليهود لمصر غضب. أتخانق لأول معاه و عاند جدا قصاده ولما


لاقاه مصمم جاله هحرمك من الميراث محمود جاله عادي ما تفرقش هشتغل و أصرف عليها وعلي كليتي جاله


هتبري منيك.ولا أنت أبني ولا أعرفك رغم صعوبة ده علي عمي بس كان كل غرضه أن أبنه يخاف علي زعله ويرجع حضنه مره تانيه 


لكن أبوكي كان متعلج بيها جوي وكلنا قولنا سحرتله المصرويه علشان يوجف في وش أبوه وهو روحه فيه 


غاب عن البلد سنه بحالها وبعدين رجع علشان جدك يتقبل مراته عمي رفض هدده أنه لو شافها يج تل ها


ويخلص من سحرها  ومن يومها ماحدش شافوا ولا سمع عنه خبر غير من كام شهر مسحت دموعها ليس سهل أن


تعيد أحداث رفض زوجها لها وتفضيل أخري عليها 


عشق طب ليه ما طلبتيش الطلاق و شوفتي حياتك 


تحدثت بمرار و إيه عيشتي وحياتي من غيره 


عشق. هي تحتضنها بحنان أنا بنته ومن ريحته وياريت تعتبريني بنتك


أمل مصطفى


ضمتها نعمه بحب أمومي طبعا أنا بشوف روحه فيكي 


يعني ممكن أقولك ماما نعمه ؟؟


أنا ال بتمني تقوليها وعايزه أسمعها منك علي طول 

طيب يا ماما ممكن أنام في حضنك النهارده ؟؟


ضمتها نعمه بحب طبعا يا روح ماما و ناموا بهدوء 


بعد ساعتان سمعت أزيز هاتفها قامت بهدوء حتي لا تستيقظ نعمه التي قلقت فعلا علي حركتها و توجهت لباب البلكونه ردت بصوت ناعم رقيق ألو 


وصلتها صوت تنهيدة حاره ثم تلاها صوته وحشتيني يا عشق وحشتيني لدرجة أن عايز أركب طياره و أجيلك أخدك في حضني عشان أهدي و أعرف أنام


كام ساعه و هتجنن مش عارف أعمل أيه أول مره أحس بالضعف والعجز ده لم يجد منها رد نداها عشق 


حاولت إسترداد نفسها من حالة التيه التي حدثت لها من كلماته التي يغلفها الشوق هي لم تتوقع أن يتذكرها من


الأساس أخرجت صوتها أه أه أنا سمعاك بس مش مصدقه إنك بتقول الكلام ده ليا كأن حلمي أخيرا أتحقق وبقا واقع 


سألها بحب حلم أيه 


تمتمت بتوتر لأنها لم تكن تنوي كشف سرها الكبير بعدين احكيلك


::أكمل بحزن أنا عارف إنك اندمجتي مع عيلتك و نسيتيني لأنك لاقيت حد يعوضك غيابي 


حدثت نفسها بحزن ألم يعلم حتي الأن مكانته بقلبي هل قصرت معه بإظهار حقيقة مشاعري بحثت في هاتفها وهو معها علي الخط وقامت بإرسال أغنية (نسيت أنساك ) لفضل شاكر


الأغنية دي تعرفك مشاعري أيه في غيابك 


قام بسماع كلماتها إبتسم بجد يا عشق يعني مافيش حد قدر يعوض غيابي .


تحدثت بصدق أبدا لو بين مليون شخص مافيش حد يعوض غيابك يا حبيبي .


أرسل لها اغنية (أنا اشتقتلك ) سمعتها عشق وهي تدور بهاتفها في سعاده كبيره و حضنت هاتفها بقوه 


يجب عليه توضيح كل شيء واخبارها بحقيقة مشاعرة وأنه يمثل اللامبالاة لكنه ينصهر من قوة انجراف مشاعره اتجاهها 


هتف بلهفه  عشق لما أرجع عايز أتكلم معاكي كتير 


ابتسمت بحب كأنه يرها أنا كمان يا أدهم عايزه احكيلك حاجات كتير جداااا وتعرف حقيقية مشاعري ناحيتك أشوفك علي خير يا حبيبي 


تنهد بلوعه شوقه وهو يهتف 

وأنتي من أهل الخير يا احلى حاجه حصلت لي .


*************


عادت عشق لأحضان نعمه نامت مثل الأطفال بلا هموم 

استيقظت في الصباح لم تجد نعمة جوارها قامت تتوضء صلت فرضها ونزلت بسعاده تنادي ماما نعمه يا ماما أنتي فين .


خرجت نعمه من المطبخ وقلبها يكاد يطير من شدة السعاده الجميع يناديها بهذا اللقب ولكن لأول مره تجرب إحساسها من عشق فهي قطعه من قلبها وزوجها المرحوم ومن المفروض كانت تصبح ابنتها لولا أن ربنا قد حرمها من نعمة الخلف 

أنا هنا يا قلب أمك تعالي .


اقتربت منها عشق و قبلتها صباح الخير يا ماما .


نعمه صباح النور يا قلب ماما .


سألتها بعتاب ليه يا ماما نزلتي من غير ما تصحيني .


تحدثت بحب قولت اسيبك ترتاحي وضحكت لأنك طولت في السهر إمبارح .


تحدثت بإحراج هو حضرتك كنت صاحيه


ضحكت علي خجلها وهي تردف ربنا يسعدك يا حبيبتي.


طيب يا ماما شوفي محتاجه أساعدك في أيه .


نعمه بتشجيع روحي صبحي علي جدك

علشان تردي فيه روحه  .


**************


توجهت لغرفة جدها قامت بطرق الباب أذن الجد بالدخول 


عشق بإبتسامه عذبه صباح الخير يا جدي .


جدها بفرحه كبيرة لم تزوره من سنوات طويلة صباح الورد والياسمين علي قمر عيلة المنشاوي اقتربت منه


انحنت تقبل يده ضمها لحضنه بحب وحنان نورتي بيتك وأهلك و رجعتي لجدك روحه.


منور بيك يا جدي أنت و عمامي ما تتخيلش أنا فرحانه قد أيه بوجودي بينكم الأهل و العزوه حاجه جميله جدا انحرمت منها سنين طويله بس الحمدلله ربنا عوضني أخيرا


مدت يدها تساعده علي الخروج تحدث بضحك هو انت فاكره جدك خلاص عجز لا والله انا بقيت شباب بشوفتك 


بس ده ميمنعش أن امسك القمر بيدي 


ابتسمت له وهي تهتف ربنا يعطيك الصحه والعافية يا جدي 


توجه للخارج وجدت الجميع يتابع خروجهم بعيون مخدرة من صوته الذي ارتفع بالضحك لأول مرة


منذ بعد ابنه الذي كان دائما سبب ضحكته هو قوي حاد صارم مع الجميع إلا مع ابنه محمود يتغير لهين لين حنون


والكل كان يتعجب من شخصيته تلك التي لا تظهر لغيره 


لذلك كل من اراد شيء يطلبه من محمود لعلمهم تأثيرة علي والده 


جلس علي طاولة الطعام يتبعه الجميع بإحترام 


عشق صباح الخير رد عليها الجميع صباح النور .


وجهة سؤالها لإبنة عمها ها يا خلود مستعده نبدأ النهاردة 


موافقه طبعا خليني أرتاح من عذاب الماده دي 


خلاص بعد الفطار جهزي نفسك أنتي وياسمين .


تحدث زين أيه رأيك يا شوشو أ فسحك النهارده في البلد 


عشق بجد .


بجد طبعا صفقت بيدها تحت صدمة الجميع من تصرفها وأنا موافقه لكن ملامحها تغيرت بتفكير .


تحدث فهد بسؤال مالك يا عشق شكلك اتغير ليه في حاجه .


هتفت بحيره مش عارفه أدهم يوافق ولا لا .


دخلت قمر في الحوار تعطيها فكرة مش هو عارف إنك موجوده وجدك


يعطيكي الأذن عادي مش مهم تبليغه .


شهقت عشق بتعجب من حديث ابنة عمها عن الأمر كأنه هين وهتفت برفض أزاي يا قمر ده جوزي وكل خطوه


اخطيها من غير أذنه ذنب تخيلي بقي بلدكم دي كام خطوه ضحكت دنا هروح جهنم حدف .


رمقها  الجميع بنظرات  تقدير وإحترام .


زين بلهفه طب لو رفض مش هانخرج .


عشق للأسف تبقي ضاعت الفسحه .


كانت نعمه تريد التحدث ولكن قاطعها رنين هاتف عشق 


التي تأملت هاتفها بحب عندما رأت أسم زوجها 


اعتذرت من جدها للخروج حتي ترد علي أدهم تحركت بسرعه إلي الخارج وفتحت الخط بلهفه صباح الخير يا حبيبي 


هتف بوله صباح النور يا قلب حبيبك وحشتيني قولت أكلمك قبل ما أروح الشركه و أتلبخ في زحمة الشغل 

صاحيتك ؟


لا أنا صاحيه بدري أنت كويس حاسه في حاجه !


يشعر بغربة غريبه دونها رغم ان وجودها في حياته لم يتعدي الثلاث شهور كيف يحدث ذلك فكرة عدم رؤيتها يسحب انفاسه ويلقي به في بحر الشوق 


عمري ما أكون كويس وأنتي بعيده عن حضني أه كنا بنام كل واحد بغرفة بس وجودك معايا في نفس المكان مريح جدا ليا أيه رأيك أجي أخدك النهارده ده لو مش حابة تفضلي 


وأنت كمان يا أدهم وحشتني جدا رغم إنك ما فرقتنيش


أرجوك يا أدهم بلاش تشرب قهوه قبل الفطار علشان خاطري أفطر و أشرب عصير وخلي القهوه لما توصل المكتب .


تحدث بحب  خايفه عليا 


مافيش عندي أغلي منك أخاف عليه .


أااه يا عشق لو كنتي قدامي الوقت .


كنت هتعمل أيه .


كنت خدتك في حضني و ماسبتكش غير وأنتي مراتي 

خجلت ولم ترد .


مش بترد ليه مش أنتي الي بتدوبيني بكلامك العسل ده بذمتك أعمل أيه لما اشوف الدلع والدلال و الحنيه دي كلها .


وأنا عملت أيه بس .


كلامك خوفك عليا جنني بيخليني أندم لأن مقابلتكش قبل كده و ندمان علي عمري اللي ضاع من غير وجودك


بتجنن من المشاعر اللي بجربها أول مره معاكي أنتي بس 


نفسي أحبسك في في حضني  ماخرجكش منه أبدا بس هانت كلها أسبوع .


عشق بخجل أدهم بلاش الكلام ده عشانك بتكسفنى.


قوليلي أعمل إيه بس أنا عمري ما كنت أتخيل أن أقول الكلام ده لواحدة أبدا 


عشق بهروب ينفع أخرج أتمشى في البلد شويه.

مع زين ابن عمي 


أدهم بغيره نعم وليه مش حد من عمامك وليه مش واحدة من بنات عمامك  


هو اللي عرض عليا لكن لو أنت مش موافق خلاص مش مهم لما ترجع بالسلامه أخرج معك


أدهم بحيره فا كلامها يطيب خاطره دائما خلاص يا حبيبتي أخرجي و تفسح براحتك بس خدي حد من بنات عمك و لما ترجعي احكيلي عملتي أيه روحتي فين .


ردت بسعاده طبعا كل حاجه ابلغهالك بالتفصيل الممل .


خلاص يا روحي خلي بالك من نفسك وأنا هكلمك بليل 


تحول صوتها من فرحه لشغف أدهم 


عيون أدهم 


أنت هتيجي أمتي أنت وحشتني قوي 


أنتي وحشتيني أكتر و الله. و لولا السعاده ال كانت بعيونك ولولا خوفي علي زعلك وكسر فرحتك بأهلك 


كان مستحيل أمشي من غيرك بس ما حبتش أضيع فرحتك بعد حرمانك منهم كل السنين دي 


في خلال يومين تلاقيني عندك 


"******************

أغلق معها الخط وهو يتنهد ويطلب من الله الصبر علي الايام الباقيه حتي يمتلكها 


ركب سيارته وقام بالاتصال عليه فيديو 

فتح الخط وقابله وجه مراد المبتسم وهو يهتف بمرح 

أخبارك يا عريس عامل أيه 


ضحك أدهم بفرحة وهو يهتف بمرح أحسن منك طبعا


غمز مراد بشقاوة أيه ده بقينا نهزر و نفسنا مفتوحه يارب اوعدنا 


مش كان الأصول أنا ال أتجوز أول حرام عليك أنا

بحب علي نفسي من سنين لسه عايزني استنى كمان شهرين 


أدهم بعناد مثل الأطفال ماليش فيه أنت سايب الشغل علي دماغي من ٣ شهور 


تيجي تستلم وأنا أرتاح شويه وبعد ما أقضي شهر العسل أبقي اتجوز 


طافت سحابة حزن بعيونه لقد تحمل في تلك الشهور فوق طاقة البشر لقد تألم بشكل لا يستطيع التعبير عنه فترة تلك العمليه وكلما فاقت من البنج يزداد المها وينهار هو في الغرفه الأخري مثل طفل فقد أنه ووجد نفسه في مكان غريب مظلم 

أغمض عيناه بقوة وهو يرد 

بغلب علي اساس أن كنت بتفسح مش كده


دول كانوا اصعب و اسواء أيام عمري بعد فترة حدثتها 


يعلم جيدا أنها لم تكن سهله علي مراد رؤيتها تتألم بتلك الطريقه هو يعلم كم يعشقها يعذر حالته و يحسده علي قوته في نفس الوقت 


فهو يعرف عشق من فترة بسيطه ورغم ذلك لا يتحمل أن يرها تتألم ولو مجرد خدش بسيط 


كيف لشخص في قوته يكون بهذا الضعف أمام ألم من يحب 


كيف يتحول ذئب شرس بنظرة من عينها لحمل وديع 


حاول الخروج من عاصفة مشاعره و هو يستعيد مرحه 

لو مش عاجبك قراري نلغي الجوازة خالص 


مراد بسرعه لا عاجبني يا باشا هو أنا أقدر أقول حاجه بعد كلام معاليك ما رقبتي في إيدك 


ضحك أدهم أيوه كده أتعدل أحسن انت عارف قلبتي هاا 

الفستان وصلك 


مراد أه أنا استلمت امبارح قدمنا عشر ايام ونكون عندكم 


مراد كل ال أنا طلبته جهز 


هتف مراد بحب انا وروان و مامتك جبنا كل حاجه ما تتخيلش فرحتهم بالخبر ده كان عندهم أهم من رجوع روان تمشي 


هتف بحنان ربنا يخليكم ليا و مايحرمنيش منكم أبدا 


********


دخلت ووجهها يبشر بالسعاده وجدتهم في إنتظار ردها 


عملتي أيه 

وقفت وهي تهتف بمرح وافق طبعا أنت بتشك في قدراتي 


لم يتوقع محمد موافقته لقد سخر من زين وكان يستعد لمضايقته وعندما سمع كلام عشق هتف بتعجب يظهر أن تأثيرها قوي 


هتفت عشق بنفي 

أبدا والله دانا مسكينه هو أدهم بيعمل حاجه مش عايزها


هتف محمد بتوضيح علشان كده بقول تأثيرك قوي عليه لأن ال سمعناه عنه القوه و الجبروت وكل السوق بيخاف منه و بيعمل ليه حساب 


هتفت حميدة بتعجب للدرجه دي 


تولي مروان الرد أكتر الإنسان ال كان هنا حاجه تانيه خالص غير ال عرفناه عنه لما كنا بندور علي عشق .


عشق برفض أبدا ده مافيش في حنية أدهم عليا أنا وماما وروان .


- رد فهد بهدوء إحنا مش قصدنا أنه وحش الطبيعي أنه يكون حنين مع أهل بيته لكن السوق محتاج القوة علشان


يثبت نفسه ويفضل واقف علي رجليه وال يغفل لحظه يوقع ويداس عالم الأعمال مافيش فيه رحمه زي الغابه بالظبط البقاء للأقوي .


بس أنا مش بحب الحياه دي .


تبسم لها بحنان لم يره أحد منه من قبل حتي أخته وهو يهتف دورنا نحميكم و نبعدكم عن الحياه دي .


زين خلاص يا عشق ساعتين و أعدي عليكي تكوني جاهزه 


اوقفته بتوضيح استني بس هو ليه شرط حد من البنات تيجي معايا لأن ماينفعش أمشي معاك لوحدي 


***************


في مكان جديد في إحدي المنازل الفخمه التي بنيت علي الطراز الحديث 


وقف يتحدث بقسوة وحقد يفح كلماته مثل افعي سامة تبخ سمها في كل مكان أخيرا جه الوقت عشان أخد فيه حق أبني 


تحدث ابنه بعدم تصديق مازال يفكر في الانتقام من أجل ابنه الخطأ بعد تلك السنين حق أيه يا بوي ابنك كان غلطان 


التاني كان بيدافع عن شرف بنت غلبانه


صرخ في ابنه الذي يعتبره عار عليه وعلي العائلة عندما رفض أخذ ثأر أخيه 


اسكت يا ولد جبر يلمك كيف تتكلم علي أخوك إكده 

ياريت كان عايش و جتلوك أنت علي الأجل كنت لاقيت راجل ياخد بتارك مش زيك 


تحدث ابراهيم بعدم رضي ::

يا بوي أنت مش عايز تجول الحج ليه 

لو كان ده حصل مع أختي أو بنتي ماكنتش اشتكيت كيف ما عملوا أنا كنت جتلته بيدي كيف نرضها لبنات الناس حتي لو كانوا غلابه


رمقه والده بنظرة اشمئزاز ونفور ::

طول عمرك جبان علشان كده مافيش حد هياخد حج أخوك. مصطفى غير سالم .


هتف ابراهيم بخوف لا يا بوي حرام عليك سالم لساته صغير كفايه ال راح بسبب دلعك لمصطفي ليه عايز كلنا ندفع  ثمن دلعك و و س-اخ-ته إحنا مش جد عيلة المنشاوي 


ليه تفتح بحور دم يروح قصادها ناس كتير من عندينا مالهاش ذنب في أي حاجه


ابنك مات يا بوي وغسل عاره 


ده لو فهد علم يخلص علي عليتنا كلياتها قصاد بنت عمه 

وأنت خبره زين جلبه ميت ومش بيعمل حساب لحد .


هتف الأب الحاقد بعناد ::

والله لو العيله كلها تتجتل قصاد أن اجتل بت محمود واحرق جلوبهم و أخد تار ولدي ما بيهمني و أعملها


رغم ان مش هتبرد ناري زي جتل محمود نفسه بس حظه ان اختفي واهو غار في داهيه جبل ما افش غليلي فيه 


ونظر لإبنه وهو يكمل أنا بعتبرك ميت أنت كمان 


تابع ابراهيم خروجه وهو يستغفر ربه استر يارب من الجاي ونجي بتي و اخوي من شره 


ولا أحد يعلم اسواء مصير تم تجهيزه للإنتقام من تلك الملاك دون وجه حق 


************

٠٠٠يتبع



لاتلهكم القراءه عن الصلاه وذكر الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم 



جميع الروايات كامله من هنا 👇 ❤️ 👇 



روايات كامله وحصريه



❤️🌹💙🌺❤️🌹💙🌺❤️🌹💙🌺❤️🌹💙🌺❤️🌹💙🌺❤️🌹




تعليقات

التنقل السريع
    close