القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية رقم 17 الفصل الحادي عشر بقلم الكاتب إسماعيل موسي حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج


رواية رقم 17 الفصل الحادي عشر بقلم الكاتب إسماعيل موسي حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج 



رواية رقم 17 الفصل الحادي عشر بقلم الكاتب إسماعيل موسي حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج 


وقفت راما عند باب الصالة، تتلعثم من التوتر وكأن الكلمات أكبر من فمها الصغير. كانت عيناها تبحثان عن شيء خلف وجه أبيها، شيء يشبه الطمأنينة التي فقدتها فجأة.


اقتربت بخطوات مترددة، ثم رفعت يدها الصغيرة وسألت بصوت خافت:


"بابا… لو كنت بتحبنى… هتختارنى؟"


لم يفهم بدر المعنى في البداية، ظنها سؤالًا عابرًا مجازيآ  لكنه تجمّد حين تابعت بنبرة أكثر إصرارًا:

"يعنى… لو حد قالك تسيبنى… هتسيبنى؟"

سرت رعشة خفيفة في جسده؛ شعر بطعنة لا يستطيع صدّها. ابتلع ريقه، حاول استجماع صوته، فخرج متعبًا، متوتّرًا، بلا صبر:

"إنتى ليه بتسألى الأسئلة دى؟"

اقتربت منه أكثر، تحدّق في ملامحه كأنها تبحث عن صدق لا تجده:

"أنا بس عايزة أعرف، هو ليه بقيت زعلان منى؟ هو أنا عملت حاجة غلط؟ صديقتى  قالتلى إنك هتبطل تحبنى…"

"أنا بس كنت عايزة أعرف انك بتحبنى زى زمان…"

رفعت يدها ووضعتها على كتف أبيها في محاولة يائسة لالتقاط أي دفء منه، وكأن لمسة صغيرة يمكنها إصلاح العالم.

"طيب قولى… بتحبنى؟ ولا خلاص؟"

كان السؤال أكبر من طفولتها… وأكبر من قدرته على الإجابة.

وفي تلك اللحظة، بدا واضحًا أن راما لم تكن تسأل عن الحب فقط—

كانت تختبر ملكيتها له قبل أن يظهر الآخر 


كانت كلمات راما كفأس تهوى على صدر بدر، تكسر شيئًا تحجّر داخله لشهور، ظل ينظر إليها لحظة طويلة، ثم فجأة ارتجف كتفاه، وكأن قيدًا قد انحلّ داخله.

اقترب منها باندفاع غير محسوب، وجثا على ركبتيه أمامها ليكون في نفس مستواها. أمسك وجهها بين كفّيه، كأنه يخشى أن تختفي لو لم يثبتها في مكانها.

"اسمعينى يا راما…" خرج صوته مبحوحًا، لكنه صادق، يمتلئ براحة غريبة امتزجت بالألم.

"أنا عمري… عمري ما هسيبك. إنتِ بنتى… بنتى أنا،مفيش قوة في الدنيا تاخدك منى ولا تبعدنى عنك،إنتِ أغلى حاجة عندي."

لم تنتظر الفتاة تفسيرًا. انفجرت بالبكاء ورمت نفسها في حضنه بقوة طفل يخشى السقوط من الهاوية،احتضنها بدر كما لو كان يستعيد شيئًا ضاع منه منذ زمن، كأن لمس جسدها الصغير يثبت حقيقته هو نفسه.

"أنا بحبك يا بابا… كنت فاكرة إنى مش مهمة…"

ضمّها أكثر، حتى تألم ساعداه من قوة احتضانه، وهمس في أذنها بحزم لا يقبل شكًا:

"إنتِ مش بس مهمة… إنتِ دمي. إنتِ سبب وجودي، واللي قالك إني هسيبك… كذاب. ما تصدقيش حد غيري، فاهمة؟"

هزّت رأسها وسط دموعها، تمسح وجهها في كتفه كطفلة تخبئ خوفها الأخير.

رفع بدر وجهه للحظة، كأن نورًا خفيفًا اخترق ضباب عقله شيء داخله تحطم… لكنه تحرر.

"أنا أبوكى ومفيش قوة تخليك تشكي في ده تاني، انتهى الموضوع."


ومع كل كلمة نطقها، كان يشعر بأن الجمود الذي كبّل مشاعره منذ شهور يتفتت، وأن قلبه—لأول مرة منذ زمن—عاد ليخفق باسم راما لا باسم الخوف. 


بعد أن هدأت دموعها، انفلتت راما من بين ذراعي والدها، وركضت نحو غرفتها بخفة تعرفها جيدًا؛ خفة من يستيقن أنه عاد لامتلاك شيء كان يخاف فقدانه. كان بدر يراقب خطاها، ورائحة الطمأنينة التي تركتها خلفها لا تزال عالقة في صدره.


دخلت غرفتها وأغلقت الباب برفق، ثم جلست على الأرض أمام العلبة الموسيقية، تلك التي تقف بداخلها العروسة بوجهها الشاحب وابتسامتها الرقيقة التي لا تتبدل.


فكّت مزلاج العلبة ببطء، ودار اللحن المألوف… لحنٌ خافت، لكنه قادر على إزاحة الهواء من الرئتين.


اقتربت راما من العروسة، خفضت صوتها كأن هناك آذانًا تتربص خلف الجدران وهمست:

"بابا بيحبنى… قالى إنه عمره ما هيسيبنى. انتى كنتى غلطانة… هو مش هيبعد عنى."

ظلّت العروسة صامتة أول الأمر، تدور ببطء مع الموسيقى، رأسها ينحرف إلى اليمين ثم يعود في حركة رتيبة… لكن عيونها الزجاجية بدت كأنها تنظر لراما نظرة مختلفة — نظرة فاحصة، متسائلة، غير مطمئنة،ثم… توقفت الموسيقى.

توقفت وحدها، دون أن تُغلق 


وفي الصمت الذى تبع ذلك، خرج الصوت — ذاك الصوت الذي لا يتحرك فمه وأنفاسه لا تُسمع، لكنه حاضر، كأنه يتسرب من أخشاب العلبة نفسها:

"هو قال كده…؟ قال إنه مش هيسيبك؟"أومأت راما بحماس طفولي.

"أيوه! قال إنى بنته… وإن مفيش حاجه هتاخدنى منه."

سكنت العروسة لحظة؛ ثم انحرفت رأسها ببطء، ببطء غير مريح، حتى كادت زاوية رقبتها تبدو مستحيلة على دمية.

"هو بيصدق نفسه…" جاء الصوت هذه المرة أخفض، وأقرب، كأنه لا يريد أن يسمعه أحد غيرها.

"بس اللي جاي… مش بإيده. مش هو اللي يقرر، في حاجات أكبر منه، أكبر منكم كلكم."

شعرت راما بقشعريرة تركض على ظهرها. ابتلعت ريقها بصعوبة:

"أكبر من بابا؟"

جاء الرد كصفعة باردة

أكبر منكم كلكم يا راما 


تسارعت أنفاس راما، وكأن الكلمات تتسلل لداخلها لا لأذنها فقط.


لفة جديدة لرأس العروسة… هذه المرة كأنها تراقب شيئًا خلف راما، كأن الغرفة نفسها تخشى الجواب.

"مش مهم مين… المهم إنه قرب،ومفيش حد هيقدر يمنعه المره دى لأن معاه حاجه مفيش كيان ملكها من ايام سحيقه

ثم همست الدميه بحزن شديد كأنها تنعى نفسها ،خلى والدك يتواصل مع الشيخ صقر بسرعه جدا وصمت كل شيء.


في البيت الريفي المنعزل، حيث لا تصل الأصوات إلا صدى الريح بين الأشجار، جلس الشيخ صقر وحيدًا، محاطًا بالمجلدات القديمة والمخطوطات التي تفوح منها رائحة الورق المعتق، كأنها تحمل ذرات الزمن كلها. كل صفحة كانت تهمس له بأسرار لم يفهمها بعد، وكل رمز يذكره بعقود من الخبرة لم تنفعه في شيء.


لم يجد الراحة منذ اللحظة التي اكتشف فيها اختفاء الختم. حاول تكرار الأوراد، تلاوة الآيات، تحريك سبحته بين أصابعه، لكنه شعر بأن كل شيء حوله صار باهتًا، كأن الهواء نفسه فقد معناه. كل المحاولات، كل خبراته في مواجهة الكيانات والعوالم المخفية، أصبحت عاجزة أمام ما حدث.


حاول إعادة ترتيب الأفكار، فتح مخطوطة تلو الأخرى، يبحث عن أي علامة أو تعويذة يمكن أن تمنحه نفوذًا أو طريقة للتأثير على الوضع،لكنه كلما قرأ، كلما تأكد أن ما وصل إليه لم يكن مجرد تهديد عابر؛ هذا كيان يعرف كل شيء، يفهم حدود الحماية، ويتحرك في مساحة لا يستطيع حتى أعظم السحرة اقتحامها.


جلس الشيخ صقر على حصيرته القديمة، يضع كفه على رأسه، ويغمض عينيه محاولًا تهدئة عقله المتعب، لم يكن الغضب أو الخوف وحدهما ما ينهشه، بل شعور بالعجز العميق، كأن الأرض نفسها انقلبت ضده، وكأن كل تعاليمه وكل سنوات خبرته صارت بلا جدوى.


كل فكرة لم يجد لها حلًا، وكل محاولة لإيقافه انتهت بنظرة اليأس التي تتسلل إلى قلبه، التناقض الأكبر كان واضحًا: الختم، الذي صمّم ليكون أقوى من أي كيان، وصل الآن إلى يد من يعرف طريقه، ويقرأ رموزه كما يقرأ الإنسان كتابًا مفتوحًا.


رفع الشيخ رأسه، يحدق في الظلام، يسمع صرير الريح بين الأشجار، كل صوت يشبه تنبيهًا صامتًا. حاول أن يستجمع قوته، أن يجد خطة، حتى ولو كانت صغيرة، أي شيء يوقف ما هو آتٍ،لكنه علم في قرارة نفسه أن الكيان ليس مجرد خصم يمكن مواجهته بالقوة أو التعاويذ التقليدية، بل كيان يعرف اللعبة نفسها، يسبق خطواته، ويضغط على كل الحدود التي يضعها البشر.


مر الوقت، والشيخ صقر يتحرك بين المجلدات والكتب، يكتب ويقرأ، يقرأ ويكتب، لكنه لم يجد سوى شعور متزايد بالعجز والخوف،كل مخططاته، كل تصورات الحلول كانت تبدو ضعيفة، أي خطأ صغير قد يؤدي إلى كارثة لا رجعة فيها.


أخيرًا، جلس على الأرض مستندًا إلى الحائط، يغمض عينيه ويتنفس بعمق، محاولًا جمع شتات عقله،كان يعلم أن الوقت ليس إلى جانبه، وأن أي حركة خاطئة قد تكون مكلفة للغاية. ومع ذلك، حاول أن يذكر نفسه بأن صموده طوال عقود في مواجهة المخاطر لم يكن بلا معنى، وأن كل خبرة، مهما كانت محدودة، قد تكون آخر خط دفاع قبل أن يتحرك الكيان في اتجاه لا يمكن إيقافه.


كان يعلم أن ما أمامه ليس مجرد تهديد شخصي، بل شيء أعمق، شيء يمتد إلى ما هو غامض وخطر، وأن الحل، إن وجد، سيكون أصعب مما يمكن للعقل البشري أن يستوعبه، ومع كل هذه الضغوط، ومع كل هذا الغموض، جلس الشيخ صقر وحيدًا، محاطًا بالكتب والمخطوطات، يسمع الريح تتصادم بأغصان الأشجار، ويعرف يقينًا أن أي خطة عليه أن تُبنى على فهمه الكامل للطريقة التي يفكر بها الكيان، وليس فقط على القوة أو التعاويذ

كان يعرف أن الكيان لن يتأخر فى الظهور بعد أن امتلك بوابة مفتوحه امامه فى كل وقت، بوابه تخدمه وحده

يتبع 



بداية الجزء الثاني من هنا



لاتلهكم القراءه عن الصلاه وذكر الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم 



جميع الروايات كامله من هنا 👇 ❤️ 👇 



روايات كامله وحصريه



اعلموا متابعه لصفحتي عليها الروايات الجديده كامله بدون روابط ولينكات من هنا 👇 ❤️ 👇 



روايات كامله وحديثه



❤️🌺💙🌹❤️🌺💙🌹❤️🌺💙🌹❤️🌺💙🌹❤️🌺💙🌹❤️🌺 







أنت الان في اول موضوع

تعليقات

التنقل السريع
    close