القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية عشق بين هشيم مشتعل الفصل التاسع والعاشر بقلم الكاتبه آيه العربي حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج للروايات والمعلومات

رواية عشق بين هشيم مشتعل الفصل التاسع والعاشر بقلم الكاتبه آيه العربي حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج للروايات والمعلومات 


رواية عشق بين هشيم مشتعل الفصل التاسع والعاشر بقلم الكاتبه آيه العربي حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج للروايات والمعلومات


عندما تمتلك من تحب برغبته وبكامل إرادته فستشعر بأنك امتلكت حريتك بعدما كنت أسيراً للقيود والمستويات . 


ستشعر أنك استعدت وطنك بعدما احتله عدواً خبيثاً يسمى الاشتياق . 


بقلم آية العربي 


طال العناق والصمت ، طال وبرغم هذا لم يشعر كلاهما بالوقت ، كأن الساعات توقفت هنا . 


احتوائه لجسدها واستكانتها بين ضلوعه طيّبا سائر جراحه وآلامه ، وعناقه لها في تلك اللحظة وهي تتذكر معاناتها وظلم عائلتها لها جعلها تبكي أكثر داخله ، لو كان أحدهم احتضنها هكذا حتى لو كانت والدتها أو والدها لكانت بسطت لهما جناحي الراحة وهيأت لهما متاع الحياة . 


لم يحركا ساكناً إلا عندما نادى محمد على صالح بتعجب قائلاً : 


- صالح ؟ ، يا صاااالح ؟ 


كان ينادي بفزع فعندما لم يجده ظن أنه ذهب لينتقم لذا تنبه صالح فتحمحم يبتعد مجبراً عن وردة بحرج فالمستجد على الفرحةِ خجول . 


نظف حلقه وتحدث بهدوء ينافي نبضاته وسعادته : 


- يالا يا وردة نامي دلوك ، تصبحي على خير . 


أومأت له ولم ترفع عينيها في عينيه ، لم ترغب في إظهار كم احتياجها لعناقه ولكنها ترغب أن يفعلها دوماً فكم هي بحاجة ملحة إلى هكذا شعور ، ليت الأمور بينهما تجري في نهر طبيعتها . 


تركها مرغماً فعلى ما يبدو أن البعد عنها بعد الآن عذاباً ولكنه جاهد ليظهر ثباته وتحرك للخارج وأغلق الباب فالتفت محمد يطالعه بدهشة مالبثت أن تحولت لسعادة على وجههِ وتحدث بمكر جديد عليه : 


- صالح إنت إهنة ! ، معلش يا ولدي ، لو اعرف إنك نايم مكنتش ندهت عليك ، أني قلقت بس ، ادخل إنت كمل نومك حقك عليا . 


بات في موقف لا يحسد عليه وأراد التبرير لوالده لذا قال بحرج : 


- لاء يا حچ محمد أني صاحي ، كنت بس بتكلم مع وردة شوية . 


تحدث محمد محفزاً : 


- ومالو يا ولدي اتكلم طبعاً مش مرتك ، يالا تصبح على خير . 


تحرك نحو الأريكة وهو يرد على والده قائلاً : 


- وإنت من أهل الخير يا أبوي . 


طالعه محمد بصدمة ثم أسرع إليه قبل أن يجلس وقبض على ذراعه يتساءل بتأهب : 


- هتنام فين ؟ 


تطلع عليه بتعجب وتحدث وهو يشير على الأريكة : 


- هنام مطرحي يا بوي ، في إيه ؟ 

رواية عشق بين هشيم مشتعل الفصل التاسع والعاشر بقلم الكاتبه آيه العربي حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج للروايات والمعلومات 


سحبه محمد من يده يخطو نحو غرفة وردة قائلاً بصرامة كأنه يحرك طفلاً صغيراً : 


- لاااا ، مطرحك چوة مع مرتك ، معادلكش نوم إهنة واصل . 


حاول إيقاف والده قائلاً بتردد : 


- وقف بس يا بوي ميصحش إكدة . 


صمم محمد على ما نوى حيث وقف أمام غرفة وردة وطرق بابها وهو يتمسك بذراع إبنه ففتحت وردة متعجبة تطالعهما فتحدث محمد وهو يحث صالح على الدخول عنوة : 


- خدي چوزك يا بتي متسيبهوش ينام برا تاني . 


استطاع إدخاله الغرفة وسط صدمتهما حتى أنه التصق بوردة التي أفسحت له المجال بترحابٍ خفي فأسرع محمد يغلق الباب ويزفر بارتياح وسعادة . 


ربما هو أكثر سعادة من كليهما ، لقد دعا دوماً أن يشق الله طريق سعادة ابنه وكان يثق أن ما عاشه خلال الأيام الماضية ما هو إلا شدة يتبعها فرج وفرح آتيان . 


تنهد بارتياح وتحرك عائداً لغرفته ، أما في داخل تلك الغرفة فيقف صالح لا يعلم ماذا عليه أن يفعل فرفعت عنه وردة الحرج قائلة بتوتر وخجل برغم شعور السعادة الجديد عليها :


- بسيطة يا صالح ، عمي معاه حق ، دي فرشتك أصلاً وأني أخدتها منك ، نام على سريرك إنت وأني هنام على الأرض . 


ربما جملتها تحمل نوعاً من الخبث والترقب ، تعلم جيداً أنه لن يقبل باقتراحها وتتمنى أن لا يبدل الأدوار ولهذا ألقت جملتها ونظرت له بترقب تنتظر حديثه . 


أما هو فكان عليه أخذ خطوة أشد جرأة واستغلال الموقف لصالحه ولو لمرةٍ واحدةٍ لذا نظر لها وتحدث بجدية زائفة وقلبه ينبض بعنف : 


- لا يا وردة مافيش نوم ع الأرض واصل ، أني وانتِ هنام ع السرير . 


انشرح قلبها بسعادة برغم خجلها وتورد وجنتيها وأخفضت رأسها تردف بتوتر : 


- اللي تشوفه يا صالح . 


تنهد بقوة ليهدأ من لكمات صدره القوية ثم نظر لجلبابه فعليه أن يبدله فاليوم بالنسبة له عيداً لم يأتي من قبل ، لذا تحرك نحو دولابه وفتحه يخرج منه بنطال رياضي وتي شيرت وتحدث بنبرة لينة مبطنة بالسعادة والسكينة : 


- هروح أغير في الحمام وراجع . 


أومأت له فتحرك مجدداً خارج الغرفة بينما هي تنفست بعمق ونظرت لعباءتها نظرة متفحصة تبعتها بخطواتٍ نحو خزانتها هي الأخرى . 


بعد وقتٍ خرج صالح من الحمام يرتدي ملابسه التي انتقاها ثم اتجه إلى غرفة العطور الخاصة به وانتشل زجاجة العطر المركب الذي أعده مسبقاً ثم نثر منه القليل على ثيابه وعنقه وتركها في مكانها ثم تناول زجاجةً أخرى كان يحتفظ بها ، زجاجة أعدها خصيصاً لها منذ وقتٍ حتى وإن لم تصلها أو هكذا كان يعتقد . 


ابتسم يهز رأسه متعجباً من خطة القدر وتدبير الله للأمور ثم تنفس براحة وحمل الزجاجة وتحرك مجدداً نحو الغرفة . 


طرق الباب وفتح ليدلف ولكن تسمرت قدماه وهو يجدها تقف تمشط خصلاتها الطويلة الغجرية السوداء أمام مرآة الزينة وقد أبدلت ثوبها البيتي بمنامة حريرية تصل لركبتيها كانت من ضمن الأغراض التي أحضرها لها . 


وقف يتأملها ، يتأمل خصلاتها التي يوقن أن رائحتها ستنعش قلبه ، بشرتها الحنطية الناعمة ، ملامح وجهها وهي تطالعه أسمى من أي حديث . 


التفتت بعدما تركت مشاطتها وبدأت تفرك كفيها مردفة بتوتر بعدما توغلت رائحته إليها : 


- نعيماً . 


تقدم بخطى متمهلة حتى توقف أمامها ثم رفع يده الخالية يتحسس خصلاتها المنسدلة بتمهل لينحني يشتم ما التقطته يداه بتخدر وتيه وتقف هي متخشبة لا تستوعب ما يحدث في جسدها بعد ، وكأن نوعاً آخر من الدماء أصبح يسري في أوردتها ، نوعاً جديداً يجعلها تستقبل حركاته بسعادة وحماس . 


تنفس بعمق ثم اعتدل يفتح عيناه اللتان أغلقهما ثم ابتعد قليلاً ومد يده يناولها زجاجة العطر قائلاً بهمس دل على تدفق مشاعره : 

رواية عشق بين هشيم مشتعل الفصل التاسع والعاشر بقلم الكاتبه آيه العربي حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج للروايات والمعلومات 


- دي علشانك ، عملتها من زمان علشانك . 


لم تفهم جملته وقلبها يتقافز ويتساءل ولهذا رفعت رأسها تطالعه بترقب فتابع مسحوراً بهيأتها : 


- إنتِ چميلة أوي يا وردة ، اسم على مسمى ، إنتِ كيف الورد البلدي ، إنتِ وردتي اللي ياما حلمت بيها . 


عاد الخجل يتوغل ملامحها لذا أخفضت وجهها فتجرأ ليضمها مجدداً ويلف ذراعيه حولها ورحبت هي بعناقه ولكن الآن العناق أقوى والمشاعر وصلت لمرتبةٍ أعلى بكثير من ذي قبل وهي تشعر بيداه تعتصر جسدها لذا بدأت ترتعش من شدة توترها وخجلها وشعر بذلك فوراً وهي بين يديه فتحدث بحنو ليحصل على تركيزها ويطمئنها : 


- تعالى بقى لما احكيلك عن حب حياتي . 


فك قيوده اللينة من حولها ثم تحركا نحو الفراش وجلسا عليه سوياً فدثرها صالح بالغطاء وتمدد يجاورها وبدأ يخبرها بمراحل عشقه لها قائلاً : 


- بصي يا ستي ، في الأول خالص سمعت إن چابر السيوفي عنده بنت كيف القمر ، واللي مخلي الناس تتكلم عنك إنك مش شبه إخواتك ، وإنك بتتكلمي وبتاخدي وتدي مع الخلق علشان إكدة حسوا إنك قريبة منهم ، وقتها حاچة جواية خلتني أغير عليكِ من الناس دي ومن كلامهم ، غيرة واحد على بنت بلدة من كلام وعيون الناس ، أو يمكن أتمنيت أشوفك وأعرف البنت اللي بيتقال عنها إكدة عاملة إزاي ، وإزاي أخت رامي وعادل اللي محدش بيطيقهم تبقى واكلة الچو إكدة . 


تنهد يسترسل وهو يحاوطها بذراعيه لترتكز برأسها عند الجزء الأيمن من صدره حيث تابع : 


- من إهنة بقى بدأت أفكر فيكِ ، والعقل والقلب انشغلوا بيكِ وبقيت متشوق أكتر إني أشوفك ، لحد ما شوفتك راحة الچامعة ، كنتِ كيف القمر ، ويوم عن يوم أروح السوق يمكن ألمحك تاني ولا حاچة وفعلاً حصل ، ولمحتك بتشتري طلبات وواقفة تتكلمي مع التاچر ، سرحت فيكِ ومن يومها دخلتِ قلبي وسكنتِ فيه يا وردة ، بقيت أحلم بيكِ وأني نايم وأني صاحي كمان ، وفي يوم لقيت واحد بيعاكس بنت وماشي وراها ، وقتها الدم غلى في عروقي ، نسيت أني چاي ليه وقلت لازمن أعلمه الأدب خصوصاً إن الچدع ده مش أول مرة يعمل إكدة ، المهم يا ستي أول ما عيني چت في عينك نسيت حالي وكنت كيف العيل الصغير اللي مستني العيد وجه فجأة ، كان أول مرة عينك تيجي في عيني ، قربتي مني وشكرتيني وأني ولا كنت سامع ولا شايف غيرك ، من وقتها لحد دلوك وأني قلبي مشي وراكِ وفاتني . 


لف رأسه ينظر لها بعيون يتقافز بهما العشق وتابع : 


- كنت بقعد عند الشجرة اللي برا دي وأكتبلك شعر ، وكنت بدخل الأوضة اللي هناك دي وأعملك عطر واتخيل اللحظة اللي هتبقي فيها ملكي وحلالي وبعدين أضحك على حالي وأقول لنفسي فوق يا صالح ، ده إنت بينك وبينها فروق ياما ، علشان إكدة كنت بتعذب كل يوم عن يوم وحولت عذابي دي لجهد وعزيمة بقيت أزرع بيهم أرضي وأكبر شغلي يمكن في يوم من الأيام أوصلك ، معرفش أن ربنا كتبك ليا أصلاً يا وردة ، برغم إن اللي حُصل كان قاسي أوي وظلم في حقي ، بس كنت مستغرب إزاي بقيتي مرتي بين يوم وليلة إكدة . 


انتهى وظلت هي ثابتة شاردة في اعترافه ، لو أن أحدهم أخبرها أن هناك من يحبها هكذا في الخفاء لكانت عنفته وضحكت بألم عن حالها ، من الذي سيحب ابنة السيوفي الذليلة ، كانت تعاني القسوة والظلم والتمييز وعلى الجهة الأخرى كان هناك من يتمناها ويكتب لها شعراً ويصنع لها عطراً ؟ ، إذاً استحق كل هذا العناء ، استحق كل ما عاشته لتنعم بهذا الحب . 


زفرت بقوة ونظرت لعينيه وتحدثت بنبرة باكية من شدة فرحتها : 


- تستحق كل اللي عشته يا صالح ، تستحق وچعي كله ، حبك يستاهل كل العذاب اللي شفته . 


رفع يده يلتقط دموعها بحنو ويعاود احتضانها كالطفلة المدللة ثم قبل رأسها قائلاً : 

رواية عشق بين هشيم مشتعل الفصل التاسع والعاشر بقلم الكاتبه آيه العربي حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج للروايات والمعلومات 


- بزيداكي عاد ، من إهنة ورايح مش هنفتكر اللي راح ، من إهنة ورايح هنفكر بس في اللي چاي ، وهنلاقي حل إن شاء الله ، ولو على حقي ياستي أني مسامح فيه ، إنما حقك هييجي يوم وأجبهولك يا وردة ، وده وعدي ليكِ . 


أبعدت نظرها عنه ثم وضعت رأسها على صدره وتعلقت به كأنه آخر رجال الأرض حناناً فتنهد بقوة وبنبضاتٍ راقصة استقبلها ثم تملل بها ليتمددا على الفراش بأريحية ودثر الغطاء عليهما جيداً ثم عاود تقبيل رأسها الذي يضمه كحال جسدها بأكمله وتحدث : 


- نامي يا وردة . 


كان هذا ما تريده حقاً في تلك اللحظة ، هو النوم بين ضلوعه ليغمرها الأمان وتتذوقه لأول مرة في حياتها لذا غفت سريعاً قبل حتى أن تلتهمها الأفكار كعادتها ، غفت وظل هو يفكر في عدة حلول أولهما إعادة أرضه لمجدها ، فإن أراد أن ينتصر على عدوٍ ما عليه سوى أن ينجح رغم أنف هذا العدو . 


꧁꧁꧁꧁꧁꧂꧂꧂꧂꧂


صباحاً في قصر السيوفي 


تقف دعاء في المطبخ تعد الفطور مع نهال التي تعجبت من مجيئها ومشاركتها في تحضير الطعام ولكنها تركتها تفعل ما تريد . 


أعدت الأطباق ثم تحدثت بترقب : 


- يالا يا نهال خدي رصي ع السفرة . 


أومأت نهال وتناولت منها الأطباق وتحركت بهما للخارج فأسرعت دعاء تدس يدها في فتحة صدر ثوبها ثم أخرجت زجاجة صغيرة تحتوي على سائلٍ ما ووضعت منها قطرات على إحدى أطباق الطعام والذي لم يكن سوى لزوجها . 


أخفتها سريعاً ووقفت تتنفس بتوتر ولكنها قررت تسوية هذا الأمر قبل أن يسوء . 


بعد قليل تجمعوا جميعهم حول المائدة وبدأوا يتناولون الفطور فتحدث جابر بترقب موجهاً حديثه إلى رامي الذي بات يجلس معهم : 


- أني كلمت الراجل يا رامي ومستنينا نروحلهم النهاردة ، چهز حالك علشان نروح نطلب يد بنته كيف ما أنت رايد . 


ضحك بتعالي وقال وهو يفرد ظهره على مقعده أكثر: 


- ده كان مستنينا بقى !. 


ضحك چابر وقال مؤكداً : 


- وهو يطول أصلاً ، ده لولا چابر السيوفي هو اللى كان عامله الحملة الانتخابية بتاعته ، أني خيري ع البلد كلاتها ومحدش يقدر يرفض لنا طلب . 


تحدث عادل وهو يتناول طعامه بشهية : 


- بقولك يابوي ، ماتتكلم مع حمايا إكدة في موضوع المعصرة ، الراجل منشف راسه ومهواش رايد شريك ، اتحدت وياه وخليه يقبل يشاركني ، دا أني حتى چوز بته ، ولا إيه يا دودو ؟ 


قال الأخيرة وهو ينظر نحو دعاء التي رفعت عينيها تقابله بنظرة معينة ثم تحدثت وهي تهز كتفيها : 


- متدخلونيش في أمور الشغل دي ، حلوها بعيد عني . 


تحدثت شريفة بنبرة تهكمية موبخة : 


- وه ؟ ، إيه الحديت الماسخ ده ! ، مش ده چوزك وواجب تقفي في صفه وتسانديه ! ، ده بدل ما تحاولي تقنعي أبوكي ؟ 


اغتاظت من تدخل شريفة المستمر والمتعمد تجاهها ولكنها لن تسمح لها بعد الآن لذا أظهرت الوجه الأكثر قوة وأجابتها بشموخٍ قائلة : 


- لا يا حماتي أني مليش صالح بينهم ، هما يصفوا أمور الشغل دي بعيد عني ولا عادل يدخلني أتحدت مع أبويا ولا أبويا يقولي كلمي عادل ، وده كان شرطي من الأول قبل ما أوافق على ابنك . 


التفت عادل يطالعها بعيون جاحظة قائلاً : 


- أضبطي لسانك يا بت مالك إكدة ع الصبح ! 


ابتسمت ومدت يدها تتحسس صدره قائلة بنبرة أنثوية ماكرة تستعملها حديثاً : 


- أني بقول إكدة علشان حياتنا تبقى زينة يا دولة ونبعد عن المشاكل أني وأنت ، ولا إيه يا حبيبي ؟ 


لانت نظرته وتعجب من طريقتها الجديدة ولكنه أكد على حديثها وهو يلتفت لوالدته قائلاً : 


- أيوة صُح ، دعاء معاها حق يا أما ، خليها هي بعيد عن الحوارات دي . 


مطت شريفة فمها بطريقة ساخرة ثم نظرت نحو چابر لتغير دفة الحوار وتساءلت بترقب : 


- وهنروح إمتى يا چابر للناس دي ؟ 


رفع عينيه يطالعها بضيق ثم تحدث بنبرة باردة : 


- أني وأولادي بس اللي هنروح ، الحريم ملهمش قاعدة في الاتفاقات دي . 

رواية عشق بين هشيم مشتعل الفصل التاسع والعاشر بقلم الكاتبه آيه العربي حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج للروايات والمعلومات 


نظرت له بضيق وتحدثت باستفاضة : 


- يعني إيه الحريم ملهمش قاعدة ؟ ، من ميتى الحديت دي يا چابر ؟ ، ده ولدي الغالي وأني أمه وحقي أبقى وياكوا وإنتوا بتطلبوا يد البت دي كيف ما كنت وياكوا أيام عادل ، دول ولادي وده حقي . 


نهض فجأة وتحدث بنبرة غاضبة قمعية : 


- من إهنة ورايح ملكيش حقوق ، وأيام الدلع دي تنسيها خلاص ، واحمدي ربنا إني عديت اللي حُصل ده من غير حساب . 


تحرك يترك المكان فلم يعد يطيق رؤيتها ونهض رامي يبتسم بخبث وتحرك خلفه بينما أكمل عادل ودعاء طعامهما كأن شيئاً لم يكن ، لتقف شريفة تطالعهما بحسرة وتتذكر تلك التي طُردت وأهينت بأبشع الطرق وتتحسر على وجودها . 


꧁꧁꧁꧁꧂꧂꧂꧂


استيقظت منذ دقائق ولم تحرك ساكناً سوى عيناها اللتان تطالعان ملامح هذا النائم بعمق وطمأنينة على غير عادة كأنه يعانق قطعة سحاب ناعمة تغمره بالدفء والسكينة . 


لأول مرة منذ سنوات ينام بهذا العمق ولهذا الوقت ، لقد قاربت الساعة على التاسعة وهو مازال يغط في سباته معتقداً أن الوقت لم يمر أو هذا ما يتمناه بعد أن جرب النوم وهي في حوزته وبين أذرعه . 


شعوراً لا يوازي أي شعورٍ آخر ، راحة وألفة جديدة اجتاحته لذا هو غارق في أحلامه لا يتقبل فكرة عودته للواقع . 


أما هي فتتمدد بين ذراعيه القابضتين وتطالعه بنظراتها وتحفظ ملامحه قبل أن يستيقظ ولا يتسنى لها التحديق جيداً . 


لم يكن في حسبانها كل تلك الراحة والسعادة التي تغمرها الآن ، تتمدد بين يدي أحن رجال البلدة ، لو كانت في عالمٍ آخر لظنت أن دعوة والدتها قد استجابت ولكنها تعلم يقيناً أن هذا الصالح لم يكن بدعوة عائلتها بل كان بعوض الله المميز . 


تنهدت تنهيدة الراحة كأن أحدهم ربت للتو على قلبها المدمى المتألم فأسكنه ، لم تعد تتمنى فارس أحلامٍ فها هي قد رُزقت ببطلٍ وحامٍ ستعمل دوماً على نثر بذور السعادة في طرقاته . 


تحمحمت ونادت بصوتٍ ناعمٍ وحنون قائلة : 


- صالح ، اصحى يالا . 


تمتم صالح كأنه يرى حلماً مميزاً لا يود فراقه لتبتسم عليه وتعاود نداؤها قائلة : 


- اصحى يالا يا صالح الساعة بقت تسعة . 


فتح عينيه فجأة بعدما علم الوقت ولكن لقاء عيناها كان له صدمةً أقوى حيث ظل متعمقاً في عينيها لثوانٍ يستوعب حلمه الممتع حتى ابتسمت واخفضت بصرها عنه تردف بنعومة : 


- كفياك عاد ، اصحى يالا . 


ابتسم لها وتململ في نومه وحرك ذراعيه أخيراً ثم تحدث بتيه : 


- دا مكانش حلم بقى . 


خجلت واستندت على الفراش لتنهض قائلة بهمس : 


- لا مهواش حلم ، يالا بقى اصحى وأني هروح أحضر الفطار علشان اتأخرنا على عم محمد وإكدة ميصحش . 


طالعها بإعجاب ونهض يترجل من فراشه ثم فرك وجههُ وتحرك نحو باب الغرفة قائلاً بنبرة هادئة لينة : 


- هطلع أنا الأول وإنتِ ألبسي حاچة تانية وتعالي . 


أومأت له فتركها وخرج يتجه نحو غرفة والده ليراه ولكنه تفاجأ بخلوها . 


عاد إلى الخارج وبات ينادي قائلاً : 


- يا حچ محمد ؟ . 


بحث عنه في الحمام وهنا وهناك حتى أنه فتح باب المنزل ونظر نحو الخارج فلم يجده لذا تعجب ودلف يتساءل بينه وبين نفسه أين ذهب . 


خطى مجدداً ودلف الغرفة فوجد وردة قد أبدلت ثوبها فطالعها يبتسم بعيون عاشقة ثم تساءل وعينيه تبحث قائلاً : 


- تليفوني فين يا وردة ؟ 


أشارت له نحو الكومود فتحرك يلتقطه ثم طلب رقم والده الذي أجاب بنبرة متحمسة وسعيدة قائلاً : 


- نوم العوافي يا صالح يا ولدي . 


تساءل صالح بترقب : 


- إنت فين يا بوي ؟ 


تحدث محمد وهو ينظر نحو شقيقته تجلس مجاورةً التي تبتسم له : 


- أني چيت عند عمتك بدر يا ولدي ، كلمت محمود وهو وصلني بالعربية الصبح بدري ، قولت آچي أشوفها وأطمن عليها وأقعد معاها يومين ، إنت عارف إنها وحشاني قوي . 


أدرك صالح نوايا والده فوراً ، ربما حقاً اشتاق لشقيقته التي تعيش في بلدة مجاورة لهما ولكنه نادراً ما يذهب إليها وإن ذهب يراها ويعود في نفس اليوم ، ولكن محمد أراد أن يعطي لهما الراحة ويرفع عنهما الحرج لذا قرر الذهاب إليها . 


تحدث صالح معترضاً بحنو : 


- سلم عليها كتير يا بوي بس مافيش لا يومين ولا يوم ، اطمن عليها وهبعت محمود يچيبك ، إنت ليك علاچ ونظام معين والحديت ده مينفعش . 


ناول محمد الهاتف لشقيقته الحنونة بدر التي وضعته على أذنها وتحدثت ببشاشة يغلفها اللوم بعد أن سمعت حديثه قائلة : 


- بقى إكدة يا ولد أخوي ؟ ، يعني معايزش أخوي يقعد معايا يومين ؟ ، أني بقالي شهر بحاله مشفتهوش ، ولو على علاچه ونظامه أني أشيله في عنيا ، ملكش صالح إنت يا واد ، خليك مع عروستك . 


قهقهت بعدها بحرج في ضحكة عفوية فابتسم صالح عليها وتحدث بحنو : 


- وحشاني قوي يا بدر ، عاملة إيه يا أم سعيد ، وكيف سعيد وأميرة ؟ 


تنهدت تجيب بحب : 


- بخير يا ولدي طول ما أنت بخير ، إنت عامل إيه ، ومرتك الزينة عاملة ايه ، أبوك حكالي على كل حاچة ، خد بالك منها يا صالح ، إنت كريم يابني ولازم تكرمها ، وأبقى چيبها وتعالى علشان أشوفها . 


زفر براحة ونظر نحو وردة التي تطالعه بترقب ثم تحدث : 


- عنيا يا بدر ، إن شاء الله قريب هچيبها واچيلك ، بس قولي للحچ محمد إن اللي عمله ده مش هيتكرر ، أني فاهمه زين . 


نظرت بدر لشقيقها الذي يشير لها بمغزى ثم تحدثت بحنان : 


- أبوك فرحانلك قوي يا ولدي ، وعايزك دايماً مبسوط ، افرح إنت بس ومتشيلش هم حاچة . 


تحدث صالح بود : 


- على الله كله يا عمتي ، سلميلي على كل اللي عندك ، ولو احتاچتوا حاچة كلميني علطول . 


أغلق معها ووضع الهاتف في جيبه ثم تنهد ونظر نحو وردة وتحدث بعيون لامعة : 


- ابوي راح عند عمتي ، قال هيقعد معاها يومين . 


فركت أصابعها بخجل وتحدثت بملامح وجه متوترة : 


- طب ليه إكدة بس ؟ ، هو حُصل حاچة زعلته ؟ 


لا تعلم لمَ تفوهت بهذا برغم أنها تدرك سبب فعلته ولكنها خجلت لذا ادعت الاستفهام ، أما صالح فأدرك توترها ولكنه تحرك نحوها ثم وقف أمامها وبحركةٍ جريئة مد ذراعيه يحاوط خصرها قائلاً بنبرة متحشرجة مبطنة بمشاعر مستجدة على قلبه : 


- عمل إكدة علشان أني وإنتِ نبقى على راحتنا شوية ، وعلشان متتكسفيش إكدة . 


كان قلبها يقفز فرحاً حتى ظنت أن قدميها سترتفع عن الأرض وتحلق ، كانت في حالة من السعادة التي تجربها لأول مرة ومع ذلك يغمرها الخجل والتوتر لذا تحمحمت قائلة : 


- مكانش ليه لزوم ، عمي محمد على راسي ، بس تعالى دلوك علشان نفطر ، يالا اني هروح أجهز الأكل . 


نجحت في التسلل من بين يديه أو هكذا حررها صالح الذي يقدر ويراعي كل حالتها . 


ليلة أمس كان على وشك امتلاكها ، مشاعره معها وصلت لعنان أحلامه ولولا نظرة الخوف والتوتر في عينيها لكانت الآن ملكه قلباً وقالباً ولكنه أرادها مطمئنة مستكينة بين يديه لذا أعطاها ليلة أمس كهدنة تعطي لقلبها طاقة عشقٍ مضاعفة تجاهه . 


بعد قليل . 


يجلسان يتناولان فطورهما وعادت وردة لثباتها لذا تساءلت بترقب : 


- هتعمل إيه في الأرض يا صالح ؟ 


ارتشف من كوب الشاي رشفة ثم تحمحم قائلاً : 


- هحرثها وازرعها تاني يا وردة ، من إهنة ورايح مافيش حاچة هتوقفني ، هنكمل سوا . 


مدت يدها تتحسس كفه وتردف بنبرة داعمة قوية : 


- هو ده الصح يا صالح ، أوعى تيأس أو تبطل تزرع . 


ربت على كفها بحب فتنهدت وسحبت يدها ثم تساءلت بترقب : 


- طب والعطور يا صالح ؟ ، بتعملها كيف ؟ 


تعمق في عينيها قليلاً ، فصناعة العطور هذه تعد سره الذي لا يفصح عنه لأحد ، حتى زراعة تلك الأزهار لها مشتلاً صغيراً خاصاً بها بعيداً عن زراعة الأرض لذا فهي مميزة بالنسبة له ، نظف حلقه وأجابها قائلاً : 


- دي مَلكة يا وردة ، مَلَكة ربنا أنعم عليا بيها ومحدش يعرف حاچة عنها واصل ، أني كل كام شهر إكدة بسافر المحافظة وأبيع الروايح دي هناك وأرچع ، ومش أي حد إكدة اللي يعرف قيمتها ، دي ناس قليلة أوي ، وهو تاچر واحد بس اللي أعرفه هناك وبيستناني كل مرة . 


سعدت بهذا الحديث كثيراً وأردفت بإعجاب : 


- إنت حالة نادرة يا صالح ، تعرف طائر إسمه العنقاء ؟ ، إنت بتفكرني بيه ، الطائر ده مبيستسلمش واصل . 


أحب مدحها وإعجابها به لذا ابتسم يردف : 


- مهو الاستسلام ضعف يا وردة ، وأني متعودتش أبقى ضعيف ، صحيح اليومين اللي فاتوا كانوا صعبين عليا قوي ، يمكن أول مرة في حياتي أواجه مشاكل إكدة ، بس حضنك يستاهل . 


عاد الخجل يتفاقم على ملامحها لذا لم تجبه فنهض بعد أن أنهى طعامه يردف بترقب وحنو : 


- أني هسيبك شوية بس هروح أباشر على الزرع والمشتل وهكلم منعم ياچي للغنم وهرجعلك علطول . 


أومأت له ونهضت تخطو نحوه ثم تحدثت بحب وهي تودعه : 


- تمام يا صالح شوف إنت اللي وراك وأني هعمل الغدا واستناك . 


تنهيدة قوية خرجت منه ، راحة وألفة واستقرار كان يتمناهم وها هم يقدمون له بكل حب لذا مد يده يسحب رأسها إليه ثم قبلها من جبينها بحب ليفلتها بعد ذلك ويتحرك مغادراً نحو الخارج . 


أما هي فانتظرته إلى أن غادر وأغلقت الباب ثم تقدمت من الطاولة وتناولت هاتفها وقامت بطلب رقم شخصٍ ما وانتظرت حتى أجاب الطرف الآخر متسائلاً بترقب : 


- ألو ؟ مين معايا ؟


الجزء العاشر 


عشق بين هشيم مشتعل 


ومن ذا الذي ينتقي حبهِ  ،  كلنا مجبرون يا عزيزي العقل  ، كلنا يحركنا هذا الأيسر  . 

يشير على من يريده ويجبرك  .

وأن كان قلبك ذو حزم فأنه الغالب وسيبقى العذاب لك  ، وإن كنت أنت الغالب فعزائي لقلبك وراحتك  ، وإن اتفقتما سوياً فيا مرحب بحياةٍ هنية . 


بقلم آية العربي 


مر الوقت على صالح وهو يعاود حراثة أرضه بالجهد والراحة معاً  . 


عجيبٌ هو أمر أجسادنا فكلمةٍ تجعلها طريحة الفراش وكلمة أخرى تضخ بها شلالات الطاقة والأمل   . 


كان يعمل ويفكر بها وبعشقها الذي سرى فيه كتفشي الشفاء في جسد المريض  . 


يغمره يقيناً بأنه من الآن وصاعدا لن يهزم مجدداً  ، لن يستسلم ليأسه  ،  لن يجعلهم يرقصون فوق رفاته  ،  سيحيا من حيث أحرقوه  . 


كانت بين الفنيةِ والأخرى تخرج إليه حاملة له على كفوفِ الراحة بعض كؤوس العصير الممزوجة بالحب والقليل من أكواب المياة المغمورة بالإبتسامة الصافية  وخلطة سرية جمعت بين الدقيق والسعادة لتكوّن فطيراً لا يستطيع مقاومته أبداً . 


حتى أنهما تناولا غدائهما خارجاً في هذه الأجواء التي تحمل خليطاً من الرومانسية والحب والبهجة معاً  . 


تجلس وردة على العشب تحت هذه الشجرة التي كانت شاهدة على عذابه والآن كأنها تهلل فرحاً لسعادته حيث تتمايل فروعها بخفة لتعطي جواً بهيجاً كأنه الربيع  .


ترتشف وردة القليل من كوب الشاي الساخن وتطالعه قائلة بتساؤل : 


- محدش من معارفك عنده چرار يا صالح  ؟  ،  إكدة تعب عليك  ،  ولسة في الأرض كتير  . 


جال أرضه بأنظاره ثم استقر عند عينيها قائلاً بنبرة حبٍ حنونة  : 


- مبتعبش من أرضي يا وردة  ،  تعبي كله بيهون وأني شايفها كيف العروسة قدام عيني  ،  وهرچعها تزهر تاني بيدي  . 


تعمقت وطالت نظرتها له  ،  تتفحص بعينيها ظاهراً وعقلها باطناً هذا الشخص الذي رزقت به  ،  أفكاره  وحياته ومبادئه وملامحه  ،  حالته كاملةً تجعلها يوماً بعد يومٍ تهيم به عشقاً  . 


تنهيدة حارة أطلقتها ثم وضعت كوب الشاي على الصينية قائلة بنبرة متحشرجة من أثر أفكارها  : 


- أني هدخل بقى وأسيبك تخلص اللي وراك  ،  ولا تحب أساعدك في حاچة  ؟ 


ابتسم لها وتحدث بعينيه العاشقة التي نطقت قبل لسانه حين قال : 


-  خليكي بس قريبة مني  ؛  هو ده كل اللي محتاچه  . 


مدت يدها تربت على كتفه بحب وتحدثت بنبرة داعمة مشجعة  : 


- أصلاً مبقاش ينفع أبعد عنك يا صالح  ،  إنت نصيبي الحلو والعوض اللي ربنا طبطب على قلبي بيه  ، أني في ضهرك ومعاك دايماً   . 


أدخل كلماتها إلى عمق رئتيه بتنهيدة قوية وانقلبت أفكاره رأساً على عقب والآن باتت تتلاعب به مشاعره ولكنها تحركت من أمامه وخطت تجاه المنزل فزفر بيأس وعادت أفكاره الجريئة تجلس عند زاوية عقله بإحباط وتنتظر اللحظة المناسبة  ،  ابتسم مستنكراً حالته تلك ثم نهض ليكمل ما بدأهُ  . 


꧁꧁꧁꧁꧂꧂꧂꧂


مساءاً في قصر السيوفي 


تجمع في الأسفل جابر وولديه ينوون الذهاب إلى منزل حمدان الوزير ليتقدموا إلى خطبة ابنته  . 


يقف رامي بغرور يضع كفيه في جيبي بنطاله قائلاً بتعالي  : 


- عايزين نعدي على محلات فاتح نچيب منه الحاﺟات اللي موصيه عليها  . 


تساءل چابر بترقب  : 


- حاچات إيه دي  ؟ 


تحرك خطوات نحو الخارج وهو يجيب ببرود  : 


- حلويات وورد  ،  ولا هندخل على العروسة بيدنا فاضية  . 


ضحك عادل وتحرك خلفه قائلاً بنبرة ساخرة رديئة : 


- هندخل ع العروسة كيف  ؟  ،  دي مهمتك إنت لحالك  . 


لم يعره رامي اهتماماً بينما دعاء نظرت له بحرج ولوْم ولكنه تجاهلها وخطى للخارج مع والده واستقلوا سيارتهم وغادروا  . 


تنهدت دعاء تفكر فيما قررت فعله وتعمقت في أفكارها بينما أنظارها مازالت معلقة نحو الخارج فأتت شريفة تجلس على الأريكة قائلة باستفزاز ساخر  : 


- لحق يتوحشك يا مرت ولدي  ؟  


انتبهت دعاء لها فطالعتها بتساؤل قائلة  : 


- هو مين ده يا مرت عمي  ؟ 


تحدثت شريفة بجرأة كاذبة بعدما غادروا  : 


- قصدي على چوزك  ،  أني واخدة بالي من كل حاچة يا دعاء  ،  عمايلك دي متنفعش واصل  ،  چوزك مهواش عيهرب  ،  خليه ياخد راحته متكتميش على نفسه إكدة  . 


ضيقت عيناها بتعجب من هذا الحديث وزفرت بضيق ثم قررت قطع هذا الحوار قائلة وهي تتحرك من أمامها  : 


- حاضر يا مرت عمي  ،  أني طالعة اوضتي بقى علشان تعبانة ونفسي أنام شوية  ،  عن إذنك  . 


تحركت وتركتها تنظر نحوها بضيق  ،  تريد أن تفرض سيطرتها على أحدهم ولكن لا أحد هنا يناولها تلك الفرصة حتى هذه الدعاء لذا نادت بعلو وحدة على نهال قائلة  : 


- بت يا نهااااال  ،  اعمليلي فنچان قهوة يابت  . 


꧁꧁꧁꧁꧁꧂꧂꧂꧂꧂


بعد وقتٍ عاد جابر وابنه عادل إلى القصر يتحدثان باندماج  . 


دلفا فوجدا شريفة في انتظارهما فلم يعرها جابر أي اهتمام لذا نظرت نحو عادل وتساءلت بترقب  : 


- ها يا عادل عملتوا إيه  ؟  ،  وفين رامي  ؟ 


قالتها وهي تبحث عنه بعينيها فتحدث عادل بملل   : 


- هنعمل إيه يعني  ؟  ،  قرينا الفاتحة وابنك راح يحتفل مع اصحابه  ،   عالله يعقل شوية  . 


تحرك متجهاً نحو غرفته وتركها بينما جلس جابر على مخدعه فتنهدت وتحركت نحوه مجدداً وجلست بالقرب منه قائلة بتوجس  : 


- هتفضل إكدة يا چابر  ؟  ،  معتفتكرليش حاچة حلوة واصل  ؟ 


لم ينظر نحوها بل تحدث بضيق وعينيه مغلقة  : 


- بقولك إيه  ،  أني مطايقش اسمع حديتك الماسخ ده  ،  قومي وسيبني دلوك  . 


فارت دمائها ونهضت من جواره وتحركت مبتعدة عنه لتنفس عن غضبها بينما هو انشغل في حديث حمدان الوزير عن ابنته وردة وكأنه يتعمد توبيخه  . 


꧁꧁꧁꧁꧁꧂꧂꧂꧂꧂


دلف صالح منزله بعدما أنهى أعماله اليومية  ،  ود لو يعمل طوال الليل في أرضه ولكن لمشاعره وأفكاره رأيٌ آخر  ،  كل ما به يطالب بها وبرؤيتها وبعناقها الذي اتخذه وطناً له  . 


دلف يبحث بعينيه عنها وتحركت قدماه نحو غرفته ينادى بنبرة حنونة قائلاً  : 


- وردة  ؟ 


لم تجبه بل لم يجدها في غرفتها فتحرك نحو المطبخ ولكن تجمدت قدميه حينما رآها تخرج من الحمام بعد أن استحمت وارتدت  قميصاً بدون أكمام وفتحة صدر منحنية ووصل طوله إلى فوق ركبتيها ليظهر تفاصيل أنوثتها التي كانت تخفيها مسبقاً  . 


الآن يتمنى لو أنها تختبئ فيه وتتخده منزلاً تسكن إليه  ،  يعلم أنها تشعر بالبرد ويريد تدفئتها بنفسه وظهر ذلك في أنفاسه التي تسارعت ونظرته التي التمعت ببريقٍ جديدٍ عليه لا ولن يظهر سوى أمامها  . 


تحمحمت وتفاجئت بوجوده لذا انتابها الخجل وتجلى ذلك على ملامحها التى توردت وهربت الأحرف من فوق لسانها  ،  والآن باتت تبحث بعينيها عن مأزرها الشتوي الذي تركته في الغرفة عمداً  ، نظفت حلقها ثم تركت المنشفة الملفوفة على خصلاتها وبدأت تفرك يدها قائلة وهو تتحرك بخطواتٍ متمهلة نحو الخارج : 


- مكنتش عارفة إنك چيت يا صالح  ،   تعالى ادخل استحمى وأني هجبلك هدوم  . 


مرت من جواره فالتقطتها يداه قبل أن تبتعد فارتعشت بين قبضته وتوقفت مكانها تنتظر ما ينوى فعله بخجل  ،  التفت إليها وابتلع لعابه وهو يرى خجلها الذي يضاعف رغبته بها لذا تحدث بنبرة متحشرجة تجلت فيها الرغبة حينما قال  : 


- عتهربي مني ليه  ؟  ،  أني چوزك يا وردة  ،  وطبيعي نتعامل كيف أي اتنين متچوزين   . 


أومأت له بتوتر وبرغم حنان قبضته ودفء قربه إلا أنها تود لو تفر هاربةٌ من فرط خجلها  ،  أدرك ذلك فتنهد بقوة يرغم نفسه عن الإبتعاد قليلاً ثم تحدث بنبرة آمرة ولينة  : 


- أني عارف إنك نسيتي تاخدي الروب بتاعك معاكي  ،  بس افتكري إننا مش عايشين إهنة لوحدينا يا وردة  ،  ابقي خدي بالك المرة الجاية  . 


رفعت أنظارها إليه بعدما تبخر خجلها من كلماته وأردفت بنبرة تبريرية قائلة  : 


- لاء يا صالح أني واخدة بالي زين  ،  أني أصلاً منسيتوش أني سبته چوة الأوضة لأني عارفة إن عمي مش إهنة  . 


ضيق عيناه يطالعها بترقب ثم ابتسم واستنتج نيتها وغمزها بطرف عينه اليسرى قائلاً بمرحٍ وقلبٍ هالكٍ من هيأتها  : 


- وه  ؟   ،  يبقى إكدة أني ﺟيت في الوقت المناسب صُح  . 


عاد خجلها فرفعت أنظارها إليه تخبره بصمتٍ عن قلبها الذي بات ينبض باسمه وبات يشتاق لرؤيته وبات عاشقاً لعناقه ودفئه  .


تنهد تنهيدةً حارة وأصبح يرغب بها بكامل مشاعره ولكن بقي عائقاً وحيداً فقط بينهما لذا تحدث هامساً بأنفاسٍ ملتهبة  :


- هدخل استحمى واچيلك علطول  .


أومأت له فمرّ من جوارها مرغماً ليزيل أثر تعبه ويعود إليها سريعاً  .  


تحركت نحو الغرفة بعد أن دلف وانتشلت من خزانته ملابس تناسبه وعادت تعلقها في مكانها الملتصق بالحمام ثم عادت إلى الغرفة كي تتزين قليلاً قبل خروجه وقلبها عنيفاً ينبض بسرعةٍ غير مسبوقة من فرط سعادته  . 


خرج صالح من حمامه  واتجه لغرفته بقلبٍ متضخمٍ عاشق بعدما أرهقته أفكاره ومشاعره وبات لا يتحمل البعد أكثر  . 


دلف غرفته فوجدها تجلس فوق الفراش تنتظره  ،  كانت دوماً جميلة ومتفتحة ولكن الليلة جمالها براقاً بدأ يتلألأ في عينيه  . 


تفرك يديها بتوتر وقلبها ينبض بصخب وهي تراه يتقدم منها  ،  ابتلعت لعابها ورفعت أنظارها إليه تبتسم فتوقف عندها ومد يده لها دون نطق أي أحرف  . 


وقفت تقابله بتوترٍ ملحوظٍ فدارت عيناه على ملامحها ثم تساءل بمَ يعلم إجابته قائلاً  : 


- إنتِ خايفة مني يا وردة  ؟ 


أخفضت أنظارها خجلاً وهزت رأسها بلا فمد يده يرفع أنظارها مجدداً إليه لتطالعه فظلا ينظران لبعضهما لوقتٍ كانت الأفكار هي من تتحدث  ولم يعد لأي حديث أهمية  ، الآن كلٍ منها سيخبر الآخر بطريقته عن مخزون عشقه  . 


انحنى قليلاً فبات قلبه عنيفاً في نبضاته وهو في طريقه إلى شفتيها ليقطف قبلته الأولى ويتذوقها بكل شهيةٍ بعدما انتظرها أمداً  . 


ما أن لامس شفتيها لم يعد يشعر بعدها بمكانٍ أو زمان  ،  استلم جائزته الكبرى عن كل معاناته وعذاب البعد ، الآن يسعى لإطفاء نيران اشتياقه التي دامت مشتعلة داخله لسنواتٍ . 


لا تعلم ماذا يحدث لها ولجسدها ولكنها في حالة جديدة لا تود رؤية نهايتها  ،  أصبح خجلها على حافة الهاوية فوضعت كفيها على قلبه تتحسس نبضاته الصاخبة كأن هناك حفلاً يقام داخله  . 


احتواها بذراعيه ولو أنها مادةً سائلة لتبخرت من حرارته ولكنها لينةً تذوب حباً به كلما أضاف من عشقه إليها  . 


تحركت أجسادهما بتخدرٍ يتمددان على الفراش ومشاعر كلٍ منهما تتناول من كؤوس خمر عشق الآخر .


يعبر كل طرفٍ عن حبه بطريقته  ،  تجمع الحب مع الخجل والشغف مع الحنان حتى انتجوا حالةً فريدةً من المشاعر


عندما تمتلك من تحب برغبته وبكامل إرادته فستشعر بأنك امتلكت حريتك بعدما كنت أسيراً للقيود والفروقات  . 


ستشعر أنك استعدت وطنك بعدما احتله عدواً خبيثاً يسمى الاشتياق  . 


أعطاها من حبه نهراً فارتوت وطابت كل جراحها كأنها لم تعاني يوماً  ،  كأنها ولدت لتوها بين يديه وكأن عيناها تنظر للمرةِ الأولى فلم تعد ترى سواه  . 


أعطته من عشقها سكناً تمنى أن يسكنه حتى ظن الأمنيات سراباً والآن هو يتربع على عرش جنته  . 


أصبحا روحاً واحدةً في جسدين  ،  لم يجد في سائر أبيات شعره ما يعبر عن حالته الآن ولن يجد مهما بحث لذا فإن الجمال يكمن في غموضها  . 


حين يجمتع الحب مع الشغف مع الحلال فإنك جمعت نخبة من مشاعر ليس لها مثيل  . 


يحتويها بين ضلوعه ويقبل مراراً وتكراراً جبهتها  ،  تختفي بداخله بعدما تبخر خجلها وبات عشقه متلازمة ستحيا معها  . 


سابحةً بأفكارها فيما عاشته تنقل له حرارة الأفكار فيعاود ضمها وتقبيل جبينها كأنه في حلمٍ يخشى فقدانه  . 


نظف حلقه ليتساءل أخيراً بصوتٍ جياشٍ متحشرج  : 


- وردتي  ؟  ،  إنتِ زينة  ؟ 


تمتمت وأومأت برأسها المستقر داخله فعاد يقبل جبينها للمرة التي لا يعلم عددها ثم ضمها مجدداً وقال بنبرة احتلت السعادة كامل أركانها  : 


- اللي حُصل ده حلم ولا حقيقة  ؟  ،  إنتِ دلوك مرتي وملكي  ؟  ،  معقول يا وردتي بقيتي ملكي وبين يدي  ؟ 


لم تستطع النطق وتخشاه كأن الحديث سيمتص من سعادتها بل كانت إجابتها فعلية كالقطة التي تتقلب بين أحضان صاحبها لثبت له أنها بين يديه حقاً فأطلق زفرةً خرجت من أعماق أعماقه واستكان يعاود طرح ما حدث على عقله لا يود تجاهله أبداً  . 


أما هي فغفت بين يديه لتنام مدخرة هذا القدر من الحب الذي كفى احتياجها ولم تعد تبالي شيئاً بعده  . 


꧁꧁꧁꧁꧁꧂꧂꧂꧂꧂


انتهت نهال من تنظيف المطبخ بعدما دلف الجميع إلى غرفهم  . 


زفرت وكادت تتحرك نحو غرفتها لتستريح ولكنها انتفضت حينما آتاها صوت رامي الذي جاء لتوه قائلاً وهو يستند على حافة باب المطبخ يطالعها بخبث وتنبعث منه رائحة السُكر  : 


- لحقتك قبل ما تنامي  ؟  ،  حظي حلو الليلة  . 


ارتعبت من هيأته وظهر ذلك في عينيها فتراجعت وتحدثت متسائلة بتوتر  : 


- أچبلك حاچة يا رامي بيه  ؟ 


ضحك وأومأ يردف بنبرة خبيثة قائلاً  : 


- تعمليلي فنجان قهوة وتجبيه على أوضتي  ،  ولو بعتي أمك مكانك هكسر الفنجان في راسها  ،  يالا مستنيكي  . 


غمزها وتحرك يصعد للأعلى وتركها في رعشتها ورعبها منه ومن هيأته ونظرته  ،  ليتها تمتلك حق الرفض هنا  . 


وقفت متجمدة لثوانٍ لا تعلم ماذا تفعل ولكن نظرة من عينيها دلتها على تلك السكين الموضوعة مع أشقائها على السطح الرخامي فتنفست بقوة تفكر قليلاً ثم عزمت أمرها على التحرك وبدأت تحضر فنجان القهوة له  . 


꧁꧁꧁꧁꧂꧂꧂꧂ 


في غرفة عادل الذي يجلس مستنداً على فراشه يدخن لفافة تبغه بغضب وتعجب مما أصابه  . 


لأول مرة منذ أن تزوج تحدث مع تلك الحالة الغريبة  ،  دوماً كانت مشاعره حاضرة عند اقترابه من زوجته أما الليلة فكأن هناك أمراً ما يعجز عن استيعابه  . 


هروب غير مبرر لمشاعره فبات لا يستطيع ممارسة حقه الشرعي معها لذا فهو يجلس يدخن ويفكر بضيق وهي تجاوره وتنام بعمق بعدما حاولت بث الطمأنينة بداخله وما يزيد الأمر سخريةً أن من يرسل لك الدعمِ هو المتسبب في خسارتك  . 


فهي أرادت الانتقام بطريقتها على ما كان ينوي فعله ونجحت في ذلك وها هي تنام بعمقٍ بعدما رأت حصاد فعلتها  . 


ظل يفكر إلى أن أوشك عقله على الدخول في نوبةٍ جنونيةٍ أسعفه منها شيطانه الذي حثه على تناول عقاقير منشطة إن استمر الأمر هكذا  . 


꧁꧁꧁꧁꧂꧂꧂꧂


تحركت نهال تحمل صينية عليها فنجان القهوة وتتجه نحو غرفة رامي بخطواتٍ مترددة وقلبٍ متسارعٍ وعقلٍ معنفٍ لها يمنعها عن إكمال تلك الخطوات . 


وبرغم ذلك وصلت أمام باب غرفته وطرقته ففتح لها بعد ثوانٍ ولم يكن يرتدي سوى سروالٍ فقط فأخفضت بصرها عن جذعه العاري ومدت يدها له قائلة  : 


- اتفضل القهوة يا رامي بيه  . 


طالعها بخبث وابتسامة ماكرة ومتوعدة ثم مد يده يلتقط الصينية منها ولكن بدلاً عن الصينية التقطت يديها وسحبها فجأة إلى غرفته وأغلق الباب فوراً  ،  وبرغم أنها أفلتت صرخةً فزعةً إلا أن صوتها الخاطف لم يُسمع  . 


سقطت الصينية من يدها ارضاً وانسكبت القهوة وانتفضت هي تطالعه بذعر ثم قالت مترجية بتلعثم : 


- أأأ  أبوس يدك افتح الباب وخليني أخرچ  . 


كان يقف يسد الباب بجسده ويطالعها بعين الشر ثم قال وهو يهز رأسه  : 


- تخرچي كيف  ؟  ،  داني ماصدقت دخلتي إهنة برجليكي  ،  من زمان قوي وأني مستني اللحظة دي  . 


ارتشعت وبات جسدها يطالب بالتحرر فبدلت ضعفها وقالت بنبرة مهددة قوية تظنها نافعة  : 


- لو مفتحتش الباب دلوك هصوت  ،  هصوت وأقول إنك دخلتني إهنة غصب عني  . 


ضحك عليها وبات يتقدم منها وهي تبتعد مرتعبة وهو يقول ساخراً : 


- متقلقيش  ،  إنتِ كدة كدة هتصوتي يا حلوة  ،  بس هتصوتي من اللي هعمله فيكي  ،  بقى ياحتة خدامة إنتِ تضحكي علينا وتبلغي وردة باللي بيحصل إهنة  ؟  ،  فكرك يعني مهنعرفش  ؟ 


صدمة جعلت عينيها جاحظة ثم هزت رأسها تردف باستنكارٍ ورعشة وضعفٍ عاد إليها  : 


- محصلش يا بيه  ،  مين قالك إكدة  ؟  . 


ابتسم بشر قائلاً وهو يتقدم منها بخطواتٍ لا تحسب على قائمة الحركة   : 


- وداني  ،  وداني سمعتك  ،  عتكدب عليا ولا إيه  ؟ 


كادت تنطق ولكنها سقطت على فراشه فجأة فصرخت وكادت تبتعد لتنجو بنفسها ولكنه سبقها وهجم عليها يقيدها ويتحدث بعيونٍ سوداءٍ جحيمية وهو ملتصقاً بها : 


- لو صوتك طلع هقطع رقبتك وسمعتك هتبقى على كل لسان  ،  محدش إهنة هيصدق إني دخلتك غصب عنك  ،  الكل هيصدق اللي هقوله وإنك دخلتي إهنة بكيفك  ،  ودلوك اسمعي اللي هقوله زين  . 


كان فمها مكمم بيده ويده الأخرى قابضة على يديها وهي محاصرة بين جسده بينما عيناها جاحظة فابتسم وتحدث وهو يطالعها بنظراتٍ شهوانية  : 


- عتخليكي حلوة معايا وتسمعي كلامي هوكلك الشهد  ،  لو مشيتي تحت طوعي إنتِ الكسبانة  ،  إنما هتتفرعني وتنقلي أخبارنا لل*** اللي اسمها وردة دي يبقى هتشوفي مني أيام سودة وبردك اللي في دماغي هنفذه  ،  أني الليلة هاخد اللي أني رايده من زمان سواء بكيفك أو غصبن عنك  ، مهو لازم تتعاقبي على عملتك السودة اللي عملتيها . 


أوشكت أنفاسها على الانقطاع وجسدها يرتعش وعيناها تطالعه بصدمة فصرخ بفحيح  : 


- يالا اختاااااري  ،  برضاكي ولا غصبن عنك  ؟ 


لم تفكر مرتين ولم يعد أمامها سبيل  ،  تطالعه بعيون رسم بهما القهر وقلة الحيلة لذا أومأت له عدة مرات فضحك وأبعد يده عن فمها يردف بانتصار  : 


- إكدة إنتِ ذكية  . 


حرر قيد يديها وتحركت يداه تتلمس ملامحها بشهوة ،  منذ زمن وهو يخطط ليستبيح شرفها ولكن كانت تقف له شقيقته بالمرصاد والآن بات طريقه خالياً واقترب من تحقيق مراده وها هو ينوي تقبيلها وهي تئن ألماً وحسرةً وضعفاً ولكن لم يعد أمامها سبيلاً سوى يدها التي حررها بغير وعيٍ منه فتحركت أسفل ثوبها تنتشل تلك السكين التي أخفتها وتقبض عليها بقوتها التي جمعتها فيها ثم عندما التهم شفتيها ومنع صرخاتها بفمه صرخت يدها بقوة وانتقام طاعنة جانبه الأيسر فزعق متألماً وابتعد منتفضاً يطالعها بصدمة والدماء باتت تنزف منه بغزارة وهو يحاول كتمها بيده فلم تجد نفسها إلا وهي تسرع وتطعنه مجدداً في منتصف بطنه وكأنها لا ترى بشراً وإنما شيطاناً تجسد في هيأته فباتت تهاجمه بضراوة وقوة لا تعلم كيف أتتها وهو جاحظاً عيناه لا يدرك ما يحدث . 


خر أرضاً بين دمائه لا يقوى على النهوض فطالعته بعيونٍ انتقامية قوية ثم نظرت ليدها وللسكين الذي تقبض عليه والدماء المعلقة بهما جعلتها تستعيد القليل من وعيها لذا نفضت عن يدها السكين وألقته بعيداً وأصدرت صرخة مكتومة حبيسة وهي تبتعد عنه وتبكي بشدة وهو يجلس القرفصاء لا يستوعب ما يراه وما يحدث معه حتى غاب عن وعيه وانهار جسده أرضاً بين الدماء  . 


كانت تطالعه بتشفي برغم بكائها وهو يصارع الموت ولكن سكونه جعلها تقف عاجزة لثوانٍ ثم تحركت تغادر تلك الغرفة بعدما أغلقت بابها وتركته في الداخل مع الموت  . 


نزلت الدرج الذي صعدته منذ قليل ولم تكن هي نفسها بل كانت روحٍ جديدة في نفس الجسد  ،  روحٍ خاوية ضائعة لم تعد تشتهي شيئاً في هذه الحياة  ، انتقمت لسنوات عمرها التي ضاعت هباءاً في هذا القصر . 


تقدمت من باب القصر وفتحته وتحركت إلى الخارج  ،  كان الغفير يجلس على مقعده غافياً ورأسه متدلية على كتفيه فلم يرها أو يشعر بها وهي تمر من جواره نحو الخارج  . 


ظلت تسير في طريقها وبعض المارة يطالعونها بتعجب وتساؤلات من هيأتها ولكنها كانت كالعمياء لا تراهم بل سلكت طريق لا تعلم كيف سلكته ولكنها تعلم جيداً وجهتها ألا وهي مركز الشرطة  . 


꧁꧁꧁꧁꧂꧂꧂꧂


أشرقت الشمس على البلدة 


صباحاً ثابتاً كعادته ولكن القلوب متقلبة  

فمنهم من يراه أنه أجمل الأيام ومنهم من يراه أسوأها ومنهم من لم يره بعد ومنهم من لن يراه مجدداً  . 


تلك المرة لم تكن وردة هي المستيقظة بل كانت تغط في سباتٍ عميق داخل ضلوع زوجها الحبيب الذي يستيقظ منذ قليل يطالعها فقط وعقله يمرر جميع معاناته السابقة  ،  يتذكرها وداخله ينتفض مهللاً بمكافأته التي تلقاها من القدر  ،  أحبه الله فأرسلها له بطريقةٍ إلى الآن لا يستوعبها  . 


الآن تقبل ما مر به  ،  تقبل النيران التي اشتعلت في أرضه  ،  تقبل كل ما حدث معه في الأيام السابقة وعلم أنها كانت مجرد جسراً لعبورٍ آمنٍ دوماً  ،  ما عاشه معها ليلة أمس استحق كل المعاناة التي مرت على حياته  ،  عشقها وحالتها وخجلها أمس كانوا النصيب الأفضل والعوض لما وقع عليه من ظلمٍ  . 


تنهد بحرارة ثم اقترب من جبينها وقبله مجدداً ثم تململ لينهض بهدوء من جوارها حتى ابتعد قليلاً وترجل من فراشه ينوى الاغتسال ليبدأ يومه الأول بعد توليه عرش مملكتها  . 


كاد يتحرك مرغماً نحو الخارج ولكنها استيقظت بعدما تسربت البرودة إليها ورفعت رأسها قليلاً تطالعه ثم تساءلت بنعاسٍ ونبرة هامسة مثيرة  : 


- رايح فين يا صالح  ؟ 


ابتسم وعاد إليها يدنو من وجنتها ويقبلها بعمق ثم ارتفع قليلاً يجيب أمام ملامحها بهيام  : 


- فاتتني صلاة الفجر يا وردتي ومتعودتش على إكدة  . 


ابتسمت له ثم أومأت قائلة  : 


- ماشي يا حبيبي  ،  روح استحمى وأني هحضر الفطار  . 


انتعش من نطقها كلمة حبيبي للمرةِ الأولى ودنا يقبل شفتيها بتمهل ثم ابتعد لاهثاً ومضطراً يفصل قبلته ثم نهض مجدداً وطالعها قليلاً قبل أن يتحرك ويترك الغرفة  ،  لديه الكثير من المشاعر ليعطيها لها ولكن ليضع كل شيءٍ في معاده المناسب  . 


꧁꧁꧁꧁꧂꧂꧂꧂꧂꧂


في قصر السيوفي 


استيقظ الجميع ومن ضمنهم عزيزة والدة نهال التي بحثت عنها ولم تجدها  ، تعجبت وانتابها القلق ولكن أتتها أوامر تحضير الفطور فبدأت تحضره سريعاً كي تنهيه وتبدأ بعدها في البحث عن ابنتها ربما ذهبت ترى وردة بعدما أخبرتها أنها تهاتفها  . 


اجتمعوا حول مائدة الطعام ولكن رامي لم يأتي فزفر چابر بضيق قائلاً  : 


- أهو ده اللي كنت خايف منيه  ،  عيروح يسهر مع أصحابه ويرچع تاني للقرف اللي بيشربه ينام الصبح ويصحى المغرب  ،  أخوك مش ناوي يعقل يا عادل  . 


كان يتحدث مع عادل الذي يجلس شارداً ويفكر في ليلة أمس التي تعد أسوء ليلة مرت عليه لذا لم ينتبه لحديث والده فتحدث جابر بحدة قائلاً  : 


- وه  ؟  ،  مالك إنت كمان  ؟  ،  لتكون لساتك مشبعانش نوم  ؟ 


زفر عادل بضيق ثم طالعه يتحدث باستهزاء  : 


- بقولك إيه يابا  ،  سبني دلوك أني اللي فيا مكفيني  ،  إبنك عايز دماغ سليمة وأني مش ناقصه  . 


تعجب جابر من طريقه ابنه الجديدة غير الاعتيادية وكاد يسأل دعاء زوجته ولكن طرقات على باب القصر نبهت الجميع فترقبوا الزائر تحركت عزيزة تفتح الباب ليتفاجئوا بثلاثة رجال من الشرطة يقفون متجاورين ويلقون السلام  . 


نهض جابر وعادل متعجبان من حضورهم ثم تقدم جابر يسأل بترقب  : 


- خير  ؟  ،  حُصل إيه تاني  ؟  


نظروا لبعضهم بتعجب فعلى ما يبدوا أنهم إلى الآن لا يعلمون لذا تحدث أحدهم بترقب  : 


- الفجر جتلنا البنت اللي شغالة عندكوا يا جابر بيه واعترفت إنها ضربت ابنك رامي بالسكينة لما حاول يتعدى عليها  ،  وقالت إنها سابته في أوضته وجت سلمت نفسها  . 


جحظت عيناه بصدمة أفقدته النطق وكذلك عادل بينما صرخت شريفة من خلفهم قائلة بحسرة  : 


- ولـــــدي ! 


تحدث عادل متعجباً  : 


- كيف ده  ؟  ،  أخوي نايم فوق  ؟ 


نظر الشرطي لرفقائه ثم عاد يردف وهو يتقدم نحو الداخل  : 


- عن أذنكوا نطلع نشوف  . 


أُفسح لهم المكان فمروا سريعاً ومنه للأعلى يبحثون عن غرفته حتى وجدوها وفتحوها ليتفاجئوا به ممدداً على الأرض وسط دمائه وفاقداً للحياة

تابعووووني 



لاتلهكم القراءه عن الصلاه وذكر الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم 


الفصل الاول حتى الفصل السادس من هنا



الفصل السابع والثامن من هنا



الفصل التاسع والعاشر من هنا



اللي بيحب الروايات الكامله والحصريه من هنا 👇 ❤️ 👇 


روايات كامله وحصريه



❤️🌺🌹❤️🌺❤️🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹🛺🛺🛺🛺🛺


الصفحه الرئيسيه للروايات الجديده من هنا


جميع الروايات الحصريه والكامله من هنا


انضموا معنا علي قناتنا بها جميع الروايات على تليجرام من هنا


❤️🌺🌹❤️🌺❤️🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹🛺🛺🛺🛺🛺







تعليقات

التنقل السريع
    close