رواية بين الحب والانتقام الفصل الثالث والرابع بقلم الكاتبه نور الهادي حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج للروايات والمعلومات
![]() |
رواية بين الحب والانتقام الفصل الثالث والرابع بقلم الكاتبه نور الهادي حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج للروايات والمعلومات
"إيه اللي بيحصل؟… النور فصل ليه؟!"
صوته جه هادي وغامض وهو لسه ماسكها – "اهدّي."
زقّته بكل قوتها – "ابعد! انت مين؟ عايز إيه؟ لو قربت… هتمو.ت! سمعتني؟… انت متعرفش أنا مين!"
رجعت بسرعة لورا، لكن اتخبطت في الحيطة، كادت تقع… فجأة إيد قوية مسكتها من وسطها، جذبتها ناحيته لدرجة إنها اتشبكت في رقبته من غير وعي.
لحظة صمت خانقة وبعدين… طقطقة "ولا.عة" كسر.ت السكون.
اللهب الصغير أضاء وشوشهم. انعكاس النا.ر ارتجف في عينه… عينيه الصقرية اللي اتلمعت وسط الظلام.
وعد اتسمرت مكانها، شهقتها اتحبست في صدرها، وعينيها اتسعت بدهشة مش مصدقة. وجهه… تعرفه جيدا...
علي – "لسّا بتخافي من الضلمة
اتسعت عيناها لما شافته وقالت بذهول– "عـمّي؟!"
رجع النور فجأة، وهي لسه متشبثة برقبته. أفلتها علي بهدوء، فاعتدلت بسرعة وهي مشعورة بالحرج وتراجعت خطوتين.
قالت متلعثمة:
– "بتعمل إيه هنا؟… رجعت إمتى؟"
ابتسم بخفة ونظر لها بثبات:
– "معرفتيش إن النهارده رجوعي؟"
ارتبكت أكثر، – "كنت فاكرة… بكرة."
رفع كتفه بلا مبالاة:
– "كان عندي شغل.بس السؤال الحقيقي… ليكي."
– "أنا… مع صحابي. النهارده عيد ميلاد ياسمين، وهي اللي عملته هنا."
– "بتسهرِي كتير في النايت؟"
– "لا… لا، دي أول مرة. ده عيد ميلاد مش أكتر."
– "أول مرة؟ غريب… شكلك متأقلمة مع الأجواء بسرعة."
قلبها بيرتعش، ثم قالت بشك:
– "انت… انت شوفتني!"
اقترب خطوة منها قال– "بدران ميعرفش بهوايتك في الموسيقى… صح؟"
نظرت له بارتباك – "ده كان مجرد حماس… لحظة مش أكتر."
ثبت نظره عليها بشك بعينيه الصقرية التي تزلزلها منذ طفولتها.حاولت تدافع عن نفسها وقالت بسرعة:
– "أنا كنت باجي مع صحابي عادي… بالليل… بس مش بنشرب، مجرد سهرة عادية."
سكت علي لحظة، وبص للي على الحوض. مد إيده وخد البرشامة من جنبه، رفعها قدامها وقال ببرود:
– "إيه ده يا وعد؟"
– "دي… برشام صداع."
ضغط على البرشامة بإيده لحد ما فتتها بين صوابعه. رمقها بنظرة غريبة وقال:
– "صداع؟"
اتسعت عيناها بدهشة وهي تراقبه. لقى نفسه بيلف ناحيتها خطوة بخطوة قال
– "جبتيه منين؟"
ببرائه– "في… في بنت كانت هنا… هي اللي ادتهولي."
وقف صامت، غسـل إيده تحت الميه بهدوء مبالغ فيه، وبعدها قال
– "محدش علمك متاخديش أي حاجة من أي حد؟"
– "هو… هو في حاجة؟"
رفع نظره ليها مباشرة وقال الكلمة كالصاعقة:
– "مخدرات."
شهقت وعد بصدمة – "مش بتاعي والله! هي اللي ادتهولي فعلاً… صدقني."
ما ردش… عينه فضلت معلقة بيها لحد ما الباب اتفتح فجأة.
دخلت ياسمين وهي بتقول:
– "وعد… إنتي هنا؟"
وقفت لما شافت علي ووعد مع بعض ف حمام الاناث
علي رجّع نظره لوعد بمل هدوء قال– "هخلص الشغل اللي عندي… وهنمشي
بلاش تعملي قلق في المكان أكتر من كده."
بصتله وعد مترددة وقالت:– "هروح معاك."
رفع حاجبه وسألها ببرود:– "لو هتروحي مع صحابك دلوقتي…"
قاطعته بسرعة وقالت:– "لا… هستنى. هروح معاك."
سكت علي وخرج ياسمين فضل متبعاه لحد ما اختفى. بعدها استدارت بسرعة لوعد وقالت بدهشه – "مين ده؟! وإيه اللي كان بيعمله معاكي هنا؟"
وعد لسه هتفتح بقها ترد، ياسمين صاحت بعينين واسعة من الصدمة:
– "مش معقول! ده حبيبك! إنتي مرتبطة بجد من ورايا؟!"
– "مرتبطه إيه بس؟!"
ياسمين ما سبتهاش تكمل، قطعتها بحماس وهي تضحك وتشدها من إيدها:
– "متقوليش… هو المافيا اللي قولتي عليه لكريم! إنتي مكنتيش بتهزري!
واااو… شكله وسيم بطريقة مرعبة، كأنه طالع من فيلم أجنبي… اللبس، النظرة… توم كروز نفسه!"
وعد متنحلة من كمية كلامها عن علي.
قالت ياسمين– "طب يلا قولي بقى، كان بيعمل إيه معاكي هنا؟!"
– "ياسمين… بطلي كلام سخيف. ده… عمي."
خرجت وعد ووقفت ياسمين مكانها مصدومة، عينيها وسعت أكتر وقالت– "عمك؟!"
في أوضة مقفولة، كان مالك قاعد قصاد راجل ماسك كاس وبيشرب، وحواليه رجالة كتير. الجو كان مليان دخان وسيجار غالي، على عكس علي اللي جايب معاه كالك بس، مساعده الوفي، مش جيش من الرجالة.
قال الراجل وهو بيهز الكاس– "هو لغى المعاد ولا إيه؟"
رد مالك – "لا… هو جاي."
اتفتح الباب، دخل علي قفل الباب وراه وهو بيبص لمالك إشارة خفيفة، وقعد على الكرسي قدامهم.
قال بنبرة باردة– "محسن شرقاوي… مش كده؟"
محسن – "إنت لسا بتتعرف بيا؟"
ابتسم علي بخفة وقال– "لازم التأكيد… الصور في الإعلانات ساعات بتكون خادعة."
محسن حس باهانه – "خلينا ف شغلنا بقى."
علي اتكأ لقدام وقال:– "شغل إيه؟ إنت فاضيت الشراكة… وبدران عارف ده كويس."
ضحك محسن– "آه فاضيتها… بس مفيش فلوس رجعتلكوا."
ابتسم علي ابتسامة جانبية وقال بجدية:– "فاكرني نسيت؟ وقتها إنت كنت محتاج حد يدعم مشروعك، ولما نجح وعملت غيره، جيت تقفل الأول عشان الكسب يبقى ليك وحدك… وافتكرت إنك كده هتاخد الفلوس كلها. لو فاكر إننا مش هنطالبك بحقنا… تبقى بتحلم."
محسن شد ضهره وقال بحدة وهو بيضرب الكاس بالترابيزة:
– "اتكلم بطريقة أحسن من كده… بدل ما تندم."
علي – "أنا ما بتهددش… ومتتوقعش بدران يسكت. هيقلبها عليك، وعشان كده جيتلك… قبل ما تقوم حرب بين رجالة محترمة، أصحاب شركات معروفة."
محسن – "إنت فاكرني هخاف منك؟"
علي – "لو مش خايف… ماكنتش جبت الرجالة دي كلها في حضوري."
محسن سكت، اتنرفز بس خبّاها. علي رجع بكرسيه لورا، حط رجل على رجل وهو ثابت:
– "أنا هعمل صفقة معاك."
محسن ضيّق عينيه:
– "صفقة إيه؟"
علي:
– "أنا مش جاي أعاديك. أنا جاي أحط إيدي في إيدك… يبقى في بينا شغل. بس الأول… خلي رجالتك يخرجوا عشان نعرف نتكلم."
الصوت بتاع علي كان فيه ثقة وأمان بشكل غريب، خلّى محسن يبص للأرض لحظة، بعدها قال برجولة مصطنعة– "اخرجوا… سيبوني معاه."
الرجالة خرجوا، والهدوء سيطر على الأوضة. محسن رفع عينه على علي وقال بحدّة:– "عايزني أنا في إيه؟"
علي سحب نفس سيجارته ببطء وقال:– "السفن اللي استوردتها… تشيل قد إيه؟"
محسن اتفاجئ:– "إيه… عايز تهرّب حد ولا إيه؟"
علي:– "عارف إن شركتك استيراد وتصدير… لكن المرة دي أنا محتاج أشحن بضاعة مهمة."
كانت وعد قاعدة وسط صحابها، لكن عينها معلّقة في الساعة كل شوية.
قالت واحدة منهم وهي بتضحك– "يا بنتي قومي هيصي معانا، إيه القعدة دي؟"
وعد – "سيبوني في حالي."
ياسمين – "مالك؟ من ساعة ما جيتي وانتي ساكتة."
اتنهدت وعد وهي بتحاول تهرب من الكلام، لكن ياسمين وقالت
– "إنتي مش عايزة تعملي قلق… زي ما قالك. فقعدة في مكانك ومش مشتركة."
بصتلها وعد– "ياسمين… بلاش."
ابتسمت ياسمين بمكر وقالت– "هو هييجي إمتى؟ عايزة أشوفه تاني."
وعد "معرفش… بس أكيد ممشيش، هو قال لي هنروح سوا."
عين ياسمين لمعت بفضول – "أنا أول مرة أشوف… هو عمك فعلاً؟ مفيش حاجة بينكم؟"
وعد – "إنتي بتقولي إيه؟"
ضحكت ياسمين:– "قصدي شكله قمور… عنده كام سنة يا وعد؟"
سكتت لحظة وقالت:– "اتنين وتلاتين."
– "متجوز؟!"
سألت ياسمين بسرعة وهي بتفحص ملامح وعد.
ردت وعد:– "لا… عمّي مشغول في شغله أكتر من حياته الشخصية."
ياسمين – "يعني مش مرتبط؟"
وعد حاولت تبدو عادية وقالت:– "معتقدش… أو لسه معرفش. ما لحقتش أتكلم معاه."
ياسمين – "اممم… هو لسه راجع من برّا يعني؟"
وعد – "آه… بس غريبة يخرج في نفس اليوم اللي رجع فيه… لسه بيعاني في نومه ولا إيه…"
ياسمين – "مش فاهمة قصدك."
سكتت وعد، لمحت شخص واقف بعيد… كان على.، قامت وقالت لصحابها:
– "أشوفكم بعدين."
ياسمين – "إيه ده؟ مالك مستعجلة كده ليه؟ خليه ييجي يقعد معانا."
وعد التفتت لها– "ياسمييييين… باي."
واتجهت بسرعة ناحية علي.بص لها وقال بهدوء وهو يلاحظ ارتباكها:
– "خلصتِ؟"
– "أيوه… تمام. خلينا نمشي."
وقف علي، وبص بنظرة سريعة على الشلة، وكأنه بيقيّم الشباب اللي معاهم. بعدها مشي وهي ماشية معاه.
ساعتها واحد من الشباب قال باستغراب– "مين ده اللي وعد خرجت معاه؟"
ضحكت ياسمين وقالت:– "عمّها."
بصتله واحدة من البنات بدهشة:– "عمها؟! وااو
خرجت وعد وبتجري ورا علي، بتحاول تلحق خطواته السريعة ومابك ملاحظ ده من سرعة سير على
وعد:– "اتأخرت ليه؟"
رد وهو عينيه لقدام– "عقبال ما خلصت الميتنج."
قالت– "ميتنج؟ النهارده أول يوم ترجع فيه مصر… ولسه الشغل متحكم فيك كده؟"
كانت نبرتها كأنها بتلمحله لزمان، للغايب بينهم.
فجأة وقفت وقالت بحِدة:– "ليه مش بتتكلم معايا؟"
وقف علي، لف لها، سكتت لحظة وبعدين قالت:
– "انت جيت لحد التواليت واتكلمت معايا… دلوقتى ساكت ومش بتبصلى؟"
اتفجأ إن مالك وبص لعلى هل دخل حمام السيدات معاها فعلا
وعد– "انت مصدقني صح؟ لما قلتلك إن البرشام مش معايا."
على– "امشي يا وعد."
– "أنا مش بشرب والله… انت مصدق بجد إني بسكر وأخد مخدرات؟!"
بصلها شوية بعدين قال– "عارف إنها مش بتاعتك… وإنك خدتيها من حد."
– "بجد؟…"
على– بس تخيلي لو كنتي خدتيها… كان هيحصلك إيه؟"
سكتت وعد، قرب منها خطوة وقال بواقعيه
– "كنتِ هتدخلي طريق ملوش نهاية… طريق الضياع والموت."
ارتجفت من كلماته القاسيه على فتاه مثلها، حاولت تتماسك. بصتله بعيونها الرقيقة وقالت
– "مكنش هيحصلي حاجة… لأنك معايا."
وقف مكانه من كلامها، قربت أكتر، ابتسمت ابتسامة خفيفة وقالت:
– "شكرًا… لإنقاذك ليا. مش مرة واحدة… مرتين… لأ، تلات مرات."
رفعت صباعين– "زمان…"
وبعدين رفعت الثالث– "ودلوقتي."
ارتسمت ابتسامة جانبية على وش علي، ثم رجع بصلها قال
– "يبقى افتكري إنك مديونة لي."
في شقة مضاءة من كل زاوية، ورائحة الخمر منتشرة في الجو، كان يوسف جالس على الأريكة.
خلفه سهير، بملابس مكشوفة، تدلك كتفيه ببطء:
– بتجهد نفسك في الشغل ليه كده؟
ردّ يوسف ببرود:
– أسيب بابا يشيل الحمل لوحده؟ لأ… لازم أبقى معاه.
اقتربت منه أكثر، وصوتها فيه دلال:
– بس كده بتتعب… ريّح نفسك شوية.
نظر للأرض وقال بحدة مكبوتة:
– أنا مبعرفش أريح دماغي… الراحة بتفكرني بحاجات مش عايزها ترجع.
سكتت لحظة، ثم همست:
– كنت بتحب زمان؟
التفت لها فجأة، عينيه ثابتة:
– بصّيلي يا سهير… شكلي يدي اني ممكن أحب من قلبي؟
ابتسمت بسخرية مرّة:
– طب لو مش بتحب… إزاي بتقول إنك معجب بيا؟
أجاب ببرود لاذع:
– أنا مقولتش إني بحبك. أنا معجب بيكي… بستريح معاكي. بفضلك على أي حد تاني.
ابتلعت ريقها وسألت بصوت متردد:
– وده مش حب؟
اقترب أكثر، نظر في عينيها بحدة:
– لو شايفاه حب، يبقى بحبك. بس خلي بالك… حبي مش هيكون زي ما انتي متصورة، مش هيكون حاجة كويسة.
ارتعشت كلماتها وهي تهمس:
– إنت الوحيد اللي بتعاملني كأني بنت بجد… مش مجرد… حاجة. ده يخليني أتمنى حبك… حتى لو أخدني للجحيم.
اقتربت منه واحتضنته بشوق، فما تردد يوسف أن يبادلها الحضن…
لكن في عينيه ظلّت نظرة غامضة، نظرة شخص بيحارب أشباح الماضي وهو عارف إن الحرب لسه ما خلصتش.
---
في العربية، كانت وعد قاعدة ساكتة، عينها معلقة على علي. لحظة لاحظ نظراتها، بصلها، فاتحرجت بسرعة وحولت نظرها على قدام
وصلوا الفيلا. أول ما دخلوا، لقت بدران مستني في الصالة، واقف وإيده ورا ضهره، ملامحه تقيلة.
– "وعد… كنتي فين لحد دلوقتي؟"
– "بابا انت لسا صاحى… كنت مع صحابي."
بص في ساعته – "لحد دلوقتي؟ الساعة تلاتة… وكمان من غير سواق؟!"
دخل علي قال– "كانت معايا."
التفت بدران له، علي مكمّل:– "المفروض تروح بدري، بس أنا قولتلها تستنى عشان ترجع معايا."
سكت بدران لحظة، وبص لوعد اللي قالت – "مكنش قصدي يا بابا… ده كان عيد ميلاد ياسمين."
تنهد بدران – "كنت قلقان عليكي… خلاص. المهم إنك كنتي مع علي."
أشار بإيده وقال بنبرة حاسمة– "تمام اطلعي أوضتك."
أومات وعد برأسها وطلعت، بدران بص لعلي وقال:
– "انت لحقت خرجت في أول يوم رجوعك؟"
رد علي بهدوء وهو يفك زرار جاكيت بدلته– "كان عندي شغل."
– "شغل؟"
– "قابلت محسن."
شد بدران إيده بعصبية وقال بحدة– "الندل ده… نهايته معايا كانت المو.ت."
– "حليتلك الموضوع… ورجع الفلوس."
اتسع نظر بدران بدهشة– "إزاي؟"
– "شوف حسابك."
فتح بدران تليفونه، ووقف لوهلة وهو شايف المبلغ المحوَّل. رفع عينه لعلي بنظرة غير مصدقة، فقال علي بابتسامة جانبية:
– "كده حقك رجع… ومع الفوايد كمان."
– "عملتها إزاي؟ هددته بإيه؟"
– "كان نقاش ودي… وصل لتفاهم. يمكن طريقتك إنت بس كانت غلط."
ضحك بدران ضحكة قصيرة، وقال– "نقاش ودي؟ أنا عارفك كويس يا علي…"
سكت علي وهو بيخرج قنينة غالية وبشرب، بدران ابتسم بخفة وهو مش مصدق
"مش عارف أشكرك إزاي… بكره هحوّللك الفلوس دي."
على"مش عايزهم."
"ولا أنا… بس أنا ما بسيبش حقي، ولما انت رجّعته ده خلاني أهدى. الفلوس تروحلك إنت… أنا مش محتاجها."
بصله علي نظرة طويلة وقال بهدوء:"ما تستهونش بالمبلغ."
ابتسم بدران "وإنت ما تستهونش بمكانتك عندي."
سكت علي وهو بيراقبه، لحظة صمت تقيلة بينهم قبل ما بدران يقول وهو يشير بإيده:"اطلع ريّح… أنا اللي بقولك أركن شغلك الفترة دي."
علي وقف وهو يرد باقتضاب "أشوفك بكرة."
وسابه وطلع فوق بخطوات هادية، تارك بدران قاعد يفكر في اللي حصل، بين إعجابه وفضول
---
طلع علي أوضته، وهو بيقلع الجاكت سمع خبط على الباب.
فتح، لقى وعد واقفة.
بصلها باستغراب:
"في حاجة يا وعد؟"
قالت:
"شكراً على اللي قولته لبابا."
رد بهدوء:
"أنا قلت اللي حصل."
قالت بسرعة:
"عارفة… بس انت اتكلمت بتبرير مكاني."
قرب منها وقال:
"عارفة إني ما ببررش لحد."
سكتت وبصت له، بعدين قالت:
"يعني أنا مش أي حد، صح؟"
نظراته فضلت معلقة فيها.
شبت على أطراف صوابعها وقالت بابتسامة صغيرة:
"كنت فاكرة لما أكبر هوصلك… بس انت طولت أكتر."
عينه شدت عليها، وهي همست:
"افتقدتك يا عمي."
قربت منه وحضنته، عينه ثبتت عليها وهو شايف قدامه نفس الطفله اللي كانت بتتعلق فيه زمان، لكن دلوقتي وعد اختلفت.. جسدها كل حاجه بقت امرأه كاملة. قلبه دق دقات غريبه، ومع إنه محدش يلمسه أو يقربله، مش بعدها بالعكس رفع إيده وردلها الحضن. ابتسمت وعد وهي حاسه بيقربها أكتر، وإيده على ضهرها، حمالة الفستان انزلق شويه وبان كتفها الأبيض الناعم، علي همس بصوت واطي، رجولي ومشوب بحراره:
"إنتي جميلة."
قلبها دق من همسته، إحساس غريب كإنها واقفة قدام حبيبها مش عمها. الحضن طول، والقرب بقى أقوى لدرجة إن أجسادهم لامست بعض. رفعت عينيها وقالت بخجل مرتعش:
"عمّي..."
الكلمة وقفت علي مكانه وصحيته من اللي كان فيه، فابتدى يبعد عنها بهدوء كأنه بيرجع لعقله وحدة وحدة. وعد رفعت حمالة فستانها بخجل، حاولت تكسّر الصمت وقالت وهي بتبص حوالين أوضته المرتبة:
"أوضتك مرتبة أوي... هتفضل معانا هنا مش هتروح شقتك؟"
-"في الوقت الحالي أنا هنا."
ابتسمت - "كويس."
بصّ لها علي وقال بنبرة حاسمة:"يلا يا وعد، روحي على أوضتك."
أومات "حاضر... أشوفك بكرة."
خرجت من أوضته بصيتله بعدين قفلت الباب ومشيتد علي اتنهد ومسح وشه بإيده، كأنه بيطرد أفكاره. فجأة تليفونه رن برسالة، فتحها ولقيها من مالك:
"أجّل مقابلتك دلوقتي... الشبهات كتير."
وعد دخلت أوضتها، وقفت قدام المرايا ولسا بتفك الفستان من عليها. فجأة شدت أنفها ريحة عطر رجولي مألوف، برفان علي. غمضت عينيها لحظة وافتكرت همسته اللي لسه راجعة في ودنها:
"إنتي جميلة."
ابتسامة صغيرة ظهرت على شفايفها، وبصّت لنفسها في المرايا كأنها أول مرة تشوف ملامحها بجد، وشافت الجمال اللي شافه هو فيها.
...
تاني يوم الصبح على الفطار، العيلة كلها كانت قاعدة حوالين الترابيزة.
قالت رانيا وهي بتبص لوعد – "مش رايحة الكلية النهاردة يا وعد؟"
ردت وعد بهدوء:
– "لأ، مفيش محاضرات."
يوسف دخل في الكلام وقال:
– "أمال فين عمي؟"
قامت وعد – "أطلع أناديه."
بس بدران – "خليكي قاعدة، أنا بعت فاطمة تناديه."
بعد لحظات نزل علي بخطواته الواثقة، قعد معاهم على الفطار.
بص ليوسف وقال:– "مروحتش الشركة ليه يا يوسف؟"
رد يوسف وهو بيحط كباية العصير:– "هنزل متأخر النهاردة."
ابتسم علي ابتسامة جانبية وقال:– "كويس… نروح سوا."
يوسف رفع عينه وبصله باستغراب:– "إنت نازل الشركة النهاردة؟"
بدران– " قولتلك متشغلش بالك بالشغل دلوقتي ياعلى.
علي: "أنا مش هشتغل، هروح الشركة بس."
سكتوا، فجأة جه صوت من بعيد: "ازعجتكم؟"
بصّوا ناحية الصوت، لقوا نادين.
رانيا وقفت بسرعة وحضنتها: "إيه الزيارة الحلوة دي!"
نادين بابتسامة: "قولت أجي أشوفكم… وبرضه زيارة لعلي بعد رجوعه."
بدران: "اتفضلي اقعدي يا نادين، إنتي مش غريبة."
نادين قعدت جنب علي، وهو بص لها، فابتسمت وقالت: "كده نقدر نتكلم معاك وجهاً لوجه عن الإيميل."
يوسف تدخل: "اتكلمي، بس من غير لمس… ده قانون علي الأساسي."
نادين ضحكت: "عارفة قوانينه الصارمة."
علي قال بهدوء: "المفروض تكوني في الشركة."
نادين: "خلصت شغلي."
وعد كانت بتبص بخفة على خالتها، لحد ما قال يوسف: "بما إنك جيتي يا خالتو، هنعقد سوا."
---
في المطبخ، الخدم كانوا بيغسلوا الأطباق.
دخلت وعد، شافت رنا وفاطمة.
فاطمة: "عايزة حاجة يا آنسة وعد؟"
وعد: "لا، يا دادا… أنا جايه أشرب."
لمحت واحدة بتعمل قهوة.وعد: "لمين دي؟"
الخادمة: "لعلي بيه ونادين هانم."
سكتت وعد، فاطمة قالت: "البيه وصل امبارح."
وعد: "شوفته… هو اللي وصلني البيت."
رنا اتفاجئت: "إيه! اتقابلتوا بره؟"
وعد: "أيوه، في عيد ميلاد ياسمين. هو كان عنده شغل في النايت."
فاطمه: "نايت قابلتى عمك ف النايت؟!"
وعد: "أيوه يا دادا، مقولتلك… كان عندي بارتي وهو اتفهم الموقف."
قربت منها وقالت بخفة: "تعرفي… صحبتي كانت عايزة تاخد رقمه، افتكرته حبيبي."
رنا بفضول: "وإنتي عملتي إيه؟"
وعد بابتسامة: "ما ادتهوش أصلاً… عمي مش فاضي للكلام ده."
ابتسموا، وفجأة صوت رانيا نادى: "وعد."
لفت وعد وبصتلها، قالت رانيا: "عايزة أتكلم معاكي."
وعد بصّت للخدم اللي كانوا بيتفرجوا، رجعوا بسرعة يكملوا شغلهم في صمت.
مشت معاها، ورانيا قبل ما تخرج بصّت لفاطمة ورنا بتلقيح
: "ركّزوا في شغلكم أكتر من كده."
مشيت ورنا وفاطمة فاهمين إنها بتلقح عليهم.رنا بصوت واطي:
– ممكن سؤال؟ ليه علاقة وعد بوالدتها بارده؟ عمرى ما شوفتها حضنتها مره.
فاطمة:
– عشان دي مرات أبوها مش أمها. مش وحشه، بس ما تقدرش تاخد مكان الأم.
رنا:
– وفين أمها؟
فاطمة:
– الله يرحمها، ماتت بعد ما خلفتها.
رنا:
– عشان كده وعد بتقول على نفسها نحس؟
فاطمة:
– مين قالك؟
رنا:
– هي بنفسها قالتها مره بهزار… بس كان باين إنها قصدها.
فاطمة بتنهد:
– ياما قولتلها ده قدر ربنا، بس مش مقتنعه.
رنا بخجل:
– عارفه يا يداده… أنا مليش صحاب، ولولا إني جيت هنا ماكنتش لقيت حد. وعد رغم إنها مغروره شويه بس طيبه… بحبها.
فاطمة بابتسامه:
– وهي كمان بتحبنا.
دخلت رئيسة الخدم بحدة:
– كفاية كلام… اشتغلوا زى ما الهانم قالت
سكتوا وكملوا شغلهم.
وقفت وعد مستنيه رانيا قالت : "نعم؟"
رانيا ببرود: "بتوقفي مع الخدم كتير… ليه؟"
تنهدت وعد: "يعني مكنش في كلام مهم، إنتي سحبتيني من هناك كده وخلاص."
رانيا: "المطبخ مكانهم، مش مكانك."
وعد: "أنا ماوقفتش في حتة غلط."
رانيا: "بتكلميهم كتير… والمفروض يعرفوا إنتي مين، مش تقللي من نفسك."
وعد بحدة: "مفيش حاجة تقلل مني غير إنك تاخديني بحجة الكلام وتطلعي بتكدبي.
رانيا قالت بحدة:
"والدك لو شافك هيضايق، ولو أنا كلمتك النهارده، المرة الجاية هو اللي هيكلمك. الموضوع بقى أوفر… كأنك مصاحبة الخدم! إنتي أعلى منهم، وكلامك لازم يكون مع اللي زيك. وبصراحة… إنتي مش بتقعدي معانا قد ما بتقعدي معاهم، مع إننا عيلتك."
وعد"عيلتي!؟ … تمام. على العموم أنا عارفة أنا بعمل إيه، ومفيش حد شاف وقوفي هناك يقلل مني. ده بيتي، أقف في أي حتة أنا عايزاها… يا ماما."
وعد مشيت، لكن وهي خارجة وقفت فجأة لما شافت يوسف.
يوسف بص لها باستغراب:"اختفيتي فين؟"
وعد ما ردتش.مسك إيدها وقال بخفة:"إيه ده… إيه اللي حصل؟"
سكتت تاني، فابتسم وقال:"مين مزعل الدكتورة؟"
قالت بهدوء: "يوسف…"
رد بسرعة: "بصي، بابا لو شافك زعلانة هيتضايق أوي. عرفيني، في إيه؟"
قالت: "مفيش حاجة."
قرب منها وقال: "متأكدة؟"
ابتسمت وعد وأومات ليه، وقبل ما ترد سمعت صوت.
لفت، شافت علي واقف ومعاه نادين.
يوسف ضحك وقال:"الاتنين العاشقين!"
سكتت وعد، وهي عارفة إن علاقة علي ونادين متطورة لدرجة إن في كلام إن بينهم باط أو مشاعر واضحة.
نادين بصت لعلي وهى واقفه معاه وسألته:"خلاص، هتمسك الشغل هنا؟"
قال علي بهدوء:"واضح."
ابتسمت نادين:"كويس… كده هنعرف نوصلك بسهولة."
فضل ساكت وهو بيشرب قهوته، بس نادين فضلت عينيها عليه وقالت:
"ناوي على إيه؟"
رد علي وهو بيبصلها:"معتقدش إنك بتسألي عن خطوتي الجاية."
ضحكت بخفة:"قصدي حياتك العملية؟ أنا عارفة إنك مبتقولش خططك لحد. بس أنا بسألك عن حياتك الشخصية… ارتبطت ولا لسه؟"
قال:"لسه… وممكن قريب."
نادين"هستنى اللحظة دي."
قبل ما يرد، دخل يوسف في الكلام وقال:"معلش هقاطعكم… بس مهم."
نادين ابتسمت:"عايز إيه يا يوسف؟"
يوسف بص لعلي وقال:"جاي أسألك بخصوص مالك… مساعدك."
علي :"ماله مالك؟"
يوسف:"مش مرتاح له."
قال علي بثبات:"هو شغال معايا ولا معاك؟"
يوسف هز كتفه وقال:"واضح إنك واثق في إخلاصه."
سكت علي، فغير يوسف الموضوع:"مش ناوي تتجوز يا عمي؟"
رد علي بابتسامة ساخرة:"لما تتجوز انت الأول يا يوسف."
يوسف سكت قلبت ملامحه، علي كمل:
"انت خلصت الكلية السنة اللي فاتت… ليه لسه أبوك مجوزكش؟"
دخل بدران وقال:"في بنت جميلة قوي من عيلة راقية… هتجمعك بيها شغل وتتعرّف عليها."
على قال"مفيش حد في حياتك يا يوسف… مش كده؟"
يوسف بص لأبوه، اللي سأله مباشرة:"في بنت في حياتك؟"
رد يوسف بجدية:"لأ… ومش عايز. أعتقد عمي أولى، في نص التلاتينات."
علي ابتسم:"متقلقش عليّ يا يوسف، مش هعنس… وبعدين أنا مش بكبر."
نادين ابتسمت وهي متابعه الحوار، بينما يوسف قام وهو ملامحه متغيرة.
بدران بص لعلي وقال بهدوء:
"أضايق ليه؟!"
الخدامة دخلت بالصينية وعلي لفت نظره شكلها الغريب وهو بيتابعها لحد ما حطت الطبق.سأل علي:
"أوضاع الشركة تمام؟"
رد بدران:"آه… باستثناء اللي قلتلك عليه."
كانت الخدامة لسه واقفة مكانها، بصتلها نادين وقالت:"خلاص… امشي."
وأول ما عدّت جنب علي، فجأة انقضّت عليه بس.كينه وجر.حته بخط سريع.
صر.خت نادين وبدران اتجمد مكانه، لكن علي مسك دراعها بسرعة وبص لها بصدمة كبيرة.
الست كانت بتصرخ وهي بتحاول تضغط عليه:
"انت السبب… انت اللي قت.لته! انت شيطا.ن!"
الكلمات ضربت علي في صميم، عينيه كانت ثابته عليها وهو بيوقفها من غير ما يسيب لنفسه فرصة يها.جمها.
لكن بدران اتدخل بعنف، مسك إيدها وكتفها بقوة وهي بتحاول تهاجمه.
نادين صاحت برعب:"يا حراس!"
الرجالة دخلوا بسرعة، علي كان ماسك دراعه والد.م نازل منه وهو باصص للست اللي اتجننت.مسكوها الحراس وهي بتصرخ بأعلى صوتها:
"سيبوني يا مجر.مين! هاخد روحك يا علي… زي ما حر.قت قلبي على ابني! هاخد روحك يا راس الأفعى لبدران الوسخ!"
شد بدران نَفَسه وقال بغضب:"اتكلمي عدل… ولا…"
قاطعه علي وهو بيتألم:"بدران!"
بدران رفع عينه له، وبعد ثواني أمر بصوت حاد:"خدوها فورًا! سلّموها للبوليس… يخلوه يتصرف معاها."
جرّوها الرجالة وهي بتولول:"مش هسيبكم! هاخد حقي… كلكم هتتحرقوا ف نار جهنم… كلكووو!"
وصوتها بدأ يختفي تدريجياً.
نادين قربت بسرعة من علي وقالت بقلق"علي… انت كويس؟"
بدران مد إيده على دراع علي يحاول يطمنه، لكن علي انتفض فجأة:
"قلت محدش يلمسني!"
بدران"مش وقت وسواسك! الجر.ح غميق… لازم مستشفى حالًا."
علي اتنفس بصعوبة وهو بيسند على الكرسي، الدوخة سيطرت عليه.
صوت بدران جَهَر وهو بينادي:
"على!"
كان بيحاول يقف على رجليه بصعوبة، لكن فجأة لقى وعد واقفة قدامه، عينيها متسعة من الصدمة وهي شايفة الد.م بينزل من دراعه.
قالت بصوت مرتجف:
– "عمّي…"
خطواتها اتسارعت ناحيته،ارتمى عليها وعد مسكته بسرعة، جسمه كان تقيل عليها بس في اللحظة دي حسّت بقوة غريبة، استحملت وزنه من غير ما تشتكي.
قربت وشها منه وقالت بقلق– "انت كويس؟ حصلك إيه؟"
بص لها علي، عينه فيها ألم، وصوته طالع واهي:– "خديني على الأوضة…"
أومات له فورًا، وسندته بخطوات ثابتة كأنها أقوى من طبيعتها، ومشيت بيه بعيد عن الصالة.
بدران كان واقف بيراقب المشهد بعين متفحصة، ورانيا ونادين واقفين متوترين.
نادين قالت:
– "نساعده أحسن من وعد!"
رد بدران بسرعة:– "لأ… إنتي عارفة علي عنده متلازمة عدم اللمس."
رانيا – "ووعد إيه؟!"
سكت بدران، بصلها قال– "قولى ليوسف يجيب دكتور فورًا."
في أوضة علي، كان الطبيب لابس جلافظات، واقف جنبه بعدما خدره وخيط جرحه بعناية.بدران واقف متجهم، جنبه نادين ورانيا، بينما وعد قاعدة على الكرسي، عينها معلقة بعلي ووشها مليان قلق.
الطبيب أنهى شغله وقال بجدية:– "لازم تهتم بالجرح كويس لحد ما يلتئم."
أومأ له علي بهدوء، إشارة مختصرة للفهم.خرج الطبيب، وأشار بدران لـ يوسف يروح يحاسب الدكتور
نادين تقدمت خطوة وقالت بسرعة:– "علي… إنت كويس؟"
وعد كانت عايزة تسأله الأول، لكن خالتها سبقتها كالعادة.
علي رد – "عايزك يا بدران."
بص بدران للباقيين وقال بنبرة حاسمة:
– "اخرجوا… محتاج يرتاح."
خرجوا كلهم، وعد قبل ما تمشي بصت على علي بقلق، لكنه مبصلهلش
جلس بدران على الكرسي قدامه، عينيه بتفحصه:
– "انت كويس؟"
رفع علي نظره وبص له:– "مين دي؟"
بدران – "تقصد الست؟"
– "آه…"
تنهد بدران وقال:– "دي منى… أم عبدالله."
علي – "عبدالله مين؟"
رد بدران:– "واحد من موظفينا… كان في شحنة. لكن السفينة كان فيها عطل، والتحميل كان تقيل… غرقت بيهم."
علي عينيه ضاقت– "سفينة إيطاليا؟"
قال بدران وهو بيحاول يسيطر على غضبه:
– "أيوه… هي. وقتها حاولنا نكتم الموضوع، والمحامي قام بدوره… والمحكمة وقفت معانا لإننا ملناش ذنب. دفعت تعويض، لكن الظاهر إنها كانت عايزة أكتر. طلبت شغل، وما كنتش أعرف إنها هتوصل لدرجة ته.جم على حد من عيلتي."
علي سكت، عينيه مركّزة في الأرض.
بدران شدد صوته:
– "أوعدك… هتاخد أشد جزاء. ربنا ستر، وجت في دراعك بس."
رفع علي نظره وقال ببطء:
– " كانت عايزه تق.تلني."
بدران رد بقوة:
– "مش هسمح لده يحصل. نسيت إني وعدتك بالحماية… حتى من نفسي؟"
علي سكت لحظة، وبص له نظرة تقيلة.
بدران كمل بصوت مكسور:
– "انت أنقذتني زمان من المو.ت… وأنا ممنون لك بحياتي من أول ما قابلتك ياعلى وانت جنبى راجل برغم صغر سنك الا انك كنت زي الى بيقاتل. عشان كده… حطيت رابطة الأخوّة بينّا لما لقيتك عايز الوفاء منى، قولتلك ايدى هتكون محرّ.مة على دمك... لو انت شاكك فيا انى خليتها تعمل فيك كده تبقى غلطان انا ا،تر واحد دمى بيغل.ى
على بصله قال– " أنا اتصابت في بيتك."
بدران – "حاسس بالخزي إن حد قدر يوصل ليك ويأذ.يك هنا… لكن صدقني، هخليها تاخد عقابها."
علي قاطعه بهدوء حاسم:
– "لا… ما تدخلش. أنا هتصرف معاها. ده حقي أنا."
بدران اتنهد وقال في النهاية:
– "أمرها كله في إيدك."
في الليل، البيت كله نام إلا وعد.طلعت فوق، خبطت على أوضة علي، محدش رد، دخلت ملقتوش.
استغربت: "عمّي؟"
وقفت، شافته خارج من البلكونة، لابس بنطلونه بس، جسده باين بعضلاته.
اتكسفت، وهو لمحها: "وعد؟"
قالت وهي تبص لدراعه: "جيت أطمن… دراعك عامل إيه؟"
قال بهدوء: "كويس… روحي نامي."
ردّت: "وإنت ما نمتش ليه؟ شكلك بتسهر كتير."
قال: "مش عايز أنام."
سألته: "ولا لسه مش بتعرف تنام بسهولة؟"
سكت.
قربت منه وقالت: "أساعدك زي زمان؟"
اتراجع خطوة: "وعد… اخرجي."
قالت: "عادي، أنا مش عايزة أنام."
بعد عنها وراح على الحمام.
لكن وهي داخلة وراه، لقاها فجأة قصاده قبل ما يقفل الباب.
انصدم: "بتعملي إيه؟"
قالت بثبات: "هساعدك."
قال بحدة: "هنا؟!"
بصّت وعد حوالين الحمام، عينيها وقعت على الشامبوهات.
قربت من الكابينة: "دي جايبها من ألمانيا؟"
بصّ لها علي، لقاها بتفتحهم بفضول.
تنهد: "وعد…"
هي كانت بتشم الروائح، وابتسمت لانها شبه ريجته قالت-… محبتليش حاجة لما رجعت؟"
مد إيده ياخد منهم، بس هي بعدت: "مش ببوّظ… بشوفهم بس."
قال ببرود:… اخرجى."
ردّت بسرعة: "استنى بس…"
شدها من إيدها، وقعت وسندت على الكابينة.
اتفتح الباب واندلق المي عليهم.
وقف علي ثابت الملامح، ووش وعد ارتبك وهي مبلولة:
"مكنتش أقصد… آسفة."
حاولت تقوم، رجّلها هتتزحلق، مسكها من إيدها وسحبها لبرا قال -ممكن تبطلى عبث
سكتت بخجل ، المية نازلة على وشها.تنهد: "روحي غيري هدومك."
قالت مرتبكة: "وإنت كمان… هدومك كلها اتغرقت."
بصلها مشيت باحراج تنهد
خرج علي لابس هدوم غير اللي اتغرقت، شعره لسه مبلول.
افتكر جملتها: "لسه بتعاند في النوم."
بص ناحية باب أوضتها، ونزل.
دخل الأوضة… ملقهاش.
قال بصوت واطي: "وعد؟"
سمع صوتها: "نعم."
استغرب، لسه بيلف… فجأة وقف.
انعكاسها في المرايا ظهر قدامه، واقفة في الحمام، لافّة نفسها بفوطة.
ساقيها وكتفها وذراعيها باينين.
قلبه خبط بقوة، حرارة جرت في عروقه من المشهد.
مسك مقبض الباب وقفله بحركة لا إرادية.
بعد لحظات… نزلت البلوزة عليها وخرجت.
اتخضت لما شافته قدامها: "ع… عمي؟"
علي صامت، عيونه عليها.
قالت وعد: "لو بتواجه صعوبة في النوم… ممكن تنام هنا."
رفع حاجبه: "على سريرك؟!"
أومأت وعد وقالت بهدوء:– نام… وأنا هتصرف.
مسكت إيده بلطف وسندته على السرير عشان دراعه، لكنه شدها فجأة بقوة.
وقعت فوق السرير، واتصدمت لما لقت علي فوقها.
بصتله بشده قالت– بتعمل اى؟!
عيونه غرقت في عيونها، ضعف كبير سيطر عليه، مشاعر مدفونة عمره مكنش يعرف بوجودها، بصلها وهي شفايفها بتحمر أكتر وهى بصاله وقلبها بيدق جامد،
قرب منها أكتر… وشكلها لا يفارق مخيلته
قالت وعد بارتباط:– عـم…
قبل ما تكمل الكلمه الى عرفها، اتصلبت اللحظة… والتصقت شفايفهم، إيده مسك رقبتها واتعمق فيها
البارت الرابع
سحبها علي وبقا فوقها فى لحظه، بصتله وعد بشده قالت– عـمى
قبل ما تكمل انقض على شفايفها وباسها ، مسك رقبتها واتعمق فيها وبقيت أنفاسها مختلطه
اتصدمت وعد من الى بيحصل، وعلى كان في حالة ضعف،سكتت، للحظة شافته راجل... لكن فجأة وعَت، ده مش أي رجل... ده عمها!
بعدت، لكنه كان لسه بيتحكم فيها.
قالت بصوت مخنوق:
- عمي...
وقف علي وزقها بعيد، وشها احمر بشدة من الخجل.
بص لها علي واتصدم من اللي عمله، بعد عنها وقعد على طرف السرير... اللعنة... إيه اللي عملته؟ إزاي أوصل لكده؟ ومع مين؟ مع وعد!
اتعدلت وعد في جلستها مرتبكة.قال -عمى
قال علي فورا- وعد... أنا مكنتش أقصد.
بصتله رد على- كنت شايفك حد تاني.
سكتت وعد من الصدمة.كمل علي:
- أنا شربت شوية... عشان كده كنت سهران، واللي حصل ناتج عن سكري...نسيت إنتي مين.
وقف وهو مش قادر يبص في عينيها:- انسِي اللي حصل.
خرج علي بسرعة من الأوضة، خايف يرتكب أي حماقة تانية تضيّعه وتضيّعها معاه.
وعد فضلت قاعدة مكانها، صامتة، ودماغها كلها في اللي حصل.
افتكرت قبلته... قربه... الدقات اللي خبّطت في قلبها بشكل مرعب.
سكاتها وقتها كان معناه إيه؟! كأنها اتقبلت اللحظة، حتى لو للحظة صغيرة.
قلبها خبط أقوى وهي تسترجع الإحساس.
اللعنة... إزاي؟ إزاي يكون عندي مشاعر بالشكل ده ناحيته؟
هو مش أي حد... ده عمها!
بتحبه... آه، لكن دايمًا حب احترام، حب اعجاب... مش حب راجل!
غمضت عينيها بشدة، همست لنفسها:
- مستحيل... مستحيل الى نا بفكر كده.
لكن صورتُه رجعت، إيده، صوته، والقبلة اللي كسرتها من جوه.
افتكرت كمان كلمته... "كنت شايفك حد تاني"
- معقول... كان قصده نادين؟
قفل علي باب أوضته بعصبية، ورمى نفسه على الكنبة، مسح شعره لورا وهو ينهج بضيق.المشاعر لسا متفجّرة جواه... ووجه وعد مش بيروح من قدامه.
إزاي؟ إزاي بنت صغيرة زي دي تهزّني بالشكل ده؟!
كل ما يشوفها بيحس إنه شخص تاني، كأنها بتسحب منه تحكمه بنفسه.
قام بسرعة، دخل الحمّام، فتح الميه الساقعة على آخرها ورمى وشه وجسمه تحتها.
قلع القميص ورماه أرضًا، تنهد تنهيدة تقيلة كأنها طالع من صدره نار.
غمغم بصوت واطي:- وعد...
رفع راسه وهو مغمض عينه... هي مش مجرد بنت... هي لعنة.
لعنة دخلت حياته، وابتدت تفتحله باب نهايته.لو الموضوع اتكرر... لازم أسيطر... لازم... وإلا كل حاجة هتخرج من إيدي.
------------
قبل 10 سنين
على الطريق السريع..
بدران ذو٣٥عام،كان قاعد ورا في عربيته، والسواق ماسك الدركسيون.
مسك تليفونه وقال بعصبية:
- خلصت الشغل ومشيت... إنت مدير ولا لأ؟! أنا بدفع مرتبات محدش بياخدها في أي شركه، ومش شايف غير خسارة! اتصرف يا نصفي، جدد البرنامج وهات موظفين عدلة... أنا مش برمي فلوسي في الأرض.
قفل الخط وهو متنرفز. فجأة حس العربية وقفت.
- وقفت ليه؟!
رد السواق وهو بيبص قدامه:
- في خشبة قافلة الطريق يا بدران بيه، هنزل أشيلها.
فتح السواق بابه ونزل.
بدران لحق يشوف لحظة غريبة...
شخص نازل من الجنب وضرب السواق بقوة، وقع قدام العربية
اتسعت عيون بدران وهو بيبص حواليه.
باب العربية اتفتح بعنف، ورجل غريب رفسه بدران برجله. بس في نفس اللحظة، إيد تانية سحبته من قفاه من الناحية التانية وجرّته برا.
وقع بدران على الأسفلت وهو بيتنفس بسرعة، رفع راسه لقى نفسه محاصر...
مجموعة مجرمين حواليه.
صرخ بغضب وخوف:
- إنتو مين؟! عايزين إيه؟!
بدران حاول يقاوم...
واحد مسكه، بدران رد عليه ببوكس في وشه خلاه يتراجع، ونط برجله على التاني وقعوه.
لكن الباقيين هجمو عليه مرة واحدة، مسكوه ورموه على العربية بقوة.
صرخ وهو متشنج:
- يا ابن الكلب! بتمد إيدك عليا؟! إنت متعرفش أنا مين!
ما لحقش يكمل، واحد ضربه بشومة على دماغه... وقع على الأرض والدم سال من راسه.
فضلوا يضربوا فيه، يحاول يصد... لكن إيديه ضعفت، جسده مش قادر يقاوم.
مسكه اتنين من دراعيه ووقفوه غصب عنه.
بص لهم بدران وعينه مدمية، صوته مبحوح:
- عايزين إيه؟ مين بعتكم؟
واحد طلع سكينة من وسط هدومه، لمعت في الضلمة.
بدران اتجمد، اتسعت عينه بصدمة.للي ماسكه من كتفه
قال بدران وهو بيحاول يصرخ:
- إنتو اتجننتوا؟! عارفين بتعملوا إيه؟! هديكوا فلوس أكتر... بس سيبوني... سيبنييي!
المجرم ما ردش، رفع السكينة وهو ناوي يغرسها.
وفجأة...
حركة سريعة خاطفة!
ضربة قاسية على رقبته خلته ينهار في الأرض قبل ما يلحق يقرب من بدران.
المجرمين لفوا في لحظة بذهول:
- إيه ده؟ مين؟!
الهواء اتغير... وظهر قدامهم شاب قوي، واقف بثبات وعينه حادة.
خطواته كانت واثقة، نظرته قاتلة.
واحد منهم صرخ:
- إنت مين يا ابن الكلب؟!
بس ما ردش عليهم... كان شاب في حدود الـ٢٥ سنة، جسمه رياضي وقوي.
انقضّ عليهم وضربهم بقسوة، وبدران اتعدل وشاف العركة قدامه.
اتسند على عربيته بسرعة، وفتح الباب وهو بيترمي على الكرسي ويمسك الدركسيون بإيده المرتعشة، عيناه لسه بتتابع الشاب والرجالة من بعيد... بس عارف كويس إن الولد ده بيحكم على نفسه بالموت وهو بيدافع عنه.
ولوهلة، شك إن الشاب ممكن يكون واحد منهم أصلاً، لعبة مدبّرة!
هز راسه ونفض الفكرة، ولفّ العربية بسرعة ومشي بعيد عن المكان، نفسه تقيل ويده ماسكة جنبه المتورم من الضرب.
طلع الموبايل بصعوبة وضغط الاتصال، صوته متقطع من الألم:
"ألوو... ابعتلي بودي جارد فورًا... واتصل بالبوليس!"
جاله الرد مرتبك:
"بدران بيه؟"
"سامعني! في ناس هجموني... كنت همو-"
"إيه؟ مش سامعك كويس يا بدران بيه..."
قفل بدران التليفون بعصبية، إيده بتنزف وهو ماسك الدركسيون، رجله بتدوس البنزين بعنف.
الطريق قدامه فاضي... فجأة لقى يفطة كبيرة باينة في الضلمة: تحذير.
عبس وهو بيقراها، ولسه بيستوعب، عينه اتسعت برعب...
الكوبري قدامه مكسور!
شدّ الفرامل بكل قوته، العجل صرخ، العربية انزلقت للأمام، ووقفت وهي نصها برة الكوبري!
شهق بدران... إيده اتمسكت في الطارة، جسمه متجمد، نفسه بيتقطع. أي حركة غلط... العربية هتطير تحت!
رجع ببطء، رجليه بتترعش، قلبه بيخبط في صدره... لحد ما سمع فجأة صوت موتور قوي جاي من وراه.
اتجمد مكانه:
"مستحيل... لحقوني؟!"
بص في المراية، عينه اتسعت أكتر لما شاف نفس الشاب... نازل من على دراجة نارية!
رفع راسه بخوف وصاح:
"ساعدني... أرجوك!"
قبل ما يكمل، لقى الشاب بينط على العربية من ورا... وزن جسمه خلّاها تثبت أكتر فوق الكوبري.
بدران وقف مذهول، عينيه طالعة من الرعب، رفع راسه... ولقى نفس الشاب واقف قدامه، ساكت، بيبصله بنظرات تقيلة كأنها بتخترق قلبه.
بصله الشاب بثبات، عينه متجمدة وصوته هادي لكنه حاد:
"انقذ نفسك."
اتعدل بدران، مد إيده له بجنون:
"ساعدني!"
لكن الشاب واقف... ما مديش إيده، كأنه بيتعمد يسيبه يواجه الموت.
فجأة... جزء من الكوبري اتكسر، والعربية اتحركت بقوة. بدران صرخ وهو بينط باندفاع... بس رجليه ماوصلتش. وقع، وإيديه الاتنين اتشبثت بحرف الكوبري!
شهق، فتح عينيه مرعوب... الهاوية تحت رجليه، الهوى بيشدّه لتحت، وكل ثانية محسوبة.
حاول يرفع نفسه لكن إيده خانته، انزلقت، وبقى متشبث بإيد واحدة بس!
رفع عينه للشاب مرة تانية، صوته متقطع من الخوف:
"أرجوووك... ساعدني!"
الشاب أخيراً مدله حاجة... حبل.
بدران اتجمد:
"إيه ده؟! إنت مجنون؟ هتقولي أمسك بالحبل وانت شايفني هقع؟!"
إيده انزلقت أكتر... اتصدم، قلبه هيقف، لكن في اللحظة الأخيرة مسك الحبل بكل قوته.
شهق بدران وهو بيصرخ:
"مش هتعرف تسحبني... هات إيدك، أرجوك!"
لكن الشاب ما نطقش... وما مدش إيده.
لف الحبل حوالين إيده هو، وشد بكل قوته، عروقه بارزة من الضغط.
صرخة بدران خرجت وهو بيتألم من شدة السحب، الدم محبوس في إيده، بس في الآخر... الحبل بيطلعه شبر ورا شبر.
اتألم بدران، حس الدم اتحبس في إيده، بس فضِل ماسك الحبل بكل قوته، عرقه بيتصبب وهو بيصارع الموت.
والشاب... ثابت، بيشد بقوة، يلف الحبل حوالين إيده مرة بعد مرة، وكل ما يسحبه بدران يساعد نفسه برجله لحد ما طلع أخيراً على الكوبري.
وقع على الأرض وهو بيشهق بشدة، قلبه بيدق كأنه هيكسر ضلوعه. رفع عينه ببطء، لقى نفسه لسه عايش، ولقي الراجل ده واقف قدامه زي الصخر.
قال بدران وهو بيتنفس بصعوبة:
"ا... انت مين؟"
الشاب ما ردش.
جلس بدران على الأرض، يحاول يلملم نفسه، وقال وهو بيبصله بامتنان وارتباك:
"إنت أنقذتني... أنا مديونلك بحياتي. عرفني اسمك... عشان أكافئك."
ابتسم الشاب ابتسامة باهتة وقال بهدوء:
"مش عايز مكافأة."
اتجمد بدران، رد بسرعة:
"أمال عايز إيه؟"
اقترب الشاب منه، وصوته كان غامض وهو بيقول:
"دين."
عين بدران اتسعت بدهشة، مش فاهم قصده. لكن الشاب مد له منديل، وقال وهو بيركبه في إيده:
"الرجالة اللي هجموا عليك مرتين... أنا كلمت البوليس يشوفهم."
بصله بدران، وفهم من كلامه إن الرجالة مش تبعه... لأنه لو كان متواطئ معاهم كان زمانه خبّاهم بدل ما يسلّمهم للبوليس.
تابعه بنظره وهو بيلف ويمشي، وقلب بدران بيغلي من التفكير... عينه راحت على المنحدر اللي كان على وشك يبتلعه، ورجع ببصره للشاب اللي خاطر بحياته عشانه.
وقف بدران على رجليه، وقبل ما الشاب يركب الموتوسيكل ناداه:
"استنى!"
توقف الشاب ونظر له.
اقترب بدران بخطوات مترددة وقال:
"اسمك إيه؟"
صمت الشاب لثوانٍ، وكأنه بيفكر هل يقول ولا لأ... وبعدين نطق أخيرًا:
"علي... اسمي علي."
تسمرت نظرات بدران عليه، شعور غريب اجتاحه... كأنه يعرفه من زمان، وكأن بينهم ماضي مشترك مجهول. لكن الإحساس بالوفاء اللي لمسه من علي خلّى جواه يقين واحد:
"ده الشخص اللي مش هقدر أستغنى عنه طول حياتي."
---
عودة إلى الحاضر
خرجت وعد من أوضتها بهدوء، وقفت للحظة تبص ناحية أوضة علي.
رفعت وعد إيدها تلمس شفايفها، صورة قبلتها مع على ضربت عقلها من جديد. قلبها اتلخبط... مشاعر غريبة بتشدها ناحيته، وإحساس بالذنب بيخنقها.
نفضت أفكارها بسرعة، كأنها بترمي حاجة محرمة من دماغها، وطلعت السلم.
وقفت قدام أوضة علي، لكن قبل ما تمد إيدها على الباب، وقفت مكانها لما سمعت صوت أبوها جاي من جوه:
بدران: "بقيت أحسن دلوقتي؟"
علي: "عملت معاها حاجة؟"
بدران: "لا... محجوزة في القسم. إنت قولت أسيبها لك تتصرف."
بص بدران لعلي وقال: "متقلقش، مش هتكون عاهة... أنا هعين حراس تانين."
علي أومأ وقال: "اختارهم كويس يا بدران. ساعات بيكونوا خونة... زي اللي حصل هنا."
بدران اتجهم: "قصدك إيه؟"
علي: "يعني لو في عداوة... الحارس مش بيمنع الغدر. ممكن هو نفسه يكون أول واحد يغدر بيك."
بدران اتنهد وقال: "أنا هعينهم عشانك... أنا خايف عليك."
ابتسم علي بخفة: "عارف إني مش بحب حد يرافقني... وأنا كفيل أحمي نفسي. لو عايز رجالة، أجيبهم أنا. متشغلش بالك."
بدران بان عليه ضيق: "ليه مش بتحب تخليني أساعدك؟"
علي: "مش بحب أتعبك."
ابتسم بدران من إجابة علي وقال:
ـ عارف إن السبب الحقيقي مخبيه... بس ماشي، هعدّيها. اللي حصل أنا السبب فيه.
رن جرس الاوضه، فالتفت بدران وقال:
ـ هتعرف تنزل تفطر معانا؟
رد علي ـ خليهم يطلّعوا الأكل هنا.
أومأ بدران بتفهم، ثم أضاف ـ النسايب وعد جايين النهارده.
سكت علي فجأة لما سمع اسمها، عيناه اتغيرت، كأن الكلمة لوحدها حرّكت جواه حاجه. بدران لمح التغيير وقال بابتسامة خفيفة:
ـ عايزك تتعرف عليهم.
قال علي ـ هي مخطوبة؟
هز بدران رأسه وقال بهدوء:
ـ لسه... على وش خطوبة لو وافقت. أبو الولد صديقي من عيلة محترمة، والولد نفسه طيار. اتقابلوا قبل كده في حفلة اجتماع.
ـ وبعدين؟
ـ هو اتقدملها فعلاً... بس وعد لسه بتفكر، والظاهر إنها رافضة.
ـ رافضة؟ طب وليه جايين تاني وبتقول عليهم نسايبها؟
ـ لأنه شاب ما يترفضش... محترم وناجح. ووعد ما وضّحتش سبب رفضها. يمكن متوترة، وأنا عارف بنتي.
سكت علي، فبصله بدران وقال:
ـ عايزك تقابله، واثق إنه هيعجبك، ووعد ممكن تتقبل الكلام منك. يمكن تكون خافت تقولي عشان أنا شديد.
رد علي:
ـ أو عشان إنت دايمًا مش سامعها.
قال بدران:
ـ المشاغل كتير، قليل لما بشوف عيلتي، بس ف الآخر كل ده ليهم.
سكت علي. خرج بدران من عنده، وعلي مسك تليفونه واتصل.
رد مالك بسرعة:
ـ إنت بخير؟ عرفت اللي حصلك.
قال علي:
ـ جهز العربية عشان نمشي.
مالك بتردد:
ـ بس إنت مريض، خليه بعدين.
علي بحزم:
ـ هقابله النهارده، جهز العربية زي ما بقولك.
مالك استسلم:
ـ حاضر.
في الكلية، كانت وعد قاعدة مع صحابها في الكافيه.سألتها ياسمين:
ـ عمك عامل إيه؟
تنهدت وعد وقالت ـ بطلي تتكلمي عنه.
ضحكت ياسمين:ـ أنا معجبة بيه.
دخل زميلهم وقال لياسمين:ـ إنتي بتعجبي بأي حد تشوفيه.
ضحكت ياسمين:ـ معاك حق.
ضحكوا كلهم، وفجأة شافوا شاب ملفت واقف مع مجموعة حواليه، واضح من وقفته وكلامه إنه محور الكون، وكمان شكله يدل إنه ثري.
وعد بصت له لحظة، ولما عينه جت في عينها حولت نظرها بهدوء وكأنها مش مهتمة.
زميلتها قالت:ـ أول ما الكابتن حازم يدخل البنات بتتلم حواليه.
زميلهم قال مازحًا:ـ خلاص بقى، بدل ما وعد تتضايق.
وعد قالت:ـ وأنا هتضايق ليه؟
ياسمين ـ مش في مشروع خطوبة بينكم؟
وعد بهدوء:ـ مفيش الكلام ده... محصلش نصيب وخلاص.
استغربت ياسمين:ـ ومقولتليش ليه؟ أنا طول الوقت بحسبك خطيبته، عشان كده كنت بتجنبه.
دخل زميلهم وقال:ـ ليه رفضتيه؟ أنا شايفه ممتاز.
ردت وعد-مبحبوش.
بصولها باستغراب، فقالت واحدة من صحابها:
ـ بلاش تاخدي اللي بتحبيه، لأنك هتكوني ضعيفة قدامه... والحب ده أصلًا مش موجود.
زميلها أضاف:ـ دي حقيقة، ممكن تحبيه مع الوقت. لكن تاخدي "حب حياتك" من الأول؟ ساعات يتحول لعنة لو اتأذيتي.
قاطعتهم ياسمين بحدة:ـ طب ليه بتخوفوها كده؟
وعد قالت:ـ لا مفيش حاجة، هما فاكرين إني مرتبطة فبينصحوني بس.
قامت من مكانها، فسألوها:ـ رايحة فين؟
قالت وهي بتمسك شنطتها:ـ مروحة.
في العربية كان علي راكب جنب مالك اللي كان بيسوق.
مالك سأل: «مالك، إنت مضايق؟»
علي رد: «المفروض أفرح باللي حصل.»
مالك قال: «المهم إنك بخير.»
علي قال: كانت عايزة تق.تلني.»
مالك رد: «كانت عايزة تقتل بدران بيه.»
علي «لأ... كانت عايزة تق.تلني أنا. أنا... أنا شيطان. بدران-درّاعه اليمين أنا... أنا رأس الأفعى اللي بتخرجه من كل مصيبه وتعليه شويه شويه.»
مالك سكت عن كلام علي. بعد شوية علي كمل: «إيدي بقت مذنبة في دم ناس كتير. في ناس عايزة تق.تلني زي اللي حصل امبارح؛ عايزين ينتقموا من الظالم اللي أخد روح ابنها.»
مالك قال: «بدران بيه قالك إنها كانت حادثة.»
علي: « قال كده عشان يريحني
مالك بصله من شروده قال: «عايز تعمل إيه؟»
علي رد: «دوري على حد من العمال يومها اللي كان مسؤول عن السفينة نفسها.»
مالك قال: «حاضر... طب والست اللي في الحبس؟»
علي رد: «خليهم يخرجوها.»
مالك استغرب: «يخرجوها إزاي؟ دي شكلها مش هتسيب حق ابنها وبتاخد تارها.»
ابتسم علي وبصّ له: «فاكر إن الحق ذنب؟ وتل اللي بسعى عشان آخد حقي.»
مالك: «الخطر عليك إنت.»
علي قال بهدوء: «متقلقش... المو.ت مش هيقدر ياخدني دلوقتي طول ما لسه ما حققتش انتقامي.»
ــ
في أوضتها، كانت وعد بتغيّر هدومها. الباب اتفتح ودخلت رانيا.
وعد قالت: «دخلتي ليه من غير ما تخبطي؟»
رانيا ردّت: «اتأخرتي ليه؟»
وعد: «كنت قاعدة مع صحابي.»
رانيا: «طب البسي فستان، نسايبكم جايين.»
وعد استغربت جدًا وقالت: «قولتلك أكتر من مرة إنهم مش نسايبي... أنا ما وافقتش عليهم أصلاً!
رانيا قالت: «ولا رفضتي؟! ثم أنا بقولك البسي عادي يا وعد، لأنك هتتعقدي معاهم... مش إجبار يعني.»
وعد ردّت بضيق: «ولو مش إجبار... جايين ليه؟»
رانيا: «زيارة... وحازم رجع معاهم.»
وعد باستغراب: «عارفة؟»
رانيا: «منين؟ إنتو بتتكلموا؟»
وعد: «شوفته في الجامعة.»
رانيا «سلمتوا على بعض؟ أو اتكلمتوا؟»
وعد ما ردتش. من سكوتها، رانيا فهمت إنهم ما اتكلموش
رانيا: «يلا، البسي وجهزي نفسك عشان باباكي ما يضايقش.»
مشيت وقفلت الباب وراها. وعد تنهدت بضيق وهي تبص لنفسها في المراية.
ــ
في فيلا كبيرة، كان راجل قاعد على كرسي هزّاز، ملامحه هادية لكن شامخة.
دخلت خادمة وقالت باحترام: «علي بيه وصل.»
قال بهدوء وقال: «دخليه... علي مش محتاج يستأذن يدخل.»
ظهر علي من وراها ومعاه مالك. قرب بخطوات واثقه قال:
«الكرسي المقدّس... اللي عمرك ما بتقوم من عليه.»
ابتسم الرجل وقال«اقعد يا علي... بقالك غيبة كبيرة.»
وبإشارة لمالك أضاف: «واقف ليه؟»
قرب مالك وسلم عليه باحترام: «إزي حضرتك يا رضوان بيه؟»
رضوان رد بهدوء: «بخير.»
نظر رضوان لدرع علي المصاب وقال:«يبقى اللي سمعته صح... واحدة اتهجمت عليك وصابتك.»
علي قال: «إصابة بسيطع.»
رضوان علّق : «بس من واحدة ست.»
علي حس إنها إهانة متعمدة.رضوان سأل: «عرفت هي مين؟»
علي: «آه.»
رضوان: «وبعدين؟»
علي: «مفيش... هتاخد إفراج سبيل.»
رضوان: «إفراج...؟ متعودين عليك تسيب حقك؟..»
علي : «عشان مفيش حق... واقفل على الموضوع. أنا جاي لك في حاجة تانية.»
رضوان: «إيه هي؟»
علي: «قلت إنك لقيت ظابط القضية.»
رضوان أومأ: «آه... وعشان كده كنت عايزك تنزل.»
علي باهتمام: «اتكلم... هو فين؟»
رضوان بهدوء: «مالهوش لزوم تعرف.»
علي بصوت مخيف: «إنت عارف كويس أنا عايش ليه وهدفي إيه... وعارف قد إيه الظابط ده ليه كل اللزوم.»
مالك حاول يهدي: «أكيد رضوان بيه ماقصدش كده يا علي.»
لكن علي انفجر بغضب: «متدخلش يا مالك! قول يا رضوان... فين مكانه فوراً؟»
رضوان قال ببرود: «ميت.»
سكت علي، ومالك قال بتردد: «كنت عايز أقولك كده قبل ما تنزل...»
علي قاطعه: «ميت مقتو.ل... ولا إيه؟»
رضوان: «لأ... عمل حادثة وهو سكران. اللي عرفته إنه من زمان بعد ما اتقفلت القضية استقال... أو بمعنى أصح، ريحوه في البيت بمرتب. لكن اكتشفت إن حسابه كان فيه مبالغ كبيرة غير اللي بياخدها. عاش حياته بين الخمرة والنسوان، وبعد عن مراته وولاده... ولحد ما مات في حادثة من تلات سنين.»
سكت علي وهو بيجمع قبضته، ثم قال ببرود: «بيروح بمعاشه؟ مكافأة نهاية الخدمة؟ ولا عشان انسحب من التحقيق وهو عارف إن القضية هتفتح تاني؟»
رضوان هز راسه: «كل حاجة ليها أسبابها... والفلوس اللي معاه ليها معنى.»
مالك فهم وقال: «يعني كان متأمّن على حياته كلها... استقال وقلبه مرتاح وضميره ميت؟»
علي وهو بيجمع قبضته: «كده واحد نقص.»
رضوان : «على»
علي بهدوء حاد: «كان لازم يمو.ت على إيدي أنا.»
رضوان بصوت متحذّر: - متشلش عينك على عدوك الحقيقي.»
علي ابتسم ابتسامة مرة، ونبرة صوته صارت أخطر: «أنا عارف أعدائي مين. والدائرة اللي دفنت الحق زمان هفضحها لما ألاقي الحقيقة اللي بدوّر عليها.»
رفع علي عينه، كأنه بيجمع وحشاً داخله، وقال بهدوء مخيف: «وقتها... هتبقى حرب على الكل.»
في القسم، كانت منى - المرأة نفسها اللي اتهجمت على علي - قاعدة في قفص ساكتة، وما بتتكلمش مع حد، لأنها حاطينها في عزلة لوحدها. محدش دخل عليها ولا حد حاطط لها أكل. عارفة إنها ارتكبت جريمة، ومش فارق معاها هيحصل لها إيه.
فجأة الباب اتفتح، وقال الشاويش: «اطلعي يلا.»
منى باستغراب: «هروح فين؟»
الشاويش رد: «هتروحي...»
منى ضاقت: «أروح؟»
قال لها: «أه... علي بيه سحب القضية وأمر يخرجوكي.»
منى سكتت من كل الكلام اللي سمعتُه. الشاويش كمل: «بعت مساعده وخلص كل الإجراءات. قال إنها كانت حادثة، وإنك ما عملتيش حاجة؛ دفعوا كفالتك وهتطلعي دلوقتي يلا.»
منى فضلت ساكتة، كل اللي شافته جوه دماغها كان يقول إن هذا الشخص غبي... لأنها لو خرجت دلوقتي، وحتى لو هو فاكر إنه يقلل ذنبه ناحيتها فهي برضه مش هتسيبه، وهتحاول تقتله تاني.
خرجت منى وخدت شنطتها. قال لها الظابط: «أتمنى متعمليش أي غلط تاني يا مدام منى.»
منى مردتش، أخدت حاجتها ومشيت.
وقفت لما شافت مالك واقف، ولما شافها خرجت، راح ركب العربية.
منى قالت: «أنت مساعده؟»
مالك: «حمدالله على سلامتك.»
منى ردّت: «قوله إنه غلط لما خرجني.»
مالك قال: قولتله... لكنه أصر تخرجي، وإلا كان اكتفى بسحب القضية وما دفعش الكفالة.»
منى سكتت. مالك قال: «عن إذنك.»
لفّ واخد عربيته ومشي.
---
في فيلا، كان بدران قاعد مع رجل، بيضحكوا ضحكات الأغنياء
بدران - وأنت يحازم، أخبار شغلك إيه؟»
حازم قال: «كله تمام يا عمّي، وبابا ساعدني كتير.»
أبوه رد مبتسمًا: «أبدًا... حازم الوحيد لما عملت الشركة جابلي أرباح، ما دفعتش في مساعدته.»
رانيا قالت: «كويس... ده يثبتلك إنه نجح وتعتمد عليه.»
الراجل بابتسامة: «معاكِ حق يا مدام رانيا... أمال فين وعد؟»
رانيا: «زمانها نازلة... كانت جايه من الكلية تعبانة شوية.»
بدران قال: «اطلعي ناديلها يا رانيا.»
رانيا: «عن إذنكم.»
طلعت رانيا عند وعد اللي كانت قاعدة زي ما هي.
رانيا سألتها: «منزلتيش ليه؟»
وعد ردّت: «قولتلك... مش عايزه.»
رانيا قالت: «وعد، متعصبنيش... انزلي سلمى عليه.»
وعد بغضب: «لا.»
رانيا لأول مرة غضبت. قالت: «يعني اى لا هونا هاخد رأيك.»
وعد بصّت لها ، قالت رانيا - انجزى بقولك
يوسف دخل وسأل: «فإيه؟»
رانيا: «اتفضل... عايزة تحرجنا قدام الناس ومتنزلش... مش عارفة ليه هيكلوها مثلاً. لولا أن بدران قاللي أكلمها، ماكنتش هتناقش معاها أصلاً.»
يوسف: «ماما»
رانيا سكتت بضيق، فقال يوسف: «اخرجي... أنا هجيبها.»
رانيا قالت: «اديني... هخرج، أما نشوف آخرتها.»
مشيت وسبتهم.يوسف قال: «متزعليش... أنتِ عارفة ماما بتتعصب من أقل حاجة.»
وعد بتعصب: «هي بتتعصب عليا أنا بس.»
يوسف قال: «مش صح... أنا واثق إنها كانت بتتكلم معاكي براحة.»
سكتت وعد، لأنها عارفة إنه مش هيغلط أمه لأنه بيحبها.
يوسف: «مش عايزة تنزلي ليه؟»
وعد: «كده وخلاص... هيفيد بإيه أما رفضاه؟»
يوسف: «بس إنتي مقولتيش رفضاه لبابا؟»
وعد: «معرفتش... اتوترت.»
يوسف: «اتوترت ليه يعني؟ هو غلط؟ انزلي عادي... سلمّي عليهم كضيوف واطلعي.»
وعد: «أنا مش عايزه.»
يوسف سكت وقال: «خلاص... ماشي، خليكي وانا هتصرف.»
وعد: «إزاي؟»
ابتسم وقال لها: «اعقدي مش الأوضة... عجباني.»
وعد قالت: «اه.»
يوسف ضحك بتريقة مستفزة: «اه.»
ابتسمت وعد عليه، ثم خرج وسابها.
--
تحت في القعدة، رانيا قالت:- «وعد زمانها جاية.»
حازم رد بهدوء:- «مفيش داعي... هي أكيد تعبانة، وده سبب تأخيرها.»
يوسف دخل وقال بابتسامة- «بتفهم والله يا حازم.»
بصوله، سلّم يوسف عليهم، وقال حازم:- «عامل إيه؟»
يوسف: «كويس... وانت؟»
حازم: «أنا كويس.»
بدران سأل:- «وعد فين؟»
يوسف رد - «وعد تعبانة... حاولت تنزل، حتى ماما حاولت معاها، بس هي مش قادرة. وكمان مكسوفة عشان شكلها... وحازم طبعًا ميشوفهاش وهي كده وحشة.»
الراجل ضحك وقال:- «البنات بتخاف من حاجات كده.»
يوسف ضاف:- «ودي وعد مش أي بنت... هي زعلانة إنها مش هتعرف تنزل، وقالتلي أعتذرلكم.»
حازم قال بلطف- «ألف سلامة عليها... أنا جاي لبدران بيه، مفيش داعي تضغط على نفسها.»
ابتسم بدران وقال:- «منور يا حازم.»
حازم رد: «بنورك... يلا يا بابا عشان اتأخرنا.»
أبوه قال: «ماشي يا حازم عن اذنك يبدران»
قاموا مشيو، بدران بص لرانيا ويوسف بنظرة ضيق مكتوم لحد ما بقوا لوحدهم.
قال بدران بحدة:
- «وعد فين؟»
رانيا ردت:- «في أوضتها.»
طلع بدران على أوضة وعد.فتح الباب ودخل، لقاها نايمة على السرير وبتكح. بصّ لها باستغراب
- «بابا...»
بدران: «مالك؟»
وعد: «تعبانة... يوسف مقلكش؟»
بدران: «طيب ما نزلتيش ليه يا وعد؟ انتي احرجتيني قدامهم. الزيارة دي ليكي إنتي، عشان تتعرفوا على بعض. بدل ما حجتك إنك متعرفهوش.»
قالت وعد بضعف- «أنا مقدرتش... بس.»
بدران هز راسه وقال:- «تمام يا وعد... ألف سلامة عليكي. بس المرة الجاية مش هيكون عندك حجة.»
بصتله وعد باستغراب وقالت:- «مرة جاية؟!»
قال: «أيوه.»
ردت بسرعة:- «بابا... أنا مش عايزة حازم.»
بدران قفل وشه قال- «مش عايزاه؟ يعني بترفضيه؟»
بصت وعد ليوسف اللي كان واقف عند الباب مستني ردها، وقالت بحسم:
- «أه... برفضه.»
بدران شد نفسه وقال:- «ليه؟ في حاجة تخليكي ترفضيه؟ لازم يكون في سبب.»
وعد :- «مش بحبه.»
:- «حب إيه وكلام تافه ده؟ مع الوقت هتحبيه... انتي اللي مدتيش نفسك فرصة.»
رانيا قالت - «أو يمكن في سبب تاني؟»
بصتلها وعد، والتفت بدران ناحيتها وقال - «سبب إيه؟!»
وعد:- «لا... مفيش حاجة.»
بدران - «أنا مش عايز أسمع الكلام ده دلوقتي... نكمل بكرة.»
خرج من الأوضة وسابهم في توتر.
---
في فيلا في منطقة هادئة ومميزة...
نزل علي من عربيته الفخمة، الحارس وقف باحترام وقال:
- «أهلا يا علي بيه.»
علي ما ردش، اكتفى بإيماءة بسيطة، وطلع بخطوات هادية تقيلة.
دي كانت فيلته الخاصة اللي عايش فيها... أما فيلا بدران، فكانت مجرد ضيافة، رغم إن بدران عارف كويس إن علي بيكره يعيش مع حد، وبيفضل وحدته.
دخل جوه، قعد على الكنبة الكبيرة، طلع الإزازة المعهودة وسكب لنفسه وشرب.
رن موبايله...
رد بصوته الغليظ:
- «عملت إيه؟»
مالك: «خرجت المدام منى من السجن... وهروح دلوقتي للمينا. بس تفتكر مش هيمنعوني؟»
علي: «لو حد اتكلم معاك... رن عليا.»
مالك: «تمام.»
قفل علي مع مالك، ورمى الموبايل على الترابيزة وهو بيحاول يريح دماغه شوية.
غصب عنه، صورة وعد طلعت قدام عينيه... نفس المشهد اللي بيطارده: وهي لابسة الفوطة، بملامحها اللي بتثيره.
فتح عينيه بقوة، وتدفقت الذكريات... افتكر قبّلته ليها، اللحظة اللي خطفت روحه قبل عقلُه.
المشاعر شدت قلبه من جديد، مسكت فيه كأنها بتعاقبه كل ما حاول ينساها.
رن تليفونه...
بص في الشاشة، لقى اسم بدران.
رد ببرود:
- «أيوة.»
صوت بدران جه غاضب:
- «فينك يا علي؟»
- «في البيت.»
- «بيتك؟! مجتش هنا ليه؟ مش قولتلك عايزك تشوف حازم؟»
شد علي حواجبه وقال بحدة:
- «حازم مين؟»
- «حازم... خطيب وعد!»
سكت علي لحظة، كأن الوقت وقف عند الكلمة.
بدران كمل بحدة:
- «أنت خرجت الست دي من الحبس!»
- «آه.»
- «إزاي تعمل كده؟!»
- «قولتلك... أمرها كله في إيدي.»
- «بس مش إنك تسامحها!»
صوت علي جمد:
- «أنا مسامحتهاش... أنا عارف بعمل إيه يا بدران.»
سكت بدران لحظة طويلة وقال:
- «لما ترجع... نتكلم يا علي.»
قفل علي الموبايل من غير كلمة، قام بخطوات تقيلة، وراح على أوضته... كأن قلبه نفسه عايز يهرب من اللي جواه.
رن تليفونه، تنهد علي بضيق وقال في نفسه: كان لازم أقفله من الأول.
بص على الشاشة، لقى المتصلة "وعد". استغرب: إزاي بتتصل؟ إزاي عندها الجرأة تكلمه بعد اللي حصل امبارح؟
رد عليها، لكن لقاها ساكتة كأنها مش عارفه تتكلم معاه
قال بهدوء:
"فيه حاجة يا وعد؟"
اتجمدت للحظة قبل ما ترد بصوت متردد:"انت هتيجي إمتى؟"
قال علي:"مش هروح الفيلا النهارده."
- ليه؟ طب إنت فين؟"
قال "مالك يا وعد؟"
وعد"عايزه أتكلم معاك في موضوع."
سكت علي، وافتكر امبارح... قراره إنه يبعد عنها بأي شكل فقال "لما أشوفك بكرة نتكلم."
اعترضت:"بس أنا ممكن أجي دلوقتي."
قال وهو عايز يقفل أي مجال: "نامي يا وعد... نأجل الموضوع لبعدين."
وقفل المكالمة. سكتت وعد ثواني وهي ماسكة التليفون بإيد مرتعشة، بعدين قررت تنزل.
لما وصلت تحت، شافت البواب وقالت له: "فين مالك؟"
رد البواب: "مالك... مساعد علي بيه؟"
قالت:"أيوه.فين هو"
قال لها:"خرج من الصبح ولسه مرجعش."
قالت وعد بسرعة: "طب رن له وخليه ييجي حالاً."
رد باحترام:"حاضر يا هانم."
--------
خرج علي من الحمام بعد ما خد دش، سمع صوت حركة برا. استغرب وقال للبواب:
"إيه الصوت ده؟ أنا قايل ممنوع حد يدخل."
خرج وهو بينشف شعره بالفوطة، واتصدم لما شاف وعد واقفة قدام الباب.
قال
"وعد؟!"
بسرعة قالت:
"خليهم يسيبوني... رجالتك برا شكلهم يخوفوا برده."
التفت علي للبواب وقال بصرامة:"سيبها... ماسكها كده ليه؟"
رد البواب مرتبك:"والله ما قصد يا بيه."
سابها البواب، وعد بصتلها بنظرة انتصار وهي داخلة مع علي.
شدها علي من إيدها ودخلها البيت بسرعة، وهي تتألم وقالت:"على مهلك... إيدي بتوجعني."
التفت لها بعصبية وقال:"إيه اللي جابك هنا يا وعد؟"
ردت بجرأة:"جيت عشان أشوفك."
قربت منه خطوة، ونبرتها بقت مليانة أنوثة، ببرائه قالت
"عايزاك في موضوع... بينا."
رفع حاجبه بخبث قال:"موضوع... بينا؟!"
أومأت له إيجابًا.أشار لها تدخل جوه، وقعد هو على الكنبة قدامها وقال:
"قولي... إيه الموضوع؟"
تنهدت وعد وقالت:"بابا مضايق مني... وكمان العيلة كلها."
سألها علي "ليه؟"
قالت:"عشان حازم عرف إني مش متقبلاه."
رد : " رفضتيه."
قالت:"آه... لسه النهارده رفضته. بس بابا مضايق... بيقول إنه مفيهوش غلطة حسب كلامه."
بصّ لها علي قليلًا وقال : "طب... وانتي رفضتيه ليه يا وعد؟"
تنهدت وقالت بصدق: "مش بحبه."
مال برأسه ناحيتها وسألها بجدية:
"في حد في حياتك؟ صارحيني."
سكتت للحظة، ثم نفت برأسها بسرعة: "مفيش... بس أنا مش شايفة حازم."
رفع حاجبه باستغراب: "مش شايفاه إزاي يعني؟"
قالت بخجل وهي بتلعب في صوابعها: "هو حلو وكل حاجة... بس المشاعر أهم من شكله. أنا بحسه زي أخ... مش قادره أشوفه راجل أو أتخيل نفسي معاه."
سكت علي وهو بيتأملها، وعقله بيرجع يفتكر كلامها.
ظرت له وعد بعمق، وعينيها غاصت في عينيه لوهلة، قبل ما تنزلها بخجل وقالت مترددة:
"أنا كده عملت غلط؟"
اقترب منها علي وقال بهدوء مطمئن: "إنتي مضايقة عشان بدران؟"
أومأت وعد إيجابًا. علي قال
"متقلقيش... هكلمه. محدش يقدر يجبرك على حاجة."
نظرت له بدهشة، وابتسامة صغيرة طلعت منها: "بجد؟"
مد إيده، مسك وشها برفق وخلاها تبص في عينه مباشرة:
"بجد."
ارتبكت وعد لما خلاها تبثله وعينهم تيجى ف عين بعض، اتكسفت أكتر لما حسّت بدقات قلبها بتتسارع مع قربه. علي هو كمان قلبه دق جامد وهو بيبص على ملامحها... ونزلت عينه من غير ما يقصد على شفايفها الوردية.
حست وعد باللحظة، واحمر وشها وقالت بخجل:"عمي..."
شدها علي ناحيته وخلاها تقعد جنبه، كأن المسافة بينهم خلاص مش موجودة.
بصتله وعد قليلا
قال على- عايزه تقولى اى
وعد - "لسه مش مصدقة إنك رجعت يا عمي... غيابك كان طويل."
سكت علي وهو بيتأملها، وقال بصوت واطي: "كنتى مستنياني أنا؟"
أومأت وعد بخجل، وردّت "فرحت قوي لما عرفت برجوعك."
على: "يمكن رجوعي يكون شؤم."
هزّت رأسها ونفت بابتسامة بريئه:
"بالعكس... بقيت أوسم لما رجعت. عارف... أنا بفكر فيك كرجل أكتر من حازم.
اتجمدت الكلمة على لسانها، وحست كأن الأرض انشقت وبلعتها.
علي بصّ لها بابتسامه من الى قالته وحط ايده تحت دقنه بنظره وسيمه جدا خلاها عايزه تجرى
عل. "يعني... لو كنت أنا حازم، كنتي هتتجوزيني؟"
عينيها اتقابلت مع عينيه للحظة، وفيها جواب صامت بيقول "ياريت".
قامت بسرعة من جنبه وقالت بصوت واطي ومتوتر:"لا... المشاعر دي غلط... لا ياوعد"
حسيت بيه وراها. قلبها بدأ يدق بقوة وهي شاعره بحرارة صدره قريب من ضهرها، وإيده اللي اتحطت على كتفها كأنه بيسيطر على كل ضعف جواها.
مس في ودنها بنبرة اخترقت قلبها:
"مجاوبتنيش."
وعد "على إيه؟"
قرب منها أكتر وهمس من جديد "بتشوفيني راجل؟"
سكتت وعد، مش قادرة ترد، وصوت أنفاسها اختلط بدقات قلبها، لفها ومسك دقنها وهو باصص فى عينها قال
"توافقي تتجوزيني؟"
يتبع
لاتلهكم القراءه عن الصلاه وذكر الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
❤️🌹💙🌺❤️🌹💙🌺❤️🌹💙🌺❤️🌹💙🌺❤️🌹
تعليقات
إرسال تعليق