رواية راهنت عليك الفصل الخامس عشر والسادس عشر والسابع عشر والثامن عشر بقلم الكاتبه عبير فاروق بيرو حصريه وجديده
طلقه طايشة أصابت واحد منهم بس الأكيد أن التاني هو اللي بيتألم
"هدهد" ضامه "آمر" في حضنها، والدموع عرفت طريقها طول الوقت حبساهم لكن اللي قدمها صدمها رفعت ايدها غرقانه دم الرصاصه جت فيه لكن صداها في قلب "هدهد" بتحاول تصرخ بصوتها، بس للأسف صوتها خانها، مش عايز يطلع، مخنوق، محبوس جواها، بتضمه بخوف وفزع، لدرجة انه مش متخيل أن في حد ممكن يحبه بالشكل ده، نسي كل الألم اللي فيه، ومش عايز غير أنه بس يتأكد ويستلذ بشعوره في حضنها، ويستمتع بخوفها عليه، مثل عليها أنه اغمى عليه، عشان يعرف هتعمل ايه، وهي لما شافته بالشكل ده، صرخت بآااه ملت المكان، جه على اثرها "ميشو" اللي وقف متسمر في مكانه لحظة، وبعدها فضل يلف حولين نفسه مش عارف يعمل اي؛ الخوف والرعب الظاهر على وشه كفيل انه يوضح حاله، حاولت "هدهد" تجمع نفسها فشلت، مسحت وشها مسكته وهزته بقوه، وصوتها منبوح قالت بنبره تحرك الجبل:
- لا فوووق الله يخليك، اوع تسبني بعد ما لقيتك، انت الحلم اللي بيطردني من سنين، اشمعنا الحلم ده يتحقق مانا ياما حلمت بحاجات كتير، اشمعنا ده يتحقق.
هدهد جه في بالها حلمها اللي كل يوم تفوق منه والقدر بياخد فارس احلامها بكل قسوة كانت فاكرة انها مجرد أحلام وخلاص لكن اهو اتحقق قصاد عنيها ما لحقت تفوق من طعن الزمن فيها كل طربه أشد من اللي قبلها.
وفجأه لاحظت انه مش بيدي اي اشارة ليه، اتجننت أكتر وصوتها بقى أقوى مسحت دموعها وبدأت تضرب فيه بكل قوة فضله جواها وتكلمه:
- قوم... أنت لآزم تعيش... هقتلك بأيدي هتحمل اي حاجه إلا أنك تموت بين أيدى.
![]() |
كان حاسس أنه طاير في السما من شده السعاده، رغم ألمه من ضربها ومن الرصاصة لكن اخيراً لقى "تفاحة آمر" اللي بيدور عليها بقاله سنين، بصت "هدهد" لميشو" لقته ماسك الفون وبيرتعش بيرن على حد وزعقت فيه الفون وقع من ايده وقالت:
- قرب بسرعه، ونادي على اي حد يشيله معانا عشان ننقذه.
قرب منها ببطئ مهزوز، ومش قادر يشوف الدم بعد عنها فضل ينوح:
-يا ويل قلبي انا على سبع الرجال غدرو فيك يا روحي و ضربوك بقلبك يا روح قلبي.
هدهد أستنفذت كل طاقتها وصبرها وضمته اكتر صرخت فيه :
- ميشووو أخرس خالص.
واحد من الأمن جه جري بياخد نفسه بالعافيه، قالها انه اتصل بالاسعاف واتصل بي آسر والاتنين جاين في الطريق، زعقت فيه وامرته انهم لازم يتحركو بسرعه على اقرب مستشفى، وشالوا "آمر" بسرعه، وركبوا العربيه لاقرب مستشفى، ساق راجل الأمن، و"ميشو" جنبه بيعيط ويلطم زي الستات ، وهي ضماه لصدرها، وبتمسح وشه، ودموعها سابقاه، وقلبها هو اللي بينزف مش هو، بعد دقايق وصلت للمستشفي، قلبت الدنيا في ثواني، صرخت على اي حد ينقذه، حد من التمريض قرب عليها يسعفه لما شاف وشه عرف أنه "آمر سلامه" المطرب المشهور اخد الترولي وجرى بيه واستدعا الدكتور و دخل العمليات بسرعه، وهي كل قوتها انهارت، وبقت مش قادرة تتحمل، رجليها مكنتش شيلاها، قعدت على الأرض والدموع نازله منها، سيول مش قادره تمنعها ولا توقفها، مش عارفه هي بتكبي خوف لتفقده، ولا على عمرها اللي بيضيع منها، شريط حياتها كله مر قدام عينها، بكت بشده غير اي مره فاتت، فاقت على صوت "آسر" جاي بيجري من آخر الطرقه الطويله قدمها ومعاه "ملك" بتجري وراه، وهو سألها :
- اية اللي حصل ياهدهد؟ آمر جراله اية؟ ومين اللي عمل كده؟
رفعت عيناها الحمرا زي كسات الدم، وملقاش منها اجابة، قربت منها "ملك" وحضنتها، انهارت في حضنها، والصمت سيد الموقف، حاول يفهم "آسر" من "ميشو" معرفش يتكلم من خضته، رد عليه رجل الأمن وحكى له اللي يعرفه، بس التفاصيل كلها عند هدهد" و" آمر" ، الوقت مر كأنه سنين، واخيراً خرج الدكتور، والكل جري عليه يسألوه، فرد عليهم ببتسامه:
- الحمدلله، حالة استاذ آمر بخير جدا، والاصابه جت في كتفه، وخرجناها، وهو دلوقتي تحت تأثير المخدر، اول مايفوق هيروح أوضه عادية، وممكن تطمنوا عليه.
انتهدت "هدهد" واخدت انفاسها وحمدت ربنا أنه نجاه، وانتظرت خروجه بفارغ الصبر.
*************
في المحكمة "ماهر" في قفص الإتهام عيونه على باب القاعة منتظر اي حد يبل ريقه ويطمنه على "بطة" من وقت ما اتحبس شافها مره واحدة وانقطعت أخبارها حتى "صلاح" لما راح شافه آخر مره سأله عليها توه في الكلام خلاص القاضي دخل والحاجب قال (محكمة) الكل وقف وبردو لسه ماحد جه ولا ظهر، الوقت بيعدي على المظلوم كأنه دهر، المحامي اللي عينته المحكمه ملحقش يدرس القضيه كويس، ويلم كل الخيوط نظرا لقلة خبرته والمحامي اللي "بطه" عينته من البدايه اعتذر من اول جلسه ودي الجلسه التالته.
وجه القاضي سؤاله" لماهر" هل هو مذنب وتم قتل الرجل، اجابه بالنفي، وجهت النيابة إدانتها للمتهم بالقتل العمد والسرقة،
أصدر القاضي حكمه بعد استشارة معاونية بإثبات التهمه المنسوبه إلى المتهم واحالة أوراقة إلى فضيلة مفتي الديار المصرية.
ماهر" قعد في الأرض بعد الحكم مش مصدق نفسه واللي سمعه، وعمال يردد أنه ظلوم وان" بطه" مش هتسيبه، هدافع عنه بعمرها كله؛ القاضي لسه بيحكم في قضايا تانيه، اللي ظالم واللي مظلوم الكل في خانه واحدة مايفرقهم من بعض إلا رب الكون.
فاق على صوت هو عارفه كويس بيواسيه من بره القفص:
- ماهر أخويا ماتخفش يا خويا، أنا هتصرف وهطلعك من هنا، وربنا يجازي اللي كان السبب.
"ماهر" بخوف ولهفه زي اللي لقى قشايه في عرض البحر:
-صلاح الحقني يا أخويا، هيعدموني وأنا بريئ والله العظيم بريئ، بطه عارفه اني بريئ اسالها هي عارفه.
صلاح رد بخبث:
-اسألها !! اسألها عن ايه بس منها لله.
-بتدعي عليها ليه؟ أنا قلبي وكلني عليها ماشوفتهاش هي والعيال ليكون جرالهم حاجه.
الخوف دب في قلب "ماهر" ودي كانت فرصه "صلاح" عشان يديله الصدمه الاخيرة:
- ماتخافش اوي كده العيال زي الفل، لكن هي اللي حالها اتبدل أمرت المحامي انه مايحضرش معاك من غير ما أعرف؛ عشان كده مالحقتش اقوملك محامي تاني، ولما سألتها عملتي ليه كده؛ قالت خسارة الاتعاب اللي هتدفع لي واحد حرامي وقتال قتله.
"ماهر" مش ملاحق على الصدمات يمكن صدور حكم الإعدام أهون من حكم "بطه" عليه مش مصدق نفسه ولا اللي بيسمعه، هز دماغه بي نفى ومافيش على لسانه غير كدب... كدب.. صلاح كمل بتأثر :
-تشكر يا أخويا يا ابن امي وابويا، اهو ده أخرتها تكدبني طب ايه رأيك بقى إنها عارفه انه هيتحكم عليك بالإعدام اه ماهي سألت المحامي، وقالت هترفع قضيه طلاق مش عايزه تكون حرم المرحوم الحرامي، اي صدقت بقى أخوك اللي عمره ما يغشك وبجري وراك مع أنك ولا مره اتحبست فيها عبرتني حتى بسجاره ولا سألت عليا.
صوت الحاجب كان عالي سمعه بيقول محكمة الكل قام وقف والعسكري بيشد ماهر يجره زي الضحيه مغيب عن الكون كله يطلعه من القفص على السجن والبدله الحمرا وصلاح ماشي معاه بيطمنه انه مش هيسيبه وهيستأنف الحكم وهيقومله اكبر محامي.
***********
في مكتب "صافي"، ذهنها مشغول، كل شوية تبص في ساعتها، و فجأة الباب اتفتح مره واحده، وكان ابوها اللي نظراته مش مبشرة بالخير، قال بصوت عالي:
- معرفتيش اللي حصل ياصافي؟
قلبها دق وانتظرت تسمع الخبر اللي قالت عليه "كاميليا" :
- اية اللي حصل يابابا خير؟
- مش خير خالص، آمر اضرب بالنار.
وقفت فجأة، والصدمه بانت على وشها، والخوف سيطر عليها والدموع خانتها، قربت منه وسألته بخوف:
- حصله حاجة يابابا، طب هو فين دلوقتي؟
الخبر مغرق كل السوشال ميديا، واتصلت اتأكد من "آسر" اكده وقالي اسم المستشفي موجود في....
مانتظرتش يكمل كلامه، اخذت شنطة ايديها، وجريت تسوق عربيتها بجنون، واتصلت على "كامليا"، واول ماردت صرخت فيها :
- انتي إزاي تعملي كده، انتي للدرجة دي غبيه، أنا قولتلك تموتيه، والله العظيم لو آمر جراله حاجة؛ لادفعك عمرك قصاد عمره ياكاميليا.
حولت تهديها وتبلع كلامها المسموم لأن لسه ما بنهم حساب:
- اهدي بس ياصافي، اطمني زي القطط بسبع أرواح، الاصابه في كفته وقام منها، الغبي جه ينشن على البنت اللي معاه، هو فداها، واخدها هو، المرة دي كان قرصة ودن، وان شاء الله المره الجايه مش هتخيب.
صافي بندفاع وخوف:
- مره جايه هو لسه في مره جايه والاغبيه اللي مشغلاهم دول يضمنوا للمره الجايه.
- عايزاكي تطمني وتعرفي أنا مش بلعب، ورجالتي حواليه، وهينتهذوا اي فرصه ويخلصوا عليها.
- كامليا، بعيد عن آمر، مش عايزاه يتأذي، انتي فاهمه؟
- فاهمه ياروحي، روحيله انتي دلوقتي اطمني على حبيب القلب، ومتنسيش تبكي وتبيني أنك متأثره عشانه.
- أنا مش محتاجة ابين حاجة، لاني بالفعل هموت من الرعب عليه، سلام دلوقتي عشان وصلت.
قفلت المكالمه وطول الطريق بتشتم فيها وفي غبأها.
دخلت بسرعه تجري وسألت على غرفة "آمر" اللي كان طلع واول ما فتح عيونه، كانت "هدهد" قاعده جنبه، والقلق والخوف الصادق، باين عليها، بدون اي تمثيل ولا لابسه أي قناع، شاف الحب بيلمع جواه عيونها، ابتسم وسألها بهمس:
- انتي كويسة، فيكي حاجة؟
هزت راسها بالنفي، حاولت تتكلم، صوتها المنبوح مطلعش، تنحنحت ولسه هترد، دخلت فجأه "صافي" وشافتها مقربه من" آمر" واللي صدمها أكتر لما لاحظت لمعان عينه، والحب اللي باين فيهم وهو بيبص عليها، كتمت غيظها، وقربت عليه، وزقت بإديها "هدهد" اكنها بتشكيل كيس زباله، عشان تقعد مكانها جنبه، ومالت عليه تبوسه من خده، كل ده و"هدهد" واقفه عايزة تجبها من شعرها، في اللحظه دي جه "آسر" وادخل ينقذ الموقف وقال:
- الف حمدلله على السلامه ياحبيبي، كده توقع قلبي عليك؟، منوره ياصافي، تعبتي نفسك ليه؟
- هتعب لأغلى من آمر، ربنا وحده اللي يعلم أنا سوقت العربيه ازاي، لحد ما جيت هنا.
ابتعد "آمر" عنها، وبعد وشه وابتسم ليها ابتسامه صفرا، وقال:
- الله يسلمك ياصافي، شكرا.
قربت "هدهد" والغضب والغيظ منها جامد، ووجهت كلامها ليها بنفس نظرات القرف والاستفزاز:
- الدكتور قال منطولش في الزياره، عشان يرتاح، يالا نطلع كلنا، عشان النفس بس في الاوضة كتير، والاكسجين قل.
آسر ايد كلامها وشاور لي صافي انها تتحرك
اتحرجت" صافي" وزاد حقدها منها، ازاي تطردها بالشكل ده، انسحبت بعد ماسلمت عليه وبسته غظب عنه قصاد الكل وخرجت متوعده ليها بشر ملوش مثيل.
"ميشو" كان واقف بعيد، خايف يقرب، لمحه "آمر" ولاحظ حزنه، نادى عليه:
- تعالى ياميشو، واقف بعيد ليه؟
-بدي اعبطك بس ما بقدر اتحمل شوفك موجوع يا روحي.
آسر بص لي آمر وانفجر ضحك على طريقة ميشو وحبه العجيب لي آمر.
- لا اطمن من بعيد لبعيد كده، الله يسلمك.
"ملك" اطمنت عليه، والكل خرج وكانت "هدهد" اخر واحده، نادى عليها بنبره ضعيفه، لفت وقربت منه وقالت:
- في حاجة وجعاك، انادي للدكتور؟
هز بالنفي، ومد ايده يمسك اديها، ورفعها يبوسها برقة مش متعوده عليها، حست انها طايره من لمسته، بص في عيونها وقال:
- شكرا على اللي عملتيه معايا ياهدهد، انتي فعلا بميت راجل.
سحبت ايدها، وابتسمت بحب، وقالت:
- متشكرنيش على حاجة، أنا لو بأيدي، كنت افديك بروحـ..... .
قطعت آخر كلماتها كانت بدون وعي منها، انتبهت على ابتسامته، حاولت تصلح اللي قالته :
- اقصد يعني، حمدلله على السلامه، هسيبك عشان ترتاح.
خرجت وطلب منها تنادي على "آسر"، اللي دخل بسرعه، وقعد جنبه وسأله:
- أنا عايز أعرف ايه اللي حصل؟
اتنهد وحكى كل شئ، ونظرات الصدمه علي وجه "آسر"، استنى لما خلص كلامه وسأله:
- هي لسه التهديدات بتجيلك؟!
ولا انقطعت من آخر حفله عملتها.
-فعلاً انقطعت من وقتها؛ احساسي بيقول أنه مش أنا المقصود، اللي كان بيصوب هدفه هدهد مش أنا؛ لأني كنت قدامه طول الوقت.
- تفتكر مين اللي له مصلحه في كده؟
مستحيل تكون... لا مش ممكن توصل للأجرام ده.
- مفيش حاجه اسمها مستحيل، واهو حصل في عز النهار كمان، الله أعلم المره الجايه هتصيب مين لازم تكثف الأمن وتزود الكاميرات، وأهم حاجه هدهد ماتغبش عن عيني لحظه واحده لحد ما نعرف آخره الموضوع اي.
- ماتقلقش ياحبيبي، خلي بالك أنت من نفسك، ومتشلش هم حاجة، هتصل بمدير الأمن لشركتنا، واجيب ناس تأمن الفيلا كويس جدا، وهدهد هتكون في عنيا، ارتاح أنت شوية، عقبال ما أوصل البنات الفيلا.
شاور له بالموافقه، وخرج ليهم، وبلغهم أنه يوصلهم، لكن "هدهد" رفضت بشده، وصممت متسبش "آمر" لحظة واحدة، حاول كتير معاها لكن قدام تصممها، طلب من العبودي جارد يوصل ملك على الشركة وميشو سابهم ومشى بس هيرجع لهم تاني، وهو استنى معاها، خاف يسبها لوحدها، لحسن حد يأذيها تاني.
استاذنت "هدهد" من آسر"عشان تروح تغسل وشها وتفوق شوية، وهي ماشيه سمعت صوت واحده بتنادي على الممرضة تلحقها قلبها دق بسرعه، حسه ان الصوت ده اقرب ماليها في الدنيا، بصت بعيد عليها لاقتها امها" عزيزة" جريت عليها بكل شوق الأيام اللي فاتت نادت بصوتها المبحوح، لكنه وصل لامها، اول ما لمحتها نسيت الدنيا وما فيها، ضمتها بحنان ام طال غياب ضنها وهدهد ما صدقت تلاقي حضنها تترمي فيه، بيحكو ويسالو في بدون همس كل اللي طالع منهم صوت أنين دمعهم وأخيراً قدرت عزيزة تخرجها من حضنها وتسالها عن حالها:
- هدهد بنتي، حببتى، وحشتيني اوي ياضنايا، كنتي فين ياقلب أمك، عايشة ازاي؟ واية يابنت الحلاوة اللي بقيتي فيها دي؟ وعرفتي ازاي ان احنا هنا؟ يالهوي دم اي الدم ده حصلك اي جرالك حاجه انطقي ياهدهد وقعتي قلبي.
ابتسمت على طريقة امها اللي مش بتتغير ابداً وردت عليها:
- عمرك ما هتتغيري ابداً يازوزو، لما بتفتحي في الأسئلة محدش بيوقفك، هحكيلك كل حاجة لما نقعد، بس الاول انتي هنا ليه، و بتعملي اي في المستشفى الغالية دي؟!
- عبده تعب تاني، وجاتله الازمه، صرخت وناديت اهل الحته تلحقني، اتصلوا بالاسعاف، والراجل بتاع الاسعاف قالي لو راح مستشفى حكومه هيتبهدل، راحوا جابونا هنا، كشفوا عليه واسعفوه، ولسه فايق بشوف دكتور يجيله، لاقتك اقدامي.
- ياحبيبي ياعبده، هدخل اشوفة على ما تنادي الدكتور.
- يابنت احيكيلي بس، انتي مستخبيه فين، واحوالك ايه؟
جريت على الأرض وبصتلها وشاورت بأديها بعدين، ودخلت تطمن على عبده، اللي اول ما لمحها؛ مد إيده بحنان زي ما بيعمل معاها دايماً عشان تقرب منه، جريت عليه تحضنه، ودمعها بتسبقها عليه، اتكلم معها بصعوبه وقال:
- طمنيني عليكي يابنتي؟
-أنا بخير ياعبده، متشلش همي، قوم انت ياسندي، وشد حيلك.
رد وهو بينهج اوي، وبكلمات متقطعه قال:
-حيلي اتكسر بعد غيابك وقلبي محروق عليكي.
هدهد مسحت دموعه ودمعها وكلمته:
-بس خلاص بلاش دموع مش هسيبك من النهارده، طز في اي حاجه تبعدني عنكم لا هخاف من سجن ولا من دياب ولا من حد في الكون غير ربنا، اكيد هيخرجني منها زي الحكايه اللي حكتهالي صح يا عبده ربنا بينصر المظلوم مهما كان جبروت الظالم مش ده كلامك بس أنت قوم بالسلامه.
عبده بيردد نفسه ودموعه نزله اه ياهدهد ربنا موجود بس الظلم عليكي قوي كنت بصبرك بحياتي عشان تقدري تقومي جبروت الايام لكن دالواقت ماعدش ينفع.
طلع صوته بصعوبه وقالها:
- اسمعيني كويس ياهدهد، مفيش وقت، لازم أقولك على السر اللي في قلبي قبل أمك ماتيجي.
برة الاوضة كانت "عزيزة" ماشية بعد ما خرجت من عند الدكتور، وقالها هيجي حالا يشوف الحاله، وفجأة لمحت "دياب" طالع من الاسنسير من بعيد بيبيص على رقام الأوض، جريت على بنتها تهربها، دخلت تصرخ :
- اهربي بسرعة ياهدهد، دياب جاي ورايا، مفيش وقت.
عبده بتعب:
اجري ياهدهد واوعي تنس اللي قولتلك عليه يابنتي.
لمحت عزيزة الدموع في عنيها، وسابتهم في لحظة انكسار وجريت بسرعة قبل ما "دياب" مايشوفها بس لمح عزيزه وهي بتبص دخلت بسرعه وجت تقفل الباب زق الباب ودخل غضبان وبيزعق فيها هي وعبده:
- فين هدهد ياوليه؟
- وليه لما يولولوا عليك ساعة وسكتوا.
- هربتيها تاني صح، عارف انها هنا أنا هوريكي، انطقي.
مسكته من هدومه، عشان تدي فرصه لهدهد تبعد اكتر، وفضلت تصرخ وتنادي على حد ينجدها، لمحت بعنيها عبده الازمه بتزيد ومش قادر يتكلم، او ينادي عليها، كان بيشاور وصوت متقطع؛ سبها سبها، وقوته بتضعف لحد ما ايده نزلت جنبه وعيونه سلمت، وهي واقفه بتصرخ وبس، بين نارين، عايزة تنقذ بنتها، ومش عارفه تعمل ايه لجوزها، جه الدكتور والتمريض بسرعه، لكن عقبال ما قرب منه كان السر الالهي طلع وقابل رب كريم، وفضلت تبكي وتنوح.
بره "هدهد" بتنهج، حاسة إنها مقسومه اثنين، مصدومه من كلام "عبده"
بتجري ومش عارفه هي بتهرب من اية ولا اية.
الكل خرج من اوضته يشوف مين اللي بتصرخ دي، لمح "آسر" "هدهد" وهي بتبعد عن عينه، بص للست اللي بتزعق، وجري يشوفها راحت فين، واية علاقتها بصريخ ده؟ خرج وراها ساق عربيته وعينه بتدور عليها، لمحها نادى بأسمها :
- اركبي بسرعه ياهدهد.
ركبت وهي بتنهج، والدموع بنتزل من عينيها في لحظة عمره ما شافها قبل كده، مش متعود على نظرات الضعف والانكسار دي منها، قلبه وجعه من غير مايعرف السبب، طبطب على اديها وقال:
- اهدي ياهدهد، كل مشكله ولها حل، بتهربي من اي؟! وليه وبتجري بالشكل ده؟
رفعت راسها وبصت في عيونه، وسكتت مقدرتش تقول أية؟ تقوله انها هربانه من جريمة بريئة منها براءة الذئب من دم ابن يعقوب، ولا تقوله هربانه من اللي مش بيرحم حد يقف قدامه، استمر السكوت بينهم حس إنها مش عايزة تتكلم، او إنها خايفه منه، رفع ايده وحطها على مقبض العربيه بيسوق، وعينه قدامه وقال بزعل:
- معقول أنتي لحد دلوقتي مش واثقه فيه أنك تقولي سرك، صدقيني مش هتلاقي حد يخاف عليكي ادي، قولي ومتخبيش عني حاجة؟
بس الصمت كان سيد الموقف و الرد عليه.
-هحترم سكوتك وهنتظرك لحد ما تثقي فيه وتقدري تحكيلي.
هزت رأسها دليل انها سمعاه، وده أكد له ان الموضوع كبير وأنه لازم يكون جنبها عشان يدخل في الوقت المناسب، بس فضل يفكر هل اللي كانت بتجري منه ده له علاقه بضرب النار اللي حصل لهم؟! ولا دي مشكله تانيه؛ تاه في أفكاره وهي كمان تايهه في دوامه جديدة من كلام عبده والسر اللي طلع لها وهيقلب حياتها رأساً على عقب، ومن ناحيه "دياب" اللي وراها في كل حته.
وصلو الفيلا، استقبلها "ميشو" اللي كان واقف مع الخدم بينظم البيت والجنينه وعمال يسألهم، ويتأمر عليهم كانوا فين وقت إطلاق الرصاص، وازاي ماحد سمع واحده منهم ردت وهي بتعيط من اللي سمعوه عن الحادث :
- مدام نيفين اخدتي أنا ومرفت روحنا على المول القريب من هنا نشتري شويه حاجات مستر آمر طلبها منها (شاورت على واحده من اللي واقفين ) وسعاد اخدت إذن ساعه تودي مامتها للدكتور ومدام نيفين وافقت واخرجنا كلنا سوى ماحدش يعرف ان ده كله هيحصل.
ميشو بصلها بعيونه زي المحقق كلومبو:
-هيك رح اتحقق من حكيك هيدا و روحي شوفي شغلك بلا كسل.
"ميشو" لمحهم قرب من" آسر" بقلق وخوف بيسأله عن" آمر"، وطمنه، تزامن مع دخول "ملك" اللي جريت عليها أول ماشافت وشها، واخدتها لفوق عشان تفهم منها أية اللي مخلي وشها بالشكل ده؟
"آسر" سأل على "نيفين" واحده ردت عليه قالت إنها أول ماسمعت اللي حصل من الأمن اغمى عليها، وأول ما فاقت جريت زي المجنونه ياحول الله تطمن على مستر "آمر"
مسك "ميشو" من كتفه وأمنه يخلي باله من البنات، وأكد على الحرس الجديد وشدد الأوامر أن مافي نموسه تدخل أو تخرج بدون إذن، وخرج عشان يروح المستشفى، وهو بيسال نفسه الايام خبيه اي تاني؟!
ملك فضلت جنب هدهد لحد ما نامت واطمنت عليها سبتها وخرجت عدي وقت كبير وفتحت عيونها على ايد بتلمس وشها ابتسمت لما فكرته آمر لكن سمعت صوت دياب وهو بيقول لها:
فكرك هتهربي مني كتير؛ بس لقيتك في الاخر...
راهنت عليکِ
الفصل ال16
بقلم عبير فاروق_بيروو
غرفه آمر نيفين دخلت ملهوفه عليه ودموعها ماليه وشها، حاول كتير يهديها ومع إصرارها على تفاصيل الحادث، حكى لها خلص كلام وشاف في عيونها نظره هو عرفها كويس حب يتفادها لكن مش هيعرف يهرب من عيون نيفين وسألته فجأة:
-بتحبها؟
السؤال كان صادم بالنسبه له، لكن هو متوقع منها بأي حاجه حب يغير الكلام أو يتوهها عن طريق الغنى والضحك.
-حب اي اللي انت جي تقول عليه أنت عارف قبله معنى الحب ايه.
ضحكت عارفه طبعه لما بيعوز يهرب منها بس هي مصره على مواجهته:
-عايز تفهمني أنك شوفت تصويب المسدس وتقف قدام الهدف ويبقى شئ عادي؟
-عادي... عادي... عادي... مانا عادي اهو..
-طب تفسر بي أيه خوفها وقلقها عليك، طول الطريق وأمن البوابه وهو جايبني على هنا بيحكي عنها وعن اللي عملته معاك.
آمر افتكر هدهد وهي حضناه وبتعيط كل كلمه حفرت في قلبه طرقعه صوابع نيفين فوقته بتسأله :
- هااا روحت فين؟
- رايحين جيين مش عارف السكه دي تؤدي لي فييييييييييين.
نيفين اتعصبت من إنكاره ده
- بقي كده أنا غلطانه إني بكلمك،
جت تقوم من جنبه شد ايديها له وبسها، وقعد يحايلها ويغنيلها عارف انه له تأثير كبير عليها ومش هاتقدر تزعل منه:
- الحب كله حبيته فيك الحب كله
وزماني كله انا عشتوا ليك زماني كله
حبيبي قول للدنيا معايا ولكل قلب بدقته حس يا دنيا حبي وحبي وحبي
ده العمر هو الحب وبس.
"آسر" رجع المستشفى عند "آمر" بس ملامح وشه ما لهاش تفسير، دخل عنده لقى "نيفين" قاعده جنبه وماسكه ايده وعمالين بيضحكوا "آمر" أول ما شافه استغرب من شكله وسأله بضحك:
-ما لك يا ابني وشك عامل كده ليه زي ما يكون واحد مديك 90 قلم على وشك.
"آسر" ببتسامه بسيطه ورد عليه:
- ابدا ما فيش حاجه أنا طبيعي اهو.
"آمر" بيبص وراه يشوف "هدهد" فين وسأله :
-ايه ده امال فين يا هدهد مش انت قولت إنها رفضت تمشي.
"آسر" نسي يقوله تماماً وجرى وراها وروحها من غير ما يعرفه:
- لا أنا لقيتها تعبانه ومجهده واصريت عليها إنها لازم تمشي.
اتعصب من فكره إنها في مكان، وهو في مكان بعيد عنها خايف حد يأزيها فطلع غضبه كله فيه:
- أنت مجنون مش قولتلك ماتغبش عن عينك، افرض حصل لها حاجه هناك وهي لوحدها، انت غبي إزاي تعمل كده من دماغك؟
"آسر" و"نيفين" نظراتهم كلها موجهه عليه، لما حس انه اتعصب زياده وتلميحات "نيفين" بعيونها بيأكد الكلام اللي قلته له من شويه، هو نفسه مش عارف اتعصب ليه ما تروح ايه المشكله بس بعد صمت من التلات أطراف رد عليه:
-اهدي شويه على نفسك وبطل غلط؛ لكسرلك الدراع التاني واطمن آمنت الفيلا والشركة وهنا كما اهدي بقي.
-طب يلا أخفى من قدامي أدفع الحساب على ما اغير هدومي.
"نيفين" بندفاع وخوف:
- انت اتجننت تغير تروح فين انت لسه تعبان.
-يابني أنت على الأقل عايز لك أسبوع لحد ما تخرج.
- مالكش دعوه أنا عارف نفسي، ويلا روح بمزاجك بدل ما تعملها غصب عنك.
"آسر" بص لـ "نيفين" بقلة حيله:
- عجبك كده؟
هزت رأسها وكتفها بنفي وقلة حيله زيه، وشاورت له أن يروح يكمل الإجراءات لخروجه وفعلا خلص كل حاجه بعد إعتراض من الدكتور المعالج لـ "آمر" بس "آسر" اتفق معاه انه يمر عليهم كل يوم يشوفه ويبعت حد يغير له على الجرح بأستمرار.
واحد من البودي جارد 1ماسك شنطته وماشي قدام، والتلاته من وراهم و"نيفين" و"آسر" سنده في الوسط وخرجين من المستشفى ركبوا العربيه "آمر" استغرب ان "آسر" ماركبش بص له وهز راسه بتسائل رد عليه.:
- أي ياعم ماوريش غيرك ولا اي هروح اشوف الشركه واخلص شويه حاجات كده وارجع لك.
- لا ماترجعش روح على بيتك يا سأيل.
- لا قاعد على قلبك ده بيت عمي، وأنا حر فيه.
ضحكوا هما الاتنين مع توصيات "آسر" للحرص انهم يفتحوا عيونهم كويس.
وصلوا بوابه الفيلا، بيدور عليها بعنيه بس مش شيفها قابل ميشو وملك جريت على اوضه هدهد لقتها بتنازع وهي نايمه و وشها مليان مايه وعلامات الخوف ظهره اوي عليها قربت تثحيها بشويش لكن رد فعل هدهد كان قوي بتحاول تقاوم حد في حلمها ملك خافت عليها راحت مزعقه في ودنها جامد اتفزعت مع شهقه قويه منها ملك مسكت ايديها تطمنها هدهد بتتشاهد على روحها ملك ادتها كوبايه مايه وطمنتها هدهد قالت لها أنه كان كابوس بلغتها أن آمر وصل جريت قدمها
واتفاجئ "آمر" وهي نازله من على السلم ، جريت عليه بلهفه وقالت:
- اية اللي رجعك وأنت تعبان كده؟
استمتع بنظرة خوفها، ولهفتها عليه، ابتسم ورد بهدوء :
- مش بحب قاعدة المستشفيات، قولت استريح هنا احسن.
قربت منه بحب، وعيونها ملهوفه عليه، مش قادرة تداري خوفها، ومدت اديها وقالت:
- طب هات ايديك اسند عليا، عشان نطلعك تستريح.
كانت "نيفين" متابعه نظراتهم لبعض، واتأكدت من مكابره "آمر" وطلعته فوق، وبعدين راحت تشرف على الغداء، و"هدهد" اصرت تروح معاها.
-------------------
"بطة" واقفه في وش الباب، بتبص على الراجل اللي معينة "صلاح" من شراعة الباب تشوفه قاعد ولا مش موجود، عايزة تنزل عشان تشوف المحامي يطمنها على جوزها، اول ما قام يصرف نفسه في اي ركن، جريت وخرجت بسرعه، ونبهت ابنها "علي" انه ميعملش حس خالص، ولو الباب خبطت ميفتحش، ويخلي باله من أخته اللي نايمه جوه، نزلت جري على السلم، واول ما خرجت من باب البيت؛ لاقت "صلاح" في وشها بيسألها بحده، وبصوت عالي:
- اية اللي منزلك بتتسحبي كده؟ ورايحه فين؟
اتلجلجت في الكلام وبتهتهه قالت:
- ابدا اصل.. اصل من يوم ماولدت وأنا مش عارفه ارضع البنت كويس، قولت انزل اجبلها لبن صناعي يساعدني في الرضاعه.
- اااه، وكان فين المحروس اللي مقعده يشوف طلباتك، مبعدتهوش ليه؟
- لا اصلي كنت هنادي عليه، ملقتوش، قولت الصيدلية قريبه خطوتين وبس.
- طب اطلعي فوق، ومش عايز اشوف ديل جلابيتك في الحاره، وكل طلباتك هتوصلك.
فضل يزق فيها لحد ما طلعت شقتها وفتحتها، بس هتموت وتعرف اي خبر عن "ماهر" وهو مش مديها عقاد نافع، بيلاوع في الكلام كل مره بس خلاص الكيل فاض بيها.
- ماقولتليش مفيش اخبار عن ماهر وقضيته انا عايزه اشوف جوزي؟
- اه طبعًا فيه، المحروس اتحكم عليه بالاعدام النهاردة.
برقت عنينها، وضربت بأديها على صدرها، وصرخت من قلبها، والصدمه مسيطره عليها، رجليها مش شيلاها من على الارض، الدنيا بدور من حولها، معقول تكون دي النهاية، وجوزها اللي كان شريف هيموت في لحظة ويسبها، "صلاح" متابع بعينه صدمتها، حب يضرب على الحديد وهو مولع، فكمل كلامه :
- اوعي تكوني فاكره انه برئ، يابنتي إحنا هنجرانيه، السرقة دي بتجري في دمنا، ولو كان برئ مكنش القاضي حكم عليه بالإعدام، كل الادله ضده، بس انتي اللي مش عايزة تشوفي حقيقه جوزك اللي أنا عارفها ومتأكد منها.
بتهز راسها بالنفي، مش قادره تصدق كلمه، جوزها وعدها انه هياكلها بالشرف، مستحيل يرجع للحرام، هو تاب، بتحاول تزقه عشان تروح لجوزها، وبتصرخ في وشه:
- اوعي كده سيبني، ملكش دعوه بيا، أنت ملكش حكم عليا، أنا عايزة الحق جوزي واشوفه، أكيد في حاجة غلط، مستحيل ماهر يعمل كده، يسرق ويقتل، أنت كداب، ابعد عن طريقي.
وهنا مقدرش يستحمل كلامها زقها قدامه وقعت على الكنبه، الكل شايف "ماهر" ملاك وهو بس اللي شيطان، وده اللي خلاه يجيب اخره، زعق بأعلى صوته، ومسكها بقوة من ايديها وهز فيها جامد، لدرجة وجعتها، اول مره تشوفه بالغضب ده، خافت من شكله:
- انتي فاكراها اية وكاله من غير بواب، قسما عظماً لو خرجتي يابطة، ولا لمحت طرفك لهيكون اخر يوم ليكي تشوفي الشارع، وهحرمك من عيالك، ولا هتعرفي ليهم مكان، وانتي عارفه أني اقدر أعملها، فاتلمي احسن واتكني في شقتك، خابت هي على اخر الزمن النسوان تلف في السجون، أخويا أنا اولى بيه، ومش هسيبه، واياك المحك تاني في الشارع.
وتوالت الصدمات فوق راسها، لكن المرة دي الضربه كانت قاضي مقدرتش تتحملها، كله إلا عيالها نن عينها من جوه، سكتت، ودعت جواها ينتقم من الظالم المفتري، بنتها بتعيط جريت عليها اخذتها في حضنها، وابنها شايف وسامع كل ده بس طفل مش فاهم حاجه؛ بيعيط على عياط أمه فضلت تنعي حظها اللي وقعها تحت رحمة من لا يرحم، مكنش قدامها غير الدموع تنزل من عيونها بقلة حيله، فاقت على ايد ابنها بيديها التليفون اللي بيرن ومش مبطل رن من بدري.
*************
في عز الليل وسكونه، واحلامه اللي الكل بيتمنى يشوفها، إلا واحد مش قادر يغمض جفونه رغم تعبه واجهاده طول النهار؛ إلا أن النوم جفاه، قام يشم هوا من شباك اوضته ويطرد كل الأفكار اللي قلقه نومه، بيفكر فيها طول الوقت؛ لسه حاسس بحضنها بيضمه ودمعها اللي نزلت علشانه مش متخيل انه ممكن يحس الشعور ده، كل فكره عن الحب انه بيساوي المساومه على المشاعر، عمره ما شافه ولا عرفه كل اللي فات كان خداع وكدب وغش؛ هو مثال واحد عن الحب الصادق متذكره في امه وابوه لكن كانت نهايته الموت، وحاليا عرفه وحسه بردو عن طريق الموت، ليه على طول الحب الحقيقي متعلق بالموت بالشكل ده؟ اللي بيحب بصدق نصيبه الفراق مافيش قصه حب كملت من بدايه الخلق لحد دالواقت.
شاف خيال تحت الشباك فضل متابعه، لحد الخيال ده مابقى قدامه مباشرةً؛ شخص لابس بنطلون اسود وسويت شرت بي طاقيه ورفعها مغطى وشه، وبيتسلل وطريقة للجنينه الخلفيه "آمر" فكر يزعق أو ينادي حد من الحرس، بس هيلفت انتباه وممكن يأذي حد قرر ينزل وراه وأول ما يقرب منه يمسكه وينادي على الأمن، بس قبل ما يتحرك لمح وش الشخص ده وكانت "هدهد" وهي بتتلفت حواليها تشوف حد شايفها ولا لأ "آمر" للحظة اتسمر مكانه "هدهد" ازاي وليه بتتسحب وتتلفت كده؟ وليه كده ليه؟ أسأله كتير قطعها ونزل يجري يشوفها رغم تعبه اللي قل من سرعته، على ما وصل لمكانها كانت اختفت دور عليها كتير ولا لها أثر في الفيلا كلها.
------------------------
عند "كاميليا" بترن على" صافي" وطلبت منها تروح ليها على وجه السرعه لأمر مهم "صافي" استغربت من الححها بس ركبت عربيتها وراحت لها فتحت بترحيب :
-اهلا... اهلا.. يا صافي اتفضلي.
- في ايه يا كوكي الموضوع ده ماينتظرش للصبح يعني؟!
- صبح (ضحكت بمياعه) إحنا بتوع صبح جرا ايه يا صافي ما ده العادي بتعنا ايه الجديد يا قلبي.
-أبداً يا ستي بابي مركز معايا اليومين دول، ومشدد عليا أقل من السهر وكده يعني... يلا قولي عايزه اي مهم اوي كده.
- ودي تيجي من غير ما نشرب كأس الأول.
-لا.. لا.. لا لو رجعت شاربه مش ضامنه رد فعله ايه.
-طب نمشيها عصير فريش ونتكلم.
طلبت من الخدامه تجبلها عصير لـ"صافي" ، وليها كأس وسكي وبدأت تتكلم وهم بيشربوا.
-ها اي الموضوع.
- الموضوع قرب يخلص وعايزين نتمم اتفقنا.
"صافي" بدأت دمغها تتقل، وعيونها الرؤيه فيها مشوشه حتى كلامها مش وصلها نصه، الصوت بيتضخم ويرفع لوحده مسكت دمغها تسندها وبصوت متقطع.
- انت.. مم اي، اه.. أي.. ده مش قادره اي بيحصل.
جت تقوم "كاميليا" قعدتها تاني.
- أي مالك يا روحي حسه بي أيه؟
-مـ... شـ.. ش عار.. ف.. ة انا جـ.. ر أ.. لي ايه شر.. بت اي ؟
"كاميليا" بضحكه مليانه شر وكره.
- شربتي عصير فريش بس انتي اللي مرهقه شويه دلواقتي ترتاحي عالآخر.
"صافي" غابت عن الوعي تماما، "كاميليا" اتصلت على "جاسر" جه بسرعه، فتح بمفتاح معاه كانت ادتهوله قبل كده، بينادي عليها أول ما وصل عندها اتصدم من منظر "صافي" وهي نايمه على الكرسي قدامها، والتانيه حطه رجل على رجل بتشرب سجاره بتنفخ دخانها في الهوى، جرى بلهفه عليها يفوقها اتعصب على "كاميليا" واسألها ايه حصل، وعملت فيها ايه؟ هي اتعجبت من رد فعله وهجمته في الرد:
-أي مالك كده مخضوض عليها اوي مش ده اتفقنا واللي بتتمناه من زمان؟
"جاسر" تراجع شويه في رد فعله وبرر لها:
- اه بس كده فجأة من غير ما تعرفيني، وبعدين أنا خوفت عليكي انتي فكرتك اتجننت وقتلتيها ولا حاجه.
- ايوه كده اتعدل، ولو مش عايز تكمل انتقامك زي ما بتقول؛ اجيب الف غيرك يخلص عادي يابابا عملتها قبل كده كتير.
-أنا عند كلمتي واتفاقي (حب يلطف الجوي قرب عليها وضمها له وكمل بهمس) بس عارفه اللي مزعلني اوي كده؛ أنك مش هتنامي في حضني الليله دي (غمزها) بس مش مشكله اخلص على البتاعه دي وارجع لك ياقطة.
كاميليا ضحكت بمياعه :
- لاااا أنا عايزاك تتأنى كده وتتمزج وعلى راحت راحتك، أنا هروح فين مانا اهو يا روحي.
"جاسر" اتاكد من كلامها ان في حاجه تاني هي ناويه عليا، بس مش عارف يكشف أوراقها كلها حط في باله انه يسايرها لحد الآخر، قرب على "صافي" وشلها بين ايديه وابتسم بخبث وشر وقال لها:
- بردون يا روحي بقي اديكي شايفه.
اخدها على أوضه، "كاميليا" سبقته وفتحتله الباب التاني، دخلها مع ضحكه ميعه منها ونظرة غدر وشهوه منه وقفل الباب برجله، جريت على اوضتها فتحت شاشه كبيره وظهر قدمها "جاسر" وهو بينيم "صافي" على السرير ضغطت على كام زرار بالريموت.
"جاسر" قرب عليها اوي؛ بيبوسها واتعدل خلع قميصه رماه على الأرض، فك سوسته فستانها، خلع جذمتها رماها بعيد، ومد ايده طفى نور الابجوره، كانت هي مصدر إزعاج له.
"كاميليا" بره هتتجنن مش شايفه حاجه لعنته بغضب، الرؤية انعدمت خالص اتنرفزت أكتر وراحت تفتح عليهم الباب بعنف لقت رد "جاسر" وصلها بسرعه.
-لا ماتحوليش ياروحي الباب مقفول وايدي مش فاضي افتحلك.
نهى كلامه بضحكه شرير، طمنتها انه بينفذ اتفاقه، وحسبتها بين نفسها انه كفايه توريها اول الفيديو ده كفيل انه يموتها بالحيا.
خلص "جاسر" مهمته بكل إتقان، عدل هدومه؛ ولاحظ أن "صافي"بدأت تفوق في السرير، بتحاول تشيل دمغها مش قادره فتحت عيونها نظرتها مشدوده بصه للسقف مش هي اوضتي، وفي لحظه افتكرت انها مش في بتها اصلا ماروحتش قامت بضعف بصت على روحها، حست انها مسلوبه منها، عريانه برغم انها لابسه فستانها المفتوح، بروده قويه قشعرت جسمها، رفعت جماله الفستان عدلته بدون تركيز، بصت على رجلها لقتها حافيه انتفضت تقوم تدور على جزمتها لاقت فرده، كانت تايهه عيونها مفتوحه على وسعها بتبص زي المجنونة على التانيه، عايزة تخرج من الكابوس ده بأي طريقه ممكنه، عدلت نفسها، ضمت جسمها بي أيدها قفلت فستانها بسرعه جنونيه شدت شعرها المنعكش ورى ودنها، بتمم على نفسها مش مستوعبه اللي هي فيه، بتبوص بخوف في الاوضة حواليها، كل ده
و"جاسر" قاعد على كرسي وحاطت رجل على رجل بكل عظمة، وجزئه العلوي عريان وبيتفرج عليها عيونهم اتلاقوا هي بنظره مصدومه له وزعت نظراتها بين جاسر والسرير، لمحت علامات براتها وشرفها منحور قدمها، بتهز دمغها بنفي وبصريخ يصحى الاموات جريت عليه زي النمره المفترسه، تقطعة بضوافرها وشه جرحها كبير، بتنزف ألم، وشرف، وكرامه، صرخه مدبوحه جت علي اثرها "كاميليا" لمحها "جاسر" بتقرب سمعت "صافي" وهي بتردد بأنهيار:
- أنت .... أنت عملت فيا اية ياحيوان ياحقير؟
بصلها بعيون بتلمع من الانتصار، وحاول يمسك اديها بقوه، وهزها جامد :
- هكون عملت اية يعني ياقطة؟
عملت اللي كان لازم يتعمل من زمان، وانتي مرضتيش اخده في الحلال، فأخذته بطرقتي، عشان تعرفي ترفضي "جاسرالحسيني" أنا مفيش حد يقولي لأ.
رفعت ايدها وضربته قلم بكل قوتها وضعفها وكسره نفسها، كان هيرده لولا دخلت "كاميليا" في وشها وبتضحك بانتصار وعيونها مليانه غدر وشماته، كملت على صدمه "صافي" اكتر وعرفت انه اتغدر بيها في لعبه قذرة، مش قادره بتنفي اللي شيفاه بعينيها حسه انه كابوس بيقتلها عايزه تهرب من العالم كله من نفسها، ومن جاسر، ومن كاميليا، لكن مسكتها من ايديها بتكمل شماته وطعن الغدر بتكمل عليها بضحكه رقيعه:
-على فين يا عروسه صاحيه مباركه ما لسه بدري.
واقفه مش قادره تستوعب حجم الكارثه اللي بقت فيها، قربت منها مسكتها من شعرها، وفضلت تضرب فيها وتصرخ تقولها:
- أنا هوديكم في ستين داهية، انتوا متعرفوش ابويا ممكن يعمل فيكوا إيه ياسفله، يامجرمين.
جاسر ادخل وخلص "كامليا" من ايدها ضحكات سخرية دوت المكان، نزلت ايديها، وضربتها بخفه على وشها، وقالتلها بكل جبروت:
- أعلى ما في خيلك اركبيه، انتي وابوكي، لو شاطره روحي افضحي نفسك، وأنا هنزل الفيديوهات تغرق السوشال ميديا، خلي المراهقين تتبسط، وأبقى كسبت فيهم ثواب، فوقي ياقطة كده واعقلي، الروس اتساوت؛ عشان تبقي تبصيلي عدل وبلاش انعرقه كدابه، من طراطيف منخيرك.
كملت بنتقام وغليل:
فكرك نسيت كل عميلك فيه وانا وسط شله زيكم، كل واحده طلعه في العالي ولمسه نجوم السما بايديها، وكل يوم، بابي ومامي، سفرنا، اتفسحنا، الكل كان بيبصلي كأني نكره، حشرة خيفين تلمسوها، دخلتيني وسطكوا ليه اهه؟! عشان اكون خدامه ليكي وليهم، سني من سنك وعايشين في نفس المكان، ولا عشان ابوي حته بواب في فيلتكم تعملي كده فيه، ذنبي ايه في الدنيا أن ابويا ع قد حاله؛ ولما حبيت واتحبيت وقولت هو ده اللي هيرفعني لي فوق زيكم، اترهنتي بشكولاته عليه أنتِ وصحباتك (ضحكت بهستريا) باعني بحته شكولاته، أنتِ سبب اللي وصلت له ده، بعت لحمي عشان اعيش زيكم واحسن منكم؛ بس بردو نفس النظرات هي هي ماتغيرتش؛ لكن دالواقت ماحدش احسن من حد، الروس اتساوت يا حلوه.
وطت "صافي" عينها في الأرض، في لحظة انكسار عمرها ما اتخيلت تحصل لها، حست انها فعلا ضهرها اتكسر قدام نفسها قبلهم، ومشيت بتلملم نفسها دموعها رسمت نهر جاري على خدها، شدت على نفسها وطلعت تجري على باب الشقه وخرجت منه تهرب من عيونهم ومن نفسها قبلهم، وهي مش عارفه هتعمل اي أو مصيرها اي؟
جاسر خارج قدام "كامليا" مستعجل بيلبس الجاكيت دخل الاوضه التانيه سحب الكارت اللي على جهاز التسجيل اللي حصل وخارج لقها في وشه عرفته انه اخدهم مدت ايدها بجبروت له:
- هات اللي اخدته يا جاسر.
- اللي اخدته ده هظبطه وابعتهولك ياروحي لازم أخفي ملامح وشي ولا انتي عايزه تلبسيني في الحيط.
بصت له بعدم ثقه وبتأكد عليه:
-جاسر انت عارف التسجيل ده لو ماجنيش هعمل فيك اي؟
-اه عارف هحط وشي في الحيط وتذنبيني... سلام ياقطه.
خرج قدمها عقلها بيودي ويجيب نفضت كل حاجه من دمغها وقالت هو متورط معايا من الاول مش هيقدر يغدر بيه لا.. لا جاسر ما يعملهاش.
************
طلع "آمر" اوضته ودماغه بتنفجر من كتر الاسئلة اللي ملهاش إجابه، فضل علي حالته دي، رايح جاي في الاوضة، كل اللي بيعمله يشرب في سجاير، ويفكر فيها، خايف يحصلها حاجة، مرعوب من فكره أن اي حد يأذيها، طب ليه كل القلق ده، مش عايز يعترف انه حب، بيبرره انها هي المنقذ اللي هتنجيه من جوازة "صافي" ايوة هو اقنع عقله بكده،" آسر" جه في باله، فكر يتصل يشوفه اتأخر ليه لحد دلوقتي، مش وقته خالص التأخير ويسيبه لوحده ويسهر، فجأة لمحه جاي داخل عليه، لسه هيتصل بيه عشان يطلعله فوق، اتصدم لما شاف
"هدهد" نزله من عربيه بتضحك وجاية معاه، هنا وقف مشلول من صدمته، خبط ايده بكل قوة على الشباك، يطلع غضبه ونرفزته، غمض عينه بألم، حس بنغزه في قلبه، جربها قبل كده، كلم نفسه بنبره حزينه مدبوحه:
- معقول كان خداع، حضنها، كلامها، لمعة عنيها، خوفها اللي كان واضح، معقول كل ده كدب وهي مقضياها مع الكل، كلهم صنف واحد... كلهم خداعين.. مزيفيين بتوع مصلحتهم وبس، كل بنات حواء ميستهلوش غير الدوس تحت الرجلين، اقضي معاهم ليله، وفي اخرها ارمي قرشين في وشهم وعلى الزباله، وغيرهم وغيرهم، مفيش حاجة اسمها حب... الكلمه دي ماتت من زمان وانتهت بالنسبة لي .
مسك دماغه من شدة الصداع، قعد على اقرب كرسي، شارد في تفكيره، باين عليه الحزن، والزعل، محسش بدخول"آسر" وبيسأله:
- انت كويس يا"آمر"؟
رفع راسه وهزها، وطلب منه يسيبه يرتاح، استغرب من طريقته، لكنه برر بانه تعبان.
**********
بدأ يوم جديد، وبإحداث جديده على الجميع، وصل المأمور مكتبه واول ما شاف "دياب" نادى عليه بصوت حاد، ولهجه امره يحصله على مكتبه، حس أن الموضوع كبير، ومش هيعدي على خير، اول مره يكون شكله كده، مشي وراه وهو ساكت، دخل مكتبه، قفل الباب وراه، كان واقف قدامه زي التلميذ اللي متعاقب؛ كان صوته عالي، وبيتكلم بغضب :
- أنت اية اللي جرالك يادياب، من ساعة القضية دي، وهروب البنت منك، وانت اهملت في شغلك، والكل بيشتكي منك، فين دياب اللي كان موقف القسم على رجله واحده، ومفيش منه اي شكوى، أنا حذرتك كتير، وده اخر انذار، ياترجع زي ماكنت، يا إما أنت عارف هعمل إيه؟ !!
كان بيسمعه وهو بيغلي من الغضب، ومش قادر يرد، والكل اللي مسيطر عليه هو انه يفش غله من "هدهد" وبس، ويدوقها من النار اللي بتحرقه، هز دماغه ورفع ايده يقدم التحيه وقال:
- مفهوم معاليك.
اداله ملف في وشه وقاله بعنف:
- اتفضل، غور من وشي، وشوف القضية دي؛ عايزها تخلص وتنتهي.
- تمام يافندم.
خرج من عنده، وعايز يخرج كتله البركان اللي جواه في اي حد، نزل تحت في الزنزانة، مفيش غير الغلابه، يطل غضبه فيهم، مسك الكرباج وبكل غل بيضرب، ويضرب، ويستلذ من صوت صراخهم، كان متهيأله ان اللي بتصرخ دي "هدهد" فبيزيد كمان وكمان، على رفضها له، وهربها منه، وعلى كل اللي هو فيه من تهزيق واهانه بسببها، كان بينهج من كتر الضرب، خرج الشحنه اللي جواه، وخرج لقى عسكري ماسك واحد صغير في السن، بيسأله ماله ده، رد عليه وبلغه أنه اشتبه فيه، لانه معهوش اي إثبات شخصية، اخده مكتبه، وخرج قطعة حشيش وحطها في جيبه، ولبسه قضية، ضرب اللي واقف على قفاه رد على العسكري بكل بساطه كده بقي معاه جره اعمله محضر وع الحجز، وهو ده اللي دايماً بيعمله "دياب" ظلم وافترى، قعد على كرسيه بيلقط انفاسه بعظمه ونظرات غدر للفراغ قدامه، بيفكر ازاي يلاقي اللي طيرت منه النوم، فاق على صوت تلفونه، رد بسرعه:
- الو ياباشا، عرفت طريق اللي بتدور عليها.
اتنفض من مكانه وقال:
-بتتكلم جد يازفت، لاقيت هدهد؟
الفصل ١٧
راهنت عليكـِ
بقلم عبير فاروق
اتنفض من مكانه وقال:
-بتتكلم جد يازفت، لاقيت هدهد؟
أنت فين مكانك وهجيلك حالا.
- أنت عارف المستشفى، واقف بعدها بشوية.
قام بسرعه وبيجري، بعد ماقفل معاه من غير مايرد، قطع مسافة الطريق في دقايق كان واصل لحد عنده، اول ماشافه، ضربه على قفاه، سأله بغضب:
- هي فين يازفت؟
انتبه للضربه، ومسك قفاه، وهو بيشتم جواه، ولما شاف ثورة الغضب، اتلجلج وقال:
- والله ياباشا، أنا كنت واقف زي ما أنت وصتني والله يا باشا دماغك دي اللماظ عرفت منين أن امها هتيجي هنا؟!
ضربه قويه على وشه من دياب رفع ايده يحمي نفسه وكمل:
خلاص.. خلاص. اهو كنت بتابع أمها زي ما أنت طلبت، ولمحتها خارجه من المستشفى مع واحد، ويادوب ركبت المكنه، عشان قولت كده بالنباهه هتروح لبنتها.
قاطعه بزعيق عشان يخلص ويكمل بسرعه
- مشيت وراهم، وفجأه المكنه عطلت، حاولت اصلحها، حلفت ميت يمين ما تمشي، ولا تتحرك خطوة.
مسكه من هدومه وهزه جامد وفضل يزعق، ويضرب فيه باللكميات بدون رحمه، وكل لكمه يقوله:
- يا ابن الجزمه، ياغبي، ماتتحرق ام المكنه، وكنت تاخد تاكسي وراها، اجبها منين تاني ياابن الفقريه، غور من قدامي، كتك الارف في شكلك.
هرب من بين ايديه بأعجوبة ما صدق يفلت منه، وجري من قدامه، مش منتبه للدم اللي بيسيل من بوقه، المهم ان ربنا نجاه من ايد الشيطان.
وقف "دياب" يبص يمين وشمال، مش عارف يعمل اية، متكتف الايدين، اتنهد بقلة حيله وراح للقسم يطلع غضبه في المحبوسين.
***********
الصبح الكل قاعد على طربيزة السفرة، عشان يفطروا، وش "آمر" متغير، مش طايق حد، كل ماحد يكلمه يتنزفز عليه، حتى "آسر" كانت معاملته جافه معاه، حاول يمسك "آمر" اعصابه وسأله بنبره حاده:
- أنت كنت فين مع هدهد إمبارح؟
رد بهدوء وعلامات وشه عاديه، قطع بالسكينه قطعة جبنة من قدامه:
- ابدا كنت مضيقه اختها تشم شوية هواء، لافينا بالعربيه وعزمتها على العشا، وبعدين رجعنا.
كان بيبصله أوي؛ عشان يتأكد من صدقه، بس مش عارف ليه قلبه قاله ان في حاجة مخبيها عنه، "آمر" حافظ ابن عمه عن ظهر قلب، لسه هيتكلم كانت "هدهد" جاية هي "وملك" بتقرب عليهم، وبتقعد تفطر معاهم، نظراته مش مريحه ليها، عينيهم اتقابلت هو بلوم وعتاب، وهي بحيرة من أمره، مش عارفه عملت اية مزعله، بصت للطبق اللي قدامها، وحاولت تفطر معرفتش تاكل، وقامت من مكانها، سألها "آسر" بلهفه:
- رايحه فين ياهدهد، أنتي مفطرتيش خالص؟
- معلش مليش نفس اكل، هروح اتدرب شوية في الجيم قبل ميشو مايجي، عن اذنكم.
سابتهم وخرجت تتدرب، وجواها ملايين من الأسئلة محتاره فيهم، وفضل "آمر" يمثل انه بياكل، والجو مشحون ومحدش فاهم حاجة، قام "آسر" واخد "ملك" عشان يروح الشركه، وهو قام يشوف "هدهد" ويحقق مع الأمن ازاي تخرج من غير ماحد فيهم لاحظ، واتخانق معاهم وخصم ليهم اسبوع من مرتبهم.
صوته كان عالي، سمعته "هدهد" وتأكدت انه في حاجه مضيقاه، فكرت تروح تسأله خافت من رد فعله، فضلت تمشي على المشاية وتزود سرعتها، بتهرب من كل افكارها، وتطلع ضيقتها في التمرين.
**********
طلع النهار "صافي" لسه بتلف في الشوارع، تايهه في صدمتها رجليها هي اللي ممشياها بلا هدف، اول مره تحس بالعجز وتعرف يعني اي كسره نفس، عقلها واقف مش قادر يستوعب اللي حصولها والفخ اللي اتنصب لها، من صحبتها اللي شيله لها كل الحقد والغل؛ فاقت على صوت كلاكس عربيه جيه عليها بسرعه، وهي واقفه في نص الشارع، العربيه وقفت في آخر لحظة قدمها، يفصل بينهم كام سنتي، فتحت عنيها على وسعها شافت صاحب العربيه وهو بيزعق كتير بس مش سمعه ولا حرف، عدت الطريق شاورت لتاكسي عشان يوصلها الفيلا.
وصلت "صافي" وخبطت دقات خفيفه، فتحت بسرعه الدادا، اللي اول ماشافت شكلها اتخضت وقالت:
- مالك ياصافي، كنتي فين كل ده؟ والدك سأل عليكي، وقولت له لسه نايمه، كده برضو تخليني اكدب، خوفت عليكي من ساعة المره اللي فاتت لما زعق معاكي، انتي شكلك مش مريحني.
- دادا مش قادرة اتكلم، حاسبي التاكسي وسبيني ارتاح.
- تاكسي، وفين عربيتك؟
- دادا قولتلك مش قادره.
طلعت فوق اوضتها، تاخد شور، يمكن الميه تفوقها من الكابوس اللي عايشه فيه، والدادا هتتجنن مش فاهمه حاجة، حاسبت السواق، ولسه هتطلع تشوفها وتفهم، لاقت واحد بيخبط على الباب وبيقول:
- دي فيلا الانسه صافي؟
- ايوه أنت مين؟
مد ايده بظرف كبير اده لها:
- الحاجه دي بتاعه "صافي" هانم.
-ايو بردو اي ده ومين اللي بعتك؟!
مشي وسبها في حيرتها، واخدت حاجاتها، وطلعت تديهم ليها، كانت لسه مخلصتش الشور، فضلت مستياها، وعقلها بيودي ويجيب، لحد ما خرجت وقالتلها:
- في واحد جبلك الظرف ده، ولما فتحته لقيت شنطتك ومفتاح عربيتك، ممكن افهم في إيه؟
حاولت تلاقي اي مبرر، بس مش عارفه، لكنها متأكده إنها مش هتسبها غير لما تعرف، خطر في بالها فكره وقالت:
- مفيش كنت سهرانين مع الشله في نايت والوقت اتأخر، العربية عطلت وسبتها، واخدت تاكسي، اكيد حد منهم بعتها مع الشنطه اللي نستها معاهم، وأهم بعتوهم، ممكن بقى تسبيني عشان تعبانه وعايزة انام.
بصت لها بنظرات عدم تصديق، ولا اقتناع، وحست ان الموضوع كبير، ولاول مرة تخبي عليها، خرجت ودعت ربنا أنها تكون غلطانه، وبمجرد ماقفلت الباب، ارتمت "صافي" على السرير، وانهارت كل قوتها، وفضلت تبكي لحد ما نامت.
***********
الباب خبط، كان هيفتح "علي" بطه نادته وقالته هي اللي هتفتح، اول ما فتحت لاقته "صلاح" بيصبح عليها، وبيقدملها لبن صناعي وبيقول:
- اتفضلي يابطة، مهنش عليا البنت الصغيرة تفضل جعانه، دي لحمي برضو، وأنا مقدرش انسى العيال.
مدت ايديها، وبتاخد منه علبه اللبن، وهي مبتسمه، كان مستغربها اوي، دي اول مره تبتسم في حياتها في وشه، وبتقوله:
- كتر خيرك ياصلاح، ربنا ميحرمناش منك ياخويا، أنا والعيال بقينا ملناش حد.
رد باندفاع، وبحماس، وهو بيضرب بخفه بيده على جنب رقبته:
- وأنا روحت فين، رقبتي فداكي أنتي والعيال؛ ولا تشيلي هم حاجة طول ما أنا عايش.
- انشالله ماتحرم منك، مش عايزة اتقل عليك، أنا بقول هنزل افتح الكشك، ورزقي ورزق العيال على ربنا.
- والله مايحصل ابدا، ولا تتحركي من شقتك، انتي تفضلي في بيتك تربي العيال في حضنك، وأنا هفتحه، والأجره تجيلك اخر الليل، وانتي برنسيسه متستته، هو ايه يابطة، ده انتي في حما صلاح، مش هعرف اعززك ولا اية؟
- تسلميلي يارب، اللي تشوفه يا اخويا، هو أنا أقدر اكسر كلمه تقولها.
- هو ده عين العقل، هاتي المفتاح عشان هستأذن وافتح الكشك.
- من عيوني، اتفضل، كتر الف خيرك يا اخويا، ربنا يخليك لينا.
مشي "صلاح" وراح يفتح الكشك، وذهنه مش مبطل تفكير، في حال "بطه" اللي اتقلب ١٨٠ درجة، مش عارف يفهم التغير ده اية سببه، دي لاول مره تتكلم بحنيه، ومش كده وبس، لا دي بتدعيله كمان !!
فضل يكلم نفسه كتير، لحد ما وصل لنتيجة واحده مفيش غيرها؛ هي انها خافت من تهديده ليها، بأنه ممكن يحرمها من عيالها، خصوصا انها متأكده انه يقدر يعملها، ابتسم بفخر وقال بصوت واضح:
- ياواد ياصلاح ياجامد، والله مفيش زيك، يارعبهم بالقوي.
وبعدين ضحك في كراره نفسه.
*********
في مكتب "آسر" بيلهي نفسه بالشغل، مش عايز يفكر كتير في حالة "آمر"، حس فجأة بصداع، لسه هيضغط على الجرس يطلب من البوفيه فنجان قهوة، لقى "ملك" بتخبط وداخله في اديها صينيه، عليها اكتر من ساندوتش، وفنجان قهوة، بصلها بنظرة جديده عليها، فيها حنيه وقال:
- لسه كنت هطلب قهوة، تسلم ايديك.
- طب ممكن قبل القهوة، تاكل ساندوتش، أنت مفطرتش كويس.
كانت بتتكلم وهي قريبه منه، وموطيه بتحط الصينيه على المكتب، وصله ريحة برفانها، بيفكر شمه مع مين؛ لكن مش مهم حس بهدوء نفسي جداً، رفعت عينيها، وبصت له بحب، وقدمت الاكل له، اخدت شندوتش بتقديمه له، مسك ايدها، وقرب الاكل من شفايفه وقطم قطعه، حس أن اديها تلجت من لمسته، شعور غريب سري داخل نبضات قلبه، اول مره ياخد باله من "ملك" بالشكل ده، صوتها رقيق اوي، الحنية اللي جواها أجمل مافيها، جدعنتها مع "هدهد" وهي متعرفاش، خوفها واهتمامها بيها، كانت قريبه منه اوي، اتعدلت ووقفت، كانت في حاله لا يرثى لها، مش عارفه تحدد أساسها وشعرها اي؟! طايره، ولا دايخه، لأ شكلها هيغمي عليها، وحاولت تمشي، مسك اديها تاني، وطلب منها تاكل معاه، رفضت بذوق، اترجها بعيونه ، قعدت على الكنبه، واكلوا مع بعض، أول مره يحس انها لبقة في الحديث، استغرب روحه انه كان زمان مش بيتكلم معاها كلمتين على بعض، لكن دلوقتي مش عايز الحديث بينهم يخلص، استمر بينهم الكلام، والضحك خصوصا لما جت سيرة "ميشو" وتقليدها لطريقته، وحبه الغريب لعضلات "آمر" مكنش قادر يبطل ضحك من طريقتها الطفولية في الكلام، كان بيبصلها بنظرات غريبه عليه، حب روحها اوي، حس اد ايه هي قريبه منه، في حاجة بتشده ليها بس مش عارف اية هي؟ طال الوقت من غير ماهما يحسوا.
***********
"هدهد" في صاله الألعاب الرياضيه بتكمل تمرنها؛ بعقل شارد مش حاسه بوقت، ولا بجهد، ولا سرعه مشاعرها مجمده زي أنين آلي بيتحرك وبس، انتبهت على صوت ميشو وهو بيتكلم بخضه من شكلها، وقطرات العرق مغرق وشها وجسدها؛ دليل على أنها اجهدت نفسها بالتمرين مد ايده خفف السرعه لحد ما وقف الجهاز وقالها:
-أي.. شو عم تعملي بحالك يا مجدوبة، بدك تموتي حالك وانت بعدك صغيرة بعمر الوردة يا ويل قلبي عليكي.
بتاخد أنفسها بسرعه رهيبه بصت ناحيته بدون رد:
-يا تؤبريني لا تسكتي هيك حكيني و خلينا نتخانق ردي عليي و قولي شو صاير معك، انا ميشو و عارف ان هيدا السبع مزعلك.
بصتله بعيون دامعه وماجوبتش.
-قولي شئ لا تضلي ساكته هيك؛ شاهي ولا احكي هدهد وتخانقني يلا ردي وقولي شي صارلك؟
-ابدا مافيش حاجه يا ميشو ويلا نكمل تدريب النهارده، وقولي هعمل اي؟
بصلها بدون اقتناع لكن كمل عادي يمكن يخرجها من اللي هي فيه ده وكلن نفسه بتفكير:
- اه يا ميشو شو عم تعمل، بدنا نظبط هالخطوات و بعدا بتصير تمشي على السجادة الحمرا يا عيون ميشو.
- ايوه يعني عايزاني اعمل اي بظبط مش فهمه؟!
- يعني هلا تطلعي تظبطي حالك دريس، ميك اب، شعراتك، وشوز بكعب وتنزلي على الدرج بخفه ودلع هيك تظبط خطواتك بلكي يحس وحش الغابه.
ابتسمت على كلماته، وطلعت تظبط حالها انضم "ميشو" لي "آمر" داخل الفيلا ينتظر نزولها، وميشو حب يتقرب ليه بالكلام لأن "آمر" مش بيسمح له يقرب المسافه شافه بيحرق في سجاير كتير بدون وعي.
-والله مابعرف صرعتوني انتو التنتين مين منكم بدو يموت حاله أسرع من التاني.
انتبه على كلامه ورد بعصبيه:
- بتقول اي يا زفت انت مين هيموت مين.؟!
حكاله كل اللي شافه على "هدهد" اتبدلت ملامحه من غضب لحزن، واتأثر لبعض لحظات مش قادر يصدق اللي سامعه، ولا اللي شافه بعينيه، فضل في دوامه مستمره رمته في أحضان الشك.
سمعوا خطوات نزولها من على السلم، لاول وهله شافها سرح في كل تفاصيلها، عيونها ورسمتهم برأءة وشها الملائكي، وشعرها الحرير نازل على كتفها وخصلات على وشها؛ كان نفسه يطلع جرى ويشلهم لأنهم حجبوا عنه جمال عيونها، بيسرح بخياله ويلمس ورد خدودها ويدوق شهدها.
رجع لوعيه على غزل "ميشو" وهو بيمدح في جمالها وسحرها، وانوثتها الطاغية، رن في عقله أن كل ده غش وخداع من بنات حواء، وكلهم زي بعض بيتلونوا حسب الفريسه اللي قدامهم.
"ميشو" بيديها تعليمات خطوه ثابته، رأس مرفوعه اه كده امشي ايدك بخصرك هيك وارفعي انفك لفوق هيك.
"هدهد" عيونها وانتبها كله على "آمر" فرحت لما شافت في عيونه نظرات إعجاب، وحست الحب فيهم، لكن اتبهدلت نظراته في ثانيه كل ده شتتها وخلاها تفقد توازنها، وكانت هتقع جرى عليها لحقها قبل ما تقع ويحصل لها حاجه، حضنها اوي شافت الحب والخوف في عيونه، لكن ماستمرش كتير زقها جامد، وهي انصدمت من رد فعله ده" ميشو" شهق وحط ايده على بؤقه، و وزعق لها:
- انتي اي غبيه عمال يقول اعملي كده وكده، وانتي سرحانه في مين بقى مش عارف؟ وحاجه قرف من الصبح، وشويه خطوات مش عارفه تنفذيها امال هتعملي اي وقت المسابقة.
في لحظه غضبه وصوته العالي، كانت "نفين" متابعه الموقف في دخول "آسر" و"ملك" عليهم وسمعوا كل حاجه، "هدهد" مصدومه دموعها نزله حسه بالاهانه، جريت عليها "ملك" وضمتها، "آسر" اتعصب لما شافها بالشكل ده قرب من "آمر" وشده، بقى في مواجه بعض كلمه بحده :
- أي يا آمر مش كده يا أخي، في اية عمال تزعق لها بالشكل ده ليه عملت ايه يعني؟
-لا والله وسيادتك بقيت المحامي بتعها !!
- اه يا سيدي أحامي عنها، ما حميش ليه ده بدل ما تشكرها عمال بتزعق فيها وتبهدلها كده.
-اشكرها على أيه؟ والهانم تايهه وسرحانه، وكانت هتقع تتكسر رجلها قولي انت بقي اشكرها على أيه؟ وهنجيب غيرها منين يا عم المحامي، مش لازم تشوف شغلها، ولا هو كله سرحان ماتخلص اللي إحنا فيه ده، وتروح تفكر في اللي بتفكر فيه ده لحلها.
عن اللحظه دي ماقدرش تتمالك نفسها حست بالاهانه قوي، في مشاعرها خدت نفسها وطلعت تجري على اوضتها بدموع وصوت شهقاتها سمعها الكل.
التفت له "آسر" هز دماغه بأسف وقاله:
- والله انت ماعندك ريحه الدم.
رد عليه بستفزاز:
- سبتلك الحنيه والدم يا حنين.
وانصرف كل واحد في مكان "آسر" لمح "نفين" مربطه ايديها على صدرها، وابتسامه عريضه على وشها استغرب اوي قرب عليها وسألها :
-ممكن أعرف السعاده دي لقيها فين حضرتك ؟! ده بدل ما تديله قلمين ولا شلوط وتعقليه.
- اعقله على أي هو اتجنن ولا حاجه ما هو زي الفل اهو.
- كده و زي الفل ياربي ايه الهطل اللي نزل على الفيلا دي.
- اتادب يا ولد واللي قدامي ده طبيعي جداً.
آسر فتح عيونه بحلق لها أنه مش فاهم حاجه وقالها:
-طب افهم؟!
-افهم ياغبي يابو مخ طخين غيران، البيه حبها، وغيران منك ومن معاملتك لها.
- معقول !! اللي بتقوليه ده؟
- طبعاً امال تفسر تغضبه، وحالته دي اية؟ خف بقي شوية لحسن الارز قرب يتحرق، وريحته شاطت.
ضحك الاثنان سوياً على العاشق المكابر، المعاند.
************************
الساعة عدت ١٢ بليل، و"بطه" سهرانه ببنتها بتحاول تنيمها، ومش مبطله زن وعياط، سمعت صوت خبط على الباب، قامت حطت ايشارب على راسها، وضمت بنتها، وراحت تشوف مين، قربت من الباب وسألت:
- مين اللي بيخبط؟
- افتحي يابطه، أنا صلاح.
- خير ياصلاح، في حاجة، اصل الوقت متأخر؟
اتنهد وقال بنفاذ صبر:
- افتحي بس وانتي تعرفي، مش هتكلم من ورا الباب كده.
فتحت الباب، والابتسامه على وشها، وهو زقه ودخل وابتسم وقالها:
- اية مش عايزة تفتحيلي ولا اية؟
- يانهاري معقول، يادي العيبه، البيت بيتك ياخويا، أنا بس اتخضيت عشان الساعه عدت ١٢.
ضحك بخبث، ومد ايده من جيبه، وادلها فلوس، اخدتهم منه، وعددتهم واستغربت وسألته:
- بتوع ايه الفلوس دي كلها ياصلاح؟
عدل ياقة قميصه، وحرك كده راسه، بفخر وقال:
- ده إيراد النهاردة، جبته بنفسي.
- بسم الله ماشاء الله، كل ده ، أنا عمري ما بعت بالمبلغ ده في يوم من الأيام.
- عشان بس تعرفي إني مش اي حد، وأني أعرف اجيب القرش، حلال او حرام من الهوا، بس أنا مش بحب حد يتمريس عليا.
لسه كانت هترد الباب خبطت، اتخضت، طمنها وقالها تفتح، اول مافتحت لاقت رجالة في وشهم وشايلين شنط، سألته بعينها، رد وقال:
- متقلقيش دول الرجالة اللي كانت واقفه طول النهار والليل ورديات في الكشك، اية مش من حقهم ياكلوا لقمة كويسه، ادخل ياواد ياشطا حطت الشنط في المطبخ.
- حقهم ياخويا، مقولتش حاجة، نص ساعة والاكل يكون جاهز، بس اية لازمة البيرة دي؟
- مش لازم نبلع بعد الاكل، وكمان انتي خايفة ليه، أنا موجود واحميكي برموش عيوني، روحي بقى حضري الأكل.
مشيت نيمت بنتها، وبعدين تحضر الاكل، وهما قعدوا يلعبوا دور كوتشينه، لحد ما تخلص تحضير العشاء.
وبعد مده فرش المفرش وحطت عليه الاكل، وازايز البيرة، وكوبيات وابتسمت له وقالت:
- تأمر بأي حاجة تاني ياصلاح؟
- لأ كده فله وعنب اوي، تسلم ايديك يا أم علي.
- تسلم ياخويا، انا هدخل جوة للعيال، ولو احتجت حاجة نادي عليا.
ومر كذا يوم، واستمر الحال ده، كل يوم بليل يجي "صلاح" ورجالته ياكلوا، ويشربوا، وبعدين يمشوا على الفجر.
*******************
وطوال الأيام السابقه، "هدهد" التدريبات متكثفه عليها، مفيش وقت تبص جنبها، كل تركزها انها عايزة تخلص، هتتجنن مش عارفه تتطمن على أمها اللي اختفت ومحدش عارف طرقها، حتى، ولا حد من الحارة عارف ايه طريقهم، وده مأثر عليها، بس بتحاول تداريه، لكن في الحقيقه اللي واجع قلبها تغير" آمر" معاها بدون أي سبب، كانت متوهمه أنها قربت منه؛ لكن في الحقيقه بعدت أميال.
********************
"صافي" مازالت حابسه نفسها، والدادا الخاصه بيها هتتجنن وتعرف سبب حالتها، ابوها جابلها دكتور، طمنهم عليها وقال سببه نفسي، كانت متقوقعه داخل احزانها، ومصيبتها، انعزلت عن الناس، وشريط حياتها بيمر قدامها وبتراجعه بكل دقه، هل هي كانت ماشيه في طريقها الصح، ولا محتاجة تصلح اخطاءها، وتحاول تخرج من ازمتها، وكفاية الخسارة اللي خسرتها، حتى صديقتها الوحيده فشلت أنها تعرف السبب.
**********************
"آسر" عقله هيشت من التفكير، محتار بين ارتياح روحه مع "ملك"، واعجابة الشديد بجمال "فلك" حاسس انه عايز يجمع الاثنين مع بعض، وتطلع واحده مكتمله المواصفات بالنسبة له، ياخد جمال روح "ملك" في شكل وروعة جمال"فلك" وبكده هيكون مش عايز حاجة من الدنيا، اما "ملك" فسعيدة بقربه، وبتشتته ده لابعد درجة.
****************
"ماهر" ماشي في فسحة المسجونين بالبدله الحمرا، كان تايه، مش حاسس بطعم أي حاجة حلوة، غير المرار العلقم اللي دايقه في أيامه الأخيرة، مرار الظلم في السجن محدش يحسه غير اللي عاشه، مش هامه أن فاضل ايام له في الدنيا وهيموت ظلم، بس كان بيتعذب من بعاد مراته اللي حبها من كل قلبه، وانه هيتحرم من ابنه "علي" وبنته اللي هتتيتم وهو حتى ميعرفش ملامحها، افتكر ايامه الحلوة بينه وبين "بطه" وأنه معرفش طعم الحلال غير لما اتجوزها وعرفها، ومش قادر يصدق أنها تتخلى عنه ببساطة كده، ده بطل ينزل في جوفة أي قرش حرام عشانها، وعشان وعد ربنا بالتوبه، بس اظاهر أن ربنا مقبلش توبته، وهيدفعه ثمن اخطاء الماضي اللي ملوش ذنب فيه، رفع عينه للسما وقال:
- يارب انت عالم وشايف اني تبت توبه نصوحه، وحبيت عيشتي، ورضيت بالحلال، نجيني يارب منها، مش عشاني يارب، عشان خاطر عيالي الصغيرين.
كان بيكلم ربنا، ومش شايف قصاده، خبط في واحد من المسجونين، بص يشوف مين، اتصدم لما سمع صوته بيقول:
- مين ماهر ؟!!
- أنت.. !!
رواية راهنت عليك الفصل الثامن عشر 18 بقلم عبير فاروق
بدأ وقت الجد اليوم مهم جداً بالنسبة للكل وصعب جداً على “هدهد” لأن عندها مقابلة مع لجنه التحكيم، وده أول لقاء والانطباع الأول بيدوم؛ خايفه يصدر منها اي خطأ والدنيا تخرب بسببها خوف ورعب متملك منها ركبها بتخبط في بعض، وايديها بتترعش حتى الميك اب مش عارفه تظبطه، “ملك” سبتها ونزلت بعد إلحاح منها أنها تسبها لوحدها، نزلت لقت الكل في حاله من التأهب والاستعداد وعلى اعصابهم، “آمر” عمال يدخن وبس، حتى “ميشو” حب يلطف الجو “آمر” ثار عليه و”آسر” راضاه وقاله يسبقهم على الشركة ومايزعلش؛ لأن الكل أعصابه مشدوده “ملك” انسحبت عندها ترتيبات في الشركه، مافضلش غير “آمر” و “أسر” والكلام بينهم مشدود “آسر” فك الصمت وبلغه:
– على فكره عمك كلمني امبارح وقال هيرجع على يوم المسابقة.
آمر رد برخامه وقرف:
-عارف ماهو بعتلي ماسيدج بكده.
استفزه الرد وشتمه بصوت واطي؛ سمعه والتفت له ويكلمه بقرف تاني:
– أه بتقول حاجه يا حضرة المحامي.
جه يرد سمع من وراه صوت هما عارفينه عن ظهر قلب التفت على بيقول:
– لسه زي مانتوا ناقر ونقير، ايه مابتزهقوش من الرخامه والخناق مع بعض.
-عمي
نطقها “آمر” و ابتسم وقام، و”آسر” نط من على ضهر الكرسي اللي كان قاعد عليه؛ وراح عنده و”آمر” حصله فتح لهم درعاته الاتنين على وسعها اخدهم في حضن واحد زي ما بيعمل معاهم.
“آسر” بيضحك وبيقول له:
-أي يا بوس مش هتبطل حركات العيال دي بقى، مش قولت مش جي!
– اعملك ايه، وانت حمار بديل ازاي وأنا عضو في اللجنه اللي ريحها كمان شويه.
– أي ده يعني أصدق اللجنه واكدبك أنت يابوس، عايزاني تدخلني في عقوق الوالدين اخس عليك.
ضحك “سالم” و” آمر” على كلام “آسر” ودخلوا في موجه كوميدي غيرت الجو المشحونة ما بينهم، لكن انتبهوا على صفاره طلعت من “سالم” لما شاف “هدهد” نزله من على السلم بكل شياكه واناقه بي فستان رقيق وانوثة طاغية ابتسمت لحد نزولها قدامهم، وقف لها “سالم” وسلم عليها بكل ذوق، ومسك ايدها وبسها برقي رجال الأعمال، وهي كانت سعيد جداً غير العاده ممكن عشان “ملك” حكت لها عنه، وعن خفه دمه ارتاحت له من اول نظره، وفعلا يشبه “آسر” كتير حبوب وجنتل فكرت بين نفسها ليه “آمر” مش زيهم كده، وشبهته بقناه الأخبار في التلفزيون، وعمه وابنه بي موجة كوميدي، وضحكت كتييير بينها وبين نفسها، و”سالم” كمان استلطفها اوي وفضل يهزر معاها واندمجوا هما التلاته، وكأن كميتهم بقت واحده و “آمر” هيطق منهم أو بمعنى أصح منها، ازاي بتتكلم كده بأريحية مع عمه، ودي اول مره تشوفه حتى، معنى اي الكلام ده الضحك والظرافه دي كده طلعت مره واحده ليه، وضرب في عقله انها بتلاغي عمه هو كمان، اتجنن اكتر وقام اتنطر من مكانه وقالهم يلا هنتأخر على معادهم وبالفعل خرجوا كلهم.
“آمر” لسه دراعه بيألمه، هيركب مع “آسر” اقترح عمه “سالم” ان “هدهد” تركب معاه “آمر” رفض بشده ومعرفش يبرر رفضه، واقترح على عمه انه يركب معاهم وافق وركب ورأى هو و”هدهد” واتحركوا على الشركه تحت نظرات “آمر” اللي لو طال يولع في العربيه كلها كان عملها.
وطول الطريق “سالم” مش بيبطل كلام مع” هدهد” وبيقولها على الاسئلة اللي ممكن تتسألها من اللجنه، وهي بتسمعله بانصات، افتكرت لي لحظة “عبده” وكلامه معها اللي مفتقداه، بس حست ان “سالم” بيتكلم بحنيه وطيبه زيه بالظبط، عشان كده قلبها اتفتحله بسرعه.
****************
في غرفة “صافي” قاعدة على سريرها، ضامة روحها، يمكن تعرف تداوي جروحها، قدامها صينية الأكل زي ماهي، مقربتش حتى منها، دخلت الدادا بصت عليها، وشافت حالها، قلبها وجعها، قعدت جنبها وبتسألها:
– مفطرتيش برضو ياصافي، يابنتي كده مينفعش، شوفي وشك خس إزاي، وصحتك ضعفت، بقالك كام يوم مش بتاكلي إلا اللي يعيشك ويخليكي واقفه، أنا هموت من الخوف والرعب عليكي، لو بس تقولي بتعملي في نفسك كده ليه؟ لو تفهميني ليه بتعاقبي روحك بالشكل ده؟! كنت ارتاح، أوعي تكوني عامله كده عشان آمر، والله مايستاهل حبك، ولا تسألي فيه، يغور بغروره، وربنا يعوضك واحد يحبك ويصونك، مش انتي اللي بتحبيه، سيبك منه، وشوفي حالك، أنتي زي البدر وألف من يتمنى تراب رجليكي.
اتنهدت بوجع، وبصت ليها بعيون دامعه، عايزة تصرخ بس صوتها محبوس جواها، نفسها تطلع كل الحمل اللي شيلاه في قلبها، يمكن تهدأ من عذابها، بس مش قادره، جرحها أكبر من أي كلام يتقال، ياريتها كانت جت على “آمر” كانت بقت اهون، ومين بس من الألف دول هيقبل بواحدة زي، مكسوره، ومدبوحه بسكينة تلمه، اااه لو اقدر أقولك مكنش ده بقى حالي، فضلت ساكته، الباب خبط فتحت، لاقته ابوها، متعجب من أنها لسه مجهزتش فسألها:
– أنتي لسه ملبستيش لحد دلوقتي؟ كده هنتأخر.
– مش هروح في حتة، مش قادرة انزل، ولا أقابل حد.
– يابنتي مينفعش، النهاردة اللجنة كلها مجتمعه، ولازم تكوني موجوده.
– يابابا قولتلك تعبانه، ارجوك سبني في حالي.
قالت كلامها بغضب، وتعب محدش عارف يفسره، قرب منها ابوها، وطبطب عليها، وقالها بنبره حانيه:
– طب خلاص متتعصبيش كده براحتك، هقولهم أنك تعبانه، بس كان في حاجة مهمه جدا عايز أقولك عليها.
– حاجة اية؟
– في عريس، كل شوية يطلبني عايز يعرف ردك، وأنا قولتله أنك تعبانه، وهو مش ساكت، اية رأيك اخليه يجي وتشوفيه؟
وعند اخر كلمه، لم تتمالك نفسها وانهارت بصوت مرتفع ودموع ردت:
– أنا قولتلك خلاص مش عايزة اتنيل اتجوز، ولا بفكر في الجواز.
– ليه كده بس ؟! انتي لسه عايشة وحاطه امالك، واحلامك على آمر، ولسة محتفظة بالخيال والحلم، قولتلك عمر الرهان ده ما هيجيب نتيجة معاه، فوقي يابنتي ومضيعيش نفسك في وهم حبه، اللي هتندمي عليه.
بصتله والدموع نزلت من عينها بحسره وندم قالت :
– خلاص يابابا، معدتش في حاجة اتراهن عليها، سبني ارجوك، أنا مش عايزة اتجوز، ولا في دماغي لا آمر ولا غيره.
سابها والحيرة هتقتله، مش عارف اية اللي قلب حال بنته بالشكل ده، من بعد ماكانت هتموت على الجواز من آمر، فجأه رافضاه، ورفضت فكره الجواز نفسها، فاق على صوت تلفونه، رد:
– ايوة يابني، والله مش عارف أقولك اية، هي نفسيتها تعبانه خالص، ورافضه فكرة الجواز نهائي.
– طيب ممكن بس ياعمي تديني فرصة اجرب أتكلم معها، طبعاً في وجود حضرتك.
– هقولك اية يابني، أنا بس خايف تكسفك، هتعمل ايه أكتر من اللي عملته، ده أنا ابوها ومعرفتش اقنعها.
– معلش اخر محاوله، واوعدك مش هزعج حضرتك تاني.
– خلاص عدي علينا بليل، وربنا يقدم اللي فيه الخير.
*****************
في الشركه في غرفه مجتمعين فيها كل المودلز، وكل واحده بتظبط نفسها “هدهد” بتتفرج عليهم وبس اخدت جرعه ثقه فوق الطبيعيه، كأنها واثقه من الفوز بكلمها مع “سالم” والإرشادات اللي قال لها عليها اطمنت كتير بكلامه وبثقته فيها اللي حسيتها بكلامه كان نفسها يكون “آمر” هو الدافع ويعطيها الثقه دي، “ميشو” دخل عليهم وطول ماهو ماشي وسط البنا عمال يتغزل فيهم.
– يا دلي يا دلي على هالصبايا راح أقع، واتكعبل من هالجمال اي اي اي شو هالسمرا مثل القطه السودا (فتح طرف قميصه وتفتف جواه) تفتفتف شو يخربيتك والله رعبتيني.
البنات كلها ماتوا ضحك على لهجته، وطريقه كلامه شاورت له “هدهد” يجلها، راح لها ومسك ايدها زي عارضات الأزياء وخدها يقدمها للجنه، قلبها دق جامد، وخافت بس اول ما دخلت عيونها جت على “سالم” غمز لها بخفه ابتسمت، واتكلم بقلب جامد كل الحكام مبهورين بيها، ونظرات الاعجاب اللي اكتسبتها منهم وجاوبت على كل الاسئله حتى سؤال اللغات جاوبت بثقه، واتعجب “آمر” من اتقنها للغه واكتشف فيها جانب تاني خالص، انها قد ايه عندها القدره على إقناع اي حد إنها تكسب ثقه الجميع، اتنرفز من أعجاب اللي حواليها بيها، وجز على اسنانه وقال لنفسه أن دي الطريقه اللي بتقدر تخدع بيها الرجاله، بس أنا لأ ما تقدر تخدعني وأنا كاشف العبها كلها.
خرجت “هدهد” بتتنطط من السعاده والفرحه، بأعلى درجات بين المتسابقين، وفاضل الليفن الأخير وتخلص المسابقه.
اللجنه بتهنأ “آمر” باختياره لممثلة الشركه تبعه “أحمد” كمان بيهنيه ويقوله متوقع لها الفوز ويبارك له مقدماً بس آثار فضول “آمر” غياب “صافي” وسأله عليه بلغه انها مريضه شويه، بس الكلام ما اقنعش “آمر” هز دماغه بتفهم ودعى لها بالشفاء ووعده انه يزورها في أقرب وقت تفهم “أحمد” بس رده انه مافيش داعي، وهي كويس وحثه انه ينتبه أكتر على المسابقه عشان يتم الفوز بجداره “آمر” مثل الاقتناع بس فهم أن “أحمد” مش عايزه يقابل “صافي”، أو يتعامل معاها وده شيئ ريحه شويه اتنهد وقال لنفسه لما يشوف أخرتها مع الست “هدهد”.
********************
وجاء الليل بغيومه، جرس الفيلا عن “صافي” يرن، يتقدم وأحد من الخدم، يدخل رجلاً طويل القامه، لابس بدله سوداء، لمقابلة “احمد” والد صافي يمشي مع الخدم بشموخ، وثقه زايده، قعد في الصالون، حط رجل على الأخرى، بلغ الخادم بوصول الضيف، دقايق وجه “أحمد” وعلى وجه ابتسامه، وتقدم منه وسلم:
– اهلا وسهلا ياجاسر يابني.
– اهلا ياعمي، اخبار صافي اية؟
– والله ياجاسر زي ماقولتلك في التليفون، زي ماهي، حابسه نفسها ومش بتتكلم مع حد، يادوب بس النهاردة الدادا اتحيلت عليها تخرج، وقاعده قدام البسين بقالها كتير.
– طب ممكن اروح اتكلم معاها بعد إذنك.
– حاضر يابني، ثواني اخلي حد يوصلك ليها.
جت واحدة من الخدم، ووصلته مكان “صافي” ماشي بكل جبروت، لبس نضارته الشمسيه مع أنه في عز الليل، كانت قاعدة سرحانه، بصه إلى لا شئ، تايهه في بحر احزانها، وشها حزين، دبلانه، بدون أي مكياج، قرب منها وهمس بحروف اسمها، أول ماسمعت صوته، قامت منتفضه من مكانها، ضمت نفسها، خافت للحظات، لكنها فاقت واطمنت إنها في بيتها، وانها في أمان، زعقت في وشه وقالت:
– أنت أية اللي جابك هنا؟
ليك عين توريني وشك ياحقير، ياسافل، أنت قتلت القتيل وجاي تمشي في جنازته.
– ارجوكي اسمعيني بس.
– امشي اطلع بره، وإلا والله ادخل أقول لبابا كل حاجة ولا يهيمني، كفاية اللي عملته، مش عايزة اشوفك تاني، اخرج من حياتي يامجرم، أنت حطمتني، وكسرتني.
خلع الضارة عن عيونه كانت مليانه دموع، اول ماشفها بالشكل ده ماقدرش يتحمل حالتها؛ لكنها في عيونه أجمل أميرة، اللي بيحلم بيها طول الوقت، كانت كلماتها بمثابة الخنجر داخل قلبه، بتدبحه وهو مظلوم وبرئ، عيونه لمعت بسحابه من الدموع، ركع على ركبته، ومسك ايديها، اتفاجئت من منظره، واتصدمت لما قال:
– ارجوكي، اسمعيني للمره الاخيرة، وبعدها اوعدك أنك لو مش عايزة تسمعي صوتي ولا تشوفيني، هختفي تماماً من حياتك، انتي طول عمرك نفراني، ومش بتحبيني، برغم الحب الكبير اللي بحبهولك، دايما مش شايفه حد غير “آمر” وبس، اسمعي الحكاية عشان تعرفي مين اللي بيحبك وبيعشقك، ويفديكي بروحه، وعمرك ماهتندمي.
سحبت اديها بقوة، وجلست على كرسيها، وبصتله بألم وقالت:
– حكاية اية؟، وحب اية اللي جاي تمثل بيه عليا، هو في حد بيحب واحده يدبحها زي ماعملت؟
قام من على الأرض، وقرب الكرسي عشان يكون جنبها، وقال باندفاع وحب:
– والله ماحصل حاجة؛ انتي لسة زي ما أنتي، مقربتش منك والله مالمستك.
عيونها مبرقة مش قادرة تصدقه، هز دماغه بتأكيد وكمل:
– كل اللي حصل ساعتها، كنت بجاري “كامليا”، أنا كنت عارف من البداية اتفاقك معها، وأنك عايزة توقعي “آمر” ، شوفت نظرات الغل والانتقام منها، قربت منها وعملت حاجات غصب عني أخجل اقولهالك، عشان اعرف نويالك على أية، وأجيب اخرها، دفعت ليها فلوس كتير عشان تطمنلي، بينت ليها إني عايز انتقم منك عشان رفضتيني، حسيت إنها ناوية على الغدر، لما اتصلت بيا وكنتي مغمي عليكي، كنت هتجنن، شافت الخوف في عيوني ولهفتي عليكي، لتكوني مش بخير أو عملت لك حاجه، لاقتها هددتني لو منفذتش اللي اتفقنا عليه، هتجيب الف غيري، اترعبت، عقلي مستوعبش ان ممكن حد يلمسك او ياذيكي، حتى لو محبتنيش؛ معرفتش اذيكي، شيلتك وحطيتك على السرير، كنت متأكد انها حاطه كاميرات عشان تراقبنا، شوفت واحده، قلعتك جزمتك ورمتها عليها اتكسرت، لو تفتكري لما فوقتي دورتي على الفرده التانيه (طيف في ذاكرتها فكرها فعلاً بضياع جذمتها)، وطفيت النور، وكل اللي عملته فتحت سوسته الفستان، وجرحت ايدي عشان تصدق هي أنه حصل، وفضلت طول الليل قاعد هتجنن عشان تصحي، ولما فوقتي وقربتي مني وضربتني، كنت هقولك اطمني، بس صراخك جاب “كامليا”، وكانت واقفه على الباب، كان لازم اتقن دوري قدامها، واكسرك عشان تتأكد إني نفذت اللي عايزاه، لأن لسه في ايديها سلاح ضدك اللي هو التسجيل؛ أي كان اللي اتسجل دقيقة بس ما كنت عايز اي شيئ يأذيكي، وأنتي واقفه ومش عارفه ولا حاسة بالنار وكسرة قلبي قبلك، عمرك ماهتحسي براجل بيعشق واحده، وهي مفضله عليه راجل تاني، وياريته بيحبها، انما رافضها، يمكن لو “آمر” كان حبك؛ صدقيني كنت اتمنيلك السعاده، بس عذابي كان ضعفين ياصافي، ومش كده وبس، بعد مامشيتي دخلت بسرعه اجيب الكارت الميموري من اوضتها(وطلعه من جيبه وادهولها، مسكته ومش مصدقه عينها، انها خلاص مش تحت رحمة “كامليا” واخدت مفاتيح عربيتك، وشنطتك وبعتهملك على هنا، نزلت زي المجنون وراكي مش عارف روحتي فين دورت عليكي في كل الشوارع وفي الاخر جيت قدام بيتك وسألت الأمن قالو لسه ما جيتي، كان هاين عليا اقتل نفسي عشان اذيتك، انتظرتك كتير، بس لما شوفتك نزله من التاكسي روحي ردت فيه، كنت عايز اجري عليكي واخدكفي حضني واطمنك انك بخير، بس مالحقتش دخلتي ولو كنت قربت توقعت انك تعملي دوشه والأمن واقف ويكون في شوشره على سمعتك، وطول الفترة دي وأنا بحاول اوصل ليكي مش عارف، كلمت والدك وطلبت إيدك، عشان بحبك من كل قلبي، واتمني يجي اليوم اللي هتحسي بحبي ده، وتتأكدي أني هسعدك واحطك جوه عيوني، الحب ياصافي؛ افعال مش أقوال، وأنا دافعت عنك وحافظت عليكي، وهحافظ حتى لو هترفضي حبي تاني، أنا خلاص خلصت كلامي، وهنستنى منك قرارك مهما يطول وقتك.
كانت بتسمعه ومش عارفه تحدد مشاعرها، هل تفرح عشان الكابوس اللي عاشت فيه الأيام اللي فاتت خلص وانتهى، وهترجع لحياتها تاني، ولا تزعل من صدمتها في “كامليا”، بس اللي متأكده منه إنها فرحانه من جواها، بصت له ومعرفتش ترد، كلامه كان بصدق، والمره الأولى تحس انه فعلا بيحبها، مش مجرد أنه عايز يمتلكها، صمتت وهو قدر حالتها، وسابها، وهي فضلت تفكر كتير.
ابوها كان مراقبهم من شباك مكتبه، شاف عصبيتها، وحنية “جاسر” وركوعه قدامها، وأنه متكسفش، احترمه واتمنى بنته توافق عليه، لانه شاف حبه وسمعته كويسه، وابوه صديقه من زمان، خرج عشان يودعه، ووعده أنه يحاول معاها تاني.
روح على أمل جديد شافه في عيونها وحس بنظره فخر واعتزاز من “أحمد” اول ليله يرتاح من الحمل اللي شايله واتعهد قدام ربنا انه ينتقم من “كامليا” لو فكرت تأذيها زي ما هددته لما رفض يرجع لها التسجيلات.
******************
“صلاح” قفل الكشك واخد زي كل يوم اكل وبيره وشيلهم لرجالته وماشين وراه طلع عند بطه، وأول ما سمعت خطوة رجليهم فتحت الباب ترحب بيهم، “صلاح” شافها اتهبل أول مره يشوفها بجلابيه ملونه غير الأسود؛ اللي كانت لابساه ليل نهار ده وربطه شعرها بطرحه حمرا، صبغه خدودها خلت وشها منور، وابتسمتها الواسعه من الودن للودن، دخلوا واحد ورأى التاني وكلهم لحظوا إختلاف النهارده في استقبلهم، صلاح استني لما آخر واحد دخل وقف قصدها وسألها بمغازله:
-الله.. الله هو انهاردة عيد ولا ايه ياجدعان.
– يوه بوجودك ياسي صلاح.
ضحكوا الرجاله لما سمعوه وكل اتنين ضربوا كف بكف، وهزوا رؤوسهم بسلطانه بصلهم بغدر وقالهم:
– في حاجه يا رجاله؟
الكل سكت بكلمه واحده منه وعملوا نفسهم انشغلوا، وبيولعوا سجاير، التفت لبطه وابتسامه عريضه؛ بينه سنته الفضه، طلب منها تجهز الأكل بسرعه وحط ايده على بطنه دلاله على جوعه، قفلت الباب وقالت له هوى ويكون جاهز.
عدى نص ساعه من الزمن، وبطه دخلت لهم الأكل والكوبيات، لزوم البيرا سهروا يكلوا ويشربوا، وضحك ولعب اُمار الفجر قرب وهم لسه قاعدين، بطه نيمت عيالها، وراحت وقفت على باب الصاله اللي قاعدين فيها، حطه ايدها في وسطها وتتكلم بدلع:
– عاايز حاجه عندك يا سي صلاح، شوف كده طلبات الرجاله.
اتنفض من مكانه وهو بيخبط بايده على صدره:
تسلمي يا غاليه إحنا كده ميت فل وعشر.
ميلت رأسها نحيته و وشوشته:
– بقولك ايه ماتخلي الرجاله دي تتكل، ونقعد كده نتانس مع بعض.
“صلاح” فاتح بؤقه مش مصدق نفسه، واللي سمعه بصلها عشان يتأكد هزت رأسها بتأكيد وكملت:
-أي مالك؟ ده أنا حتى عملالك صنيه بسبوسه تستاهل حنكك.
صلاح الفرحه مش سيعاه، والشياطين بيرفرف فوق كتافه، وعيونهم بطلع قلوب، لف للرجاله وقالهم يمشوا، وبمعني أصح جرجرهم على بره وقفل الباب وراهم، بيعدل ياقة قميصه بمنجهه؛ لقى بطه طلعه من المطبخ وشايله صنيه كبيره وبتتمايل بيها صقف صلاح ورد بصوت مسموع:
– ده احنا ليلتنا فل.
*****************
شقه “كاميليا” جرس الباب بيرن بستماته، وهي في سابع نومه قلقت بتنفخ بتنادي على الخدامه، مافيش حد بيرد عليها؛ افتكرت انها اجازة انهاردة قامت بنرفزه، لبست روب خفيف على قميص نومها يفضح اكتر ما يستر ماسكه رأسها من الصداع اللي اتملك منها؛ إثر الشرب والسهر رايحه ناحيه الباب فتحته وبتزعق للي بيرن بالشكل ده:
– أي جرا اي بتخبط على أموات ماتترزع تستنى لما افتح.
اقتحم الباب راجل طويل بعمر الخمسين، زقها قدامه وقفل الباب وراه رغم كبر سنه إلا وعيونه بتطق شرار اترعبت من نظراته لها خافت وسأله:
-أنت مين و عايز اي مني أنا معرفكش يا راجل أنت ؟!
رغم قوه اندفاعه عليها إلا أن الرجل ضعيف بدقنه البيضا الطويله، شعره متبعثر، هدومه قديمه متبهدله، بتدل علي انه رجل غلبان، بس مع كل ده ملامحه جامده، نيران الغضب بتحرقه وطالعه من عيونه الحمرا، قرب منها وضغط على اديها بكل قوته، بص في عينها شاف نظرة الرعب، اللي كان نفسه يشوفها من زمان، رد عليها زي أفعى بنادي فرستها للموت:
– عايزه تعرفي أنا مين؛ أنا اللي ضمرتي حياته؛ ودعستي برجلك على شرفه، أنا اللي خليتي راسه في الوحل، ومش قادر يرفعها، أنا اللي دبحتيه يافاجره.
مرعوبه وبترجع بخطواتها للخلف وهو بيتقدم كل خطوه معاها،
بيخرج شئ من جيبه، بتحاول تهرب منه وتجري بدون وعي، وقعت على الارض واذا فجأة…
يتبع..
لاتلهكم القراءه عن الصلاه وذكر الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه
الفصل الرابع حتى الفصل الثاني عشر من هنا
الفصل الخامس عشر حتى الفصل الثامن عشر من هنا
أدخلوا واعملوا متابعة لصفحتي عليها كل الروايات بدون لينكات بمنتهي السهوله من هنا 👇 ❤️ 👇
❤️💙🌺🌹❤️💙🌺🌹❤️💙🌺🌹❤️💙🌺🌹❤️💙


تعليقات
إرسال تعليق