القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية مابين العشق والهوس الفصل الثاني بقلم الكاتبه أمل نصر بنت الجنوب حصريه وجديده

رواية مابين العشق والهوس الفصل الثاني بقلم الكاتبه أمل نصر بنت الجنوب حصريه وجديده 


في الساعة السابعة

خرج عمران من شقته بالزي الرسمي للعمل، البنطال الأسود وفي الأعلى قميص باللون الأزرق، والمعطف الثقيل على ساعده يتجهز لأرتداءه، في انتظار عصام 

الذي هاتفه منذ قليل.


فقد حان موعد نوبتهما الليلية في حراسة المبنى، انفتح باب الشقة ألمقابلة لشقته ليفاجأ برؤيتها هي أمامه:

-مساء الخير.


القت تحيتها بروتينية ككل مرة تراه بها، وهي تٌخرج الكيس الأسود للقمامة خارج الشقة، لا تضع عينيها بعينيه وتنظر إليه جيدًا، يعلم في قرارة نفسه ان ما يمنعها من ذلك ليس الخجل .


ولكنه النفور من التطلع إلى وجهه الملئ بالحفر، هذا بالإضافة إلى الحرق الذي شمل أكثر من نصفه، فجعل هيئته تقارب المسخ؛ بالتشوه الذي رسم كلوحة فنية بائسة تثير الفضول في النظر إليها من البعض، ويفر من أمامها المعظم.


أجلى حلقه ليرد بلهجة جعلها عادية:

-مساء النور، هو عصام لسة مخلصش لبس؟


أجابت وهي تدعي لف طرحتها جيدًا حول وجهها:

- خلاص اهو على وشك يخرج حالا، دقيقة وتلاقيه خارجلك، تحب ادخل استعجله؟



من جديد تجيب عن سؤاله متعمدة عدم النظر إليه، ليأخذ هو فرصته كاملة للتأمل جيدًا في ملامحها الفاتنة، هذا البشرة البيضاء الصافية التي لا تشوبها شائبة، عكس زوجته التي انعكس ضعفها الجسدي على بشرتها فجعلها دائمة الشحوب.


رغم كل ما تفعله من اهتمام بها من أقنعة طبيعية في المنزل وكريمات التغذية العلاجية من الصيدلية، فلا يفلح شئ في تصفيتها ولا بتغطية العظام البارزة لوجنتيها الغائرتين، كم ود لو كانت بوجه مستدير كهذه، وجنتين مكتنزتين بلونهما الوردي.


وكأنهن تفاحتين ناضجتبن تنادي صاحب النصيب لتذوقهما، 

ويا ليته كان هو؟

ارتفعت عيناها فجأة بتساؤل فانتبه من شروده ليرد على الفور بعملية:


- ياريت ابقى شاكر ليكي، لو ناديتي واستعجلتيه يستلم النوبة مكاني دلوقتي، اصل ضروري اللحق اجيب العلاج الناقص لعزة من صيدلية وحيدة اللي بلاقيه فيها، ودي بعيدة اوي عن منطقتنا


تطلعت اليه وبدا عليها التأثر لتقول بلهفة، وقد اهمها امر عزة:

- حاضر على طول هروح اناديه.


قالتها والتفت لتجد زوجها أمامها بملابس العمل هو الاَخر يردد:

- مالوش داعي تناديني انا اساسًا خرجت لوحدي، عامل ايه سيد عمران؟


قال الاَخيرة بلهجة مازحة لرفيقه الذي تبسم له فظهرت أسنانه البيضاء وهو يرد :

- عال العال يا استاذ عصام، مشتاقين بس لرؤيتك


أطلق عصام ضحكة رنانة ليكملا الرفيقان مزاحهما 

وهما يهبطان درج الملحق الذي يسكنان به، أصابتها ابتسام عدوى الضحك خلفهما، لتغلق باب شقتها سريعًا وتنضم للحديث مع جارتها في الشقة الثانية.


❈-❈-❈


جلس عصام على الكرسي البلاستيكي يرتشف من الكوب الزجاجي لمشروبه الساخن وقد جاء به عمران من القهوة القريبة في اَخر الشارع، والذي كان منشغلًا الاَن بإشعال النيران في الأسفل لتعمل على تدفئتهما وقد 

زحف تيار الهواء البارد وشعرت به أجسادهم. 

- كوباية سحلب سخن انما ايه، جات في وقتها يا عم عمران 


قالها عصام متلذذًا بالطعم الجميل بفمه، تبسم له المذكور يرد بامتعاض

- انا مش عارف يا أخي، ايه مزاجك في الحاجات الغريبة دي؟ طب بالذمة دي ولا كوباية شاي تعدل الراس وتدفي الجسم في البرد ده


تبسم عصام يقول متفكهًا:

- اصل انا عامل زي العيال الصغيرين، يعجبني اللون الأبيض والمكسرات اللي تتاكل بالمعلقة، وربنا بحسه من امتع الحاجات، انا مستغربك انت اصلا ازاي ما بتحبهوش.


- عشان انا مش عيل


قالها عمران بابتسامة متوسعة بمرح، والتي قابلها عصام بالضحك عاليًا، حتى انتبها الاثنان على الصوت النسائي القريب منهما.. 


-أنت ياا. أنت يا أخ ؟

أجاب عمران على المرأة التي تبدوا في عمر الثلاثين وبجوارها فتاة تبدوا في الرابعة عشر:

- نعم يا مدام، تقصديني انا ؟


نفت برأسها سريعًا المرأة لتلتف نحو عصام تسأله بلهفة تتهرب هي وابنتها من النظر إلى عمران:

- تعرف يا اخ فين عيادة الدكتور محسن عثمان استاذ الطب النفسي، قالولي انه ساكن قريب من هنا


أجابها عصام بحرج من صديقه الذي تجاهلت المرأة سؤاله عن عمد، في حدث تكرر أمامه قبل ذلك كثيرًا، حتى انتابه الإشفاق عليه من هذه الأفعال التي تؤذي مشاعر رفيقه:


-استاذ محسن عثمان في الشارع اللي ورانا بالظبط، 

دا مركز الدكتور عزيز لعلاج العظام وزوجته الدكتورة فاطمة استاذة النساء والتوليد .


ردت المرأة بمسكنة أصابته بالضيق:

- طيب فينه هو بالظبط الشارع اللي تقصده؟ اصل انا غريبة عن هنا، ولا اعرف الطريق ولا حتى اعرف اقرا اليافطات المعلقة، ممكن لو فيها تعب تيجي معانا وتشاورلنا عليه


التف لصاحبه بتساؤل لإنقاذه ولكن الاَخر ابتلع الغصة المسننة بحلقه، واغتصب ابتسامة يومئ له بذقنه مشجعًا:

- روح يا عصام وريها العنوان الصحيح، وانا قاعد هنا ومش هتحرك من مكاني على ما تيجي 


تنهد عصام بضيق ليتبع المرأة نحو العنوان المذكور، ونهض عمران كي يجلس محله يرتشف من كوب الشاي الذي برد، يتطلع لانصرافهم ويراهن بداخله على شئ ما، وكما توقع التفت رأس الصغيرة لتُلقي بنظرة فضوليه نحوه، فشاكسها برفع حاجبه، مع ابتسامة ذات مغزى.


شهقت الفتاة برعب لتعود بنظرها بعيدًا عنه، لدرجة جعلته يشعر نحوها ببعض الشفقة قبل أن يعود ويذكر نفسه أنه لم يخطئ بشئ، هو لم يحُثها على الإلتفات كي تشاهد من جديد الوجه الغريب لتتسأئل عن المتسبب في تشويهه، او عن حجم هذا التشوه.


والأصح قبل كل ذلك، هو ليس مسئولًا عن هذه الهيئة التي خلق بها، وجهه الخالي من المواصفات الجمالية حتى الأقل من العادية، يشبه والدته التي كانت تًعاير من زوجها به؛ بأنها أنجبت نسخة ثانية منها، قبل أن يتوفاها الله في هذا الحريق الذي شب بمنزلهم قديمًا. 


فالتهم ألأثاث والتهم نصف وجهه مع محاولاته البائسة في النجاة من النيران التي اخترقت غرفته ليلًا وهو نائم، بعد انفجار أسطوانة الغاز، إثر إشعالها بخطأ من والدته راحت ضحيته. 

وبعدها يزداد الطين بله في حظه المشؤم 


نفض رأسه من ألأفكار السيئة بالغوص في ذكرايات الماضي، حتى لا يجدد على نفسه شعور الحسرة والحزن، تناول هاتفه من جيب بنطاله، لتتغير ملامح وجهه.


وينبت بداخله الفرح المؤقت، بدخوله على وسائل التواصل الإجتماعي وشخصية أخرى غير شخصيته،، قبل أن يدخل بتطبيق الرسائل ويعيد محاولاته في التواصل عبر حساباته 

العديدة المزيفة.


❈-❈-❈


داخل غرفة النوم والتي تقضي فيها معظم وقتها بالمنزل، تُشعل شاشة التلفاز أمامها لتشاهد مسلسلاتها المفضلة في غياب زوجها الذي يُصر دائمًا على مشاهدة مباريات كرة القدم وحلقات المصارعة الحرة.


تتكتئ على وسادتها وتتناول المسليات أو الفواكه كما تريد، مدامت ستنظف كل هذه الفوضى قبل أن يأتي أبا الغضب بعواصفه، فلا يوجد حماة تعكر صفوها بالشجار والتدخل في كل صغيرة وكبيره تخصها، ولا شقيقة تراقب عليها وتعُد عليها أنفاسها.


هذه مملكتها ولا يشاركها بها أحد، وقد حصلت عليها كتعويض من الله بعد معاناتها في الزواج السابق، فلا داعي لتذكر هذه الأيام العصيبة الاَن، حتى تستمع باسترخاء بمشاهدة الفيلم العربي المذاع أمامها.


كما تُسلي نفسها أيضًا بمتابعة هذه الرسائل المتتالية الغريبة التي تصل إلى حسابها في تطبيق المحادثات، بعدم معرفة حقيقية او حتى صداقة عابرة مع صاحبها عبر وسيلة التواصل الأكثر شهرة:


-عرفيني عن نفسك

-انا معجب.

- مفيش مرة تردي وتريحي قلبي، يا أجمل ما رأت عيني


أطلقت ضحكة مدوية بمرح يكتنفها مع قراءة الرسائل ودعوات صاحبها الحثيثة لها بالرد والإجابة منذ عدة أيام، وهي تقرأ مستمتعة ولكنها لا تريد إجابته حتى لا يظنها سهلة المنال، مع شعورها بتافهة المرسل.


بهذه الجمل النمطية والتي تتكرر معها كثيرًا برسائل عديدة تصلها من عدة أشخاص:

- روحتي مني فين يا قمر؟

- طاوعك قلبك تسيبيني انادي لوحدي مع نفسي كدة، اعطفي وردي بقى على قلب محب اتعذب في عشقك، ايه بقى؟ معندكيش اي ذرة رحمة تحني على قلب واحد مسكين زيي


- ماشي ماشي، عمالة تقري في الرسايل ولا تعبري، شكلك بتستمتعي بعذابي، صح ولا انا غلطان. 


استمرت ضحكاتها بانتشاء وهي تتناول في حبات العنب الصغيرة، وعينيها تنظر بصورة الشاب صاحب الحساب الذي يراسلها وهي تشبه إحدى النجوم الأتراك المدمنة على مسلسلاتهم، بل وتعشق الرومانسية في تدليلهم للنساء، وكم تمنت أن تكون مكانهن.


إنتابها الفضول لتخرج عن صمتها وتكتب له اَخيرًا بجملة واحدة:

- قبل كل شيء، قولي الاول، دي صورتك الحقيقية ولا لأ؟


بعث لها يرد برسائل الفرح مهللًا:

- اخيرا يا ناس، اخيرا وصلني رد منك يا جميل، رق قلبك القاسي بعد طول انتظار مني


طرطقت بفمها صوت اعتراض يكتنفه الدلال قبل أن تضغط وترسل إليه:

- انا لا عطفت ولا حن قلبي القاسي، انا بس بسألك وانتي عليك تجاوب

-

انتظرت قليلًا حتى أتتها إجابته:

- لا طبعا مش صورتي بس انا احلى من الراجل دا على فكرة 


فغرت فمها بعدم تصديق، تود الرد برسالة ساخرة.

وكأنه قرأ أفكارها، فتابع على الفور برسالة أخرى

- عايزاني اثبتلك، مستعد ابعتلك صورة اصلية دلوقتي حالا .

- خلاص ابعت الصورة الحقيقية وبلاها منها الحورات. 


وصلتها إجابته سريعًا:

- انا مش بحور، بالعكس بقى انا هبعتلك صورتي حالا لو انتي بعتي صورتك في المقابل 


أطلقت ضحكة مجلجلة لترسل له رمز ضاحك، تُظهر استخفافها بعبارته.


ثم أغلقت الهاتف بعد ذلك مرددة:

- الغبي فاكرني هبلة، قال عايزني ابعت صورتي كدة على طول ومن اول محادثة، دا باينه غبي فعلا 


❈-❈-❈


أعاد الهاتف لجيب بنطاله، بعد إنتهاء المحادثة، يتأمل هذه المرة أن تأتي بنتيجة فعالة، فجميع المرات السابقة فشلت ولم يصل بها إلى نصف المسافة التي يرجوها، دائمًا ما تلاعبه وتعلقه وكأنها أدمنت الرسائل وأدمنت حب السيطرة بتعليق الرجال.


هذا الدور الذي تعشقه، ويحتل خيالها الخصب بتفكيرها الذي يذكره بالمراهقات الصغيرات قبل أن يعين على الواقع البائس، ولكنه لا يستبعد فهو كما علم من أحاديثها سابقًا مع زوجته، لم تكمل عامها الدراسي الاَخير في شهادة الثانوي الفني الصناعي.


وقد تزوجت عن عمر صغير، ويبدوا أنها حرمت من هذه الأحاسيس وتريد تعويضها الاَن ومع عصام!

تبسم بداخله على هذا الخاطر الاَخير، فجاره العزيز وصاحبه أيضًا له خبرة طويلة بعلاقاته المتعددة مع النساء جعلته يكتشف طبعها سريعًا بعد زواجهم.


وذلك ما جعله، بخيل في كلماته لها، حتى لا تتكبر عليه وقد أتى بها من بلدتهم خصيصيًا حتى تكون طوعًا له تحت أمره، فلا يكرر ما حدث معه في زواجه الاول من بنت الحضر إبنة خاله، التي كانت تعايره بتعليمها الجامعي إذا ضربها أو تشاجر معها. 


- بتفكر فيا صح؟


هتف بها عصام يقطع عنه شروده بعد توصيله لهذه المرأة وابنتها للعنوان المذكور، استفاق عمران ليسأله بمرح مصطنع:


- ايوة يا روحي كنت بفكر فيك، خوفت اوي تاكلك الست دي وبنتها ولا يخطفوك، انا شوفت ده في عنيهم من قبل ما يمشوا


أطلق عصام ضحكته المدوية بصخب قبل أن يتناول الكرسي الاَخر ويقترب بجلسته من عمران:


- على النعمة انت عليك حاجات، ما حد بيعرف يضحكني زيك ، ابصم بالعشرة لو اخدت بطولة فيلم سيما ، هتقلب الدنيا بقفشاتك.


ردد ساخرًا خلفه:


- اه يا حبيبي هقلبها بس مش بدمي الخفيف، انما بشكلي الجميل والوسيم، مش واخد بالك؟


اختف الهزل من وجه عصام وحل مكانه الإشفاق والتأثر من كلماته صديقه التي كان يردف بها وهو يشير بكفه على وجهه.


تنهد بعمق قبل يقول ملطفًا:

- خلاص يا عمران، أنا مقصدتش ابدا اسخر منك يا راجل، انا بس عبرت ع اللي بحس بيه بحسن نية، يعني عمري ما هتنمر عليك .


أومأ عمران بشبه ابتسامة لا تصل لعيناه، يرد بلهجة لينة يدعي السماحة:

- ما تاخدتش في بالك يا عصام ، عارف اني نيتك بريئة، ما انا مش صغير عشان معرفش أميز بين الضحك والجد.


تنهد عصام يردد بارتياح:

- الحمد لله انك عارف باللي في نيتي، انتي صاحبي وزميلي وجاري، يعز عليا زعلك ، ومعزتك فوق راسي


- لا يا حبيبي فاهمك انا طبعا، 


قالها عمران بابتسامة افضل قليلًا من سابقتها، ثم اردف يتابع:


- طب قولي عن الست دي عملت ايه معاك؟ وقالت لك ايه؟ 


ضحك عصام وهو يتذكر المرأة التي تركها منذ قليل قبل أن يجيبه:


-دي ست مجنونة يا رجل، طوال السكة وانا ماشي معاها، مش مبطلة كلام عن انها مطلقة ومستنة بس الراجل الكويس عشان تتجوز وساعتها هتسيب بنتها مع والدتها، دا غير بقى قصة وفاة والدها وورثها منه فدادين زراعية ومعانم حوس نليات بالبدايه الكبيرة والصغيرة، كان ناقص بس تقولي اتجوزني 


استجاب عمران للمزاح الذي يتبادله مع رفيقه، ليرد:

- من غير ما تقول، انا شوفت في عنيها اللي رشقت فيك، بس ايه رأيك يا سيدي ما تجرب، مش يمكن تبقى فرصة بما انها خفيفة وصيد سهل لأي راجل زيك، واهي تنفعك بمالها، تهبش منها على قد ما تقدر ويمكن تشتري بيت أحلامك وتخليها تكتبه بإسمك. 


تجعد وجه عصام ليرد بامتعاص وهو يدنو ليجلس حول النار ويدفئ كفيه برفكهما جيدًا:

-تغور بحالها ومالها وجمالها، وحتى البيت الملك مش عايزه من خلقتها، انا بعد خبرتي الكبيرة في علاقتي الكتيرة بصنف النسوان، اقدر اقولهالك ومن كل قلبي ، اني زهدت وقرفت، كلهم زي بعض، ومفيش واحدة فيهم تستحق حب الراجل مننا .

الكلام ده عن تجربة 


غمغم عمران بداخله:

- ياريتني أمتلك نص خبرتك دي يا عصام عشان اقدر أصدق كلامك، وانا المسكين خبرتي المحدودة متتعداش عزة المتواضعة، واللي للأسف طولتها بعد عذاب وكأنها جايزة بعد رفض معظمهم ليا.


والدتي جابتني ع الدنيا دي وفارقتها من قبل ما أكبر ولا يتشد عضمي، ياريتها حتى كانت سابتلي اخت تونسني، احكي معاها وتحكي معايا، على الاقل كنت لقيت عندها القبول الفطري بحكم الأخوة ما بينا، يمكن ساعتها ما حسش بالهوة الكبيرة دي بيني وبين صنف الستات


❈-❈-❈


في اليوم التالي


وفي الميعاد اليومي من الصباح كان جالسًا خلف باب الغرفة يستمع هذه المرة منها ما تقصه على عزة بشأن محادثة الأمس، تتحدث بزهو عن هذا المعتوه الذي ظل يرسل لها الرسائل بالأيام يتغزل في جمالها كي يطلب صورتها هكذا من مجرد أن ردت ببعض الكلمات عليه.


- طلب صورتي يا عزة مقابل أنه يبعتلي صورته، فاكر الشوق هيموتني عشان اشوف شكله الحقيقي، ولا يمكن فاكرني هبلة عشان اول ما يطلب ابعت على طول ومن غير تفكير

-

قطعت لتكمل ضاحكة:

- العبيط ميعرقش اني رديت عليه من الاساس بسبب الصورة الحلوة للبطل التركي اللي بحب مسلسلاته، 


قطعت لتنطلق في الضحك مرة أخرى تردف:

- طب والنعمة بعد ما قفلت معاها قعدت فترة كبيرة اضحك من غير بالي.


ردت عزة ببعض القلق رغم إصابتها بعدوى الضحك على ما تتفوه به جارتها العزيزة:


- بس انتي مكنش يصح انك تردي يا ابتسام وتديه ريق حلو، كنتي سبتيه زي غيره، لا ينتهزها فرصة ويزهقك برسايله، أو يمكن يتجرأ ويبعت صور غريبة اوعريانة، زي ما حصل المرة اللي فاتت


سمعت منها وشردت قليلًا ببعض الاقتناع قبل أن تجيبها وهي تحتضن الوسادة الصغيرة:

- وربنا دا كان قراري من البداية، بس غلبني الفضول في السؤال، بعد ما اقعد يلح عليا بالرسايل، بس اطمني ، لو زود ولا بعت اي حاجة مش ولابد ، هظرفه البلوك على طول


شددت عزة بقولها الذي ينبع من دافع الخوف عليها، على أمل أن تتبع ابتسام النصيحة:

- من غير ما تستني، احظريه من دلوقتي، لا يقع الفون في ايد جوزك على مرة ويكتشف أن بتردي على رجالة، إحنا منضمنش رد فعله بعدها، ولا أنه ممكن يظن بيكي السوء.


أصدرت صوت شهقة عالية مستنكرة ابتسام، أجفلت عزة، لتردف بعدها باندفاع:

- عصام يظن بيا انا السوء! طب بأي عين بذمتك؟ دا تاريخ علاقاته بالنسوان ذكره قدامي بكل بجاحة يا حبيبتي. 

دا انا معملتش ربع اللي عمله مع النسوان اللي مشي معاهم، أن كانو بنات عادية ولا ستات متجوزة حتى، هو واثق اوي عشان عارف تمامي، انا اخري ارد من باب الفضول وقتل الفراغ، أكثر من كدة معملش


تبسمت عزة تربت بكفها الصغير على كتف جارتها لتهدئ لتقول لها بمهادنة:

- انا عارفة كويس بأصلك الطيب يا ابتسام، واكيد هو كمان عارف، بس انا بوجه كلماتي من باب الحرص ، مش يحقلي برضو أن انبهك يا ابتسام


أردفت بالاَخيرة لتجد المذكورة تندفع عليها وتحتضنها بمودة صادقة تقول لها:

- يحق لك كل شيء يا عزة، انتي مش جارتي وبس، لا دا انتي اختي اللي ربنا عوضني بيها هنا، في بعدي عن أهلي والبلد .


-وفي الداخل وبعد إنصاته لمعظم الحديث نهض عن كرسيه ومراقبتة الدائمة، ليرتمي بجسده على التخت وقد اخذه التفكير العميق للبحث عن طريقة أخرى يستطيع بها التواصل معها، وقد فشلت كل محاولاته السابقة بهذه الحسابات المزيفة.


يشعر بالتشتت لأقصى حد معها، يعلم أن لديها الإستعداد مع ضعفها أمام غزل الرجال، بالإضافة إلى سذاجتها مهما فعلت وبينت غير ذلك، ولكن أين يجد الطريقة؟ عقله مشغول بها ليل نهار، يتحرق شوقًا لتبادل الحديث معها، ولكنها لا تعطيه الفرصة حتى بالنظر إليه.


لو كان رجلًا وسيمًا أو حتى يمتلك مجرد القبول، لما واجه هذه الصعوبة على الإطلاق، يملك العقل الجيد ولا يملك الطريقة التي تساعده على التواصل معها، يكتنفه شعور قوي بالعجز على حل هذه المعضلة الكبيرة.


كما تغلي رأسه بأفكار عديدة ينسجها عقله الذي يزداد تصميمًا يومًا بعد يوم للتعلق بالمستحيل، ومع ذلك هو يرى نفسه دائمًا يستطيع الإقتراب مع بحثه الدائم عن الوسيلة، نعم هي الوسيلة؛ إن وجدها لن يبقى هناك مستحيل.


ظل على حيرته هذه والتفكير المتواصل حتى غلبه النعاس مع طلب جسده للراحة بعد السهر في نوبة عمله، بالإضافة إلى هذا الإجهاد اليومي والمستمر، استيقظ بعد ذلك مجفلًا على صوت زوجته وهي تلكزه بخفة:


- عمران، يا عمران قوم اصحى.

.

انتفض مزمجرًا بصوت خشن جعلها ترتد للخلف مرتعدة مع هذه الملامح المتجهمة والنظرة المخيفة التي اعتلت وجهه:

- ايييه؟ عايزة إيه يا عزة؟


ابتعلت ريقها لتجيب بصوت خفيض وحذر:

- آسفة اني بصحيك قبل ميعادك الاصلي، بس انا مضطرة، اصل الدكتور عزيز باعتلك مع حد من عمال المركز وعايزك


-الدكتور عزيز؟!

هتف بها ينهض سريعًا من التخت ليكمل يريد معرفة المزيد:

- وايه اللي يخلي الدكتور يجي دلوقتي واحنا في نص الشهر ومش اخره؟ وكمان وقت ضهرية؟


-- معرفش، بس هو بعت لعصام كمان، شكله عايزكم انتو الاتنين 

قالتها تجيبه سريعًا، لتجده يغمغم باندهاش قليلًا قبل أن يتحرك نخو خزانة ملابسه.


فخلع عنه رداء النوم ليرتدي الاَخر والخاص بالعمل حتى يلحق بمقابلة الطبيب صاحب المركز الذي يعمل لديه.

الدكتور عزيز. 


❈-❈-❈


بعد قليل 


كان الإثنان عمران وعصام بداخل العيادة الخاصة للطبيب داخل المركز، يحملان مع بعض الرجال الاَخرون، عدة أجهزة طبية جديدة لتحل محل القديمة، والتي قاما برفعها بعد ذلك لداخل مخزن صغير خصص للأدوات الطبية والأجهزة أيضًا.


حتى إذا انتهوا اَخيرًا وخرج الطبيب يهم بالعودة تفاجأ بتجمع عددًا كبيرًا من الأهالي على الدرج الرخامي وقد منعهم من التقدم رجلان من موظفي المركز بالهتاف لأقناعهم:


- يا جماعة بلاش اللمة وروحو على بيوتكم، مفيش فايدة من التجمع، دا مش الوقت المخصص للدكتور اصلا، الراجل جاي في مهمة محددة وخلاص على وشك أنه يمشي.


تكلمت امرأة من وسط الحشد موجهة خطابها للعاملين:

- احنا عارفين بأن عمله بيبتدي ف المركز على اخر تلاتة أيام في الشهر، لكننا في طمعانين في كرمه، يطل علينا بكشف أستثناءي، دا راجل طيب زي والده الله يرحمه الدكتور الكبير


قالت المرأة ثم دفعت بطفلتها ذات الخمس السنوات، لتتابع للرجلين:

- بنتي بتشكو من ألم شديد في رجليها، يعني مينفعش تستنى لآخر الشهر على كشفها


هتف العامل الاَخر بوجهها بنفاذ صبر :

-لا حول ولا قوة إلا بالله، وايه ذنب الدكتور في مشكلتك انتي وبنتك يا ست ؟ مل تروحي بيها على اي مستوصف ولا مستشفى حكومي، روحي بيها الله يرضى عنك، محبكتش يعني ع الدكتور وبس 


ثارت المرأة بالكلمات الساخطة توبخ الرجلين حتى استنفرت باقي المجتمعين معها من أهل المنطقة، ليعلو معها صوتهم المنادي على الطبيب عزيز حتى خرج إليهم 

مجفلًا على ألأصوات وخلفه كان عمران وعصام بعد إتمامهم العمل بالمخزن.


- ايه في ايه؟ وليه التجمع ده؟


هتف الطبيب بالسؤال ليفاجأ بالصياح والنداء بإسمه، من هولاء المتجمعين، مع تذمر العمال الذين كانوا يجاهدون لمنع تقدم الأفراد نحو الطيبب عزيز.


والذي حاول الإعتذار بزوق وكلمات مهذبة، ولفت نظرهم لضيق الوقت لديه وعدم مقدرته على تلبية مطالبهم.

ليقابل بالاعتراض من معظهم مع ازدياد الإلحاح من واقع عشمهم به، كما عاهدهم دائمًا بحسن أخلاقه وعدم صدهم او خذلاناهم قبل ذلك.


لم يقو عزيز على صرفهم رغم عدم تقديرهم لمسؤلياته الكثيرة والتزاماته العديدة، فاضطر 

للتراجع من أمامهم لداخل المنزل ساحبًا معه عمران للهروب من الباب الخلفي من المطبخ والمؤدي للمخرج الاَخر من المنزل، وقد أمر عصام ليأتي بالسيارة إليه.


خطا الاثنان إلى داخل الممر الذي يفصل بين المبنى الكبير والملحق الجانبي الذي يسكنه الحارسان، وقبل أن يصلا إلى وجهتهم توقفا فجأة ليستديرا على إثر شهقة قوية صدرت من خلفهما، وصوتها يردد بعدم تصديق:

- الدكتور عزيز!


❈-❈-❈ 


وقف بينهم يتابع الحديث الدائر بأعين متربصة لا يغفل عن هفوة، وهي تتحدث بلهفة مع الطبيب تعرفه عن نفسها بأنها زوجة حارسه عصام، لتسأله ببلاهة إن كان يتذكرها أو راَها قبل ذلك، وعزيز يستمع ويتطلع إليها بأعين الإعجاب والإهتمام، فيستجيب لها بابتسامته.


لتزداد لهفتها في الحديث معه، وهذا يزداد اشتعالًا بغضب مكبوت على موقعه بينهم كالخرقة البالية، التي لا يرها ولا يشعر بها أحد، يقرأ جيدًا ما يدور برأسها الاَن نحو إعجاب الطبيب بها وما قد يشطح به خيالها في ذلك، من أفكار يعلمها جيدًا.


بحكم مراقبته الدائمة وفهمه لها فالغبية لا تعلم ان نظرة الطبيب لها لا تتعدى الإعجاب اللحظي بالمرأة الريفية التي تتحدث معه بطلاقة، بالإضافة لجمال صورتها الذي قد يبهره كرجل بوقتها.


ثم تذهب عن ذاكرته بمجرد استقلاله السيارة أو الأنخراط بعمله المرهق في علاج المرضى، او حتى بحديثه العادي مع زوجته الطبيبة التي تليق به وعلى نفس الدرجة العلمية والفكر الواحد.


فمهما كان تواضع الطبيب وحسن أخلاقه؛ فهو لن يميل سوى لمن تعادله في الطبقة، أو ع الأقل يقترب عقلها من عقله في التفاهم، والأهم من ذلك؛ أخلاقه الراقية لن تجعله يميل أو حتى يفكر مجرد التفكير في زوجة أخرى غير زوجتك.


حتى لو أراد؛ فلن يملك الوقت لفعل ذلك، هذا ما يعلمه بحكم تربيته في منزل الرجل، حينما استلم العمل مع الطبيب الكبير عن عمر الثالثة عشر. 


لم يظلا كثيرًا على حالتهم حتى أتى عصام بسيارة الطبيب التي أحضرها من أمام المدخل الرئيسي للمبنى، عدة لحظات بسيطة التي مرت ولكنها كانت كفيلة بإحراقه.


خرج الطبيب ليستقل سيارته على الفور قبل أن يراه أحد الأشخاص، فلا يستطيع الفكاك من حصار اَخر، توقف عمران وعصام حتى اختفت السيارة من أمامهما ليعودا لمسكنهم من خلال الباب الخلفي للحديقة وقد انتهى عملهما مع ذهاب الطبيب.


دلف خلف عصام ليجدها مازالت واقفة محلها ولكنها كانت مستندة على جدار الملحق، ونظرة حالمة على صفحة وجهها الذي مازال محتفظًا بابتسامة السعادة، ليصله على الفور ما يدور بعقلها السازج الأحمق.


ربت على وجنتها عصام مستغربًا هيئتها تلك، ليأمرها باتباعه لدخل منزلهم قبل أن يستأذن منه ليغفى ويستريح قليلًا حتى يأتي ميعاد نوبته، خلفه هو أيضًا في الذهاب إلى عزة التي كانت تراقب من شرفتها الصغيرة في الأعلى كل ما دار منذ قليل

تابعووووووني 


لاتلهكم القراءه عن الصلاه وذكر الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم 



الفصل الاول من هنا



الفصل الثاني من هنا



الفصل الثالث من هنا



أدخلوا واعملوا متابعة لصفحتي عليها كل الروايات بدون لينكات بمنتهي السهوله من هنا 👇 ❤️ 👇 


صفحة روايات ومعلومات ووصفات


❤️💙🌺🌹❤️💙🌺🌹❤️💙🌺🌹❤️💙🌺🌹❤️💙




تعليقات

التنقل السريع
    close