سكريبت وتعانقت الأرواح بقلم الست ورد حصريه وجديده وكامله جميع الفصول
![]() |
سكريبت وتعانقت الأرواح بقلم الست ورد حصريه وجديده وكامله جميع الفصول
"أنتِ عايزاني أتجوز واحد ما بيعرفش يصلي؟"
"يا بنتي بُكرة هيصلي، أهله ناس مبسوطين."
"يا ماما افهميني، إزاي أتجوز واحد مسلم بس في البطاقة؟"
"علّميه إنتِ."
قاطعتها وهي تكاد تبكي، فكيف لها أن تتزوج شخصًا لا يعلم عن دينه شيئًا لمجرد أنه غني.
"يا ماما، سيدنا عمر بن الخطاب قال من ترضونه دينًا وخُلقًا فزوجوه، ما قالش اللي معاه فلوس، الفلوس مش اللي هتدخلني الجنة."
"والله يا جويرية لو رفضتيه هكون غضبانة عليكِ ليوم الدين، والنقابات اللي فرحانة بيها دي أنا هولّع فيها، ومش كفاية رضيت إنك تلبسي نقاب؟! بسببه عدّى قطر الجواز! الناس دلوقتي بتقول فيكِ عيب! بقيتي 28 سنة ومحدّش عبرك! كنتِ المفروض تعملي فرح، مش عارفة هو إيه اللي عاجبه فيكِ أصلًا! بلا قرف!"
كانت كل كلمة تخرج من فم والدتها كأنها جُمر يتساقط على قلبها، قاسية، جارحة، لا ذنب لها سوى أنها تريد أن تتزوج رجلًا بحق، لا ذكرًا، رجلًا يحمل من رسول الله شيئًا، لا شخصًا يجهل أبسط أمور دينه.
نظرت لوالدتها نظرة لن تنساها أبدًا، ثم دخلت غرفتها وأغلقت الباب خلفها، كانت الساعة تشير إلى الثامنة مساءً.
توضأت من الحمام الذي بغرفتها، وصلت صلاة استخارة، ودعت من قلبها أن يرزقها الله الزوج الصالح، انتهت من صلاتها، وظلت تدعو وتبكي، ترجوه سبحانه بقلبٍ مكسور.
هي ليست الفتاة التي يلقبونها بالشيخة، لكنها فقط تحاول أن تكون صالحة لدنياها وآخرتها، ليس ذنبها أنها الآن في الثامنة والعشرين ولم تتزوج.
خرجت من غرفتها متجهة نحو المطبخ لتحضر كوب الهوت شوكلت الذي تحبه، ثم أمسكت بكتابها المفضل، وفتحت البلكونة الخاصة بغرفتها. كانت تسكن في حارة هادئة لا يقطن بها الكثيرون، وهذا ما كان يريحها، أما الشقة المقابلة فلا يسكنها أحد منذ زمن، فشعرت بالطمأنينة وهي تخلع نقابها.
هدوء الليل، نسمات الهواء الباردة، كوب الهوت شوكلت، وروايتها المفضلة... كل هذا كفيل بأن يحسّن حالتها النفسية ولو قليلاً.
_
مرّ أسبوع كامل، كانت خلاله تواظب على صلاة الاستخارة، وتشعر بالراحة رغم كل شيء، لم تكن تتحدث مع والدتها إلا في أضيق الحدود، فهي مجروحة من كلامها.
اليوم هو موعد قدوم العريس، وهي تعرفه جيدًا، سمعته تسبقه، سيئة للغاية، ولا تفهم سر إصرار والدتها على تزويجها له. لم تره من قبل، لكن الاسم وحده كافٍ: "قصي الرحباني"... شخص لا يعرف الله.
فاقت من شرودها على صوت طرقات على باب غرفتها، أذنت بالدخول، فدخلت والدتها، التي انبهرت عندما رأتها ترتدي فستانًا بينك واسعًا وخمارًا أبيض، وكادت أن تعلّق، لكن ملامحها تغيّرت حين رأت ابنتها ترتدي النقاب.
"أنتِ هتطلعي بالبتاع ده؟"
"اسمه يا ماما نقاب، مش بتاع."
"أنتِ ناوية تطفشيهم؟"
"ما يطفشوا يا أمي، حد ماسكهم؟"
كانت ترد ببرود، لا تصدق أن والدتها تتحدث في هذا الموضوع الآن. تنهدت الأم، ثم قالت:
"مش هناحي معاكِ، بس يا ويلك لو عرفت إنك عملتِ حاجة كده ولا كده. ويلا، الناس بره."
..2..
"والأخيــــــر"
خرجت من غرفتها وتوجهت إلى المطبخ لتُحضر الشربات الذي أعدّته والدتها.
كانت تمشي خلف والدتها وتنظر إلى الأرض، وهناك كان يجلس العريس ووالدته وأخته… وبالطبع، هو.
ما إن رأتها والدته حتى أطلقت الزغاريد، فاحمرّ وجهها، وحمدت ربّها أن نقابها يخفي وجنتيها الخجولتين.
توجهت ناحية والده وقدّمت له الشربات، ثم لزوجته التي تجلس بجواره. لم ترفع عينيها عليه بعد… ولا تريد. فهي لم تصدق أصلًا أنها وافقت، أو حتى فكرت في الموافقة.
اقتربت من شقيقته، شكرتها الأخيرة بلطف، ثم جلست بجانب والدتها.
كانوا يتحدثون ويتحدثون، حتى فاقت على صوت والدته:
"مش المفروض نسيبهم شوية؟"
ضحكت والدتها بخفة، وأردفت وهي تنظر لابنتها:
"خدي قصي يا حبيبتي البراندة."
قامت من مجلسها وأشارت له أن يذهب خلفها، فوقفا في البراندة التي أمامهم.
"إزيك يا آنسة جويرية؟"
لحظة من فضلكم… هناك انصهار يحدث الأن، حول، لسببين:
الأول… بحة صوته.
الثاني… بحة صوته.
وأضيف الثالثة من عندي… بحة صوته!
حسنًا، هي لن تضعف، هي فقط… انصهرت. وهذا ليس سيئًا، أليس كذلك؟
حمحمت بخفة وأردفت بخجل بدا واضحًا في نبرتها:
"الحمد لله… كويسة."
أكملت حديثها بعدما بلعت ريقها:
"وحضرتك عامل إيه؟"
"حضرتي كويس… الحمد لله."
قالها بخفة وهو يبتسم، حينها رفعت رأسها ناحيته، فرأت حفرتين عميقتين في خديه تداريهما ذقنه المصَفَّفة بعناية.
ابتسمت هي أيضًا… إذا أخبرتكم الآن أن كل شيء بخير، لن تصدقوني، أليس كذلك؟
وأنا أيضًا.
حمحم ببحته الرجولية التي تتخيلها في أبطال روايتها
"لو حابة تسأليني عن أي حاجة... اتفضلي."
رفعت نظرها بثبات، وكأنها تحسب كلماتها:
"مين قدوتك في الحياة؟ وليه؟"
"رسول الله ﷺ، لأنه جمع بين عبادة الله والرحمة بالناس، وكان قدوة في بيته ومع أصحابه."
"طيب... لو اختلفنا في أمر من أمور حياتنا، هتعمل إيه؟"
"هسمعك للآخر، وأحاول نفكر مع بعض بهدوء، ونرجع لشرع ربنا قبل أي قرار."
"لو رزقنا الله بأولاد، إيه أول حاجة هتعلمهم إياها؟"
"أحب الله ورسوله، وأساسيات الصلاة، وبعدها الأخلاق قبل العلم."
"طيب نرجع للدين... إيه الفرق بين الفرض والسنة المؤكدة؟"
"الفرض لا يجوز تركه أبدًا ومن تركه يأثم، والسنة المؤكدة لو داوم عليها فله أجر، وإن تركها لا يأثم لكنه يفوّت خيرًا عظيمًا."
"لو نسيت التشهد الأوسط في الصلاة، تعمل إيه؟"
"أكمل الصلاة، وفي الآخر أسجد للسهو قبل التسليم."
"اذكر لي أركان الحج."
"الإحرام، الوقوف بعرفة، طواف الإفاضة، السعي بين الصفا والمروة."
"لو لقيتني مقصّرة في العبادة، هتعمل إيه؟"
"أذكّرك برفق، وأكون قدوة قدامك، لأن النصيحة من غير فعل ملهوش قيمة."
"في القرآن... مين هم أولو العزم من الرسل؟"
"نوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ومحمد عليهم الصلاة والسلام."
"لو أنت إمام في صلاة، واختلف المصلون معاك في قراءة آية، هتتصرف إزاي؟"
"أتوقف وأستمع لتصحيحهم إن كانوا على حق، لأن التواضع في الدين واجب."
"إيه تعريف التوكل على الله؟"
"إنك تأخد بالأسباب بكل جهدك، وتسيب النتيجة على الله، من غير يأس أو اعتماد على نفسك بس."
"اذكر لي شروط لا إله إلا الله."
"العلم، اليقين، القبول، الانقياد، الصدق، الإخلاص، والمحبة."
"لو جارك أذاك، إيه حقه عليك؟"
"أتحمل وأكف الأذى عنه، وأحسن إليه، لأن النبي ﷺ أوصى بالجار حتى ظن الصحابة أنه سيورثه."
"إيه الفرق بين الكبائر والصغائر؟"
"الكبائر هي الذنوب التي جاء فيها وعيد أو حد في الدنيا، والصغائر تُكفَّر باجتناب الكبائر وكثرة الحسنات."
"اذكر لي أسماء الله الحسنى اللي تدل على الرحمة."
"الرحمن، الرحيم، الغفور، العفو، التواب، الرؤوف."
"لو حصل خلاف بينك وبين أهلي، تتصرف إزاي؟"
"أحلّه بالحكمة وأحافظ على احترامهم، لأن رضاك ما يجيش بزعلهم."
"في سورة الكهف، مين هو الخضر؟"
"عبد صالح آتاه الله رحمة وعلمًا لدنيًّا، وكان سبب لقائه بموسى عليه السلام تعليم الصبر على ما لم يُحط به علمًا."
"اذكر لي ركن من أركان الإيمان وشرحه."
"الإيمان بالقدر خيره وشره، ومعناه التصديق بأن كل ما يحدث مقدر من الله بعلمه وحكمته."
"إيه شكل الحياة الزوجية اللي تتمناها؟"
"بيت هادئ، فيه ذكر لله، ضحك، وراحة، وأمان بينا إحنا الاتنين."
"تحب زوجتك تكون إيه بالنسبة لك؟"
"صديقتي قبل ما تكون زوجتي، وأم لأولادنا، وسندي في الدنيا."
"لو شغلك أخذك عني، هتعمل إيه؟"
"هوازن… مش عايز أكون زوج مشغول عن بيته، البيت هو الأولوية."
"هل شايف إن كل حاجة في الحياة لازم نعملها سوا؟"
"مش بالضرورة، في حاجات نشارك بعض فيها، وفي حاجات كل واحد له مساحته الخاصة، لكن دايمًا نكون على تواصل."
"لو أنا مررت بفترة ضعف نفسي أو اكتئاب، تتعامل إزاي؟"
"أكون جنبك من غير ضغط، أسمعك، أساعدك، وأذكرك إن ربنا أكبر من كل هم."
"هل ممكن تسيب قرار مصيري ليا لوحدي؟"
"لو هو قرارك الشخصي، أكيد، لكن القرارات المشتركة لازم نتشارك فيها."
"إيه أكتر حاجة ممكن تكسر قلبك في العلاقة الزوجية؟"
"الخيانة، والكذب، وفقدان الاحترام بيننا."
"تحب زوجتك تبقى قدوة لأولادك إزاي؟"
"بأخلاقها قبل كلامها، وبالتزامها بدينها، وبالحب اللي تزرعه في البيت."
"وأخيرًا... إيه أول وعد توعدني بيه لو كتب ربنا النصيب؟"
"أوعدك أكون سندك، وأحفظك في غيبتي وحضوري، وأخلي بيتنا مكانًا يرضى عنه ربنا."
"ليه مطلبتش تشوفني من غير النقاب؟"
أخذ نفسًا وابتسم:
"لأن أنا جاي أتقدّم مش علشان الشكل، جايلِك علشان عارف أخلاقك كويس. وبعدين لو كنت مش عاوز أشوفك قيراط دلوقتي، مش عاوز أشوفك 24 قيراط."
رفعت أحد حاجبيها وأردفت بخبث:
"بس أنا عاوزاك تشوفني."
"مش هقدر أنا على جمالك، وهخطفك ونكتب الكتاب، واللي يحصل يحصل بقى، برّاحة على قلبي. مش كده يا آنسة جويرية؟ مش ناقص."
شهقت بخفة، فضحك عليها، وتلونت وجنتاها باللون الأحمر من كسوفها. أخذت نفسًا وأردفت بكسوف:
"حضرتك عارف إن في كلام كان جايلي إنك يعني إنك..."
لم تكن تقدر أن تقولها. كيف تخبره أنها صدقت حديثهم عنه بأنه لا يعلم شيئًا عن دينه؟ ولكن حديثه وهدوءه وبساطة أسلوبه وملابسه المرتبة كانت تعكس كلامهم. شخص غيره كان سيتضايق من أسئلتها، لكنه تجاوب معها بصدق.
قاطعها هو بحديثه وأردف بابتسامة:
"إني ماعرفش ربنا ومسلّم بالبطاقة؟ شوفي يا آنسة جويرية، كلام الناس عمره ما هيبطل. أنا حتى اتفاجأت بالكلام. مش هقولك أنا ما بعملش ذنوب، كلنا بنخطئ، بس فيه اللي بيتوب وفيه اللي ما بيتوبش. الناس الحقودة هي اللي بتطلع سمعة عن الشخص الناجح، وأنا الحمد لله بحاول أخليني ناجح في علاقتي مع ربنا."
أنهى حديثه تحت هدوئها وراحة بالها، ثم أردف بمرح قليلًا:
"يعني مش هتوافقي بيا يا آنسة جويرية؟"
ضحكت بكسوف وأردفت بعفوية:
"والله كنت بحاول أظفشلك من بعيد لبعيد، بس شكلي لبست يا باشمهندس."
ضحك بخفة وأردف:
"أفهم من كده إنك موافقة؟"
هزّت رأسها باستحياء:
"يبقى على بركة الله نكتب الكتاب."
اتسعت أعينها، كانت على وشك الكلام ولكن كلماتها لم تخرج.
"السكوت علامة الرضا."
_
"بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير."
كانت تلك كلمات المأذون الذي كتب كتابنا. لا أصدق أنني أصبحت الآن زوجته. منذ قرابة الشهر، كنت أبكي لأنني لا أريد أن أتزوجه، ولكن الآن أصبح أعظم انتصاراتي.
علاقتي بوالدتي تغيّرت نوعًا ما، ولكنني أسامحها، فهي في الأول والآخر أم تريد أن ترى أحفادها، وهذا ليس سيئًا، أليس كذلك؟
شهقت عندما شدّني شخص إليه، وكانت الصدمة أنه هو. أخذني داخل أحضانه الدافئة، وبدون سابق إنذار حضنته أيضا وأنا أسند رأسي علي صدره، أخذ نفسًا عميقًا وأخرجه وهو يأردف:
"أخيرًا."
وأظن إنني أيضًا كنت أعظم انتصاراته.
.. تمت..
أدخلوا واعملوا متابعة لصفحتي عليها كل الروايات بمنتهي السهوله من هنا 👇 ❤️ 👇
تعليقات
إرسال تعليق