رواية صعود امرأه البارت الأول حتى البارت العاشر بقلم الكاتبه آيه طه حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج للروايات والمعلومات
![]() |
في بيت كبير في الصعيد، واقف كبير عيلة حمدان إبراهيم، وجنبه أخوه الأصغر ياسر وعمومته ونسوان أهل الدار كلهم متوترين وقلقانين.
فاروق (عم إبراهيم): "اهدى يا ولدي، مش كده، إن شاء الله خير، متقلقش."
إبراهيم: "مقلقش كيف يا عمّي وهما جوه بجالهم كتير ولا حس ولا خبر."
فاروق: "اهدأ يا ولدي، إن شاء الله خير، قريب هنسمع صريخ ولي العهد الصغير."
إبراهيم: "يا رب يا عمّي، يا رب، دا أنا مستنيه بقالى سنين."
وفجأة، تطلع بنت في نص العشرينات، مساعدة الداية، من الأوضة، وإبراهيم يسرع ليها في قلق وتوتر.
إبراهيم: "إيه الأخبار؟ طمنيني."
البنت: "ادعيلها يا بيه، الولادة صعبة جدًا، وخالتي بعتتني أقولكم إنها ممكن تحتاج تروح المستشفى هي والعيال بعد الولادة."
إبراهيم: "مستشفى!!! مستشفى إيه؟ ليه؟ جرالهم حاجة؟ قوليلي!"
البنت: "ما حصلش حاجة، لسه الواد ما تولدش، بس خالتي بتقول كده علشان تعملوا حسابكم."
إبراهيم بصوت غاضب: "أنتي عارفة لو ولدي جراله حاجة مش هتطلعوا من هنا عايشين، ولو جي بالسلامة هتكونوا في خير كبير. دا ولي العهد."
البنت: "إن شاء الله ييجي بالسلامة يا بيه، ادعيلهم بس."
وتدخل الأوضة تاني وهي أكتر قلق من الأول. الرجالة كلهم متوترين والستات بتدعوا ربنا، وفجأة يقطع الصمت صريخ طفل صغير. الكل يلفت للأوضة، وإبراهيم يسرع ليها ويخبط على الباب: "ها، طمنوني، ولد صح؟"
تطلع البنت وهي شايلة طفلين، الكل في البيت بيبتسم وفرحان.
البنت: "ما شاء الله، يا بيه، ربنا رزقك بولد زي القمر." وتبص في يدها التانية: "وكمان ببنت زي العسل."
إبراهيم يخطف الولد من إيدها وسط زغاريد الستات وضرب النار. محدش سمع البنت وهي بتقول إن حالة الأم حرجة وتحتاج تروح المستشفى. الكل فرحان بولي العهد.
البنت تدخل الأوضة وتحط البنت جنب أمها، وتروح للداية.
أم سعد: "ها، عملوا إيه؟ الست بتنزف كتير."
البنت: "مش عارفة يا خالتي، الراجل طار عقله لما شاف الولد، خدوا وخرج ومسمعش مني حاجة. حتى بنته ما بصش عليها."
أم سعد: "اخرسي! لو حد سامعك، هنكون في مصيبة. فكري في الحل للست المسكينة دي."
البنت: "مش حرام عليهم؟ الست دي سايحة في دمها."
أم سعد: "الحرام مش هنا، هي خلاص جابت الولد، يبقى مالهاش عازة عندهم. الولد أهم حاجة. يلا، روحي هاتي أم محمد من الصحة بسرعة."
وبالفعل، البنت تجيب أم محمد وتدخل بيها الأوضة، والناس برة فرحانين بولي العهد.
أم محمد: "وقفت النزيف مؤقتًا، لكن لازم تتنقل للمستشفى بسرعة. النزيف ممكن يرجع، وهي محتاجة محاليل."
أم سعد: "يا رب، شكلك جاية نجدة من السما. كان زمانها راحت لو ما جيتيش."
أم محمد: "لازم المستشفى، حرام عليها."
تدخل الست الكبيرة، والدة إبراهيم، وتقول لأم سعد: "مبروك، يتربى في عزكم."
أم سعد: "الله يبارك فيكِ، بس الهانم الصغيرة نزفت كتير، ولازم تروح المستشفى."
خيرية: "مستشفى إيه؟ مش عملتوا اللازم؟ خليها هنا وأم محمد تتابعها. ما نريدش حد يعكر فرحتنا بولي العهد."
وتسيبهم وتطلع، وأم محمد وأم سعد حزينين. الأم تفيق وتطلب ابنها.
سميحة: "ابني فين؟ عايزة أشوفه."
أم سعد تديها البنت: "بصي على بنتك، زي القمر."
سميحة بتسأل باندهاش: "بنت؟ أنا جبت بنت؟"
البنت: "وكمان ولد، بس هو برا."
سميحة تبكي من الفرح: "الحمد لله يا رب. دا أنت كريم."
وتحضن بنتها وتقول: "اتكتب لنا عمر جديد بفضل أخوكي." وتطلب تشوف ابنها.
أم سعد: "هو برا، بس انتي محتاجة راحة."
سميحة: "إن شاء الله."
وتبص لبنتها: "إنتي أبوكي سماكي إيه؟"
البنت: "سماها إيه! دا حتى ما بصش عليها. عقله كله مع الولد."
سميحة بحزن: "أنا هسميكي نجاة. علشان النهاردة إنتي اتنجدتي بفضل أخوكي."
أم محمد: "أنا رايحة دلوقتي، وبكرة هاجي ومعايا دكتورة تشوفها."
وبعد شوية، يدخل إبراهيم وهو شايل الولد، فرحان، لكن فجأة يغضب ويضرب سميحة على وشها.سميحة متفاجأة من اللي حصل، تحط إيدها على خدها وتبص له وهي بتعيط جامد، مش فاهماه عملت إيه علشان تستاهل ده.
البارت 2
إبراهيم: إزاي جراتك تدي البت دي رضاعة قبل ما ولدي ياكل ويرضع الأول؟ إنتي شكلك نسيتي إن الحريم عندنا بتاكل بعد الرجالة يا ست هانم.
سميحة: أيوة، بس ده لما يبقوا كبار، مش أطفال يعني، وبعدين الواد معاك من بدري، أنا لحد دلوقتي ما شفتهوش، والبت كانت بتصرخ، والحمد لله، الخير واللبن نزل، قلت أرضعها.
إبراهيم: أيوة ولدي معايا، إنتي عايزة إيه؟ وبعدين كبار ولا صغيرين، ولدي ياكل الأول، قبل بنتك، فاهمة؟ ولما يشبع ولدي تبقى ترضعيها، يا ما والله أرميكي إنتي وهي في الشارع، وإنتي حرة، إلا ولدي، ولي العهد.
سميحة، خايفة على بنتها، وافقت وخدت الولد ترضعه وسبت بنتها تعيط لحد ما الولد خلص رضاعة ونام.
سميحة: أنا سميت البنت نجاة، إيه رأيك؟
إبراهيم: مش مهم أي حاجة، كويس إنك قولتي لي علشان وأنا بكتب كمال ولدي أكتبها معاه.
سميحة: هو إنت سميته كمال؟
إبراهيم: أيوة، عندك مانع؟
سميحة: لا أبدًا، الاسم حلو.
إبراهيم: خدي بالك، الخلجات الجديدة اللي أنا جايبها دي لكمال، أمي هتجيبلك هدوم من بتاعة ولاد أختي وأخوي علشان تلبسيهم للبت دي، إياكي تلبسيها حاجة جديدة من بتاعة الولد، والله أقطع خبرك.
سميحة: هدوم قديمة ليه؟ مش إنت جايب خلجات كتير؟ الولد يلبس منهم، وأنا هشد حيلي شوية وهشتريلها خلجات خاصة بيها.
إبراهيم: خلجات مين وبتاع إيه؟ إحنا عندنا البنات تتدارى لحد ما ييجي اللي ياخدها ويريحنا منها. ما عندناش بنات تلبس جديد.
نظرت سميحة لابنتها نجاة بحزن وأسى على اللي هيحصل لها من ظلم وهوان في حياتها.
تاني يوم، وصلت فوزية، أم سميحة، لما سمعت إن بنتها ولدت. كانت عايشة في قرية جنب قريتهم.
دخلت فوزية على بنتها تزغرد ومبسوطة، لكن فجأة، وشها تغير للصدمة والخوف لما شافت سميحة غارقة في دمها بسبب نزيف الولادة، والبت بتعيط جنبها، جريت عليها تحاول تفوقها. لما شافت حالتها مش مستقرة، بدأت تصرخ تنادي على إبراهيم علشان يساعدها، وسمعوا كل اللي في الدار وجريوا عليها.
خيرية: إيه في إيه؟ مالك بتصرخي ليه؟
فوزية: بنتي ... بنتي بتموت، الحقوها.
إبراهيم: في إيه يا خالة؟ مالك بتزعقي ليه؟
فوزية: يا إبراهيم، خد البت المستشفى حالًا، أحسن تموت منك.
خيرية: مستشفى إيه؟ إنتِ عايزة الناس تتفرج علينا ولا إيه؟ أنا هبعت الشغالة تجيب الدكتورة تشوفها هنا.
فوزية: دكتورة إيه يا أم إبراهيم؟ بنتي بتموت قدام عنيكي، نزفت كتير أوي.
خيرية: إبراهيم يا ولدي، انزل انت، الموضوع ده موضوع حريم، مالكش دعوة بيه... انزل شوف الضيوف اللي تحت.
وبالفعل، نزل إبراهيم وسيبهم. فوزية اتصلت بجوزها وابنها يجوا على طول، وغيرت هدوم بنتها والفرشة، لحد ما جات دكتورة الصحة.
دكتورة الصحة: المدام حصل معاها نزيف بسبب الولادة، لازم تعمل أشعات وسونار علشان نعرف السبب، وهي ضعيفة جدًا، لازم تاكل وتتقوى. أنا اديتها دواء مؤقت لحد ما يتوقف النزيف، وكمان علقت لها محاليل. بس لازم تتابع في المستشفى.
خيرية: تسلمي يا دكتورة... يعني تقدر ترضع الواد كمال ولا إيه؟
الدكتورة: مفيش مانع، بس بعد ما تفوق شوية.
خرجت الدكتورة، وفوزية نظرت لبنتها بحزن. كانت سميحة دايمًا تقول إنها مبسوطة مع جوزها وأهله، وما كانتش تحكيلها حاجة عن اللي بيحصل.
خيرية: ست فوزية، قومي فوقي بنتك علشان ترضع كمال، الولد عمال يصرخ من الصبح.
فوزية: أنا هقوم أعمله حاجة سخنة يرضعها لحد ما تفوق.
خيرية: حاجة سخنة إيه اللي بتتكلمي عليها؟ الولد هيرضع من أمه، وإذا ما عرفتش، نجيب له واحدة ترضعه. ده حفيد العيلة، لازم يطلع راجل زي أبوه.
فوزية: مش قصدي حاجة يا أم إبراهيم، كمال حفيدك وحفيدي برضو، بس البت لسه ما فاقت، نعمل إيه؟ كلنا رضعنا عيالنا حاجات سخنة وطلعوا رجالة.
خرجت خيرية وهي باصة لهم بنظرة استعلاء. وبعدها، جت الخدامة شايلة كمال وأدتوا لفوزية. فوزية رضعته ينسون لحد ما نام، ونظرت لنجاة، لقتها بملابس متسخة وبتعيط من الجوع، فغيرت لها هدومها بملابس جديدة.
لما فاقت سميحة، فوزية جت تطمن عليها.
فوزية: حمد الله على سلامتك يا بنتي. إنتِ كويسة؟ إحساسك إيه دلوقتي؟
سميحة بتعب: عاملة إيه يا أمي؟ وحشتيني. أخبارك إيه وأبويا وإخواتي؟
فوزية: إحنا كويسين، إنتي اللي طمنيني عنك، ليه ما رحتيش المستشفى لحد دلوقتي؟
وقاطع كلامهم صوت بكاء نجاة، ففوزية راحت تشيلها وتديها لسميحة علشان ترضعها. لما شافت سميحة بنتها بملابس جديدة، اتصدمت.
سميحة: إيه ده؟ مين ملبس البت كده؟ فين الخلجات اللي جابتها حماتي؟ أقلعيها بسرعة قبل ما حد يشوفها!
فوزية: إنتي مالك يا بنتي؟ ليه مش فرحانة ببنتك؟ هدوم إيه اللي جابتها حماتك؟ دي هدوم قديمة ودايبة! معقول بنت إبراهيم تلبس كده؟
سميحة بحزن: الناس هنا ما تفرقش بين البنت والولد. البنت تتدارى لحد ما ييجي اللي ياخدها. الناس اللي جاية دي علشان الواد كمال، مش علشان البنت.
فوزية: إنتي بتقولي إيه؟ إزاي البنت مالهاش عازة عندهم؟
سميحة بقهر ودموع: يا أمي، اتجوزت إبراهيم المتعلم، لكن لقيته زي باقي الجهلة هنا. الله يخليكي، غيري هدوم البنت قبل ما حد يشوفها.
فوزية: لا، كمال رضع ونام، البنت هتموت من الجوع، ارضعيها الأول.
سميحة بجمود: مش مهم نجاة ترضع دلوقتي، المهم الواد.
فوزية: إيه اللي جرى لك يا بنتي؟ كنتي حنينة!
سميحة: لازم أقسى عليها علشان تعرف تعيش هنا.
فجأة دق الباب ودخل إبراهيم. عيون سميحة مليانة خوف. يدخل إبراهيم الغرفة و...
**الجزء الثالث**
يدخل إبراهيم الغرفة ونظرته مليانة استغراب،
إبراهيم: إيه ده؟ إنتِ فوقتي إمتى؟ وكمال فين؟
سميحة: لسه فوقت من شويه، وكمال برضعه أهو.
إبراهيم: طب حلو، علشان أخده ينزل للرجالة تحت ويحضر الدبيح.
سميحة بخوف: بس لسه صغير يا خوي! دبيح إيه اللي يحضره؟ أنا خايفة عليه.
إبراهيم بعصبية: إنتِ كل شوية خايفة خايفة، خايفة عليه مني؟ ده أمل العيلة، يجمد قلبه ويدخل وسط الرجالة. فاهمة ولا لأ يا أم مخ ضلم؟
سميحة ببكاء: فهمت يا سي إبراهيم، فهمت.
إبراهيم بغضب: قلت لكِ ما تعيطيش والواد بيرضع منك. هترضعيه حزن ولا إيه؟ هاتيه هنا.
ويأخذ إبراهيم الرضيع من سميحة وهو على وشه غضب، إلا أن صوت فوزية يوقفه.
فوزية: إبراهيم يا ولدي، استنى بس، عايزاك في كلمتين.
إبراهيم: نعمين يا خالة؟ قولي بسرعة، الرجالة تحت لوحدهم.
فوزية: لا يا ولدي، دي كلمتين على واقف كده. بص يا ولدي، سميحة صحتها تعبانة، والست خيرية رفضت تروح المستشفى، فلو تسمح بعد الليلة ما تخلص، أخدها معايا أسبوع ترتاح وترد صحتها.
إبراهيم بلا مبالاة: عايزاها؟ خديها العمر كله، بس كمال هيفضل هنا.
فوزية: ليه يا ولدي؟ ما ينفعش الواد يبعد عن أمه.
إبراهيم: الواد هنا معايا، هو نور العيلة، أما هي ترجع لما تبقى عال.
يخرج إبراهيم ويترك فوزية حزينة ومكسورة على حال بنتها.
فوزية: ليه ساكتة على كده؟
سميحة: الحمد لله، كله عدى على خير. بس بالله عليكِ، غيري للبنت خلجاتها قبل ما حد يشوفها.
فوزية بحزن تغير لنجاة الملابس القديمة المتهرتلة، وترجعها لسميحة علشان ترضعها. نجاة جمالها لسه طاغي، برغم لبسها القديم.
سميحة بحزن: خسارتك في اللبس ده يا نجاة، كان أبوك كبير البلد.
تمر السنين، 10 سنين تحديدًا، وفي غرفة نجاة وكمال، نجاة لابسة لبس قديم ومهترئ، وسميحة قاعدة تخيط حاجة بخيط صوف. فجأة يدخل إبراهيم مع كمال ويتعثر في لعبة على الأرض.
إبراهيم بغضب: إيه اللي مرمي ده؟ والبت دي مش بتساعد في شغل البيت ليه؟
سميحة بخوف: لسه صغيرة يا خوي، وأنا بخاف عليها من النار والسكين.
إبراهيم: مش صغيرة. كلها كام سنة وتتجوز ونخلص منها. علميها شغل البيت، ما تكرريش كلامي تاني، مفهوم؟
سميحة وهي خايفة على بنتها: حاضر يا خوي، حاضر. بس المدرسة قبلت كمال ولا لا؟
إبراهيم: أيوه، قبلوه في فصل عدده قليل، هيكبر ويبقى حاجة كبيرة.
سميحة بحزن على بنتها: والبنت؟... أقدم لها في المدرسة الحكومية؟
إبراهيم بغضب: قلت لكِ، البنت تتعلم في الكتاب، مش هنعيد نفس الكلام. ركزي على ولي العهد، مش عايز تقصير منك.
سميحة بخضوع: مفهوم يا سي إبراهيم.
إبراهيم بدأ يرسم أحلام لغرفة كمال، يجهزها زي ما تكون قصر. وسميحة واقفة تبص على ولدها مبهور، لكن نجاة كانت دموعها بتنزل من قسوة الحياة اللي بتعيشها. وفجأة حصل حاجة غير متوقعة، حاجة صدمت كل اللي في الغرفة، وكان الرد عليها صارم جدًا.
ياترى إيه اللي حصل؟ ومن اللي عمله؟ وليه كان الرد بالقسوة دي؟ ده اللي هنعرفه في الجزء الجاي....
### الجزء الرابع:
في وسط حديث إبراهيم عن تجديدات الغرفة وكمال منبهر بالكلام اللي بيسمعه، نجاة قربت واحتضنت أخوها بقوة وفرحة.
نجاة: "مبروك عليك يا أخويا، أنا فرحانة ليك والله..."
لكن كمال رد عليها برد قاسي قوي، دفعها بعيد عنه بعنف لحد ما وقعت على الأرض.
كمال: "إوعى كده، هتوسخي هدومي بخلجاتك الوسخة دي."
سميحة اتعصبت عليه: "إزاي تزق أختك كده؟ متبقاش غبي، هي أختك وملكوش غير بعض."
إبراهيم عصّب برضه واتجه ناحية سميحة بعدوانية ورفع إيده عليها وبيهم إنه يضربها، لحد ما وقفت نجاة قدامه بعيون مبلولة بالدموع.
نجاة: "خلاص يا بوي، متضربش أمي، أنا آسفة، حقك عليّا أنا. اضربني أنا يا بوي، بس بالله عليك مش تضرب أمي."
وراحت لحد كمال ورأسها في الأرض: "آسفة يا أبية كمال، حقك عليا. متقلقش، مش هقرب لخلجاتك ولا أجي جنبها تاني. أنا كنت بس فرحانة بيك، مش هعمل كده تاني."
سميحة كانت بتبص لابنتها وحزينة، قلبها اتكسر. بنتها كبرت قبل الأوان، ومضطرة تحميها من أبوها، لكن كانت منكسره قدام أخوها. أدركت إن اللي جاي أسوأ بكتير. إبراهيم كان بيبص لنجاة بعدم اهتمام، وكأنه فرحان إنها بتتكلم بالطريقة دي. وخرج هو وكمال وعيونهم مليانة حقد.
سميحة مسحت دموعها وقربت من بنتها وقالت: "اللي عملتيه ده مش عايزاكي تعمليه تاني، فاهمة؟ متدخليش بيني وبين أبوكي. وبعدين عندي لك حاجة، بس خليها بيني وبينك، ماشي؟"
نجاة: "حاضر يا أمي. إيه الحاجة دي؟"
سميحة: "هروح أودّيكي عند جدك يومين، وهو هيسجلك في المدرسة هناك وتذاكري من كتب أخوكي، وبعدها تروحي على الامتحانات. بس خلي الموضوع سرّ بيني وبينك، لو حد عرف، هيقتلوني أنا وانتي."
سميحة حضنت نجاة بقوة وقالت لنفسها: "أنا مش هسمح لبنتي تضيع، حتى لو التمن حياتي."
وفعلاً، نجاة كانت بتدرس مع أمها بالليل بعد ما كل الناس تنام، وتقوم الصبح تساعد في البيت. وفي وقت الامتحانات، كانت تروح عند جدها بحجة إنها مريضة، وسميحة تاخدها على القرية عشان تكشف عليها وتسيبها هناك لحد الامتحانات. إبراهيم وخيرية وافقوا على الحجة دي، لأن كل اللي كان يهمهم صحة كمال بس.
لكن المرض تمكن من سميحة بسبب الإهمال، وكانت بتأمل إنها تأثر على كمال عشان يهدم الأفكار اللي اتربى عليها من ناحية عيلة أبوه. لكن مع الوقت، اكتشفت إنها مش قادرة تواجه الأفكار دي لوحدها.
**بعد مرور عشر سنين...**
سميحة كانت نايمة على سريرها، مريضة بشدة. ونجاة جنبها بتخدمها.
سميحة بصوت ضعيف: "يا نجاة، أخوكي كمال رجع ولا لسه؟"
نجاة حاولت تخبي الحقيقة: "لا يا أمي، لسه مش رجع. متقلقيش، لما ييجي هيجي يطل عليكي."
سميحة: "إنتي مبتعرفيش تكذبي، عيونك بتفضحك. أنا سامعة صوته في الدار، دا بجاله أسبوعين مجاش يطل عليا."
وبكت سميحة، وبدأت تكح بشدة لحد ما نجاة جرت تجيب لها الماية.
نجاة: "اشربي يا أمي، واهدى، أنا جنبك أهو."
سميحة: "اسمعي يا بنتي... لما أموت وترد الأمانة لصاحبها، تروحي بيت جدك وتكملي تعليمك. متخليش حاجة توقفك، فاهمة؟ متعيشيش زيي، مرمية ملهاش لازمة."
نجاة بدموعها: "الله يخليكي يا أمي، بلاش الكلام دا. انتي اللي مصبراني."
سميحة: "متعيطيش يا بنتي، أنا عملت كل حاجة عشان متبقاش زيي. وعديني إنك هتكملي حتى لو أنا مش هنا."
نجاة: "أوعدك يا أمي، بس ارتاحي."
بعد شوية، سميحة نامت من التعب. ونجاة خرجت متعصبة راحت لغرفة كمال وفتحت الباب مرة واحدة.
نجاة: "إيه يا أخي، معندكش دم؟ أمك بتموت وأنت ولا هنا!"
كمال رد عليها بصفعة ومسّك شعرها بقوة.
كمال: "لسانك طول يا نجاة، لازم تتربي من جديد. بس عشان أمك تعبانة، مش هعمل مشكلة. بس لو زعلتيني تاني، هقول لأبوي، وانتي عارفة إيه اللي هيحصل."
ورماها على الأرض، ونجاة قامت من الأرض بصعوبة.
نجاة: "أمك اللي تعبانة، هي مش أمك كمان؟ أبوك علمك القسوة حتى على أمك."
وطلعت من غرفته وهي بتبصله بتحدي، وده خلاه مصدوم منها، لأنه كان متعود عليها ضعيفة.
وراحت لغرفة أمها.
نجاة: "إيه يا حجة، كل ده نوم؟"
لكن استغربت من صمت أمها. حاولت تصحيها، لكن كانت الصدمة لما لقتها...
البارت 5
اندهشت نجاة من منظر أمها لما لاقتها غرقانة في دمها من كتر النزيف اللي جالها ومغيبة عن الوعي. صرخت نجاة بأعلى صوتها:
**نجاة**: "يا أمااااه! فواقي يا أماه! فيقي وقولي حاجة! يا ستي، الحقيني يا ستي! يا كمال، إلحق أمنا يا كمال!"
دخلت الست خيرية وكمال جاريين، ولاقوا نجاة بتحاول تفوق أمها، وسميحة مرمية ع السرير اللي كله بقى لونه أحمر من الدم. الست خيرية قربت من نجاة بكل جحود، ورفعت راسها وراحت نازلة عليها بكف على وشها، ونجاة وكمال مدهوشين من اللي عملته.
**خيرية**: "إنتي مفيش فايدة فيكي، هه؟ مش قلتلك ميت مرة تقولي له أبيه كمال؟ وصوتك ميتعلاش في الدار، إنتي ليه عقلك مظلم كده؟"
**نجاة**: "حقك عليَّ يا ستي، والله ما هعمل كده تاني واصل. بس أمي بتموت، لازم نوديها المستشفى، حرام دي بتموت بين إيدينا."
**خيرية** بكل برودة: "ياريتها تموت وتريحنا من همها، كل يوم عياط على نفس الحكاية. جابتلنا الفقر والنحس، ولولا كمال ولدي كنت رميتها في الشارع. دي تحمد ربنا إنها لسه قاعدة هنا بفضل إبراهيم ولدي. ولدي ده قلبه طيب، صعبان عليه حالها. لكن أنا؟ أنا مليش فيها واصل. وإنتي يا بت، تعيطي ليه؟ كتر خيرها لو أخدت دواها، هتبقى زي القرد زي كل مرة."
**نجاة** ودموعها نازلة بحرقة: "حرام عليكي يا ستي! أمي بقالها 16 سنة بتنزف، ومحدش راضي يوديها المستشفى، وهي مش راضية تسيب ولادها وتمشي. أنا مستعدة أعمل أي حاجة، بس وديها المستشفى. الدوا مبقاش ينفع معاها خلاص... علشان خاطر أبيه كمال، كملي جميلك معانا."
**خيرية**: "علشان بس إنتي نزلتي تعيطي وتحبي على رجلي، هبعت أجيبلك دكتورة الصحة تشوفها."
**نجاة**: "دكتورة الصحة إيه يا ستي؟ دي ما بتفهمش حاجة واصل، وهي اللي قالت لازم نوديها المستشفى. لازم تدخل مستشفى يا ستي، مش هي اللي تقدر عليها."
**خيرية**: "خلاص، مفيش لا مستشفى ولا دكتورة الصحة. خليها تموت ونرتاح منها."
راحت نجاة لكمال وهي محطمة:
**نجاة**: "أبيه كمال، أمي بتموت! لو إنت طلبت تروح المستشفى، ستي مش هترفض، الله يخليك اعمل حاجة لأمنا."
خيرية تدخلت في الكلام وراحت تحتضن كمال:
**خيرية**: "عملت إيه يا حسرة؟ جابتك ومرضت، وإحنا اللي شلنا التربية والتعب كله. وإبراهيم ولدي ده اتحمل المرار كله، وما اتجوزش علشان ولده ما يقولش جابله مرات أب. إحنا اللي استحملنا، مش هي."
**نجاة**: "بأمانة يا ستي... مين اللي كان بينضف البيت؟ مين اللي كان يذاكر لأبيه كمال ويصحى من النوم كل يوم يفطره؟ أمي اللي عملت كل ده، ما كنتش بتعمل حاجة واصل؟!"
**خيرية** تضربها كف: "قليلة الأدب! لسانك الطويل ده لازم أبوكي يشوف له حل. ربطك في زريبة البهيمة طول الليل، هو ده اللي ينفع معاكي."
مسكت نجاة وشها بعد الكف، وبصت لجدتها وهي متأكدة إن قلبها حجر مش هيلين أبدًا. راحت تبص لأخيها كمال بعشم إنه يساعدها.
**كمال**: "يا ستي، خلينا نبقى الأحسن المرة دي، ونجيب دكتورة الصحة تعمل اللي تقدر عليه."
**خيرية** وهي تربت عليه: "قلبك زي أبوك، طيب وحنين... خلاص، اللي تقول عليه يمشي."
ونادت الست خيرية على الطفلة اللي بتشتغل عندهم، وطلبت منها تروح تجيب دكتورة الصحة.
**خيرية**: "يلا قومي غيري الملاية وجهزي أمك عقبال ما الدكتورة تيجي، وانزلي اعملي الغدا. مفيش دلع مالوش لازمة."
بعد ما خرجت الست خيرية، مسكت نجاة في إيد كمال بعصبية:
***نجاة**: "ده اللي قادرك عليه ربنا؟ مكنتش عارف تقولها نروح المستشفى، وانت عارف إنها مكنتش هتقولك لا! إنت ليه بتعمل كده؟ دي مش أمك؟ ولا تكون مصدق الكلام اللي بتقول عليه ستك إن هي اللي رمتك ليهم يربوك؟ هما اللي مكنوش يخلوها تشيلك إلا لما ترضعك وبس علشان يقدروا يملوا دماغك زي ما هما عايزين، وعلشان عارفين إن أمنا مش هتسكت على الظلم ده وهتحاول تنورك. إياك يا أخوي، إياك تكون مصدقهم! إياك تقول إن تضحيات أمي وتعبها كله راح على الفاضي! دول عرفوا يخلوك قاسي بردك وأناني زيهم..."
كمال ينفض يده من يدها وينظر لها باستعلاء:
**كمال**: "بدل ما تشكريني إني جبت دكتورة الصحة، مش أحسن من رميتها كده؟ نص العمى ولا العمى كله يا بت أبويا. احمدي ربنا! وبعدين تضحيات إيه وتحدي إيه اللي بتقوليه عليهم؟ محدش تعب معايا غير ستي وبويا وجدي، وكلامهم تاج على راسي. أمك دي من ساعة ما جابتنا وهي كده راقدة مبتعملش حاجة واصل. 16 سنة شايلين تعبها وهي مش فارقة معاها ولدها ولا أي حاجة طالما في غيرها يشيل ويربي. بس في الآخر تفضل أمي، وأنا بعاملها بما يرضي ربنا، علشان خاطر ربنا بس. فبطلي رط كتير واحمدي ربنا واتشكريني أنا وستك علشان جبنا لها الدكتورة. والكلام ده مش هقوله لأبوكي وهخلي ستي اللي مش عاجباكي ديه تسكت ومش تقوله حاجة، وإلا إنتي عارفة زين هيعمل فيكي إيه. بس متتعوديش على كده، المرة دي علشان اتخضيتي على أمك، مفهوم؟"
**نجاة** وعيونها مليانة بالحزن والأسى: "مفهوم يا أبيه كمال... مفهوم."
وتبص لأمها وهي بتجهزها للدكتورة وتبكي وتقول: "كله راح على الأرض يا أماه، كله... ياريتك كنتي التفتي لحالك ومشيتي. ضيعتي عمرك وشبابك وصحتك علشان خاطر مين؟ ولدك... ولدك بيقول إنك مش عملتي له حاجة واصل ولا ضحيتي علشانه. بس تعرفي يا أماه، إنتي اللي غلطانة، ازاي يعني جا بدماغك إنك لوحدك هتعرفي تغيري فيهم؟ ده حتى ولدك بقى زيهم، ومعرفتيش تربيني ولا تفهميه! ده بيقول لي: 'أمك' كأنك إنتي أمي لحالي، مش أمه هو كمان. ليه يا أماه؟ عملتي كده استفدتي إيه؟"
وتبكي بشدة على حالها وعلى حال أمها وما وصلوا إليه، مقهورة على صحتها اللي ضحت بيها وما لقتش ليها مقابل. كانت تضحياتها هباءً، وهي خايفة من نتيجة إهمالها لصحتها إنها تسيبها لوحدها في وسط العقارب والثعابين. نعم، ما لقتش منهم حاجة تخليها تقول عليهم أهل ولا أقارب. وفي وسط ده كله، يصدر صوت في الغرفة يقول: "مفيش حاجة راحت هدر، بس..."
البارت 6
الصوت: "مافيش حاجة رايحة على الفاضي، بس إنتي الأمل، إنتي اللي هتنجحي في اللي فشلت فيه. إنتي فيكِ قوة وشجاعة أكتر مني علشان توقفي قدامهم وتواجهي كل حاجة، وهتنجحي. إنتي الأمل."
نجاة ودموعها مالية عينيها: "لا، مش صح يا أما. لو عندي شجاعة وقوة، فهي منكِ إنتي. من غيرك أنا أضعف من النملة وماقدرش أعمل حاجة، ولا حد هيسمح لي. بالله عليكي، يا أما، خليكي معايا. أنا معرفش أعمل حاجة من غيرك. اصبري معايا شوي..."
سميحة بتعبها: "هتقدري يا ضنايا، وهتنجحي. إنتي هتبقي زي الجبل في وشهم... إنتي هتبقي مرايتهم اللي بيشوفوا فيها حقيقتهم... إنتي هتبقي ضميرهم اللي هيعذبهم... إوعي، ثم إوعي، تسيبي طريقي ولا تملّي ولا تفشلي، يا بنتي. قلتها لك مرة وهرجع أقولها لك تاني: لو فشلتي يا ضنايا هتكوني قتلتيْني بيدك، وساعتها أنا مش هسامحك. افتكري كلامي ده زين، فاهمة؟"
نجاة وهي تهز راسها بعلامة النفي وتاخد أمها في حضنها: "لأه، مش عايزة أفتكر يا أما، عايزاكي إنتي اللي تذكريني بيه دايمًا. عايزاكي تكوني معايا... يا أما ده حمل تقيل عليا لوحدي. مع بعض يا أما هنعمل اللي إنتي عاوزاه... طب أقولك على حاجة حلوة: دلوقت الدكتورة تيجي تديكي حاجة تفوقك شوي كده، وناخد بعضنا ونروح من هنا، والله هما مش هيصدقوا. نروح عند جدي أنا وإنتي ونعيش في هنا بعيد عنهم. كده كده مفيش حد عاوزنا ولا فارقين مع حد، واللي كنتي قاعدة علشانه ومستحملة، دلوقت هو مش فارق معاه حاجة، ولا حتى بيفكر فيكي، وقاعد مع ستي، واللي تقول عليه هو يقول آمين. خلاص يا أما، هنحتاج إيه تاني منهم؟ متقلقيش، ده الحيلة بتاعهم هيراعوها أكتر من نفسهم، صح يا أما؟... ها، قولتي إيه؟"
بس السكون مالا المكان، ونجاة من خوفها مقدرتش ترفع راسها من حضن أمها، وقعدت تنادي عليها وتهزها وتبكي بحرقة. لحد ما الدكتورة دخلت الأوضة، جريت على سميحة وتفقدت نبضها من إيدها، وحست على نفسها بإصبعها قدام مناخيرها، لكن اتأكدت إن سميحة راحت عند اللي خلقها. مسحت على جبينها، ودعت لها، وغَطّت وجهها تحت صراخ نجاة اللي مكانتش مصدقة أمها ماتت وهي حضناها. الغطاء غطى وجه أمها، ولما كل الناس في الدار سمعوا الصريخ، محدش فيهم اتقدم لمواساة نجاة الصغيرة اللي فقدت أمها وهي حضنها. مفيش حد غير الدكتورة اللي حضنتها وقالت لها كلمتين علشان تهدي شوي وتسيبهم يغطوا أمها ويعملوا الواجب. بس المسكينة ديه كانت مش فاهمة أي كلمة، كل اللي في بالها إن أمها تقوم تاني وتعيش، ورفضت فكرة إنها ماتت وسابتها في الدنيا الظالمة دي. بس كان في حاجة أفظع حصلت، لما إبراهيم دخل على صريخها، ومسكها من دراعها بقوة وصفعها على وشها، وقعت على الأرض غايبة عن الوعي، وعيونها قفلت، لكن آخر حاجة شافت وسِمعت كانت أبوها بيغطي وجه أمها ويقول: "خلصونا منها بقى". وعيونها أغلقت.
صحيت الفجر على صوت جدتها وهي بتعنفها علشان تقوم.
خيرية: "قومي يا هانم، هتفضلي نايمة للصبح؟ شوفي العزا واعملي الواجب، الناس زمانهم جايين."
نجاة وهي تبكي: "أما وينها... لسه في أوضتها والمغسلة جت ولا لسه؟"
خيرية: "أمك في تربتها، وإنتي نايمة ولا دريانة، بس لا والله، إنتي اللي هتعملي كل الواجب، ما أنا غسلتها امبارح."
نجاة وهي مصدومة، بصت للساعة لقت إنها خمسة الفجر...
نجاة بذهول: "الساعة لسه 5، إنتو غسلتوها ودفنتوها ميتة؟"
خيرية: "بالليل، الساعة 2 كده. الدكتورة جابت كفن من عندها، وأبوك جاب الكفن بتاعها من الدولاب، وخلصنا ودفناها، والناس جاية تعزي. ومين هيعمل الوكل ويخدم عليهم، أنا؟ لا والله. قومي اخلصي، الناس زمانهم جايين."
نجاة وهي مصدومة: "بالليل... دفنتوها بالليل من غير صلاة؟ ولا حد يطلع وراها؟ كده ليه؟ حرام عليكم، مش بني آدمه دي؟ مش كانت شايلالكم البيت كله؟ تعملوا فيها كده؟ وأنا حتى، أنا بنتها الوحيدة، ماوقفتش على غسلها ولا صليت عليها ولا أكرمتها؟ خليتوا الغريب يغسلها؟ ما حدش فيكم افتكر حاجة حلوة عملتها معاه؟ والله، وحرقة قلبي ما هسامحكم."
خيرية سبتها بالقلم على وشها، وسحبتها من شعرها لحد باب الأوضة...
خيرية بكل جحود: "أمك ما تقلقيش عليها، هنعمل لها صلاة الغائب بعد الظهر، وكنتي عايزة مين يطلع وراها؟ ليه تكونشِ شيخة البلد وإحنا ما نعرفش؟ ماتت زي أي حاجة بتموت، وطول اللسان اللي عندك دي، أنا هقصهولك، ولأول راجل يدق باب دارنا هجزهولك، ونخلص منك... عيلة قليلة الرباية تعلي صوتك عليا وتناطحيني أكده؟ ده لسه ما تخلق اللي يعملها، تعمليها إنتِ؟ يا كلبة، يا بهيمة، والله لأعلمك الأدب من الأول وجديد، علشان أمك كانت أصلاً عديمة الرباية، هتربيكي كيف؟"
نجاة وبكل قوة تفلت من يد خيرية، وتنظر لها بعيون حمراء من أثر البكاء، تنظر لها نظرة قوة وترفع إصبع السبابة في وشها.
نجاة: "لا تجيبي سيرة أمي على لسانك بكلام عفش عاد... أمي كانت زينة وكويسة ومتربية وبنت أصول، بس أكبر غلطة عملتها في حياتها أنها تجوزت ابنك وعاشت معاكم. مش كفاية أنكم السبب بموتها بإهمالكم فيها، وكمان تتكلموا عليها بعد ما ماتت؟ ارحموا شويه، عيشتوها بجحيم معاكم طول حياتها، على الأقل بعد ما تموت ياما، مش تجيبوا سيرتها، ياما احكوا عنها زين. وبالنسبة لواجب أمي، أنا هعمله لأنه واجب عليا من غير أوامر منكِ، يا ستي."
وتركتها على السلم، وذهبت إلى غرفتها، وارتدت عباءة سوداء وطرحة سوداء، التي أظهرت بياضها أكثر، وخدودها التي صارت باللون الأحمر من كثرة البكاء. فكانت كالأميرة في جمالها رغم حزنها.
في المطبخ، تقف نجاة على البوتجاز تقلب طناجر الطعام وتجهز الطعام للعزاء، وفجأة تشعر بيد على كتفها وصوت رجولي يتحدث: "البقاء لله... إنتِ كويسة؟ أنا لسه عارف دلوقت والله، وجيت على طول."
تنظر نجاة لتجد شابًا طويلًا في أوائل العشرينات، شعره كثيف ويرتدي الثياب الصعيدية والعِمّة، وعيونه عسلية وبشرته خمرية.
نجاة بصدمة: "فيصل... إنت هنا كيف وازاي؟ مش إنت متعين جديد في القاهرة، ومينفعش تنزل؟ واصل خالة نعمات قالتلي أكده. فكيف نزلت؟"
فيصل: "أيوة، مكنش ينفع أنزل، بس لما عرفوا إن عندي ظرف وفاة، سمحوا لي بإجازة لمدة 48 ساعة، وجيت على طول. حتى أبوي وأمي لساتهم على الطريق وجاين... أنا بس عارف الظروف هنا وجيت علشان لو احتجتي حاجة، أنا موجود مع الرجالة برا."
يستدير فيصل للخروج من المطبخ، ليشعر بيد تمسكه بقوة و...
البارت 7
فيصل خرج من المطبخ، لكن فجأة لقى إيد ماسكة فيه بقوة وبتدفعه لورا. لما بص، لقى كمال وشه مليان غضب وبيشتمه.
كمال: "إنت بتعمل إيه هنا؟ وإيه اللي جابك من الأساس؟ اطلع من هنا وروح، ومش عايز أشوف وشك تاني، وإلا هتشوف المصيبة."
بص كمال لأخته نجاة وسحبها من حجابها وضربها كف على وشها.
كمال: "وانتي يا قليلة التربية، والله لأقطعك وأخلص من عارك يا فاجرة!"
فيصل تدخل وحاول يبعد كمال عن أخته.
فيصل: "في إيه يا كمال؟ ده مش معقول... إيه اللي حصل عشان تضربها وتقول كده؟ عملت إيه؟ وليه زعلان مني؟"
كمال: "مالكش علاقة بينا، أختي وأعمل اللي بدالي، وأنت أحسنلك تمشي من هنا قبل ما نندم على وجودك."
نجاة، بعصبية: "في إيه يا أبيه كمال؟ ده وقتك تعمل كده؟ حرام عليك، على الأقل اصبر شوية لحد ما العزا يخلص. ليه بتدور على أي فرصة لتهينني؟ مش عارف تصبر شوية؟ حرام عليك..."
كمال: "لسانك بقى طويل وعيونك كلها وقاحة! بتكلميني أنا؟ اتلمي واحترمي الميت والعزا، وانتي بكل سفالة بتعملي إيه هنا معاه لحالكم؟"
فيصل تدخل بكل قوة وعصبية وقال لكمال:
فيصل: "إيه اللي أنت بتقوله ده؟ اتقى الله يا كمال، اهدى وصلي على النبي. أنا فاهم إنك في حالة صعبة وهعدي الكلام ده، يلا يا ابن عمتي نروح ناخد العزا."
كمال: "لا والله، خلاص شربتها. كده صرت طفل صغير معاك تضحكوا عليه..."
فيصل، بعصبية وصوت عالي: "وبعدين؟ عايز إيه عشان نخلص من السيرة دي؟"
كمال: "أنت مالكش علاقة بالسيرة دي، أختي هي الغلطانة، وشكلها هتدفن جنب أمها ونخلص من عارها."
فيصل: "يا بني اعقل شوية... ما يصحش تحكي عن أختك كده... أختك زينة وست البنات. ليه تقول كده؟ أنا متأكد إن عمر العيبة تطلع منها."
نجاة، ببكاء: "فاجرة؟ وتغسل عارك ليه يا خوي؟ أنا عملت إيه لكل ده؟ انطق، قولي!"
كمال: "أنا مش أخوكي، وما يشرفنيش أكون أخوكي. وطيتِ اسم العيلة في الأرض ودفنتي راسنا في الطين ولسه بتسألي عملتي إيه... خلاص يا هانم، اتكشفتِ، ومستني أبويا ييجي وأقوله وأشوف هيعمل فيكِ إيه."
نجاة، بلا مبالاة: "ماشي يا أبيه كمال، يا اللي مش أخويا. أنا خلاص، اللي كانت بتفرق لي في الدنيا راحت، وأنا اتعودت على تصرفاتك دي أنت وأبوك، وأعلى ما عندكم اعملوه. ما بقتش تفرق. ممكن بقى تسيبني لحالي أشوف الأكل وأجهز البيت للناس اللي جاية علشان أكرم أمي في عزاها..."
فيصل، بحنية: "هدّي حالك يا بنت عمتي... أنا فاهم إن الظرف صعب عليكِ، بس مش كده. خليكي قوية علشانها، واحنا معاكي هنا. شوي ويجوا ستي وأمي، ووعد يساعدوكي. روحي غسلي وشك وأنا هاخد كمال ونخرج للرجالة برا."
كمال، بوعيد: "مخلصتش يا بنت أبويا ولسه بدري عليها، واللي جاي أسود عليكي. خديها مني كلمة..."
في المساء، بعد انتهاء العزاء، نجاة جالسة جنب وعد اللي كانت بتحتويها، وفوزية جنبهم تواسيها وسط بكاء شديد. وهنا يدخل كمال وفيصل ويسأل.
فيصل: "إيه يا ستي، هتروحي ميته ولا هتباتي هنا؟ علشان لو كده، آخدكم معايا وأنا ماشي."
إبراهيم دخل وعيونه مليانة شر وكره، ونظر لأهل سميحة بكل غضب، وقال:
إبراهيم: "مين اللي هيبيت هنا؟ وليه؟ خلاص، أمانتكم راحت للي خلقها، وانتوا عملتوا الواجب وكتر خيركم، تقدروا تروحوا علشان مش فاضيين ورانا تجهيزات نعملها..."
فوزية: "إيه الكلام ده يا إبراهيم يا ولدي؟ إزاي يعني؟ إحنا أهل، وصحيح بنتي سميحة ماتت، بس لسه فيه كمال ونجاة، وهم أحفادي وليها حق فيهم ولا إيه؟ وكمان تجهيزات إيه اللي مشغولين فيها؟"
إبراهيم: "أحفادك إيه؟ لا، مالكيش صالح بيهم. اللي كان ليكي هنا خلاص راحت، وكمال ولدي محدش ليه صالح فيه منكم. كفاية بلتونا ببنتكم طول السنين دي، خلاص فضّناها سيرة، ومالكيش صالح بتجهيزات بيتنا."
فيصل تدخل بنبرة فيها قوة وعصبية، لكن برضه احترام للسن:
**فيصل:** "يا عم إبراهيم، قولتلك ما ينفعش تحكي كده مع ستي وتعيب فيها وأنا واقف. وأنا مش صغير، أنا رجالهم، والمفروض لو بتتكلم عن الصح والأصول يكون كلامك معايا أنا مش مع الحريم. بس أنا سكت لأننا أهل وعادي، وستى زي والدتك وتكلمها. لكن لو هتعيب فيها وتقلل احترامها، مش هاسمحلك يا عمي. ومن هنا ورايح، كلامك معايا أنا، ومالكش صالح بيها. وسكوتي وهدوئي ده أكبر دليل إن ستي عرفت تربي صح، لو ما كنتش جوز عمتي ورجل كبير، كان هيبقى ليها تصرف تاني."
**إبراهيم:** "والله وكبرت يا فيصل وعرفت تهدد كمان؟ أنت عارف بإشارة صباع مني، أنت وعيلتك كلها تطلعوا على ظهركم من هنا، وأحمي وجودكم من الدنيا."
**فيصل:** "أنا مش بهددك يا عمي، ولا أقدر أعملها. زي ما أنا عارف إنك مستحيل تقدر تنفذ تهديدك ده، لأنك عارف زين العواقب اللي هتكون فيها لو قربت من وكيل نيابة. مش كده يا عمي..."
**إبراهيم:** "لا يفرق معايا وكيل نيابة ولا وكيل وزارة حتى... أنا إبراهيم حمدان، كبير البلد كلها، والحكومة والمركز بيشتغلوا عندي."
**فيصل:** "أيوة، أنت إبراهيم حمدان كبير البلد، بس مش صح إن الحكومة والمركز بيشتغلوا عندك، ولا عمرها هتكون يا عمي. وده عقدتك في الحياة إن الحكومة الشيء الوحيد اللي مش عارف تسيطر عليه زي كل حاجة تانية حاطط رجلك فيها إلا دي."
**إبراهيم:** "ما تقلقش، بكرا هكون ليا يد فيها برضه، لما ابني يتخرج من كلية الشرطة ويكون ضابط قد الدنيا، مش حتة وكيل نيابة."
**فيصل:** "برضه مش هتعرف تعملها يا عمي، لأن كلية الشرطة ليها مواصفات وامتحانات مش هتعرف تشتريها زي ما كل سنة بتشتري شهادة لابنك إنه نجح وهو فاشل. وتهدد مدير المدرسة بحرق أرضه لو مش نجحه، وتدفع فلوس للإدارة. وخيتك اللي جوزتها لحد أكبر منك في السن بس علشان تضمن نجاح ولدك بالإدارة التعليمية. كل الحاجات دي مش هتعرف تعملها في كلية الشرطة. وأنا لو عايز أذيك يا عمي، كان زماني قبضت عليك دلوقتي بسبب التهم دي."
**إبراهيم يضحك عاليًا:** "أنت بترقبني ولا إيه؟ وبعدين تقبض عليا ليه؟ في حد جاى يشتكي ولا قدم بلاغ واحد؟... وأنا عارف زين إني مقدرش أعمل كده في كلية الشرطة، علشان كده كنت بقولكم أنا مش فاضي، ورانا تجهيزات."
**فيصل:** "مش محتاج أراقبك يا عمي علشان أعرف ابنك الفاشل ده بينجح إزاي كل سنة، ويكون من الأوائل كمان، وهو لا بيذاكر ولا حتى بيفتح كتاب، ولا بيحضر ولا بيروح المدرسة. واللي خايف يتكلم دلوقتي، بكرا مش هيخاف ويتكلم... وتجهيزات إيه اللي بتتكلم عليها؟ وإيه علاقتها بالكلام ده؟"
**إبراهيم:** "تجهيزات الفرح، وانتوا مش معزومين..."
وهنا ترد فوزية بقهر وحُرقة قلب: "فرح... فرح إيه وأنا بنتي دمها ما بردش في تربتها؟"
**إبراهيم:** "فرح..."
البارت 8
إبراهيم: "فرح... آه فرح، وسميحة الله يرحمها كانت فصل وخلص، والحياة لازم تستمر. إحنا بنجهز لفرح نجاة، ودي تجهيزات لازم نعملها مهما كانت الظروف."
فوزية بقهر وحزن: "فرح؟ إزاي؟ إزاي تفرحوا وابنتي لسه تحت التراب؟ ده مش عدل يا إبراهيم، مش وقت الفرح ده، احنا لسه في الحزن على سميحة."
فيصل بتصميم: "يا عم إبراهيم، مع كل احترامي، بس اللي بتعمله ده مش صح. الدنيا مش هتطير والفرح ممكن يتأجل، على الأقل لحد ما تهدى الأمور وتحترموا الحزن اللي لسه في قلوبنا. احنا أهل، والواجب يحتم علينا نراعي بعض، وده أقل شيء ممكن نطلبه."
إبراهيم ببرود: "الموضوع انتهى، واللي عايز يعمل حاجة يعملها. نجاة هتتجوز والفرح هيكون قريب، وده قراري ومافيش حد له كلمة عليه."
فيصل بنبرة هادئة لكن حازمة: "عم إبراهيم، احنا مش جايين نطلب منك شيء غير العدل والاحترام. بس خليني أقولك حاجة، نجاة لسه صغيرة، ومش مستعدة للجواز. اللي بتعمله ده مش بس هضم لحقها، ده كمان ظلم وعبث بمستقبلها. الدنيا مش هتوقف لو أجلت الفرح لحد ما تكبر وتكون جاهزة."
إبراهيم يضحك بتهكم: "انت بتهددني يا فيصل؟ أنتوا أهل وأهل بتفضلوا أهل، بس احذروا من اللي بتعملوه. الدنيا دوارة، ومش دايماً هتكونوا محظوظين."
فيصل ينظر لإبراهيم بثبات، ثم يلتفت إلى فوزية ويقول: "يا ستي، احنا هنا علشان نحترم ذكريات عمتي سميحة، واللي ما يحترمنا، احنا مش محتاجين نحترمه."
فيصل: "نجاة؟ ده كلام تاني بقى يا عم إبراهيم. انت بتجوز بنت تحت السن القانوني، وده مش بس ظلم، ده كمان مخالفة للقانون. البنت صغيرة ولسه ما عندهاش القدرة إنها تقرر حاجة كبيرة زي دي."
إبراهيم بتحدي: "نجاة هتتجوز وهي على وشك تدخل السن القانوني. وإنت مالك؟ أنا والدها، وأنا اللي أقرر إيه اللي يصلح لها. ومحدش له حق يتدخل في قراراتي."
فوزية بصوت خافت ممتلئ بالقلق: "يا إبراهيم، فكّر في البنت ومستقبلها. مش حرام اللي بتعمله ده؟ خليها تكبر وتقرر بنفسها."
فيصل بجدية: "عم إبراهيم، اللي بتعمله ده مش بس غلط، ده كمان هيتحاسب عليه في الدنيا والآخرة. إنت عارف إن البنت مش مستعدة للجواز، لكن انت مصمم على قرارك. بس خلي بالك، القرار ده ممكن يدمر حياتها."
إبراهيم بغضب مكتوم: "انتوا مش فاهمين حاجة. البنت دي لازم تتجوز دلوقتي، والموضوع منتهي. واللي مش عاجبه، يشرب من البحر."
فيصل ينظر إلى إبراهيم نظرة حادة: "عم إبراهيم، القرار ده مش هيمر بالساهل. احنا مش هنسيب نجاة تضيع قدام عينينا. لو مصرّ على موقفك، يبقى فيه طرق تانية نحل بيها الموضوع. بنتك أمانة، وهنفضل ندافع عنها مهما حصل."
فيصل يتجه نحو الباب، وبعد لحظة من التردد، يلتفت إلى إبراهيم ويقول بحزم: "فكر كويس، لأن الموضوع أكبر من مجرد عناد. اللي بيختار يمشي في الطريق الغلط، لازم يتحمل تبعاته."
فيصل يتجه نحو الباب، مشيراً للجميع بالمغادرة: "يلا نروح، مفيش داعى نبقى هنا أكتر من كده."
في الصباح الباكر، تدخل خيرية غرفة نجاة...
خيرية: "قومي يا ست هانم! هو أنا كل يوم لازم أصحيكي ولا إيه؟ يلا قومي علشان تلحقي تخلصي شغل البيت وتجهزي حالك للناس اللي جاية دي..."
ولكن الصمت يملأ المكان، حتى زاد الشك في داخلها. فذهبت إلى السرير، وهنا تكون الصدمة... وجدت السرير فارغًا. وهنا تصرخ بصوت عالٍ وتنادي على كمال وإبراهيم:
خيرية: "كمال يا ولدي! يا إبراهيم، الحقوا! انخرب بيتنا وانفضحنا يا ولدي!"
يخرج إبراهيم من الغرفة بلباس النوم الصعيدي وملتفًا:
إبراهيم: "إيه؟ في إيه يا ما؟ إيه اللي حصل؟ بتصرخي كده ليه؟"
خيرية: "نجاة مش في البيت، شكلها هربت..."
إبراهيم بصدمة: "هربت؟ يعني إيه هربت؟ وإزاي هربت؟ دورتي كويس في البيت، لتكون هنا ولا هنا..."
خيرية: "دورت يا ولدي، مش في البيت! وهنعمل إيه دلوقتي مع الناس اللي جاية دي؟ هنقول لهم إيه؟ وطت راسنا وفضحتنا..."
إبراهيم: "دا أنا أقطع خبرها وأمحيها من على وش الدنيا، ولا أخليها تعمل فينا كده..."
خيرية: "طب هنعمل إيه دلوقتي؟ البنت دي كانت الحل إن كمال يدخل كلية الشرطة، وبعملتها دي ضيعت مستقبل الواد وعيلتنا وكل شيء..."
إبراهيم بكل حزم وجبروت: "اهدي بس يا ما. أكيد هي مش عملت كده لوحدها، وهتروح فين غير عند ستها؟ متعرفش حد غيرهم... أنا هلبس وأروح ليهم وأجيبها من شعرها وأرجع قبل الناس ما يجوا... متقلقيش."
وبالفعل، يذهب إبراهيم ويركب سيارته ويذهب إلى بيت أهل سميحة، ويصطدم بفيصل على باب دارهم. ليهجم عليه ويمسك برقبته...
إبراهيم: "بنتي فين؟ والله لأربيها، بس مش دلوقتي بعدين..."
فيصل: "بنت مين تقصد؟ نجاة؟ مش هنا والله يا عمي... بس اتفضل جوا، هتفضل واقف على الباب كده؟ ميصحش..."
إبراهيم: "أنا مش جاي أضيف، وخابر زين إن البت عندكم. هي متعرفش غيركم تروح ليه... فبلاش بقى شغل اللف والدوران ده ووسع كده، أنا هدخل أجيبها."
فيصل: "شكلك فهمتني غلط يا عم إبراهيم. نجاة فعلاً كانت عندنا، وجت بيتنا، بس هي دلوقتي مش هنا. علشان كده بقولك تتفضل تشرب حاجة ولا نحضر الأكل عقبال ما تيجي من برا."
إبراهيم: "أنت هتلاعبني يا واد ولا إيه؟ يعني إيه كانت هنا ودلوقتي مش هنا؟ أنت بتخطط لإيه؟ والله ما هرحم حد فيكم... البت تيجي حالاً، ولا أنت حر في اللي هيحصلك."
فيصل: "أنا مقدر اللي أنت فيه، وإنك خايف وقلقان على نجاة مع إنك عارف إنه مش صح، بس أهو عذر والسلام. بس أنا قولتها لك قبل وارجع أقولها لك تاني: ميصحش تهدد وكيل نيابة. وبيتي مفتوح لك أهو، وبدعيك تدخله، وبنتك قلت لك شوية وجاية. ومتقدرش تعملها حاجة وأصل طول ما هي هنا وفي حضوري تمام يا عمي."
إبراهيم باستهزاء: "كل شوية وكيل نيابة... وكيل نيابة إيه يعني؟ بتخوفنا ولا إيه؟ وبنتي وأنا حر فيها، أعمل ما بدالي فيها. أنت مين أنت علشان تمنعني عنها؟ إياك..."
فيصل بكل برود: مشكلتك يا عمي إنك دايمًا متسرع كده... ليا الحق في محاسبتك يا عمي، وأدخل بينك وبينها. ولو اتعرض لها بأي شكل من الأشكال، هضطر آخذ ضدك إجراء قانوني كمان.
إبراهيم بضحك سخرية: ليه؟ أنت مين في البلد علشان تعمل كده وتمنعني إن شاء الله؟ طيب أنا عايز أشوفك بقى هتمنعني كيف.
فيصل: هقولك يا عمي بأي حق همنعك... أصل ستي ونجاة في محكمة الأسرة دلوك، وطبعًا بتوصية مني وشهادتي فادتهم كتير. وقدرت ستي تاخد حضانة نجاة منك، وهي دلوقتي في السكة راجعة. يعني أنت مالكش الحق على نجاة غير بمصاريفها بس، وحق رؤيتها أكيد. ومصاريفها إحنا متنازلين عنها، مش عايزين منك حاجة. ورؤيتها أنا خابر زين إنك مش عايز تشوفها أصلاً، وهتعتبرها وكأنها ماتت مع أمها، صح يا عمي؟
إبراهيم بقوة: أنت أكيد بتكذب... إزاي دا يحصل وأنا ما عنديش خبر وما وافقتش عليه... هي فعلاً لو عملت الحكاية دي قبل، ما كانتش تفرق معايا. لكن الحين ليها عازة وفايدة، وهتعملها، ولازم تعملها، وإلا أقتلها وأقتلك. أمال أنا سكت على اللي حصل في الدار نهار العزا ليه؟ علشان الحوار دا يكمل، ومش هسمح بحد مهما كان يبوظه ويوطي راسي كده في الطين. أنتو ما تعرفوش مين إبراهيم حمدان وممكن يعمل إيه...
البارت 9
**فيصل:** "يا عمي اهدى شوية، وتعالى نكمل الكلام جوه ونشوف حل وسط. بلاش تهديدات، الموضوع ده جاب معايا نتيجة عكسية."
**إبراهيم:** "البنت أنا هاخدها وأرجع بيها للدار، وتقابل العريس وتتجوز ونخلص منها. وتضمن مستقبل كمال، وده مفيش فيه نقاش. بالرضا أو بالغصب هيحصل."
**فيصل:** "تاني جواز يا عمي؟ أنا مش ضد جوازها والله، ممكن نأجل الفرح لحد ما تتم السن القانوني. وبعدين، إنت معندكش مانع تبيع بنتك علشان خاطر حاجة انت شايفها في مصلحة ولدك... لو سمحت لي يا عمي، انت مش فرق معاك التعليم اللي اتعلمته، ومش فرقت بحاجة عن الجهلة اللي بيبيعوا بناتهم صغار لأي راجل يدفع أكتر... وكمان، إيه اللي سكت عنه، واللي حصل في دارك يوم العزا؟"
**إبراهيم:** "مش إنت اللي تحدد أنا أعمل إيه مع بنتي وأعاملها إزاي. وبعدين كلامك ده محسسني إني هرميها ولا هجوزها أي جوازة والسلام. ده أنا هجوزها لعقيد في الداخلية مش أي حاجة يعني... وبعدين إنت خابر زين اللي حصل في الدار وقت ما كمال شافكم واتخانق معاكم، بس أنا ما اتكلمتش علشان أمشي الجوازة دي."
**فيصل:** "ما قولتلك يا عمي، الحضانة بقت معانا، وده بيمنع حقك فيها. وبعدين يا عمي، بعيد عن كلام كمال اللي غلط ومش صحيح، بس انت اخترت في وقتها تتغاضى عن شرفك علشان جوازة مصلحة... تعرف يا عمي إنك كل ما ده بتصدمني فيك أكتر، وأشفق على عمتي ونجاة كيف كانوا عايشين معاك."
**إبراهيم:** "الجوازة دي بروحكم فاهمين... ما تنساش يا فيصل إن الدنيا دوارة... إنت بتحاربني بالقانون، وأنا كمان هحاربك بيه، والشاطر اللي يضحك في الآخر."
ركب إبراهيم سيارته ومشي، وبعد فترة جات نجاة وفوزية للدار.
**فوزية:** "واه، إنت لسة هنا وما سافرتش يا ولدي... خير إن شاء الله، أكيديه هتتأخر."
**فيصل:** "أيوة يا ستي، كنت مسافر بس قابلت عم إبراهيم على الباب. قال كلام أنا مش مطمئن ليه، وكنت مستني أطمن عليكم وأمشي على طول..."
**نجاة بخوف:** "أبوي جاه هنا... أكيد عصب من اللي إحنا عملناه، ومش هيسكت..."
**فيصل:** "مالك خايفة أكيديه؟ إنتي معاكي أمر من المحكمة إنه ملوش صلاحية بيكي، وما يقدرش يتعرضلك..."
**نجاة:** "انت بعلمك أبوي يفهم الكلام ده... ويقتنع بيه؟ أكيد لا..."
**فيصل:** "غصب عنه لازم يفهم ويستوعب. وخوفك ده هيخليه يعمل ما بداله فيكي. ما تخافيش، فات الكتير يا بنت عمتي، وما بقى إلا القليل... يلا الحمد لله على سلامتكم. أنا همشي، وابقوا طمنوني عليكم."
ودع فيصل أهله وخرج. وهو في محطة القطار، استلم مكالمة ورد عليها.
**فيصل:** "ألو... إزيك يا واطي، دلوقتي ما افتكرتني وتتصل بيا..."
**مهران بصوت جدي:** "إنت فين دلوقتي يا فيصل؟"
**فيصل:** "في إيه يا بني؟ مال صوتك أكيديه قلقتني..."
**مهران:** "إنت خابر لولا إنك دفعت لي وصاحبي ما كنتش اتكلمت واصل... تعرف حد اسمه إبراهيم حمدان؟"
**فيصل:** "أيوة، ده جوز عمتي. ماله، في إيه؟"
**مهران:** "ليه كان عندنا هنا في المركز وقدم بلاغ إنك خطفت بنته ليلة قراءة فتحتها علشان اتقدمت قبل أكيديه ورفضك، وجاب شهود على الكلام ده. وكمان معاه توصية عالية جدا من عقيد بالداخلية... وهو دلوقتي معاه ضباط بأمر ضبط وإحضار ليك..."
**فيصل بذهول:** "دلوقتي خرج من عندك من المركز دلوقتي على داري؟"
**مهران:** "أيوة يا فيصل... إنت فين بقولك؟"
قام فيصل بإغلاق الهاتف وهم مسرعاً إلى أقرب سيارة، وركبها وعاد سريعاً إلى الدار. لما وصل، لقى مشهد صعب جداً؛ لقى ضابط ممسك بيد نجاة بقوة ويسحبها رغماً عنها للخروج من الدار، وهي بتبكي وتمسك بجدتها وتأبى الذهاب معهم، في ظل توبيخ إبراهيم لها وتوجيه اتهامات وألفاظ صعبة للغاية.
فيصل هرع نحو نجاة، محاولًا التدخل، لكنه لقى نفسه محاصر بين نظرات التهديد من الضابط وأوامر إبراهيم الصارمة. حاول يتحدث إلى الضابط، متجاهلاً توبيخات إبراهيم التي كانت تصم الآذان.
**فيصل:** "إيه اللي بتعمله ده يا حضرة الضابط؟! دي بنت عيلة، ومكانها هنا، مش هتمشي من هنا ضد إرادتها."
**الضابط (بصوت حازم):** "البلاغ اللي عندنا واضح، والإجراءات القانونية متاخدة. مفيش نقاش، لازم تيجي معانا، وأي محاولة للتدخل هتعتبر عرقلة للعدالة."
كان فيصل يعرف أن الموقف خطير، وأن أي خطأ صغير قد يؤدي إلى نتائج كارثية. لكنه لم يكن يستطيع الوقوف مكتوف الأيدي ومشاهدة نجاة تُسحب من بيتها بهذه الطريقة. اقترب من نجاة محاولاً تهدئتها.
**فيصل (بهدوء):** "متخافيش يا بنت عمتي، مفيش حد هيقدر ياخدك بالقوة. أنا هنا ومش هسيبك لوحدك."
لكن نظرات إبراهيم القاسية لم تكن تسمح بأي مساحة للتفاوض. أصر على تنفيذ ما يراه "الصواب" في عينه، متجاهلاً صرخات قلب ابنته وتوسلاتها.
**إبراهيم (بصوت غليظ):** "كفاية دلع يا نجاة! ده عريس جاي من الداخلية، يعني مستقبلك مضمون. إنتي مش شايفة مصلحتك، وأنا هنا علشان أخد القرار الصح ليكي."
الضابط شد نجاة من يدها بقوة أكبر، وكانت تبدو وكأنها تكاد تنهار من الخوف والارتباك. نظرت إلى فيصل بعيون مليئة بالرجاء، وكأنها تطلب منه أن يفعل شيئًا. في تلك اللحظة، شعر فيصل بشيء يتغير داخله. لم يعد الأمر مجرد صراع قانوني أو عائلي، بل أصبح مسألة حياة أو موت لنجاة، التي عاشت حياتها تحت سلطة والد متعجرف لا يعرف الرحمة.
قرر فيصل أن يخاطر بكل شيء. انتزع هاتفه بسرعة واتصل بمهران، آملاً أن يكون الأخير ما زال في المركز.
**فيصل (بصوت مضطرب):** "مهران، الموضوع عن السيطرة. نجاة بيتسحبوا بيها دلوقتي من الدار، لازم حد يتدخل قبل ما الأمور تسوء أكتر."
**مهران:** "هدى نفسك يا فيصل. أنا هتصرف، لكن مفيش وقت ضايع. خليك مركز على نجاة وما تسيبهاش لوحدها."
بعد المكالمة، قرب فيصل من الضابط تاني، محاولاً يهدئه بحكمة.
**فيصل:** "يا حضرة الضابط، إنت عارف إن القانون لازم يتنفذ بالعدل، بس كمان في إنسانية. البنت دي تحت حضانتنا، وأي تحرك من غير احترام الإجراءات ممكن يعرضكم لمشاكل قانونية. أنا مش بطلب منك غير إنك تديها فرصة تتكلم وتوضح موقفها."
الضابط نظر لإبراهيم بتردد، ثم نظر لفيصل اللي كان باين عليه الصدق في كلامه. للحظة، الضابط حس بتردد، لكنه ما كانش متأكد إيه اللي لازم يعمله.
فجأة، دخلت فوزية، جدة نجاة، للمشهد وهي تصرخ بحرقة قلب الأم.
**فوزية:** "سيبوها، دي لسة طفلة! إزاي تقدروا تشدوها كده قدامي وأنا واقفة مش قادرة أعمل حاجة؟! دي حياتها ومستقبلها اللي بتلعبوا بيه. إبراهيم، إنت ازاي بتسمح بحاجة زي دي تحصل؟"
بكلمات فوزية المؤثرة، خيمت لحظة من الصمت على المكان. الضابط، متأثرًا بالعاطفة الجياشة في كلمات فوزية، قرر يوقف الإجراء مؤقتًا.
**الضابط:** "طيب، أنا هوقف الإجراء مؤقتًا، لكن لو حصل أي مشكلة، المسئولية كلها عليكم. لازم تتحركوا بسرعة وتثبتوا كلامكم."
فيصل، برغم قلقه العارم، حس بشعاع أمل. أخذ نفسًا عميقًا، والتفت نحو نجاة.
**فيصل (بهمس):** "أنا هنا جنبك، ومش هسيبك. هنتصرف ونحل الموضوع ده مع بعض."
في اللحظة دي، إبراهيم كان زعلان من تراجع الضابط، لكنه كان عارف إن الموضوع لسة ما انتهىش. كان بينظر لفيصل كأنه خصمه اللدود، وقرر إنه ما هيسيبش المعركة دي لغاية ما ينتصر فيها. أما فيصل، فكان عارف إن الطريق هيكون صعب، لكنه كان مستعد لمواجهة كل التحديات عشان يحمي نجاة.
بدأت الأحداث تتسارع، وكل الناس عارفين إن المواجهة الحقيقية لسة ما بدأتش. كل اللي في الأمر إن فيصل ونجاة دلوقتي في سباق مع الزمن، وهيحتاجوا لكل ذرة قوة وإصرار عشان يواجهوا اللي جاي.
البارت 10
فيصل لَمح لفوزية: "هاتِي ورقة الحكَم يا ستي اللي جبتيها النهاردة من المحكمة."
فيصل للضابط: "حضرتَك، أنا وكيل نيابة، وده الكارنيه بتاعي يعني عارف القانون كويس، وعُمري ما هخاطر بمستقبلي وشغلي بالطريقة دي، فأرجوك بس تهدأ وتفهم الوضع بعقلانية مش أكتر."
إبراهيم بانفعال: "يا حضرة الضابط، دول بيضحكوا علينا وعايزين يكسبوا وقت، أنا عايز بنتي اللي خطفوها من حضني علشان يجوزوها بالعافية مني، وبيهددوني بسلطة وكيل النيابة عشان محدش يسألهم."
فيصل: "حضرتك، الاتهامات دي كلها كيدية، وهو عايز يفرض عليها جواز غصب وهي تحت السن القانوني. حضرتك لو أنا خاطفها أو عايز أتجوزها غصب، مش كنت أخذتها معايا وسافرت بيها؟ كنت هاسيبها هنا في بيت جدتها وامشي؟ وكمان، أنا قلت إنها تحت السن القانوني، وأنا راجل قانون، فهعمل كده إزاي؟ بس لو حضرتك تسمع من نَجاة بنفسها، تعرف الحقيقة..."
الضابط بص على إبراهيم وبص على فيصل، لقى إن نَجاة خايفة من أبوها، وواقفِة ورا فيصل كأنه أمانها. وهنا فهم الضابط إن في حاجة غلط وقرر يسمع من نَجاة عشان يعرف الحقيقة.
الضابط: "طيب يا آنسة نَجاة، الكلام اللي أبوكي بيقولُه صح ولا لا؟"
إبراهيم تدخل وقال: "مش شايف خايفة إزاي؟ أكيد مهددة. واللي هتقوله مش هيبقى صح. إنت هتسمع منها وهي لسه قاصر وأنا أبوها؟ والحاجات دي تتعمل في القسم مش هنا!"
فيصل بغضب: "قسم إيه؟! إنت عايز تدخل بنتك القسم وسط المجرمين؟ إنت أب إزاي!"
الضابط بحزم: "يا أستاذ إبراهيم، ما تمشيش الأمور بالطريقة دي. لو كلمتني بالطريقة دي تاني، هحبسك 24 ساعة بتهمة إزعاج السلطات. وأما بخصوص خوفها، فأنا متفق معاك. بس مش منك؟ باين عليها الخوف منك إنت. فخليني أسمع من نَجاة، وما تخافيش من حد، احكيلي الحقيقة."
نَجاة بدأت تحكي عن اللي عمله أبوها من حرمانها من التعليم وسوء معاملتها، وإنه كان عايز يجوزها لرجل في سن أبوها عشان مصلحته. وإنها راحت المحكمة بدري، وأخذت حكم الحضانة لجدتها فوزية، وده السبب اللي خلاها هنا.
فوزية قدمت ورقة الحكم، وفي الوقت ده جال الضابط مكالمة من رئيس فيصل في النيابة، أكد فيها إن فيصل أخذ إجازة يومين عشان حالة وفاة في عيلته، وكان المفروض يكون في الطريق للمكتب.
الضابط: "انت كنت جاي منين؟"
فيصل: "من محطة القطر، كنت مسافر شغلي، لحد ما حد من الجيران اتصل بيه وقال لي إنكم هنا، ودي تذكرة القطر اللي كنت حاجزها."
الضابط شاف التذكرة، وتأكّد من صحتها وقال...
الضابط: "تمام، أنا آسف على اللي حصل. بستأذن..."
إبراهيم بغضب: "بتستأذن إيه؟! انت هتسيب البت؟ عرفوا يلعبوا بالورق وأجبروها تقول أي كلام. البت لازم ترجع معايا."
الضابط: "محدش لعب بالورق، والبت معاها حكم محكمة. لو عايز، تقدر ترفع قضية حضانة. غير كده أنا ماليش دعوة."
إبراهيم بغضب: "مفيش لعب بالورق؟ دا أنا إبراهيم حمدان، والبت دي هاخدها غصب عن أي حد."
إبراهيم مسك نَجاة من إيدها بالقوة وجرها، لكن فيصل والضابط اعترضوه.
الضابط بحزم: "إنت بتعمل إيه؟ أنا قلتلك البت مش هتاخدها، وخصوصًا بالطريقة دي."
إبراهيم: "هاخدها يعني هاخدها."
الضابط أشار للعساكر اللي معاه يمسكوه وقال بتحدي: "خليك عندي بقى 24 ساعة بتهمة إزعاج السلطات. نشوف مين هيعمل إيه بعد كده."
فيصل: "حضرتك، عايز أعمل محضر باللي حصل وإقرار بعدم التعرض لنجاة."
الضابط: "هنعمل المحضر والإجراءات كلها في القسم."
وبالفعل، راحوا القسم وحرروا المحضر. وعند خروجهم، سمع فيصل صوت إبراهيم وهو بيهدده: "مخلصتش هنا، الدنيا دوارة، وهتجيلي بنفسك يا فيصل."
فيصل كان متوتر لكنه حاول يبان هادي قدام نَجاة وجدتها. ابتسم وقال: "ما تخافيش يا نَجاة، الأمور هتتحل."
بس تهديدات إبراهيم كانت رنّانة في دماغه. عارف إن المواجهة ما انتهتش. وفي المساء، جلس مع فوزية اللي كانت قلقة وقالت: "فيصل، أنا مش مرتاحة. إبراهيم مش هيهدى بسهولة."
فيصل رد عليها بثقة: "عشان كده هنروح النيابة بكرة ونتأكد من كل الإجراءات، وهنطلب حماية قانونية لنجاة."
نَجاة بصوت خايف: "أنا خايفة يا فيصل... خايفة يرجع ويأذيني."
فيصل قرب منها وقال بحنان: "ما تخافيش، أنا هنا علشان أحميكي."
في الليلة دي، فيصل اتصل بصديق ليه في الأمن وطلب تأمين البيت ووضع حراسة.
وفي الصباح، جاله اتصال من النيابة إن إبراهيم رفع عليه قضية تزوير. رغم إنه عارف إنها كذب، بس الأمور بدأت تتعقد أكتر.وعند شروق شمس اليوم التالي، صحِي فيصل على صوت التليفون. جاتله مكالمة من النيابة، قالوله إن إبراهيم رافع عليه شكوى، متهمه فيها بالتزوير واستغلال السلطة. مع إن فيصل كان عارف إنها محاولة يائسة، بس بعد ما قفل المكالمة، حط التليفون جنبه وخد نفس طويل. بَص حواليه، لقى البيت هادي بطريقة مريبة، كأنها الهدوء اللي قبل العاصفة. كان متأكد إن إبراهيم مش هيقف عند كده، وإن التهديدات مش مجرد كلام فاضي. كل لحظة كان حاسس بثقل المسئولية اللي على كاهله، لكن لازم يكون قوي عشان نجاة وفوزية.
قعد على الكنبة، وحاول يرتب أفكاره ويخطط للي جاي. همس لنفسه: "مفيش مجال للغلط." بعدها قرر يتصل بمحامي شاطر ياخد رأيه في إزاي يرد على الاتهامات الباطلة دي.
وفي نفس الوقت، كانت شمس الصبح بتتسلل من الشباك، معلنة بداية يوم جديد مليان تحديات. أدرك فيصل إن الطريق قدامه طويل وصعب، بس كان في شعور داخلي بيشجعه إنه يكمل ويواجه، حتى لو المواجهة مع إبراهيم لسه بادئة دلوقتي.
الفصل الحادي عشر حتى الفصل العشرون من هنا
🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺
اتفضلوا حضراتكم كملوا معنا هنا 👇 ❤️ 👇
وكمان اروع الروايات هنا 👇
انضموا معنا على تليجرام ليصلكم اشعار بالروايات فور نزولها من هنااااااااا
🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺