رواية الثائره على المجتمع الفصل الثاني بقلم خديجه السيد حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج
في احدى البنوك، دخلت أمينة تجاه مكتبها
قبل أن تهتف مواجهه حديثها لزملائها
= صباح الخير عاملين ايه يا بنات، الدنيا زحمه بره بشكل امتى الواحد ربنا يرزقه بعربيه ويخلص
نظرت مرفت نحوها تجيبها بعبوس
=يوعدك ويوعدنا يارب، ادخلي يلا عشان الشغل جوه قد كده قبل ما مستر أيمن يسال عليكي ويعملك خصم انتٍ عارفه في الحاجات دي ما بيهزرش
علا صوت أمينة وهي تقول باقتضاب
=ربنا يجعل كلامنا خفيف عليه انا ناقصه خصم ولا نكد على الصبح كفايه اللي انا فيه، انا اصلا مش بتفائل بوش الوليه حماه اميره طالما اتصبحت بوشها
انعقد حاجبا صديقتها قليلاً وهي تسألها بخفوت مقتضب
=ودي شفتيها فين؟ هي الست دي كل مره تنطلكم وطبعا كالعاده عماله تشتكي من اختك وكأنها هي وابنها الملايكه إللي مابيغلطوش، وجدتك بقى على كده بتسمعلها زي كل مرة وتضايق منك انتٍ
عقدت بعدم مبالاة حاجبيها تقول متبرمة
= اكيد هي ماشيه بمقوله اعملوا اي حاجه المهم البيت ما يتخربش! وتسيب المشكله الاساسيه وتمسك فيا انا يعني النهارده زعلت مثلاً عشان بقول لحماه أميره العرسان بتطفش عشان اللي بيجيلي بيكون ذي عينه عيلتك اللي ناقصه ربايه، ومجرد اسم ذكر على البطاقه بس.
اتسعت عينا الأخري بدهشة وهي تقول باستنكار
= يخرب بيت عقلك قلتلها كده فعلا! يا أمينة رحت ولا جيت واحده كبيره برده عيب
والغلط هيجي عندك
زمت شفتيها بعدم مبالاة وهي تردف باقتضاب
=الكبير محترم بمقامه هيقل ادبه يبقى ياخد بالجزمه انا ما عنديش الا كده، وسيبيني بقى اكمل شغلي .
في تلك اللحظه لاحظت زميلتها ميرفت نظرات مصطفى زميلهم المهتمه تجاهها مثل كل يوم، فقالت مبتسمة بخبث
= طب ما تقفشيش كده انا بتكلم لمصلحتك، واخده بالك غراميات ونظرات استاذ مصطفى بدأت من أول ما دخلتي البنك.
رفعت أمينة عينيها ببطء تجاهه وبتلك اللحظه رسم مصطفي ابتسامته الجذابة وهو ينظر لها بصمت، ثم اشاحت وجهها وهي تقول بنبرة مغتاظة
=قلت لك ما فيش حاجه من اللي في دماغك ولا بيبصلي انتم بس اللي عاملين فيها اللي فاهمين كل حاجه
هزت الأخري رأسها باعتراض وهي تقول بعدم اقتناع
= طب تصدقي انها معاها حق انتٍ ما شفتيش شكله لما بتتاخري شويه بيفضل عينه على الباب و اول ما بتدخلي وشه كانه بيرد في الروح ويفضل كل شويه عمال يبصلك.
عقدت حاجيبها باستغراب وهي تقول بتفكير
= المشكله بقيله اكثر من سنتين على الوضع ده طب ما يتلحلق ويروح يكلمك مش هو الراجل برده، شكله مكسوف هو اصلا شكله انطوائي ومن ساعه ما اجي ولا صاحب حد ولا بيتكلم مع حد في الشركه.. ما تتلحلحي شويه يا امينه وابقي كلمي انتٍ ممكن ربنا يكمل لك على خير ويحصل المراد .
نفخت مستاءًه من حديثهما وعادت تنظر له بحده فانتشر التوتر على ملامح وجه مصطفى وأبعد أنظاره بحرج شديد، لتردف بنبرة قاتمة
=اكلم مين يا هبله انتٍ وهي؟ شايفيني هموت على الجواز زي ما تيته قرفاني ليل ونهار و بعدين يوم ما ياجي نصيبي اقع مع واحد زي ده كل ما عيني تيجي في عينه ينزلها تحت زي البنات ويتكسف بلا نيله وهاخده اعمل بيه ايه ده .
ضحكت صديقتها وهي تقول بمرح
= تلحلحيه وانتٍ ما شاء الله كده بتعرفي تصدي مع اي حد وبالمره تاخدي في ثواب! يا بنتي شكله عاوز يعملها بس مكسوف منك ولا خايف من طريقتك الدبشه دي تصديه صده ما تعجبهوش، وده يا عيني خام وهيقعد يعيط لو حصلت ورفضتيه.. امال يعني هيكون بيبصلك كل شويه على ايه
سحبت الأوراق أمامها لتبدأ بالعمل إلا أن تخصرت وهي تقول بصوتٍ ناعم مستفز
= تلاقيني بفكره بالمرحومه امه اتعدلي انتٍ وهي وبصي قدامك بدل ما اوريكي، قال انا اروح اكلمه قال؟ أنا على آخر الزمن الحلح رجل بدل العكس، عشنا و شفنا زمن عجيب صحيح.
❈-❈-❈
انفتح باب غرفة نوم أمينة فاعتدلت في جلستها بسرعه تطفئ السجائر بخوف معتقدة أنها جدتها زاهية لكن انتبهت بسرعه انها أميرة
رفعت وجهها وما إن رأتها حتى استقامت واقفة تقول لها بلهفة
=خضتيني مش تخبطي فكرتك تيته
هزت الأخري رأسها باعتراض وهي تقول بعتاب
=مش هتبطلي شرب السجاير دي تيته لو قفشتك مش هتسكت انا مش عارفه ايه اللي عاجبك فيها انا مش بطايق ريحتها لما جمال بيشربها في البيت
لوت شفتاها باستخفاف وهي تقول بنبرة حادة
=ويا ترى المحروس بتاعك جمال لما بيشربها في البيت ولا قدام اهله ولا اي حد بيكلموه ولا بيكبروا دماغهم ويقولوا ده راجل ويعمل اللي هو عاوزه ولا هو حلال للرجاله وحرام على الست .
أغلقت أميرة الباب خلفها وتقدمت تتسطح جانبها فوق الفراش وهي تقول بنبرة خانقة
= هو انتٍ بتشربيها عند يا أمينة عشان تضايقي الناس وخلاص! بس في نفس الوقت بتدمري صحتك و بلاش تمشيها كده
أشاحت وجهها دون حديثه، ثم تابعت الأخري قائلة بوضوح
= تيته هي اللي اتصلت بيا قالتلي تعالي شوفي حل معاها اديني جبتها لك من الاخر متضايقه ان انتٍ ما بتفكريش في الجواز ولا عاوزه، ما هو اكيد مش هتفضلي كده.. مش احنا ما بنخبيش عن بعض حاجه لو في حد قوليلي؟ اتعلقتي بحد وبعد كده خذلك وهو ده اللي مخليكي معتقدة
عقدت أختها حاجبيها معترضة دون تفكير
= مش لازم اكون اتعلقت بحد و وخذلني ممكن يكون خوف من الحياة نفسها ان لما احب حاجة اوى و اتعلق بيها بخسرها، انا بحمى نفسي من الأذى
ارتبكت قليلا وتطلعت حولها بتشتت قبل أن تقول متوترة بصوتٍ خفيض مضطرب
= انا فاهمه ان انتٍ متعقده مني ومن تجربتي بس مش كل الناس زي بعضها يا حبيبتي والله بدعيلك ليل ونهار تقبلي حد كويس واحسن مني، بس انتٍ الفكره كلها مش في دماغك حتى الحب ما بتفكريش تتحبي! انتٍ بتـهربي من الحب خوفاً من ان يحصل صـدمة ولا من الارتباط عامه.
أومأت بوجهها لها متمتمه بخفوت صريح
= لا انا بخـاف أتوجـع او تحصلي خيبة أمل او هو يأدْيني
ربتت علي كتفها بشكل حنونه وهي تردد بصوت هادئة
= بس احنا لو خـوفنا من كل حاجة انها تفـشل مش هناخد خطوة في حياتنا، لو فضلنا خايفـين اننا نتجـرح عمرنا ما هنحب!
قربت رأسها قائلة بصوتٍ مرتجف وقد فشلت في إخراجه صلبا
= بس انتٍ ما حبتيش يا أميرة ومع ذلك كنتي خايفه ولسه في خوف ومكمله في علاقه مش مطمنه ولا مرتاحه فيها! وبتكملي في حاجه اصلا فشلت من اول يوم
شعرت أميرة بنفسها غارقة بالذل وهي تتلاقى الحقيقة المرة، بانها لم تفوز بالحب أو برجل صالح، دموع حارقة لذعت حدقتيها ولكنها احتجزتهم خلف أهدافها حتى لا تشعر اختها بوجعها وهي تردد
=وضعي غير ومش لوحدي عايشه كده في ستات كتير زيي! شالوا الهم بدري من وهما صغيرين ولما يفكروا في الانسحاب ما بيلاقوش اللي يشجعهم.. انتٍ عارفه يعني ايه الاهل ذات نفسهم يشوفكٍ بتتاذي ويقولوا لك كملي احنا مش هنقدر نشيل شيلتك رغم ان اوقات بيكون هم اللي رمى اولادهم الرميه دي
ردت عليها أمينة بأسى و حسرة بينما تلامس ملامح وجهها الباهته برفق
= تعرفي اوقات كتير بحس بالذنب لما بشوفك بتتعذبي بقول مش كنت زماني انا اللي مكانها لو ما كنتيش قدمتلي التضحيه دي واتجوزتي بدل مني.. تفتكري فعلا كان المفروض انا اللي ابقى مكانك؟.
رق قلبها على مظهرها كأنها مذنبة فقالت له مبتسمة بحنان
= حتى لو كنتي اتجوزتي كنت برده هتجوز واحد يعمل فيا كده عشان ده نصيبي وما حدش بيهرب من نصيبه يا امينة.. بس انا مش متضايقه ولو راجع بيا الزمن برده هعمل كده خصوصا ان هبقى عارفه ان في اذيه من الموضوع ده فمش هسيبك تتاذي واقف اتفرج عليكي..
لمعت عينيها بدموع أثر تلك الاجواء الحميميه وهي تضيف بنبرة حنونه بصدق
=انتٍ اختي الوحيده وتوامي يا امينه و
ما ليش غيرك.. واي تضحيه هقدمهالك من غير تفكير، احنا اتنين بس وما لناش غير بعض وما ينفعش واحده تبعد عن الثانيه ولا تشوفها بتتاذي وتفضل ساكته.
ابتسمت أمينة علي حديثها وأجابت بصوت رائق مبحوح
= انا كمان بحبك أوي يا أميره وما ليش غيرك
اوعي في مره تسيبيني وتبعدي ده انا اموت فيها! انتٍ الوحيده اللي مصبراني على العيشه دي يا حبيبتي.
مسحت أميرة علي وجنتيها بحنان وغمغمت بصوت متأثراً
= محدش بيبعد عن روحه ويكون قاصد، يعني ما فيش حاجه هتفرقني عنك إلا الموت .
❈-❈-❈
تنهدت أمينه جالسة وشبكت كفيها ببعضهما فوق الطاولة وهي تتسائل باهتمام
= كده خلاص اوراق حضرتك جهزت يا فندم اتفضل استنى هناك دورك في الخزنه، شرفتني
رفع ذلك الشخص وجهه لها بإعجاب وهو يقول بصوت أجش
= طب وعلي إيه اروح هنا وهناك ما انتٍ شاطره اهو وتعمليلي كل حاجه، اصل بصراحه مش قادر اقوم وحبيت القعده هنا .
تطلعت فيه بثبات قبل أن تجيبه بهدوء مثير
= والله على عيني راحت العميل اكيد، بس ده نظام البنك هنا يعني مش بايدي معلش ممكن بس تتفضل عشان في ادوار تانيه مستعجله .
ساد صمت مطبق بينهم وهو يرشق أمينه بنظرات طويلة قبل أن يجيبها مستمر باستفزازه
= ماشي تمام زي ما تحبي يا أستاذة امينه!
بس التعامل هنا مريح أوي عشان كده انا بفكر
اخلص واجي ندردش شويه.. في الشغل طبعا اكيد وكنت عاوز اعرف النظام هنا ايه عشان لو حبيت اعمل قرض .
حلت الجدية ملامح وجهها وضيقت عينيها قائلة بحزم
=تحت امرك يا فندم بس مش انا المسؤوله عن القروض شباك نمره 3 وهم هيقولوا لك كل حاجه ممكن بس بقى تتفضل عشان زي ما حضرتك شايف الطابور ابتدى يتزحم
اضطربت ملامح من التوتر والغيظ إلا أنه قال مبتسماً بلوم
= هو انتٍ مالك مش طايقاني كده ليه و مستعجله اقوم ما انا برده بتكلم اهو في شغل والمفروض طالما ده دوري اسال عن كل حاجه عاوزها مش ده برده نظام البنك، ولا انادي المدير بقى هو يقولنا ايه النظام هنا وبالمره يعرفك شغلك .
هزت رأسها بعدم مبالاة وهي تردد بصوت جاد
= الدور الرابع وفي اسانسير بدل ما تطلع على رجلك وتتعب نفسك .
عقد حاجيبة باستغراب وهو يقول بعدم فهم
= نعم هو ايه ده؟.
رسمت تلك الابتسامة التي لا تفشل في استفزاز أحد أمامها وهي تشمخ بذقنها بثقة دون خوف بينما تقول بعنفوان وكبرياء
= مش حضرتك كنت لسه بتسال عن المدير؟ ولسه من شويه برده قايل ان طالما قعدت هنا تسأل عن كل حاجه فانا بجاوبك اهو المدير مكانه في الدور الرابع تقدر حضرتك تطلع و تقول كل اللي انت عاوزه هيريحك برده زي ما انا بريحك هنا.
أبتسم الآخر بسماجة أكثر وهتف قائلاً بصوت مستفز
=لا عجبتيني! جايبه القوه دي بقى منين ومش همك حد كده تكونيش قريبه المدير نفسه
اعتدلت أمينة لتنهض لتهم بالرحيل قبل أن تجيب عليه بصوت بارد جدآ
=ما اعرفش والله ابقى اسال امك وهي تقول لك
قبض على يدا غضبا ودمدم بغل بعد أن رحلت
= يا بنت الـ**
❈-❈-❈
في مرور وقت، بحث ذلك الشخص عن أمينة
ليجدها كانت تقف جانب تبعث بهاتفها، ابتسم باتساع وهو يقترب منها مرددًا باهتمام
= كنت بدور عليكي اصل انا خلاص خلصت الورق اللي كنت جايله فقلت اسلم عليكي واشكرك قبل ما امشي
لم ترد عليه، لكنه لم ييأس وهتف قائلاً بابتسامة عريضة
= وبالمره كمان كنت عاوز اتاسفلك لو كنتي زعلتي مني ولا حاجه؟ انا والله ما كان قصدي حاجه وحشه بس انتٍ اللي قفشتي على طول انا كنت بيدردش بدل ما اقعد مستني والزهق وحش بعيد عنك .
تفهمت أمينة هذا الأمر جيداً وماذا يريد ومع ذلك أخبرته بهدوء وهي تهم بالاستدارة تجاهه مراحيض السيدات
= حصل خير وشرفتنا حضرتك.
تحدث باهتمام بينما عينيه تفترسان ملامحها باستمتاع ونشوة
=ما هو ده العشم برده! وعشان اتاكد ان انتٍ مش زعلانه مني يا ريت تقبلي مني عزومه ودي نمرتي عشان نتفق ونخرج وما تقلقيش عشاء بريء والله! اصل انتٍ كل حاجه بتاخديها على الحامي أوي.. وبتفهميني غلط .
رفعت وجهها تسارع هزه بالنفي وهي تقول بصوت مشمئز
= ما بقبلش عزايم من حد ما اعرفوش، و اتفضل خد الكارت بتاعك ودور على واحده رخيصه زيك تقبل عزومتك.
ضاقت عيناه بضيق من أسلوبها معه ثم نظر حوله مطولاً واقترب أكثر منها يتحسس علي جسدها من الخلف بوقاحه، كانت أمينه تحدق به بصدمة من فعله المهين..إلا أنها لم تتحكم بسيطرتها على الموقف وابتعدت بسرعه، ثم تحدث هامس بجرأة وتحدي
= متهيا لي كده انتٍ اللي بقيتي رخيصه والمفروض تقبلي عزومتي!.
طالعت إياه بملامحها المصدومه بنظرة عدائية وهي تصرخ مستنكرة بصوتٍ أجش
=آه يا زباله يا واطي انتٍ مفكرني هسكتلك والله العظيم لا هرفع عليكي قضيه تحرش وافضحك .
اتسعت عيناها باستهجان متقد بكل ما فيها و بكل عنف صفعتة بشدة فوق وجنته! جعلته وجعلت الجميع ينظر نحوهما بصدمه كبيره، ركضوا بسرعه اصدقائها، ومن ضمنهم مصطفي الذي تقدم بسرعه بخوف عليها إلا أنه قال بنبرة مرتبكة تواري تذبذب صوته
= مالك يا استاذه أمينة هو إيه اللي حصل بالظبط هو عمل لك ايه .
سارعت أمينة تشيح بنظرها عن مصطفي كأنها لا تريد مواجهته بتلك اللحظة..بينما تخشب ذلك المتحرش مكانه والتفت ينظر لها بحقد دفين غير مصدق رده فعلها وصاح بانفعال ملحوظ حتى يداري على فعلته
=انتٍ بتمدي ايدك عليا، ما حدش يصدقها يا جماعه ده هي اللي عماله تعرض عليا نفسها وتقول كلام مش مظبوط من ساعه ما دخلت اخلص شغلي معاها ولما ما لقيتش سكه ضربتني وعملت اللعبه الرخيصه دي
فغر مصطفي عينيه يرمش توترا وهو يشعر بها تنقض علي ذلك الرجل وتمسك به بقوة حتي لا يهرب، بينما برقت عينيها بشراسة ثم قالت وهي ترمقه باحتقار
= في القسم بقى يا حيلتها هم اللي هيعرفونا هيصدقوا مين فينا، والله العظيم ما سايباك و هسجنك يا متحرش عشان تكون عبره للاشكال اللي زيك.
❈-❈-❈
في قسم الشرطة، رمشت مرفت بعينيها وقالت بحزن
= خلاص بقى يا امينه اهدي يا حبيبتي و بطلي العصبيه دي هيحصل لك حاجه ما هو خلاص احنا في القسم أهو وان شاء الله حقك هيجيلك .
انعقد حاجبا الأخري صديقتها التي كانت لا تقل سخطا عنهما وهي تقول مستنكرة
=والله ما كنت مرتاحه لنظراته من ساعه ما دخل أصلا بس هنعمل ايه العميل دايما على حق ولازم نحاول نجريه، لو كنت اعرف ان نيته كده كنت قعدت جنبك باي حجه لحد ما يمشي .
كانت تتحرك أمينة بطريقه عشوائيه على أمل التخلص من كل الانفعالات القاتمة التي سيطرت عليها في لحظات بسبب ذلك الحقير الذي تسببا بأذيتها نفسيا.. مِمَّا جعلها تشعر بنفور حقيقي وهي تردد بعصبية منفعله
= مش قادره اصدق اللي حصل معايا، ازاي قدر يمد ايده عليا ويلمسني كده؟ انا عمري ما حد عاملني بالطريقه دي.. ما كانش كفايه عليه قلم كان لازم اعمل اكتر من كده .
كان مصطفي يقف يراقب الوضع من بعيداً بتوتر حتى حسم أمره مستجمع قوته و خطي بالقرب منها بتعابير مترددة هادرا
= احم استاذه امينه اتفضلي انا كنت جايبلك ليمون يروق دمك، ما تقلقيش كلنا جنبك وان شاء الله حقك هيجيلك .
نظرت أمينة إلي اصدقائها بتحذير عندما لاحظت الابتسامات الخبيثة التي أعلنت ثغرهم فجاه بسبب اقتراب وحديث مصطفي، لتقول مرفت بصوت ماكر
= والله فيك الخير يا استاذ مصطفى عمالين نقول لها كده مش مصدقه اشربي الليمون يا حبيبتي عشان تهدي، وما تكسفيش من استاذ مصطفى ده الراجل ساب شغله وجي ورانا لحد هنا بنفسه دونا عن باقي الناس كلها هناك في البنك.
ضغطت على شفتيها بنفاذ صبر فليس وقته ذلك الحديث ثم أخذت الكوب منه لتقول له بعد لحظات يعلمها
= شكرا.
أجاب مصطفي دون أن تنحسر ابتسامته رغم توتره من الوجوم الذي حل على وجهها
=العفو! هو انا اسف على المقاطعه بس كنت عاوزه انبهكوا على حاجه احنا كلنا والله مصدقين أنه عمل كده فعلا و انتٍ مش في طبعك تتبلي على حد وهتستفيدي ايه اصلا من كده.
أبعدت يديها التي تمسك الكوب فوق الطاوله بنزق ثم نظرت له تهتف باقتضاب
= يمكن البيه عجبني زي ما هو قال ولا مستنيه اخد منه فلوس وبعمل شهره الزباله يقول كده قدام الظابط جوه في التحقيقات والله ما هسكت وهفضحه ده طلع كمان متجوز وعنده عيال ماشي ولا هيفرق معايا مش هو اللي جابه لنفسه يشرب بقي .
ارتبك عند أخر كلماتها وهي يراها تطالعه بوجه خال من التعابير، تحرك حلقه وأخفض وجهه إلا أنه قال بصوتٍ حيادي
= ما حدش طبعا فينا صدق كلامه، بس انتٍ زي ما شايفه الظابط سالك ايه دليلك على كده والامور دي بتمشي فعلا بالدليل وما حدش فينا كان وقت ما عمل كده كان موجود عشان يشهد، هو استناكي لما قمتي وتقريبا كمان اختار مكان عارف ان ما فيهوش كاميرات عشان يعمل عملته دي ومحدش يصدقه ولا تمسكي عليه حاجه.
اتسعت عيناها ثم قالت مستنكرة بغضب
=انت قصدك ايه ان شاء الله ما تجيب من الاخر عاوزني اتنازل ولا حاجه؟ واسيب كلب زي ده يتحرش ببنات الناس عادي من غير ما يتعاقب
رأت أمينه مصطفي يهز برأسه برفض وبدت عينيه متوعدتين وهو يتمتم لها بصوتٍ خافت
= والله العظيم ما قلت كده ولا قصدي انا لما عرفت اللي عمله والله مسكت نفسي بالعافيه عشان ما اضيعش حقك ويعرف يمسك علينا حاجه لكن انا كان نفسي اموتهلك على عملتيه الزباله دي، ولومت نفسي ان ما كنتش موجود في اللحظه دي عشان اوريهلك و احاسبه، انا بنبهك عشان تعرفي ازاي تتصرفي وتجيبي حقك .
نظروا الفتيات إلي بعض مجدداً بمكر وقد زاد الشك بأن مصطفي معجب بأمينة صديقتهم كما يشكون بذلك، بينما اقتربت مرفت منها وهي تردد باقتناع
=اهدي يا امينه هو بيتكلم بصراحه صح ما لازم يكون معاكي شاهد على الكلام ده؟ و الله لو بايدينا نشهد رغم ان احنا ما شفناش حاجه بس ده ذنب برده هنشيله، طب هو احنا صحيح مش ممكن نعمل كده ما احنا مصدقينها واصحابها و المفروض ندعمها في موقف زي كده .
أسرع مصطفى يهز رأسه باستنكار واعتراض
= لا طبعا اوعي تعملي كده ما بكل سهوله هيعرف يثبت ان انتم ما كنتوش موجودين او اي حد في المكتب عندنا هيشهد ان انتم كنتم
مشغولين مع العملاء وبكده هيفكروا ان احنا فعلا مشتركين وبنتبلى علي الراجل كدب! وخلي بالكوا حاجه زي كده هنتحاسب عليها دي اسمها شهاده زور
ارتعشت أوصالها وارتجفت شفتاها المتفرقتين فأغلقتهما بخيبة كبيرة، قبل أن تهمس لهم باختناق مكتوم
= انا مش عاوزه اؤذيكم يا بنات وهو معاه حق طالما ما شفتوش حاجه ما تحكوش، احكوا بس اللي انتم شفتوه واللي حصل.. وان شاء الله ربنا هينصفني
تنهد بأسي وهو ينظر لها بأعين عطف ثم قال بصوت جاد
=بالظبط احنا نسيبها على ربنا ونحكي إللي احنا شفناه وان فعلا كنا شاكين في الراجل سلوكه مش كويس، و كمان بعد كده ما خلص في البنك فضل يدور عليكي ويسال ممكن الحاجات دي تفيدنا في القضيه أن شاء الله.
❈-❈-❈
بعد مرور أسبوعين، احتضنت أمينة الطفلة الصغيرة زينة إبنه أختها السبع أعوام وهي تقبلها عدة قبلات بمرح و تردد بسعادة
= الحاجه الوحيده اللي طلعتي منها من جوازك هي البنوته القمر دي يا روحي مش بقدر اقاوم حلاوتها ولا جمالها هاتي بوسه .
ضحكت الصغيرة ببسمة سعيدة وهتفت الأخري باستمتاع
= بتضحكي اضحكي كمان ضحكتك جميله شبه اميره مش شبه ابوكي الكئيب ولا ستك ام بوزه ما لوش ملامح ولسانها اللي بينقط سم
بينما هزت أميرة رأسها بتزمت من حديثها القاتم مع ابنتها عن حماتها وزوجها، وقبل ان تتحدث بشئ صدح صوت مرتفع من الخارج
= بنت يا أمينة انتٍ فين تعاليلي هنا بسرعه وفهميني النصيبه اللي انتٍ عملتيها دي؟.
أخذت أميرة ابنتها منها بسرعة، بينما خرجت توأمها وأمعنت النظر في ملامح وجه جدتها تسألها باستغراب
= في ايه يا تيته مالك على الصبح ومصيبه ايه إللي عملتها دي؟
وضعت الأغراض جانب وتحفزت لتسألها بحزم
= قابلت في السوق و انا بجيب الطلبات جارتنا أم أدهم إللي أبنها شغال في القسم وقالي انه شافك هناك اكتر من مره؟ وحب يساعد وافتكر الموضوع بسيط بس لما سال عرفت ان انتٍ رافعه قضيه تحرش على واحد؟
الكلام اللي سمعته منها دي صح؟؟.
استدارت أميرة لها بتوجس هادرة وقد بدأ الخوف يدب بقلبها
=يا نهار ابيض الكلام ده حصل امتى يا امينه وازاي ما تقول لناش انتٍ كويسه يا حبيبتي
رسمت أمينة لها تلك الابتسامة المستفزة وهي تقول بتهكم
= بقى هو حب يساعد برده ولا حب يريح فضوله وبعدين حتى لما عرف دخله ايه هو وامه هم مالهم بحياتي، بس انتٍ السبب لو تخلي كل واحد هنا في المنطقه يبطل يدخل نفسه في اللي مالوش في وبحياتنا هنرتاح ويريحوا
رشقتها زاهية بنظرات مقتضبة وهي تسألها بتعصب
= هو انا دلوقتي في مين قال ولا ما قالش انا سألتك سؤال انتٍ فعلا رفعتي قضيه تحرش والكلام ده حصل بطلي لف ودوران، وخليكي صريحه معايا انا متاكده اني لولا عرفت بالصدفه ما كنتيش هتعرفيني حاجه زي كده
تنهدت أميرة بحزن علي توأمها ثم طالعتها تقول بروية
=بالراحه بس يا تيتة وخلينا نفهم منها، الموضوع برده صعب هي اكيد مش هتتبلى على واحد، اكيد هو عمل فيها حاجه فعلا المهم انها كويسه والموضوع عدى على خير .
علا صوت زاهية وهي تقول بعدم رضا بانفعال
=عدى على خير ايه اللي فهمته ان القضيه لسه شغاله والراجل اللي رفعت عليه القضيه دي بينكر..و ام ادهم حذرتني ان ابنها قال لها خليها احسن تتنازل عشان معهاش دليل على كلامها واحتمال تتقلب عليها بالعكس وهو اللي يرفع عليها قضيه عشان شوهت سمعته ده غير لسه سمعتها اللي هتتشوه اصلا لما الكلام يتنطور في المنطقه .
كنفت ذراعيها بحنق ببرود وهي تسألها بحيرة
= هو انتٍ سمعتي القضيه مرفوعه عشان ايه بقول لك اتحرش بيا يعني هو اللي بدأ و لمسني يبقى هو اللي سمعته تتشوه مش انا؟ وبعدين ما في داهيه كلام الناس هو انتٍ فاكراني بهتم زيك ليهم وبعمل ليهم قيمه.. و بعدين مين قال لك ان معيش دليل امال هم جابوه من افاه للسجن ليه هو بس طلع بكفاله لكن القضيه لسه شغاله وبعدين اللي حصل ده في مكان عملي وانا هخليهم يشهدوا معايا .
اقتربت منها بوجهها المحتقن وقبضتاها المشدودتان على جانبها، مرددة بسخط قاسي
=عشان مش عايشين لوحدنا يا روح أمك انتٍ مش هتسكتي غير لما تجيبي اجلي بمره بسبب عمايلك السوداء دي! ما كنا قاعدين في حالنا ولا شغل ولا زفت ولا تعليم فضلتي تصممي لحد ما خربتيها عليكي هتحليها ازاي بقى! مين دلوقتي هيبص في وشك ويتقدملك بعد ما يعرف حاجه زي كده حصلت معاكي
شحب وجه أمينة من رده فعلها لتهتف بصوت عنيف بصدمه
= انتٍ عاوزه تجننيني بدل ما تقوليلي فين عنوان الكلب ده وانا اروح اخذ لك حقك ولا حد من اهل المنطقه اللي عاملين فيها شهمه أوي وبيدخلوا نفسهم في حياتي؟ و مركزين أوي بروح وبرجع الساعه كام؟ ما شفتهمش يعني دلوقتي حد منهم اتكرم وقال انتٍ بنت اهل منطقتنا وسيبيها علينا واحنا نجيبلك حقك.. عرفتي اللي انتٍ بتعمليلهم حساب دول بقه على الفاضي وما بيدوروش غير على مصلحتهم وما يستاهلوش تقولي عليهم جيرانا واهلنا وانتٍ قاعده بتفكري هتجوز ازاي؟ كده كده عمره ما كان في دماغي الجواز والبركه فيكم كرهتوني في كل حاجه
بللت أميرة شفتيها بلسانها وهي تراقب المشهد أمامها بتعابير متجهمة بشدّة تعلن عن شجار على وشك الاندلاع بينهما. بينما أخبرتها جدتها بنفس تسلطه المستبد
=من غير يا اختي ما تفكري خلاص هي خربت كان على لسانك الطويل محدش بيعمر معاكي ويكمل حتى قرايه فاتحه! دلوقتي لما يعرفوا ان انتٍ رافعه قضية التحرش! خلاص هتتقفل بالضبه والمفتاح وادي وشي لو حد عبرك وهترجعي تعيطي وتقوليلي يا ريتني ما كنت عملت كده عشان انا فاهمه اكتر منك اللي هيحصل الفتره الجايه
اعتدلت تنفث الهواء كنيران مشتعلة وصرّت على أسنانها
= والله اللي مفروض زي كده ما عيطش عليه افرح لو هو ده تفكيره! انا المذنبه وانا اللي معايا الحق اتحاسب على ايه؟ انتٍ محسساني ان رحت اتحرشت بيه مثلاً راجل مش محترم
وهياخد جزاؤه قريب ان شاء الله وهو ده اللي فارق ليا .
اتسعت عينا جدتها بصدمة لتقول بصوتٍ جهوري
=هو انتٍ لسه هتكملي في القرف ده انتٍ هتتنزلي غصب عنك وانا المرة دي مش هسكت فوتلك كثير وما كنتش بقدر علي عنادك واقول معلش مسيرها هتعرف ان انا صح وهي ملهاش الا بيت جوزها! ولا تعليم ولا شغل هينفع بس برده مصممه على اللي في دماغك وادي اخرتها.. اتحركي يلا قدامي على القسم عشان تتنزلي .
حدجتها امينة بضيق وهي تقول بامتعاض
=ابعدي ايدك عني وأنا مش هتنازل عن حقي! هو اللي بدا ولازم يكون عبره لكل كلب زيه عشان يحرم بعد كده يمد ايده على واحده ست .
زعقت زاهية بها بغل وانفعال
=هو انتٍ شغاله مصلحه اجتماعيه لحقوق الستات ما في داهيه ما لناش دعوه بغيرنا انا ليا دعوه بيكي، ما تفكري في نفسك فكري حتى فينا ولا اختك الغلبانه دي مصيرها هيكون ايه لما اهل جوزها يعرفوا اللي انتٍ عملتيه.. اسمعي الكلام وبالهداوه كده وبالراحه تعالي معايا اتنزلي وسيبي حقك لربنا هو أدري بالاشكال دي ويحاسبهم!
نظرت لملامحها الممتعضة بنظرة عدائية وهي تقول بتهكم ساخط
= والله اسيبوا لربنا يجيبلي حقي طب وعلى كده بنحاسب ليه المجرمين والقتالين و الحراميه ما نقول احنا كمان ربنا يجيبلنا حقنا منهم ونلغي حاجه اسمها قانون ومحاكم و نعيش في غابه بقى! وانا كمان بالمره اجيب سكينه واموت اللي عمل فيا كده، ولما حد يجي يحاسبني اقول لهم سيبوا حسابي ربنا يجيبه
زفرت أنفاسها بانزعاج وضيق ثم قالت بجفاء
=شوف انا بقول لها ايه تقولي ايه؟ يا بت القضايا اللي زي كده بتبقى وصمة عار علي البنت بتوقف حالها افهميني بقى انا بكلم حيطه
رفرفت بعينيها في محاولة عقيمة لتكرر عليها
رده فعلها بخيبة أمل ثم هتفت بها بحسم بنظرات حادة
= لا انا فاهمه كويس انتٍ عاوزه ايه وعشان انا فاهمه مش هعمل اللي انتٍ عاوزاه واعملي ما بدالك فيا وبرده مش هتنازل ده حقي وهجيبه غصب عن اي حد.
❈-❈-❈
في البنك، وقفت أمينة أمام غرفة المدير مترددة في طرق الباب خاصة انه طلبها بنفسه وسأل عنها عدة مرات، لكن اختصر عليها المدير وهو يبادر بفتح الباب ليقول بهدوء وهو يراها واقفة أمامه
= تعالي يا امينه ادخلي واقفلي الباب وراكي، و تعالي اقعدي عشان عاوزك في موضوع مهم واتمنى تفهميني.
رفعت أمينة حاجبيها تسأله وهي تدلف للداخل وتغلق الباب خلفها كما أمر
= خير يا استاذ ايمن! انا عملت حاجه أصلا بصراحه قالوا لي انك سالت عليا كتير و نبهت على كل اللي بره اول ما اجي ادخل لحضرتك على طول قلقتني بصراحه .
بهدوء ووقار أومأ لها وأجاب
= لا خالص انتٍ مجتهده وشاطره وكلنا نشهد بكده وعلى الناحيه التانيه اخلاق وادب محدش يقدر يتكلم عنهم.. بس هو بقى كده مع الأسف المحترم هو اللي دايما متصاب
زفرت أمينة بضجر قبل أن ترد بجمود
= اه فهمت حضرتك تقريبا عاوز تكلمني عن قضيه التحرش اللي رفعتها ضد العميل هنا صح .
أبتسم الآخر بهدوء وهو يردد بجدية
= احلى حاجه بتعجبني فيكي انك ذكيه و هتوفري عليا كتير، افهميني كويس انا عندي بنتين زيك ولو مكانك هعمل اكتر من كده و للاسف الاشكال ده منتشره ومش عارفين نتخلص منها في مجتمع، بس في نفس الوقت هفكر لو نفس قضيتك و مش لاقي ليها دليل وعارف بنسبه 99% انها هتخسر وانا اللي سمعت بناتي هتتلطخ يبقى اكمل على اساس ايه .
وصلها أمينة وجهه نظرة علي الفور لها،لتبتسم بفتور أجوف تجيب
= تكمل على اساس ان دي حقك وعاوز تجيبه وفي نفس الوقت تخلي الحيوان ده يخاف ويعرف انك قوي مش ضعيف، انما خساره مكسب دي حاجه بتاعه ربنا .
ضيف أيمن عينيه وهو يجيبها بتصميم
= ونعم بالله وربنا طبعا مع المظلومين، بس في الدنيا دي والمجتمع ده اللي بيتنصر هو الظالم يا امينه، انا عندي حل احسن بدل ما تطلعي خسرانه الحيوان ده يعتذر ليكي بينا ونلم الموضوع بدل ما نعمل فضايح لينا كلنا في البنك ما هي دي برده سمعت ناس وشغلنا ممكن يضر، وانتٍ كا بنت اكيد الموضوع ده هياثر عليكي في المستقبل.. وانا كمان لو عليا هعوضك تعويض أكبر هراقيكي وازود مرتبك بذمتك في اكتر من كده تعويض؟
لتشعر تلقائياً بتصلب جسدها وهي غير مصدقة إلي أن وصل تفكير وانحضار المجتمع، قبل أن تعود هاتفه بصوتٍ مرتعش
= لا بصراحه العرض مغري أوي و واحده زيي تبقى عبيطه لو فكرت ترفض! منصبي هيزيد في البنك والمرتب واعتذار منه بينا طبعا عشان ما يضطرش البيه، ويحافظ على سمعه بيته واولاده! انما لو سجنته هستفاد ايه؟ حالي هيقف ومش هلاقي حد يعبرني على رأي تيته
بهت وجه المدير ليهتف بها بغيظ
= رغم أن فاهم انك بتتريقي بس صدقني ده تعويض أحسن، وسجنه مش هيفيدك اصلا لان لحد دلوقتي ما فيش شاهد على كلامك وهو عمل عملته دي في الدور بتاع حمام السيدات وهناك ما فيش كاميرات يعني هو مش سهل وفاهم بيعمل ايه.
مسحت بيدها وجهها لتخفي نزول سقوط دموعها، ثم أبعدت يديها عن وجهها المحتقن بالدموع هاتفة بسخرية مريرة
=صح هو كان فاهم هو بيعمل ايه كويس عشان مش اول مره شكلها كده؟ وكل مره بيحط عينه على الضحيه ويجي في الوقت المناسب ويعمل عملته ويهرب! ما هو عارف ان البنات في مجتمعه ما بتقدرش تاخد حقها
لو حاولت زي حالاتي هيقفلها 100 واحد.. ويقول لها عيب وغلط لمي نفسك احسن! بدل ما يروح يقولوا الكلمتين دول لي، يقوم هو يعمل إيه بقى يتمادى ويفضل مستمره على كده و مش بعيد الدور بكره يلف ويجي على واحده من بناتك... او هو جي اصلا بس انت مش واخد بالك مش بتساعد الاشكال دي وتحميها .
زفر أنفاسه ثم قال بجفاء وهو يرفع ذقنه
= انا هعتبر نفسي ما سمعتش اخر كلمتين و هقدر الحاله اللي انتٍ فيها، وفكري في العرض كويس و صدقني ده لمصلحتك يا أمينة بصي للموضوع من حته تانيه لو طلع براءه ممكن يرفع عليكي قضيه والوضع هيكون العكس وانتٍ اللي هتبقي تحت رحمته فخديها من الاول احسن لمصلحتك الامور دي في زمنا عاوزه كده .
ارتفع حاجباها بعدم تصديق ثم قالت من بين مأساتها وقهرها بصوتٍ مكتوم
= عاوزه ايه يخرب بيت ده زمن بتداروا على المتحرش! وجايين على الضحيه منظري إيه قدام نفسي لما اقبل عرض زي كده وابيع نفسي ما هي ملهاش مسمى غير كده! امال فين تربيتي والقيم والاخلاق اللي بتربي عليها و انتم كنتم بتدرسها لي... انا لو عملت اللي انت بتقوله ده مش هحترم نفسي طول حياتي ابدا ولا هعرف ادافع عن افكار وجهه نظري بعد كده .
في حين ظل أيمن يسدد نظراته مباشرة لحدقتيها المتأججتين رغم تبلدها بالدموع قبل أن يقول باستفسار
= يعني ده اخر كلام عندك؟ براحتك بس افتكري ان انتٍ هتكوني ضيعتي اكبر فرصه في حياتك وما عرفتيش تستغليها صح
نهضت لترحل دون حديث للخارج بقله حيله، لتجلس بمكتبها وهي تضع يدها تحت وجنتيها واعتصر الألم قلبها فسكن كل ما فيها في صمت بائس..
وفي ذلك الأثناء اقترب وتنحنح مصطفي يجلي صوته قبل أن يقول بقلق فكان يراقب حالتها من بعيد
= آنسه أمينه في حاجه مضايقاكي هو المدير كان عاوزك في ايه؟ موضوع يخص القضيه اللي رفعتيها صح .
نهضت بسرعة لتاخذ حقيبتها دون حديث تحت أنظاره البائسة.
❈-❈-❈
اغلقت أمينة الباب خلفها وضاقت عينها وهي تنظر إلي جدتها التي تجلس على الأريكة متكومة على نفسها بتشنج.. زفرت نفسا طويلًا قبل أن تدلف للداخل تأخذ حماما سريعا وتغير ملابسها لمنامة مريحة ثم خرجت لجدتها وهي تحاول التحدث معها برفق
= مساء الخير يا تيته .
لم ترد عليها لتعقد حاجبيها باستنكار وهي تقول بنبرة متفهمة
= تمام كالعاده مش عايزه تردي عليا براحتك الاكل فين انا جعانه .
شيء ما أمام رجائها الواهن حرك فيها شئ لتبرم لها بنفاذ صبر وبقصد
= ادخلي اعملي لنفسك مش شايفه نفسك كبيره وبتعرفي تتصرفي من دماغك وتقفي قدامي و ما فيش ذيك، مش هيجري حاجه بقي لما تعملي العشاء بنفسك .
ارتفع حاجبها متسائلة بهدوء زائف بحنان
= يعني هو ده عقابك ليا؟ هتحرميني من اكلك ما انتٍ عارفه أني خيبه في المطبخ وما بعرفش اكل من ايد حد غيرك
طالعتها بامتعاض أخيراً قبل أن تقول بصوت خفيض مقتضب
= ولما انتٍ خيبه عامله فيها القويه ليه واللي ما فيش زيك انا اكثر واحده عارفه ضعفك و شايفاه وفاهمه الشويه اللي بتعمليهم دول مخبيه وراهم ايه؟ ضعف وخوف من كل حاجه! بس بتحبي تمشي و تقولي للناس انا
ما فيش زيي وانتم مش هتقدروا عليا .
رفعت عينيها بشعور متألم أحزنها من فكرة الجميع ضدها ويضغط عليها للتنازل دون التفكير فيها، فصاحت بانفعال ظاهر
= هو انتٍ عاوزه ايه بالظبط قوليلي، كل ده عشان عاوزه اتنازل عن حقي عن واحد اتحرش بيا هو انتٍ فاهمه الاول يعني يتحرش بيا! ده انتٍ ما تكلفتيش حتى نفسك تقوليلي هو عمل ايه بالظبط ولا ايه شعورك في اللحظه دي؟ ولا تاخديني في حضني و تطبطبي عليا طالما عارفه اللي فيها وان انا ضعيفه ومحتاجه اللي يسندني، ليه قسوتك دي طول الوقت عليا .
زفرت بضجر قبل أن تعود وتلح عليها بصوتٍ فاتر أجوف
=بكره لما تكبري ويكون عندك اولاد هتعرفي انك ساعات لازم تقيسي عليهم عشان يعرفوا انك ماشيه في طريق غلط وترجعي عن اللي في دماغك
سقطت أمينة جالسة على مقعدها دافنة وجهها بين كفيها تمسح على وجهها بتعب، ثم رفعت عينيها ببطء تقول بصرامة
= هو ايه اللي في دماغي انا عاوزه حقي انتوا ليه كلكم ضدي؟ اصحابي من غير ما يقولوها فهمتها من نظرتهم وزمايلي في الشغل! وانتٍ قلتها لي بصراحه وحتى مدير الشغل عرض عليا فلوس بمرتب كبير ومنصب اكبر في شغلي مقابل أني اتنازل، ويعتذر لي بيني وبينه موقفي انا من الناس اللي هتقول عليا رفعت في ايه واتنازلت في ايه يبقى ملهاش غير انها باعت نفسها.. في اكتر من كده ظلم منكم.
جلست زاهية على كرسي قريب منها ورفعت راحة يدها تمررها على ظهرها المهتز ثم قالت تواسيها بصوت متعاطف
=شفتي بنفسك عشان تعرفي ان انا صح كثر خير الراجل مش عاوزك تطلعي خسرانه من الموضوع وبيعرض عليكي فلوس، يا هبله احسبيها انه بيطايب بخاطرك اسمعي كلامه و اقبلي مش انا كنت ضد شغلك بس اديني بقولهالك اهو.. واقبلي اعتذار الراجل ده إللي يارب ما يكسب وربنا ياخده بينك وبينه أحسن من ما فيش، احنا اكبر منك وعندنا خبره في المسائل دي وواحد اهو ولا يعرفك ولا يعرفنا جابلك الناهيه الأمور دي ما بتمشيش هنا بتمشي بره يا حبيبتي انما هنا شرف البنت وسمعتها رقم واحد .
تزايدت وتيرة أنفاس أمينة بغضب وبدأت ترمش بعينيها بمحاولة منع المزيد من الدموع من التساقط، لتهتف بجرأة سافرة
= خلاص بعد كده اي واحد هسيبه يحسس عليا ويقرب مني يلمسني زي ما هو عاوز ولو عرض عليا كمان اروح معاه البيت اوافق! و بالمره اخذ فلوس قصاد كده عشان ما اطلعش خسرانه زي ما نصحتوني! و عشان ترتاحوا مش هو ده اللي انتم عاوزينه واللي ملهوش تفسير في كلامكم الا كده .
في حين صدر منها شهقة بصدمة من قله حياء حفيدتها ولم تشعر بنفسها الا وهي ترفع يدها تصفعها وهي تصرخ بنشيج
=انتٍ قليله الادب وعاوزه اللي يربيكٍ في بنت محترمه تقول كده، انا فعلا ما عرفتش اربيكي ويا خساره تعبي فيكي ادخلي على جوه وغوري من وشي احسنلك.
أبعدت أمينة وجهها عن مرمى يديها وهي تنظر نحوها بصدمة من فعلتها، ولم تختلف الصدمه عن الأخرى أيضاً فهذه اول مره بحياتها تفعلها! لكن ما ألم أمينة أكثر أنها صفعتها لأجل شيء كذلك وليست مذنبه بشيء.
🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹
ادخلوا بسرعه حملوه وخلوه علي موبيلاتكم من هنا 👇👇👇
وكمان اروع الروايات هنا 👇
انضموا معنا على تليجرام ليصلكم اشعار بالروايات فور نزولها من هنااااااااا
🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺
تعليقات
إرسال تعليق