رواية وكأنها عذراء لم يلمسها أحد الفصل الرابع والعشرين والخامس والعشرين والسادس والعشرين بقلم اسما السيد حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج
_ انت عاوزه ايه بالظبط، بدوري عالماضي ليه؟
صرخ نائل بها، بعدما صدم انها مازالت تبحث عن أحوال العائله، خصيصا ذلك الشاب الذي كانت تحكي لهم عنه؟
هتفت بحيرة :
_ انت عرفت منين اني بحثت عنهم على الفيس بوك؟ انت مراقبني يا نائل!
اغتاظ منها، ومن غبائها، اقترب منها وغرس اظافره بذراعها حتى ادماها وهدر صارخا:
_ فوقي بقي من الوهم يوليا انت لم هعودى الفتاه العذراء المراهقه، تجسس ايه، انتي مش عارفه أن حتي النفس اللي بتاخديه عندنا علم بيه، اسمعي يوليا دا آخر مره هغفرلك خطأ زي ده، احنا مش عاوزين مشاكل .
_ مشاكل ايه، ايه اللي ممكن يجيلكم من بحثي عن اهلي ؟
_ اهلك !...
لفظ حديثه بتهكم من المتوقع أن يؤلمها، لكنها كجلمود صخر بلا مشاعر:
_ اي أهل يوليا، انتي معملتيش حساب لأهلك وانتي بتقتلي امك، وانتي بتهربي منها، أهل ايه؟
ابتلعت ريقها ، ولم تجد ردا مناسبا، كان يجيد جلدها، بطريقته الخاصة المؤلمه دوما لكنها لم تعطيه يوما فرصة للشماته بوجعها، أو أن يأخذ حديثه وما يعرفه عنها كنقطة ضعف لها، تركها، ولكن قبل أن يخرج من الغرفه القي قرص سي دي لها:
_ شوفي ده، كل مره ياخذك الحنين المزيف لسيادة الرائد، شوفيه، عشان تعرفي أن وقتها لو وصلولك مش هيسموا عليكي يا….يولي..
ابتلعت ريقها، وهي تمد يدها تمسك ذلك القرص، عقلها تشتت، تفكر بما يعنيه حديثه، لكنها أمسكت به بيدها، وجلست بتعب على الفراش، شارده باللا شيء تفكر بجديه عن ماهية ما به إلا ما قد تلقاه به.
***********
_ وحشتني اوي يابابا..وحشتني وياريتني انا اللي فارقت الدنيا كلها وفضلت هي لكل اللي بيحبوها، كان قلبي حاسس انها نفسها تشوف امها ، كان نفسها ترجع بس كانت بتقاوح، ياريتني قولتلها الحقيقه ، ياريت ما سمعت كلام سويلم ..ولا كلامك .
ذنبه ايه عمران يتحمل اللوم دا كله لوحده، انا السبب، انا اللي ضيعتها، اكيد انا عملت حاجه..اكيد ، ماهي استحاله تفارقني كده، وهي عارفه انها روحي..
أغمض محمود عيناه، واختار لحظة انهياره هذه ليعترف له بكل شيء، حتي لا تُعاد تلك اللحظات المؤلمة مجددا:
_ عمران عارف كل حاجه يا مجد .
انتفض مجد كالملسوع، مردفاً بذعر:
_ عارف ايه؟؟
_ اهدي يا مجد، اهدي
_ اهدي ازاي؟..جاوبني يا بابا ارجوك..
زفر محمود وسرعان ما اجابه:
_ عمران عارف ان ميمس مش ابنه، وان الي في بيته امينه، مش راجيه
_ ايه…عارف ازاي؟..طب عرف اني؟
_ انك ايه ..يا مجد..؟
_ عمران..؟؟
اتسعت أعين مجد، وعمران يقف أمامه، عيناه تخترق ظهره كالغريق
امامهم، لوهله من ينظر له، يعلم أنه يخفي شيء، لكن محمود الحسيني تدارك الأمر سريعاً، واجاب عنه، محاولا ان يصلح لابنه الوضع:
_ انا كنت بقوله إن انا لما فاض بيا من تهديد راجيه، قولتلك الحقيقه، عشان نفكر سوا، انت عارف ياعمران أن مجد ابني مش بخبي عنه حاجه ..حتي انت من سنين لما استأمنتني علي سرك، وعلي روح وخالتها، ملقتش أأمن منه يكون همزة الوصل بينا، انا مكنتش بأمن حد غيره، وياريتني ما دخلته في الحكاية.
ضغط ابيه علي كلمه ابني التي وجهها لعمران، أكدت له أن عمران لا يعرف بأمر أنه هو ميمس ذاته، وكيف سيعرفه، لقد تبدلت ملامحه كليا، كبر واشتد عوده، وغيرته الملابس الفاخرة، والأموال الطائلة حتي المشاعر تبدلت مع عمله القاسي.
زفر عمران بتعب، وهو يقترب من مجد، يربت علي كتفه بحنو، مردفا بغصة:
_ حاسس بيك، اللي حصل مش سهل ، انك تخسر أكثر شخص عشقته في الدنيا، شيء قاسي جدا، في الحقيقة أنا مقدرش اتخيل الحياه من غير أم روح، انا حاسس بيك يابني، انا كمان جربت العشق، وعرفت بيعمل ايه في صاحبه، انا من عشقي لام روح خطفتها من الدنيا بحالها و مهتمتش حتى لكرهها ليا ، اوقات العشق بيدفعنا لغلطات استحاله تتغفر، ولو عاد بينا الزمن برده هنرتكب نفس الغلطه ، لانه القدر ملناش منه مهرب، انا مش قديس، يمكن انا اكتر حد أذنب بالحكايه دي بس انا جيت عشان اقولك حتى لو في امل ان روح تكون عايشه، ارجوك بما أن احنا جيران، وانا قررت استقر هنا، وهنتقابل كتير ياريت متجبش سيره عن احتمال وجود روح، أو أنها علي قيد الحياه، الامل اللي انت عايش بيه، ممكن يكون سبب في وهم كبير لسلوي هتفضل عايشه فيه، وتهمل ولادها، ارجوك عاصم وعمار صغيرين محتاجين ليها، كل اللي عاوزه منك انك تحاول تخفف عنها، بما انك كنت اقرب الناس لبنتها..
ابتلع مجد ريقه، دموع عيناه سالت غصبا عنه، قلبه محطم، ومصابه عظيم، يفكر بجدية بكلام عمران، أنه محق، أمله الذي يحيا به، هو مجرد افتراض وهمي، قلبه الذي يدق، علي دقاتها ليس بالضروره أن يشعروا هم به، أنه شعور، ورابط خاص جدا بينهم، الان وبوجود طفلين صغيرين لا ذنب لهم عليه أن يقدم لتلك المراه المظلومه المنكوبة التي علم قصتها من أبيه قبل يومين كل الدعم ليتها هنا، ليتها هنا لتعلم أن والدتها التي كرهتها، ماهي الا حكايه من حكاوي الظلم التي يعيشوها، قصة أخرى رسمها رجل ظالم جُن بالعشق، اللعنة عليهم معشر الرجال ما أن يقعون بالعشق، يعلنوا الحرب، بلا اهتمام لما قد يصيب الصبيه، والنساء..
اوما مجد براسه، يوافق علي حديثه، وفي داخله يبتسم بتهكم، ذلك الرجل عاشق للنخاع، وكل ما يهمه زوجته العاشق لها حتي وإن علم أنه هو ابنه الضائع أو ما كان ابنه ، بالتأكيد لن يهتم..وهو محق، مادام الدم لم يختلط به، والنسب لم يعد له، فلما يشعر بالحنين له، فقط ما يريح قلبه من بقائهم هنا، أن بالتأكيد شقيقته بيلا ستأتي لزيارة أبيها، ويطمئن عليها.
قبل أن يخرج من البيت يد والده محمود منعته، يسأله بقلق عليه:
_ رايح فين يا مجد انت مش تمام؟
_ رايح للشيطانه عنجهيه، لازم احطلها حد..لازم انا حاسس انها رجعت النجع تنفذ اللي في دماغها، بدور عليها من يومين مش لاقيها
قبض قلب محمود خوفاً علي كشف ابنه، وهتف بقلق:
_ مش وقته، يامجد بلاش.. سيبها هي حره، انا مش مستغني عنك ياابني .
دفع يد ابيه، وهتف بحسم:
_ لا وقته يا بابا كفايه خراب..وقدري كله مرتبط بالست ديا للاسف وان أنكرت هي امي ..لازم ابرها لو كانت اكتر انسانه مؤذيه في الدنيا.
لم يجد محمود طريقة لمنعه، لكنه قام بالاتصال بصديقه سويلم، الذي هرول خلفه كالعاده..
************
اتسعت أعين يزيد ما أن استمع لصوت ذلك المجنون الذي اقتحم المزرعه .
_ يزيد يا سباعي، انت يا ابن السباعي، انزل عاوزك .
لحسن الحظ أن أمه رحلت مع شقيقته لبيت العائله لجلب بعض الأغراض بعد تعب ليليا..وسيعودون بالغد..
فقط جده من كان متواجد بالقصر
استمع يزيد للصراخ الذي يعرف صاحبه عن ظهر قلب ومن غيره هادم ملذاته، ومقتحم مزرعته الوحيد ، كان مازال يجلس قرب تلك الغائبه عن الوعي بينما هبط جده لغرفته المخصصه له بقصر المزرعه
القي يزيد نظره خوف علي ليليا، ظنا أن ذلك المجنون اتي ليمارس جنونه، والتفوه بكلماته السخيفه مثله عن الثأر كالعاده..
جز على اسنانه، ما أن استمع لصراخه مجددا، يتوعده باقصي شيء، أن كان الأمر هكذا، يقسم أنه لن يرحمه..
رغم اتخاذه قرار الجمود، وعدم إظهار اي مشاعر لها، لم يستطع الابتعاد عنها ما أن شعر بكف يدها يحتوي كفه، وكأنها شعرت أنه سيتركها، همهمه غير مفهومه صدرت منها، لم يستطع البقاء أكثر ليفسرها، لكنه مال مقبلا لجبينها بحنو، وهمس بالقرب من أذنها:
_ مش هتاخر جايلك علطول ، اهدي يا ليليا..
بعدها ترك كفها، وخرج، لذلك المجنون.
خطف الدرجات بقفزة سريعة:
_ انت اتجننت يازفت انت..ايه الدوشه دي..لتكون جنت جنونتك تاني وجاي تاخد تارك من الحريم يا سياده الرائد فارس البدري، مش هنخلص منك احنا..
بصعوبه، وغيظ ،ولحوجته الملحه لذلك البارد الذي يتهكم عليه، ابتلع تهكمه، وزفر فارس بحنق، ومد يده اختطف تلك السيجارة التي اشعلها يزيد ووضعها بفمه بعصبيه:
_ مليش مزاج اتخانق، ومش هرد علي اسلوبك دلوقتي يابن السباعي..انا عاوزك في أمر مهم.
_ امم، اظاهر أنك خدت عليا يا ابن البدري ونسيت اني أعلى منك في الرتبه، والمفروض تحترمني، وانك مهما دخلت مزرعتي واستوليت على قطعه فيها، هتفضل ضيف عندي .
بغيظ القي فارس السيجار أرضا وسحقه بقدمه:
_ مكنوش سنتين دول فرق يخلوك تتنطط علينا .. ولا حتت كوخ لا راح ولا جه يخلوك تتنطط علينا، بس ومالوا تكرم عشان خاطر جدي محمد السباعي، الراجل الكُباره، انا جاي عشانه برده
علي ذكر الجد الذي اتي مبتسما يطوي سجادته علي ذراعه:
_ مش هتكبر ابدا يا فارس ياولدي، كيف ما كان جدك هيقولي، عامل كيف القطر..
اتسعت ابتسامه فارس، واقترب من الجد يقبله من خده، ثم مال مقبلا يديه:
_ انت هنا ياكبير، حرما يا غالي، ياللي من ريحه الغالي، دا ايه الحظ دا الحمدلله يارب..انا كنت رايحلك النجع
لوي يزيد فمه، وهتف بتهكم:
_ ايوه كُل بعقل جدي كعادتك بقي حلاوه، ما هو اللي مرعك عليا يابن البدري، ولولاه كنت خلصت منك تاري .
زجر الجد يزيد ، ونهره بعتاب:
_ اخص عليك يا يزيد يا ولدي انت خابر انكم كلياتكم معزه وحده، دا بزياده أنهم من ريحه الغالي صديق العمر ورفيق الروح.
_ جدي سيبك من الحفيد المنبوذ ده، انا كده كده عارفه مبهتمش لكلامه، خليك معايا عاوزك في حاجه مهمه..محدش هينجزهالي غيرك.
_ بااه، قلقتني يا فارس يا ولدي، خير طمني …
نظر فارس له قليلا، وهتف بتردد:
_ عاوز اتجوز، وانت تكون وكيل العروسه ، وعاوز يزيد شاهد ليها..
_ نعم..تتجوز، وجدي يشهد ليها ليه، فين اهلها ؟؟وجاي لينا ليه نكونشي فتحناها مكتب لزواج العانسات والعوانس امثالك.
هدر يزيد بحديثه بصوت متعجب يشوبه بعض الحدة، قبل أن يزفر فارس بصبر، وهو يفكر أن عليه أن يشرح الأمر ببعض السلاسه حتى يستطيع ذلك الجاحد مساعدته بما يريد..
_ ماشي يا خفه ، هفهمكم..
*******
تجلس روضه بذلك البيت الذي ادخلها به ما أن دلف لتلك المزرعه التي دهشت من جمالها ، لا تعلم لما شعرت بالامان، ذلك الجزء الناقص الذي تشعر به دوما، هنا تشعر وكأنه اكتمل..
ابتسمت ما أن تذكرت جنانه، وذلك الاسم الذي اختاره لها ما أن دلفوا للمزرعه، واعجبتها تلك النباتات التي زُينت به ارضيه المزرعه…
_ الله يا فارس، ايه الزهور دي، جميله اوي، كمان ريحتها روعه..
اقترب منها، بعدما ترك سيارته بالخارج، كان يعلم انها ستنبهر بتلك القطعه الفريدة الذي شيدها ذلك المنبوذ يزيد كما يطلقون عليه، لطالما أعجبه الهروب هنا، حتي أنه خصص لنفسه قطعه ارض بالقوة ، وشيد بها بيتا يشبه كهفا صغيرا له ، قوه وغصب عن يزيد الذي لولا الجد محمد السباعي ووساطة جده رحمه الله له، لما تركه يدلف من الأساس لهنا…
ابتسم ما أن صدق حدثه، لقد احبت نباتات الناردين الذي أخذت عقله اول مره دلف بها للمزرعه، اقترب منها وهمس بالقرب من أذنها،
_ اولا دا نبات، وتعرفي اسمها ايه دي…
هزت رأسها بالرفض سريعاً ، وسألته بفضول:
_ اسمها ايه ؟
_ ناردين…عشبة الناردين، تعرفي انها شكلك اوي .
همست بخجل طغى على وجهها احمرارا لا ارداديا:
_ شكلي انا، بجد! ازاي؟
ابتسم :
_ لأن ريحتها مميزه، وشكلها مميز ، تخطف العين والقلب .
_ عندك حق، شكلها مميز جدا..فعلا خطفت قلبي
_ ناردين..
هتف بالاسم باستمتاع، مره بعد مره، يتذوقه ببطء.
_ هه اسمها عجبك…اوى .
_ مش اسمها اللي عجبني؟
لم تفهم عليه، هبطت لمستوي العشبه لتستطيع استنشاق رائحتها المميزه، التي أذهبت كل التوتر وكأنها سحر..
_ مش كنتي عايزاني اختارلك اسم..
_ امم، ياريت يا حضرة الظابط
ضحكت عليه، ولكنه هتف متجاهلا لها
_ ناردين ..من النهارده اسمك ناردين فارس البدري.
كان يلفظ اسمها باستمتاع، جعلها بحالة من اللاوعي، لم تفق الا علي كفه، الذي أمسك بكفها يجرها خلفه، حتي دلفا معا لذلك البيت الرائع الذي يشبه الكوخ
طلب منها انتظاره، حتى يأتي لها
عادت من شرودها تتأمل من شرفة الكوخ تلك الزهور، وتلك الخضرة التي تعم المكان بانبهار
وهمست بصدق:
_ حاسه اني بالجنه، معقول اكون دخلتها.
*******
اتسعت أعين ابراهيم، ما أن صرخ يزيد به، وعلم أن المجنون اقتحم المزرعه كعادته
لكن ما تعجب منه ما يريده فارس، والأغرب موافقة الجد عليه..
******
انت اتجننت اكيد، يا جدي ايه اللي بتقوله ده بس، هو احنا بنمثل فيلم هندي هنا، فارس اطلع بره، انا استحاله اشترك في الحكايه دي؟
واه اطلع برا المزرعه خالص، انا قررت احرق الكوخ بتاعك ده..
لم يجب عليه فارس تلك المره، بل كان الجد، الذي هب صارخا به:
_ تبقي تسوي أكده يا يزيد اي شي للكوخ بتاع فارس، اني خبرتك من قبل ..فارس وإبراهيم ليهم فيا كيف ما لك، وفارس معه حق، اني معاه بكل شيء، كيف راح يسيب البنيه اليتيمه دي ..تعيش لحالها..
فيها ايه ياولدي، الله..ما انت متجوز بنت عمك بنفس الطريقه دي..
اتسعت أعين فارس، وهم بالحديث، لقد تفاجيء بأمر زواج يزيد، لكن صراخ يزيد عليه الجمه:
_ اياك، ها..
لوي فارس فمه، وقد علم أنه يقطع عليه تهكمه، بينما جز يزيد علي اسنانه من أفعال الجد، وامساكه من يده الموجوعة، وهو التطرق لأمر زواجه من ليليا:
_ ياجدي، انت بتحاميله كده ليه، انا اللي ابن ابنك علي فكره..
نظره الاستمتاع علي وجه فارس، أشعلت غضب يزيد منه، بكل مره ينصفه جده عليه
لم يشعر بنفسه ، وهو يتصل بذلك المجنون الآخر، اللعنة على معرفتهم، واللعنة على تلك الصدف التي تجمعهم جميعا كأنهم الوحيدون بالعالم..ويدورون حولهم كل مصائب الكون..
ومن بعدها اتصل بمن صرخ بهم، وبدأ بلعنهم ولعن معرفتهم جميعاً
ابعد يزيد الهاتف عن اذنه، وصوت مسلم الصارخ بهم شق أرجاء القصر:
_ اقسم بالله اني جبت اخري منكم، انتوا فاكرين انها تكية يا حضرة المقدم، دي اخر مساعده يا يزيد باشا، ليك وللبيه اللي جارك، شهاده الميلاد، اللي محتاجها هوفر هالك، بس دا ميمنعش أن الاستدعاء لسه شغال، قدامك ٢٤ ساعه لو مبقتوش قدامي فيهم، هحولكم للمحاكمه العسكريه انتوا الثلاثة بتهمه عدم احترام الأوامر ، واستخدام مكانتكم استخدام خاطيء..وانتوا عارفين أنا مبهددش ولو كانوا اخويا نفسه هحوله للتحقيق.
اتسعت أعين يزيد، وازداد اشتعالا، ما أن استمع لما أردف به ذلك المجنون العاشق، المفضوح :
_ نعم ٢٤ ايه، دا انا هبقي عريس..
_ اه يابن ال..
اسرع فارس بالخروج ما أن استمع لسباب يزيد..مردفا بضحك:
_ انا رايح استعد..
*********
بعد ساعات..
استقام فارس كالملسوع، مختطفا تلك التي تجلس أمامه بين ذراعيه، يدور بها بسعاده مفرطه، بعدما انتهي المأذون والقي بجملته الشهيره، الذي لم يجد أي لذة من سماعها من قبل، وكأنها الان منتهي السعادة الذي قد يحظى بها يوم..
_ بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير..
قبل أن يقطع عليهم فرحتهم، صوتها الصارخ:
_ خراب….هلاك…يادي الخراب…العدوين ازاي يبقوا احباب..
_ انتي ….
***********
الفصل الخامس والعشرين
من رواية/
وكأنها عذراء....
أسما السيد
**************
الحبُّ هو ذكاء المسافة ألّا تقترب كثيرًا فتُلغي اللهفة ولا تبتعد طويلًا فتُنسى، ألّا تضع حطبك دفعةً واحدةً في موقد من تُحب أن تُبقيه مشتعلًا بتحريكك الحطب ليس أكثر، دون أن يلمح الآخر يدك المحرّكة لمشاعره ومسار قدره.”
ابتسمت بيلا بسعاده وهي تري سعادة ابن خالها ومعه تلك الفتاة التي تعرفت عليها، لا تعلم لما حن قلبها لها، وكأنها ليست غريبة عنها، نشأت صداقة جميلة بينهم سريعاً، كم سعدت لمعرفتها أنهم سيتشاركون مكان إقامة واحد..
انتشلتها أعين ابراهيم المسلطة عليها من توهانها، فابتسمت تلقائيا ما أن غمز لها بعينيه، خفضت بصرها سريعاً، وعقلها الغبي كالعاده يعيد عليها كيف تزوجا، يخبرها لا تتأملي فزواجكم ليس طبيعياً. شردت ولكنها انتفضت علي ذراعيه التي حاوطهتا بحنو، بينما دني برأسه هامسا بأذنها:
_ تعالي اوريكي حاجة..
لم يترك لها فرصة لأي شيء، لا اعتراض ولا قبول، فجأة وجدت نفسها خلف ذلك الكوخ المقيمين فيه والخاص بفارس بالمزرعه كما اخبروها.
_ ابراهيم…!ايه ده؟ ميصحش نخرج كده؟
ابتسامته وضحكة عيناه تقسم أنها ستظل محفوره بداخلها العمر كله..
ابتسمت تلقائيا من خلف نقابها، الذي رفعه عنها هامسا بصوت حاني:
_ طول ما انتي معايا متخبيش وشك مني يا بيلا، خليني اشوف الغمازتين دول اللي مصممين يخطفو قلبي من غير رحمه..
تلك الحمرة التي كست خديها من بضع كلمات وعيناها التي تحاول اقصائها بعيدا عنه اراحت قلبه، بل يقسم أن ما أراح قلبه تلك السعاده التي رآها علي وجهها سعادة لفارس وتلك الطفله التي تزوجها..
ضحكة خرجت منه مرتفعه جعلتها تنظر له بتعجب لكنه اجاب استغرابها، وهو يجيبها بضحك مجددا:
_ وكأن قدرنا نتجوز اطفال.
_ ابراهيم..!
هتفت اسمه بغضب محبب لقلبة، ولكذته بذراعها بخفة :
_ رخم علي فكره، وبعدين انا مش طفله، وابعد بقي عني، احسنلك ..
دفعت ذراعه الذي حاوطها بها غصبا عنها، واردف بعناد:
_ مش هبعد، وريني هتعملي ايه بقي؟
مرت الدقائق بالعناد، والضحك إلى أن استمعوا لصوت يزيد الصارخ بالحرس:
_ ايه ده، في ايه؟
_ مش عارف، تعالي نشوف في ايه؟
أمسك بيدها يدفعها بخوف، اطمأن من دلوفها للكوخ، ولم ينتبه لتلك اليد التي دفعتها مجددا لخارج الكوخ، حاولت الصراخ، لكنه كمم فاهها، ولم تستطع الصراخ..
_ ششش اهدي، اهدي
**********
" عندما تسامح ، فإنك تطلق سراح سجين ، و تكتشف أنك أنت كنت هذا السجين "
استقام فارس كالملسوع، مختطفا تلك التي تجلس أمامه بين ذراعيه، يدور بها بسعاده مفرطه بعدما انتهي المأذون والقي بجملته الشهيره، الذي لم يجد أي لذة من سماعها من قبل، و الان منتهي السعادة الذي قد يحظى بها يوم..
_ بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير..
قبل أن يقطع عليهم فرحتهم صوتها الصارخ:
_ خراب….هلاك…يادي الخراب…العدوين ازاي يبقوا احباب..
_ انتِ..
انتفض يزيد كالملسوع، وتلقائيا يده تسللت لموضع سلاحه الذي لا يفارق
صراخ جده عليه لم يثنيه عن قراره النابع من غضبه الحارق من تلك السيدة وجه الخراب عليه وسبب كوارثه كلما عادت لمزرعته وحياته..
يزيد، اوعاك ياولدي، الحقوا يا ابراهيم..
صراخ جده لم يوقفه، خرج كالمجنون، يتتبع أثر الصوت الذي اختفي تمامًا كأنه سراب ، ومعه اختفت صاحبته المجنونه ..
هدر بجنون:
_ راحت فين، انتوا يا بهايم عوزكوا تقلبوا عليها المزرعه حته حته..
سيجن، وهو يدور حول نفسه، انقلبت المزرعه رأسا على عقب، ولم يجدوا أثرا لها..
_ يزيد ملهاش أثر، وبعدين انت هتحط عقلك بعقل واحده مجنونه..انت اكيد اتجننت..
هكذا هتف فارس بجديه، بعدما مشطوا المزرعه بأكملها ذهابا وإيابا ولم يجدوها..
لا ينكر أن صوت المراه هذه اخترق صدره، وكأنه رصاصة حيه اوجعته وسبب له خفقة مؤلمخ لكن ما أن استمع انها مريضه عقليا من الحرس، اطمأن قلبه..مؤكد ليست بوعيها وهم ليسوا معتادين علي تلك المواقف بعد، أو ربما آتاهم صراخها كصدمه أخفقت قلوبهم
انتفض فارس على يد يزيد الذي ضرب بها الحائط من خلفه بغضب؛
_ انتو مش فاهمين حاجه، مش فاهمين حاجه، الست دي مش بتيجي المزرعه إلا للخراب
اتسعت أعين فارس، لقد سمع هذه الكلمة من ضرغام قبل دقائق، لا يعلم لما قُبض قلبه، ولكن سرعان ما زفر بحنق..واردف بهدوء:
_ يزيد اهدي أكيد هي مش غبيه لو زي ما بتقول ، يبقى مش هتعمل حاجه وكلنا موجودين مع اني اشك انها تكون بني ادمه طبيعيه..هي اكيد مريضة نفسيا..
ضحكه خبيثه ارتسمت على وجه عنجهية التي تقف وسط الجمع ترتدي النقاب، وتقف بكل ثبات..
عيناها الخبيثتان تلمع كشيطان، الذعر المرسوم علي وجه الشباب الثلاث شفي غليلها قليلًا..كانت تود البقاء أكثر، ولكن مع صياح ابراهيم الجهوري، يأمرهم بالرحيل، والاطمئنان، كانت مضطرة للرحيل لكن فجأة امتدت يد وسحبتها بقوة هادرا بها:
_ فوتي قدامي، بدك تكشفينا اياك..
جزت على أسنانها، و همست بغضب وصل لمسامعه بسهوله:
_ فوتني يابوز الخراب اني حرة..
*******
نظر إبراهيم ليزيد الذي اندفع كالمجنون تجاه قصره بعجب وحيرة من خوفة الظاهر له لاول مره لكن قطع تفكيره بيلا التي اقتربت تمسك بيده، وقد انتبه لخلو المكان أخيرا الا منهما والحرس.
_ ابراهيم..
همست بذعر، وصدرها يعلو ويهبط، وكان أحدهم كان يجري خلفها.
استشعر بروده يدها ، بل ويدها ترتجف بطريقه لا اراديه دبت الرعب لقلبه، بلهفه نظر لعينيها التي اغرورقت بدموعها، والخوف يملؤها
_ بيلا انتي كويسه يا حبيبتي؟ حد عملك حاجه!
لم تستطع الحديث مجددا، انعقد لسانها ككل مرة ينتابها تلك الحاله
صمتها جن جنونه، وقد امتلأت رأسه بكل افكار الكون المؤذيه، أمسك بكتفها يدفعها لتنتبه اليه ببعض الحده:
_ بيلا..بوصيلي..انطقي متسكتيش، حد قربلك، في ايه وصلك لحالتك دي؟
سالت دموعها وظهر بكائها واضحا من تحت نقابها، لكنها لم تكن بحالتها الطبيعيه، جسدها أصبح كقطعة ثلج فجأه، عقلها مشتت، ضائع
_ بيلا..ردي عليا..
كانت هذه آخر كلمات وصلت لاذنها قبل أن تسقط بين ذراعيه جثة هامدة
_ بيلاااااا
********
٢٦
رواية وكأنها عذراء لم يلمسها أحد من قبل
أسما السيد
*********
لم تعُد تسعني الأماكن أو أسعها
لذا..
أُمارس الغياب بكثرة
وأجلس مهزومة وحيدة أنظر للاشيء
فقط أنتظر انقضاء الوقت على أمل أن يأتيني يوم أستشعِر فيه بعض الخِفةوأكون أنا '
ودعتها ساليمه بقبله حانيه بعدما دفعتها ككل ليله لتخرج من محبسها لترى نور الحريه، وجمال المزرعه، وحنان وطيبه اهلها، كانت تخشي ردة فعلهم حينما تخبرهم الحقيقة كاملة، كم ظل هذا الأمر يقلق مضجعها لليالي مخافة من أن تخسر مكان ايوائها، الحادث أفقدها كل شيء حتى تلك الأموال الكثيره التي كانت تعتمد على وجودها معها، كانت تظن أن بهم ستنحل مشكلتها لكن دائما اقدارها مغايرة لرغبتها، زفرت بهم وهي تحاول إقصاء تفكيرها عن ذلك الجزع التي تصل إليه بعد إرهاق شديد من التفكير بكل ما يحدث لها
حاولت تشتيت فكرها وهي تخطو خارج منزل الراوي وسليمة ، تذكرت حكاوي ساجده عن عدنان، وحكاوي ميان ورائف، وحكاية سولاف الجميله الذي حكتها لها ( صبا) وساجده، سمعت حكايات أذهلت عقلها واجملهم حكايه صاحب المزرعه السعيده كما يطلقون عليها، الراوي، كانت تظن أن حكايتها مخزيه، وفكرت مرارا كيف تحكيها، كيف تحكي قصة هي مقتنعه بخطئها الكامل فيها بل هي الجانية على نفسها لكن حينما شجعتها ساجده، وصبا، بحكاياتهم، وجدت نفسها تحكي تلقائياً وحدها. أزاحت عن قلبها ذلك التعب وذلك الثقل الذي تشعر به، أفضت بكل ما يقلقها ويؤرق فكرها، وكم تعجبت من ذلك الهدوء وذلك الانصات والاهتمام بحكايتها التي ظنت انها لن تجده مدى حياتها من بعده في حياتها..
زفرت براحه ، وسرعان ما حمدت الله على أنهم تفهموا اوجاعها وحزنها وندمها، دب الحماس بقلبها ، بعدما تسرب الهواء العليل لكل خليه بها من بعد استنشاق هواء المزرعه النقي ، رائحة الشواء تتسللت لأنفها، لقد بدأت حفلة الشواء التي رفضت دعوت صبا، وساجده عليها .
لقد فقدت شهيتها ولا تعلم لما، باتت تجزع من كل ما يدخل جوفها ، تريد التقيؤ دائما لكنها لا تفعل..
لكنها الآن بكامل شهيتها ، تريد الطعام حقا ، لذا لا بأس من تلبية الدعوه، ولكن لاحقا، بعدما تمر علي أكثر مكان أخذ قلبها ، وسمعت أنه من أحدي العشاق المجانين لحبيبته والتي تود الان وبشده الاستماع لقصتهم ستجعل ساجده تحكي لها عنها بالتأكيد، هنا الحياه الصعبه تهون، هنا الشيء الذي اثقل كاهلها سقط حتي مرارة الفقد التي طالما شعرت بها تحولت لشيء اخر، مزيج من الراحة والرضا
فقط هنا بداخل قلبها دقات باسمه لا تهدأ ما أن دب الحنين بقلبها له، رغم كل محاولاتها بنسيان ذلك العشق البائس، إلا أن كل ركن من تلك المزرعه التي تعج بالحب بلا خوف من اعلانه، ومعرفة الناس به، لا يساعدها ابدا..
الحب لعنه وما اجمل اللعنه لو كان هناك حبيبك يشاطرك مرارته بكل الرحب و السعه.
وقفت علي ذلك الجسر المطل علي بحيره الاسماك ، ككل ليله ، هنا تجد راحتها بمشاهدة الأسماك تحت ضوء القمر، بالأمس شاركتها( صبا) التي أسرتها وشرعت تكمل لها حكايتها الناقصه ، ولم تهدأ ولم تتركها الا وهي تفضي لها بمكنون صدرها..ما اخفته بين السطور وهي تحكي عنه
رغم أنها قد وعدت نفسها بعدم نبش دفاتر الماضي، ونسيان الماضي باكمله وبالأخص نسيانه هو ، لكنها وجدت نفسها تلقائيا تحكي لها عنه، عنه هو بالتحديد، حينها علمت أنه لن يكون مجرد مرحله بحياتها، ولن تستطيع تجاوزه بكل الطرق، سيبقي عشقه البائس معلق داخل حنايا قلبها، البارحه بكت بحرقه داخل احضان صبا التي دعمتها واستمعت لها بكل هدوء، بكت وهي تخبرها بصدق انها تشتاق له، وياليتها لم تتركه وانها حقا نادمه..
ذلك القلب الذي يعاني العطب يريده، يريده دائما حتي لو كانت إرادتها كلها خاطئه، تركتها صبا تبكي، وفاجئتها بتلك الرؤيه التي رأتها لها..
لقد رأت أحداهن تقربها تعطيها زهرة جميله اللون تطلب منها أن تعطيها لها حينها ضحكت وهي تتمني حقا أن يأتي أحدهم ويعطيها زهره، بدلت الحلم لضحكه علي نفسها، لكن صبا عادت واخبرتها أن هناك شيئاً جميلا سيحدث لها وقريبا جدا..
تمنت بقلبها أن يكون هو، أن تراه، أن تغفو وتستفيق وتجد كل ماحدث لها مجرد كابوس، وأنها مازالت بين ذراعيه التي كانت تجد به ضالتها، أن يعود ويكبلها بقيده ويفرض سيطرته الكامله عليها انها حقا تشتاق الية حتي وإن كانت علي يقين بأنه جلادها..كم هو مؤلم هذا الحب، وكم مخزي أن تشعر وانك لا تستطيع حتى الاستغناء عن من يقتلك وجودك بجانبه…
ابتسمت بتهكم وهي تجبر نفسها على الانصات لحكاوي صبا، وتلك الخطوات التي تشجعها على القدوم اليها لتتبدل شخصيتها تماما، تلك الفتاه بها هالة عجيبة، رغم جنونها، وشغفها للحياه الذي ابهرها ، ولكنها ما أن علمت اصلها علمت السبب، أنهم الغجر منبع البهجه، والحب، والامل، كما كانت تسمع من والدتها قديما، وعلى ذكر والدتها تنهدت بحزن، وبداخلها ذات السؤال الذي تسأله لنفسها وعلى الدوام و يؤلم قلبها:
( لما تركتهم هكذا بلا وداع هكذا
.؟ الم يحن قلبها لها يوم، هل ماتت؟! ليتها تكن ميتة، ولم تتركها)
سقطت دمعه من عيناها خانتها لتسقط، وهي من قضت الايام السابقه تدرب نفسها على عدم البكاء..تخبر نفسها أن الماضي مات وهي ابنة اليوم..كما أخبرتها الخاله ساليمه..
وعلي ذكر الخاله ساليمه تذكرت الراوي، ذلك الرجل الذي استشعرت منه حنو أول مره بحياتها تشعر به، حنو يجعلها تريد البكاء، كم كانت تفتقد ذلك الحنو، رغم أن مجد كان يجيد اعطائها كل شيء، لا تنكر ذلك، وان أنكرت تكون جاحده، كاذبه، لكن ذلك الرجل يعطيها حنو من نوع اخر، حنو ابوي كانت دائما تتمنى لو تحظي به..
كم هي غريبه، عجيبه ، تلك الحياه، وكم هو غير متوقع القدر، بالماضي القريب كانت هاربه بلا وجهه، حتي بهروبها من كل شيء لم يرحمها القدر، والتهمت النيران القطار، كم كانت مستسلمه لقدرها، يائسه، لكن حقا أنه الرب، من أراد أن يلقنها الدرس، كي يخبرها أن مشيئة الرب دوما فوق ما يريده العبد، لتجد من يدفعها وكأنه يدفعها من غيابت الجب، لأرض النور والحب، والايمان..
لقد صدق قوله تعالى:
( وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم ، وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر والله يعلم وأنتم لا تعلمون)
تمتمت بالحمد، وما أن استدارت لتعود تفاجأت بمن وضع يده علي كتفها بحنو:
_ ساليمه قالتلي اني هلاقيكي اهنه
_ جدي..
ابتسم الراوي بحنو، وهو يرفع يده يربت علي رأسها الذي انزلق عنه حجابه
_ احلي جدي سمعتها منك يا بتي.
هل يجاملها، كيف ستكون الاجمل وهناك من هم اجمل ينادونه..أبناء صبا وساجده، ومؤكد اولاد سولاف وغيرهم.
وكأنه فهم ما يدور بعقلها، هتف بوجه بشوش:
_ فكرك هضحك عليكي اني، جد احلي جدي سمعتها منيكي، فكرك الابالسه اللي عم ينادموا عليا بجدي دي هيكونوا هاديين اكده، لاااه دا بييجي وراها طلبات ياما كتير، احلف عمري ما سمعتها منيهم الا وهما عم يتناقروا كيف التيران!
ضحكت من قلبها، وهي تري ذلك الجانب التي حكت لها عنه صبا جانب آخر من رجل أحبته بصدق ، وخشت من قراره بعد أن يعرف قصتها
فجأة تلاشت ضحكاتها ودب الخوف والرعب قلبها، من ان يكون اتي ليخبرها أن ترحل من هنا، ومن العالم الجميل الذي دخلته هنا
لكن الرب كالعاده يخلف ظنونها، والراوي يخبرها؛
_ كل اللي مروا من أهنه قبلك واولهم العبد لله كسره الحب، ووجع قلبه ، وشافوا عذاب ما بعده عذاب، تعرفي أن العاشق اللي بني الجسر ده، حكايته كيف حكايتك
انتبهت له كليا، واردفت بفضول:
_ بجد..!ازاي؟
_هحكيلك..
*********
"دائمًا بخير، حتى في حال التلاشي والذبول أو في غمرة الأسى، إنني ذلك الذي يعرف جيدًا كيف ينجو لكثرة ما اعتاد الوقوف وحيدًا دونما يدٍ أو حائط.."
#مقتبس
بقلب هلع خطف يزيد الدرجات ليصل لجناحه، حيث تركها غارقه بالنعاس، اندفع الغرفه باحثا عنها بعينه، جل ما يخشاه أن يكون ذلك المجنون قد عاد مجدداً وفعل ما فعل من أجل أن يصل لها، اللعنه كيف لم يخطر علي عقله كل هذا
الان فقط بدأ عقله بربط الخيوط مع بعضها، قلبه ينبض برعب حقيقي ان يكون تأخر بخلاصها
فجأة دارت الأرض به، وكاد يسقط واتسعت عيناه وهوي قلبه بقدميه ما أن وقعت عيناه على الفراش الخاوي منها، حيث تركها، لم يشعر بنفسه، و ..
صرخته باسمها قد زلزلت المكان..وهو يبحث هنا، وهنا، بجنون دفع باب الحمام وهو مازال يصرخ باسمها
_ ليليا…ليليا
ولكن فجأة سكن كل شيء، وصمت، قلبه فقط من يدق بعنف، يكاد يمزق صدره، بعدما وقعت عيناه عليها ..
_ ليليا..
همس بصوت لم يخرج من حنجرته باسمها وفجأة ..
هدأت نبرته ما إن وقعت عيناه عليها ، ووعي لهيئتها ،
ويبدو أنها قد قررت أن لا ترحمه، وهي تستدير وتنظر له بصدمه، وعجب من صراخه، كانت وكأنها ليست علي ما يرام، أو هو من أكل صدمه كهربائيه جننته
ظل ثابتا امامها رغم أن رؤيتها بتلك الهيئة المهلكة زلزلته حرفيا، انها حتي لم تحاول اخفاء جسدها الظاهر من تحت غلالة نومها القصيره المغريه هذه ، فقط ترفع يداها تحاول بفشل ابعاد شعرها المنهمر على عينيها كي تستطيع الرؤيه، تتمايل يمينا ويساراً، بينما تحاول الثبات وترفع اصبعها يبدو أنها تريد أن تعنفه، أو هكذا ظن، تحاول أن تقاوم دوراها، تحاول تثبيت عيناها الزائغة من أثر المهديء الذي يبدو مازال أثره يسري بجسدها..
خرج أخيرا صوتها، باندهاش؛
_ في ايه؟..انت ازاي تدخل عليا كده ياجدع انت، وبتصرخ ليه كده، اف..الواحد مش عارف ياخد راحته
ألقت كلماتها الاخيره، وهي تلقي بشعرها بغضب طفولي للخلف
اتسعت عيناه ذهولا من حديثها وطريقتها المختلفه كليا وتفصيليا، أنها تبدو كمن يترنح من اثر الخمر
ابتلع ريقه بصعوبه، يحاول ابعاد عيناه عنها، يحاول الثبات، لكنها لا تساعده .
استدارت بكل سلام نفسي، تغسل وجهها الذي ينصع بالحمره..ومنه تسللت يديها لعنقها تنثر المياه البارده علي جسدها العاري
كادت قدماه تخونه، ويقترب منها، لولا استدارتها باتجاه وقفته، مردفه بفم قوسته للأسفل كالاطفال وهي ترفع يدها تتحسس بها خديها
_ هو أنا سخنه ولا ايه؟؟
انت عملت فيا ايه يا اسمك ايه انت؟
ازدادت عيناه اتساعا، وتدلي فكه أكثر وهتف بصدمه، وهو يشير علي نفسه,:
_ انا …
_ ايوه انت.. هو في غيرك، بينما خفضت صوتها وتمتمت بما صابه بالصدمه:
_ داهيه تاخد امك العقربه..
يقسم أنه سيصاب بانفرط منها، اتسعت عيناه، وهو يحاول تكذيب ما سمعه بأذنه
همس بصدمه حقيقيه:
_ ليليا، انتي قولتي ايه؟
رفعت كتفيها ببراءه، واردفت :
_ مقولتش
اقتربت منه، وهو مازال واقفا يراقب باندهاش اقترابها الذي يقسم أنه لولا أنه يعرف حالتها الصحية، لاعتقد انها تغريه تلك الماكرة
تتمايل كمن تمشي علي اللهب، قدميها عاريتان بلا حذاء،
مبللتان تلتصق بأرضية الحمام كلما تقدمت ،مصدره صوت وقعه علي قلبه افضل من موسيقي عمر خيرت التي يعشقها..
ما أن اقتربت منه وهو مازال واقفا علي مدخل الحمام، رفعت وجهها ونظرت له بذات النظره الساخطه علي شيء لا يعرفه، كاد يفقد صوابه من نظرتها، وامتدت يده بالفعل كي يحاوطها ، يحاوط بيديه تلك الجنية التي خرجت له من حكاوي الأساطير الذي طالما قرء عنها، يبدو أنها خرجت من احداهن كي تقلب عالمه واللعنة عليه إن لم يفعل ما يريده قلبه
لكن فجأة جاءه صوت ام السعد من خلفهم تريد الاطمئنان عليها
وما أن وقعت عيناها عليهم، استدارت بخجل ولم تدعه يتحدث، استدارت لتخرج بخجل، ولكنها فجأة وقفت متسعة العينين، ما أن استمعت لصوت ليليا التي التصقت بيزيد ومدت يدها ببراءة تمسك مسدسه وتجبره كي يتركه من يده، بعدما توسلته بعينيها التي أطلقت سهامها عليه
_ الله، مسدس، انا كان نفسي أمسك مسدس حقيقي من زمان يا اسمك ايه انت..
اتسعت عيننا ام السعد ما أن وقعت عيناها علي ما ترتديه ليليا، وغلت الدماء بعروقه غيرةً عليها، وتلك المجنونه لا تساعده ، صرخ بام السعد التي هرولت خارج الغرفة بل خارج الجناح بأكمله وهي تمصمص شفتيها وتضحك عليهم، وهي تفكر بوقاحه هل استمعت أخيرا تلك المجنونه لنصائحها
كم تتمني من قلبها أن يتم المراد، ويقر عينها برؤية ا بناء ذلك القاسي المتعجرف، ضحكت مجددا، وهي تتوعده بداخله وتتوعدها حتي وان لم يحدث الان فستفكر بخطه أخري تنجح مسعاها بالتأكيد كي تستطيع تلك الطفله إثبات نفسها، وتأخذ حقها من تلك اللعينه والدته، وشقيقته، وتفسد مسعاهم التي استمعت له، فقط لتفيق تلك المخبوله كما تطلق عليها
ضحكت ببراءه:
_ كتك خيبه ياليليا لازم اعيد الدرس تاني عليكي .
كاد يرحل خلف ام السعد وهو يستغفر ربه، لما وصل إليه عقله، لولا يد ليليا التي جذبته من ياقته، وامتدت لتتحسس بيديها ثيابه العسكريه، التي ارتداها قبل كتب الكتاب استعدادا للرحيل بعد الاطمئنان عليها، لكن..ماذا يحدث معها..؟؟
ابتسمت وهي تنظر له بنظرة أضاعت ما تبقي منه من ثبات..وكاد ينهار امامها، لولا رأسها التي سقطت علي صدره فجأه، وهي تتمتم بتوهان
_ انا حرانه اوي اوف، وعاوزه انام، عاوزه انام كتييير اوي، مين الغبي اللي صحاني
اتسعت عيناه، وهي تمسك بثيابه كطفله تخشي ضياع والدها، وسرعان ما استمع لصوت تنفسها الهادئ، وانفجر ضاحكاً عليها وعلي حاله معها
_ طفله ياربي، بقي اخر المتمه نصيبي يوقعني بطفله، اه ياشماتة ولاد البدري فيا..
_ نامي ياليليا نامي ياحبيبتي،
حملها بحنو، ووضعها بالفراش، غمر وجهها بقبلات حارة مستغلا وضعها، ودثرها جيداً
نظر لوجهها، يتأملها بحب، وكأنها شعرت به، تمتمت باسمه
_ يزيد..
_ نعم يا وردتي..أخيرا افتكرتي اسمي
_ انااا
_ انت ِ ايه..ايه بس يا ناري وجنتي
_ بردانه
كانت هذه اخر ما لفظت به، قبل أن تغط مجددا بثبات عميق، جعله يسب ذلك الطبيب بسره، يبدو أن الغبي زاد من جرعة المهديء، وهذا نتيجة تأثيره عليها ،كان يتمني وداعها وكان يُمني نفسه باستيقاظها قبل رحيله، لكن يبدو أن لا أمل..
، صوت صراخ ابراهيم جعله ينتفض من مكانه ملقيا نظره اخيره عليها، ويهبط مجدداً
ويبدو أن المغامره بمزرعته لم تنتهي بعد
_ في ايه؟..
يكفينا أن نشعُر بأننا
فيّ المكان الصحيح دائمًا
أن نشعُر بأن مانُسقيه يُثمر طيبًا
ليعُود إلينا فيمَا بعَد .
تكملة الرواية حتى الفصل الثلاثون من هنا
بداية الروايه من هنا الفصل الاول حتى الفصل العاشر
🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹
ادخلوا بسرعه حملوه وخلوه علي موبيلاتكم من هنا 👇👇👇
وكمان اروع الروايات هنا 👇
انضموا معنا على تليجرام ليصلكم اشعار بالروايات فور نزولها من هنااااااااا
🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺
تعليقات
إرسال تعليق