ملاك قلبي البارت الرابع بقلم رغده حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج
في غرفة الولاده كان الألم قد تمكن منها وهي تصرخ وتحاول باقسى طاقتها تنفيذ كلام الطبيبة لتخرج طفلتها للحياة
اما هو فكان يقف بالخارج يتضرع لله ان ينجي زوجته وطفلته
مرت اكثر من ساعتين ليستمع لصرخات متتالية تبعها صوت بكاء مولودته الصغيره
خر ساجدا يحمد الله والفرحة تغمره ولكن ركض طبيب ومعه ممرضات اثنتين انتزع فرحته وبث هاجس الخوف بقلبه
بحث كثيرا عن أي أحد يعطيه معلومه ولكن كل من يخرج من الغرفة ويدخلها يكون مستعجلا
خرجت الطبيبة النسائيه وهي تمسح حبات العرق عن صفحة وجهها فباغتها بسؤاله وقاء مراتي عامله ايه ابتسمت قليلا و قالت : حمدلله على سلامة مدام وفاء اطمن هي كويسه وبعد شوية هندخلها اوضه عاديه
مسح وجهه بكفيه وقال الحمد لله الحمد لله
توترت قليلا ليقول : البنت جرالها حاجة ؟؟
الطبيبة : بالحقيقة البنت عندها مشكله ، شوية ودكتور الأطفال هيخرج ويشرحلك الوضع
وقبل ان يسالها عن شيء هرولت من أمامه ليبقى وحده يصارع أفكاره إلى أن فتح باب الغرفة للمرة الثانية ويخرج الطبيب الاخر يقف امامه والممرضتان يجران سرير الطفله وهي محاطة بإسلاك كثيرة تكاد لا ترى من ضآلة حجمها
شيعتها عيونه وخانته قدماه ان يركض خلفها ليقول الطبيب بمهنية تامه : الطفلة عندها مشكله بالقلب ، بالوقت الحالي هتخضع لفحوصات اكتر ويشوفها طبيب القلب عشان نقدر نحدد المشكله ايه بالظبط ونتصرف بعدها ، يا ريت بعد ما تطمن عالمدام تنزل المحاسبه عشان الطفله هتدخل الحضانه
دقائق قليله وخرجت زوجته وجهها شاحب آثار البكاء واضحا على وجنتيها عينيها حمراء من كثرة البكاء وما أن رآها حتى سار بجانبها وامسك يدها لتجهش بالبكاء ثانية وهو يشاركها بكاءها والمها
مضت بضعة أعوام عليهم وكأنها دهر بأكمله لم يتركا طبيب قلب الا استشاراه وكلهم أجمعوا على نفس الرأي
الفتاة تعاني من الورم الليفي القلبي وهو ورم على عضلة القلب بل في المنطقه الداخليه للقلب بالوقت الحالي لن تؤثر على حياتها ولكن كلما تقدمت بالعمر ستكبر هذه الكتله حتى تصبح عائقا لضخ الدماء وعبئا على العضلة ذاتها ولذلك لن يتمكن القلب وقتها من القيام بوظيفته الطبيعيه ولذلك يجب إزالتها بعد النضوج ليتحمل القلب عملية كبيرة كهذه
وأشار عليهم الاطباء بعدم اجهادها واعطائها بعض المقويات فقط فحالتها ليست مرض بأعراض وعليهم محاربته بالمضادات الحيويه وغيرها
توقف هادي عن البحث والسعي فكل ما يملك من مال قد تم صرفه على الزيارات الطبيه والكشوفات وصور الاشعة والرنين وكل ذلك دون فائده فقرر أن يدخر كل ما يستطيع ليحين وقت مواجهة الصعاب وخضوعها للعمليه
بعد عشرين سنة
كانت تذرع الغرفة ذهابا وايابا وهي تقول بغضب : انتو بتعملوا كده ليه ها فهميني
وفاء بخوف عليها يا بنتي اهدي واقعدي بلاش تتعبي
سما : اتعب ؟؟ ده انتو الي تاعبين قلبي كل حاجة عاوزة اعملها لا لا لا من وانا صغيرة مانعيني اخرج واجري والعب حتى المدرسه مروحتهاش وكنتو تجيبولي المدرسين للبيت ليه كل ده فهميني انا معدتش صغيره واكيد في حاجة انتو مش بتقولوها
وفاء بحنان بالغ : يا حبيبتي ان مكناش نخاف على ضنانا هنخاف على مين ؟
سما : وهو يعني كل العيال ملهمش اهل يخافوا عليهم
لم تدري وفاء بماذا تجيبها فها هي ابنتها تكبر سنة بعد أخرى امام عينيها عاجزة عن توفير المال لتخضع لعملية قد تنقذ حياتها وتعيش بهناء وراحة كغيرها ولكن ما باليد حيلة
أطلقت تنهيدة وخرجت من غرفة ابنتها وهي تعلم أن الموضوع لم ينتهي ولن ينتهي الا بمعرفتها بذلك السر الذي يخفونه عنها
في ورشة لتصليح السيارات كان هادي ينهي عمله بأحد السيارات ليرن هاتفته باسم زوجته
مسح كفيه وفتح المكالمه وقبل ان يتكلم سمع صوت بكاء زوجته المكتوم ليشعر ان قلبه على وشك التوقف ليصرخ بهلع : وفاء سما جرالها حاجة
وفاء من بين دموعها : لا يا هادي بس انا قلبي وجعني عليها وهي زعلانه اوي مننا
اخذ هادي نفسا عميقا وهو يضع يده على قلبه الذي كان ينخلع من مكانه ويقول بهمس متعب : وبعدهالك يا وفاء هنفضل كده لحد امتى ، لازم تتماسكي شوية وبلاش ضعف انا واثق بربنا اوي وعارف انه هيحلها من عنده
في احد اروقة المستشفيات كانت خطواته الثابته بوتيرة واحده هي كل ما يسمع بها الى أن فتح باب غرفة العمليات التي كانت مكتظة بالاطباء وطاقم التمريض وحشد لا بأس به من المتدربين تحت اشرافه وآلات التصوير المثبتة لبث العملية لباقي الطلبه والمتدربين
وصوت الآلات الطبيه عاليا ينبئ عن الوضع الخطير لهذا المريض الممدد على الطاوله و الذي يبدو أنه سيفارق الدنيا خلال لحظات بسيطه
ارتدى مريوله الطبي وكمامته وقفازيه بمساعدة الممرض واقترب من الطاوله ومد يده ليستلم المشرط ويبدأ بشق صدر المريض بيد ثابته وعينين حادة كعيني الصقر
وبعد تسع ساعات متواصلة انتهت العمليه مكللة بالنجاح ليبارك الاطباء لهذا الطبيب الذي نال شهرة واسعة بعالم الطب رغم سنه الصغير وملامحه البريئة التي لا تدل ابدا على انه طبيب خبير يقتدي به الكثيرين وتدرس نظرياته للمتدربين بالمشافي بل ان كافة عملياته يتم تصويرها وتدريسها للطلبة وحديثي التخرج
كانت الأيام تمر على هادي وزوجته كمرور سكين حاد على قلوبهم فها هي قد كبرت وحان الوقت لمصارحتها بل وتوفير المال لعمليتها ولكن بأي قلب سيخبرونها وهم يخافون احزانها
في منزل وردة وابنها عاصم
وردة : تصدق يا واد ، انا هموت واشوفهم ومش مصدقه انك قدرت تجيب عنوانهم بالسرعة دي
عاصم : يا ماما ارجوكي بطلي تقوليلي واد خصوصا قدام الناس ، ده انا بقيت دكتور وليا مكانتي برضه
ورده بضحك : مكانتك ايه يا واد انت هتسكتبر على امك
عاصم : يا لهوي هي وصلت لأمك 😱😱 امشي يا ماما امشي الوقت هيتأخر ، وانا اصلا مش فاهم ازاي هتروحي تزوري حد من غير ميعاد
ورده : يووووه يا واد هو انت فاكر ان هنا زي بلاد برة ، ده انا ما صدقت رجعت لبلدي وأهلي وناسي ، للناس الطيبه الي فاتحه بيوتها لأي حد وبأي وقت ، للناس الي عمرها ما تنسى العشرة ولا يهون عليها العيش والملح ، البت وفاء دي الي هنروحلها دي كانت جارتي من واحنا أطفال وكبرنا سوا ودخلنا نفس المدرسه لحد ما كبرنا وهي اتخطبت وانا اتجوزت وسافرت مع المرحوم
عاصم : وتفتكري يا ماما هتكون هي كمان فاكراكي؟
وفاء بعينين لامعه: هتشوف بعينك انها هتعرفني ،ده انت هتحبها اوي اوي
ابتسم عاصم لسعادة والدته التي عادت بعد سنة كاملة من الحزن لوفاة والده ، فمنذ رحل والحزن لم يفارقها الا بعد ان عادوا إلى هنا وها هي سعيدة الان ومتشوقة لهذا اللقاء ولكنه أيضا خائف الا تذكرها صديقتها او ان تجرحها حتى لو كان دون قصد
وصلت سيارة عاصم أسفل البناية وولجوا لها ثم وصلوا لشقة هادي وقبل ان تطرق الباب امسك عاصم يدها
وقال : ماما ليا رجاء عندك بلاش تقعدي تمدحي بيا وتقوليلهم السيرة الذاتيه ولا بشتغل ايه انا مبحبش الوضع الي بيتحول من صداقه او معرفة لاستغلال
رمقته وردة بغضب و طرقت عدة طرقات مصحوبة بضغط اصبعها على جرس المنزل ليشعر عاصم بالخجل من تصرفات والدته التي أصبحت كتصرفات الأطفال
أسرعت سما لفتخ الباب وهي تقول : يلا يلا ايدك ياللي بتخبط ،هو انتو فاكريني قاعدة قدام الباب
نظرت لها وردة بسعادة وهي ترى نسخة مصغرة من وفاء لتحتضنها وتقبل وجنتها: اللهم بارك وما شاء الله ، ده انتي وفاء الصغيرة
كانت سما كاللعبه بين يديها وهي تلفها يمين ويسار وتدقق بملامحها ولم ينقذها سوا صوت والدتها : مين الي جه يا سما
وما أن رأت وردة حتى عادت لها ذكرياتهما لتحتضنا بعض غير مصدقتبن ان الله قد جمع بينهما ثانية بعد كل هذه السنوات
بعد أكثر من ربع ساعه وهما على نفس وضعهما ليحمحم عاصم ويقول ماما احنا هنفضل كده على باب الشقه كتير
ضحكت والدته من بين شهقاتها وهزت رأسها
نظرت له وفاء وهي تمسح بكف يدها وجهها المبتل بالدموع نظرة تفصيلية من اعلى رأسه لاخمص قدميه وقالت اللهم بارك ، الواد ده ابنك يا بت يا وردة
ازدادت ضحكت وردة وهي تنظر له وهو متسمر مكانه حين لقبته ب واد وقد تيقن ان الهاتين السيدتين سوف يكونان كارثة وبلاء على راسه
ولم يخرجه من وضعه الا ضحكة سما التي لاحظت ملامحة الممتعضه ليبتسم لها وهو يحرك خصلات شعره بيده
بعد عدة ساعات أظلمت السماء ليهمس عاصم لوالدته : ماما الوقت اتأخر يلا نمشي
نظرت ورده لساعة يدها وقالت : يا لهوي احنا فعلا الوقت سرقنا ولازم نمشي
وفاء : تمشي ازاي يعني ده لسا الوقت بدري
عاصم : احنا لازم نمشي يا طنط وان شاء الله هجيب ماما تاني تقضي يوم معاكي
وردة : ايوة طيعا هجيلك يوم من الصبح او نخرج مع بعض وانتي كمان هتجيلي وتجيبي معاكي العروسه القمر سما
بعد أن غادروا كانت كل منهما تشعر بسعادة غامرة لكل الذكريات التي نبشت من الماضي بكل ما تحمل من جمال شقاوة الطفوله وينبوع مرح الشباب
دلفت سما لغرفتها وهي تفكر بهذه الصداقه المتينه التي بقيت لسنوات طوال وبقي رونقها برغم سنوات طوال. من الغربة والفراق ونعت نفسها لفقدانها هذه العلاقه فشعرت بحنق اتجاه والديها
اوصل عاصم والدته للمنزل وهو يشعر بألم يدق رأسه بسبب كلام والدته المتواصل عن صديقتها والتي لم تتوقف إلا بعد أن أخبرها أنه مضطر لتركها والتوجه للعمل
وصل المشفى وسريعا اتجه لمكتب صديقه المقرب عدي فألقى التحيه وجلس على الكرسي المقابل له وهو يمسد جبينه ليساله عدي عن حاله
عدي : مالك يا عاصم شكلك مرهق
عاصم : مرهق بس !! ده انا دماغي هتنفجر
عدي : حصل ايه لكل ده
اخذ عاصم يقص عليه تفاصيل الزيارة وعدي يستمع له والإبتسامة لا تفارق وجهه فهو يعرف شخصية والدة عاصم والتي عاشت سنوات طويله بالولايات المتحدة ورغم ذلك لم تتغير ولم تتأثر بعادات الغرب بل تمسكت بشخصيتها وعفويتها وطيبة قلبها التي تميز الشعوب العربيه عن غيرها خاصة الشعب المصري
عدي : وده الي مدايقك ؟ يا اخي نفسي افهم انت ليه مش زي طنط وفاء ، دايما قافل على نفسك ومش بنحب الاختلاط والاخد والعطى
عاصم : تصدق. يا عدي انا ساعات كتير بحس انك ابنها وانا جايبني من الملجأ
ضحك عدي حتى ظهرت غمازتيه وقال : لا يا حبيبي احنا لقيناك على طرف الطريق اصل الملجأ متحملش تقل دمك
زفر عاصم وهو ينهض وقال : انا هروح استلم الشيفت بتاعي ، ثم نظر له واردف : انت مش هتروح ؟؟
عدي : لا مش هروح هتابع الحالة الي معايا ، الطفل وضعه لسا مستقرش ومش هخاطر اني اروح وتحصل عنده اي مضاعفات
قال عاصم بنهكم: مش هتخاطر ، ده انت واخد شقتك جنب المستشفى يعني خمس دقائق وتكون هنا
عدي : الحالات الي زي دي الخمس دقائق دول ببفرقوا معاهم وبتكون مسألة حياة أو موت
خرج عاصم ليباشر عمله بقسم الاطفال وترك عدي يكمل عمله
في منزل هادي تلقت وفاء اتصال من إحدى الجارات التي تعتبرها ثرثارة جدا
تنهدت وفاء وأجابت : السلام عليكم
مروة : وعليكم السلام ازيك يا ام سما
وفاء : الحمد لله بخير ، انتي عامله ايه
مروة : الحمد لله يا حبيبتي ، ازاي سما
وفاء : الحمد لله كويسه
مروة : بقولك يا فوفا ، في وحده صاحبتي بتدور على عروس لابنها وانا اول ما عرفت قلت مفيش الا البنت سما اصل العريس بسم الله متريش وعنده شقه وعربيه ، اصل بسلامته كان مسافر الخليج ومعاه فلوس على قلبه قد كده ، انا لو مجوزتش البنتين الي حيلتي كنت مضيعتوش من تحت ايدي
زفرت وفاء وقالت بصبر : بصي يا مروة ابو سما مش عاوز يجوزها ، البنت لسا صغيره على انها تحمل هم بيت وجواز
مروة : صغيره ايه بس دي عندها عشرين سنه والي قدها عندهم عيلين ، ده انا بناتي جوزتهم وهما اصغر من سما وانتي عارفه الكلام ده ، وبعدين هي سما بنته لوحده ، اومال فين تأثيرك عليه ، بصي انتي اتلحلحي كد٨ وشوية كلام حلو وتقنعيه ، الراجل ده مش لازم يروح لحد تاني ده قيمه وسيمه
نال الغضب من وفاء مبتغاه لتقول بغضب : بصي يا مروة بنتي ومش هجوزها ومتجيش تقوليلي كل شويه في عريس ، الموضوع ده تقفلي عليه خالص
استمعت مروة لوفاء وهي مذبهله من كلامها فقامت بإغلاق الهاتف بغضب وهي تقسم أنها لن تسعى لها بالزواج مرة أخرى ولتبقى في بيت والدها حتى تصبح عانس ولا تجد زوج لها
كانت سما تقف خلف والدتها واستمعت للمكالمه بأكملها وما أن انتهت المحادثه حتى قالت بحنق : بس انا عاوزة اتجوز وأخرج من الحبس الي انتو معيشيني فيه ده
توسعت مقلتي وفاء وقالت : يا مصيبتي انتي بتتنصتي عليا
سما : لا مش بتنصت انا كنت جايه اقولك بابا بيندهلك فسمعتك وانتي بتقطعي بنصيبي للمرة الي معرفش عددها كام ، انهمرت دموع سما وهي تكمل : هو انا مش بنتكم ؟؟ ليه مش عاوزيني افرح ، مستكترين عليا اعيش زي غيري ، لا عمري دخلت مدارس ولا كان ليا صحاب واهو حتى الجواز بترفضوا من غير ما تشوفوا العريس ولا تاخدوا رايي
ليه مفيش عندي صديقه زي طنط ورده تفتكري كان شعوري ايه وانتو بتفتكروا كل ذكرياتكم دي ، ده انا قلبي وجعني عشان مفيش عندي ولو صاحبه وحده ولا حتى زميله بمدرسه ولا جامعه ، حرام عليكم بقا
الي بتعملوه ده حرااااام ، قالت اخر كلماتها وجرت إلى غرفتها تغلق على نفسها وتبكي بقهر على حالها
جلس هادي أرضا واضعا رأسه بين كفيه يبكي على حال ابنته ، كم من مره حاول أن يصارحها ولكنه يشعر أن قلبه سينقسم لنصفين أن أخبرها أنها تعاني من حالة نادرة بقلبها ولا تصلح أن تكون زوجة بل إنها تحتاج إلى عملية باهظة الثمن لا يستطيع تأمينه لها لتحيا حياة طبيعية وليس هذا فحسب بل إن العمليه صعبة ولا يوجد طبيب مؤهل لمثل هذه العمليه هنا ويحتاج أن تسافر الى بلد آخر لاجرائها
جلست زوجته بجانبه واحتضنته لتشاركه بكاءه دون أن تنبس ببنت كلمة واحده ، فلا كلام سيخفف وطأة ما هم به
مر الليل طويل جدا عليهم كل في ملكوته يغرق فالافكلر والٱلام أطاحت بقلوبهم
مرت الايام ثقالا في منزل هادي ف سما ترفض الحديث مع والديها وتنعزل بغرفتها أكثر الوقت ولا تأكل الا بضع لقيمات لتسد جوعها حتى أنها تأكل وحيده ولا تشارك والديها اي وجبة
منذ تلك المواجهة من سما ووفاء تشعر بألم يغزوا قلبها وكلما أدت فرضها دعت الله أن ينجي ابنتها مما ألم بها
وفي يوم جاء اتصال من ورده تدعوا به وفاء وسما وهادي لقضاء يوم برفقتهم حاولت وفاء التملص من الدعوة ولكن ورده أصرت عليهم وحددت الموعد واخبرتها أن عاصم سيأتي لاصطحابهم
ودعت أيضا عدي ليشاركهم هذا اليوم المميز ، فهو منذ عودته من الخارج لم يأتي لزيارتها متعللا بذلك أن عمله يأخذ كل وقته ، وبما أن وردة لا تقبل الرفض انصاع لها ووعدها بالحضور
في صباح ذلك اليوم استيقظت وردة بنشاط كبير وسعادة وبدأت بصنع اصناف كثيرة من الطعام وقبل الظهيره كانت قد أنجزت معظم الطعام ولم يتبق الا القليل فاسرعت لتبديل ثيابها وتجهيز السفره وتأكدت أن كل امورها على أكمل وجه وعادت للمطبخ لتتأكد من جاهزية وجبة الغداء
وصل عاصم لمنزل هادي واستقبل هادي وزوجته وسما واخذهم واتجه لمنزله وهو يتبادل اطراف الحديث مع هادي متغاضيا عن ملامح سما الممتعضه وكأنها مرغمه على القدوم ،وصل عاصم واستقبلت ورده وفاء بالاحضان والابتسامه الواسعه المرتسمه على وجهها ، برغم سعادة وفاء الا انها كانت تشعر بغصة لجرح مشاعر سما واحساس النقص الذي كبر داخلها
بعد أقل من ساعه وصل عدي وما أن رأته وردة حتى زادت اشراقة وجهها واحتضنته بحب فهي تعتبره ابنها الاخر الذي لم تلده فهو منذ سنوات طويله برفقة ابنها ولا يفترقان ابدا
بادلها عدي الاحضان وقبل يدها بحب وقال : وحشتيني يا وردتي
وردة : وانت اكتر يا حبيبي ، كده اهون عليك بقالك ييجي شهر نازل هنا ومشوفكش
عدي : حقك عليا يا غاليه بس والله مشغول اوي بالمستشفى
وردة : ربنا يقويك يا حبيبي ويوسع رزقك ويرزقك ببنت الحلال الي تسر قلبك وخاطرك
قبل عدي يدها ثانيه وقال : اهي الدعوة دي بالدنيا كلها يا حبيبتي
قاطعهم عاصم وهو يخرج عليهم ويقول : مش هنخلص من وصلة العشق الممنوع ده
لكزه عدي في كتفه وقال : اتلم وملكاش دعوة بيني انا ووردتي
رفع عاصم يديه بالهواء وقال : علم وينفذ يا باشا
بعد قليل كانوا على طاولة السفرة يتناولون وجبة الغداء
لاحظ عدي شرود سما المستمر وذلك الشحوب المصاحب لملامحها وكأنها تخفي خلف عينيها الما كبيرا
وكان هادي رغم حفاظه على كياسته ومشاركتهم حوارهم الا أن نظراته كانت تخونه نحو ابنته يرمقها بحزن وشفقه
بعد أن انتهوا من الطعام وجلسوا سويا حاول عدي ان يتحدث مع سما ولكنه وجد من نحوها صد غريب تجيب ببرود وكأن لا روح فيها وبرغم ذلك شده هدوئها وملامحها الجميله الهادئة واعجب بشخصية هادي وافتخاره بعمله البسيط حيث أنه لا يشعر بالخجل منه أما بالنسبة ل وفاء فهي قد أخذت الحيز الأكبر من إعجابه فهي شخصيه واضحة بسيطه مرحة جذبه حبها ل وردة وشبهها الشديد لشخصيتها وكأنهما توأمين متطابقين ليس شكلا ولكن مضمونا
مرت ايام اخر وزاد احساس الحزن بداخل سما لدرجة أنها أصبحت تشعر بألم حقيقي يغزو قلبها وما كان تفسيرها إلا أنه اثار حزنها الشديد ولذلك لم تخبر أحد بذلك
تكررت الزيارات بين العائلينين وعرف هادي أن عدي وعاصم أطباء ولكنه لم يسأل يوما عن تخصصهما
زاد اعجاب عدي بسما والتزامها وزاد فضوله للتقرب منها وغزو قوقعتها وكأنها لغز أمامه يعجز عن حله ولكنه مصر أن يكشفه ويحل كل متاهاته
وفي أحد الأيام كان يجلس عدي مع عاصم ووالدته بشقتهم فقال فجأة : طنط ، هي سما بنت طنط وفاء ليه دايما حزينه كده
وفاء : والله يابني مااعرف وبصراحه اتكسفت اسال وفاء عنها رغم أن أول زيارة لينا عندهم كانت مش كده
عدي : طب هي مخطوبه
وردة : لا خالص
عاصم : ايه يلا هي السنارة غمزت ولا ايه
عدي : اتلم يلا ومتتكلمش بالطريقه دي
عاصم : يبقى غمزت وهنفرح بالناسك عدي
وفاء : بس يا ابن العبيطه ، ثم نظرت لعدي وقالت : بص يا حبيبي انت غلاوتك عندي زي علاوة عاصم بالظبط وهيبقى يوم المنى لما افرح فيكم ، لو انت ناوي بجد انا هفاتح وفاء ونتقدم رسمي
نقر عدي الأرض بقدمه عدة مرات وقال بشرود : مش عارف يا طنط انا البنت شداني اوي بس معرفش هو ده حب واهتمام ولا مجرد فضول لاني مقابلتش حد زيها ، وبرضه انا معرفش عنها حاجة يعني دارسه ايه عندها كام سنه ايه اهتماماتها وهي مش بتتكلم خالص ولو حاولت اكلمها بترد على قد السؤال ومش بتديني فرصه اني احاورها
وفاء : طيب ايه رايك انا هكلمها واعرف كل حاجة وبعد كده نرتب قعده ليكم تتكلم معاها براحتك ، ممكن هي بتتكسف تتكلم قدام حد خصوصا انها متربيه في بيئة شرقيه مش زي البنات الي كنت تشوفهم في امريكا
هز رأسه وأخذ يفكر بكلام ورده باقتناع
بعد يومين أعرب عدي عن موافقته لفكرة وردة وطلب منها محادثة وفاء وبنفس اللحظه تناولت وردة الهاتف واتصلت على وفاء
رن الهاتف لتجب وردة : مساء الخير يا ورده عامله ايه يا حبيبتي
ورده : الحمد لله انتي عامله ايه
وفاء الحمد لله
خرجت سما من غرفتها تشعر بإعياء شديد وهي تضع يدها على صدرها وما أن وصلت بالقرب من والدتها حتى سقطت أرضا
صرخت وفاء بهلع واسقطت الهاتف من يدها وأخذت تصرخ باسم ابنتها
كانت ورده وعدي الجالس بجانبها يستمعان لصراخ وفاء
ركض عدي واستقل سيارته واتصل على عاصم يسأله عن عنوان منزل هادي وطلب منه مقابلته هناك
جسد سما مسجيا أرضا ووالدتها تحاول افاقتها ولكن دون جدوى
وصل هادي لمنزله وما أن فتح الباب حتى ركض نحو ابنته وزوجته الي تبكي بحرقه وهي تضرب يكفيها وجنتي ابنتها
انحنى هادي وحمل ابنته ومشى بها بخطوات حاول جاهدا أن تكون سريعه وما أن وصل الى الاسفل حتى وجد عدي يخرج من سيارته ويفتح له الباب الخلفي ويساعده بوضع سما
وصلت خلفهم وفاء وهي تمسك بيدها الاسدال الخاص بابنتها وجلست بجانبها تسندها وهادي بجانب عدي لينطلق بسرعة
التقى بهم عاصم الذي قابلهم على بعد بضعة أمتار ليستدير بسيارته ويتبعهن ويتصل بوالدته التي لم تكف عن الاتصال به منذ أن غادر عدي واخبرها أنه متجه للمشفى فأخبرته أن يأتي لاصطحابها
كانت وفاء تبكي وهي تحتضن ابنتها وهادي يسبح ويدعو الله أن ينجي ابنته
يتبع
🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹
ادخلوا بسرعه حملوه وخلوه علي موبيلاتكم من هنا 👇👇👇
وكمان اروع الروايات هنا 👇
انضموا معنا على تليجرام ليصلكم اشعار بالروايات فور نزولها من هنااااااااا
🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺
تعليقات
إرسال تعليق