رواية لعنتي جنون عشقك الفصل السادس والسابع والثامن بقلم تميمه نبيل حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج
خرجت سابين من مكتب احمد مهران و كعبي حذاؤها يطرقان على الارض معلنان عن الغضب الهمجى لصاحبتهما , وصلت الى مكتبها و رمت ملف اوراقها عليه بعصبية و انحنت واضعة كفيها على سطح المكتب و اخفضت راسها تحاول ان تتنفس ببطء و تعد للعشرة فهى مستعدة فى هذه اللحظة لان تقتل احدهم .
كان ظهرها الى باب مكتب احمد منحنيه بهذا الوضع وتطرق الارض بكعب حذاؤها الايسر بعصبية ,لم تلحظ انها نسيت ان تغلق باب المكتب و هى خارجة .فبعد ان هدات قليلا و التقطت انفاسها استقامت و التفتت لتذهب الى كرسيها , ففوجئت باحمد مهران يقف بباب مكتبه و قد دلت نظرته الجامحة على انه كان يلتهمها بنظرته و هى منحنية بهذا الوضع .
لم تدرى لماذا انتابها شعور احمق لا تدرى له اسما سبب سخونة غريبة بوجنتيها ,لطالما نظر اليها الرجال بمختلف انواع الرغبة و الاعجاب , الا ان نظرته هو ... طرقت احساسا غير مالوف بالاستجابة لديها .
استعادت سيطرتها على نفسها بقوة ارادة منقطعة النظير و فى لحظة واحدة رسمت ابتسامة حملت اغواء العالم , ابتسامة قد تسقط اعتى الرجال تحت سحر هاتين الشفتين المكتنزتين المصرة ان تصبغهما باللون القرمزى ,رفعت حاجبها الايسر الساخر و سالت بصوتها الناقوسي المبحوح
(هل يعجبك ما تراه ؟...........)
ارتفع حاجبيه و اتسعت عيناه و قد شهدت هذه الغرفة معجزة ارتباك احمد مهران و عدم قدرته على ايجاد الكلمات المناسبة .
تابعت سابين بنفس الصوت الساحر
(ان كان يعجبك ما تراه .. فانا اسمح بهذا فى سبيل صالح العمل )
ازداد اتساع عينيه حتى قارب الذهول
تلعثم قائلا (ماذا؟.....)
اقتربت منه بهدوء و هو يراقب ساقيها تتقاطعان حتى وصلت الى خطوة منه و رفعت عينيها الى عينيه و اسرتها ... و قالت بنعومة الدنيا
(طالما يعجبك رؤيتى غاضبة ... ساسمح لك باغضابى متى شئت)
احس فجاة كمن سقط عليه دلوا من المياه الباردة و هو يسير فى طريق مزدحمة .
ظل على ذهوله لحظة ثم بدا الغضب يستشري به تدريجيا حتى احمر وجهه لدرجة انها بدات تخشاه و تخشى عليه فى نفس اللحظة, فتح فمه يريد ان يصب جام غضبه عليها الا انه عاد و اغلقه و التفت عائدا الى مكتبه صافقا الباب خلفه بعنف ناسيا ما كان اتيا لقوله.
اتسعت ابتسامتها و هى تفكر ان هذا هو ما يستحقه بعد كل التعنت و التسلط الذى مارسه عليها منذ الصباح الباكر .
همست لنفسها( لقد وقعت عقد اخضاعك للتو احمد مهران ... و لكم سيطيب لى اخضاعك ).
الحقيرة .... اللعينة ......مغوية الرجال , كانت تعلم ما تفعله , انها لا تليق بالعمل هنا فى المؤسسة بل الاجدر لها العمل فى.........
استعاذ بالله من الشيطان و غرز اصابعه فى شعره مغمضا عينيه
(ما الذى يحدث لك يا احمد .......لم تكن يوما ممن ينظرون الى النساء بهذه الطريقة .........فما الذى حدث الان )
اخذ يهدىء نفسه هامسا
(انه رد فعل طبيعي .... لقد مر وقت طويل منذ...هذا هو كل ما فى الامر , لقد تصادف ان يتقاطع طريقك مع ساحرة تسبي القلوب ...الامر فى منتهى البساطة )
(استعد تركيزك يا احمد ...لن تفقدك اياه مجرد لعينة جميلة العينين و ال............)
تافف بصوت عالى وعاد الى اوراقه يحاول ابعاد غباء اللحظات السابقة عن تفكيره.
.................................................. ...........
داعبت انفه رائحة الياسمين الناعمة فاستنشقها بكل هدوء .
انها هنا تراقبه من جديد لا تكل و لا تتعب , رائحة الياسمين الرائعة تسبقها دائما وتصل اليه لتداعب حواسه , تنفس ناعم يصل الى مسامعه قد لا يسمعه غيره , تقف ما يقارب الساعة او ساعتين تراقبه وتظن انه لا يشعر بوجودها .لقد اختارت الجانب الامن بدلا من اظهار نفسها و تحمل جام غضبه وسلاطة لسانه الشبيه بجلد السياط التى كان يمطرها به .
انه غاضب ...غاضب بشدة يريد ان يقتلها , لا يتحملها و لا يتحمل رفرفتها الناعمة حوله
الا حين تتاخر نسائم الياسمين فى الوصول الى انفاسه وقتها يشعر برعشة خوف من ان تكون قد استسلمت و رحلت بلا رجعة ,فما الذى سيبقيها الان فمن اشتراها له قد رحل و بقي هو . الا انها لم ترحل .
المقاتلة الصغيرة الى متى ستتحمله ,متى ستطالب بحقها من الحياة لتنهل منه .
لم تعد طفلة انه يشعر بذلك بالرغم من انه لم يراها ابدا ,لقد تغير صوت المراهقة المتلعثم ليصبح ذو بحة رائعة , تغير صوت الخطوات الخرقاء لتصبح خطوات متزنة رقيقة ناعمة تكاد تلامس الارض من حوله .
انه متاكد من ان الوردة الصغيرة قد تفتحت الان و هى فى انتظار من يتذوق رحيقها.
اندفعت الدماء الغاضبة فى اوردته و عادت اليه الرغبة الشيطانية فى ايذائها , اعتصر الكأس الكريستالى بشدة حتى تحطم جارحا يده و فى لحظة واحدة سمع رفرفة الخطوات الناعمة بجانبه وشعر بلمسة كاوراق الورد على يده تحاول ابعاد قطع الزجاج المكسرور عنها, الا انه جذب يده بعنف وصرخ
(ابتعدى ايتها اللعينه ........الى متى ساظل احذرك من ان تلمسيني)
سمع شهقة ناعمة عكست كل الام العالم فما كان منه الا ان قام بعنف من كرسيه متناولا عصاه مبتعدا بسرعة عنيفة متعثرة و خرج من الشرفة التى اعتاد الجلوس بها وحيدا تاركا خلفه عينان مجروحتان نديتان بلون زرقة السماء الصافية و لم يصله همسا مبحوحا
(الى متى ستعذبنى بقسوتك.......)
دخل الى غرفته صافقا الباب خلفه بعنف شديد واتجه الى الحمام و وضع يده تحت الماء و هو ينظر الى المراة بدون ان يرى قسوة عينيه الشيطانية .
يا الهى نسائم الياسمين مرة اخرى ..انها حقا لاتستسلم , ظل صامتا متباعدا يستمع الى خطوات خائفة تقترب منه بحذر , انه يستشعر خوفها فى خطواتها ,خوفا من ان تضربها يده بقسوة كما فعل مرارا .
وصلت اليه وسمع نبرتها المرتجفة الهامسة
(ارجوك يا فارس دعنى انظف جرحك ....انا هنا لاخدمك فلما تعترض)
ظل صامتا وملامح وجهه تشبه الصخور فى صلابتها .شجعها صمته على مد يدها لتتناول يده ثم اخذت تنظف جروحه بكل رقة .
كانت قمة راسها تلامس ذقنه , انه يشعر بالخصلات الحريرية تداعبه ,انقبضت يده بشدة يحاول السيطرة عليها حتى لا يغرزها فى شعرها ,لقد فعلها قبلا متلمسا نعومة شعرها يومها اندلعت النيران بقلبه من لمسة شعرها و خوفا من ان تلاحظ ما انتابه من ضعف جذب شعرها بشدة فصرخت الما بينما اسمعها هو كلاما حقيرا صارخا بكل ما استطاع ان يؤلمها به.
هذه الذكرى تشعره بالم عنيف كلما تنشق عطر شعرها كما يفعل الان , ابعد رأسه عن ملمس شعرها محاولا ابعاد رائحة الياسمين عن عقله .
انتهت من تنظيف جروحه وتضميدها وقالت بصوت رقيق
(ان موعد الطبيب بعد ساعتين ... هل تحتاج الى شىء الان )
احمرت عيناه و عاد شيطانه ليسيطر عليه فمد يده بسرعة خاطفة لم تستطع تداركها فقبض على ذقنها بشدة شعرت معها انه يكاد يقتلع فكها السفلى من شدة الالم الذى شعرت به ,الا انها لم تنطق بكلمة واغمضت عينيها بشدة منتظرة ان يصب عليها كلامه المسمم الذى اعتادت سماعه ما ان تذكره بموعد متابعته مع الطبيب .
اقترب فمه من اذنها و همس همسا اجشا مرعبا
(هل تحبين ان اؤلمك ؟ الن تبتعدى عن طريقى ام انك متشوقة لما سانزله بك )
ارتجف جسدها بشدة خوفا من بطشه و تابع هو كلامه وهو يشد على ذقنها اكثر
(الى متى ستظلين هكذا ؟ ماذا تنتظرين ؟ هل تتوقعين ان اقع فى حبك ؟هل هذا ما تاملين ان يحدث ؟ هل صور لك غبائك انه من الممكن ان اشعر باى شىء .....اى شىء ناحيتك سوى الاحتقار؟
انت هنا فقط لان والدى اشتراكى لخدمتى و لقد قبضت امك الثمن فلا تطيري باحلامك لابعد من ذلك )
شعر بقطرة سائلة سقطت وانسابت على يده الممسكة بذقنها فاحس بقلبه يكاد ينفجر من مشاعر قاسية لا ترحم و بالكاد سمع همسا ضعيفا منها
(انا اعرف مكانتى جيدا يا فارس و احاول تنفيذ ما جئت من اجله وانا لا اتطلع لاى شىء انا فقط اقوم بخدمتك )
جذب ذقنها بشدة لاعلى و اقترب فمه من فمها الرقيق حتى اختلطت انفاسه بانفاسها فاخذ قلبها يخفق بعنف حتى خشيت ان يسمعه .
شعر هو بارتجاف انفاسها على وجهه ,لقد كان هذا هو رد فعلها دائما عندما يقترب منها , فان كان لا يراه فانه يشعر بتغير سرعة تنفسها على وجهه و ارتجافها مما يمنحه احساسا خياليا بالرضا و الغرور , وما ان شعر به الان حتى همس بشراسة
(هل تعتقدين ان بامكانك خداعى ؟هل تظنين اننى لا اشعر بارتعاش انفاسك و شدة خفقان قلبك كلما اقتربت منك ؟هل تظنيننى قليل الخبرة حتى لا استشعر رغبة انثى بى و ارتعاشها بين ذراعى ؟........خاصة و ان كانت غبية صغيرة مثلك)
هبط قلبها بين قدميها متحطما , لقد حطم قلبها للتو كما حطم الكأس منذ قليل .
يا الهى لم تعرف الما او خزيا كالذى تشعر به الان , كلماته كانت اشد وجعا من كل ما اسمعها سابقا , ازداد جريان دموعها لتتساقط انهارا صغيرة على يده
استطاع ان يسمع نحيبا هامسا جلد قلبه , الا انه عاد و قساه حتى لا تاخذه الشفقة بها ,طفلة صغيرة جشعة باعت نفسها من اجل ان تكون واحدة من زوجات ال مهران تماما كامها و شقيقتها , و الان تريد ان تعيش مشاعر جديدة و تشعر بانوثتها حتى وان كانت معه هو.كان يعرف كم يعرف الجميع قدرة نساء الراشد على التلاعب بصفقات الزواج الا انه لم يتصور ان ياتى اليوم الذى سيصبح فيه فارس مهران رجلا عليلا لا يجد من ترعاه ليلجا والده الى شراء مراهقة صغيرة من ال الراشد لتقوم على خدمته و اشباع غرائزه .
بعد ان كانت القلوب الهائمة تتساقط عند قدميه و كان هو يقذفها و يتلاعب بها , جاء يوما اصبح فيه يحتاج الى من تقوده بعد ان هربت منه كل العاشقات و الصديقات و الانسانة الوحيدة التى احببها و تمنى ان يتزوجها تهربت منه بعد اصابته , و حتى الممرضات و الخادمات فلا احد استطاع تحمل عنفه و سلاطة لسانه ,
حتى حاول يوما الانتحار بقيادة سيارتة و اصابته بحادث ترك عرجا خفيفا بقدمه الى الان , وقتها حان تدخل امبراطور مهران بنفسه , فليس ابنه من يهرب منه الجميع و يحاول الهروب من حياته بهذا الضعف و الجبن .
فكان ان اختار مراهقة صغيرة يملك زمام امرها بيده لتكون الدواء لابنه ليفرغ بها كل شحنات غضبه المكبوت ,الصغيرة سما التى لا تعرف معنى الرفض ,و التى تتلاعب بها امها كعرائس الخيوط ,كانت سما الاختيار الامثل لتهدئة الاسد الاعمى .
حين عرض عليه والده الامر ثار و انتفض محطما كل ما حوله لما وصل اليه حاله , الحد الذى جعل والده يلجأ لشراء زوجة خاضعة له تقوم بخدمته وتنفيذ رغباته.
الا انه و بعد ان اخبره والده بموافقة امها و قبضها الثمن الذى يجعلها تضحى بابنتها هدر الغضب و الاحتقار فى نفسه فقرر فى لحظة اعصار عاصف ان هذه الجشعة الغبية الصغيرة تستحق كل ما سيصيبها و كل ما سيوقعه بها من هوان طالما انها ارتضت بيع نفسها .
لم يكن قد راها سابقا حيث كان يعيش بالخارج معظم حياته و حتى الان , وقتها لم يصله سوى ان والده قد تزوج ايثار الراشد وجاء بها الى القصر هى و بناتها الثلاث .
الا انه لم يهتم يومها , كان متاكدا انها نزوة طارئة للامبراطور بعد سنوات العمل الطويلة بدليل انه اختار ايثار الراشد متجاهلا العداء القديم بين عائلتى مهران و الراشد , لكن بعد مرور السنوات لا يستطيع ان يجزم ان كانت نزوة او انها تكملة للانتقام القديم .
لا يستطيع ان يؤكد ان كانت نزوة او ان الامبراطور قد سقط بالفعل تحت لعنة ايثار الراشد
فقد كان تلاعبه بحياة الفتيات الثلاث قاسيا لم يستطع فارس ان يفهمه يوما, بالرغم من ان حلا و سما تستحقان كل ما اصابهما بعد ان قررتا السير على نفس نهج ايثار الراشد ,
وكانت سما الصغيرة من نصيبه هو, لم يراها لكنه سمع صوتا لا تزال الطفولة تداعبه و هى تدلى بموافقتها اثناء عقد القران ,منذ ثلاث سنوات
ثلاث سنوات هى الفيصل بين مراهقة تكاد تكون طفلة سافرت معه للخارج لتلعب دور زوجة فارس مهران و بين شابة بدأت تشعر باحتياجات الانوثة .
كان يظن بعد ان تزوجها لن تتحمل خلال شهر واحد و ستهرب عائدة الى امها بعد ان اخذتا ما يكفيهما ,كما هرب كل من عرفه واولهم حبيبته .
الا ان المقاتلة الصغيرة الى الان لا تزال تقوم بكافة ما يطلب منها و ما يملى عليها و ما يقتضيه دورها فى حياته مظهرة صلابة غريبة على فتاة فى عمرها .
مهما اهانها و ذلها و قسا عليها تعود لتقوم بكل ما يتوجب عليها من مراعاة كل شؤونه و مواعيد الاطباء و الادوية و مرافقته فى كل مكان , و حتى حين انفجر فيها لكى لا تبقى كظله ,اختارت ان تراقبه من بعيد كام تراقب طفلها الوحيد باعثة بنسائم يسميناتها الى انفاسه لتشعره بوجودها.
عاد من ذكرياته الى صوت رقيق ارتعش ببكاء صامت وهى تهمس
(لقد جهزت لك الملابس الت سترتديها ووضعتها لك على الفراش )
ترك ذقنها من يده فجاة و ابتعد بعجز وعنف , صمت لحظة يحاول ان يسيطر على شياطينه العمياء التى لا تهدأ بداخله ثم قال بقسوة
(لا تنسي ان تنظفى الحذاء ...لا اريد ان تبعثى باحذيتى لاحد لكى ينظفها كالمرة السابقة ...ستنظفينها بيدك ...احذيتى خطا احمر)
ان كان ينتظر تمردا فقد خاب امله بالتاكيد حين ردت هامسة
(لقد نظفته بالفعل و هو على الارض بجوار الفراش)
سمع وقع خطواتها مبتعدة و سريعة فاعلمته سرعتها انها ستركض الى غرفتها لتنفجر فى البكاء كما تفعل كل يوم و كل ليلة ,فهو ما ان تتركه و تتجه الى غرفتها و تغلق الباب خلفها يتجه اليها و يقف خلف الباب ليستمع الى بكائها كل ليلة .
لا يعلم لماذا شعر فجأة بيأس كئيب نهش صدره , زفر بعنف و هو يغرز اصابعه فى شعره يكاد يقتلعه من جذوره وهمس لنفسه
(لماذا دخلتى حياتى البائسة ؟.......لماذا؟)
ارتمت سما على فراشها و اخذت تبكى و تشهق و هى تهمس
(غبية .....غبية ...كيف كشفتى نفسك و كشفتى مشاعرك الحمقاء امامه , تعالت شهقاتها فترة ثم اخذت تهدأ تدريجيا حتى صمتت متنهده بأسى
رفعت نفسها من على الفراش لتنظر الى صورته الموضوعة بجانب فراشها لاتفارقها ابدا .
لم ترى من هو اشد وسامة منه قبلا ولم ترى عينان اجمل من عيناه التى انطفأ نور الحياة منهما , عيناه رائعتان لونهما اخضر داكن عاصف مشبع بالرمادى يذكرها بالعواصف الساحلية الشديدة محاطته برموش بنية طويلة رائعة لا تمل النظر الى عينيه ابدا .
وشعره بني داكن ناعم بنعومة لحيته الخفيفة التى يطلقها لتزيده وسامة . مسحت دموعها بيدها الصغيرة وهمست يا الهى ما اشد جمالك وما اشد حبى لك
نظرت الى ساعة يدها فانتفضت من فراشها غسلت وجهها و ارتدت ملابسها بسرعة ثم اتجهت بخطوات سريعة مرتعشة الى غرفته .
كان باب غرفته مفتوحا فوقفت بالباب و قد وجدته جالسا على حافة فراشه و هو يحاول ارتداء حذاؤه .
علت شفتيها ابتسامة رقيقة حانية و استندت برأسها الى اطار الباب بدون ان تصدر صوتا ,راقبته بحب و هو يتلمس حذاؤه اللامع ,
اتسعت ابتسامتها قليلا و هى تفكر بداخلها
هذا الوحش القاسي يحب احذيته و يهتم بها للغاية
, لا احد يراه بهذا المظهر غيرها ,هى فقط من تراه و هو يهتم بأشياء بسيطة ويعلو وجهه المتجهم اهتمام طفولى بريء,لقد سمعت ان فارس مهران سابقا كان مولعا بسياراته الفارهة و خيوله الاصيلة بجانب عمله وصفقاته .
الا ان فارس حبيبها الموجود امامها الان ,الوحش ذو الطفل الصغير بداخله و الذى يهتم بأحذيته لدرجة الهوس , والذى يهوى حفر الخشب لصنع منه تماثيل خشبية غاية فى الروعة قامت هى برصها فى غرفتها على الرفوف , وهو يظن انه يرميها بعد ان ينتهى منها , لا يعلم انها تعود لتأخذها وتضمها الى مجموعتها الغالية .
راقبته بعد ان انتهى يقوم وهو يحاول تزرير قميصه
تنهدت بصمت و همست لنفسها ( لقد زرره بطريقة خاطئة ......انه دائما ما يفعل ذلك حين يكون شارد الذهن )
انها هنا ....لقد وصلت نسائم الياسمين اليه ..انها هنا وتقف بالباب الذى تركه مفتوحا .
قام من على الفراش و هو يحاول اغلاق قميصه ,ثم تعمد ان يزرره بطريقة خاطئة وفكر انها ستقترب الان .
و بالفعل سمع الخطوات الناعمة وهى تقترب منه , ثم شعر بيدين صغيرتين تقوم بفتح ازرار قميصه واحدا تلو الاخر باصابع صعقت صدره بلمستها الناعمة
وبعد ان فتحته توقفت لحظة , لحظة واحدة سمع فيها صوت تسارع انفاسها التى تضرب صدره العارى فتدفق الرضا الشرس بداخله , ثم شعر بيديها تعيد تزرير قميصه مرة اخرى بطريقة صحيحة حتى انتهت .
جثت على ركبتيها امامه لتعدل من رابطة حذاؤه و ما ان انتهت حتى وقفت وهمست
(هيا لننزل ......لن يذهب السائق معنا سأقود انا )
.................................................. ................
اخذت تبكي بضعف , جالسة على فراشها و هى تراقبه يثبت قفلا متينا على شباك الشرفة مغلقا اياه بدون ان يهتم ببكائها .
استطاعت النطق اخيرا من خلال دموعها
(ارجوك يا ادهم لا تغلق الشرفة ......هل من العدل ان تسجننى فى هذه الغرفة)
قال ادهم بجفاء مصطنع يداري به تمزق قلبه
(لقد امرتك اكثر من مرة الا تخرجى الى الشرفة بمفردك و لم تنفذى ما امرتك به )
قالت وهى لاتزال تبكي
(لقد قتلنى الملل ....كنت فقط اريد الخروج الى الشرفة قليلا ....انت لا تسمح لى بالخروج من هذا القصر ........ارجوك)
قسى قلبه المتوجع وقال
(حين اكون معك تستطيعين الخروج الى الشرفة و نستطيع الخروج من القصر معا متى شئت ..لكن بمفردك ..فلا ..ابدا)
ازداد بكاؤها بشدة وهى تقول
(لم اكن انوى الانتحار يا ادهم ..اقسم لك اننى لم اكن انوى الانتحار يومها .....انا فقط كنت ............)
لم تستطع اكمال كلامها من شدة بكائها
التفت اليها بعد ان انهى عمله وقال بقسوة
( اذن ماذا كنت تنوين ؟.......... هل تستطيعين معرفة ما احسست به حين وجدتك جالسة على سور الشرفة ........هذا بالتاكيد ليس تصرف انسانه متزنة حتى و ان كنت لا تنوين الانتحار )
دمره الالم الذى ظهر فى عينيها لكنه تابع قائلا
(اسف يا حلا لكن لا استطيع المجازفة ........ ساخرج الان لان لدى القليل من العمل
, ساضطر لاغلاق باب الغرفة ولكن لن اتاخر عليك وحين اعود سافتح الشرفة
و ان احببت يمكننا ان نخرج لتناول العشاء فى اى مكان تفضلينه )
سار ناحية الباب عدة خطوات لكن اوقفه صراخها فجأة
(هل تعتقد انك بحبسي فى هذه الغرفة تستطيع منعى ان كنت اريد الانتحار )
توقف و توقفت انفاسه و التفت ببطء اليها بينما تتابع هى بشراسة متوحشة جديدة عليها لم يعهدها فيها من قبل
(هل تستطيع اخفاء كل ما هو حاد او مدبب , هل تستطيع منعى من طرق رأسي بالحائط , هل ستغلق الحمام ايضا فقد اغرق نفسي به .........هل تستطيع كل هذااااا......)
علا صراخها فى جملتها الاخيرة حتى خشى ان يصيبها مكروه وهو يراها قد احمر وجهها بشدة و تهدجت انفاسها و اخذت ترتعش بقوة وتنتفض.
استمر الصمت بينهما لحظات لا يقطعه الا صوت شهقاتها العالية التى فقدت السيطرة عليها .
قال اخيرا بصوت مخيف بعث الرعشة بجسدها
(حسنا انت ربحت الان يا حلا ...لن اخرج انا ايضا)
ثم مشى الى الباب واغلقه بالمفتاح وعاد اليها وهو يتابع
(لكن عقابا لك سنظل انا و انت فى هذه الغرفة الى الصباح و لن نخرج منها )
جلس بجانبها وهى تبكى وحاول ان ياخذها بين ذراعيه فاخذت تقاومه بشراسة وهى تصرخ
(اكرهك .....انا اكرهك )
استطاع التغلب على مقاومتها بسهولة فانهارت على صدره تبكي وتبكي وهو يشدد من احتضانه لها ولا يتردد فى ذهنه سوى عبارة واحدة
(اسف حبيبتى .......اسف حبيبتى)
الفصل السابع (1)
نظرت اليه وقد علت شفتيها ما يشبه ابتسامة صغيرة , راقبته جالسا امامها على الفراش و قد خلع سترته و شمر كمي قميصه ليظهر ساعديه العضليين الاسمرين , ممسكا باوراق اللعب بين يديه ناظرا اليها وقد بانت على ملامحه علامات التفكير العميق .
انه يبدو الآن اصغربكثير من سنوات عمره الست وثلاثين , انه بالتاكيد لا يشبه ادهم مهران الذى عرفته معظم سنوات حياتها و الذى كانت دائما تلقبه بالشيطان الاسمر من شدة خوفها منه , ولكنها الآن فى هذه اللحظة لا تشعر باي خوف منه
من يراه الآن لا يصدق ان وريث امبراطورية مهران العديم الرحمة قد ترك عمله و هو الآن يجلس امامها و يلعب باوراق اللعب و قد بان عليه التفكير العميق و كأنه يقوم بإحدى صفقاته .
منذ ساعات قليلة انهارت على صدره و هى تبكى , حاولت السيطرة على نفسها الا انها فشلت تماما, كانت تنشج وتسعل وتكاد تختنق .
يا الهى لقد اصابتها الحالة الهيستيرية المعتادة امامه ,لا تستطيع تخيل منظرها عندما تصيبها تلك الحالة.انها تعلم جيدا ان منظرها كان يرثى له بوجهها الاحمر و انفها السائله و شفتيها اللتين تتورمان عند بكائها .
لقد ابقاها على صدره و هى تبكي لا تستطيع التوقف , الا ان ما زاد من بشاعة الموقف هو اصابتها بنوبة الغثيان التى تصاحب انهيارها دائما , و حين احست انها لن تصمد الى ان تصل للحمام , كل ما نجحت فى فعله هو انها رمت نفسها من بين ذراعيه منقلبة على بطنها ثم اخذت تتقيأ بشدة على الارض بجوار الفراش وهى مستلقيه عليه , واستمرت حتى لم يعد هناك ما تخرجه من معدتها , الا ان التشنجات استمرت حتى احست ان روحها تكاد تخرج منها , لم تشعر انه كل هذا الوقت كان بجوارها يدلك ظهرها بيده و يطلب منها التماسك لتهدأ تشنجات معدتها .
استمر يضغط على ظهرها برفق حتى هدأت قليلا و بدأ تنفسها يعود الى طبيعته ,
لم تواتيها الجرأة على التحرك من مكانها و مواجهته بعد هذا الموقف المخزى فظلت مستلقية على بطنها ,احست بعد لحظات بيديه على ذراعيها ترفعانها برفق حتى استوت جالسة ثم رافقها الى الحمام و غسل لها وجهها و كأنه يتعامل مع طفلة صغيرة , وبعد ان جففه لها تركها ليملأ حوض الاستحمام بالماء الساخن ووضع به سائل الاستحمام الخاص بها ثم التفت اليها قائلا
(لقد اعددته لك .....اخلعى ملابسك و استرخى به ..سيفيدك هذا )
احمر وجهها بشدة فنظر اليها مبتسما بالرغم من الالم العميق الساكن بعينيه وقال
(حسنا .. احمراروجهك الان افضل بكثير من شحوبه الشديد منذ لحظات )
صمت قليلا وقد ظهرت فى عينيه نظرة غريبة لم تراها سابقا , نظرة حنان عميقة لم تراها فى عين اى انسان عرفته قبلا .
تحولت ضحكته الى ابتسامه شاردة ثم قال
(استمتعى بخصوصيتك ايتها الخجولة .........لكن لا تغلقى الباب )
ثم خرج من الحمام تاركا اياها تحاول السيطرة على خفقات قلبها.
خلعت ملابسها و دخلت الى حوض الاستحمام و استلقت فيه بهدوء ثم اغمضت عينيها , يجدر بها الشعور بالكره و النفور من هذا الشيطان الاسمر و ليست هذه الراحة الغريبة التى لم تعرفها منذ وقت طويل .
شعرت فجأة بلمسة خفيفة تتجول على كتفها ففتحت عينيها و هى لا تعلم متى غفت , طالعتها عينا الصقر و هى تلتمع بمشاعر عاصفة صارت مألوفة لديها .
انتفضت جالسة و قد عاد اليها وعيها بالكامل ثم كتفت ذراعيها على صدرها و قد احمر وجهها بشدة ,
اتسعت ابتسامته الجائعة , الا انه قال بصرامة مصطنعة لا تتلائم مع الجوع النابع من نظراته
(كنت اعلم اننى لن استطيع الوثوق بك ِ .......... و ها انتِ تنامين فى الحوض بمنتهى الغباء )
اتسعت عيناها لاهانته الصريحة لها ثم عادت فاخفضتهما غير قادرة على الرد و فجأة احست بفمه يلامس اذنها و هو يهمس
(لا تخافى يا حلا ...... لن ادعك تغرقين , و لن اسمح بسقوطك من اى شرفة ولن تغيبي عن نظري للحظة واحدة .....فانا احمى ممتلكاتى بقوة )
ارجعت رأسها للوراء وهى مغمضة عينيها ثم تنهدت بعمق وهى تفكر
انه يحاصرني ......يقيدني .......لا يمنحني الفرصة لانهض على قدمي .......متى سأتحرر
ربما لن اكون ابدا ممن قدر لهم بالعيش احرارا .
عادت من شرودها لتنظر اليه و هو يقول
(دورك.......العبي)
ابتسمت قليلا ثم انزلت ورقتها الرابحة . راقبته بمرح و هو يعبس و يشتم هامسا ثم يرمي اوراق اللعب من يده .
رفع نظره اليها فصدمته ابتسامتها المرحة التى لم يراها منذ ..........يا الهى انه حتى لا يتذكر متى كانت اخر مرة يراها تبتسم .
شعر بقلبه يختلج بصدره كمراهق فحاول السيطرة على انفعالاته و قال لها
(سعيدة انتِ بالطبع لهزيمة ادهم مهران )
اتجفت ابتسامتها قليلا و قالت بعد لحظة صمت
(لا اظن ان هناك من يستطيع هزيمتك)
اه لو تعلمين انكِ قد هزمتِنى من سنوات طويلة يا صغيرة .
لم تخرج هذه الكلامات من شفتيه , بقى فقط يتطلع اليها لا يمل النظر الى وجهها ابدا.ثم قال بصوت عميق يحمل معانٍ اعمق .
(انا لم افعل ذلك لايلامك يا حلا.......)
اتسعت عيناها و هى تسمع ادهم مهران بنفسه يحاول ان يرسل اليها ما يشبه الاعتذار , شلها اعتذاره والجمها.
قالت بعد لحظات بصوتٍ خافت
(كنت اكثر الناس تعايشا مع الألم يا ادهم فلا تهتم )
ساد صمتا قاتلا . صمتا كان كدوي المدافع بأذنيه . قتلته عبارتها ..حطمته تماما الا انه حاول ان يقاوم مشاعره ليتمسك بهذا الخيط و لا يتركه ابدا .
فهى للمرة الاولى تحاول التلميح للماضي و هولن يترك هذا التلميح دون ان يحاول الوصول الى شىء ......اى شىء يستطيع به الدخول الى قوقعتها الصلبة .
قال بحذر و كأنه يسير بحقل الغام
(اخبريني ........)
كلمة واحدة , لم يجد سوى كلمة واحدة وكأنه لا يملك الجرأة لينطق بغيرها , استمر الصمت طويلا ..طويلا و هو يغلى بداخله و هى صامته مطرقة برأسها يشعر انها بعيدة عنه اميالا و اميال .
اخيرا قالت بصوت متقطع بالكاد وصل اليه
(هناك .... اشياء ....حدثت لى ....)
صمتت وهى لا تملك القدرة على المتابعة . تاركة اياه يتعذب بدوي قلبه الا انه لن يسمح لها بالتراجع الآن لكنه لم ينطق بحرف فقد خاف ان سمعت صوته تعود لقوقعتها مرة اخرى .
انتظر و انتظر مقاوما مشاعر شرسة لا ترحم , ثم وصله صوتها الهامس المتقطع
(هناك اشياء......لن تس....لن تسرك ابدا ..معرفتها ..ستتمنى موتى الف مرة ...ان عرفتها )
اتسعت عيناه وظهرت بها وحشية الحيوانات المفترسة و مد يديه الى اعلى ذراعيها يمسكها بقوة يهزها قليلا وهو يقول بهمسٍ شرس
(لقد اخبرتك اننى احمى ممتلكاتى بقوة يا حلا ..وتمني الموت لكِ لا يعتبر جزء من هذه الحماية ,هل فهمتى هذا جيدا)
ظلت صامته و قد انسابت دموعها انهارا على وجهها بصمت مزق نياط قلبه .
ثم همست فجأة مرة واحدة
(يكفى فقط ان تعلم انه ليس هناك اى شىء ..اى شىء ..مهما بلغت بشاعته لم يحدث لى)
سقطت يداه من على ذراعيها وهو ينظر اليها بعينين مذبوحتين و قلبه ينزف دما و قد تلاحقت فى عقله صورا بشعة صورها له خياله دون ان يستطيع ان يمنع نفسه.
جملتها رسمت ماضٍ اسود احاط بها و اغرقها فى بحر من الآلام . ولم يكن هو هناك لينقذها ..ظل يراقبها معظم سنين عمرها و حين احتاجت انقاذه ,كان هو بعيدا يداوي جروحه بمنتهى الانانية .
كانت تحتاجه ..طفلته التى كبرت تحت انظاره ,كانت تحتاجه وهو لم يهب لانقاذها ,تركها تواجه مصيرها الذى اختارته لها الشيطانه ايثار.
الا انها لم تكن اكبر بكثير من طفلة ,حكم عليها بقسوة و تركها لآلامها ,لم يسأل , لم يبحث عنها ,لم يحاول معرفة ان كانت سعيدة ام لا .
شعر فى هذه اللحظة انه هو من ليس مستعدا بعد ..ليس مستعدا لان يسمع ..احس انه لو سمع سيموت وهو يريد ان يعيش , يحتاج لكل قوته , يريد ان يحميها من العالم ومن نفسها ,يريد ان يبقى كظلها ولو اقتضى الامر ان يرهن حياته لهذا .انها حلا....حلا .
افاق من آلامه المبرحة على صوتها وهى تهمس برقه تذيب الجبال وقد ادارت وجهها الى النافذه الكبيرة
( لقد اطل الفجر ....انا احب الفجر جدا )
نظر اليها بحبٍ يهز العالم ثم قام من مكانه ووقف وجذبها من يدها لينهضها على قدميها وهو يهمس
(تعالى ....سنراقب الشروق معا من الشرفة )
خرجت معه ووصلت الى سور الشرفة ووضعت كفيها على السور الحجري البارد وهى تنظر الى السماء الممتدة امامها .
احست فجأه بغطاءٍ خفيف يلتف حولها من الخلف بذراعين قويتين ,لم يبعد ذراعيه عنها بل ظل يلفها بهما و هو يضم ظهرها الى صدره ,دافنا وجهه فى شعرها يتنشق عطره.
اخذت تراقب الألوان الرائعة التى ماجت بها السماء لتعلن عن مولد الشمس الحمراء من جديد.
همست فجأة (ادهم ....)
همهم وهو يدفن وجهه فى عنقها (هممممم.....)
تابعت هى تقول بخفوت
(اعتقد .....ان هذه الليلة كانت جميلة جدا ....)
توقف فمه عن تقبيل عنقها و تصلب وجهه وهو يشعر بقلبه يكاد يقفز من بين اضلاعه ,حتى انه كان متاكدا انها شعرت بخفقاته المجنونة على ظهرها .
قال بصوت خافت خوفا من ان يبدد روعة هذه اللحظات .
(اما انا فاعتقد انها كانت رائعة ...)
ضحكت قليلا وهى تقول
؛(الم اثير اشمئزازك ..بعرضى المخزى )
ضحك هو ايضا وهو يزيد من ضمها اليه وقال متشدقا بتملق
( هيا يا حلا ...ان كل ما يصدر منك هو غاية متعتى )
ضحكت برقة اذابت قلبه بجمالها وقالت
(لا اصدق انك نظفت الارض بنفسك.....)
قال بحزم رقيق وفمه يلامس اذنها
(سأقوم دائما بكل ما يخصك .....لن ادع احدا يتدخل باى شأن من شؤونك )
ارتعشت رغما عنها و اختفت ابتسامتها و قد بدا خوف اعمى يتسرب اليها وهى لا تدرى لماذا اخافتها جملته .
********************
وضعت سماعة الهاتف على اذنها و هى مغلقة عينيها من شدة الملل و الغضب تستمع الى صوته من الطرف الآخر وهويملى عليها تعليماته بمنتهى الصلف و التى سبق وان نفذت معظمها قبل ان يتفضل هو عليها ويتنازل بان يوجهها الى ما تستطيع ان تتقنه اكثر من اى شىء آخر فى الدنيا وهو عملها
بعد ان انتهى قال بصرامة
(هل فهمتِ ما سوف تنفذينه ؟)
ردت بصلابة و اختصار
(لقد سبق ونفذته )
سمعت تأففه من الناحية الاخرى ثم قال بفظاظة
(انا الان بقسم الشؤون القانونية ..و سأصعد بعد ساعة , اريد الرسائل التى طلبتها على مكتبى حين اصل .... هل فهمتى )
قالت بصوتها الناقوسى المغيظ
(هل من اوام...........)
لم تكمل حيث سمعت صوت اغلاق الخط
ظلت تنظر الى السماعة وهى رافعة حاجبيها ,ثم اخذ غضبها يتفاقم و يتصاعد , وضعت السماعة مكانها بعنف وقامت من كرسيها تدور فى المكتب لتهدىء نفسها و اخذت تقول بعنف مكبوت
(الفظ ..الوقح...لا يعلم ابسط قواعد التعامل مع النساء .........المتعنت ,شديد التسلط ....اكرهك يا احمد مهران )
(يبدو انه اغضبك للغاية ....)
التفتت سابين بسرعة و هى تسمع هذا الصوت الصغير ينبعث من باب مكتبها
رفعت حاجبيها وهى تنظر بدهشة الى طفلة صغيرة لا يتجاوز عمرها ست سنوات تقف ضاحكة بالباب , طفلة ذات شعر بنى محمر ناعم له لفائف رائعة وعينان بنيتان بريئتان تشعان ذكاءا وجرأة.
اخذت سابين تستوعب لحظة وجود طفلة صغيرة تتجول فى مؤسسة مهران حتى تصل الى مكتب احمد مهران نفسه .
تابعت الطفلة بعفرتة ولا تزال ضحكتها تغطى وجهها البرىء
(ماذا فعل هذا من اسمه احمد مهران ليغضبك هكذا؟ )
اقتربت سابين منها ببطء مخيف حتى وصلت اليها ثم انحنت حتى واجهت عينيها الفيروزتين القاسيتين معقودتي الحاجبين عيني الطفلة البنيتين العسليتين الصافيتين امامها وقالت بصوت خفيض صلب حاولت جعله مرعبا على قدر الإمكان .
(من انتِ ؟ ....)
الا ان الطفلة ظلت تنظر الى عيني سابين المخيفة , بقوة فذة دون ان يرف لها جفن او ان تخاف من تلك المرأة امامها و التى تشبه الساحرات الشريرات الجميلات الموجودات بالقصص الخيالية التى تسمعها
قالت الطفلة ذات الابتسامة الواسعة
(انا ....ابنة احد العاملين هنا )
ظلت سابين منحنية عاقدة حاجبيها عيناها لا تحيدان عن عيني الطفلة و قالت بصوت مخيف مرعبا لشدة خفوته وقسوته
(هل تعلمين انكِ هنا فى مكتب احمد مهران صاحب هذا المكان كله , وانه من الممكن ان تتسببى فى طرد والدك من العمل )
لم تتاثر الطفلة ولم تختفى ابتسامتها المرحه الواسعة وقالت بمرح
(يبدو انه مخيفا جدا احمد مهران هذا .....)
اومأت سابين برأسها وهى لا تزال عاقدة حاجبيها و قالت بصرامة
(نعم انه مخيف جدا ومن الممكن ان يضربك ان رآكِ هنا )
اتسعت ابتسامة الطفلة وقالت بضحكة
(انا لا اخاف من احدٍ ابدا ....)
تابعت سابين بنبرة اعلى قليلا وقد بدأ الغضب ان يستبد بها
(اخرجى من هنا حالا قبل ان يأتى )
قالت الطفلة بسعادة لا تنضب
( سأخرج إن اخبرتِنى لماذا اغضبك )
زفرت سابين بعنف و استقامت ثم مشت الى مكتبها و رمت نفسها على كرسيها بغيظ , هذا ما كان ينقصها , ان يأتى احمد مهران ليجد لديها طفلة تلعب فى مكتبه , اكيد سيسمعها المزيد من كلامه الغبي الذى يمطرها به دائما .
تسائلت بحنق عن الأحمق الذى يأتى بطفلته الى العمل و يتركها لتلعب بحرية فى كل مكان .
ادارت وجهها الى الطفلة و قالت بصرامة
(ان اخبرتك ستخرجين من هنا حالا ..مفهوم ؟ )
اومأت الطفلة الضاحكة برأسها
تنهدت سابين و قالت (لقد اغلق الخط وانا اكلمه على الهاتف )
اتسعت عينا الطفلة بدهشة و قالت
(هل فعل ذلك ؟ !! هذا تصرف خاطىء للغاية )
قالت سابين بتأفف و نفاذ صبر
(نعم خاطىء للغاية ....هيا اخرجى )
لكن الطفلة اتجهت الى مكتب سابين و قفزت لتجلس على سطحه امامها تواجهها وقالت
(لا بد انكِ فعلتِ ما اثار غضبه )
الفصل السابع (2)
رفعت سابين عينيها الى السماء وهى تطلب الصبر ثم نظرت الى الطفلة الجالسة على حافة مكتبها وقالت بملل
(نعم لقد حاولت سرقة شيئا يخصه )
ضحكت الطفلة وقالت (لا اصدقك )
قالت سابين بجمود (انتِ حرة ,لكن هذه هى الحقيقة )
ثم نظرت الى الطفلة و قالت لها
(اليس من المفترض ان تكونى بالمدرسة الآن ؟ )
ردت عليها الطفلة بصبر
(انا انقل اوراقى الى مدرسة ٍ جديدة و سأذهب اليها بعد فترة )
قالت سابين بفظاظة وهى تمط شفتيها
(و هل أمك مشغولة للغاية لدرجة ان ترسلك مع والدك الى عمله ؟ )
ردت الطفلة بهدوء
(امى متوفية )
صمتت سابين وقد احست بالغباء لا تدرى ماذا يمكنها ان تقول فى مثل هذه المواقف فهى لا تجيد عبارات التعاطف المملة , الا ان هذه الطفلة لا يبدو انها تحتاج لمثل هذا النوع من التعاطف الزائف .
فما كان من سابين ان قالت بهدوء و بساطة
(حسنا اذن فلتتقبلى اعتذارى )
ردت الطفلة بنفس البساطة
( قبلت اعتذارك )
اخذت سابين تطرق بقلمها على سطح المكتب و هى شاردة , ثم سمعت الطفلة تقول
(انا لا اتذكرها , لقد توفيت وانا عمرى سنتان )
رفعت سابين نظرها الى الطفلة وظلت صامته لا تجد ما تقوله , لكنها احست ان هذه الطفلة تنتظر منها ان تكمل معها هذا الحوار , بينما هى لا تجيد ابد التحاور مع الاطفال
قالت اخيرا بدون تفكير (قد تكون وفاتها خيرا لكِ )
اتسعت عينا الطفلة فأدركت سابين انها قالت ما يعتبر منتهى الغباء فلم تستطع سوى ان تكمل قائلة
؛(لا تعلميم حقا ما هو الافضل لكِ , فاحيانا يحميكِ القدر مما لا تدركينه )
ظلت الطفلة صامته تنتظر من سابين ان تتابع , فقالت سابين بنظرة شاردة
(احيانا قد يكون وجود بعض الامهات نقمة فى حياة اطفالهم )
ردت الطفلة
(لا اعلم ...ممكن ...لكن ما سمعته عن امى هو انها كانت طيب للغاية و محبوبة جدا .....لا يوجد من عرفها و لم يحبها .....لقد تحطم والدى بعد وفاتها )
نظرت سابين الى هذه الطفلة الغريبة وقالت
(الناس لا يتحطمون لفراق بعضهم البعض ....صدقيني )
هزت الطفلة كتفيها و كأنها لا تستطيع ان تحكم فى هذا الموضوع
انزلت سابين نظرها و عادت تطرق على سطح مكتبها وتشرد من جديد
ظلت الطفلة تنظر الى ملامح سابين وهى مبهورة من شدة جمالها , ثم قالت باعجاب
(هل تنظرين كل يومٍ الى مرآتك و تسألينها ان كانت هناك من هى اجمل منكِ ؟ )
رفعت سابين نظرها الى الطفلة و عقدت حاجبيها بعدم فهم
فتابعت الطفلة تشرح لها
(قصة بياض الثلج المشهورة ......كانت زوجة ابيها الشريرة شديدة الجمال و كانت تنظر كل صباح الى صورتها فى مرآتها السحرية و تسألها ان كانت هناك من هى اجمل منها )
مطت سابين شفتيها و قالت بامتعاض
( رائع ....... وقد ذكرتك انا بزوجة الاب الشريرة ......هل من المفترض ان اشعر بالاطراء )
قالت الطفلة وهى تبتسم
( لم اقصد اغضابك ......فانا احب الشخصيات الشريرة فى القصص )
نظرت اليها سابين و هى ترفع حاجبيها و سألتها
(لماذا؟!....هل انتِ معقدة ؟ )
اتسعت ابتسامة الطفلة وردت بما يفوق عمرها بكثير
(لست معقدة .... لكننى دائما احب ان اتخيل ماذا سيحدث لو اعطينا الشخص الشرير فرصة ....... كانت نهاية القصة ستختلف بالتاكيد)
ظلت سابين تنظر الى هذه الطفلة الغريبة و تشعر ان هناك بعينيها البنيتين ما يحيرها
تابعت الطفلة تقول
(كل انسان بداخله الخير و الشر وهو يختار اى من الطريقين )
قالت سابين
(هناك من هم ولدوا اشرارا انها غريزة وقد تكون وراثة )
هزت الطفلة راسها علامة النفى وقالت
(والدى يقول ان كل انسان مهما بلغ شره لا بد من ان نعطيه فرصة واحدة فقط , فان ضيعها فسيحكم عليه ان يبقى شريرا للابد)
ابتسمت سابين لسذاجة هذا الاب الذى لا يعيش فى العالم الواقعى .
استقامت سابين فى كرسيها و قالت بكل حزم
(حسنا يكفى كلاما ....اخرجى الان فورا قبل ان ياتى احمد مهران )
ابتسمت الطفلة الصغيرة و قالت
(هل تخافين من هذا احمد مهران)
ابتسمت سابين هى الاخرى و رددت نفس الجملة التى قالتها الطفلة منذ قليل
(ان لا اخاف من احدٍ ابدا )
اتسعت ابتسامة الطفلة وقالت
(جيد لا يجب عليكِ ان تخافى سوى من خالقك)
نظرت سابين الى هذه الطفلة التى لم تلوثها شرور الدنيا بعد ثم قالت بكل حزم وصرامة
(هيا ايتها الصغيرة اخرجى الآن ........ فانا لااطيق الاطفال اصلا )
ظلت الابتسامة مرسومة على وجه الطفلة بدون ان يظهر عليها اى جرحٍ للمشاعر من عبارة سابين الفظة .ثم قفزت من على سطح مكتبها و اتجهت الى الباب وهى تلوح بيدها لسابين .
قالت سابين فجأة قبل ان تخرج الطفلة من الباب
(لم تخبرينى ما اسمك )
التفتت الطفلة اليها وقالت بوداعة ( تالا )
اومأت سابين ثم صرفتها بحركة صلفة من يدها وهى تقول
(اخرجى الآن تالا ولا تعودى هنا مرة اخرى )
ضحكت الطفلة السعيدة ثم انطلقت خارجة بمرح وكأنها كانت للتو فى مدينه احلام الاطفال
********************
وضعت كفيها الصغيرين على باب غرفته وهى تستمع الى اصوات تحطم و ركلات ثم تأوه مكتوم و اطلاق لعنات و شتائم بذيئة .
كانت دموعها تنهمر على وجهها و هى تنشج بصمت ثم عادت لتطرق على الباب بخوف وهى تناديه باكية
(افتح الباب يا فارس ارجوك ....ارجوك ......دعنى فقط ادخل اليك )
صمتت تخنقها شدة البكاء ثم عادت لتطرق الباب مرة اخرى و تنادى
(فارس ....سادعك تفرغ شحناتك بي ....انا اقبل لكن ارجوك دعنى ادخل اليك )
سمعت صوت تحطم عالٍ بعد كلماتها ,اعلى من كل الاصوات السابقة, فاخذت تطرق بقوة اكبر وقد انتابها الهلع وهى تصرخ
(فارس ......فاااارس )
ساد الصمت داخل الغرفة تماما فاصابها ذعر شديد و اخذت تطرق بكلتا قبضتيها و تستمر فى صراخها .
فتح الباب فجأة بعنف و اطل منه وهو بهيئةٍ شيطانية تلقى الرعب فى النفس , الا انها لم تشعر فى هذه اللحظة سوى بالراحة العميقة لرؤيته واقفا بخير امامها , تنهدت و هى تزفر بعمق من رعب اللحظات السابقة .
مدت يديها الاثنتين و اخذت تمررهما على ذراعيه وصدره واكتافه و ظهره تتفحصه ان كان قد اصابه مكروه حتى وجدت ان قبضة يده ممزقة و تنزف بغزارة , شهقت برعب و هى تهتف ( ماذا فعلت ؟ )
دخلت الى الغرفة بسرعة فوجدت ان المرآة الكبيرة التى تحتل مساحة حائطا باكمله متكسرة الى شظايا قاتلة على الارض فعلمت انه حطمها بقبضة يده .عادت اليه بسرعة و سحبته من يده الاخرى و التى ضمدتها صباحا بعد ان كسر الكأس
اتجهت به الى الحمام و اخذت تنظف الجرح و تطهره وهى تدعو الله الا يكون بحاجة للتقطيب .
لم تأبه لصمته الذى تعلم جيدا انه يسبق عاصفة شعواء ستهب لتقتلع رأسها من جذورها .
بعد ان انتهت رفعت وجهها اليه و قالت بقوة بينما الدموع تغطى وجهها
(لن نستسلم يا فارس ..... هل تسمعنى لن نستسلم .....الجراحة التى يؤيدها الطبيب تبدو ....آآآآآه )
تأوهت وهى تشعر بقبضته تجذب شعرها بعنف لترجع رأسها للوراء , و رأت ملامحه المتوحشة وهى تنظر اليها بكره و هو يكاد يفتك بها و قال وهو يكز على اسنانه
(لا تتدخلى فى قراراتى .......حتى لا اؤلمك اكثر من هذا هل تفهمين )
أومأت برأسها برعب لكنها عادت وتذكرت انه لا يراها فقالت بخوف
(نعم فهمت )
ارتخت قبضته قليلا ليسمعها تقول بسرعة
( الجراحة هذه المرة مبشرة جدا )
ثم اغمضت عينيها منتظرة ما سيحل بها , الا ان شيئا لم يحدث ففتحت عينيها و هالها نظرة الام العميقة المطلة من عينيه الجميلتين المظلمتين .
آه يا حبيبي المسكين هذا ما يحدث كل مرة بعد متابعة الطبيب , لا تقدم يذكر ليعود الطبيب و يقترح ان الجراحة التالية ستكون مبشرة الا انه لا يستطيع تاكيد ذلك .
احيانا كثيرة تشعر بإحساس فظيع بالذنب يقطعها اربا لانها تشجع تعرضه لهذا الكم من الجراحات والآلام , انها تشعر بكل ما يتكبده و يعانيه من آمال و توقعات ثم احباط و فشل و جراحة تدمر روحه قبل ان تدمر عينيه .
همست بصوتٍ خافت
(ارجوك يا فارس لا تيأس ..... ارجوك انا محتاجة لقوتك لتمدنى بها ...... انا لا استطيع الصمود بدون قوتك .....انت الوحيد الذى استند عليه فى هذه الدنيا فلا تخذلنى ارجوك )
علت فمه ابتسامة ساخرة مريرة اعقبتها ضحكةٍ عالية مليئةٍ بالاسى وصرخ
(تستندين على رجلٍ اعمى ...........اذن فانتِ غبية و تستحقين ان تقعى لتدقى رأسك اليابس العنيد)
حاولت ان تمتص غضبه و المه وهى تقول
(نعم ...نعم انا استحق كل ما سيصيبنى ....هذا قرارى و هذه حياتى ....فارجوك لا تبعدنى عنك )
اغمض عينيه بشدة و اندفع عائدا الى غرفته صارخا
(لا اريدك.....هل تسمعيننى لا اريدك )
تعثر وهو يمشى على غير هدى بطرف البساط فسقط على الارض وضربت رأسه بحافة الفراش , اندفعت سما ناحيته و هى تبكى من شدة اليأس , جثت بجواره على الارض و اخذت تنظر الى الجرح الجديد فى جبهته .
آه يا الهى انت تجرح نفسك كل يوم . الا تكفيك جروح نفسك لتجرح جسدك .
ابعد يدها بعنف و هى تتلمس جبهته وقال وهو يلهث
( لماذا لا تستسلمين ... هل ستعيشين حياتك كلها راهبة .... الا ينتابك الفضول لمعرفة ما هو شعور ان تكونى امرأة .....)
سكت قليلا ثم تابع كلماته الوقحة البشعة
(سينتهى بك الامر الى خيانتى يوما ما ...هل هذا هو ما تنوينه ...لاننى مهما فعلتِ لن اجعلك زوجتى ابدا ...ادخلى ذلك بعقلك اليابس )
قال جملته الاخيرة وهو يضرب جانب راسها بسبابته
اغمضت عينيها لا تصدق بشاعة ما سمعته
, ثم فجأة اخذت نفسا عميقا واستقامت على ركبتيها, احاطت وجهه بكفيها و استندت بجهتها على جبهته وقالت وهى تلهث هى ايضا
( لن اتركك ولن اخونك ....ليكن هذا واضحا لك يا فارس مهران ...اذن فلتستسلم انت لاننى لن استسلم ابدا .....
فانت لا تعرف بعد ما يمكن ان تفعله امرأة من نساء الراشد حين تتمسك بما هو لها ) .
امتدت فجأة ذراعا حديدية التفت حول خصرها النحيل و جذبتها اليه ليسحق شفتيها بشفتيه الجائعتين و هو يقبلها بعنف خرج من عقاله
انها المرة الاولى التى يقبلها , ان طعمها كقطعة الحلوى ,اخذ يقبلها ويقبلها وهو يشبع جوعا كان كامنا بداخله لم يشعر به الا الآن .
استسلمت بين ذراعيه وهى تشعر بالدوار و الذهول , انها قبلتها الاولى, اذن هذا هو السحر الخفى الذى يتحاكى عنه الناس على استحياء و يتغنى به الشعراء ,انها نارا تعصف بكيانها تقلبه راسا على عقب .
وقعا على الارض معا فجذبها فوقه ليتساقط شعرها الحريري العطر على وجهه بينما يديه تجريان على جسدها لتشعل به نارا ذائبة كالحمم البركانية.
استمر جنون اللحظات العاصفة بينهما وهما لايدريان كم مر من الوقت .
لكنه فجأة دفعها لتسقط على الارض , استقام جالسا و قال وهو يلهث بعنف
( اخرجى من هنا )
نظرت سما اليه بذهول وهى تلهث بشده تكاد تموت من شدة انفعالها و قالت متلعثمة
(مم...ماذا ؟!!)
صرخ فيها بشراسة
(اخرجى ...... قلت اخرجى)
قامت سما من على الارض و خرجت راكضة من الغرفة ولم تخلف ورائها سوى صدى شهقاتها .
دفن رأسه بين كفيه
ما الذى فعلته , لقد اشعلت نارا وكيف سأطفئها ,كيف سأقاومها بعد الآن , كيف سأقاوم اغراء زوجتى الصغيرة التى لم تصبح بعد زوجتى .
الفصل الثامن
كان الظلام يحيط به من كل اتجاه ٍ و الصمت الشديد يدوى باذنيه يكاد ان يصمها , كان يسير على غير هدىٍ متعثرا فى اللا شىء , يمد يديه ليجد ما يستند عليه و قد يرشده , الا انه لا يجد سوى الفراغ .
فراغ واسع ممتدا امامه لا ينتهى , و الظلام تزداد كثافته حتى شعر به يكاد يجثم على صدره و يخنقه .
و فى غمرة ضياعه قفز اسم واحد الى عقله , اسم واحد يبحث عنه ولا يجده . اسم واحد هو الوحيد القادر على ارشاده الى الطريق .
الا انه حين حاول ان ينادى بهذا الاسم وجد ان صوته لا يخرج من شفتيه .
فجأة سمع همسا يطير ناعما فى تجويف اذنه
(لم اعد استطيع .......لم اعد استطيع ........سارحل للابد )
حاول ...... و حاول ........لكن لا صوت له اخذ الرعب يستبد به و هو يحاول مستميتا ان ينادى .
حاول ...... و حاول .... اخذ يختنق و يختنق ,
وفجأة خرج صوته صراخا مدويا
؛(سمااااا ........ سماااااااا) .
اخذ يمد يديه من حوله , فتحسس فراشه و هو جالسا عليه بعد ان افاق من نومه مذعورا .
كان يلهث بشدة و قد اخذ صدره يعلو و يهبط بسرعة و قد غطى العرق البارد جبهته . حاول السيطرة على نفسه و اخذت انفاسه تهدأ قليلا حين ادرك انه عاد لعالم الواقع
الا ان خوفا آخر استبد به فجأة . هناك شيئا خاطئا .
انه الصباح يشعر باشعته الدافئة على وجهه ........ لكن لا نسائم ياسمين .. اخذ يستنشق بعمق علها تصل اليه , لكن لم يصل صدره سوى هواءا باردا جافا خاليا من نسماتها .
لقد مرت الليلة بدون ان تاتى لتطمئن عليه كالعادة ....... ومن سيلومها .... لقد جرحها جرحا لن يستطيع تضميده ابدا كما تفعل هى مع جروحه .
عادت اليه ذكرى قطعة الحلوى التى تذوقها ... انها تقطر عسلا ...... من كان يخدع ......
كان يمطرها بكلاما مسمما عن عدم رغبته بها . الا انه كان فى الواقع يحاول اقناع نفسه . كان يخبىء جوعا عنيفا لها .... جوعا لم ينهشه الا بالامس حين تفجر كل عالمه فجأة .
يا احمق ..... ما ان لفظت كلمة الخيانة على لسانك حتى دبت النار بصدرك ونشب الغضب خالبه بقلبك .
سما الصغيرة الناعمة مع رجلا اخر ......يعلمها الحب ..... يفتح لها ابواب دنيا لم تدخلها بعد ,
دنيا كان يجب عليه ان يشدها هو اليها حتى ولو رغما عنها ......اليست ملكه .... لقد دفع ثمنها فلما لم يستفد بمزايا صفقته .
بقايا من ضمير انسانى موجود باعماقه كانت تمنعه عن مراهقة صغيرة سافرت معه لترعاه .
لم يحاول حتى ان يفكر بحقه فيها , بالرغم من جشاعتها هى و امها .
الا انه لم يكن يتصور ان تقوم المراهقة الصغيرة بخدمته كالعبيد نهارا , ليأتى ويشبع حاجته فيها ليلا , لم يكن قد وصل بعد الى هذا القدر من الدناءة , بالرغم من ان هذا هو كان هدف الامبراطور ذو القلب الحجرى .
ان يهديه الوسيلة التى يشبع فيها عنفه المكبوت و الذى يهدد بان يفقده ابنه الاصغر .
الليلة الماضية ..... لم يعد متأكدا من اى شىء .....شعر الليلة الماضية انه ليس واثقا من صواب حكمه .
لقد كبرت قليلا و صارت امرأة صغيرة ناعمة تفيض بالانوثة ووحشية التملك التى تظهر حين تحاول التمسك برجلٍ يخصها .. لقد افقدته البقية الباقية من سيطرته على نفسه .
وفى اللحظة الاخيرة استعادها قبل ان يفعل ما يندم عليه فى الصباح .
وها هو الصباح .... من المفترض ان يشعر بالفخر لتماسكه , الا انه لا يشعر الا بالخوف ..... فارس مهران يشعر بالخوف لمجرد انه لم يستنشق نسمات الياسمين الى الآن .
اخذ قلبه يخفق بسرعة شديدة ..... اين هى ...هل تعاقبه ؟ ... اختلط خوفه بغضبٍ هادر ....هل تعتقد انه يحتاجها ......فلتذهب للجحيم ...... هل رحلت ......هل استسلمت ورحلت .
صرخ فجأة بصوتٍ وحشى
سماااااا ..........سماااااااااااا
.................................................. ...........
صراخه يمزق قلبها يقطعه اربا ........ تريد ان تطير اليه .
لا تعلم كيف استطاعت ان تقسي قلبها و لا تزوره ليلا لترى ان كان يحتاج شيئا كما تفعل كل ليلة .
لكنها لا تستطيع تخيل مواجهته بعد الذى حدث , لقد استسلمت له بطريقة مخزية , لم تنطق كلمة اعتراض واحدة ...... و كيف تعترض و قد انهارت روحها قبل جسدها بين يديه , لم تعرف مثل هذه المشاعر من قبل , احست انها مستلقية على سحابةٍ تطير فى سماءٍ واسعة .
لكن حين رفضها ........ حين رفضها .... شعرت انها وقعت على الارض و تناثرت شظايا قلبها .
استمر صراخه يناديها فوضعت كفيها على اذنيها و هى تبكي لا تدرى متى ستعود اليها القوة لتواجهه .
مهما طال وقت هروبها لا بد ان تذهب اليه فى النهاية , لن تتركه ابدا .. لن يستطيع التصرف فى اى شىء بدونها .
ظلت لحظات صامته و الدموع تنهمر على وجهها , ثم قررت فجأة انه لا مفر من مواجهة المحتوم .
قامت من فراشها و اتجهت الى الحمام ..طالعتها فى المرآة صورة عينان مخيفتان من شدة حمارهما و تورمهما , انهت حمامها بسرعة و ارتدت ثيابها ثم سارت ببطء متجهه الى غرفته كالمحكوم عليها بالاعدام .
وقفت بباب الغرفة المفتوح ثم اخذت نفسا عميقا و خطت داخلها .
.................................................. ..................
نسائم الياسمين .........انها هنا .......لم ترحل , انها هنا , شعر فجأة و كأن حجرا مدببا يقف بحلقه .
سمع وقع رفرفتها الناعمة حتى وصلت اليه وقالت همسا
(آسفة ...... لقد اطلت النوم )
هل يجب ان تكون بهذه القسوة ........ لو اهانته , لو جرحته لما كانت بنفس قسوتها وهى تعذبه بقوة احتمالها و جلدها .
ظل صامتا يحاول اخذ انفاسه و تهدئة لهاثه .ثم قال بصوتٍ اجشٍ جاف
(اشعر بصداعٍ فظيع )
قالت هامسة
؛(لحظة واحدة )
ثم غابت فى الحمام لحظات و عادت باقراص الدواء , امسكت بيده وفتحتها ووضعت بها القرص وهى تدعو الله الا يلاحظ ارتعاشها للمسها اياه .
يدها ناعمة ..ناعمة للغاية , هل كانت بهذه النعومة من قبل , ام ان اليوم حدث ما زادها نعومة ....هل جسمها بنعومة يدها ..... ام اكثر نعومة .
غبي ...غبي ها انت تنجرف مرة اخرى , هل القت عليك لعنة ام ماذا؟!!
افيق .... انها سما ....سما الصغيرة , متى اصبحت ملكة الإغواء لتشعرك بما تشعر به الآن .
شعر بلمسة اوراق الورد على جبهته فانتفض و سمع همسا حنونا
(الا زال الصداع شديدا ؟)
احس بحافة الفراش تنخفض عند جلوسها برقة بجواره .وكأن هذا ما كان ينقصه.
احتاج لكل قوته كى لا يمسك بها ويرميها على الفراش بجواره ,اخذ نفسا عميقا مرتعشا ثم قال بصوتٍ اجش
(املت ان تكونى قد رحلتِ....)
رفعت عينيها المجروحتين اليه فاقدة الامل فى الحياة نفسها .
احست انه جاء وقت السؤال الذى تساله لنفسها كل يومٍ فسالته همسا
(لماذا لا تطلقنى ؟.....)
احست وهى تنطقها و كأنها تنطق الحكم باعدامها وسالت نفسها بهذيان ما الذى سيمنعه الآن من نطقها .... لقد اعطته السلاح ليقتلها و سيصوبه نحوها الآن , اغمضت عينيها منتظرة مصيرها المحتوم .
لقد اصابته برصاصةٍ طائشة .... نعم هذا هو ما يشعر به الآن , لقد بدأت تستسلم واول الاستسلام هو السؤال الذى لن يعرف اجابته يوما
جشعة وضيعة كأمها فلماذا لايخرجها من حياته , هل لانه يحتاج اليها ؟ ...يحتاج لخدمتها له ...لرعايتها ,بعد رفض الجميع له ,هل اصبح عاجزا لهذا الحد .
الا انه الليله الماضية لم يكن مع ممرضته ..... لم يكن مع خادمته.......لم يكن مع سائقته .....كان ... كان مع امرأته .
لم تكن مجرد شهوة كان احساسا فظيعا بالتملك لم يستطع تفسيره .
اخيرا قال بجفاءٍ وفظاظة
(لقد دفعت ثمنا باهظا )
اغمضت عينيها بالم وسالت هامسة
(اذن لماذا تدفعنى لكى ارحل )
شعر انه يدور فى حلقةٍ لا يفهمها و لا يستطيع الخروج منها ......احس انه يريد الهروب ....... الهروب ام العودة ؟..........
قال فجأة
(اريد العودة )
رمشت بعينيها و سألت
(العودة ؟.....العودة لأين؟!!)
قال بشرود
(اريد رؤية ادهم )
ارتعش قلبها حين لفظ كلمة رؤية , ثم وعى عقلها لما قاله ....العودة ...ادهم
هل يقصد ان يعودا بعد غياب ثلاث سنوات ....ثلاث سنوات لم ترى فيها سابين .....فقط تسمع صوتها على بعد الاف الاميال ....هل من الممكن ان تراها اخيرا
قالت بصوتٍ مرتعش
(هل سنعود فعلا يا فارس ؟.......)
ظل صامتا لحظات ثم قال
(نعم ..... نعم سنعود)
اغمضت عينيها و تنهدت بعمقٍ ............ ارتسمت شبه ابتسامة على شفتيها وهمست
( سابدا باجراءات السفر حالا )
ثم رفعت يدا مرتعشة متردده الى فكه و لمسته برقةٍ وهى تقول
(و ستكون فرصة لتتخذ قرارك بشأن الجراحة )
مد يده و امسك ذقنها بقوةٍ وهو يقول بصوتٍ اجش
(انا لا اريد ان اؤلمك فلا تدفعينى لذلك يا سما)
لا يريد ان يؤلمها .....لا يريد ان يؤلمها ......تكفيها هذه الجملة ,انها افضل كلمات سمعتها منه منذ ان تزوجها وهى تكفيها , و ستكون درعها فى الايام المقبلة , ارتسمت على شفتيها ابتسامة عشق حزينة . بينما هو يتسائل ان كانت هذه هى النهاية ...... ان تعود الى الافعى
.................................................. ..........................................
كانت جالسة امامه تنظر الى الاوراق بيدها ,تؤرجح ساقا فوق الاخرى , تطرق بظهر قلمها على جانب فكها ,نظارتها ذات الاطار الاسود فوق عينيها القاسيتين الرائعتين , شعرها الاسود الحريري مجموعا فى عقدة انيقة خلف عنقها
شفتيها المكتنزتين القرمزيتين تتحركان ........ تتحركان ؟ ..... ماذا قالت ؟
(ماذا قلتِ؟.....) قال بصوتٍ جاف
رفعت نظرها اليه رافعة حاجبيها ثم اعادت سؤالها
(سالتك هل تريد ان تضيف احدا الى قائمة المدعوين ؟)
ظل ينظر اليها بقسوةٍ لحظة ثم قال
(لا .... القائمة مكتملة )
نظرت اليه ثم اومات برأسها وهى تعيد النظر الى اوراقها
(الى اى مدى وصلت علاقتك بمازن ؟)
انطلق هذا السؤال فجأة ليجعلها ترفع رأسها كالسهم تنظر اليه رافعة حاجبيها لا تصدق ما سمعته
قالت بصوتٍ هادىء شابه الصقيع
(ماذا قلت ؟)
قال بقسوةٍ تهز البدن
(لقد سمعتِنى )
ظلت تنظر اليه و البرود فى عينيها تتزايد به الشراسة التى تسيطر عليها بمهارة
ثم قالت اخيرا بمنتهى البرود
(لماذا لا تسال مازن ؟ )
اجابها وعيناه تقيد عينيها
(سالته.... )
ردت عليه ( وبماذا اجابك ؟)
سكت لحظة ثم قال (لن تعجبِك الاجابة )
اظلمت عينيها وعصفت بلونٍ داكن ثم قالت
؛(اذن لماذا تسالنى ؟ )
ظل صامتا ينظر اليها لا يملك ردا , لكنها اعفته من الرد وهى تقف باناقة ناظرة اليه من علو و ملامحها الجميلة متصلبة لا تعبير لها ثم قالت بصوتها الناقوسي الذى اعتاده فى الآونه الخيرة
(لن يعجبك ردى انا ايضا يا سيد احمد .......لكنك لا تملك محاسبتى , فلست انا من تخصك )
التفتت مبتعدة بكل رشاقة بدون ان ترى نيران الغضب التى اشتعلت بعينيه و قبضتيه المضمومتين بقوة
ولم يرى هو نظرة عينيها.................
.................................................. .................................
كان الحفل السنوى لرجال الاعمال المقام على شرف تولى احمد مهران رائعا منظما شديد الرقي , حضره نخبة رجال الاعمال وصفوة المجتمع و زوجاتهم .
الوقحة ..كان من الضرورى تواجدها قبل حضور المدعوين , الا انها لم تظهر الى الآن ستظل شديدة الوقاحة وهو لا يدرى الى متى سيستمر صبره .
كان فى منتصف حديثه مع رجلا من رجال الاعمال حتى توقفت كلماته فجأة وهو ينظر باتجاه الباب ... ليراها تدخل وهى تتهادى ناظرة حولها بلا مبالاة .
كانت ترتدى فستانا اسود طويل يلتصق بقوامها التصاقا ساحرا , فتحة رقبته الوسعة وقحة لكن دون ان تكشف عن الكثير , كان يحتضن جسدها ليظهر ارتفاع صدرها و نحافة خصرها ثم يهبط ليظهر اكتنازا مغريا .
و شعرها .. اول مرة يراها مطلقة لشعرها اسودا حريريا متموجا بجنون ,طويل يصل لخصرها وجموعا على كتفا واحدة .
شفتاها المكتنزتان مصبوغتان بلون احمر قانٍ اشد من الذى اعتادته
ذراعاها المكشوفتان ناعمتان بلون بياض اللؤلؤ , كانت مدمرة , ساحرة .
ظلت تتهادى لا تهتم للنظرات المصوبة ناحيتها و لا الهمسات التى التى اعتادتها بينما عينيها العابثتين تتسليان الى ان التقت بعينيه.... اختفت الاصوات من حولها فجأة وظلت اسيرة النظرات القاتلة .... كانا ينظران الى بعضهما البعض وهناك حربا معلنة بين اعينهما اسقطتهما اسيرين .
ظلت تسير باتجاهه وعيناها لا تحيدان عن عينيه حتى وصلت اليه .
ظلا صامتين لحظات حتى تنحنح الرجل بجوار احمد مهران ليتناول يد سابين ويقبلها بوقاحة .
نظرت سابين الى الرجل بصلفٍ وغرور وكأنه عبدا من عبيدها , كانت تعرفه جيدا وهو من اكثر الرجال سماجة
كانت عيناه تنهشانها كلما جاء لمازن مهران , ملمس شفتيه على يدها اثار قشعرة اشمئزاز بجسدها .
حركت نظرها الى احمد فلم يطالعها سوى تصلب ملامحه الا انها كانت واثقة من انها رات لمحة ازدراء قوية بداخل عينيه
رفعت حاجبها الايسر و رسمت ابتسامة استخفاف على شفتيها الجميلتين .
سمعت صوته المقزز وهو يقول
(لقد بدات الموسيقى ..فلتفتتح الرقص سيد احمد مع مديرة مكتبك الساحرة )
لم يلتفت احمد اليه و ظلت عيناه مثبتة عليها و هو يقول بقسوة
(انا لا ارقص )
شعرت بالغضب الاعمى يهيج فى اعماقها .... من هو ليرفض سابين الراشد .. لم يفعلها رجلا قبله .
وقبل ان ترد عليه بما يليق به ضاربة بكل الاصول عرض الحائط , قال الصوت المقزز
(اذن فلتسمح لى انا بهذه الرقصة )
لم يتنازل حتى للرد , فما كان منها الا ان نظرت اليه باستعلاء و سمحت لهذا السمج بان يسحبها من يدها ليبتدآ الرقص .
حين استدارت طالعه ظهرا مكشوفا شديد البياض اثار حنقه عليها اكثر واكثر بعد ان سمحت لرجلٍ لا تخفى عليها نظرته التى تكاد تعريها من ثيابها ان يمسك بها بين ذراعيه .
وقف فى مكانه بجمود يراقبهما يرقصان و هذا الرجل الفظ يضع يده على ظهرها العارى ,محاولا قدر الامكان السيطرة على الغضب المتصاعد بداخله و الموجه الى تلك اللعنة المسماة سابين الراشد .
حين تزايد عدد المتوافدين للرقص احست سابين به يجذبها تدريجيا اليه , فحاولت الابتعاد قدر الامكان .
القذر ....... القذر اول مرة يصل تطاوله الى هذا الحد .
شعرت بيده اللزجة تتحرك ببطء على ظهرها ,فحاولت دفعه بقبضتها و قد بانت الشراسة بعينيها , الا انه لم يهتم و تابع ضمه الوقح لها . فما كان منها الا ان همست همسا هادرا لا يسمعه الا هذا القذر وهى تكز على اسنانها
(ابتعد )
لكنه ضحك بخفة و قال بابتسامة صفراء
(لا تفتعلى فضيحة يا سابين , فاحمد مهران لن يعجبه ابدا ان تثيري غضبى )
استمرت فى دفعه بطريقة خفية حتى لا يلاحظ من حولهم من الراقصين و همست بعنف
(لا اهتم بك او به .... ابتعد والا فقسما بالله ساثير فضيحة لم يشهدها وسطكم القذر من قبل )
اتسعت ابتسامته و هبطت يده زاحفة الى خصرها ثم تابعت نزولها ..........
عند هذه اللحظة دفعته دفعة قوية بكلتا قبضتيها , و قبل ان يصب غضبه عليها و الذى ظهر بحدقتيه الزائغتين , سمع صوتا رجوليا صلبا منخفضا يبعث الرعب فى النفس و هو يقول
(امامك دقيقة واحدة لمغادرة هذا المكان و الا فلا تلم غير نفسك )
نظر الى احمد مهران و الذى فجأة بدا و كأن قناع التهذيب فارقه ليظهر بمظهر رجل الكهف ,. فقط من نظرة عينيه المتوحشة
قال بصوتٍ مرتعش وهو يحاول ان يظهر بقوةٍ زائفة
(انت لا تعرفها بعد سيد احمد , انها سابين الراشد انها ........)
امتدت يد احمد كقبضة حديدية لتمسك به من عنقه و هو يقول بصتٍ يدوى بالرغم من خفوته
(كلمة واحدة اخرى و سترى نفسك ملقى على الارض تحت قدميها )
ارتعش بجبن و هو يلاحظ الفرق بين قامته القصيرة الممتلئة و بين الحائط البشرى المفتول العضلات امامه , فما كان من الا ان حاول تعديل ربطة عنقه بذلٍ و ارتباك بعد ان تركه احمد , ثم سار مبتعدا متعثرا بين المدعوين اللذين لفت نظرهم ما حدث بدون ان يسمعوا الحوار الذى دار بين الرجلين والمرأة شديدة الجمال بين الراقصين .
امتدت يد احمد ووضعها بحزمٍ على خصرها بدون ان تشعر فعليا انه لمسها , و بيده الاخرى القوية امسك يدها وهو يهمس بقسوة
(ارقصى .....)
كانت سابين لاتزال فى حالة من الذهول مما حدث لتو , وضعت يدها على كتفه و اخذا بالكاد يتحركان بينما تشعر ان عاصفة قد اصابتها.
استمرا يرقصان لحظات وهى شاردة تائهة لا تشعر به يلمسها و مع ذلك تشعر بان كل من حولهم قداختفوا فجأة ليبقى فقط صوت الموسيقى الناعمة و رائحة الرجولة المعطرة المنبعثة منه , وكتفه الضخمة التى حجبت الرؤية عن عينيها .
فجأة سمعت همسا هدر فى اذنها
(ما الذى تستفيدينه من امتهان نفسك ؟ )
رفعت عينيها اليه بصدمة بعد ان انتزعها من العالم الذى تعيشه , فقالت بقسوة
(و لماذا تدخلت طالما اننى اخترت ان امتهن نفسي )
قال بعنف
(لست انا من اترك امرأة تحاول التملص من بين يدين قذرتين ... ايا كانت هويتها )
اخفضت نظرتها واغلقت فمها . لاول مرة احست انها لا ترغب فى الرد , فقط تريد ان تكمل هذا التمايل الرائع , وصمت هو ايضا و كأنه كان اسيرا لهذا التناغم و الانسجام لجسدين أبيا ان ينصاعا لحربا بين عقلين ليس لهما مكانا فى هذه اللحظات .
وقد غاب عنهما ما اثاراه من اقاويلٍ ستثار شهورا وشهور .
*******************************
كان ينظر اليها وهى نائمة , انها تبدو كحمامة بيضاء يقوم بتربيتها , ظهرت على فمه ابتسامة صغيرة و هو يتلمس وجهها وعنقها برقة , انها تبدو شديدة البراءة , تبدو طفلة وليست امرأة تزوجت مرتين........
تبا.. لماذا يتطرق عقله دائما الى هذه النقطة السوداء بحياته , حاول نفض هذه الافكار المظلمة من عقله ليركزعليها هى .
اخذت اصابعه تتخلل شعرها ليمشطه على الوسادة .
كم يوما مر منذ ان لمسها آخر مرة . يشعر انه قد مرت سنين ....كم يريدها و كم يمارس على نفسه اقسى درجات السيطرة لكن الى متى , هو واثق انه لو ايقظها الآن و اخذها بين ذراعيه فلن تمانع , فبعد ليلة زفافهما الشعواء استسلمت له تماما مما اصابه بغرورٍ وسعادةٍ لا توصف , ليستيقظ صباحا و يفاجأ بحالتها الغير طبيعية ابدا ,ولو استسلمت له الآن فماذا ستكون ردة فعلها التالية .
آه يا حلا ستظلين سبب شقائى دائما
لم يستطع تمالك نفسه اكثر و اقترب منها وهبط بفمه ليقبل شفتيها الناعمتين بلمسة رقيقة حتى لا يزعجها , الا انه حين تصاعد شغفه اخذت قبلاته تزداد عمقا و حرارة , ففتحت عينيها الناعستين وهى لا تدرى ماهى القوة الغريبة التى ايقظتها .
نظرت اليه فابتعد عنها لينظر الى عينيها و انفاسه لاتزال متسارعة و الرغبة العمياء تعصف به .
قال لها مبتسما بهدوء لا يتناسب مع ما يعانيه
(صباح الخير )
ردت عليه برقة و هى ترمش بعينيها
(صباح الخير )
قال بصوتٍ خافت بطيء
(انتِ تنامين كطفلة )
ارتبكت قليلا وقالت
(هل كنت تراقبنى )
اتسعت ابتسامته ليقول بهجة مستفزة
(نعم ظللت اراقبك طويلا فهل لديكِ مانع ؟)
اخفضت نظرها لا تدرى ماذا تقول فتابع
(شعرت انه من حقى ان اشبع من رؤيتك طالما اننى سأغيب عنكِ طوال اليوم )
انتبهت فجأة انه يرتدى حلته الانيقة كاملة فقالت بدهشة
(هل ستخرج ؟)
(نعم ساذهب للعمل لكن ساحاول الا اتاخر )
كانت مندهشة لانه قرر فجاة الاستسلام من محاصرتها وبهذه السهولة
ظلت صامته فسالها بامل خفى
(هل تريديننى ان ابقى معكِ)
قالت بسرعة و لهفة دون ان تستطيع ان تمنع نفسها
(لا تكن سخيفا ....لابد ان تذهب الى عملك لقد اطلت البقاء جدا)
اصابته لهفتها فى الصميم فاختفت ابتسامته و تجمدت ملامحه لكنه لم يتكلم
اثار جموده الخوف فى نفسها فحاولت ان تقول متلعثمة
(انا اقصد ... اننى لا اريد ان تتعطل اعمالك بسببى )
ظل صامتا لحظات شعرت فيها ان قلبها سقط بين قدميها , فلم تجرؤ على رفع نظرها اليه
اخيرا تكلم بصوتٍ هادىء متباعد
(حسنا ساذهب الآن هل تحتاجين لأى شىء )
اشارت برأسها علامة النفى بدون ان تنظر اليه .فما كان منه الا ان جذبها بين ذراعيه بقوة و التهم شفتيها بين شفتيه فى قبلة عاصفة حاول قدر الامكان الا يظهر غضبه بها , ثم تركها فجأة ليقوم سريعا تاركا اياها ترتجف.
كان يقود سيارته و هو يشعر بإحباط شديد , كان يظن انه اقترب منها , كان يظن انها اصبحت تحتاجه الا انها بجملة واحدة اظهرت له انها لا تطيق صبرا للابتعاد عنه .
زفر بشدة و هو يشعر انه كلما اقترب منها خطوة تبعده عنها خطوتين .
.................................................. .......................................
تمطت فى فراشها بدلال و هى تفكر باثارة ,ماذا يمكنها ان تفعل الآن؟ لديها قصرا واسعا تستطيع ان تفعل به ما تشاء .
انها حرة بدون مراقبة حتى ولو لساعاتٍ قليلة . بعد تفكير قصير قررت انها ستترك ما ستفعله بداخل القصر للغد او بعد غد , فبما انه عاد الى عمله فأكيد سيخرج كل يوم تاركا لها بعض المساحة لتحاول بناء حلا جديدة .
فكرت انها ستخرج للحديقة , لو كانت تستطيع القيادة لكان بامكانها ان تخرج بالسيارة الآن , لكنها لم تتعلم القيادة يوما , ترى هل لو طلبت منه تعلم القيادة سيقبل ؟ , تخيلت نفسها وهى تقود سيارة بسرعة و شعرها يطير مع الهواء شعرت بالابتهاج و الاثارة سيكون هذا اول شىء تطلبه منه وهو سيقبل بالتاكيد , ابتسمت برقة ثم قفزت من الفراش , تحممت و ارتدت فستانا منقوشا بالوان طفولية فاتحة , نزلت على السلالم راكضة .
وصلت الى باب القصر و قبل ان تمد يدها اليه سمعت صوت مدبرة المنزل من ورائها
(هل تنوين الخروج سيدتى )
التفتت حلا بسرعة اليها و ابتسمت برقة وهى تقول
(نعم سيدة اسراء .... ساخرج الى الحديقة قليلا )
اومات السيدة متوسطة العمر بأدب وهى تقول
(تفضلى سيدتى )
فتحت حلا الباب العملاق و خرجت لتملأ صدرها بالهواء الرائع , وبعد ذلك خطت عدة خطوات لتفاجأ بالسيدة اسراء وراءها تماما فالتفتت اليها وهى تسأل بريبة
(هل تريدين شيئا آخر سيدة اسراء)
قالت مدبرة المنزل
(لا سيدتى لكننى هنا لمرافقتك )
حاولت حلا الا ترتعب وهى ترد
(شكرا سيدة اسراء ..... لكننى لااحتاج لمرافقة الآن )
لم يظهر اى تعبير على جه السيدة الجامد وهى تقول
(السيد أمر بمرافقتى لكِ خارج القصر سيدتى )
حاولت حلا التنفس وهى تشعر ببدء ظهور حالتها الهيستيرية وقالت بتشنج
؛(شكرا سيدة اسراء ادخلى انتِ وانا سأتفاهم مع السيد )
ظلت السيدة اسراء واقفة مكانها لم تتزحزح وهى تقول
(اعتذر سيدتى.... هذا غير ممكن )
ظلت حلا تنظر اليها وصدرها يعلو ويهبط بانفعال ثم قالت اخيرا بارتعاش
(سيدة اسراء .....انا سيدة هذا المكان الآن والاهم اننى سيدة نفسي وانا اقول لكِ اننى لا احتاج لمرافقة )
ظلت السيدة اسراء على جفائها وهى تقول
(آسفة سيدتى .........لا بد ان يعطيى السيد تعليماته بهذا )
شعرت حلا ان غضبها انفلت من عقاله فاندفعت قائلة
( انا سأخرج .....اخبرى السائق ان يجهز السيارة )
واندفعت الى الامام لكن اوقفها صوت السيدة اسراء الاجش المتصلب
(اعتذر سيدتى لكن غير مسموح لكِ بمغادرة بوابة القصر )
صعقت حلا وصرخت
(هل انا سجينه هنا؟!!.......)
ظلت السيدة صامته لا ترد , فما كان من حلا الا ان اندفعت راكضة نحو بوابة القصر العملاقة وهى تصرخ
(لا احتاج الى السيارة .......سأخرج على قدمي و سأرى من يستطيع منعى )
ظلت تجرى بعنف و شعرها الطويل يتطاير خلفها ووجهها شديد الاحمرار بسبب الانفعال, لم تكن تدرى انها بدت شديدة الجمال و قد اختلطت فيها الرقة و الضعف بالعنف .
وصلت الى بوابة القصر فأوقفتها ذراعا بشرية مفتولة العضلات وصوتٍ اجش يقول
(آسف سيدتى هذا غير مسموح )
نظرت وهى تلهث الى كتلة العضلات المسماة حارس الأمن وصرخت بهياج
(ابتعد عن طريقي )
لم يتحرك من مكانه ففقدت ما تبقى من سيطرتها و اخذت تدفعه بقبضتيها وهى تصرخ ويعلو صراخها بينما الكتلة البشرية ثابتة مكانها لا تهتز .
رجعت خطوة الى الوراء لتحاول التقاط أنفاسها وهى لا تعلم متى بدأ نحيبها , فتعثرت بحجرٍ ناتىء خلفها فسقطت على الارض ,سندت رأسها على ركبتيها وأخذت تبكى بصوتٍ عالٍ.
امتدت ذراعى حارس الأمن لترفعها , الا أن صوتا هادئا اوقفه حين قال
(ابتعد انت )
(سيدتى اعطنِى يدك من فضلك )
رفعت وجهها الاحمر المغطى بالدموع لترى امامها شابا من عمرها وسيم الملامح يرتدى بنطالا من الجينز الممزق و قميصا مقفلا بسيطا لا يخفى قوة جسده بالرغم من نحوله .
مد يده اليها وهو يتابع
(انهضى سيدتى )
أخذت تنظر الى اليد الممتدة امامها وهى لا تتحرك , فجلس القرفصاء امامها وهو يحاول اقناعها
(تعالى سيدتى ... سيكون كل شىء على ما يرام )
نهض وسحبها برفق من ذراعها حتى انهضها , ترنحت قليلا فاسندها بذراعه القوية , اخرج من جيب بنطاله منديلا نظيفا وناولها اياه
(تفضلي ...)
نظر الى السيدة اسراء وقال لها بأدب
(تفضلي انتِ سيدة اسراء ..و انا سأرافق السيدة الى باب القصر بنفسي )
وقفت السيدة لحظة لا تدرى ما هو التصرف الأمثل فشجعها الشاب بلهجةٍ ذات مغزى
(لحظات وستكون السيدة بداخل القصر )
هزت السيدة اسراء رأسها باستياء من كل هذا العرض السيىء ثم التفتت عائدة الى القصر
ظلت حلا واقفة مكانها تشعر بالخزى من هذه المعاملة التى تلقتها , سمعت صوت الشاب يأتى اليها هادئا و هو يسألها
(هل انتِ بخير سيدتى ؟)
ظلت صامتة وكتفاها تهتزان بنحيبٍ صامت .
شعر بالغضب الشديد من الوحش عديم الضمير الذى اسر هذه الأميرة الرقيقة و أغلق عليها الأبواب و سمح لخدمه بمعاملتها بهذه الطريقة المهينة .
لطالما سمع عن قسوة ادهم مهران الشبيه بوالده , لكنه لم يكن يتصور ان يوجه قسوته تجاه تلك المخلوقة البديعة التى تبدو وكأن نسمة الهواء ستكسرها , نظر اليها بعطفٍ وقال
(ما رأيك ان نمشى قليلا لتهدئى )
التفتت عائدة تسير ببطء دون ان تنتظره , ظل يسير بجوارها صامتا ثم قال فجأة قبل ان تصعد السلالم الرخامية لمدخل القصر
(ما رأيك ان اريكى حوض الورود .......لقد زرعتها بنفسي )
توقفت مكانها دون ان تلتفت اليه , فدار هو حولها الى ان واجهها و ظل واقفا حتى رفعت عينيها اليه , فشعر ان سهما نفذ الى قلبه .
صمتها وتوقفها اخبره بموافقتها فمد ذراعه و هو يقول
( انه هناك )
سارت معه ببطء الى حديقة صغيرة خلف القصر بها حوضا كبيرا من الورود المختلفة الالوان لكنها مزروعة بتصميم معين .
اخذت تنظر الى هذا الحوض و الذى بدا وكأنه لوحة فنية احتاجت الى فنانٍ عظيم ليصممها بهذا الشكل.
تقدمت ببطء الى هذا الحوض الرائع ثم انحنت على ركبتيها لتغمر وجهها المحمر فى وردة بيضاء كبيرة متفتحة .
فى هذه اللحظة عرف ان هذه الصورة لن تخرج من عقله ابدا , صورة فنية رائعة دخلت عقله....... و مست قلبه
صورة لسيدة القصر الأسيرة .
.................................................. .............................
شد قبضته على الهاتف بشدة و هو يكاد يصرخ
(لم اعد احتمل .....اريدها ..... اريدهاااا هل تسمعيننى
قلتِ انكِ ستساعديننى للحصول عليها ........ انها تسكننى ........ وجهها رفض ان يعتقنى )
كانت تستمع الى هذيانه و ابتسامة الافعى مرتسمة على شفتيها المكتنزتين , قالت بصوتها المبحوح
(كان كل شيء يسير على ما يرام الى ان افسدت كل شىء بفعلتك الغبية )
صمت قليلا لتسمع صوت تحطم عالٍ ثم سمعته يصرخ فاضطرت الى ابعاد الهاتف عن اذنها
(ارجووكِ ..... انها لاترد على اتصالاتى....... اريد فقط ان اشرح لها )
ظلت ابتسامة الانتصار على شفتيها و هى تهمس
(حين تخرج سابين احدا من حياتها .... فانها لا ترجعه ابدا )
صرخ فيها
(انا لن ادعها ...انها ملكى ..ملكى انا , لقد كنت غبيا حين ابتعدت عنها , ايثار ارجوك لوطلبتى النجوم سأجلبها لكِ لكن ارجوكِ ساعديننى على استعادتها )
التمعت عيناها الشبيهتين بعيني افعى , سكتت لحظات ثم قالت بصوتٍ ساحر
(حسنا .... فلنبدأ من جديد , لكن هذه المرة غير مسموح بأى أخطاء , مفهوم ) .
🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹
ادخلوا بسرعه حملوه وخلوه علي موبيلاتكم من هنا 👇👇👇
وكمان اروع الروايات هنا 👇
انضموا معنا على تليجرام ليصلكم اشعار بالروايات فور نزولها من هنااااااااا
🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺
تعليقات
إرسال تعليق