رواية حوريه بين أنياب شياطين الفصل 11/12/13/14/15 بقلم الكاتبه خديجه السيد حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج
بالفعل ما قالته صحيح لم يتوقعه هذا الحديث بالمره وكأنه وجد اخيرا طوق نجاه وسط صحراء خاويه من جميع البشر و قد انفرجت اساريره في أن سحبها من ذراعيها بقوه هاتف بلهفة شديدة" الفيديو ده فين انا مستعد اديكي فيه مليون جنيه بس تدهولي ومش بس كده هضمن ليكي كمان حياتك انك مش هتسجني و هقوملك محامي بس الفيديو تجيبهلي.! "
لا تنكر أن المبلغ الذي قاله زاغ عينيها نحوه بطمع لكن هزت رأسها برفض بسرعه معتقده أن بداية الفخ حتي تقع فيه لتقول بتوتر" ايوه ما انت عاوز تاخذه مني عشان بعد كده تبلغ عني وما يكونش معايا دليل، على كلامي بس ده بعينك انا شايله التليفون بالفيديو في مكان ما حدش هيعرفه عشان لو حاولت حتى كمان تعمل لي حاجه برده مش هتوصل لي "
مسح قاسم وجهه بعنف مكتوم وقال بنفاذ صبر" بنت انتي اخرسي شويه بالهبل اللي انتي عماله تقوليه ده واسمعيني وركزي في كلامي انا ولا عاوز حد يشيل القضيه ولا نيله كل اللي عاوزه ان الحقيقه تبان ،ولو كنت عاوز من البدايه حد يشل القضيه مكان حوريه كان ممكن بسهوله اعمل كده من زمان واجيب اي واحده غيرك بس انا عاوز حاجه واحده دليل على كلامك وأن الحقيقه تظهر وبس "
تابع قائلاً جمال بجدية هو الآخر" و زي ما قال لك مستعد يديكي مليون جنيه قصاد الفيديو ده وانك تاجي كمان تشهدي بالحقيقه في المحكمه، ولو لسه مش مصدقانا ومقلقه مننا ممكن تحتفظي بنسخه معاكي من الفيديو عشان يا ستي لو في اي لحظه لعبنا بيكي زي ما انتي مفكره تودي النسخه اللي معاكي للبوليس بنفسك و ما حدش هيمنعك "
صمتت ثواني وهي تفكر في الحديث وقد اعجبها فكره ان تحتفظ بنسخه تحميها وتأخذ هي المال، جز قاسم علي اسنانه بضيق شديد من صمتها وقال بحده" بس تديني النسخه الاصليه واحتفظي يا ستي ياجي 20 نسخه غيرها.. المهم اخذ منك الاصلي "
هتف جمال بصوت حازم" قلتي ايه اظن عرض زي ده ما يتفوتش حتى لو اتحبستي سنه ولا اتنين هتطلعي بعدها معاكي فلوس كثير تعيشك ملكه بيهم"
نظرت إليه غنوه مترددة وهي تقول بحيره" هاه بص هو انا لسه برده مش واثقه فيكم بس خليني ماشيه معاكم للاخر "
تنفس قاسم الصعداء أخيرا براحه وهتف بسرعه" تمام يلا بينا قولي العنوان عشان اوديكي بسرعه و تجيبي الفيديو وانا خلال ساعتين اجيبلك الفلوس "
لكن هتفت هي بما لا يرضيهم قائله بسرعه بقلق"لا استنى مش النهارده خليها بكره كده نتقابل في نفس الميعاد وهجيب معايا الفيديو انما دلوقتي ممكن اروح وتمشيوا ورايا وتعرفوا المكان واطلع من المولد بلا حمص ..وده اخر كلام عندي بقي بصراحه"
احمرت عينيه بغضب دفين وقبل أن يتحدث مره ثانيه أمسك به جمال هاتف بجدية" خلاص يا قاسم النهارده من بكره ما فرقتش كثير .. ماشي هنتقابل بكره يا انتي اسمك ايه"
ابتلعت ريقها وهي تبتسم بترتر" غنوه"
**
صك عتمان علي أسنانه بغضب حين وصل الي مخزن قديم في طريق مقطوع و بكل ما داخله من حقد وغضب لها اسرع و هو يجذب حوريه من خصلات شعرها بقوة من تحت النقاب الذي بداء يسقط من كثر الشد والجذب طول الطريق بها و هي تمسك بيده تتوسل و هي تصرخ بألم ان يتركها حتي أفلتها من قبضته وتركها تسقط أسفل قدمه تتألم بقوة وهي بداخل المخزن نظر إليها عتمان بغضب شديد و تقدم منها بحده قائلاً" لسه بدري على العياط، هو انتي لسه شوفتي مني وجع على اللي هعمله فيكي "
جذبها بعنف مره ثانيه حتي استقامت بوقفتها ينظر لها بغضب وشراسة وعيناه تشع منها شرارات الانتقام والحقد"انطقي يا بت ايه اللي خلاكي تهربي مع الولد ده اللي بينه وبينك؟ اشمعنى هو دون عن العالم كله رحتي معاه "
كانت حورية تنظر له بخوف وتهز رأسها بقوة
وصرخت بألم شديد وصاحت" آآآه مفيش بيني وبينه حاجه هو اللي من نفسه طلب يساعدني ويحميني "
ليقترب إليها يمسك بـشعرها بقوة بين يده الذي سقط الحجاب عليه بشكل نهائي و هو يصرخ بها بغضب"و يا ترى ايه مقابل الحمايه دي اديتي له ايه عشان يحميكي ده انتي شكلك كنت مدوراها من زمان قوي انا معرفش "
أدمعت عيناها تزرف الدموع بحزن وقهر وتمتمت بين شهقاتها "قلتلك مفيش حاجه بيني وبينه، أنا صعبت عليه عشان ملقاش حد جنبي كلكم مش مصدقاني ولا عاوزين تحموني ولقي كلكم واقفين ضدي وكانكم اما صدقتم عشان تخلصوا مني"
صك عتمان علي أسنانه بحدة و هو يقول هادراً بغضب "عاوزاني اقف جنب واحده زباله و*** زيك راحه تدور على حل شعرها و جايه لي بعد ما قتلت جوزها وحامل كمان في طفل مش عارفه ابوه .. الا قولي لي صحيح فعلا مش عارفه مين ابو اللي في بطنك ولا عارفه و بتستعبطي وعاوزه تداري عليه "
أغمضت عينها بشدة و هي تحاول التماسك لتقول بضعف" ماما فين عاوزه اشوفها عملت فيها ايه "
ابتسم عتمان باستهزاء حاد و هو يقول بـهمس كـفحيح " هه ابقي قابليني لو عرفتي تشوفيها وهي دورها لسه جاي ما تقلقيش ما هي اللي هتشيل الليله بعدك،و من هنا ورايح هتفضلي هنا عشان اربيكي من اول وجديد عشان متجليش واحده على اخر الزمن ذي ناريمان تقول لي لم لحمك اللي متبعتر ومش عارف تلمه و حته عيله حطت راسك في التراب .. وبعدها على طول هسلمك للشرطه عشان تموتي واخلص منك "
هزت راسها له بعدم مبالاه قالت بصوت ميؤوس منه" انا مش خايفه منك ولا خايفه من الموت كل ده بالنسبه لي راحه عشان التعب الحقيقي وانا معاك وانا عايشه مع واحد ظالم زيك وما بيصدقش ولا يسمع غير نفسه"
غضب من عدم خوفها منه لينظر إليها بشرازاً
وبكلتا يديه يقبض عليها بـقوة ويبعدها بعنف الي الحائط ترتطم بـالحائط بقوة و واصله بصق عليها باحتقار ليتحدث عتمان بقوة" ماشي يا حوريه انا هاوريكي"
ثم التفت ليرحل وأغلق الباب بقوة لتسقط بتعب شديد علي الأرض متأوهاً بقوة من شدة ارتطامها بالحائط وسحبت نفسها للخلف حتي وصلت للجدار وقد ضمت ركبتيها لصدرها واضعة رأسها عليهما وقد هربت عبراتها من مقلتيها بحسره ويأس أشد.
**
كان قاسم يشعر أن الأرض تدور من أسفله رغم أنه يجلس لكن جدران المنزل تتجاذب نحوه رغم ثباتها الظلام الحالك أمام عينه رغم أن الضوء بالغرفة يضيء ليضرب فجاه بيده علي الطاولة الذي أمامه بقوة ثم ينهض علي المعقد يضع يده علي رأسه بغضب شديد ولا يصدق أن حورية ذهبت وتركته مره ثانيه بعد أن خيرها بينه وبين الرحيل و اختارته وطمن قلبة انها لم تفعلها مره ثانيه لكن عندما رجع من الخارج بسعادة غامرة أنه وجد دليل قوي علي براءتها وطار إليها حتى يخبرها بذلك الخبر ليفرحها لكن تفاجئه بأنها ليست موجوده و بحث عنها حوله كثيرا جدآ حتى وضح بالاخير انها لم تاتي من الاساس عندما تركته، نظر إليه جمال وهز رأسه بضيق قائلا"وبعدين كفايه بقى اللي بتعمله في نفسك ده ان شاء الله نلاقيها"
صك قاسم علي أسنانه بـغل و هو يصيح بعصبية شديدة" هتجنن يا جمال مش قادر استوعب اللي عملته فيا ثاني.. ثاني ايه ده ثالث ورابع مش قادره تبطل حكايه الهروب ده خالص ده انا خليتها تختار و لو مشيت ما كنتش همنعها رغم ان انا ما كنتش عاوز كده بس ما حبتش تعمل حاجه ضد رغبتها، تقوم تضحك عليا وتقول لي هاروح البيت وانت روح المشوار بتاعك، وارجع الاقيها ما لهاش أي اثر في البيت اكيد هربت ثاني "
تنهد جمال وقال بتعجب" انا برده مش مستوعب لما هي عاوزه تمشي مامشيتش ليه من الأول؟"
هتف و هو يتحدث بغضب شديد يكاد يسحق الجميع من شدة غضبه هاتف" هي عاوزه تضايقني وتوجع قلبي وخلاص شفت بنفسك انا كنت رايح بعمل ايه ليها وهي بتعمل ايه، بعد ما خلاص كنت وصلت لدليل برايتها تهرب مني برده "
ليقول جمال بهدوء بعد تفكير" خلاص يا قاسم أهدي احتمال تكون ما هربتش زي ما احنا فاكرين وممكن جرى ليها حاجه و هي جايه في الطريق "
انتفض قلبه فجاه بخوف أن تكون بالفعل تاذت
ليتحدث قاسم بصعوبة من بين أسنانه و هو يشعر بأن الهواء يسلب من رئتيه من كتر غضبه" تفتكر.. لا لا أكيد ما حصلش حاجه هي اصلا كان في حاجه غريبه من بعد ما كلمت والدتها وانا شكيت وسالتها اكثر من مره مالك كان لازم افهم لوحدي أن في حاجه بتدبر ليها لما طلبت مني تروح لوحدها"
تطلع فيه بضيق شديد وقال بغيظ" انت برده غلطان يا قاسم ما كنش لازم توقفها على حاجه زي كده من الاول اصلا، ممكن مقدرتش تستحمل صوت مامتها وراحتلها و يعالم دلوقتي هنلاقيها فين ولا حد وصل لها قبلينا "
نظر إليه بحده ليجمع قاسم كل ما لديه من غضب محاولته للسيطرة علي أعصابه هاتف"
انا ما كنتش عاوز ولا زفت هي بس صعبت علي لما فضلت تعيط وتقولي عايزه اسمع صوتها واهي كلمتها وبعد كده"
صمت قليلًا قاسم فجاه وعقد جمال حاجبيه باستغراب قائلا" في إيه مالك "
أردف قاسم سريعه بلهفة شديدة وهو يخرج من جيبه هاتفه يبحث به" انا ازاي نسيت الحكايه دي. التليفون بيسجل المكالمات واكيد سجل لوحده المكالمه اللي كانت بينها وبين مامتها ممكن قالت فيها حاجه تعرفني طريقها وهي فين دلوقت"
ليفتح المكالمه الدائره بينها وبينه والدتها لكن تفاجئ بصوت عتمان يهددها بحديثه وأن تأتي إليه خلال ساعات إلا سوف يقتل والدتها، اتسعت عينا جمال بصدمه وقد عرف الآن أين قد ذهبت،بينما قذف قاسم الهاتف بعنف و تهشم لأشلاء صغيرة تحت قدما ثم جلس علي المقعد الذي بجوار الباب وهو بدات عيناه تزرف شرارات غضب شديده وضع يده علي رأسه بقوة عله لا يفكر في كل الخيالات البشعة الذي تحدث لها الان من قبل عتمان جدها، رفع قاسم وجهه بخيبة امل وحزن" ليه ما قالتليش كنت خليتها تطمن عليها بدل ما تروحله برجليها هتفضل تتصرف بتهور كده لحد امتى، لـيـه يا حورية كده لـيـه هي بدور على ايه حاجه تضرها وتروحلها برجليها، ليه مصممه ترمي نفسها في بئر ما لوش اخر "
جلس جمال جانب هو الآخر مرددا بجدية" مش مساله تضر نفسها بس هي خلاص وصلت لي مرحله مش فارق معاها أي حاجه هي ضعيفه ومش عارفه تتصرف ازاي و أي حاجه بتيجي في دماغها بتنفذها على طول بدون تفكير "
ليقف قاسم في لحظه أمام جمال ينظر إليه مستفسر علي ملامح وجهه و هو يقول بهدوء لا يلق بما داخل قلبه" انا لازم الحقها لازم اروح ليها حتى لو هاخذها من بيت عتمان نفسه مش هيقدر يمنعني "
اتسعت عينا جمال بذهول وأمسك به جمال بقوة وصاح بحده" لا يقدر يمنعك وبطل جنان واتصرف بعقل انت كمان هو جدها انت تقرب ليها ايه عشان تاخذها من وسطهم كده عادي"
ليتحدث بغضب و صوت عالي "امال عاوزني اعمل ايه اسيبها لي كده "
انزل قبضته عن ذراعيه و هو يشير إلى بسبابته بتحذير قائلاً "ما قلتش كده بس خلينا نتصرف بعقل ونفكر ..واول حاجه كده هو مستحيل يخبيها في بيته لان البوليس من مده كان بيفتش عنده عنها و لو عمل كده هيجيب لنفسه مصيبه واكيد حوريه في مكان ثاني دلوقت"
هز رأسه بضيق و هو يقول بإصرار و هو يصك علي أسنانه بغضب " مش هسيبها لي او لي أي حد ياخذها حتي لو اضطريت اعمل اية يا جمال"
ربت جمال علي كتفه و هو يهز رأسه بايجاب قائلاً" اهدي يا قاسم مش هيحصل حاجة اكيد هنعرف نوصل ليها زي كل مره"
**
في فيلا عتمان زاهي، كانت بدريه تسير بخطوات متوتره في ممر الصالون وهي
تدعو من قلبها ان عتمان لا يصل إلى حوريه حتي بدات عيناها تزرف الدمع رعبًا عليها فهي تعرف جيداً أن هذه المره لم يتركها الا وهي جثة هامده ثم رفعت بصرها بلهفه عندما استمعت الي باب المنزل يفتح و يظهر منه عتمان فهرولت ناحيته لعله يريح قلبها ويقول إنة لم يجدها رفع عتمان نظره نحوها هو ويروي ظمأ قلقها أبتسم باستهزاء قائلا" اللي موقفك هنا؟ طبعا مستنيه تسمعي الاخبار ونفسك اقول لك اني ما لقيتهاش، بس للاسف من هنا ورايح هتسمعي كل اخبار وحشه وخصوصا عن بنتك اللي انا لقيتها خلاص والمره دي مش هسيبها"
انقبض قلب بدريه بمجرد سماعها لحديثه اقتربت منه و مسحت دمعاتها بأناملها وهي تصيح بغضب شديد" عملتي ايه في بنتي عـــــتــــمــان وديت بنتي فين؟ رجعلي حـوريـة"
اتسعت عينا بحده وقال باستفزاز" عتمان كده من غير بيه مش بقولك عيارك فلت وبقيتي زي بنتك، مش هتشوفيها و اوعدك هحرق قلبك عليها زي ما حرقتي قلبي زمان على ابني "
جذبته في ملابسه بقوة وهي تصيح عالي بغل و صوتها يهز جدران المنزل" و انا مش هسكت برده المره دي غير لما اهربها وابعدها عنك انت ايه شيطان يا اخي ما تسيبني انا واولادي في حالي بقيت زي اللعنه في حياتي هفضل طول عمري ادفع ثمن غلطه ما عملتهاش انا واولادي ما تبعد عني بقى وتسيبني في حالي ..بس رجع لبنتي وانا هبعد عنك خالص ومش عاوزه حاجه منك "
رفع عتمان وجهه ينظر لها بشراسة والغضب يدق بكل خليه جسده ثم أمسك يدها يبعدها عنه وضغط عليها بعنف وقسوة وهو يشير برأسه"انتي الظاهر مش بنتك بس اللي ناقصه تربيه انتي كمان عاوزه تتربي .. تـعـالــي معايا انا هاوريكٍ ازاي تعلي صوتك عليا كده"
سحبها عتمان الي الأسفل و كانت تصرخ ببكاء حاد أن يبتعد عنها ويرجع إليها ابنتها لكنه كان محكم قبضتها حتي جذبها الي غرفة صغيرة بالجزء الخارجي من القصر و اغلق عليها الباب
بالمفتاح وهو يهتف قائلا بحده" خليكي هنا خلي عنادك معايا ينفعك، هبقى اطلعك لما استلم جثه بنتك قريب"
رحل وتركها بالفعل وكان الجميع بداخل الفيلا متجاهلين صرختها و حازم كان في ذلك الوقت الحالي خارج المنزل في العمل، بينما ظلت تطرق بدريه بكلتا يديها علي الباب و هي تصرخ بحدة أن يخرجها من هذا المكان علي الفور و يجلب إليها ابنتها و لكن استمعت الي صوت اقدام عتمان تبتعد عن الغرفه لتضرب بيدها علي الباب بقوة أكبر وهي تشهق ببكاء وقهر بخوف شديد علي حورية أن يقتلها بالفعل حتى بعد فتره بدات تشعر بالم حاد بيديها من الطرق على الجدران دون فائده ثم اجلست علي الارض تضع يدها علي رأسها تبكي وتشهق بصوت عالي تكاد احبالها الصوتية تقطع وقلبها يقرع بقوة من الرعب علي ابنتها قطعة من روحها الغالية.
**
بالمخزن لا تعلم حوريه كم استغرق من الوقت في وحدتها الي الان لتسند برأسه علي الحائط و تغمض عينها بتعب و إرهاق و لم تدري بنفسها حين غفت بـمكانها لم تفق إلي نفسها سوا حين شعرت بالكمه قويه في قدمها حيث عندما دلف عتمان و وجدها نائمه ركلها بقدمه بعنف حتي استيقظت وهي بفزع و فتحت عينيها و رفعت رأسها الي الاعلي لتجد عتمان يقف أمامها ببرود تام اعتدلت في جلستها بضيق شديد و نظر عتمان إليها بتهكم وهو يقول بحدة" ليكي نفس تنامي بعد المصايب اللي انتي عاملاها قومي اتحركي، انا مش جايبك هنا عشان ترتاحي "
تحملت علي نفسها بصعوبة ونهضت بضعف قائله" نعم"
وقف واضعاً يده بـجيب بنطاله وهي بـجواره تقف ليقول بصوت تحذيري" لاخر مره هسالك مين ابو اللي في بطنك واياكٍ تقولي ما اعرفش"
لنتحدث حوريه بصعوبة وضيق و هي تشعر بأن الهواء يسلب من حولها" بس هي دي الحقيقه انا ما اعرفش مين ابوه ولا من الحيوان اللي اغتصبني"
ليمسكها بـتلابيب ملابسها بعنف و يضرب ظهره بـالحائط بقوة و لا زال يمسك بها ليتحدث عتمان بغضب و هو يقبض علي ذراعيها الاثنين بقوة" بنت انتي انا مش مختوم على قفايا ولا صدقت الكلمتين الهبل اللي كل مره بتقوليهم هو حد عاقل يصدق اللي انتي بتقوليه ده، يعني إيه ما شفتهوش ولا تعرفي هو مين.. اكيد تعرفي هو مين وفين دلوقتي انطقي اتعرفتي عليه امتى "
لم تستطع الإجابة عليه من الألم والتعب وهو تجاهل كل ذلك، وضغط عتمان علي ذراعيها بعنف أشد و أكثر و هو يتحدث من بين أسنانه بغضب شديد يكاد يستحقها بين يديه من شدة غضبه" اتعرفتي عليه فين في الجامعه ولا بره طب انا اعرفه انطفي بقول لك هو مين؟ ما تنطقي يا بنت هتفضلي ساكته كده كتير هستني منك ايه ما انتي تربيه بدريه اللي راحت زمان تحوم على ابني وخليته يتجوزها ويسيبني مستني منك ايه أنا "
ظلت تهز رأسها عدد مرات برفض وهو مستمرة في استجوابها بلا توقف بضغط شديدة عليها اغمضت عيناها بقوة وشعرت بثقل يطبق فوق صدرها و قد فقدت اخر ذرة بعقلها و السيطرة علي أفعالها لتصيح بصوت عالي" مـــعــرفــــش مـــعــرفــــش"
أبعدت يده عنه وتقدمت منه وكأن تلبس فيها روح الشجاعة والانتقام مما فعله بها، صرخت بحدة وعيناها متسعة تنطق بكلمات كثير والعذاب التي لاقته منذ يوم الحادث التي تعرضت لها الي الآن " كفايه بقي كل حاجه تلبسها لماما، بقيلك اكثر من عشر سنين في نفس الموال، عشر سنين بتتمنى الموت لينا من كثر كرهك اللي مالي قلبك انا ساعات بحس انك بتبقى قاصد كل ده وبتدور وبتسعي اي حاجه تدمر بيها حياتي بحاول بيني وبين نفسي حتي افتكرلك اي حاجه حلوه عملتها لي ما بلاقيش ..خليتني بقيت اتمنى الموت.. الموت ارحم فعلا منك ومن كل اللي ظلموني مع انك لو فكرت بينك وبين نفسك بس دقيقه واحده هتعرف انك السبب في كل حاجه حصلت لي، ايوه انت السبب من البدايه أنت سبب الكابوس إللي ملازمني.. حياتي ادمرت بسببك عايز طول الوقت تدمرلي حياتي وتستعبدني عشان أنانيتك وحقدك ،انت انسان مريض عايز تدمر كل اللي حواليك بس خلاص ما بقتش فارق معايا ولا بقيت اخاف منك ،و عرفت دلوقت بس ليه بابا مع اول فرصه جاءت له يبعد عنك بعد لانك اكيد كنت بتستخدم نفس الاسلوب ده معاه.. اسلوب الانانيه في التعامل وفي كل حاجه انت مــــريــــض"
كان عتمان يستمع الى كلماتها الذي اشعلت نيران غضب كبيره داخله نظر إليها و قد احمر وجهه بانفعال ليهب مقترب منها بسرعه و هو بصفعها بعنف وقسوة شديدة و بعنفوان حتي سقطت بالارض والتفتت إليه بوجه محتقن جامد ونهضت بكل هدوء وقبل أن يرفع عتمان يده ليضربها مره ثانيه كانت حورية تسابقه بضربه بحجر صلب فوق رأسه بقوة اخذته من الأرض عندما ضربها وسقط عتمان أرضا يتألم بشده بترت كلماتها وانكمش وجهها بحزن ثم شهقت بقوة عندما وجدت الدماء تنزلق من رأسه بغزارة ويدها ملطخة بدمائه وهو يصرخ عليها بقسوة" يابنـ*** بتضربيني.. استني ارجعي مكانك ما تمشيش رايحه فين حــوريــه "
لكن لم ترد علية ولا تهتم بحديثه واستمرت بالركض بالخارج دون توقف وهي لي اول مره لم تندم على تهورها اطلاقا، فعندما تنزع الروح من جسدك بدون إرادتك تجعل ناقوس الوعيد والغضب يدق بكل أرجاء العقل وها قد انشعلت نيران الانتقام لتقوم بإحتراق الأخضر واليابس.
حاول أن ينهض عتمان رغم عنه بصعوبة يلحق بها لكن شعر سريعاً بدوران حاد وهو يمسك راسه ويتالم والدماء ما زالت تنزف منة جز علي أسنانه بغضب شديد وصاح بحقد" ماشي هتروحي مني فين يا حوريه هاجيبك ثاني"
ظلت تركض بجميع الاتجاهات منذ أن تركت عتمان ينزف الدماء حتي الآن تبتعد عن أي مكان يمكن أن يلتقطها فيه رجال الشرطة أو ناريمان أو جدها عتمان لم تتوقع أن تنجح في الهروب منه من الأساس لكن ليكون القدر مدبر لها أن تستطيع الهرب مره ثانيه منة، بدأ ظلام كاحل الليل وهي تركض بوجهها المكشوف و قد ارتفعت وتيرة أنفاسها المتقطعة لكن هي مستمره بكل انفسها أن تركض بكل ما لديها من قوة حتي تبتعد عن ذلك المكان وتذهب الى مصيرها الذي تعرفه جيد لم تحتاج هذه المره التفكير اين ستذهب لأن قدمها قضتها إليه بدون تفكير.. فليكن ليس غيره منقذها الوحيد في هذه الحياه وهو قـاسـم.
**
عند قاسم كان مزال يجلس مكانه في نفس المنزل علي أمل أن تعود او يعرف مكانها من جمال الذي ذهب يطلق رجاله للبحث عنها لكن لم يجدوا شيئا حتي الان و بدا يمل و يغضب
بشده، حتي بعد فترة قصيرة نهض قاسم بحده ويأس يفتح باب المنزل ليذهب وما إن فتحته رأى حوريه أمامه ما جعله يتراجع إلي الخلف خطوتين بصدمة صمتت وهي تنظر إليه بتعب وإرهاق واضح عليها، بينما وقف قاسم أمام حورية ينظر إليها بجمود علي ملامح وجهه ليقول مستفسر بهدوء لا يلق بـ حالته قبل قليل" نعم خير اللي رجعك تاني"
رمشت باهدابها ثم ابتلعت ريقها و قد التمعت عينها باحراج بلهفة ليصب هو تركيزه علي كامل تفاصيلها حتي وجدها ترمش وترتعش لكن ظل جامد وهتف بقسوة شديدة وصاح " انا سالتك سؤال مش عشان تسمعني سكوتك رجعتي ثاني ليه مش مشيتي وهربتي مني ثاني، اللي رجعك بقي دلوقت"
شهقت بعنف من صراخه عليها ولا تصدق ان يتحدث معها هكذا لتهز رأسها بنفي و هي تحرك بؤبؤت عينها بزعر قائله" قاسم انت فاهم الموضوع غلط انا مهربتش منك كل اللي حصل ان انا لما اتصلت بماما "
قاطعها بصوت غاضب و هو يرفع يده ليهبط بسبابته أمامها وجهها و هو يقول ببرود" ولقيتي جدك خطف منها التليفون و هددك اما تيجي اما هيموتها وانتي طبعا بكل سهوله رحتي مفكره كده بتنقذيها انا عارف كل ده، بس برده انا مالي بكل ده ايه اللي رجعك هنا ثاني يا حورية"
أنصدمت أنه يعرف كل شيء،لتتحدث حورية بارتجاف و هي تحاول عدم البكاء متمسكة بقوة دموعها وهي تشعر بخجل الشديد و بالذل" رجعت عشان ..هو انت مش عاوزني "
احتلت حدقه عينه نيران من الجحيم و هو يعقد ما بين حاجبيه بغضب ليتحدث بشراسة "طالما انتي اللي اخترتي طريقك يبقى اتفضلي امشي فعلا يا حورية مش عاوزك، عشان انا تعبت من تصرفاتك وتعبت من غبائك وتعبت من تهورك اللي بسببة كل مره بتعرضي نفسك للخطر وما بتحرميش مع ان انا خيرتك وبرده رجعتي لنفس العاده الزفت دي تتصرفي وتهربي من دماغك .. يبقى الحل الوحيد انك تمشي يا حورية طالما ده اللي انتي عاوزاه يلا اتفضلي روحي مطرح ما جيتي وحلي بقى امورك مع نفسك عشان انا تعبت خلاص وجبت اخري"
انسابت دموعها من كلماته الجارحة لتنظر إليه بقهر و هي تقول بحسره و دموع تتساقط علي وجنتيها بغزارة" يا قاسم انا"
قاطعها مره ثانيه وهو يلف ظهره إليها بحده واصوات انفاسة الهادرا تتعالى بغضب شديد اتسعت عينا حوريه بعد استعياب ولم تصدق الجمود والقسوة الذي قبلها بيها ويرفض استقبالها مره ثانيه في منزله وحمايتها بالتاكيد نفذ صبره من تصرفاتها هي تعرف انها اخطات لكن هي وضعت فيه اختيار صعب بين حياتها وحياه والدتها وبالتاكيد لا يحتاج الامر تفكير كثيرا، هو حتى لم يعطيها فرصه للتحدث هل كره لهذه الدرجه لـ يعاملها باهانه هكذا؟.
نظرت إليه حوريه نظره اخيره مقهوره متالمه من عدم اهتمام اليها فقد كان قاسم املها الوحيد والأخير واصبح الان لا يريدها هو الآخر.. اخفضت رأسها بحزن شديد وبدأت تتحرك لتسير الي الخارج وهي لا تعرف الي من ستذهب الآن.
وقف قاسم لحظات وهو ملوي ظهره إليها ليمر بعض الوقت حتى يهدى ثم رفع قاسم عينه فجاه بسرعه ولهفه نحوه الباب خلفه ليجدها رحلت بالفعل كما طلب منها هز رأسه بعجز وعلقة يردد لا يستطيع خسارتها لم يسامح نفسه اذا حدث لها شيء سيء صاح بصوت عالي كـ المجنون متجه إلي الخارج يركض خلفها "حــــوريـــة "
يعلم انها بالتاكيد لم تبتعد كثيرا وهي مازالت ضعيفه بهذه الحاله وليس لها مكانه غيره، كيف استطاع ان يقسي عليها هكذا.
ظلت تسير بخطوات سريعة وغادرت مسرعه اتجهت وهي دموعها تهبط بغزارة بدون فائدة منها، كانت تعتقد ان البكاء هو الحزن، ولكن اتضح لها ان الحزن الحقيقي لا بكاء فيه ولا دموع ظلت تسير ولا تعرف أين ستذهب وكيف ستواجه العالم وهي هكذا بلا شرف بلا أخلاق بلا امان بلا سند! كيف لها ان تواجه الجميع بكل هذه الافعال التي فعلتها كانت في حاله انهيار عصبي شديد تبكي بهستيريه مفرطة لم تعد تشعر برغبه في هذه الحياه القاسيه عليها ليس الحياه فقط قاسية بلا الجميع أيضا قاسي ولم يمتلكون اي ذره رحمه او شفقه نحوها.. اخذت قرار بوضع نهايه الى عذابها وقررت انها حياتها.
وصلت الي بحيره عاليه و وقفت أمامها وعيناها قد تورمت من كثره البكاء وكان المكان خالي في منتصف الليل من الجميع نظرت الى البحيره والامواج كانت تحتها عاليه والبحر يهوج، ارتعبت من المنظر للحظه
لكن لا حل لديها غير موتها سيكون فرحه عارمه للجميع ماعدا والدتها بالطبع لكن موتها سيكون رحمه اليها اقتربت من السور بتردد هتفت بصوت متحشرج باكي وقلبها يؤلمها بقسوه وهمست بيأس" سامحيني يا ماما مش هقدر أعيش ولا اكمل في الحياه اكثر من كده مش هقدر"
ظل قاسم يركض إليها وهو يبحث عنها بخوف شديد حتي شاهد ذلك المنظر المرعب وقد فهم ماذا تريد ان تفعل بحالها، و كأن قلبه قد انخلع من قفصه الصدري وصل إليها في حين يصرخ بكل ما يحمله قلبه من وجع وخوف عليها "حــــوريـــة لااااا اوعي تعمليها حــــوريـــة "
لم تكون تسمع صراخه واتجهت الي حافه السور الذي يفصلها عن البحيره تسلقتها وقد قررت ان تُنهي حياتها وتغادر من الحياه كي تريح الجميع من مصائبها الذي لا تنتهي.
ركض بسرعه اكبر وهو يصرخ باسمها بخوف شديد و وهو يجدها تريد تحلق بـالهواء لتقع فاقدة للحياة ظل يشير إليها وهو يركض ان لا تفعلها وهي اغمضت عينها بيأس شديد ما أن اقتربت من حافه السور و أن كانت المسافة ليس بـهينة وضعت قدم في الهواء ورفعت قدمها الاخرى لتسقط.
ولكن قبل أن تسقط ليسرع هو بلهفة إليها يجذبها و يلتقطها إلا أن ثقل جسدها و اندفاعه نحوها يأخذها بسرعه جعله ينبطح أرضاً و هي تسقط فوقه بقوة ورفع يده بلهفة شديدة يحاوط خصرها يضمها اليه بخوف شديد لـ يقفز قلبه فرحاً أنها بخير و هو يغمض عينه و يتنفس بقوة من صدره أنفاس طويلة يعبر بها عن راحته و هو يضمها إليه اكثر بحماية و كانت هي تستند بجبهتها علي صدره صامته و قد بدأت بالبكاء و هو يشعر بأنفاسها اللاهثة بخوف تتمسك بسترته بـقوة وهي لا تصدق انها قد نجت مسد علي خصلات شعرها و هو يحاول بقدر الإمكان أن لا تبتعد عنه مره ثانيه.
ساد الصمت قليلا لا صوت سوي اصوات انفسهم واصوات بكاءها يعلوه ليرفع يده عن خصرها يحاوط وجهها بين راحت يده يرفع رأسها يجبرها أن تنظر إليه و هو يري وجهها الشاحب بشده ليهمس بهدوء " انتي كويسه
جرالك حاجة ..في حاجه وجعاكٍ بتعيطي عشانها"
ابتعدت عنه وهي تصرخ بين دموعها" ما سبتنيش اموت ليه؟ جيت ورايا ليه؟"
ليمسكها و يضمها مره ثانيه إليه ويعتصر جسدها بين اضلعه يطمن قلبة" خلاص انتي في امان دلوقت اهدئي"
ابتعد عنها بهدوء بعد فترة قليلا ولكن ظل ممسكًا بها وتمتم بعتاب" اللي كنتي عايزه تعمليه في نفسك ده، كده يهون عليكي قلبي اللي كان هيقف من الخوف عليكي وانتي عاوزه تنهي حياتك كده بسهوله فاكره ان هو ده الحل يعني"
انسابت عبراتها و هي تصيح بقوة غير قادره على تكبح شهقاتها التي كخناجر داخلها"عشان ما عنديش حاجه غير كده اعملها كنتي مستني مني إيه يعني؟ مستني ايه من واحده كل حياتها ياس وإحباط ومشاكل طول الوقت وخسرت كل حاجه و مفيش حتي بصيص من الامل استناها؟ هو انا للدرجادي وحشة؟ كله بيبعد عني من غير ما اعمل لهم حاجه.. وعلى فكره دي مش اول مره افكر في اللي الانتحار والله العظيم طول الوقت و دائما بيجي عليا وقت ببقي عايزة اموت نفسي وارتاح من كل اللي انا فيه ده بس برجع واستغفر ربنا واقول يعني انا عايشة حياتي دي علي اي امل الاقي بس مش لاقيه "
وانخرطت في وصله بكاء عنيفه لم يبقَ لها أحد في تلك الدنيا سوي الله" انا بقيت لوحدي يا قاسم لوحدي ومليش حد والمطلوب مني افضل صامدة طول الوقت وواجه كل المشاكل دي لوحدي برضه واحلها، انا بكره البيت اللي نقلنا فيه بعد موت بابا وبكره اللي فيه هم كمان ما حدش بيحبنا ولا بيتقبلوا وجودنا و كنت بستحمل اللي بيحصل لي والاهانه اللي بتعرض لها منهم عشانها عشان ماما كان نفسي آخدلها حقها من جدو كان نفسي أنقذها منه بس ما عرفتش اعمل ده ولقيت جدو مستنيني عند البوابه ومسكني وحبسني تاني وفضل يضغط عليا عشان يعرف مين اللي عمل فيا كده و متاكد ان انا بكذب عليه وعارفه هو مين وبداري عليه "
شعر قاسم بألم حاد يعتصر قلبه هو الآخر شفقهً علي حال تلك الفتاه وما تري تنهد بحزن وهمس" هشششس خلاص اهدي حقك عليا انا"
كانت تتحدث و وجهها كـالاموات شاحبة لتبدأ بالبكاء أشد بحدة و صراخات مكتومة بداخلها لا تخرج سوا كـ سواط يجلد قلبها" صوتها وهي بتصرخ وهو بيضربها كان فظيع يا قاسم وما قدرتش استحمله وافضل ساكته وسايباها بتتعذب وبيحصل لها كل ده بسببي ..عشان كده مشيت بس ما هربتش زي ما انت فاكر كنت عاوزني ازاي اسيبها واسكت جايز يكون تصرفي غلط بس ما كانش قدامي غيره
عشان انا بقيت ضعيفه طول الوقت ومش عارفه احميها ولا احمي نفسي"
لينحني قاسم اليه ليحتضنها و هي تبكي بقوة و صوت شهقاتها مرتفعة تخترق قلبه الذي أصابه الحزن علي حالها لتجذبه هي الآخري تحتضنه بقوة تريد أن تشعر بالأمان والطمأنينة الذي فقدتهم و هو يربط علي ظهرها و يقول بحنان" عشان خاطري كفايه اللي بتعملي ده
في نفسك ده انا عارف ان صعب عليكي تسيبي والدتك في موقف زي ده بس كنت عاوز منك تطلبيها مني وانا اساعدك"
ازداد بكاءها بحدة و شهقاتها تتعالي لتمزق داخلها و لا تعلم انها تمزق داخله هو الآخر كان
تريد بصيص أمل و لكن قد شتت ذهنها و جعلها غير قادرة علي التفكير فقط قادرة علي البكاء لإخراج ما بداخلها لتهمس هي بصعوبة من بين دموعها " انا مش عارفه هالاقيها منين ولا منين؟. من جاد اللي اتسببت في موته وما حدش راضي يصدقني ولا من البوليس اللي بيدور عليا ولا من ناريمان ولا من جواد ولا من عصام جوزها ولا جده عتمان ولا من المصيبه اللي في بطني ولا من اللي اغتصبني وفوق كل ده مطلوب مني افضل ابرر وادافع عن نفسي وانا ما حدش بيصدقني ولا بيحس بيا انا تعبت.. والله تعبت خلاص ما بقاش عندي طاقه اواجه تاني"
ابتعد عنها قليلا وامسك بيدها يدلك بها حتي تهدي عن حالتها ذلك و لكنها غارقة بدنيا أخري تحمل ياس كبير ليمسد علي شعرها و هو يحاول أن يجعلها تنسى فكره الانتحار ذلك،ليربط علي وجنتيها برفق و هو يقول" انا عارف كل ده عشان كده انا معاكي ومش هاسيبك بس موتك مش حل عايزه تموتي نفسك كافره يا حورية الانتحار مش راحه زي ما انتي فاكره كده"
ظلت تبكي بحرقه بشده تريد ترتاح ولو قليلا
ولكن أين تلك الراحه وهي تشعر بعذاب قاسي يمزق أحشائها بعنف تريد أن تبعد عن كل ذلك وتذهب الى ابعد ما يكون إلي أي مكان تجد أحد به يطيب خاطرها غير وحدتها في دنيا بشعه قاسية للغاية تريد بشده ان تصعد روحها الي الله بين يديه امنيه صعب للغايه والاصعب علي الانسان تحمل كل العذاب بسهوله أمسكت يده فجاه وهي تتوسل اياه بشده" "خلاص ريحني انت من كل العذاب ده واقتلني.. ابوس ايدك يا قاسم اعملها عشان خاطري وريحني نفسي ارتاح تعبت بجد! و ما فيش راحه غير الموت اقتلني و ريح الناس منه وريحني أنا كمان "
اتسعت عينا قاسم من طلبها وسحب يده بسرعه ونهض من مكانه يشيح وجهه وقلبه يتألم لما تشعر به الآن لو يستطيع ان ينزع الحزن هذا من قلبها ويضع مكانه البهجة ورسم البسمة علي وجهها بدلًا من هذا الحزن الذي جعلها مثل الشمس التي اختفت بين ليلة وضحاها بسبب تعكر الجو وتجمع الغيوب الرمادية وهطول الامطار، مسح علي وجهه بغضب مكتوم يعرف انه تسبب في جزء كبير من معاناتها بسبب فعلته الشنيعه تجاها ثم التفت اليها وضع انامله اسفل ذقنها بحنان ثم رفعها من كتفها برفق لتنهض لكي تنظر لمقلتيه التي تفيض لها من الحنان والاعتذار عن كل ما حدث وعن كل هذا الحزن الذي يتغلل في اعماق قلبها، أحاط وجهها بكفيه ثم همس" كفايه بقى اللي بتعمليه في نفسك ده و فوقي
صدقيني و ثقي فيا كل حاجه هتتحل، عاوزك ما تفكريش في اي حاجه سلبيه تتعبك تاني و ما تشيليش هم حاجه، ان شاء الله قريب قوي براءتك هتظهر لو ظهرت ما حدش لي حاجه عندك بعد كده و اذا حاول اي حد منهم يا ستي ثاني يؤذيكي ساعتها ممكن نبلغ عنهم وانا هعرف احميكي منهم كويس "
تحدثت ودموعها تسيل علي وجنتها دون توقف بينما نظر اليها قاسم بصمت و داخله حزن عميق لتقول بصوت مخنوق " وبراءتي دي ممكن تظهر ازاي انت جايب الامل ده منين انا كل حاجه ضدي اصلا"
هز قاسم رأسه بايجاب و هو يمسح دموعها بهدوء و هو يقول بعتاب" ما هو ده الخبر اللي انا كنت شايله ليكي وفرحان ان عرفت اوصله اخيرا لدليل براءتك بس روحت واكتشفت انك سيبتيني ومشيتي تاني وكنت هتجنن وعاوز اطمئن عليكي"
لتبتلع ريقها بصعوبة و هي تحاول أن تنطق حتي استطاعت أن تتحدث بخفوت شديد" أسفه ..بس هو ايه الدليل ده انا مش فاهمه حاجه "
ربط قاسم علي يدها و هو يقول بهدوء "تعالي نروح وهحكيلك براحتي كل حاجه يلا عشان الوقت اتاخر"
سحبت يدها منه ببطء شديد وهي تقول بخفوت" انت قلت مش عاوزني في بيتك ثاني مش كده"
تنهد قاسم بعمق و هو يقول بابتسامة وهو يمد يده إليها" عيل ورجعت في كلامي يا ستي تعالي معايا انا كنت متغاظ منك ساعتها لكن كل ده من وراء قلبي وبعدين احنا فعلا مش هنرجع البيت ثاني احنا هنروح القصر بتاعي"
ابتسمت هي رغم عنها بهدوء علي كلماته و هي تمد يدها لتتمسك بكف يده بقوة لكن تجمدت أطرافها برعب وتلاشت ابتسامتها وهي تقول بتعلثم " انت تقصد القصر اللي جنبه قصر طنط ناريمان انتي عاوزني اروح لهم برجلي"
نظر إليها قاسم بأعين ثاقبة في حين رآي خوفها الشديد منهم ليتحدث بحدة"صدقيني ده اامن مكان لينا دلوقت وما تحطهمش في دماغك مش فارقه لي يعمله ايه، يلا بينا "
**
في قصر قاسم السيوفي، كانت هاجر تسير وهي تحمل فنجان من القهوه و تحركت نحوه جمال الذي كان يجلس في الصالون يعمل بتركيز واقتربت هي ووضعت الفنجان على الطاوله امام ابتسم جمال إليها وشكرها بلطف بدلته هي الابتسامه ايضا قبل ان ترد عليه لمحت في الخارج تصف سياره قاسم وهبط منها هو و حوريه عقدت حاجبيها بدهشة كبيرة فهي تعمل هنا اكثر من خمس سنوات و لاول مره تجد قاسم يدخل ومعه فتاه لتقول باستغراب" قاسم بيه وصل ومعه واحده كمان"
التفت جمال خلفه بسرعه وهو يتمنى داخله ان الذي يشك بي غير صحيح لكن خاب امله و وجد قاسم يدلف بـ حورية وجلبها الى هنا بالفعل نهض واقترب منه بضيق شديد" باين عليك اتجننت جايبها لحد هنا وانت بينك وبين قصر ناريمان مسافه بسيطه ده انت لو قاصد تسلمها ليهم ما هتعمل كده ارجع مكان ما جبتها يا قاسم و لو المكان مش عاجبك او مش مطمئن فيه، استنى اشوفلك مكان غير بس ما تعرضش نفسك للخطر انت وهي بالطريقه دي "
اقتربت منهم هاجر و الخادمه الثانيه روان وهم يراقبون ما يحدث بفضول، فركت حورية يدها بتوتر شديد وقالت بارتباك" انا ما كنتش عاوزه اجي هنا برده بس هو اللي صمم "
تنهد قاسم بعمق شديده وهو ينظر إليهم قائلا"
خلصتوا انتم الاثنين حوريه مش هتتحرك من هنا خطوه واحده، وانا هقدر احميها هنا كويس لكن شغل نفضل نتنقل من مكان لمكان هو ده اللي خطر علينا في النهايه بيعرف مكانا بسهوله "
هتف جمال بصوت غاضب" يا قاسم ما تنشفش دماغك لو حد شم خبر انها هنا ممكن يطلبوا البوليس وتلبس مصيبه ومش هتقدر تحميها ولا تحمي نفسك"
مط شفته بعدم مبالاه وقال ساخرا" لو عرفوا انها هنا مش هيطلبوا البوليس انا فاهم دماغهم كويس ريح نفسك انت يا جمال شويه وسيبني انا هتصرف انا عارف انا بعمل ايه .. هاجر"
اقتربت هاجر بسرعه منه وقالت بأدب" تحت امرك يا قاسم بيه "
نظر إليها قاسم وهو يقول بجدية " معلش عوز منك اي هدوم تيجي على مقاس حوريه عقبال ما نتصرف ليها في هدوم .. وكمان عاوزك توصليها للاوضه اللي فوق اللي جنب الجناح بتاعي بالضبط وكل طلبات تتنفذ على طول فاهمه "
انتظرت لحظات تستوعب ما قاله ثم هتفت بتعجب شديد" حاضر اتفضلي معايا حضرتك"
وقفت حوريه بتوتر وقلق تنظر إليه ثم ابتسم قاسم برفق وقال بهدوء" روحي معاها يا حوريه ما تخافيش ارتاحي النهارده وبكره هنبقى نتكلم "
أخذت نفس عميق وهزت راسها بالايجابي بارهاق شديد وتحركت معها الي فوق بينما جلس قاسم بتعب وإرهاق واضح عليه وقبل أن يتحدث جمال هتف قاسم بصوت متعب رخيم" خلاص يا جمال نتكلم بعدين انا دماغي مصدعه وفيا اللي مكفيني قلتلك انا عارف بعمل ايه وبعدين انت إللي لازم تسمعني اللي فوق دي لو كنت اتاخرت عليها ثواني بس كانت هتنتحر انا لحقتها علي آخر لحظه عاوزني اسيبها برده بعد اللي شفته"
اتسعت عينا جمال بصدمه و ذهول ونهض قاسم يتجاهل صدمته وهو يقول بخفوت" انا هطلع انام ونتكلم بعدين المهم بكره الصبح ما تنساش ميعاد اللي اسمها غنوه والفيديو وكمان ما تنساش تنبه على الخدم والحراس ما حدش يجيب سيره لحد أن حورية عندنا .. تصبح على خير"
نظر إليه بعد رضي ثم هز رأسه بضيق شديد قائلا"تمام ما تشيلش هم هنبه عليهم "
**
في اليوم التالي قصر عصام الصريطي كانت تجلس ناريمان فوق الأريكة تتفحص الأخبار والعناوين لتجد الكثير من الاخبار عن حورية مما زاد ابتسامتها بخبث حتي دلف عصام بضيق شديد ينظر إليها مستفسر علي ملامح وجهها السعاده ثم جلس علي الأريكة و هو يقول بحدة"انتي اتجننتي يا ناريمان اللي انتي ناشره في الجرنال ده عامله مكافاه ليه اللي يلاقي حوريه وحتى رقم تليفون واسمك جنب الاعلان"
هزت كتفها بعدم مبالاه وقالت ببرود" طب وايه يعني ايه الغلط في اللي انا عملته "
نظر إليها عصام و قد اتسعت عينه ليتحدث بعدم تصديق فعلتها وقال بصرامة" انتي كمان بتسالي ازاي تعملي حاجه زي دي من غير ما تاخذي رايي؟. مش عارفه إني حاجه زي كده ممكن تضرني في شغلي، وانا اما صدقت ارجع اشتغل الم الموضوع واللي حصل وانتي تيجي بكل سهوله تهدي اللي انا بعمله ما كنتي كتبت بالمره جنب الاعلان انها حامل في طفل مش حفيدك واحكي لهم بقى التفاصيل "
ابتسمت ناريمان بسخرية لاذعة قائله بكل بساطة وهدوء" رغم انك بتقولها بطريقه سخريه بس انا ناويه فعلا اعمل كده بعد ما اخد طاري منها وافضحها في كل حته هي وعيلتها "
اتسعت اعين عصام بذهول و هو ينظر إلي جواد الذي اقترب منها عندما سمع أصوات صراخ والده ثم صك علي أسنانه و هو ينظر إلي ناريمان قائلاً بضيق " شايف الجنان اللي امك عماله تعمله فينا مش واخده بالها ان حوريه دي كانت واحده من العيله واي حاجه عليها جايه فينا احنا كمان، وما فكرتش يا ناصحه أنك لو لقيتي حوريه فعلا وعملتي فيها حاجه ولا البوليس لها قبلك وهربتيها ثاني محدش هيشك فيكي "
نظر جواد نحوها وقد فهم غضب والده ليقول بهدوء"انا مكنتش موافق علي كانت بتعملوا من الاول وحذرتها بس هي ما سمعتش كلامي "
نظر إليها و هو يتنهد بضيق شديد"بتصرفي بتهور وخلاص الانتقام عمي عينكي على تصرفاتك لو فضلتي تتصرفي كده كتير من غير ما ترجعي لي هتودينا كلنا في 60 داهيه قريب"
نظرت ناريمان إلي الاثنين و قد احمر وجهها بانفعال لتهب واقفاً و هي تصيح بعنفوان ومرارة " في إيه انتم الاثنين عمالين تلوموني كأني عملت جريمه هو اللي مات ده مش ابني و قلبي محروق عليه ونفسي اخذ بطاره، اوعوا تكونوا فاكرين اني قدرت اتخطى موت جاد لحد دلوقتي و انسي و اعيش حياتي ولا أكن حاجه حصلت ابني في غمضه عين راح مني واتقتل فاهم يعني اتقتل و إللي قتلته لسه عايشه وبتتمتع بحياتها وانا بتعذب في اليوم الف مره بسبها"
نظر عصام إلي ناريمان مرة و الي جواد إبنه مرة أخرى و هو يقول " مش ابنك لوحدك يا ناريمان وقلبي محروق زيك عشان كده في البدايه كنت بساعدك بس لما بقيتي تزودي في الموضوع أوي وتتصرفي بتهور وهنروح في داهيه بسببك يبقى لازم اوقفك .. اتصلي علي الجريده و خليهم يلغوا الاعلان ده حالا "
لتنظر ناريمان إليه و هي ترفع حاجبها الي اعلي قائله بإصرار " نعم لا طبعا مش هعمل كده والاعلان ده هيفضل مستمر لحد ما الاقيها ومش بعيد كمان ازود المبلغ عشان كله يطمع ويدور عليها معايا"
هز جواد رأسه بضيق شديد وقال بيأس" يا ماما بابا بيتكلم صح موضوع الاعلان ده مش فايدنا في حاجه لحد دلوقتي أهو عدى اكثر من 24 ساعه وكل اللي بيتصل بيكي بيستخف عشان ياخد الفلوس وانتي بالطريقه دي فعلا بتضري نفسك ممكن حد يضحك عليكي و يقول لك حوريه موجوده معايا وتعالي شوفيها ومعاكي الفلوس ويعمل لك حاجه"
كاد أن يتحدث عصام هو الاخر لكن ناريمان قاطعته و هي تقول بإصرار و هي تصك علي أسنانها بغضب شديد" انا مش عيله صغيره قدامك ولا تلميذه يا أستاذ جواد و لو حصل حاجه زي كده فعلا انا مش غبيه عشان معرفش ازاي اامن على نفسي وأعرف الحقيقه من الكذب مش مجرد تليفون صغير يخليني أطلع اجري بالفلوس واشوفها هي فين ..وانت يا استاذ عصام مفيش حاجه هتتلغي وهفضل مستمره في اللي انا بعمله ان شاء الله حتى فعلا اتاذي بسبب كده، بس برده مش هسكت غير لما الاقي حوريه واموتها بيدي"
**
في قصر قاسم السيوفي، صف سيارته أمام القصر وهبط منها و ركض بابتسامه واسعة علي سلالم القصر و الجميع من الخدم و الحراس ينظرون إليه بتعجب شديد حتي وصل قاسم إلى غرفه حوريه وظل يطرق الباب بقوة عليها حتي تفتح له لكنها تأخرت مما زاد قلقة أن تكون حاولت الانتحار مره ثانيه ليزيد في طرق الباب بقوة أكبر حتي فتحت الباب بملامح بدهشة وقلق تنهد قاسم بعمق وهو يقول بسرعه" اسف يا حوريه لو صحيتك بس كنت عاوزه اقول لك على حاجه مهمه وبعدين خبطت كثير ما ردتيش قلقت"
هزت راسها له بهدوء وقالت برفق" لا مفيش حاجه بس انا كنت في الحمام باخذ شاور اتفضل "
أومأ برأسه بتفهم ودلف الي الداخل تارك الباب مفتوح،ظلت حورية واقفه حتي تستمع حديثه لكن قاسم ابتسم ابتسامه صغيره وهو يراها ترتدي ملابس هاجر اطول منها و الأكمام طويلة نسبيه مما أعطاها مظهر مضحك ليقول" معلش الهدوم مطلعتش مقاسك بالضبط هاجر أصلها اطول منك بشويه وانتي قصيره بس ما تقلقيش كلها كام ساعه وهبعت اجيبلك هدوم مقاسك "
نظرت إليه وهي تضم القميص حول ركبتها وهزت راسها و توردت خدودها بخجل، بينما ظل قاسم محتفظ بـ ابتسامته وهو يقول بجدية" ما طلعتيش امبارح من الاوضه خالص وحتي النهارده قاعده متفضليش حبسه نفسك اطلعي و اخرجي براحتك وما تقلقيش من حاجه.. سلي نفسك مع هاجر شويه هي في سنك تقريبا قريبين من بعض او عندك جمال حتى لو اتفتح في الكلام مش هيقفل "
قالها بمساكشه لتبتسم حورية رغم عنها وهي تقول بصوت خافض" هو شكله فعلا طيب هو يقربلك ايه صحيح اتعرفتوا على بعض في الملجا "
تجمدت ابتسامته وهو يقول بجفاء" لا مش كده خالص اتعرفت عليه في شغلي بالصدفه وساعدني كثير وهو اللي عرفني عالم البيزنس والاعمال وبعد كده بقينا اصحاب "
عقدت حاجبيها بدهشة وهي تهتف "هو انتم شكلك قريبين من بعض قوي فعلا، بس صداقتكم غريبه شويه يعني عشان فارق السن اللي بينكم"
هز قاسم رأسه و هو يقول بإيجاز شديد"
هو فعلا اكبر مني بكثير بس ما اقدرش استغنى عنه وهو بالنسبة لي اكثر من صديق لي واخ "
نظرت إليه حوريه وقالت بتفهم قائله" ربنا يخليكم لبعض.. أستاذ جمال شكله طيب وكويس أوي"
ضايق عينه قاسم متسائلا بضيق مصتنع"
هو طيب و كويس وانا اللي وحش يعني، عشان كده بتهربي مني "
هزت راسها برفض بسرعه وقالت " انا مقولتش كده وبعدين ما قلتلك اسفه ما كنتش قصدي مش هتكرر ثاني"
تنفس بعمق شديد وبياس قائلا" اتمنى بس توعديني فعلا انك مش هتفكري في الهروب مهما حصل ومهما الموقف اللي هتتحطي فيه
مش هـ تلجائي ثاني لي الهروب مني .. طب لو حاجه حصلت فجاه تاني هتعملي ايه "
اغمضت عيناها ثواني وتنفست بعمق تستجمع قواها المنصهرة في حضرته ثم فتحتها مرة أخري وقالت" اطمن خلاص توبه وحرمت و مش هعمل كده ثاني واي حاجه هتحصل هاجي ابلغك وانت تتصرف "
ليبتسم هو بحنان و هو يقول بمشاكسه"
كلام رجاله"
لتهز رأسها تؤكد علي حديثة قائله"عيب عليك كلام رجاله طبعا"
ابتسم براحه قليلا ثم نظر إليها عدد لحظات ثم قال بحنق" والله شكلك بتاخذيني على قد عقلي ومع اول مشكله هلاقيك طلعتي تجري ولا هتعبريني "
اتسعت عيناها وهي تقول باعتراض وصدق"
ليه بتقول كده انا فعلا خلاص مش هعمل كده ثاني والله العظيم، انا تاكدت ان انا لما بعمل كده مش باستفاد حاجه غير بعرض نفسي للخطر وللي حواليا "
شعر من خلال حديثها بالصدق هذه المره ثم
ابتسم قاسم بخبث و هو يقول بلؤم" هو كلام كويس بس برده مش مستريح مش عارف ليه، يعني عاوزه تفهميني إني حوريه اللي اول ما قابلتها وهي كل نازل عليها انها تبعد عني و مع اول فرصه بتجيلها من غير تفكير بتستغلها على طول، ومره ضربتني فوق راسي و مره ثانيه سابتني نايم في الاوتيل وهربت و مره ثالثه قالتلي هاروح على البيت على طول و روح شوف مشوارك أنت، وارجع ما الاقيهاش تؤ تؤ برضه مش مرتاحلك "
عقدت حاجبيها بدهشة ثم ابتسمت بهدوء قائله" ده انت طلعت معبي قوي كده مني، على العموم ما تخافش المره دي مش بضحك عليك ومش هامشي الا بقى"
جز علي أسنانه بتوجس قائلاً بلهفة ولوعة"
اهو ابتدينا اللي ايه بقى "
زفرت بضيق وخيبة أمل معقبا" الا لو انت إللي طلبت مني امشي وابعد عنك ده زي ما عملتها امبارح لما جيتلك "
نظر إليها بتفهم أنها مازالت غاضبه من أسلوبه الجاف معها ليلة أمس، ابتسم وهمس بصوت آجش يبث كثير من المشاعر التي تحيط بهم" ده انتي اللي شايله ومعبيه بقى مش أنا .. انا اسف حقك عليا بس انا فعلا كنت متضايق ومتعصب قوي ان انا مش عارف اوصل لك ومتعصب منك اكثر ومتنرفز ان انتي بدل ما تشاركيني مشاكلك بتتصرفي من ورايا بعد ما خيرتك بيني و ما غصبتكيش على حاجه واتصدمت لما رجعت ملقتكيش واتضايقت اكثر انك لسه برضه مش واثقه وبتصرفي من دماغك "
ابتسمت في هدوء وهي تقبل اعتذاره وهو اقترب يحاوط وجهها بكفيه ينظر في مقلتيها بعمق يهمس بنبرة قويه "حوريه المره دي كان ممكن فعلا معرفش اوصلك ولا انتي تعرفي تهربي من جدك مش كل مره ربنا هيسترها معاكي وتعرفي في اخر لحظه تنجي بحياتك
عشان خاطري ما تعرضنيش ولا تعرضي نفسك للخوف والرعب اللي انا كنت عايش فيه لما بعدت عني.. عاوز اسمع منك وعدك بكده "
كلمات جعلتها تصمت عاجزه قليلا لم تستوعب كم الخوف والقلق الذي يتحدث بها عنها بذلك الطريقه ،أغمضت عينها لثواني ثم فتحت عينيها وقالت ببطئ "اوعدك يا قاسم مش همشي واسيبك ثاني ولا ابعد عنك "
ابتسم و ربط قاسم علي يدها و هو يقول "
وانا اوعدك يا حوريه طول ما فيا نفس هحاول انقذك من اي خطر هتتعرضي لي واي حد عاوز ياذيكٍ "
نظرت إليه بعيونها الصغيرة كحبات اللؤلؤ ثم تحركت عينيها ببطئ نحوه يده الممسكه بيديها بقوة وحنان ذات الوقت،ابتسامة رغم عنها أن تداري خلفها بحر من الآلام إلا أن حضوره يجعل شفيتها تشق بابتسامة حنونه تثبت بها أن قلبها اصبح يتسلل إليه نوعا ما من الامان يعود إليها من جديد مره ثانيه وشعرت أنها بجانبه كغريق وجد قَشة للتعلق بها، حمحمت وهمست بصوت مبحوح" هو انت كنت عاوزني في ايه صحيح "
كانت عيناها ينظر لها بعمق ومقلتيه تفترس كل إنش في وجهها ثم انتبه الى نفسه هو الاخر بتعجب وحمحم بتوتر وهو يخرج هاتفه إليها وهو يقول بابتسامه واسعة"اه صح نسيت اتفضلي يا ستي ده دليل براءتك بين ايديك اهو "
عقدت حاجبيها بدهشة وعدم فهم ثم أخذت منه الهاتف وتشغل الفيديو! رمشت عدة مرات بارتجاف عندما شاهدت الفيديو يوجد به جاد وتفاصيل شيجارها معاه تلك الليله ليله الحادث ذلك اليوم الذي قتلته فية لتقول بصوت مخنوق بشده" خلاص اقفلة حافظه الباقي واللي هيحصل بعد كده "
لينظر إليها قاسم ويغلق الهاتف سريعاً و هو يقول بقلق"تمام اسف.. الحمد لله أن غنوه البنت اللي كانت مع جاد قبل ما يموت وافقت تدينا الفيديو ده وكمان هتيجي تشهد في المحكمه هي مش هتعمل كل ده ببلاش طبعا بس مش مهم المهم ان احنا عرفنا نثبت ده "
انسابت دموعها بهدوء وهي تبكي بصمت وخيبة ظاهر علي ملامحها وهمست بنبرة مرتجفة" ماشي تمام "
أنصدم قاسم من رد فعلها ليقول بدهشة"
ماشي تمام! هو انتي مش فرحانه انا بقولك دليل براءتك معاكي يعني ممكن تطلعي براءه وكل القصه دي تنتهي مش انتي اللي كنت عاوزاه كده.. انتي لو قلقانه ان ده ما يكونش كافي لي براءتك متخافيش انا قبل ما اجي هنا رحت للمحامي وحكيت لي كل حاجه عشان يطمني زيك هو صحيح ما وعدتنيش بالبراءه بس قال لي ده دليل قوي وهيفيدنا في القضيه ،ممكن تقضي عقوبه قليله جدآ او حكم مع ايقاف التنفيذ انا شفتلك محامي كبير قوي وشاطر في القضايا اللي من النوع ده "
ابتلعت حورية ريقها بصوت مسموع و قد جف ريقها و هي تقول بخوف " صح عاوزه كده ان الحقيقه تظهر مقضيش عقوبتي على حاجه معملتهاش ولا لي ذنب فيها، بس ممكن عشان انا ببص لقدام عنك "
عقد حاجبيه قاسم بدهشة قائلا بعدم فهم" مش فاهم وضحي كلامك "
التفتت له حورية برأسها وهي بدأت تبكي وتنظر له بحزن شديد ثم بدأت تجهش في البكاء بحرقه وقالت بانهيار"يا قاسم انت فكرت ان انا بعد ما اطلع براءه فعلا هعمل ايه بعد كده في حياتي هعرف اواجه الناس ازاي؟. ما حدش من اهلي اكيد هيرضى يستقبلني حتى لو اخذت براءه، براءتي هتظهر في المحكمه بس الناس مش هتبرني بالذات بعد لما يعرفوا ان انا حامل في طفل مش عارفه مين ابوه تقدر تقول لي هواجه الناس ازاي بي اللي في بطني ده؟. طب بلاش دي حياتي بعد كده هتبقى عامله ازاي تفتكر في حاجه هترجع زي الاول؟ حد هيرضى بيا وانا كده انا صحيح ما بفكرش في الجواز ولا عاوزه بعد اللي شفته، بس مين حتى هيقبلني بوضعي ده اذا كان اهلي نفسهم مش عاوزينني "
هز رأسه بضيق ويأس ثم ربط علي ظهرها بحنان وقال وهو يمسح عبراتها بيمناه مشفقة عليها"ما هي واحده واحده يا حوريه اكيد هنلاقي حل لي باقي المشاكل "
رفعت مقلتيها الدامعة إليه وهمست بصوت مرتجف "بلاش توعدني بحاجه عمرها ما هتحصل.. قاسم انا عارفه وفاهمه كويس جدا اللي هيحصل بعد كده عشان كده مش فرحانه زيك بالبراءه اقول لك على حاجه يا ريت يعدموني احسن "
كان يقف أمامها و هو يشرد بنقطة ما و هو حال حوريه ثم اغمض عينه بشدة ثم يفتح عينه قائلاً بجدية" انتي بتقفليها في وشك ليه جايز فعلا معاكي حق كل حاجه مش هترجع زي الاول واحسن بس على الاقل هنحاول نصلح اللي نقدر عليه، ما انتي مش هتعرفي تعيشي طول ما انتي متشائمه ومقفلها في وشك كده ارضي احسن بي اللي هنحاول نوصل له "
صمتت ثواني معدودة وبعدها استطرت قائلة وهي تنظر له بقوه" في فعلا في حاجه لازم تتصلح و كمان دلوقت.. اكثر من كده لو سبتها مش هقدر وهدفع ثمنها بعدين جزء كبير من حياتي زي ما بعمل دلوقتي محدش هيساعدني غيرك فيها، ممكن يا قاسم تساعدني "
لينظر إليها و هو يقول سريعاً بابتسامه مشجعه "اكيد اي حاجه هقدر اعملهالك عشان ارجع حياتك زي الاول واحسن مش هتاخر عليكي اطلبي يا حوريه عاوزه ايه ؟"
رفعت عيناها وهي تبكي بألم قبل ان تقول بجفاء بصعوبة شديدة" عاوزك تساعدني اعمل عمليه وانزل اللي في بطني! عاوزه يموت مش عاوزاه يكون في حياتي تاني يا قاسم"
احتلت حدقه عينه بنيران من الغضب عندما أستمع كلماتها تلك القاسيه و هو يعقد ما بين حاجبيه بغضب وصمت، بينما ابتلعت ريقها بصعوبة و هي تنظر إليه بقلق"ساكت ليه "
ليتحدث قاسم بشراسة و بنبرة حادة دون نقاش "عاوزاني اقول لك ايه اقول لك ماشي حاضر اوامركٍ واعمل لك اللي انتي عاوزاه انتي عارفه رايي في الموضوع ده، لا يا حوريه مش هينزل "
هزت رأسها بغيظ شديد منه وهي تقول بعصبية من بين بدموعها "هو في ايه ليه دايما مش عاوزني انزله ومتمسك به ده انت بتخاف علية اكثر مني يا اخي وعلى طول عاوز تهتم بي صحته.. ايه تكون ابوه ومش واخذه بالي"
الفصل الثانية عشر
___________________
هزت رأسها بغيظ شديد منه وهي تقول بعصبية من بين بدموعها "هو في ايه ليه دايما مش عاوزني انزله ومتمسك به ده انت بتخاف علية اكثر مني يا اخي وعلى طول عاوز تهتم بي صحته.. ايه تكون ابوه ومش واخذه بالي"
صدم من كلماتها لا يعرف قالتها شك أم مجرد كلمات تبوح منها من الغضب ابتلع ريقه بصعوبة و هو يشعر بأن قلبه سوف يخترق قفصه الصدري و يخرج منه، يدق بشكل هستيري بجنون ليقول بصوت منخفض"
حوريه اسمعيني انا "
قاطعته و قد تسربت الدموع من عينيها كاسهم من نيران و هي تحاول كبح شهقاتها "ارجوك اسمعني انت! انت مش حاسس بيا ولا عارف اللي جوايا ولا عارف انا داخله على ايه مشاكلي كثير ومش بتخلص ساعدني اتخلص منه انا لو اجهضته فعلا، جزء كبير من مشاكلي هتكون اتحلت صحيح مش هانسى اللي حصل لي ولا ده هياثر على حاجه بس وجوده قدامي طول الوقت هو اللي هيخليني مش قادره اكمل "
تنفس بعمق ثم مد يده يمررها علي خصلات شعره يشدها بضيق شديد و هو يتحدث بهمس غاضب من بين أسنانه " أنتي ليه شايفه الموضوع كده هو ذنبه ايه؟ إللي عمل كده فيكي هو اللي لازم يتحاسب مش الطفل؟ و زي ما انتي ما لكيش ذنب هو كمان ملوش ذنب تعاقبيه على حاجه معلش يدي فيها"
لتصرخ حورية به بحدة " عارفه كل ده كويس جدآ، بس ما حدش هيحسبها كده زيك انت متخيل يعني ايه اعيش الدنيا واكمل حياتي عادي وانا معايا طفل ومش عارفه مين ابوه متخيل نظره الناس هتكون ليا ايه؟"
تطلع فيها باستهزاء و هو يقول بتهكم "وانتي لما تنزليه نظره الناس ليكي هتبقى كويسه انتي عامله للناس حساب ليه اصلا"
رفعت حوريه رأسها تنظر الي قاسم لتهمس بقهر و قد ظهرت الدموع باعينها مره ثانيه "انا مش عايزه الناس كلها تبص لي نظره كويسه وتتقبلني كفايه أهلي ممكن جده عتمان لما اعمل كده يخليني ارجع اعيش ثاني مع ماما و اخويا واشوفهم "
لينظر لها بغضب وشراسة وعيناه تشع منها شرارات ليهتف بانفاسه هادرا" دلوقتي بس بقوا اهلك وكانوا فين الناس واهلك دول لما اتجوزتي غصبا عنك؟ كانوا فين اهلك لما اتحبستي ظلم وما حدش واقف جنبك فيهم وكانوا فين لما ناريمان هربتك و عاوزه تموتك دلوقت، وكانوا فين كمان لما اغتصبتي وما حدش واقف جنبك ولا جابلك حقك "
نظرت إليه ببغض و هي تشعر بالغضب منه داخلها يتكاثر و أن انفجرت به قائله" انت بتعايرني بي أهلي يا قاسم"
ليغمض عينه و هو يشعر بثقل علي صدره حد الاختناق لينطق قاسم بنبرة حادة" عمري ما هعمل كده في حياتي انا فاهم كويس يعني ايه اهل.. بس الاهل اللي تستاهل التضحيه بجد! بس مش دول اللي يستاهلوا انك تضيعي نفسك و تقتلي طفل عشانهم وصدقيني محدش منهم حتى لو عملت كده هيرجعك ثاني وينسوا ويسامحوكٍ.. رغم ان انتي اصلا ما غلطتيش عشان يسامحوكٍ هم اللي مديونين ليكي باعتذار مش أنتي"
هزت رأسها بعناد ونظرت إليه بحزن يقسم داخلها و هي تقول بإصرار" برده مش عاوزه في حياتي وانت مش واصي عليا يا قاسم انا اللي قرر انا عاوزه ايه في حياتي مش أنت"
هتف بمحاولة منه للهدوء اغمض عينه و هو يضغط على يده ثم فتح عيناه و هو يقول ببرود مصتنع قاصد حتي تعتقد أن لا يهتم إلي حديثها" طالما تحت حميتي يبقى لي الحق اقرر اللي يتعمل و ايه لا، وبرده مش هينزل يا حوريه"
**
هبط حازم الدرج حتي يصل للطابق الخاص
به الاسفل عند بدريه التي مازالت محبوسه وحاول حازم بعد معاناه مع جدو عتمان ان ياخذ منة المفتاح ويفتح لها ثم دس المفتاح في باب الغرفة ومن ثم دلف للداخل ليجد بدريه تجلس علي الأرض بجانب زوايه ورفعت راسها علي الفور عندما عندما سمعت صوت الباب يفتح ونهضت بضعف ثم التمعت مقلتيها بالدموع بحزن وألم تنهد حازم قائلا" يلا يا طنط بدريه اتفضلي اطلعي بس عشان خاطري حاول تبعدي عن جده الايام دي بالذات، هو هيتلكك ليكي على اي حاجه عشان اللي عملته فيه حوريه"
خفق قلبها بخوف وقلق قائله" وهي بنتي عملتله ايه حوريه حصل لها ايه يا حازم"
لوي شفتيه باستخفاف وهو يقول" ما تقلقيش حوريه كويسه جدا بس هو اللي مش كويس حوريه ضربته على دماغه وهربت وهو من ساعتها راجع مش طايق نفسه"
تنفست بعمق تحاول أن تهدأ من ضربات قلبها ثم رفعت مقلتيها متسائلة باهتمام" يعني هي هربت منه الحمد لله طب ما تعرفش اي اخبار عنها "
هز رأسه حازم برفض قائلا بجمود" ما اعرفش بس هي أكيد تلاقيها رجعت ثاني لي قاسم وهي وراءها غيره "
ابتلعت ريقها بعضه وهي تدخل خصلاتها المتمردة داخل حجابها وتمتمت بخفوت" حتى انت يا حازم هتظن فيها الظن الوحش ده "
جز علي أسنانه بغضب قائلاً بشك واضح"امال توضحي بايه انها تبقى مع راجل ما تعرفوش ولا في سابق معرفه بينهم؟ اشمعنى فعلا هو اللي راحتله عشان يساعدها ويحميها و اشمعنا هو كمان بيحميها؟ اللي بينهم يوصلهم للمرحله دي "
نظرت له وأجابتة بكل هدوء وصدق من بين دمعاتها" ما اعرفش انا زي زيك بسمع وبس! بس انا عارفه بنتي كويس ما تعملش حاجه غلط اكيد عندها سبب للي بيحصل.. وبعدين بدل ما انت زعلان كده انها راحت تتحمى في حد غريب شوف الاول القريب بيعمل فيها ايه هي وامها "
صمت حازم ولم يجيب عليها بينما تحركت بدريه بخطوات متثاقلة وخرجت إلي الخارج.
**
في الصباح هبطت حورية علي سلالم القصر بخفه حتي وصلت الأسفل تبحث عن أي أحد لتجد جمال يجلس أعلي الطاولة ياكل فطوره و اشاره اليها بابتسامه حنونه ان تتقدم منه، بادلته الابتسامه وتقدمت منه بهدوء وجلست أمامه" صباح الخير هو ما فيش حد هنا غيرك"
هز رأسه بنفي يُجيبها" لو قصدك على قاسم راح الشركه هيخلص شويه حاجات ويرجع بدري .. تعالي افطري معايا بدل ما انا كل يوم بقعد لوحدي "
عقدت حاجبيها ثم تسائلت بعدها بترقب" ليه وقاسم مش بيفطر معاك ليه، وبعدين هو انتم الاثنين عايشين لوحدكم في القصر يعني قاسم مش خاطب ولا متجوز اصل ما شفتش حد غيركم ولا سمعت قاسم قبل كده بيتكلم عن حد في حياته غيرك"
ابتسم بمرح وهتف وهو يلاعب حاجبيه" متجوز مره واحده يسمع من بقك ربنا لا يا ستي ولا متجوز ولا خاطب حتي، هو على طول شاغل نفسه في الشغل و دلوقتي بقي مشغول طول الوقت معاكي"
رفعت عيناها تحمحم بإرتباك مُجيبة" انا أسفه معاك حق اكيد معطله ومعطلاك عن شغلكم وحياتكم وقفت بسبب مشاكلي"
عقد حاجبيه جمال وهو يقول بهدوء" انا بهزر معاكي اخذتها على جد ليه يا ستي اشغليه شويه عن اي حاجه غير الشغل اللي كان مموت نفسه فيه بالليل ونهار .. المهم كنت عايز اكلمك في موضوع! قاسم امبارح قالي انك حاولتي تنتحر الكلام ده صحيح "
تجمعت عيناها مليئة بالدموع وهي تشرد في ذلك اللحظة الذي كان الشيطان يوسوس لها علي قتل نفسها التي حرم الله عزوجل ولكن عرفت مؤخراً هذا، فهي أختارت طريق الضلال وانتهي الأمر حينها لتهتف بضعف" صح بس كان غصبا عني لحظه ياس و استسلمت ليها وكل ما افتكرت اني كنت هعمل في نفسي حاجه زي كده بتضايق أوي و بدعي ربنا يسامحني "
ربط جمال علي يدها التي موضعه فوق الطاولة بيسراها وقال "استغفري ربنا يا حورية و ما تحاوليش ثاني مره تفكري في حاجه زي كده ولا تستسلمي وبعدين ده حال الدنيا يا بنتي ما حدش فينا مرتاح كلنا بنمر علينا ظروف وبنعدي، احنا بنيجي الدنيا في اختبار و ربنا بينفخ فينا الروح وقت ما يشاء ويردها حين يشاء وما علينا إننا نعبده ونطيعه ونتقبل اللي بيحصل لنا بنفسي راضيه وتاكدي ان هيجي وقت و ينتهي الابتلاء باذن الله ونعرف حكمته،اصبري و ارضي بقضاء و ربنا هيرحمك ويفرح قلبك قريب"
رفعت راسها له وهي تدمع عينها بندم علي فعلتها ثم هزت رأسها له بامتنان ابتسم جمال بحنو ثم هتف بلطف" انا مش بقول لك كده عشان تعيطي يا حوريه بس عاوزك توعديني ما تعملهاش ثاني "
نظرت بمقلتيها الدامعة وهمست بصوت مرتجف " أوعدك مش هعمل كده ثاني"
هز رأسه بهدوء قائلا ببسمة مرحة "ربنا معاكي يا حبيبتي وهيعوضك اكيد علي صبرك علي الابتلاء، يلا بقى امسحيه دموعك وكلي معايا احسن انا هموت من الجوع ومش هاسيبلك حاجه لو فضلتي تعيطي كتير كده "
أومات ببسمة بسيطة مصحوبة بدمعات ثم مسحت عبراتها وارتسمت ابتسامة بوهن له وهي تراه يضع الطعام في صحنها وأشار إليها ان تبدا بالطعام على الفور، انصاعت له تاركة حزنها خلف ظهرها فقد جددت ثقتها بالله وتيقنت أن الله سيجبر خاطرها عاجلًا غير اجل.
**
بعد مرور يومين في المساء عاد قاسم في الليل و بيده حقيبة كبيرة طرق باب غرفه حوريه عددا مرات حتي فتحت باب غرفتها لتجده هو عاد لينظر إليها قائلاً "مساء الخير ممكن ادخل"
امأت برأسها بهدوء ودلفت الي الداخل وهو الآخر دلف خلفها ليضع الحقيبة علي الفراش و هو يقول" بقيلك يومين حاسك بتتهربي مني ومش عايزه تكلميني هو انتي لسه زعلانه مني"
عبثت حوريه بخصلات شعرها و هي تقول بجفاء" وهازعل منك ليه كنت عملتلي حاجه تضايقني وانا مش فاكره "
ليفهم أنها مازالت غاضبه منة ثم تقدم منها بخطوات بسيطة و هو يقول بأسي" طب من غير ما نخش في تفاصيل عشان ما نتخانقش انا ما كنتش اقصد اعايرك زي ما انتي فهمتي، حوريه انا اتربيت في ملجا اكثر من ٨ سنين وكانت اصعب فتره في حياتي فمتخيله بعد ما عرفت يعني ايه اعيش من غير أهل وحيد ولا اب وام، هاجي في يوم واعاير حد بحاجه زي كده "
ذهلت من كلماته التي شعرت من خلالها بالعجز تجاه ونظرت إليه حوريه و هي لاول مره تري ضعيف هكذا، وقبل أن تتحدث هتف هو مشيراً إلي الحقيبه قائلا" الحاجات دي ليكي تخصك "
اشارت إلي نفسها باستغراب و هي تقول " ليا انا فيها ايه"
هز رأسه بايجاب و هو يقول بهدوء" افتحي وانتي تعرفي شوفيهم "
نظرت إليه ثم بهدوء تقدمت من الحقيبة و فتحتها حين وجدت عده ملابس من الفساتين والبيجامات يناسبها مقاسها باشكال جميله ماركات عاليه اخرجتهم واحداً تلو الاخرى و هي تقول بابتسامه" دول شكلهم حلوين قوي بس ما كانش في داعي تتعب نفسك شكلهم غاليين"
ابتسم باتساع و هو يراقب ردة فعلها ليتحدث قائلاً " مفيش حاجه تغلى عليكي، حوريه في حاجه مهمه عايزه اكلمك فيها انا قبل ما اجيلك كنت عند المحامي ثاني هو قالي شويه حاجات مهمه جدا لازم نعملها الفتره اللي جايه عشان نقدر نفتح القضيه من ثاني بالادله الجديده اللي ظهرت "
شعرت حوريه بالقلق والتوتر وهتفت" خير"
حاول الابتسامه رغم أنه ليس خير بالفعل ليقول بصوت هادئه مرددا" خير ان شاء الله ما تقلقيش ،في البدايه كده انا كنت وعدك وقت ما جبتلك الفيديو ان احنا هنحاول نقص الجزء اللي انتي بتقولي فيه اغتصابك عشان ما يظهرش في المحكمه والاعلام، بس بصراحه انا لما عرضت الفكره دي على المحامي رفض وقالي اوعي تعمل حاجه زي كده دي هتكون اكثر حاجه لصالحك والمحكمه هتتعاطف معاكي في الموضوع ده لو أتعرف"
حبست أنفاسها مصدومة بشدة لتقول بصوت مسموع"انت بتقول ايه انت عاوز تفضحني يا قاسم عاوز الناس كلها تعرف اللي حصل لي، لا طبعا انا مش مواقفه على حاجه زي كده ان شاء الله عني ما طلعت ولا اخذت براءه "
ابتلع ريقه فهو أشد خوف عليها لكن يجب ان يستعد لإنهاء كل شئ و تصبح حياتها افضل ليقول" حوريه اسمعيني للاخر وافهمي كلامي انا اكيد مش هاوافق على حاجه زي كده لو فيها ضرر ليكي وما تخافيش ما حدش هيعرف حاجه لاني وقت الجلسه دي بالذات هنحاول نخليها سريه جدا والمحامي هيطلب ده من القاضي و ان شاء الله هيوافق، بس لازم انتي كمان توافقي لان احنا بالفيديو ده هنعرف كمان نثبت ان جاد كان بيمارس عليكي ضغوط وعنف وان انتي حتى لما اتعرضتي لي حاجه زي كده ما ساعدكيش ولا قدر حالتك وهو معترف كمان بالفيديو بكده .. عشان خاطري النقطه هتفرق جدا في قضيتك "
تحدثت و هي تطلق العنان لدموعها و التي كانت تكبحها داخل صدرها هاتفه بمخاوفها"
طب لو الاعلام عرف و الجرائد كلها نشرت عن الموضوع ده حاجه ولا لو عرفوا كمان أن انا حامل منة، ساعتها البراءه هتفيدني بايه و انا شايفه نظرات الناس كلها ليا"
تنهد قاسم بصوت مسموع ثم ليتحدث بالطلب الثاني لها الذي قسمها الي نصفين الي شظايا "قلتلك مش هيحصل ثقه فيا وما تخافيش، خلينا دلوقتي بقي نتكلم في الحاجه الثانيه والأهم للاسف اللي هقولهلك هيضايقك ومضايقني انا كمان بس لازم يحصل لازم تروحي القسم وتسلمي نفسك يا حورية و بعدها المحامي هيروح ويطلب طعن في الحكم بالاثباتات اللي معاه"
انتفضت بذعر وسط دموعها لتمسح دموعها بظهر يدها و هي تقول بعصبية عارمة" لا كله الا دي انا مش هقدر اروح السجن ثاني انت مش عارف ولا متخيل انا حصل لي إيه هناك دي كانت اصعب فتره عدت عليا ما عنديش استعداد اروح ثاني برجلي "
صمت و هو يتنهد بألم لينظر إليها و هو يقول بقوة " للاسف لازم يحصل غصب عني وعنك، هتروحي وتسلمي نفسك وتثبيتي انك مهربتيش زي ماهما متوقعين وان ناريمان هي اللي هربتك وكانت عاوزه تموتك كمان صحيح مش هنعرف نثبت ده بس اعملي اللي عليكي وقولي لما تروحي تسلمي نفسك و هيصدقك ان شاء الله وهتبقى نقطه مهمه في القضيه وافضلي مصممه على اقوالك انك ما قتلتيش جاد بقصد "
سقطت دموعها علي وجنتيها و هي تنظر إليه بتوسل إن ينطق بأنه مزاح و لكنه ظل ينظر إليها برفض لتتحدث بهمس و شفتيها ترتجف"
يا قاسم إللي انت بتطلبة مني ده صعب انا هناك كنت هموت انا اتعرضت للضرب من السجينات وكانوا السبب في كسر ايدي تخيل بقى هيعملوا في ايه ثاني "
تنهد قاسم بشكل مسموع بثقل وهو يقول بجدية" ممكن تهدي انا مش هاسيبك واللي هيحصل المره دي غير لان انا هوصي عليكي جامد في السجن وهفضل طول الوقت مراقبك حتى وانتي بعيد عني وما فيش اي خطر هتتعرضي لي المره دي انا هكلم كل اللي اعرفهم في الداخليه عشانك "
لم تتحدث وظلت ملامحها شاحبة بخوف شديد وقلق، هز رأسه بضيق شديد وقال بلين" الموضوع مش هياخذ وقت انتي مش هتقعدي على طول هم بس مده مؤقته شهرين وممكن اقل كمان وهتخرجي بس لازم تساعديني معلش تعالي على نفسك احنا ما قدامناش حل غير كده "
أدمعت عيناها تزرف بيأس وضيق هاتفه"
شهرين كمان هقول ايه حاضر وامري لله خليني ماشيه وراك اما اشوف اخرت اللي انا فيه "
أقترب منها وهز قاسم رأسه و هو يقول بصوت حنون بطمانينه "كل خير ان شاء الله قلتلك مش هاسيبك هفضل معاكي"
ظهر علي وجهها ملامح القلق و هي تبتلع ريقها بصعوبة و تقول بارتباك "مش هتسيبني بجد يا قاسم افرض ما عرفتش تثبت صحه كلامك والمحكمه ما قبلتش بالادله دي وفضلت في السجن طول العمر او ناريمان عرفت توصلي وانا جوه وتقتلني او هربتني ثاني حتي، برده هتفضل مصمم تكمل معايا المشوار ولا هتستسلم وتبعد عني "
شرد قاسم بعينه و عاد يقول بنبرة عميقة"
انتي بقيتي خلاص قدري يا حورية ومهما نبعد عن بعض خليكي متاكده ان القدر هيرجعنا لبعض من ثاني، انا وانتي بقينا تقريبا كده مصيرنا مربوط ببعض"
اندهشت من حديثه ولكن ثواني واصطبت وجنتيها بحمرة ودق قلبها بعنف من بين جنبات صدرها، انتبه قاسم لخجلها فـ ابتسم بخفاء بعيناه وقلبه أيضا يقرع بقوة ولم يرد إحراجها فلم يتحدث مره ثانيه وحاول قاسم تغير الحديث حتي تخرج من حاله الخجل المسيطرة عليها
لكنه وقع عيناه للخلف لحظه و تجمد ملامحه جامد بلا تعبير فجاه وهو يقول بحزم شديد" خليكي هنا واوعي تنزلي مهما حصل فاهمه "
تحرك للخارج بسرعة وأغلق الباب بقوة بينما اتسعت حوريه عينيها بعدم استعياب لتنظر خلفها نحوه ما نظر خلف النافذة الكبير بالغرفه
لتشهق بعنف وخوف شديد عندما وجدت ناريمان في الأسفل تحاول الدخول و الحراس تحاول أن تمنعها بشده.
هبط قاسم بسرعه درج السلالم و وصل إلي بوابه القصر وهي يسمع صوت صراخ ناريمان علي الحراس لانهم يمنعوها وهي تريد الدخول بالقوه، تقدم قاسم وهو يشير إلى الحراس أن يتركوها واسرعت هي إليه ليقول بصوت هادئه"خير يا ناريمان هانم يا ترى ايه سبب الزياره دي "
تقدمت منه ناريمان و هي تقول بعصبية مفرطة" اخيرا رجعت ده انا مستنيه رجوعك بفارغ الصبر عندك حاجه تخصني وانا عاوزاها "
عقد حاجبيه باستغراب شديد زائف و اصطناع التفكير قائلا"حاجه زي ايه ما افتكرش ان انا ممكن احتفظ بحاجه تخصك من قريب ولا من بعيد "
صرخت ناريمان بعنف و هي تقول بصوت كالفحيح " ما تستعبطش يا قاسم انت تعرف مكان حوريه وانت اللي بتحميها وخفيها مننا ابعد عن الموضوع ده عشان ما تجيش انت كمان في الرجلين انت مش قدي"
ابتسم ببرود متحدثاً و هو ينظر نحوها بقوة"
ده انتي بتهدديني بقى و في بيتي كمان"
ابتسمت ناريمان بسخرية لاذعة قائله باستفزاز شديد" بيتك اللي عملته بفلوسي و لولايه ما كانش زمانك بقيت حاجه دلوقت وليك اسم ما تنساش اصلك ولا كنت ايه زمان "
عقد ما بين حاجبيه بحدة و هو ينظر نحوها نظرات جامحة ثم هتف ببرود"لا خالص ما بانساش ولو نسيت بفكر نفسي علي طول عشان افضل حاطط صوره واحده في ذهني عنكم وهي انكم شويه كلاب ولا تسوى حاجه.. والفلوس اللي انتي بتتكلمي عليها دي اخذتي ثمنها حياه ابنك وشبابه اللي رجع من الموت وقتها و لولايه انا كمان "
تحدثت من بين أسنانها بغضب مكتوم قائله بابتسامه حقد"طب تمام عاوز كام المره دي وتسيب حوريه وتبعد عنها خالص "
صمت قليلًا قاسم ثم ابتسم باستفزاز قائلا"
عاوزك توريني عرض قفاكي وما اشوفش وشك هنا ثاني انا ما اعرفش انتي بتتكلمي عن ايه ولا اعرف مكانها "
لتصرخ به بحدة وحقد دفين" ما تعاندنيش يا قاسم وما تقفش قصادي انا جوايا نار في قلبي من البنت دي هتحرق اي حد يقف قصادها وما تخليهاش تطولك النار انت كمان "
ليبتسم قاسم بغضب قائلاً بقوة" اعملي اللي تعملي مش قاسم السيوفي اللي هيخاف من حته واحده زيك "
**
مرت الأيام وتتوالي الأحداث حتي مر شهر علي هذه الأحداث بالفعل سلمت نفسها حوريه إلي الشرطه و قصت إليهما ما حدث وتفاصيل هروبها من قبل ناريمان الذي استدعتها الشرطه لتحقيق معها و بالطبع لم يثبت عليها أحد مثلما ما قال لها قاسم ولكن المحامي قدم بعض الأدلة لطلب استئناف الحكم وتم قبول الدعوة حينها.
فرحت حورية بشده ولا تصدق ذلك وكانت اثناء تدوينها مامرت به تذرف بعض من العبرات على تخاذل اهلها فى الوقوف بجانبها لكنها ارادت ذلك لتطهر قلبها من اى حقد او ضغينه او انتقام بالذات والدتها تعرف جيدا أن جدها عتمان منعها بالقوه وهي لم تتركها وطلبت من احد الضباط المناوبين على التحقيق معها بالاتصال بـ أهلها لكن أيضا لم يرد عليها أحد منهما ولا يهتم.
كانت تعتقد انهم سيقفون بجانبها فى شدتها حتي بعد اعلمهم ان حورية كانت ضحيه وأن يوجد دليل علي براءتها من التهم الموجه اليها وانها قد ظلمها الجميع لكن أين تلك المؤازره والمسانده فقد ذهبت مع الريح ولم تلتقى باحد، ومرت اسبوعين آخرين وقد بدأت جروح حورية تلتئم تدريجيًا وفكت جبس يدها رغم تعبها التي بدأ يظهر عليها بسبب الحمل وهي داخل السجن وكانت حالة حوريه سيئة بعض الشئ بسبب أن قاسم لم ياتي ولا مره واحده إليها يزورها وكان يرسل بدل منه المحامي و أحيانا جمال ولا تعرف لماذا لكن مما احزنها بشده ان الجميع بدا يتخلى عنها واعتقدت انه هو الاخر لم يقف بجانبها وتخلى عنها مثلهما.
حتي بعد اسبوعين في ذات يوم بداخل مكتب المامور دلفت حوريه و هي تجده قاسم بمفرده جالس اعلى المعقد مبتسم بحنان عندما رأته أغمضت عينها بقوة و تقدمت بتجاهل وجلست قائله بجفاء" خير لسه فاكر تيجيلي يا قاسم انا قلت شكلك نسيتني بقيلك اكثر من شهر ولا بتزورني ولا بتعبرني"
عقد حاجبيه قاسم قائلا بتنهيد" ليه بس الكلام ده يا حورية خليكي متاكده مش هيمنعني عنك غير الشديد القوي انا مش ساكت ومشغول في قضيتك طول الوقت"
نظرت إليه بضيق شديد و من ثم نهضت تهتم بالرحيل تتجاهل وجوده قائله علي مضض" اه معلش اكيد انشغلت كثير بسبب مشاكلي اسفه عن اذنك اتفضل انت بقى روح عشان ما اعطلكش اكثر من كده"
لينظر إليها بغيظ لفعلتها ونهض ليمسك بذراعها يجذبها بقوة إليه لتتأفف بغضب و هي تغرب عينها ليمسك بذراعها الآخر يوقفها أمامه رغماً عن تذمرها ليتحدث بهمس غاضب من بين أسنانه " هو انا بشتكيلك ولا بقول لك سبب غيابي عنك، ومش مستني منك تقولي لي اعمل ايه وما اعملش ايه علشان انا بعمل كده وأنا مش مجبر، في إيه يا حورية مالك زعلانه ومتضايقه قوي كده ليه اني جيت و شفتك، ما قلتلك كنت مشغول جدا طول الوقت"
وضعت راحت يدها علي صدره تحاول دفعه عنها و هي تقول بقهر " ايوه كل ده برده ليه ممكن يمنعك انك تيجي تشوفني حتي لو خمس دقائق "
صمت قليلًا قاسم وأبتسم بخفه وقد فهم غضبها ذلك لأنه خلال الشهرين الماضيين لم ياتي ويراها ولا مره،ليفهم أن غضبها منه ليس لانه اتى علي العكس لأنه لم ياتي من البدايه إليها ليقول بصوت هادئه" الشديد القوي يا حورية اكيد وبعدين ما انا كنت ببعت جمال والمحامي طول دلوقت يطمنوني عليكي معلش حقك عليا المهم عامله ايه في أي حد بيضايقك هنا"
نظرت إليه تتمني بداخلها ان تذهب معه من ذلك المكان و لكنها ابتسمت بهدوء و هي تقول برفض"لا خالص كلهم بقوا يعاملوني كويس غير المره الاولانيه، بس أمتي هخرج بقى كل شويه القضية تتاجل لحد ما تعبت هو صحيح ما حدش هنا مضايقني بس برده ده سجن"
ليرمقها بقوه وزفر بضيق و مسد قاسم علي وجهها و هو يقول بحنان " شوفتي بقي ذي ما وعدتك اهو ما حدش هيجي جنبك، ما ده دليل ان انا مش ساكت ومش متجاهلك زي ما انتي فاكره، أنا كل الحكايه بحاول احميكي من كذا جهه على قد ما اقدر وطبعا ده مش هعمله بسهوله، وبعدين ما تفتكريش ان انا حتى وانا بعيد مطمن عليكي لا بالي طول الوقت كان مشغول بيكٍ يا حورية ! رغم ان جمال كان بيطمني طول دلوقت هو و المحامي"
رفعت راسها له و تنظر إلي قاسم و هي تبتلع غصة مريرة بحلقها لتنطق بهمس "وانا كمان كان مين يطمني عليك يا قاسم "
**
بعد مرور أسبوع، وقفت حوريه خلف القضبان الحديدية للمره التي لا تعرف عددها لكن هذه المرة ستكون الاخيره فـ اليوم هو موعد الجلسه الاخيره وبعدها سوف يطلق القاضي الحكم الاخير عليها أم الحكم بالاعدام مره ثانيه ام البراءه؟ مثل ما قال لها المحامي وكانت الجلسه سريه هذه المره كما طلبت الاهالي والمقربات بالداخل المحكمه فقط، لكن لم يكن يجد احد من الاسره من الاساس!
ظلت تنظر حوريه حولها تبحث بعينيها بين الجميع عده مرات عند أي شخص من عائلتها و وبالاخص والدتها لكنها لم تراها، انزلت رأسها بخيبة أمل كبيرة و خذلان اكبر لكن تعرف بالتاكيد تم منعها بالقوه من قبل عتمان وهي تريد بالطبع الاطمئنان عليها.
وكان بين الناس الموجودين في قاعة المحكمة ناريمان و جانبها جواد! كز جواد على أسنانه بصمت ولم يعلق بينما إلتفتت لها ناريمان بملامح وجهها من القسوة تخفي كل بواطن الروح بحقد وانتقام، ابتلعت حورية ريقها بصعوبة شديدة و بخوف داخلها تشعر أنها إذا لم يتم الحكم عليها بالاعدام سوف يصدر هذا الحكم من ناريمان بكل تأكيد. وفجأة رأت جمال يدلف القاعه وخلفه قاسم الذي ابتسم إليها بكل هدوء وحنان أغمضت عينيها براحه حينها وكأنها استمدت القوه منه.
هتف الحاجب المحكمة برقم القضيه الخاصه بها و بدات الجلسه بين القاضي والمحامين، و كان بالفعل المحامي الذي من طرف قاسم لا يستهان به كان يتحاور بشكل لبق وذكي جدآ وكان معه كل الحق عندما طلب عدم مسح مقطع واحد من الفيديو وبالاخص مقطع اعتراف اغتصابها من قبل جاد وضربه إليها وهو ينهال عليها بالسب والقذف بابشع الألفاظ وخيانته و بالاخير وهو يحاول جاد قتلها من البدايه و اعترافات ذلك الفتاه الذي كانت برفقته هذه الليلة، كل ذلك قلب محور القضيه و بدات المحكمه تتعاطف معها بشكل حتي لو قليل.
وكانت حوريه وسط كل ذلك تشعر برهبه شديدة بخوف شديد لكن كلما نظرت إلى قاسم وتطلع فيها بابتسامته الحنونة الواثقة تبدأ الرهبه بالتدريج تختفي داخلها وتحل رهبه أمل يتجدد داخلها،حتي بعد فترة طويلة من كل ذلك الجدل والحديث نطق القاضي بالحكم النهائي وكان؟ الغاء الحكم الصادر بحقها و البراءه!.
لم تصدق حورية ماتسمعه باذنيها فغرت فاهها من الدهشه عندما استوعبت ماقاله القاضي هل بالفعل هتف بالعفو عنها هطلت الدموع من اعينها بالعديد من الدموع لكن هذه المرة كانت دموع السعادة و ليست دموع الحزن وبعدها علي الفور انحنت ساجده تحمد ربها وتشكره انه قد افرج همها لقد ظهرت برائتها اخيرا.
سلم المحامي مهنئ قاسم بالبراءه الذي ابتسم له بامتنان شديد هو وجمال بسعادة غامرة ثم ذهب قاسم نحو حورية يقف أمام القضبان الحديدية والتمعت مقلتيها بالدموع وخفق قلبها بقوة لا تصدق حتي الآن أن المعاناة سوف تنتهي أخيرا لينظر قاسم لها بأعين تشع عاطفه جارفة تجعل قلبها يخفق بشدة بين جنبات صدرها وهو يضع يده فوق كف يدها الصغير التي تمسك بيها القضبان بينما هي رمقته بنظرة امتنان كبيرة علي ما فعله لها وندم على هروبها منه قبل سابق.
لكن لم يكن الجميع سعيداً بهذا الحكم نهضت ناريمان بعدم تصديق واحمرت عيناها بطريقة مُخيفة وهي تضغط بين يداها بعنف حتى برزت عروقها بشدة لتسير نحو حوريه وهي تنوي قتلها، أمسك يدها جواد بسرعه وقال"
استني يا ماما انتي رايحه فين احنا هنا في المحكمه يعني اي حركه هتعمليها محسوبه عليكي هنا "
نظرت إليه بعيونها تشع غضب شديد وهي تصيح بقسوة شديدة" ابعد عني انا مش طايقه نفسي ولا طايقه اي حد اووووعي"
أبعدت يد جواد بعنف عنها وتقدمت ناريمان منها و وقفت أمامهم حيث كان قاسم يقف بجانب القضبان الحديدية يبارك الى حوريه وعندما وجد ناريمان خلفهم التفت اليها بوجه جامد،احتدت عيناها بالشر قائله بنيرة كفحيح الأفعي" فرحانه صح وماله افرح انت وهي
بس وغلاوتك عندي يا حوريه أوعدك هتكون نهايتك علي ايدي بس الصبر، هبقي عملك الاسود في الحياه كلها بس مسألة وقت يا شاطرة"
تطلعت حوريه إليها بأعين متسعة داخلها قلق من حديثها فهي تعرف أنها بالطبع لم تتركها بحالها حتي بعد البراءه، انتبهت الى قاسم الذي مسح علي يدها برفق و هز رأسه لها بعدم مبالاه إلي كلماتها وان تهتم الي فرحتها اليوم فقط.
**
بعد ساعة.في قصر عصام الصريطي كان الخدم والجميع بداخل القصر يشعر أن هناك جبل يهتز وسينهار قريبًا.. قريبًا جدًا وفجأة سمعوا صياح يأتي من غرفه ناريمان وصوت تهشيم اشياء فركض جواد وعصام للأعلى مسرعًا نحو الغرفه بتلقائية وفتح عصام باب الغرفة بلهفة ليجد ما توقعه ناريمان تدمر كل شيء أمامها حتى المرآة حطمتها ركض نحوها بسرعة جواد وهو يحاول الإمساك بها صارخ بذهول وقلق" ماما كفايه بقى اللي انتي بتعملي ده مش هيفيد بحاجه"
كانت تحاول تنفض ذراعه عنها بعنف حينها زمجر عصام بها حتي تستعيد وعيها "اهدي يا ناريمان اللي حصل حصل والبنت خرجت وطلعت براءه خلاص انتي كده اللي هيجريلك حاجه"
أبعدت يديهم عنها وهي تصيح بشكل هيستيري مرددة " ابعدوا عني انا مش طايقه حد ولا عاوزه حد جنبي، عاوزني اعمل ايه اروح للهانم وابارك لها على البراءه ..اروح افرح معاهم واهنيها على حياتها الجايه ما هي دلوقت خلاص تقدر تروح وتستمتع بحياتها مع اي حد وفي اي مكان وتفرح بموت ابني"
ثم صرخت بألم شديد من قلبها وهي تصرخ "وانا هفضل طول عمري عايشه بتحسر على اللي راح و روحي جوايا بتتالم من الوجع"
كانت عيناها جامدة تخفي الانهيار خلفها أحبست دموعها بصعوبة وأكملت صراخها الذي يحمل من الألم والسخط خلفه "يعني ايه تكون قتلت ابني وتطلع براءه؟ يعني ايه ما كانش قصدها تقتلة؟ يعني ايه حرمتني من ابني عشان كانت بتدافع عن نفسها .. جابوا الادله والفيديو ده منين؟ والمحكمه ازاي تاخذ بحاجه زي كده وتديها براءه "
كان عصام و جواد يقفون بذهول وبصمت ينظرون إليها بشفقة حقيقية والحزن يستوطنهم علي حالها فلم يتوقع احد حكم البراءه وبعد أن كانت حورية اخذت حكم بالاعدام تحول الحكم في خلال الأيام الماضيه إلي براءه، ولم تحاسب على فعلتها.
رفعت عيناها بملامحها المتألمة تشد خصلات شعرها بقوة غير مصدقة ما حدث وهي تقول بصوت جامد "حد يفهمني ليه تاخذ براءه وما تتحاسبش على اللي عــمـلــتـه فــي ابـنــي ازاي ده يـحـصــل ازاي"
ظلت تقول هذه الكلمات مرار و تكرار مثل المجانين و هزت رأسها وهي كانت تحدق في الفراغ وعيناها جامدة ولكنها مهزوزة تنطق بألف كلمة وكلمة مثل انتقام وغضب وحقد ودماء، فـقد أعلنت الحرب نحو الجميع كل من له يد في موت ابنها وساعد حورية بدأ الانتقام يغزو كيانها كله. و الألم جعلها نسخة اخرى من الشيطان.
ثم أمسكت هاتفها بحده وانتظرت حتي أجاب عليها وهتفت بابتسامه واسعة كـ المجانين "عندي خبر ليك هيفرحك قوي حفيدتك طلعت براءه النهارده "
اتسعت عينا عتمان بالذهول وعدم تصديق وقال بغضب"انتي بتقولي ايه جبتي الكلام ده منين دي قتلت ازاي"
كانوا عصام و جواد يشاهدون ما تفعله ناريمان ولا يفهمون بينما ردت عليه بجدية حادة "لا ما هو قاسم ما سبهاش ولا لحظه لحد ما اظهر براءتها شكلها كده اديتله كثير قوي عشان ما يسيبهاش وهي دلوقتي قاعده في بيته بكل بجاحه بدون اي صفه ومش هممها حد، روح لم اللي فاضللك من شرفك "
**
بعد ساعات في قصر قاسم السيوفي انهمرت العديد من الدموع من حورية لسعادتها بعودتها من المحكمة الى القصر مره ثانيه وهي قد أظهرت براءتها، ليقول قاسم بصوت هادئه مرددا" مبروك يا حورية مبروك على البراءه كده نقدر نقول الحمد لله هتقدري تستردي جزء كبير من حياتك "
عضت حوريه شفتاها مبتسمة ابتسامة واسعة"انا مش عارفه اقول لك ايه ولا اشكرك ازاي يا قاسم على كل حاجه عملتها معايا و مش مصدقه لحد دلوقتي ان انا خلاص خلصت من الكابوس ده "
ابتسم علي فرحتها لكنه رسم الحدة والخشونة على ملامحه الرجولية وهو يقول"انا ما عملتش كده عشان مستني منك شكرا ده اللي كان لازم يحصل يا حوريه والحق يبان "
عقد جمال ما بين حاجباه وهو يحدق بها متساءل"ناويه تعملي ايه بعد كده يا حوريه "
فهمت حوريه ان يقصد وجودها هنا بعد براءتها فـ بالتاكيد لم ينفع أن تظل هنا كتير، حينها همست بصوت يكاد يسمع"هاه مش عارفه حاليا بس اكيد مش هينفع افضل هنا هشوف مكان تاني طبعا و.."
ولكن قبل ان تكمل كان قاسم يتحدث وهو يحذر جمال بنظراته بجدية "جمال مش قصده كده يا حوريه اقعدي براحتك ده بيتك ما حدش هيقدر يمنعك، هو اكيد يقصد هتعملي إيه في حياتك الجايه مع اهلك "
بللت شفتاها والتوتر يزحف لكافة جوارحها ببطء ثم خرج صوتها مبحوحًا يتحجزه القلق "نفسي اروح ليها اكيد و كان نفسي الاقيهم اول ناس وانا خارجه من السجن يستقبلوني بس للاسف ده عمره ما هيحصل و لو رحت لهم ما اعتقدش هيستقبلوني ،بس دول أهلي وأنا مليش غيرهم هحاول محاوله اخيره اروح ليهم واشرح ليهم كل إللي حصل"
وقبل أن يجيب عليها قاسم انتفضوا فجاء هم الثلاثه علي اصوات عراك شديده بالخارج حينها إلتفتت حوريه خلفها من النافذة لتجد في الاسفل عتمان جدها و معه بعض الرجال في نفس عمرة تقريبا شهقت حورية عاليه وهي تقول بخوف شديد" ده جده عتمان"
نهض ينظر إليه وفجأة سمعت صوت قاسم خلفها تمامًا وهو يهتف بصوت خالي من التعابير "خليك هنا ومتتحركيش انا هتصرف"
فهبط قاسم علي الدرج بسرعة وهو يعطي اوامر الي الحراس ان يتركوها ثم نظر قاسم إلي الرجال الذين مع عتمان بشك وهو يقترب منهم صاح بحده" انت جاي تعمل ايه يا راجل أنت هناك ومين دول جايبلي معاك بلطجيه "
رمش عتمان بعينه بضعف زائف وهو يقول بعطف"شوفتوا يا جماعه لسه ما تكلمناش وبيغلط فينا الله يسامحك يا ابني انا مش هارد عليك بالغلط زيك، انا عاوز بنت أبني حبيبتي في حضني بعد ما طلعت براءه "
تجهمت ملامح قاسم وهو يقترب منه هاتف بخشونة"انت هتستعبط جاي بس دلوقتي تفتكر انك لك حفيده بعد اللي عملته معاها اتفضل من هنا انت واللي معاك ملكش حاجه عندي "
ليقول أحد الرجال بحذر"يا ابني عيب كده ده راجل كبير قد ابوك واحنا مش عيال صغيره واقفين قدامك احنا جايين نتكلم بكل هدوء وعقل، احنا جيران استاذ عتمان وعارفينه من زمان هو وعيلته وعارفين حوريه كمان واللي عملته ودي مش اصولنا بصراحه يا ابني وما ينفعش تفضل معاك ولا دقيقه واحده بعد كده"
صرخ قاسم يزمجر بجنون وكأنه انفجر "انتم مش فاهمين حاجه الراجل ده عاوز يموتها ده تلاقيه ضحك عليكم بكلمتين ما تصدقوش "
اومأ الرجل برأسه برفض ثم اخبره باختصار " احنا مش جايين نتخانق ولا نعمل مشاكل، و اديله حفيدته عيب تفضل معاك هنا لوحدها مع راجل غريب عنها وحتى لو عاوز يعمل فيها ايه في النهايه ده جدها مش حد غريب عنها زيك يعمل مبادله فيها "
تنهد عتمان ببعض الارتياح وهو يري إصرار الرجال علي أخذ حورية الذي ذهب يستنجد بيهم، بينما رد الأخري بجدية حادة"ايوه في النهايه اسمه جدها وبيربيهم انما وجودها هنا بيسوا سمعتها ويخلي الناس تتكلم عليها اكثر بالوحش وعتمان وعدنا بنفسه انه مش هيعمل ليها حاجه وناوي يفتح معاها صفحة جديدة و ينسي إللي فات عتمان عاوز يلم لحمه ويقفل عليه بابه ودي حاجه ما تزعلش حد "
تقدم منهم جمال ثم تابع قائلاً حديثة بنبرة آمرة "وبصريح العباره كده مش هنمشي الا لما ناخذ حوريه معنا انت مفكر نفسك عايش في بلاد بره ينفع تستضيف بنات الناس في بيتك ويقعدوا معاك عادي كده "
وقفت حوريه أمام بوابة القصر من الداخل وكانوا الرجال يطالعها بتفحص باشتمزاز وخبيه أمل بينما هي شعرت أن الحروف فرت هاربة من بين شفتاها واخفضت عينيها باحراج شديد منهم و الجراه التي أظهرت عندما ضربتة بعنف ثم فرت هاربة أصبحت مجرد رياح فـ عتمان وضعها في وضع صعب أمام الجيران والمعارف فهي في نظرهم الان فتاه سيئه جدا.
حاول قاسم بغضب أن يقترب منه لكن جذبه جمال بقوة وهو يقول بصوت حازم "استنى يا قاسم اوعى تتهور وتعمل حاجه ما توديش نفسك في داهيه انت مش شايف عاملين ازاي وبتكلموا ازاي؟ اكيد عتمان هو اللي مالي دماغهم بالكلام ده ومفهمهم الأمور غلط .. سيبها تروح معاهم واسمع الكلام افضل ليها"
عقد قاسم ما بين حاجبيه بعدم استيعاب ثم اردف بتلقائية مستنكرًا " نعم أنت بتقول ايه اسيبهم ياخذوها؟"
قد استمعت حورية الي آخر كلماته وصمتت وهي تشهق بعنف عند مخيلتها انها سوف ترحل مع عتمان مره ثانيه وهزت رأسها بفزع حقيقي لا يحتمل تخيله، لتجد عتمان يقترب منها بخطوات بسيطة وهو يردد بحزن مصتنع" يلا يا حوريه معايا يا بنتي كفايه فضايح انا راجل كبير ومش قد اللي بتعملي فيا"
تراجعت حوريه للخلف بخوف شديد منه وهي تنظر إلى قاسم يتوسل وتهز رأسها برفض أن لا يتركها ترحل معه و من دون مقدمات كان عتمان يجذبها ويسحب من ذراعها بحنوِ زائفة وهو يغمغم بصوت حاول منه باقي الاصطناع أمامهم" يلا يا حوريه متخافيش يا بنتي انا حتي فرحان انك طلعتي براءه خلاص"
ازداد جنون قاسم الذي ازدادت ضرباته عنفًا وهو يراه يأخذها ليهدر فيه بعنف مستنكر " ابعد عنها مـش هتخــ"
لكن قاطعه جمال وهو يجذبه نحوه بقوة و حده وهو ينظر إليه ويهز رأسه بضيق برفض أن لا يذهب خلفهم. احمرت عينيه بغضب مخيف منة ولكنه جذبه نفسه بعنف من ذراعه يريد أن يذهب إلى حورية لكن جمال منعه مره ثانيه بالقوه ليزمجر قاسم فيه بغضب شديد أن يتركه لكن رفض وظل يمنعه بكل قوة بخوف عليه.
بينما ليضع عتمان يده حول كتفها يحضنها بعنف وقسوة دون أن يراه أحد من الرجال وتاوهت بصوت مكتوم وهو يسير بها إلي الخارج و الرجال خلفهم، عضت حوريه علي شفتاها السفلية وتشدق بعبث متحسرًا علي حالها ومن عذاب الي عذاب والمعاناة لم تنتهي بعد كما توقعت ولم تكتمل فرحة براءتها
**
ظل جمال في معاناه اكثر من ساعه وهو يحاول منع قاسم أن يذهب خلفهم ويتهور هو يعرف جيد أن تركه يذهب خلفهم لم يمر مرور اكرام ابدا بالتاكيد عتمان لم يترك حوريه بسهوله و قاسم أن ذهب سوف يفعل المستحيل حتى يأخذها حتي ان اضطر لقتل أحدهم، لذلك جمال يحاول منعه ففي النهايه هي ذهبت مع عائلتها ولم يستطيع احد التحدث بكلمه واحده مهما فعلوا فيها، أبعد قاسم جمال بقوة و هو يتنفس بشدة ونيران جسده تشعل وصدره بنيران مقيدة هو به كلما حاول الابتعاد والرحيل جمال يزيد الضغط علي كتفه ليصرخ قاسم و هو يقول بغضب دفين" ما تبعد عني بقى يا جمال انت إزاي تمنعني و تخليني اسيبهم ياخذوها إيه ما شفتش شكلها كانت عامله ازاي وهي خايفه منهم، ويا ترى عارف ومتخيل هيعملوا فيها ايه دلوقتي "
نظر جمال الي قاسم و هو يقول بحزم " انا عارف كل ده وقلقان عليها زيك بس احنا مش في ايدينا حاجه نعملها ليها دلوقت، وبعدين انت ما شفتش بنفسك ده جايبلك ناس يشهدهم عليك انك منعوا يشوف حفيدته وكان ممكن يطلبوا البوليس ليك و حورية هتاجي في الرجلين تاني"
أبعده بقوة عنه أخير واتسعت عينه لينظر إليه و أعينه لا تطيق حتي تقبل حديثه تحدث و هو ينظر إلي جمال قائلاً بسخرية لعينه " حفيدته هو انت فاكر قلبه عليها ده لو قدر هيموتها مش هيتردد لحظه، من أمتي الحب والحنيه اللي نازله عليه مره واحده دي .. دي لعبه عاملها عشان ياخذها ويصعب عليهم ويخلي الكل يتعاطف معاه وانا كان لازم امنعه"
ليزفر جمال بغضب قائلاً" ازاي؟هتقدر على كل دول وتمنعها ازاي؟ انت بالطريقه دي هتسوا سمعتها اكثر وهو ده اللي كان عاوزه جدها عشان كده كان لازم تسيبها وزي ما قلتلك دول اهلها وهما اولى بيها "
تنهد باختناق وهب فيه و هو يصرخ بحدة "
وكانوا فين اهلها دول من البدايه دلوقت بس افتكروا إني ليهم بنت وخايفين عليها عارفين عنها ايه؟ اكثر من مره اتعرضت للخطر بسببهم وهم ولا اهتموا ولا يعرف عنها حاجه، كان ممكن بكل سهوله تموت نفسها وهم ولا هيبقوا داريين بحاجه "
تنهد جمال بضيق وقال بصرامة" انت بتقول لي انا الكلام ده، ما انا فاهم كل ده وعارف ان دي لعبه من عتمان كان بيلعبها عشان يخلي الكل يتعاطف معاه بس احنا برضه مش هنقدر نمنعه واحنا مش نقرب ليها حاجه عشان نفضل مستضفينها هنا في البيت طول الوقت, بأي وصفه يا قاسم عاوزها تفضل معنا من غير ما حد يسالك عنها أنت فاكر نفسك عايش فين صحيح"
ما ان انهي جمال حديثه حتي ظل قاسم يدور حول نفسه بغضب شديد وانفاسه تتعالى بقوة لا يعرف كيف له ان يتركهم يأخذونها منه وهو يقف عاجز ولم يستطيع منعهم مسح وجهه بعنف شديد هي يكاد ان يجن ليتحرك بحده ألي الاعلي وجمال تحرك علي الفور خلفه يهديه لينظر قاسم بحدة ويرفع سبابته بوجه جمال و هو يقول بتحذير " ما تجيش ورايا وابعد عني الليله دي بالذات وده لمصلحتك"
لم يتحدث جمال ولا يذهب خلفه كما يريد تنهد جمال بيأس وضيق و ذهب الى الخارج بينما وصل قاسم إلى غرفته وفتح الباب بقوة و هوي علي المقعد وبدأ يشعر أن تيارت القدر تعارضه وبعنف هذه المرة لم تكن في صالحه بل تعارضه وبقوة بدأ يشعره بالاختناق الحقيقي يقبض على صدره فتجعله يتلوى من مرارة العجز والألم. غير مصدق ان لم توجد حورية في حياته بعد الآن؟.
أصبح يشعر أن الهواء ينسحب من حوله حتى بات الاختناق رفيقه يريد ان يصرخ بعنف شديد و يطرد ذلك الغضب اللعين الذي يقبض على صدره، اخذوها من امامه وهو ظل واقف كـ الصنم و لم يتحرك لم ينقذها هذه المره لم يذهب خلفها لم يمنعها من البعد عنه.. هي من الاساس لم تهرب هذه المره بل أجبرت أمام عينه علي الرحيل.
صدقت بوعدها هذه المره بالفعل ولم تهرب لكن هو لم يوفي بهذا الوعد؟ إنتفض قاسم فجاءه عندما سمع أصوات الرعد بقوه و الأمطار الغزيرة تتساقط ليتذكر علي الفور حوريه وخوفها في الفندق عندما ذكرت أنها لا تطاق الفنادق ولا أصوات الرعد تذكرها بـ تلك الليله حادث اغتصابها! بالتأكد هي الان تحتاج إلى مساعده ولم يفهم احد غيره معاناتها و احتياجها.
هبط قاسم الدرج بخفة وجسده يغلي من الغضب الذي يكمن في داخله، يجز علي اسنانه بقوة يحاول ضبط انفعالاته التي ظهرت من خلال عروق رقبته وذراعيه، استقل داخل سيارته وانطلق بها يسابق الريح يشق خيوط من الغبار خلفه لمحه جمال وهو ينطلق بسيارته بسرعه وهتف باسمه عدة مرات ولكن قد فات الآوان وانطلق بعيدًا عنه، دق قلبه بقلق حينما رأي هيئته وملامحها غاضبه و لا تنذر بالخير صعد جمال بسيارته هو الأخري ينطلق خلفه حتي يعلم اين ذاهب وهو يدعو في داخله أن تجري الامور علي ما يرام
أما قاسم كان يثبت نظراته علي الطريق وعيناه جامدة لا تحوي علي تعبيرات ضغط علي مكابح السيارة بقوة وهو يقرر اليوم سوف يضع نهاية لهذا الموضوع وستكون لصالحه.
___________________________________
الفصل الثالث عشر
___________________
قبل ساعة ظل عتمان يحتضن حوريه رغم عنها وهو يسير والرجال في الخلف حتي ابتعدوا مسافه ليس كبيرة عن القصر ثم توقف وابتسم باصطناع قائلا"خلاص يا رجاله متشكر لحد هنا انا عربيتي اهي هاخذها و هروح بقى مش عارف اقول لكم ايه علي اللي عملته معايا متشكر جدا"
نظروا الرجال إليه قليلا ثم هز رؤوسهم بالايجابي حتي يرحلون قبل ان يوصوا عتمان عليها وهو أجاب بالموافقه بوهن أجاد إتقانه
بينما زاغت عينا حوريه بخوف شديد عندما رحل الرجال وبقت بمفردها مع جدها لا تعلم ماذا ينوي يفعل لها؟ أو ما يجب عليها فعله؟ تشتت عقلها من كثرة التفكير ومحاولاتها في الوصول الي حل لهذا المأزق حتي توقف عقلها عن التفكير عندما سمعت صوت عتمان يضحك بشر من سذاجه الرجال اللامتناهية.
ثم تطلع إلي حورية وتوقف عن الضحك و الجمود يعتلي ملامحه لتنظر له حوريه منتظرة حديثه حتي تلقت منه صفعة قوية علي وجهها تتبعها الثانية بقوة مضاعفة حتي سقطت بالارض بعنف ثم بصق عليها باحتقار جعل حورية تنتفض علي أثر فعلته وسرعان ما إجهشت في بكاء عنيف بألم ثم سحبها بعنف وهتف بقسوة شديدة" لسه برده يا زباله مصممه ما فيش حاجه بينك وبين الولد ده حتى بعد ما طلعك براءه، ورحمه ابوكي يا حورية لا هتحصلي في تربه قريب وعلى أيدي"
بدأت عبراتها تهبط بضعف وهي بمفردها في منتصف الطريق معه ولا يريد يتركها و كعادته يمارس ضغوطات قاسيه عليها تأجج عيناه بالغضب الشديد وهو يصرخ بعنف"يابنت الـ** ما هو انا مش مركب قرون عشان اسيبك تصيعي علي حل شعرك مع حته عيل تربيه ملاجئ وانا قاعد في البيت واللي يسوى و ما يسواش يلسن عليا بالكلام بسببك "
حاولت التملص منه إلي أن سمعت صوت صرير إطارا سيارة سريعة تحتك بالارض بقوة يقترب منها ألتفتت نحوها بخوف ولهفه علي أمل أن يكون قاسم! لكن ليتحول ذلك الخوف إلي رعب أكبر وهى ترى السيارة القادمة باتجاهها لتنزل منها ناريمان ومعها الحارس الخاص بها قادمون عليها لتضرب دقات قلبها بصدرها بقوة مسببة لها الارتجاف واقتربت منها ناريمان وهي ترمقها بنظراتها الاستهزاء وهتفت بأسف مصتنع" متاسفه يا عتمان هقطع عليك وصلة التربيه المتاخره دي
لبعدين عشان انا محتاجاها اوي دلوقت.. يلا اتحرك انت كمان واجيبها لي على العربيه"
عقد عتمان حاجبيه باستغراب قائلا بعصبية"
تاخدي مين أنتي اتجننتي مش انتي اللي متصله بيا ومعرفاني مكانها عشان اروح اخذها "
مطت شفتيها ببرود تام وهي تقول بصوت جاد"لا ما هو انا مش المصلحه الاجتماعيه بتاعت العيله انا كلمتك عشان تعرف تخرجها من القصر وانا عارفه اوصل لها ذي طعم يعني وانت زي الغبي شربت الطعم ده"
ودون مقدمات اقترب الحارس الذي معها و ضرب عتمان علي رأسه بقوة ليسقط فاقد للوعي، صرخت حوريه و اتسعت مقلتيها بذعر وخوف وإلي هنا أصاب قلبها بخوف ليس له مثيل استدارت مبتعدة عنهم قبل أن يمسكها أحد و دموعها المرعبة تتساقط منها و ركض خلفها سريعه ذلك الحارس الخاص بـ ناريمان لتحاول حورية الهروب منهما وهي تركض بكل سرعتها لكن اصطدمت بعنف وسقطت على إثره ركبتيها على الأرض رفعت عينيها والتفتت خلفها بسرعه بخوف شديد لتري الحارس أمامها يبتسم بخبث واقترب منها و حملها بين ذراعيه لتصرخ هي بقوه وهي تحاول النزول لكنه ثبتها بقوة أتجه نحو ناريمان الذي ابتسمت بسعادة وحقد وفتحت باب السياره ليضعها في الخلف و بعدها ذهبوا إلى بعيد وهي معهم.
بينما ظل عتمان ساقط بالارض فاقد الوعي جانب سيارته و الدماء تنزف منه وبعد ربع ساعة اقتربت منه سياره قاسم الذي لمح السياره تقف و عتمان بالارض جانبها، هبط بسرعه وتقدم منه وحاول أن يجعله يفيق ونجح في ذلك وفتح عينه هتف قاسم بصوت غاضب وقلق " حوريه فين و مين اللي عمل فيك كده انطق بسرعه وديتها فين؟"
هتف عتمان بصوت منخفض بصعوبة من الألم يخترق موقع رأسه بشده"ناريمان جاءت وخدتها مني وهي اللي ضربتني ومشيت ما اعرفش راحوا فين"
نظر إليه بعدم تصديق و هو يشعر بالغضب منه داخله يتكاثر اضعاف ليقبض علي فكه بقوة و هو يقول بعصبية مفرطة "ضيعت حفيدتك هي دي اللي هتموت عليها عشان تاخذها اديك بعد ثواني بس ضيعتها وما عرفتش تحميها. "
تركه بالأرض يتألم و تحرك متوجه الي منتصف الطريقين بحيره يفكر اي قد ذهبوا لكنه لم يعرف، دائما يحاوط من جميع الاتجاهات بالمشاكل وقف بمنتصف الردهة يغمض عينه و هو يشعر بثقل علي صدره حد الاختناق ليخرج الهاتف من جيب سترته يهاتف جمال الذي رد علي الفور لينطق قاسم بضيق شديد " انا عارف أن انت ماشي ورايا من ساعه لما طلعت، عاوزك تدور في الاتجاه الثاني عندك لو لقيت عربيه ناريمان عدت قدامك تتصل بيا على طول وانا هاروح الطريق الثاني حوريه معاها"
**
بعد مدة قصيرة وقفت سياره ناريمان في جراج السيارات وتوجهت نحوه مكان مهجور هي و الحراس الذي يسحب حوريه معه بعنف وقسوة شديدة بينما كانت الامطار تتساقط فوقهم بغزاره و أصوات الرعد تتعالي.ثم وقفت ناريمان بالخارج تتفقد المكان جيد واشارت الى الحارس ان يدخلها الى غرفه من الغرف الفارغة ثم بعدها دلفت ناريمان إليها لتجدها
بحاله غربيه لكن لم تهتم إليها
بينما كانت حوريه صامته جامد حتى بدأ يخفق قلبها رعبًا من الأصوات و الأجواء بالخارج لم تعد تطيق تلك الأجواء تذكرها بأسوأ ليله في حياتها فزدادت من سرعة ضربات قلبها مع كل صاعق رعد بالخارج كانت تحاول بكل الطرق التحكم بتلك الحالة و الغضة الحاده داخلها لكن كل ما حاولت فشلت رفعت أناملها الصغيرة تمسح ما تبقي من عبراتها التي بللت وجهها من دموعها والامطار فهتف ناريمان بخوف مصطنع"ايه ده بس مالك شكلك تعبانة أوي تؤ تؤ ما ينفعش كده ما تنسيش انك حامل العصبيه والخوف اللي في عينك دول مش كويسين عشان البيبي "
ظلت حورية صامته تأخذ أنفاسها بصعوبة وضعف، ابتسمت ناريمان بقوة تهتف بسخرية وهي تلمح خوفها الشديد بعيناها يشع تمامًا لكن خوفها كان من اصوات الرعد بالخارج والامطار وليس منها "مين اللي ضربك كده عتمان مش كده ايده جامده وجعتك صح طول عمرة عصبي و متهور وما عندوش مخ بقى معلش.. بس اللي انا هعمله فيكي دلوقت غير اللي هو كان هيعمله فيكي خالص انا حاجه ثانيه غيرة "
هبطت دموعها تغزو صفحة وجهها لتهز رأسها ببطئ متألمة ثم تمتمت بضياع "هتموتيني"
لتبتسم هي ببطئ بشر تتلذذ بخوفها وهي تقول بصوت ماكر "تعرفي الفتره اللي رجعتي ثاني السجن فيها وعملتي استئناف للحكم واخذتي براءه خليتني انا كمان أعيد حساباتي في حاجات كتير، ذي ان الموت بالنسبه لك راحه وانا مش عاوزه راحتك انا عاوزاكي تتعذبي وتتقهري ذيي واكثر "
ابتلعت ريقها بصعوبة ترجع خصلاتها للخلف تحاول إخفاء خوفها عندما اقتربت أمامها مباشرة لكن ناريمان رفعت أناملها تمسك ذقنها بعنف وقسوة شديدة كي تدير وجهها إليها فاستجابت لها رغم عنها بضعف شديد، مطت ناريمان شفتيها بتفكير مصطنع تردف بحده "بس قولي لي في حاجه نفسي افهمها ايه اللي يخلي قاسم خايف عليكي وعاوز يحميكي مننا كده يا ترى وعدتيه بي ايه؟ يلا قولي لي أصلا عندي فضول من ناحيه الموضوع ده كبير ونفسي افهمه "
أنتفض جسدها يرتجف برعب و فزع شديد خاصة عندما أصبحت الاصوات الرعد تضرب بقوه اكبر وضعت يدها على أذنها بهستريا حتي لا تستمع الاصوات وبدأت تبكي بعنف حتي أن جسدها بدأ يرتعش بالكامل ثم كتمت فمها بيدها تمنع شهقاتها من الارتفاع وهي تتألم ولكن ليس من جرح جسدها و نفسيتها فقط إنما جرح قلبها الذي ينزف من شعورها بالخذلان تجاه الجميع نحوها، فهي لم تكن تتصور أبدًا أن قاسم يتجاهلها بهذه الطريقة ولم يذهب خلفها هذا المرة هو يعرف شعورها الان كانت تعتقد أنه أصبح يعرفها اكثر من نفسها لكن بفعلته هذه شعرت بالخذلان والقهر المرير منه.
كان كل ذلك تحت أنظار ناريمان المستغربة
لتنظر لها بإستحقار وكره صائحة بغضب"مالك يا بنت ما تتعدلي هو انتي فكراني باللي بتعمليه ده هاسيبك ده بعينك انا اما صدقت وقعتي في ايدي تاني "
لكنها ظلت هكذا تبكي بقهر مما أغضب ناريمان منها فهي لا تعرف أنها تفعل ذلك لأنها تشعر بألم بالفعل ام حتى تمل منها وتتركها نهضت ناريمان بغضب شديد منها وهي تقترب منها تنوي ضربها بشده ولكن توقفت مكانها عندما؟
استمعت لأصوات حطام بالخارج عقدت حاجبيها بدهشة ثم نظرت إليها وعيناها تلمع بخبث واضح وهي تقول"هارجعلك تاني تكوني خلصتي من الهبل ده "
**
خرجت ناريمان بهدوء الي الخارج وسرعان ما
صرخت بقوة عندما وجدت الدماء تنزلق من جسد الحراس الذي كان معها بغزارة وهو فاقد الوعي ومرمي بالارض من الواضح أنه تعرض الي ضرب عنيف ثم رفعت مقلتيها ببطء إلي الجسد الأخري الذي يقف أمامها وجحظت عيناها بقوة وارتعبت أوصالها عندما وجدت قاسم يقف أمامها بكل برود ويده وملابسه ملطخة بدماء الحارس.
وعندما وصلت لعقلها فكرة أنه من الممكن يفعل فيها اضعاف ما فعله الحارس شهقت بخوف وارتعبت والتفت قاسم دون حديث ليركض يبحث عن حورية بين الغرف حتي وجدها بداخل أحد الغرف تنكمش علي نفسها بقوة وهي تبكي بقهر.
ذهب بخطوات ثابتة لكي يطمئن علي حورية وانخفض إلي مستواها بالأرض وعندما وضع يده برفق فوق راسها انتفضت بذعر وخوف و دخلت في صراع نفسي ما بين الصراخ والتيه والهذيان بكلمات غير مفهومة حتي أنها لم تطلع فيه وتنظر الي وجهه، حزن قاسم عندما رآها بهذا الشكل ليري وجهها شاحب وجسدها هزيل ضعيف لا يقوي علي الحركة تصرخ فقط حينما تشعر يقترب هو منها لكنه لم يستسلم واقترب منها وهو يحاول تهدئتها قائلا" حورية اهدي أنا قاسم ومحدش هيجي جمبك غيري"
هزت رأسها برفض شديد رافضه النظر إليه
وصراخاتها تتعالي التي تمزق قلبه الصغير كان يبكي علي صراخها وانكمشت أكثر علي نفسها وضمت ساقيها لصدرها بخوف اغمض عينه وزفر بضيق شديد و بألم حاد يعتصر قلبه قائلا بحنوِ" أنا قاسم يا حوريه ارفعي عينك وبصي لي بنفسك عشان تتاكدي.. حوريه عشان خاطري بصيلي عاوز اطمن عليكي"
رفعت حدقيتها التي كانت تتأرجح بداخلها بالفزع وعبراتها تغرق وجهها الصغير وتهز رأسها بقوة وتمتمت بين شهقاتها" ابعد عني انت كمان مش عاوزاك ..انت هتبقي زيهم وهتضحك عليا.. ابعدوا عني ابــعــدوا بقي وسيبوني في حالي انا معملتش حاجه في حد انتم بتعملوا فيا كده ليه "
كان صوت بكاءها وصرخها يمزق قلبة ليقبض علي يده بقوة جعلت عروقه تبرز من قوته
ثم تمتم بنبرة محببة " انتي زعلانه مني عشان اتاخرتي عليكي معاكي حق حقك عليا بس أنا"
صمت بقلق شديد والتفت عندما أستمع الي صوت طلقه ناريه في الهواء ليجد ناريمان هي من اطلقت النار وتقف امامهم ترفع السلاح في وجوههم ابتسمت بسخرية وهتفت بتهكم" معلش قطعت عليك وصلت الحنيه بتاعتك بس اللي جنبك دي تلزمني وانا مش هاسيبها لا اللي هقتلها دلوقتي قدامك و اقتلك أنت كمان"
نهض بسرعه بحده و جحظت عيناه بصدمة عندما وجد ناريمان ترفع في وجهه المسدس وعيناه تضخ شرارات الغضب والانتقام صاح قاسم إليها بغضب شديد"ناريمان نزلي الزفت اللي في ايدك ده احسن انا اللي اجي اخذ روحك دلوقتي واياكي تعملي ليها حاجه "
تقدمت ناريمان منه ووقفت أمامه تبتسم بسخرية وخبث بصمت ناظرة إليه ولم تمنحه ناريمان فرصة لـ الحديثه مره ثانيه او اهتمام حين سحبت زينات سلاحها الناري تصوبه نحو رأس حورية بلحظة لكن تحرك قاسم يقف أمامها بسرعه وكانت الطلقة نارية مخترقة ذراعيه غارق بدمه وأطلقت حورية صرخة عالية بخوف و قد ارتجفت أوصالها برعب، تألم قاسم كاتم صوته بينما ناريمان لم تكتفي بذلك و وجهت السلاح مره ثانيه لكن نحوه رأسه هو وقبل أن تطلق الطلقه الثانيه رفع جمال يدها إلي الاعلي و انطلقت الرصاص في الهواء زمجرت ناريمان بشراسة شديد وهي تنظر إليه بحده.
ابتسم باتساع جمال وهو يردد باستفزاز قائلا"
تحب تمشي لوحدك ولا ابعت معاكي حد يوصلك "
جزت ناريمان علي أسنانها بغضب دفين ثم تحركت بخطوات غاضبه تذهب الى الخارج، بينما هتف جمال متسائلا وعلامات القلق تغزو وجهه وهو يري ذراعيه قاسم ينزف الدماء" انت كويس يا قاسم دراعك بينزف "
تنهد قاسم بعمق كأنه يطرد هم ثقيل من علي قلبه عندما جاء إليه جمال لـ ينقذهم في آخر لحظة ثم هتف وهو يمسك ذراعيه متجاهل الألم "جرح بسيط ما تقلقش عليا المهم دلوقتي حوريه كانت "
ليتفاجا عندما ألتفت بأن حوريه ليس موجودة خلفه اتسعت عينا قاسم بصدمة كبيرة وخوف شديد وهو يهدر "حورية! حـوريـه فين كانت هنا دلوقت معايا"
بحث حوله في كل مكان ولم يجدها ثم أسرع في خطاه يستطيع التحامل علي آلام ذراعيه لكن لا يقدر علي آلام قلبه وهو يتحرك الي الخارج يلحق بها.
**
توقف صوت الرعد والامطار بدات بالهدوء قليلا نوعاً ما وكانت حورية تسير بخطوات ثقيله جدا وهي قد اكتفت من البكاء لكن ألم قلبها وجسدها مزال يصدر اصوات مؤلمه تحدثتها أن الماضي لم يكن قد دُفن في سرداب عميق كما توقعت! فقد بدأت هيهات تظهر وهي لا تعلم أن الماضي سيظل يلاحقها كظلها طول الوقت كما أنه ينتظر الوقت المناسب للانقضاض عليها اكثر من ذلك.
فاقت حورية من شرودها عندما وجدت سياره تتوجه نحوها قاصدة هي دون غيرها انكمشت فى نفسها وهي تحاول الابتعاد لكن توقفت السيارة أمامها، ضاقت عينيها لتري من بداخل السيارة هذه المرة! لتجد حازم وبجانبه عتمان جدها يمسك رأسه يتعب يحاول ايقاف النزيف فهو من اتصل بحازم حتي يأتي إليه يساعده عقد عتمان حاجبيه باستغراب قائلا بحده" وقفت ليه انت كمان ما تطلع "
هز حازم رأسه برفض وهو يشير برأسه بصدمة قائلا بعدم تصديق" حورية يا جدو أهي"
كان قاسم يحاول اللحاق بها بسيارته ويحاول النظر بلهفة شديدة من خارج شباك سيارته لعله يراها تجلس هنا او هنا لكن لم يجدها زفر بحدة و أسرع بقوة عجيبة تكاد تؤدي به إلي حادث شنيع يريد اللحاق بها حتي فجاءه توقف بسيارته وانتبه لـ حوريه تقف بصمت أمام سياره! ليستطيع التعرف على من بداخلها وكان عتمان ومعه شخص اخر لم يعرفه
هبط قاسم من سيارته بسرعه واقترب منهم وهو يخفق قلبه بقلق وازدادت ضربات قلبه عندما وجد عتمان يهبط من السياره هو و حازم ليقتربوا من حوريه لكن توقفوا بصدمه عندما رفع قاسم المسدس بوجوههم قائلا بتحذير" خليكم مكانكم ولا خطوه كمان منها وما تفتكرش هاسيبها لك المره دي تاخذها مني طالما مش قادر تحميها "
جز حازم علي أسنانه بغضب وقد عرف أن ذلك قاسم الذي يحكي عنه الجميع وحوريه كانت تختبئ عنده ليقول بعصبية شديدة"
ابعد انت عنها وما لكش دعوه بيها احنا اهلها انت مين وعاوز تاخذها مننا بصفتك ايه"
تجاهل قاسم حديثه واقترب منها بخطوات بطيئة يحاول طمأنتها قائلًا بهدوء وهو يهز رأسه" حوريه كفايه عياط وتعالي جنبي عشان نمشي انتي عارفه و متاكده ان انا عمري ما هاذيكٍ"
اتسعت عينا حازم بغيره وهو يصيح بقوة"
حوريه ما تسمعيش كلامه ما ينفعش تفضلي معاه تعالي لينا وانا اوعدك جدي مش هيقربلك ولا يعمل لك حاجه احنا عاوزين مصلحتك يا حبيبتي تعالي عندي"
زمجر قاسم بشراسة وهو يسمعه يهتف ويطلق عليها و يلقبها "حبيبتي" فهو لا يعرف حتى الان ماذا يقرب اليها.
بينما كانت تقف حورية وسطهم بحيره شديده وتوتر وهبطت العبرات من مقلتيها حزينه علي حالها لا تعرف الي من ستذهب الان؟ قاسم كان ومازال الشعور بالامان لكن الى متى سوف تظل معه وغيري ذلك هو تركها اليوم ترحل دون ان يمنعهم، وجدها عتمان و الموت والعيش معه نفس المعناه العذاب الذي ليس له نهايه.
كان مزال قاسم يرفع المسدس بوجوههم غير مهتم بنزيف يده وعيناه تنطق بالشر وهو يقول بحده" مصلحتها عمرها ما هتكون مع واحد زي جدك ولا معاكم ده مقدرش يحميها منهم ومع اول محاوله ليهم وثاني مره هيعرفوا يوصلوا ليها جدك ده ولا بيعمل اي حاجه غير انه كلام على الفاضي و بس، مش بيقدر بس غير أنه يتشطر عليها"
اتسعت عينا عتمان بغضب مكتوم بينما
هز حازم رأسه بقوة برفض ما قاله ليهتف بغضب"ومصلحتها بقي مع واحد زيك تطلع مين انت عشان تدخل نفسك في مشاكل عائليه ما تخصكش، هو جدها وانا ابن عمها واحنا اولى بيها حوريه يلا تعالي علشان نمشي وما لكيش دعوه بي"
كانت حوريه تنظر لهم بخوف شديد وتهز رأسها بقوة وهي تضع يدها على أذنها وتمتمت بين شهقاتها "بـس بـقـى كـفـايـه انـتـم الاثنـين"
كان قاسم يستمع صراخها وقلبه يدق حزنًا واشفاقًا بين أضلعه علي ما يحدث معها يشعر بعجزها وضعفها في هذا الوقت رفعت حورية عيناها المليئة بالدموع بضعف ثم تحركت نحوهما؟.
بينما انقبض قلب قاسم بشده عندما وجدها وهي في حالة ضعف شديد تحركه خطوه تجاه عتمان و حازم "حوريه اوعي تسمعي كلامه وتعالي ليا انتي عارفه انك بتروحي كده الموت برجليكي لو فكرتي تروحي ليهم .. انا عارف ان انا كنت غلط لما سبته ياخدك من غير ما اوقفهم من البدايه بس ما قدرتش وجيت وراءكي أهو على طول و اوعدك عمري ما هعملها ثاني ولا هاسيبك.. اوعي تفكري تنتقمي مني وتروحي ليهم انتي كده بتنتقمي من نفسك "
توقفت فجاه في خطواتها وقد بح صوتها من الصراخ و بدأت الرؤية تتلاشي حولها وعيناها تزوغ في الفضاء بتيهة وجسدها يرتجف بعنف من البرد و التعب الشديد الذي تعرضت لها اليوم ثم التفت نحوه قاسم تنظر إليه بصمت.
ابتسم قاسم بحنان إليها بارتجاف وعندما شاهد حازم نظراتهما صرخ وهتف بعنف" حوريه انتي بتفكري في ايه تعالي هنا احنا اهلك ومش هنسيبك المفروض تكوني معانا احنا "
نظرت حورية إلي حازم الذي ينظر لها يتوسل أن تتقدم نحوهما و عتمان الذي يجز علي اسنانه بضيق وتوعيد لها، ثم هزت راسها له باستياء وحزن قائله" أنتم اللي اتخليته عني من البداية مش انا يا حازم"
ثم بعدها ذهبت نحوه قاسم وفتحت باب السياره بهدوء شديد و جلست تنتظره ابتسم قاسم بعدم تصديق و بارتياح شديد أخيرا وذهب علي الفور خلفها يصعد سيارته ليرحل
لينظر حازم في صدمة وتوجس إلي جدو عتمان أن يفعل شيئا وصك عتمان علي أسنانه بحقد يريد اللحق بهم ولكن سرعان ما توقف بخوف وقلق عندما وجد سياره جمال قادمه وفتح زجاج السياره و أظهر سلاحه بيده وهو يبتسم باستماع و يصفر باستفزاز حتي ذهب قاسم بسيارته أمامه وهو طلع خلفه بعدها، ليصرخ عتمان بعنف وغيظ شديد أنه استطاع ان ياخذها منه مره ثانيه.
**
في الصباح بداخل قصر عصام الصريطي في الصالون كان جواد ينظر بأسف إلى والدته التي تجلس أمامه كانت تكور ناريمان قبضتها معًا و تشعر بالغليان الذي كان فتيله رؤية علي الجبوري امام عيناها ورغبة عنيفة بالقتل تتولد داخلها كلما تذكرت كيف استطاع قاسم حميتها منها و اخذها.
بعد فترة هبط عصام ونظر إليها نظره ذاته معنى وصمت فتجهمت ملامحها وهي تصيح متسائلة بخشونة " نعم مالك بتبصلي كده ليه انا مش عاوزه اسمع اي صوت من اي حد فيكم ولا انت ولا ابنك انا اللي فيا مكفيني "
ضيق عصام عيناه بتنمر وهو بجيب " انا فتحت بوقه ولا اتكلمت خساره الكلام معاكي طالما مش بيفيد بحاجه ولا بتسمعيه وبرده بترجعي تنفذي اللي في دماغك "
فجأة غامت عينيها بذكريات ليله أمس وضغطت على يدها بعنف وهي تقول بحقد وغيظ شديد" ما هي كانت في ايدي وخلاص كنت هموتها "
تابعت حديثها وهي تطلع نحوه ببرود ثم زمجرت فيه بحنق قائله " لولا ابنك اللي طلع لي زي القدر مستعجل معرفش منين و خدها هو و الزفت جمال "
تنهد عصام بضيق شديد قائلا بجدية"دلوقت بقى ابني، نصيحه مني ابعدي عنها وسيبيها طالما هو كمان حاططها في دماغه ومش عاوز يبعد عنها احنا مش قده واديكي شوفتي اللي حصل كان ممكن تموتي "
نظرت إليه وهي تقول بحدة مُخيفة قاسي كمخالب الشيطان"اتكلم عن نفسك انا قد الولد ده وعشره زية، وبرده مش هسكت وهفضل وراء البنت دي لحد ما اخذ حقي منها "
عقد ما بين حاجباه وهو يحدق بها بغيظ" ما فيش فايده فيكي انا ماشي رايح الشغل احسن"
تحرك عصام للخارج بخطوات غاضبه لينهض جواد خلفه وهو يهتف قائلا" استنى يا بابا خذني معاك "
**
في قصر قاسم السيوفي، بعد رحيل الطبيب وقد عالج ذراع قاسم و كان الجرح سطحه وليس خطير فـ الطلقة النارية لم تخترق ذراعيه وحقن حوريه بمهدئ لـ حاله إنهيارها العصبي وتركها قاسم ترتاح و ذهب الى الخارج ثم اقترب جمال منه بهدوء و هو يقول "ذراعك عامل ايه دلوقتي"
امسك ذراعيه الملفوف بالشاش وقال بصوت مخنوق"انا كويس ما تقلقش يا جمال ما الدكتور قال قدامك ان الجرح سطحي والرصاصه ما دخلتش في دراعيه
المهم دلوقتي حوريه تفوق بعد المهدئ اللي اديهلها وتبقي بخير"
هز رأسه بإيجابية قائلا بجدية" هتبقي كويسه ان شاء الله انا عارف ان مش وقته بس لازم تعرف أن اهلها زي ما جم مره هييجوا ثاني وياخذوها و ناريمان مش هتستسلم من محاولاتها انا مش بخوفك بس بحاول أحذرك ولازم نكون مستعدين لـ إللي هيعملوا في أي لحظة"
نظر إليه بحده ليحك رقبته باظافره و هو يقول بصوت حازم"عارف بس المره دي ما حدش هياخذها مني طالما مش قادرين على حميتها "
تطلع فيه جمال قليلًا بتراقب ثم هتف متسائلا بقصد"مش ملاحظ تصرفاتك بقت مبالغ فيها وما بقاش الموضوع مجرد انك عاوز تحميها منهم عشان تانيب ضميرك من اللي عملته فيها ليله الفندق، لا ده الموضوع بقي بيطور لحته ثانيه انت بعد كده هتندم عليها يا قاسم"
ابتعد عنه خطوتين لـلخلف و هو يقول بحده عاقد ما بين حاجبيه"تقصد ايه بكلامك ما انا شيء طبيعي هساعدها لما الاقيها واقعه في مشكله زي دي، بطل انت إللي تسرح بدماغك يا جمال عشان ما فيش حاجه زي كده ممكن تحصل "
أبتسم جمال من زاوية فمه ساخرا مرددا"
متاكد انا شايف عكس كده وانها حصلت اصلا"
هز رأسه بحفاوة وهو يهتف قائلا بصوت بجمود"هقول لك نفس الرد اللي قلتهلك زمان لما طلبت مني ده عشان حياتي تتغير ما فيش قلب حجر بيحب ويعشق يا جمال وأنا قلبي حجر و ده مستحيل يحصل"
تنهد جمال ونظر إليه بتفحص و هو يضيق عينه بشك وقال بتساؤل"امال انت عاوز منها ايه دلوقت؟ "
ليمرر يده علي خصلات شعره يشدها بعنف و هو يقول بصوت مخنوق "ما عنديش غير حل واحد بس عشان تفضل موجوده معايا واقدر احميها من اي حد وساعتها ما حدش هيقدر ياخذها مني حتى لو عمل إيه و طلبلي البوليس"
صمت جمال قليلًا بحذر منتظر قوله في حين أخفض قاسم عيناه عن عينه حتي لا ينظر اليه وهو يقول بهدوء مصتنع"انا هتجوز حورية"
نظر اليه جمال بصدمة و أعين متسعة بذهول غير مصدقة ليقول بصرامة"انت اكيد بتهزر يا قاسم ايه اللي انت بتقوله مستحيل يحصل و مش هينفع في الوقت الحالي كمان "
تحرك بعيد عنه بحده و هو يتحدث بانفعال "
انا مش عارف ليه دائما بتقفلها في وشي لا مش مستحيل و هيحصل وما عنديش حل غير كده عشان اقدر احميها وابني يتربى وسط أمه و ايوه الحقيقيين "
تحرك خلف منه ومسح جمال علي وجهه بضيق شديد ليشير اليه قائلاً بتحدي"طب تمام اتجوزها بس لازم قبل ما تتجوزها تعترف ليها بالحقيقه وان الطفل اللي في بطنها ده يبقى إبنك أنت؟ هاه هتقدر على كده "
ابتلع قاسم ريقه بارتباك و هو يعلم أنه إذا اعترف بذلك قد خسرها الي الأبد ليقول بتوتر "انا اكيد كنت في يوم هقول لها كل حاجه بس دلوقت صعب لو قلت لها هترفض الجواز مني ومش هتبقى عاوزه تفضل معايا اصلا وهتمشي وتسيبني ..الموضوع هيكون صعب عليها تتقبله "
لينظر إليه بغيظ و هو يقول بجدية"بس لازم تبني حياتك على حقيقه مش كذبة وما ينفعش تحطها قدام الامر الواقع يا قاسم وبعد الجواز تقول لها كل حاجه وهي غصبا عنها لازم
توافق "
اقترب منه قاسم بحده ليرفع سبابته بتحذير أمام وجهه و هو يقول بصوت عالي حاد كالرعد "انا مش بفكر بالطريقه دي بس ما ينفعش حوريه تفضل عايشه كده في عذاب و الكل عمال يبيع ويشتري فيها وفي نفس الوقت ما ينفعش تفضل عندي من غير اي ارتباط ما بيننا، وهي أكيد في يوم هتتجوز عاوزني اسيب ابني يتربى مع حد غريب بعيد عني.. هو ده الحل الوحيد صدقني بس ياريت هي توافق عليه الاول عشان اقدر احميها و احمي أبني من أي خطر"
هز راسه بنفي و هو يقول باعتراض "بس برده مش هينفع تتجوزها دلوقت "
ليلتفت إليه و هو يقول بحدة من بين أسنانه "وبعدين معاك يا جمال"
هتف جمال و هو يقول بجدية"مش هينفع تتجوزها دلوقت عشان هي حامل، لازم تستنى لما تولد الاول وبعد كده تطلب تتجوزها وده شرع ربنا مش كلام من عندي، هو طبعاً الطفل ابنك و جاد مالمسهاش بس هي مش تعرف كده ولا الناس فـ الافضل تستني بعد ما تولد عشان ما تحطهاش في وضع شبهه"
لينظر اليه قاسم بحزم و أعين مليئة بالحزن ليصمت و جمال يراقبة بهدوء بينما ارتجف فكه المشدود بصدمه وغضب وهو يفكر إذا لم يتزوج حوريه في الوقت الحالي سوف يحاول يأخذها عتمان منه مره ثانيه، حتي اغمض عينه و هو يهز رأسه بتفكير في حل الي ذلك المازق.
**
بعد ساعات ،بدأت تحرك عينيها اسفل جفينها وعقدت حاجبيها بانزعاج وبدأت تحرك راسها ببطئ وها هي تفتح مقلتيها ببطئ تجول الغرفة أمامها، في حين كان يجلس أمامها يتأملها و هي نائمة غارقة بدنيا اللاوعي عينها المغلقة التي تتسرب الدموع منها رغم عنها وشعرها المتعثر من أثر تحريك رأسها بقوة فكان يراودها كابوسها المظلم في حياتها حتي وقعت عينها علي قاسم القابع امامها علي الكرسي الذي بمجرد ان رآها تبدأ تستفيق حتي اقترب منها وامسك كفها برفق ضمه إلي صدره وبدأ يهمس بها بخوف وترقب" حورية انتي كويسة"
لم تتحدث لم تلتفت حتي إليه مره ثانيه ظلت كما هي تنهد و هو يمسك بيدها يجذبها لتجلس معتدلة و كانت رخوة للغاية جسدها مرتخي لا تبالي بما يحدث اسندها حتي جعلها تجلس معتدلة علي الفراش اقترب يجلس جوارها و هي حتي لا تنظر إليه ليهمس مرة أخري و هو يشعر بضيق شديد منها ومن نفسه " طب طمنيني عليكي انتي كويسه حاسه بحاجه بتوجعك اطلب الدكتور ياجي يشوفك تاني"
ابتلعت ريقها بتوتر و هي تغمض عينها بقوة تكبح دموعها التي علي وشك الهبوط تمنع نفسها من البكاء مقتنعة أنه سيأتي يوم و تتخلص من كل هذا الألم فتحت عينيها و هي
أخيراً التفتت إليه نظرت إلي وجهه وشردت بعينه و هي تبكي و دموعها تتساقط واحدة تلو الاخري وعندما تلاقت عينها بعينه كانت ترسل له نظرات من العتاب مع الحزن و هو يرسل إليها نظرات تبث اعتذاره عن تأخره عليها ليقول بصوت منخفض" خلاص اهدي كل حاجه هتبقى كويسه "
نظرت إلي الأمام و قد غرقت عينها بالدموع لتهمس بصوت خافت بألم " ما فيش حاجه بتبقى كويسه كل حاجه بتبقى ضدي وتكسرني وبس حتى انت كمان خلفت بوعدك وسبتني ليهم"
أغمضت عينها بأسي و شفتيها ترتجف ببكاء واعتدلت ببطئ لتنزل من علي الفراش ما كاد ان يقترب ليساعدها لكنها رفعت يدها باعتراض ليبتعد جالساً جوارها علي الفراش لتقول بخيبه أمل" بس تعرف هي غلطتي من الاول أن انا صدقتك ووثقت فيك كان لازم اعرف ما فيش حد في الدنيا دي هيتقبلني"
ظلت تبكي بحرقه أما هو فقد غضب من نفسه بشدة بسبب حزنها الواضح للعيان بين حدقيتها وما حدث بسبب أن تركها الي عتمان و بعدها أصبحت فريسه جاهزة الي ناريمان و ما تعرضت إليه ليله امس وبدأت تستعيد ذكريات تلك الليله ودخلت في إنهيار عصابي وهي بمفردها دون أن يسندها احد، نهض بحده وضرب بقدمه بالفراش بعنف جعلها تنتفض بخضة بينما أدمعت عيناه و قبض علي يده بقوه يؤنب نفسه بسبب حزنها ونظراتها المعاتبة وعلي كسر وعده معها أنه لم يتركها مهما حدث حتي لو كان يريد مصلحتها فقد تعرضت للخطر بسببه ثم اقتربت جانبها يمسك بيدها برجاء قائلا "حوريه بلاش تقولي الكلام ده انا لو اتخليت عنك فعلا ما كنتش جيت وراكي، انتي تعبتي أوي امبارح هنزل اعملك اكل عشان تاكلي وتاخدي العلاج عشان تبقي كويسة "
هبطت دموعها تغزو صفحة وجهها تهز رأسها برفض وقد سحبت يدها من قبضته قائلة بعتاب ونبرة متألمة" مش عاوزه اكل ولا دواء مش محتاجاهم انا اللي كنت عاوزه حاجه واحده وبس ان الاقي الامان اللي وعدتني بي"
ثم اشاحت بوجهها بعيد عنه عندما اقترب منها وكانت تبكي بقهر وهزت رأسها بقوة ثم تمتمت بصوت متألم علي ما أصابها"لكن انت عملت العكس وانت عارف ومتاكد ان انا ما بقاش لي غيرك "
تطلع فيها قاسم وهو يشعر جرح قلبه الذي ينزف ندمًا من شعورها بالخذلان تجاهه رفع عيناه الحمراء يقول بندم علي ما اقترفة بحقها قائلا" يااه زعلانه مني لدرجة انك مش قادرة حتي تبصي في وشي يا حورية"
لم تجيب عليه لكن ابتلعت ريقها بصعوبة ترجع خصلاتها للخلف تحاول إخفاء توترها خاصة عندما أصبح أمامها مباشرة رفع أنامله يمسك ذقنها كي يدير وجهها إليه فاستجابت له ولكن كانت تخفض عيناها أرضًا تمتم قائلا بعتاب وقوه" متحرمنيش من حاجه ما كانتش على بالي وانت علقتيني بيها غصب عني.. عيونك يا حوريه حتي لو زعلانه مني"
مسح علي وجهها دموعها برفق وهو يهتف قائلا" انا عارف انك زعلانه مني علي اللي عملته خصوصا اني سبت جدك عتمان يأخذك وانا عارف خوفك منه وانتي فاكره ان انا بعدت قاصد عنك واتجاهلتك وما بقيتيش فارقه معايا بعد ما براءتك ظهرت بس غصب عني جدك حطينا في وضع صعب و لو كنت وقفت قصاده و قصاد الرجاله اللي معاه كنت هقدر امنعهم اه بس سمعتك فعلا كانت هتسوا وده اللي كان عاوز يوصل له انا تضايقت جدا من جمال انه منعني وسابك تروحي معاهم بس بعد ما فكرت فيها بيني وبين نفسي عرفت اني لو كنت منعتهم وهم موجودين الناس كلها كانت هتبتدي تجيب سيرتك بالوحش عنك وعني،و كل ما يجي في بالي انهم اخذوك مني قدام عيني وانا ما عرفتش اعمل حاجه و خسرتك بتجنن وببقي عايز اطربق الدنيا علي اللي فيها سامحيني يا حورية عشان خاطري "
رمقته بنظرة يغمرها العتاب والألم مما فعله بها عندما تركها لتبكي بعنف حتي أن جسدها بدأ يرتعش ولم تقدر تمنع شهقاتها من الارتفاع فهي لم تكن تتصور أبدًا أن يتركها فريسه إليهما كانت تعتقد أنه يعرفها اكثر من نفسها لكن بفعلته هذه شعرت بالخذلان والقهر المرير منه، هز قاسم رأسه برفض وبصوت مخنوق قائلا"ابوس ايدك اوعي تبصي لي النظره دي انا مش زيهم يا حوريه "
اغمضت عيناها ثواني وتنفست بعمق تستجمع قواها المنصهرة في حضرته ثم فتحتها مرة أخري وقالت بصوت مبحوح" طب حتى لو بعدت غصبا عنك فعلا وعشان خايف على سمعتي ما فكرتش في اللي هيحصل لي بعد ما امشي معاه سواء كنت مع جدي او طنط ناريمان انت كنت بتكتب نهايتي فكرت اه في كلام الناس عليا بس وانا فين؟ مش موجودة كأني هوا كان موجود معاك في حياتك.. من امتي وانت قلبك قاسي كده يا قاسم عليا ازاي قدرت تسيبهم ياخذوني وحكمت كمان عليا من غير ما تشوفني انا عاوز ايه "
قالت بصوت مقهوره بحسره ويأس" انا كنت فاكرة اني عمري ما اهون عليك ولا هتبعد عني زي ما وعدتني بس للاسف خيبت ظني وهونت عليك و بعدت عني.. الموضوع مش حكايه خوف و بس يا قاسم الموضوع ان انت بعدت عني في اكثر وقت كنت محتاجه لك فيه أوي أوي "
نظر إليها قاسم بحزن يقسمة داخله ليمسك بيدها يقبلها بحنو و هو يغمض عينه بقوة ليرفع رأسه إليها و هو يقول بصوت عالي غاضب" انا مقدرش امشي وابعد عنك يا حوريه عارفة ليه؟ عشان انتي اللي كنتي الدافع ان انا اصلي الفجر حاضر كل يوم وبدعي وبتمناه في كل سجدة ان ربنا يعدي ازمتك على خير وتطلعي من السجن براءه كنت دايمًا بطلب من ربنا مشاكلك تتحل وربنا يقدرني واساعدك وبعد ما الحمد لله ربنا استجب لي وطلعتي براءه اسيبك اكيد لا طبعا، انا الموت عندي أهون ولا إنك تبعدي عني يا حوريه"
اتسعت عيناها بذهول وكانت تنظر له وهي تبكي بصمت و داخلها ابتسامة وهي تسمع كلماته الذي أصبحت محبة لقلبها ابتسامة رغم أن تداري خلفها بحر من الآلام وهي تستمع أنه كان يسجد إلي الله عز وجل لأجل أن تنحل أزمتها،نظر لها بعمق ومقلتيه تفترس كل إنش في وجهها ثم هدر بفيض من المشاعر"انتي بقيتي حالي وجزء مني خلاص لو بعتي مش بقدر اسيطر على نفسي وانا عيني مش شايفاكي اذا كنتي بخير وبسلام ولا لاء؟ وعتمان لما اخذك مني حسيت كانة خذ روحي معاكي ولما عرفت ان ناريمان اخذتك وممكن تقتلك حسيت ان قلبي هيطلع من صدري من كثر الخوف والقلق ما بقتش عارف اعمل ايه؟ ولما رفعت السلاح علينا من غير تفكير اخذت انا الرصاصه عشان بكل سهوله ممكن افديكٍ بروحي يا روحي فيه حد بقي يقدر يستغني عن روحه"
كانت حوريه مصدومه من الحديث و تلجم لسانها ثم أمسكها بقوة من ذراعيها الاثنين وقلبه يتألم لما تشعر به الآن و أحاط وجهها بكفيه وهو يهتف بأنفاس هادرا من كثر الحديث و من شعوره نحوها المؤلمه" ولما رجعتي هنا ثاني بين ايدي و اخترتيني انا عن جدك و إبن عمك الرزل الثاني.. اول ما شفت عيونك فتحت لي الدنيا ثاني وكانة النور الدنيا نور من ثاني ،كان دلوقتي بس أقدر اقولك كل اللي جوايا من غير خوف ولا قلق راح "
كانت الهمسات بصوته الاجاش يبث كثير من المشاعر التي تحيط بهم لتبتعد هي مرة أخري بتوتر و احراج لكنه جذبها بقوة و إصرار و هو يتحدث بانفعال" في اوعي ثاني مره تقولي انك بتهوني عليا وقدرت استغنى عنك بسهوله، أنتي بقي يهون عليكي قلبي اللي كان هيقف من الرعب عليكي وانا مش عارف اطمن وعمال اتخيل أن ممكن ما اعرفش اوصل لك قبل ما ناريمان تعمل فيكي حاجه "
تنفست بعمق تحاول أن تهدأ من ضربات قلبها ثم رفعت مقلتيها تنظر لظلام عيناه تعاتبه بنظراتها الساكنة أمسك كف يدها الصغير يضع قبلة رقيقة عليها ثم همس بندم ونبرة صادقة
"انا اسف يا حوريه اسف علي كل دمعه كنت السبب فيها آسف إني كنت بعيد عنك في اكثر وقت انتي محتاجه لي ،و عهد عليا قدام ربنا اني مش هخليكي تبكي تاني غير وانتي فرحانة ولا هبعد عنك "
وجدها صامته جامده تنهد قاسم بيأس ونهض وكاد ان يرحل وجدها تمسك بيده وشهقت فجأة وهمست ببكاء" متمشيش يا قاسم انت كمان انا مبقاش ليا حد أنا حالتي هتبقي صعبة ومش هقدر اعيش "
رجع إلي مكانه بسرعه مرة أخري وسمعت تنهيدته الحارة التي شعر من خلالها بالراحة ثم قبّل مقدمة رأسها بحب ثم وضع جبينه بخاصتها يهمس نبرة صادق"مش هقدر أبعد حتى لو قلبي عرف روحي مش هتطاوعني على كده يا حورية"
ثم دب الامل فيه عندما وجدها لم تبعد عنه مره ثانيه وابتسم بسعادة قائلا بلهفة"يعني انتي سامحتيني صح؟"
ابتسمت بخفه وأومات بتأكيد عندما تذكرت أنه الوحيد الذي أغدقها بالشعور الذي كانت تحتاجه لأكمال حياتها كـ أي انسانه عاديه وهو شعور الأمان و الحمايه ولم تشعر معه أنها قليلة في نظر نفسها مطلقاً.
صمتت قليلًا تأخذ أنفاسها من كثرة الجدل والحديث بينهما ثم قالت بنبرة حزينة ضعيفة"انا حاسه اني تعبانه اوي و عاوزه انام تاني بس خايفه لسه لحد دلوقتي سامعه أصوات الرعد و الأمطار في وداني ومش بتروح"
رفع بصره عليها وهو يتمتم بلطف" نامي وارتاحي وما تخافيش وهفضل حارسك زي ليله الفندق "
نظرت إليه بعيونها تشع عاطفه جارفة ثم
ابعدت يدها عنه و هي تعاود الي التسطح تسحب الغطاء علي جسدها تخفية بالكامل و هي تهمس ببكاء و رجاء تحاول الا تظهره " مش هتبعد تاني يا قاسم صح"
ضم شفتيه بندم علي ما اقترفه بحقها فاقترب منها ببطئ وجلس في الأسفل جانبها مثل بالضبط ما حدث ليله الفندق عندما خافت أن تنام تلك الليله بداخله بعد ليله الحادث وحينها لم تنام و تطمئن إلا عندما جلس قاسم جنبها
علي الأرض يحرسها كذلك، بدأت تغلق عينها بتعب وإرهاق وهو هامس بابتسامه حنونه "مش هبعد يا عذابي وقدري.. ولو حصل خليك متاكدة ان هيكون غير ارادتي "
**
بعد مرور يومين.
بداخل سوبر ماركت كبير كانت بدريه تسير بمفردها وتبحث على الاغراض اللازمه التي يحتاجها المنزل وتضعها في عربه المشتريات لتلاحظ هناك شخص كلما ذهبت الى ركن في السوبر ماركت يذهب خلفها حتي جاء يقف بجانبها ملصق بها و امسك بيدو حبه الطماطم وهو يقول باهتمام مصتنع"بيقولوا الأسعار اليومين دول عماله تعلي اخبار الطماطم ايه معاكي كويس"
جحظت بدريه عيناها بضيق شديد وهي تعتقد أنه متحرش لتهتف قائله بحده"ما تحترم نفسك يا راجل انت وابعد عني عيب على سنك يا راجل يا عجوز يا متحرش "
اتسعت عينا جمال بذهول ثم ضحك بملئ فاهه بسخرية و هتف بتهكم"متحرش مره واحده! ما عملتهاش وانا صغير هتحرش واعاكس وانا في السن ده "
نظرت إليه بغضب وهي تصيح عالي حتي بدأت الناس تطلع فيها بدهشة وفضول وهي تهتف"ما تقول لنفسك ده انت تلاقيك عديت الـ ٨٠ سنه احترم سنك شويه ده انت فاضيلك يومين ورجلك للقبر وتقابل وجه كريم .. قله ادب يا شيخ اتقي ربنا"
نظر جمال بنفاذ صبر وهو يراه الجميع ينظر إليهما ليقول وهو يعطي إليها ورقه مطويه
"تمام ماشي خليكي بقي على النظام ده عشان ما حدش ياخذ باله مننا، عايزك بكره الصبح تيجي في العنوان وقبل ما تغلطي فيا العنوان ده عشان تقابلي بنتك حوريه"
شهقت بقوة وشخصت عيناها بلهفه وهي من تقترب منه هذه المرة بشده قائلة بصوت مرتجف"حورية بنتي, انت تعرف مكانها هي فين وعامله ايه "
نظر إليها بخبث عندما تقدمت منه تمسك بيده بتلقائيه من اللهفة علي ابنتها ليقول بسخرية مرددا بتحذير"ابعدي عني كده الناس هتشك فينا هتقول دلوقتي ايه انتي اللي بتتحرشي بيا "
نفضت يدها عنه بسرعه و هي تنظر إليه باحراج وبلهفة"انت بتتكلم بجد انت تعرف مكان بنتي"
صمت قليلا قائلا بجدية"ايوه عارف واسمعيني كويس عشان ما حدش يلاحظ حاجه، بكره الصبح هتيجي العنوان اللي في الورقه ده الساعه خمسه بالضبط وحسك عينك تقولي لاحد ولا حد يلاحظ حاجه عليكي لازم تيجي تقبليها من غير ما حد يعرف فاهمه"
أخذت منه العنوان بعدم تصديق وتسآلت بقلق"بس انا ما ينفعش اخرج في الميعاد ده يومين وراء بعض كده انا مش بنزل دائما من البيت كده هيشكوا فيا"
هز رأسه جمال بتفهم قائلاً بجدية"قوليلهم اي حاجه نسيتي مثلا تجيبي حاجه و راجعه ثاني السوبر ماركت او قوليلهم هروح اجيب دواء لي إبني و ما ينفعش اتاخر، شوفي اي عذر يدخل عليهم ويصدقوا على طول المهم وانتي جايه في العنوان ده تاكدي أن ما حدش بيراقبك "
دب الامل بأعينها وابتسمت بسعادة ثم فاقت من دهشتها علي صوت تحذير ثم أجابته قائله بلهفة "حاضر هحاول أن شاء الله المهم اطمئن على بنتي متشكرة جدا "
هزت راسها له بالايجابي مبتسمه براحه كبيره أنها اخيرا سوف تري ابنتها بينما التفت جمال ليرحل لكنه رجع مره ثانيه إليها وتنهد بحنق لينظر لها قائلا بضيق" حاجه اخيره قبل ما امشي انا ما عنديش ٨٠ سنه ولا فاضلي يومين ورجلي للقبر ملافظ سعد ايه ده"
عقدت حاجبيها بدهشة ولم تجيب عليه بينما رحل جمال يردد بهمس غيظ"الله يخربيتك يا قاسم و يخربيت طلباتك ادي اللي بيجيلي منك بقيت متحرش على اخر الزمن "
**
في اليوم التالي ظل قاسم يحاول مع حورية أن ترافقه الي الخارج حتي تغير جو مريح
لـ أعصابها رفضت في البدايه بشده لكن مع إصراره وافقت في النهاية و خرجت معه،
جلست أمامه بطاولة أحد المطاعم الذي يمتلكها قاسم و كان المكان يخلو من اي أحد فقط هم الاثنين و النادل جلست تعقد ذراعيها أمام صدرها و هي تنظر للفارغ صامتة تفكر في حالها الذي ليس له مفر أو نهاية فـ دائما المشاكل تترواح خلفها أينما ذهبت و خططت للهروب، وضع النادل الطعام أمامها الذي طلبه قاسم إليها فهي رفضت تناول أي وجبة لكنه مع ذلك طلب إليها، هي حتي لا تريد ان تتحدث منذ أن جاءت الي المطعم وقاسم لم يتحدث معها ولم يزعج هدوءها وتركها حتي تريح ذهنها قليلا وتتحدث من نفسها حتي بالفعل انتبهت إليه لتقول بخفوت"انت جايبني هنا ليه يا قاسم قلتلك ما ليش مزاج اشوف حد ولا أخرج عاوزه افضل بعيد على قد ما اقدر وخلاص"
تنهد قاسم بضيق وقال بحزم" وبعدين بقى مش قلتلك قبل كده انسي اللي حصل وفكري في اللي جاي "
رفعت خصلات شعرها الطويلة الي الاعلي بـيدها لـ تلتفت إليه و هي تقول بصوت بألم حاد يعتصر قلبها" انا لو فكرت في اللي جاي هتعب اكثر من راح يا قاسم على الاقل اللي راح اتخطيته خلاص لكن اللي جاي لسه مش عارفه هينتهي على ايه وهيحصلي ايه اكثر من كده "
مسد قاسم علي خصلات شعرها ثم وضع خصلاتها المتعثرة يرتبها خلف أذنها و هو يتنهد قائلاً بهدوء "اوعدك اللي جاي يا حورية كل خير وسعاده وما حدش هيعرف ياخدك مني ثاني ولا هتعملي حاجه غصبا عنك انتي مش عاوزاها وهعرف احميكي منهم كلهم، بس عاوزك انتي كمان تساعديني وتوافقي على الطلب اللي هطلبه منك وتفهميني "
تسربت الدموع منها رغم عنها و رفعت رأسها إليه باستغراب قائله" طلب إيه ده "
أبعد يده وصمت قليلًا قاسم بتردد من رد فعلها ثم نظر إليها و هو يمسك بيدها برجاء قائلا"
تتجوزيني يا حوريه "
نظرت اليه حوريه بصدمة و أعين متسعة بذهول و هي تنفي برأسها غير مصدقة ما سمعته لتتحدث بارتجاف و انفعال في نفس الوقت " ايه شفقه عاوز تورط نفسك مع واحده زيي اكثر من كده و تتجوزها عشان تحميها وتكمل جميلك لا يا قاسم أنا هعتبر نفسي ما سمعتش حاجه و يا ريت ما اسمعكش تطلب الطلب ده ثاني لو سمحت"
هز قاسم رأسه بـنفي و هو يقول سريعاً "
انا إللي مش عاوز اسمع منك اي كلمه تانيه قبل ما تسمعني الاول وبلاش أي افكار سلبيه تفكري فيها انا عاوزه اتجوزك مش عشان احميكٍ وبس لا كمان عشان عاوزه اتجوزك بالمعنى زي اي اثنين متجوزين عادي "
ضحكت بملئ فاهها بتهكم وسخرية مريرة علي حديثه وشهقت ببكاء كانت تكتمه وهمست بنحيب" ذي اي اثنين متجوزين عادي ازاي هو انت ناسي ان انا حامل في طفل جي عن طريق اغتصاب وفاكر لما تتجوزني هم هيبعدوا عني بكل سهولة كده تبقي بتحلم "
هز رأسه ببطئ وتمتم بصوت مرهق" اذا كان عليهم ما حدش لي حاجه عندنا بعد ما نتجوز وإذا كان علي اللي في بطنك انا هربيه واعتبره زي ابني بالضبط .. حورية أنا عاوز ابدا معاكي حياه عاديه طبيعيه بعيد عن اي مشاكل تاني حوريه انتي انسانه كويسه جدآ وتستاهلي كل خير والفتره اللي انا قضيتها معاكي لما قربت منك عرفتني عليكي اكثر وانك محترمه وجميلة وما تستهليش كل اللي بيحصل وعندك صبر و عزيمه وقوه رغم كل اللي بيحصل لك "
أغمضت عينها بأسي و شفتيها ترتجف ببكاء ببطئ وهي تصيح بقسوة شديدة علي نفسها" قاسم لو سمحت اسكت وما تكملش انت مش فاهم حاجه انت دلوقت بس السكينه سارقاك لكن بعد ما تتجوزني هتعرف انك عملت اكبر غلطه في حياتك انك ارتبطت بواحده زيي، قاسم انت تستاهل حد احسن مني بكثير انا ما بقتش كويسه قوي زي ما انت فاكر انا ما استهلكش "
ليشعر بأن الأرض تدور من أسفله بقلة حيلة من حديثها الجارحه و بالاخص أنه هو الفاعل الحقيقي ومن اغتصابها ليهتف بغضب شديد"
اوعي ثاني مره تقللي من نفسك ولا تقولي على نفسك كده "
رفعت عيناها الباكية تنظر له تبكي ثم همست بصوت مرتجف" انت طيب قوي يا قاسم واحسن مني كمان عشان خاطري شوفلك حد غيري وابدا معاه حياتك و بلاش تظلم نفسك معايا ،أنا صدقني مش هنفعك ،قلتلك بلاش تورط نفسك اكتر من كده معايا"
ليضغط هو علي يدها أكثر و هو يقول بتوسل"انا كده أو كده متورط خلاص معاكي يا حوريه سبق وقلتلك قدرنا بقى واحد و هينفع نتجوز أن شاء الله وكفايه انك في نظري انا احسن واحده و متاكد في تربتها و واثق فيها انها هتعرف تصون اسمي "
لـ ترفع رأسها إليه و وجهها غارق بالدموع لـ تتحدث ببكاء حاد " انت ما لكش ذنب تتحمل مشاكلي ولا تتجوز واحده زيي، ولا تكتب طفل باسمك انت مش أبوه وتتحمل مسؤوليته ما لكش ذنب في كل ده يا قاسم ولا إنك تتحمل غلطه غيرك.. غلطه عملها واحد ما عندوش ضمير عملها و هرب "
ابتلع قاسم ريقه و هو حين يفكر في ذلك الأمر ليتنفس بقوة و هو يشعر بالاختناق لـ يهمس إليها بتعب "انا راضي بكل ده يا حورية وبلاش عشان خاطري تفتحي في القديم خلينا نعتبر أنه أبني فعلا .. بصي احنا للاسف مش هينفع نتجوز دلوقت غير لما تولدي الاول و لازم كمان في الفتره دي اعرف احميكٍ وابعدك عن كل الناس اللي عاوزين يؤذيكٍ"
لتنظر إليه بأعين دامعة حمراء بشدة و هي تهمس برجاء وضيق "انا ما وافقتش وقلتلك لا مش هقدر، حرام اعمل فيك كده و اظلمك معايا الموضوع مش هيتوقف على اللي في بطني وحميتي وبس انا ذات نفسي ما بقتش انفع للجواز مش هقدر امارس حياتي بعد كل اللي حصل عادي كده، مش هقدر يا قاسم ارجوك افهمني"
نهض و أقترب منها بخطوات بسيطة يجلس جانبها وبكلتا يديه الي دفئ جسده و هو ينظر إلي وجهها الذي أصبح شاحب شحوب من البكاء لـ يرفع يده يمسح دموعها بخفه و يمررها علي وجهها بـحنان قائلاً "هششش اهدي مش محتاجه تقولي حاجه انا فاهم كل ده يا حورية ومش هستعجل عليكي قولي بس مواقفه وانا و أوعدك بحياه ثانيه خالص عمرك ما كنتي تتخيليها وحاول على قد ما اقدر اسعدك "
اغمضت عينها بقوة واطلقت العنان لدموعها مره ثانيه وهي تشعر بـدقات قلبها تزداد كلما اقترب منها ظل كما هو ثم هتف متسائلا"
هاه تحبي الشبكه والمهر في حدود كام و الفرح تحبي نعملوا فين"
فتحت عينيها حوريه بفزع وهزت راسها بقله حيله ورفض بشده" قاسم بلاش لاااا ارجوك "
نظر في الخلف قليلاً ثم وضع يده فوق يدها برفق وحنان و هو يقول بجدية " طب تمام انا هعتبر اللي هيحصل دلوقت ده هو مهرك يا حورية وموافقتك على طلبي "
رفعت راسها له وعقدت حاجبيها بعدم فهم وابتسم بخفه قاسم وهو يشير إليها برأسه أن تنظر إلي الخلف لـ التفتت ببطئ نحوه الخلف واتسعت حدقتها بأعين متسعة بذهول عندما وجدت والدتها بدريه تقف عن باب الاستقبال المطعم وخلفها جمال، انزلقت من بدريه دموعها علي صفحة وجهها ترتجف من الصدمة و الاشتياق الذي تلبسها من مجرد أن رأت ابنتها أخيراً بصحه جيده أمامها إلي ان ممكن أن كانت تفقدها عدد مرات لكن كان الله عز وجل كان يرجعها إليها سالمه وها هي أمامها قادرة على لمسها و أخذها إلي أحضانها دون عواقب وخيمة تمتمت بخفوت وصوت مرتجف وهي ترفع يدها إليها "حـ ـوريـة"
نهضت حورية بعدم تصديق و صدمة لا تصدق أنها تري والدتها تقف أمامها الآن عند باب المطعم شعرت و كأنها طوق النجاة إليها و هي غارقة وسط الأمواج العالية لتهمس بلهفة
" آآ ماما "
ليجد قاسم و هو يقف جانبها تجمدها ونظرات الشوق بينهما من الصدمه لينظر إليها متفحص وجهها الذي أصبح مشرق كـ وردة جورية عكس سابق كان ذابلاً للغاية لم يروي قبل سابق هكذا، ابتسم قاسم بخفوت و هو يهمس بهدوء "مستنيه ايه يلا روحي اترمي في حضنها مش ده اللي كنتي محتاجاه .. روحي يا حوريه و استمدي قوتك منها هي اكيد وحشتها هي كمان "
التفتت حورية إليه بامتنان شديد و هي تشهق ودموعها تسقطت كالشلال بغزارة وكأنها كانت تنظر كلماته حتي تنطلق إليها تحركت لتتقدم منها هي لتقفز بلهفة شديدة لتعانقها بشوق و اشتياق و احتضنها بقوة شديدة بينما جذبتها بدريه إليها أكثر و هي تشعر بضعفها و كأنها هاشة كورقة شجرة بالخريف لتتشبث بها و هي تبكي بقوة و صوت مسموع و شراكتها والدتها البكاء تشهق بعنف شديد مثلها.
لينظر إليها قاسم و جمال بحزن كيف استطاعوا أن يحرموا أم من ابنتها بهذه الطريقة و القسوة فهي من أحق إن تلجأ الي حضنها و لكن ما بيده حيلة بعض جحود القلب داخل البشر لا تتغير مهما مر الزمان عليها.
بقت حوريه متعلق تبكي باحضان والدتها حتي أبعدتها عنها حين شعر بأن شهقاتها تتعالي أكثر و لا تهدي مست بدريه بـاناملها علي وجهها برقة وهي تبتسم بسعادة غامرة وتري ملامحها الشاحبة و تنظر إلى عينيها الذابلة للغايه كأنهم يحكوا إليها معاناتهم هما الآخرين.
حاوطت والدتها وجهها بين راحت يدها و هي تميل لتقبل رأسها لتأخذ حورية يدها بسرعه و تقبلها عدد مرات وتبكي بعنف اكثر، مسدت بدريه بدموعها علي خصلات شعرها بحنان لتمسك ابنتها بيدها و هي تتقدم منها و تحتضنها مره ثانيه بلهفة شديدة وشوق فهي لم تشبع من أحضانها و تبادلها بدريه احتضانها و هي تغمض عينها بقوة وتحاول تكبح دموعها من الهبوط أكثر من ذلك وهي تمسح علي شعرها بحنان و راحه نوعاً ما فـ اخيرا اللقاء المنتظر بفارغ الصبر قد حدث.
___________________________________
الفصل الرابعة عشر
___________________
في المطعم ابتعد قاسم وجمال لـ يتركون المساحه إليهما للتحدث براحه بينما كانت مازالت حورية داخل أحضان والدتها التي استقبلتها بحب شديد واحتضنتها حورية باشتياق و تجمعت الدموع بمقلتيها وهي تقول بصوت مبحوح"مش مصدقه يا ماما ان رجعت شفتك ثاني اخيرا واترميت في حضنك من تاني كان نفسي من زمان قوي اعملها من ساعه اللي حصلي وحشتيني اوي اوي يا ماما"
ابتعدت بدرية عنها بهدوء و هي تنظر إليها لتتحدث بابتسامه واسعة"وانتي كمان يا حبيبتي وحشتيني الحمد لله انك بخير وكويسه وشفتك من ثاني "
بادلتها حوريه الابتسامه بسعادة غامرة ثم أردفت بدريه بقولها مترددة"عارفة انه مش وقته والافضل استغل كل ثانيه معاكي واطمئن عليكي بس مش قادره امنع نفسي وما اعرفش اسالك السؤال اللي كان نفسي اساله من ساعه لما عرفت ومستنيه اجابته منك"
جعدت حوريه ما بين حاجبيها و هي تقول باستغراب "خير سؤال ايه؟"
هتفت بدريه متسائلة بخشونة"اشمعنى قاسم اللي مداريه عنده وبيحميكٍ كمان ليه"
نظرت إليها حورية بتشوش و هي تقول بصوت حزين" ده سؤال ولا شك؟ على العموم الرد هيكون نفس الاجابتين انا ما طلبتش منه مساعده ولا لجاتله ذي ما أنتم فكرين هو اللي عرض عليا مساعدته من غير ما اطلب رغم ان انا رفضت كثير وكنت طول الوقت خايفه منه وان اثق فيه وكنت متاكده انه بيعمل معايا كده عشان ينتقم مني؟ بس اهو اللي حصل العكس وساعدني فعلا وما تسالنيش ليه عشان ما اعرفش هو بيعمل معايا كده ليه "
هزت بدريه رأسها بالايجابي و هي تضيق عينها لتقول متسائلة قائلة "طب طلبك للجواز ليه؟"
ازدادت نبضات قلبها من تلك المفاجأه و شعرت بالخجل و الاحراج الشديد من نظرات والدتها المصوبه تجاهها و لم تستطيع ان ترفع عينيها لتنظر لها ثم ابتلعت ريقها بصعوبة بالغة وهي تقول بدهشة كبيرة "انتي عرفتي منين ده لسه من شويه فاتحني في الموضوع قبل ما تيجي"
تنهدت مطولاً بضيق و هي تنظر إليها مرددة "الجدع اللي وصلني ده ليكم من شويه و هو جايبني في الطريق فتحني في الموضوع وقاللي قاسم هو اللي طلب منه انه يطلب ايدك مني، شكله مستعجل ومش عاوز يضيع وقت "
عقدت حاجبيها بدهشة ثم نظرت إليها حورية بألم حاد" قصدك جمال! انا ما اعرفش هو فعلا عاوز يتجوزني ليه ولا بيساعدني ليه بس انا رفضت ومش هاوافق عشان هبقى بظلمة معايا ..قاسم ما يستاهلنيش يستاهل حتى افضل مني بكثير "
رفعت بدريه حاجبيها وقالت باستخفاف"ياااه هو للدرجه دي بقى حد مهم عندك و بتتمني لي الافضل "
ابتلعت ريقها بتوتر و هي تبتعد برأسها عنها وهي تهز رأسها قائله"ما تفهميش غلط بس قاسم ساعدني كثير قوي لدرجه انة ضحى بحياته عشاني انا بعد ما جده خذني من يومين طنط ناريمان طلعت علينا في الطريق وخطفتني منه وقاسم مستسلمش وراح وراءها و كانت هتضربني وتموتني بالمسدس لولا هو واقف واخذ الرصاصه مكاني و مش كده وبس في حاجات كثير عملها معايا تخليني مش اتمنى له الخير وبس انا مديونه لي بكثير اوي.. ده حتى طلب مني أنه مستعد يربي الطفل اللي في بطني ويعتبره زي ابنه بالضبط"
هزت بدريه رأسها بخوف و هي تنظر إليها بترقب تقول بارتجاف "جاتها كسر ايديها الحمد لله انك بخير وما عملتلكيش حاجه.. بس شكله اللي اسمه قاسم ده مش موضوع بيحميكٍ وبس ،خوفه عليكي كمان يخليني اشك ان في حاجه ثانيه في دماغة من ناحيتك "
أسرعت حورية تقول بلهفه"لا يا ماما قاسم مش كده ده كويس جدا وشهم ومحترم ومستحيل يضرني ده احسن انسان شفته في حياتي بجد"
لاحظت حورية نظرات والدتها نحوها بقوة ابتلعت حورية ريقها بصعوبة بتلعثم وهي تقول بصوتها المرتجفة "انا بتكلم كده عنه عشان انا كمان كنت شاكه في ذيك طول الوقت وياما عملتله مشاكل كثير بسبب كده وهو رغم كل ده فضل معايا وبيساعدني لحد ما اظهر برائتي ولسه برده مكمل معايا"
تنهدت بدرية مطولاً بضيق و هي تنظر إليها قائله" انا ما كنتش هقول عليه حاجه وحشه عشان تضايقي كده عشانه وتزعلي انا كنت هقول ان شكله بيحبك و ده اللي بيخليه يعمل اللي بيعمله معاكي و عشان كده طلبك لـ الجواز النهارده مني"
تصلب جسد حورية بقوه و هي تبتلع ريقها بارتباك عندما سمعت ذلك الحديث من والدتها
كيف لم تفكر في ذلك من البدايه ان يكن قاسم يفعل ما يفعله لأن يمتلك مشاعر نحوها، ثم تابعت قائله بابتسامه مصتنع " المهم انا لازم امشي دلوقت لو عرفت ان شاء الله اشوفك ثاني هشوفك اكيد بس حاولي تبعدي على قد ما تقدري عن جدك وعن ناريمان لأني واثقه أنهم مش هيسكتوا غير لما يوجعوا قلبي عليكي حتى لو اضطريتي "
نظرت حورية إليها بحيرة وصدمة و هي تسمع كلمات والدتها التي ضغطت علي شفتيها بقوة لتكبح رغبتها الجامحة بالبكاء لتعود قائله مرة أخري "حتى لو اضطريتي تتجوزي فعلا وتبعدي عني بس المهم انك تكوني كويسه وبخير، ما تستغربش ان انا بقول لك الكلام ده بس للاسف مش قادره احميكٍ منهم يا بنتي وقاسم لو كانت نيته وحشه من البدايه كانت هتظهر وتبان وما كانش هيطلعك براءه كمان ولا يعمل كل اللي بيعمله معاكي ويسعدك "
لتقف أمامها بدريه تمسك بيدها و هي تقول بهدوء مصتنع و الدموع بقهر داخل عينيها تلتمع" اشوف وشك بخير يا حبيبتي خلي بالك من نفسك "
="حورية مالك عماله انده عليكي وانتي سرحانه ومش بتردي عليا انتي كويسه"
أفاقت حـوريه علي صوت قاسم الذي كان يجلس جانبها في السيارة و يسير نحو المنزل ليلاحظ أنها منذ أن رحلت والدتها وهي تجلس جانبه صامته وشارده في حديث والدتها، التفتت له حورية بصمت واكتفت بالنظر إليه بعمق وترن كلمات بدريه في أذنها لتشعر بأن وجهها نيران حارقة تنبعث منة من الخجل والتوتر لاتعرف لماذا هذا الاضطراب الشديد الذي أصابها.
ليقول قاسم بجدية و هو ينظر إلي الطريق "
حورية انتي سرحتي ثاني في ايه ما تقلقنيش عليكي مش الحمد لله شوفتي والدتك وهي بخير واتطمنتي عليها"
لتتحدث هي اخيرا و هي مازالت تحدق بعينه بعمق قائله بارتباك" اه الحمد لله هي كويسه ما فيش حاجه .. شكراً جدآ يا قاسم على اللي عملته معايا وخلتني اشوفها مش عارفه
اقوللك ايه بجد بس الموضوع ده فرق معايا كثير "
ابتسم قاسم بخفوت وهو يجيب عليها"
العفو انا ما عملتش حاجه ..انا كمان اتبسطت لما شفتك مبسوطه النهارده وفرحانه لما شوفتي والدتك ويا ريت تفضلي كده على طول وما تشيليش هم حاجه طول ما انا جنبك "
ابتسم باتساع و هو يتنهد براحة و يراقب ملامح وجهها المريحة تنظر نحوه بشرود وتتذكر كلمات والدتها وتسأل نفسها هل بالفعل قاسم يفعل ذلك لأن يحبها أنتبهت إليه عندما هتف بجدية"حوريه كنت عاوز اقول لك حاجه الايام اللي جايه انا وانتي هنسافر بره مصر لحد ما تولدي ان شاء الله بالسلامه وبعد كده نرجع تاني"
نظرت إليه بدهشة وقلق لتهمس و هي تبتلع ريقها بصعوبة "ايه نسافر بس انا مش عاوزه ابعد عن ماما و اخويا"
امسك قاسم بيد حوريه يضغط عليها بحنان و هو يقول "هي فتره مؤقته وبعد كده هنرجع ثاني بس لازم احميكٍ من عتمان جدك و ناريمان وما فيش حل قدامي عرفت اوصل له غير كده معلش يا حورية بس السفر هو الحل في الوضع اللي احنا فيه لما يلاقونا اختفينا ومش عارفين مكانا هيبعدوا عننا شويه "
هزت رأسها باعتراض و هي تتنهد بضيق شديد لتضع يدها علي وجنتيها و هي تستند علي نافذة السيارة و هي تقول "طب ما هو ممكن يعرفوا مكانا برده لما نسافر يبقي عملنا ايه ساعتها "
أوقف السيارة أمام باب القصر من الخلف وهو يتفحص المكان حوله باهتمام وحذر قائلا بجدية"اكيد حاجه زي كده مش هتفوتني احنا مش هنسافر في الطياره هنسافر على باخره عشان مانسيبش اي دليل ورانا وهنفضل بس في ايطاليا كام شهر لحد ما تولدي وبعد كده نرجع مصر ،انا اتفقت مع جمال يجهز كل حاجه "
لم تجيب وتنهدت باستسلام لـ تسمعة يهمس بصوت ظليل للغاية وهمس بما اصابها من دفعات متدفقة من الاضطراب المربك لكيانها"
واهو برده منها فرصه يبقى عندك وقت كافي تفكري في العرض اللي عرضته عليكي جوازنا"
**
بعد مرور اسبوع.
في إيطاليا بداخل منزل واسع يتمتع بالرقه والرفاهيه، أغمضت عينيها حورية بابتسامه هادئه وهي تجلس بالشرفة المطلة علي الحديقة تستمتع بمنظر الازهار المتفتحة حتي جاء من خلفها قاسم حين رفع هو رأسه الي الشرفة لترتسم ابتسامة عريضة تزين ثغره حين وجدها تجلس بالداخل وأقترب منها قائلا"عجبك المكان هنا عاوزك تريحي اعصابك وما تفكريش في اي حاجه وخذي شويه هدنه لاعصابك وعقلك"
فتحت عينيها لتعبث بخصلات شعرها و هي تقول بهدوء "المكان فعلا هنا جميل ومريح للاعصاب ..هو ده بيتك انت بتيجي هنا كثير"
ابتسم و هو يسحب المقعد من جوارها ليجلس فوقه بعد ان حل زر سترته ليتحدث هو بهدوء "ايوه انا باجي هنا برده ساعات لما بتعب وبعوز افصل شويه من الشغل، معلش هنفضل مع بعض هنا لحد ما تولدي وفي غرف هنا منفصله كتير اختاري اللي تعجبك انا عارف ان احنا ما ينفعش نفضل لوحدنا هنا كثير بس انا لو رحت فندق اعصابك مش بتستحمل وهنا أفضل و ما تخافيش مني انا مش هتحسي بوجودي اصلا"
هتفت حورية بابتسامه ناعمة وهي تقول بتلقائية"مش محتاج تدي مبررات يا قاسم انا واثقه فيك جدآ متاكد انك مش هضرني في يوم "
اتسعت عينا قاسم بعدم تصديق ما سمعه ونظر إليها بلهفة ليجد عينـاها اللؤلؤيـة ممتلئة بالحنان اقترب منها ليقول بابتسامه واسعة "اللي انا سمعتة ده بجد ولا بيتهيالي انتي اخيرا وثقتي فيا يا حورية"
نظرت إليه بتوتر و انتبهت الى كلماتها التلقائيه و هي تشعر بحرارة تنبعث إليها من قربه الشديد و نظراته و لم تكن تدري ماذا تفعل و هو يجوب ملامح وجهها بعينه بقوة بشكل ملحوظ ملفت الانظار ابتلعت ريقها و هي تبتعد عنه تهتف بارتباك"هو انت لسه واخذ بالك دلوقت انا بقيت واثقه فيك من شويه كده انت عملت عشاني حاجات كثير اوي يا قاسم وشفت بعيني ده وحسيته كمان فطبيعي كل ده مش يخليني اثق فيك وبس لا كمان امشي معاك طريقي وانا مغمضه عيوني"
اقترب بالمقعد منها امسك بيدها لتنظر إليه باستغراب شديد و هي تسحب يدها عنه وهو يقول بتعجب"هو انتي سخنه يا حورية ولا بحلم ولا العيب فيا أنا ،الكلام ده طالع من قلبك فعلا "
أغمضت عينيها تلعن نفسها حين كانت كلماتها ستقودها الي طريق لا تريده لتشيح بوجهها عنه و هي ترسم المرح باصطناع علي وجهها وهي تقول بتلعثم" ماسك عليا زله يعني عشان اقول لك كده في ايه قاسم انت مافور الموضوع ليه يعني "
ابتسم بنعومة وهو يهمس لها بصوت خشـن أثار شيء داخلها رغمًا عنها " معلش اصلي مش مصدق بصراحه اللي يشوفك زمان غير دلوقت و كنتي بتعامليني ازاي؟ لما بفتكر معاملتك معايا زمان اول مره شفتك فيها مش بصدق وداني من اللي بسمعة منك دلوقتي "
صمتت لحظه باضطراب وهي تشرد في تلك اللحظات الصعبه لتتحدث بهدوء عكس ما داخلها من ثورة لا تخمد وتريد الانفجار دائما لتهتف بأسف" معلش اسفه بس انا كنت في وضع ما يسمحليش اثق في اي حد ولا اصدق احساسي، بس بعد كده لما عرفتك كويس اتغيرت نظرتي ليك وخليتني ارجع ثاني اثق في حد و اؤمن بي"
ثم اومأت حورية بمرحه حتي تغير الموضوع و همست بنبرة طفولية "وبعدين اديني دلوقت مش بس واثقه فيك لا كاتمه على قلبك الـ 24 ساعه طول اليوم في شقتك ومكان راحتك اللي بتيجي تقضي فيه وقت وترتاح حتي لوحدك"
ابتسم قاسم بخفوت واقترب منها وقال بصوت خشن مثخن بالعاطفة الحارقة "بس انا مش متضايق ومش عاوزك بس تقتحمي شقتي لا عاوزك كمان تقتحمي حياتي كلها وتبقي جزء منها وتوافقي انك تبقي حرم قاسم السيوفي"
حدقت به بذهـول مُحرج وهو يحيطها بعاطفته القوية و وضعت يدها علي صدرها لعلها تهدئ دقات قلبها المتسارعة و لكن تسارعت أكثر حين شعرت باقترابه اكثر به حمحمت لتغمض عينها بشدة و هي تبعد يدها عن صدرها حتي لا يلاحظ ارتباكها بحضرته لتلتفت برأسها تنظر إليه نظرة خاطفة ثم لتنظر أمامها مرة أخري و هي تقول بتعب مصطنع"انا هاروح بقى اغير هدوم عشان اريح شويه من الطريق السفر كان صعب بالباخره عند اذنك"
رحلت من أمام بخطوات سريعة و متوتره إلي الداخل هاربة بينما صاح هو بأرهاق زاد على مشاعره وروحه فعليًا يصل إلى سمعها"اهربي براحتك يا حوريه هتروحي مني فين احنا هنقعد هنا شهور في وش بعض"
**
بعد قليل سمع قاسم صوت طرقات علي باب منزله عقد حاجبيه باستغراب فمن من الممكن أن يأتي إليهما الآن وعندما فتح الباب تفاجأ بـ فتاه قصيره القامه أمامه تبتسم بسعادة وهي تقول باللغه الايطاليه"مرحبا بك قاسم حمد لله على سلامتك عرفت بالصدفه انك وصلت الى هنا فجئت حتى ارحب بك كيف حالك"
صمت قليلًا ولم يرد عليها ثم تلعثمت وهي تكمل بتوتر " انا داليدا جارتك الم تتذكرني الفتاه التي انقذتها من محاوله الاغتصاب من فتره قصيره ونصحتها ان تبعد عن ذلك العالم السيء وتلتفت الى نفسها أفضل لاجلك والدها المرحوم ماجد الغندور الطبيب المشهور بالمصر"
تنحنح بحرج وهو يعود لخشونته قائلاً بابتسامه بـ عملية " نعم تذكرتك بالتاكيد كيف حالك داليدا اتمنى ان تكوني فعلتي بالنصيحه و ابتعدتي عن تلك الاعمال"
تنهدت داليدا وهي ترسم التوتر على ملامحهـا ثم إجابته هامسة بشغف "اتقصد الهيروين نعم فعلت بالنصيحه وابتعدت مثل ما قلت لي انا كنت في المرحله الاولى ولم يكن الأمر صعب عليا الابتعاد وهذا بفضلك أنت قاسم "
ابتسم قاسم بخفوت و هو يقول بود"جيداً سعيد بهذه الاخبار و اتمنى ان تظلي هكذا طول حياتك "
نظرت نحوه داليدا مبتسمة برقة وقبل أن تتحدث مره ثانيه استمعت الي صوت أنثوي ناعمه ياتي خلف منه يهتف"قاسم"
ألتفت قاسم إلي الخلف ليجد حوريه تقف بملامح جليديه جامده عقد حاجبيه باستغراب لـ يتساءل داخلة ماذا حدث لها ثم انتبه علي صوت داليدا تقول بفضول شديد"اعتذر هل لديك ضيوف "
أجابها قاسم بهدوء وهو يشير لها نحو الداخل لكنها رفضت الدخول لتهز رأسها عندما سمعتة يهتف قائلا"لا هذه زوجتي حوريه ..وهذه داليدا تسكن معنا في نفس العماره حورية"
اتسعت حدقتاها بذهول وهي تهمس "ماذا هل انت متزوج ..لم اكون اعرف"
لم يهتز لـ حورية جفن وهي تسمعة وهو يخبرها قائلا "نعم متزوج و قريبا سوف اصبح اب أيضا حورية حامل"
لـ تتجمدت عينـاها المُهيمة بالهفوف علي قدومة قبل قليل لـ حزن شديد حاولت إخفاءه وبصوت متوتر قالت "أوه مبارك لك لم أكن اعرف تفاجات كثيرا بهذا الخبر لاني لم اراها معك من قبل"
هز رأسه بتفهم قائلاً بجدية "المره السابقه جئت بمفردي وحينها كانت حورية مشغوله مع اهلها بمصر لكن هذه المره جاءت معي"
كادت أن تظهر الحزن و الخيبه الذي استوطنت ملامحها بتجبر ولكنها حافظت على ثباتها وحروفها الباردة وهي تنطق بهدوء تام "حسنا بالاذن انا بالتاكيد تحتاجون الى راحه و متعبون من رحله السفر.. اراك لاحقا قاسم سعيده بلقائك مره ثانيه "
تجاهلت حورية تماماً ثم رحلت بهدوء بينما أغلق قاسم الباب ناظر لها وهو يبتسم قائلا "جعانه انا هطلب اكل تحبي تاكلي حاجه معينه "
رفعت عيناها له بتجاهل ثم قالت بحدة جامدة "هي مين دي؟ "
كان مشغول بالهاتف وهو مرددًا بصوت أجش "قصدك مين داليدا ما انا قلت لك دي جارتي .. هو انتي ما بتعرفيش ايطالي هي كانت بتقول لي "
قاطعته و اخذت حوريه تقول بصوت حاد وهي تومئ برأسها على مضض " كانت بتفكرك بنفسها وبنصايحك اللي اديتها لها وانت رديت عليها وكنت فرحان أوي انها استجابت للنصايح دي "
ترك الهاتف و رفع قاسم حاجبيه الأيسر بدهشة وحاول تهدأة نفسه وهو يرد مستنكرًا "هو انتي كنتي واقفه من امتى "
لا تدري ما أصابها تكاد ينفجر جسدها من الغيظ الشديد وهي تهتف بحده"مش هتفرق كتير.. بس جاوب على سؤالي تعرفها منين وكنت بتديها نصايح عن ايه بقى و شكلك تعرفها من زمان علي كده "
أستغرب غضبها الغير مبرر وهو يجيب عليها متنهدا"ما اعرفهاش وما شفتهاش غير مرتين وساعتها كانت محتاجه مساعده و النصيحه اللي بتتكلم عنها عشان شفتها في مره وهي بتشم مخدرات وانا نصحتها انها تبعد وان الحاجه دي هتضرها مش هتفدها "
جزت علي أسنانها بعنف منة هاتفه وهي تزمجر بحده أفقدها ثباتها تمامًا"شفتها مرتين وسمعت منك النصيحه على طول لا واضح انها في المرتين دول كانت بتعزك قوي عشان تسمع كلامك كده "
ليحدق بهيئتها المشعثة بقلق وهو متسأل"اهو اللي حصل؟ هو انتي متضايقه من حاجه"
بدأت حوريه تشعـر بغليان في اوردتها صائحة بغضب"لا خالص وهتضايق ليه؟ ده انت بتعمل خير اهو المفروض ابقي فرحانه أوي ان الانسان اللي ممكن ارتبط بي في يوم، بيحب يساعد الناس ويهتم بمشاكلهم ما طلعش بيهتم بمشاكل لوحدي انا بس"
رفع رأسه لها وهو يبتسم باتساع بينما ينظر لعيناها بعاطفة خاصة لها وحدها قائلا"افهم من كلامك ان انتي فكرتي و وافقتي على طلبي انا كان لازم اقول لها انك مراتي ولي اي احد هيسال بنعمل ايه مع بعض هنا عشان لما بطنك تبتدي تكبر هيسالوا.. بس شكلك الحمد لله وافقتي أهو"
شعرت بالعجز يتملكها فلا تستطيع الانسجام مع انجراف مشاعرها او حتى التمسك بقناع التجاهل والصلابة لتقول بصوت متوتر" آآ انا ما قلتش كده انا بقول ممكن يعني انما لسه بفكر و ما وافقتش ..انا هاروح اكمل فض باقي الشنط تكون طلبت أكل عند اذنك "
**
في قصر عصام الصريطي كانت ناريمان عينـاها حمراء حادة وعروقـها بارزة بجنون وهي تستمع إلى حديث الطرف الأخري عبرا الهاتف لتقول بعنف صارخًا بصوت قوي " مشغله معايا شويه اغبياء و بهائم ولا حد منكم عرف مكانهم فين لحد دلوقت اقفل وما تتصلش ثاني طالما مش عارفين تشوفوا شغلكم كويس"
هبط جواد الدرج بسرعة وهو يتقدم نحوها بقلق متسائلا باهتمام" في ايه يا ماما صوتك عالي ليه في ايه تاني"
رديت بصوت خشن مطخن بالغضب الشديد والعصبية الحارقان"كل ما ابعت حد يدور علي قاسم وحوريه يعرف مكانهم فين؟ ما حدش عارف يوصل لحاجه كانهم فص ملح وذاب هتجنن اخذها وراح بيها فين بس "
تقدم وهو يتحدث جواد و يومئ برأسه على مضض "هتفضلي تتعبي نفسك في الموضوع ده لحد امتى بس يا ماما ومهما نتكلم انا وبابا ما بتسمعش كلام حد "
صرخت مستنكرة حديثه بعصبية شديدة"انت هتعمل انت كمان زيه وعاوزني اسيب حق اخوك بعد ما البنت الحيوانه دي موتته وطلعت براءه عادي كده"
إتسعت ابتسامته الشيطانية وهو يقترب منها مستطردة "انا ما قلتش كده انا كمان نفسي اجيب حق اخويا جاد بس بالعقل انما انتي كده بتضيع حقك و تورطي نفسك اكثر، يعني ولا تدوري ولا حاجه وراهم وهو ولاهي هيظهروا هيروحوا فين يعني وبعدين اصلا شكلهم كده سافروا بره مصر "
اتسعت حدقتاها بدهشة فتخبطت هي بقلق وهي تسأله مستنكرة " تصدق انا ازاي ما فكرتيش فيها عشان كده ما حدش عارف يوصل لهم هي مالهاش حل غير كده اكيد سافروا فعلا بره مصر.. انا لازم بعد كده ادور بره مصر وفي كل مطار على اسمائهم "
فأشار لها جواد محذرها بصلابة "برده ما فيش فائده فيكي وبعدين ما تعمليش نفسك ناصحه قاسم مش سهل و اكيد مسافرش عن طريق طياره خذيها نصيحه بقي مني وما تدوريش لانك هتتعبي نفسك على الفاضي وزي ما قلت لك هستنيله كام شهر مره وهيرجع، شركات و بيته لسه هنا و كل حاجه بتمشي عن طريق جمال وده اكبر دليل انه هيرجع "
تطلعت فية بتفكير لتظهر ابتسامة خبيثـة مترافقـة بشظايا عبث وهو يهمس لها بصوت خشـن أثار شيء داخلها من الانتقام لتهز رأسها ببطئ الموافقه رغمًا عنها "امشي ورايي المره دي ومش هتندمي "
وما إن انتهاء من كلماتة اتسعت ابتسامتها الخبيثة وهي تهمس بمكر " وماله نستني "
**
في إيطاليا كان قاسم يسير في سوبر ماركت ويضع في أذنه سماعه الهاند فري يتحدث مع جمال عن العمل بتركيز بينما بجانبه كانت حوريه تسير بخطوات بسيطة وهي تجر العربة السوبر ماركت وتضع فيها بعض الاشياء التي يحتاجونها بالمنزل حتي وقفت عند ركن الشيكولاته وابتسمت بسعادة غامرة مثل الاطفال وبعد لحظات التفت قاسم ناظر لها
ليلقي نظره عن الاشياء التي وضعتها بـ العربة لـ يعقد حاجبيه بدهشة وهو يحمل علبه كبيره مليئه بانواع الشيكولاته الفاخره و تطلع فيها هزت رأسها بعدم فهم مصطنع " في ايه عاوز واحده انت كمان ما قدامك السوبر ماركت سيب دي في إيه "
ابتسم قاسم بسخرية وهو يشير نحو بطنها المنتفخة بعض الشئ بضيق قائلا" لا ولا حاجه سلامتك، في بس واحده مش ناويه تسمع الكلام مع أني الدكتور محظرها من الحاجات دي .. يكون في علمك اول ما هنروح البيت هاخذها منك واخبيها ويبقى قابليني هتلاقيها ازاي "
شهقت بقوة و هي تحول التحدث لكنه هتف بإصرار وحاد" وبرده لو قعدتي من هنا للصبح تتحايلي عليا زي المره اللي فاتت مش هاديكٍ حاجه.. ليكي بس واحده كل اسبوع و يلا شوفي عاوزه ايه تاني عشان نحسب
و نمشي "
زمت شفتيها و هي تقول بخفوت "نكدي "
لتتحرك من امامه تجر العربة بخطوات غاضبه بشده دون مبرر علي اتفه الاسباب من هرمونات الحمل، وصل إليه كلماتها ليشعر بغيظه نحوها و هو يقول بتذمر"سمعتك وبطلي برطمه وانتي ماشيه بدل ما ارجعلك العلبه كلها ويبقى ما فيش خالص منها طول الشهر "
ثم هز رأسه بيأس من تقلبتها و طلباتها الغريبه بسبب حملها وحاول كبح ابتسامته وهو يتذكر ملامحها الطفولية الغاضبه وهو يأخذ منها علبه الشكولاته لكنها خرجت واسعة و قد تناس سريعاً ضيقه منها فهي أصبحت مثل الاطفال الصغار تغضب بسرعه و تتصالح وتفرح بسرعه أيضا وكان هو يستقبل ذلك بصدر رحب ما تفعله و يشعر كأنها طفلته الصغيرة وتحتاج إلى معامله خاصة.
تنهد قاسم بعمق و جموح من مشاعره التي بدأت تسلل نحو قلبه ليكمل باقي اتصالاتة حتي أستمع الي صوت داليدا خلفة تنده باسمه وعندما ألتفت إليها ابتسمت و اشارت له أن يأتي نحوها عقد حاجبيه وتقدم إليهما ليري ماذا تريد.
وضعت حوريه باقي الاشياء التي يحتاجونها وتقدمت من قاسم حتي يحاسب و يرحلون فتجده ليس بمكانه لتتحرك تبحث عنة في كل مكان باستغراب.
حتي وجدت يقف مع داليدا ويبتسم إليها علي شيء ما يتحدثون عنه وهي تشارك اياه الحديث بضحكة عاليه عبثت حورية بوجهها
بضيق شديد من منظرهم هكذا وظلت تقف تتابع ما يحدث حتي رحلت داليدا وتركته و التفت قاسم نحوها و رأه تحول ملامح وجهها الي الغضب نظر إلي الاشياء داخل العربة و هو يقول "خلصتي محتاج حاجه ثاني ولا نروح "
لتقول كلماتها ذات مغزي وهي تهز رأسها ببرود "انا خلصت من بدري بس شكلك انت اللي مشغول وسبتني حتى من غير ما تقول لي، كانت عاوزه ايه الهانم "
حمحم هو و هو يقول بهدوء " هاه اه دي داليدا كانت بتعزمني على حفله عملها عندها في البيت النهارده بالليله "
لتصق علي أسنانها بابتسامه مصتنع"عزمتك أنت بس! و ناوي تروح علي كده بقي "
هز رأسه برفض وهو يقول متنهد بعمق "
لا هي بصراحه عزمتنا احنا الاثنين بس انا عارف انك ما لكيش في الجو ده وبتعوزي تنامي بدري من تعب الحمل وكمان هتروحي ازاي بس الحفله بالمنظر ده عشان كده قلت هروح لوحدي "
تجمدت بمحلها بغضب شديد عندما سمعت كلماته الاخيره وهو يقول كيف ان تذهب بهذا الشكل و بطنها المنتفخه هتفت بأعين حادة"
انت باي حق تحكم عليا انا عاوزه ايه من غير ما تسالني "
دني ينخفض من مستواها بجسده يداعب ارنبة انفها بيده و هو يمسد علي وجنتيها بابهامه قائلاً "عشان عارف انك مش هتبقي عاوزه تروحي ولا بتحبي الأجواء دي ومش هتبقي مبسوطه وعشان ما تتعبيش كمان.. واهدي بقى مالك متعصبه ليه هي هرمونات الحمل هتطلع عليا هنا كمان"
عقدت ذراعيها أمام صدرها و هي تبعد يده بحده و تقول بضيق و بعناد "طب ايه حبيت السهر فجاه وهاروح معاك عندك مانع "
تنهد قاسم ليأخذ منها العربة و هو يقول بهدوء بعد تنهيدة طويلة "لا براحتك يلا عشان نحاسب و نمشي "
لتنظر إليه مضيق عينها بتوعد قائله بهمس" ماشي انا هاوريك ازاي هاروح بمنظري ده يا قاسم"
**
في المساء.
في غرفه حوريه كان قاسم يقف في الخارج أمام الغرفه بملل شديد و هو يتأفف بضيق ناظراً إلي الساعة كل لحظة ليقول هو بغضب مكتوم" خلصي يا حورية خليني نروح وناجي على طول عشان ما نتاخرش "
="ثواني انا خلصت اهو"
سمع صوتها من الداخل وبعدها فتحت الباب وخرجت التفت قاسم بحنق شديد لينظر نحوها فهي كانت بـ الداخل اكثر من ساعتين لا يعلم ماذا تفعل كل هذا الوقت بينما اتسعت حدقته بصدمة كبيرة حين رآها أنها تريد فستان قصير يكشف علي ساقها و ذراعيها و فتحت صدر منخفضة و ضيق بشد عند الخصر بسبب بطنها المنتفخه من الحمل، و ما كادت أن ترحل هكذا بكل بساطة ليرفع سبابته بتحذير إليها و هو يقول بحدة "اقفي عندك علي الله تتحركي خطوه واحده كمان"
توقفت بتوتر وتحرك بسرعه حين تقدم من الشرفة يود إغلاقها نهائياً حتي لا يراها احد من الجيران بهذا المنظر والتفت قاسم إليها متسائلا بهدوء قبل العاصفة" أية دا بقي اللي انتي لابساه؟"
التفتت إليه تنظر إلي الثوب و هي تقول بابتسامه مصتنع "هيكون ايه يعني فستان "
ليرمقها هو بغضب اخرسها بينما لوت فمها بخوف و هي تضع يدها علي بطنها الظاهر اثر ضيق فستانها حتي صرخ بها بغضب قائلاً "والله تصدقي فكرتة قميص نوم و الهانم ناويه تظهر كده قدام الناس بالشكل ده"
ثم تطلع أيضا نحوه وجهها ليجدها تضع احمر شفاه صارخ يلفت الأنظار بالفعل كانت جميلة نظر لها مسحوراً و هو يمرر عينه بتمهل علي تفاصيلها و علي جسدها الظاهر بشكل مثير يصيح بقوة" اكيد مفكرتيش اني هخليكي تخرجي كدا، وبعدين انتي جبتيه الفستان ده منين انا اللي جايبلك اللبس بنفسي و ما كانش في حاجه زي كده "
لتقف متجمدة بمحلها لثواني و من ثم تنظر إليه و هي تبتلع ريقها بصعوبة بالغة من صراخه عليها وغضبه فهي لاول مره تراه بهذه الغضب و شعرت بارتجاف يسري باطرافها حتي التفتت إليه و هي تقول بخوف "اه اصل داليدا اديتهلة هديه لما عرفت ان انا حامل طلعت لطيفه على فكره "
امسك بيدها يجذبها بحده و هو يصك علي أسنانه بغضب قائلاً بانفعال"والله دلوقت بقيت لطيفه ده إنتي ما كنتش بتطيقي تسمعي سيرتها ..طب يلا اتحركي من قدامي و البسي عشان مش ناقص غباء"
انتفضت بقلق علي صراخه و هي تتمتم بخفوت"ما انا لابسه امال ده ايه"
أحمرت عينه بشراسة وامسكها مد مقدم الفستان الذي التصق عليها بالـفعل و هو يصرخ بجنون " هو فين اللبس ده؟ بلاش اقول لك منظرك وانتي كده ايه وقلتلك ادخلي غيريه وما تعصبنيش اكثر من كده و بلاش تشوفي وشي الثاني يا حوريه "
نظرت إليه بغضب ودفعته بكتفها بخفة و هي تقول بحدة "هو انت بتهددني انا حره والبس اللي انا عاوزه انت ما لكش حكم عليا اصلا انت صدقت ان جوزي بجد ولا ايه "
فغطت شفتاها تلقائيًا فـرفـع أنظـاره لـ حورية لتتعلق عينـاه بحركتها التي تثير جنونه اكثر وهي تعض على شفتاها الصغيـرة لتمنع توترها لف ذراعيه حول خصرها بقوه و هو يميل نحو اذنها و هو يهمس "أنا دلوقت في حكم خطيبك وقريب قوي يا حوريه هنتجوز وانا ما اسمحش لـ مراتي تخرج بالمنظر ده وتبقى فرجه للناس "
حاولت أبعاد يده عنها و لكن لا فائدة أصبح كالفولاذ وصرخت هي بغضب و هي تغمض عينها قائلة"وانا عاجبني الفستان وهخرج كده يا قاسم "
ضغط على خصرها بيـداه بقوة وهو يعيد بصلابة تخفي خلفها ثوران مشاعره "تمام شوفي مين هيسمحلك تخرجي وانتي بالمنظر ده "
لتمسك بمقدمة الفستان تضمه عليها و هي تقول بحدة مصتنع تخفي خوفها منه" هو انا مستنيه اخذ الأذن منك ولا ايه هخرج دلوقتي و وريني هتمنعني ازاي "
عقد ذراعيه أمام صدره و رفع حاجبه الأيسر بتحدي قائلاً بـبرود "تمام قوي كملي في العناد وانا مش ماسك فيكي اتفضلي وريني هتخرجي ازاي "
ابتلعت ريقها بصعوبة بالغة و هي تلعن نفسها بشده علي هذه الفكره و لطمت خديها بخفة و هي تقول بحسرة "انا مش خايفه منك على فكره و ما تبرقليش كده بعينك وهخرج برده "
هز رأسه ببرود وهو يحمل كوب عصير الفراوله الخاص بها من أعلي الطاولة كانت لم تشربه بعد بينما هي اخذت نفس عميق وتشجعت لترحل بخطوات بسيطة وقبل أن تخطي خطوه أخري تجاه الباب كان سكب قاسم قليلاً علي الفستان من كوب العصير.
شهقت بصدمه وشفتاها الصغيرة ترتعش بحسره كالأطفال علي مظهرها بينما إلتفتت له هي تهمس بصوت مبحوح"نهار اسود اللي انت عملته في الفستان ده "
ابتسم قاسم بانتصار وكان تنفسه سريع وعالي وهو يردد بصوت آمر "اسف ما كانش قصدي ادخلي غيريه اكيد مش هتروحي للناس بالمنظر ده دلوقت "
جزت علي أسنانها بشراسة وكانت فهمت انه فعل ذلك بقصد حتى تغير فستان رغم عنها و في لحظه اخذت منة الكوب بسرعه و سكبت عليه الباقي أعلي القميص الذي يرتديه الابيض اتسعت عينا قاسم بعدم تصديق وغضب.
اقترب برأسه منها بحده لتعود هي الي الخلف أكثر لتنظر إليه بتحدي قائله بابتسامه واسعة "اسفه ما كنتش قصدي "
صرخ مستنكرًا"إيه اللي انتي نيلتي ده "
اتسعت ابتسامتها الخبيثة وهي تهمس مبتسمة برقة بمكر "تستاهل عشان تحس باللي عملته فيا ويتحرق دمك زي ما حرقت دمي "
اغمض عينه يحاول ان يسيطر علي نفسه و هو يصك علي أسنانه ليدلف الغرفه و يبحث عن شئ اخر ليخرج بنطال من خامة الجينز الفاتح و معه كنزة واسعة سمراء بأكمام طويله ليغلق خزانة الملابس و هو يمسك الملابس قائلا بأمر و هو يشير لها"البسي ده"
كانت تتفحص ما بين يده و قد ظهر الاشمئزاز علي ملامحها ولم تعجبها لكنها اغمضت عيناها بتعب وإرهاق واضح منة ثم التقطت ما سترتديه منة وقبضت عليها بكلتا يديها ثم ألقته علي الفراش امام عينه و هي تقول بنبرة حاد "طب اطلع برا عايزة اغير "
رفع كتفه بلا مبالاه و هو يقول ببساطة و يفك ربط رابطة عنقه السوداء ساخراً"ما تغيري حد ماسك فيكي مش هتفرق كتير لما تقلعي خالص على اللي انتي لابساه دلوقتي"
نظرت إليه باستنكار وهي تصيح بغضب وخجل" قــاسـم اطلع بره أنت قليل الأدب وسافل كمان "
ليدفعها نحو خزانة الملابس بخفه ومد يده ليخلع قميصه عنه وبدأ في فك ازراره بحركة مباغتة أصبح عاري الصدر لتشهق هي برعب شديد و اتسعت مقلتيها بذعر وهي تحاول أن تتحدث بتلعثم "انت بتعمل ايه ابعد عني إلا اقسم بالله هصوت و.. "
صمت عندما تفاجات بي يخرج من الغرفه تارك إياها بمفردها و هو يقول بحدة" هادخل اغير انا كمان في الاوضه الثانيه اطلع الاقيك خلصتي قبليه "
خرجت بعد لحظات بعد أن بدلت ملابسها وهو في تلك اللحظة خرج أيضا ونظر إليها بتقييم و هو يعدل من هيئته لتدير رأسها إليه و هي تقول بحدة "حلو كده مبسوط انت دلوقت بتحكماتك ..بني ادم مستفز "
زفـر بصوت مسمـوع وداخله شيء لا يستوعب حتى الان ما كاد يحدث وقسوته أصبحـا كالأشواك ينغـزان صلابته التي أحكم لجامها حول ترانيم مشاعـره كافة ليقف أمامها و يحاوط بيديه كتفيها وابعد خصلات شعرها عن عنقها وصوته يخرج هادئًا متغللًا ايـاه نغمات مضطربة وهو يهمس "انتي اللي عيلة صغيرة مش فاهمة الناس هتفكر فيكي ازاي لما تكوني موجوده في بلد زي كده وتطلعي قدامهم بالمنظر ده ..انا خايف عليكي لو حد بص بصه ليكي ما عجبتنيش مش هقدر اتحكم في نفسي وممكن اموتة عشان اتجرا وبص على حاجه ما تخصهوش ومش ملكه "
وبعدها أخذ منديل ورقي ومسح برفق شفتيها وهو يقول دون مقدمات بنبرة حادة غيورة " عارفه لو كان شافك حد بالمنظر ده غيري كنت قتلته وقتلتك بعده لأنك هتكون أنتي اللي اديتله الفرصه دي "
صمتت قليلًا ولم تجيب بينما هي بدأت تشعر بالخدر في كل اطرافهـا تشعر بها وبعجزها وبالنيران التي تهز كيانها ولكنها لا تملك ما يرمم ذلك الاقتناص في كيانها وروحها هزت رأسها بضعف فهل هذا قاسم الذي كان غاضب منها بشده قبل قليل؟ كانت خصلاتها تتساقط حول وجهها ليبعد هو خصلاتها برقة وهو يلامس وجنتهـا بحنان فطري ثم امسك بيدها و خرجوا من المنزل إلي المنزل الأخر عند داليدا.
مر ساعة و حوريه و قاسم يجلسون بعيد عن الجميع بداخل المنزل وسط الأنغام العاليه و أصوات الضحك والمرح بين الجميع ماعدا هما كانوا يجلسون بصمت ويشاهدون ما يحدث فهذه الاجواء ليس معتدين عليها و بالذات حورية التي بدأت تنزعج بشده و ترهق وعندما لاحظ قاسم هز رأسه بيأس وضيق من عنادها فهو يعرف أنها جاءت معه بعناد وليس تستمتع بالحفله فـ هذه الاجواء ليست محببه إليها و داليدا كانت تراقب قاسم بين حين وآخر وهو يجلس جانب حوريه و لم يتركها لحظه تنهدت بضيق شديد و حاولت إشغال نفسها مع اصدقائها.
وبعد فترة قصيرة لينهض بتعب وإرهاق زائف"حوريه انا دماغي صدعت من الدوشه تعالي نروح احسن"
نهضت معه علي الفور مرددة بارتياح"ماشي تمام يلا بينا "
اخذها قاسم و ذهبوا بعد أن ودعتهم داليدا بأسف شديد علي رحيلهم مبكره لكن اعتذار قاسم بهدوء ان حورية بدأت ترهق بسبب الحمل و يجب أن يرحلون لترتاح وعندما خرجوا اقترب قاسم لكي يفتح باب المنزل لتقول حورية بتوتر شديد"بقول لك ايه يا قاسم ما تدخل انت تنام وتريح دماغك من الصداع وانا مش جاي لي نوم هاروح اتمشى شويه واشتري حاجه وهتلاقيني جيت علي طول"
عقد حاجبيه متسائلا بغضب" استني هنا رايحه فين وحاجة ايه اللي عاوزه تشتريها ما لهاش اسم ..ما هو انا مش هاسيبك تروحي لوحدك رجلي على رجلك رايحه فين "
ارتعشت شفتاها مجيبة بغيظ شديد منه "يوووه هو ما فيش حاجه اسمها خصوصيه معاك خالص، نفسي في ايس كريم و رايحه اشتري ارتحت بتوحم عليه من الصبح وما تقوليش لا "
ابتسم قاسم رغم عنه ليقول بتوضيح"يا حوريه انا خايف عليكي الحاجات دي ممكن تضرك هو انا اللي مانع ما الدكتور بنفسه قال لك كده "
سمع صوت حورية المعترض بخشونة"ايوه بس قاللي برضه كلي بكميات قليله وانا اهو فين وفين لما باكل هو انت سايبني اخذ نفسي حتى بعيد عنك ما انت طول النهار مراقبني "
هتف قاسم بجدية"ما انا لو ما عملتش كده يبقى كل يوم هجري بيكي على المستشفى على العموم خلاص تعالي طالما نفسك فيه أوي كده"
ابتسمت حوريه بسعاده وذهبت خلفه يصعدون السياره لـ يسير قاسم حتي وصل الي محل صغير يبيع مثلجات وصف السيارة جانب و هتف متسائلا عن النكهة التي تريدها لتقول بابتسامه ملهوف"عاوزه واحد ايس كريم بالشيكولاته وواحد بالطماطم "
أرتفع حاجبيه الأيسر بدهشة وهو يقول بسخرية "نعم طب شيكولاته وفهمناها لكن ايه عايزه ايس كريم بالطماطم دي "
نظرت إليه بحد تزمجر فيه بعصبية حادة "هو في ايس كريم بالطماطم اطلب من الراجل وهو هيعرف علي طول ..وبعدين مش كل حاجه تقفلهالي قلتلك بتوحم هاتلي واخلص "
ضغط على أسنانه بضيق منها قائلا"اخلص! هي جابت كده الله يرحم زمان كنت باتحايل عليكي بساعات عشان تاكلي دلوقت انتي اللي بتتخانقي معايا عشان تاكلي "
هزت رأسها نافية وهي تهتف لـ قاسم قائله بنفاذ صبر"انت هتبص لي في اللقمه خلاص مش عاوزه حاجه منك يلا نروح ونخلص "
فنظر قاسم لها بمكر وهو يردد لها بصوت أجش ساخراً "اه عشان تفضلي طول النهار مصدره لي 111 وتستني لما انام و تسحبي وتطلعي الشيكولاته اللي انا مخبيها هو انا مش عارفك..خلاص ما تقلبيش وشك هاروح اطلب استنيني هنا في العربيه ما تطلعيش "
ربعت يدها أمام صدرها بوجه غاضب بضيق بينما فتح قاسم باب السياره وهبط يجلب إليهما ما طلبت وعاد بعد فتره يحمل كيس به الايس كريم أغلق الباب خلفه وهو يقول بابتسامه هادئه "اتفضلي يا ستي ايس كريم بالشيكولاته والطماطم .. كنت جبتلك نصف كيلو طماطم افضل من ده ،طالما نفسك أوي كده في الطماطم، انا عارف ايه الوحم الغريب ده "
ابتسمت حوريه بسعاده غامرة وأخذت منه الكيس بلهفة لتفتح العلبه وفجأة ظهر علي ملامحها الألم وهو يحدق بوجهها الشاحب ثم سألها متوجسًا"مالك يا حوريه انتي تعبانه وشك قلب مره واحده كده ليه حاسه بي حاجه"
هزت راسها برفض بسرعه وهي تتحدث بصوت دون تعبير واضح "لا ما فيش انا كويسه بس ضربني في بطني جامد"
ليفهم قاسم أنها تتحدث عن وضع الجنين لتكمل بجمود وهي تفتح علبه الشكولاته و بدأت تتناول بعدم مبالاه"هو بيعمل كده دائما لما اكون متعصبه او باكل حاجه هو اللي طلبها "
ابتسم بحنان وقال بمرح"بيعبر عن فرحته يعني بالطماطم طب بالهناء والشفاء "
لم ترد علية واكملت تأكل بهدوء وفي تلك اللحظات اقترب قاسم منها بهدوء فلمعت عيناه تلقائيًا بوميض خاص وميض ينم عن عاطفته المدفونة مؤقتًا وشوقه اقترب منها ببطء امسك كفها البارد ثم نظر لعيناها التي يغرق بها ليهمس "حوريه هو أنا ممكن المسة عشان احس بي"
توقفت عن تناول الآيس كريم و همست بعمق من اعمق اعمق دواخلها " تحس بي ازاي؟"
ابتسم قاسم بخفوت وهو يرمي نظرة شاملة عليها وعلي بطنها التي أصبحت منتفخة بعض الشيء مما زادها جاذبية بغض النظر عن جسدها النحيف وشحوب وجهها الذي يوازي شحوب الموتى في الايام السابقة لكن عندما اخذها و ذهبوا عن الجميع بدأت تتحسن صحتها بصوره كبيره جيدا ونفسيتها أيضا.. رفع قاسم يده و وضعها برفق فوق بطنها المنتفخه ليشعر بحركه الجنين بالفعل اتسعت ابتسامته بسعادة قائلا بارتباك" ده بيتحرك فعلا احساس حلو أوي.. ما بالك هو جواكي بتحسي بايه لما بيعمل كده يا حوريه "
صمتت ثواني ثم همست حوريه بهدوء حازم بالرغم من تنازع ذلك الألم داخلها "مش هنطلع بقى جبت الايس كريم خلاص مش كانت دماغك مصدعه وعاوز ترتاح "
زفر قاسم بصوت مسموع وهز رأسه بالايجابي ثم تحرك بهدوء تام بالسياره فهو دائما خلال الشهران يحاول يقربها من طفلها بأي شئ و كان مراعيًا جدا لشعورها وحزنها حتى في قربه لكنه دائما في النهاية يفشل في ذلك.
**
بعد مرور عده اشهر، في منتصف الليل خرج قاسم من غرفته يسير نحو المرحاض ليجد حورية تضع يدها علي بطنها الكبيره وتحاول تخطي خطواتها ليذهب الألم عقد حاجبيه متسائلا باهتمام"مالك يا حوريه رايحه جايه كده ليه في الشقه أنتي كويسه"
ابتلعت حورية ريقها بخوف وهي تدرك جديته هذا الألم لتشعر ببوادر وجع شديد في بطنها واسفل ظهرها فحاولت تجاهله كما تجاهلته من قبل فهي تشعر به منذ الصباح لكنه كان اخف من ذلك بكثير لتقول بصعوبة"اه تمام شويه تعب بسيط و راح"
ذهب إليها وأمسك يدها يقودها الي غرفتها مرددا بجدية"طب يلا الوقت اتاخر ادخلي نامي و ارتاحي أفضل ليكي وانا بكره هاخذك يشوفك الدكتور "
أغلقت حورية عينيها ولم تجيب وهي تشعر بالدوار هاجمها فجأه فترنحت ليهب قاسم يلف يده حولها وحملها ووضعها على الاريكه وهو يقول بقلق شديد"مالك يا حورية حاسه بإيه شكلك تعبانه اوي طب ما قلتليش ليه "
لتشعر بازدياد الوجع بطريقه لا تطاق وهي تحاول مسك يده تستمد منها القوه " قاسم انا الصبح عمالة اجي على نفسي و أتحمل بس الوجع عمال يزيد وانا مش قادره وشكلي كده "
لاحظ احمرار وجهها الشديد والعرق يغرق جبينها وهي تحاول كتم الالم عقد قاسم حاجبيه بتساؤل قلق وصاح" شكلك إيه في ايه اتكلمي يا حوريه"
هتفت حوريه وهي تحاول مسك بطنها التي تشعر بها تتمزق من شدة الالم" أنا حاسه اني بولد اااه ..الحقني يا قاسم مش قادره بموت"
انتفض قاسم واقفا بخوف وتوتر شديد ثم تحرك بسرعه وبلهفه داخل غرفتها يجلب لها بلطه طويل لشده البرد في الخارج وساعدها على ارتداءه بين المها و دموعها وهي تبكي بقوه من الألم ثم حملها بين زراعيه وتوجه بها للخارج سريعا الى السياره ووضعها في الخلف ثم جلس خلف عجلة القياده وقاد بسرعه مجنونه الى المستشفى وأعصابه تكاد تفلت منه وهو يشاهد دموعها تتساقط منها بغزارة و العرق يغرق وجهها بشده من شدة الالم القويه تعانيه وهي تحاول كبت الالم بداخلها كما تعودت ابتلع قاسم ريقه بارتباك وهو يقول " اتحملي شويه كمان يا حوريه انتي قدها وقويه خلاص قربنا نوصل أهو اتحملي عشان خاطره هو"
بعد مرور فترة قصيرة.
صراخ عالي يصدح بالارجاء و مصدره حورية التي تجلس علي مقعد متحرك يسير بها قاسم سريعاً و يظهر علي وجهه التوتر و الخوف الشديد عليها لتصرخ هي بصوت اعلي مع صوت بكاءها و هي تشعر بألم شديد ببطنها فمن الواضح انها اوشكت علي موعد ولادتها
انخفض مستواها علي الكرسي وربت قاسم علي كتفها و هو يقول بتوتر" معلش يا حوريه استحملي خلاص اهو وصلنا استحملي عشان خاطري"
نظرت إليه بعيونها الحمرا من البكاء الشديد و هي تضع يدها علي بطنها المنتفخ وتهز رأسها بقوة وتعب" مش قادره يا قاسم حاسه اني هموت مش قادره لااا آآآآه"
نظر نحوها بقلة حيلة و هو يستمع إلي صوت صراخها ثم صاح قاسم بصوت عالي" احتاج الى طبيب في الوقت الحالي زوجتي حامل وسوف تولد "
ليسرع الممرضين والطبيب بالركض نحوها يأخذها منه يجهزونها للكشف والولاده لتدلف حورية الي الداخل الغرفه مع الممرضين كاد أن يدلف خلفها من الخوف عليها لكن منعته الممرضة هاتفه بعمليه" ممنوع الدخول الى هنا"
انتفض قلبها برعب وهي تبكي بشدة و تنظر إلى قاسم بضعف ثم نظر إليها قاسم و هو يحاول الابتسامة بشكل طبيعي و هو يمسد علي شعرها قائلاً " انا هنا جنبك يا حوريه مش هامشي خليكي مطمنه من كده والله العظيم ما هامشي غير لما تطلع بالسلامه واتطمئن عليكي انتي والجنين "
ابتلعت ريقها بصعوبة لتضع يدها علي بطنها و هي تتأوة بألم شديد قائله بحزن"قاسم لو جرى لي حاجه خلي بالك من ماما و ساجد مالهمش حد "
هز رأسه برفض شديد وهي تراه لاول مرة بملامح وجهه متوترة خائف و هو يصيح بقوة "مش هيحصل حاجه لا ما تكمليش هتبقي بخير لازم تبقي بخير يا حوريه المشوار ده زي ما بدانا سوا هنكمله سوا ..هاستناكي هاه"
هزت رأسها بايجاب وهي تبتسم بوهن و هي تتأوة مرة أخري لياخذوها الي الداخل وأغلقت الممرضة الباب بهدوء خلفهم ليقف هو بالخارج يغمض عينه بقلة حيلة وألم ينتظرها تخرج مر الوقت عليه ثقيل وهو مازال يجلس في انتظار ان يطمئن عليهم بقلق وخوف شديد حتى خرجت الممرضة ليجد طفل بين يدها ليهب واقفاً إليها هاتف بصوت مرتجف" ما أخبارك زوجتي حورية"
نظرت إليه بفرحة و هي تمد يدها به و هي تقول " انها بخير لا تقلق وهذا طفلك"
تنهد قاسم بعمق وراحه أنها أصبحت بخير ثم
أخذ الطفل بيده المرتجفة بتردد ينظر له وهو نائم بهدوء لمس وجهه برفق وخوف شديد عليه و هو يشعر بمشاعر متخبطة وقلبه يدق بعنف شديد لا يصدق أنه بخبر وسلام نظر إلي وجهه البرئ كم يبدو لطيف ليبتسم قاسم بحب و هو يقبل وجنته برفق، هو الآن يحمل قطعه صغيره بين يديه منه هو و حوريه! حورية والدته نعم و عندما تذكر كيف نتج هذا الطفل تلاشت ابتسامته وحل حزن عميق داخله لما هو قادم فهذا الطفل البريء احتمال كبير ان يكون بدايه جحيم لا يعرف نهاية؟
**
بعد مرور نصف ساعه أخذ قاسم الطفل بعد ان اطمئن علية من الطبيب انه في صحه جيده ضمه بحنان ليجلس قاسم علي المقعد و هو مع الصغير يتأمله بحب و يتخيل فرحة حورية بوجود الصغير ليضم الصغير إليه برفق و هو متاكد بمجرد أن تراه حوريه سوف تنسى اي غضب أو كره تجاه في السابق و بعد فترة نهض ليضعه في فراش صغيره داخل غرفة حوريه جوارها و انتظر جانبها حتي تفوق و هي متسطحة علي الفراش غائبة عن الوعي
ليمسك بيدها وهي يراها بدأت تفوق وتفتح عينيها بتعب و إرهاق ليميل قاسم يقبل رأسها ممسداً علي خصلات شعرها المتعثرة بعض الشئ قائلاً بحب لم يستطع هذه المرة اخفاءه ليكن لان جلس فترة قصيرة مع ذلك الصغير ولم يستطيع اخفاء مشاعره معها" حمد الله علي السلامة وجعتي قلبي عليكي بس فداكٍ مش مهم اي حاجه المهم انكم بخير "
جلس بجوارها علي المقعد الملازم للفراش لتنظر إليه بأعين تملئها الدموع و هي تقول" الله يسلمك يا قاسم كنت خايفه متبقاش فيها مره ثانيه واشوفك "
هز قاسم رأسه بعتاب و هو يمد يده ليمسح دموعها التي تتسلل من أسفل اهدابها الي وجنتيها وقال بهدوء " بعد الشر بطلي الخوف والقلق ده بقى انتي بقيتي بخير دلوقتي الحمد لله على سلامتك ما فيش حاجه هتحصل "
انعقدت ملامحها متألمة وابتسمت هي بهدوء و نهض قاسم يقول بحماس شديد"استني عندي ليكي مفاجاه هتحبيها قوي "
ذهب بخطوات بسيطة وحمل الطفل بهدوء وهو يبتسم باتساع وقبل وجنتيه وتقدم منها ارتجفت بؤبؤت عينها واشاحت وجهها بعيد بتجاهل و هي تهمس بخفوت مرتجفة " هو انا هخرج من هنا امتى انا ما بحبش قعده المستشفيات "
ابتسم قاسم بحب و هو يقول بمرح وحماس"
شوفي جميل ازاي يا حوريه "
تأففت و هي تلتفت جالسة باعتدال تعقد ذراعيها أمام صدرها تطالع نحو قاسم بجفاء"
قاسم انا بقول لك عايزه امشي من هنا أنت سامعني "
أنتبه إليها قاسم ولاحظ أنها لم تنظر باتجاه طفلها مطلقاً ولا اهتمام به ليقول بنبرة متوتره"هاه ما اعرفش بس اكيد مش على طول كده هنمشي انتي لسه خارجه من غرفه العمليات من نصف ساعه لازم الدكتور يطمني عليكي ويطمني عليه كمان"
هزت رأسها بنفي وهي تشير اليه و تقول بنفور "طب اطمئن عليه مع نفسك أنت، ممكن انا تشوفني هامشي امتى اطلب لي الدكتور لو سمحت "
جلس جانبها وأبتسم بخفه ومال إليه يقبل وجنته و رأس الصغير و هو يقول بصوت حنونه يمده نحوها مرددا" مش عايزه تشوفيه وتطمني عليه بصيله حتى يا حورية ده في شبه منك وبعدين شكله جعان خدي رضعـ.."
انتفضت باهتياج غاضبة وهي تبعد جسدها عنه باشتمزاز رغم الألم يخترق بطنها غير قابلة حتي لمسته لتتحدث بجمود و نبرة صوت قوية "ابعد عني البتاع ده مش عاوزه اشوف ولا المسه شوف انت هتتصرف ازاي فية بعيد عني بس انا مش عاوزاه "
أنصدم بذهول من حديثها وطريقتها وقد تلاش حماسة وابتسامته ليتحدث من بين أسنانه بغضب "حوريه ايه الكلام اللي انتي بتقوليه ده ..ده ابنك ما ينفعش تقولي عليه كده هو محتاجلك دلوقت انتي اكتر حد ما تتخليش عنه وبلاش تشيلي بذنب غيره "
هزت رأسها بنفي و هي تنفخ بضيق شديد لتنظر إليه جامده للغاية و هو تقول بعصبية شديدة و نفرت بوجهها بكره شديد قائله بصوت قاسي"مش وقته فلسفتك دي اللي بتقدم ولا بتاخر الواقع غير كده يا قاسم"
عقد حاجبيه قاسم بحده وعدم استيعاب"
يعني ايه بقي ده ابنك يا حوريه مهما كان"
زمجرت حورية بغضب قوي و هي تهتف بقسوة شديدة و جحود" يعني انسى في يوم ان انا اتقبله ولا حتى اعتبرة في يوم انه ابني، مش انت صممت وما رضيتش تخليني انزله وصممت يجي على الدنيا اتفضل انت بقى اهتم بي بعيد عني وشوف هتتصرف فيه ازاي ان شاء الله تودي ملجأ لي ناس محتاجاه ولا ترميه قدام جامع اعمل ما بدالك، لكن انا ما ليش اي علاقه بي ومش عاوزه. "
اهتز قاسم فكه بعنف عندما صفعته كلماتها بقسوة وشعر بأن التي تجلس امامه ليست حورية التي يعرفها بل نسخه اخرى من والده تمتلك قلب من حجر نحوه طفلها، تماماً مثل ما حدث معه يحدث الآن مع طفله،شعر بقبضة من فولاذ تؤلمه وتقبض علي روحة وشيء داخله يُنذره بعودة الماضي مره ثانيه ولكن هيهـات .
___________________________________
الفصل الخامس عشر
___________________
بعد مرور اسبوع.
بداخل مطار ايطاليا جلست حوريه بصمت بداخل الطائر تنظر خارج الزجاج بشرود تنتظر حتى تنتهي عدد الساعات القادمة لتصل إلي أرض الوطن لعلها ترمي أحزانها ومعاناتها بها بينما كان قاسم جالس بجانبها ينظر نحوها كل حين واخر وهو لا يصدق حتي الآن و يتوقع ما حدث منذ قليل وكيف كانت ردت فعلها عندما التقت بـ طفلها أول مرة وكيف تجاهلته ببرود شديد.
كانت حوريه تجلس أعلي الفراش بالمستشفى بعد ولادتها مباشره وكانت ترفض بشده ان تحمل طفلها كلما حاول معها قاسم أو احد من الممرضين، حتي وجدها تنظر له بإغماء عندما تتمتم بخفوت وتعب "حوريه انا تعبت مش عارف اسكتة ولا عارف اتصرف معاه ازاي من فضلك خذيه وشوفيه اكيد جعان "
ابتلعب لعابها الجاف و تنفست بعنف وهي تجيب بجفاء عليه"شفلك حد من بره يساعدك من الممرضين.. انا كمان ما بعرفش اتصرف معاه ازاي ولا عارفه ولا عاوزه اعرف، شوف حد يعلمك تعمل له لبني صناعي ازاي "
ضغط على يده بغضب مكتوم وهو يقول"
يعني هتسيبي ابنك مع الممرضين وهم اللي يهتموا به وانتي قاعده تتفرجي عليه و هو عمال يعيط؟ وبعدين مفروض يرضع منك افضل لي ولصحته ده ابنك "
نظرت إليه بانفعال لتمرر حوريه يدها علي شعرها بغضب و هي تتنفس الصعداء بقوة و تقول صائحة" لا مش ابني وبطل تقولي الكلمه دي كل شويه "
هتف قاسم بجدية و تحدي"لا ابنك غصبا عني وعنك ابنك يا حوريه.. اسامه قاسم السيوفي ومكتوب في شهاده الميلاد الام حوريه اسامه عتمان"
تطلعت فيه بـ أعين حادة أمام أعينة متسائلة كـ البلهاء بعدم فهم لتتحدث حورية مرة أخري بحدة " اسامه مين؟ انتي سميته اسامه "
هز كتفه الأيسر بعدم مبالاه وقال"ايوه امال هاسيبة كل المده دي من غير اسم و في المستشفى كمان طلبه بيانات عنك وعنه واول ما ارجع مصر هسجله باسمي وهطلعله شهاده ميلاد"
لويت شفتيها بسخرية و داخلها غضب شديد يتسرب لاوردتها و هي تنظر إليه قائله باستهزاء "هو انت خلاص بقيت بتتعامل كانه موجود في حياتنا أمر واقع وكمان طلعتله اسم و سميته على اسم بابا الله يرحمه وهتسجله علي اسمك كمان عادي"
رفع بصره لها وقتلته بنظراتها المشتمئزة ليقول بصوت هادئ مرددا" انا قلتلك من البدايه ان انا هعمل كده ومش هارجع في كلامي و اسم والدك شفته في بطاقة الشخصية بالصدفه و عجبني وانا اخترته طالما انتي مش عاوزه تهتمي بي"
هو بالفعل كان يقصد قاسم أن يسمي الطفل اسامه علي اسم والدها وليست صدفه كما قال لها وفعل ذلك حتى يحن قلبها إليه ويذكرها بـ والدها المرحوم أسامه عتمان.
صمتت قليلًا ثم أرجعت نظراتها بعيد عنه بضيق شديد و ابتلعب ريقها بارتباك و هي تقول بعدم مبالاه مصتنعة " انت حر اعمل اللي انت عاوزه ..بس يا ريت تشوفنا هنخرج من المستشفى امتى؟ ومن فضلك رجعني مصر على طول ما بقتش حبه وجودي هنا "
وبالفعل بعد أن تحسنت صحتها قليلا أخذها قاسم ليرحلون إلي مصر وبعد مرور ساعات قد رجعوا إلى مصر بالفعل هو و حورية ولم يتغير شيء ومزالت حوريه علي موقفها تعاند وغير مرحبه بـ الطفل.
**
في قصر قاسم السيوفي.
جلست حوريه بجانب النافذة علي طرف المقعد و هي تبكي بصمت ومزالت كما هي علي نفس حالتها التي كانت فيها فـ ايطاليا تشعر بالخزي من نفسها و من الجميع رغم أن قاسم كان يحاول الايام السابقه تركها بمفردها حتي تفكر و تراجع نفسها في قرار شأن طفلها وكان ينتظرها بفارغ الصبر تأخذ القرار منها لحالها دون ضغط لكن لم تاتي حتي الآن اغمضت عيناها بقوة و تركت دموعها تتساقط بضعف و استسلام.
حتي سمعت صوت طرقات علي باب الغرفة و انفتح الباب بهدوء و دلفت هاجر وهي تحمل الصغير وهو يبكي جائع وتقدمت منها قائله ببراءة" مدام حوريه ابن حضرتك عمال يعيط ومحتاج حضرتك ترضعيه "
جحظت حورية عيناها بصدمة و ألتفتت لها وهي تصرخ بحدة في أرجاء الغرفة قائله"انتي مجنونه هو مين ده اللي أبني ابعدي من جنبي حالا و خدية من وشي "
أنتفضت هاجر بذعر لتقول بتوتر"انا اسفه بس انا عملت ايه غلط هو مش ابن حضرتك برده"
نهضت إليها وامسكت بيها بغل شديد من يدها و هي تصرخ بيها بحدة "انتي بتعيديها ثاني قلتلك مش ابني ما بتفهميش اطلعي بره و خذي معاكي وأياكي ثاني مره تجيبهلة "
اتسعت عينا هاجر بصدمه و شعرت بالإهانة فهي لأول مرة تتعرض لـ شئ كذلك بداخل القصر سواء كان من قاسم أو جمال يتعاملون مع كل الخدم بكل ادب و احترام أدمعت عيناها بألم شديد تشعر به ألم في ذراعيها ليدلف قاسم فجاءه مما اضطر حوريه تتركها بضيق شديد وابتعدت وقال وهو بهدوء" هاتيه يا هاجر وروحي شوفي شغلك انتي"
أخذ منها الطفل وخرجت هاجر تبكي بقهر في الخارج، اقترب قاسم بخطوات غاضبه هاتف بجدية" في ايه هي غلطت فيه عشان تكلميها بالطريقه دي هي معاها حق مش ابنك ده عشان تخلي بالك منه "
وقفت بمكانها تواليه ظهرها و بجمود تام أردفت" قلتلك اسكت وما تقولش الكلمه دي ثاني مره وشوف البهايم اللي انت بتشغليهم في البيت دول كمان"
هتف بوجه متهجم يردد بغضب وبصوت عالي" حــوريــه اتكلمي عن العاملين هنا بادب ممكن يكونوا بالنسبه لك خدم فعلا بس انا بالنسبه لي بحترمهم وما بحبش اهين حد في بيتي وبعتبرهم اهل البيت ..وانا ما بشغلش بهايم في البيت يا هانم "
صمتت قليلًا وهي تتذكر ما فعلته بها قبل قليل كيف صرخت بعصبية حادة بوجهها وأمسك بيدها بقوة و اشعرتها بالإهانة وهي ليس لها ذنب، لتهمس بخجل شديد و هي تنظر بالأرض"انا اسفه ما قصدتش ما اعرفش مالي ومش طايقه حد، بس انت لازم تقول لها ما تدخليش بـي ثاني هنا ولا تجيبهلي "
ابتلعت ريقها بارتباك و هو يقول بتساؤل لا يصدق" هو انتي ناويه تطولي في اللي انتي فيه ده كثير حوريه انتي بقيلك كثير على الوضع ده ما ينفعش لازم تنتبهي لنفسك وتهتمي بي "
جلست على الفراش لتسمح لنفسها بأن تنهار أمامه وهي تهمس بصوت موجوع"انا مش قادر اهتم بـ نفسي عشان اشوف غيري من فضلك سيبني بحالي "
تجاهل حديثها وسألها بقلق"مالك يا حوريه قولي لي فيكي ايه ..انتي في الوضع ده من ساعه ما ولدتي كل ده عشان اسامه جاء علي الدنيا انتي اللي غاويه تعب لـ نفسك على فكره خذي الأمور ببساطه اكثر من كده شويه و بلاش كل حاجه تاخذيها على اعصابك "
ابتسمت حوريه بمرارة شديد وهي تقول بصوت متعب" "يا ريت الامور ببساطه كده زي ما بتتكلم انا في دوامه ما لهاش نهايه "
هز قاسم رأسه بتنهيدة وتقدم منها وهو مازال يحمل الطفل قائلا بصوت حنون"طب ايه رايك تيجي معايا نروح عند دكتور نفساني اتكلمي معاه ممكن يساعدك ويعرف فيكي ايه "
تطلعت فيه بعصبية حادة وتمتمت من بين بكائها وهي تشعر أنها في أضعف حالاتها"
انا مش مجنونه وكل اللي انا عاوزاه تبعد عني وتبعد ده كمان عني .. ومش عاوزه حد جنبي اصلا وعاوزه كل الناس تسيبني في حالي زي ما الناس بتعمل دائما كده اول ما بقع في مشكله وكلهم يبعدوا عني ويسيبوني "
كاد أن يتحدث مره ثانيه لكن سمع صراخ بكاء اسامه ليتحرك وتوجه إلي الخارج في حين تابعته عينها بترقب لا تصدق أنه أصبح يهملها ولا يهتم بها مثل سابق؟ عندما كان يصر يعرف ما بها و يفهمها دون حديث لكن الان اصبح كل الاهتمام الى الصغير فقط.
لتذهب ببطئ و تكاسل لترتمي علي الفراش الخاص بها لتمسك بالوسادة تحتضنها بشدة و هي تدفن بها وجهها حتي لا يصله صوت بكاءها و أن تركت نفسها لتبكي وصوت بكائها العالي و شهقاتها التي تخرج من قلبها بعمق شديد لا تعلم ماذا حل بيها.
**
بعد مرور اسبوعين.
بداخل فيلا عتمان زاهي، بداخل المطبخ أغلقت بدريه الهاتف بملامح جليديه جامده فـ منذ قليل كان يتحدث معاها جمال واخبارها ان حوريه أنجبت طفل وسماه قاسم أسامه علي اسم زوجها المتوفي! لم تعرف تحدد مشاعرها تجاه ذلك الطفل اتغضب ام تفرح؟ لكنها حزنت بشده عندما تذكرت أيضا أن جمال أخبرها عن حاله حوريه ليست بخير أبدأ وحتى الآن لم تريد تقبل فكره اني لديها طفل حملت به نتيجة اغتصاب.
لكنها تعرف وتعذر ابنتها حوريه تعرضت لقسوه وعنف كثير من الجميع وظلم بلا حدود فـ بالتاكد هي الان حائره ولا تعرف كيف التصرف وما هو الصحيح من وجهه نظرها، فهي ذات نفسها بدريه لا تعرف شعورها نحوه حفيدها؟.
خرجت ميسون من غرفة ابنتها جومانه الي الأسفل نحوه المطبخ فتح الباب لتجد بدريه تقف أمام البوتاجاز كانت تحضر الطعام لكنها كانت تقف بهدوء و شرود و ابتسامة تشق ثغرها لتنظر بدريه للخلف إليها عندما شعرت بها و وجدتها تقف مستندة علي الباب الذي أغلقتة للتو لتنظر إليها و لتلاحظ ميسون توترها و ارتجافها وتجد بين يدها هاتفها عقدت حاجبيها بحزم وهي تقول بحده" بقيلك ساعه واقفه عندك بتعملي ايه الاكل هيتحرق وانتي يا هانم نايمه على ودانك "
حاول أن تبلل ريقها الذي جف بشدة و اصبح كالحجر وهي تهتف بتوتر"هاه اسفه ما اخذتش بالي هعمل غيره على طول اهو "
ألتفتت بسرعه بدريه تخفي الهاتف و اشغلت نفسها في تحضير الطعام بهروب لكنها ظلت ميسون خلفها لتقول بشك واضح" هو انتي كنتي ماسكه التليفون في ايدك وسرحانه ليه كنتي بتكلمي مين و شارده أوي كده في"
لترتبك أكثر و لم ترفع عيناها نحوها و هي تقول بتلعثم "ما كنتش بكلم حد ده نمره غلط وانا كنت ببص على حاجه في التليفون وما كنتش سرحانه ولا حاجه "
هزت ميسون رأسها ببرود بالايجابي والتفتت لتذهب الي الخارج وظهرت ابتسامة جانبية علي جانب شفتيها بسخرية وهي تتقدم نحو مكتب والدها فـ حين رفع عتمان وجهه ينظر إلى ابنته قائلا بعدم اهتمام" عدي عليا بعدين يا ميسون مش فاضيلك ورائي شغل كتير"
لكنها دلفت و هي تغلق الباب خلفها و تكمل طريقها اليه غير مبالية بحديثه واعتدال جسدها و شموخها وهي تهتف بثقه" حتى لو قلتلك الموضوع يخص حوريه "
**
بداخل الغرفه بدأت حوريه تفتح عيناها ببطء لتجد أنة الصباح الباكر نهضت بهدوء متنهدة لتغسل وجهها و لترتدي ملابسها وبعدها وهي تخرج من غرفتها متجهة للاسفل، بدأت تهبط السلم ببطء هادئ لتسمع صوت صراخ اسامه يبكي كالعادة وهي كعادتها تجاهلتة ولكن فجاة توقفت على صوت قاسم وهو يتحدث مع جمال و وسط حديثه هتف بخشونة"انا بفكر اجيب مربيه لي اسامه تهتم به طالما حوريه مش راضيه "
كان جمال يجلس على المقعد هو من يحمل الطفل و يحاول اني يهدئ لكن دون جدوى ظل يبكي تنهد جمال بيأس و بقله حيله هاتف "اعمل اللي انت شايفه صح يا قاسم طالما لمصلحه الولد "
تقدمت منهم حوريه بهدوء وجلست أمامه تنهد قاسم بقوة و هو يقول بحده"كويس انك صحيتي كنت لسه بتكلم انا وجمال عشان نشوف هنتصرف ازاي ونعمل ايه مع اسامه واحنا شايفين امه عايشه على قيد الحياه و مش مديه له اهتمام "
لتقول حورية بهدوء و هو يراها تهرب بعينها بعيداً عن عينه قائلة"سمعتك وانت بتقول هتشوف لي مربيه تمام فكره كويسه"
رفع قاسم حاجبه الأيسر بغضب و هو يقول باستهزاء "يا سلام فكره كويسه! هو ده اللي ربنا قدرك عليه ده بدل ما تخلي عندك شويه رحمه وتقومي بواجبك تجاهه وتهتمي وتخلي بالك منه انتي! هو مش انتي برده سيادتك والدته ولا ايه "
هزت حوريه رأسها بنفي و هي تقول بضيق "
سبق وقلت لك ما ليش دعوه بي مش هقعد كل شويه أعيدلك نفس الكلام ومن فضلك يا قاسم بطل كل شويه تضايقني وتضغط عليا بالموضوع ده عشان مش هتوصل لحاجه ولا هتغير رايي عشـ"
نظر إلي عينها بغضب يحاول أن يسيطر علي نفسه إلا لم يشعر علي نفسه هو ينظر إليها بحدة و هو يقول بصوت عالي غاضب كالرعد "عشان هو زفت جي نتيجه اغتصاب عرفت وحافظ الكلمتين دول بس برده ايه ذنبه في اللي انتي بتعمليه بطلي جحود قلب بقي "
كانت في تلك اللحظة تدلف هاجر تحمل فناجيل القهوه و الخادمه الثانيه روان خلفها وقد استمعوا إلى كلماته، ابتلعت حورية ريقها بصعوبة بالغة و هي ترفع برأسها إليهم لتصدم عندما وجدت هاجر و روان وهم ينظرون نحوها و يراقبونها وقد استمع كلا منهم إلى حديث قاسم وهو يتحدث عن اغتصابها.
نظرت له بهدوء مصطنعة تحاول مدارات إحراجها، إلا أنها قد شعرت بالتعري الحقيقي أغمضت عينها بشدة وتحاول كبح دموعها إلا أنها تساقطت بغزارة و هو أصبح يعلن نفسه علي ما قاله في تلك اللحظه التي دخلت فيها هاجر واستمعت إليه لكن غضبه عماه، حاولت حورية التحرك فهي تشعر أن قدمها قد تجمدت و لا تقدر علي التحرك و هي تنظر إلي الاسفل بخزي لتركض الي الاعلي نحوه غرفتها
ليغمض قاسم عينه بقوة و هو يشعر بها ليصك علي أسنانه و هو يتنهد بضيق شديد و هو يمرر أصابع يده بخصلات شعره.
بينما هاجر كانت متجمدة مصدومة بذهول تشعر أن دلو من الثلج سكب عليها وافافت علي صوت جمال بتحذير قائلا الي الاثنين "هاجر ..روان اللي انتم بتسمعوا هنا مش محتاجه اقول لكم ما يطلعش بره ولو اتعرف مش هيبقى قدامي غيركم انتم الاثنين اللي قولتوا فاهمين "
هزت هاجر راسها علي الفور وهي تقول بصوت متوتر"حاضر يا جمال بيه مش محتاج تقول عن اذنكم.. يلا يا روان نكمل شغلنا "
اشار جمال اليهم بالانصراف ثم نظر إلي قاسم
بعتاب قائلا"مش قادر تمسك نفسك شويه ما كانش لازم حد يعرف الموضوع ده يا قاسم وخصوصا اللي بيشتغلوا هنا وهي قاعده قدامهم الـ 24 ساعه هترفع عينيها دلوقتي فيهم ازاي "
مسح قاسم وجهه بضيق وهو ينطق بانفعال"
اهو اللي حصل أنا ما اخذتش بالي منهم اصلا انهم واقفين وبعدين انا تعبت من حوريه كمان، انت مش شايف بنفسك تصرفاتها كل ما احاول اتكلم معاها عن ابنها برده مصره على قرارها ومش قادره حتى تبص في وشه هي ازاي كرهاه بالطريقه دي "
هتف جمال بصوت حازم"هي مش كارها ابنها نفسه يا قاسم هي كارها النتيجه اللي جي بيها صعب علي بنت تتقبل ان حد اغتصبها
واخذ حاجه مش من حقه فما بالك في طفل كمان نتج عن الاغتصاب ده والمطلوب منها انها تتقبل فكره اغتصبها وفكره الطفل ابنه هو .. اللي هي مش قادره تستوعب ان ابنها هي كمان الموضوع هيكون صعب عليها سيبها تاخذ وقتها"
نهض بخطوات تدق بالأرض بقوة و هو يجيب بوجهه بعنف ونفاذ صبر "هو انا كل ده مش سايبها براحتها ومديها وقتها يا جمال وعارف ان انا الزفت السبب في اللي حصل عشان كده بحاول اصلح على قد ما اقدر بس بالطريقه دي شكلها ولا عاوزه مئه سنه عشان تغير قرارها "
هز رأسه بضيق شديد وقال بجدية"ما عشان كده قلتلك ان الافضل لي ينزل وانت إللي صممت ده هي حتى ذات نفسها طلبت منك بدل مره 10 وانت رفضت"
ليقول بنبرة صوته بخشونة و قوة "وهو خلاص جاء على الدنيا دلوقت واللي حصل اهو اعمل ايه أنا دلوقتي اقتله عشان ترتاح انت وهي.. انت بتلومني عشان ما كنتش عاوزه أبقي السبب في ظلم طفل ما لوش ذنب وليه يدفع ثمن غلطتي عارف ان انا السبب واديني بتحمل النتيجه وبحاول اعمل كل اللي بقدر عليه "
هز جمال رأسه و هو يقول بتنهيدة " وطي صوتك عشان ما حدش يسمعك تاني.. انا فاهم وعارف كويس ان انت بتحاول طول الوقت تكفر عن ذنبك و دي حاجه كويسه فيك يا قاسم وبتاكدلي انك لسه قاسم اللي اعرفه بتاع زمان اللي ما بيسكتش على الغلط، غيرك بيهرب بعد عملته ومش بيعترف بغلطة.. عشان كده خليك واثق ان ربنا هيقدر كل اللي انت بتحاول تعمله ده وهيسامحك "
**
بعد مرور وقت، طرق قاسم باب غرفة حورية التي تجلس تحتضن نفسها بكلتا ذراعيها و تبكي بقهر لم تكن تتوقع أن يتحدث قاسم معها بهذه اللهجة و يعايرها أمام المساعدين بالمنزل بقسوة هكذا و يحدث كل ذلك لمجرد أنها لم تحب وتتقبل إبن مغتصبها فـ عقلها دائما ينظرها أن طفله بمفرده وليس طفلها هي أيضا هزت رأسها بضعف و هي تنفجر بالبكاء و شهقاتها تعلو بحدة ثم رفعت يدها بهدوء تمسح دموعها التي تسيل بغزارة علي وجنتيها و هي تقول بصوت متحشرج من كثرة البكاء " مش عاوزه أشوف حد لو سمحت امشي"
تنهد قاسم بضيق شديد من نفسه قبل منها عندما سمع صوت بكائها فهي تعرف أنه سوف ياتي خلفها ويصلح ما فعله في الاسفل، فتح الباب بهدوء دلف الي الغرفة ليتقدم منها بابتسامة هادئة و هو يشعر بالندم يأكل داخله و هو يراها ذابلة هكذا و تنهد بضيق شديد هو يهمس بندم "كل الدموع دي عشان زعقتلك تحت "
لم تجيب عليه و اشاحت بوجهها بعيد عنه و هي تحاول منع نفسها بصعوبة من افلات شهقة عالية من داخل صدرها تدل علي انها تنهار و ضعيفة للغاية حاولت رسم الجمود بينما هو جلس جوارها و ربط علي كتفها و هو يقول بهدوء" ممكن تبطلي عياط انا اسف على اللي عملته تحت واسف عشان كلمتك بالطريقه دي و زعقتلك جامد قدام الخدم حقك عليا"
رفعت رأسها تنظر إليه بوجهها يغرقه الدموع و أعين حمراء بشدة من كثرة البكاء لـ تبعد يده عنها معتدلة في جلستها و هي تقول بصوت متقطع و قد بدأت بالبكاء مره ثانيه "مالكش دعوه بي ولو وجودي بقى مضايقك قوي كده انا ممكن امشي من دلوقت"
أردف قاسم بصوت حاد بجدية"طب اسكتي وبطلي هبل انتي عارفه كويس ان انا ما اقدرش اسيبك تبعد عني وبعمل كل ده من خوفي عليكي ولله يا حورية مش عاوزك تندمي في يوم بعد كده حاولي تبص لي الامور من ناحيه ثانيه بعد كام سنه لما يكبر الطفل ده ويشوفك وانتي بتعاملي كده ايه موقفه هيكون وقتها"
مسحت تلك الدمعة الساقطة للتو من عينها و هي تهتف "وانا حبي لي مش بالعافيه مش قادره اتقبله انت ليه فاكر ان الموضوع بمزاجي انت ما بتعملش حاجه غير انك بتضغط عليا وبس وفاكر بالطريقه دي غصبا عني هقبله بس انت غلطان "
نظرت إليه و قد سقطت دمعة من عينها حتي استقرت علي شفتيها و هو يراقبها بدقة ليتحدث بقوة قائلاً "تمام معاكي حق ممكن طريقتي غلط بس عشان ما قداميش غيرها عمال احاول معاكي كل يوم وكل ساعه وكل وقت وانتي برده رافضه وقاسية عليه"
مسحت دموعها السائلة عن عينها حتي تراه جيداً فقد تشوشت الرؤية بدموعها لتنظر الي عينه تجد رجاء منه تعلم أنه معه الحق تماما لكن هي غير قادرة بالفعل لتقول بهمس "
يا قاسم من فضلك افهمني انا "
قاطعها وهو يتنهد بضيق شديد ويشعر بالاختناق ليمد يده إلي رابطة عنقه يفكها قليلاً و هو يقول بثقل " افهميني انتي يا حورية انا بقول لك الكلام ده لمصلحتك عشان عارف الشعور ده ومش عاوز أسامه هو كمان يحس باللي انا حسيت بي، اقسى حاجه في الحياه انك تحسي نفسك مش مرغوبه في الحياه خصوصا من اهلك لما يبقوا مش متقابلين وجودك وهم عايشين انا جربت الاحساس ده وعارف لما زمان اللي مفروض يبقى والدي رفض يستقبلني و رحت عشت في دار ايتام "
عقدت حاجبيها بذهول كبير قضمت شفتيها السفلية مع ضغطها علي كف يدها بارتباك"
هو انت تعرف والدك مين و هو عايش! طب هو سايبك و بعد ليه"
رمقها بنظرة خاطفة رغم الألم القاتل بقلبه لينظر الي الاعلي و هو يعبث بخصلات شعره قائلاً " هو ما سيبنيش عشان يبعد عني يا حوريه هو ما قابلنيش من البدايه من قبل حتى ما اتولد و اجي علي الدنيا ولما كبرت شويه والدتي ماتت وما كانش ليا حد غيره ساعتها قالها لي في وشي ورفض يستقبلني واضطريت اعيش طفولتي كلها و حياتي في دار ايتام "
ثم رسم ابتسامة مزيفة علي ثغره و نظر إليها قاسم و اعتدل حتي جلس جوارها و حاوط كتفها فهو بحاجة إلى أحضانها في تلك اللحظة! لتميل برأسها علي صدره وأغمضت عينها بشدة لتسقط عبارتها علي صدره بغزارة ليمسد علي خصلات شعرها ليقول و هو يشدد من احتضانها بعد أن طبع قبلة هادئة علي قمة رأسها مرددا بجفاء "اتعرضت هناك لإهانة كبيرة بس مهما مرت السنين ما نسيتش اللحظه دي من حياتي ابدا .. علشان الظلم من اقرب الناس ليكي ما بيتنسيش وانتي كمان اتظلمتي وجربتي ده يبقى ليه تخلي غيرك يحس بيه "
صدمت حوريه من حديثه و نبره صوته التي تحمل من الحزن و الخيبه كثير فهي لاول مره تراه ضعيف وهو أيضا لأول مرة يتحدث عن ذلك امام احد؟ تنهد بقوة و هو يسند جبهته علي جبهتها و هو يقول بهدوء عكس ما بداخله" عشان كده انا بحاول اساعد أسامه على قد ما اقدر يا حوريه هو ما لوش ذنب وبلاش نبقى قاسيين عليه.. عشان خاطري حاولي تعيدي النظر في الموضوع ده بلاش تندمي بعد فوات الاوان، الندم متاخر مش بيفيد يا حورية"
أغمضت عينها بقوة شديدة لا تعلم بالتحديد ما أصابها و لا تعلم ماذا تسمي ما تشعر به الآن ولا تعرف تحدد موقفها لكنها عندما ذكرت نفسها باغتصابها هزت راسها سريعا وهي تقول بصوت مرتعش"والوجع اللي انا حاسه به ليل ونهار مش بيروح يا قاسم حتى لو هو مش السبب زي ما انت قلت برده مش قادره "
**
بداخل القصر في منتصف الليل خرجت حورية من غرفتها وهي تستمع أصوات صراخ الطفل و بكائه الحاد يأتي من غرفة قاسم تحركت بخطوات متثاقلة أمام غرفته مترددة أن تدلف وتراه سبب بكائه لكنها تراجعت للخلف بتوتر شديد وكادت أن ترحل لتفاجئ بـ باب الغرفة يفتح ويخرج قاسم حامل الطفل بين ذراعيه عقد حاجبيه باستغراب عندما راها أمامه ثم سرعان ما ابتسم قائلا " مساء الخير كويس انك صحيتي عشان قاعد ملبوخ بيه جوه ومش عارف اسكته واللي في البيت كلهم نايمين دلوقت "
هزت رأسها بقوة ورفض قائله علي عجالة "قلت لك ما اعرفش اسكته ولا اتعامل معاه من فضلك أبعدة عني انا كنت خارجه عشان انزل اشرب من تحت عشان المياه اللي عندي خلصت عن اذنك"
ليميل قاسم بـ الطفل للامام قليلاً ليصبح أمام وجهها و هو يقول بخفوت يمده نحوها مرددا"
انا مش عاوزك تسكتي يا حوريه انا عايزك تمسكي بس لحد ما احضر الببرونه كده اوكده انتي كمان رايحة المطبخ معايا يلا امسكي"
ولكنه توقف حين استمع اليها تنطق بانفعال وتهز رأسها برفض بسرعه"امسك مين خليك مكانك قلت لك لا قبل كده انا ما ليش علاقه
بي "
نظر لها بأعين يائسة حزينة من تصرفاتها تجاه ثم بدون مقدمات أعطاه لها بحذر مما أضطر حوريه تفتح يدها رغم عنها وتأخذة التقطتة منه بصدمه وهو يقرأ بسم الله عليه وابتعد عنها تارك الطفل تحمله لاول مره منذ ولادته
ليقول بنبرة حادة"يعني دلوقتي اعمل ايه لازم حد يسكته ويشيله لحد ما احضرله الببرونه خمس دقائق مش هتاخر من فضلك يا حوريه امسكيه "
وقفت حوريه متجمدة مصدومة بذهول
كانت تشعر في ذلك الوقت بمشاعر متخبطة بين الخوف والارتباك و عيناها تجوب وجهه الصغير لاول مره تراه كان ينظر إليها بأعين دامعة ليرتعش قلبها من التوتر اول مرة تشعر بشعور كذلك و لم يكن الامر في الحسبان بالنسبة إليها رفعت راسها لـ قاسم لتجدة الذي ابتسم لها بحب وكأنه يخبرها أنها مهما فعلت سوف تصبح والدته و تشعر به كما هو شعر به من قبل عندما حمله بين ذراعيه ثم انتبهت الى نفسها وشهقت بعنف وبتوتر وجسدها يرتعش بضعف عندما أصبح بين ذراعيها" استني قلتلك مش عاوزاه لا لا ابعده "
ابتعدت عنها قاسم ولم يهتم لها بينما هي
انتفضت كالملسوعة و كأنها أفاقت علي نفسها للتو أنه أصبح بين ذراعيها لتنظر إليه و هي تقول بهجوم " قاسم ما تستعبطش ابعده عني قلتلك، انت كده يعني بتحطني قدام الامر الواقع انا ممكن بكل سهوله اسيبهلك في اي حته "
نظر إلي هجومها الغير مناسب لتوترها و ارتباكها أمامه ليضع يده بجيب بنطاله و هو يقول ببرود"انا مش بحطك قدام الامر الواقع ولا بخليكي بالعافيه تتقبلي طالما انتي مش عاوزه براحتك بس انا فعلا محتاجلك ولازم حد يمسكوا مكاني خمس دقائق الدنيا مش هتخرب يعني يا حورية ..انا عارف انك مش عاوزاه من اول ما اتولد بس مكنتش اعرف انك قاسية للدرجه دي يعني أنك تسيبي طفل في سنه لوحده من غير رقابه و ممكن يجرا له حاجه "
صمتت قليلًا ولم تعرف بماذا تجيب عليه لذلك فضلت الصمت وبعد ربع ساعة كانوا بداخل المطبخ يجهز قاسم الببرونه إليه و وضع الماء الباردة فوق عين البوتاجاز اغمضت عيناها بصعوبة بالغة وهي تشعر بـ الطفل يسند رأسه علي كتفها صامت لتقول بتوتر شديد" ممكن تنجز شويه انت مالك بطيء كده ليه"
ليلاحظ هو توترها و ارتجاف جسدها وهي تحمله ليقول ببرود اعصاب "انا كده بطيء انا لسه عملت حاجه ما انا ولعت على الميه اهو تسخن على طول.. وبعدين اسكتي شويه و ما تلخبطنيش عشان ما انساش حاجه "
ثم تقدم منها ليرفع وجهها إليه و قد اصبحت وجنتيها حمراء بشدة ليسأل بهدوء و هو يراها تهرب بعينها بعيداً عن وجهه الصغير قائلاً " وبعدين مالك متوترة و خايفة من اية هو مش هياكلك على فكره"
تراجعت الي الخلف خطوة و هي تضع يدها خلف رأسه و تبتلع ريقها بارتباك واضح هاتفه بضيق شديد"كان ممكن تسخنها على طول بالكادر او تاخذ ميه سخنه من السخان مش حبكت تسخن ميه على البوتاجاز دلوقت "
هز قاسم رأسه بعدم مبالاه وقال ساخرا"بس الميه الصحيه لي الطفل انها تسخن على البوتاجاز افضل ،هو انتي مش قلتي ما تعرفيش في تربيه الاطفال حاجه يبقى بلاش تفتي فيها"
جزت علي أسنانها بغضب مكتوم من بروده
بينما هتف قاسم بصوت هادئه"وبعدين مستعجله علي ايه وراكي حاجه ده حتي حظك حلو اسامه ساكت اهو أول وما شيلتي ومش عمللك ازعاج ..شكله مبسوط في حضنك "
لتنظر إليه بعيونها ببطء شديد لتجد وجهه يشع عاطفه و براءه جارفة مثل ما قال لها قاسم عندما رآه اول مره اقترب منها الصغير وطبع لسانه الصغير بوجهها وبدأ يحركه برفق وقد اغمضت عيناها بقوة وتوجس من حركته التي لا تفهم لماذا يفعل ذلك و عندما تنفست رائحتها العبقة التفت إلي الصغير الذي كان يتمطأ بهدوء ويفتح فمه الصغير وينظر إليها بفضول شديد كأنه يحفظ ملامحها، لتسال نفسها كيف تستطيع الصمود أمام كتله هذه البراءه يا الله لتقول حوريه بضيق شديد مصتنع" قاسم خلص انا ابتديت ازهق وبعدين هو عمال يلحس كده ليه فيا هو كمان .. بسرعه شكله جعان قوي"
كانت بالفعل تكذب فهي مستمتعه بقربه ابتسم قاسم بخفوت وهو يقول بهدوء"لا مش جعان قوي ولا حاجه بس ممكن دي طريقه الترحيب بيكي او بتعرف عليكي ما هو معذور برده اول مره في حياته يحضن والدته "
توترت أكثر من حديثة لتشعر بضعفها لتقول باستخفاف"اه ابتدينا في الاستظراف بقى و هو هيعرف منين ان انا أمه اصلا "
انتهاء اخيرا من طعامه وأقترب يأخذه منها لتشعر بالفراغ وهو يقول بيأس وضيق"من ريحتك الطفل بيحس بكل حاجه يا حوريه حواليا وأول حد بيتعرف عليه هي والدته و بيتعرف عليكي من ريحتك من المده اللي بيكون فيها في بطنك ..انا خلصت هاتي شكرا انك جيتي على نفسك الشويه دول واخذت بالك منه "
**
قد مر شهرين و مازالت حوريه مستمرة في تجاهل الطفل رغم جميع محاولات قاسم المستمره نحوها وهو يحاول بكل ما فيه ان يحنن قلبها عليه لكنها دائما رافضه تقبله في حياتها. ومن ناحيه اخرى كان قاسم هو من يهتم به من كل اللوازم التي يحتاجها حتى بعد أن فكر في البداية ان يجلب له مربيه تراجع عن هذه الفكره خوفه علي اسامه طفله فهو لا يعرف ولا يثق بأن يجلب أحد ليس محل ثقه كافيه وقد تضر الطفل في اي لحظة بالذات أنه دائما اسامه مريض منذ ولادته وكل يوم تقريبا يذهب قاسم به الى المستشفى.. رغم انه الطبيب كان يطمنة ان هذه الامراض ليست خطيرة جدا ودائما تأتي إلي اطفال حديثي الولاده لكنه كان دائما في حاله قلق علية.
وكان كل ذلك بالتاكيد يؤثر على حاله قاسم النفسية وعملة حتي أنه قد بدا يهمل فيه واحيانا اخرى لا يذهب إلى العمل من الأساس ويظل ساهر بجانب اسامه ويحرص على أن يعطيه ادواته في المعاد واهتمامه به حتي نقل فراش الصغير بجانب فراشه في الجناح حتي يطمئن اكثر.
حتي في يوم اقتحمت هاجر غرفة المكتب بقوة و دلفت بخوف شديد وقلق من غضبة! أنتبه قاسم الي من دخل الي مكتبه بهذه الهمجية ليرفع رأسه عن الاوراق ليوبخ الفاعل لكن هتفت هي بسرعه"الحق يا قاسم بيه أسامه حرارته عاليه وتعبان جدا وعمال اعملة كمادات مياه باردة من الصبح بس للاسف الحراره مش بتنزل "
لينهض قاسم علي الفور من مقعده بذعر شديد و أخذ الطفل بسرعه إلي الطبيبة المختصة لتقول له كـ العاده أنه مريض تأفف بضيق و هو يصيح بها"هو كل يومين هاجي المستشفى بي ما تشوفي شغلك كويس وتدي له دواء يخفف من تعبه ده شويه ده مش بينام طول الليل من الألم"
إجابته الطبيبة بعملية" يا فندم ما قلت لحضرتك قبل كده ان ده شيء طبيعي الاطفال في السن ده يجي لهم الامراض دي ومهما عملنا حظرنا هتيجي برده، ما تنساش ان طفل صغير و كميه الادويه الكثيره دي برده صعبه عليه وهو لسه مولوده وبيستوعب الدنيا حواليا "
مسح قاسم وجهه بعنف شديد قائلا بقلق" والمره دي ايه سبب الحراره العاليه "
لتجيب الطبيبة بأسف"عنده حمى وللاسف مضطرين نركب له محاليل ولازم يفضل يومين في المستشفى تحت الرعاية لحد ما الحراره تنزل"
اتسعت عينا قاسم برعب وهو يهتف قائلا بانفعال"نعم هيبات في المستشفى هنا يعني حالته صعبه زي ما انا متوقع الحراره فعلا المره دي عاليه قوي، مش كفايه المره اللي فاتت قلتلي عنده جفاف وفضل طول الليل عمال يستفرغ "
هزت راسها له وهي تقول بقله حيله"ايوه فعلا عنده جفاف ولسه بنعالجه وده بيجيء نتيجه قلة نسبة المياه والأملاح المعدنية بجسمه و ده بيسبب الإصابة بالإسهال أو القي وانا نبهت على حضرتك نتيجه خطوره المرض ده لو زاد في حالة عدم الاهتمام بعلاجه فور اكتشافه"
جز علي أسنانه بغضب مكتوم قائلاً بحزن عليه"وانا ما سكتش وفضلت سهران طول الليله جنبه لما الحمد لله بقى بخير وبطل يستفرغ ..بس المره دي الحراره عاليه وعنده حمي"
هزت الطبيبة كتفها بعدم حيله لتقول"حضرتك ده مش ذنبي دي حاجه متوقعه لاي طفل لسه مولود والمفروض تكون الام حريصه وعارفه الكلام ده و لو مش عارفه تتعلم او تسال عشان تاخذ حظرها قبل ما الاعراض تسوا .. وفين امه اصلا من كل ده ازاي هي ما اخذتش بالها من الحراره اللي عماله تعلى من الصبح "
صمت قليلًا قاسم وأبتسم بمرارة ثم رفع يده يمرر أصابعه علي بشرة الصغير بحزن شديد عليه كيف لطفل صغير مثله ان يتحمل جسمة كله هذة الامراض ليقول بصوت مخنوق "شوفي اللازم و اعملي بسرعه"
ظل قاسم كالعاده جانب الطفل بمفرده حتي أن ظل معه طول اليومين مرافق له في نفس الغرفه حتي تاكد من أن الحراره قد بدات تنخفض واطمئن عليه أخذه ورحل الي القصر.
في القصر نهض جمال بسرعه عندما وجد قاسم يدلف من باب القصر بوجه شاحب مرهق وكان يحمل الطفل بين ذراعيه نائم بهدوء اقتربت منه هاجر بخطوات مترددة تاخذه منه ليقول قاسم بتحذير قائلا" تخلي بالك منه المره دي كويس و وقت ما اكون مش موجود جنبه تقعدي أنتي جنبه وما تتحركيش واياكي ثاني مره تعرفي انه تعبان وما تقوليش على طول "
هزت راسها له بالايجابي بتوتر شديد وكادت أن تتحدث وتبرر موقفها لكن قاطعها قاسم بصوت حاد"مش عاوز اسمع اعذار وده اخر تحذير ليكي "
تنهدت هاجر بحزن وأخذته منه بارتباك وتحركت بخطوات بسيطة نحو غرفه قاسم لتضع الطفل في فراشه وتجلس جانبه في إنتظار قاسم أن يأتي حتي تخرج هي.
نظر جمال متعنًا في قاسم وهو يسأله"كنت فين كل ده يا قاسم شكلك تعبان و مرهق ما اتصلتش ليه تطمني عليك "
اومأ برأسه بتعب وإرهاق ثم اخبره باختصار "اسامه كانت حرارة عالية وكان لازم يفضل في المستشفى يومين اضطريت افضل جنبه ما الهانم أمه ولا في دماغها"
نظر له بتفهم قائلاً بلين"معلش المهم انه بخير الحمد لله اطلع انت ارتاح شويه شكلك تعبان "
جز على أسنانه بغضب شديد ولم يعد يتحمل ذلك ليصيح بانفعال"ارتاح هو انا عارف ارتاح ولا انام من ساعه اللي حصل اسامه كل يوم حالته في النازل وشكله هيفضل على طول مكمل حياته كده، وأمه هي فين قاعده فوق طبعا ولا على بالها حاجه حتى لما بتعرف انه تعبان ولا بتهتم وتسالني عليه ..بس انا مش هفضل ساكت كثير علي اللي بتعمله ده"
حينها تحرك قاسم ينوي الذهاب إليها لـ يلحق به جمال بسرعه قائلا بجدية" قاسم خلاص سيبها الأمور مش هتتحل كده "
ابعد يده عنه بعنفوان ومرارة وهو يقول بصوت عالي" ابعد عني يا جمال انا لازم احط حد لـ الموضوع ده كل مره اقول خلاص اكيد مش هتفضل طول الوقت كارهيه ومتجاهله وجوده و اسيبها براحتها يومين ثلاث عشرة بس ما فيش فايده هي مش عارفه اللي بتعمله ده بياذيه ازاي؟ انا طول الوقت لوحدي معاه وهو محتاج ليها "
**
كانت حوريه في الاعلي بداخل المرحاض تغتسل ولم تستمع الى اي شيء لما يحدث بالاسفل حتي امسكت بـالملابس لـ ترتديها وخرجت وهي تمسك المنشفه وتجفف شعرها المبتل وفي لحظه انفتح الباب بقوه شديدة ودلف قاسم شهقت بقلق ونظرت إليه بدهشة وقبل أن تتحدث و تساءل ماذا يفعل هنا ولماذا دلف بهذه الطريقه، لـ يقف هو معتدلاً وهو يقترب منها بخطوات غاضبه و قد نفذ صبره الي هذا الحد يكفي أنه صامت الي هذا الوقت نظرت إلي حاجبيه المعقودين بحدة و فكه المشدود بعصبية جعلها تبتلع ريقها بصعوبة و إصابها القلق أوصالها بارتباك ماذا قد حصل اوصل لهذه الطريقه اقترب برأسه أكثر منها لتعود هي الي الخلف أكثر لينظر إليها بشرازاً قائلاً "قاعده هنا ولا على بالك حاجه اكيد طبعا سامعه اللي بيحصل تحت ومطنشه زي العاده انا خلاص تعبت منك مش هتفضلي في القرف ده كثير لازم تنتبهي لمصلحتك واللي انتي بتعملي في ابنك "
استغربت بشده هجومه عليها هكذا وما كادت أن تعود إلي الخلف حتي اصطدمت ركبتها من الخلف بالفراش لـ تتألم لكنه تجاهل ذلك و هو يقترب أكثر ناظر إلي لب عينها بقوة و هو يشير برأسه إليها قائلاً "هي كلمه واحده ما فيش غيرها تنزلي معايا دلوقتي حالا وتهتم بي الولد كل يوم حالته في النازل وكل يوم تعبان وكل يوم اجري بي علي المستشفى ..كل يوم في القرف ده لوحدي وانتي ولا على بالك حاجه علشان كده غصب عنك يا حوريه هتقبليه انا سبق واتكلمت معاكي كثير بكل ادب و هدوء وانتي ما فيش فايده يبقي خلينا اجرب مره بقى اغصبك تتقبلي "
اغمضت عينها بيأس شديد من حديثه المستمر حول ذلك الموضوع و ضغطه الشديد عليها والمرهق لـ أعصابها لـ تنهمر دمعة وحيدة قد انزلقت من بين اهدابها و هي تهدر ببرود زائف" انا مش هحبه بالعافيه ولا هتقبله بالطريقه دي ومش هقرب منه مهما حصل هو بالنسبة لي ولا حاجه وانا مش شايفاه اصلا ومش عاوزاه "
هز رأسه بعدم تصديق من جحود قلبها يخشي أن يحدث أي شئ سيئا إلي الطفل لا تعلم انها هي من تؤذيه نظر إليها قاسم بغضب ليجذبها بعنف و هو يصرخ بجنون" انتي مفيش دم ولا احساس بقول لك الولد تعبان ومحتاجلك ده انا لسه راجع بي من المستشفى دلوقتي.. انتي ايه عاوزه يموت مش فارق معاكي خالص "
نظرت إليه بحده و هي تقطع حديثه و لا تريد حتي سماع صوته لـ تسحب يدها من يده رغماً عنه و تضع يدها علي اذنها و هي تصرخ به باكية " أيوة عايزة يموت انا حتي مش طايقاه ولا طايقة صوتة مش بقدر اتحمله ولا عاوزه ابص في وشه ولا احضنة ولا احس بي .. وما بقتش طايقاك انت كمان سيبني في حالي بقي وابعد عني لو فضلت كل شويه تضغط عليا بالطريقه دي هاسيبك واهرب منك ثاني و اروح لـ أهلي اللي باعوني ان شاء الله حتى يقتلوني ما بقتش فارقه "
تطلع فيها هنا بقوة وهتف بعدم استيعاب وحدة "ده ابنك "
نظرت له بأعين يائسة مريرة تقول من بين بكائها" لا مش ابني وقلتلك مش عاوزه انت ما بتفهمش ليه؟ ليه مش بتحس بيا ليه مش صعبانه عليك زي ما هو صعبان عليك انا حياتي اتدمرت بسببه أبوه دمرني ونفسي يموت "
وضع سبابته علي شفتيها لتصمت ثم امسك بيدها ينزلها عن اذنها و هو يصك علي أسنانه بغضب قائلاً بانفعال شديد "اخرسي خالص اياكي تقوليها ثاني مره ما تقوليش عليه كده، انتي ازاي بتتمنى الموت لـ طفل بريء ما لوش ذنب في اي حاجه ولا عملك حاجه وحشه"
نظرت إليه بضعف شديد لـ ترتجف شفتيها و هي تهمس بألم "الطفل إللي أنت هتموت عليه دا و متمسك به ومش عاوزة يموت انا دفعت ثمن حياتة كثير قوي من حياتي انا ضعت واتدمرت بسببه و بسبب ابوه .. ازاي عاوزني احبة واتقبل طفل جي بالطريقه دي، نتيجه اغتصاب "
احتل اللون الاحمر عينه مغلف بغضب شديد لـ يصيح"انتي ازاي بقيتي بالقسوه دي يا حوريه ازاي مش عارفه تفرقي بين الصح والغلط؟. انا مش قادر اصدق وداني من إللي بسمعه منك"
ابتسمت حوريه بمرارة شديد وهي تصيح بهسترية و ببكاء بحرقه وتمتمت بنبرة مقهوره بحسره"قسوه! تصدق معاك حق انا اللي بعد كل ده طلعت ما عنديش قلب ولا رحمه ولا بحس وكمان قاسية.. تعرف انت ايه عن القسوه عشان تتهمني بيها شفت ظلم ايه اكثر من اللي انا شفته في حياتي عشان بكل سهوله تيجي تقول لي أنتي جبتي القسوه دي منين؟ مهما شفت وحسيت و اتظلمت مش هيبقى قد ظلمي يا قاسم! تعرف انت يعني ايه واحده تفضل حياتها كلها تحت رحمه ناس مش بيحبوها ويتمنوا ليها الشر، إللي المفروض اسمهم اهلي، اتغصبت زيي على الجواز من حد مش بتحبه ومضطر تكمل معاه حياتك عشان بس حد طلب منك كده وامرك؟ روحك اتاخذت منك بالعافيه علي ايد واحد عديم الرحمه وحسيت انك جسمك مشلول ومش قادر تدافع عن نفسك؟ دخلت السجن ظلم وشفت بعينيك الذل والاهانه ذيي؟ اتصدمت واتظلمت من اقرب الناس ليك وانت شايف في عيونهم قد ايه انت رخيص وهم شاكين فيك وشايفينك واحد مش محترم وخائن وبعت شرفك؟ ومهما تحاول تدافع عن نفسك من كل ده برده اللي في دماغهم في دماغهم وهفضل في نظارهم واحدة رخيصة بتبيعي نفسها لاي واحد تشوفه في سكتها."
ازداد بكاءها بحدة و شهقاتها تتعالي وهي تهتف بقهر"عرفت ايه هي القسوه اللي أنت بتتكلم عنها بقي؟ وانا ليه مش قادره اتقبله ومش هقبله مهما عملت عشان لما بسمع صوت ولا اشوفه ما فيش غير حاجه واحده بس اللي بتيجي في دماغي وهي أن ازاي أرحب و وابقى مبسوطه زيك كده وانا بحضن ابن اللي اغتصبني ..الفكره لوحدها والشعور يقرف. "
غصة مريرة بقلبه دائما تضغط علي نفسها و علي اعصابة لما هذه دائما لما كل هذا الألم لما يحدث كل هذا معاه صمتت لحظات وصوت بكائها يمزق داخله تنهد تنهيدة طويلة و هو يقول بهدوء منافي لما كان عليه منذ لحظات همس لها"ما انتي بقيتي واحده منهم اهو بتتحولي زيهم وتظلمي زي ما هم ظلموكي، انا مقدر كل اللي انتي بتقوليه واللي انتي فيه بس صدقيني لو فضلتي كده هتندمي بعدين علي معاملتك لي ..بلاش تظلمي يا حورية هو ضحيه زيك"
ابتلعب لعابها الجاف ثم همست بصوت يكاد يكون مسموع" انا تعبت من الكلام معاك و رايحه انام يا ريت تسيبني في حالي "
تحركت حورية بالفعل نحوه الفراش متجاهله اياه بينما ظل واقف قاسم لحظات يتابع حركتها مثيرة الاستفزاز كور قبضتـاه معًا يشعر بالغليان الذي كان فتيله لرؤية امام عيناه اقترب منها قاسم ليمسكها من ذراعيها بعنف وقسوة وهو يستطرد بحدة مُخيفة قاسية كمخالب الشيطان" اتحركي قدامي و شوفي ابنك واطمئني عليه "
لم تنظر له وهي تتابع بحدة " ابعد عني انا ما ليش ولاد عشان اطمئن عليه "
زفر بعنف وهو يتركها لـ تحاول العودة إلي الفراش و الأفلات ليطرق بكلتا يديه على الفراش بقوة افزعتها لترفع رأسها تنظر إليه بقلق و يقبض علي فكها بقوة قائلاً بـتحذير "من غير كلام كثير قلت لك اتحركي معايا، انتي لسه مشوفتيش وشي التاني اياكي و غضبي يا حورية "
همست بتلقائية مغموسة بالألم "اعمل اللي تعمله هو انت هتهددني كل شويه ..اقول لك على حاجه عشان اريحك أحسن انا عايزة ارجع لاهلي و امشي من هنا رجعني لاهلي و سيبني في حالي و انت اشبع بي"
حينها صاح بها بانفعال "مش هتتحركي خطوه بره القصر يا حورية واهلك دول الافضل ليكي انك تنسيهم زي ما هم نسيوكي.. ويلا عشان انا جبت اخري منك يلا معايا عشان ما تشوفيش مني حاجه مش هتعجبك"
وقبل أن تتحدث ليصرخ بوجهها بكل ما يحمله قلبه من غضب و رفع يده الي الاعلي يريد ان يصفعها"حـــوريـــة وبعدين اسمعي الكلام و انزلي قدامي شوفي أسامه"
لكن شهقتها المختلطة بصدمه وبخوف كانت بمثانة افاقته علي نفسه من تلك الحالة التي كان بها لا يري و لا يسمع ليبتعد عنها خطوة الي الخلف بسرعه ينظر عليها و علي ملامح وجهها ليجدها تنظر إلى الأسفل تمنع نفسها بصعوبة أن تبكي من صدمتها به وصدمتة من نفسه أيضا ابتعد عنها بالفعل بعد أن شعر بأنه من الممكن أن يؤلمها لـ يواليها ظهره بحدة وهو يتنفس بقوة بينما هي تحركت و تجاهلته وهي تتوجه للفراش لترفع الغطاء ثم تسطحت ودثرت نفسها أسفله لتنام هز رأسه بسخرية و بيأس منها وتحرك للخارج ليغلق باب الغرفة بقوة شديدة بينما هي ارتفعت شهقاتها لتصبح كالسكين ينغرز بقلبها المسكينة.
**
يقف أسفل الماء البارد التي تنهمر علي جسده تبرد من نيران مستعرة تنهش بقلبه اغمض عينه و هو يحاول الثبات بالهدوء بالتاكيد سوف ياتي يوم وتستسلم حوريه وتهتم الى طفلها أطلق تنهيدة طويلة فيما يفعله معها حاول قاسم بشئت الطرق إقناعها بالتراضي وحاول إقناعها رغم عنها حتي تقتنع بان ذلك الطفل ليس له ذنب ولا علاقة بفعلته معها وهو اغتصابها لكنه في كل مره يفشل في اقناعها وتظل هي مصره على عدم تقبلة بكل قسوة وجحود.
كم تقتله نظراتها نحو طفله من الاحتقار و الاشتمزاز هو يعرف تلك النظر جيد وقد عاني بسببها سنوات بمفرده وحتى الان مزال كل ذكريات الماضي داخله و رفض والده عصام الصريطي إليه! يتذكر هذه اللحظات جيد جدا ولا تذهب عن ذهنة لذلك يريد باسرع ما يمكن ان يحنن قلب حوريه علي الطفل قبل ان يكبر ويشعر بالكره هذا و يعاني مثلا بالضبط.
استند بكلتا يده علي الحائط وهو يفكر اذا كان هذا رد فعلها تجاه طفلها قطعه من وروحها ورفضته لانه جاء نتيجه اغتصاب فماذا سوف تفعل اذا عرفت انه هو المغتصب نفسه وهو من قتل روحها دون ادراك منه، بالتاكيد لم تصدق حديثه وأنه لم بقصد ذلك ويتعذب مثلها واكثر او لم يكون هذا مبرر كافي لتغفر هذا الخطا الشنيع.
أغلق صنبور الماء ثم أمسك بمنشفة يلفها حول خصره و هو يخرج من المرحاض و ذهب الى الخارج و ارتدي ملابسه وبعدها نظر قاسم نحو الصغير ليجده نائم بعمق شديد من كثرة الادويه التي أخذها ثم تحرك بخطوات بسيطة الي الخارج واغلق الباب خلفه بهدوء وهبط باتجاه الجنينه وسط الاشجار والورود ليقف يتنفس بعمق طويل و إرهاق لعله يجد الراحه لـ يسمع صوت من الخلف التفت بهدوء ليجد جمال متقدم منه و ليجلس على المقعد خلفه قائلا" شفتك وانا في الاوضه فوق قلت انزل اشوفك، معلش يا قاسم انا عارف و متاكد ان الوضع صعب عليك بس ما قدامكش حاجه غير انك تصبر عليها"
ليجلس هو على المعقد جانبه متنهدًا بعمق وهو يسأله مستنكرًا "لحد امتى بس يا جمال، تعرف كان معاك حق وهي كمان لما قلتوا لي لازم الطفل ده ينزل وما يجيش الدنيا يا ريتني فعلا كنت سمعت كلامكم أفضل لي من العذاب اللي هو فيه دلوقت "
عض على شفتاه بأسى وهو يخبره"انا لما بسرح بخيالي بعد سبع سنين لو الوضع ده فضل زي ما هو وحوريه مش متقبله هو ساعتها هيبتدي يفهم ويستوعب كرهه لي من معاملتها معاه وهيتعقد لما لاقي امه قدامه ومش عاوزه ومش هيقدر يستحمل اللي انا استحملتة زمان من اهلي، وانا مش عاوزه يحس باللي انا حسيته يا جمال"
تطلع فيه جمال بعطف ليقول بصوت اجش "قاسم خلاص ما تقلقش نفسك وتتعب زياده كل ده ممكن مش يحصل وفي امل كبير ما يحصلش ويطلع خوفك على الفاضي ..عشان احنا لسه عندنا امل ان حوريه في اي وقت تبدا تحن وتحب أبنها وصدقني ده ممكن يحصل قريب أوي.. ايه رايك لو فكرنا نعرضها على دكتور نفساني احنا كان لازم نعمل الخطوه دي من البدايه اصلا هتفرق معاها "
لوي شفتيه باستخفاف وهو يقول بيأس"ومين قال لك ان انا ما فكرتش في كده و عرضت عليها ورفضت قلت لك الموضوع صعب مش سهل زي ما انا كنت فاكر ان كلها كام يوم هتاخذهم وبعدها هتتقبل وجوده "
قبل أن يتحدث جمال معه تفاجأ بـ هاجر تدلف إليهما وهي تحمل اسامه بين ذراعيها والدموع تنهمر أمام عينيها بقلق شديد و خوف أشد "قاسم بيه المره دي انا ما ليش ذنب حضرتك دخلت الاوضه وقلتلي اطلعي بره خلاص مش عاوزك "
نهض جمال بقلق بينما هب قاسم يقف بوجه شاحب متسائلا بحده" بتتكلمي عني ومالك شايله اسامه كده ليه "
ابتلعت ريقها بصعوبة شديدة وهي تهتف بصدق" أنا عديت من قدام اوضه حضرتك بالصدفه ولقيت الباب مفتوح مش عارفه ايه اللي خلاني ادخل قلقت و لما دخلت لقيته نايم على وشه وقاطع النفس حاولت اصحي فيه بس مش راضي ينطق"
اتسعت عينا قاسم بصدمه و انقبض قلبة برعب وهو ياخذ منها الطفل بلهفة شديد ليراه ثم ليصيح بصوت عالي بزهو"جمال بسرعه اتحرك دور العربيه لازم نطلع بيه على المستشفى ده مش بينطق فعلا"
شهقت هاجر تبكي بحزن شديد في حين تحرك جمال بسرعه للخارج بخطوات مذعورة بينما هبطت حورية علي صوت الصراخ لتقول بتوتر شديد"هو في ايه ما لكم واقفين كده ليه حد حصل لي حاجه"
رفع قاسم عينه إليها بحقد وهو صائح بعنف وقسوة"افرحي يا حوريه دعواتك استجابت و اسامه مش راضي ينطق وقاطع النفس ارتحتي انتي كده "
صمتت قليلًا حينها أغمضت عيناها باستكانة غريبة وكأنها تسبح وسط احزانها وهي تقول بصوت مهزوز"مش بينطق ازاي هو انت مش رجعت بيه من بره وقلت انه كويس يبقى ايه اللي حصل له فجاه "
نظر لها بمعني مغزي ألمها تلك النظره وهو يهز رأسه بقلة حيلة مرددة بصوت حزين "مش وقت كلام هاروح بي المستشفى اشوفه ماله ومن عارف هارجع به ثاني ولا لا "
حينها فقط بدأت تهز رأسها نافية وهي تتوسله"استني يا قاسم خذني معاك"
نظر لها بحدة لينطق من بين أسنانه بحزم"لاء خليكي مكانك ما تتحركيش انا اللي مش عاوزك المره دي وبقولهالك ما لكيش دعوه بي فعلا "
تحرك قاسم للخارج يصعد سيارته وقبل أن يسير جمال تفاجأ بـ حوريه تفتح الباب وتصعد في الخلف عقد حاجبيه باستغراب بينما قاسم تجاهلها تماماً وأشار إلى جمال بجفاء أنه يطلع بسرعه.
**
احيانًا يأتيك العذاب دفعه وحده ويصبح الواقع كحلم لم يكن على هواك وتصبح تلك الصدمة عكس تجاه مشوارك.
بعد فترة قصيرة وصلوا إلي المستشفي وعندما جاءت أن تدلف حوريه الي غرفة الكشف معه لتجد قاسم يغلق الباب في وجهها و منعها من الدخول معاه.
صدمت حوريه من فعلته واغضبها بشده حتي حاولت أن تفتح الباب لتجدة اغلقه من الداخل صرخت صرخه مكتومه بغيظ شديد منه لتمر أمام باب الغرفه بفقدان اعصاب لتأخذ الممر ذهابًا وإيابًا ومرة تقف تتلصص خلف الباب لعلها تسمع صوت اسامه ويريح قلبها المنفطر نصفين من الرعب بينما جمال يجلس علي إحدي المقاعد بإهمال يرجع رأسه للخلف ليمر أكثر من نصف ساعة وهي بالخارج بدأت العبرات تفر من مقلتيها عندما تذكرت ما حدث منذ قليل.
كانت بالصدفه تمر أمام غرفه قاسم لتسمع صوت بكاء وصراخ أسامه توقفت لحظات تفكر أن تدلف وتراه لماذا يبكي بهذه الطريقة وحتي فتحت الباب لكنها حسمت أمرها و تراجعت وتحركت ترحل بتردد وتوتر معتقده أن قاسم بالداخل معاه ومشغول في شيئا أو بالمرحاض وسوف يذهب إليه علي الفور، وبعدها بقليل سمعت أصوات صراخ قاسم لتنزل تراه ما يحدث و اتسعت عيناها علي مصراعيها عندما وجدت قاسم يحمل اسامه فاقد الوعي.
شطر قلبها نصفين من حديثه وقلبها ينبض برعب من هيئته وهي تتخيل ان يحدث إليه شيئا سئ بالفعل وسوف تكون هي السبب حينها ليس غيرها وما إن رأت حورية قاسم يخرج حتى اهتاجت اكثر وهي تصرخ "انت باي حاجه ترفض تدخلني اطمن عليه معاك حتى لو مش متقبله في حياتي واتمنيت موته زي ما انت فاكر ان انا دعيت الدعوة دي من قلبي وانا ما كنتش قصدها طلعت مني كده من غير ما اقصد بس اكيد مش هتمنى موت طفل فعلا"
اقترب جمال مهدئ إياها بقوله"خلاص اهدي يا حوريه مش وقته الكلام ده خلينا نطمئن علي اسامه الاول هو فين يا قاسم بقى عامل ايه دلوقت"
تنفس قاسم بصوت مسموع ولم يتحدث بينما ناظر للفراغ رفعت عيناها لملامحه المتألمة وهي تقول بهمس مترددة وببطء شديد لا تريد ان تسمع منه تلك الاجابه المؤلمه التي كانت تصارع حالها قبل قليل حتي لا تسمعها،لتهتف بنبرة متحشرجة "في ايه انت مش بترد ليه "
عقد جمال حاجبيه بقلق شديد قائلا"قاسم في ايه مش بترد ليه اسامه كويس"
ظل قاسم صامت جامد في حين خرجت ممرضه من نفس الغرفه تجر فراش متحرك بداخله طفل صغير في نفس عمر اسامه لتعرف حوريه علي الفور أنه طفلها اندفعت نحوها وهي تقول بحزم"استني هنا انتي كمان أنتي واخذه الطفل ده و رايحه بي فين "
رفعت الممرضة عيناها لها وهي تهتف بنبرة آسف"هو حضرتك والدته الطفل ده البقاء لله يا مدام الطفل تعيش انتي شدي حيلك"
وكأن دلو به ماء بارد سكب علي رأسها في تلك اللحظة شخصت عيناها بقوة وتوقفت دقات قلبها ثواني وعقلها لا يستوعب ما تقوله هذه الممرضة تمتمت بضعف وانكسار وعيناها بدأت تدفع حبات الدموع من عينيها بقوة وهي تهز رأسها لا تريد ان تصدق ذلك الحديث"انتي بتقولي ايه انتي مجنونه لا طبعا اسامه عايش ما ماتش صح يا قاسم ..هاه انت ساكت ليه رد عليا.. اوعي تفكري اللي حصل ده عشان دعيت عليه والله العظيم قلتها من وراء
قلبي "
تطلع جمال في قاسم بصدمه يهز رأسه بعدم تصديق وهي دمعاتها تغزو صفحة وجهها ثم اندفعت نحو قاسم تمسك بيده بتوسل تمتمت من بين بكائها بصوت موجوع "قاسم لااااا هو لازم يعيش عشان يسامحني والله ما كنت اقصد اكره ولا ادعي علية بس انت معاك حق انا اللي موته برده عشان انا سمعت صوتة وهو عمال يعيط بس ما رضيتش ادخل ومشيت وقلت اكيد هتسمع صوت وتطلع لوحدك "
نظر قاسم لها بغضب وشراسة وهو يسمع اعترافها أنها قد سمعت صوت بكائه وكعادتها تجاهلته لكن هذه المرة غيره نظر لها بأعين يائسة حزينة.
لتعرف أنها ستعاني حتى تتخطى هذا الألم وصعب تنال الغفران سقطت فجاه بالارض أمامه علي ركبتها من صعوبه الألم والخزه هذه المرة غير ونزيف روحها يصك ذلك القسم بدماءها الباردة ثم تابـعت فصرخت فيه بانفعال ولأول مرة تتوسل أن تري طفلها وتطمن عليه "ابوس ايدك رجعهلي يا قاسم وانا والله العظيم المره دي هفضل تحت رجلة لو مش هتحرك خطوه واحده واهتمي به واخلي بالي منه وهفضل جنبه على طول زي ما انت كنت عاوز ..بس رجعهلي عشان خاطري بلاش يروح بالطريقة دي ويوجع قلبي اكتر ما هو واجعني آآآآآه يــا أبــنـي انـا اللي قـتلـتـك "
اعترفت أخيرا أن طفلها و أزاحت قناع القسوه عنها وأظهرت خوفها الشديد له لكن يبدو أنه بعد فوات الاوان، سمع قاسم كلمتها وصراخها الذي كان مثل سهم قاسي انطلق ليصيب قلبه الذي يتلاطم بين امواج عشقها وقسوتها الغير مرغوب بهم الآن اطلاقًا في ذلك الوقت.
كانت مازالت حورية بالارض تبكي بقهر وعنف لتجد قاسم صامت بهدوء شديد لـ تعلم أن صراخها ولا حديثها بالتأكيد سوف يرجع ابنها ربما اصبح الآن فقط فقدانه بهذه الطريقة كالسكين ينغرز بقلبها المسكينة فيبدو أن الحظ دائما يختارها هي دون عن الجميع أن يصبح السكين البارد من نصيبها لينغرز بمنتصف قلبها بقسوة شديدة ثم ضربت على صدرها عدة مرات بعنف تعاقب نفسها ثم تمتمت بانهيار عصبي" لااااا آآآآآه أســــامــــه أبــنـي يااااارب سااااامحني "
___________________________________
🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹
ادخلوا بسرعه حملوه وخلوه علي موبيلاتكم من هنا 👇👇👇
وكمان اروع الروايات هنا 👇
انضموا معنا على تليجرام ليصلكم اشعار بالروايات فور نزولها من هنااااااااا
🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺
تعليقات
إرسال تعليق