expr:class='data:blog.languageDirection' expr:data-id='data:blog.blogId'>

رواية البريئه والوحش الفصل السادس والسابع والثامن والتاسع والعاشر بقلم اميره عمار حصريه وجديده

رواية البريئه والوحش الفصل السادس والسابع والثامن والتاسع والعاشر بقلم اميره عمار حصريه وجديده 


رواية البريئه والوحش الفصل السادس والسابع والثامن والتاسع والعاشر بقلم اميره عمار حصريه وجديده

بجناح فارس

يجلس  علي السرير يتصفح هاتفه بجمود واضح علي وجهه،ومن الناحية الأخري تجلس سارة  علي الأريكة تقرأ كتاباََ،كانت تختلس النظر إليه كل ثانية والأخري،تنتظر  منه أي كلمة تُرطب قلبها من مرارة كلماته وقسوته التي أعلمتها أنه لم ولن  ينسي أبداََ ما حدث بالماضي فهي تعلم أن ما فعلته لا يغتفر وأن أحداً غيره  كان سيقتلها بمكانها دون أن يجف له رمشاََ،ولكن كانت مفاجأة بالنسبة لها أن  فارس قرر أن يُضحي ويتز وجها وللحقيقة هو لم يضحي هو مل من ضغط جده عليه  وها هي الآن زوجته وأم لولده،وتحقق المستحيل بقبوله بها زو جة وهذا بالنسبة  لها يكفي ويزيد، فيكفي أنها أم وريث ذلك الأسطور

تعلم أنها لم تحبه ولن تحبه هو بالنسبة لها مصباح علاء الدين،تعيش عيشةََ مرموقة،

شهادة  حق لا يبخل عليها بماله،وفوقاََ علي كل هذا أنها تكون زو جة فارس الهواري  يكفي جداً أن ترضي بأي شئ منه فبالأول والأخر إسمها يلتصق به هو لا أحد  غيرها،بزواجها منه هزمت أغلب نساء هذه الطبقة التي كانوا يضعون أعينهم عليه  ويُهيمون به

رفعت أنظارها مرة أخرى عليه عندما وجدته  ينهض من علي السرير ذاهباََ لباب الجناح لينزل لأسفل، نظرت إلي ساعة يـ دها  وجدتها السابعة مساءً،إبتسمت بسخرية علي إهتمامه بمواعيد الطعام فهو يعطي  الخدم دائماََ مواعيد الوجبات وإن لم يفعلوها بموعدها المحدد يخصم منهم  الكثير من مرتبهم، يمشي حياته كلها بالساعة كل شئِِ لديه له وقته، عجباََ  لها من هذا الإنسان التي لا تستطيع فهمه ولو واحد بالمئة

وضعت الكتاب الموجود بيـ دها والتي لم تقرأ منه سوىٰ سطرين علي المنضدة الموجودة بالغرفة وإتجهت للأسفل هي الأخري لتناول العشاء

❈-❈-❈

في الأسفل بغرفة الطعام

دخل مالك الغرفة جرياََ صوب فارس وهو يقول له بسعادة:

-باابي

حمله فارس من علي الأرض وهو يقول له بحب:

-روح قلب بابي...عملت إيه يا بطل النهاردة

نظر له مالك وهو يهمس بتعب مصطنع:

-أرتاح طيب يا بابي وبعدين أحكيلك..أنا جاي تعبان أوي

ضحك علي مماطلة صغيره في الحديث وقال له وهي يتجه به نحو السفرة مرة أخري ووضعه بالكرسي المجاور له:

-طب أقعد إرتاح يا بطل وكُل كويس عشان تقوي عضلاتك أكتر

قال له مالك متسائلاََ:

-إنتَ عملت عضلاتك دي يا بابا مع كابتن عفيفي برضو

قاطع أحمد فارس قبل أن يتحدث وهو يقول لمالك ضاحكاً:

-لا يا حبيبي أبوك عملهم بنفسه من غير أي تدخلات خارجية

ذهل مالك من قُدرة أبيه فعضلاته تفوق عضلات كابتن عفيفي فقال لأبيه بإهتمام ظاهر بعينيه:

-بابي إعملي زيهم عشان خاطري....انا عاوز أبقي زيك بالظبط

إبتسم له فارس بحب وهو يردد:

-أهم حاجة يا بطل هي الأكل وإنك تسمع كلام كابتن عفيفي عشان تأخد البطولة وبعد ما تكبر شوية أنا بنفسي اللي هضَربك....إتفقنا؟

هز مالك له رأسه بالإيجاب وهو يردد خلفه:

-إتفاقنا يا بابي

ثم أخذ المعلقة من علي السفرة وبدأ في تناول طعامه تنفيذاً لأوامر أبيه

رفع فارس أنظاره من علي الطبق الموضوع أمامه وهو يصوبها نحو أحمد قائلاََ بجدية:

-من بكرة تروح الشركة يا أحمد تتابع مع مهاب الأمور...ياريت تكون قد المسؤلية دي وياريت أرجع ألاقي كل حاجة زي ما سايبها

هز أحمد له رأسه وقال بثقة:

-متقلقش يا وحش هترجع تلاقي كل حاجة تمام

ثم غير طريقة كلامه لأخري عابثة:

-إنبسط إنت بس ومتشغلش بالك بحاجة

رمقه فارس بنظره حادة وهو يهز رأسه بيأس من أفكار أخيه اللعينة،..... ولما لعينة!! هو بالفعل ينتوي أن ينسي نفسه بتلك السفرية

،سيترك لقلبه زمام الأمور لأول مرة ليري إلي أين ستصل الأمور مع ماسته الرقيقة

لا  يري أنه شئ كارثي إذا أحب أحدهم، هو لا يُعيبه شئ وإذا أراد الزو اج فليتز  وج فهو قادر علي فتح مئة بيت وليس أربعة فقط،وهذا هو تفكيره الذي إقتنع به  إقتناعاََ تاماََ فها هو قراره النهائي أنه سيترك نفسه للحياة والحُب ليري  ماذا سيفعل به درب الهوىٰ

يُريدها يُريد أن يشعر بها  وأنها أصبحت ملكاََ له يريدها ملكية خاصة لفارس الهواري ولأول مرة يريد شئ  في هذه الدنيا بهذه الطريقة وهو رجل دئوب محارب لا يقبل الخسارة أبداً وإذا  قال بأنه يُريد فينتهي الأمر وهو فعالٌ لما يُريد فيا هلا بنغم المحمدي  بعِش فارس الهواري.

قام من علي السفرة بعد إنتهائه من طعامه وهو ينادي على أحد العمال بالقصر

ثواني وكان رجلاً قوي البنيان يقف أمامه ينتظر أوامر سيده

أمره فارس بجدية قائلاََ:

-إطلع هاتلي شنطتي من فوق هتلاقيها قدام باب الجناح

أردف الرجل قائلاََ قبل مغادرته:

-أمرك يا فندم

نهض أحمد هو الأخري وهو يتسائل:

-إنتَ هتمشي دلوقتي يا فارس

رد عليه فارس هاتفاََ بهدوء:

-أه يا حبيبي...خلي بالك من البيت يا أحمد والشركة إنتَ هنا مكاني

إتجه نحوه وهو يرتمي بأحضانه قائلاََ له:

-متقلقش يا فارس كل حاجة هتكون زي ما إنتَ عاوز

ربط علي ظهر أخيه وهو يقول له:

-وأنا واثق فيك يا حبيبي

ثم نظر لمالك وهو يفتح له أحضانه هو الأخر

نهض سريعاََ من علي كرسيه متوجهاً لحضن أبيه وهو يقول له بحزن:

-هتوحشني أوي يا بابي

ضمه لصد ره  هاتفاََ بإبتسامة:

-وإنتَ يا روح بابي هتوحشني أكتر

قامت  سارة من علي كرسيها بغضب وصعدت للغرفتها دون أن توجه لهم أي حديث،فهي تعلم  أن فارس سيذهب دون أن يوجه لها كلمه فقامت منعاََ لإحراجها وهي تسبه بسرها  بأبشع الألفاظ

أما هو نظر لطيفها بسخرية وهو يردد جملة واحدة وهي "أراحت وإستريحت"

❈-❈-❈

قاد  فارس سيارته بعد أن وضع شنطة سفره بالخلف متوجهاً إلي منزله التي تقطن به  نغم الآن نصف ساعة وكان يركن سيارته أمام المبني،رد التحية التي ألقاها  عليه الحارس الموجود أمام المبني وصعد بالاسانسير إلي الطابق المحدد،ثواني  وكان يقف أمام باب الشقة يرن الجرس

عند نغم كانت تقفل شُنطها وترتدي حذائها

وعقب إنتهائها سمعت صوت رنين الجرس

إتجهت  نحو الباب لتفتحه فبالطبع فارس من بالخارج فلا أحد غيره سيأتي لها،أدارت  المقبض ليفتح الباب وبالفعل كان فارس يقف أمامها، شامخاً..صلباً... واثقاً  بنفسه تُحيطه هالة من الغموض والإثارة

قالت له وهي تفسح له المجال بالدخول:

-ثواني هجيب الشُنط من الأوضة وأجي

حرك  رأسه لها بالموافقة وتقدم نحو الداخل وهو يغلق الباب خلفه،يتدغدغ قلبه  عندما يراها ترتدي الملابس التي جلبها لها لا يعلم سر هذا الإحساس ولكن  حقاََ يشعر بأحاسيس مختلفة وغريبة

يُحب فكرة أن يكون مشاركاََ لها بأدق تفاصيلها

لأول مره ينتابه هذا الشعور المتملك تجاه شخص ما فاق من أفكاره علي صوت صيحات نغم المتعبة وهي تضع الحقائب بالصالة

جحظت عينه بإستنكار وهو يري أمامه خمس شُنط للسفر!!...فلو ذاهبين للإستقرار هناك لم تأخذ معها كل هذا الكم من الأغراض!!!

هتف لها مستنكراََ مما يراه:

-إيه ده يا نغم!!

قالت له بصوت متعب من حمل الحقائب:

-دي هدومي  وشوية حاجات كده لزوم السفر

رد عليها بصوت خرج حاداََ دون إرادة منه:

-هي رحلة يا نغم!!،إحنا رايحين شغل

توترت من صوته الحاد وزاغت ببصرها يمين ويسار وهي تُردف بتساؤل ساذج:

-يعني هنبقي في مرسي مطروح ومنزلش البحر وأتفسح

وضع فارس يـ ده علي جبينه بصدمة من حديثها وهو يهتف بصوت جهوري:

-بحر إيه وزفت إيه بقولك راحين شغل أسبوع ونرجع

تذمرت وهي تقول بحسرة بصوت منخفض:

-يا حسرتك يا نغم أول مرة تسافري فيها وتشوفي البحر تتحرمي منه،دايماََ كده وش فقر

جاء فارس ليرد عليها بحدة وغضب ولكن خانته ضحكته التي صدعت بالشقة بأكملها علي طريقة كلامها وعلي الموقف أجمع

خجلت من إستماعه لحديثها التي كانت توجهه لنفسها ونظرت للأسفل بإحراج

نظر لها بطرف عينه وهو يقول لها :

-هاتي شنطة واحدة يا نغم من الشنط دي واللي تحتاجيه من هناك هشتر.....

ثم تذكر شئ قبل أن يكمل حديثه فتسائل

بإستغراب:

-إنتِ جبتي الهدوم دي كلها منين مفتكرش إني جبتلك كل ده!!

جاوبت علي تساؤله بكل وضوح وصراحة تمنت لو لم تُردف حديثها بهم:

-ما أنا من إسبوع كده روحت الحارة وجبت هدومي كلها...قولت خسارة أسييهم هناك

ردد خلفها قائلاً بإستنكار حاد:

-بتقولي رُحتي فين!!!

زاغت عيناها في أنحاء الصالة وهي تقول بتوتر خوفاََ من ملامح وجهه التي إنطفأ بريقها :

-أصل مكنش ينفعش أسيب هدومي هناك وكان في حاجات كتير كنت محتاجاها

هتف فارس صائحاََ بها بغضب شديد وهو يضرب بقبضته علي الحائط المجاور له:

-وإنتِ إزاي تروحي من غير متقوليلي...إفرضي كان الزفت اللي إسمه أيمن ده عملك حاجة؟

دق قلبها بهلع من غضبه الواضح علي وجهه

وهي  تحاول إنتقاء الكلمات المناسبة لتهدئته ولكن وكأنها نست طريقة الكلام  فصوتها لم يسعفها للحديث فبقيت صامته وهي تمنع عيناها من البكاء

وجه  لها نظراته الحادة وهو يُخبرها بتساؤل مترقب يخشي أن يكون أحد أذاها بكلمة  أو بفعل،ينتظر فقط أن تُخبره أن أحد رمش لها فقط ووقتها ورب هذا العرش  سيحرق الحارة بمن بها :

-حد كلمك أو إتعرضلك هناك؟

هزت رأسها بالنفي عدة مرات وهي تقول بصوت مهزوز مزعور:

-لاء والله....محدش شافني أصلاً غير جارتي لأني روحت الضهر والمعظم بيبقي في شغله

ثم أكملت بنبرة أكثر ثقة إستردتها بحديثها:

-وبعدين إيه يعني أما أروح.. هو أنا لازم أستاذنك؟

أطلقت  عيناه شرارت من أخر كلماتها بعد أن كانت راقت من الغضب عقب كلامها أن لا  أحد تعرض لها،لمح نبرة السخرية بحديثها،تُريد أن توصل له بطريقة غير مباشرة  أن لا شأن له بذهابها إلي أي مكان

أغمض جفنيه لبرهة  يحاول كتم غيظه وغضبه منها ومن حديثها،يحاول أن لا يرهبها منه فهو يريد أن  يبدأ معها هكذا فلن تتحمل عصبيته أو غضبه بدون أي مبرر فسكت وكتم غيظه

أردف لها وهو يتقدم ناحية الشنط بصوت خرج بارداً لا يحمل اي معالم:

-إختاريلك شنطة عشان أنزلها

ردت عليه قائلة برجاء وتوسل يملئ عيناها:

-ممكن أخد شنطتين ؟

والله  لو قالت له بهذه النبرة أن يجلب لها نجمة من السماء لفعلها،يحن قلبه لها  من مجرد نظرة من عيناها،يسقط صريعاً أمام تعابير وجهها ورقتها

أخذ شهيقاََ يخفف به من مشاعره التي إشتعلت وهو يهز رأسه لها للأمام

أشارت بيـ دها علي إثنتين وهي تقول له:

-هاخد دول

حمل الشنطتين الواقع عليهم الإختيار بهدوء وهو يقول لها:

-شوفي نقصك إيه هستناكي في العربية متتأخريش

أنهي حديثه وإتجه نحو الباب ولكن كانت تسبقه نغم سريعاً حتي تفتح الباب له لعدم تمكنه فهو يحمل في كل يـ دِِ حقيبة

ذهبت هي إلي الداخل مرة أُخري بعد نزوله لتجلب شنطة يـ دها وهاتفها من غرفتها

وجاءت  لتخرج من الغرفة...وجدت نفسها تذهب أمام المرآة تري مظهرها،مدت يـ دها  تلتقط زينة الشـ ـفاه الموجودة علي طاولة الزينة،وبدأت بوضعة بدقة علي شـ  ـفتيها

لا تعلم لما تضعه الآن تحديداً وما دفعها لفعل ذلك ولكن كل ما تعلمه أنها أرادت أن تظهر أمامه جميلة

وبعد أقل من عشر دقائق كانت تغلق باب المنزل خلفها متجهه إلي المصعد

❈-❈-❈

فتح لها باب السيارة المجاور لمقعده عندما رأها تتقدم نحو السيارة

جلست علي المقعد وأغلقت باب السيارة بهدوء دون حديث وهي تنظر للأمام

نظر لها بجانب عينيه موجهاً نظره لشـ ـفتيها

يهتم  بأدق تفصيلها لدرجة أنه لاحظ اللون التي وضعته علي شـ ـفتيها بعد  نزوله،يتذكر جيداً أنها كانت لم تضعه منذ دقائق،وجه نظره للأمام مرة أخري  وهو يرثي نفسه فحقاََ دخول نغم لحياته ليس إلا عقاب علي شئ لم يعلم ماهيته

قاد السيارة وإنطلق سريعاً علي الطريق في صمت قطعته هي بسؤالها:

-هو الطريق بياخد كام ساعة

رد عليها بهدوء وهو مازال موجهاً نظره للطريق:

-أربع ساعات

صمتت  ولم ترد عليه عندما شعرت بعدم رغبته بالكلام،فرده عليها يعتبر بالقطارة  فهي بماذا ستفعل بعدد ساعات الطريق...هي أردات فتح حوار للحديث فقط لا غير  ولكنه لم يساعدها بذلك.

سندت رأسها علي الزجاج وهي تنظر للخارج

بعد ساعة تقريباً وهي علي هذه الوضعية نظرت خلفها وهي تستشعر وجود ثلاث سيارات خلفهم منذ خروجهم من العمارة

وجهت أنظارها له وهي تُخبره بنبرة تحمل الزعر والإستغراب:

-في أربع عربيات مشيين ورانا من أول مخرجنا من العمارة

خرج من شروده بالطريق علي صوتها المزعور،فوجه نظره للمرآة وجد أربع سيارات بالفعل،ولكن لمن السيارتين الأُخرتين!!

فهو معه سيارتين فقط!!

أخرج هاتفه من جيب بنطاله وعينه لم تتزحزح من علي المرآة، أنزل بصره سريعاً ليطلب رقم أحد حُراسه وجاءه الرد بثواني معدودة :

-أوامر حضرتك يا فندم

نظر للمرآة مرة أخري وهو يُردف بتساؤل:

-في عربيتين ورانا بتوع مين دول

رد عليه الحارس بشك قائلاََ:

-حاسس إنه كمين لحضرتك يا فندم،إحنا من وقت ما خرجنا بنحاول نتوهم

قبض علي الهاتف بشدة وهو يصيح بالحارس بصوت جهوري:

-وإنتَ مقولتليش ليه يا غبي من وقتها...مستنيهم يخلصوا عليا!!

رد الحارس سريعاً خوفاً من غضب سيده:

-مرضناش نقلق سعادتك يا فندم وقولنا إحنا هنتصرف

هتف فارس صائحاََ :

-أغبية مشغل معايا شوية أغبية

ثم أردف قبل غلقه للهاتف:

-أنا هزود السرعة وإنتوا حاولوا تبعدوهم

رمي الهاتف أمامه علي تابلو السيارة وهو ينظر لنغم المزعورة علي الكرسي جواره وهي تحاول فهم ما يُجري من كلماته التي ألقاها للحارس

أردف لها بصوت هادئ مطمئن:

-إهدي مفيش حاجة، أنا هزود سرعة العربية شوية فعاوزك تربطي الحزام

هزت  رأسها له بخضوع وحاولت ربط الحزام بأيـ دي مرتعشة ولكنها لم تفلح فأعصابها  فلتت منها عند سماعها لكلمته التي كانت موجهة لحارسه"مستنيهم يخلصوا  عليا؟"

نظر للطريق أمامه وجده فارغ فترك محرك السيارة  ومال تجاهها يسحب الحزام عليها ثم أغلقه بسرعة،وعاد لمكانه سريعاً مزوداً  سرعة السيارة لأقصي درجة في محاولة منه للفرار منهم،

وبعد  ساعة من محاولة الإفلات منهم لم تفلح محاولاته،لا يُريد أن يُصيبها مكروه  حقاََ لا يتحمل،لا يخاف علي نفسه فهو تعود علي تلك المطاردات وأصبحت جزءََ  لا يتجزأ من من حياته أما الآن فهي جواره يهتز جسدها من الخوف يشعر بدقات  قلبها السريعة يسمع صوت أنفاسها المهدورة،سقط قلبه بأرجله عندما نظر  بالمرآه ووجد سيارة من الإثنين تعدوا سيارات الحراسة الخاصة به وأصبحت خلفه  مباشرةََ،زاد سرعته أكثر وهو يضغط علي فرامل السيارة ويدعي ربه بسره أن لا  يُصيبها مكروه،سمع صوت الطلقات النارية المصوبة نحو سيارتها

نظر لنغم بخو ف يستوطن عيناه عليها وقال بأمر حاد:

-إنزلي تحت مترفعيش راسك مهما حصل

نزلت الدموع المحبوسة بعيناها علي وجهها وكأن حديثه سمح لها بالخروج

فتحت مقبض الحزام بيـ د مرتعشة ونزلت

بجــ  ــسدها للأسفل كما أمرها بزعر وهي تردد بسرها ما تحفظه من كتاب اللّه حتي  يطمئن قلبها،فهي تشعر وكأن نهايتها إقتربت حتماً لأول مرة بحياتها تتعرض  لضغط هكذا فالموقف في المُجمل غريب عليها،كانت دائماً تعيش حياة هادئة  وأمنه لا تسمع عن تلك المطاردات إلا في شاشات التليفزيون

-إهدي يا نغم صدقيني مش هسمح لأي حاجة تحصلك...ثقي فيا

خرجت هذه الكلمات من فمه وهو ينظر لمكان جلوسها بالأسفل مطمئناََ لها

هزت  رأسها للأمام عدة مرات علامة علي ثقتها به،ولكن كلما سمعت صوت طلقات  النيران يهتز جسدها برعب وكأن الرصا صة تخترقه هو وليس بالهواء

نظر  فارس للمرآه حتي يري الوضع وجد سيارات حراسته بعدت عن مركز رؤيته هي  والسيارة الأخري،أما السيارة الرابعة فأصبح بينها وبين سيارته عدة إنشات

أعاد  نظره للطريق وهو يمشي بسرعة خيالية وأعانه علي ذلك الطريق الخالي أمامه من  المارة،أخذ هاتفه مرة أخري وهو يرن علي حارسه رد عليه الحارس بعد ثواني

رد فارس بتساؤل :

-إنتوا فين؟

رد عليه الحارس بهدوء:

-إحنا بقينا وراك يا فندم....قضينا علي عربية وفاضل اللي ورا حضرتك

قال له فارس بأمر:

-سيبكوا من العربية إسبقونا وأقف في الأرض الفاضية اللي قدامك دي

هتف الحارس بتردد:

-إزاي يا فندم كده محدش هيبقي في ضهرك

رد عليه بغضب وأعصاب مشدودة:

-إسمع اللي بقولك عليه،العربيتين يقفوا في الأرض دي واحدة منهم هتأخد اللي معايا توصلها الفندق والتانية تخليها معايا

-أوامر حضرتك يا فندم

وبالفعل دقائق معدودة وكانت السيارتين الخاصتين لفارس يقفوا بالأرض الخالية

هدأ فارس سرعة سيارته متجهاً صوب الأرض

وهو يُخبر نغم بهدوء:

-هنزلك دلوقتي يا نغم،الحرس بتوعي هيودوكي الفندق لحد ما أجيلك

رفضت نغم حديثه وهي تُردف بصوت متقطع أثر البكاء:

-لاء مش هروح في حتة أنا هخليني معاك

تسارعت دقات قلبه من جملتها التي خرحت بتلقائية شديدة منها ولكن كان لها أثر كبير علي قلبه فنظر لها بحنان وهو يُردف:

-طول ما إنتِ معايا هيبقي في خطر عليكي،

وأنا مش هعرف أتصرف طول ما إنتِ معايا

تشعر بالخوف دقات قلبها متسارعة،لا تخاف علي نفسها فقط تخاف عليه أيضاً،تشعر وكأن قلبها يتقطع أشلاءََ،نظرت له بتصميم وهي تقول بعند:

-أنا مش هروح في حتة غير وإنتَ معايا

لم  يرد علي جملتها الأخيرة،فبما يرد؟ الموقف لا يسمح لا يسمح لهذه المشاعر  التي هاجت بقلبه تجاهها أوقف السيارة ونزل منها سريعاً قبل وصول السيارة  الأخري وإتجه صوب باب نغم وفتحه علي الفور

مد يـ ده لنغم وهو يهتف بصوت رجولي خشن:

-ٱنزلي يا نغم بسرعة

وضعت كفها بيـ ده الممدودة تجاهها وهي تخرج من السيارة بزعر

أخذها وهي يتجه بها إلي إحدي سيارات حراسته وأدخلها بالمقعد الخلفي وهو يقول لها بجدية:

-خلي بالك من نفسك،ومتقلقيش هما مش هيسبوكي غير وإنتِ في أوضتك في الفندق

خرجت كلمة وحيدة من شـ ـفتيها وهي تقول بصوت مهزوز:

-وإنتَ ؟

إبتسم لها بهدوء وهو يقول لها بطمأنينة:

-نص ساعة بالظبط وهتلاقيني وراكي

ثم أشار للسائق بأن يذهب بالسيارة بسرعة عندما ظهرت السيارة المطاردة له بالأرض

❈-❈-❈

هاتف  أحمد زين سريعاً فور إنتهاء حديثه مع الحارس الخاص بفارس الذي أخبره بأن  حياة أخيه بخطر الآن ولا يملك سوى سيارة حُراس واحدة،أرسل له موقع المكان  الموجودين به طالباََ منه دعم

جاءه صوت زين القلق وهو ينظر بساعة يـ ده فالوقت متأخر جداً علي هذا الإتصال:

-في إيه يا أحمد خير

رد عليه أحمد سريعاً بصوت يحمل كل معالم الخوف والزعر :

-إلحقني يا زين فارس في خطر ومش معاه غير عربية واحدة وعاوز دعم وأنا مش عارف أعمل إيه

إنتفض  من مكانه عقب إنتهاء حديثه،وهو يحاول إستيعاب ما سمعه من أحمد،توقف النبض  بقلبه وسحبت دماء وجهه،صديقه لا يطلب الدعم إلا إذا كان الموضوع خطير

إتجه إلي خزانته يرتدي ما قابله وهو يقول لأحمد:

-فهمني إيه اللي حصل

-أنا مش عارف حاجة الحارس اللي معاه رن عليا بيطلب مني دعم وبعتلي الموقع اللي هما فيه

خرجت هذه الكلمات من فم أحمد بخوف نابع من قلبه تجاه أخيه الوحيد

-إبعتلي الموقع بسرعة

قالها زين سريعاً وهو يغلق الهاتف ينتظر الرسالة

وبالفعل أتت له بعد ثواني من غلقه للهاتف

نظر للموقع جيداً يحاول تذكر أي شركات أمن قريبة من هذا المكان،حتي سعفه عقله وهو يبحث بهاتفه علي رقم تلك الشركة

❈-❈-❈

بذلك الموقع نجد فارس يقف مكانه بالمنتصف ويلتف حوله لحمايته أربع حراس يحملون أسلحة نارية بأيديهم

وعلي الجهة الأخري نجد أكثر من ١٠ ملثمين يوجهون أسلحتهم نحوهم

لم  يهمه كل هذا وأن حياته علي المُحك،يحمد ربه فقط علي إخراجه لنغم من تلك  المصيية سالمة،يعلم أنهم لم يقتلوه هو إعتاد علي تلك الأشياء ستخرج رصاصة  من مسدس أحدهم تصيب ما تُصيب بجــ ــسده  وبعدها بعدت ساعات

سيُبعث  له رسالة تهديد ممن فعل تلك المطاردة ويُخبره أنه إن لم يترك الصفقة  الأخيرة تكون بموته المرة القادمة...للحق يريد أن يخرج منها سريعاً حتي  يذهب لنغم كما وعدها دون تأخير

لا يُريد أن يُخلف بوعده الذي قطعه لها

يشعر  بزعرها الآن،كان يتألم من دموعها التي نزلت كالشلالات علي صفائح وجهها،لا  يزال قلبه ينكوي علي خوفها،أراد وبشدة أخذها بأحضانه يهدئ من هلعها،لأول  مرة شعر بالعجز

العجز عن فعل أي شئ،ولكن كيف كان سيطمأنها وهو كان يريد من يطمئنه عليها

بدأوا الفريقين بإطلاق النيران وبالطبع كان المسيطر علي الوضع الفريق الأخر

ثواني  معدودة وكانت العديد من السيارات تنزل الأرض بسرعة قصوىٰ تترك خلفها تراب  يعمي الأبصار،نزلوا سريعاً من السيارات وهم يصوبون الطلقات علي الملثمين  وإتجه البعض منهم لفارس حتي يخرجوه من تلك المعركة

ولكن قبل وصولهم له كانت إحدي الرصاصات

تخترق جــ ــسده

❈-❈-❈

ها قد مرت النصف ساعة ولم يأتي!!،ومرت نصف ساعة أخري ولم تسمع عنه أي خبر

ينشق  قلبها نصفين من الألم عليه تشعر وكأن روحها سُحبت منها منذ تركها له بذلك  المكان الفارغ من المارة تماماً،خفقات قلبها تُؤلمها، أنفاسها المهدورة  تكويها

منذ أن إستمعت لحديث إحدي الحُراس الموجودين  معها علي خطورة موقف فارس وأنه من الصعب أن ينجو سليم دموعها لم تجف من  وقتها تدعو الله بأن يُنجيه من تلك المُصيبة

وقف السيارة أمام الفندق المراد بمرسي مطروح

نزل أحد الحراس يفتح لها الباب سريعاً وعينيه متوجهة إلي الأسفل إحتراماََ لها

خرجت نغم من السيارة وهي توجهه حديثها له قائلة بصوت حزين:

-مفيش أخبار عن مستر فارس؟

رد عليها قائلاً بجدية ومازال ينظر للأسفل:

-مفيش جديد،بس إحنا طلبنا من أحمد بيه دعم وأكيد وصلهم دلوقتي

هزت  رأسها له بشرود وهي تتجه صوب الفندق حتي تستعلم عن غرفتها،فأرجلها لم تعد  تستطيع حملها تريد النوم حتي تتهرب من تفكيرها المعلق بفارس وما  سيبصيبه،ندمت أشد الندم أنها أنصتت إلي حديثه وذهبت مع حراسه فلو كانت معه  الآن لكان إرتاح قلبها من الوجع الذي ينهش به الآن علي الأقل سيكون أمامها،  لو إرتعدت من الخوف أرحم مئة مرة من هذا الألم الذي ينهش بجسدها،فعقلها به  دوامة كبيرة تدور وتعود حول نفس النقطة "ماذا يحدث الآن مع فارس؟"

توجهت نحو موظفة الإستقبال بخطي رتيبة شاردة

رفعت الموظفة بصرها نحوها وهي تقول لها بإبتسامة متجملة:

-أقدر أفيدك بإيه

ردت عليها نغم بهدوء متعب من كثرة البكاء:

- في غرفة محجوزة بإسم نغم المحمدي هنا...مستر فارس الهواري اللي حاجزها

-ثواني يا فندم هراجع الكُشوفات

أردفت هذه الكلمات موظفة الإستقبال ثم نظرت إلي الكمبيوتر الموجود أمامها تسجل عليه الإسم

بعد دقيقة ردت عليها الموظفة وهي تقول لها بإبتسامة هادئة:

-تمام يا فندم الحجز مظبوط ،وفارس بيه دافع مُقدم فلو سمحتي عاوزة البطاقة أخد منها شوية معلومات روتينة

أغلقت عيناها لبرهة وهي تتذكر أنها لم تُجلب شنطة يدها من سيارة فارس،ردت عليها نغم بتساؤل:

-البطاقة مش معايا بس حافظة الرقم القومي ينفع؟

-هو مينفعش بس عشان حضرتك تبع فارس بيه الهواري همشيلك الدنيا

ثم فتحت إحدي الأدراج وهي تُخرج منه بطاقة فتح الغرفة المحجوزة لنغم

❈-❈-❈

يسير  كالطور الهائج بالمستشفى وهو يبحث عن غرفة صديقه الذي نقلوه إليها بعد أن  أصيب بالطلقة ،لا يعلم كيف أتي لهنا بسيارته بعد ان أخبره أحد أفراد الأمن  الذي أرسلهم إليه بإصابة فارس بطلقة في

جــ ــسده ،تفادي أكثر من ثلاث حوادث أثناء مجيئه بالسيارة،مجرد أن نطق فرد الأمن هذه الجملة شعر وكأن الرصاصة تلك إخترقت قلبه هو

وجد أخيراً الغرفة التي أشارت له موظفة الإستقبال عليها

دفع الباب بعنف شديد وهو يدخل الغرفة باحث في أرجائها عن صديقه،وجده نائماََ علي سرير صغير والشاش يغطي جزعه الأيمن

أما فارس فخرج من شروده عقب فتح الباب بتلك الطريقة الهمجية وهو ينظر لصديقه الذي لا يعترف بشئ إسمه الطرق علي الباب

إتجه نحوه سريعاً وهو يقول له بزعر:

-إيه اللي حصلك إنتَ كويس

هز فارس رأسه له وهو يقول بطمأنينة تهدأ من هلع زين الواضح :

-مفيش حاجة،طلقة بسيطة في دراعي وخرجوها خلاص

عادت الدماء تجري بجسده مرة أخري عندما طمئنه صديقه ولحظات وكان يُلقي نفسه بأحضانه قائلة:

-الحمد لله إنك بخير

إنتفض فارس من علي السرير بألم وهو يصيح به:

-كتفي يا بن ال....

ضحك زين علي منظره وهو يضغط أكثر مكان الجرح:

-معلش يا أبو الفوارس إستحمل،متبقاش نَيتي كده

دفع فارس كف يـ ده من علي مكان إصابته وهو يقول له بغضب:

-أنا هوريك النَيتي ده يبقي مين يا روح أمك لما أقوم

رد عليه زين سريعاً بخوف مصطنع وهو يراه يعتدل له :

-من غير ما تقوم يا وحش أنا النَيتي طبعاً

إبتسم فارس علي تعابير وجهه ثم قال له بأمر:

-روح شوفلي الدكتور يكتبلي خروج عشان ألحق أرتاح قبل الإفتتاح

جعد زين حاجبيه وهو يقول له متذكراََ بتساؤل:

-أمال فين نغم صحيح،مش كانت هتسافر معاك؟

-بَعتها بالعربية التانية الفندق،خُفت يحصلها حاجة

رد عليه بإستنكار لما فعله وهو يصيح به:

-إنتَ غبي!!،ليه مخلتهاش في العربية علي الأقل الحُراس اللي موجودين في العربية  كانوا هينفعوك بدل ما إنت إدشملت كده

نظر فارس للفراغ وهو يقول له بتيه:

-مقدرتش أشوفها خايفة يا زين،عياطها وجعلي قلبي مفكرتش في حاجة غير إني أخرجها من المكان

رفع له زين إحدي حاجبيه وهو يقول له بخوف مما شعر به من حديث فارس:

-هو فيه إيه يا فارس؟

-معرفش،معرفش حاجة غير إني عاوزها عاوزها لدرجة معوزتش بيها حاجة قبل كده....عاوزها تبقي معايا يا زين وبتاعتي

أنهي كلامه وهو ينظر لزين بتوسل بعينيه أن يرشده لأي شئ يساعده حتي يتخلص من حالته تلك

هز زين رأسه بعدم تصديق لما يقوله صديقه وهو يقول له بتعجب:

-فارس إنت عارف إنتَ بتقول إيه؟

حرك رأسه للأمام دليل علي جدية ما يقوله وهو ينظر مرة أخري للاشئ

نظر له زين بتعاطف قائلا بتساؤل وهو يرى صديقه لأول مرة بهذه الحالة الهشة ولكن بماذا يُفيده:

- هتعمل إيه يا فارس؟

حرك شـ ـفتيه دليل علي عدم معرفته

نظر زين حول نفسه بتعجب وهو يقول:

-طب إيه اللي وصل الموضوع لكدة

قص عليه فارس ما حدث أثناء غيابه بتلك الأسبوعين وأخبره بشأن سكنها بشقته

ومتي بدأت مشاعره تتحرك لها

وقف زين يستمع إليه بتعجب وإستغراب من المواقف التي يحكيها صديقه وعند إنتهائه أردف بتساؤل مترقب:

-إنتَ بتحبها بجد يا فارس ولا مجرد إعجاب

أيسأله  هو!!!،لا يعلم قط ما معني الحُب ولا الإعجاب،تلك المشاعر تراوده لأول  مرة،يزعم أنها أول مرة يشعر بالخوف تجاه أحد بهذه الطريقة،لأول مرة دقات  قلبه تؤلمه عند رؤية أحد أو حديثه مع أنثي.لأول مرة أنثي تهزه بتلك  الطريقة

رد عليه بإختصار تلك المشاعر المتوهجة بصدره:

-معرفش الحب شكله إيه يا زين،أنا عاوزها تبقي ليا وبس....عاوزها مراتي

جحظت عينه من الكلمة التي خرجت من فم صديقه بثقة مبالغ فيها،تمالك نفسه من أثر الصدمة وهو يقول له بإستنكار:

-مراتك إيه يا فارس صلي علي النبي!!!،إنتَ ناسي إنك متجوز ومخلف

رد عليه قائلاً بهدوء غير مبالياََ لصدمة صديقه:

-إنتَ أكتر واحد عارف ظروف جوازي...وأظن إن مفيش أي مشكلة تمنع إني أتجوز مرة تانية

هتف زين بتشتت من كلام صديقه:

-مفيش مشكلة بس الفكرة إني لسه مش مصدق كلامك

-خلاص يا زين سيبك من الحوار ده دلوقتي

ثم غير مجري الحوار وهو يخبر صديقه بندم:

-حقك عليا يا زين علي عصبيتي عليك فاليوم إياه...إنتَ عارف إني بقول أي كلام وأنا متعصب

فهم زين مقصده سريعاً فرد عليه قائلاََ بإبتسامة:

-ولا يهمك يا صحبي...عارف إنه من ورا قلبك

ثم قال وهو يتجه نحو الخارج:

-هروح اشوفلك الدكتور وأكلم أحمد أخوك أطمنه عليك

❈-❈-❈

يجلس  أحمد علي أعصابه ينتظر مكالمة زين علي أحر من الجمر،فهو لا يعلم شئ عن  أخيه منذ أخر مكالمة من الحُراس ويهاتف زين من وقتها ولكن لا يوجد رد،مما  إستدعي القلق لديه فلطالما كان زين لا يجاوب علي إتصاله إذا الأمر خطير وقد  أصاب أخيه الأذي،لا يعلم ما يفعل ولا إلي أين يذهب

نظر أمامه عندما وجد سارة ترتدي ملابسها وفي طريقها للخروج من القصر

صاح بها في حدة وهو يخرج بها غيظه:

-إنتِ راحة فين؟،ليكي نفس تخرجي وإنتِ متعرفيش حاجة عن جوزك!!

إلتفت إليه قائلة بحدة مماثلة لحدته:

-وإنتَ مالك إنت أروح فين ولا أجي منين،وبعدين إيه الجديد يعني هي أول مرة فارس ينصاب

نظر  لها بكره شديد وهو يتعجب من جحود قلبها حتي لو لم تخف علي زوجها فبالأكيد  ستحزن علي إبن عمها،لم يرد عليها بل وجه إليها نظرة مستحقرة ثم صعد لغرفته  وهو يلتقط هاتفه من علي الأريكة الجالس عليها

لم تهتم سارة لأمره وأكملت سيرها للخارج فهي ما صدقت أن فارس ليس موجود بالقصر فستستغل غيبته في الخروج متي ما شائت

بعد عشر دقائق من هذه الأحداث رن زين علي أحمد بالفعل

إنتفض أحمد من مكانه سريعاً وهو يُجاوب علي الهاتف بخوف شديد علي أخيه :

-إيه يا زين فارس كويس؟

هدأ زين من روعه قائلاََ بإطمئنان:

-إهدا يا بني فارس بخير والله،الحمدلله الرصاصة كانت سطحية

تنفس الصعداء وهو يقول له :

- الحمدلله.... إدهولي أكلمه

-أنا بره الأوضة والله دلوقتي...هخليه يكلمك أما أول ما يوصل الفندق علي الأقل يبقي إرتاح شوية

-ماشي سلملي عليه لحد ما أكلمه...سلام

أغلق الهاتف عقب سماع صوت زين وهو يرد عليه السلام

حمد  ربه أن أخيه نجىٰ بالسلامة ورن علي رُقية حتي يُطئنها هي الأخري فهي كانت  أول من شددت أزره لم يجد أحد يرمي عليه همه وحزنه سواها وكانت هي تستحق تلك  المكانة فحقاََ خففت عنه وأخذت تتلو له بعض الآيات القرآنية لتُهدئ من  روعة،فواجب عليه عند سعادته بسلامة أخيه أن يفرحها معه كما أحزنها

❈-❈-❈

إستيقظت  من غفوتها علي صوت طرقات الباب،إستغربت.. فمن سيأتي لها وهي لا تعلم أحد!!  ....إبتهجت عندما حذرت أن الموجود علي الباب إحتما أن يكون فارس ،قامت  سريعاً من علي السرير ،أخذت طرحتها الموضوعة علي الكرسي وهي تتجه صوب الباب  تدير المقبض لتفتحه

وها قد أفلح توقعها وصدق حدسها،وجدته يقف أمامها كما عَهَدته،صارت دقات قلبها كالطبول فوجوده دائماً له هيمنة خاصة

شعرت وكأن قلبها أنار بعد أن كان مظلم

وقفت أمامه صامتة لا تقوىٰ علي الحديث

لا تصدق أن الله إستجاب لدعواتها ونجاه

ولكن لفت نظرها الحمالة الموضوع بها ذراعه الأيمن فعادت لخوفها مرة أخري وبدون أي مبرر أخذت دموعها تهطل على وجهها

أما  هو فكان ينظر لها فقط ينظر لتعبير وجهها الواضحة كما لو كان وجهها  شفاف،تارة يري صدمتها برؤيته وتارة يري سعادتها بنجاته وتارة أخري يري  عبوسها

يستمتع بالنظر لها،يُحب التعمق ببحر عيناها الهائج،ولكن عندما أبصر دموعها التي هطلت علي وجهها تحدث بصوت أجش مرح:

-الدموع دي دموع فرح ولا حزن عشان تفرق

7=الفصل السابع

دائمًا ما تجتاحني حاجة  لأتكلم معك وحسب، حتى عندما لا يكون لدي شيء لأقوله - معك أستطيع أن أختلق  الأحاديث، أختلقها لأجلك، لأن رقة قلبي تجاهك يبدو أنها لا تنضب، ولأني  أحتاج أن أشعر بك قريبةً مني. اعذري كتاباتي الرديئة واعذري فرط مشاعري، ما  أريد قوله ربما، أنني، وبطريقة ما، لا أخلو منك أبدًا، ولا للحظة، ولا  لبرهة، ولا لثانيةٍ واحدة.

- فرجينيا وولف.

❈-❈-❈

كان  ينظر لها فقط ينظر لتعبير وجهها الواضحة كما لو كان وجهها شفاف،تارة يري  صدمتها برؤيته وتارة يري سعادتها بنجاته وتارة أخري يري عبوسها

يستمتع  بالنظر لها،يُحب التعمق ببحر عيناها الهائج،ولكن عندما أبصر دموعها التي  هطلت علي وجهها تحدث بصوت أجش مرح وهو يخطو داخل الغرفة:

-الدموع دي دموع فرح ولا حزن عشان تفرق

إبتسمت علي جملته من وسط دموعها التي تهطل علي وجهها وقالت:

-دموع فرحة طبعاً.... حمدالله علي سلامة حضرتك كُنت قلقانة جداً عليك

إبتهج  قلبه وتضخم صدره من حديثها الذي يبدو عادياََ للبعض ولكن بالنسبة له كان  يُمثل الحياة بأكملها،سعيد برؤية خوفها عليه الظاهر علي ملامحها لا يعلم  خوفها هذا لأنه مميز لديها أم هذا الحنان النابع من وجهها يوجد بسجيتها  للجميع،كان يقول دائما أنه منزوع القلب ولا يعترف بتلك التراهات الفارغة  فماذا حدث الآن؟وما هوية ذلك الشئ الذي يعزف ألحان بجانب صدره الأيسر؟

حمحم وقال لها بصوت رجولي خشن:

-الله يسلمك يا نغم وأسف إني عرضتك لموقف زي ده

ردت عليه سريعاً وهي تمسح دموعها بكف

يـ دها :

-حضرتك ملكش ذنب ده قدر والحمد لله إن حضرتك طلعت سليم منها

ابتهج قلبه وأنار وجهه كما لو كان ربح جائزة اليا النصيب

عادت نغم تتحدث مرة أخري بقلق وهي تنظر للحمالة الموضوع عليها ذراعه الأيمن:

-إيه اللي حصل لدراعك

رد عليها بلا مبالاة وكأنه يخبرها بشئ معتادين البشر على سماعه:

-رصاصة بسيطة

جحظت عيناها وتلوي قلبها بألم من كلمته فتمتمت بخفوت متسائل متعجب :

-إنتَ إتصابت بالطلق!!

أمأ لها برأسه وهو يُخبرها ببساطة:

-الحمد لله سطحية... الحراسة جت في الوقت المناسب

-طب إنت كويس...حاسس بأي وجع،تعالَ أقعد هنا عشان متتعبش

خرجت كلماتها متقطعة قالقة وهي تُشير إلي الكرسي الموضوع بجوار السرير

ااه  يا نغم،ماذا تُريدين يا فتاة؟...كفىٰ حنان مفرط يكوي قلبي كوياََ،يشعلني  من الداخل كما لو كنت شمعة علي وشك الإنصهار...بحق الله لا تزيدي عليا  الأمر سؤءََ،فإنسان مثله متعطش لتلك المشاعر الصادقة التي لم يراها بأحد  سواها... فإن كان يُريدها قبلِِ  قيراط فالآن بعد ما حدث اليوم يريدها أربع  وعشرين قيرط

خرج عن تفكيره وهي ينظر لها بعمق أربكها قائلا:

-أنا  بخير...جيت بس أعرفك إني معاكي عشان لو عوزتي حاجة،والشنط اللي في العربية  في واحد هيطلعها دلوقتي.... وبالنسبة للإفتتاح فمش هنحضر لأن أنا تعبان  وإن شاء الله نروح الحفلة بليل

زاغت ببصرها عن مركز عيناه وهي تردف بتوتر بعد أن أماءت رأسها له:

-حمد الله علي سلامة حضرتك مرة تانية

حرك رأسه للشمال وهو يبتسم إبتسامة لا تظهر علي وجهه عندما بعدت بصرها عن عيناه التي تخترقها إختراقاََ يجعلها كالعا رية أمامه

رد عليها وعينيه لم تحيد عنها  بتروي وهدوء متجاهلاََ الرد على جملتها :

-الحفلة الساعة ٦ هعدي عليكي تكوني جاهزة

أمأت له رأسها وهي تهرب من نظرته المتفحصة لعيناها قائلة:

-حاضر يا فندم

عقب إنتهاء جملتها سمعوا طرق علي باب الغرفة

نظرت له بإستغراب تسأله بعيناها من الذي سيدق علي باب غرفتها؟!

جاوب علي سؤالها الصامت مغمغماََ بصوت أجش:

-أكيد ده اللي جايب الشنط

قالها  وهو يقف أمام الباب يُدير مقبضه بيـ ـديه اليسري.....وجده بالفعل عامل  الفندق المسؤل عن حمل الحقائب،أفسح له المجال حتي يتمكن من الدخول وهو يقول  له أمراً :

-حطهم جمب السرير

-أمرك يا فندم

وضع فارس يـ ـديه بجيب بنطاله ليخرج بعض النقود،وإتجه صوب العامل وهو يعطيهم له

أخذهم منه العامل مهللاً بسعادة:

-ربنا يخليك يا بيه ويبعد عنك ولاد الحرام

أمن فارس علي حديثه

ثم تقدم تجاه نغم مرة أخري فور خروج العامل قائلا لها:

-أنا خارج دلوقتي،لو إحتاجتي أي حاجة هتلاقيني في الأوضة اللي قدامك علي طول

أنهي  حديثه وغادر الغرفة فوراً بطغيان رهيب....تنفست بهدوء فور خروجه من  الغرفة،فوجوده يُربكها..يسحب الأنفاس منها فتشعر وكأنها علي وشك  الإختناق،تشعر بعدم الراحة عند وجوده أمامها وخاصة عندما يُطيل النظر  لوجهها،لا تُنفره بالعكس تشعر بالأُلفة تجاهه ولكن تشعر بعدم الراحة  والإرتباك أمامه....لا تعرف وصف لشعورها المتضارب ولكن كل ما تعلمه أن هذا  الفارس لديه قدرة مذهلة علي تشتيت أي أُنثي أمامه مهما كانت مكانتها، ليس  بالسهل أبداً...تعلم أنه ماكر ونظرات عيناه خداعة...عندما يُطيل النظر  لعيناها يقصد حينها إرباكها ليس إلا،حينما يفرض عليها رأيه وشدته ما هو إلا  إعلان غير مباشر منه أنه هو مالك زمام أمورها،مشتته من الداخل لا تعلم ما  يُجري معها،ففارس شغل جزءً كبيرة من تفكيرها علي عكس المفترض،ولكن تعذر  نفسها فهي طوال حياتها لم ترى رجلاً مثله قط...فشخصيته الجادة ووجهه الحاد  وكلماته الواثقة تجعلك تُهيم به دون إرادة منك

بعدت  حجاب شعرها علي السرير وأخذت تُرتب أغراضها داخل خزانة الملابس الموجودة في  الغرفة مقابل السرير لتُلهي نفسها قليلاََ عن التفكير به

❈-❈-❈

يجلس زين أمام أبيه بغرفة مكتبه ينظر له بغضب مكتوم وهو يستمع إلى حديثه الذي يحرق بدمائه

حدق به أبيه بخيبة أمل فولده الوحيد الذي يقف مع ألد أعدائه ومتخذه صديقاً له خرج صوته حادا:

-كل  اللي أنا بعمله ده عشانك إنتَ،أنا معنديش وريث غيرك....بس يا خيبتي في  الوريث اللي أنا جيبه ماشي دلدول ورا إبن الهواري وبيكبرله في شغله وسايب   أملاكه،يا أخي إعقل بقي إنت كلها شهر وتتجوز وتفتح بيت فوق لنفسك ودير  أملاكك بقي

رد زين بصوت جهوري لا يقوى علي كبحه:

-طول  ما إنتَ بتعاملني علي أساس إني عيل صغير عمري ما هسمع كلامك ولا هديله  أهمية،وفارس اللي إنتَ مش بتحبه ده عندي بالدنيا كلها قول عليا دلدول قول  ما بدالك بس أحب أقولك إني عمري في يوم ما أخسر فارس عشان الشغل ده ولا  عمري في  يوم من الأيام هقف قدامه عشان صفقة

هتف هو الأخر صائحاً بسخرية متسائلة:

-وإشمعنا هو ما بيعملش خاطر لأبوك وأي صفقة أنزل فيها لازم يبقي ضدي

-أنا مليش دعوة باللي بينكم

قال جملته بهدوء عكس غضبه الذي يتأرجح بصد ره

ثم إستكمل كلامه هاتفا:

-وبعدين ما أغلب الصفقات أنا اللي بشتغل عليها !!!.....بس إنتَ مصمم دايماً تكسب عداوة فارس،وأنا اللي يعادي فارس أكنه بيعاديني

رد عليه أبوه بذهول من حديث إبنه :

-بس أنا أبوك!!!!،هتعادي أبوك؟

-وعشان إنتَ أبويا بستسمحك تبعد عن فارس متدخلش علي صفقاته وده رجاء من إبنك الوحيد

هز  سامح رأسه بخيبة ويأس ملؤوا عيناه مما يراه من أحوال إبنه وفلذة  كبده....إغرورقت الدموع بعيناه وهذا ليس بالسهل فهو يرى إبنه يخرج عن طوعه  ويقف مع ألد أعدائه في السوق ضد أبيه يشعر بالحسرىٰ والإنكسار كان يريد من  ولده أن يسنده حتي يعلو بإسم الحديدي أكثر

لمح زين الدموع التي تأبي النزول من عين أبيه فقام من علي كرسيه قائلا له بتوسل:

-عشان  خاطري يا بابا متزودش عليا هموم...أنا طلبي بسيط وهو إنك تبعد عن فارس  نهائي وقتها والله العظيم هتلاقيني زي ما إنتَ عاوز وأكتر كمان

مسح سامح بيـ ـديه علي وجهه بتماسك لا يُريد أن يضعف أمام إبنه فرد عليه بهدوء يملأُه الحسرة:

-ماشي يا زين ربنا يسهلك حالك يا بني ويعوض عليا خير فيك

حبس  زين أنفاسه وهو يغمض عيناه لبرهة يستعيد توازنه بها لا يعلم ماذا يفعل حتي  يُرضي عائلته وبالأخص أبيه فهو لا يتذكر يوماً أنهم كانوا علي وفاق، دائما  أبيه يريد الشرق وزين يتجه للغرب ليس عنداً بأبيه  لكن لا يريد أن يكون  مُساق،لا يُحب أن يكون نسخة باهتة من صنع أبيه،يحبه ولا يستحمل عليه مكروه  ولكن يكره طريقته وأسلوبه،يكره كرهه لفارس وحديثه الدائم عليه بالسوء

أفاق من تفكيره وهو يفتح عيناه علي صوت أمه الذي دخلت إلي المكتب عندما سمعت صوت إبنها بالداخل

إتجهت  صوبه بشوق وهي تفتح له ذراعيها منادية بإسمه بلهفة...إرتمي زين بأحضانها  بشوق أكثر من شوقها البادي علي وجهها....فأمه تمثل له الحياة بأكملها....  سيدة بشوشة رقيقة المشاعر حنونة  وجهها كالقمر ليلة إكتماله،يشبهها زين  بدرجة كبيرة

أخذت سمر نفساً عميقاً تشتم به رائحة إبنها الموجود داخل أحضانها قائلة بعتب:

-كده يا زين توجع قلبي عليك بالشكل ده

أمسك يـ ـديها الموضوعة علي كتفه ورفعها لأعلي يقبلها عدة قبلات بشـ ـفتيه وهو يردف بعاطفة:

-بعد الشر عليكي من وجع القلب يا ست الكل...حقك عليا

أخذته  بأحضانها مرة أخري وهي تبكي من إشتياقها له ولحنانه عليها....فكانت تشعر  وكأن قلبها نزع من مكانه عندما تشاجر زين مع أبيه وقرر وقتها زين بأنه  سيرحل ولم يأتي إلي هنا مرة أخري،أخذت تبكي وتترجاه بأن لا يفعلها فقلبها  الضعيف لا يتحمل بعده عنها ولكن كان شيطان إبنها عميه عن دموعها فدار لها  ظهره خارجاً من القصر بغضب من أبيه ومن تقليله الدائم من شأنه

أبعدته عن أحضانها برفق وهي تنظر لوجهه بحنان وإشتياق قائلة:

-وحشتني يا حبيبي أوي،هانت عليك أمك تبعد عنها أسبوعين يا زين

إبتسم لها زين وهو يقبل رأسها قبلة مطولة قائلا بعدها:

-عمرك متهوني عليا يا أمي...حقك عليا

رفعت أنظارها له بتوسل وهي تقول:

-عشان خاطري يا زين متبعدش عن القصر تاني

ثم أكملت بصوت باكي يمزق القلوب:

-مبقدرش أعيش من غيرك،وبحس إن الدنيا بتضيق بيا

رفع  أنامه علي خديها يمسح دموعها بحنان،فأمه الوحيدة القادرة علي جعله يتنازل  عن قراراته مهما كانت مصيرية...لا يتحمل نظراتها الحزينة التي تكوي قلبه  كياً،يشعر بالعجز عندما تهبط دموعها....فدائما كانت ومازالت الداعم الوحيد  له في كل قراراته،تقف أمام أبيه عندما يقسو عليه بالكلام

وللحقيقة  سامح هو الأخر لا يستطيع رؤية دموعها فسمر حُب عمره أحبها في صغره مرة وفي  شبابه مرة وفي شيبه مره لم ينظر لغيرها يوماً،تملئ حياته بحنانها الغير  معهود،عندما رأى دموعها تهبط من عيناها وتجري علي خديها قام من مكانه  سريعاً يتجه صوب مكان وقوفهم وهو يقول لها بغضب من دموعها:

-أوعي دمعة واحدة تنزل منك مرة تانية مهما كان السبب إنتي فاهمه؟

ثم أردف قائلاً بإستنكار لحديثها السابق حتي يعبث معها قليلاً:

-وبعدين إيه القصر كان وحش من غيرك دي!!!!.....أمال أنا كنت أبجورة؟

عقب زين علي حديثه والده قائلاً لأمه بمزاح:

-إلبسي بقي يا ستي

ضحكت  سمر علي حديثهم وهي ترفع أناملها تمسح دموعها المتعلقة بعيناها،تعلم أن  سامح يغير عليها من إبنها وكأنه سيخطفها منه....فسامح كالأطفال يريدها لها  وحده لا يريد لأحد أن يشاركه بها حتي لو كان ولده

رفع لها حاجبه عندما علم أنها كشفته وكشفت غيرته،إبتسمت له بعشق وهي تقول له:

-إنت نور عيني يا سامح وحبيب أيامي وزين حتة مني ومنك بحس بالنقص وهو بعيد عني، إنتوا الإتنين بتكملوني

صفر زين لأمه وهو يقول لها:

-الله الله يا ست ماما....ده إنتِ طلعتي شاعرة وأنا معرفش

ثم أكمل لها قائلاً بمناكفه في أبيه:

-بس ده ميمنعش إنك تقوليله الحقيقة وهي إنك بتحبيني أكتر منه

حدجه سامح بنظرات غاضبة من كلمات إبنه التي أوهجت نار الغيرة بصد ره  وجعلته يتأرجح فقال بغضب مكتوم:

-بتحبك أكتر إيه يا متخلف إنتَ، ده أنا اللي جايبك للدنيا يَلَا

ضحكت  سمر علي الحرب الدائرة بينهم وهي تدعو الله أن يُصلح الخلافات بينهم حتي  يعيشوا كما كانوا من قبل أن يقرر سامح مجابهة فارس الهواري بالسوق،فتلك  كانت أرض الخلاف بينهم ومن وقتها قرر زين ترك شركة أبيه والعمل مع  فارس...تعلم مكانة فارس لدي زين،وتعلم عناد زوجها الذي لن يتراجع عن قراره  أبداً

ضحك زين هو الأخر علي ملامح والده التي أصبح  الغضب يستوطنها الآن...كان يحدجه بنظرات تُخرج شرارات من النيران وكأن زين  غريباً إختص زوجته بالكلام المعسول،فوالده لديه سمر خط أحمر لا أحد يقترب  منه ولكن هو يخترق ذلك الخط بكل بجاحة،فلو كان طاوع أوامر أبيه الخاصة بأمه  لكان الآن لا يعلم ما هو شكل وجهها،لعب فارس بحاجبيه له وهو يقول بعبث  محبب:

-متبصليش كده أنا طالع ياعم أوضتي وسايبكم أهو

-يكون أحسن برضو

خرجت تلك الكمات من فم أبيه غقب إنتهائه من كلامه مباشرةً بنبرة غير مبالية

ضحك زين بملئ فمه علي أفعال أبيه الصبيانية عندما يتعلق الأمر بسمر يعود كما لو كان بالروضة

غمز لسمر بعيناه وهو يقول:

-أنا في أوضتي يا قمر لو عوزتي أي حاجة قولي جرجير هتلاقيني قدامك

مد سامح يـ ـديه يلتقط زجاجة الماء البلاستيكية من علي المكتب وفي ثواني معدودة كانت تلبس الزجاجة برأس زين

تألم زين وهو يضع يده مكان الوجع الذي سببته تلك الزجاجة برأسه وهتف لوالده:

-مش أصول دي علي فكرة....هو كده الغدر دايماً بيجي من أقرب الناس

مسك سامح الفازة الموضوعة علي المكتب وجاء ليلقيها عليه...وجد زين يجري صوب الباب قائلاً:

-أما إنتَ أب شرير بصحيح

إبتسم علي كلمة إبنه بحنان عقب خروجه من الغرفة وهو يقول:

-معاكي حق يا سمر القصر بيبقي من غيره تربة فعلاً

إقتربت منه وهي تدفن نفسها بأحضانه قائلة :

-عشان خاطري يا سامح حاول تبعد عن فارس أنا مش عاوزة نخسر إبننا الوحيد

-يا حبيبتي ده شغل وفارس منافس قوي ليا  لازم اتصدرله

-يبقي تنافسه بشرف يا سامح من غير أذية ليه عشان خاطر إبنك

قبل رأسها وهو يهتف بحب:

-اللي تقول عليه حبيبتي يبقي أوامر لازم تتنفذ

قبلت هي الأخري ذقنه المهدبة قائلة:

-ربنا يخليك ليا يا حبيبي وميحرمنيش منك أبداً

غمز لها وهو يقول بعبث:

-لاء ده إحنا نطلع أوضتنا بقي...لازم نختم الكلام ده بختم معتمد

ضحت سمر علي زوجهها وعبثه وهي تلكزه بكوعها:

-إكبر بقي

❈-❈-❈

بالنادي

ذهبت رقية لمكان أحمد الدائم التواجد فيه ألا وهو الملاكمة

وجدت جزعه العلوي عاري يتصبب عرقاً ويرتدي من الأسفل شورت يصل إلي رُكبتيه...يرتدي بكفيه قفازات الملاكمة

ومن أمامه يوجد كيس ملاكمة ضخم...تنزل قبضة أحمد عليه كل ثانية والأخري

هتفت رقية بإسمه :

-أحمد

لف رأسه لمكان الصوت وجدها رقية..إبتسم لها وهو يخلع القفازات..ويلتقط المنشفة الموضوعة على الكرسي يُنشف بها عرقه قائلاً:

-مقولتليش ليه إنك نازلة النادي كنت عديت عليكي خدتك معايا

-حبيت أعملهالك مفاجأة

إبتسم لها وهو يقول بحب:

-أحلي مفاجأة

ردت له الإبتسامة وهي تقول:

-هستناك بره إلبس يلا وتعالى نتمشي شويه

أمأء لها وهو يقول:

-ماشي يا حبيبي دقيقة وأكون قدامك

تركته وغادرت غرفة الملاكمة تنتظره بالخارج كما أخبرته

وبعد دقيقة كما أخبارها كان يقف جوارها يرتدي ترنج رياضي خاص بالنادي

قال لها وهو يمسك يـ ـديها:

-يلا يا حبيبي

قالت له بحماس :

-كل مرة بنتمشي في نفس المكان تعالي المرادي نتمشي ورا النادي

-غالي والطلب رخيص إتفضلي يا سمو الأميرة

ضحكت علي جملته وقالت بتساؤل :

-كلمت فارس ولا لسه

رد علي سؤالها مجاوباً :

-اه كلمني من ساعة والحمدلله الرصاصة كانت سطحية،كنت خايف عليه أوي

تخيلي مصدقتهوش غير لما فتحلي الكاميرا عشان أشوفوا

ضحت رقية عليه وهي تقول:

-ربنا يخليكوا لبعض يا حبيبي....بجد كنت زعلانة جداً لما كلمتني وقولتلي اللي حصل

رفع كفها لشـ ـفتيه وهو يقبلها قائلا:

-ويخليكي ليا يا حبيبتي...وشكراً علي وقفتك جمبي وإنك خليتك معايا علي التليفون لحد ما هِديت

-إيه شكراً دي بقي إن شاء الله!!!...هو أنا مش خطيبتك ولا إيه؟

خرجت هذه الكلمات من فمها مستنكرة لحديثة

ضحك أحمد بملئ فمه وهو يقول لها بخوف مصطنع:

-إيه ده؟، ده إنتِ طلعتي بتردحي

-مش عاجبك ولا إيه يا حبيبي

ضحك مرة أخري وقال بحب:

-لاء يا روح قلب حبيبك عاجبني،وعاجبني أوي كمان

أنهي كلامه بغمزة عابثة

إبتسمت له وهي تهز رأسها بيأس منه وقالت:

-إعمل حسابك هنروح  بكره عشان نشتري الفستان والبدلة

-لاء بكرة مش هينفع عشان هروح أجيب أهلي من المطار ومينفعش أسبهم وأخرج،أجليه لبعد بكرة

-ماشي يا حبيبي مش مشكلة...ربنا يجبهم بالسلامة

لم يرد عليه...لفت نظره شئََ غريب

نظر  بتدقيق إلي الأمام ليتأكد مما تراه عينه فهذه زوجة أخيه....فماذا تفعل سارة وراء النادي ومن ذلك الجالس معها!!

نظرت رقية للمكان الذي ينظر إليه وجدت إثنين يجلسان علي منضدة ويتحدثون سوياً،  عادت بنظرها مرة أخري إلي أحمد وهي تقول بتساؤل:

-في إيه يا أحمد باصصلهم كده ليه إنتَ تعرفهم؟

لم يرفع بصره من عليهم وأجاب عليه بهدوء متعجب:

-دي سارة مرات فارس أخويا

شهقت رقية من الخضة وإرتفعت دقات قلبها....تنتظر أي تصرف يصدر عن أحمد حتي ينفي ما قاله ولكن كان التصرف البادر منه

ذهابه لمكان جلوسهم،خطت بخطوات سريعة خلفة فوجهه كان لا يُبشر بالخير أبداً

أما عند سارة فكانت تجلس وهي تشعر بعدم الراحة من ذلك الجالس أمامها وتنظر حولها كل دقيقة تبحث عن صديقتها مها ولما تأخرت هكذا؟

ولكن سُحبت الدماء من وجهها عندما لمحت أحمد قادم إليها وعينه تشع غضب وخلفه فتاة تجري خلفه وهي تهتف بإسمه،قامت من مكانها سريعاً

وهي تنظر إليه بخوف نابع من القلب...ليس خوفاً منه ولكن خوفاً من إخباره لفارس...تعلم أن من طريقة نظراته تلك أنه فهم الموقف خطأ

وصل إليها أحمد قائلاً بصوت حاد وهو ينظر لها بشر:

-بتعملي إيه هنا،ومين ده؟

ردت عليه سارة بصوت مهتز من الخضة والخوف:

-ده..ده عبدالله ابن عم مها صحبتي

-وابن عم مها صحبتك بيعمل معاكي إيه ورا النادي!!

خرجت كلماته بإستفسار حاد

نفت برأسها بسرعة وهي تحاول إزاحة التفكير  السئ الذي دار برأسه:

-مبيعملش حاجة معايا...أنا معرفوش هو كان قاعد مع مها بس مها راحت تجيب مشاريب من السوبر ماركت الموجود في النادي

نظر لها بتدقيق عميق... يخترقها بنظراته ليعلم إذا كانت صادقة أم كاذبة

قام عبدالله من مكانه هو الآخر وهو ينظر لأحمد قائلاً بتساؤل:

-مين حضرتك وليه بتكلم مدام سارة كده

جاءت في هذه اللحظه مها وهي تمسك بالفعل مشروبات بيدها قائلة:

-هو في إيه...إيه اللي بيحصل؟!!

تنفست سارة براحة عندما رأت مها أمامها فها قد ظهرت برأتها من شئٍ لم يُرميها أحداً به ولكن رأته في عيون أحمد

قالت سارة موجهة حديثها لمها:

-مفيش يا مها ده أحمد أخو فارس جوزي ما إنتِ عرفاه...شافني قاعدة هنا جالي

أماءت رأسها بتفهم ومن ثم نظرت لأحمد قائلة:

-إزيك يا أحمد عامل إيه

تجاهل سؤالها وأعاد نظره لسارة قائلاً وهو يُدير لها ظهره ممسكاً بأيـ ـدي رقية يسبقها:

-هاتي شنتطتك وتعالي عشان أروحك

نظرت مها بإستغراب لسارة قائلة:

-ماله ده!!

-واحد  شاف مرات أخوه قاعدة مع واحد ميعرفوش عاوزاه يبقي عامل إزاي يا مها؟...أنا  غلطانة إني سمعت كلامك ومروحتش معاكي وإنتي بتجيبي المشروبات ما كنش ينفع  أقعد معاه لوحدي

-يعني هو أنا كنت أعرف إن هو هيجي ويشوفك يا سارة!!!...كل الحكاية إني مردتش أتعبك لأنك كنتي قيلالي إن رجلك تعباكي النهاردة

رد عليها عبدالله بإستغراب قائلاً:

-هو أنا إتسببت في مشكلة لحضرتك من غير ما أقصد يا مدام سارة؟

لم ترد عليه وهي تأخذ حقيبتها من علي المنضده الموضوعة أمامهم وغادرت خلف أحمد وهي تقول:

-سلام يا مها

❈-❈-❈

بسيارة أحمد يجلس علي كرسي القيادة ينتظر سارة أن تأتي وبالكرسي المجاور له تجلس رقية

نظرت له رقية وهي تقول بتساؤل:

-في إيه يا أحمد ساكت ليه...ما هي طلعت صاحبتها معاها فعلاً زي ما قالت يعني مفيش حاجة تستدعى الغضب اللي علي وشك ده

-مفيش حاجة يا رقية...لو سمحتي إنهي الحوار ده

أماءت له بتفهم وسكتت عندما رأت سارة قادمة لهم

أدارت مقبض باب السيارة الخلفي لتفتحه كي تدخل

شغل أحمد السيارة عقب ركوبها وإتجه صوب بيت رقية أولاً كي يصلها

وبعد دقائق أوقف السيارة أمام الفيلا الخاصة بوالد رقية

نظرت له رقية قائلة:

-عاوز حاجة يا حبيبي

-لاء يا حبيبتي خلي بالك من نفسك

نظرت رقية لمكان جلوس سارة وقالت موجهة حديثها لها:

-ملحقناش نتعرف علي بعض بس تتعوض مرة تانية إن شاء الله

-إن شاءالله

قالتها سارة بإقتضاب دون أن تكلف نفسها وتبتسم لها مجرد إبتسامة مجاملة

دار أحمد السيارة عقب نزول رقية في هدوء تام...يفكر ماذا يفعل...أيحكي لأخيه

ما  حصل أم يتغاضي عن ذلك...يعلم أن سارة لم ولن تفعل أي شئ من الذي فكر به  وجاء في ذهنه عقب رؤيته لها جالسة مع شاب خلف النادي هي وهو فقط

تنهد بضيق وهو يرمقها بغضب من مرآة السيارة الموضوعة أمامه

حمحمت وهي تقول لسه بتوسل :

-أحمد وحياة أغلي حاجة عندك متقولش لفارس حاجة...إنتَ عارف فارس مبيتفهمش

-ولما إنتِ عارفة إن هو مبيتفاهمش سمحتي لنفسك تقعدي مع واحد غريب ليه

-عارفة إني غلط وعشان كده بترجاك إنك متقولوش

❈-❈-❈

وقف فارس أمام باب غرفة نغم ينتظرها أن تفتح له بعد أن طرقه عدة طرقات

دقيقة وكانت نغم تُدير مقبض الباب لتفتحه

توقفت  أنفاسها من منظره الساحر،طلته كانت بالنسبة لها كبطل خرج من إحدي  الروايات... كملك خرج من الأساطير وفي كل الأحوال أسرها بسحره وها هي واقفة  تُحدق به كالبلهاء

فكان يرتدي حليه سوداء كلاسيك وشعره مرتب بطريقة عصرية ولكن بعد الخصلات تمردت علي الأخريات ونزلت علي جبينه بمنظر رائع

أما هو فمنذ فتحها للباب وظهورها أمامه لا يفعل شئ سوا النظر لها بإنبهار وإففتان

لا يعلم أهي جميلة أم الجمال خُلق من أجلها...يُجزم أنها وبهذه اللحظة أجمل ما رأت عيناه

بدأ يصدق أن نغم تُلقي عليه تعاويذ تجعله يقف صامت أمام حسنها يطبق المقولة الشهيرة"الصمت في حرم الجمال جمال"

فكانت ترتدي فستان باللون الأزرق وترتدي علي شعرها طرحة من اللون الأبيض الناقي كما وجهها تماماً

أخفضت نغم بصرها عندما رأته أطال النظر بها بطريقة غريبة عليها فحمحت وقالت بصوت متوتر:

-ثواني هجيب الشنطة

فاق فارس من سحرها عقب كلماتها وهو يحمحم حتي يعود إلي رشده مرة أخري

وقال لها بهدوء:

-إستني يا نغم

إستدارت وهي تنظر له بعيون متسائلة عن ماذا يريد

رد علي السؤال الظاهر بعيناها ولم توجهه إليه قائلاً:

-غيري الفستان ده

ثم قال وهو ينظر لساعة يده:

-قدامك عشر دقايق

ألقت نظرة علي الفستان قبل أن تقول بتساؤل حتي ترى أين المشكلة:

-ليه ماله الفستان!!

-مش حلو يا نغم ويلا إدخلي عشان هنتأخر

-مش حلو إزاي ده إنت اللي جايبه

تنفس بضيق من مماطلتها في الحديث وهتف قائلاً:

-ضيق ومحدد جــ ــسمك

تصبغ وجهها من جرائته في الحديث ووقفت كالصنم لا تقوى علي التحرك أو النظر لعيناه من الخجل

هتف بها بصوت عالي:

-يلا يا نغم عشان منتأخرش

أماءت له وهي تغلق الباب بوجهه دون إنتباه منها حتي تبدل ملابسها لأخري

فوقفت أمام المرآه تنظر للفستان حتي تري العلة ولكن لا يوجد به أي شئ يحدد

جــ ــسدها كما أزعم

فتحت الخزانة الموجودة بالغرفة وهي تختار فستان أخر وإرتدته سريعاً

أما فارس عقب غلق نغم الباب بوجهه أعاد رأسه للخلف بإستنكار وهو يقول:

-والله وجه اليوم اللي يتقفل فيه الباب في وشك يا فارس يا هواري

أخرج هاتفه من جيبه يتصفح به قليلاً حتي تنتهي من إرتداء ملابسها

وبعد ربع ساعة رفع نظره من علي الهاتف عقب سماعه لصوت فتح الباب

وجدها تطل عليه بفستان أسود يدخل به اللون الذهبي في الأكمام وعلي حزام الخصر وترتدي علي شعرها طرحة من اللون الذهبي

لعن نفسه ولعنها ولعن جمالها فماذا يفعل!!!أيجعلها ترتدي ثوب أخر؟...فلو قال لها أن تُغيره مرة أخري ستنفجر بوجهه يعلم

تنفس الصعداء بضجر وهو يقول لها بهمس:

-جئتي أولاً ثم جاء الجمال من بعدك

زحف الخجل علي وجنتيها من جملته التي إخترقت أذنها بشدة بالرغم من أن صوته كان منخفض للغاية

إبتسم علي إحمرار وجهها الذي بدى واضحاً كوضوح الشمس،مد كف يـ ـديه أمامها قائلاً جلي:

-يلا عشان إتأخرنا علي الإحتفال....كفاية الإفتتاح اللي ضاع علينا

تقدمته في السير وهو خلفها يتلوي بداخله من جمالها الأخاذ،تُسلب الأنفس وتحتل الأذهان...تنهد تنهيدة عميقة حتي يبعث الهدوء بداخله

تقدم خطوة كبيرة حتي صار بمحاذتها

نظرت له نغم قائلة بإستفسار:

-أمال فين الحمالة اللي حضرتك كنت حاططها علي دراعك

-في الأوضة محبتش ألبسها

-ليه

صمت فارس قليلاً ليجد جواباً مناسباً ولكن خرج صوته بارداً بدون قصد منه:

-عشان مش عاوز ألبسها!!

قضمت نغم شـ ـفتيها من الإحراج،وتمنت لو أن الأرض تنشق الآن وتبتلعها حتي تختفي من أمامه،فرده خرج بارداً وكأنه لا يُريد محادثتها

صمتت ودخلت خلفه المصعد في خجل بَينْ

ضغط  فارس علي زر النزول،وهو ينظر إليها بطرف عينه...يريد أن يخبرها أن ما  وصلها من معنى لحديثه خطأ فهو لم يقصد أن يخرج صوته بارداً هكذا

حمحم فارس وقال بصوت أجش وهو ينظر أمامه:

- الممرضة جات غيرتلي علي الجرح قبل ما ألبس وإدتني مسكن للألم فحسيت إني مش محتاجها

أماءت له دون أن تنطق بحرف

قفل  عيناه لبرهه وهو سأخذ شهيق...يلعن نفسه علي بلاهته وهو يخبرها ما حدث كما  لو كانت والدته،فلو كان لم يفسر لها حديثه لكان حفظ كرامته بدلاً من  تجاهلها هذا...

نظر لها نظرة أخري وهو يأخذ شهيق أخر  ولكن تلك المرة يستمتع برائحتها العطرة، وجوده معاها في مكان مغلق هكذا مثل  المصعد يثيره ويثير غرائزه كرجل يريد إمرآة. يريدها وبشدة،

بعيداً  عن جمال وجهها...أعطاها الله جــ ــسداََ يُغري الراهبين،أما هو فليس  براهب...لاول مرة يكبح نفسه بهذه الطريقة أمام إمرآة وقف مع المثير من  النساء الذين يلبسون ثياباََ عا رية ولكن لم تغريه واحده منهم...أما هي  وبرغم تسترها تحرك غرائزه بها...يريد تملكها وبشدة

أخرجه من تلك الهالة وقوف المصعد بالدور الأرضي

خرجت من المصعد وهو خلفها متجهين صوب سيارته الواقفة أمام باب الفندق وبجوارها سائق ينتظر قدومهم

وحينما لمحهم إتجه سريعاً تجاه باب السيارة ليفتحه لهم

❈-❈-❈

بمكان خاص بحفلات رجال الأعمال ومن ذو شأن بالدولة

تجمهرت الصحافة والمصورين أمام الباب عقب وقوف سيارة فارس

نزل السائق وهو يفتح الباب لفارس أولاً ثم إستدار سريعاً وفتحه لنغم هي الأخرى

نزل من السيارات التي كانت تُسير خلفه العديد من الرجال...حاوطوه حتي يؤمنوا دخوله هو ونغم

همست له نغم بتوتر:

-هو في إيه

إبتسم لها فارس وهو يشعر بتوترها من الأجواء المحيطة بهم

-دول الصحافة متقلقيش

أماءت له برأسها وتحركت معه، مد كف يـ ـديه يتناول يـ ـدها حتي يجذبها معه دون أن تصتدم بأحد من الموجودين

بدأت أسئلة الصحافة تهطل فوق رؤسهم كالأمطار التي تنهمر

-سمعنا إن حضرتك إتصبت إمبارح وإنت جاي لمرسي مطروح، هل شاكك في حد

-الصفقة الأخيرة اللي خدها سامح الحديدي عدوك في السوق حالياً...ده أثر علي علقتك إنت وزين الحديدي إبنه؟

-حضرتك بقالك كتير مختفي من التجمعات والظهور ده ليه سبب معين؟

لم يلتفت لأسئلتهم ولكن وقف فجأة عندما وصل إلي مسمعه سؤال إحدي الصحافيين

-بنسمع  دايماً عن علاقات كتيرة بتم بين رجال الأعمال والسكرتيرة الخاصة  بيهم...ممكن فيوم من الأيام نسمع  إن في علاقة بينك وبين الآنسة؟

نظر له فارس نظرة قاتلة وقال ببرود جلي:

-فارس الهواري مبيدخلش في علاقات من اللي في دماغك...لو في حاجة أنا هصرح بيها

-وتفسر بإيه مسكتك لإيـ ـديها من أول دخول حضرتك لهنا

جاءت  تسحب مباشرةً كفها من بين خاصته بخجل ولكن قبضته إشتدت عليها ...تكاد أن  تنصهر من أسئلة الصحافة التي أصبحت تجري حولها...فماذا يقول هذا الأعته أي  علاقة ستكون بينهم!!

شعر فارس بها تسحب يـ ـديها فشد قبضته أكثر عليها حتي لا تسطيع سحبها من بين كفه ورد علي الصحافي قائلاً ببرود:

-مبفسرش

ثم إبتسم له إبتسامة سمجة ومن بعدها تركهم وسار إلي الداخل

توجه عقب دخوله إلي طاولة رجال الأعمال المشتركون معه بالمشروع وبجواره نغم تنظر حولها تستكشف هذا المكان الجديد عليها

قام كل من علي الطاولة إحتراماً له ورحبوا به ترحيباً حافلاً

توجهت كل الأنظار فور جلوسهم علي نغم...منهم مبهور بجمالها وبالطبع من الرجال...أما النساء فكانوا ينظرون لها بتقليل

ولكن  كانت واحدة فقط تجلس علي الكرسي تنظر لفارس بتامل واضح ومن بعدها تنظر  لنغم بغيرة فللحق هي جميلة وتعترف بذلك وهذا ما أشعل النار بقلبها فهي لا  تريد أن يرى من أجمل منها تريده لها هي فقط

نظر له أحد الرجال الجالسين وهو يقول له بعبث:

-مش هتعرفنا علي الحلوة دي ولا إيه يا فارس

-سكرتيرتي الجديدة

قالها فارس بإقتضاب علي نبرته ونظرته لها

رد عليه الرجل قائلاً بمرح:

-طول عمرك بتقع واقف يا ابن الهواري

لم  يرد عليه فارس...لا يريد أن يجعل مجرى  الحديث عن نغم.... لم يعجبه نظرات  الجميع لها...لو جاء له جني الآن وأخبره أن يتمني أمنية واحده ستكون ان  يخفي نغم بهذه الحظة من أعين الجميع

قالت فتاة جالسة مقابل فارس شعرها كستنائي هائج وعيناها زرقاء تناقض لون شعرها تنظر له بهيام منذ جلوسه:

-ألف سلامة يا فارس ...قلقت عليك جداً لما سمعت الخبر من الصحافة إيه اللي حصل ومين كان وراها

-كانت رصاصة طايشة يا جومانة والحمدلله جات سليمة

-الحمد لله إنك بخير

رد  علي كلامها بإبتسامة بسيطة...لمح بطرف عينه سليم الذي ينظر لنغم نظرة  ماكرة ويتفحصها من أعلي لأسفل...نظر له بغضب ولكن الأخر لم ينتبه له...وجه  نظره لنغم وجدها تنظر لأسفل...حدجه مرة أخري بنظراته وهو يقول بصوت قوي  حاد:

-في حاجة يا سليم

بدل نظراته من نغم إلي فارس وهو يستفسر :

-مفيش حاجة يا فارس فيه إيه؟

-بص قدامك يا سليم عشان عينك متوجعكش

فهم مغذي كلماته ولكنه حاول أن يأخذ الموقف لصالحه قائلاً موجهاً حديثه لنغم:

-حد يبقي قدامه القمر ده ويبقي قاعد علي بعضه برضو يا فارس؟

ثم أكمل حديثه وهو يقوم من مكانه متوجهاً لمكان جلوسها قائلاً:

-هبقي أسعد إنسان في الدنيا لو القمر رضي يتواضع ويرقص معايا الرقصة دي

إنتفض فارس هو الأخر من مكانه بغضب جلي وعروق منتفخة من الغضب كما لو كانت ستنفجر من الغضب

8=الفصل الثامن

لا تسألني عن الندى فلن يكون أرق من صوتك

ولا تسألني عن وطني فقد أقمته بين يـ ـديك

ولا تسألني عن إسمي فقد نسيته عندما أحببتك...

❈-❈-❈

-حد يبقي قدامه القمر ده ويبقي قاعد علي بعضه برضو يا فارس؟

ثم أكمل حديثه وهو يقوم من مكانه متوجهاً لمكان جلوسها قائلاً:

-هبقي أسعد إنسان في الدنيا لو القمر رضي يتواضع ويرقص معايا الرقصة دي

إنتفض  فارس هو الأخر من مكانه بغضب جلي وعروق منتفخة من الغضب كما لو كانت  ستنفجر....مما يقوله هذا الأبله يرقص مع من؟!،علي جثته إن لمس شعرة واحدة  منها

أخذ نفسََ عميقاً يحاول به التحلي بالهدوء كي لا يفضح نفسه أمام الحضور... فهذه الأفعال الصبيانية لا تليق برجل مثله

وبالفعل خرج صوته هادئاََ ولكنه كان يحمل كل معالم الغضب :

-معلش يا سليم هاخد منك القمر وأرقص معاها أنا

نظر له سليم وهو يرفع له إحدي حاجبيه بتعجب قائلاََ:

-وماله يا وحش...حلال عليك

أنهي كلامه غامزاََ له بعبث وعاد لمكانه مرة أخري

أمسك فارس يـ د نغم وهو يقول لها بصوت منخفض لا يسمعه سواها:

-قومي نرقص

هزت رأسها بالنفي وهي تقول له بتوتر:

-لاء انا مش بعرف أرقص ومش هينفع

-قومي يا نغم يلا الناس بتتفرج علينا

توقف عقل نغم فلم تجد مهرب لها أمام إصراره  وقامت معه متجهين صوب المسرح

مسك فارس يـ دها ووضعها علي كتفه

ووضع خاصته علي خصرها يتمسك به بشدة

هتفت نغم بتوتر بالغ وهي تنظر حولها:

-أنا مبعرفش أرقص زيهم كده الناس هتضحك علينا

-ملكيش دعوة بحد ركزي معايا وسيبي نفسك

اماءت له وفعلت مثلما أخبرها

تقابلت عيناها بخاصته فأنزلت ببصرها سريعاً

أما  هو مازال موجه عيناه عليها وعلي توترها البادي عليها...رفعت عيناه مرة  أخري وجدته مازال ينظر إليه بعمق كما لو كان يعر يها من ثيابها...نزلت  عيناها مرة أخري وهي تحاول تشتيت عقلها عنه

مد يـ ده الموضوعة علي خصرها وأمسك ذقنها

حتي يرفع وجهها إلي مستواه

همس لها بصوت رجولي ساحر بجانب أذنها:

-بصيلي يا نغم متتهربيش مني

نظرت  لعيناه بتردد...ثواني وكانت تُسبح في بحور عيناه الهائجة،تري بها حنان غير  معهود ولكن في الجانب الآخر تجد مكر بنظراته لا تعلم ماهيته وبجانب أخر  ترى رجل هادئ الشخصية ورزين لا تعلم من هو ولكن كل ما تعلمه أنه غامض غامض  لدرجة كبيرة،يعلم متي يجعلها تقف أمامه كالكتكوت المبلل...متي يجعلها تخجل  من حديثه...يدرس كل خطواته بدقة شديدة،كل حرف يخرج من فمه منمق

تشك أن الموجودين جميعاً يسمعون لدقات قلبها التي تعلو علي صوت الموسيقي.... بدأت بالميل له والإنجذاب لشخصيته

لو كانت لا تشعر بشئ تجاهه لكانت رفضت الرقص معه وبشدة ولكن للحق فهي إستغلت هذه الفرصة حتي تكون بالقرب منه

لمست  يـ ـديه علي خصرها تجعلها تهتز...تشعر وهي بين يـ ـديه الآن بشعور مريح  وكأنها بأحضان أوطانها...جــ ــسدها يرتجف من لمسته الحنونة لها وقلبها  يطرق بسرعة

أخذت شهيقاََ تُملئ به رئتيها...رائحته تجعلها تفقد توازنها...

تمنت في هذه اللحظه أن تكون من المشعوذيين الذين لديهم القدرة على قراءة الأعين،تري بعينه أشياء كثيرة لا تعلم تفسيرها

نظرة عيونه تُربكها...نظراته لا يستهان بها

أما  هو فكان لا يفعل شئ سوا ملاحظة تعابير وجهها وحيرتها الطاغية عليه..يعلم  أنها تُريد فهم ما يدور معهم.. يشعر بدقات قلبها التي تناقض هدوئه،يشعر  بالإكتمال عند وجودها بين

يـ ديه إحساس لم يشعر به قط...يريد أن يصرخ وسط الحضور قائلاََ أنه يُريد تلك الفتاة التي موجودة بين يـ ديه الآن

يسيل  لعابه عليها تثير غرائزه بقوامها الممشوق وجهها الذي لم يرى بنقائه...شـ  ـفتيها المكتنزة تُغريه تجعله يُريد تذوقها حتي لو كان الثمن هو  حياته..خصرها المنحوت بدقة يُغري رجولته....عيناها الواسعتين كعيون الغزال  يريد تقبيلهم واحدة تلو الأخرة

أخفض رأسه صوب أذنيها حتي يصل صوته لها قائلاََ بصوت متأرجح من العاطفة:

-جميلةٌ للحَدّ الذي يجعلك مؤهلة لقيادة سِربٍ كاملاً من الفراشات

خرجت من سحر عيناه علي صوته الذي يشعرها بفراشات تحلق بمعدتها...صوته دافئ للغاية

إنقبض قلبها بقبضات متتالية من جملته التي قالها فهو يفاجئها بحديثه وهي لا تعلم ماذا تفعل أو تقول

فأعطته إبتسامة مهزوزة وهي تقول له:

- شكراََ...يلا نقعد أنا تعبت

-لاء هنمشي عشان نتعشي

هزت رأسها له دون الإستماع إلي ما قاله فهي تريد أن تنتهي هذه الرقصة بأي طريقة فقلبها سيقف من هذا التقارب بينهم

شابك كفه بخاصتها وهم يتجهوا صوب الطاولة مرة أخري

نظرت جمانة لفارس وهي تقول له بتساؤل مليئ بالإستغراب:

-أول مرة اشوفك بترقص مع حد...ده حدث فريد من نوعه

أراد ان يُربك نغم قليلاََ ويبعد أنظار سليم عنها فقال لها بإبتسامة سمجه:

-مكنتش لاقي الحد المناسب اللي ارقص معاه

-والحد المناسب ده نغم؟

خرجت الكملة من شـ ـفتيها مستنكرة

أخذ هاتفه من علي الطاولة دون رد علي جملتها وقال:

-هستأذن أنا لأن دراعي شد عليا شوية

ثم وجه نظره إلي نغم مكملاً كلامه:

-يلا يا نغم

قامت نغم من علي الكرسي وهي تحمل حقيبة يـ دها وإتجهت خلفه إلي الخارج

نظرت جمانة لسليم وهي تقول له بتساؤل:

-عجباك؟

رد عليها وهو يتذكر ملامحها:

-دي تعجب الباشا...بس شكل فارس حاطتها في دماغه

-أكيد هيتسلي معاهة يومين ويرميها

رد عليها قائلاََ بجدية:

-فارس ملوش في الكلام ده يا چومانة

هزت  رأسها له دون أن تتحدث والغيرة تنهش بجــ ــسدها...فهي أمام فارس منذ أكثر  من ثلاث سنين لم تتذكر يوم أنه تحدث معها بطريقة لبقة،يسحرها دائماََ  لدرجة انها تريده تحت أي مسمى يرضى به ولكن حاولت كثيراََ أن تجعله يتأثر  بها ولكنه كان يقابل محاولتها باللا مبالاة...شكت أنه يعشق زوجته للحد الذي  يجعله يقاوم أنثي مثلها ولكن تفاجات من شخص مقرب له أنه لا يحمل اي مشاعر  قط لزوجته

وقتها تعجبت كثيراً...فماذا يعيقه عنها؟..أهي لا تعجبه أم هو مخلص اكثر من اللازم

❈-❈-❈

بالسيارة الخاصة بفارس

يجلس هو ونغم بالخلف والسائق بالأمام

تسائل السائق بصوت متسائل:

-علي فين يا فندم

رد عليه فارس وهو يفتح هاتفه يتصفح به:

-علي اقرب مطعم

نظرت له نغم يإستغراب وهي تقول:

-مش إنت قولت إن دراعك شادد عليك...خلينا نروح الفندق عشان ترتاح شوية

-أنا كويس بس مكنتش حابب أكمل قاعدة هناك

-ليه ؟

أيخبرها  أنه كان يتمالك أعصابه بشدة حتي لا يُطيح بسليم أرضََ أم يخبرها أنه أراد  الانفراد بها قليلاً حتي يتحدث معها بموضوع يشغل ذهنه طوال الأيام السابقة

لا يعلم بماذا ولكنه يريد التحدث

خرج صوته صلباََ ثابتاً وهو يقول:

-معجبنيش الجو

ردت عليه هي الأخرة قائلة:

-ولا أنا كمان عجبني كنت حاسه إني مخنوقة وأنا قاعدة هناك

أمأ لها برأسه دون حديث وأخذ يتصفح هاتفه قليلاً يتابع أسعار البورصة

وقفت السيارة أمام مطعم فخم لا يدخله سوا من ذو شأن وقامة... هيئة المطعم وحدها كافيه لجعلك تشعر بالشبع

نزل السائق وفتح الباب لفارس واتجه الناحية الأخري وهو يفتح لنغم هي الأخري الباب

سارت  نغم خلف فارس وهي تتأمل خطواته التي تشع هيبة ووقار....يطغى سحره علي أي  مكان يدخله،فحولها الكثير من الرجال ولكن فارس شئََ مختلف تماماً بشخصياته  المتعددة

منذ أن خطي أرجله بالمطعم إتجه إليه الجميع  يرحبون به والبعض الأخر يتصورون معه وهو يقف يتأفأف بضيق فهو لم يحب هذه  الأجواء ولا يحب الخروج للأماكن العامة لهذا السبب..

رأت  مدي شهرته وأهميته عندما جاء له مدير المطعم بنفسه يرحب به ووقف له جميع  العمال يُحيونه...كما لو كان رئيس الجمهورية خطى بقدميه إلي المطعم

لم يخفي عليها ضيقه الواضح علي وجهه وهو يحادث الناس بإبتسامة مقتضبة

جلسوا أخيراً  علي طاولة بعيدة عن الأنظار  بمكان هادئ نسبياً

رفع أنظاره لها قائلاً بصوت معتدل:

-هتطلبي إيه

توترت  نغم قليلاََ فهي لا تعلم ماذا تطلب فلأول مرة بحياتها تدخل مطعم فكان  آخرها كفاتريا الجامعة...ما هذا الإحراج يا الله...تنفست الصعداء وهي تقول  له بصوت منخفض:

-هطلب زي حضرتك

مد يـ ـديه يتناول المنيو الموضوع علي الطاولة أمامهم وأخذ يقرأه لثواني حتي حدد ماذا سيطلب

نادي النادل الموجود بالمطعم فجاء له سريعاََ وهو يقول:

-أوامر حضرتك يا فارس بيه

أملاه فارس طلبه وهو يخبره ألا يتأخر

-هو حضرتك عرفت مين اللي كانوا بيطاردوك

خرجت هذه الجملة من نغم بفضول

جعد حاجبيه بتعجب من سؤالها وقال:

-إية اللي فكرك بالموضوع دلوقتي

-عادي الموضوع جه في دماغي

أماء لها وهو يقول بلا مبالاة:

-ده منافس ليا في السوق كنت مضايقه شوية

-وحضرتك هتعمله إيه يا مستر فارس

أبعد رأسه للخلف بحركة درامية وهو يضيق عيناه عليها قائلاً بإستنكار:

-مستر!!...هو أنا واقف في الروضة بعلمك الأبجدية!

ضحكت نغم بملئ فمها بصوت عالي دون إرادة منها علي تعبير وجهه وحديثه

نظر حوله حتي يرى إذا كان صوت ضحكاتها لفت الأنظار أم لا... رأى كل الطاولات الموجودة حولهم ينظرون إليها

حدجها بنظرات قوية قائلاً بتحذير:

- صوتك

حاولت السيطرة على ضحكتها ولكن لم تستطيع فأكمل حديثها ضاحكة:

-انا أسفة ضحكت غصب عني

ثم أكملت حديثها وهي تأخذ انفاسها المسلوبة من الضحك:

-حضرتك دمك خفيف أوي

رفع لها إحدي حاجبيه وهو يقول لها بإستنكار:

-دمي خفيف إزاي يعني

-بتضحكني

فلتت الكلمة من بين شـ ـفتيها دون إرادة منها

ضحك فارس علي كلمتها وهو يقول:

-حدث فريد من نوعه خدي في بالك...فارس الهواري مبيتكلمش مع حد أصلاً

جاء النادل بتلك اللحظة ووضع أمامهم الأطباق

التي يوجد بها ما لذ وطاب

وهو يقول بإحترام شديد موجه حديثه لفارس:

-أي أوامر تاني حضرتك

وضع يـ ـديه بجيب بنطاله وأخرج له عدة ورقات مالية يعطيها له قائلاََ:

-لاء شكراً

غادر النادل عقب إنتهاء فارس من جملته وأخذه للمصاري

نظرت له نغم وهي تقول له بتساؤل مكملة حديثهم السابق قبل قطع النادل لهم:

-ممكن أسالك سؤال

أماء لها برأسه يحثها علي الحديث وعيناه تتابعها بإهتمام

-ليه كل الناس شايفة حضرتك حد مش حلو

أجاب علي سؤالها بسؤال أخر ماكر يرميه في مرماه بنظرات قوية:

-المهم إنتي شيفاني إزاي

توترت نغم وعلت دقات قلبها من سؤاله الذي ألقاه عليها...زاغت بعيناها تتهرب من خاصته حتي لا ينكشف أمرها...

خرج صوتها مرتبكاََ قائلة:

-شيفاك شخص عكس اللي بيتكلموا عليه

-وده ملفتش نظرك لحاجة؟

سؤال أخر أمكر من السابق خرج منه ولم تحيد عيناه عن خاصتها

لفت...لفت أنظارها كثيراً،وبقيت ليالي طويلة لم تغفل عيناها بسبب ذلك السؤال،تريد معرفة أين الثغرة أهي عندهم أم عندها...

فهي  لم تنسى أن كل من يعملون بالشركة كانوا يرسلون لها كل الورق الذين يريدون  إمضته عليه حتي لا يكونوا بمجابهته....الجميع يتلاشاه سواها،الكل يخشى  الحديث معه إلا هي تُحب مجالسته مع أنه يربكها ويوترها بحديثه الغير مفهوم  أغلب الأحيان ولكنها تهواه ولا تخشي الخديث معه

حدجها بنظراته وهو يرفع لها حاجبيه يحثها علي الإجابة على سؤاله المتعلق

تنفست الصعداء حتي تُجلب الهدوء إلي صوتها وهي تقول له بثبات مزيف متسائلة بجهل مزيف:

-المفروض يلفت نظري لإيه؟

-إنك مميزة عندي مثلاً

سُلبت أنفاسها من كلماته التي تضرب بها بقوة...شعرت بتقلصات بمعدتها وقشعريرة لذيذة...

إرتجف جسدها رجفة رقيقة وهي تنظر له بحيرة ممزوجة بالذهول

إبتسم إبتسامة لم تظهر علي وجهه وهو يرى أثر كلماته عليها...يقرأها وكأنها كتاب مفتوح أمامه،وهذا أكثر ما يجذبه إليها

سهولتها وليونتها يستطيع بكل سهولة معرفة ما يدور بخلدها دون إجهاد منه...يتحكم بنفسه بصعوبة بالغة أمامها،

أنوثتها تفتك برُجولته دون رحمة منها ولا شفقة...

معذورة لا تعلم ما يحدث معه بسببها...فهو طوال حياته لم يشتهي مرأة كما يشتهيها بتلك اللحظة...

يظن أنها رغبة مؤقته ستذهب بمجرد إمتلاكها وتصبح له كما يُريد وبداخله يتمني أن لا يتطور الأمر لأكثر من هذا

حدجته بتشتت واضح وخرج صوتها كذلك وهي تردد:

-مش فاهمة كلام حضرتك

-مش مهم تفهميه دلوقتي

ثم غير مجري حديثه وهو يجاوب علي سؤالها الأول الذي تلاعب به حتي يجعله في مرماه وها هو حقق هدفه..نظر إليها قائلاََ:

-يا  ستي الناس شيفاني حد مش حلو عشان أنا حد مش حلو... وده عملي بيفرضوا عليا  إني أبقي جاد وصارم علي طول ومش هكذب عليكي دي شخصيتي أصلاً  فالطبيعي...فلكي أن تتخيلي حد طابعه كده ويجي شغله يتطلب منه ده هيبقي عامل  إزاي

نسيت توترها وخفقان قلبها وأخذت تتحدث معه وكأن شئ لم يكن..

فردت عليه قائلة:

-بس أنا شايفة حضرتك إنسان طبيعي معايا في عصبيتك وطبعك مش أوڤر يعني

-إنتِ إستثناء

كلمتين..كلمتين  جعلوها تفقد توازنها وتشعر بدوران وثقل يجسدها،فهي بشر من لحم ودم والأدهي  أنها أنثي تنتظر دائما التدليل والكلمة الحلوة....

وأنثي كنغم كانت تستمع كلمات غزل كثيرة من أيمن جارها بالحارة....والآن..الآن تستمع لكلمات غزل مبطنة من فارس الهواري!!!

يالها من سخرية،

فهي  لو اخذت تحلف لهم طوال حياتها أن فارس الهواري معجب بها ويلقنها كلمات غير  مباشرة من تحت الطاولة تبين لها مدي إعجابه بها لضحكوا عليها ونعتوها  بالحمقى

قلبها يلتوي بألم غريب من كلماته...ألم محبب يجعلها تُريد المزيد من هذا الألم...شئ يدعي السخرية حقاََ..

لمعت عيناها وهي تقول له بإستفسار يوضح لها غموضه بالحديث:

-هو حضرتك عاوز إيه بالظبط..أنا مش بحب الغموض

كلمة وحيدة خرجت من شـ ـفتيه إجابة علي سؤالها....

-عاوزك

جعلت جــ ــسدها  يرتجف إرتجاف لذيذ، وإرتفعت الرجفة حتي وصلت علي طول عمودها الفقري...تشعر بدغدغة لطيفة بمعدتها

من  كلمته التي خرجت دون أدني تردد منه وكأنه كان ينتظر سؤالها...هي أخبرته  انها لا تحب الغموض ولكن لم تخبره أن يلقي كلمته بهذه الطريقة التي تفقدها  صوتها...شعرت وكأنها تحلق بالفضاء،شعور أن الإنسان مرغوب

من أكثر شخص ينجذب إليه شعور رائع لا أعرف كيف أصفه

فرجل مثل فارس يريدها يا لها من محظوظة

ولكن طارت هذه المشاعر مع تيار الهواء وإنقبض قلبها بخوف وهي تتسأل كيف يُريدها؟!!..أمن الممكن أن يكون غرضه دنئ

لم تترك السؤال معلق بذهنها بل ألقته سريعاً متمتمة بغضب عكس حالتها الهائمة منذ ثواني:

-أنا  مش من النوع ده...حضرتك فهمتني غلط خالص،لو فاكر إن عشان حضرتك جبتلي شقة  وانا شغالة عندك يبقي هتنازل عن شرفي تبقي غلطان...يمكن أكون خسرت كل حاجة  فى الدنيا بس الحاجة الوحيدة اللي مستحيل أخسرها هي شرفي

أبعد رأسه إلي الخلف وهو يميل بها قليلاً إلي اليسار محدجها بنظرات استنكار ودهشة من حديثها مردداََ:

-غلط إيه وشرف إيه!!!

ثم إستكمل حديثه بتساؤل مستنكر:

-إنتي فهمتي إيه؟

متهورة  وغبية وحمقاء...من عادتها السيئة التسرع..لعنت نفسها عندما رأت الذهول  والإستنكار يملؤون تعابير وجهه،إذا فهو برئ من ظنها السئ هذا..

إبتلعت الغصة الموجودة بحلقها من الخجل وهي تعود لطبيعتها الهادئة مرة أخرى

تقول بهدوء ممزوج بالخجل:

-أنا أسفة فهمت حضرتك غلط

ضحك  فارس ضحكة مجلجلة جعلتها تُسهم به وبجمال غمازتاه اللتان ظهرون بدقة عند  ضحكته،يجعلانك تريد أن تغرس أصابعك بهم وتتحسسهم..مغريين حقاََ...

وجهه وهو يضحك مشرق للغاية..صوت ضحكته طرب علي القلب..فقلبها الآن يرقص علي صوت دقاته

أما هو فكان يضحك من كل قلبه عليها وعلى تسرعها وخجلها فحقاََ مُسلية...قادرة علي إنتزاع أشياء كثيرة منه دون إرادة منه

كضحكته المجلجلة تلك التي لا يتذكر متي آخر مرة ضحك من قلبه هكذا...

لحظة.. تذكر أخر مرة ضحك هذه الضحكة كانت معها بشقته التي تسكن بها عندما كانت تُريد أخذ العديد من الحقائب معها

تقريباً  تغلغلت بأنفاسي وقلبي،أفكر بها كما لم أفكر بأحد من قبل..أريد تذوقها  وكأني لم أُرد شئ من قبل،تُغريني وهذا الشئ لم يقدر عليه أكثر الإناث  جمالاً وأنوثة

علق عيناه بخصتها وهو يراها تنظر لضحكته  بهيام واضح علي وجهها...بدون نرجسية هو يعلم أيضاً أنه قادر على إختطاف أي  أنثي بكل شئ به ،البعض سيراه تكبر ولكن هذه هي الحقيقة

توقف عن الضحك وأخذ يهدأ أنفاسه وينظمها قائلاً لها بجدية معاكسة لحالته الضاحكة منذ دقائق يكملان حديثهم:

-أنا عاوزك في الحلال يا نغم

❈-❈-❈

في قصر الهواري

يعم القصر بالضجة والحياة مرة أخري أخيراً بعد عودة إبراهيم الهواري وزوجته وإبنته إليه

ونجد أول خلاف بين الشقيقين منذ أن تخطت قدميهم بوابة القصر

-يا أحمد إفهم أنا قلعته عشان كنت أنا الوحيدة اللي مختلفه هناك لدرجة إن صُحابي كانوا بيتنمروا عليا

صاحت  لين بتلك الكلمات وهي توضح لأخيها وجة نظرها،فهو منذ أن رأها بتلك الثياب  المتحررة وهم بالمطار كاد أن يبطحها أرضاً ولكن ما منعه هو تجمهر الناس من  حولهم

وها هو منذ دخولهم القصر وهو يوبخها ولو كان أبيها بالخارج متأكدة أنه كان سيستخدم

يـ ـديه في هذا الحوار العقيم

رد علي كلامها بهياج وعروق رقبته بارزة بشدة من الغضب:

-يعني إيه بيتنمروا عليكي...دينا بقي مجال للتنمر؟!!،كلمتين يودكي وكلمتين يجبوكي

-إنتَ مش هتفهمني يا أحمد فمش هتكلم معاك

حدجها بنظرة إزدراء وقال لها وهو يوجه

لومه لأبيه:

-ما هو العيب مش عليكي...العيب علي أبوكي اللي سايبك ماشية وسط الناس بالشكل ده

-أحمد

صاح بها إبراهيم بصوت عالِِ  إهتزت له الجدران من شدته فهاذا هو إبراهيم الهواري،شديد الشخصية...قوي..لا يسمح بالتجاوزات

مثله مثل ولده البكر فارس الذي يرث من أبيه معظم خصاله

فالجميع دائماََ يعقدوا المقارنات بينهم فبينهم العديد من أوجه الشبه

إخفض رأسه للأسفل وهو يقول بصوت منخفض يحمل أثار غضبه:

-أنا أسف يا بابا مقصدش...بس ده مش منظر بنت الهواري تمشي بيه

حدجه نظرات قوية قائلاََ بجدية:

-لين مش صغيرة وعارفة مصلحة نفسها وعارفة إن الحجاب فرض علي كل المسلمين

فوقت ما تحب تتطبق الفرض ده يبقي نابع من جواها مش من تأثير حد فينا،إحنا علينا نوجهها وبس

-مش مبرر يا بابا أنا معترض مع كلام حضرتك

إزاي عاوزني أسمح لأختي تمشي ولحمها باين بالمنظر الرخيص ده وأستني حضرتها تنفذ فرض ربنا اللي هتتحاسب عليه

تدخلت لين في الحديث وهي تقول لأحمد بغضب عارم من حديثه وكلماته الجارحه:

-أنا لحمي مش رخيص يا أحمد ولبسي محترم

وطول ما بابا عايش يا ريت متدخلش في حياتي

نظر لها بخزي وهو يهز رأسها لها للأمام وهو يقول:

-حاضر يا لين مش هتدخل في حياتك..أنا أسف

ثم تقدم نحوها وهو يضع يـ ـده علي مؤخرة رأسها ثم وضع شـ ـفتيه علي جبينها يقبلها بهدوء قائلاََ:

-حمدالله علي السلامة يا لين

لم ينتظر جوابها بل صعد إلي غرفته دون أن ينبس بأي كلمة أخري فقد إكتفي

نظرت لها سارة بحدة وهي توبخها علي تصرفاتها التي لا تعجبها:

-ما إنتِ معاكي حق تعملي أكتر من كده طول ما أبوكي سايبلك الحبل

ثم نظرت لإبراهيم هو الأخر بغضب وصعدت خلف إبنها تتجه نحو غرفة نومها التي لم تدخلها منذ عدة سنين

-حبيبتي إخوكي خايف عليكي من عيون الناس مينفعش تكلميه بالطريقة دي

هتف بهذه الكلمات الجد قبل أن يغادر ردهة القصر ذاهباََ لغرفته هو الآخر

تقدم منها إبراهيم وهو يمسح بكفه علي شعرها بحنان لا يظهر سوا لها ولأمها

فهم عنده أغلي ما يمكلك وبالطبع فارس وأحمد ولكنه يتعامل معهم بقانون كلما قسيت علي الذكور بنيت رجلاً قوياََ

قال لها بصوت حنون به نبرة متسائلة:

-حبيبة قلب بابا عارفة إنها غلطت صح؟

أماءت له برأسها وهي تُردف:

-أنا أسفة يا بابي

-بس إنتِ مغلطيش فيا أنا يا قلب بابي..

الإعتذار ده تقدميه لأخوكي،مش معني إني زعقت معاه وهو بيكلمك يبقي كلامه غلط

بالعكس هو لو مكنش عمل كده كنت هشك إني خلفت رجالة

ثم إستكمل حديثه وهو يقول لها بجدية معاكسة لحنانه السابق:

-أنا لما وافقت إنك تخلعي الحجاب وافقت عشان حاجة واحدة بس وهي إنك كنتي بدأتي تُسئِ ليه بلبسك الضيق والقصير.....

وأنا سايبلك الوقت اللي إنتِ عاوزاه ومستني اللحظة اللي هتيجي تقوليلي بابا أنا هلبس الحجاب تاني لأني عرفت إن هو صايني ومعززني

أماءت له برأسها مرة أخري متأثرة بكلامه وهي تقول له بأسف لما فعلت وإحراجها لأخيها:

-ربنا يخليكي ليا يا بابي...ومتقلقش هصالح أحمد لما  ينزل علي العشا

ثم أكملت حديثها وهي تقول:

-عن إذنك هطلع أنام شوية عقبال ما مالك وسارة يجوا من برة..لأن مالك وحشني أوي

بتسم لها وهو يقول بهدوء:

-وأنا هطلع أصالح أمك اللي رمتلي كلمتين وسابتني وهي زعلانة بسببك

-كله يهون عشاني يا بابي

ضحك إليها وقال وهو يقول يقبل خدها :

-طبعاََ يا روح بابي

تركها وصعد إلي غرفة نومهم هو وسارة

التي إشتاقها فهي بها كل ذكريات شبابهم

أول  مرة إعترف لها بحبه كانت بها...عندما حملت بإبنه فارس وأخبرته بهذا الخبر  المفرح كان هنا...أول مرة إحتضنها كانت هنا...فبهذه الغرفة يوجد المرات  الأولي من كل شئ

أدار مقبض الباب عند وصوله أمام الجناح وخطي بقدميه إلي الداخل

دار بعينيه في أنحاء الصالة الواسعة المقابلة للباب لم يرى لها أثر بها...فتقدم بخطواته إلي داخل الغرفة بعد أن دار مقبض الباب ..

سمع صوت شلالات المياة القادمة من دورة المياة فعلم أنها بالداخل...

جلس علي مقدمة السرير ينتظر خروجها..وهو يزيغ بعيناه في أنحاء الغرفة بشوق عارم

بكل ركن من  أركان هذه الغرفة يوجد له ذكريات مع زوجته وحبيبة قلبه...من تحملته وتحملت طباعه وقسوته

فكان رجل لا يعاشر،تزوجها زواج مصلحة حتي يُكبر شركاته مع والدها رجل الأعمال الشهير...ولكن تغلغلت بداخله حتي أصبح يعشقها

لا يفعل شئ دون مشاركتها به،فسارة شخصية قوية تساعده بعمله..يعتمد عليها بكل شئ

دائماً توقفه عند حده إذا تمادي يشعر وكأنها مُرشده بهذه الحياة

يتمني أن يحفظها الله له ولا يحرمه منها أبداً

فاق من شروده علي صوت فتح باب دورة المياة وخروج سارة منه وهي ترتدي روب الإستحمام

وبيدها فوطة أخري تنشف بها شعرها الرطب....

لم يأتي عليها الزمن أبداً،مازالت كما رأها أول مرة كانت يافعة...براقة..يرى بعيناها جمال الحياة

ليست مبالغة ولكنها كلمة حق سارة مازالت شابه في أواخر عقدها العشرون، من يرى فارس وهي

لم يصدق أن هذه الرقيقة الجميلة تأتي بهذا العملاق

إبتسم إبراهيم علي تلك الخاطرة التي أتت في ذهنه

فنظرت له بجانب عيناها وهي تقول بتساؤل مستفز فهي غاضبه منه لما فعله بالأسفل وإحرجه لأحمد بهذه الطريقة:

-خير ما تضحكنا معاك

قام إبراهيم من علي السرير وهو يتجه نحوها بخطوات متمهله ناظراً لعيناها مباشرةً....

حتي وقف أمامها يمنع الهواء يمر من بينهم قائلاً بعبث وهو يستنشق رائحتها الخلابة:

-بطل والله العظيم متجوز بطل

لكمته بقبضتها علي صدره وهي تقول له بغضب:

-ما تحاولش تصالحني بالكلمتين دول عشان مش هيأكلوا معايا

رفع يـ ـديه يلعب بشعره وهو ينظر إليها بعيون متسلية سائلاً إياها بتأكيد:

-بجد؟

فلتت ضحكة منها دون إرادتها علي شكله الذي يستعطفها به قائلة له بيأس وهي تُدير ظهرها حتي تكون مقابلة للمرآة:

-مش هتبطل أبداً طريقتك دي

لف ذرعه علي خصرها من الخلف يحتويه..ورفع يـ ـده الأخري يهذب خصلات شعرها خلف أذنها،قائلاً بصوت هامس بجوار أذنها:

-لما أبطل أحبك هبطل الطريقة دي...وده مستحيل فالطريقة دي هتنتهي بموتي

أدارت وجهها له سريعاً...بعد حديثه الذي ألم قلبها وأهتز له جــ ــسدها بين يـ ـديه قائلة بلهفة:

-بعد الشر عليك يا حبيبي متقولش الكلام ده عشان بيوجعلي قلبي أوي

قبل شـ ـفتيها قبلة سطحية سريعة وهو يقول بحنان:

-سلامة قلبك من الوجع يا حبيبتي

ثم إستكمل حديثه بجدية:

-أنا عرف إنك زعلانة عشان اللي حصل تحت  بس صدقيني هو ده الصح يا حبيبتي..وأحمد كان بدأ يلخبط في الكلام لأن نوبة الغضب كانت وخداه

-بس هو مقالش حاجة غلط يا إبراهيم والمفروض كنت تأيد كلامه..مش تحسسه إنه ملوش لازمة في حياة أخته

-ملوش حق يتكلم وأنا واقف وراضي يا سارة دي في الأول وفي الأخر بنتي

خرجت تلك الكلمات من شـ ـفتيه بغضب

فردت عليه هي الأخري بغضب مماثل قبل أن تتجه لغرفة الملابس:

-خليك مدلعها كده يا إبراهيم أما نشوف أخر دلعك ده إيه

بعد عدة ساعات

إجتمع الجميع بالأسفل مرة أخري ولكن هذه المرة زاد عليهم سارة ومالك

سعدت سارة بشدة عندما رأتهم ورحبت بعمها وزو جته ولين بسعادة

فعمها كأبيها الثاني دائماََ ما يغدقها بحنانه بالرغم من قسوته في بعض الأحيان

ولكن لا تحبذ زو جة عمها...ولا هي تحبها علي الأغلب

أردفت سارة وهي تحتضن ليه بشدة مرة أخري:

-أخيراََ هلاقي حد أقعد معاه في القصر دن

ضحكت لين علي قولها وهي تهتف هي الأخري:

-وحشتيني أوي يا سارة

-إنتِ أكتر يا لين...إعملي حسابك هتباتي معايا النهاردة كده كده فارس مش هنا

أماءت لها بالموافقة وهي تقول:

-موافقة جداً

وضع الأكل أمامهم علي السفرة وبدأ الجميع بتناول عشائهم بهدوء قطعته لين وهي تنظر لأحمد بنظرات مليئة بالإعتذار قائلة:

-أنا أسفة يا أحمد علي اللي حصل من شوية

أنا عارفة إنك خايف علي مصلحتي..متزعلش مني عشان خاطري

إبتسم لها أحمد وهو يقول بسماحة:

-مقدرش أزعل منك يا حبيبتي

أرسلت له قبلة بالهواء وهي تقول له :

-اخويا وحبيبي والله

ضحك وهو يرسل هو الأخر بقبلة لها

قالت سارة بحنان وشوق لإبنها البكر:

-مفضلش غير فارس ولمتنا تكمل

عقبت لين علي كلامها وهي تقول بشوق:

-وحشني أوي يا ماما

-كلها أقل من اسبوع ويجي إن شاء الله

نظرت سارة لإبراهيم الحامل مالك علي قدميه منذ رؤيته له...فقالت:

-هات مالك شوية يا إبراهيم عشان تعرف تاكل

شدد كفه عليه وهو يقول لها:

-لاء سبيه قاعد معايا... وحشني أوي

رد عليه مالك وهو يحتضنه بذراعيه قائلا:

-وإنتَ كمان يا جدو كنت وحشني أوي إنت وتيته...بس لين كانت وحشاني أكتر

ضحك الجميع علي كلمات الصغير

أما لين فقالت له بإبتسامة سعيدة:

-إنت روح قلب لين

❈-❈-❈

نعود إلي الفندق مرة أخري وخاصة غرفة نغم

تتقلب يمين ويسار...تُحايل في النوم أن يزورها ولكنه لا يستجيب..تريد رمي نفسها بأحضانه حتي تنسى ما حدث اليوم

ولكن النوم لم يفتح لها يـ ـداه وخاصة بهذه الليلة..تاركاً إياها غارقة بتفكيرها،فصوت فارس مازال يتردد بذهنها لا تصدق ما حدث

قامت وهي تزفر بغضب مسندة ظهرها علي السرير وهي تتذكر ما حدث بالمطعم بعد أن ضحك علي كلامها المتهور الذي ألقته بوجهه

توقف عن الضحك واخذ يهدأ أنفاسه وينظمها قائلاً لها بجدية معاكسة لحالته الضاحكة منذ دقائق:

-أنا عاوزك في الحلال يا نغم

غمغمت نغم خلفه وهي تقول بعدم فهم ودقات قلبها تكاد أن تتوقف:

-عاوزني في الحلال إزاى

-إيه يا نغم إنتِ المفروض في هندسة يعني تلقطيها وهي طايرة

خرجت هذه الكلمات بمزاح من فارس حتي يخفف من سكون الأجواء..

ثم قال بتوضيح أكثر حتي لا يترك لها مجال للتفكير ولو لقليل:

-عاوز أتجوزك...ومتقوليليش هتتجوزني إزاي عشان الحاجات دي مينفعش تتقال بتتعمل بس

أراد إخجالها وها هو فعل..تدفقت الحمر بوجنتيها من حديثه ونظرت إلي أسفل حتي لا تتقابل عيناها مع خاصته

تشعر وكأن كل ما يحدث الآن ما هو إلا مقلب أو أقرب للحُلم...فارس يطلب يـ ـداها!!!

،معذرة...فارس الهواري يطلب يـ ـداها

يا لسخرية القدر...قلبها يرقص بفرح وسعادة

،تشعر  وكأنها فراشة تُريد أن تحلق في السماء من فرط فرحتها...لا تعلم بماذا ترد  عليه فهي حقاً تُحبه ومنجذبة إليه بشكل غير طبيعي ولكن لا تستطيع قولها  صريحة له

وضع يـ ـده بجيب سترته وأخرج منها علبة مخمليه زرقاء...فتحها وهو يمد يـ ـده بها علي الطاولة قائلاً بصوت دافئ حنون للغاية:

-تقبلي تقضي بقية حياتك معايا يا نغم....تقبلي تتحمليني في كل أوقاتي...تتحملي تقلباتي المزاجية وطبعي اللي إلا حد ما سئ

تنظر إليه بسعادة لم تتخيل أنها موجودة يوماً...قلبها يرفرف كفراشة حرة تحلق بالسماء،كلامه جعل جسدها يرتجف تأثراً بما قاله

إن كان حلماً فلا تريد الإستيقاظ منه أبداً...وإن كان حقيقية فيا حظها الجميل

لم تشعر بنفسها سوا وهي تهز رأسها للأمام بالموافقة وعلي وجهها إبتسامة غير مصدقة لما يحدث...وعيناها إغرورقت بالمدموع

أرادت أن تتحدث ولكن كان للصدمة أثر كبير عليها...

فهى كانت تعلم أنه معجب بها من طريقه حديثه ولكن لم تحلم يوماً أن يطلبها للزو اج

ستكون إمر أته!!!!...يالها من كلمة جميلة إمر أة كتلة الجاذبية الجالس أمامها

أخرج الخاتم الألماس من علبته ثم مد يـ ـديه يتناول كفها وعلي وجهه إبتسامة صافية...

وضعه بإصبعها بمنتهى الرقة

ثم بلحظة أمال رأسه تجاه إصبعها السبابة الذي وضع به الخاتم وطبع عليه بشـ ـفتيه قبله مطولة قائلاً:

-مبروك عليا إنتِ

سارت  القشعريرة علي طول عمودها الفقري من نبرته المعذبة لقلبها...إرتبكت بشدة  من قبلته التي تركها علي سبابتها،كانت ترتجف كورقة مببلة

بين يـ ـديه

كيف يؤثر بها لهذا الحد!!...بأقل حركة منه قادر علي جعلها تحلق بالسماء...لم ترى قط رجل بشخصيته

قلبها هُلك من كم الصدمات التي أخذها اليوم من هذا الفارس

خرج صوتها بصعوبة بعد أن إبتلعت ما في حلقها قائلة بصوت مرتبك متسائل:

-إشمعنا أنا؟

-عشان إنتِ

كست الحمرة وجنتها مرة أخري وهي تقول له بخجل:

-إنت بتكسفني

-ما هو ده المطلوب...بحب أشوف الفراولة علي خدودك

ضحكت نغم علي جملته وهي تقول له:

-أنا مش مصدقة إن حضرتك بتقولي الكلام ده

ثم أكملت حديثها بتوسل بعيناها:

-عشان خاطري بلاش حضرتك تلعب بيا...بلاش تشوفني ضعيفة عشان مليش أهل

هز فارس رأسه بالنفي وهو يقول لها بجدية بحديثه يوبخها علي ما قالته:

-إيه الكلام ده يا نغم!!!...أنا مستحيل ألعب بيكي أو أفكر فيكي كده،أنا معجب بيكي وطالبك في الحلال

ومن النهاردة أنا كل أهلك وأوعدك إني عمري في يوم مهسيبك زعلانة مني أو أجي عليكي في حاجة وإلا مبقاش راجل

-مش عارفة أقول لحضرتك إيه

-بطلي إنتِ بس كلمة حضرتك دي والدنيا هتبقي تمام

ثم نظر لساعة يـ ـديه قبل أن يقوم من مكانه قائلاً لها:

-يلا الوقت إتأخر ولازم نرجع الفندق ونكمل كلامنا بكرة إن شاء الله

قامت نغم عقب كلامه هي الأخري من مكانها وهي تحمد الله بسرها أنها أخيراً ستختلي بنفسها قليلاً حتي تستطيع إستعاب ما حدث معها اليوم

نادي فارس علي النادل وطلب منه أن يلف لهم الطعام الذي لم يمسوه تيك أوي

فاقت من شرودها وهي تنظر للخاتم الموضوع بيدها اليسرى كان فاخراً لدرجة كبيرة،لم ترى مثله..أشبه بالتحف الفنية،تظن أن تكلفته تُعدي

مئات الألاف..أخذت تتحسسه بأناملها وهي تتذكر قبلة فارس الذي وضعها عليه

ذابت بتفاصيله....لا تعلم ما فعلته هو الصواب أم لا،فهي لم تفكر بقرارها بالموافقة..لم تشعر بنفسها بالأساس وكأن فارس خدرها

لولا وجود الخاتم بإصبعها لكانت أيقنت أن ما حدث ما هو إلا حلم جميل

تريد أحد تشاركه بما حدث اليوم ولكن لا يوجد...لو كانت أمها موجودة الآن لكانت أشارتها بهذا الموضوع وأخذت رأيها

لو كانت تمتلك صديقة واحدة فقط علي الأقل لكانت الآن تلقي ما بجبعتها لها

أحبته بكل مشاعرها التي كانت تكبحها منذ طفولتها...لأول مرة تشعر بهذه المشاعر علي

يـ ـده...لم تنجذب يوماً لأحد سواه

ومعها  كل الحق بمشاعرها تلك فمن يرى رجل مثله ولم ينجذب إليه ويقع صريعاً  بحبه..من يرى كل تلك المواقف التي فعلها معها ويستطيع كبح مشاعره تجاهه،رجل  تتمناه كل إمرآة ظهراً قوياً تستطيع الإسناد عليه وكتفاً حنون تميل عليه  بتعبها دون أن تخشي شيئاً

إستلقت علي السرير مرة أخري بعد إقتناع تام أن ما فعلته هو الصواب هي تحب فارس وتحتاجه بشدة بحياتها

❈-❈-❈

أما بغرفة فارس

كان يقف عاري الصدر  ناظراً إلي الطريق العام من نافذة الغرفة

يشعر بسعادة عارمة علي تلك الخطوة التي أخذها مع نغم اليوم...شعور لذيذ تخلله عند موافقتها علي الزو اج به

ولكن شئ واحد يعكر صفو هذه اللحظة ألا وهو زو اجه من سارة

فنغم حتي الآن لا تعلم بزو اجه...وهو لم يلمح لها بهذا الموضوع من قريب ولا بعيد

وإن علمت فمستحيل أن توافق أن يتم هذا الزو اج...لا يجد حل لتلك المعضلة فهو لا يخشي معرفة سارة أو أحد من عائلته زواجه منها

فإن غضبوا لا يهمه يكفي أنه سيكون سعيد معها

لكن كل خوفه من معرفة نغم

يخاف  منها ومن رد فعلها يعترف ولا يريد المجازفة بإخبارها بزو اجه حتي لا تبتعد  عنه وتراه رجل لعوب،لا يريد أن يشوه الصورة التي ترسمها له ويراها  بأعيونها

أغمض عينه وهو يتنفس الهواء النقي الآتي من النافذة المفتوحة أمامه يحاول البحث عن أي حل

ولكن لا يجد سوا حل واحد فقط

وهو أن يتزوج نغم بالسر!!!!

9=الفصل التاسع

إن الشوق كالنار يأكل قلبي، هلا عدت لي لترحمني.

حتى في بعادك، لازالت صورتك عالقة بين جفوني.

حتى وإن طال البعاد بيننا، وزادت حرارة الشوق، سأظل أنتظرك، فأنت قدري وحبي واختياري.

الشوق دعاني إليك استيقظت من نومي لأقول لك لبيك

❈-❈-❈

يجلس علي كرسي سيارته بأريحية يقودها تجاه منزله بعد أن أوصلها واطمأن عليها

علي وجهه إبتسامة لا تريد الإختفاء منذ ذلك اليوم الذي إعترف لها فيه برغبته للزو اج منها

عاش  معها أجمل أسبوع بحياته، لم يعلم بيوم أنه سيشعر بكل تلك السعادة عندما  يكون بصحبة فتاة...ليست مثل أي فتاة، فتاة خطفته برقتها وبرائتها ونقاء  وجهها وصفاء قلبها...لا تحمل أي ضغينة بقلبها لأحد،مُريحة بحديثها الهادئ  الذي يُذيب العظام من نعومته،براقة

...تُتلف أعصاب من  يُجالسها رغبةََ بها،قلبه يتأرجح بصحبتها...عيناها مشتعلة بالشقاوة  والحياة... رقيقة كغصن ياسمين وجميلة كرائحة الورود

لأول  مرة يشعر أنه يريد العيش بعدما ذاق جمال الحياة بذلك الأسبوع...أَسرته بها  وبجمالها وبطبعها الحنون،إحتوته وظهرت علي طبيعتها معه بعيداً عن شخصيتها  مع مديرها،

بل كانوا أحباب حقاََ...جربوا أشياء كثيرة سوياً،

زاروا أماكن عديدة بمرسي مطروح...

إتسعت  إبتسامته أكثر عندما تذكر إحدى الأيام الذي قضاها برفقتها...وقرروا حينها  الذهاب للبحر،لم تخبره بعدم معرفتها للعوم وتحدت نفسها ومخاوفها حتي لا  تبان ضعيفة أمامه ونزلت إلي البحر معه...وبعد نزولها بثوانِِ معدودة أخذت  تصرخ بإسمه وهي تهتف"إلحقني يا فارس البحر عاوز يبلعني"

حمد  ربه وقتها أنه كان يأخذ الشاطئ لحسابه فكان خالي من البشر سواهم فلولا  لذلك لكانت نغم فضحتهم بصياحها الخائف...ذهب إليها سريعاً وهو يحاول  تهدئتها وهي لا حياة لمن تنادي بقيت تصرخ وبكت كثيراً حتى يُخرجها من  الماء...

أمسك رسغها حتي وصلوا لبداية الشاطئ خرج هو أولاً وهي خلفه

فقال لها بإستنكار ضاحكاً:

-هو ده البحر اللي كنتي عاوزة تجيبي كل الشنط دي عشانه

ضمت نغم قبضتها وهي تلكمه بصدره قائلة:

-متتريقش عليا

ثم أكملت بكذب بَين في حديثها:

-أنا بعرف أعوم بس اتوترت شوية

ضحك فارس بملئ فمه وهو يقول لها بمزاح:

-طبعاََ يا حبيبي أنا عارف إنك سباحة ماهرة وشوفت بنفسي كمان

ثم إستكمل حديثه بجدية متسائلاً:

-بس عندي سؤال واحد بس يا حبيبي...هو البحر كان عاوز يبلعك إزاي

لم تستطيع إمساك ضحكتها ففلتت منها دون إرادة فشاركها الضحك وهو يخلل أنامله بخاصتها متجهين نحو الفندق قائلاََ بمزاح:

-أوعدك أول حاجة هعلمهالك بعد جوازنا هي العوم وده منعاً للفضيحة

خرج من شروده من تلك الذكرى اللطيفة وهو يركن السيارة بالجراچ بعدما فتح له الحارس الموجود أمام القصر البوابة

نزل منها بلياقة شديدة وهو يغلق الباب خلفه متجهاََ صوب القصر

سمع صوتََ أتي من غرفة الجلوس فإتجه نحوها بخطوات رتيبة هادئة

وجد عائلته جالسين وهم يتحدثون مع بعضهم البعض وصوت ضحكاتهم يملئ القصر

أول من رأته كانت لين التي قامت من مكانها سريعاً متجهة نحوه وهي تقول بصراخ فارح:

-فارس

فتح  لها ذراعيه وهو يستقبلها بأحضانه مشدداً عليها بيـ ـديه...قطعة من قلبه  داخل أحضانه الآن...إشتم رائحتها وهو يقول بهمس تسمعه هي فقط:

-وحشتيني يا لين القلب

ضمته أكثر وهي تقبل صدغه قبلات متفرقة بجنون مرح وهي تقول له:

-وإنتَ وحشتني أوي أوي يا حبيبي

إبتسم لها بحنان بالغ وهو يقبل رأسها بهدوء

فلين كانت لها نصيب من إسمها كبير لينة القلب وطيبة للغاية، وجهها  طفولي تأخذ جمال أمه الهادئ...طوال حياته يخاف إرتكاب المعاصي حتي لا  تُقابل هي النتائج... يخاف عليها من نسمة الهواء المارة،الكل يعلم أن لين  عنده خط أحمر فلين تُعني لين القلب لدي فارس، قلبه لا يَلن إلا لها فقط لا  يحب رؤيتها حزينه..دائماََ يعشق رؤيتها شرهة تعشق الحياة...يُحب مرحها  وجنونها الطفولي ويتمني أن تبقي هكذا ولا تُغيرها الحياة

وقف مالك بينهم بعدما قام من مكانه هو الآخر جرياََ وهو يصيح هو الأخر بسعادة:

-بابي وحشتني أوي

حمله فارس من علي الأرضية وهو يقبل وجنتيه قائلة له بإشتياق:

-وإنت يا قلب بابي وحشتني قد الدنيا وما فيها

تقدم وهو يحمله صوب أمه التي نزلت دموعها لا إرادياََ كعادة أي أم مصرية أصيلة عندما رأت إبنها أمامها بعد كل تلك السنين

وقف أمامها وهو يضع مالك أرضاََ حتي يستطيع أن يبث شوقه لها

مد أنامله يسمح دموعها الهابطة من عيناها وهو يقول بإبتسامة:

-اللولي دول نازلين من عيون الملكة ليه؟

-اللولي مبينزلوش غير للغالي

خرجت تلك الكلمات من فم سارة بشجن

إبتسم لها وهو يأخذها بين أحضانه قابلاََ رأسها عدة قبلات وهو يقول لها:

-مفيش أغلي منهم كله يرخص لأجلهم

إحتضنته هي الأخري بشدة متشبثه بملابسه ومازالت دموعها تهطل علي وجهها وهي تقول له :

-وحشتني يا حبيبي

-وإنتِ كمان يا ست الكُل بس كله يهون عشان خاطر ست لين

ضحكت لين وهي تقول بمزاح:

-متتلككوش بيا أنا الحمدلله خلصت دراسة وبقيت خريجة قد الدنيا يعني ملوش لزوم السفر تاني

نظر لأبيه وهو يُخرج أمه من بين أحضانه ذاهباََ له وهو يقول:

-رجعة بلا عودة ولا إيه يا إبراهيم يا هواري

ضحك إبراهيم بملئ فمه وهو يحتضنه بشدة قائلاََ:

-اللي الوحش يأمر بيه يتنفذ حتي لو الأوامر دي راحة لأبو الوحش

-لهفة البدايات دي خد في بالك... إبراهيم الهواري مبيسمعش غير صوت دماغه

ثم أكمل حديثه وهو ينظر لوالدته بعبث قائلاََ:

-وقلبه

نظر أبيه لسارة إبنة أخيه التي سماها بهذا الإسم حباََ بزو جته سارة...قال لها مستفسراََ:

-إيه يا سارة مش مسيطرة ولا إيه

ضحكت لعمها وهي تقول بمزاح هي الأخري:

-إبنك يا عمو ميقدرش عليه غير الشديد القوى

-إبن أبوه بصحيح

ضحك الجميع علي حديثهم في جَو أُسري ملئ بالترابط

إتجه  فارس نحوها وهو يقبل رأسها حتي لا يأخذ دروس من أبيه في كيفية تعامل الرجل  مع إمرأته فرأى الحل الأمثل هو أن يفعلها دون جدالات مع أبيه حتي لا يَهدم  سعادته اليوم قائلاََ:

-إزيك يا سارة

إبتسمت  له وهي تقول بسعادة مما فعله بالرغم من علمها أن هذا من تأثير وجود عمها  وعلمت أن من اليوم فارس سيتغير تماماً معها إكراماً لأبيه الذي يُحبها:

-بخير الحمدلله... حمدالله على سلامتك

لم يكلف نفسه عناء الرد عليها فوجه حديثه لأبيه وهو يقول:

-فين أحمد وجدي

-أحمد مع خطيبته بيجيبوا فستان رقية وجدك في أوضته نايم شوية

أماء له برأسه وهو يجلس بجوار أمه يحتضنها بذراعيه يردد بعبث محبب:

-إيه الحلاوة والجمال ده...مش هتكبري أبداََ؟

أمالت رأسها علي صدره وهي تقول له بضحك:

-بطل بكاشة

رفعت رأسها مرة أخرى تنظر إيه وهي تقول له بحنان أم:

-إطلع إرتاح شوية يا حبيبي علي ما الغدا يجهز إنتَ جاي من سفر وباين عليك الإجهاد

-ماشي يا حبيبتي أنا هطلع أغير وأناملي ساعة

وتركهم ولكن قبل مغادرته الغرفة ألقي للين قبلة بالهواء غامزاََ لها

ضحكت له بسعادة، تُحب حب أخيها لها...

تعشق  خوفه عليها ومعاملته لها،فلقد رزقها الله بأخين لا يوجد مثلهم بالحياة  تِماََ،يعاملونها كما لو كانت جوهرة يخافون عليها من الخدش

أحمد قريب من سنها لذلك تتعمل معه بحرية أكثر من فارس،تستطيع أن تنكشه ودائماََ ما يتشاجرون سوياََ علي أتفه الأسباب

أما فارس فهو العقل الموزون والحديث المنمق

يتعامل معها بمشاعر أبوية...إحترامه واجبََ عليها وكلمته لا تنكسر أبداََ..له هيبته وحضوره

تُحب تعامله مع عائلتها برغم ما يُذاع عنه وعن جبروته وقسوته إلا أنه لم يمارس تلك الصفات عليها يوماً ولا علي عائلته

صحيح  كثيراً ما يتشاجر مع أبيه بسبب بعض الأعمال ولكن دائماََ يكون بينهم أسلوب  حوار منمق وعند خروجهم منه يعود فارس الإبن الذي يحترم أبيه ويقدسه.

نظرت سارة لسارة زوجة فارس بنظرات قوية مليئة بالإنكار لها قائلة:

-مش هتقومي تشوفي جوزك محتاج حاجة ولا لاء

-هعمله إيه طنط هو لو عاوز حاجة كان قال

رمقتها بقرف مستوطن نظرتها وهي تقول قبل أن تغادر الغرفة:

-يا عيني عليك يا فارس دايماََ حظك قليل

نظر لها إبراهيم بحزن وإحراج مما قالته زوجته قبل ان تخرج:

-معلش يا حبيبتي أنتِ عارفه إن طنط متقصدش هي بس بتحب فارس زيادة عن اللزوم

-عادي يا عمو انا أخدت علي طبعها

وضع يـ ـده علي شعرها بحنان وهو يبتسم لها ومن ثم غادر الغرفة هو الأخر خلف زوجته

❈-❈-❈

بالأعلي بجناح فارس

يجلس  علي السرير يستند بظهره عليه بعد أن إستحم وأبدل ملابسه يفكر بها ومن  غيرها تحتل تفكيره؟...أصبح معتاد علي وجودها بجواره طوال الوقت وقتما يريد  رؤيتها يُهاتفها

ويخبرها أنه بإنتظارها بالأسفل أما  الآن فصارت بعيده عنه إلي حد ما يتمني لو كان بإمكانه الإستقرار هناك هو  وهي فقط لا يفكر بشئ أخر سواها ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه

مد يـ ـده يتناول هاتفه من علي الكوميدينو الصغير المجاور للسرير وهو يضغط علي رقمها حتي يُهاتفها

دقائق وكان يأتيه صوتها الناعم الناعس وهو تقول:

-ألو

-كنتِ نايمة؟

ردت عليه وهي تعتدل في جلستها علي السرير

مرددة بتثائب:

-من وقت ما جينا وأنا بحاول أنام مش عارفه

والصداع مش راضي يسبني ودورت في الشقة كلها علي مسكن ملقتش

-بعد ما أقفل معاكي هطلبلك من الصيدلية اللي جمبك يا حبيبي برشام مسكن خديه ونامي

-ماشي،وإنتَ بتعمل إيه

رد عليها بصوت رجولي ساحر قائلاً:

-بفكر فيكي

إبتسمت بحب ورددت هي الأخرى قائلة:

-مش مصدقة إنك فارس الهواري المدير بتاعي

ضحك فارس علي جملتها مغمغماََ بحب:

-إنتِ خليتي فارس الهواري يحب في التليفون زي  المراهقين...مبقتش بستغرب من أي تصرف يطلع مني تجاهك عشان أنا فقدت السيطرة  علي نفسي خالص

تنهدت نغم بصوت مسموع...تبتسم لكلامه  وحديثه الذي يجعلها تشعر بأشياء لا تعلم عنها شئ...مشاعر لأول مرة  تداهمها،يعزز ثقتها بنفسها كلما أمدح جمالها تشعر حقاََ أنها جميلة من  حديثه،تتذكر دائماََ نظراته المُعجبة التي كان يرميها بها عندما يرأها تطل  عليه..يشعرها بأنوثتها دائماََ كانت تستمع للكثير من ذلك الكلام والمعاكسات  ولكن مِن فارس غير

فهو من لامس قلبها وجعلها تقع صريعة في حبه

بعد أكثر من ساعة وهم يتحدثون

تارة يخجلها فارس برومانسيته وتارة يضحكها بكومديته الجديدة عليه وتارة يغضبها بسخريته العابثة منها وهكذا قضت المكالمة

حتي أردف فارس بهدوء:

-يلا هقفل معاكي دلوقتي عشان أكلملك الصيدلية تبعتلك واحد بالبرشام...ولما الباب يخبط ترني عليا قبل ما تفتحي

جعدت حاجبيها بإستغراب وهي تقول له:

-أرن عليك ليه

-إسمعي الكلام يا حبيبي رني عليا لما الباب يخبط

أماءت له كما لو كان يراها وقالت بطاعة:

-حاضر...يلا باي

أغلق الهاتف بعد إنتهائه من مكالمته لها

وأخذ يقلب حتي وجد رقم الصيدلية الموجودة بالقرب من بيته التي تقيم به نغم

وبالفعل هاتفهم وطلب منهم البرشام المسكن وأعطاهم عنوان الشقة

❈-❈-❈

بجناح إبراهيم

يجلس إبراهيم وهو يتنفس بغضب من حديث زو جته المقيت...فهذا دائماً هو نقطة الخلافي بينهم

هتف بغضب شديد موجهاََ حديثه لها وعروق رقبته بارزة بشدة من الغضب:

-إنتِ مش هتبطلي إسلوبك ده معاها بقي.. وإنتِ مالك تقوم وراه ولا لاء هو كان إشتكالك

ردت عليه بغضب هي الأخري وهي تحدجه بنظراتها:

-ده إبني وراحته تهمني... بدل ما تخدمه وتريحه بعد ما إتنازل ووافق إنه يتجوزها

واقفة تبجح فيا وتقولي هو لو عاوز حاجة هيقول

أغمض  إبراهيم عيناه بشدة يحاول إستدعاء هدوئه حتي لا يُحزنها ولكن كلامها ليس  به أي تعقل نهائي مما دفعه للوقوف أمامها وهو يقبض بيـ ـده علي رسغها  قائلاً بحدة:

-قولتلك ألف مرة إنسي الموضوع ده خالص

سارة دلوقتي مرات فارس وأم إبنه..وإبنك محدش جبره علي حاجة هو وافق وبنفس راضية

ردت عليه بسخرية وهي تحاول الفكاك من قبضته التي ألمتها ولكنها لم تفصح عن ذلك:

-بنفس راضية!!...لاء يا حبيبي مكنش بنفس راضية،إبني عمل كل ده عشان خاطر إسم العيلة لا أكتر ولا أقل

ثم أكملت حديثها بحقد دفين من ناحيتها:

-لا  هي تستاهل إبني ولا تستاهل إسمها يرتبط بإسمه...إبني كان عاوزله  ملكة..واحدة  تتمناله الرضا،مش بنت أخوك اللي واخدها نص واحدة...إفتكر كده  إحنا كنا جايبنها إزاي اليوم إياه

لم يتمالك نفسه ولا  غضبه...حاول بكل ما لديه من ثبات أن يتحلي به أمام كلامها ولكنه لم  يستطع...نزلت يـ ـداه علي وجهها بضر بة عنيفة تحمل غيظه منها ومن  كلامها،فإن كان يحبها ليس معناه أن تقف أمامه بتلك الطريقة نداََ لند

وتهتف بهذا الكلام البذئ المبطن تجاه إبنة أخيه

رفعت يـ ـدها بصدمة تضعها علي خدها الأيسر مكان ضربته التي تُجزم أن مكانها ترك أثر كبير

فصوت  الكف رن بأذنيها بعنف،نظرت إليه بفراغ وإغرورقت الدموع بعيناها من هذا  الكف الذي أخذته للتو من حبيبها!!!،لم تتذكر يوماً أنه إستعمل يـ ـده في  الحديث معها من قبل،حتي عندما كان يكرهها في أول زواجهم لم يمد

يـ  ـده عليها....يأتي الآن وبعد كل هذا العمر يضربها!!!،تقف تفكر بذهول لا  تصدق أنه فعلها حقاََ وكل هذا لماذا؟!!..لأنها أخبرته بحقيقة إبنة أخيه  التي يعلمها جميع من بالمنزل!!!

ينظر لصدمتها وذهولها  بصدمة أكبر...حتي الآن عقله لم ينبهه لما فعل وكأنه فقد الإدراك أو يرفض  إدراك ما فعل...عيناه تتبع سير دموعها التي بدأت بالهبوط من عيناها يهطلان  علي وجنتيها بحسرة

لم تتحدث..لم تعاتب..لم تقوى علي  الحديث بالأصل...عندما بدأت بالشعور بقدميها أخذت بعضها وغادرت الغرفة  سريعاً وهي تمنع نفسها من الإنفجار بالبكاء أمامه...ذهبت لغرفة فارغة  بالقصر وأغلقت الباب علي نفسها وهي تنزوي علي السرير تاركة العنان لصرخاتها  المكتومة التي تود الخروج

أما هو فجلس علي الكرسي الذي يقع خلفه مباشرةََ وهو ينظر للفراغ....

نفسه خاوية لا         ٩يعلم ما حدث هذا حقيقي أم من وحي خياله

ضربها  حقاََ!!...سيُخيب علي كبر؟!..لم يفعلها طوال حياته معها يأتي الآن  ويفعلها!،لا يقدر علي التفكير بشكل سليم مازالت نظراتها المليئة بالدموع  صوب عيناه،مازال يتذكر صدمتها وصمتها الذي طال..تركته وغادرت دون نقاش دون  خناق دون أن تسترجع كرامتها التي أهدرها منذ دقائق

وكان هذا أثره عليه كبير للغاية فليتها صرخت به لكان إرتاح الآن

❈-❈-❈

تجلس علي الكرسي الهزاز الموجود بالصالة تنتظر أن يرن جرس الباب حتي تأخذ المسكن وتخلد للنوم

شردت  بذهنها تتذكر تلك الأيام التي قضتها برفقة فارس..لأول مرة تشعر بتلك  السعادة العارمة التي ملئت قلبها ومازال أثرها موجود حتي الآن...علمت  الكثير عنه وهو أيضاََ بتلك الأمُسيات التي كانوا يقضيونها سوياً،أعلمها  طباعه وما يحب وما يكره وهي الأخري فعلت ذلك،جعلها تأخذ عليه ومحى بينهم  الحدود

..صارت تتحدث معه علي سجيتها دون خوف من مديرها  فالآن تغير الوضع وصار حبيبها،ذابت بتفاصيله بتلك الأيام...فكانت كفيلة  لجعلها تُهيم به عشقاً،كان يعاملها كملكة مُتوجة،لا تعلم أين كان يخفي كل  تلك الرومانسية فحقاََ لا يظهر عليه أبداََ أن شخص مثله يمتلك كل تلك  المشاعر الفياضة

وإضافة إلى ذلك علمت غيرته الشديدة عليها من عدة مواقف فكان كل خناقتهم بسبب ملابسها وحجابها القصير وشعرها الظاهر منه

تذكرت عندما قابلوا سليم يوماً بإحدى المطاعم

التي كانوا يجلسون بها

إنقلب وجه فارس عند رؤيته يتقدم نحوهم،

وجه بصره لنغم وهو يقول بتحذير:

-متفتحيش بوقك بكلمة قدامه فاهمة؟

أماءت له دون مجادلة منها فصوته كان كفيل بإخراصها

تقدم سليم نحوهم وهي يُسلم علي فارس قائلاََ:

-إيه يا عم وشك ولا القمر.. يعني تبقي في مرسي مطروح ومتجيش تسهر معانا مرة

رد عليه فارس قائلاََ بإقتضاب:

-ما إنتَ عارف إني مليش في السهرات دي يا سليم

-ما إنتَ وش فقر

قالها سليم بمزاح قبل أن يلتفت نحو نغم وهو يمد يـ ـده إليها قائلاََ:

-إزيك يا نغم... شوفتي فاكر إسمك إزاي

جاءت لتمد يـ ـدها هي الأخرى لتُسلم عليه ولكنها رأت نظرات فارس لها التي تطلق شرارت نحوها وكأنها تُحذرها من فعل ما خطر بذهنها

فعادتها بجوارها مرة أخري وتركت خاصته معلقة في الهواء متجاهله حديثه مطبقة لما قاله فارس

جاء صوت فارس من خلفه وهو يقول بقوة:

-معلش يا سليم نغم مبتسلمش

رفع له حاجبه بإستنكار وهو يُعيد يـ ـده بجيبه صائحا بسخرية :

-بترقص بس؟

إنتفض فارس من مكانه وهو يهتف له بحدة:

-إحترم نفسك يا سليم

رفع يـ ـده لأعلي دلالة علي إستسلامه وهو يقول له:

-بهزر يا وحش فيه إيه مالك

ثم أكمل حديثه بنظرات ذات مغذي وهو ينظر لنغم:

-حلال عليكي يا عم بس ابقى خلينا ندوق

إهتز فك فارس السفلي من أثر ضغطه عليه وإنتفخت عروقه من شدة الغضب ومن قذارة تلميحات سليم الذي يعلم مقصدها جيداََ

فخرح صوته بفحيح خشن قائلاََ:

-عاوز تدوق؟ عنيا

ثواني وكان يهبط علي وجهه بعدة لكمات

تركوا أثرهم بوجه سليم..حتي يُشفي غليله منه ومن نظراته القذرة التي يلوث بها نغم

قامت نغم من مكانها بفزع وهي تتجه لفارس تمسك ذراعه قائلة بخوف:

-سيبه يا فارس خلاص

حدجها بنظرات شرهة تطلق شرارات وتتصاعد منها النيران قائلاََ بحدة:

-إستنيني في العربية

جاءت لتتحدث وتعارضه خرج صوته أصلب من السابق مردداََ:

-بقولك إستنيني في العربية

أخذت مفاتيح السيارة من علي الطاولة وهي تهرول ناحية السيارة خوفاً منه

ضحك سليم بألم وهو يقول :

-لاء مسيطر يا ابن الهواري...لو كنت قولتلي إنك عاوزها كنت سكت يا عم،بدل جو الأكشن ده

لكزه فارس بكتفه عدة لكزات متتاليه وهو يقول بتحذير غاضب:

-لو لسانك خاطب لسانها تاني يا سليم أو بصتلها بصة متعجبنيش هتزعل مني جامد

-إنت عارف إنك حبيبي وعمري ما أزعل منك أبداََ

تركه فارس دون حديث وذهب خلف نغم لمكان سيارته

أدار مقبض الباب  وفتحه بغضب جلي وهو يجلس علي كرسي القيادة

نظرت له نغم بطرف عيناها وهي تقول بخوف فوجهه كان لا يبشر بالخير أبداً مما جعل جسدها يرتعش من الخوف...فأردفت:

-إنتَ هتتحول ولا إيه يا فارس إهدا عشان خاطري

رمقها بغضب وهو يربط حزام السيارة حوله قائلاََ:

-ملكيش علاقة بالمخلوق ده نهائي يا نغم...ملكيش علاقة بجنس الرجالة أصلاً غيري فاهمة

أنهي حديثه وهو يصيح بوجهها

أماءت له برأسها سريعاً ثم قالت بصوت هامس باكي:

-فارس إنتَ بتخوفني

زفر بضيق من حالته وما فعله به صديقه السمج فكلامه وتلميحاته القذرة أشعلت بقلبه وجسده ناراََ تريد أن تأكل ما حولها

لم يشعر أنه أعطاه ما يستحقه ولولا أنهم بمكان عام لكان دهس وجهه بقدمه

مد يـ ـده يتناول خصتها بين قبضته وهو يقبلها عدة قبلات متفرقة قائلاً:

-حقك عليا يا حبيبي بس مقدرتش أمسك أعصابي

يُغير عليها هذا ما إستنبطته من الموقف..

وجعل قلبها يطرق كالطبول

ملمس شـ ـفتيه الناعمة تُسير القشريرة بجسدها...وجودها بحضرتها بالأساس يفقدها صوابها

فاقت من شرودها علي صوت رنين جرس الباب

أخذت هاتفها من علي الطاولة وهي تهاتف فارس

ثواني معدودة وكان صوته يصل لأذنيها قائلاََ:

-إيه يا حبيبي الباب خبط

-أه أفتح؟

خلي التليفون معاكي وروحي إفتحي

إستغربت لطلبه ولكنها طاعته إتجهت أولاََ

تجلب طرحة تضعها علي شعرها ثم فتحت الباب،وجدت شاب في العشرينات أمامها

خرج صوته علي الفور عقب فتحها الباب قائلاََ وهو يمد لها يـ ـده بحقيية :

-فارس بيه طالب لحضرتك البرشام ده

تناولته من يـ ـده وهي تقول له بإمتنان:

-شكراََ...تمنه كام؟

-فارس بيه دافع حقه يا فندم عن إذنك

تركها الشاب وغادر بعد أن أعطاها البرشام

أغلقت الباب خلفه وهي تضع الهاتف علي أذنها مرة أخري وهي تقول بإستغراب:

-إنت دفعت حقه إزاي يا فارس

-علي فودافون كاش يا حبيبي..يلا خدي حباية وحاولي تنامي شوية

-حاضر بس عاوزة أسأل سؤال

-إسألي تلاتة

إبتسمت نغم علي جملته وقالت بتساؤل:

-ليه خلتني أرن عليك

رد عليها بإستنكار لحديثها قائلاََ:

-أسيبك تفتحي لواحد الباب وإنتِ لوحدك في الشقة!!!،إفرضي طلع مش كويس وعملك حاجة

....ملحقكيش؟

ضحكت علي تفكيره وهي تهتف:

-إنتَ فكرت في كل ده

-وفكرت في أكتر من ده،ولازم تخديها عادة أول ما الباب يخبط ترني عليا يا نغم فاهمه

-حاضر

إبتسم إبتسامة صغيرة وهو يقول لها بهدوء:

- يلا تصبحي على خير

-وإنتَ من أهله

أغلقت  الهاتف وهي تدور حول نفسها بسعادة بالغة...لأول مرة بحياتها تشعر بخوف  أحدهم عليها وإهتمامه بها،يا الله تذوب من تلك المشاعر التي تستشعرها  معه...تشعر وكأن الله عوضها خيراً بفارس،فكم من ليالِِ بكت لعدم إهتمام أحد  بها وأن الله حرمها من عائلتها منذ الصغر ولكن الآن تُذيق تعويض الله  الكبير لها

❈-❈-❈

بڤيلا سامح الحديدي

خرج سامح من المكتب وهو يتجه نحو غرفة الجلوس...يستمع صوت زوجته وإبنه هناك

دخل الغرفة وجد زين يتممد علي الأريكة

ومتخذ من قدم سمر وسادة

إشتعلت غيرته وأصبح جسدة كجمرة من النار

لا  يعلم لما يغير من زين علي سمر ولكن الله وحده يعلم أنه شيئاََ لا إرادياََ  منه لا يعلم كيف يتحكم به،يعلم أنه شئ غريب فهو يغير علي زو جته من إبنها  الذي يكون إبنه هو الأخر

صاح سامح بغضب وصوت عالي:

-إنتَ يا حيوان

إنتفض زين من مكانه بفزع وهو يردد:

-سلاماََ قولاََ من ربِِ رحيم

نظرت له سمر بعتاب طفيف وهي تقول:

-كده يا سامح تخضه بالشكل ده

أكمل زين حديث أمه وهو يقول لأبيه بإستعطاف مزيف:

-حرام عليك دَ أنا داخل علي جواز يعني خضة زي دي تقطعلي الخلف

غمغم له بضيق قائلاََ:

-طب إحترم نفسك ومتقربش منها تاني عشان هخليك لا نافع لجواز ولا يحزنون

هتف زين معترضاََ بصوت يائس:

-يا عم دي أمي والله... والله يا ناس أمي،يعني ست الحبايب يا حبيبة

ضحكت سمر علي ولدها وهي تقول لسامح:

-خلاص يا سامح عديله المرة دي..ده عريس كلها كام يوم ويكتب الكتاب

نظر له شزراََ وهو يقول:

-خلاص حددت كتب الكتاب؟

-أه يا موحا إن شاء الله بعد أسبوع إن شاء الله

ردد خلفه بإستنكار:

-موحا!!

-اه موحا ولا هي ناس ناس...لما سمر بتقولهالك بتبقي ناقصلك شوية ويطلعلك جناحات

فلتت ضحكة من سمر دون إرادتها فنظر لها سامح قائلاََ بغيظ قبل أن يغادر الغرفة:

-إضحكي يا ختي اضحكي ما هو خلفتك

نظر لها زين بتسائل مستغرب:

-هو زعل ليه يا سمورة

-إنتَ مش هتيجي غير لما يمسكك يرنك علقة زي بتوع زمان يا زين

رفع لها حاجبيه بتلاعب مرح قائلاََ:

-وأهون عليكي يا سمورة

-ما هي المشكلة إنك مبتهونش يا قلب سمورة

أكملت حديثها بجدية وهي تقول له:

-فكرت يا زين في الموضوع اللي قولتلك عليه؟

-اه يا حبيبتي خلاص هعيش هنا إن شاء الله بعد الجواز

أبتسمت سمر بسعادة وقالت له وهي تتجه إليه لتحتضنه:

-ده أحلي خبر في حياتي..ربنا يسعدك يا رب يا حبيبي

استقبلها زين بأحضانه وهو يقبل رأسها

قائلاََ بمزاح:

-سامح الحديدي لو شافني هيقلبني قرد

قهقهة سمر بصوت عالي علي جملة ولدها وهي تقول:

-إبعد عني أما أطلع أشوفه لأحسن أخد مخالفة

-روحي يا سمورة روحي يا بخته بيكي والله...معرفش حبتيه علي إيه

لكزته بقبضة يـ ـدها وهي تقول بإستنكار:

-إحترم نفسك ده أبوك ده سيد الرجالة

❈-❈-❈

يجلسون ملتفين حول السفرة يتناولون غدائهم

مجتمعين لأول مرة منذ زمن طويل

يوجد  ضوضاء في الغرفة وحديث دائر بين كل واحد من الموجودين..فلين وسارة بوادىِِ  وأحمد ومالك بوادىِِ أخر..وجده وأبيه يتحدثون عن العمل وهو يدير معهم  الحديث

نظر فارس لأبيه قائلاََ بتساؤل:

-أمال أمي فين

-تعبانة شوية فنامت

خرجت تلك الكلمات من إبراهيم بإرتباك لم يخفى عن فارس

فرد الأخر قائلاََ بإستغراب:

-تعبانة عندها إيه!!..كانت حلوة الصبح

قام إبراهيم من علي الكرسي وهو يقول بصوت عالي متهرباََ قبل خروجه من الغرفة:

-هو تحقيق..أهي عندك فوق أهي روح إسألها

نظر أحمد بإستنكار لأبيه الذي غادر الغرفة فور إنتهائه من كلامه ثم أعاد بصره لفارس وهو يقول له بتساؤل:

-أبوك ماله

مد فارس شفتيه للأمام دليل علي عدم معرفته وأكمل طعامه وهو ينتوي الصعود إلى أمه بعد إنتهائه من طعامه

وجهت لين حديثها لفارس وهي تقول :

-فارس أنا وسارة هنخرج بكرة الصبح عشان نشتري فستان لخطوبة أحمد

أماء لها برأسه وهو ينهي طعامه،غادر الغرفة وصعد إلى الطابق الموجود به جناح أمه وأبيه

دق  باب الجناح عدة طرقات ولكن لم يجيب عليه أحد... جعد حاجبيه بإستغراب وهو  يتسائل أين هم فابيه صعد منذ خمسة عشر دقيقة لا أكثر...فهل سينام بهذه  السرعة!!!

تنهد بضيق وإتجه نحو جناحه يهاتف نغم حتي يقابلها فهو إشتاقها كإشتياق المدمن لجرعة المخدرات خاصته لم يعد يطيق وقته بدونها

يريدها جواره طوال الوقت ولكن ليس بيده حيلة

❈-❈-❈

بالغرفة الموجود بها سارة

نجد إبراهيم يقف بالخارج وهو يحدثها من وراء الباب قائلاََ:

-يا سارة بطلي شغل عيال وإفتحي الباب عشان خاطري

وقف يتنظر ردها عليه ولكن مثل السابق لم ترد علي حديثه سوا بالصمت

هبط إلي أسفل ليأتي بالنسخة الأخري من مفتاح هذا الباب

وبعد دقائق من البحث وجده أخيراََ فصعد إلي الغرفة مرة أخري وهو يفتح الباب بالمفتاح الموجود بين يـ ـديه

فُتح  الباب بعد أن أصدر صرير مزعج للآذان....خطي بقدميه إلي داخل الغرفة  ...وجدها تنزوي علي نفسها علي الفراش تنظر للا شئ لم تنتبه لدخوله حتى

....أو فعلت نفسها لم تراه،لم تجد كلام يصف ما تشعر بها لذلك تجنبت حديثه.. مازالت تستمع إلي صوت الكف الذي تلقته منه

مازال شرخ قلبها ينزف...صُدمت بل صعقت من مما فعل هي لم تعتاد علي هذه الأشياء منه

شعرت وأن كرامتها دُهست علي الأرض

تقدم إبراهيم بخطوات رتيبة وبصره معلق نحوها حتي وصل أمام الفراش...جلس جوارها

ونظر للأمام هو الأخر مثلها دون حديث

بقوا علي هذا الوضع لأكثر من عشر دقائق هو لم يتحدث وهي لم تنتظر حديثه من الأصل

ألقي نظرة عليها وجدها كما كانت لم تتحرك

حاول إخراج صوته وبعد عدة محاولات خرج صوته أجش حزين:

-أنا أسف يا نور عيني

لم تنظر إليه ولم يجف لها رمش...مازالت تنظر للأمام بتوهان وانعدام شغف

مد يـ ـديه يجذب بها وجهها نحوه قائلاََ بصوت هامس:

-عشان خاطري إتكلمي...اتخنقي معايا.......

إشتميني،بس متسكتيش يا سارة

ثم أكمل حديثه قائلاً بصوت معتدل:

-لو عاوزة تضربيني قومي إضربيني...وحياتك عندي ما هزعل

ردت عليه أخيراً بعد صمت طويل قائلة بصوت أشبه بالهمس ولكنه وصل إليه:

-بتمد إيدك عليا يا إبراهيم بعد كل العمر ده

-يارب كانت تتقطع قبل ما فكر أمدها عليكي،

لحظة شيطان مقدرتش أسيطر عليها حقك عليا يا نور عيني

تجمعت الدموع بعيناها عند تذكرها لما حدث

فنظرت لأسفل دون حديث حتي لا تنفجر بالبكاء

مد يـ ـديه مرة أخرى يجذب وجهها حتي يكون بمركز رؤياه قائلاََ بصوت مهزوم:

-إنتِ بسكاتك ده بتقطعيني يا سارة..وده مش عدل،لو إدتيني ١٠٠ قلم علي وشي أهون عليا من سكاتك والله

لم تستطيع الثبات أكثر من ذلك أمام حديثه

وجدت نفسها تبكي وتنتحب بشدة كما لو لم تبكي من قبل

جذبها إبراهيم إلي أحضانه وأنامله تتخلل إلي شعرها لتتلاعب به في رقة ونعومة

تشبثت  بأحضانه أكثر ودموعها تنهمر من عينيها،لا تُبالغ حقاََ فصدمتها كانت كبيرة  بما فعله...فهما طوال حياتهم يتناقشون ويختلفون ولكنه لم يفعلها مرة،من  الممكن أن الكف لم يسبب لها ألم جسدي ولكن كان ألمها النفسي أكبر بكثير فكل  ما كان يدور بذهنها كيف هان عليه أن يرفع يـ ـده عليها

بعد  قليل سحبها إبراهيم من أحضانه قليلاً وهو يمسح بأنامه تلك الدموع العالقه  علي وجنتيها ومركز عيناها قائلاََ بنعومة معاكسة لطباعه الحادة:

-عشان  خاطري بلاش دموع تاني،وصدقيني أنا بصَالحك ومش عارف أصالح نفسي من اللي  عملته..زعلان أكتر منك كمان،يارب إيـ ـدي تتقطع قبل ما تتمد عليكي في يوم  من الأيام

خرج صوتها ملتاع قائلة:

-بعد الشر عليكي

إبتسم لها إبتسامة خلابة وهو يأخذها لأحضانة مرة أخري ويضع عدة قبلات علي شعرها قائلاََ:

-ربنا يخليكي ليا يا حبيبتى وميحرمنيش منك أبداََ....يلا تعالي نروح أوضتنا ونطلب الغدا عشان معرفتش أكل من غيرك

❈-❈-❈

يقود  فارس سيارته ذاهباََ لشقته القانطة بها نغم لكي يأخذها من أمام المبني وهو  يفكر بحياته القادمة معها،فهو قرر قراراً نهائياً لا رجعة به إنه سيتز  وجها وهذا الموضوع ليس به نقاش

هو يريد إمتلاكها وتصبح  تحت كنفه....لم يكن أناني يوماََ أو متملكاََ ولكن هذا الشعور طغاه عند  رؤيته لها،قرر أنه سيتز وجها بعد خطوبة أخيه مباشرةً فهو لم يطيق الإنتظار  وبعض الهواجس تُخِفه من معرفتها شئ عن زواجه

من أي حد فزوا جه معروف لدي جميع من بالشركة ومن بخارجها أيضاً بالرغم أن سارة لم تظهر معه بأي مناسبات ولكن الجميع يعلم

يتذكر عندما كانوا بمرسي مطروح بأحد الأيام وهم جالسون أمس أمام البحر

حاول مصارحتها بزواجه بطريقة غير مباشرة

فأراد معرفة رأيها أولاً بالموضوع ومن ثم سيواجهها بالحقيقة

قال لها بصوت معتدل حتي لا يُثير قلقها:

-إنتِ ممكن تقبلي إنك تتجوزي واحد متجوز يا نغم؟

نظرت له بإستغراب للسؤال وهي تقول بمزاح:

-إيه السؤال ده إنت متجوز ولا إيه

أعطاها إبتسامة باهته علي مزحتها وخرج صوته مرتبكاََ:

-سؤال جه في بالي بما إننا في جلسة صراحة

-ماشي هجاوب....مستحيل طبعاً أوافق،لأني أنا بنت وعمري ما أحب إني أجرح بنت زيي

ثم أكملت حديثها قائلة بجدية أكثر:

-وممكن ربنا يعاقبني علي الذنب ده إنه يخلي اللي أنا خدته من بيته ومراته يتجوز عليا أنا كمان وده هيبقي منتهي العدل الالهي

وكمان أنا كنغم مش بحب الرجالة اللي من النوع ده لأنهم بتبقي عنيهم زايغة أصلاً

مفيش حاجة في الدنيا تدي مبرر لواحد إنه يتجو ز علي مراته

بُهتت  ملامحه وسحبت الدماء من وجهه...إجابتها كانت قاتلة لأي أمل بداخله يريد  إخبارها بزوا جه،أصبح الأمر أشبه بالمستحيل...صمت لم يقل لها أي شئ بعد  حديثها هذا وشرد بذهنه بعيداً عنها

خرج من تلك الخاطرة علي رؤيته لنغم التي تنتظره أمام المبني السكني

أوقف السيارة أمامها مباشرةََ وهو ينتظر ركوبها السيارة

دارت نغم مقبض الباب قبل أن تدخل لسيارة جالسة بالكرسي المجاور له

لم يعطيها فرصة أن تلقي عليه السلام بل إنفجر بوجهها بصوت غاضب قائلاََ:

-إيه اللي موقفك في الشارع أنا مش قايلك أما أرن عليكي إنزلي

-وإيه يعني يا فارس أنا لسه نزلة مكملتش دقيقة

رد عليها بصوت جهوري غاضب:

-ولما حد يضايقك تقدري تقوليلي هتعملي إيه

-ده مش أسلوب يا فارس علي فكرة ده إنتَ حتي مقولتليش إزيك

خرجت تلك الكلمات من نغم مستنكرة لحديثه

لم يرد عليها وإلتف ناحية الطريق يقود السيارة بصمت بالغ وهو يحاول تمالك أعصابه

هو  فقط غاضب من تذكره لحديثها ذلك اليوم بخصوص الز واج من رجل متز وج...لم  يصرخ بها عن قصد فأعصابه تُلفت تماماً فدائماََ كان يتميز بالهدوء  والبرود،ولكن منذ معرفته بنغم ولم يعد يعلم للهدوء طريق...يظن أنه بمجرد  إمتلاكها وتصبح بين يـ ـديه سيهدأ وهذا هو ما يحاول الوصول إليه

توقف أمام كافيه بعيد عن ضوضاء المدينة

ونزل من السيارة أولاً ومن خلفه نغم

مسك كفها بخاصته وهم يدخلون إلي الكافية

وهو يعقد العزيمة علي تحديد موعد زوا جهم اليوم فهو لم يعد يطيق ذلك الوضع

جلسوا علي طاولة بعيدة عن الأنظار

وطلب فارس من النادل فنجان قهوة له  وعصير فراولة لنغم فهو يعلم أنها تعشقه

بادرت نغم بالحديث وهي تقول له متسائلة:

-مالك يا فارس في حاجة مضيقاك

-عاوز أتجوزك يا نغم وفي أقرب وقت

-فارس إحنا لسه مكملناش مع بعض شهر!!!

خرجت تلك الكلمات من نغم مستنكرة لحديثه

رد عليها بهدوء حاول التحلي به حتي يقنعها:

-أنا مش بتاع خروجات والكلام بتاع المراهقين ده يا نغم ومبحبش حاجة تقيدني وأنا حاسس إني متقيد معاكي عاوزك أكتر من كده

إحمر  وجهها من الخجل فمغزي كلامه وصل إليها...فبقيت صامتة لم ترد علي حديثه  الجرئ من وجهة نظرها..فهو صريح أكثر من الازم ولا يهمه أحد

أكمل هو حديثه عندما لاحظ خجلها وهو يقول بجدية وحسم:

-هنكتب الكتاب بعد أسبوع يا نغم مفيش إعتراض وهنعيش في الشقة اللي إنتي قاعدة فيها أظن كل حاجة جاهزة

نظرت له بذهول لما يقوله وأردفت بتعجب:

-إيه يا فارس اللي إنت بتقوله ده إزاي يعني هنتجوز بعد إسبوع!!!...مش لازم الأول تعرفني علي أهلك وتشوفهم هيوافقوا ولا لاء؟

رد عليها علي الفور وهو يجد المفر من هذه المعضلة:

-أنا كل أهلي مسافرين مفيش حد موجود في مصر غير أحمد أخويا يا نغم

-وإزاي هتتجوز من غير ما تعرفهم؟

-لاء طبعاً هعرفهم بس هما صعب ينزلوا لأن في شغل هناك ماسكينه وعشان كده بما إن

أهلي مش موجودين وإنتِ أهلك متوفيين

هنكتب الكتاب في البيت هجيب زين صحبي وأحمد أخويا شهود وبعدها نسافر شهر عسل في أي مكان تختاريه

تشعر بشئ ناقص لا تعلم ما هو!!، هل الجميع

يتزو جون هكذا؟...اه لغبائك يا نغم فالجميع

لديهم أهل يتقدم الشاب لهم ويوافقون عليه بعد أن يَمولون عليه شروطهم،أما أنتِ فمن لديكي حتي يجلس معه

بدأت الدموع تتجمع بعيناها وصدرها يلتوي من الألم النفسي الذي تلقاه بهذه اللحظة

فبأسعد لحظات حياتها تجلس وحدها أمامه

شعر فارس بها وما يجول بخاطرها فمد

يـ ـديه يتناول خصتها وهو يقول بصوت حنون دافئ:

-عشان  خاطري بلاش دموع...عارف إنك زعلانة وكان نفسك حد من أهلك يبقي معاكي في  اللحظة دي بس صدقيني يا نغم والله العظيم لأكون كل أهلك وعمري ما هستغل  النقطة دي لصالحي أبداََ..هكون أنا أبوكي وأخوكي وأمك كمان لو عاوزة

ختم حديثه بمزاح

فضحكت من وسط دموعها علي مزحته وهي تقول له :

-بس أنا مينفعش أتجوز من غير ما إياد يبقي موجود

-وسي إياد ده فين وأنا أروحله

-من  وقت سافرنا مكلمنيش بس لقيته باعتلي رسالة علي الواتس بيقولي إنه طالع مع  صُحابه مُعسكر لمدة شهر والمكان اللي فيه مفيهوش شبكة من إمبارح وأنا بحاول  أكلمه بس الشبكة مبتجمعش فعلاً

أخذ شهيق حتي لا يتعصب عليها من ذكرها لهذا الإياد والحديث عليه بكل تلك الأريحية

كما لو كان من ضمن عائلتها....إهدأ عندما تصيح ملكك تحكم بها مثل ما تريد،وقتنا ستستطيع إبعادها عنه

قال لها بصوت رجولي حاسم :

-يجي بالسلامة يا نغم ملناش دعوة أنا حددت خلاص إن كتب الكتاب بعد إسبوع

جاءت نغم لترد عليه بالرفض قاطعها فارس وهو يقول لها بحدة:

-ما خلاص يا نغم في إيه...لو مش عاوزة الجوازة قولي من غير لف ودوران

ردت عليه نغم سريعاً نافية لحديثه قائلة:

-لاء طبعاً والله مش قصدي..كل الحكاية إني متوترة شوية،والموضوع بيتطور بسرعة أوي

-مفيش أجمل من السرعة يا ماسة

رددت نغم خلفه الكلمه بإستغراب:

-ماسة!!

أماء لها برأسه وهو يقول بشجن:

-من أول لحظة شوفتك فيها وأنا شبهتك بالماس..نفس لمعانه ونعومته،شفافة زيه بالظبط كل اللي جواكي بيبان في عنيكي

إبتسمت نغم إبتسامة رقيقة لكلامه الذي يفعل بها أشياء لا تُعد ولا تُحصي ...تشعر بفراشات تحلق بمعدتها من حديثه..

تذوب به وبحديثه الناعم الذي يتغلغل بداخلها

تحب هذا الشعور الذي يغمرها عند مُجالسته

تشعر بالأمان والدفئ...رجل بحضرته قادر علي زعزعت مبادئها وقرارتها،رجل تُحب معاشرته

-سرحتي في إيه يا ماسة

-كلامك بيوترني مبعرفش أرد

-ما هو ده المطلوب يا حبيبي

ثم أستكمل حديثه وهو يقول لها:

-متجيش الشركة تاني عشان تلحقي تجهزي نفسك وتعملي حاجات العرايس دي

ردت نغم علي حديثه بإحراج شديد وهي تنظر للأسف غير قادرة لرفع بصرها تجاهه قائلة:

-فارس إسكت بقي

قهقه فارس بشدة وهو يضع يـ ـده علي فمه

كعلامة علي صمته

10=الفصل العاشر

تعالي وإتركي قيود الجهل والغرور تتلاشى

من إيـ ديكي وإرتمي بحضني،،،

فالشوق أعطاني درساً قاسياً

وأسرني

بين قبضان هجرك

❈-❈-❈

يجلس على كرسي مكتبه بأريحية شديدة

سانداََ رأسه علي ظهر المقعد ناظراََ إلي سقف الغرفة بشرود

يشتاقها  وبشدة مر يومين علي أخر مرة رأها بها تمنع نفسها عنه منذ ذلك اليوم بحجة  أنها مشغولة بترتيبات زوا جهم...مكالمتهم صارت لا تتعدى الربع ساعة بعدما  كانت تصل لساعات

يشعر بأنه ليس علي ما يُرام...يشتاق لعيناها

التي  تدعوه لتقبيلهم كلما أبصرهم،يشتاق لخجلها وللفراولة التي تطرح علي  وجنتـيها عندم يُخجلها بالحديث،صارت شئ أساسي بيومه...صوتها في الصباح هو  من يجعل يومه مُختلف عن غيره،ضحكتها من تُنير له الحياة

لا يعلم متي حدث كل ذلك ولكنه حدث...

رغبته بها تزيد كل دقيقة بل كل ثانية...يَعد الليالي حتي تصير بين يـ ديه،ويكون هو المسؤول الأول عن كل ما يخصها..يبثها

شوقه ورغبته بها مثلما شاء

قطع عليه شروده وخلوته صديقه زين

الذي إقتحم غرفة المكتب كما لو كان شرطي

معه أمر بالقبض عليه

خطي زين بقديمه إلي الداخل بعدما دفع الباب

وجلس بالكرسي المقابل لفارس قائلاََ بإستغراب:

-إنتَ لسه هنا يا فارس...الخطوبة فاضلها ساعتين

رد عليه فارس بهدوء متغاضياََ عن دخوله بهذه الطريقة التي يكرهها وبشدة:

-الدنيا باظت خالص في الأسبوع اللي سافرته والشغل بالكوم فوق رأسي،مهاب عاكك الدنيا

-حد يعتمد علي مهاب برضو

ثم أكمل حديثه قائلاً بود:

-طب قوم إنتَ رَوح لازم تبقى جمب أحمد النهاردة وسبلي الملفات دي أنا هخلصها وأحصلك

أماء له فارس بالموافقة وهو يعود بالكرسي المزود بالعجل عند أقدامه إلي الخلف... سانداََ رأسه مرة أخرى علي ظهر المقعد

-رانيا راحت لنغم؟

خرجت الجملة من شـ ـفتي فارس متسائلاً

رد عليه زين بعدما وضع يـ ـده علي رأسه قائلاً:

-راحت بطلوع الروح..شوية وكنت هوطي علي رجليها أبوسها والله

هتف فارس بإستنكار لحديثه وهو يرفع له إحدى حاجبيه:

-ليه كل ده!!

-هو إيه اللي ليه يا فارس بطل برود إحنا بنخدع البنت ولولا إنك صحبي وعارف ظروف جوازك إيه عمري ما كنت هشترك في الحوار ده

-فين الخداع في الموضوع!!...هي عاوزاني وانا عاوزها فهنتجـ ــوز  الموضوع بسيط،وأكيد أنا هصارحها بس مش دلوقتي

ثم إسترسل حديثه قائلاً بتحذير:

-زين أوعى رانيا تقع بالكلام قدامها

-مقدرش أوعدك يا فارس إن ده مش هيحصل

أنا  أقنعتها بالعافية إنها تروح وتساعدها في تجهيزتها وإنها يتيمة وغلبانة  وملهاش حد يقف جمبها...وإن دي حاجة بينكم إحنا ملناش دعوة بيها،إستعطفتها  بمعني أصح

أماء له مرة أخرى قبل أن يقوم من علي الكرسي أخذاََ جاكت حلته المُعلق علي الكرسي

قائلاً له:

-أنا همشي دلوقتي وبعدين نكمل كلامنا

عقب حديثه غادر المكتب بهدوء تام وأغلق الباب خلفه... دائماً ما يُحيطه هالة من البرود واللا مبالاة في حديثه وفي هيئته الخارجية

مهما كان الأمر سئ يبقي ثابتاً لا يهتز له جفن

إتجه زين فور خروجه يجلس علي مقعده حتي يتابع العمل الموجود أمامه

شرد قليلاً وهو يتذكر كيف أخبره صديقه عن موضوع ز واجه  أمس البارحة

كان يجلس بمكتبه بشركة أبيه يعمل علي أحد الملفات وجد صديقه يفتح الباب ويدخل إليه

بهدوء تام ليس بالجديد عليه

قام زين من علي كرسيه بإستغراب وهو يقول بذهول:

-فارس وفي شركة أبويا!!..يبقي يوم القيامة الجمعة الجاية

تقدم فارس نحوه وهو يجلس على الكرسي المقابل قائلاََ قبل أن يُخرج من جيبه سيجارة

يشعلها:

-ما حضرتك عاملي فيها مهم ومش فاضي قولت أجيلك أنا

-بحاول أراضي أبويا شوية.... المهم إنتَ كتفك عامل إيه دلوقتي

-لسه بغَير عليه بس الحمدلله الألم خف شوية

-طب الحمدلله...فكرت هتعمل إيه مع علي المنشاوي

هز رأسه بالنفي وهو يأخذ شهيقاََ من سيجارته قائلة بلا مبالاة:

-دماغي مش فضياله دلوقتي

-والوحش دماغه مشغولة بإيه يا ترى مخلياه مش فاضي يفكر  هيرد علي اللي عدوه عمله ده بإيه

وضع قدماً فوق الأخر وهو يُريح جزعه العلوي علي مسند المقعد قائلاََ بهدوء:

-هو ده اللي أنا جايلك فيه يا زين

أخذ نفساََ عميقاً قبل أن يكمل حديثه ومن بعدها قال:

-أنا قررت أتجو.ز

رفع زين حاجبه بذهول لما سمعه من صديقه

مردداََ خلفه بصدمة:

-تتجو.ز!!!...تتجو.ز مين؟

لم يعطي له فرصة للإجابة علي سؤاله فلقد عمل عقله سريعاً وعلم من تكون العروس فخرج صوته متسائلاً بترقب:

-نغم صح؟

-طول عمري أقول عليك نبيه

صاح زين به مستنكراً:

- إنتَ بتهزر يا زين عاوز تتجو.زها إزاي!!

- عاوز أتجو.زها زي ما أي حد بيتجو.ز ...إيه الغريب في الموضوع

-الغريب إنك متجو.ز...إزاي هي توافق أصلاً

-مقولتلهاش إني متجو.ز...وده مش موضوعنا يا زين أنا جاي أعرفك إني قررت خلاص إني هتجو.ز وبعد كتب كتابك على طول

قام زين من كرسيه وإتجه نحو مكان جلوس فارس قائلاََ قبل جلوسه علي الكرسي الآخر المقابل له مباشرةً:

-أنا مش فاهم حاجة فهمني..السلوك لمست في دماغي

أطفئ سيجارته بهدوء في المطفأة الموضوعة علي طاولة المكتب..ثم أعاد بصره إلي زين

قائلاََ بتريس:

-أنا  هتجو.ز نغم بعد كتب كتابك إنتَ أكتر واحد عارف إني من أول ما شوفتها وأنا  مش علي بعضي، فقعدت مع نفسي وقررت إني هتجو.زها وقولتلها ده فعلاً وهي  وافقت وبتحبني كمان

وجايلك النهاردة أقولك عشان تعمل حسابك إنك هتشهد علي الجوا.ز

ثم إسترسل حديثه قائلاً بجدية:

-وعاوزك كمان تبعت رانيا لنغم الشقة تساعدها

في  حاجات المتجو.زين دي وتشوف معاها فستان كتب الكتاب وكلام البنات ده لأن  نغم ملهاش في حاجة ومتعرفش حد... وطبعاً مش محتاج أقولك إنك تشدد عليها  إنها متجبش سيرة لنغم بجوا.زي

-رانيا مين اللي أدخلها في الحوار يا فارس إنتَ بتهزر!!....ده إنتَ لو محتاج لحد يفضحك مش هتقولي أعرفها

رد عليه زين بإستنكار لحديث صديقه الذي يتضح عليه أنه جن لا محالة

أغمض  فارس عينيه في حركة مُعتاد علي فعلها عند إرهاقه قائلاً بصوت مُتعب لا  يخرج إلا لصديق أيامه ورفيق دربه...من يأتي ليلقي عليه حِمله دون خوف أو  رهبة من فضح سِره:

-أنا عاوزها يا زين...جوايا رغبة كبيرة جداً في إمتلاكها مش عاوز أفكر في العواقب دلوقتي

بعد ما تبقي معايا هحاول أتصرف...عشان خاطري ساعدني ومتلومنيش أكتر من كده

لأني عارف إن كل ده غلط،أنا كنت هفاتحها في الموضوع بس قلقتني لما قالت إنها مستحيل تتجو.ز حد متجو.ز

خرج  من شروده وهو يزفر بضيق لما حَل علي صديقه...سعيد من أجله ومن أجل لمعة  عيناه التي ولأول مرة يراها بعينه ولكن بنفس الوقت حزين على نغم فهي تعتبر  مخدوعة بفارس..وحزين علي صديقه أيضاً من نتائج ما سيفعله

❈-❈-❈

بإحدى المولات الكبيرة

نجد نغم ورانيا يجلسون على طاولة بحديقة المول بعد إرهاقهم الشديد من اللف فهم منذ الصباح يدخلون المحل هذا ويخرجون من ذاك

لم يَعدُ قادرين علي الشعور بأقدامهم من كثرة سيرهم

تنفست رانيا بصوت مسموع بتعب بَين وهي تقول بإرهاق:

-أنا خلاص مش قادرة

أردفت نغم بخجل:

-أنا أسفة يا رانيا تعبتك معايا

حدجتها رانيا بنظرة عاتبة علي حديثها وهي تقول:

-تعبتيني  إيه بس إحنا مش إتفاقنا إننا هنكون صحاب من هنا ورايح...بما إن فارس وزين   صحاب لازم إحنا الإتنين نكون صحاب عشان نعمل عليهم عصابة

أنهت كلامها بمزاح وهي تضحك

ضحكت نغم هي الأخري قائلة:

-صداقتهم بجد غريبة وجميلة أوي...فارس

بيقولي إنه بير أسراره وعنده إستعداد يخسر أي حد يزعل زين

أماءت رانيا توافقها علي حديثها قائلة بإسترسال:

-تتخيلي أصلاََ إن كل مشاكل زين مع أبوه بسبب فارس لدرجة إن زين مبقاش يروح شركتهم

-ليه مشاكلهم بسبب فارس؟

خرجت هذه الكلمات بإستغراب من فم نغم

-عمو سامح أبو زين مش بيحب فارس خالص

بسبب إنه عدوه في السوق وكده

أكملت حديثها وهي تتصفح الحقائب الموضوعة علي الطاولة قائلة:

-كده مفضلناش غير الفستان...هنطلب حاجة نشربها وبعدها نروح نجيبه

عقب إنتهاء كلامها طلبت من النادل الموجود بالمكان علبتين كنز وزجاجة ماء

ثم أعادت أنظارها مرة أخرى لنغم قائلة بفضول تتميز به:

-عقبال ما الطلبات تيجي إحكيلي بقي إيه اللي طور العلاقة بينك إنتِ وفارس كده

إبتسمت نغم بحب لتلك الذكريات التي داهمتها

وبدأت تحكي لها قصتها منذ أول لقاء بينهم

حتى ذلك اليوم الذي صارحها فيه أنه يريد أن يتز.وجها

تضع  يـ ـديها الاثنين علي خديها وعيناها علي نغم وأذنها تنصت لما تقوله نغم  بذهول وعدم تصديق...لم تصدق أن فارس الهواري من كان مديرها يفعل كل هذا أو  يكون يمتلك كل هذا القدر من الرومانسية،لن تشعر بنفسها سوا وهي تُردف لنغم:

-هو إنتِ بتتكلمي بجد ولا دي الكاميرا الخفيه

ضحكت نغم بصوت عالِِ على تعبيرات وجهها التي كانت كافية لتوضح مدى صدمتها من حديثها

وقالت بعد أن إلتقتطت أنفاسها وهدأت ضحكتها قليلاً:

-لاء بتكلم بجد والله كل اللي أنا حكتهولك ده حصل

جاء النادل بهذه اللحظة ووضع المشروبات أمامهم ثم غادر بهدوء

مدت رانيا يـ ـديها تتناول مشروب الصودا خاصتها وهي تقول بترقب:

-طب وإنتِ ليه مش هتعملي فرح؟

تنهدت بحزن فأي فتاة بعمرها تتمني أن ترتدي فستان زفاف ويكون يوم زفافها أسطوري

أما هي فلم تتذكر يوماً أنها تمنت هذه الأمنية

ولو حتي بينها وبين نفسها...ففتاة مثلها لا يوجد لديها أهل أو أصدقاء أو أقارب فمن سيفرح لها في زفافها!!!

خرج صوتها مثقل بالهموم قائلة:

-هعمل فرح لمين يا رانيا هو أنا أعرف حد...

فارس قالي إن أهله كمان مسافرين فالفرح ملوش لازمة هنسافر أحسن

-بتحبي فارس يا نغم ولا إنبهرتي بمكانته وسلطته ومتفهميش سؤالي غلط إحنا بنفضفض سوا

نظرت  لها نغم بعيون لامعة براقة وقلب ينبض من كثرة شوقه له ولكنها تمنع نفسها  من رؤيتها حتي يستوحشها يوم زفافهم مثلما تسمع من الجميع...أردفت بإبتسامة  خلابة:

-مش بحبه بس يا رانيا أنا بقيت بعشقه...بعشق كل تفاصيله،هو الراجل الوحيد اللي ملا عيني

وقلبي...الوحيد اللي حسيت إني ممكن أسلمله نفسي وأنا مش خايفة من الدنيا ولا من بكره

راجل  أقدر أعتمد عليه في كل حاجة،عمري في حياتي ما بصتله علي إنه إنسان غني  وأنا مش هقول متوسطة لاء أنا صفر جمبه...بس الغنى الحقيقي غنى النفوس  والقلوب مش الفلوس

لما حبيته حبيت فارس مش فارس الهواري

هزت رأسها للأمام بشرد وقد داهمها الذنب

فهي تشعر بأنها تخدع تلك الفتاة البريئة

تريد قول الحقيقة لها ويحدث ما يحدث

ولكن سعادتها بالحديث عن فارس تمنعها

لم تغفل عن تلك القلوب التي تتصاعد من

عيناها عند حديثها عنه،تكاد تسمع دقات قلبها

وهي تصف لها حبها له ومدي ثقتها به،علمت

أن تلك الفتاة وقعت في براثين الوحش

ولكن لا يوجد بيـ ـدها شئ سوا الدعاء لها

وأن يظل معها هذا البطل الذي تحكي عنه

ولا يتقلب عليها بعدما يمتلكها فهي حتي الآن

لا تصدق أن فارس يُحب احد بهذه الطريقة

❈-❈-❈

يقف أمام مرآته يُقيم مظهره الخارجي،رفع

يـ ديه يهذب تلك الخصلات المتمردة علي جبينه رافعها مع إخوانها لأعلي

أخذ  جاكت بذلته الموضوع علي السرير وإرتداه أمام المرآة..فكان يرتدي حلة زرقاء  اللون كلاسيكية،كان مظهره أشبه بنجوم السنيما... مد يـ ده يلتقط عطره  المفضل الموضوع أمامه علي التسريحة

وبدأ بالضغط عليه واضعاً إياه علي جـ سده

ألقي  نظرة أخيرة علي المرآة يرى بها نفسه وهو يضع زجاجة العطر مرة أخرى على  التسريحة....ثم إستدار يأخذ هاتفه ومفاتيح سيارته من على الطاولة الموجودة  بغرفة نومه

خرجت سارة بتلك اللحظة من غرفة الملابس الموجودة بغرفة نومهم...وهي تخطو نحو فارس معطية له ظهرها قائلة:

-فارس لو سمحت إقفلي السوستة

أماء لها برأسه وهو يمد يـ ده بهدوء لكي يغلقها

بعد إنتهائه من غلقها إستدارت سارة له وهي

تقول بتساؤل:

-إيه رأيك في الفستان

نظر له فارس بتفحص فكانت ترتدي فستان باللون الاحمر القاتم  وحجاب باللون الأوف ويت

أعاد بصره مرة أخري لوجهها وجدها تضع الكثير من أدوات التجميل ...للحق سارة جميلة

وجميلة جداََ..بقوامها الممشوق ووجها الحِنطي وعيونها المرسومة بيد فنان ولكنه لم يراها يوماً جميلة ولم يتقبلها

ذهب  ذهنه إلي نغم التي لم يراها يوماً تضع كل تلك البهرجة علي وجهها فأكثر ما  جذبه لها هو نقاء وجهها الذي يعكس نقاء قلبها...دائماََ قادرة علي أََسره  بإطلالتها الرائعة وإبتسامتها الخلابة،تشعل رغبات رُجولية به لم تستطيع  إشعالها أكثر النساء إثارة

رفعت سارة يـ دها تمررها أمام وجهه قائلة بصوت عالِِ نسبياً:

-فارس...روحت فين

رمش بعينيه من أثر حركتها وعاد من شروده مرة أخري قائلاََ لها بإقتضاب:

-أنا نازل خمس دقايق وتكوني تحت عشان هنتحرك ٦ بالظبط

لم يترك لها الفرصة حتى تُعقب علي حديثه

فعقب إنتهاء حديثه غادر الجناح متوجهاً إلي أسفل

وقفت تنظر إلي طيفه بوجه خالِِ من أي مشاعر تُذكر...شردت قليلاََ في الماضي وهي تتذكر بعض كلمات الغزل التي كانت تذوب بصاحبها

-إنتِ أجمل واحدة شافتها عيني يا سارة

-الحقيقة إن إنتِ اللي محلية الفستان مش العكس

-هتحدى العالم كله علشانك يا سارة

-مستعد أخسر أهلي واحد واحد بس تكوني معايا

نزلت  دمعة واحدة فقط من عيناها وهي تسترجع بعض الذكريات التي تتهرب منها طوال  الوقت...تتهرب من تذكره هو وكلامه الذي كان يخترق قلبها ويجعلها فراشة تود  أن تطير في السماء

جلست علي السرير من خلفها وعيناها متسعة

تقاوم تذكرها لحديثه..أغلقتها سريعاً عندما بدأت ترسم ملامح وجهه وتشم رائحة عطره التي كانت تتغلغل بداخلها سابقاََ

أخذت شهيقاََ ومن بعده زفيراََ...مكررة فعلتها لعدة مرات متتالية حتي بدأت تستعيد نفسها من جديد من تلك الذكريات التي سحبتها للقاع

❈-❈-❈

بالأسفل

يجلس فارس مع أبيه وجِده في بهو القصر منتظرين باقي العائلة حتى يُغادرون

قال فارس لأبيه متسائلاََ:

-أمال مالك فين

-شبط في أحمد وهو ماشي راح معاه

أماء له فارس ونظر للأمام مرة أخرى

بعد الصمت المطبق في المكان لربع ساعة

هتف إبراهيم بملل من الإنتظار:

-الستات دول ميبقوش ستات لو متأخروش

ضحك محمد حتي بانت تجاعيد عيناه قائلاََ:

-أمك الله يرحمها ويحسن إليها كانت كده برضو...كانت كل خناقتنا بسبب موضوع التاخير دَهو

-الله يرحمها يا بابا كانت دايماََ تحكلنا قد إيه هي بتحبك

-وأنا يا بني والله كنت بحبها حب ملوش مثيل

-صادق يا بابا الدنيا كلها كانت عارفة إنتَ بتحبها قد إيه...وأكبر دليل رفضك القاطع إنك تتجوز غيرها بعد مماتها

تنهد محمد بإشتياق لزوجته الراحلة وقال لإبنه بشجن:

-بعد أمك يا إبراهيم كل ستات الدنيا إتحرَمت عليا

يجلس  يهز ساقه بملل وخنقة من تأخيرهم والحديث السائد أمامه...قلب عيناه وهو  يأخذ نفس عميق مستغفراََ ربه بسِره،ففارس الهواري يجلس يستمع لقصة الحب  العظيمة الخاصة بجِده وجدته ياه للدهشة...كل ثانية والآخرى ينظر لساعة يده  يريد الاختفاء من أمامهم الآن

فأبيه وجِدوا صاروا يتذكرون ماضي جدته الحبيبة المتوفاه منذ زمن بعيد،منظرهم الآن أشبه بالكراكيب في السن

ها  قد ظهرت أمه أخيراً تنزل من علي السلم الموجود بمنتصف البهو بفستانها  الأزرق الذي يناقض بياض وجهها وترتدي حِجاب من نفس  لون فستانها....أنيقة  وجذابة دائماََ هذا ما ورد بذِهنه عند رؤيتها فهذه عادة أمه ليس بجديد  عليها عندما تراها تظن لوهله أنها بأواخر عقدها الثاني لا أكثر

نظر  إبراهيم للسلم عندما سمع صوت دقات كعب حذائها الذي جعل دقات قلبه تهيج هي  الآخري...إرتسمت علي وجهه إبتسامة عاشقة وهو يقوم من مكانه متجهاً نحو  السُلم

مد يـ ده لها عند وصولها لأخر درجات السُلم

قائلاََ بعيون لامعة:

-بطَل عليا النعمة متجوز بطَل

إبتسمت سارة بخجل علي كلمته التي دائماً

يُلقيها علي مسامعها حتي صارت متلازمة

وضعت يـ ها بخصته وهي تقول له بعد أن إلتفتت حولها:

-أمال لين لسه منزلتش؟

جاء أن يرد عليها...ولكن سبقه صوت لين التي تخبرها بوجودها وبجوارها سارة زوجة فارس قائلة:

-أنا أهو يا ماما

أبعد  فارس بصره من علي أمه وأبيه ورفعه قليلاً لأعلي السُلم فوجد لين ترتدي  فستان عاري من وجة نظره وشعرها الناعم ينزل مسترسلاََ علي إحدى  كتفيها!!!...ما هذا أيحلم؟

إختفت الإبتسامة التي كانت مرسومة علي وجهه عند رؤية حُب أبيه لأمه...وقام من مكانه بعدما رمش مرتين يتأكد بهم أن ما يراه صحيح...

خرج صوته بفحيح مخيف برغم من هدوئه:

-إيه اللي إنتِ لبساه ده

إخترق صوته أذنيها وهي تخطو أخر درجة

وإنقطعت أنفاسها من الخوف مما هو قادم..

نبهها  عقلها سريعاََ للوقف بجوار أبيها...ذهبت خلفه بأقدام مرتعشة من الخوف ،فهي  نسيت تماماً أن أخيها لم يعلم حتي الآن أنها خلعت الحجاب

ذهب إليها بخطوات رتيبة حتي وقف أمام أبيه الذي يحجبه عنها

مد يـ ده بغضب جلي وهو يسحب يـ داها

بعنف...جاعلاََ إياها بمركز رؤيته عائداً سؤاله

مرة أخري ولكن هذه المرة بصوت جهوري:

-إيه اللي إنتِ لبساه ده

إهتز جسدها بخوف من صوته فنظرت لأبيها الصامت تستجدي به بنظراتها

ولم يخيب أبيها مطلبها فتدخل قائلاََ بتريس:

-إهدا يا فارس وخلي الكلام ده لبعد الخطوبة عشان كده هنتأخر

رمق أبيه بنظرات حادة كالسيف قائلاََ:

-تولع الخطوبة

ثم ضغط علي يـ ـديها أكثر بخاصته وهو يقول

بغضب بعدما أعاد أنظاره لها:

-إنطقي إيه المسخرة اللي إنتِ عملاها دي...فين حجابك ولا هو بقى يتقلع في المناسبات

خرج صوتها أخيراً بعدما علمت أن لا يوجد سبيل للفرار من هذا المأذق فأبيها طوال ما فارس يتحدث لم يتدخل أبداََ فقالت بتلعثم:

-أنا قلعت الحجاب من فترة

-قلعتي إيه!!!

لم  ترد عندما رأت معالم وجهه التي تغيرت مئة وثمانون درجة فلأول مرة ترى  الوحش الذي يحكي عنه الجميع...لا تشعر بشئ سوا إرتجاف جسدها وألم من قبضته  التي تشتد علي يـ دها بعنف،أخذت تدعو الله أن ينجدها من بين يديه

تقدم محمد نحوهم وهو يمسك يـ د فارس القابضة علي خاصتها قائلاََ بصوت قوي:

-سيبها يا فارس الكلام ميبقاش بالطريقة دي

رد عليه فارس وهو يضغط أكثر علي يـ دها ساحباََ إياها له أكثر قائلاََ بصوت عالِِ مذهول وهو يبصر جِده:

-أسيب إيه ده بتقولك قلعت الحجاب

أعاد بصره إليها قائلاََ بعنفوان بعدما حرر

يـ داها بعنف

رافعاً يـ ده قابضاََ علي خصلات شعرها:

-ده أنا أقتلك فيها...عاوزة تمشي علي حل شعرك يا بنت الهواري

نزلت دموعها بألم وهي ترفع يـ دها تضعها علي  يـ ده في محاولة منها لإبعادها عن خصلات شعرها قائلة بنحيب:

-سيب شعري بيوجعني

تدخل إبراهيم علي الفور وهو يدفع فارس بعيداً عنها قائلاََ بغضب من أفعال إبنه المتهورة:

-لاء ده إنتَ زودتها أوي

لم  يُعير لكلام أبيه أي إهتمام ولم ينظر إليه حتى بقي مسلطاََ نظره عليها  بشر...تفور الدماء برأسه عندما يتخيل أن أحداً سيراها وهي بهذا الشكل  المتبرچ

شد علي فكه السفلي من كثرة غضبه...وعروقة ظهرت بشدة وكأنها ستنفجر...

أردف بصوت أمر لا جدل به وهو يشير بيـ ده لأعلي:

-تتطلعي حالاََ تغيري المسخرة دي وتحطي حاجة علي شعرك

تدخلت والدته عندما صعبت عليها حالة إبنتها التي تبكي بنحيب وجسدها يرتجف وبشدة

أردفت بصوتها الهادئ قائلة لفارس:

-سيبها بس النهاردة يا فارس ولما نرجع إبقوا إتكلموا سوا

-علي جثتي تخرج بالمنظر ده

إسترسل حديثه وهو يوجهه لأبيه قائلا بإستفسار ساخر:

-إيه هنركب قرون ولا إيه

لم  يرد عليه إبراهيم بل نظر للأسفل يحاول إيجاد رد مناسب ولكن حقاََ كان منظر  إبنته مبتزلاََ للغاية...رفع رأسه مرة أخري عندما إستمع صوت إبنه وهو  يقول:

-إتحركوا إنتوا...وأنا هجيبها وأجي بعد ما تغير

قالت سارة الصامتة منذ ان إبتدا هذا الجدال

مستجيبة لنظرات إبنة عمها المستنجدة بها:

-أنا هخليني معاها أساعدها يا فارس

-قولت كلكم تتحركوا وأنا هجيبها وأجي

صدع صوت فارس في أرجاء القصر بحدة

عادةََ لا يستخدم هذا الأسلوب أبداََ،فهو من

مُحبين  مدرسة البرود والتحدث بهدوء تام ناتج عن بروده...أما الآن للحق فهو يشعر  وكأنه جمر من النار يريد أن ينصهر،صُدم من هيئة أخته التي دائماً يخاف  عليها من نسيم الهواء

تأتي الآن وترتدي فستان يصل إلي ركبتها

وذراعيها المرمرين ظاهرين للعِيان!!!

غادر الجميع مثلما أمر ولكن قال له إبراهيم قبل مغادرته بهمس لا يسمعه سواه:

-ليا كلام تاني معاك بعد ما نرجع

❈-❈-❈

في قاعة راقية جداً،لا يوجد بهرجة ولا مظاهر خداعة ولكن إحتفال بسيط ومناسب جامع

كل  الأهل والأقارب والأصدقاء،خالي من رجال الأعمال والشخصيات الهامة....فهذه  كانت رغبة أحمد أن يعمل خطبة هادئة بعيدة عن عالم الصفقات ورجال الأعمال

دخلت عائلة الهواري إلي القاعة بهدوء تام

إتجه محمد وإبراهيم للخارج مرة أخري بعدما

بعدما أوصلوا سارة وسارة حتي يستقبلوا الضيوف

إتجهت سارة نحو إبنها تاركة سارة زوجة فارس واقفة بالمنتصف غريبةََ لا تعلم أحد

نظرت سارة حولها عدة مرات تستكشف المكان

وهي تتمني أن تجد أي معارفها هنا لتجلس معه إلا أن تأتي لين ولكن لم يحالفها الحظ

تنهدت بضيق وهي تذهب إلي طاولة رأتها

فارغة بعيدة نسبياً عن الجميع

دخل زين القاعة وبجواره رانيا تتمسك بذراعه

نظر نظرة عابرة إلي الحضور ومن بعدها إتجه نحو منصة العروسين حتي يُهنئ أحمد بخطبته

قام أحمد من مكانه مستقبلاََ زين بإبتسامة حب وهو يقول بمزاح مستنكر:

-زين باشا بنفسه

جراه زين بمزاحه قائلا بتكبر مصطنع:

-قولت أعطف عليك وأدَخل الفرحة قلبك بحضوري

ضحك أحمد بصوت مجلجل وهو يقول له قبل أن يحتضنه:

-لاء كتر خيرك يا باشا

ربط زين علي ظهره مردداََ بخفة:

-مبروك يا صحبي لدخولك عالم المخطوبين عقبال متتأهل يا رب وأشوفك من المتجوزين

إتجهت رانيا تجاه سارة والدة فارس بعدما باركت لأحمد ورقية تاركة لهم المجال للحديث

إستقبلتها سارة بالأحضان وهي تقول لها بسعادة:

-رنون...وحشتيني أوي

إحتضنتها رانيا هي الأخرى بسعادة بالغة فسارة

كانت صديقة والدتها المقربة رحمة الله عليها  قائلة:

-حمدالله علي سلامتك يا طنط

-الله يسلمك يا حبيبتي... عاملة إيه والواد زين عامل معاكي إيه

-الواد زين مظلوم معاها والله يا سرسورة

جاء صوت زين من خلف رانيا سابقاً إياها بالإجابة وهو يصيح بمزاح

ثم إسترسل حديثه قائلاً:

-مصر نورت بوجود القمر والله

ضحكت سارة بخفوت علي زين فهو يعطي بهجة لأي مكان يُخطي بقدمه فيه...قالت وهي تلكزه بذراعه بقيضة يـ دها :

-بس يا بكاش

دخلت رانيا في الحوار موجهة حديثها لسارة قائلة:

-أمال فين لين يا طنط بدور عليها من وقت ما دخلت بس ملقتهاش

ضاف زين علي حديثها قائلاََ بإستغراب:

-وفارس برضو مش موجود وعمو إبراهيم قالي إنه لسه في البيت...في حاجة ولا إيه يا طنط

زاغت عيناها في المكان وخرج ردها متلعثماََ:

- لاء دَ لين كانت متأخرة في اللبس وفارس قال يستناها

عقب إنتهاء كلامها لقطتهم أتون نحوهم فقالت

براحة طغت علي ملامحها عند رؤيتهم:

-أدي فارس ولين وراكم أهم

إلتفت زين ورانيا بحركة تلقائية...وجدوا فارس متجه نحوهم متهجم الوجه يرد علي من يلقون التهاني عليه بإقتضاب وبجواره لين

ملامحها  هي الأخري لم تختلف عن ملامح أخيها كثيراً..كانت ترتدي فستان باللون  الأسود منسدل علي جسـ دها وتغطي شعرها بطرحة باللون الأحمر ووجهها كان خالي  تماماً من اي من مستحضرات التجميل

عندما وصل لهم ألقي تحية فاترة علي زين ورانيا

وإتجه نحو أخيه يبارك له بإبتسامة مرسومة على ثغره قائلاََ:

-ألف مبروك يا حبيبي عقبال الليلة الكبيرة

إحتضنه أحمد بشدة وهو يقول:

-الله يبارك فيك يا وحش

ثم أخفض صوته قائلاََ بهمس مرح لا يسمعه سواه:

-الليلة الجاية عند زين وبعدها عندك إن شاء الله عاوزينك تشرفنا

لكزه فارس وهو يبعده عن حضنه قائلاََ:

-إمسك لسانك

إتجه صوب رقية ومد يـ ده لها قائلاََ بصوت هادئ:

-ألف مبروك يا رقية...عاوزك من النهاردة تعتبريني زي يونس،ولو الواد ده زعلك قوليلي بس وملكيش دعوة

أنهي حديثه وهو يشير علي أحمد

ردت عليه بابتسامة مشرقة قائلة:

-الله يبارك فيك... وشرف ليا إنك تكون أخويا

قال أحمد بمزاح:

-خلاص يا ستي كده معاكي توكيل من الوحش

ذات نفسه

ضحكت رقية على جملته وهي تقول:

-إحذر بقي من زعلي

نظر فارس لمالك الجالس بجوار عمه يرتدي حلة مماثلة له وبيده هاتفه يلعب به وكأنه مغيب عن الواقع لدرجة أنه لم يلاحظه

مد يـ ده ساحباََ الهاتف علي غفلة قائلاََ بحسم:

-كفاية كده يا بطل تعالي يلا إقعد مع تيتا

رفع مالك رأسه لأبيه وهو يقول له بلهفة:

-بابي...إنتَ إتأخرت ليه أنا مستنيك من بدري

ثم أنهي حديثه بغضب لذيذ من والده

❈-❈-❈

ذهبت  لين لمكان جلوس سارة بعدما هنئت أخيها وخطيبته بإقتضاب علي عكس حالتها  المرحة...فهي تشعر بالخزى من أخيها وما فعله بها أمام الجميع،لم تصدق أن  هذا فارس الحنون الذي كان يغمرها بالحب،تخشى أن يكون هذا الموقف قد أفقدها  مكانتها بقلبه

فطوال الطريق لم يبنس بكلمة حتي إنها حاولت الكلام معه ولكنه كان موجهاً نظره للطريق غير أبهاََ بها

-فيه إيه يا لين مالك سرحتي في إيه

خرجت تلك الكلمات من فم سارة متسائلة

فلين جلست علي الكرسي المقابل لها علي الطاولة دون أن توجه بصرها لها حتى

-مفيش يا سارة

مدت يـ دها تتناول يداها بين خاصتها قائلة مواساة حتي تخفف عليها:

-خلاص متزعليش نفسك فارس عمل كده عشان خايف عليكي يا حبيبتي..الله أكبر عليكي طلعتي أحلي واحدة في الفرح بجمالك

وفستانك المحتشم،والله العظيم شكلك كده أحسن من الاول مية مرة

أهدتها إبتسامة مرهقة من كثرة تفكيرها ولم تَرد عليها بل غرقت في مخاوفها مرة أخرى

فهي إن خسرت حب فارس لها وقتها لا تحبذ الحياة فهو من كان يمدها دائماََ بالحب والحنان الغير معهود

إتجهت سارة زوجة إبراهيم وهي تحمل مالك نحو لين ابنتها وزوجة إبنها سارة لتجلس معهم علي الطاولة

فبقي فارس وزين ورانيا واقفين سوياََ

وجه فارس حديثه لرانيا قائلاََ بتساؤل:

-خلصتوا كل اللي محتاجينه النهاردة؟

جاوبت عليه وهي تفتح حقيبة يدها قائلة:

-أيوة خلصنا كل حاجة

ثم مدت يـ دها بالكريدت كارد الخاص به وهي تقول:

-الكريدت أهي تعبتني لحد ما وفقت إني أدفع بيها

أماء لها وهو يتناولها من يده ومن بعدها دسها بجيب حلته قائلاً:

-شكراََ يا رانيا تعبتك معايا

-ولا تعب ولا حاجة أنا حبيتها جداً وإتفقنا إننا هنكون صحاب كمان

إبتسم لها بهدوء ثم وجه نظره لزين قائلاََ:

-عاوزك في موضوع

حمحمت رانيا بصوت هادئ قائلة قبل أن تغادر جلستهم:

-عن إذنكم هروح أقعد مع طنط و لين

تتبعها فارس بنظره حتي إبتعددت قليلاً عن مكانهم ثم إسترسل حديثه قائلاً بعملية:

-عاوز إسم علي المنشاوي يقع الأرض...عاوزة يخسر ملايين

نظر له زين بإنتباه تام وهو يقول بترقب:

-وده هيحصل إزاي يا فارس

-نزلي كل منتجتنا للنص يا زين

إمتلئت عيناه بالإستغراب وهو يردد:

-إزاي يا فارس دي هتكون خسارة كبيرة لينا

-مش مهم نخسر كام مليون في سبيل إنه يخسر كل اللي حيلته

-إنتَ كده يا فارس بتكسب عداوته أكتر وإنتَ عارف إنه مبيرحمش ولا بيخاف ربنا

قال فارس ببرود طاغي علي صوته:

-العداوة  دي هو اللي بدأها يا زين وأنا اللي هنهيها بطريقتي.. وقسماََ بربي ما أكون  فارس الهواري إلا لو خليتوا ماشي يشحت في الشوارع

-انا مش موافقك كفاية أوي اللي حصل زمان

وده مبيهموش،وإنتَ عندك أخت يا فارس فمتستبعدش إنه يحطها في دماغه

إشتعلت عيناه بنيران جياشة وضغط علي فكة بقوة كادت أن تهشم أسنانه وخرج صوته صلباََ قائلا:

-يوم ما يفكر التفكير ده هيبقي أخر يوم في عمره

❈-❈-❈

بعد إنتهاء حفل الخطوبة عاد الجميع إلي القصر مرة أخرى

صعد  فارس وهو يحمل على ذراعيه مالك الغافي متجهاً إلي غرفته حتى يضعه بها دون  أن يوجه حديث لأي من العائلة..وصعدت خلفه مباشرةََ سارة

نظرت لين لطيفه بحزن فهي تعلم أنه غاضب بسببها وبشدة....نظرت خلفها عندما شعرت بأحد يضع يده علي كتفها،وجدته أحمد

قال لها بتساؤل هادئ:

-فيه إيه يا لين مالك مش مظبوطة النهاردة

إسترسل حديثه عندما رأي صمتها فقال مُجيباََ هو علي سؤاله:

-فارس هو اللي خلاكي تلبسي الطرحة النهاردة صح؟

أماءت له بالإيجاب وفجأة وجدت نفسها تجهش بالبكاء وهي تقول:

-فارس مبقاش يحبني

أخذها باحضانه بحنان جارف وهو يهتف بنفي:

-مفيش الكلام ده...هو هتلاقيه إتعصب شوية بس عشان إتفاجئ

إتجهت نحوهم سارة والدتهم وهي تقول للين :

-بطلي عياط يا حبيبتي وبكرة إن شاء الله

إبقي إتكلمي معاه بهدوء

أيد إبراهيم كلام زوجته قائلاََ هو الآخر:

-يلا يا لين إطلعي إرتاحي الوقت إتأخر

أخذها محمد من أحضان فارس وهو يقبل رأسها بحب قائلاََ:

-اخوكي بيحبك وخايف عليكي يا لين...يلا إطلعي نامي وبكرة نبقي نتكلم

❈-❈-❈

بجناح فارس

يجلس علي السرير يعمل علي هاتفه بعدما أبدل ملابسه لأخرى بيتية مريحة

خرجت  سارة من غرفة الملابس بعد ان أبدلت ملابسها هي الأخرى فكانت ترتدي قميص  أحمر اللون يصل لأعلي ركبتيها بقليل وبه فتحة صد.ر واسعة إلى حد ما...إتجهت  نحو التسريحة

وهي تلتقط عطرها المفضل تضع منه علي جسـ دها حتي تصل رائحتها له

وبالفعل رفع بصره من علي الهاتف عندما تغلغل العطر بأنفه وجدها تقف أمام المرآة تُهذب خصيلات شعرها

أخذت عيناه جولة من أعلي رأسها منخفضاً إلي أطراف أصابعها

أغمض عينيه قليلاً حتي يعود إلي إتزانه مرة أخرى ويكبح تلك الرغبة التي إستوطنته

بعدما إنتهت من تمشيط خصلاتها إتجهت إلي الفراش ومن ثم إستلقت عليه بهدوء وهي تقول بصوت ناعم:

-مش هتنام يا فارس

وضع الهاتف علي الكوميدينو المجاور للفراش بعدما أغلقه ثم أمال عليها دون حديث

يبث بها رغباته التي إجتاحته عند رؤيتها بتلك

الملابس التي أشعلت النيران بجسده

بالرغم  من عِلمه أن هذه مكيدة له حتي يعاشرها....فهو لم يخفي عليه نظرة عيناها  التي لمعت بالإنتصار،ولكنه رجل لديه رغباته التي تقوده أوقات وهذه زو.جته  فما المانع؟...

قام فارس من جوارها بعدما هدأت أعصابه

وأنهي تلك الرغبة التي كانت مشتعلة به منذ

ساعة... إتجه نحو الحمام يغتسل لا يعلم لما ولكن صورتها رُسمت أمامه وعيناها الصافية

كانت مليئة بالدموع تنظر إليه نظرات عاتبة

أغمض عينه سريعاً حتي يتهرب من شبحها

الواقف معه بالحمام....لا يحب فكرة أنه يخدعها ولكن لا يوجد شئ بيده سوا خداعها

فإن لم يخدعها لن يصل إليها طوال حياته

لا  يرى أنه أجرم هو يعلم أنه سيعوضها عن حياتها السابقة وسيقدم لها كل  الترافيهات التي كانت لا تمتلكها،يعلم أنه سيُسعدها، يرى نفسه التي إفتقدها  سابقاً معها وليس مع غيرها

أنهي حمامه سريعاً...ثم التقط الروب الخاص بالإستحمام يرتديه متجهاََ إلي الخارج

سمع  صوت رنين هاتفه فور خروجه من الحمام....إتجه نحوه متناولاََ إياه...ولكن  توقف قلبه عن النبض عندما رأى المتصل ما هو إلا نغم...فالوقت الآن متأخر  للغاية!!!،بدأت الأفكار السيئة تلعب بذهنه وهو يتخيل ما هو الأمر

ألقي نظرة خاطفة علي سارة وجدها غافية بنوم عميق

ضغط على زر الاستجابة وهو يتجه نحو صالة الجناح حتي لا تستيقظ سارة

جاءه صوت نغم الباكي عبر الهاتف وهي تهتف بإسمه

توقف  قلبه عن النبض وسُحبت الدماء من وجهه...وسلبت انفاسه بدون إرادة منه...فما  تلك المصيبة التي تجعلها تهاتفه بالساعة الواحدة ليلاً وهي تبكي!!!


تكملة الرواية من هنا


بداية الرواية من هنا


🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹

ادخلوا بسرعه حملوه وخلوه علي موبيلاتكم من هنا 👇👇👇

من غير ماتدورو ولاتحتارو جبتلكم أحدث الروايات حملوا تطبيق النجم المتوهج للروايات الكامله والحصريه مجاناً من هنا


وكمان اروع الروايات هنا 👇

روايات كامله وحصريه من هنا


انضموا معنا على تليجرام ليصلكم اشعار بالروايات فور نزولها من هنااااااااا


🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺

تعليقات



CLOSE ADS
CLOSE ADS
close