expr:class='data:blog.languageDirection' expr:data-id='data:blog.blogId'>

رواية عروسي الصغيره بقلم ساره علي حصريه وجديده وكامله جميع الفصول علي مدونة النجم المتوهج للروايات والمعلومات

 رواية عروسي الصغيره بقلم ساره علي حصريه وجديده وكامله جميع الفصول علي مدونة النجم المتوهج للروايات والمعلومات 

رواية عروسي الصغيره بقلم ساره علي حصريه وجديده وكامله جميع الفصول علي مدونة النجم المتوهج للروايات والمعلومات

الفصل الاول 

وقفت تتأمل كعب حذائها العالي بحيرة شديدة ... التفتت  ناحية صديقتها وقالت بجدية :

" هل حذائي جميل ...؟! أم اقوم بتغييره ...؟!" 

اجابتها صديقتها وهي تتمعن النظر في الحذاء الكريمي ذو التصميم الراقي :

" انه رائع يا شمس ... لكن كعبه عالي قليلا ..."

تنهدت شمس وهي تقول :

" اعلم ... لكنني احب الاحذية ذات الكعوب العالية ..." 

ثم اخذت تتمرن على السير به في انحاء الغرفة فهي بالرغم من حبها الشديد للاحذية ذات الكعوب العالية الا انها لا تجيد السير بها ..!

طرقات على باب غرفتها جعلتها تتوقف عن سيرها لتجد الخادمة تدلف الى الداخل وهي تهتف بها :

" انستي لقد جاء الضيوف وهم بانتظارك لعقد القران ..." 

توترت شمس لا اراديا ما ان سمعت ما قالته الخادمة ثم اتجهت ناحية صديقتها وكادت ان تقع لولا انها تماسكت في اخر لحظة ...

قالت وهي تجاهد للسيطرة على جسدها حتى لا تقع على وجهها :

" علا ... هل شكلي يبدو جميلا ...؟! هل ينقصني شيء ما ...؟!"

هزت علا رأسها نفيا واجابتها :

" كلا يا شمس ...لا ينقصك شيء ...تبدين رائعة ..."

اتجهت شمس هذه المرة ناحية المرأة ووقفت تتأمل فستانها الزهري القصير ذو الاكتاف العارية ... 

كان بسيطا وجميلا في ذات الوقت ...

ثم ما لبثت ان وضعت القليل من الحمرة على شفتيها ... 

اخذت نفسا عميقا ثم سارت خارج غرفتها متجهة الى الطابق السفلي حيث الجميع في انتظارها لعقد قرانها على ابن عمها ...

                             ....................

تم عقد القران بعد ان اعطت شمس موافقتها ...

لم يكن يوجد احد سوى والدها وعمها ورائد مع اثنين من اصدقاء والدها جاؤوا ليشهدوا على العقد ...

تنهدت شمس وهي تتطلع الى رائد بفضول شديد ...

كان يبدو وسيما ببنيته الضخمة الطويلة وملامح وجهه الخشنة ... يمتلك وقار ورزانة تليق بسنه ... شعرت شمس بالراحة ناحيته نوعا ما فهو يبدو هادئا حسن الطباع ...

ثم نهرت نفسها بقوة وهي تتذكر حديث والدتها التي كانت تخبرها دائما بألا تحكم على الناس وطباعهم دون قبل التعرف عليهم جيدا ...

نهضت شمس من مكانها ما ان وجدت الجميع ينهض من مكانه ثم اقترب منها والدها وقبلها من جبينها فأدمعت عيناها بقوة ...

اتجهت بعدها الى عمها الذي بارك لها قائلا :

" مبارك لك يا صغيرتي ..."

ثم طبع قبلة على جبينها فاجابته شمس بامتنان :

" اشكرك عمي ..."

وقفت بعدها تتطلع الى رائد الواقف بجانب عمها بحيرة شديدة فلم تعرف ماذا يجب عليها ان تفعل ...

انتشلها رائد من حيرتها واقترب منها ثم مسك كف يدها الناعم بيده الخشنة وما لبث ان طبع قبلة على جبينها هامسا لها بنبرة ودودة :

" مبارك يا شمس ..."

شعرت شمس بقشعريرة شديدة في جسدها من اثر قبلته لكنها تغاضت عنها وتراجعت الى الخلف شاكرة اياه بنبرة بالكاد تسمع ...

كانت تريد العودة الى غرفتها والانفراد قليلا بنفسها الا انها فوجئت برائد يقول موجها حديثه لها :

" شمس ... دعينا نتحدث قليلا لوحدنا ..." 

تقابلت نظراتها الحائرة مع نظرات والدها المشجعة لتومأ برأسها وهي تتحرك معه الى الحديقة الخارجية للفيلا بصمت ...

وقفت شمس في احد اركان الحديقة ووقف رائد بجانبها وقال بنبرة جادة :

" أنت تعرفين يا شمس بأن والدك سوف يسافر صباح الغد الى مدريد لتلقي العلاج ..."

اكتفت بإيماءة من رأسها دون رد بينما اردف رائد :

" وانت بالطبع سوف تأتين معي ...؟!" 

جحظت عيناها بقوة وهي تسأله :

" أاتي معك ...؟!! الى أين ...؟!" 

اجابها بهدوء :

" الى منزل والدي ... سوف تسكنين معي هناك ..."

" ولكن لما لا نسكن هنا ...؟! أليس هذا افضل لكلينا ...؟!" 

اجابها رائد :

" كلا ...انا لا استطيع ان اترك منزل والدي ... كما ان زوجتي نهى تعيش هناك ... فكيف أتركها وأاتي هنا...؟!"

زمت شمس شفتيها الصغيرتين بضيق وهي تتذكر امر زوجته الاولى ثم قالت بنبرة اقرب للبكاء :

" ولكن انا لا استطيع ترك منزلي ..."

تنهد رائد بتعب وقال بنبرة متأنية محاولا اقناعها :

" عزيزتي انت الان اصبحت زوجتي ويجب ان تسكني معي في نفس المنزل ..."

ثم استطرد قائلا :

" هناك سوف تعيشين معنا انا ووالدي ووالدتي ورنا ... اعدك بأنك لن تتضايقي ابدا ... وسوف تكونين سعيدة ومرتاحة للغاية ..."

مطت شمس شفتيها وقالت متسائلة بقلق حقيقي :

" وماذا عن زوجتك ..؟! كيف ستتقبل وجودي معها ...؟!" 

قال رائد بجدية:

" لا تقلقي بشأنها ...نهى عاقلة وهي سوف تتفهم كل هذا بالتأكيد ..."

هزت شمس رأسها بعدم اقتناع ثم قالت بقلة حيلة :

" حسنا موافقة ...."

تنهد رائد براحة ثم قال :

" هناك موضوع اخر يجب ان نتحدث به ...."

" ما هو ...؟!" 

سألته شمس بتوجس ليجيبها بنبرة هادئة لكنها جادة :

" شمس انت تعرفين بأنني رجل متزوج ... وفي الحقيقة انا اعشق زوجتي ..."

كظمت شمس غيظها من حديثه عن زوجته الاولى وعشقه لها في وقت كهذا وقالت بنفاذ صبر :

" اعلم ... ماذا بعد ...؟!" 

قال رائد بنبرة جدية :

" زواجنا سوف يكون على الورق فقط يا شمس ..."

رفعت شمس حاجبيها باندهاش وقالت بعدم فهم :

" كيف يعني ..؟! هل سنعيش مثل الاخوة ...؟!" 

" بالضبط ... هذا ما اردت قوله ..."

اشتعلت عيناها غضبا وقالت :

" لماذا تزوجتني اذا طالما انك لا تريدني...؟! وانا ...ماذا عني ...؟! مالذي يجبرني على زيجة كهذه ....؟!" 

قبض رائد على كتفيها بكفي يديه مثبتا اياها امامه ثم قال بنبرة حازمة :

" اسمعيني يا شمس ... انا افكر في مصلحتك اولا ...وافعل هذا من اجلك اولا ... انت ما زلت صغيرة على ان تتزوجي برجل في سني ... ومتزوج بغيرك ايضا ... لذا نحن سنعقد اتفاق صغير ... "

ثم اكمل بلهجة تحذيرية :

" اتفاق لا يعلم به احد غيرنا ..."

صمتت شمس بعدم اقتناع بينما اكمل رائد :

" سوف يكون زواجنا صوري ... على الورق فقط ... وسوف نعيش معا كأخوة ... حتى يأتي الوقت المناسب وتبلغين حينها سوف يصبح لك حق التصرف في املاكك ... تستطيعين بعدها طلب الطلاق واخذ حريتك كاملة ... والزواج من شاب في مثل سنك ... ولكن بكل الاحوال... سواء الان او فيما بعد ...سوف تجدينني دوما بجانبك ... اخ يحميك ويحافظ عليك ويقف بوجه كل من يحاول ايذائك ...فهمت ...؟!" 

اومأت شمس برأسها بتفهم ثم قالت بصوت مبحوح :

" فهمت ..."

ابتسم رائد براحة بينما قالت الشمس بحيرة :

" وماذا عن حفل الزفاف ...؟! متى سنقيمه ...؟!" 

اتسعت عينا رائد بصدمة ليقول بغباء :

" حفل زفاف من ...؟!" 

اجابته شمس ببراءة :

" حفل زفافنا ..."

رفع رائد بصره نحو السماء بقلة حيلة ثم اجاب :

" عزيزتي شمس ... هل ترين من اللائق ان نقيم حفل زفاف في اوضاع كهذه ...؟" 

قوست شمس شفتيها نحو الاسفل وقالت بنبرة شبه باكية:

" ما معنى هذا ...؟! هل سأتزوج بدون حفل زفاف ...؟! وماذا عن صديقاتي ...؟! انهم ينتظرون حفل زفافي بفارغ الصبر ..."

وضع رائد انامله بين خصلات شعره وقال وقد بدأ يفقد ما تبقى من صبره :

" عزيزتي والدك وضعه الصحي سيء ... وهو سوف يسافر غدا لتلقي العلاج ...والله وحده يعلم متى سيعود ..؟! حينما يعود سوف نفكر في هذا الامر ..."

رمته شمس بنظرات غير مقتنعة ثم قالت باستسلام :

" كما تشاء ... لكنك سوف تكسر بخاطري اذا لم تفعل لي ما اريده ... حفل زفاف فخم ادعو اليه كل اصدقائي واقاربي ... هذه ابسط حقوقي في زواجي الاول ..."

ثم تحركت مبتعدة من امامه تاركة اياها ينفخ بضيق شديد من هذا الوضع السيء الذي وضع به ...

                             ....................

" الصغيرة تريد حفل زفاف ايضا ... يا لها من حمقاء ..."

كانت نهى تتحدث بضيق وغيظ شديدين ليتنهد رائد وهو يقول :

" انا متعب للغاية يا نهى ... اريد النوم قليلا ..."

جلست نهى بجانبه وقالت بنبرة جدية :

" وماذا عن الشركة ...؟! متى سوف تمسك ادارتها ...؟!" 

اجابها رائد وهو ينهض من مكانه ويبدأ بفك ازرار قميصه :

" لقد اتفق عمي معي ان اتحدث مع نائبه السيد عماد وهو سوف يشرح لي كل شيء يخص الشركة وادارتها ..."

لمعت عينا نهى وهي تسأله مجددا :

" وماذا عن بقية الاملاك ...؟!" 

التفت رائد اليها بعدما خلع قميصه وقال بنبرة متضايقة :

" ماذا جرى لك يا نهى ...؟! لما انت مهتمة لهذه الدرجة باملاك عمي ...؟!" 

اجابته نهى بنبرة جادة :

" حبيبي ...انا افكر في مصلحتك ... انت يجب ان تستغل هذه الفرصة بافضل طريقة ممكنة ..."

" فرصة ...!! فرصة ماذا ...؟!"

سألها مصدوما مما تقوله لتجيبه :

" ما انت به الان هو اعظم فرصة قد تتوفر لك ... زواجك بتلك الصغيرة سوف يهيء لك ادارة املاك عمك وانت بامكانك الاستفادة من هذا وتحقيق ارباحك الخاصة ..."

انتفض رائد من مكانه قائلا بعصبية :

" هل جننت يا نهى ...؟! كيف تفكرين بي بهذه الطريقة...؟! املاك عمي هي امانة لدي حتى تكبرشمس وتستلمها بنفسها ..."

زفرت نهى انفاسها بضيق ثم نهضت من مكانها واقتربت منه واضعةكفي يديها على صدره قائلة :

" اعلم هذا حبيبي ...لكن ما المشكلة ان حققت ربح خاص بك وطورت من نفسك ... على الاقل سوف نوفر لنا حياة جيدة بدلا من حياتنا هذه .."

ابعد كفي يديها عن صدره بنفور وقال بضيق :

" اغلقي هذا الموضوع يا نهى ولا تتحدثي به مرة اخرى ... انا لم ولن افكر بهذه الطريقة ...هل فهمت ...؟!" 

هزت نهى رأسها على مضغ ليتحرك رائد مبتعدا عنها بينما جلست هي على السرير وقالت باصرار وطمع :

" سوف نرى كلمة من ستنفذ بالاخير ...؟! فانا ان اترك هذه الزيجة تمر دون ان استفيد منها جيدا ..." 

#عروسي_الصغيرة


الفصل الثاني 


اوقف رائد سيارته امام منزله والتفت الى شمس القابعة بجانبه والتي اخذت تجفف دموعها فسألها بقلق :

" هل اصبحت افضل الان ...؟!" 

اومأت شمس برأسها دون ان ترد فقبض رائد على كف يدها بدعم حقيقي منه جعل شمس تتأمل كف يده الضخم وهو  يضم يدها فشعرت بالامان يغمرها لا اراديا وابتسمت ببعض الارتياح ...

" هيا بنا لندلف الى الداخل فالجميع بانتظارنا ..."

قالها وهو يحرر كف يدها من قبضته بينما ودت شمس لو يمسك يدها الى الابد ...

هبطت من السيارة وقد عاد الشعور بالخوف والقلق اليها ... 

لا تصدق انها تركت منزلها الامن وستعيش في منزل غريب عنها مع ناس لم تلتق بهم الا نادرا ...

عاد رائد ومسك يدها مرة اخرى وسار بها متجها الى داخل المنزل ...

استقبلها الجميع بحفاوة شديدة بدءا من عمها وزوجته ورنا اخت رائد الصغرى ...

جلس الجميع في صالة الجلوس وظلت شمس ملتصقة برائد مما استغربه الجميع فهي لم تلتق بها سوى مرتين ...!!!

في هذه الاثناء هبطت نهى من غرفتها لتتأملها شمس بتمعن ...لقد رأتها مسبقا حيث كانت جميلة للغاية خاصة بشعرها الاسود الطويل ...

وضعت شمس يدها على اطراف شعرها القصير لا اراديا وهي تتأمل شعر نهى الطويل جدا ...

القت نهى التحية عليهم ثم اقتربت من شمس وحيتها قائلة :

" اهلا حبيبتي ...أنرت المنزل بوجودك ..."

نقلت شمس بصرها بين الموجودين حيث بان التعجب على ملامحهم لتهز رأسها وتجيبها ببرود مقصود دون ان تنهض من مكانها :

" اهلا بك..."

تغاضت نهى عن برود شمس الواضح معها وجلست بجانب رائد من الجهة الاخرى واخذت تتحدث مع الموجودين بلباقة حسدتها شمس عليها ...

اخذ الجميع يتحدث في شتى المواضيع بينما شمس صامتة تراقبهم فقط وعيناها لا تترك رائد والتي لاحظت اندماجه الشديد مع نهى بشكل لن تصل هي اليه بالتاكيد ...

انتبه عمها لنظراتها التائه وصمتها المؤلم فسألها بنبرة حنون :

" شمس يا صغيرتي ...لماذا انت صامته ...؟! "

اجابته شمس وقد افاقت من افكارها اخيرا :

" ابدا يا عمي ...انا متعبة قليلا ..."

تطلعت اليها سميحة والدة رائد بنظرات يملؤها الحنان قبل ان تقول :

" ما رأيك ان تذهبي حبيبتي الى غرفتك لترتاحي هناك....؟"

" حسنا ..."

قالتها شمس وهي تنهض من مكانها ثم التفتت الى رائد تسأله :

" ألن تأتي معي ...؟!"

شعر رائد بالاحراج لااراديا من الموجودين وقبل ان يتحدث قالت نهى بابتسامة مفتعلة :

" بالطبع سياتي معك حبيبتي ... رائد اذهب مع الفتاة ولا تتركها لوحدها ... انها زوجتك الان ..."

وشددت على حروف كلماتها الاخيرة ليذهب رائد مع شمس الى غرفتهما ...

دلف الاثنان الى الداخل لتتأمل شمس الغرفة باعجاب شديد ...سألها رائد بدوره :

" هل اعجبتك الغرفة ...؟!"

اجابته وهي تتطلع الى تفاصيلها :

" إنها جميلة للغاية ...."

تحدث رائد بنبرة جادة :

" سوف أتركك تنامين هنا وتأخذين راحتك ..."

" إلى اين ...؟!" 

توقف رائد في مكانه وقال مجيبا اياها :

" الى غرفتي  ..."

عقدت شمس ذراعيها امام صدرها وقالت :

" تريد ان تتركني هنا لوحدي في اول يوم بعد زفافنا ... ماذا سيقول اهلك عني ...؟!"

اجابها بجدية :

" لن يقولوا شيئا فهم سيتفهمون وضعنا ..."

قوست فمها الى الاسفل وقالت ببكاء مصطنع :

" ولكنني اخاف النوم لوحدي ... فانا لست معتادة على شيء كهذا ..خصوصا وانني جديدة هنا واشعر بالوحدة ..."

تأملها رائد بشفقة ثم قال بسرعة :

" حسنا لا تبكي ....سوف اذهب لاجلب بيجامتي وأاتي لانام هنا معك ...."

" حقا ...؟!" 

قالتها شمس وهي تجفف دموعها بحركة مصطنعة ليبتسم رائد على مظهرها الطفولي ويقول :

" حقا ..." 

ثم تحرك خارج الغرفة تاركا اياها تبتسم براحة فهي قد نجحت في اولى مهماتها ...

                            .................

عاد رائد وهو يرتدي بيجامته ليجد الغرفة خالية لا يوجد بها احد ...

هم بالخروج منها بحثا عن شمس لكنها دخلت في نفس الوقت وهي ترتدي بيجامة مكونة من شورت قصير للغاية وتيشرت ذو حمالات رفيعة قصير هو الاخر ....

ابتلع رائد ريقه وسألها :

" أين كنت ...؟!" 

اجابته :

" كنت في المطبخ ...اتناول القليل من الماء ...لقد ارادت ماما سميحة ان تعد لي الطعام لكنني رفضت فانا لست جائعة ..."

هز رائد رأسه بتفهم ثم قال :

" اسمعيني يا شمس ...لا يجوز ان تخرجي من غرفتنا بهذه البيجامة ... انها قصيرة للغاية وبيتنا دائم الاكتظاظ بالضيوف ... قد يراك احد ما وانت هكذا ..."

مطت شمس شفتيها وقالت بلا مبالاة "

" حسنا كما تريد .."

ثم اتجهت ناحية السرير وتمددت عليه ليقف رائد يتابعها بصمت فسألته بسرعة :

" ألن تنام بجانبي ...."

" سأنام ..."

قالها رائد بنبرة خشنة وهو يتجه نحوها لينام في الطرف الاخير من السرير محاولا قدر الامكان الابتعاد عنها ...

الا انها رمت بجسدها بين احضان جسده بشكل صدمه بقوة وقالت وهي تبتسم بشقاوة :

" سوف انام بين احضانك االليلة كما اعتدت ان انام بين احضان والدي ..."

هز رائد رأسه دون ان يحرك جسده المتشنج بالكامل بين اغمضت شمس عينيها وهي تضع رأسها على صدره لتغرق في سبات عميق لم يذق رائد منه شيئا ...

                        .....................

استيقظت شمس في صباح اليوم التالي لتجد الفراش خاليا بجانبها ...

نهضت من فراشها واتجهت مسرعة خارج الغرفة لكنها تراجعت في اخر لحظة وقررت تغيير بيجامتها بعدما تذكرت حديث رائد معها في الامس ...


ارتدت شمس بنطال جينز ضيق مع تيشرت ذو حمالات عريضة لكنه قصير من الاسفل حيث يبرز الجانب السفلي من بطنها بسخاء  ...

خرجت من غرفتها واتجهت الى المطبخ لتجده خاليا ...

كادت ان تخرج من المطبخ بحثا عنهم الا ان نهى تقدمت الى الداخل وهي تقول بنبرة ودودة :

" صباح الخير يا عروس ..."

اجابتها شمس باقتضاب :

" صباح النور ...."

" هل انت جائعة ...؟! سوف اعد لك الفطور ...."

قالتها نهى وهي تتجه الى الثلاجة لتفتحها وتخرج منها بعض الأجبان والبيض ...

تقدمت شمس ناحيتها ووقفت بجانبها متسائلة بتردد :

" أين رائد ...؟!" 

اجابتها نهى وهي تخفق البيض :

" انه في عمله ...."

عادت شمس وسألتها :

" وأين الباقون ...؟!" 

اجابتها نهى بجدية :

" جميعهم في العمل ... ما عدا رنا غي جامعتها ...."

صمتت شمس ولم تعقب بينما اخذت نهى تكمل اعداد طعام الافطار حتى انتهت منه ...

تأملت شمس الطعام الذي اعدته نهى بتردد ...كان يبدو شهيا لكنها لم ترغب في ان تتناول شيئا من صنع يديها ...

" لا تقلقي... انه لذيذ..."

قالتها نهى التي بدأت في تناول الطعام لتقول شمس :

" نعم يبدو كذلك ولكنني لست جائعة ...." 

" لا تخجلي يا عزيزتي ... هذا اصبح منزلك ...وانا اصبحت بمثابة اخت لك ... هيا تعالي واجلسي بجانبي لنتناول فطورنا سويا ..."

لعقت شمس شفتيها فهي جائعة للغاية ثم اومأت برأسها وتقدمت ناحية نهى وبدأت تتناول طعامها بنهم شديد ...

توقفت نهى عن تناول الطعام وسألت شمس :

" اخبريني يا شمس ...هل اعجبك منزلنا المتواضع ...؟! وهل انت سعيدة هنا ...؟!"

اجابتها شمس بجدية :

" نعم اعجبني للغاية ... انه صغير نوعا ما لكنه جميل .."

ثم اردفت وهي تمط شفتيها بحزن شديد :

" لكنني لست سعيدة بالتأكيد وانا بعيدة عن منزلي ...!"

" لماذا تركت منزلك اذا ...؟!" 

سألتها نهى بفضول لتجيبها شمس :

" رائد من طلب مني هذا ... فهو لا يستطيع تركك لوحدك هنا ..."

رفعت نهى حاجبها وقالت بعدم تصديق :

" يعني هذه المشكلة ... ان رائد لا يستطيع تركي لوحدي هنا ..."

اومأت شمس برأسها وهي مستمرة في تناول طعامها بشهية مفتوحة لتقول نهى بسرعة :

" ولكن انا لا مانع لدي ... بامكانه ان يتركني هنا ..."

قالت شمس بجدية :

" ولكنه لن يقبل ... هو لا يريد ان ينقسم وجوده بين منزلين ...يفضل ان نعيش جميعنا في منزل واحد ...."

" انها مشكلة فعلا ..."

قالتها نهى بتفكير مصطنع لتهمس لها بعد فترة قصيرة :

" وجدتها ...."

سألتها شمس بعدم فهم :

" ماهي ...؟!" 

اجابتها نهى بجدية :

" هناك حل واحد لهذه المشكلة ... هو ان نسكن جميعنا في الفيلا ..."

" من تقصدين بجميعنا ...؟!"

اجابتها نهى :

" انا وانت ورائد ...حينها لن ينقسم رائد بيننا ..."

ثم اردفت بمكر :

" انا لا مانع لدي ... بالرغم من انني لا افضل ان اترك منزلي هنا ...ولكن من اجل راحتك سأفعل هذا ...."

تطلعت اليها شمس بحيرة لتردف نهى :

" ما رأيك ان تخبري رائد باقتراحي ....؟! لكن على لسانك انت ... يعني لا تقولي بأنني انا صاحبة الاقتراح... وهو حينما يسألني سأوافق ..."

" حسنا سأجرب ...."

قالتها شمس بايجاز واخذت رغما عنها تفكر فيما قالته نهى واقتراحها الغريب ...

                           ..................

" ماذا ...؟! تعيشان كأخوين ...؟!" 

قالتها علا صديقة شمس بعدم تصديق لتقول شمس بحنق :

" نعم ... يريد ان نعيش سويا كأخوة حتى اصل سن البلوغ فنتطلق بعدها ...."

صدح صوت علا عبر الهاتف قائلة :

" ولكن هذا ظلم لك ..."

اردفت شمس بملل :

" اعلم ... ولكن لا يوجد حل امامي سوى القبول ..."

" شمس لا تثيري جنوني ...اغريه ... افعلي اي شيء.."

" ماذا سأفعل مثلا ...؟!"

سألتها شمس بعدم فهم لتقول علا بجدية :

" اسمعيني عزيزتي ... انت ما زلت صغيرة ولا تفهمي في هذه الامور... لكنك الان اصبحت متزوجة ويجب ان تفهمي في هكذا امور جيدا ..."

" علا انا لا افهم اي شيء من كلامك ...ثانيا انا لست مستعجلة على الزواج كما تظنين ... انا فقط متضايقة لان ما قاله ازعجني بشدة ..."

" ولماذا ازعجك ..؟!" 

سألتها علا لتجيبها شمس بصراحة :

" لأنني شعرت بأنه يراني طفلة صغيرة ...طفلة لا تعجبه ولا ترضيه .."

" وهذا المطلوب .... ان ترضي رجولته ...."

" كيف ...؟! هيا اخبريني كيف ...؟!" 

صرخت شمس بنفاذ صبر لتجيبها علا بجدية :

" شمس اهدئي اولا ... ثانيا انا اشعر بتناقض في حديثك... فانت من جهة تريدين جذبه اليك  .. ومن جهة تقولين انا لست مستعجلة على الزواج ... والاسوأ من هذا كله ان كلانا لا يمتلك معلومات كافية عن الزواج وما يحدث فيه ...."

ابتلعت شمس ريقها واجابت ببراءة :

" نعم انا لا اعلم شيئا عنه سوى القبلات التي اراها بالافلام ...."

" لهذا يجب ان نعلم ونفهم ...حتى تستطيعن جذبه اليك ...وتجعلين زواجك حقيقيا ... هذا اذا كنتي ترغبين بهذا ..."

" ارغب بشدة ولكن كيف ..."

سألتها شمس بلهفة لتجيبها علا:

" اسمعيني جيدا وسوف اخبرك بكل شيء ...."

#عروسي_الصغيرة


الفصل الثالث 


خرجت شمس من غرفتها بعدما اكملت اتصالها مع صديقتها علا لتجد المنزل ما زال خاليا ولم يعد احد من عمله ...

خرجت تتمشى في حديقة المنزل حينما لمحت شخص تعرفه جيدا يدلف الى الداخل ...

ركضت ناحيته وهي تصرخ بسعادة جلية :

" اياد واخيرا عدت ..."

استقبلها اياد بحفاوة شديدة ثم احتضنها ورفعها عاليا واخذ يدور بها ...

توقف اخيرا عن الدوران بها لينزلها ارضا وهو يهتف بشوق :

" صغيرتي ...كيف حالك ...؟!" 

اجابته شمس بابتسامة واسعة :

" بخير...."

ثم اردفت متسائلة:

" متى عدت من السفر ...؟!" 

تغاضى اياد عن سؤالها وسألها بدوره :

" هل ما سمعته صحيح ... تزوجت ابن عمك "

مطت شمس شفتيها واجابته وهي تومأ برأسها :

" نعم ...هذا موضوع يطول شرحه .."

زفر اياد انفاسه بضيق ثم قال بلهجة متحفزة :

" اذا يجب ان افهم واسمع كل شيء منك ... ما رأيك ان نذهب سويا الى احد المطاعم القريبة ونتحدث في هذا الموضوع ..."

اومأت شمس بسرعة موافقة ثم ما لبثت ان قبضت على كف يده وهي تهتف برحابة :

" هيا بنا ..."

                          .......................

جلست شمس امام اياد الذي اخذ ينظر اليها بملامح متحفزة طالبا منها شرح له ما حدث بالضبط وكيف تمت هذه الزيجة ...

وبالفعل حدثته شمس عن كل شيء فهي كانت معتادة على البوح بكل ما يحدث معها لاي شخص يسألها دون وضع اي حدود او اعتبارات ....

كانت تلك عادتها السيئة والتي حاول والدها كثيرا اثنائها عنها ...

" اذا انتما تعيشان كأخوة الان ...؟!" 

قالها اياد ببعض الارتياح لتضع شمس كأس العصير امامها بعدما ارتشفت منه القليل ثم اجابته بضيق واضح :

" للاسف ..."

جحظت عيناه بصدمة قبل ان يقول بغيرة جاهد لاخفائها :

" وهل تريدين زواج حقيقي يا شمس ...؟!" 

اخذت شمس تحرك اناملها فوق فوهة الكأس وهي تفكر في سؤاله ثم ما لبثت ان اجابته :

" لا اعلم ... ولكن طالما تزوجت فما المانع من ان يكون زواج حقيقي ...؟!"

اشتعلت نظرات اياد غيرة وغضبا قبل ان يقول بتحذير :

" اياك يا شمس ... لا تجعلي هذا الزواج حقيقيا ... "

" لماذا ...؟!" 

سألته باندهاش ليجيبها بتلقائية :

" لانني اكبر منك ... وافهم جيدا في امور كهذه ...انت ما زلت صغيرة ... ولا تفهمين في هكذا امور ..."

" تتحدث وكأنك اكبر مني بعشريت عاما .... كلها عشر سنوات الفرق بيني وبينك ... "

" حتى لو ...عشر سنوات ليست قليلة ... اسمعيني انت ما زلت صغيرة ... سوف تكبرين وتدخلين الى الجامعة ... وهناك سوف تقابلين شاب في نفس عمرك .... تحبينه ويحبك ..."

ابتسمت شمس بحالمية وهي تكمل :

" ونتزوج ونقيم حفل زفاف كبير تكون انت به اول المدعوين ..."

" بل سوف اكون انا العريس ...."

قالها بصوت لم تسمعه شمس التي تسائلت بحيرة :

" ماذا قلت ...؟!"

اجابها بابتسامة خفيفة :

" لا شيء ..."

ثم اردف بنبرة جادة :

" المهم ... اريد ان تنفذي ما قلته ... حافظي على الاتفاق الذي بينكما ولا تتراجعي عنه مهما حدث ... واخبريني دائما بكل جديد يحدث معك ..."

هزت شمس رأسها وهي تبتسم بغباء ثم ما لبثت ان نهضت من مكانها وهي تقول :

" هيا بنا ... تأخرنا كثيرا ... يجب ان اعود الى المنزل حالا ..."

                             ..................

دلفت شمس الى المنزل وهي ممسكة بيد اياد الذي اصر ان يتعرف على رائد ...

تفاجئت برائد هناك ويبدو عليه العصبية الشديدة والذي ما ان لمحها حتى اشتعلت عيناه وهو يتقدم نحوها متسائلا بغضب :

" أين كنت ...؟!" 

شعرت شمس بالخوف من ملامح وجهه التي لا تبشر بالخير بينما ضغط اياد على يدها داعما لها قبل ان يقول بتحدي :

" كانت معي ..."

تأمله رائد للحظات قبل ان يحرر يد شمس من كف يده ويقول بنبرة هازئة :

" ومن تكون انت ...؟!" 

اجابه اياد متجاهلا نبرته الهازئة :

" ابن خالتها ..."

" وهل من الاصول يا ابن خالها ان تأخذها معك وتخرج بها دون ان تأخذ اذني ..."

قالها رائد بنبرة قاتمة ليرد اياد ببرود :

" لم اجدك هنا ... ولم يكن معي وقت لانتظرك ... "

" حتى لو ...هذا لا يعطيك الحق ان تخرج معها دون اذن مني ... قد تكون هي صغيرة وغير واعية لشيء كهذا لكنك كبير ويجب ان تنتبه لتصرفاتك جيدا ..."

ثم قبض رائد على ذراع شمس وجرها وراءه قائلا بنبرة امرة :

" امامي الى غرفتنا ..."

وقبل ان يخرج من المكان قال موجها حديثه لاياد :

" عن اذنك يا ابن خالتها ..."

ليضغط اياد على فمه بقوة ويخرج من المنزل باكمله وهو يسب ويلعن برائد ويتعود له بالكثير ...

                        .........................

دلفت شمس الى غرفتها يتبعها رائد ...

التفتت له واخذت تمتم بنبرة مرتجفة...

" انا ... انا لم اقصد ..."

قبض على ذراعها بقسوة مردفا بنبرة قوية خشنة :

" كيف تفعلين شيئا كهذا ...؟! تخرجين معه دون اذن مني ...

."

" انه ابن خالتي .."

قالتها بنبرة باكية ليصرخ بها بنفاذ صبر :

" كفي عن البكاء واسمعيني ...."

ضغطت على شفتيها بقوة حتى لا تبكي اكثر بينما اكمل هو بنبرة قاسية متملكة :

" انت زوجتي ... حتى لو على الورق فقط ... وانا لا اسمح لزوجتي بأن تخرج مع شخص غريب حتى لو كان ابن خالتها .... انت لن تذهبي الى اي مكان دون علمي وموافقتي ...فهمتِ...؟!" 

اومات برأسها ثم قالت بصوت خافت :

" وماذا عن المدرسة ...؟! هل مسموح لي بأن اذهب اليها ....؟!"

زفر انفاسه وقال بنفاذ صبر :

" هل انت غبية ام تتغابين امامي ....؟!" 

" ماذا تقصد ...؟!" 

سألته بحيرة ليجيب باختصار :

"بالتأكيد سوف تذهبين الى هناك ...."

ثم اردف محذرا :

" ولا داعي بأن اكرر تحذيراتي لك بشأن عدم الخروج مع اي رجل غريب بدوني ..."

هزت رأسها مؤكدة كلامه قبل ان تتسائل بسرعة :

" ولكن ما السبب اللازم لمنعي ...؟! يعني اياد ابن خالتي وانا احبه كثيرا ..."

كاد ان يخنقها مما تفوهت به ... تلك الصغيرة لا تفهم معنى ما تقوله ...

تحدث اخيرا وهو يجاهد للسيطرة على اعصابه :

" اسمعيني يا شمس ...انا امتلك مرارة واحدة وغير مستعد لخسارتها ... كلامي يجب ان تنفذيه دون جدال ...."

اومأت برأسها عدة مرات ثم ما لبثت ان قالت بخبث :

" هل هذه غيرة ...؟!" 

" غيره ...؟! "

قالها متعجبا لتهز رأسها وتكمل :

" هل تغار علي لذلك لا تسمح لي بالخروج مع غيرك .."

رد عليها ببساطة :

" وما المشكلة اذا غرت ... انت مثلك مثل رنا اختي ... وانا لا اسمح لرنا بأن تخرج مع رجل غيري ..."

مدت شفتيها للاسفل وقالت وهي تمنع نفسها من البكاء :

" حسنا ..."

" ماذا حدث...؟!" 

سألها مستغربا من تغير ملامحها لتجيبه ببكاء :

" ظننتك تغار علي ..."

ابتسم بيأس من هذه الطفلة التي لا يفهم ما يرضيها ليقول اخيرا مواسيا اياهل :

" انا بالطبع اغار عليك يا شمس ..."

ادارت ظهرها له عاقدة ذراعيها امام صدرها :

" ولكن كأخت لك .."

ليقول مؤكدا حديثها فهو لا يريدها ان تحلم بالمزيد :

" نعم يا شمس ... كأخت فقط ...."

التفتت اليه وقالت بعناد :

" قريبا جدا سوف تغار علي ولكن كزوجتك وليس كأختك ..."

" ماذا تقصدين ..."

سألها بحيرة لتجيبه بتحدي :

" معناه انك سوف تقع في غرامي وتحبني وتغار علي وحينها ستندم اشد ندما على ما قلته ..."

" كفي عن هذا الكلام يا شمس ...انت ما زلت صغيرة على قول شيء كهذا ...."

قالها بجدية لتمط شفتيها وتقول باصرار لا يعرف لماذا اقلقه :

" سوف نرى يا سيد رائد ....ولكن اعدك بأنني سأفعل ما قلته ..."

ثم نهضت مبتعدة من امامه ...

نهاية الفصل ...

ده يعتبر فصا صغير هدية ليكم ...

ادعولي عشان امتحان بكره ...

#عروسي_الصغيرة


الفصل الرابع 


مرت الايام وعلاقة رائد وشمس لم تتغير ...

فشمس فشلت في جذبه اليها وفهمت بان الموضوع اصعب مما تظن خصوصا بخبرتها الضيئلة وسنها الصغير ...

ورائد كما هو ما زال يراها كما هي مجرد طفلة صغيرة وامانة لديه يجب ان يحافظ عليها ...

كان اليوم هو الجمعةة...

استيقظت شمس به مبكرا على غير العادة ...

كان الحماس يسيطر عليها فاليوم الجميع موجود ولن تشعر بالملل لوحدها ...

هبطت الى الطابق السفلي واتجهت الى المطبخ لتجد سميحة تعد طعام الغداء ...

ما ان رأتها سميحة والدة رائد حتى طلبت منها ان تتناول فطورها الا انها لم تكن جائعة ففضلت انتظار الغداء ...

خرجت من المطبخ واخذت تسير في المنزل بلا وجهة محددة ...

حينما توقفت فجأة امام الباب الخارجي لصالة الجلوس لتستمع الى عمها ورائد يتهامسان سويا وقد استنتجت بأنهما يتحدثان بشأن امر ما يخص والدها وحالته الصحية ...

حاولت سماع شيء من حديثهما لكن بلا فائدة ففهمت بأنهما لا يريدان لها ان تسمع شيئا ...

ادمعت عيناها بقوة وهي تتخيل ان والدها قد جرى له شيئا سيئا او تدهورت حالته الصحية لكنها توقفت عن التفكير بهذه الطريقة حينما لمحت ابتسامة عمها الاخيرة لتزفر انفاسها بارتياح فيبدو ان الوضع على ما يرام ...

همت بالتحرك مبتعدة عن المكان حتى لا يراها احد وهي تتلصص عليهما الا انها اصطدمت بنهى امامها والتي قالت بسخرية :

" الصغيرة تتلصص على حديث زوجها ووالده الخاص بهما ..!"

عقدت شمس حاجبيها قائلة بحدة خفيفة :

" انتبهي على كلامك يا نهى  ....انا لا اتلصص على احد ..."

" طبعا طبعا ..."

قالتها بتهكم قبل ان تردف بلطف مصطنع :

"انا امزح معك يا فتاة ... اعرف ان اخلاقك لن تصل الى هذا المستوى ..."

" جيد ... عن اذنك ..."

قالتها شمس بلهجة رسمية وهي تتحرك مبتعدة عنها لتزفر نهى انفاسها بغيظ فهي الى الان لم تحقق ايا من مخططاتها واهمها انتقالها ظع شمس ورائد الى فيلا والد شمس ...

                                ..................

جاء وقت الطعام وجلست شمس مع العائلة على مائدة الطعام مع العائلة...

كان الجميع يتحدث سويا وشمس صامتة تراقب انفعالات رائد التي تدل على انه سعيد ومرتاح على  غير العادة ...

كانت تتمنى ان يخبرها بشيء  ... اي شيء يخص والدها لكنه لم يفعل ...

نهضت شمس من مكانها بعدما شعرت بالملل الشديد وعدم الرغبة في البقاء بينهم اكثر ...

سألها عمها :

" لماذا نهضت يا شمس ...؟! انت لم تتناولي طعامك بعد ..."

اجابته شمس :

" لا شهية لدي ياعمي ... سوف اذهب الى غرفتي لارتاح هناك قليلا..."

هز العم رأسه بتفهم بينما نهض رائد من مكانه متسائلا باستغراب وهو يتقدم نحوها :

" هل حدث شيئا ما ...؟! تبدين حزينة .."

هزت رأسها نفيا وتحركت مبتعدة عنه بشكل جعل رائد يدرك بأنه احزنها بامر ما ..

تحرك رائد خلفها متجها الى غرفتها  ..

دلفت شمس الى غرفتها يتبعها رائد والذي قال بدوره :

" والان اخبريني ... ماذا حدث ...؟!" 

اجابته شمس بضيق :

" انت من يجب ان تخبرني بما حدث ..."

" لا افهم ..."

كان رائد صادقا في حديثه فهو لم يفهم ما تريده لترد شمس :

" ماذا حدث بشأن والدي ...؟! ولما كنتما تتحدثان بهمس انت وعمي في غرفة الجلوس ...؟"

صاح اياد مستنكرا :

" هل كنت تتلصصين علينا يا شمس ...؟!"

هزت رأسها نفيا بسرعة وقالت مدافعة عن نفسها :

" لم اتلصص عليكما ... ولكنني ادركت من حديثكما الخافت ان الامر يخص والدي وانتظرتك ان تخبرني دون ان اسألك لكنك لم تفعل ..."

زفر رائد انفاسه وقال بجدية :

" لأنك عديمة الصبر ... لو انتظرت قليلا لكنت اخبرتك ..." 

" ماذا حدث ...؟! اخبرني ..."

سألته بلهفة ليجيبها بنفس الجدية :

" والدك بخيرر... وضعه يتحسن كثيرا ..."

" كيف يعني ...؟! اخبرني بالتفاصيل كاملة ..." 

وضح رائد لها حديثه :

"جسده بدء يستجيب للعلاج الجديد ... وهذا يجعل امل الشفاء من مرضه كبيرا ..."

" الحمد لله ... الحمد لله يارب ..."

قالتها شمس بامتنان وهي تكاد تقفز من فرط السعادة ...

ابتسم رائد اثرا لسعادتها لكن سرعان ما اختفت ابتسامته وهو يلاحظ تغير اختفاء السعادة من فوق ملامح وجهها ثم بدت وكأنها تفكر في امر ما ... 

لحظات قليلة وطغى الحزن على ملامحها بشكل صدمه لتقول بنبرة خافتة :

" الان فهمت سبب سعادتك ... والابتسامة التي كانت تشق وجهك حينما كنت تتحدث مع والدك ..."

" لا افهم .."

كان رائد لا يفهم حقا ما تعنيه ...

لترد شمس :

" انت سعيد لان تخلصك مني بات قريبا ... أليس كذلك ....؟!" 

فرغ رائد فاهه بدهشةبينما اكملت شمس بحزن وهي تجلس على  السرير :

" حينما يشفى والدي سوف تستطيع التخلص منى وتطليقي ..."

رفع رائد حاجبه مندهشا من سوء تفكيرها :

" هل هذا كل ما خطر على بالك ...؟! "

لم تكن تسمعه وهي تنهض من مكانها وتتقدم ناحيته تقول بلهجة عدوانيةة:

" لكن لا .... لن اسمح لك بهذا ... انتم لا يحق لكم تزويجي وتطليقي متى ما اردتم ..." 

زفر رائد انفاسه بملل وقال :

" اسمعيني يا شمس ..."

ضغطت شمس على فمها بقوة حتى لا تتحدث بينما اكمل رائد بصرامة :

" اهدئي اولا ... ما تقولينه خطأ ... انا لا افكر في التخلي عنك والتخلص من مسؤوليتك كما تظنين ... وانما اشعر بالارتياح لاني شفاء عمي لم يعد امرا صعبا او مستحيلا ...وانت يجب ان تسعدي لوالدك بدلا من هذه الافكار الطفولية السخيفة التي لا تنفك ان تعود اليك بين الحينة والاخرى ..."

ابتلعت شمس غصتها وقالت بالم :

" هل انا سخيفة ...؟!" 

زفر رائد انفاسه بنفاذ صبر و قال:

" شمس يكفي  .... لا تجعلينني اندم لاني اتحدث معك بعقلانية وأحاول نصحك ..."

عقدت ذراعيها امام صدرها وقالت بعناد :

" هكذا اذا...وانا لم اطلب نصائح سيادتك ..."

" الحديث معك بات لا يطاق ... سأخرج من هنا فهذا افضل لي ..."

قالها وهو يندفع هاربا منها ومن احاديثها السخيفة في نظره لتضرب شمس الارض بقدميها وهي تتمتم بغيظ :

" غبي .. غبي ولا يفهم علي اطلاقا ...."

                           ...................

مرت ايام اخرى ...

لم يحدث بها شيء جديد ...

كان قد تبقى اقل من اسبوع على قدوم المدارس ...

اصرت شمس على رائد ان يخرج معها لتنتقي الملابس الخاصة بمدرستها اضافةالى شراء جميع احتياجاتها...

كانت شمس تتحمس كثيرا لقدوم المدراس فهي تحب جدا التسوق بتلك الحاجيات الخاصة بالمدرسة من دفاتر واقلام وملونات وغيرها ...

كانت تتحرك في السوق وهي متعلقة بيد رائد كطفلة صغيرة تتعلق بوالدها ...

تتطلع بعيون متحمسة الى الاغراض وتشير الى هذه وتلك بلهفة لشرائها ...

كان رائد يشاركها في اختيار كل شيء بناء على طلبها ...

ورغم انه لم يكن من محبي التسوق الا انه كان يسعد لسعادتها ....

مرت الوقت بسرعة واشترت شمس جميع الاغراض التي تحتاجها ...

وفي طريق العودة ترجت رائد ان يتعشيا سويا في احد المطاعم القريبة ...

وبالفعل وافق على طلبها وذهبا سويا الى احد مطاعم الوجبات السريعة ...

جلس الاثنان على تحكى الطاولات وجاء النادل ليأخذ طلباتهما ...

ما ان انتهى النادل من تسجيل طلبات كليهمل وذهب حتى استندت شمس على الطاولة واخذت تنقل نظرها في ارجاء المكان بحماس قبل ان تهمس متسائلة فجأة :

" اخبرني يا رائد ...متى تزوجت من نهى ...؟!" 

استغرب رائد من سؤالها لكنه اجابها عليه :

" من خمس سنوات ..."

" وكم عمرها...؟!" 

" ثمانية وعشرون عاما ..."

هزت رأسها بتفهم وعادت وسألته :

" هل كان زواجا تقليديا أم ....؟!"

وقبل ان تكمل قاطعها بسرعة دون ان يفهم مغزى سؤالها :

" تقليديا ..."

ابتسمت لا اراديا وهي تزيح خصلات شعرها خلف اذنها بينما سألها رائد بجدية :

" ولكن لما كل هذه الاسئلة ...؟!" 

اجابته وهي تهز كتفيها :

" فضول لا اكثرر...."

اخذا بعدها يتحدثا سويا في مختلف المواضيع ...

حدثته شمس عن صديقاتها ...

وعن رغبتها في دراسة الهندسة ...

وغيرها من الاشياء ...

انتهيا من تناول طعامهما ورحلا عائدين الى المنزل ...

ما ان دخلت شمس الى المنزل حتى ركضت ناحية سميحة واخذت تعرض امامها ما اشترته ...

كان نهى تتابع ما يحدث بغيرة خاصة حينما تتحظث شمس عما فعله رائد وكيف اشترى لها ما تريده ونفذ لها جميع ما طلبته ...

ظلت شمس تنثر الاغراض امام الجميع الذي شاركها سعادتها ...

بينما نهضت نهى من مكانها واتجهت الى غرفتها دون ان تنطق بكلمة واحدة ...

دلف رائد الى الداخل ليجد شمس تتوسط الصالة وهي تعرض اغراضها امام اهله ...

قال موجها حديثه لشمس :

" هل ارتحت الان يا صغيرة ...؟! لقد اشتريتي جميع ما تريدين ..." 

ابتسمت شمس بسعادة وقالت :

" شكرا يا رائد .... واسفة لانني اتعبتك معي ..."

قال رائد بدوره موجها حديثه لوالديه :

" سوف اذهب لانام فانا متعب للغاية ..."

تحركت شمس اتجاهه تنوي الذهاب معه :

" سأتي معك حالا .."

الا انه قاطعها بما جعلها تتسمر في مكانها وجعل الدموع تملأ عينيها لا اراديا :

" لا داعي لان تأتي يا شمس ... سوف ابيت الليلة مع نهى ... ليلة سعيدة مقدما..." 


#عروسي_الصغيرة


الفصل الخامس 


دلفت شمس الى غرفتها واغلقت الباب خلفها ثم انهارت باكية على سريرها ...

لاول مرة تجرب شعور الغيرة  .. الغيرة الحارقة من اخرى ... اخرى امتلكت ما هي بحثت عنه وارادته بشدة ...

ظلت تبكي طوال الليل ... تتوقف قليلا ثم تعاود الانخراط في البكاء من جديد ... حتى غفت اخيرا من شدة التعب ...

استيقظت في صباح اليوم التالي وهي تشعر بالاختناق الشديد... توجهت نحو المرأة واخذت تتطلع الى ملامح وجهها المتتفخة وعينيها الحمراوتين...

تنهدت بتعب وهي تسير بخطوات بطيئة نحو الحمام ثم ما لبثت ان خلعت ملابسها واخذت دوش سريع ...

خرجت من الحمام بعدها وهي تلف منشفة واسعة حول جسدها ... خلعت المنشفة وارتدت ملابسها المكونة من بنطال جينز برمودا وتيشرت احمر ...

امسكت هاتفها واخذت تبحث في جهات الاتصال عن رقم اياد ... وجدته بعد لحظات لترن عليه وتخبره انها تريد مقابلته فيقترح عليها ان يلتقيا بعد نصف ساعة في احد المطاعم الشهيرة والتي اعتاد على ارتيادها ..

وافقت شمس على اقتراحه ... وخرجت بالفعل بعد لحظات وهي تتسحب على اطراف اصابعها لكي لا يشعر بها احد ...وبالفعل لم يرها احد وهي تخرج من المنزل فالجميع كان نائم خصوصا ان اليوم عطلةة...!!!

خرجت شمس من المنزل وهي تتنهد براحة ثم سارعت واخذت تكسي متجهة الى المكان المنشود...

وجدت اياد هناك في انتظارها والذي ابتسم لها ما ان رأها وقبلها من وجنتيها كما اعتاد ان يفعل ...

جلست شمس على الطاولة امامه بوجه محتقن ليسألها بقلق :

" ما بك يا شمس ...؟! تبدين بوضع سيء ..."

انفجرت شمس باكية امامه ليندهش مما يحدث فعاود سؤالها مرة اخرى ولكن بقلق اكبر ...

توقفت الشمس عن البكاء اخيرا وسردت له تفاصيل ليلة البارحة وما حدث فيها....

تنهد اياد براحة فعلى الاقل لم يحدث شيء سيء لها ...

ثم ما لبث ان تسائل :

" ولما انت متضايقة هكذا ...؟! هذا تصرف طبيعي منه ... في النهاية انتما متزوجان على الورق فقط ... وزواجكما سينتهي عاجلا ام اجلا ...."

مسحت شمس دموعها باطراف اناملها وقالت :

" لا اعلم ولكن شعرت بألم شديد حينما ذهب معها ..."

صمتت لوهلة قبل ان تردف بتساؤل حائر :

" هل هذه غيرة يا اياد ...؟ هل انا اغار عليه ..؟!" 

نفى اياد ما قالته فورا باستياء شديد من تفكيرها وما وصلت اليه :

" بالطبع لا عزيزتي ... انت لا تحبينه لهذا لن تغاري عليه ابدا ... انت فقط تضايقتي لانه فضل زوجته عليك ... وهذا شعور طبيعي لانك تعلقتِ به ..."

" تعلقت به ...؟!"

" نعم يا شمس ... انت تعلقت به لانك لم تجدي غيره امامك ... فشعرت بانه تخلى عنك وتركك لوحدك ... وهذا سبب انهيارك وبكاءك ... شمس حاولي ان تكبري قليلا ... ان تغيري من طبعك هذا ولا تتعلقي بكل شخص يدخل حياتك ..."

" لا اعرف ماذا اقول حقا ..."

قالتها شمس بنبرة تائهة ليربت اياد على كفي يدها ويقول بحنو بالغ :

" صدقيني هذا كل شيء ... انت ما زلت صغيرة على الحب ومشاعره ... حينما تكبرين سوف تحبين بحق وتجدين حبك الحقيقي ... ولكن الان هذه لا تتعدي مشاعر مراهقة تسعى بكل قوتها لاثبات نفسها امامه..."

" قد يكون معك حق بالفعل ..."

قالتها شمس بضيق وهي تستند بوجهها على كف يدها ليقول اياد بمرح :

" ما رأيك الان ان تمحي هذه الافكار من بالك وتسمحي لنا بأن نتناول فطورنا سويا ..."

رمته شمس بنظرات مغتاظة وقالت :

" هذا كل ما يهمك ...الاكل ..."

" وهل يوجد شيء اهم منه ...؟"

قالها وهو يغمز لها بعبث لتزم شفتيها بضيق بينما يتقدم النادل منهما ليأخذ طلباتهما ...

                        ......................

استيقظ رائد من نومه وخرج من غرفته بعدما اخذ حمام سريع ... رغما عنه اتجه الى غرفة شمس للاطمئنان عليها ... فتح باب الغرفة ودلف الى الداخل بخطوات بطيئة لينصدم بها خالية ... جن جنونه وخرج سريعا من الغرفة متجها الى باقي ارجاء المنزل للبحث عنها ... زاد جنونه اكثر حينما لم يجدها في اي مكان ... وما ان توجه خارج المنزل للبحث عنها حتى وجدها تهبط من سيارة اياد ... تقدم بسرعة نحوهما ونيران الغضب تتصاعد داخله ... لم يبال بشمس التي وقفت امامه بل انطلق نحو اياد وفتح الباب وجره من السيارة قائلا بصوت غاضب :

" كم مرة علي ان اخبرك بألا تقترب منها ...؟! "

دفعه اياد بعيدا عنه وقال بضيق بينما يهندم ملابسه :

" ما كل هذه الهمجية يا رجل ...؟! اهدأ قليلا ودعني اشرح لك ..."

" ماذا تشرح لي ...؟! فتاة صغيرة في سنها تخرج مع شاب مثلك في هذا الوقت المبكر من الصباح... وفوق هذا كله متزوجة ..."

قاطعته شمس بدهشة :

" انه ابن خالتي .."

ليرد رائد عليها :

" اخرسي انت ...."

ابتلعت شمس غصتها وانفجرت الدموع داخل عينيها بينما صرخ به اياد :

" لا تتحدث هكذا معك ....انا لا اسمح لك بهذا ..."

ليرد رائد بتحدي :

" انها زوجتي ولا يحق لاحد ان يتدخل بيني وبينها ..."

ليقول اياد بسخرية :

" زوجتك على الورق فقط ولمدة محدودة... أليس كذلك ...؟"

جحظت عينا رائد بصدمة مما سمعه ثم التفت الى شمس التي وضعت يدها على فمها وقد ادركت لتوها خطأ ما ارتكبته بينما اخذ اياد يقهقه عاليا قبل ان يقول بنبرةاستفزازية :

" لماذا خرست الان...؟! هل اكل القط لسانك ....؟!" 

تقدم رائد منه ولكمه بقوة ليسقط اياد ارضا وتخرج الدماء من انفه بينما شهقت شمس بقوة وتقدمت نحوه تصرخ باسمه ليهدر بها رائد عاليا :

" عودي الى مكانك يا شمس ..."

نهض اياد من مكانه وحاول لكم رائد لكنه تفاداها بمهاره ولوى ذراع اياد خلف ظهره وقال بتهديد صريح :

" اسمعني جيدا ... شمس خط احمر ... اياك ان تقترب منها مرة اخرى ..."

ثم تقدم ناحية شمس وجرها خلفه وهو يتوعد لها بالكثير ...

                               .................

دفع رائد شمس الى داخل الغرفة واغلق الباب خلفه بالمفتاح ... 

اخذ يشمر عن ساعديه بينما تراجعت شمس الى الخلف مذعورة ...

وضع رائد يديه حول خصره وقال:

" انت بالفعل طفلة ...طفلة بحاجة الى تأديب فوري..."

" ماذا تقصد ...؟!"

سألته بنبرة مرتعبة ليكمل رائد :

" تخرجين دائما دون اذن مني ... ومع من ...؟! مع ذلك الحيوان ... تخبريه عن اسرارنا التي لا يجوز لاي شخص ان يعلم بها ... ماذا ستفعلين بعد ...؟! هيا يا شمس اخبريني ... "

اخفضت شمس رأسها ارضا بخجل ليصرخ بها :

" اخبريني هيا ... أي مصيبة اخرى ارتكبت وانا لا اعلم بها ..؟! من اخبرت ايضا بشأن موضوع زواجنا المؤقت...؟!" 

ارتجف جسدها بالكامل اثر صراخه وانهمرت الدموع من عينيها لتقول بندم حقيقي :

" اسفة ... لم اقصد ما قلته ..."

" وماذا سأستفيد بأسفك انا ...؟! لقد فضحت امام ابن خالتك ...اصبحت علكة في فمه ... الان يستطيع ان يخبر الجميع بهذا ويفضحنا في كل مكان ..."

" كلا لن يفعل ... انه صديقي وليس ابن خالتي فقط ..."

اخذ رائد يضرب كف بكف وهو يردد :

" طفلة وغبية ايضا ..."

ثم ما لبثت ان تقدم نحوها وجرها من ذراعها مقربا اياها منه قائلا بلهجة قوية :

" لا تظني بأنني سأمرر ما حدث مرور الكرام ... سوف تأخذي عقابك كاملا هذه المرة ..."

سألته بنبرة مرتجفة:

" ماذا ستفعل ...؟!" 

" سوف افعل ما كان يفعلونه بالافلام القديمة ..."

هزت رأسها بعدم فهم ليحملها بين يديه ويمدد جسدها على فخذيه ثم يبدأ بضربها على مؤخرتها عقوبة لها ...

ضربها عدة مرات بينما هي تصرخ من شدة الالم ...

توقف عن ضربها فنهضت مسرعة من فوقه وهي تفرك مؤخرتها بكف يدها ليقترب منها قائلا :

" انت ممنوعة من الخروج من هذه الغرفة لمدة ثلاثة ايام ... الطعام سوف يدخل اليك هنا ... "

هزت رأسها بتفهم والدموع تهطل من عينيها دون ان تنطق بحرف واحد بينما خرج رائد من الغرفة وهو يسب ويلعن اياد  في داخله ...

                           ...........................

بعد مرور يومين ...

دلفت سميحة الى غرفة شمس وهي تحمل الطعام معها ...

وضعته امامها وهي تقول بحنان :

" شمس حبيبتي ... تناولي طعامك ..."

هزت شمس رأسها نفيا وقالت بصوت مبحوح :

" لا اريد ... لست جائعة ..."

تنهدت سميحة بقهر وقالت :

" لو اعلم فقط ما حدث بينكما ليعاقبك رائد بهذا الشكل ..."

" لا استطيع ان اقول ... انه سر ..."

قالتها شمس وكأنها تخبر بها نفسها اولا قبل سميحة لتربت سميحة على وجنتها وتقول بعطف :

" تناولي طعامك يا فتاة ... سوف تموتين جوعا ..." 

" اريد ان اخرج من هنا ماما سميحه ... تحدثي معه ارجوك .."

توسلتها شمس لترد سميحة بصدق :

" والله تحدثت معه اكثر من مرة لكنه مصر على موقفه ..."

ثم اردفت كاذبة :

" ما رأيك يا فتاة بأن اجد لك الطريقة التي تجعله يسامحك لكن تناولي طعامك اولا ...."

" كيف ...؟!" 

سألتها شمس بلهفة لترد سميحة بجديةة:

" تناولي طعامك اولا وسأخبرك ..."

ردت شمس بعناد :

" لن اتناول شيء حتى تخبريني بما يجب ان افعله ليسامحني رائد ..."

شعرت سميحة بأنها وقعت بالفخ فهزت رأسها بحيرة قبل ان تخترع احدى الطرق على مسامع شمس التي اخذت تستمع اليها بلهفة وقد عزمت القرار على تنفيذها ...

                                   ...............

وقفت شمس امام المرأة تتطلع الى قميص نومها القصير ... 

كانت تتطلع اليه باعجاب شديد ...

كان اسود قصير يصل الى ركبتها بحمالات رفيعةة...

اعطته لها سميحة بعدما ترجتها ...

دلف رائد الى الداخل لينصدم مما رأه امامه ....

تجمد في مكانه وهو يرى شمس الصغيرة بطلة مليئة بالانوثة والجاذبية ...

افاق من صدمته على صوتها وهي تسأله برقةة:

" هل اعجبك ....؟!" 

هز رأسه دون ان يجيب وجلس على الكنبة بتعب بينما اخذت شمس تدور امامه بقميص نومه وهي تقول بسعادة :

" لقد اعجبني للغاية ... لاول مرة ارتدي شيء كهذا ..."

" ولأخر مرة ..."

قالها محذرا لتزم شفتيها بضيق وتجلس بجانبه ...

ابتلع رائد ريقه بتوتر بالغ من هيئتها تلك بينما اقتربت شمس منه اكثرر...

التفت اليها قائلا بتردد :

" ابتعدي قليلا..."

مطت شفتيها وقالت بتساؤل ضيق :

" لماذا ...؟!" 

" هكذا ... ابتعدي فقط ..."

نهض رائد بعدها من مكانه وهم بالتحرك بعيدا عنها الا انها اوقفته وهي تقبض على ذراعه ...

استدار ناحيتها متسائلا عن سبب ايقافه لها ... 

لترفع شمس جسدها قليلا فيقابل وجهها وجهه فتطبع قبلة رقيقة على شفتيه صدمته وصدمتها هي اكثر ...

#عروسي_الصغيرة


الفصل السادس 


تصنم في مكانه بسبب فعلتها ...

لم يعرف كيف يتصرف وماذا يجب ان يقول ...؟! 

الصدمة كانت شديدة عليه ...

صدمة من تصرفها الجريء والغير متوقع ...

وضعت شمس يدها على وجنتها تستنكر ما فعلته ...

تشعر بانها تجاوزت حدودها وتهورت بشكل كبير ...

وبالرغم من تشوقها لخوض التجربة الا انها ندمت عليها كثيرا ...

ولا تعرف ما سبب ندمها ...

هل لكون رائد لم يتجاوب معها ... ؟! 

ام لسبب اخر ...؟! 

" انا اسفة ...."

قالتها بنبرة مرتجفةةوقد ادركت بكونها تعدت كل الخطوط الحمراء مع رائد الذي يقف امامها يرمقها بنظراته الجليدية ...

" علام تعتذرين ...؟!"

سألها بجمود لتجيبه بخجل وارتباك :

" على ما فعلته قبل لحظات ..."

شد خصلات شعره بانامله قبل ان يقول بصوت متحفز :

" شمس .."

رفعت وجهها نحوه تتأمل خشونة ملامحه المميزة ليردف بجدية ونبرة قوية :

" انت بحاجة لاعادة تربية من اول وجديد ...." 

مطت شفتيها بحزن :

" هل انا عديمة تربية ....؟!" 

زفر انفاسه بيأس وقال :

" ما فعلته قبل قليل لا يصدر الا من فتاة عديمة الخجل و  ..."

" ولكنني زوجتك .." 

قاطعته ببراءة مطلقة واكملت :

" ويحق لي ان اقبلك كما علمت..." 

قبض على ذراعها بكف يده وقال بصوت هادئ لكن قوي :

" شمس اسمعيني جيدا ... للمرة الالف اقولها ... انت ما زلت صغيرة و غير واعية لاي تصرف يصدر منك ... صدقيني يجب ان تنتبهي اكثر على تصرفاتك لانك حينما تكبرين ستندمين عليها اشد ندم ...'

هكذا ... اكتفي بما قاله وخرج ... تركها لوحدها تبكي بصمت وهي تسأل نفسها عن الخطأ الذي ارتكبته ...

ظلت تبكي طويلا حتى وجدته يعود من جديد ...يسرق النظر اليها قبل ان يقول بصوت حنون وقد ضعفت قوته امام دموعها :

" انهضي وغيري ملابسك ... تأخر الوقت كثيرا وانت لم تنامي بعد ..."

نهضت من مكانها وهي تمسح دموعها بكف يدها قبل ان تسأله بقلق :

" هل سامحتني ...؟!" 

اومأ برأسه وقال :

" سامتحك ولكن على وعد ألا تتكري هذه الافعال الرعناء مرة اخرى ..."

هزت رأسها عدة مرات قبل ان تقترب منه وترفع وجهها نحو وجنته وتقبلها بعمق فيشعر بدموعها تلامس وجنته ...

" اسفة واعدك بأنني لن اكررها مطلقا ..."

قالتها وهربت تاركه اياه يشعر بالارتباك ... الارتباك من شيء جديد يظهر داخل قلبه ولاول مرة ...

                          ....................

في صباح اليوم التالي ...

استيقظت شمس من نومها لتجد رائد ما زال نائما على غير العادة ...

نهضت من فراشها ببطء وقررت ان تأخذ حمام سريع وتغير ملابسها ...

وبالفعل خرجت بعد لحظات وهي ترتدي بيجامة مكونة من شورت قصير وتيشرت بحمالات رفيعة يبرز نصف بطنها السفلي ...

وقفت امام المرأة تسرح شعرها القصير حينما وجدت رائد يستيقظ من نومه ...

اخذ يتأملها بنظرات ناعسة قبل ان تتسع نظراته لا اراديا فيسألها وهو يقفز من مكانه :

" ما هذا الذي ترتدينه ..؟!" 

اجابته بعدم فهم :

" بيجامة ..."

" وهل ستخرين من الغرفة وانت ترتدينها ...؟"

سألته بغباء :

" وهل توجد مشكلة في هذا .." 

" اطلاقا لا توجد اي مشكلة عزيزتي ..."

قالها بسخرية لم تنتبه لها لتبتسم براحة اختفت حينما صرخ بها هادرا :

"غيري هذه البيجامة اللعينة ..."

" ما بها ...؟! انها cute للغاية ...."

سألته ببلاهة ليرد بنرفزة :

" سوف احرق جميع بيجاماتك واستبدلها بعبائات طويلة عقابا لك ..."

" عباءات .."

صرخت مستنكره لما سمعته ليؤكد ما قاله :

" نعم ... افضل من بيجاماتك هذه ..."

" وما بها بيجاماتي...؟"

رد بتهكم :

" لا يوجد بها شيء ... فقط تشبه المايوه ..." 

زمت شفتيها بضيق ليقول رائد بنبرة أمرةو:

" غيريها فورا وارتدي بيجامة مستورة لا تبرز جسدك ..."

اخذت تدمدم من بين انفاسها المضطربة:

" اوامر اوامر ... لا يوجد سوى الاوامر ..."

" ماذا تقولين ....؟!" 

سألها بنبرة محذرة لترد بابتسامة صفراء :

" لا شيء ... اشكر الله لانه منحني زوج متفاني ورائع مثلك ..."

ثم تحركت من امامه بعدما ضربت الارض بقدميها ليبتسم رائد لا اراديا فتلك الصغيرة باتت تثير به مشاعر متناقضة للغاية .... تارة تغضبه وتارة ترسم الابتسامة على ثغره ...

                                ................

مرت الايام سريعا  وعلاقة شمس وراىد تتطور لا اراديا ..

باتت تحرك به مشاعر غريبة كالحماية ... احيانا يشعر بانها طفلته التي يجب ان ينتبه عليها في كل شيء يخصها ...

اما شمس فتزداد تعلقا بها اكثر وكأنها بات تعويضا لها عن ابيها ...

حالة والد شمس بدأت تتراجع بالرغم من تحسنها مسبقا .... وبدأ جسده يرفض العلاج ... مما ادى لانتشار المرض اكثر في جسده ...

                            .................

تقدمت شمس من نهى التي تجلس في صالة الجلوس تتابع احد الافلام التلفزيونية ...

جلست في الكنبة المقابلة لها واخذ تتابع الفيلم معها حينما تحدثت نهى قائلة بحنو مصطنع :

" شمس حبيبتي ... كيف حال والدك .؟ لقد سمعت بأن وضعه تدهور قليلا ..." 

ذهلت شمس مما سمعته وقالت بعدم تصديق :

" ماذا تقولين انت ...؟! لقد اخبرني رائد انه بخير ..."

رسمت نهى الصدمة على وجهها وقالت باسف مفتعل :

" اسفة يبدو انني اخطأت فيما قلته ..."

نهضت شمس من مكانها بسرعة وركضت نحو غرفة مكتب رائد بينما لحقت نهى بها وهي تبتسم بخبث فهاهي قد عكرت مزاج تلك الصغيرة...

كانت شمس تركض نحو المكتب والدموع تهطل من وجنتيها بغزارة ...

دلفت الى الداخل دون استئذان واتجهت الى رائد تسأله بنبرة باكية :

" اخبرني حالا ... ماذا حدث لابي ...؟!" 

تطلع رائد بعدم فهم الى نهى الواقفة خلفها والتي قالت بنبرة معتذرة :

" اسفة يا رائد ... لم اكن اعلم انها لا تعلم بما حدث ..."

زفر رائد انفاسه بغيظ من نهى وما فعلته ثم امرها بحزم :

" عودي الى غرفتك ..."

مطت نهى شفتيها بضيق وخرجت بينما اقترب رائد من شمس واحتضنها قائلا بمواساة :

" اهدئي يا شمس ودعينا نتحدث بهدوء ...."

" لا تكذب علي ...اخبرني بكل شيء ..."

شعر رائد بالشفقة من اجلها وهو يرى دموعها تغطي وجنتيها ليقول بجدية :

" وضعه سيء قليلا..."

شهقت بصدمة :

" ماذا حدث بالضبط ...؟!" 

اخذ نفسا عميقا واجابها :

" جسده فشل في تقبل لعلاج..."

" يا الهي ...." 

كادت ان تتحدث حينما سمع رائد صوت صراخ والدته ينادي باسم زوجته الاولى...

تحرك راكضا الى الخارج ليجدها ممدده على ارضية الغرفة فاقدة للوعي ...

حملها بلهفة وهو يصرخ في اخته ان تطلب الطبيب...

وبالغعل جاء الطبيب وبدأ في فحصها ...

خرج الطبيي بعد لحظات وهو يبتسم ويقوب مهنئا رائد :

" مبارك لك يا رائد ...المدام حامل ..."

تشدق فم رائد بابتسامة غير مصدقة ليهتف بالطبيب :

" حقا ...؟! نهى حامل ...؟!" 

اوما الطبيب برأسه ليدلف رائد الى الداخل بسرعة مقتربا من نهى محتضنا اياها بلهفة ...

بينما علت الصدمة وجه شمس التي اخذت تتابع الموقف بعدم تصديق ...

                             .......................

بعد مرور اسبوعين ...

كانت شمس تجلس في غرفتها وهي تشعر بالضيق الشديد ...فرائد لم يأتي اليها كالعادة منذ حمل زوجته ...

فنهى تتدلل عليه طوال الوقت وترفض ان يتركها وهو يبقى بجانبها خائفا عليها خاصة حينما اخبره الطبيب بان وضع الجنين حرج قليلا وزوجته تحتاج الى الراحة النفسية و الجسدية ...

كانت تفكر في وضعها الحالي وما وصلت اليه حينما دلف رائد مسرعا اليها واغلق الباب خلفه بالمفتاح ...

نهضت شمس من مكانها وسالته بقلق:

" ماذا حدث يا رائد ..؟! هل ابي بخير ..."

" سوف نتمم زواجنا الليلة..."

قالها هكذا بكل بساطة لتشهق بقوة :

" نتمم زواجنا الليلة ...!!"

ثم اردفت بعدم فهم :

" ولكن كيف ...؟!" 

" هكذا ..."

قالها وهو  يلتهم شف،،تيها بشف،تيه ...


رواية #عروسي_الصغيرة


الفصل السابع

 

بعد مرور خمس سنوات ...

وقفت امام مرأتها تتأمل تفاصيل اطلالتها للمرة الاخيرة ... كانت اطلالة راقية للغاية مكونة من تنورة سوداء قصيرة بالكاد تصل الى منتصف فخذيها فوقها قميص من الشيفون الابيض عاري الاكتاف يغطيه سترة سوداء اللون ذات ازرار فضية ...

ارتدت حذائها ذو الكعب العالي ثم اخذت تسرح شعرها الطويل بعناية قبل ان تضع عطرها المفضل وتخرج من منزلها متجهة الى الشركة ...

دلفت الى الشركة لتتجه عيون جميع الموظفين نحوها فهي رئيستهم وصاحبة هذه الشركة الضخمة ... 

تقدمت نحو المصعد وضغطت على احد ازراره لينفتح الباب تلقائيا بعد لحظات ... دلفت الى الداخل وضغطت على زر الطابق الاخيرر...

وصلت اليه بعد لحظات لتهبط من المصعد وتتجه نحو مكتبها فتجد سكرتيرها في انتظارها ...

القت التحية عليها وقالت بنبرتها العملية المعتادة :

" هل الجميع في الداخل ....؟!" 

اومأت سكرتيرتها وهي تجيبها بجدية :

" جميعهم في انتظارك ..." 

توقفت لحظات قبل ان تقول :

" هل حجزت لي تذكرتي سفر الى ايطاليا كما اتفقنا ....؟!" 

اومأت السكرتيرة وهي ترد عليها :

" نعم ، حجزت ..."

تنهدت بصمت قبل ان تتحرك متجهة الى قاعة الاجتماعات حيث ينتظرها الجميع هناك لبدء الاجتماع ...

                           ..................

جلست في مكتبها بعدما انتهى الاجتماع وهي تتنهد بتعب ... لقد قضت وقتا طويلا وهي تتناقش مع موظفيها بكثير من امور العمل ...

اغمضت عينيها للحظات سرعان ما انتهت وهي تفتحها على صوت ضجة غريبة في الخارج ...

خرجت مسرعة لتجد اثنين من الموظفات تتعاركان سويا وصوت صراخهما يعلو في ارجاء المكان ...

وبصرخة واحدة منها جعلتهما تتراجعان فورا عما تفعلانه ثم اخذت تنهرهما بضيق قبل ان تأمر بفصلهما من العمل ...

في هذه الاثناء تقدم احدهم منها متسائلا بتعجب :

" ماذا يحدث يا شمس ...؟! ولما كل هذه الضجة ...؟!" 

اجاابته شمس وهي تتجه نحو المكتب مرة اخرى :

" دعنا ندلف الى الداخل اولا ... وسوف اخبرك بكل شيء ..." 

اخذ الشاب يقهقه عاليا بشكل اغاظ شمس التي نهرته بضيق :

" كف عن الضحك يا اياد ... مالذي يضحك فيما قلته ...؟!" 

اجابها وهو يجاهد لكتم ضحكاته :

" لقد تحولت الشركة الى سوق هرج ..." 

زفرت شمس انفاسها بضيق وهي تضع وجهها بين كفي يدها لينهض اياد من مكانه ويقترب نحوها متسائلا :

" ما بك يا شمس ..؟! تبدين متعبة ..." 

رفعت شمس بصرها في وجهه قائلة بنبرة متعبة :

" تعبت يا اياد ... اشعر بأنني اتحمل ما هو فوق طاقتي ...الشركة ضخمة وتحتاج الى جهد كبير .."

ربت اياد على كتفها قائلا بنبرة مواسية :

" اعلم هذا ولكن لا حل امامك سوى التأقلم مع هذا الوضع ... انت ما زلت في بداية مشوارك ومن الطبيعي ان تتعبي كثيرا وتشعري بالعجز ...."

اومأت شمس برأسها قبل ان يكمل اياد وهو يغمز لها بعبث :

" ما اخبار الرحلة ...؟! 

ابتسمت قبل ان تجيب بجدية :

" كل شيء جاهز ... سوف ننطلق مساء اليوم..."

هز اياد رأسه متفهما ثم قرر الاتجاه الى منزله للتجهيز من اجل رحلته ...

                           .................

امام امواج البحر العالية كان يقف هو والذكريات تلفحه من جميع الجوانب ...

ذكريات مرت عليها سنين طويلة لكنها ما زالت تعصف به وبذاكرته ...

عودة الى الوقت الماضي ...

(نهضت شمس من مكانها وهي تغطي جسدها بغطاء السرير والدموع اللاذعة تغرق وجهها ...

تطلعت بعيون منخفضة الى رائد الذي يجلس على السرير موليا ظهره العاري لها ورأسه منخفض نحو الاسفل ...

لا يصدق ما فعله ... كيف فعل بها شيء كهذا ...؟! كيف استغل براءتها وسذاجتها بهذا الشكل المخزي ...؟! 

هل ستعذره ...؟! هل ستتفهم اسبابه ...؟! بالتأكيد لا ...

مسح وجهه بكفي يده والتفت نحوها قائلا بنبرة مترددة خافته :

" انا اسف ...." 

مسحت شمس دموعها باناملها ورفعت انظارها في وجهه اخيرا قائلة بصوت باكي :

" بل انا من يجب ان اعتذر ... " 

اندهش من كلامها وتقدم ناحيتها ماسحا دموعها بانامله متسائلا بقلق :

" لماذا تعتذرين ..؟!" 

اجابته من بين نشيجها وتنهداتها :

" لانني تصرفت كطفلة صغيرة وبكيت ..." 

حملق بها بدهشة بينما اكملت هي بجدية :

" انا لست غبية يا رائد وافهم جيدا ان ما حدث طبيعي بين اي زوجين ..." 

تنهد رائد بصمت ثم قال بجدية :

" انا اسف يا شمس ...اسف يا صغيرتي ... لكنني اعدك بأنني لن اكرر ما حدث اطلاقا ..." 

تهلل وجهها بشكل مزق قلبه :

" حقا ...؟!" 

اومأ برأسه دون ان يجيب بينما نهض من مكانه وارتدى قميصه وخرج تاركا شمس ضائعة لا تعرف كيفية  التصرف في وضع كهذا ...) 

     اغمض عينيه وهو يتنهد بالم ... لقد كان هذا بداية انقطاع الخيط بينهما ... بداية البعد والفراق ...

(" لماذا لم تخبرها بأن والدها توفي منذ يومين ..؟!" 

كان حديث المحامي وطريقته المؤنبة كافية لجعل رائد ينفجر في وجهه ويقول :

" وكيف تطلب مني ان اخبرها بشيء كهذا وهي لم تخرج من صدمة ما حدث بيننا بعد ...؟!"

زفر المحامي انفاسه بضيق بينما اكمل رائد :

" اساسا لا اصدق كيف طاوعتك وفعلت ما فعلته..."

تحدث المحامي بنبرته الجدية العملية  :

" سيد رائد لم يكن اماما حل اخر سوى هذا ...أم كنت ترغب بأن يسيطر اعمامك على املاك المرحوم بعد ان يكشفوا امر زيجتكم المزيفة ..." 

تطلع اليه رائد بنظرات غير مقتنعة ليكمل المحامي حديثه :

" ما حدث هو الصحيح ... انت انقذت الفتاة من طمع اعمامها ...." 

" احاول ان اقتنع بما تقوله لكنني لا اقدر ..." 

نهض المحامي من مكانه واخذ يربت على كتف رائد قائلا :

" صدقني سيد رائد انت لم تفعل سوى ما هو صحيح ...." 

" معك حق ..." 

قالها باختصار وهو ينهض من مكانه متجها الى منزله ليرى شمس ويخبرها بوفاة والدها ...) 

                      .........................

عودة الى الوقت الحاضر ...

جلست شمس على الكرسي المخصص لها في الطائرة بجانب اياد ...

كورت قبضتيها بقوة حينما بدأت الطائرة في الارتفاع ليقبض اياد على كف يدها محاولا التقليل من خوفها فهو يعرف مدى خوفها من الطائرات ...

تنهدت براحة حينما ارتفعت الطائرة في الفضاء الواسع بينما حرر اياد يدها من قبضته ...

اغمضت شمس عينيها محاولة منها للنوم او التقليل من التوتر الذي تشعر به ...

وبدلا من النوم اخذت الذكريات تعود اليها بقوة ... ذكريات ابت ان تتركها ... ذكريات لا تخص وحدها بل تخص اخرا تعلق قلبها به رغما عنها ...

( كانت شمس تجلس في غرفتها تتتابع التلفاز بملل شديد حينما دلف رائد اليها ...

كانت هذه المرة الاولى التي تراه بها بعدما حدث ...

فمنذ رحيله ليتها او بالاحرى هروبه وهو يتجنب االلقاء بها ...

نهضت من مكانها مصدومة من وجوده لتسأله بعدم تصديق :

" رائد ..ماذا تفعل هنا ...؟!" 

تطلع اليها رائد بنظرات حزينة قبل ان يقول بجدية :

" شمس ...هناك شيء مهم يجب ان تعرفيه ..." 

شعرت شمس بالقلق مما سيقوله فقالت بنبرة متوترة :

" تحدث ...ماذا حدث ...؟!" 

اغمض رائد عينيه للحظات قبل ان يفتحها ويقول بصوت متشنج :

" لقد توفي عمي يا شمس ..." 

رمشت شمس بعينيها عدة مرات تحاول ان تستوعب ما سمعته ...

اخذت تهز رأسها نفيا والدموع تهطل من عينيها بغزارة ...

دموع لا ارادية ...

" شمس ..."

قالها رائد وهو يقبض على كتفيها محاولا اسنادها الا انها كانت رافضة لتصديق ما تسمعه فظلت تهز رأسها نفيا رافضة تصديق ما سمعته قبل ان تنهار باكية بين احضانه ...) 

افاقت شمس من ذكرياتها المؤلمة على صوت المضيفة تسألها عن وجبة الطعام التي تفضلها لتمسح دمعة يتيمه تدحرجت على وجنتها دون ارادة منها ...


#عروسي_الصغيرة


الفصل الثامن ...


رحلتها في ايطاليا استمرت لمدة ثلاثة ايام ...

رحلة كانت مجهدة بحق استنفذتها جسديا ونفسيا ...

عادت منها اخيرا بعدما احرزت تقدم جديد ...

نجاح جديد في عملها يثبت اقدامها اكثر في هذه المهنة ...

هاهي تختار خطواتها جيدا وتثبت نفسها بين جمع رجال الاعمال بشكل اكبر ...

دلفت الى غرفتها وهي تشعر بتعب وارهاق شديدين ...

خلعت حذاءها ورمته ارضا ثم بدأت في خلع ملابسها فورا ورمتها ارضا هي الاخرى ...

دلفت مسرعة الى الحمام لتأخذ شاور سريع عله يزيل تعبها ...

خرجت من الحمام وهي تلف جسدها بمنشفة عريضة ثم اخذت تجفف شعرها الطويل بالسشوار ...

ما انتهت من تجفيف شعرها حتى سرحته وارتدت بيجامة مريحة قبل ان تندس في سريرها وتغرق في نوم عميق ...

استيقظت في صباح اليوم التالي على صوت هاتفها ...

زفرت انفاسها بضيق وهي تعدل من وضعيتها وتلتقط هاتفها وتجيب على المتصل والذي لم يكن سوى اياد...!!!

" صباح الفل ..." 

اجابته بضيق واضح :

" صباح النور ... ماذا جرى لتتصل بي في وقت مبكر كهذا ...؟!" 

" لقد تحدثت معي سكرتيرة رياض الصباغ واخبرتني بأنه سيصل الى البلاد فجر اليوم ...قلت ان اخبرك اذا ما كنت تريدين ان تقابليه من اجل المشروع الذي سيجمعنا قريبا .."

قفزت من مكانها ما ان سمعت ما قاله وقالت:

" ماذا تقول ..؟! وصل فجر اليوم ... بالطبع اريد مقابلته ... ألا تعلم أهمية هذا المشروع بالنسبة لي ...؟!" 

ابتسم اياد على حماسها ليهتف بجدية :

" اذا تجهزي للقاء المنتظر ... سأكون عندك في تمام الساعة التاسعة صباحا ..."

اغلقت شمس هاتفها ثم نهضت من مكانها وهي تستعد لاختيار الملابس المناسب لمقابلة شريكها الجديد ...

                         ........................

استيقظ من نومه صباحا على صوت والدته ...

تأفف بضيق وهو ينهض من فوق سريره ويسارع لارتداء ملابسه فقد تأخر على عمله ...

ارتدى ملابسه ووضع عطره ثم هم بالخروج من الغرفة حينما رأى والدته في وجهه ...

" تأخرت على عملك يا بني أليس كذلك....؟!"

" لماذا لم توقظني مبكرا ...؟!" 

" وجدتك متعبا فقلت لاتركك تستريح قليلا ..."

زفر انفاسه بضيق وقال:

" لماذا يا امي ...؟! انت تعلمين بأنه لا يجب ان اتأخر على عملي اطلاقا ..."

" رائد بني ...انت تجهد نفسك كثيرا في عملك ...الى متى سوف تبقى هكذا ...؟! فكر في نفسك ...لقد تعديت الاربعين من عمرك وما زلت عازبا ...."

" هل سوف نعيد نفس الاسطوانة من جديد ...؟!" 

قالها بملل من هذه الاسطوانة التي تتكرر بشكل يومي ...

" كما تريد ... لكن تذكر انك تضيع سنوات عمرك هباءا بسبب ماضي لا ذنب لك فيه ..." 

تنهد بنفاذ صبر ثم تحرك خارجا من المنزل متجها الى عمله ..

اخذ يقود سيارته متجها الى الشركة التي يعمل بها حينما عادت الذكريات الى رأسه من جديد ...

( كان قد مر على وفاة عمه اكثر من شهر ...شهر تأقلمت به شمس مع الخبر واستطاعت تقبل خبر فقدان والدها ... بدأت دراستها وانشغلت معظم الوقت في مذاكرة دروسها ... كانت لا ترى رائد الا على مائدة الطعام فهو يقضي معظم وقته في عمله وحينما يعود مساءا يبيت في غرفة نهى ...

مرت الايام والوضع ذاته ... شمس تعودت على البقاء بمفردها لاغلب الوقت .... اما رائد فكان يرغب في رؤيتها والاطمئنان عليها ولكن شعوره بالخجل مما حدث وتصرفه معها نأى به عنها ...

وفي احد الايام التقيا سويا امام الباب الخارجي للمنزل حيث عادت شمس من المدرسة في الوقت ذاته الذي عاد به رائد من عمله ...

تطلعت شمس اليه بلا مبالاة وعبرت امامه حينما وجدت رائد يقبض على ذراعها قائلا بنبرة قوية :

" توقفي ...."

" ماذا حدث ...؟!" 

قالتها شمس وهي تتأفف بضيق ليجيبها هادرا بها :

" أين ذهبت بعد المدرسة ...؟! الساعة تعدت الخامسة عصرا ..."

اجابته وهي تزفر انفاسها بملل :

" كنت مع اياد ..." 

اتسعت عيناه بصدمة مما قالته ليقبض على ذراعها مرة اخرى قائلا بصوت غاضب :

" ألم اخبرك مسبقا ألا تلتقي بهذا الحقير مرة اخرى ....؟! "

" انا حرة فيما افعل ... ولا تقل عنه حقير مرة اخرى ..." 

قالتها بضيق واضح جعلته يكز على اسنانه وهو يصيح بها :

" انت لست بحرة يا شمس ... انت زوجتي ..." 

" زوجتك حسب مزاجك ... أليس كذلك ...؟! "

صعق بشدة من كلامها وجرئتها ليرد بذهول :

" ما هذا الكلام يا شمس ...؟! ماذا تقصدين بحسب مزاجك ...؟!" 

" انت تفهم جيدا ما اعنيه ..." 

قالتها بنبرة ذات مغزى جعلته عاجزا عن الرد ...يبدو ان الصغيرة لديها انياب وباتت تعرف كيف تستعملها ...

تحدث اخيرا بصوت حاد قوي :

" كلامي واضح يا شمس ... لاخر مرة احذرك ... ممنوع الخروج من المنزل دون اذن مني ... اما هذا اياد فلا يحق لك مقابلته مهما حدث ..."

" ماذا تظن نفسك بفاعل ...؟! هل تحاول حبسي ...؟!" 

اعتصر قبضتي يده بقوة ثم ما لبث ان قال بجدية :

" اذا كنت تستحقين هذا فلا بأس من حبسك ..." 

ثم اردف ببرود :

" والان ادخلي الى منزلك ... ولا تثرثري كثيرا ... كلامي واضح جدا ... ولا يحتاج الى نقاش منا ..." 

ضربت شمس الارض بقدميها ثم تحركت مبتعدة من امامه ...)

افاق رائد من ذكرياته على صوت تزمير السيارات من خلفه بعدما تحول لون اشارة للمرور للاخضر ...

ادار مقود سيارته متجها الى عمله محاولا نفض تلك الافكار والذكريات من رأسه ...

                            ......................

وقفت شمس امام سكرتيرة رياض الصباغ وبجانبها اياد ... 

نهضت السكرتيرة من مكانها مرحبة بهما قبل ان تطلب منهمل الولوج الى الداخل حيث مكتب السيد رياض ...

تقدمت شمس الى داخل مكتبه وولجت الى الداخل حينما نهض رياض من مكانه مرحبا بها وبإياد ...

تقدم رياض ناحيتهما ومد يده نحو شمس التي وضعت كف يدها في يده وردت تحيته بابتسامة عملية متكلفة ...

وفعل مع اياد المثل ...

جلس الجميع على طاولة الاجتماعات وبدؤا في التحدث بامور الصفقة ...

مرت اكثر من ساعة وحديثهم ما زال مستمرا ... 

في هذه الاثناء دلف احد الموظفين الى مكتب رياض ...

تحدث رياض بصوت جاد :

" تعال يا رائد ...لقد بدئنا الاجتماع منذ حوالي ساعة..."

رفعت شمس بصرها بسرعة نحو الشخص الذي تحدث معه رياض لتنصدم برائد امامها ...

تجمدت كليا وهي تراه وجها لوجه ولم تكن صدمة رائد اقل منها ...

تحدث رياض غير منتبه للصدمة التي علت وجوه الثلاث حتى اياد :

" اقدم لكما رائد ... احد اهم موظفي الشركة ..."

ثم التفت الى رائد الذي استطاع ابتلاع صدمته اخيرا وقال :

" رائد ..دعني اعرفك على السيدة شمس والسيد اياد ..شركائي في الصفقة الجديدة .."

بالكاد استطاع رائد القاء التحية عليهما ثم جلس بجانب رياض منتبها الى حديثه ...

انتهى الاجتماع بعد حوالي نصف ساعة لينهض رائد من مكانه بسرعة خارجا من مكتب رياض بعدما استأذن شمس بينما تحدث رياض قائلا :

" غدا توجد حفلة بمناسبة افتتاح شركتي الجديدة ...اتمنى منكما الحضور .."

" سوف اكون موجوده بالتأكيد ..." 

قالتها بجدية قبل ان تتحرك مبتعدة من امامه يتبعها اياد ...

ما ان خرجا من مكتب رياض حتى التفتت نحو اياد وقالت :

" اذهب انت لوحدك ..انا لدي مشوار مهم ..." 

لم يرد اياد ان يحرجها ويسالها عن مشوارها فقرر الانصياع لها والخروج من الشركة...

بينما تحركت شمس متجهة الى مكتب رائد بعدما سألت السكرتيرة عنه ...

توقفت امام باب المكتب وهي تشعر بتردد شديدفي الدخول اليه ...

لقد مرت فترة طويلة على اخر لقاء بينهما وهي الان غير مستعدة له بتاتا ...

لا تعرف كيف طاوعها جسدها وجلبها الى هنا ...

همت بالتحرك مبتعدة عن المكان باكمله هاربة من لقاء لا تريده حينما شعرت بيد غليظة تمسك بها وتجرها الى داخل المكتب....


#عروسي_الصغيرة


الفصل التاسع ...


شهقت شمس بقوة حينما وجدت ذراعي رائد تحيط بها ...

تلاشت صدمتها تدريجيا وهي ترى عينيه تحدقان بها وفيهما الكثير من التساؤلات  ...

" ماذا تفعل انت ...؟!" 

قالتها وهي تحرر جسدها من بين ذراعيه ليرد رائد بتساؤل هو الاخر :

" انا من يجب ان يسأل ...ماذا تفعلين انت هنا ...؟!" 

تراجعت الى الخلف مرددة بتلعثم :

" انا جئت ل ....."

قاطعها بجدية :

" جئت لرؤيتي ... أليس كذلك ...؟!" 

رفعت ذقنهاعاليا واجابت :

" نعم اتيت من لرؤيتك ... انا فقط اردت ان اعرف منك بعض الامور التي تخص الصفقةة..."

" لقد ناقشنا جميع الامور يا شمس ... لا اظن ان هناك شيء اخر يجب ان تعرفيه ..."

شعرت بالخجل يغزوها فهم بالفعل ناقشوا كل شيء في الاجتماع ...

سخرت من نفسها وغبائها وعدم قدرتها على اختراع كذبة مناسبة ومما ضاعف من خجلها نبرة رائد الساخرة وهو يقول :

" حاولي ان تجدي كذبة افضل مرة اخرى ..." 

همت شمس بالتحرك مبتعدة عنه فقبض على ذراعها قائلا :

" الى اين ...؟ هل تظنين انوا دخول الحمام مثل خروجه ...؟!" 

التفتت شمس ناحيته وقالت بجدية :

" اتركني ..."

لكنه رفض ان يتركهها وقال :

" حينما تحبرييني بسبب مجيئك لي سوف اتركك ..." 

زفرت انفاسها بغيظ وقالت بعناد :

" لن اخبرك ... هل ستبقيني طوال الوقت هنا ..."

" هل اشتقت لي ...؟!" 

سألها بابتسامة لترد بضيق:

" بالطبع لا ...ما هذا الذي تقوله ..؟!" 

ثم اردفت بجدية:

" اتركني يا رائد ..." 

" ولكنني اشتقت لك يا شمس ...."

قالها بصدق جعلها تبتسم بتهكم وهي ترد :

" إلام اشتقت بالضبط ...؟! الى غبائي ام حقارتي ...؟!" 

" شمس ارجوك ..."

" لا تقل شيئا يا رائد ...فقط اتركني ..."

قالها وهي تحاول فك يدها من حصار يده لييقول بقهر :

" ألهذه الدرجة اصبحت لا تطيقين البقاء معي ..؟!" 

تطلعت اليه بنظرات مستاءة وقالت :

" نعم .... انا لا اطيق البقاء معك ..." 

تطلعت اليه بنظرات متأملة قبل ان يحررها فتبتعد هي بسرعة عنه وتتجه خارج مكتبه تاركة اياه يصارع رغبته في تحطيم اي شيء يراه امامه  ....

                          .....................

عاد رائد الى منزله والقهر والالم ما زالا يسيطران عليه ... تذكر نفورها الواضح منها وضيقها من وجوده فشعر بألم اكبر يعتصر قلبه ...

دلف الى غرفته ورمى بجسده على السرير ...

اخذ ينظر الى سقف الغرفة بتأمل بينما صورتها ترتسم امامه ...

لقد تغيرت كثيرا ... اصبحت امرأة بحق ...لم تعد تلك المراهقة الساذجة التي تزوجها يوما ... 

باتت جميلة بشكل لا يصدق ...مغرية... انيقة ... والاهم من ذلك واثقة من نفسها لأبعد حد ...

هل بات الان يريدها ويفكر بها ..؟ أم انه بات يحبها فعلا ...؟! ألم تكن امامه ملك يديه وهو خسرها بغباءه ...؟! 

اعتدل في جلسته واخذ يتذكر احدى المواقف التي جمعته بها حينما كانت زوجته ...

( كانت قد مرت ايام اخرى على ما حدث اخر مرة بينه وبين شمس ... عاد خلالها يبيت مع شمس بعدما طلب والده منه ذلك من باب العدل بين زوجتيه ...

كان يومها قد عاد متعبا من عمله ودلف الى غرفة شمس ليجدها ترتدي قميص نوم اسود اللون لكنه يختلف عن الاخر الذي ارتدته في المرة السابقة ...

كان اقصر واكثر جرأة ...

جلس على السرير وهو يتطلع اليها مأخوذا بها وبمظهرها الجديد ... كانت قد صففت شعرها القصير ووضعت المكياج الخفيف على وجهها ...تغيرت كليا ...

كانت تحاول ان تجذبه لنحوها بأي طريقة ... فاخذت تسير امامه وهي تتعمد رفع قميص نومها قليلا...

محاولاتها الفاشلة لاغرائه اضحكته بقوة ...

كانت تتجول امامه وهي ترتدي قميص نوم قصير يبرز قدها النحيل بنعومة تليق بها ...

كانت تتعمد ان تبرز ساقيها من تحته وكأنها ستغريه اتجاهها بهذه الطريقة ...

لاحظت ضحكاته التي يحاول كتمها بصعوبة فاخذت تضرب الارض بقدميها وهي تقول باحباط :

" تبا ... تبا ...فشلت مرة اخرى ..."

اقترب منها اخيرا بعدما توقف عن ضحكاته... 

احاط كتفيها بذراعيه وقال هامسا لها :

" ماذا حدث يا صغيرة ...؟! لماذا توقفت عن اغرائي ...؟! لقد كنت مستمتعا للغاية بما تفعلينه ..."

رمته بنظرات مشتعلة قبل ان تهمس بصعوبة :

" انا افعل ما تقوله ماما سميحة ..."

زفر انفاسه بغيظ من والدته وتدخلاتها التي لا تنتهي ليقول بنبرة جادة :

" اسمعيني يا صغيرة ... كفي عن الاستماع لما تقوله والدتي ... انتِ ارقى بكثير من ان تقومي بتصرفات كهذه ...أليس كذلك ...؟!" 

اومأت برأسها وهي بالكاد تخفي دموعها ليسالها بقلق :

" ماذا حدث الان ..؟! لماذا تبكين ...؟!"

اجابته من بين شهقاتها :

" لأنني احبك ولا اعرف كيف اثبت لك هذا ..."

قرصها من وجنتها وقال :

" لست بحاجة لاثبات هذا ... انا اعرف انك تحبينني كأخ لك مثلما انا احبك كأخت لي ..."

كظمت غيظها منه ومن كلماته الاخيرة لتنهض من مكانها وهي تقول بإيجاز :

" اذا لأنام فقد تأخر الوقت قليلا ..."

ثم قالت مؤنبة اياه بتلك النبرة التي بات يعرفها عن ظهر قلب :

" تصبح على خير يا اخي ..."

وكأنها تتعمد تذكيره بأنها ليست اخته وانه ليس بأخيها ...

تلك الصغيرة تعرف جيدا كيفية تأنيبه ...

يكفي انها تتعمد تذكيره دوما بأنها جزء اساسي من حياته لا يستطيع التخلي عنه ولو مهما حدث ...)

ابتسم لمرأى تلك الذكرى وتذكره اياها ثم نهض من مكانه وقد عقد العزم على فعل شيء ما ...اي شيء ربما يعيدها اليه ... طفلته الصغيرة ...

                         .......................

خرجت شمس من الحمام وهي تلف منشفة عريضة حول جسدها ...جلست امام المراة المرأة واخذت تسرح شعرها المبلل حينما اخذت تبتسم بسذاجة ...

تذكرت رائد ومحاولاته للامساك بها ... كان يبدو ملهوفا عليها ... يريدها بشدة ... شيء لم تره منه مسبقا ...

اظلمت عيناها حينما عادت الذكريات السيئة اليها ... نفضت تلك الافكار الساذجة عن رأسها حينما تذكرت ما فعله معها ...

عادت بذاكرتها الى الخلف قليلا :

(كانت قد عادت لتوها من المدرسة متعبة للغاية ...ارتقت درجات السلم متجهه الى غرفتها حينما وجدت نهى في وجهها ... تطلعت اليها بنظرات متفحصة فلاحظت انتفاخ بطنها الواضح ... تجاهلتها كليا وهي تبتعد عنها وتتجه الى غرفتها ولكن يد نهى قبضت على ذراعها مانعة اياها من التحرك ... تحدثت نهى قائلة :

" انتظري قليلا ....اريد الحديث معك ..."

رمتها شمس بنظرات مستاءة وقالت :

" ماذا تريدين ...؟!" 

اجابتها نهى :

" لماذا لم تخبري رائد بشأن رغبتك في الانتقال الى منزلك ... ؟! ألم نتفق على ان تخبريه بهذا ...؟!" 

" لانني غيرت رأيي ولم اعد اريد الانتقال .."

" هل تلعبين معي يا فتاة ...؟! لقد اتفقنا على ان تخبريه بهذا ...."

قالتها وهي تحرك يدها امام وجه شمس لتبعد شمس يدها وهي تقول بنفور :

" انا لا العب يا هذه ...لكنني بالفعل غيرت رأيي ... واظن انه لا دخل لك بهذا الموضوع ...." 

تضايقت نهى من حديثها معها بهذه الطريقة وابعاد يدها عنها هكذا فقبضت عادلى ذراعها قائلة بنبرة كريهة :

" انا اعرف جيدا ما تحاولين فعله ايتها الصغيرة ولن اسمح لك بتجاوز حدودك مطلقين معي ...هل فهمت ...؟!" 

تطلعت اليها شمس بتحدي وردت ببرود :

" قولي ما شئتي ...انا لن أهتم بكلام مجنونة مثلك ..." 

" من هذه المجنونة ايتها المتخلفة....؟!" 

كادت ان تصفعها لولا قيام شمس بمنعها من هذا حيث امسكت بيدها وقالت بجدة :

" اياك ان تفكريفي فعلها مرة اخرى ..." 

هنا جن جنون نهى فمسكتها من ياقة قميصها وقالت بعصبية :

" سوف اقتلك ايتها الحقيرة ... ولعلمك رائد سوف يطلقك قريبا جدا ..."

حاولت شمس تحرير نفسها من قبضتها فلم تشعر بنفسها الا وهي تدفعها باقصى قوتها بعيدا عنها ليختل توازن نهى وتسقط من الدرج خلفها ...)

تسللت دمعة خفيفة من عينيها وهي تتذكر تفاصيل ذلك الحادث وما حدث بعدها ...

                          .......................

في مساء اليوم التالي ...

دلفت شمس الى قاعة الحفل الذي دعاها عليه رياض وهي تتأبط ذراع اياد ...

كانت ترتدي فستان سواريه .... اسود طويل يصل الى كاحلها ... مطعم بحبات من اللؤلؤ الفضي...

كانت تسير بثقة بين المدعوين وهي توزع ابتسامتها المتكلفة عليهم ...

اختفت ابتسامتها لا اراديا وتجمدت في مكانها وهي ترى رائد يقف بجانب احدى السيدات التي توليها ظهرها ويبدو انه مندمج في حديثه معها لدرجة انه لم ينتبه الى مجيئها ...

شعر اياد بضيقها وتجمدها فلكزها من ذراعها لتنتبه اليه اخيرا ...

وجدت رياض يتقدم منهما ويحييهما بحرارة ... 

ثم ما لبث ان قبض على كف يدها متقدما بها نحو احدى الطاولات معرفا اياها على مجموعة  من رجال الاعمال ...

مر الوقت سريعا ورائد لا زال مندمجا في حديثه مع تلك الامرأة ...

زفرت شمس انفاسها بضيق ونهضت من مكانها تبحث بعينيها عن اياد فوجدته مندمجا هو الاخر في الحديثمع احدى الفتيات ...

شعرت برغبة في تنفس القليل من الهواء فخرجت الى الشرفو الخارجية لقاعة الحفل لتستنشق القليل من الهواء علها تنجح في استعادة توازنها والسيطرة على مشاعرها التي تبعثرت في حضرة وجوده ...

شعرت فجأة بوجود شخص ما خلفها .... شخص تعرفه جيدا ...تشعر بها دون ان يتحدث ...

التفتت بسرعة لتجده امامها يطالعها بابتسامة هادئة رف قلبها لها ...

" ماذا تفعلين هنا ...؟!" 

سألها وهو ما زال محتفظا بابتسامة لتعقد حاجبيها وهي ترد عليه بنزق :

" وما علاقتك انت ...؟!" 

زفر انفاسه ببطء ثم اقترب منها ووقف بجانبها يتطلع الى ضوء القمر الصافي ...

" شمس .."

" نعم ..."

" سوف اضربك على مؤخرتك كما فعلت مسبقا اذا رأيتك ترتدين فستان كهذا مرة اخرى ..."

جحظت عينيها بصدمة مما قاله ثم احمرت وجنتيها خجلا مما تسمعه لترد بخفوت :

" لن تستطيع ان تفعلها ..."

" لماذا ..؟!" 

سألها بتعجب لترد بحدة :

" لأنني كبرت على عقوباتك المتكررة ..." 

" وما الدليل على هذا...؟!" 

فغرت فاهها بدهشة مما تسمعه ...هل يريدها ان تثبت له بأنها كبرت ...؟! ولكن كيف ...؟! 

تطلعت اليه ببلاهة وقالت :

" كيف ... ؟! ماذا تعني ...؟!" 

اجابها بخبث :

" اثبتي لي بأنك كبرتِ...." 

عادت وسألته بعدم فهم :

" لكن كيف ...؟!" 

اقترب منها وهمس لها ببضعة كلمات احمرت وجنتيها على اثرها بشدة ثم ما لبث ان ضربته على كتفه وهي تصرخ به :

" ايها السافل عديم الاخلاق ..."

وضع كف يده على فمها بسرعة قائلا :

" هش اخرسي ...سوف تفضحيننا ...."

ابعد كف يده عن فمها فأخذت تعدل من هنامها بينما اخذ هو يطالعها بسعادة لشعوره بأن الامور باتت تتحسن بينهما...

في هذهالاثناء دلفت امرأة الى الشرفة واقتربت من رائد تسأله بضيق واضح :

" رائد اين اختفيت ..؟!" 

" من انت ..؟!" 

سألتها شمس بسرعة وهي تقترب من رائد بعدما وجدتها نفس المرأة التي كانت تقف معه طوال الوقت ...

اجابها رائد بسرعة:

" هذه ميسون زميلتي في العمل ...." 

ثم عرف ميسون عليها :

" هذه شمس ... ابنة عمي و ....." 

" وطليقته ..." 

قالتها شمس وهي تبتسم ببرود لينقل رائد بصره بينها وبين ميسون المغتاظة ...

هم بالحديث الا ان شمس قبضت على ذراعه وقال بتعب مفتعل :

" رائد اشعر بالقليل من التعب ...."

" ما بك ....؟!"

سألها بلهفة لتجيبه بتردد :

" لا اعلم ...هناك دوار شديد يسيطر علي .. يجب ان اعود الى المنزل ..." 

ثن اردفت وهي تمسك يده :

" هل ممكن ان توصلني الى المنزل ....؟!" 

" بالطبع ...."

قالها رائد بسرعة وهو يسير بها خارج الشرفة تحت انظار ميسون المصدومة ...


#عروسي_الصغيرة


الفصل العاشر 


دلفت شمس الى منزلها ثم التفتت الى الخلف لتجد رائد واقفا عند الباب ...

تحدثت له بجدية :

" ادخل ...لماذا انت واقف هنا ...؟!" 

اخذ نفسا عميقا قبل ان يلج الى الداخل .... 

اقترب منها وسألها بقلق حقيقي :

" هل انت بخير ...؟!" 

منحته ابتسامة خفيفة واجابته :

" لا تقلق ...اصبحت افضل بكثير الان ..."

ثم اردفت بجدية :

" ما رأيك ان تبقى معي قليلا لاني ارغب في سؤالك عن بعض الأشياء التي تخص المشروع ..."

اومأ رائد برأسه وقال :

" كما تريدين ... "

" سوف اغير ملابسي لاخرى مريحة وأاتي اليك ..."

هز رأسه بتفهم بينما صعدت هي الى غرفتها لتغير ملابسها ...

وقفت امام خزانة ملابسها تفكر في الشيء المناسب الذي ترتديه ...

وقع اختيارها اخيرا على قميص نوم ذهبي اللون طويل يصل الى كاحلها ... عندما تراه لاول مرة يبدو لك محتشم ولكن حينما ترتديه يظهر منحنيات الجسد بشكل مثير وجذاب ...

ارتدته شمس ثم ارتدت فوق الروب الخاص به ووضعت الكثير من العطر على جسدها ثم سرحت شعرها الناعم بسرعة وخرجت لرائد الذي ينتظرها بالاسفل ...

وجدته جالسا على الكنبة يقلب في احدى المجلات ...

ما ان رأها حتى اتسعت عيناه بصدمة مما ترتديه ...

ابتلع ريقه وقد سيطر شعور التوتر عليه ...

اقتربت شمس منه وقالت :

" سوف اذهب الى مكتبي لاجلب اوراق المشروع ... انتظرني لحظة .."

ثم ذهبت بسرعة الى المكتب وجلبت اوراق المشروع لتضعها على الطاولة وتجلس بجانب رائد الذي ابتعد لا اراديا قليلا عنها خاصة حينما تخلل عطرها القوي حواسه ...

اخذت تسأله عن اشياء تخص المشروع وهو يجيبها بسرعة رغبة منه بالهروب منها باقرب فرصة ...

فجأة وجدها تضع كف يدها على جبينها وهي تأن بوجع فاقترب منها متسائلا بلهفة :

" شمس ...هل انت بخير ...؟!" 

اجابته وهي تمسد جبينها :

" الم قوي ...لكنه ذهب الان ..."

تنهد بارتياح فقالت متسائلة :

" هل تخاف علي ...؟!" 

اجابها بنبرة جادة :

" وهل لديك شك بهذا ...؟!" 

مسكت يده بكف يدها وهزت برأسها نفيا قبل ان تردف بحب :

" اطلاقا ..." 

حل الصمت بينهما للحظات قطعته وهي تقول :

" لقد تغيرت كثيرا ... "

" للافضل ام الاسوء ...؟!" 

منحته ابتسامة خافتة وقالت:

" لقد ازددت وسامة ورجولةة... "

" اصبحت عجوزا ..."

قالها بمزاح لتضربه على كتفه وتقول :

" سوف تظل اوسم رجل في نظري حتى حينما تصبح عجوزا ..."

" حقا ..؟!" سألها مصدوما من اعترافها لتجيبه بصدق وتنهيدة :

" حقا ...!!!" 

مدت شمس يدها واخذت تعبث بلحيته وهي تقول :

" حينما كنا متزوجين لم يكن لديك لحية ..."

ابتسم على حديثها ثم مسك كف يدها وطبع عليه قبلة احمرت وجنتاها بسببها ...

" شمس ..."

ناداها برقة لتهمس بخفوت :

" نعم ..."

ابتلع ريقه وقال :

" احبك ..." 

اقتربت منه اكثر حتى باتت المسافة بينهما صغيرة للغاية وتسائلت بلهفة :

" ماذا قلت ...؟!" 

كررها بثقة اكبر :

" احبك ..." 

ما ان كررها على مسامعها حتى قربت ثغرها من ثغره وطبعت قبلة خفيفة على شفتيه ...

قبلة تاقت لها مرارا بعدما جربتها لاول مرة معه ...

تراجعت الى الخلف وقد سيطر الخجل عليها واحمرت وجنتيها ليتطلع رائد اليها مندهشا مما فعلته ...

لحظات قليلة واختفت دهشته وحل محلها شعور الرغبة والاحتياج فجذبها نحوه من ذراعيه واخذ يقبلها بشغف اما هي فتجاوبت معه بشغف اكبر ...

ابتعد عنها بعد لحظات وهو يلهث بقوة كبيرة ثم نهض من مكانه وقرر الابتعاد عنها فهو ليس بحمل لان يتطور الموضوع لشيء اكبرر...

لكن يدها امتدت نحو سترته تجرها عنوة وترفض ان يغادر ويتركها بعدما غزاها بعاطفته :

" رائد لا تتركني ..."

وهنا بعدما اصبحت بين يديه ... طوع قلبه .. لم يعد مجال لدخول العقل في معادلة نتيجتها باتت معروفة... ولم يعد هناك فرصة اخرى سوى رفع راية الاستسلام ...

حملها بين يديه ودلف بها الى غرفة نومها ليمارس معها فنون عشقه ... يعوض حرمانه منها لسنوات طويلة ... 

وضعها على السرير ثم بدأ يقبلها مرة اخرى بشوق ولهفة كبيرين اما هي فاستسلمت له بشوق اكبر وهي تحاول ان تكون على قدر اماله وطموحاته وتوازي رجولته ورغبته بها ...تحاول ان تثبت له بانها امرأة بحق ولم تعد طفلة صغيرة ...امرأة قادرة على اشباع رجولته ومجاراته في عشقه الكبير ...

كانت ليلة لا تنسى لكليهما ... ليلة مليئة بالعشق والشغف ...ليلة حفرت في ذهن كليهما ... كلماته وهمساته لها ... انينها باسمه ... الشوق الجارف لبعضيهما ... كل شيء كان مليء بالعشق والغرام والهوى ...

                                ...............

في صباح اليوم التالي ...

استيقظت من نومها لتجد الفراش خاليا بجانبها ...

ابتلعت ريقها وادمعت عيناها وقد تسربت المخاوف الى قلبها ...

مخاوف من ان يندم او يهرب منها كما فعل مسبقا ...

لكنها على عكس ما توقعت وجدته يخرج من الحمام الملحق بغرفتها وهو يغلق ازرار قميصه ...

سارعت لارتداء ملابسها امام عينيه قبل ان تنهض من مكانها وتقترب منه وتقول :

" صباح الخير ..."

رد بجدية :

" صباح النور ..."

ثم اردف بتردد :

" شمس انا ...."

لكنها قاطعته :

" لا تقل شيئا يا رائد ...ما حدث البارحة كان خطئا مني ..."

" خطأ .."

رددها بذهول لتكمل بأسف :

" نعم ...لا اعرف كيف استسلمت بهذه السهولة لرغبتي .... ما كان يجب علي ان افعل هذا ...." 

" ولكن شمس ...البارحة .."

عادت وقاطعته :

" ارجوك انسى جميع ما حدث ...فانا لا رغبة لي بتذكر هذه الليلة المشينة ..." 

" لماذا نمت معي اذا طالما هي بنظرك ليلة مشينة ...؟!" 

قاطعها بغضب حقيقي وهو يهزها من ذراعها بعنف لتجيبه بصراحة :

" لانني اردت ان اثبت لنفسي انك ما زلت تريدني وترغب بي ...."

" ماذا تقصدين ...؟! هل تمزحين معي يا شمس ...؟!" 

رددها بذهول مما يسمعه لتحرر ذراعها من قبضته وتقول بقسوة :

" انا لا امزح يا هذا ... انا اقول الحقيقة ...انت لم تكن سوى تجربة بالنسبة لي ...تجربة أثبت من خلالها لنفسي انني ما زلت مرغوبة .... واثبت بها لك انك تعشقني ... ماذا كنت تظن ...؟! هل خيل لك بأنني فعلت هذا لنعود سويا ...؟! "

" ولما لا ..؟!" 

سألها مصعوقا من المسار الذي ذهب اليه حديثهما لترد باستنكار :

" ألا ترى حجم الفروق التي بيننا يا رائد ...؟! فروق عمرية ومادية ...اشياء كثيرة ... مالذي يجبرني على العودة اليك وانت تكبرني بعشريت عاما و ...."

قاطعها بغضب :

" يكفي لا اريد سماع المزيد منك ..." 

ثم اتجه نحو السرير وحمل سترته وعاد مقتربا منها قائلا بجدية والالم واضح في عينيه :

" ما حدث سوف يظل بيننا ....لن يعلم به احد سوانا ...  واسف على ازعاجي لك سيدة شمس ..."

ثم رحل ....

جلست على السرير وهي ترتجف من رأسها الى اخمص قدميها بينما هطلت الدموع الغزيرة من عينيها...

لقد حققت مرادها اخيرا ونالت انتقامها منه ...ولكنها لم تكن سعيدة كما توقعت ...!!!


#عروسي_الصغيرة


الفصل الحادي عشر 


مرت ثلاثة ايام وشمس في منزلها ترفض الخروج او رؤية اي احد ..

ما فعلته لم يكن سهلاعليها اطلاقا ...

لكنها اضطرت لفعله ...

اضطرت ان تثأر لكرامتها ...

وتاخذ حقها منه كاملا ...

اغمضت عيناها تتذكر تلك الليلة ...

تتذكرها بكل شغفها ...

تلك الليلة ستظل محفورة في ذاكرتها الى الابد ...

لن تنساها طالما حييت ...

رن هاتفها فحملته لتجد اياد يتصل بها ...

زفرت انفاسها بضيق ثم اجابت على الهاتف :

" اهلا اياد ...ماذا تريد ...؟!"

اجابها اياد بتعجب من نبرتها المتضايقة :

" ما بك شمس ...؟! تبدين انك لست بخير .."

بالكاد سيطرت على دموعها وهي تجيبه :

" انا بخير ... فقط اشعر بقليل من التعب ..."

" شمس لا تكذبي علي ... صوتك يقول انك لست بخير ..." 

ردت بضيق :

" لا تلح علي يا اياد....اخبرتك بأني بخيرر...." 

" حسنا ... لا تتضايقي ...انا فقط اردت الاطمئنان عليك ..." 

صمت لوهلة قبل ان يكمل :

" لقد اتصل بي السيد رياض ... يريد منا ان نذهب اليه لنتحدث بأمر الصفقة ..."

" ألم نتحدث مسبقا واتفقنا وقتها على كل شيء...؟!" 

" نعم ولكنه يقول ان هناك اشياء اخرى يجب ان نتحدث بها ..."

تنهدت بصوت مسموع وقالت :

" حسنا ... سوف اجهز نفسي ونذهب الي ...بعد سكون سأكون عندك..."

اغلقت الهاتف دون ان تنتظر اارد ونهضت من مكانها متجهة الى خزانة ملابسها لاختيار ملابس عملية مناسبة فاختارت بدلة عملية مناسبة لهذه الزيارة مع حذاء بكعب عالي  . .

                             ..................

استيقظ رائد من نومه على صوت رنين هاتفه ..

نهض بسرعة من وضعيته الممددة ما ان رأى اسم المتصل ...

ضغط على زر الاجابة وقال :

" اهلا سيد رياض ..."

جاءه رد رياض :

" اهلا بك يا رائد ... اين كنت يا رجل ...؟! ثلاثة ايام لم تأت الى الشركة ..."

اجابه رائد باعتذار :

" اسف حقا...ولكنني اخذت اجازة من سكرتيرتك لاني كنت مريض جدا .."

" اعلم هذا ...كيف حالك ...؟! هل اصبحت افضل الان ...؟!" 

" افضل بكثير ..."

قالها رائد وهو ينهض من مكانه ليأتيه صوت رياض قائلا :

" ما رأيك ان تأتي الى الشركة الان ...بعد قليل ستأتي السيدة شمس ونتناقش بشأن بعض الامور التي تخص الصفقة ..."

لم يعرف رائد بماذا يجيب وكيف يتصرف ... هو بين خيارين لا ثالث لهما ...اما ان يقوي نفسه ويرى شمس ويثبت لها انها لم تعد تعني شيئا له وانه غير مهتم لما حدث .... او لا يذهب الى الشركة ويثبت لها كم ضعفه وقلة حيلته ... لم يكن يعرف ماذا يجب ان يفعل ...

" رائد ..أين ذهبت ...؟!" 

افاق رائد من شروده على صوت رياض ليقول معتذرا :

" انا هنا ...اعتذر شردت قليلا ..."

ثم اكمل وقد حسم امره واتخذ قراره :

" سوف اكون في الشركة خلال نصف ساعةة..."

" جيد ...وانا في انتظارك ..."

اغلق رائد الهاتف واتجه الى الحمام ليأخذ دوش سريع فهو سيذهب الى الشركة ويقابل شمس وليحدث ما يحدث ...

                          .....................

كان رائد يقود سيارته متجها الى الشركة حينما شرد بما حدث بينه وبين شمس ..

الى الان هو غير قلدر على استيعاب ما حدث ... 

لا يصدق انها كانت تحاول الانتقام منه ...

يعترف بانه ظلمها يوما وجرحها ...

قسا عليها دون ان يدري ...

ولكن ما فعلته هي كان صعبا للغاية ...

ولا يمكن ان ينساه بسهولة ....

عاد بذاكرته الى الخلف قليلا وتحديدا الى عدة سنوات مرت ليتذكر ما حدث في ذلك اليوم اللعين وكيف انتهى به المطاف وحيدا ...

( كان في الشركة يمارس عمله حينما رن هاتفه باسم والدته تخبره بأن زوجته في المشفى ووضعهة سيء ...

لم يفهم مالذي حدث ولم يرد ان يفهم فكل ما فكر به ان يذهب اليها ويراها ...

ركض مسرعا خارج الشركة وركب سيارته ...

قاد سيارته بجنون حتى وصل الى المشفى بسرعة قياسية ...

وجد والدته هناك بجانبها اخته ...

سألهم عن زوجته فاخبرته والدته انها في غرفة العمليات ...

جلس على احد الكراسي الموجوده في المكان وهو يدعو ربه ان تخرج سالمه ...

بعد دقائق نهض من مكانه واتجه نحو والدته مستفسرا منها عما حدث ... 

تلعثمت والدته في الاجابة الا انها قالت بالنهايةة:

" لقد فقدت توازنها ووقعت من فوق الدرج ...."

شعر رائد بوجود شيء غريب في حديث والدته لكنه قرر الانتظار حتى تخرج زوجته من غرفة العمليات...

بعد حوالي نصف ساعة خرج الطبيب ومعالم وجهه لا تبشر بالخير ابدا ...

اقترب رائد منه بسرعة وسأله بلهفة وقلق شديدين عن حال زوجته ليأتيه الرد الصادم ..

نهى فقدت جنينها الذي لم يكتمل نموه بعد النزيف الشديد الذي دفع الاطباء لاجهاضه ...

جن جنون رائد بما سمعه بينما اخذت والدته تواسيه هي واخته ...

حينما استيقظت نهى وعلمت بما حدث جن جنونها هي الاخرى واخذت تبكي وتصرخ وتدفعه بقوة ....

حاول رائد تهدئتهافضمها اليه بقوة وهو يقول :

" اهدئي حبيبتي ...اهدئي ارجوك ..."

الا انها دفعته بقوة وهي تقول بانهيار :

" انت السبب ... لقد مات ابني بسببك .... قتلت ابني ... تلك الحقيرة قتلته وانت لم تفعل بها شيئا .."

" ماذا تقولين يا نهى ...؟! من تقصدين ..؟!"

اجابته من بين دموعها ولهاثها :

" شمس ...وهل يوجد غيرها ...؟!"

" نهى لا تهذي ...ما علاقة شمس بما حدث ...؟!"

" وتدافع عنها ايضا ...هي من دفعتني من فوق الدرج ...ارادت ان تتخلص مني ومن ابني ..."

جحظت عينا رائد بصدمة مما سمعه ... لا يصدق ان شمس قد تفعل هذا بنهى ... نهض من مكانه وخرج متجها الى والدته واخته قائلا لهما :

" هل شمس هي من دفعت نهى من فوق الدرج ...؟! اجيبوني ..."

تحدثت اخته بنبرة مترددة :

" هي لم تقصد يا اخي ...بالتأكيد لم تكن تقصد ..."

اعتصر رائد قبضة يده بقوة وتحرك بسرعة نحو المنزل وهو يتوعد لشمس بالكثير ...)

افاق رائد من ذكرياته حينما وجد نفسه قد وصل الى مقر الشركة ... هبط من السيارة واتجه الى الداخل وهو على اتم الاستعداد لرؤيتها مرة اخرى بعدما حدث ....

#عروسي_الصغيرة


الفصل الثاني عشر 


دلفت شمس مع اياد الى شركة رياض الصباغ واتجها مباشرة الى مكتب رياض نفسه ...

اخبرتهم السكرتيرة ما ان رأتهما بأن رياض ومجموعة من موظفيه في انتظارهما في الداخل ...

ولج الاثنان الى داخل المكتب ليجدا الجميع هناك ...

ابتلعت شمس ريقها وتلاقت عيناها لا اراديا مع عيني رائد الذي رماها بنظرات باردة قبل ان يشيح بوجهه بعيدا عنها ..

جلست شمس على يمين رياض في المكان المخصص لها وجلس اياد بجانبها ...

بدأ الاجتماع واخذ جميع الاطراف يتحدثون بشأن بعض الامور التي تخص المشروع ...

استمر الاجتماع لاكثر من ثلاث ساعات ...شعرت خلالها شمس بالارهاق الشديد خاصة انها لم تتناول طعامها منذ وقت طويل ...

انتهى الاجتماع اخيرا لتنهض شمس من مكانها وتحيي رياض ... همت بالتحرك خارجة من المكتب وكذلك فعل رائد فكليهما يريدان الهرب من بعضيهما باسرع فرصة ...

في اثناء تحركها خارج المكتب شعرت بدوار خفيف يسيطر عليها فكادت ان تقع على الارض الا ان رائد لحق بها ومسكها ...ركض كلا من رياض واياد وبقية الموظفين نحويهما بينما بالكاد استطاعت هي التماسك ...

واخيرا استعادت توازنها لتجد رياض يسألها بلهفة غريبة :

" هل انت بخيرر...؟!" 

اومأت برأسها دون ان تجيب ثم ما لبثتان نظرت الى رائد وهي تريد شكره لكنها منحها ابتسامة ساخرة قبل ان يهمس لها بجانب اذنها بصوت لا يسمعه احد :

" يبدو ان ادعاء المرض والتعب باتت عادة لديك ... حركاتك مفضوحة يا مدام ..."

ابتلعت شمس غصتها داخل حلقها ثم تحركت بسرعة وخطوات راكضة خارج المكتب غير  ابهة برياض او اي احد من الموجودين بينما اخذ رائد يتابعها بنظرات حزينة ...

                            .................

كان اياد يركض وراءها وهو ينادي باسمها لتتوقف اخيرا امام مدخل الشركةوهي تقول بنبرة غاضبة :

" اتركني لوحدي يا اياد ...من فضلك ..."

" كلا لن اتركك حتى افهم ما بك ...."

التفتت نحوه وعيناها تلمعان بنيران الغضب قبل ان تقول بعصبية :

" لماذا لا تفهم علي ...؟! اريد البقاء لوحدي ...انا مرتاحة هكذا ..." 

" شمس اهدئي قليلا ...."

قالها اياد محاولا تهدئتها لتأخذ شمس نفسا عميقا قبل ان تزفره ببطأ ...

احتقن وجهها كليا ما ان رأت رائد يسير امامها وبجانبه ميسون وهما مندمجان في الحديث ....

اشاحت بوجهها بعيدا عنهما بينما تخذ اياد يبتسم بمكر وهو يقول :

" كل هذا لاجله ...."

" اياد ..."

صرخت به باستنكار ليرد اياد :

" حسنا اهدئي اهدئي ..."

ثم اردف قائلا بنبرة مستكينة :

" شمس ...ألست انا بمثابة اخوك ...؟! ألم نتفق يوما على ان نكون اخوة واصدقاء...؟!" 

اومأت شمس برأسها وهي تتذكر ذلك اليوم الذي طلبها بها اياد للزواج والذي اخبرته حينها بأنها تراه كأخ كبير وربما صديق وانها لا تريد خسارته ...

وبالفعل اقتنع اياد بعد فترة بأنها لا تحبه سوى كأخ وصديق ليقرر ان يصبح اخا وداعما لها ...

ومنذ ذلك الوقت قوت علاقتهما كثيرا واصبحا شريكين في كثير من الاعمال ... اضافة ان اياد هو من ساعد شمس بعد طلاقها من رائد ودعمها وقدم لها الكثير من الدعم والاسناد وشرح لها اهم اعمال الشركة ...

" ماذا تريد يا اياد بالضبط ...؟!" 

قالتهاشمس بعدما افاقت من ذكرياتها ليرد اياد بجدية

" دعينا نذهب الى احد المطاعم القريبة ونتحدث ..."

شعرت شمس بالحيرة ...فهي تريد الذهاب معه وفي نفس الوقت تشعر برغبة شديدة في الانعزال قليلا والبقاء وحيدة...

" لن اخذ من وقتك الكثير ..."

تنهدت شمس ثم قالت بجدية :

" حسنا لنذهب ..."

ابتسم اياد وسحبها من يديها متجها بها الى احد المطاعم القريبة واضطرت الشمس الى الاذعان له ومسايرته ...

                               ..................

جلس كلا من شمس ورائد على احدى الطاولات الموجوده في احد المطاعم الراقية ...

تحدث اياد بنبرة جادة :

" والان اخبريني ... لماذا تبدين مكتئبة ومتعبة للغاية ...؟"

تنهدت شمس بتعب ثم ما لبثت ان قالت بعيون مدمعة :

" انا بالفعل متعبة يا اياد ... متعبة للغاية .."

انحنى اياد نحوها متسائلا بقلق :

" ما بك يا شمس اخبريني ..."

الا ان شمس التزمت الصمت ورفضت ان تتحدث ...

ربما خوفا من ان تفشي سرا لا يجوز افشاءه او رغبة منها في الحفاظ على  بعض الخصوصية ...

" بسبب رائد ...أليس كذلك ...؟!" 

لم تجبه وانما اكتفت بهز رأسها ...

" ماذا فعل هذه المرة ...؟!" 

اجابته بتعب :

" هو لم يفعل ...انا من فعلت ...."

" ماذا فعلت ...؟!"

" انتقمت لنفسي وثأرت لكرامتي ...."

" شمس ....انا لا افهم شيئا مما تقولينه ...."

اشاحت وجهها بعيدا عنها تتطلع الى الشوارع خارج النافذة ... شردت في الماضي البعيد وفي ذلك اليوم الذي انتهى به كل شيء ...

( كانت جالسة على سريرها تحتضن جسدها بكلتي يديها وهي تفكر بما حدث ...

تشهق باكية بقوة كلما تتذكر كيف وقعت نهى وغرقت بدمائها ...

اغمضت عيناها واخذت تهز جسدها بقوة ... 

سمعت صوت الباب يفتح ففتحت عيناها لتجد رائد يدلف الى الداخل فنهضت من مكانها بسرعة وتقدمت نحوه متسائلة :

" نهى كيف حالها...؟! اخبرنيى..."

رماها بنظرات جامدة ثقيلة قبل ان يهمس بكره :

" وتسألين بكل وقاحة عن وضعها ...."

" ماذا تقصد ..؟!"

سألته بعدم استيعاب ليهمس بجنون وهو يقبض على ذراعها :

" لقد خسرت ابني بسببك ... وكدت ان اخسر زوجتي ايضا ... كله بسببك ...انت دمرتِ حياتي ... خربتِ كل شيء ..."

" رائد انا لم اقصد .... اقسم لك بأنها هي من دفعتني ...."

" اخرسي..."

هدر بها بعنف لتنهار باكية وهي تتوسله :

" رائد اسمعني ... هي من حاولت خنقي اولا ..."

الا انه لم يستمع لها بل اتجه بجنون نحو خزانة ملابسها واخذ يرمي اغراضها ارضا وهو يصرخ بها :

" من الان فصاعدا لا اريد ان اراك في هذا المنزل ... اخرجي منه حالا ..."

ثم لمعت عيناه بقوة وهو يكمل :

" وانت طالق ...طالق .. هل فهمت ...؟!" 

" رائد ..."

كادت ان تركض وراءه وهو يخرج من الغرفة الا انها تعثرت باحد الاغراض ووقعت ارضا لتنهار باكية بقوة ...


#عروسي_الصغيرة


الفصل الثالث عشر 


افاقت شمس من ذكرياتها على صوت النادل وهو يتقدم منهما لاخذ طلباتهما ...

اخبراه بما يريدان بينما عاد اياد مركزا بصره عليها متسائلا بجدية :

" اذا ...ألن تخبريني بسبب كل هذا الحزن والكأبة ...؟!" 

" لا استطيع ...حقا لا استطيع ..."

" بماذا تفكرين اذا ...؟!" 

اجابته :

" بيوم طلاقي من رائد ...وكيف انتهى بي الوضع مطرودة من بيت عمي ...؟!" 

عاد اياد هو الاخر بذاكرته الى الخلف وتذكر كيف جاءت شمس له منهارة باكية تخبره بأن رائد طردها من المنزل ...

كانت وقتها سعادته لا توصف كونها لجئت اليه وزادت سعادته اضعافا حينما علم بأنه طلقها ..

لم تمر ساعة حتى جاء عمها اليه يريدها ان تعود الى المنزل موعدا اياها بانه سيتصرف مع ابنه ويوقفه عند حده ...

لكن شمس رفضت بقوة وبالرغم من محاولات عمها لاقناعها الا ان رفضها هذا لم يقل ...

مر يومان اخران وشمس تعتكف غرفتها ترفض الخروج او رؤية عمها ...

الا ان المفاجئة الكبرى كانت حينما جاء رائد بنفسه في اليوم الثالث وهو يريد رؤيتها ...

وعلى غير ما توقع اياد وافقت شمس على مقابلته لتجده في وضع مزري للغاية ...

وبالرغم من المها لاجله الا انها لم تظهر له ولو قليلا من هذا الالم ...

اعنذر لها عما حدث وانه ظن بها سوء فهو قد علم الحقيقة كلها بعدما سمع نهى وهي تحكي لوالدتها في الهاتف ما فعلته بشمس بالصدفةالبحته ....

اكتشف حينها حقيقة المرأة المتزوج بها ...وحينها لم يتحمل ما سمعه فقرر تطليقها فورا خاصة بعدما كانت تتحدث مع والدتها عن ضيقها منه ومن تصرفاته الخانقة بالنسبة لها وعجزه عن توفير متطلباتها ...

وبالرغم من اعتذاره من شمس ومحاولاته العديدة لاصلاح ما حدث بينهما الا انها رفضت وبقوة ... 

كانت شمس حينها قد تغيرت كثيرا وبدأت تتصرف بطريقة مختلفة عما اعتادت ان تفعله ...

فقد تخلصت من برائتها وسذاجتها تلك وكان لرائد الفضل الكبير بهذا ...

مرت الايام وعلاقة شمس باياد اصبحت قوية للغاية كما عادت شمس الى منزلها وقررت ان تسكن به ...

وهكذا طورت شمس من نفسها واثبتت وجودها تدريجيا في مجال الاعمال والصفقات التجارية ..

افاق اياد من شروده على صوت النادل وهو يضع اطباق الطعام امامهما ليبتسم لها قبل ان يقول :

" تناولي طعامك فانت تبدين جائعة للغاية ..."

" معك حق فانا لم اتناول طعامي منذ اكثر من يومين ..."

قالتها شمس وهي تتناول القليل من الحساء الموضوع امامها قبل ان تبدأ بتناول الطعام بشهية مفتوحة ...

..............


بعد مرور شهرين ...

تطلعت الى وجهها الباهت في المرأة بقلق شديد ...

لقد تقيأت كالعادة ...

لقد بات القيء الصباحي عادة ملازمة لها بشكل يومي ...

اغمضت عيناها وبدأت تأخذ نفسا عميقا وتزفره ببطأ ...

وضعت كف يدها على صدرها تحاول الحفاظ على تنفسها ....

خرجت من الحمام وهي تشعر بالم غريب في جسدها ...

قررت الذهاب الى الطبيب فربما تكون مصابة بانفلاونزا او ما شابه ...

وبالفعل كانت لدى الطبيب بعد حوالي ساعة والذي بدأ يفحصها...

انتهى الطبيب من فحصها لتنهض شمس من مكانها وتتجه نحوه تسأله بقلق :

" ماذا هناك دكتور ...؟! اخبرني..."

تحدث الطبيب بنبرة هادئة وابتسامة مريحة :

" لا يوجظ شيء يستدعي القلق يا شمس ...مبروك انت حامل ..."

تجمدت الكلمات على شفتيها ولم تستوعب ما سمعته ...

حاولت التحدث او نطق اي شيء لكنها لم تستطع فعل شيء سوى ان تخفض رأسها ارضا ....

وكأنها خجلة من ان تضع عيناها في وجه الطبيب ...

خرجت وهي تكاد لا ترى امامها ... تفكر في وضعها وما وصلت اليه ...

ظلت يومان تلتزم فراشها ترفض ان تقابل احد او تتحدث مع اي شخص ...

حتى اياد تجاهلت اتصالاته وتجاهلته كليا ...

بعد مرور يومين اخرين نهضت من مكانها وقدعقدت العزم على رؤيته ... هو والد الطفل وشريكها بما حدث ويجب ان يعلم بكل شيء ...

غيرت ملابسها بسرعةوخرجت من المنزى متجهة الى الشركة التي يعمل بها ....

دلفت الى داخل الشركة واتجهت الى مكتبه الذي زارته مسبقا ...

لكنها لم تجد احد به ...

سألت السكرتيرة عنه لتخبرها بأنه مسافر في رحلة عمل ولن يعود الى نهاية الأسبوع القادم ...

لتعود خائبة الى منزلها وهي تفكر بأن عليها الانتظار لاسبوع اخر حتى يعود رائد وتخبره بكل شيء ...

...................

اوقف اياد سيارته امام منزل شمس ...

هبط من السيارة ورن الجرس لتفتح الخادمة الباب له وتخبره بان شمس جالسة في صالة الجلوس ...

تقدم اياد نحوها وهو يقول :

" هل جننت يا شمس لتختفي بهذه الطريقة ..؟!" 

مطت شمس شفتيها ثم قالت باستياء :

" هذا افضل حل لمن هم في مثل حالتي .."

" حالتك ...!! ما بها حالتك ...؟!" 

رمته بنظرات مترددة قبل ان تقول بجدية :

" اياد انا بحاجة لك ..."

" ماذا حدث يا شمس ...؟! اخبريني ..."

تسائل اياد بقلق من نظراتها الخائفة وترددها الواضح ليسمعها تسأله بنبرة جادة :

" اياد ...هل تتزوجني ...؟!" 

اتعست عينا اياد بدهشة لما يسمعه ... لحظات قليلة واخذ يقهقه عاليا بشكل اغاظ شمس التي وقفت وهمت بالرحيل :

" انا مخطئة لاني تحدثت معك وطلبت منك هذا .."

" تعالي اجلسي هنا واشرحي لي سبب طلبك العجيب هذا ..."

قالها اياد وهو يمسك بكف يدها لتجلس على مضغ وتقول بتعب وقلة حيلةة:

" اياد انا في مصيبة ولا اعرف كيف اتصرف ...."

انتقل القلق الى اياد الذي سألها :

" احكي لي بسرعة ماذا حدث ...؟!" 

رمته بنظراتها الخائفة قبل ان تقول بخفوت :

" انا حامل ..."

" ماذا ...؟!" 

صرخ بها اياد بعدم استيعاب لتهز شمس رأسها مؤكدة ما قالته ...

" كيف حدث هذا ...؟!" 

" هل سأشرح لك الان ..؟! الحل الوحيد ان اتزوج وفي اسرع وقت...وألا سأفضح ..."

" كفي عن طريقتك هذه ... تتعاملين مع الامور وكأنك في مسلسل تركي او هندي ..."

ثم اردف بجدية :

" وماذا عن رائد ...؟! اخبريني ... هل اخبرتيه بالامر ...؟! هو والد الطفل ويجب ان يعرف بوجوده ..."

" كيف عرفت ...؟!"

" عرفت ماذا ...؟!"

" بأن الطفل من رائد .."

كاد اياد ان يشد شعره من غبائها ليقول بنفاذ صبر :

" اجيبي على سؤالي ..."

هزت رأسها نفيا بينما حمل هو هاتفها الموضوع على الطاولة وقال :

" اتصلي به حالا .."

هزت رأسها نفيا بعناد فهدر بها بقوة :

" قلت اتصلي به ..."

اخذت منه الهاتف على مضغ واتصلت برائد...

لحظات قليلة واغلقت الهاتف ليشحب وجهها كليا بينما تقول هي بعدم استيعاب :

" رائد تزوج ..تزوج بميسون ..." 

ثم فقدت وعيها ...


#عروسي_الصغيرة


الفصل الرابع عشر ...


بعد مرور اسبوعين ...

استيقظت من نومها على صوت رنين هاتفها ...

زفرت انفاسها بملل وهي تجد اسم اياد يرن على الهاتف ...

اجابت على الاتصال قائلةة:

" نعم ..ماذا تريد ..؟!" 

جاءها الرد السريع منه:

" جهزي نفسك ...عشر دقائق واكون امام منزلك ..."

ثم اغلق الخط بوجهها دون ان يقول كلمة اخرى ...

نهضت من فوق فراشها بملل وغيرت ملابسها بسرعة ...

هبطت الى الطابق السفلي لتسمع صوت رنين جرس الباب ..

سارعت لفتحه لتجد اياد امامها وهو يقول من بين لهاثه :

" سوف يتزوج ....اليوم ... رائد ..."

تراجعت الى الخلف مذهولةة :

" هل جننت يا اياد...؟! رائد تزوج منذ اسبوعين..."

" كلا لم يكن زواج ...كانت خطوبة فقط ...اليوم هو الزواج ..."

" ولكن ...."

" ارجوك هذا ليس وقت لكن ...والد طفلك سيتزوج غيرك ...يجب ان نلحق به ...."

لم تشعر بنفسها الا وهي تتحرك مع اياد متجهة الى رائد ورغبتها في ايقافه عما يفعله فاقت كل شيء ...

...................

في منزل رائد ...

دلفت رانيا اخته الى غرفته لتجده يعمل على حاسوبه الشخصي ...

اقتربت منه وتنحنحت بصوت مسموع ليسألها رائد دون ان يرفع بصره عن حاسوبه :

" نعم يا رانيا ...ماذا هناك ..؟!" 

اجابته رانيا بارتباك :

" شمس ..."

رفع بصره بسرعة نحوها وسألها :

" ما بها شمس ...؟!" 

اجابته بتردد :

" ستتزوج اليوم ..."

نهض من مكانه وقال بسرعة :

" هل تمزحين معي يا رانيا ...؟!" 

هزت رانيا رأسها نفيا بينما مدت له ورقة صغيرة وقالت :

" هذا عنوان المكان الذي ستتزوج به ...الحق بها اخي .... لا تجعلها تتزوج بغيرك ..."

اخذ رائد الورقة منها ثم تحرك بسرعة متجها الى المكان الموجود في الورقة ...

بينما اخذت رانيا تصفق بيديها فهاهي الخطة التي اتفقت عليها مع اياد سوف تنجح ...

.....................

هبطت شمس من سيارة اياد واخذت تتأمل المنزل الموجود امامها بحيرة قبل ان تلتفت الى اياد وتسأله بعدم فهم :

" لماذا جلبتني الى هنا ...؟!" 

قبض اياد على يدها وجرها خلفه متجها بها الى داخل المنزل وهو يقول بجدية :

" هنا سوف يعقد رائد قرانه ...في هذا المنزل ..."

ثم ادخلها الى المنزل ... 

ما ان دلفت شمس الى المنزل حتى اخذت تتأمله بتعجب ...

التفتت لتسأل اياد لكنها فوجئت بالمكان خالي لا يوجد به احد ...

ركضت بسرعة نحو الباب لتفتحه لكنها وجدته مغلقا ...

اخذت تحاول فتحه وهي تصرخ بقوة دون فائدة ....

اما في الخارج اوقف رائد سيارته امام المنزل نفسه وهبط منه ليجد اياد يتجه نحوه قائلا :

" بسرعةة... شمس في الداخل ... تنتظرك ..."

تطلع رائد الى المنزل بحيره وقال :

" ماذا يحدث بالضبط .... ؟ اخبرني ..."

اعطاه اياد المفتاح وقال بجدية:

" ادلف الى الداخل ولن تندم ...اعدك بهذا ..."

تطلع رائد اليه بشك الا ان اياد ربت على كتفه وقال :

" لا تضيع وقتك ... ادخل ...ادخل قبل ان تخسرها ...."

ركض رائد بسرعة نحو المنزل بينما ابتسم اياد براحة وظل في الخارج يدعو ان تنتهي خطته على خيرر...

..................

دلف رائد الى داخل المنزل بعدما فتح الباب ليجد شمس تتوسط الكنبة واضعة رأسها بين كفي يدها تبكي بقوة ...

ركض رائد نحوها متسائلا بقلق :

" شمس ما بك ...؟! لماذا تبكين ..؟!

رفعت بصرها بصدمة نحوه لتنهض من مكانها وتقول بعدم تصديق :

" رائد ...ماذا تفعل هنا ...؟!" 

ثم اردفت بقهر :

" تزوجت أليس كذلك ...؟!" 

ارتفع حاجبي رائد بينما اخذ يردد بذهول :

" تزوجت ...!!! ماذا تقصدين ...؟!! انا لم اتزوج ولن افعلها ..."

" ولكن رانيا اخبرتني بأنك تزوجت ميسون ..."

فجأة انبعثت ضحكات رائد الصاخبة تحت انظار شمس المتعجبة ...

سألته شمس بعدم استيعاب :

" رائد ماذا يحدث بالضبط ... ؟! اشرح لي من فضلك ..."

توقف رائد عن ضحكاته اخيرا ليقول بنبرة جادة :

" بالتأكيد كانت تمزح معك ... انا لم اتزوج ميسون ولم افكر بالزواج بها من الاساس ..."

لم تشعر شمس بنفسها الا وهي ترمي بنفسها بين احضانه ...

احتضنها رائد غير مصدقا لما فعلته ...

لحظات قليلة دفعته شمس بعيداعنها وقد استوعب ما يحدث لتهتف بجمود :

" لماذا جئت ...؟! ماذا تريد مني ...؟!" 

مط رائد شفتيه وهو يجيبها :

" جئت لاشهد على عقد قرانك ...."

" عقد قراني ....!!!" 

ردتتها بدهشة قبل ان تقول بعدم ادراك بعد للخطة التي وقعت بها :

" انا لا افهم اي شيء..."

" طوال عمرك غبية يا شمس ...."

رمته بنظرات مشتعلة قبل ان تقول بتحذير :

" اياك ان تتجاوز حدودك يا رائد ...."

" لقد وقعننا ضحية خطة سخيفة .... فانا لم اتزوج باحد وانت كذلك ...."

" ومن فعل هذه الخطة ...؟!" 

صرخ بها رائد :

" يا الهي سوف اجن من غبائك ..."

عقدت ذراعيها امام صدرها وقالت بجدية :

" انا المخطئة لانني جئت اليك فورا حالما سمعت بانك ستتزوج ...."

رفع حاجبه مرة اخرى وقال :

" كلا لست بمخطئة ... "

ثم اقترب منها اكثر وقال :

" ما فعله رائد ورانيا كان لأجلنا ...هما يحاولان ان يعطيانا فرصة اخيرة ... "

تأملته شمس بتردد قبل ان تقول :

" هل ما زلت مستاء مني لما فعلته ...؟!" 

اجابها رائد :

" لقد اهنتني يا شمس و ...."

قاطعته شمس :

" وانت فعلت المثل بل واكثر ...."

" اذا كنت تنتقمين ..."

اومأت برأسها دون ان تحيد عيناها عن عينيه ليتنهد بتعب ويقول :

" والان ...بعدما حققتي انتقامك ...هل ارتاح قلبك وهدأ ...؟ "

اومأت برأسها له ليقول بجدية :

" لا اعلم ماذا افعل ....حقا لا اعلم ..." 

تأملته بألم لتسأله بجدية :

" هل ما زلت تحبني ...؟!" 

" وهل تشكين بهذا ....؟!" 

هزت رأسها نفيا واكملت بعتاب :

" ولكنك طلقتني واتهمتني ظلما ..."

" كنت غبي .."

" والان ...؟!'"

" ما زلت غبي ... والدليل انني ما زلت احبك .."

ابتسمت من بين دموعها ليمسح دموعها باناملها لتقول :

" دعنا نعود سويا ... "

" ولكنني اكبر منك بكثير ...." 

" لا يهم ..."

" ولا امتلك مال كثير ...فانا موظف عادي "

" ايضا لا يهم ...."

ابتسم لها اخيرا ووضغع كف يده على وجنتها وقال بجدية :

" ألن تندمي ابدا ...؟! يعني سوف تتزوجين بشخص يكبرك بعشرين عاما ..."

قاطعته :

" اطلاقا ... انت رجلي الوحيد ...رجل حياتي ...فكيف تريدني ان اندم على الارتباط بك .."

" وانت شمس حياتي ..." 

رمت نفسها بين احضانه بحب ليقبض عليها بقوة ويطبع عدة قبل على جبينها ...

ابتعدت عنه بعد لحظات وقالت:

" اريد ان اخبرك بشيء مهم ...."

" ماذا ....؟!" 

اقتربت منه واحاطت رقبته بذراعيها لتقول :

" انا حامل ...." 

جحظت عيناه بصدمة سرعان ما تحولت الى ضحكات عالية قبل ان يحملها ويدور بها فهاهي سعادته قد اكتملت اخيرا ...

#عروسي_الصغيرة


الفصل الخامس عشر الاخير


الخاتمة ...


بعد مرور اسبوعين ...

وقفت امام المرأة تتأمل تفاصيل فستانها بانبهار ....لا تصدق ان اليوم هو يوم زفافها ... زفافها على احب الناس لقلبها ... لقد تمنت هذا اليوم كثيرا ... ودعت ربها كثيرا ان تعيشه ... وها هو حلمها اليوم يتحقق وسوف تعيش اليوم هذا بكل تفاصيله ...

تذكرت يوم اخر يشبه هذا اليوم وان اختلفت التفاصيل ... يوم اصبحت به زوجة لرجل لا تعرف عنه شيئا ... يومها لم تكن تعرف انها ستعيش مع هذا الرجل اجمل قصة حب ...

تقدمت رانيا منها وهي تبتسم بسعادة قبل ان تقول بفرح :

" العريس ينتظرك في الخارج ... يجب ان نخرج اليه .."

قبضت شمس على كف يدها وقالت بتوتر وملامح مشدودة :

" انا قلقة للغايةة... "

ربتت رانيا على كفي يدها وقالت :

" لا تقلقي عزيزتي ... كل شيء على ما يرام ..."

تقدمت شمس متجهة خارج الغرفة لتجد الجميع في انتظارها ...تأملت رائد وهو يقف امامها مدهوشا بها وبتفاصيلها التي تاق لرؤيتها ... 

كان مبهورا بعروسه الجميلة ... بجمالها الخلاب وفستانها الرائع ...

احتضنته شمس بنظراتها العاشقة وهي تتأمل وسامته المعهودة ببذلته السوداء الانيقة ...

اقترب منها رائد اخيرا وقبض على كف يدها ثم طبع قبلة على جبينها ...

تحرك العروسان خارج المنزل متجهان الى قاعة الحفل حيث سيتم الزفاف اخيرا وسط زغاريط المدعوين ومباركاتهم ...

كان يوما خياليا للغاية ورائعا حلم به الاثنان طويلا وحققاه بعد وقت طويل جدا ...

.....................

دلفت شمس الى الغرفة الخاصة بها في الجناح الفخم الذي تم حجزه لهما مسبقا ...

وقفت في وسط الجناح وفستانها الضخم يحيط بها من جميع الجوانب ...

شعرت برائد يدلف الى الداخل ويغلق الباب خلفه ...

التفتت اليه واخذت تراقبه وهو يخلع سترته ويرميها على السرير قبل ان يقترب منها ويهمس لها :

" حبيبتيى....."

منحته ابتسامة خافتة قبل ان يكمل بدوره وهو يحرك كف يده على جانب وجهها :

" لو تعلمين كم انتظرت هذا اليوم طويلا ..."

قبلت كف يدها وقالت بنبرة سعيدة :

" وانا انتظرته كثيرا ايضا ...." 

" حقا ...؟!" 

سألها وهو يحيط خصرها بذراعيه لترد بابتسامة :

" حقا ...."

هم بتقبيلها الا انها منعته وهي تقول :

" لاغير ملابسي اولا ...."

زفر باحباط وقال :

" ولكن ...'

قاطعته بجدية :

" لا يوجد لكن ... دقائق واكون جاهزة ..."

ثم سارعت بالذهاب الى الحمام بعدما حملت معها حقيبة صغيرة تحوي بعضا من اغراضها ...

اخذ رائد يدور في انحاء الغرفة وهو ينتظر خروج شمس من الحمام ...

بعد حوالي عشر دقائق خرجت شمس وهي ترتدي قميص نوم اسود اللون قصير يصل الى منتصف فخذيها يغطيه روب طويل من الدانتيل الاسود ...

كان قميص النوم رائعا بشكل جعل رائد يقف مبهورا غير مستوعبا لما يراه ...

كانت شمس تشبه شعلة نارية متوهجة تشع نورا وجمالا ...

اقترب منها بخطوات بطيئة ثم قبض على كف يدها واخذ يتأمل قميص نومها المغري برغبة كبيرة ...

" شمس ...."

همسها بخفوت قبل ان يقترب منها ويطبع قبل متفرقة على شفتيها ووجهها ...

استجابت شمس لقبلاته وبادلته اياها بشوق ورغبة كبيرين ...

حملها رائد بين احضانه وتقدم بها ناحية السرير.. 

تخلص من الروب ورماه ارضا ثم تبعه بقميص نومها قبل ان يتخلص من ملابسه ويندمج معها في حب ولهفة كبيرين ليذهبا سويا الى عالم اخر لا يوجد به سواهما ...

بعد وقت طويل كانت شمس غارقة في احضان زوجها الذي يتأملها بسكون تام ...

بينما هي تعبث بلحيته وتتأمله هي الاخرى بنفس السكون....

قطعت شمس هذا السكون وهي تسأله بتردد :

" هل انت سعيد ....؟!" 

اجابها :

" وهل تشكين بهذا ...؟! انا اسعد رجل بالدنيا يا شمس .."

ابتسمت براحة قبل ان تطبع قبلة على شفته وتقول :

" رائد ... اخاف ان تمل مني يوما ومن تصرفاتي الطفولية ..."

ضربها على رأسها بخفة وقال بمزاح:

" من ناحية تصرفاتك فهي فعلا طفولية ..."

ادارت وجهها نحو الجهة الاخرى وقالت بزعل مفتعل :

" هكذا اذا ...."

الا انه ادار وجهها نحوه مرة اخرى قائلا :

" لا تبعدي وجهك عني مرة اخرى يا شمس ..."

" انا هكذا ... وتصرفاتي هكذا ... اذا لم يعجبك فتزوج باخرى تكون تصرفاتها عقلانية ..."

" سوف أفكر في هذا الامر لكن ليس الان .."

قالها وهو يغمز لها بعبث لتحمر خجلا قبل ان تقول باستيحاء :

" حسنا ... يكفي مزاح واخبرني ..."

" بماذا اخبرك ...؟!" 

سألها بعدم فهم لتجيبه بتساؤل اخر :

" هل تحبني ...؟!" 

تنهد بتعب وقال :

" كم مرة علي ان اخبررك بأنني احبك ..."

" وماذا عن زوجتك السابقة ...؟!" 

" مالذي ذكرك بها الان ...؟!" 

هزت كتفيها وقالت :

" هكذا ... "

" نهى انتهت من حياتي يا شمس ..."

قاطعته بحدة :

" لا تذكر اسمها امامي ..."

اكمل بنفاذ صبر :

" انت من ذكرتي سيرتها في وقت كهذا ...على العموم نهى انتهت من حياتي حينما طلقتها ... وهي الان تعيش حياة سعيدة مع زوجها وابنها ..."

زفرت شمس انفاسها براحة ما ان عملت بأن نهى قد تزوجت وانجبت ايضا ...

ثم ما لبثت ان ابتسمت له ليقرصها رائد من وجنتها ويقول بعبث :

" هناك موضوع اخر يجب ان نتحدث به ..."

" ما هو ...؟!"

سألته شمس بعدم فهم ليقبض على خصرها ويجذبها نحوه هاما بتقبيلها ...

.....................


بعد مرور عدة اشهر ...

دلف رائد الى شمس وهو يحمل بين يديه طفلته الصغيرة ...

اخذتها شمس منه بلهفة وضمتها اليه ثم اخذت تقبل وجهها بخفة وشوق شديدين ...

تأملها رائد بحب قبل ان يقترب منها ويطبع قبلة على جبينها قائلا :

" الحمد لله على سلامتك حبيبتي ..."

ابتسمت شمس وقالت :

" لقد جائت اخيرا ... "

" نعم جائت شمسنا الصغيرة ..."

" ماذا سنسيمها ...؟!"

" لقد اسميتها وانتهى الامر .."

رمته بنظرات مشتعلة وقالت :

" اسميتها دون ان تأخذ رأيي ...."

" اسميتها شمس يا شمس ..."

اختفى الغضب من عينيها وحلت محله الدموع ليضمها رائد الى احضانه ويقول :

" لا تبكي يا شمسي ... هذا وقت السعادة والبهجة وليس وقت الدموع ..."

ثم مسح دموعه باناملها وهم بتقبيلها الا ان صوت بكاء الصغيرة منعه من هذا ليزفر انفاسه بغيظ وهو يقول :

" بدأنا من الان ...."


تمت بحمد الله 

 انتظروني بقصة جديدة إن شاء الله و اتمنى عجبتكم هذه القصة 😘😘





تعليقات



CLOSE ADS
CLOSE ADS
close