expr:class='data:blog.languageDirection' expr:data-id='data:blog.blogId'>

رواية عروستي ميكانيكي الفصل السادس عشر والسابع عشر والثامن عشر والتاسع عشر والعشرون بقلم سما نور الدين حصريه وجديده

 رواية عروستي ميكانيكي الفصل السادس عشر والسابع عشر والثامن عشر والتاسع عشر والعشرون بقلم سما نور الدين حصريه وجديده 

رواية عروستي ميكانيكي الفصل السادس عشر والسابع عشر والثامن عشر والتاسع عشر والعشرون بقلم سما نور الدين حصريه وجديده 


المشهد 16

..صعق ابراهيم فور سماعه لكلمتها و صاح بها..

.."..ايه ..اقول وحياة مين.."..

..ادركت ماقالته فضحكت ببلاهة ولوحت بيدها وهي تقول بتلعثم..

.."..لا لا ماتاخدش في بالك..مش وحياة حد..ايدك ع المفاتيح.."..

..اعطاها المفاتيح وهو ممتعض الوجه ..وقال بنزق ..

.."..اتفضلي ياهانم ..مش عارف ليه حاسس اني هاندم ..اصل سواقة الستات حاجة متطمنش .."..

..اخذت ترمي بالمفاتيح عاليا وتلتقطها بيدها عدة مرات وتهز برأسها بكل فخر وهي تقول بكل ثقة..

.."..عيب عليك ..اتفضل معايا ... بص وشوف وركز واتعلم.."..

..التوت شفتيه جانبا وهو يشير لها بذراعه وقال ساخرا ..

.."..اتفضلي لما نشوف.. وانا عارف ان اخرتنا هندخل في شجرة او عمود.."..

..وقفت امام باب السيارة لتنظر له وهو واقف امام باب السيارة من الناحية المقابلة لها وقالت ..

.."..عارف ياباشا انا مش هحاسبك ع الكلام دا دلوقتي ..لكن هيكون ليا عندك حق عرب ..امين ...."..

..وجد ابراهيم نفسه بهز برأسه ايجابا وقال دون ان يدري ..

.."..امين.."..

اتسعت عيني ابراهيم بعد ان وعى لنفسه وهو يجيبها بنفس لغتها ..انتفض على اثر سماعه لصوتها العال ..

.."..هتفضل واقف مكانك كدة كتير ..ياباشا متخافش ..روحك في ايد امينة ..دا انا الاسطى ايمان والاجر ع الله..".. 

..جلس بمكانه وربط حزام الامان حول جذعه ونظر اليها فوجدها تنظر بحماس لتلك الشاشات الصغيرة الدائرية المضيئة وراء مقود السيارة ثم التفتت اليه وهي تقول غامزة بعينيها..

.."..مش بقولك ..عربية عربية ..سمي بالرحمن.."..

..ضاق مابين حاجبي ابراهيم وهو ينظر لجانب وجهها ليتفاجأ بتحريك السيارة بسرعة..اسرع بالتفاتة من رأسه لينظر امامه ..وما ان خرجت ايمان بالسيارة من بوابة الفيلا حتى ارتسمت فوق شفتيها ابتسامة عابثة وبكفها الصغير وبحركة صغيرة لمحرك السرعات الالكتروني انطلقت السيارة باقصى سرعة ...كان الطريق غير مزدحما مما ساعد تلك المتحمسة للقيادة السريعة والتحرك من بين السيارات بحرفية عالية ..ومع أن بعض القلق تسلل لابراهيم الا انه اخذ ينتقل بعينيه بين الطريق ووجه تلك الشغوفة بما تفعله..ليجدها بعد برهة من الوقت تتوقف على جانب الطريق ..وتلتفت بجذعها وابتسامة النصر والفخر تفترش صفحة وجهها وتقول بنبرة ساخرة..

.."..ها ..سمعني كدة تاني كنت بتقول ايه على سواقة الستات.."..

..التفت هو الاخر وقال بعد ان ضحك ضحكة خافتة..

.."..لكل قاعدة استثناء ..وانتي بكل تاكيد اكبر استثناء.."..

..رفعت حاجبها ومطت شفتيها وقالت بنزق ..

.."..انا اسمي ايمان ياباشا مش سناء.."..

..ضحك بقوة وقال ..

.."..عارف انك ايمان ..ايمان بنت عمي و...مراتي..بس ممكن اسالك احنا ليه وقفنا هنا.."..

..زاغت عينيها وتلكئت بقولها بعد ما سمعت لأول مرة نبرة صوته الهادئة ..

.."..عشان ماينفعش نروح الحارة وندخل عليهم كدة ..". 

..ظهر التعجب بوجه ابراهيم وقال متسائلا..

.."..كدة يعني ايه ..مش فاهم.."..

اشارت له ثم لنفسها وهي تقول ..

.."..كدة يعني هندخل على الناس طرزانات بإيدينا فاضية.."..

..ضاقت عيني ابراهيم نتيجة عدم فهمه لما قالت..

..فتنهدت بيأس وقالت ..

.."..يعني مش احنا لسة راجعين من سفر..ومش من اي بلد..دي تركيا ..نقوم ندخل عليهم من غير هدية ولا حتى طبق هريسة وقرصين مشبك .."..

..هز ابراهيم رأسه بالنفي وهتف بها ..

.."..وهو اللي بيرجع من تركيا بيكون جايب معاه هريسة والبتاع التاني اللي معرفش اسمه ايه .."..

..التوت شفتها العلوية وهي تقول .."..اسمه مشبك ..اومال ندخل عليهم بإيه ان شاء الله .."..

..صاح بها ولكن بصوت هادئ..

.."..مش لازم ياايمان ..انتي رايحة تسلمي عليهم ..ربع ساعة ونمشي ..بعدين بعدين ..يالا بينا عشان مانتأخرش .."..

..لاحت بيدها امامه وهي تهتف بصوت عال ..

.."..لا طبعااا...مينفعش ..عيب.. يقولوا عليا ايه .."..

..زفر ابراهيم بغيظ وقال من بين اسنانه ..

.."..طيب اتفضلي سوقي ..في مول قريب من هنا ..نروح و تشتري اللي انتي عايزاه..". 

..هزت رأسها وعينيها تتسائل ..

.."..ايه ..مون ايه اللي نروحه...لأ لأ.. احنا مش هنروح ولا مون ولا تون .."..

..اعتدلت بجلستها فوق كرسيها وقالت وهي تمسك بالمقود..

.."..احنا بالصلاة على النبي كدة هنروح الحسين ..هنجيب ارواح وملبس لعيال الحارة من اكبر عطار هناك وبعد كدة نلف على المحلات اللي جمبه نشتري كام هدية حلوين كدة للبت لوزة واخوها وخالتي تهاني ...". 

..التفتت برأسها له وهي تشير له باصبعها واستطردت قولها بعد ان بدأت بقيادة السيارة..

.."..وأه صحيح ابقى فكرني نشتري هدية حلوة كدة وعليها القيمة لشيخ الجامع عندنا ..اوعى تنسى ياباشا "..

..ولاؤل مرة يفتح ابراهيم فاهه تعجبا مما سمعه ولما هو ذاهب اليه..

..كانا الاثنان يتجولان داخل اروقة منطقة الحسين العتيقة يحملان بإيديهما بعضا من الحقائب البلاستيكة المحملة بالكثير من الحلوى والهدايا  بعد مجادلات ومشاجرات حول من سيدفع ثمن هذه الهدايا لتنتهي المناقشة بحسم ابراهيم للموضوع بأنه هو الرجل وزوجها وهو المسئول عنها لتصمت بالنهاية مع وعد منها بسد هذا الدين ..كانت لا تنتهي من ثرثرتها حول اهل الحارة.. وكان ابراهيم ينظر حوله متعجبا ومعجبا بذات الوقت.. لأنه وللمرة الاولى طوال حياته يذهب لهذا المكان والتي تتميز جدرانه بالاحجار الكبيرة والنوافذ الارابيسك الخشبية المزينة بنقوش اسلامية ..يسمع صوت خطواته عندما يضرب بكعب حذائه تلك البلاطات الصلبة سوداء اللون التي تفترش الارض والمتراصة بشكل هندسي سليم..التفت اليها وهي تقول بحماس وسعادة..

.."..كدة مايبقاش فاضلنا غير هدية شيخ الجامع ..الشيخ سعيد ..كان صاحب ابويا الله يرحمه..كان دايما ييجي ويقعد معايا في الورشة عشان يسالني عن حالي ويطمن عليا ويساعدني لو كنت محتاجة حاجة .. ها ..فكر معايا ..نجبله ايه.."..

..لم تعطه فرصة للرد عندما توقفت مكانها وهي تنظر للواجهة الزجاجية وقالت بسعادة ..

.."..بسسس ..لقيتها ..ايه رايك في العباية دي ..شبه اللي بيلبسوها الرجالة في الخليج..انا هجبها واقوله يلبسها في صلاة العيد.."..

..مر اكثر من ساعتين من التجوال والتسوق وقبل ان يصلا للسيارة قالت ايمان وهي تلعق بلسانها مخروط المثلجات المتنوع مكوناته بين الشيكولاتة والمانجو ..

.."..طبعا زمانك بتقول لنفسك دلوقتي.. انا ايه اللي ضربني في دماغي وخلاني اجي معاها..صح .."..

..هز ابراهيم رأسه وهو يضحك وقال ..

.."..لا ياستي مش ندمان ولا حاجة ..بالعكس ..بس اتمنى ان اليوم يمر بسلام من غير ماتحدفيني بحاجة تفتحي بيها دماغي زي مقولتي قدام المحامي.."..

..توقفت ايمان عن مواصلة السير بعد انتهت من أكل حلوتها المثلجة لتنظر له دون ان تنطق بكلمة ..فتوقف هو الاخر ليستدير ويقول لها ..

.."..ايه وقفتي ليه .."..

..تقدمت ناحيته وقالت وهي ترفع رأسها لتقابل بعينيها الدامعة عينيه المتسائلة ..

.."..انت السبب اللي خلاني اقول كدة ..لما قسيت واستقويت عليا بالجامد ...وانا معرفتش ارد عليك ساعتها .."..

..تمعن بكامل ملامح وجهها حتى نظر داخل عينيها بقوة ..وقال بصوت هادئ كلمة واحدة اربكتها..

.."..اسف .."..

..رمشت بعينيها عدة مرات وقالت وهي تتخطاه ..

.."..آ آ آ..محصلش حاجة والمسامح كريم ..يالا بينا.."..

..اسرع بوقوفه امامها مرة اخرى وقال وهو باسم الوجه..

.."..اوعدك اني هحاول امسك اعصابي قصاد اللي بتعمليه معايا ..ومقساش او استقوى عليكي تاني .."..

..ابتلعت ريقها بصعوبة بعد سماعها لنبرة صوته الجنون وصوته الهادئ فتخطته مسرعة وهي تهز رأسها بالايجاب..

..اتبعها بخطواته الواسعة لتجده بجانبها ينظر اليها ويبتسم لتبادله دون ان تعي نفس الابتسامة الهادئة ولاؤل مرة يمر الأمر بينهما بسلام ..

..قاد ابراهيم السيارة هذه المرة ليتوقف جانب الطريق كما اشارت له ايمان وهي تقول...

.."..باسسس هنا ياباشا ..والله كان نفسي اقولك اتفضل معايا..بس زي مانت شايف ..عربية زي دي مش هتنفع تدخل الحارة ..وياسيدي توشكر على تعبك معايا والف شكر كمان على التوصيلة..سلام ياباشا .."..

..وقبل ما تمد يدها لمقبض باب السيارة امسك ابراهيم بمرفقها وهو يقول . 

.."..هو ايه اللي شكرا وسلام ..احنا مش اتفقنا نروح ونرجع سوا .."..

..نظرت ايمان ليده ثم لوجهه ..فتركها بعد ان مط شفتيه وقال ..

.."..ايمان انا هاجي معاكي ..تسلمي عليهم ونمشي ..ماهو انا مش هسيبك.."..

..تنهدت بيأس وهي تقول ..

.."..هو انا مقبوض عليا ..مجراش حاجة يعني لو نمت انهاردة في بيتي ..وتاني يوم الصبح ياسيدي هتلاقيني بفطر معاكو في الفيلا.."..

..وبصوت قوي حسم ابراهيم الامر بقوله..

.."..ايمان متحاوليش ..مافيش حاجة اسمها تباتي برة بيت جدك اللي اكيد هيسأل عنك هو وعمتك..انا هسيبك تقضي الوقت اللي انتي عايزاه معاهم وبعدها تكلميني ونتقابل هنا في نفس المكان عشان نروح.."..

..رفع حاجبه ومال برأسه واستطرد قوله يقلدها..

.."..امين.."..

..رفعت حاجبيها وانفرجت شفتيها تعجبا وقالت وهي تهز رأسها...

.."..أمين.."..

..ردد قائلا..

.."..هاتمشي ازاي بالأكياس دي كلها لوحدك...انا جاي معاكي.."..

..لم يعطها فرصة للقبول او الرفض وخرح من السيارة متجها لحقيبة السيارة الخلفية الممتلئة بالحقائب ..زفرت بيأس وهي تهمس لنفسها ..

.."..وبعدين بقى في الراجل دا ..". 

..حملت معه الحقائب وقالت بنزق وهي تنظر حولها ..

.."..مش هينفع نسيب العربية دي كدة .."..

..صاحت بعلو صوتها بعد ان وجدت غايتها ..

.."..واد يااا طيارة تعاال ياض.."..

..جرى الشاب الصغير ناحيتها وهو يهتف سعيدا . 

.."..حمدالله يااسطى ايمان ..الحارة وحشة من غيرك يااسطى..هاتي عنك .."..

..اجابته وهي تقول ..

.."..لا متشيلش حاجة ..انا عايزاك تاخد العروسة دي وتوديها جراج عم اسماعيل وتقوله اسطى ايمان بتقولك خلي الامانة دي عندك لغاية ماتستلمها منك..أمين ياض.."..

..نظر الشاب للسيارة مذهولا واخذ يلف حولها وهو يقول ..

.."..دي عربيتك يااسطى ..انا سمعت ان عيلتك الغنية ظهرت وهتاخدك تعيشي معاهم ..والباشا الاوبهة دا يبقى قريبك صح يااسطى.."..

..مدت يدها لابراهيم الذي كان يقف صامتا ومتعجبا لتأخذ منه مفاتيح السيارة وترميها بالهواء ليلتقطها الشاب وهو يسمع قولها..

.."..مش وقته ياطيارة ..وزي مقولتلك ..هما ساعتين زمن ..يالا طير .."..

..مشت خطوتين وتوقفت تنظر ورائها لابراهيم الذي كان يرى سيارته تبتعد وتختفي عن انظاره ..هتفت به ايمان..

.."..باااشا يالا بينا .."..

..التفت ناحيتها ومشى بجانبها وهو يقول متسائلا..

.."..ممكن اعرف مين طيارة دا اللي ساق عربيتي وطار بيها.."..

..وقبل ان يدخلا الحارة اجابته بأريحية..

.."..متقلقش ياباشا ..دا الواد طيارة ..حرامي سيارات.."..


#افكار_مطرقعة

#عروستي_ميكانيكي

بقلم سما نورالدين


المشهد 17


..ما ان سمع بما قالته حتى تسمر ابراهيم مكانه ووقعت منه الحقائب ارضا ..توقفت ايمان عندما سمعت صوت ارتطام الحقائب بالارض فالتفتت ناحيته تنتقل بعينيها بين الحقائب وهذا الشاحب الواقف مكانه ينظر لها بأعين متسعة وفاه مفتوح ..

..تقدمت ناحيته وهي تنظر له بتعجب فتسائلت وهي تلوح بيدها امام عينيه..

.."..بسم الله الرحمن الرحيم ..باشا ...جرى ايه مالك.."..

..وعندما لم يجبها وظل على حاله....صرخت بوجه مرة ثانية ..

.."..باااشا.."..

..رمش بعينيه عدة مرات ثم نظر لها بغضب وغيظ ..وقال بصوت عال حاد وهو يشير بيده ناحية الطريق ..

.."..اديتي عربيتي لواحد حرامي سيارات ..وبتسأليني مااالك .."..

..رفعت حاجبيها عاليا وفتحت فمها على اتساعه وهي تقول بأريحية ...

.."..ااااه..هو دا اللي خلاك مش شايف قدامك ومزرزر كدة..اطمن ياباشا ..الواد طيارة ابن حتتي ولا يمكن ابدا يعلم عليا ولا يعض حد من اهل حارته..دا حرامي شريف..وكمان هو والحمد لله.. ربنا تاب عليه وبقى ماشي في السليم..دا انت تسلمه عربيتك وانت مطمن وتروح بيتك وتتعشى وتنام وتشخر كمان.."..

..كز ابراهيم على اسنانه من الغيظ والغضب حتى وصل صوت اصطاك اسنانه لأذني ايمان فقالت وهي تضرب جانب رقبتها بيدها وهي تقول ..

.."..متقلقش ياباشا عربيتك في الامان ... انا اضمنهالك برقبتي ..يالا بينا بقى .."..

..نظر لها نظرات غيظ قاتلة ثم مال بجذعه ليحمل تلك الحقائب مرة اخرى..

..اسرعت ايمان بقولها ..

.."..بص ياباشا لو حد سألني أو سألك انت تبقالي ايه ..هنقول انك ابن عمي وبس..امين .."..

..ردد ابراهيم بغضب ..

.."..هو ايه اللي أمين ..انتي بنت عمي ومراتي وانا ابقى جوزك .."..

..زفرت بضيق وقالت وهي تشير له بيدها ..

.."..ياعمنا إفهمني ..مالوش لازمة نقول..عشان حدوتة جوازنا فترة وهتخلص ..يبقى ليه نفتح علينا فاتوحة جواز وطلاق وليه وعشان ايه ..خلينا كدة خفيف خفيف ..ماشي.."..

..لم يجبها بأي كلمة او حتى بإشارة من رأسه ..ظل صامتا ًلتقول وهي تنظر له بتوجس ..

.."..يالا بينا.."..

..مشى بجانبها وما ان دلفت الحارة وشاهدها الصبية والبنات الصغيرة التي تلعب بالحارة حتى صرخوا بإسمها وهجموا عليها فرحين مهللين ..رجع ابراهيم للوراء ليفسح المجال للاطفال الملتفين حول زوجته فرحين بعودتها..

..صاحت بهم إيمان والابتسامة تفترش صفحة وجهها ..

.."..ازيكوا ياعياال وحشتوني يا ولاد اللذينة ..استنوا ..استنوا ..اقفوا كدة تمام وافتحوا ايديكوا.."..

..وبلحظة واحدة انصاع الاطفال لأمرها ووقفوا بانتباه وفتحوا كفوفهم الصغيرة باتجاهها ..

..التفتت حولها لتجد ابراهيم ينظر لها بترقب انتظارا لما سيحدث..اشارت له بيدها ليجلب لها الحقيبة الممتلئة بالحلوى..اعطاها اياها ليجدها توزع الحلوى على كل الاطفال الملتفين حولها ..وما ان انتهت حتى هرعوا الاطفال لمواصلة اللعب وتبادل الحلوى بينهم والسعادة الغامرة مرسومة بوجوههم الصغيرة  ..

..كانت تسير بجانبه بالحارة الضيقة..تلوح بيدها توزع التحيات والسلامات لكل من يمروا بجانبها من نساء ورجال ..لتقف فجأة عندما وجدت صبي صغير يحتضن ساقيها وهو يقول ..

.."..ازيك يااسطى ..حمدالله ع السلامة .."..

..اخفضا كل من ايمان وابراهيم رأسيهما ليجدا صبي صغير يحتضن ساقيها بحميمية واضحة لتصيح ايمان ..

.."..بلاطة ..ازيك ياض ..وحشتني يالا .."..

..ويتفاجأ ابراهيم بمن يلتف حولها من رجال ونساء يلقون التحية وقول الحمد لله على رجوعها بالسلامة ..وكانت الكلمة المتداولة فيما بينهم هي ..

.."..حمدالله ع السلامة ياسطى ايمان ..الحارة كانت مضلمة من غيرك والله.."..

..ردت ايمان التحيات ..لتبدأ بتلقي الاسئلة المعتادة ..عن حالها وعن عائلتها الثرية ..لينتبها الاثنان لسؤال من شاب يقف بوجه جامد ونظرات كارهة وهو يقول ..

.."..مش تعرفينا يااسطى ايمان على الباشا.."..

..وقبل ان تجيب مد ابراهيم يده ناحية هذا الشاب المتحفز وهو يقول متحديا اياه..

.."..ابراهيم سالم.. ابن عم ايمان وجوزها .."..

..ظهرت الصدمة بوضوح على وجوه الجميع حتى ايمان التي التفتت الى ابراهيم بغضب  .. ثم تعالت اصوات الزغاريط وانهالت عليها المباركات ..تراجع الشاب المتسائل للوراء دون كلمة واحدة ولم يصدر عنه سوى نظرات خيبة وملامح الهزيمة تكسو وجهه ..عاتبتها بعض النساء لعدم ابلاغ اهل حارتها او دعوتهم للزفاف ..تلكئت ايمان بقولها وهي تحاول ان تخرج من ذاك المأزق فقالت..

.."..يا جماعة متزعلوش ..دا كتب كتاب بس ..لكن ان شاء الله كلكم معزومين على الفرح .."..

..وبصعوبة بالغة تخلصت ممن حولها لتجد من يتشبث بيدها وما كان الا الصبي بلاطة ..الذي اصطحبهما هما الاثنان للبيت الذي امتلأ بالصياح والتهليل بقدوم ايمان ...

..وبعد برهة من الوقت وجد ابراهيم نفسه جالسا فوق اريكة قديمة قابعة داخل صالة ضيقة صغيرة ولكنها كانت تتسع بقلوب ساكنيها ..لقى ترحيبا حارا من الخالة تهاني وابنتها التي اتسعت عينيها وفاهها فور لقائه ومعرفتها بأنه زوج ايمان..وبعد توزيع الهدايا جلست ايمان بجانبه وهمست له ..

.."..انا هغيب عنك نصاية وراجعة تاني .."..

..نظر لها وهو يقول من بين اسنانه..

.."..نصاية ايه ..وتروحي فين ..سلمي عليهم ويالا نمشي .."..

..رفعت حاجبيها وقالت وهي تشد ذراعه ..

.."..نمشي ايه ..انت مش شامم الريحة .."..

..تعجب ابراهيم وهو يقول..

.."..ريحة ايه "..

..اجابته مسرعة وبحماس ..

.."..ريحة المحشي المسقي بشوربة الفراخ البلدي ..عليا النعمة ماهمشي غير لما ناكل ..دا محشي خالتي تهاني ..يعني صعب نلاقيه ..وبص متقلقش هي ربعاية ..هروح للشيخ سعيد أسلم عليه واديه الهدية واجي جري ..امين ..سلام.."..

..هربت من جانبه قبل ان يجيبها او يمسك بها ..ليجد نفسه وحيدا أمام هذا الصبي واخته اللذان يتمعنان بملامحه وهيئته وكانه تمثال بالمتحف ..

..خرجت الخالة من المطبخ وهي تقول والابتسامة تعلو وجهها..

.."..منور يابني ..عشر دقايق والاكل يكون جاهز .."..

..وبإبتسامة هادئة وصوت قوي قال ابراهيم..

.."..البيت منور بأهله ..وياريت متتعبيش نفسك ..احنا شوية وماشيين.."..

..شهقت الخالة وهي تضرب صدرها وتقول 

.."..والله لا يمكن ..معقول تمشوا قبل ماتتعشوا ..دا حضرتك من طرف اغلى الناس .."..

..رق صوتها وقالت وكأنها تتوسله بعد ناجلست بجانبه..

.."..بالله عليك يابني تخلي بالك من ايمان وتحطها في عينيك..دي بنت طيبة وجدعة و مافيش في حنيتها..هي اللي وقفت جمبنا بعد ما جوزي اتوفى ومخلتناش نتحوج لحد ..ربنا يعلم انك دخلت قلبي من ساعة ماشوفتك وحمدت ربنا ان ايمان وقعت في واحد زيك ..اصلك يابني متعرفش ايمان دي غالية عندي اد ايه ..في غلاوة ولادي وربنا الشاهد .."..

..هز ابراهيم رأسه بالايجاب بعدما شعر بنبضات قلبه تتسارع وقال ..

.."..اطمني ياست تهاني ..ايمان في عينيا زي مقولتي .."..

..صاح صوت الصبي وهو يقول بغضب ..

.."..لو زعلتها انا اللي هقفلك ..ايمان وراها رجالة عشان تبقى عارف.."..

..ضربته اخته ضربة خفيفة خلف رأسه وقالت بتلعثم وهي تبتسم ببلاهة..

.."..لموأخذة ياباشا ..متاخدش على كلامه دا عيل اهبل.."..

..ضحك ابراهيم وقال وهو ينظر للصبي الذي يحاول ان يتملص من بين ذراعي اخته ..

.."..لا مافيش حاجة .."..

..استطرد قوله وهو ينظر للصبي الغيور الغاضب ..

.."..متقلقش حضرتك مش هزعلها .."..

*****

..حاول ابراهيم اقناع ايمان بالرحيل ليجد نفسه بالنهاية جالسا ارضا وامامه اطباق المحشو الساخن والدجاج المشوي ..ووسط جو عائلي بسيط مرت الساعتان بسرعة ..وهرع بلاطة للشاب الذي يدعى طيارة لكي يبلغه بأن يأتي بالسيارة عند المكان المحدد...وبعد الاستئذان بالرحيل ووعد بزيارة قادمة قريبا ..كانت ايمان تمسك بمرفق صديقتها عزة وتسحبها لغرفتها وهي تقول بعد ان اخرجت من جيب بنطالها ظرف ابيض ..

.."..عاملة ايه في العيادة اللي بتشتغلي فيها بت يالوزة..استني خدي امسكي الظرف دا فيه فلوس الشهر ..تديه لخالتي ..عا بال مااشوف حد يمسك الورشة لغاية ماارجع .."..

..حاولت عزة ان تدفع بيد ايمان الممسكة بالظرف وقالت بخجل..

.."..مافيش داعي ياايمان خلاص والنبي.. "..

..امسكت ايمان بكف عزة ودست بداخله الظرف وهي تقول بصوت جاد ..

.."..انتي تسكتي خالص فاهمة ..اول حاجة تجيبيها علاج الشهر لخالتي والباقي لمصروف البيت ولو الواد بلاطة احتاج حاجة تجيبهالوا ..وانتي ربنا يسهل واجبلك شغلانة حلوة ..امين ياهبلة.."..

..ابتسمت عزة لها وهزت رأسها بالايجاب ثم تجهمت مرة اخرى وهي تقول متعجبة ..

.."..انتي قلتي ترجعي تاني... ترجعي فين ..انتي مش خلاص اتجوزتي..والباشا المز دا عمره ماهيخليكي ترجعي تشتغلي بالورشة تاني ..معروفة يعني.."..

..نكزتها ايمان بصدرها وهي تقول بضيق..

.."..اسكتي يابت ياهبلة انتي ..انتي مش عارفة حاجة ..ابقى افهمك بعدين .."..

..قالت عزة بنزق..

.."..والله انتي اللي هبلة ..حد يبقى معاه راجل حلو كدة ويرجع تاني ..بدل ماتمسكي فيه بايديكي وسنانك ..يابت الرجالة الحلوة دي محدش بيشوفها غير في التليفزيون بس ..تقومي تقولي ارجع..رجعت المية من زورك ياشيخة.."..

..وقبل ان تجيبها ايمان بقبضة تضرب صدرها صدح صوت ابراهيم عاليا بإسمها ..

فجرت مسرعة خارج الغرفة وبعد المصافحة خرحا الاثنان من البيت ..ليمسك ابراهيم بكف أيمان وكأنه يعلن للجميع وخاصة لذاك الشاب الذي يقف خارج محله وينظر له شزرا..حاولت ان تخلص كفها الصغير من بين راحة يده ..وهي تقول بصوت خافت..

.."..ماتسيب ايدي ونمشي عادي ..انت كدة بتكسفني قدام الخلق.."..

..لم ينصاع لكلامها وظل على حاله ناظرا امامه غير عابئ بنظرات اهل الحارة والتي منها سعيدا ومنها الحاقد..

..وقفا الاثنان عند مدخل الشارع الرئيسي ليجدا سيارة ابراهيم اتية من بعيد وبداخلها الشاب طيارة والصبي الصغير بلاطة ..وقف طيارة بالسيارة على جانب الطريق وخرج منها وهو رافعا كلتا ذراعيه وهو يقول بصوت عال..

.."..العروسة اهي ياسطى مش ناقصة فتفوتة .."..

..لوحت ايمان بذراعيها وهي تقول ..

.."..اهو انت كدة كفاءة .."..

..اخذت منه المفاتيح واعطتها لابراهيم وقالت له بصوت خافت ..

.."..اركب انت ياباشا خمسة وراجعة .."..

..قطب ابراهيم جبينه وهو يراها تتحدث مع طيارة جانبا ..تنهد وركب سيارته ليجد الصبي بلاطة جالسا بجانبه وينظر له نظرات كارهة ..

..مط ابراهيم شفتيه والتفت له وهو يقول ..

.."..ممكن افهم انت بتكرهني ليه.."..

..تخصر الصبي وصاح به ..

.."..عشان اخدتها مننا ومابقيتش تعيش معانا.."..

..ضرب ابراهيم كفيه وهو يضحك ثم قال..

.."..ماهو طبيعي اني اخدها ..مش مراتي ولازم تعيش معايا انا ..بس متزعلش ..هي هتيجي تزورك كل فترة .."..

..خرج الصبي غاضبا من السيارة بعد غلق بابها بقوة..نظر ابراهيم بمرآة السيارة ليرى الشاب طيارة يقفز عاليا ويصيح بقوله ..

.."..ربنا يخليكي يااسطى .."..

..مالت ايمان بجذعها وهي تحتضن بلاطة وتقول ..

.."..خلي بالك من امك واختك يا محمد ..انا عارفة اني سايبة راجل في البيت ..امين .."..

..التمعت عيني الصبي بغلالة شفافة من الدموع وهو يهز رأسه بنعم ..

..تركته على مضض وهي تلتفت ورائها للشاب طيارة وهي تقول ..

.."..زي ماوصيتك ياطيارة .."..

..ليشير طيارة لرقبته وهو يقول..

.."..رقبتي يااسطى..سلام ياست الكل ..سلام.."..

..ركبت إيمان السيارة ..وهي تنظر للفراغ وبعض الحزن يفترش صفحة وجهها ..نظر لها ابراهيم وهو يقول متسائلا ..

.."..مالك زعلانة ليه ..واللي اسمه طيارة ماله كان هيطير قدامك من الفرحة .."..

..تنهدت ايمان والتفتت ناحيته وقالت ..

.."..سلمته مفاتيح الورشة يمسكها بدالي لغاية ما ارجع..واتفقت معاه انه ياخد نص الايراد والنص التاني يسلمه يدا بيد لخالتي تهاني .."..

..اتسعت عيناه وهتف بها ..

.."..سلمتي ورشتك لحرامي سيارات.."..

..زفرت بضيق وشبكت ذراعيها أمام صدرها وهي تقول ..

.."..قلنا الواد تاب ..والحج اسماعيل صاحب الجراج اخده وشغله معاه سايس .."...

..قال ابراهيم بنبرة ساخرة..

.."..وهو السايس هيفهم في شغل الميكانيكا..ياعبقرية زمانك.."..

..نظرت اليه وقالت بنزق ..

.."..اللي حضرتك متعرفهوش ان الواد طيارة ومن هو صغير شغال ميكانيكي في ورشة الحاج سلامة اللي في الشارع اللي ورانا ..لغاية ما ولاد الحرام اتلموا عليه وكانوا هيضيعوه ..بس الواد طيب وفيه عرق اصيل ورجع عن اللي هو فيه قبل ما يضيع نهائي ..نقوم بدل مانشجعه ونشغله شغلانة شريفة نحاسبه ونطرده .."..

..كان الذهول يرتسم بملامح وجه ابراهيم وهو ينظر اليها وهي تتحدث حتى قال ..

.."..انتي ايه بالظبط انا مش فاهم..انا اول مرة في حياتي تعدي عليا شخصية كدة .."..

..التوت شفتي ايمان جانبا ثم قالت بثقة ..

.."..احنا شخصية اوي ونسد في اي مكان ..امين .."..

..ضحك ابراهيم بصوت عال وهو يردد ..

.."..امين.."..

..فتحت ايمان النافذة الزجاجية لتستقبل نسمة الليل المنعشة بوجهها ..استندت برأسها التي ثقلت على ظهر كرسيها واغمضت عينيها وراحت بسبات تام ..

..صدح صوت شخيرها عاليا ..لتتسع اعين ابراهيم وهو ينظر اليها وبعدها تلازمت صوت ضحكاته مع صوت انغامها المزعجة ..

..تحدث مع نفسه قائلا ..

.."..طلعتيلي منين بس يابنت عمي..وياترى ايه اخرة حكايتنا دي انا مش عارف.."..

..وصل بسيارته داخل جراج الفيلا و بعد ان نزل منها حمل ايمان بين ذراعيه ودلف للفيلا ليجد عمته تهرول ناحيتهما وهي تقول بصوت خافت..

.."..ايه ياابراهيم ..ايمان مالها.."..

..تململت ايمان وتعلقت برقبة ابراهيم بكلتا ذراعيها لتهمس بعدها قائلة ..

.."..الله ..ريحتك حلوة اوووي ياهيما..ماتجيب بوسه ......

#افكار_مطرقعة

#عروستي_ميكانيكي

بقلم سما نورالدين


المشهد 18


..تسمر ابراهيم بمكانه بعد ان اتسعت عيناه فور سماعه لكلمات تلك التي تتململ بجسدها النحيف فوق ذراعيه..كتمت العمة ضحكتها بصعوبة فأشارت له بيدها ثم قالت بصوت خافت..

.."..تعال ورايا على اوضتها .."..

..كانت انفاسها الساخنة تلفح رقبته التي تعلقت بها بكلتا ذراعيها ..شعر بحرارة جسده ترتفع وبذراعيه تشتد قوتها حول جسدها ليقربها منه اكثر واكثر ..التفت بوجهه لينظر الى وجهها المغموس داخل تجويف رقبته ليجد نفسه يتعثر بخطواته حتى كاد ان يقع بها ..فتماسك وتنحنح وهو ينظر امامه ليتبع عمته ..وضعها بهوادة فوق فراشها ليجد عمتها تضع فوقها الغطاء بعد ان نزعت عنها حذائها ..وقف الاثنان ينظران اليها ..مالت شفتي ابراهيم بابتسامة تزين وجهه ثم مال بجذعه واقترب من وجهها فأمسكت العمة بمرفقه وهي تقول بصوت حاد خافت ..

.."..إنت هتعمل ايه .."..

..زفر ابراهيم بضيق وإعتدل بوقفته ثم همس لعمته ..

.."..في ايه ياعمتي..هابوس مراتي ..هي مش قالت هات بوسة ..."..

..ضربته فوق كتفه وقالت وهي تمسك بذراعه وتجره ناحية باب الغرفة ..

.."..البنت من تعبها طول اليوم بتتكلم أي كلام وهي نايمة ..يالا اتفضل انت كمان على اوضتك.."..

..وقبل ان يلتفت برأسه لينظر لتلك النائمة ..امسكت عمته بذقنه لتمنعه من ذلك وهي تنظر له بتجهم وتقول بنبرة صوت حادة  ..

.."..ابراااهيم .."..

..رفع كلتا ذراعيه وهو يقول بإستسلام ..

.."..خلاص ياعمتي خلاص ..خارج اهو .."..

..خرجا الاثنان من الغرفة واغلقت العمة الباب برفق وهي تقول بصوت صارم لذلك الواقف مكانه ..

.."..على اوضتك ..واياك تقرب من هنا ..وياريت تنام عشان بكرة يوم حافل ..اتفضل .."..

..اقترب ابراهيم من عمته وامسك برأسها ليطبع قبلة فوق جبينها وهو يقول بصوت يشوب نبرته الكثير من السعادة ..

.."..تصبحي على خير يازوزو .."..

..وضع كلتا كفيه داخل جيبي بنطاله ومشى ناحية غرفته وبدأت شفتيه تصدر صوت انغام ناعمة على هيئة صفير هادئ..هزت العمة رأسها وهي تتبعه بنظراتها ووجهها ترتسم الابتسامة فوق صفحته..وهي تقول ..

.."..معقولة بالسرعة دي ..جايز .."..

..مضى الليل واشرقت شمس الصباح ..ليتجهم وجه ايمان من تلك اللكزة التي تضرب وجنتها وصوت لحوح يقول ..

.."..ايمان ..ايمان ...اصحي ياحبيبتي ..اصحي بقى يالا هتتاخري .."..

..وبشق الانفس فتحت ايمان اجفانها لتسرع بوضع كفيها فوق عينيها لتمنع عنهما هذا الضوء المزعج فتقول متأففة ..

.."..حد يقفل الشباااك ..مش عارفة افتح عيني ..واللي عمال يوزغودني دا ..انا هفرتكه.."..

..وجدت من يصفع ظهر يدها ويقول بصوت جاد وقوي ..

.."..إتأدبي يابنت ..و يالا قومي ..تعبتيني.."..

..ضاقت عيني ايمان وقالت بصوت اجش بعد ما وضحت الرؤية ..

.."..عمتي ..هو انتي يا حبيبتي.. واللي معرفش بتصحيني ليه ..هي الساعة كام ياوزتي.."..

..جلست عمتها بجانبها وهي تقول بعصبية واهية..

.."..بنت.. وبعدين ...ايه وزتك دي ..يالا قومي الساعة بقت ستة ونص .."..

..فتحت ايمان عينيها واسرعت لتقم وتجلس قائلة بصوت عال..

.."..يانهار ياجدعان..بتصحيني ستة ونص ..ليييييه ..هو انا سواق اتوبيس نقل عام....دا انا بذات شخصيتي بفتح ورشتي الساعة عشرة .."..

..تنهدت زهرة ووضعت ساقها فوق الاخرى وهي تقول بثقة ..

.."..من هنا ورايح هتصحي بدري عشان تاخدي حمامك وتفطري وتروحي مع ابراهيم على الشركة ..يالا .."..

..استعادت ايمان ثباتها الكامل وتسائلت ..

.."..كل دا مطلوب مني انا ..اصحى بدري.. واخد الحمام اللي معرفش هاخده على فين.. وكمااان هاروح الشركة مع الباشا و اللي بردو معرفش هروح معاه ليييه ولا شركة ايه دي من اصله..انتي حد مسلطك عليا ياعمتي.."..

..وقفت العمة بحركة عصبية وقالت آمرة اياها ..

.. "..من غير ما اسمع ولا كلمة يالا قومي قدامي ..يالا على الحمام.."..

..نفضت ايمان الغطاء عن نفسها وتركت فراشها وهي تتمتم بكلمات اعتراضية غير مسموعة أو مفهومة لتقف فجأة أمام باب الحمام ..استدارت وهي تحك اصابعها برأسها وتقول..

.."..لموأخذة هو انا جيت هنا ازاي ..انا اخر حاجة فاكراها اني كنت في العربية .."..

..تقدمت عمتها ناحيتها وهي تقول والابتسامة تعلو شفتيها ..

.."..انتي نمتي في العربية ..وابراهيم شالك وجابك لغاية هنا .."..

..اتسعت اعين ايمان وقالت بغضب ..

.. ".. شالني..يعني ايه شالني دي ..هو هياخدها حلوانة في سلوانة ولا ايه ..لو سمحتي ياعمتي تفهميه انه حسه عينه يشيلني تاني .."..

..تخصرت العمة ورفعت احدى حاجبيها وقالت بصوت ساخر ..

.."..غريبة ..الكلام اللي قولتيه وهو شايلك زي البيبي ..لا يدل خالص على انك كنتي مضايقة ..بالعكس انا شايفة انك كنتي مبسوطة خالص .."..

..رمشت ايمان عدة مرات وقالت بتلعثم وهي تشير لنفسها ..

.."..آ آ آ ..انا ..انا اتكلمت وانا نايمة ..احييه..اتكلمت قولت ايه ياعمتي .."

..لامست العمة شفتيها بأصابع كفها الصغير وظهرت الابتسامة بعينيها وهي تقول ..

.."..ابقي إسألي ابراهيم وهو هيقولك..يالا يالا عشان منتأخرش على جدك .."..

..ظلت ايمان بمكانها تلح على عمتها ان تفصح عن ماقالته وهي نائمة ولكن بدون فائدة..امسكت العمة بكتفيها لتستدير ثم لتدفع بها ناحية الحمام ..لتهمس ايمان لنفسها وكأنها تطمئن نفسها..

.."..اكيد قلت كلام كويس..ماهو لو كان وحش كانت عمتي بهدلتني ..هو اكيد اكيد كلام كويس.."..

..وبعد برهة من الوقت كانت العمة وايمان يقفان أمام خزانة الملابس الممتلئة عن اخرها ..لتصيح ايمان بغضب..

.."..فين هدومي ياعمتي.."..

..اجابتها العمة وهي تمد يدها لفستان معلق بالخزانة ..

.."..هي دي هدومك من هنا ورايح ..ولا عايزة تروحي الشركة بالبنطلون والبلوزة ..يالا البسي الفستان دا .."..

..اخذت ايمان الفستان ورمت به فوق الفراش وقالت وهي تحاول بصعوبة ان تكون هادئة ..

.."..عمتي حبيبتي...استهدي بالله كدة وقوليلي هدومي فين..انا مابلبسش فساتين ..تاني حاجة ياست الكل انتي عايزاني اروح الشركة اهبب فيها اااايه.."..

..تنهدت العمة وامسكت بيدها واتجها هما الاثنان ناحية الاريكة ليجلسا سويا..قالت العمة زهرة وهي تحاوط يد ايمان بكفيها..

.."..حبيبتي...مش احنا اتفقنا امبارح انك هتنفذي كل اللي هنقول عليه لمصلحة القضية..ووعدتي كمال بيه المحامي بكدة .."..

..هزت ايمان رأسها بالايجاب وهي تقول..

.."..حصل ياعمتي حصل...بس انا وعدته اني اسمع الكلام ..في إني اقعد مع جدي هنا معاكم ..واعمل تحليل الدم ..و ايه تاني يابت ياايمان ..و ايه تاني ...بس هو كدة ...متفقناش بقى إني البس فساتين واروح شركات لموأخذة.."..

..شدت العمة بيدها على كف ايمان وقالت بصوت هادئ..

.."..ايمان اسمعيني كويس ..عشان نكسب القضية وجدك يطمن عليكي.. لازم تسمعي وتنفذي كلامي انا وابراهيم..

عشان تكوني مستعدة لما تقفي قدام القاضي وهو بيتكلم معاكي..فهمتي حبيبتي.."..

..مطت ايمان شفتيها واستندت بوجنتها فوق كفها وهي تتمتم بإستسلام وضيق..

.."..الأمر لله ..لما نشوف اخرتها.."..

..وقبل ان تمر الساعة كانت العمة كانت قد انتهت من تصفيف شعر ايمان ووضع زينة خفيفة تزين بها وجهها..

..وقفت ايمان أمام المرآة تتطلع لهيئتها الجديدة تلتف يمينا وشمالا تنظر لفستانها لتقول بتأفف..

.."..انتي متأكدة ياعمتي ان الفستان دا بتاع الشغل ..دا انا ممكن بالهيئة دي كلها اروح بيه اجدعها فرح ..وكمان دا ضيق وواصل لحد الركبة ..مايصحش ياعمتي .."..

..امسكت العمة بزجاجة العطر وزخت برذاذها حول عنق ايمان ثم وضعتها فوق منضدة الزينة وهي تقول ..

.."..الفستان شيك جدا ومحتشم وانتي فيه زي القمر ..يالا بقى عشان احنا اتأخرنا عليهم ...يالا يالا.."..

..كان الجد وحفيديه ابراهيم ومراد يتناولون الافطار ويتناقشون حول الصفقة الاخيرة التي تمت بنجاح وانهم الان على استعداد للصفقة الجديدة واثناء حديثهم اصدر مراد بصوته صفيرا عاليا عندما لمح إيمان وهي تنزل درجات السلم..التفت ابراهيم ناحية ماينظر اليه مراد ليجد زوجته تظهر شيئا فشيئا بفستان اسود وبها خطوط بيضاء يعلوه سترة سوداء تصل حوافها لخصرها النحيل ويربط بين طرفيها دبوس من المعدن ..اظهر جسدها المتناسق ملامحه بشكل يجذب اعين الناظرين بقوة وسيقانها البيضاء التي يظهر جزء لا بأس منها ..ثم رفع عينيه لينظر لوجهها الذي ظهر بكامله نظرا لشعرها المرفوع اعلى رأسها على هيئة كعكة صغيرة وعلى جانبي وجهها تنزل خصلات ناعمة تهتز بالقرب من اذنيها الصغيرتين ..

..تنحنح ثم التفت لمراد بوجه غاضب وقال ..

.."..ماتحترم نفسك ..بتصفر على ايه .."..

..ضحك مراد وهو ينظر لتلك الجميلة التي اتجهت لجدها تقبل رأسه وقال..

.."..في ايه ياابراهيم ..بنت عمي وبشجعها .."..

..وقبل ان يرمي ابراهيم بالشوكة بوجه مراد ..قالت ايمان بصوت هادئ..

.."..صباح الخير عليكو.."..

..وكان اول من نطق هو مراد بقوله..

.."..صباح الجمال .."..

..زمجر ابراهيم وقال بصوت غاضب عال من بين اسنانه ..

.."..مرااااد .."..

..رفع مراد يديه عاليا وردد بصوت ضاحك ..

.."..اوكى اوكى .. man ..يا..peace.."

..ابتسم الجد لايمان وقال ..

.."..صباح الخير يا بنتي ..يالا اقعدي جمب جوزك وافطري عشان تروحوا الشركة سوا ..وهناك ابراهيم هيفهك على كل حاجة.."..

..جلست ايمان بجانب ابراهيم وهي تردد بمضض..

.."..حاضر ياجدي اللي تؤمر بيه.."..

..نظر ابراهيم لتلك التي جلست بجانبه فأراد ان يشاكسها قليلا ..مال ناحيتها وهمس لها بقوله ..

.."..ايه رأيك في البرفان .."..

..مالت ايمان بعيدا عنه وضاق مابين حاجبيها وهي تقول ..

.."..براڤان ايه دا ان شاء الله .."..

..ضحك ابراهيم ضحكة خافتة ثم قال بتهكم ..

.."..انتي امبارح طلبتي مني طلب ..وانا ناوي انفذهولك .."..

..رددت بنزق ..

.."..طلب ايه وبرافان ايه ..ايه الكلام اللي مش راكب على بعضه دا.."..

..غمز لها وهو يهمس ..

.."..هبقى اقولك في العربية.."..

..قطبت ايمان جبينها بقوة وهي تهمس لنفسها ..

.."..دا عبيط دا ولا ايه.."..

..قال الجد بصوت جاد ..

.."..كلم كمال المحامي ياابراهيم ..بكرة بعد الضهر في اجتماع مجلس ادارة ..والبيه ابني المبجل هيحضر ..وعايز نكون مستعدين لأني هحضر الاجتماع .."..

..ظهرت الجدية بملامح ابراهيم وقال..

.."..ما بلاش ياجدي حضرتك تحضر ..وانا ومراد وعمي كمال هنحضر الاجتماع وهنبلغ حضرتك بالنتيجة .."..

..ردد الجد بصوت صارم ..

.."..انا قلت هحضر الاجتماع ياابراهيم ..ويالا اتفضلوا .."..

..انصاع الاحفاد لأمر الجد واتجهوا جميعا ناحية الباب ليصدح صوت الجد مرة اخرى قائلا..

.."..ابراهيم..مراد ..خلوا بالكوا من بنت عمكو.."..

..التفتا لجدهما وهزا رأسيهما بنعم ..امسك ابراهيم بكف ايمان وسار بها ..فحاولت ان تنزع يدها من راحة يده دون فائدة فقالت بتأفف..

.."..ماتسيب ايدي اللي كل ماتشوفها تلزقها في ايدك ..هو  انت واخد بنتك وساحبها وراك ع المدرسة ياجدع انت.."..

..لم يعرها أي انتباه ولم يجبها الا بجملة واحدة ..

.."..هوشششش....امشي وانتي ساكتة.."..

..زفرت وهي تستغفر ربها ..ومشت بجانبه للجراج لتجد السائق إمام واقفا مطأطأ راسه بجانب السيارة ..صاحت به بوجه باسم ..

.."..صباح الخير ياسطى اؤمؤم.."..

....رفع إمام رأسه واسرع بفتح باب السيارة لإيمان وردد بصوت هادئ

.."..صباح النور ياايمان هانم..صباح الخير ياابراهيم بيه .."..

..التوت شفتي ايمان جانبا وهي تقول بنزق ..

.."..يادي النيلة على الهانم واللي مش هانم والبيه معاهم .."..

..شد ابراهيم بقبضته على كفها فتأوهت بصوت مكتوم وهي تنظر لجانب وجه ابراهيم المتجهم والذي قال بصوت حاد..

.."..انا اللي هسوق العربية ..وانت خليك هنا لو عمتي او جدي احتاجوا حاجة.."..

..وقف إمام جانبا وقال بصوت يشوبه بعض الحزن..

.."..أمرك ياابراهيم بيه.."..

..تجلى الحزن والغضب معا بوجه ايمان ولكنها لم تستطع ان تفعل شيئا غير ركوب السيارة ..وعند بدء تشغيل السيارة فتحت ايمان نافذتها وهتفت للسائق إمام قائلة..

.."..سلام ياسطى اؤمؤم..ومتقلقش موضوعك منسيتهوش ..وقريب اوي هتسمع اخبار حلوة..امين.."..

..لم تحن له الفرصة لإجابتها نظرا لمرور السيارة امامه بسرعة ..

..ضرب ابراهيم المقود بيده ..لتلتفت له ايمان قائلة بعصبية..

.."..اسطى إمام معملش حاجة عشان تعامله كدة ..مهما كان دا راجل وعنده عزة نفس.."..

..ارتسمت ملامح الغضب فوق صفحة وجه ابراهيم وقال..

.."..انا حذرته لو لقيته واقف معاكي تاني هيكون دا اخر يوم له بالفيلا .."..

..رددت بصوت غاضب..

.."..انا اللي بقعد معاه وانا اللي بتكلم معاه...هو مالوش ذنب..اسطى إمام زميلي وانا بعتبره زي اخويا..ولو زعلته ياباشا انا اللي هقفلك ..امين.."..

..قطب ابراهيم جبينه وقال غاضبا..

.."..ايمان ..متعصبنيش ..الموضوع دا منتهي.."..

..تأففت ونظرت للطريق وبعد برهة من الوقت والصمت ..وضعت يدها فوق معدتها وأخذت تلتفت برأسها يمينا وشمالا وكأنها تبحث عن شيء ما على جانبي الطريق ..نظر لها ابراهيم لها بتعجب وسألها..

.."..في ايه تاني بتدوري على ايه في الشارع.."..

..ظلت تبحث بعينيها عن غايتها دون فائدة.. فزفرت بيأس قائلة..

.."..ايه النحس دا ...الشوارع دي مافيهاش عربية فول واحدة .."..

..قطب ابراهيم جبينه وقال ..

.."..عربية فول ..ليه .."..

..التوت شفتي ايمان وهي تقول ..

.."..لا ابدا ..عايزة اتصور جمبها تصويرة..هيكون ليه يعني ..عايزة افطر ..جعانة .."..

..تعجب ابراهيم واجابها..

.."..ممكن تبطلي لماضة وانتي بتتكلمي معايا ..وكمان ماحنا لسة مخلصين فطار من شوية .."..

..شبكت ايمان ذراعيها امام صدرها وهي تقول بغضب..

.."..وهو دا كان اسمه فطار ..بتاكلوا الجبنة بالشوكة والسكينة..وتقولي بتفطروا ..انا عارفة بتشبعوا ازاي من الفتافيت اللي بتاكلوها دي .."..

..ابتسم ابراهيم وقال وهو ينظر للطريق أمامه..

.."..لما نوصل الشركة هبعتلك العامل بالكافتيريا .."..

..استطرد قوله بتهكم واضح وهو يميل بجذعه ناحيتها..

.."..هو انتي دايما بتتكلمي وانتي نايمة .."..

..اتسعت عينيها والتفتت برأسها ناحيته وهتفت به..

.."..هو في ايه بالظبط ..انت وعمتي لوكلوك لوكلوك كتير في الموضوع دا ...عادي على فكرة ..ناس كتير بتتكلم وهي نايمة ..وكمان امبارح كان يوم صعب ..سفر وخروج ولف في الحسين ومشوار الحارة ...فطبيعي يعني انام زي الفسيخة واقول أي كلام فاضي .."..

..استطردت قولها وهي تشير له بأصبعها ..

.."..ااه صحيح افتكرت...اخر مرة تشيلني ..ابقى إنغوزني بأي حاجة وصحيني ..أو سيبني مكاني لغاية الصبح ..".. 

..حك ابراهيم ذقنه بأصبعيه وقال بصوت هادئ..

.."..مقدرش اوعدك ..خصوصا بعد اللي قولتيه وانتي متعلقة في رقبتي .."..

..لوحت بكلتا يديها وهي تصيح به..

.."..استغفر الله العظيم يارب...متقولي يابن الحلال انا قلت ايه .."..

..هز رأسه بالنفي وقال وهو يتأتأ بلسانه ..

.."..لازم تفتكري لوحدك ...وساعتها وعد مني انفذ اللي طلبتيه بالحرف الواحد .."..

..ضاقت كلتا عينيها وهي تنظر له شزرا وتأففت بكلمات غير مفهومة ثم اشاحت برأسها عنه لتنظر للطريق عبر زجاج نافذتها..

..بعد ان وصل أمام الشركة نزل من السيارة هو وايمان ..تسمرت ايمان أمام مكتب الأمن الصغير ..تحرك انفها بطريقة غريبة ..توقف ابراهيم ونظر وراءه ليجد تلك التي تبحث بعينيها عن شيء ما ..نظر حوله ثم تقدم ناحيتها وهو يقول ..

.."..انتي وقفتي ليه .."..

..وجدت غايتها بعينيها والذي كان عبارة عن كيس بلاستيكي مملوء بشطائر الفول والفلافل ..قابع فوق مكتب صغير بحجرة الامن ..تلعثمت بقولها ..

.."..لا ..لا مافيش حاجة ..يالا بينا.."..

..مشت بجانبه وعينيها تتسع باتساع ما حولها حتى كادت ان تتعثر ..اسرع ابراهيم بمحاوطة خصرها وهو يقول متلهفا ..

.."..حاسبي .."..

..اعتدلت بوقفتها وهي تهندم سترتها قائلة بإرتباك  ..

.."..توشكر ..خلاص..خلاص انا تمام ..بس خليك جمبي لنتوه في المعمعة دي ..يالهوتي كل دي شركة ..شركة ايه دي .."..

..امسك بكفها الصغير وهو يقول ..

.."..هتعرفي كل حاجة بعدين .."..

..كانت انظار جميع من حولهم لا تحيد عنهم وازدادت الهمسات دون التفوه بكلمة واحدة ..دلفا الاثنان للمصعد لتصيح بصوت عال ...

.."..ياختااااي انا مبحبش اركب البتاع دا ..بحس براسي بتنزل وبتطلع لوحدها .."..

..هز ابراهيم رأسه بتعجب وقال وهو يمط شفتيه..

.."..بتطلع وبتنزل لوحدها ..دا ازاي دا..معلش ياستي استحملي ..ماهو مش معقول هتطلعي تسع ادوار .."..

..امسكت بذراعه وهي مغمضة العينين وقالت..

.."..كويس اني مفطرتش كان زماني رجعت في وشك.."..

..ظهر الاشمئزاز بوجه ابراهيم وهو يقول ..

.."..الله يخربيت قرفك ..خلاص وصلنا اهو .."..

..تنفست الصعداء فور خروجها من المصعد وهي تتمتم بالشهادة..سارا الاثنان بالممر الطويل والذي يتخلله عدة غرف لمكاتب الموظفين ذات الدرجة العالية ..عاودت ايمان النظر حولها بعيون متسعة يملؤها الانبهار ..وكانها خرجت من عالم لعالم اخر مغاير تماما لكل ما راته او سمعت به ..نسمة باردة جعلت جسدها يقشعر ورائحة عطرة تتنفسها لأول مرة..وبالنهاية وجدت نفسها داخل مكتب صغير تجلس بداخله شابة صغيرة ترتدي بنطال ضيق من القماش وبلوزة تحدد معالم جسدها بكل دقة تكاد حوافها ان تلامس خصرها ..ارتسمت الابتسامة فوق ملامح تلك الشابة وتقدمت مسرعة ناحية ابراهيم حاملة بيدها دفتر صغير تحتضنه وكأنه صغيرها ..وقالت بصوت قوي ..

.."..حمدالله ع السلامة ياابراهيم بيه.. المكتب وكل شيء جاهز زي ماامرت حضرتك بالظبط .."..

..تقدم ابراهيم وبيده كف ايمان وهو يقول بصوت جاد..

.."..الله يسلمك يا ليلى .."..

..كانت ايمان تسير بجانبه دون اعتراض ..دلفا للمكتب الكبير ليقف ابراهيم أمام السكرتيرة ليلى وهو يشير لإيمان ويقول..

.."..ايمان هانم مراتي وعضوة مجلس ادارة ...ومن اول انهاردة هتكوني انتي السكرتيرة الخاصة لمدام ايمان .."..

..زاغت عيني ليلى بينهما وقالت بتلكؤ..

..".. تحت امرك ياافندم ...مبروك ياافندم ..الف مبروك ياايمان هانم..أي...أي أوامر تانية حضرتك .."..

..اجابها ..

.."..لا اتفضلي انتي دلوقتي .."..

..وقبل ان تخرج أشارت لها ايمان قائلة بنبرة صوت ممتنة..

.."..متشكرين ياابلة.."..

..انتقلت ليلى بعينيها بينهما وهي تحاول ان ترسم فوق وجهها ابتسامة شاحبة فهزت رأسها بالايجاب وقالت ..

.."..بعد اذنكو.."..

..لوحت ايمان لها بيدها وكأنها تودعها وهي تقول ..

.."..اذنك معاكي ياقطة .."..

..نظرت ايمان لابراهيم لتجده متخصرا وينظر لها شزرا ..فقالت بقلق..

.."..ايه ..انت بتبصلي كدة ليه..غلط اني شكرت العروسة على تعبها معانا .."..

..تنهد بإستسلام وامسك بيدها برفق وتقدم بها ناحية الاريكة...جلسا الاثنان فوق الاريكة القابعة بجانب جدار المكتب الزجاجي ..

..بدأ ابراهيم حديثه بقوله..

.."..ايمان انا وعدتك اني مش هستقوى عليكي تاني ومش هقولك أي كلمة تجرحك ..بس لو سمحتى انا عايز منك في المقابل انك تسمعي كلامي ...لأن دا في مصلحة القضية ومصلحتنا كلنا ..اتفقنا .."..

..هزت ايمان رأسها بالايجاب وقالت بصوت هادئ..

.."..حاضر..اتفقنا.."..

..قال ابراهيم ..

.."..جميل ...بعد حوالي نص ساعة في مدرسين هييجوا يقعدوا معاكي ..فعايزك تكوني متعاونة معاهم ..اتفقنا ياايمان. "..

..هبت لتقف وتقول بعصبية..

.."..مدرسين ..مدرسين ليه ان شاء الله ..شايفني جاهلة ..انا معايا دبلوم ياباشا ..ولا نسيت.."..

..امسك ابراهيم بذراعها لتجلس بجانبه عنوة وقال بصوت يشوبه الغيظ..

.."..انا عارف انك متعلمة ومعاكي دبلوم ..بس المدرسين اللي هيقعدوا معاكي دول عشان حاجة تانية ..هيقعدوا معاكي لمدة شهر عشان في النهاية لما تقفي قدام القاضي وتتكلمي ..يلاقي قدامه واحدة متحضرة ومثقفة.."..

..ضربت ايمان ظهر يدها براحة يدها الثانية فوق خصرها وهي تقول ...

.."..ميتحضرة وموثقفة ...متقلقش من الناحية دي حضرتك ..

لو على ميتحضرة فأنا هحضر الجلسة في معادها بالمظبوط ومش هتأخر ثانية واحدة ..ولو ع الثئافة ...فااحنا متثئفين اوي لموأخذة ..حتى إمتحني كدة.."..

..تنهد ابراهيم وقال بصوت صارم..

.."..من غير ماامتحنك ..انتي وعدتينا انك هتنفذي اللي هنقولك عليه .."..

..زفرت بضيق وهي تقول بصوت غاضب..

.."..الأمر لله..صبرنا يارب.."..

وقف ابراهيم وقال ..

.."..اوكي ..هسيبك دلوقتي وهمر عليكي بعد نص ساعة ..لو احتاجتي حاجة ..السكرتيرة برة قوليلها على اللي انتي عايزاه وهي هتجبهولك لحد عندك.."..

..ظلت جالسة فوق الاريكة تنظر لذاك الذي خرج لتوه من مكتبها ..فهرولت ناحية الباب وفتحته ببطئ ثم أخرجت رأسها فقط لتنظر لتلك الشابة التي تنظر بتمعن لشاشة الحاسب ..

..وبصوت خافت قالت ايمان..

.."..بسبس بسبس...انتي ياحلوة.."..

..اخذت السكرتيرة تلتفت براسها وتبحث بعينيها عن مصدر هذا الصوت ..لتجد تلك التي تنظر اليها وتشير لها بيدها ..

..اسرعت ليلى ناحيتها وهي تتسائل بتعجب ..

.."..في حاجة ياايمان هانم ..اؤمري .."..

..اعتدلت ايمان بوقفتها وهي تقول بوجه باسم..

.."..الامر لله ياعسل ..بقولك ..عارفة الشباب اللي واقفين حراسة تحت عند كشك الامن اللي قدام الشركة.."..

..رمشت ليلى بعينيها عدة مرات وهي تستعب سؤالها فقالت ..

.."..السيكيورتي ..ايوة ياافندم ..مالهم.."..

..ضربتها ايمان بكتفها وهي تقول بصوت قوي ..

.."..الله ينور عليكي هما الكومسرية دول ..اندهيلي بقى واحد منهم دلوقتي ..عايزاه في حاجة كدة..بس بسرعة اللهي يسترك.."..

#افكار_مطرقعة

#عروستي_ميكانيكي

بقلم سما نورالدين


المشهد 19


..ظلت ليلى تحدق بإيمان تحاول ان تستعب طريقتها في الحديث وكذلك طلبها الغريب في استدعاء رجل الامن..

..لوحت ايمان بيدها امام وجه ليلى وهي تهتف بها..

.."..إيييه ياابلة ..مالك مابتتحركيش ليه..بقولك بسرعة.."..

..رمشت ليلى عدة مرات وهزت رأسها وهي تتلفت حول نفسها وقالت ..

.."..امرك ياافندم ..بعد اذنك.."..

..اغلقت ايمان باب مكتبها وهي تردد بأريحية ..

.."..اذنك معاكي .."..

..اتجهت ايمان لتجلس امام مكتبها ثم مدت يدها داخل حقيبتها الصغيرة لتمسك بهاتفها ..ضغطت فوق شاشته عدة مرات ثم وضعته على اذنها لتقول بعد مرور عدة ثواني..

.."..الوو..ايوة يابت يالوزة..بقولك.. البسي انتي والواد بلاطة...هبعتلك السواق عند اول الشارع تركبوا معاه وهو هايجبكوا لغاية عندي هنا في الشركة..سلمي على خالتي تهاني وقوليلها...يالا سلام مستنياكوا..."..

..عاودت الضغط على شاشة الهاتف لترفعه على اذنها مرة اخرى وتقول ..

.."..ايوة يااسطى اؤمؤم ..ركز معايا ..هقولك على عنوان تروحه ..هتلاقي هناك  انسة ومعاها اخوها الصغير حلو كدة ..مستنينك عند اول الشارع...تركبهم معاك وتجيبهم على هنا..خد رقم تليفونها اهو عشان اول ما توصل المكان .........واكتب عندك العنوان ..........."..

..اغلقت ايمان هاتفها ووضعته على سطح مكتبها ..ثم مسدت فوق بطنها وهي تقول لنفسها..

.."..ياريتني كنت قلت للبت لوزة تجيب معاها علبتين كشري ..بس يالا مش مشكلة ..دلوقتي نضرب الشندويتشات التمام ..والكشري نجيبه على الغدا ان شاء الله.."..

..واثناء ذلك اسرعت ليلى السكرتيرة بخطواتها نحو مكتبها وامسكت بالهاتف الارضي وبدلا من ان تهاتف حجرة الامن ..هاتفت مكتب ابراهيم بيه عبر الهاتف الارضي للشركة...وقالت ما ان أجابها..

.."..ايمان هانم طلبت مني استدعي واحد من السيكيورتي من اللي واقفين قدام الشركة.."..

..وقف ابراهيم وتعجب فور سماعه لذلك وقال ..

.."..طلبت الامن.. ليه ..حصل حاجة.."..

..اسرعت ليلى بجوابها ..

.."..لا ياافندم محصلش حاجة ..هي طلبته بعد ما حضرتك خرجت من عندها.."..

..اغلق ابراهيم الهاتف وقال لنفسه وهو يتجه ناحية باب مكتبه..

.."..انا عارف ان الايام الجاية دي مش هتعدي على خير .."..

..انفرجت اسارير ايمان وهي ترى الباب يفتح ظنا منها ان غايتها قاربت على التحقيق ..وبنفس اللحظة تجهمت ملامحها وهي ترى ابراهيم بوجهه الجامد يتقدم ناحيتها ويشير بيده ويقول متسائلا بصوت عال..

.."..طلبتي السيكيورتي ليه .."..

..ضاق مابين حاجبي ايمان وهمست لنفسها تسب السكرتيرة..

.."..اه يابنت اللذينا يافتانة.."..

..هبت واقفة وضربت سطح المكتب بقبضتها وهي تقول غاضبة ..

.."..هي الحلوة اللي برة دي.. انت مشغلها مخبر لحسابك ولا حاجة.."..

..استدار ابراهيم حول المكتب ووقف بقبالتها وهو يقول من بين اسنانه بغيظ ..

.."..طالبة السيكيورتي ليييه ياايمان .."..

وقبل ان تجب سمعا الاثنان طرقا خفيفا فوق سطح الباب ..فنظر الاثنان ناحية الباب ونطقا معا..

 .."..خش.."..    "..ادخل..".. 

..لينظر الاثنان لبعضهما ويتبادلا بينهما نظرات غضب قاتلة ..

..دلف للمكتب عامل الكافتيريا الخاصة بالشركة حاملا بين يديه صينية مملوءة ببعض الشطائر وكوب من الشاي..

..وقف العامل يتأملهما هما الاثنان فأشار له ابراهيم بأن يضع مايحمله فوق المنضدة الصغيرة التي تقع أمام الاريكة..انصاع العامل لإشارة صاحب العمل واسرع بخروجه ..ليلتفت ابراهيم برأسه نحو ايمان التي اسرعت بقولها وهي تنظر للشطائر ..

.."..ايه دا .."..

..اجابها ابراهيم ..

.."..مش قلتي جعانة وعايزة تفطري .."..

..حاولت ايمان ان تتخطاه وهي تقول..

.."..طب وسع كدة قبل الشاي مايبرد .."..

..امسك بمرفقها يمنعها من المرور وهو يردد بإصرار..

.."..طلبتي السيكيورتي ليه ياايمان.."..

..نفضت ذراعها عن يده وهي تنظر له بتحدي وتقول ..

.."..طلبته عشان يجيبلي سندويتشات فول وطعمية زي اللي شوفتها معاهم ..ارتحت حضرتك دلوقتي .."..

..رفع ابراهيم رأسه لأعلى ينظر للفراغ أمامه ليستعب ماقالته ..فأستغلت ايمان تلك الفرصة وتخطته مسرعة نحو الاريكة لتجلس فوقها وتمد يدها نحو الشطائر تتفحص عما بداخلها ..التوت جانبي شفتيها وقالت بنزق ..

.."..ماشي الحال ..كل نعمة ربنا حلوة .."..

..اعتدلت بجلستها فوق الاريكة وقالت بحسرة وهي تصدر صوتا بشفتيها...

.."..كان زماني دلوقتي قاعدين انا والواد بلاطة قدام الورشة بنضرب اجدعها سندويتشات فول وطعمية وكوبيتين شاي سخنين..يااااه كانت ايام .."..

..التفت ابراهيم ناحيتها ممتعض الوجه وأخذ يلوح بيده ويقول بصوت حاد ..

.."..انتي مش عاجبك هنا ..ووحشتك القعدة هناك في الحارة.."..

..كانت تأكل غير ابهة بحديثه ثم ترتشف الشاي بأريحية وتقول ..

.."..والله كل واحد وكيفه..انا القعدة وسط ورشتي في الحارة بالدنيا كلها.."..

..تنهد بإستسلام وهز رأسه يمينا وشمالا ثم اتجه اليها ليجلس بجانبها وهو يقول ..

.."..ما علينا ..المهم دلوقتي إن مستر نبيل استاذ اللغة العربية هيوصل بعد شوية ...واتمنى تكوني أد المسئولية ياأيمان هانم.."..

..التهمت الشطيرة الاخيرة بكاملها ثم قالت بنزق وبملامح وجه متجهم..

.."..والله انا ما عارفة ايه لازمة عم المستر اللي جاي دا ..مانا بتكلم عربي زي الفل اهو ..ولا اكونش بتكلم هندي وأنا مش واخدة بالي.."..

..منع ابراهيم نفسه بشق الانفس من أن يخنقها فضرب فخذيه بكلتا كفيه وهب واقفا يقول بصوت حاد وهو يلتفت اليها واضعا كفيه بجيبي بنطاله..

.."..أظن انك فعلا مش واخدة بالك ..بس من حجم المشكلة اللي بتواجهنا يا بنت عمي..لكن اللي متاكد منه انك عند كلمتك ..صح ولا انا غلطان.."..

..رفعت عينيها لأعلى كي تقابل عينيه وتقول ..

.."..ها....لا ..لا طبعا مش غلطان ..وان شاء الله نخلص من المشكلة دي على خير..."..

..سمعا الاثنان طرقا على الباب لتدخل السكرتيرة بعدها موجهة حديثها لابراهيم قائلة..

.."..مستر نبيل برة وطالب مقابلة حضرتك حسب المعاد ياابراهيم بيه.."..

..وقبل ان يجيبها ابراهيم ..صاحت ايمان بصوت قوي وهي تنظر شزرا للسكرتيرة ..

.."..إلا قوليلي ياابلة ..وانتي في المدرسة مخدتيش في حصة الدين ..إن الفتان بيروح النار..."..

..هزت السكرتيرة رأسها بعدم فهم وهي تنتقل بعينيها بين ايمان وابراهيم الذي أسرع بقوله ..

.."..اتفضلي انتي يا ليلى وخلي مستر نبيل يتفضل.."..

..خرجت ليلى مسرعة ..فأمسك ابراهيم بمرفق ايمان لتقف بقبالته وهو يقول بحزم..

.."..ليلى بتكون سكرتيرتك ..يعني هي هنا لمساعدتك وتنفيذ طلباتك وفي نفس الوقت لو شافت ان الامر يحتاج اني اتدخل بتتصل بيا..فهمتي.."..

..اجابته وهي تنفض مرفقها ...

.."..فهمت .."..

..دلف رجل يبلغ من العمر حوالي خمسون عاما داخل المكتب ..ليتجه ابراهيم اليه ماددا له يده لمصافحته وهو يقول..

.."..اهلا مستر نبيل .."..

..ليجيبه الرجل بحماس ..

.."..اهلا بحضرتك ابراهيم بيه..انا جيت حسب الموعد .."..

..اشار ابراهيم لايمان لتتقدم ناحيتهما وقال..

.."..اعرفك بتلميذتك النجيبة ..ايمان ..مراتي .."..

..استطرد ابراهيم قوله وهو ينظر لايمان..

.."..اعرفك..مستر نبيل ياايمان ..استاذ اللغة العربية.."..

..انتقل نبيل بعينيه لإيمان ومد يده بالمصافحة وهو يقول ..

.."..اهلا ايمان هانم..اتشرفت بحضرتك.."..

..صافحته ايمان بقوة وقالت وهي تهز يده بحماس..

.."..يا الف اهلا وسهلا بأستاذ الأساتيذ كلهم..نورتنا ياحج والله.."..

..اختفت الابتسامة من وجه نبيل وتم استبدالها بعلامات  التعجب الشديد..ولم يجبها الا بهز رأسه ببلاهة كبيرة..

..تنحنح ابراهيم بصوت عال بعد أن شعر ببعض الحرج وقال وهو يتجه للمنضدة دعوة منه للجلوس حولها..

.."..اتفضلوا هنا .."..

..جلس كل منهما بقبالة بعضهما ..واستأذنهما ابراهيم وخرج من الغرفة داعيا الله في سره ان يتم الامر على خير دون مصائب ..

..رسم الرجل ابتسامة باهتة فوق شفتيه ثم قال ..

.."..قوليلي يابنتي..انتي معاك شهادة ايه.."..

..ابتسمت ايمان وهزت راسها ورفعت يدها لأعلى لتفتخر بما ستقوله ..

.."..دبلوم صنايع قسم كهربا أد الدنيا .."..

..اقتربت منه بعد التفتت براسها يمينا وشمالا بترقب وتوجس..وهمست قائلة بصوت خافت..

.."..الا قولي ياأستاذ مستر نبيل ..هو الواحد امتى يعرف انه بقى بريمو في العربي وعشرة على عشرة ومحدش أده .."..

..امسك بنظارته لتعتدل فوق عينيه وقال بصوت هادئ قوي وبنبرة صوت يملؤها الثقة..

.."..شوفي يابنتي هتعرفي انك كويسة في اللغة العربية اول ما تلاقي نفسك بتعرفي تقري وتفهمي كلمات القصيدة الجاهلية للشاعر ..الليث بن فاز الغضنفري.."..

..كانت تنظر له بأعين متسعة وفاه مفتوح ..تهز رأسها من اعلى الى اسفل ببلاهة وهي تقول..

.."..يا صلاة النبي ..والحج ابن فايزة الغفير.. كان بيقول ايه لموأخذة.."..

..ابتسم وقال وهو يمط شفتيه..

.."..يالسخرية القدر ..بقى الليث بن فاز الغضنفري ..في الزمن دا بقى اسمه الحج ابن فايزة الغفير ....ما علينا يابنتي .. اسمعي وركزي معايا اول بيت بالقصيدة بيقول ايه ..

.."..-- ومدركل بالشنصلين تجوقلت --

..-- عفص له بالفيلطوز العقصل --.."..

..رمشت بعينيها عدة مرات وقالت..

.."..يادين النبي ..تصدق بالله يا استاذ مستر نبيل انا اول مرة اعرف ان الشعرا ايام الفراعنة كانوا بيقولوا كلام كبير كدة عن البرباطوز ..."..

..اقترب منها هو هذه المرة وهو يقول بصوت جاد ..

.."..تصدقي انتي بالله اني ماشوفتش ولا هشوف واحدة عبقرية في اللغة زيك يابنتي .."..

..رجعت بظهرها للوراء وهي تربت فوق صدرها والابتسامة تفترش وجهها ..فقالت بإمتنان..

.."..توشكر يا ذوق  ياستاذ الاساتيذ ..والنبي إبقى بلغ الباشا لحسن دا فاقد الامل فيا خالص.."..

..اجابها المدرس وهو يقول بجدية..

.."..لا  ازاي ..مالوش حق.."..

..استندت بذراعيها فوق سطح المنضدة الكبيرة ومالت برأسها للأمام وهي تقول متسائلة..

.."..الا قولي يا عم الحج..قصدي يااستاذ مستر نبيل ..هي عربية حضرتك ماركتها ايه.."..

..رمش الرجل بعينيه عدة مرات وقال مستغربا ..

.."..عربيتي انا .."..

..ضحكت ايمان ضحكة خافتة وقالت وهي تلتفت برايها يمينا وشمالا وقالت..

.."..هو في حد تاني هنا غيرك لموأخذة..ايوة ياحج عربيتك انت.."..

..مط الرجل شفتيه للامام وقال وهو يهرب بعينيه بعيدا عن نظراتها اليه..

.."..عربية صغيرة كدة على اد الحال ..128.."..

..رفعت ايمان حاجبها وقالت ..

.."..هي صغيرة اه ..بس جامدة وبتستحمل ..انت بس تغيرلها كل فترة زيت ..بس يكون زيت من النوع النضيف وهي هتعيش معاك من غير ما تشتكي كتير ...وع العموم لو اشتكت .."..

..اشارت لنفسها بيدها وقالت بصوت قوي..

.."..محسوبتك موجودة في اي وقت ترجعهالك وأكنك مستلمها جديدة نوڤي.."..

..ازدادت علامات التعجب بملامح الرجل وقال ..

.."..أفندم.."..

..قطع الحديث بينهما هاتف الرجل  الذي صدح رنينه عاليا ..لتقف ايمان وتقول ..

.."..على ما ترد حضرتك اكون وصيتلك على كوباية شاي .."..

..فغر الرجل فاهه وهو يتبعها بنظراته وهي تتجه ناحية الباب..ليعود لوعيه بمعاودة صياح رنين الهاتف..

..فتحت ايمان الباب وقالت وهي تشير للسكرتيرة بيدها ..

.."..ليلى.."..

..هبت ليلى لتقف ثم اسرعت بخطواتها نحو ايمان التي قالت..

.."..مش اسمك ليلى بردو .."..

..هزت ليلى رأسها وقالت ..

.."..ايوة ياايمان هانم ..اؤمري حضرتك..". 

..ردت ايمان ..

.."..ياختي الامر لله..هو انا كنت زعلانة منك عشان فتنتي عليا ..بس خلاص المسامح كريم ..اوعي تعمليها مرة تانية ..المهم..ابعتي هاتيلنا كوبايتين شاي .."..

..كادت ايمان ان تلتفت ولكنها اسرعت لتنظر لليلى التي تحدق بها ..وقالت..

.."..بعد شوية في انسة هتيجي ومعاها ولد صغير..هي اسمها عزة ..اول ماتيجي تدخليها على طول ..بلغيهم تحت عشان يدخلوهم..اوعي تنسي ..واوعي تفتني تاني ..انا بقولك اهو.."..

..استدارت ايمان واغلقت الباب بوجه تلك التي تقف واجمة..رفعت ليلى رأسها لأعلى وكانها تستنجد قائلة..

.."..أعمل ايه بس يا ربي.."..

..جلست بمكتبها وعملت بما يلزم ولكن هذه المرة دون ابلاغ ابراهيم بشيء ..

..اتجهت ايمان ناحية المنضدة فسمعت الرجل يقول عبر هاتفه...

.."..معلش ياحبيبتي استحملي شوية..اهم حاجة أخدتي العلاج في معاده.....هانت اهو..انا غصبن عني اني مش معاكي ..بس اهو بحاول اجمع الفلوس اللازمة ..ادعيلي ياأم العيال ..ادعيلي.."..

..نظر أمامه ليجد ايمان تجلس بقبالته بتوجس..فأستطرد قوله بصوت خافت..

.."..طب سلام دلوقتي .....لا ..لا..مش هتاخر عليكي ..في رعاية الله.."..

..ابتسمت ايمان وهي تقول ..

.."..الف سلامة على المدام ..معلش انا سمعت حضرتك بتقول انها اخدت العلاج..مالها الف سلامة عليها.."..

..وضع الرجل الهاتف بجيب سترته وقال بنبرة صوت حزينة..

.."..اصلها حامل...وحملها المرادي صعب اوي..مكانش في الحسبان خالص موضوع الحمل دا..احنا عندنا تلات اولاد في مدارس وجامعات..بس أمر الله نفذ ..هي المفروض تكون بالمستشفى اللي بتاابع فيها دلوقتي مع الدكتورة بتاعتها ..لكن الظروف يعني صعبة شوية ..الاولاد ودروسهم ..والله المستعان.."..

..توقف الرجل عن حديثه وحاول ان يكون ثابتا وهو يقول ..

.."..انا اسف يابنتي شيلتك همي ..يالا نبتدي الدرس.."..

..هبت واقفة واتجهت لمكتبها لتمسك بحقيبتها ..اخرجت منها مبلغا من المال ..واقتربت من الرجل الذي كان ينظر لها بتعجب ..

..امسكت ايمان بكف الرجل ووضعت به بضعة ورقات مطوية من المال وقالت بتصميم ونبرة صوت قوية..

.."..وعزة جلال الله..لتاخد الفلوس دي وتروح تاخد المدام على المستشفى على طول متستناش.."..

..نظر الرجل لكف يده التي اطبقت عليه يد ايمان ..ثم رفع نظره اليها ليجدها امسكت بالقلم واعطته اياه وهي تقول..

.."..اكتب هنا حضرتك ..اسم المستشفى ..واسم المدام ..وان شاء الله هتقوم بالسلامة هي واللي في بطنها....اكتب يااستاذ .."..

..ظل الرجل محدقا بها الى ان رفع يده اليها وقال..

.."..انا مستحيل يابنتي اقبل بحاجة زي دي ..اتفضلي فلوسك.."..

..اقتربت منه ايمان وقالت بعد أن انزلت بيد الرجل جانبه ..

.."..يااستاذ لو حضرتك معتبرتنيش زي بنتك ..فانا اعتبرتك زي ابويا ..الناس لبعضها يااستاذ ..واوعي تفتكر ان الفلوس دي صدقة ولا حاجة ..لا يا عم الحج ..دا عربون للدروس الجاية ان شاء الله..ومش دروس ليا بس ..لا ..دا حضرتك هتدرسلي انا والبت لوزة والواد بلاطة...وخصوصا الواد بلاطة دا ..عشان حمار في العربي ..يعني هتتعب معاه اوي ..وهتستحق اكتر من الفلوس دي عشر مرات .."..

..ابتسم الرجل بإمتنان لها وقال وهو يهز رأسه ..

.."..انا ...انا ..مش عارف......"..

..اسرعت ايمان بقولها ..

.."..يالا يااستاذ اكتب اسم المدام والمستشفى.."..

..اجابها الرجل بعد ان كتب بالورقة ماطلبته منه..

.."..ربنا يبارك فيكي يا بنتي.."..

#افكار_مطرقعة

#عروستي_ميكانيكي

بقلم سما نورالدين


المشهد 20


..كتب الرجل بالورقة اسم المستشفى واسم زوجته واعطاها لإيمان التي قالت وهي تطويها..

.."..ان شاء الله اول ما توصل للمستشفى بالمدام نكون عملنا اللازم وماتحملش هم حاجة ...أمين يااستاذ مستر نبيل .."..

..ارتسمت فوق شفتي الرجل ابتسامة امتنان وهو يقول..

.."..أنا لساني عاجز عن الشكر يابنتي.."..

..امسكت ايمان بمرفق الرجل ومشت بجانبه ناحية باب مكتبها وقالت مسرعة..

.."..بعد الشر عليك ياحج من العجز ..اتفضل معايا ..عشان تلحق تعمل اللازم .."..

..خرجا من المكتب ومشيا سويا بضعة خطوات وعند مكتب السكرتيرة التي هبت واقفة تناظرهم بتوجس..صافح الرجل ايمان بحرارة وغادر مودعا اياها بكل امتنان .. 

..مدت ايمان يدها بالورقة للسكرتيرة ليلى وهي تقول بصوت قوي ..

.."..بصي يالولة.."..

..رفعت السكرتيرة حاجبها وهي تردد بتعجب ..

.."..لولة.."..

..اجابتها ايمان بقولها..

.."..انتي مش اسمك ليلى.."..

..هزت السكرتيرة راسها بنعم ..

..فرددت ايمان وهي تدس الورقة بكفها ..

.."..يبقى دلعك لولة..المهم ..الورقة اللي في ايدك دي مكتوب فيها اسم واحدة ست هتنزل في المستشفى اللي اسمها مكتوب هنا بردو...فا انتي بقى هتعملي اييييه..هتبعتي واحد من هنا لهناك يدفع كل المصاريف اللي هتطلبها المستشفى ..وطبعا هتقوليلي ازاي ومنين.."..

..هزت السكرتيرة رأسها بالنفي وقالت ..

.."..لا ياافندم مكنتش هقول حاجة ..انا كالعادة هودي الورقة الحسابات وابعت حد من هناك زي ماقلتي وكله من تحت حساب حضرتك.."..

..رفعت ايمان حاجبيها عاليا وهي تهز رأسها بحماس وقالت..

.."..اللهم صلي على النبي ..شاطرة يالولة ..عفارم عليكي..انا كنت هقولك يحاسبوا الباشا الكبير ..بس طلع ليا حساب اهو وانا مش واخدة بالي ..تصدقي يالولة ..انا حبيتك خلاص ..يالا بقى اعملي زي ماقلتي كدة بالظبط ..ولما تخلص المهمة دي تبلغيني .."..

..استدارت ايمان متجهة الى مكتبها تاركة ورائها تلك التي تحدق بظهرها بوجه ترتسم عليه البلاهة بوضوح..

..وبعد مرور ربع ساعة سمعت ايمان طرقا على باب مكتبها جعلها تنتفض من نومتها فوق الاريكة ..فاستقامت بجلستها وقالت بصوت عال...

..". خش.."..

..فتحت السكرتيرة الباب ليتخطاها صبي صغير مسرعا ناحية ايمان التي فتحت ذراعيها تحتضنه قائلة بتهليل..

.."..بلاطة ..وحشتني ياض من امبارح..". 

..وقفت السكرتيرة متسمرة مكانها لتنتفض فور سماعها لصوت عزة بجانب اذنها قبل ان تتخطاها..

.."..مش قلتلك سيبينا ندخل على طول ومالوش لازمة الاستئذان ..اديكي وقفتي وتنحتي على الفاضي ..."..

..هرولت عزة باتجاه ايمان فاتحة ذراعيها وهي تقول ..

..وحشتيني ياااصاحبتي..". 

..وبعد التهليل والترحيب الحار ..نظرت ايمان للسكرتيرة التي ظلت بمكانها وقالت وهي تلوح لها بيدها..

.."..واجب الضيافة واللاذي منه يالولة..حاجة ساقعة وعصير وشوية حلويات ..حبشيهم على ذوقك انتي ..بس بسرعة .."..

..اغلقت ليلى الباب وهي تردد ببلاهة ..

.."..احبشهم.."..

..وبداخل المكتب كانت عزة تنظر حولها بانبهار شديد لتقول ..

.."..الله اكبر..ومن شر حاسد اذا حسد...ايه الابهة دي كلها ياايمو...ولا العربية اللي وصلتنا لغاية هنا...انا كان هيغمي عليا اول ما دخلنا الشركة بتاعتكو دي ..حاجة عظمة خالص ياسطي ايمان.."..

..وقبل ان ترد ايمان كان الولد بلاطة يلوح لايمان بهاتفها وهو يقول بلهفة..

.."..تليفونك دا ياسطى .."..

..فهزت ايمان رأسها بنعم ..ليسرع بلاطة بسؤاله..

.."..فيه نت .."..

..فهزت ايمان راسها للمرة الثانية وهي تمسك بمرفق عزة لتجلس بجانبها فوق الاريكة وهي تقول..

.."..ايوة يابلاطة فيه نت ..اتفرج على اللي انت عايزه .."..

..قالت عزة لايمان التي تجلس بجانبها ..

.."..حالك اتشقلب من تحت لفوق في يوم وليلة ياصاحبتي ..مين كان يصدق ان في مسافة اسبوعين ..تسافري لاهلك الاغنيا ..فترجعي زيهم وكمان متجوزة.."..

..استندت ايمان بوجنتها فوق كفها وهي تقول بنزق..

.."..اه ياختي حالي اتشقلب بجد..ولا كان ع البال ولا كان ع الخاطر.."..

..رفعت ايمان راسها وقالت لعزة..

.."..المهم قوليلي..الواد طيارة فتح الورشة وابتدا شغل ولا لا.."..

..اجابتها عزة بحماس..

.."..ايوة..ايوة ..من الساعة تسعة الصبح سمعنا طيارة بينده على اخويا وبيقوله يحصله على الورشة..وبعدين وانا خارجة لقيته بينضف الورشة ويروقها ..ومافيش ساعتين الا ولقينا واحد ومعاه عربيته وبيسال عليكي..بس الشهادة لله ..طيارة قام بالواجب والزيادة .. "..

..وضعت ايمان مرففيها على ركبتيها واستندت بوجنتيها على كفيها وقالت وهي تتنهد بحزن ..

.."..طب الحمد لله ..طمنتيني.."..

..اقتربت عزة منها وربتت فوق كتفها وهي تقول ..

.."..مالك ياايمو ..شكلك مش مبسوط .."..

..ظلت ايمان مائلة بجذعها للأمام .فردت ذراعيها امامها وقالت وهي تنظر للفراغ ..

.."..دخلت دنيا مش دنيتي يالوزة..وواقعين في مشكلة مع عمي وانا السبب ..وهنقف قصاد بعض في المحاكم..وعشان خاطر جدي مطلوب مني اكون ايمان هانم بدل من الاسطى ايمان ..والحكاية كلها مش قادرة ابلعها ومش عارفة اعمل ايه.."..

..اجابتها صديقتها بصوت هادئ..

.."..لو مكانش الموضوع فيه جدك كنت قلتلك خليكي زي مانتي ومتتغيريش عشان خاطر حد ..بس معلش استحملي شوية لغاية ما الريح تعدي بزعابيبها ..."..

..صدح صوت أغنية عال قام الصبي الصغير بتشغيلها عبر الهاتف المحمول فبدأ يهز كلتا يديه مثلما يفعل شباب المناطق الشعبية ..فأنتبها كل من ايمان وعزة ونظرا لبعضهما ليبتسمان ..فهزت عزة رأسها ناحية اخيها إشارة منها لصديقتها للقيام والرقص على انغام تلك الاغنية الصاخبة..استجابت ايمان على الفور وقاما الاثنتان ليرقصا سويا ...

..وبالخارج رفعت السكرتيرة ليلى رأسها فجاة تحدق بباب مكتب ايمان فور سماعها لتلك الاصوات العالية ..سمعت همهمات بجانبها فوجدت اثنان من الموظفين بالشركة يقفان عند باب مكتبها ينظران لها ثم لبعضهما وهما يكتمان الضحك بكفيهما ..

..واثناء ذلك كان يسير ابراهيم برواق الشركة هو ومراد يتناقشان حول الصفقة الجديدة التي تنتوي شركتهما الفوز بها ..ولكن مما اثار انتباهه نظرات موظفي الشركة وهما يمرون بجانبه والابتسامة التهكمية بملامح وجوههم ومنهم من كتم ضحكته بشق الانفس..وصل لأذنه صوت موسيقى عال ..وكلما يقترب تزداد قوة الصوت والتي كان مصدرها ..مكتب زوجته العزيزة ..دلف للداخل ليجد السكرتيرة تهب واقفة وتهز يديها بعصبية ..تحاول ان تنطق بأي كلمة ولكنها لم تستطع وهي تنتقل بناظريها بينه وبين باب مكتب ايمان..وما ان فتح باب المكتب ..وجد ثلاثة من المجانين يرقصون حول المكتب ..زوجته وصديقتها وصبي صغير يلوح بذراعيه لأعلى ولأسفل وكانه يمسك بسيف الابطال..وأغنية ..عايم ببحر الغدر ..شط الندالة مليان..تصدح بالارجاء..

..كاد ان يقع مراد ارضا من نوبة الضحك التي انتابته ....صرخ ابراهيم بصوت عال وهو يلوح بذراعه عاليا..

.."..اقفلي الزفت دااااا..."..

..انتفضا الفتاتان وتسمر الصبي بمكانه ..استدارت ايمان حول نفسها تبحث عن هاتفها لتغلقه ..هرعت لسطح مكتبها لتمسك بهاتفها وتغلقه.. اقترب ابراهيم منها بخطوات بطيئة وكانه اسد يستعد لالتهام فريسته..هربت عزة وهي تمسك بأخيها وجرت به ساحبة اياه ناحية باب المكتب لتقف به وراء مراد الذي وقف مكتفا ذراعيه امام صدره مستمتعا لما يشاهده..

..تلعثمت ايمان بقولها وهي تدور حول المكتب ..

.."..ايه ياباشا بس ..في ايه..هو حصل حاجة لموأخذة.."..

..قال ابراهيم بصوت عال حاد وهو يدور ورائها حول المكتب يتمنى لو امسك بها..

.."..انتي عايزاني اتجن عليكي ..انا سايبك مع مدرس اللغة العربية ..ارجع الاقيكي قالباها حفلة وعايمة في بحر الزفت.."..

..رفعت اصبعها وقالت لتنبهه..

.."..الغدر حضرتك.."..

..صاح بها بقوة..

.."..اسكتي خالص مسمعش صوتك.."..

 ثم وقف ليلتفت حوله يبحث بعينيه عن المدرس ..فاستطرد قوله..

.."..وديتي المدرس فين ..انطقي.."..

..صرخ بكلمته الاخيرة..لتنتفض ايمان وهي تقول..

.."..مشي..اديته اللي فيه القسمة ومشيته.."..

..ضاقت عيني ابراهيم ومال براسه للامام وهو يقول مغتاظا منها..

.."..اديتيه ايه.."..

..وقفت ايمان وهي تقول وتلوح بيديها ..

.."..الراجل مراته هتولد كمان يومين وتعبانة ..اديته حقه وزيادة وقلتله يروح ياخد مراته على المستشفى ويقعد جمبها اليومين دول ..غلطتش انا ولا كونش غلطت.."..

..وكالعادة مسح وجهه وهو يزفر بغضب مكتوم ..ثم اشار لعزة والصبي الصغير وقال ..

.."..ومين بقى اللي جاب دول هنا..و ايه اللي كان بيحصل من شوية وقلبهالي استعراضات.."..

..استقامت ايمان وقالت بعد مااستعادت بعضا من قوتها ..

.."..دي لوزة ..قصدي عزة صاحبتي و حبيبتي واخوها بلاطة ..مانت شوفتهم قبل كدة ياباشا..اه ويكون في علمك ..عزة هتبقى مديرة عملياتي.."..

..اغمض ابراهيم عينيه ..فاستغلت ايمان الفرصة ظنا منها ان الاوضاع ستهدأ بقولها..

.."..ياباشا انت زعلان ليه دلوقتي ..صدقني انت بس لو سمعت الاغنية هتلاقيني بذاكر بردو ..اسمعها كدة وركز في كلام الاغنية وهي بتقول..

..دنيا فيها الفاعل مبني على المفعول...الفرح فيها ماضي بابه صبح مقفول..شوفت ياباشا.."..

..وضع ابراهيم يده هذه المرة فوق صدره وشعر وكأن بوادر ذبحة صدرية ستصيبه لا محالة..فزفر بعصبية وهو يهتف بها ..

.."..هو مافيش فايدة فيكي ..مهما اتكلم واعيد وازيد .مافيش عندك ادنى شعور بالمسئولية.."..

..مالت عزة لمراد الواقف بجانبها وقالت بصوت خافت ..

.."..الا قولي ياكابتن...هو الشبح ماله زعلان ليه.."..

..التفت اليها مراد ينظر لها من اسفلها لأعلاها وهو يقول بصوت هادئ..

.."..شبح ...شبح مين.."..

..ضربت راحة كفها بظاهر كفها الثاني فوق خصرها وقالت بعد ان مصمصت شفتيها..

.."..الباشا الكبير اللي متظرظر على البنية قصادك دا ..روح اللهي يسترك هادييه..وخليه يخف ع البت شوية .."..

..نظر لها مراد بعدم مبالاة والتفت برأسه ليعاود مشاهدة مايحدث ..اغتاظت منه عزة فتمتمت ببعض كلمات سباب غير مسموعة.. ونظرت هي الاخرى لصديقتها التي تدور حول المكتب وزوجها يدور روائها..وفجاة اندفع الصبي ناحية ابراهيم ليقف امامه مهددا اياه برفعه لكلتا ذراعيه عاليا وهو يصيح ..

.."..مالكش دعوة بالاسطى وكلمني انا ..راجل لراجل.."..

..اقترب ابراهيم من الصبي امسك بياقة قميصه ليرفعه عاليا فوق الارض ومشى به ناحية الاريكة واجلسه فوقها عنوة وهو يقول بصوت قوي..

.."..انا هكسر دماغ الاسطى بتاعك ..اقعد هنا وماسمعش صوتك .."..

..اندفعت عزة ناحية اخيها لتجلس بجانبه وتضمه لحضنها وقالت وهي تنظر شزرا لابراهيم ..

.."..بس يامحمد مالكش دعوة بيه ..واحد ومراته مالناش فيه.."..

..ضربت ايمان الارض بقدميها وهتفت بابراهيم..

.."..مايصحش كدة ..دول ضيوف عندنا ..مش من التكاتيك خالص كدة ياباشا على راي عمتي.."..

..تخصر ابراهيم والتفت اليها وهو يقول بعد ماضاقت عينيه ..

.."..تكاتيك.. ايه التكاتيك دي اللي قالتها عمتي .."..

..اقتربت منه وهي تقول شامخة بأنفها لأعلى ..

.."..عمتي قالتلي انها هتعملني التكاتيك ..اللي هي ازاي نتصرف مع الناس ..ازاي نتعامل مع الضيوف ..واللي حضرتك بتعمله دا ياباشا مش من التكاتيك خالص حضرتك ..فا إهدى كدة وصلي على النبي .."..

..صدحت ضحكات مراد عاليا وهو يضرب كفيه ببعضهما وهو يقول .."..انتي مشكلة بجد يا بنت عمي.."..

..تنهد ابراهيم بيأس ..وفرك وجهه بيده بقوة وهو يتمتم بكلمات غير مفهومة محاولة منه لنفسه كي يهدأ قليلا..

..أشار لايمان بان تجلس بجانب عزة ..فاستجابت له بعد ان رأت وجهه يتلون بالاحمرار الشديد ..وما ان جلست ايمان.. اخذ ابراهيم يغدو الغرفة ذهابا وايابا يدعو الله بسره الصبر والتحمل..فقال بصوت حاول بشق الانفس ان يكون هادئا..

.."..ايمان والانسة وزة اسمعوني كويس......"..

..قاطعته عزة وهي تشير له بيدها قائلة..

.."..ياباشا محسوبتك عزة..ولو هنشيل التكليف يبقى تقولي لوزة .."..

..علا صدره وانخفض مع اصدار صوت تنهيدة قوية وقال من بين اسنانه..

.."..انسة عزة ..لو سمحتي متقاطعنيش خالص لغاية مااخلص كلامي ..لانه كلام مهم ليكو انتو الاتنين وبالاخص ليكي انتي يازوجتي العزيزة .."..

..ربتت ايمان فوق صدرها بيدها وابتسامة امتنان لما قاله تملا وجهها..

..هز رأسه يأسا واستطرد قوله ..

.."..المرحلة دي مهمة جدا ياايمان ..لاننا بحاول نبني شخصية جديدة تناسب الوضع الصعب الحالي..و عشان كدة لازم تساعديني ..الاساتذة اللي بيقعدوا معاكوا هما اللي هيكونوا حجر الاساس لبناء الشخصية الجديدة ..شخصية مثقفة متحضرة ..فهمتوا.."..

..كانت الاثنتان تنظران له وهو يتحدث والبلاهة تظهر بوضوح بملامح وجههما ..ظل فاههما مفتوح دون رد ..فصاح بهما ابراهيم ..

.."..ما تردوا فمهمتوا قصدي ايه.."..

..انتفضا الاثنتان ونظرا لبعضهما وهما يتلعثمان بقولهما ..

.."..اه ..اه ..طبعا فهمنا.."..

..ضاقت عيني ابراهيم وقال وهو يقترب منهما ..

.."..طب فهمتوا ايه ..فسروا الكلام اللي قولته.."..

..لكزت ايمان ذراع عزة وهي تقول وعينيها تنتقل بينهما ..

.."..قوليله يالوزة ان احنا فهمنا كل الكلام اللي رصه ولا رصة حجر الشيشة المظبوط دا .."..

..نظرت عزة لها شزرا وقالت بثقة ..

.."..عن نفسي فهمت طبعا ..المهم انتي ..قوليله بقى انتي فهمتي ايه.."..

..ردت ايمان وبنظرة قاتلة ..قالت من بين اسنانها..

.."..ماتتكلمي يابت وتقولي.."

..لكزتها عزة بقوة قائلة.."..وانا مالي هو الشبح جوزي انا ..دا جوزك انتي.."..

..صرخ بهما ابراهيم ..

.."..بس انتو الاتنين..بتتعازموا على ايه.."..

..مال بجذعه واشار بسبابته ناحية ايمان التي تراجعت برأسها للوراء قليلا تنظر لاصبعه فاصاب عينيها الحول..فقال ابراهيم بنبرة صوت قوية ..

.."..انتي هتتعلمي يعني هتتعلمي ..مافيش وقت ..المدة المحددة شهر واحد بس ..لازم تساعديني ..مفهوم.."..

..هزت ايمان رأسها وهي تقول ..

.."..مفهوم..بص ياباشا انا كل اللي لقطته من الكلام الجامد دا ..انك عايزني ابقى مثقفة..صح.."..

..اعتدل ابراهيم بوقفته وهو يقول بنزق..

.."..حاجة زي كدة.."..

..اعتدلت ايمان وقالت باسمة ..

.."..يبقى مافيش داعي لكل الاساتيذ اللي بتحدفهم عليا دول..مافيش غير زوعرب افندي المثقف..هو اللي هايدينا دروس في الثقافة.."..

..ضربت عزة ذراع ايمان وهي تصيح بحماس ..

.."..الله ينور عليكي يابت ياايمان ..مافيش غير زوعرب المثقف.."..

..تجهم وجه ابراهيم وهو يقول ..

.."..زو ..زوعرب ..ايه زوعرب دا ..استاذ في ايه بالظبط .."..

..وقفت عزة وهي تقول بفخر ..

.."..ياباشا ..دا استاذ في البوسطة ..شغال موظف هناك ..دا عليه ماسكة جورنان ..استااااذ..دا انا هخليه يحكيلك حكاية القنبلة اللي نزلت على دماغ نجيةوذكية ...حاجة اخر فخااامة ياباشا.."..

..نظرت ايمان لوجه زوجها الجامد الملامح وهي تقول ..

.."..ايه مالك ..شكلك مش عارفها ..اومال ثقافة ايه ومدرك ايه بس ..حد في الدنيا ميعرفش قصة قنبلة نجيةوذكية ..البلد اللي اهلها كلهم قصيرين وعينيهم ضيقة.."..

..ضرب ابراهيم جبهته وقال وهو يدور حول نفسه. 

.."..يارب... بدل المصيبة بقوا اتنين .....



الفصل الحادي والعشرين حتى الفصل الخامس والعشرين من هنا


بداية الروايه من هنا



اكتب في بحث جوحل( مدونة النجم المتوهج للروايات والمعلومات) تظهر القصص كامله


القراء والمتابعين الغاليييييييين عليا إللي يدخل عندنا ميخرجش كل إللي محتاجينه هتلاقوه من غير تعب ومن غير لف في الجروبات والصفحات موجود في اللينكات بالاسفل 👇👇👇



أروع الروايات الكامله من هنا



اللي يخلص قراءه ميسبناش ويمشي أنا بحبكم أدخلوا انضموا معايا علي تليجرام واستمتعوا بقراءه الروايات من اللينكات بالاسفل 👇💙👇❤️👇



انضموا معنا على تليجرام عشان كل متنزل روايه يصلكم اشعار فور نزولها من هناااااا




اعملوا متابعه لصفحتي عليها جميع الروايات إللي عوزينها من هناااااااا




الروايات الحديثه من هنا




جميع الروايات الكامله من هنا




وكمان روايات كامله من هنا




🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺




تعليقات



CLOSE ADS
CLOSE ADS
close