Main menu

Pages

روايه لا تترك يداي بقلم هند رفاعي حصريه علي مدونه النجم المتوهج للرويات والمعلومات الفصل الثاني

روايه لا تترك يداي بقلم هند رفاعي حصريه علي مدونه النجم المتوهج للرويات والمعلومات الفصل الثاني



شعرت مريم بيد تهزها وصوت يناديها. فتحت عينيها وجدت نفسها في قطار وشاب ينادي عليها.

"مريم قومي خلاص وصلنا. ايه كل ده نوم؟"

نظرت له مريم بعيون حائرة لا تدري أين هي.
+

"هه."
"ايه يا بنتي. ما تفوقي كدة. خلاص قربنا نوصل قومي بقى. نمت كتير قوي."

تداركت مريم محيطها وتذكرت ما حدث في الليلة السابقة فانتصبت في جلستها وقالت لخالد.

"اسفة اول مرة انام جامد قوي كدة. على طول انام عين مغمضة وعين مفتحة."

"ولا يهمك قومي كدة وفوقي. تحبي تاكلي حاجة قبل ما ننزل ولا تستني نفطر هناك الفطار الصعيدي؟"

هزت مريم رأسها وقالت:

"لا مش جعانة شكرا خالص."

"خلاص نستنى نفطر هناك احسن. انا وحشني جدا فطير البلد"

بعد فترة توقف القطار في محطة أسيوط. توافد الركاب للخروج من عربة القطار. نظرت مريم متسائلة لخالد. فأجاب سؤالها الصامت.

"أستني لما الزحمة تروق شوية وبعدين ننزل."

بعد دقائق قليلة ظهر رجل في الخمسينات من عمره واضح عليه الهيبة والطيبة في نفس الوقت دخل عربة القطار واقترب من خالد واخذه في حضنه.

وقفت مريم تشاهد الموقف في صمت.

"واحشني جدا يا عمي."

"أنت اللي وحشتني قوي يا ولد اخوي."

"عامل ايه؟ وولاد عمي عاملين ايه؟"

"كلنا بخير ما ينقصناش إلا وجودك وسطينا."

أنحنى خالد ليحمل حقائبه.

"أستنى يا خالد. شيل يا هشام مع ولد عمك"

دخل هشام عربة القطار. شاب في مقتبل العمر. لا يكبر كثيرا عن خالد. أسمر البشرة ويحمل كثيرا من ملامح والده الحاج إبراهيم الصارمة. سلم هشام على ابن عمه.

"حمد الله على السلامة يا ولد عمي."

"الله يسلمك يا هشام."

انحنى هشام ليساعد خالد في حمل حقائبه.

"مالهوش لزوم يا هشام. الشنط خفيفة."

STORY CONTINUES BELOW

أبتسم خالد لإبن عمه وأصر على أن يحمل حقائبه بمفرده. وتحرك الجميع للخروج من القطار. لاحظ هشام نظرات مريم لهم ووقوفها وراء خالد.

"مش تعرفنا يا ابن عمي؟"

نظر إبراهيم لخالد ومريم نظرات استفهامية.

"مين ده يا خالد؟"

"ده مريم. ضيفة يا عمي."

ابتسم هشام ابتسامة خبيثة ونظر لمريم من فوق لأسفل تفحص جسدها بعينيه وقال:

"اهلا وسهلا بضيوفك لكن مش تعرفنا برضه."

"هاقولكم كل حاجة بعدين يا عمي. نروح بس ونفطر ونقعد نتكلم مع بعض واحكي لك كل الحكاية من طقطق لسلام عليكم."

"ماشي يا ابن الغالي. تعالى انت وضيفتك. لو ما شالتهاش الارض نشيلها فوق دماغتنا"

خرج الجميع من محطة القطار ثم استقلوا السيارة لبلدة إبراهيم عم خالد. كان هشام يقود السيارة وبجانبه والده أما في الخلف خالد وبجواره مريم.

انطلقت السيارة تجري على الطريق الذي يشق الحقول الخضراء. فتحت مريم نافذة السيارة المجاورة لها واستنشقت هواء الريف العليل. ملأت رئتيها بالهواء النقي الخالي من العوادم الخانقة التي اعتادت عليها في القاهرة. أستقبلها الريف بهدوءه وبجماله الساحر الخلاب. ظلت لفترة تتأمل الغيطان الخضراء وتتسائل عن مصيرها ومستقبلها. دعت ربها أن يتقبلها هذا الرجل الطيب في بيته لتخدم عنده ويأويها من قسوة الشوارع.

تأملها خالد وهو يراقب خصلات شعرها المتمرد تتراقص مع الهواء لا يدري لماذا تأثر بقصة هذه الفتاة الصغيرة. وكيف أنه شعر بالمسئولية تجاهها. فدعا ربه بقلبه أن يعينه على مساعدتها وعلى التخفيف من معاناتها.

ظلا الإثنان في صمت لفترة خالد يتأملها وهي تتأمل العالم الجديد عليها. قطع هذا الصمت صوت خالد عندما قال لها.

"لو عاوزة تكملي نوم اسندي راسك ونامي الطريق لسة طويل قدامنا ساعة عقبال لما نوصل."

"لا انا فوقت خلاص."

صمتت فترة مريم ثم قالت:

"شكل عمك رجل طيب."

ابتسم خالد ووافقها.

"أيوة هو طيب جدا لكن وقت لما يغضب قولي على نفسك يا رحمن يا رحيم."

"للدرجة ده؟"
أجابها خالد بفخر.

"طبعا مش العمدة."

"قولت لي بقى. بس شكله بيحبك قوي."
+

"أيوة فعلا. بعد وفاة والدي من سنتين وهو مش سايبنا خالص كان كل شهر يجي يزورنا أنا وأمي الله يرحمها ويشوف لو محتاجين أي حاجة. وكان عاوزنا ننقل ونعيش معه هنا لكن مرض امي الله يرحمها منعها من اننا ننقل. المستشفيات والدكاترة في مصر احسن من هنا."

"طيب انت ليه مش عايش معه دلوقت؟ ليه عايش لوحدك؟"

"علشان مدرستي ما ينفعش انقل هنا. أنا في ثانوي الأورمان سياحة وفنادق. ومفيش منها هنا في أسيوط"

سالته مريم بنبرة حزن.

"طيب ما تنقل في مدرسة عادي هنا بدل ما تفضل عايش لوحدك هناك. يعني يبقى حد له عيلة وناس ويسيبهم ويعيش لوحده؟"

"كان حلم أمي الله يرحمها أني ادخل ثانوي سياحة وفنادق علشان بعدين لما اتخرج إن شاء الله أقدر أمسك الفنادق اللي سابها لنا والدي الله يرحمه. زي ما انت شايفة عمي عمده فلاح مالهوش في الادارة ولا السياحة وأمي الله يرحمها كانت دكتورة. والفنادق اللي سابها لنا والدي واحد ماسكهم والله اعلم بقى يبتقي ربنا في الامانة ولا لأ. علشان كدة أمي طلبت مني ادخل سياحة وفنادق بالرغم من اني كان ممكن ادخل اي مدرسة ثانوي عام."

"الله يرحمهم. ربنا معك ويعينك."

بعد فترة صمت.

"تفتكر عمك ممكن يوافق اني اخدم عنده؟"

"إن شاء الله. ما تقلقيش انت وارمي حمولك على الله. وإن شاء الله ربنا هيحلها."

نظرت مريم للاعلى وقالت:

"يا رب."

انتبه خالد لعمه يسأله.

"عملت ايه في امتحاناك يا ولد اخوي."

"الحمد لله يا عمي. أنت عارف ابن اخوك. على طول من الاوائل."

"ربنا يحفظك ويحميك يا ولدي."

التفت إبراهيم لإبنه وقال له:

"شايف ابن عمك رافع راسنا ازاي. كان نفسي تفلح زيه."

أنزعج هشام من كلام والده وأجابه بضيق.

"ما انا فالح اهه يا ابا. اديني نجحت السنة ده وبنجح كل سنة عاوز مني ايه تاني."

STORY CONTINUES BELOW

"بتنجح بالعافية بالدروس والرشاوي والوسايط. أنت فاكر من غير الواسطة كنا عرفنا ندخلك المدرسة اللي انت فيها. أمال لو كنت بتشتغل في الارض مع اخوك صالح كنت عملت ايه. ده أنت مش وراك اي حاجة غير المذاكرة وبس. ومع ذلك مش فالح فيها. على الله تاخد الدبلوم السنة ده وتشوف الارض مع اخوك بقى. تشيل الحمل معه وارتاح انا بقى. السكر نخر في عظامي ومش زي زمان بصحتي."
2

"ربنا يديك الصحة يا بوي."

"ربنا يبارك لنا فيك يا عمي."

نظر هشام لخالد في مرآة السيارة بنظرة مليئة بالغل والحقد.

استمرت رحلتهم في صمت. بعد ساعة توقفت السيارة أمام منزل جميل وسط الحقول. مكون من طابقين. أكبر من أي منزل آخر في القرية ولكنه يتمتع ببساطة وجمال خاص. فهو مثل قلب صاحبه يسع لكل أحبائه. نزل الحاج إبراهيم وابنه من السيارة وتبعهم خالد ومريم. جائهم الغفير جريا ومال على يد الحاج إبراهيم وقبلها. ابتسم له الحاج إبراهيم وربت على ظهره. أقترب مصطفى الغفير من خالد ورحب به.

"الف حمد الله على سلامتك يا خالد يا ولدي."

ابتسم له خالد وحضنه.

"الله يسلمك يا عم مصطفى. عامل ايه؟"

"الحمد لله. البقية في حياتك يا ابني. الحاجة كانت ست الكل. حزنت عليها جامد."

"حياتك الباقية يا عم مصطفى. متشكر خالص."

.قاطعهم صوت إبراهيم

"أنتم هتقفوا كدة طول النهار. شيل الشنط من خالد يا مصطفى."

"حاضر يا سيدي الحاج."

أنحنى مصطفى ليأخذ من خالد حقائبه. فأعترض خالد وأبعد يده عن مصطفى.

"لا والله أبدا. أنا اللي هشيلهم. وكمان الشنط خفيفة."

"يا ابني هات اشيل معك."

"أنا حلفت يا رجل يا طيب."

تبعتهم مريم بصمت حتى وصلوا لباب المنزل. رحبت زوجة ابراهيم بهم بإبتسامة تملأ وجهها التي اختفت لحظة دخول مريم المنزل. نظرت سعاد لمريم بإستغراب وسألت زوجها همسا.

"مين ده يا ابو صالح؟"

"خالد بيقول عليها ضيفة."

"وايه حكايتها ده؟"

"بعد الفطار هنقعد معه ونعرف كل حاجة. جهزي انت بس الفطار."

"الفطار جاهز من بدري"

جلس الجميع معا ليستريحوا من الطريق.

"خالد."

"نعم يا عمي."

"روح اتسبح كدة يا ابني وتعالى علشان نفطر مع بعض."

"حاضر يا عمي."

التفت خالد لسعاد وقال لها:

"يا مرات عمي، لو سمحت خدي معك مريم علشان تغسل ايديها ووشها من السفر قبل الفطار."

نظرت سعاد لمريم تفحصها من اخمص اصابعها لرأسها ثم قالت لها:

"تعالي يا بنتي."

خرجت سعاد من الغرفة وتبعتها مريم. عندما ابتعدت بها سعاد عن أذان الموجودين سألتها:

"أنت مين وحكايتك ايه؟"

نظرت مريم للاسفل بخجل.

"أنا واحدة طلبت المساعدة من الاستاذ خالد وقال انه هيساعدني."

"مساعدة ايه؟"

"محتاجة مكان اقعد فيه بس. أنا ماليش اي حد في الدنيا ده كلها. واستاذ خالد الله يبارك له قال انه هيحاول يساعدني. أنا ممكن اشتغل اي حاجة واعمل اي حاجة. لو ينفع تخليني اخدم عندكم هنا في البيت. أنا مش محتاجة فلوس ولا مرتب ولا اي حاجة مش عاوزة غير مكان احط جنبي عليه في اخر الليل وبس."

"تقعدي هنا ازاي؟ انت لو عاوزة تشتغلي ماشي. لكن في الليل ما ينفعش تباتي هنا. انا عندي شباب. واحنا هنا صعايدة مش زي عندكم في مصر."

اتسعت عيني سعاد بدهشة وسألت مريم:

"هو انت كنت قاعدة مع خالد لوحده في شقته؟"

أرتبكت مريم عندما أدركت ظن سعاد فأقسمت لها والدموع تنهمر من عيونها.

"لا والله. الاستاذ خالد عرف ظروفي امبارح بس. ارجوك يا ستي ما ترمونيش في الشارع."

"عمك ابراهيم اكيد هيشوف لك حاجة لكن ما ينفعش تقعدي معنا هنا."

أحنت مريم رأسها في خضوع إذعاناً لأمرهم.

"طيب اللي تقولوه."

"تعالي علشان نحط الفطار."

"حاضر."

"وخدي استري نفسك بالجلبية ده هدومك المقطعة ده ما تنفعش."

"حاضر."

اخذت مريم الجلباب من سعاد واتجهت للحمام بدلت ملابسها واغتسلت ثم ذهبت لتساعد سعاد في تجهيز الفطار.

جلس الجميع لتناول الافطار.

"الله الله. ريحة السمنة البلدي والفطير الجميل ده مش ممكن يا مرات عمي."

"بألف هنا وشفا يا خالد. أنا عاوزاك تأكل كويس. أنت خاسس ومش عاجبني."

"ما تقلقيش يا مرات عمي. أنا واحشني قوي أكلك الذيذ ده."

لاحظ ابراهيم عدم وجود مريم.

"خالد هي الضيفة فين؟"

تلفت خالد حوله.

"مش عارف. هي مش كانت معك يا مرات عمي؟"

"ايوة جهزت معي الفطار."

فقال لها زوجها.

"طيب ما تناديها يا سعاد تفطر معنا."

"لا هي هتفطر جوة في المطبخ."

تكدر خالد مما سمع وسأل بضيق.
2

"نعم ليه؟"

"معلش مكسوفة تاكل معنا هتاكل لوحدها احسن."

قال له عمه.

"سيبها براحتها يا خالد يمكن لو قعدت معنا مش هتعرف تاكل براحتها."

"ماشي يا عمي."

"قول لي بقى يا ابن الغالي اخبارك ايه كلها؟"

تحدثوا جميعا معا حتى انتهوا من الافطار وشرب الشاي ثم دخل خالد وابراهيم في غرفة منفصلة ليحكي له ظروف مريم.
يتبع

Comments

close