روايه لا تترك يداي بقلم هند رفاعي حصريه علي مدونه النجم المتوهج للرويات والمعلومات الفصل 8|9
خرج خالد من المطبخ ووجد إبراهيم يقف أمامه ينظر له نظرات مريبة. سأله خالد
"خير يا عمي. عاوز حاجة؟"
"قولت لي أنك عاوز تاخد مريم معك مصر." +
"أيوة يا عمي. ده بعد اذنك طبعا."
"وأنا موافق."
فرح خالد جدا وارتسمت السعادة على وجهه. سعدت مريم أيضا بسماع هذا الخبر من الحاج إبراهيم. فقد خرجت من المطبخ وهي تحمل صينية الشاي لتقدمها للجميع. راقبهم إبراهيم بتمعن ولاحظ السعادة المرتسمة على وجوههما لمعرفة قراره. فقال لهم.
"لكن عندي شرط واحد."
أختفت البسمة من على وجه خالد ومريم. نظرا الإثنان لبعضهما البعض بقلق ثم سأل خالد عمه.
"شرط أيه يا عمي؟"
"قبل ما تخطي خطوة واحدة برا الدار معها لازم تعقد عليها."
علا صوت تهشم أكواب الشاي وإصطدام الصينية على الأرض. فقد سقطت صينية الشاي من يد مريم وكوب الشاي من يد خالد في لحظة واحدة.
"نعم؟"
"أيه في ايه؟ مالكم اتفزعتوا كدة ليه؟"
نظر خالد لمريم ثم التفت لإبراهيم وأجابه.
"لا أبدا لا أتفزعت ولا حاجة. لكن أنا مش فاهم حضرتك."
"وفي أيه في كلامي مش مفهوم. قبل ما تأخد مريم خطوة واحدة برا البيت لازم تتجوزها. مش موافق على الشرط يبقى اتفضل أنت سافر لوحدك ومش عاوز أشوف وشك هنا تاني لغاية لما مريم تروح بيت عدلها."
جرت مريم على المطبخ وهي تبكي.
"مش حكاية موافق ولا لأ."
"أمال أيه الحكاية؟"
"يا عمي أيه اللي جاب سيرة الجواز دلوقت. أنا مش بفكر في الجواز أبدا دلوقت. أنا قدامي على الأقل عشر سنين قبل ما أفكر في جواز أو غيره. أنا لسة بأتعلم وقدامي سنين طويلة عقبال لما أخلص. أتجوز أزاي دلوقت؟"
"وفيها أيه لما تتجوز دلوقت. ما أنت كبرت وبقيت راجل خلاص. لو أتجوزت دلوقت مش هتعرف تخلف ولا أيه. مش أنت رجل ولا أيه حكايتك. ولا أنت إمبارح كنت رجل والنهاردة لأ
"أحمر وجه خالد من الغضب. جز على أسنانه وقال لعمه.
"عمي أرجوك بلاش الكلام بالأسلوب ده."
شعر إبراهيم بغلطته. أستغفر ربه ومسح على وجهه بيده ثم جلس على الأريكة وطلب من خالد أن يجلس بجواره. +
"تعالى يا خالد أقعد جنبي."
تنهد خالد وأستغفر ربه وجلس بجوار عمه. فقال له عمه.
"أنا أتجوزت في سنك. أبوك أتجوز وهو أكبر منك بثلاث سنين بس. فيها أيه لما تتجوز دلوقت."
"يا عمي أنا وريا حاجات تاني كتير. الجواز مسئولية وأنا مش فاضي لها دلوقت. عاوز أخلص تعليمي وبعدين أمسك الفنادق بتاعة أبويا الله يرحمه. لما أقف على رجلي أبقى أفكر في الجواز."
"كلامك كله صح. لكن دلوقت يا ابني الظروف اتغيرت. أنت هتقعد في مصر لحالك. هتقعد في شقة كاملة لوحدك. مفيش حد معك يساعدك ويساندك. لو حتى عييت أو رقدت مفيش حد يناولك كوباية ماية. البنت غلبانة ومحتاجة مكان تعيش فيه. وأنت قلقان عليها ومهتم بها. وفي نفس الوقت محتاج لحد يونس وحدتك هناك. بدل ما تبقى عايش بطولك هي تقعد معك تاخد بالها منك وانت كمان تاخد بالك منها. والحمد لله الفلوس موجودة والمكان موجود. يبقى لازمتها أيه تفضل أنت عايش لوحدك وهي متمرطة في البيوت."
"يا عمي كلامك صح. لكن أنا عمري ما فكرت في الجواز دلوقت خالص. أنا لسة 16 سنة هي 13 سنة. جواز أيه اللي أفكر فيه دلوقت؟"
نظر له إبراهيم نظرة حانية وقال له:
"أنت مش قبل أي قرار تاخده بتستخير ربنا. خلاص ألغي سفرك النهاردة وأستخير. وشوف ربنا هيدلك لأيه. واللي فيه الخير واللي يختاره ربنا لك أقبله مهما كان أيه. قدامك النهاردة فكر كويس وأستخير ومستني ردك بكرة إن شاء الله. ماشي؟"
أومأ خالد برأسه.
"ماشي يا عمي."
"أسيبك أنا بقى أروح أشوف الأرض. صالح مشغول مع مراته وابنه المولود أمبارح ومش هيقدر ينزل الأرض."
"أتفضل يا عمي في أمان الله."
"السلام عليكم ورحمة الله وبركاته."
"وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته."
خرج إبراهيم وترك خالد حائرا في أمره لا يعلم ماذا يفعل. دخل الحمام توضأ وأخذ مصحفه وطلع فوق سطح المنزل. جلس هناك لساعات يقرأ القرآن ويصلي ويدعو الله أن يلهمه الخير له ولمريم. ظل هكذا طول النهار حتى غابت الشمس وفرش الليل ظلامه على العالم. نزل للطابق السفلي وجد عائلة عمه إبراهيم ملتفة حول مائدة الطعام يتناولون العشاء. ناداه عمه ليشاركهم الطعام. +
"تعالى يا خالد. اقعد جاري هنا."
أقترب خالد وجلس بجوار عمه. ربت عمه على ظهره وقال له:
"أنا طلبت منهم محدش يزعجك ولا يكلمك علشان تفكر براحتك."
أبتسم له خالد نصف إبتسامة ولم يجبه.
"قول لي قررت أيه؟"
"يا عمي بجد مش عارف أقرر أي حاجة. فكرة أني أتجوز دلوقت مرفوضة تماما بالنسبة لي. لكن برضه لما أتخيل أني هارجع أعيش لوحدي تماما هناك تبقى صعبة علي قوي. أنا مش عارف أقرر أيه ولا عاوز أيه."
"مش أنت أستخرت ودعيت ربنا؟"
أومأ خالد برأسه وقال:
"أيوة الحمد لله. دعيت ربنا أنه يلهمني للخير. لكن برضه مش عارف أخد أي قرار."
"خلاص سيبها على ربنا وهو هيحلها لوحده. بإذن الله على بكرة هتكون أخذت قرارك."
"يا رب يا عمي. أنا بجد نفسي أساعد مريم وأطمن عليها أنها مرتاحة في بيت كويس. لكن في نفس الوقت بقول لو أني أتجوزتها وأنا مش متقبلها ولا عاوزها ده برضه ظلم لها. أنا أساعدها أه لكن في نفس الوقت ما أضرش نفسي ولا أضرها. ده جواز يعني قرار مصيري لنهاية العمر أنا مش عارف إذا كنت أقدر أخد قرار زي ده دلوقت."
"سيبها على الله وهو هيحلها. كل أنت بس دلوقت وريح عقلك من التفكير. أنت على لقمة الصبح لغاية دلوقت. سيبها على الله."
"ونعم بالله."
تناول خالد عشاؤه وصلى العشاء مع عمه في الجامع مثل كل فرض. عاد من الجامع ودخل غرفة هشام صلى إستخارة وقيام الليل ثم أستسلم لنوم هانئ. أما إبراهيم فظل مستيقظا طول الليل بين الصلاة وقراءة القرآن والدعاء والتضرع لله. يدعو الله أن يلهمه ويلهم خالد بالخير له ولمريم. فخشي أن يكون بشرطه هذا يحكم على ابن أخيه وأمانته بالشقاء طول العمر والزواج من إنسانة لا تناسبه. ظل يدعو ويصلي لله حتى سمع آذان الفجر. فلبس عباءته وخرج ليصلي الفجر في الجامع. وقف على باب غرفة ابنه ونادى على ابن أخيه.
"خالد قوم علشان الفجر."
فتح خالد الباب لعمه وقال له.
"أنا صاحي من شوية وجاهز يا حاج."
أستدار إبراهيم وتوجه لباب المنزل ولكنه توقف عندما سمع خالد يسأله.
"هي مريم فين؟ باب غرفتها مفتوح وهي مش نايمة جوا."
أستدار إبراهيم ونظر له بتساؤل.
"هتكون فين يعني؟"
"مش عارف. دقيقة أشوفها يمكن تكون طلعت فوق السطح."
طلع خالد الدرج وبحث عن مريم على سطح المنزل فلم يجدها. نزل لعمه الذي أيقظ سعاد وكانت تبحث عن مريم في المطبخ وباقي غرف المنزل.
"مش فوق يا عمي."
"لا في المطبخ ولا حتى في الحمام يا حاج."
"هتكون راحت فين البنت بس. الدنيا لسة ضلمة وعمرها ما خطت برا الدار من يوم ما جت. يعني ما تعرفش حد في البلد ولا حد يعرفها."
"مش عارف يا عمي لكن أنا قلقان عليها."
"أنا سامع الإقامة. تعالى نصلي الفجر ونعلن في المسجد عنها يمكن نلاقيها."
"حاضر يا عمي."
خرج إبراهيم وخالد يصليان الفجر وبعد الصلاة أعلنا في الجامع عن أختفاء طفلة وأعلنا عن صفاتها لأهل البلد. خرج المصلون من الجامع يبحثون عن مريم في كل أرجاء البلد. أنفصل خالد عن عمه كل في إتجاه للبحث عنها. شعر خالد بقلق لم يشعر به من قبل. هاجمته الظنون والأفكار السيئة عن حالها ومكانها. سأل نفسه العديد من الأسئلة.
هي فين؟ كيف حالها؟ هل هربت؟ هل أختطفت؟ إلى أين ستذهب؟ كيف فرط فيها؟ هي كانت مسئوليته وتركها تذهب بمفردها؟ هل هناك من يعطف عليها أم يستغل ضعفها؟ هل قصر في حمايتها لذلك هربت وتركت البيت الذي أواها؟ هل سيراها ثانية؟ سيطمئن عليها؟ سيعرف أحوالها؟
العديد والعديد من الأسئلة والظنون كادت أن تفتك برأسه. لكن كانت أسوأها عليه وأصعبها إحتمالية ألا يراها ثانية. ألا يعرف أحوالها. ألا يطمئن عليها أبدا.
في هذا الوقت علم إجابة سؤاله وأتخذ قراره.
الفصل التاسع
أشرقت شمس صباح يوم جديد وملأت بنورها السماء. مازال خالد يبحث عن مريم هو وعمه وبعض أهل البلد. وصل خالد لموقف سيارات الآجرة للمرة الثالثة في ساعتين. لمحها بطرف عينيه وهو يجري بين السيارات يسأل عنها السائقين. كانت جالسة على جانب الطريق مطأطأة الرأس. تنهد خالد وزفر زفرة إرتياح عندما وقعت عينيه عليها. حمد الله وجرى لها.
+
"مريم."
رفعت مريم رأسها ونظرت له بعيون دامعة. وجهها كان مبتل من دموعها وعيونها كالجمر من كثرة البكاء. جلس خالد على الأرض على جانب الطريق الترابي المؤدي لموقف السيارات وسألها.
"هربت ليه؟ ورايحة على فين؟"
نظرت مريم للأسفل في خجل وظلت صامتة لفترة ثم أجابته بصوت خافت ضعيف من كثرة البكاء.
"مش عارفة."
أخرج خالد منديل من جيبه وأعطاه لها وسألها.
"مش عارفة ايه؟"
مسحت دموعها بمنديله ونظرت له.
"مش عارفة رايحة على فين. مش عارفة حاجة خالص."
علت شهقات بكاءها.
"أستهدي بالله بس."
أستمرت مريم في بكاءها دقائق معدودة ثم هدأت قليلاً.
"لا إله إلا الله."
"مدام مش عارفة رايحة على فين. مشيت ليه؟"
"ما كانش ينفع افضل يا خالد."
"ليه؟"
"ستي سعاد مش عاوزاني افضل في البيت ليلة واحدة تاني. وسيدي إبراهيم شارط علينا علشان أمشي لازم تتجوزني. لا كان ينفع أقعد ولا ينفع أمشي معك."
"وانت يئست ومشيت مع نفسك."
"وكنت هاستنى ايه؟ ما كل حاجة أتعقدت."
"مليون مرة أقولك سيبي الأمور على ربنا وهو هيحلها. ليه على طول بتيأسي."
أعتدلت مريم في جلستها والتفتت له.
"قول لي أنت هيحلها ازاي؟ ستي سعاد هتحن علي فجأة ولا سيدي إبراهيم هيتنازل عن شرطه." 2
"أو يمكن ننفذ شرطه."
"لا يا خالد مش ممكن."
"ليه يا مريم. لو عندك حل تاني قولي لي عليه."
"ده مشكلتي أنا وأنا مش ممكن أخليك تضيع مستقبلك كله علشان تحل مشكلتي. أنت ساعدتني بما فيه الكفاية وزيادة. أنا مش ممكن أطلب منك التضحية ده. ده جواز يعني قرار مصيري. أزاي تاخده لمجرد شفقة على حد."
"ومين قالك أنه مجرد شفقة عليك؟ أنا يا مريم طيب أه لكن مش مغفل. أنا مش ممكن أوافق على شرط عمي لمجرد أني أساعدك أو أشوف لك مكان. ولا غصب من عمي. أنا موافق على شرطه لأني أنا كمان محتاجك زي ما أنت محتاجاني."
"أنت بتقول أيه يا خالد؟ أنت أزاي تكون محتاجني. أنت عندك كل حاجة هتحتاجني في أيه؟"
"أنا محتاج حد معي يا مريم. أنا عشت لوحدي شهر بعد وفاة أمي كان أصعب شهر عدى علي في حياتي. كنت كل يوم أروح أقعد عند حد من أصحابي. ما صدقت الامتحانات خلصت وجيت على طول لعمي هنا. أنا هاسافر دلوقت وهاعيش لوحدي على الأقل 8 شهور. مش هينفع أفضل عايش ضيف وعالة على أصحابي. أنا سمعت بوداني أهلهم مضايقين من وجودي المتكرر عندهم. اللي عنده أخوات بنات واللي بيته ضيق يا دوب على قدهم. كنت بسمع الكلام بوداني واسكت. علشان مش قادر أدخل أقعد في الشقة لوحدي. مش حكاية خوف لكن أنا مش بحب الوحدة أبدا. مش هينفع أفضل كدة سنين لغاية لما أخلص وأتخرج وأشتغل وأتجوز. +
"أنا فعلا ما كنتش بفكر في الجواز أبدا دلوقت. وبالنسبة لي مجرد التفكير فيه جنان. لكن لما عمي كلمني لاقيته فعلا هو الحل الوحيد لمشكلتك ومشكلتي أنا كمان. علشان كدة بقولك لك أنا محتاجك زي ما أنت محتاجة لي."
"مش عارفة يا خالد. خايفة بعدين لما تكبر وتشتغل تندم على جوازك مني. تستعر مني في يوم من الأيام. أنا جاهلة وماليش أهل. كنت شحاتة في الشوارع. لو اتجوزنا وبعد سنة ولا اتنين ندمت على جوازنا ده وسيبتني أنا هاعمل ايه. عارف دلوقت أنا كنت بعيط ليه؟"
"ليه؟"
"علشان معيش فلوس أركب الميكروباص. قعدت في الشارع حاولت أشحت زي زمان ما عرفتش. بعد ما عشت مع عمك الكام شهر اللي فاتوا دلوقت مش عارفة أمد ايدي للناس واشحت زي زمان. مجرد 3 شهور غيروني كدة أمال لو روحت مصر معك وعشت معك واتجوزنا وبعد سنة ولا اتنين ندمت وطلقتني هاعمل أيه؟ هأروح فين؟ لا أنا متعلمة أعرف أشتغل أي شغلانة ولا زي الاول شحاتة أقدر أشحت ولا ابيع مناديل زي زمان. على قد ما أنا بحمد ربنا مليون مرة على أني قابلتك وساعدتني وأنقذتني من الموت على قد ما أنا ندمانة دلوقت لأنك غيرتني ومش عارفة أرجع زي الأول."
ألتفت لها خالد بجسده وضع يده تحت ذقنها رفع رأسها لتنظر له.
"بصي يا مريم. أنا مش هاقدر أوعدك أني عمري ما أندم على القرار ده. لأني أنا نفسي مش متأكد من كدة. ولا ضامن أنك مش هتندمي أنت كمان على القرار ده. لكن اللي أقدر أوعدك به هو أني هافضل مسئول عنك طول عمري. سواء كنت مراتي أو لأ. مش هاسيبك تواجهي الدنيا ده لوحدك أبدا. حتى لو حصل وبعدين قررنا الانفصال هتفضلي مسئوليتي. وكمان هحاول على قد ما أقدر أني زي ما أنا هاكبر وأتخرج وأشتغل أنت كمان هتكبري معي. هحاول أساعدك تتعلمي وتتغيري وعمرك ما ترجعي للشحاتة تاني. وده عهد علي لك قدام ربنا."
"مش عارفة يا خالد أنا خايفة."
"وأنا كمان خايف. أنا مش عارف اللي هاعمله ده صح ولا غلط. لكن أنا أستخرت ربنا. وإن شاء الله اللي فيه خير لي وليك ربنا هيعمله. أنت كمان أستخيري ربنا وإن شاء الله كل اللي يجيبه ربنا خير."
"أستخير ربنا يعني ايه؟"
"ده يا ستي صلاة مخصوصة بتطلبي من ربنا أنه ييسر لك الخير لك في أي قرار تاخذيه. هأبقى أعلمك تصليها أزاي لما نروح البيت. دلوقت تعالي علشان عمي بيدور عليك من الفجر وقلقان جدا عليك." +
"حاضر. ربنا ييسر اللي فيه الخير."
وقف خالد ونفض بنطاله من الأتربة. ثم مد يده لها ليساعدها على النهوض. نظرت له مريم وقبلت يده، ووقفت ثم توجها الإثنين معا لمنزل إبراهيم.
* * *
دخلا المنزل وسمعا ضحكات سعاد وهي تمزح مع إبنها هشام. توقفت سعاد عن ضحكها لحظة ما وقعت عينيها على مريم وخالد في المنزل.
"أنتِ جيتِ؟ حمد الله على السلامة يا هانم."
نظرت مريم لخالد ثم نظرت للأسفل واجابتها بصوت منخفض.
"الله يسلمك يا ستي الحاجة."
"أمتى نخلص منك نهائي."
أجابها خالد.
"هانت يا مرات عمي. أنا هأخدها معي وأريحك منها. ما تضايقيش نفسك قوي."
تهلل وجه سعاد وسألته:
"معنى كلامك ده أنك وافقت على شرط عمك؟"
"أيوة يا مرات عمي."
"والفرح أمتى إن شاء الله؟"
"لسة مريم ما قالتش رأيها. هتستخير النهاردة وتشوف."
"هي تطول. تستخير قال."
"هي الإستخارة فيها حاجة وحشة يا مرات عمي."
"مش قصدي. لكن أنا كنت فاكرة أنها ما تصدق تلاقي عريس زيك."
انتبه هشام لهم ورفع رأسه من الموبايل الذي كان يقلب فيه بلا هدف.
"عريس مين وفرح مين؟ أنتم بتقولوا ايه؟"
"فرح مريم وخالد ابن عمك."
انتفض هشام من جلسته ونظر لأمه بغضب.
"خالد هيتجوز مريم؟"
أقترب منه خالد خطوتين ووقف أمامه ونظر له بتحدي وأجابه.
"أيوة ده بعد موافقتها طبعا. في عندك أي إعتراض."
أرتبك هشام ونظر بعيدا عن خالد وقال.
"لا أبدا هاعترض ليه؟ ألف مبروك يا ابن عمي."
شزر هشام لأمه ثم تركهم ودخل غرفته.
"أنت هتعملي لنا فيها عروسة. أدخلي المطبخ شوفي اللي وراك. واقفة كدة ليه؟"
"حاضر يا ستي الحاجة."
توجهت مريم للمطبخ ولكنها توقفت عندما سمعت خالد يقول لها.
"مريم. قبل أي حاجة جهزي لنفسك فطار وأفطري. وجهزي لي كمان معك علشان جعان قوي."
"حاضر."
دخلت مريم المطبخ لتجهز فطار لها ولخالد. مصمصت سعاد شفايفها وسألت خالد
"قولت لعمك ان الغندورة رجعت ولا لسة؟ أصله كان قلقان عليها قوي."
"أتصلت به وقولت له أول لما لاقيتها. هو مشغول في الأرض وقال لي أبلغك تبعتي له الفطار هناك مع بكر."
"حاضر. لما أقوم أقول للهانم تجهز الفطار لعمك كمان. لما نشوف أخرتها معك ومعها أيه."
"أخرتها كل خير إن شاء الله يا مرات عمي."
* * *
اليوم التالي
كانت مريم تصلي في غرفة الضيوف وتدعو الله أن ييسر لها الخير ويختار لها ما فيه خير لها ولخالد. أنهت صلاتها ودعت ربها ثم سمعت طرقا على باب الغرفة. فتحت الباب ووجدت الحاج إبراهيم بالباب.
"فاضية يا بنتي؟"
"أيوة يا سيدي الحاج."
"كنت عاوز أتحدت وياك في كلمتين."
"أتفضل يا سيدي الحاج."
تنحت مريم جانبا وأعطت المجال لإبراهيم ليدخل الغرفة. دخلت مريم وراءه وتركت الباب مفتوحا. أنحنت وطوت سجادة الصلاة ووضعتها جانبا على الأريكة.
"تقبل الله."
"منا ومنك يا سيدي الحاج."
"تعالي يا بنتي أقعدي جنبي هنا."
ربت إبراهيم على الفراغ بجانبه على الأريكة وجلست مريم بجواره.
"خالد قال لي أنك هتستخيري. يا ترى أستخرت؟"
نظرت مريم للأسفل وأومأت برأسها.
"وأيه قولك يا بنتي في الكلام اللي قولناه."
"اللي تشوفه يا سيدي الحاج. أنت أعلم بمصلحتي أكتر مني."
"أيوة يا بنتي لكن ده جواز مش حاجة سهلة. لازم تاخدي أنت قرارك بنفسك."
رفعت مريم رأسها وقالت له.
"أنا من يوم ما جيت هنا وحضرتك بتعاملني زي بنتك. وأنا متأكدة أنك مش هتعمل أي حاجة تضرني."
"ربنا وحده اللي يعلم أني فعلا معتبرك زي بنتي. وعمري ما أفكر لك في الشر أبدا."
"خلاص يا سيدي الحاج. اللي حضرتك شايفه صح أعمله. أنا موكلاك في أمري."
"يعني أفهم من كدة أنك موافقة على زواجك من خالد؟"
"اللي تشوفه يا سيدي الحاج."
"لا يا بنتي لازم أخد كلمة منك صريحة. أنت أستخرت؟"
"أيوة."
"طيب أيه كلمتك. موافقة ولا لأ. بالصريح كدة أه ولا لأ."
نظرت مريم للأسفل وقالت
"أيوة يا سيدي الحاج."
"خلاص على خيرة الله. إن شاء الله بكرة هتيجي معي لدكتور الصحة. علشان نعمل لك شهادة تسنين و نطلع لك بطاقة. بإذن الله كتب الكتاب الأسبوع الجاي."
"حاضر يا سيدي الحاج."
"أسيبك بقى تكملي صلاتك وتنامي. تصبحي على خير."
"وأنت من أهله."
يتبع